Telegram Web Link
لا بد من اعتماد التقدير الشخصي والمعرفة بالنّفس في التعامل مع المباحات من الأمور بالأخذ أو الترك. فإذا كان أحدُ الأبناء يقدر مثلًا على إنجاز واجباته المدرسية فور رجوعه من المدرسة ، لا يَلزَم أخاه ذلك الإنجاز إذا كان الأنسب لحضور تركيزه أن ينام أولًا أو يتناول الطعام أو حتى يشاهد التلفاز لوقت مُتَّفق عليه. وربما يختار شخص الترويح عن نفسه بمتابعة مسلسل متابعة عابرة تنتهي بانتهاء مدّة العَرض، لكنّ غيرَه يتأثر كِيانه بما يرى ويتفاعل مع المادة بالتخيّل والتتبع بما يتجاوز وقت العرض. فمثل هذا ينبغي ألا يجعل الفرجة عامة أو المسلسلات خاصة من اختياراته الترويحية الدوريّة، بل ينتقي لنفسه ترويحًا ذا "وَقْع مُسالِم" على كِيانه، لئلا يخلق لنفسه تحدّيات ويُنهِكَها في استنزاف كان في غِنىً عنه وعن "ترويحه"!

ثمّ إنّ مباحات الدنيا كالغذاء للنفس، والنفس إن مَنَعتَها الطعام مَرِضَتْ، وإن أسرفتَ في إطعامها مَرِضَتْ أيضًا، ولو لم تلحظ أنسب الغذاء لها في سياقك تَعِبَتْ وأتعبتك. أضِف إلى ذلك أن التمتّع البريء ظاهريًّا بالمباحات يخلُق نوعَ أُنسٍ وإلف اعتياد لا للمباحات ذاتها فحسب بل لاستسهال اتّباع الهوى ولذّة الانقياد له، بما قد يجرّ صاحبه للوقوع في منكرات قبل أن ينتبه لنكرانها! ومن اللافت أننا يمكن أن نستجيب عن طيب خاطر لترك مباحات ثَبَت ضررها على أبداننا، بينما نتباطأ أشدّ التباطؤ عن مثل ذلك المسلك مع أرواحنا. إنّ ولاءنا للصحة البدنية أعلى من ولائنا للعافية الروحية، لأنّ الأولى هي مَطيّة التمتع بالشهوات العاجلة والملذات المشهودة، أما الأخرى فهي معراج لغيبيّ آجِل!
“ناقصات العقل والدين” من العبارات المقصوصة من نص حديث كامل في سياق معين، ونصّه الكامل كما ورد في مسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم : “عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ : وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّار ؟ قَالَ : “تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ. مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ”. فقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّين؟ قَالَ : “أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ؛ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ”.
المقالة الكاملة على مدوّنة "هدهديّات"
https://tinyurl.com/49bk8b6x
كلنا نسعى وراء ما يسمى "النجاح" ، لكن قليلا من يتوقف ليسائل نفسه : ماذا يعني النجاح بالنسبة له هو؟ فالمعايير المجتمعية السائدة والقوالب الجاهزة للنجاح من تحصيل الشهادات وتأمين دخل وتحصيل سيارة .. هل تكفيك تلك لتقييم نجاحك حقا؟ إذا كان النجاح يعني علامة جواز لاختبار الحياة .. فالسؤال هو أي حياة؟ حياة من؟ حياتك أنت! فما معايير ذلك الاجتياز لديك أنت؟
إن تعريفك لنجاحك أنت قبل الشروع في متابعة معايير غيرك غاية في الأهمية . لأنه إن كان نظام حياتك متماشيا مع ما تراه مقياس النجاح ، فلن تشعر بالإحباط ولا الحاجة للتغيير ، مهما كان تقييم الآخر ونظرتهم لاختياراتك .
تعريفك لما يعنيه النجاح في حياتك سيعينك على أن تترجمه إلى أفعال ، فتتوازن حياتك تلقائيا لأنك لا تصارع ما تؤمن به في أعماقك ، بل تتماشى معه وتحققه يوما بعد يوما . حينها ستتمكن من إعطاء كل ذي حق حقه ، وتعرف أين بالضبط ينبغي أن توجه الطاقات المتبقية ، أو الفضل الفائض . لكنك حينما تسير في الحياة كيفما اتفق دون اتساق مع ذاتك أو تحديد ماهيتها كما سلف في أسس التخطيط ، ستشعر آخر المطاف كمن حزم أمتعته لرحلة صيفية وانتهى به المسير في القطب الشمالي! أو كمن يمثل على مسرح أو يعيش دورا ليس منه في شيء .. أي باختصار كمن يعيش دون أن يحيا ، وما ذلك إلا لاختلاط الأولويات وعدم تحديدها منذ البداية ، فتظل الخطى متعثرة ، ويبقى في النفس شعث وفوضى وحيرة ما لها من قرار .
إن قيمة الحياة ليست بطول أعمارنا ، وإنما طول أعمارنا بقيمة أعمالنا التي ننجزها في حياتنا . فانظر ماذا تختار لنفسك ، ثم راجع ماذا تقدم لما اخترت ، فذلك ما عليه تموت وعليه تبعث وبه ثاب أو تؤاخذ ، وحذار أن تعيش حياة رسمها من حولك بالنيابة عنك ، فثمنها في النهاية أنفاسك أنت . وحذار حذار أن تزعم اختيارا ، ثم تعيش مخالفا له!
فالقاعدة : إذا اخترت فالزم ، وإذا عزمت فتوكل ، ثم لا تلفت.
إن الفوضوية في طلب العلم لن تبني علما حقيقا ولا بنيانا راسخا ، وإنما شذرات من هنا وهناك لا رابط بينها ، وبذلك يظل الإشكال قائما وإن اتخذ شكلا إبداعيا . فإذا كنت مثلا صاحب قراءات عريضة في أي لغة ، ثم لا يمكنك أن تكتب مقالة سليمة اللغة حسنة الصياغة بغير أخطاء ، فتلك قراءات غير واعية وغير نافعة بغض النظر عن كون موضوعها نافعا أم لا . القراءة الواعية الممنهجة ليس بالضرورة ستنتج أديبا أو شاعرا ، لكنها لابد أن تثمر علما باللغة لفظا وتعبيرا ، وروحا وتذوقا .
المنهجية الواعية في التعلم هي أساس الانتفاع بالعلم ، وإلا فالعلم أكبر من أن يحيط به فرد ، تماما كمن يريد أن يعبر البحر في الاتجاهات الأربعة كلها!
السائد في حد ذاته ليس غاية ، بل يراد على الحقيقة وسيلة للإصلاح والإضافة والتقويم . أما حين يصير هو في حد ذاته غاية لا يمكن تجاوزها لمرحلة أعلى ، وقتها يبدأ التساؤل عن جدوى كونك مختلفا مجرد اختلاف غاية ما فيه استشعار النشاز عن النغمة السائدة ، لأنك لا تملك أن تعدل فيها على الحقيقة .

إن مجرد تواجد نموذج المختلف وحده كسلاح للإصلاح والتقويم له حدان ، أحدهما سيعمل ببطء وروية ، ونعم يحِدث أثرا على المدى البعيد يشبه الحفر في الصخر بشوكة ، بطيء صغير متدرج ؛ لكن الإشكال الأكبر أن حده الآخر موجه لصاحبه نفسه ، يضنيه رويدًا رويدًا وهو يقتات من روحه ويتغذى من فكره ويتقد من شعلته .

لذلك ينبغي ألا تعتمد في اختيار مساراتك وتخيّر ثغراتك على كونك مختلفا فحسب ، ولا على شهادة الناس بما يظهر لهم من ذلك ، بل على مدى جدوى اختلافك ، وحقيقة نفع أثرك ، وجدية استثمارك لما استأمنك الله عليه من طاقات لا إهدارها واستنزافها في سفاسف المهاترات . ثم فوق كل ذلك ما المقابل الذي ستدفعه من نفسك وأنفاسك ، ومدى ارتضائك لتلك الموازنة التي تتحمل وحدك مسؤولية قبولها .

تلك كلها مؤشرات لا يصدق حكم أحد عليها كحكمك على نفسك وعلمك بحالك ، فاستشر واستخر ووازن ، ثم خذ القرار بقوة ولا تلتفت .
إنّ توقفك عن طلب العلم أو وسائل تحصيله خشية أن تزيد عليك الحجّة لا يُسقِط أَصْلَها. وصَمُّ أذنيك عن سماع أنفاسك التي تتردد إلى انقضاء، أو إغماض عينيك عن تتابع الليل والنهار إلى ختام، لن يُغيِّرا من حقائق الأمور شيئًا. فالحُجّة قائمة عليك ببلوغك سنَّ التكليف ومقوّماته، سواء قُمتَ بها أم قَعَدَّتَ دونها. فمسألة الاستطاعة شيء واختيار إهدار هذه الاستطاعة شيء آخر.
إن التأصيل الإسلامي للعلوم الإنسانية خاصة النفسيّة لا يعني مجرّد إعادة صياغة "نظرية" أو نظريّات باصطلاحات إسلامية. بل المسألة أوسع وأدقّ من ذلك. فدين الإسلام وَحْيٌ من الله خالقِ الناس، أمّا مُختلَف النظريات النفسية فهي مجموعة من الأعراف البشريّة تواضَع عليها جماعة من الناس على نهج تقديري. وتلك الأعراف ليست موضوعية متجرّدة تمامًا كما يزعمون، إذ عندما يكون موضوع البحث نَفْس الإنسان، فالإنسان نَفْسُه ليس أجرد بلا تحيزات ولا خالص الموضوعية كما سبق بيانه، والمخترعون لقواعد علم النفس أنفسهم ناسٌ من الناس الذين يبحثونهم، خاضعون لنفس مؤثّرات البيئة التي يبحثون فيها! فالقواعد التي يرتكز عليها علمهم والمُنطلق الذي ينطلقون منه في رؤية النفس الإنسانية مَبتُور الصِّلَة بنورِ وحي اللهِ خالقِ تلك النفس ومُـعَــرِّفِـها. وإذا كانت علومهم على سَعَتها وتقدّمها قد أثبتت فشلها حتى الآن في احتواء الإنسان بكليّته حقيقة، وآثار ذلك بَادِيةٌ على ناسِهِم، فمن باب أولى ستفشل في احتواء الإنسان المسلم!

ثمّ كلّ المدارس النفسية الأجنبية بلا استثناء تعتمد في مذاهب العلاج على التلاعب بمركز الإنسان: فتارة تُخرجه من مركزيّة الغير لمركزيّة الذات، وتارة تنقله من الذات للغير، وحينًا تخرجه عن الذات والغير لمركزية الكون وقواه الخفيّة أو لنظام حكم واقتصاد... إلى آخر المداولات التي لن تصل به بحال للمركز الحقّ والحقيقي لأنها لا تؤمن به. وهي في كلّ ذلك تُوهِم إنسانَها بالتحرر من كل سلطان مع أنها في الواقع لا تزيد على أن تُوجِّه دَفَّة فطرة العبودية فيه للوِجْهات المعاكسة لوَجْهِ الله الحَقّ. فهي دائرة مغلقة ومُفرَغة من أوهام المداواة التي تتلاعب باسم الدَّاء الأصلي : داء الكفر بالله وظلاميّة انقطاع الصلة بنوره.
ظاهرة وأد البنات التي صارت الوصمة الدامغة للمجتمع الجاهلي، كانت ممارسة واقعة بالفعل لكنها لم تكن ظاهرة سائدة بإطلاق ومنتشرة باكتساح وثابتة باضطراد على النحو الذي تصّوره الثقافة المغلوطة. وإلا لو أن العرب كافة كانوا مجتمعين على وأد المولودات الإناث لانقرضت أمّة العرب منذ زمن! ومعلوم أن أمّة العرب كانت من أكثر الأمم تكاثرًا في ذلك الزمان، وتعدّد الزوجات فيها كان قائمًا من قبل الإسلام فوق أربع، ولم يكن الانفتاح على العجم والتزاوج منهم وقتها كما صار بعد الفتوحات الإسلامية، فمن أين توافرت كل أولئك النسوة إذن؟!

ثم إن الإشارة للمَوْؤُدة بالذات في القرآن الكريم قد جاءت في سياق تغليظ إثم قتل النفس بغير حق عند الله تعالى، ولو كانت نَفْسًا واحدة (ذكرًا أو أنثى)، وتحريمه بعد مجيء الإسلام مع مختلف صور قتل النفس التي حرّم الله تعالى إلا بالحق. وهذه الإشارة تُثبِت وقوع الوأد في الجاهلية نعم، لكن ليس فيها إثبات أن الوأد كان بالضرورة ممارسة دائمة ومضطردة ومستتبّة في زمان الجاهلية. بل وردت آثار وأدلّة بمحاربة الوأد وعدم إقراره قبل الإسلام، كما ذكر القرطبي في تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} ...

هذا وممارسات الوأد حين وقعت لم تكن بدافع الحقد على جنس النساء وكراهته وازدرائه والحط منه، على الوجه والنفسية اللتين عانت منهما نساء الغرب وثٌرْنَ ضدّه كما سيأتي بيانه. هذه الرؤية وتلك النفسية لم تصبغا مجتمع العرب كما العجم، وظلّ للمرأة العربية اعتبار لم تُساميها فيها نظيرتها الأعجمية في مجتمعها في ذلك الزمان. وإنما المسألة هي أن العرب كانوا قومًا تغلب على حياتهم خشونة العيش، ويكثر بينهم الاقتتال والأسر والسَّبي، كما هو معلوم من تاريخهم. فلذلك كان الذكور أكثر نفعًا لآباءهم في شدّ الأزر، والبنات أكثر خطرًا عند الوقوع في الأَسْر. وبالتالي كانت كراهة ولادة البنت – عند من يَكره – بسبب ما تمثّله من مَعرَّة وثغرة محتملة، فجاءت ممارسة الوأد استباقًا لذلك الاحتمال، وتطبيقًا منحرفًا لصيانة العِرض ووأد الثغرة في مهدها، خشية ما قد يلحق بها من أذى مستقبلًا وما يلحق أهلها بعدها من عار إذ لم يدرؤوا عنها ما حاق بها. وورد في القرآن الكريم أن الفقر الحاضر أو خوف الافتقار المستقبلي كانا كذلك من دوافع قتل البنات ...

#النسوية #قضايا_المرأة
كتاب #ما_بال_النسوة يصدر قريبًا إن شاء الله تعالى
ليس القصد الانعزال عمّا حولنا من ثقافات، ولا ذلك حتى في الإمكان. إنّما الشأن كيفية الاستقبال عن الآخر وميزان الأخذ عنه ومرجعية تقييم وتقويم ما عنده. وإذ ذاك، فالسؤال المطروح هو كيف نتعامل مع علوم العجم وفكرهم؟ وكيف نأخذ عنهم الأخذ الصحيح؟

أول الجواب هو ترشيد جنون الترجمة لمجرد المباهاة بالنقل، والتوقف عن الاستيراد الأحمق لما عندهم، والافتتان الساذج بما يصلنا منهم، والتشرب الأعمى لما نأخذه عنهم، والترويج له بوفاء وإخلاص منقطع النظير حتى عند أهله! هذا النوع من الانبهار الأحمق من أكبر الآفات الفكرية، لأنه يطمس عَقلَ المنبهر عن عَقلِ ما يَرِدُ عليه، بمعنى فهمه على وجهه وتقييمه بحقه وغربلته بقَدره.

ثم لا بدّ من التمكّن من الذات والرسوخ في الهوية أولًا؛ فيُقبِل المسلم على تعلم الإسلام من موارد الإسلام المسلمة خالصة، دون أن يتشتت بتثقف أجنبي أو اطلاع جانبي، ويدع عنه الانجراف وراء خدعة اتساع الآفاق ومعرفة العالم، حتى يفرغ أولًا مما يقيم إسلامه في نفسه، وترسخ عنده مرجعيته التي ترشّد حركته الفكرية والوجدانية والفيزيائية. ثم يطالع بعد ذلك ما لدى الغير حال الحاجة أو الرغبة، بشرط اعتبار ما لديهم أدوات نوظّفها في مناهجنا، لا أنها بذاتها هي مناهجنا التي منها ننطلق وإليها ننتهي. فإمّا أن نتناول العلوم الأعجمية من منطلق منظورنا العربيّ المسلم، فنغترف منها غَرف يدٍ عُليا، تَعرِف ما تأخذ وما تَدَع، ولماذا تأخذ وتدع. أو نتقمّص – لا نتبنّى - مُنطلق أهلها الذي نبتت منه، لبحث دوافعهم الفكرية والنفسية مثلًا، أو غير ذلك من أغراض البحث العلمي والثقافة الجادّة التي لها منهجياتها الصحيحة.

أما البرجلة الفكرية والهرجلة العلمية وفوضى التناوليّة، على ما ذكرنا سابقًا، فليست من الحقّ على شيء، ناهيك أن تكون مدخلًا للحقّ!

#الأسئلة_الأربعة
#إضاءات
#ما_بال_النسوة
#أدبيات_هدى

"اسمي سَدِيم.. ويا له من اسم لفتاة!".. بهذه العبارة بدأتُ البثَّ التسجيليّ لأُولى مذكّراتي على جهاز "الهوموفون" اللَّوْحِي، الذي أَهْدَانِيه أبي الأسبوع الماضي، بمناسبة بلوغي الخامسة عشرة.
وأنا البنت الوسطى بين أخ يكبرني بخمسة أعوام اسمه "محمد"، وأخت تصغرني بسبعة أعوام اسمها "ليلى". انفردتُ من بين إخوتي بمحبتي لمجال أبي وعالمه، وشغفي بالعلوم الطبيعية والفَلَك، وهو ما كان مفاجأة مُستغرَبَة لأمي "عَلِيَّة" إذ لم يسبق أن استهوى ذلك المجال فتاة بين معارفنا وأقاربنا، ومفاجأة سعيدة لأبي "عبد الرحمن كارم" بعد أن أخفقتْ مَسَاعيه في توريث اهتمامه لابنه الأكبر، إذ فضّل أخي محمد الاشتغال بالعلوم العمليّة، وسافر لدراسة إدارة الأعمال.

جديد إصدارات #هدى_النمر: رواية خيال علمي لليافعين واليافعات بدءًا من سن 10 سنوات، بعنوان "سديم وسوار الزمن"
متوافرة مع عالم ديوان في نسخة ورقية وإلكترونية على تطبيق Diwan World
https://www.facebook.com/DiwanWorld
غرّ الكثيرين استباحة حمى الديانة بدعوى أن "باب الاجتهاد مفتوح"؛ فصار لكل ذي رؤية أن يرى ما يرى كيف يرى طالما ألصق برؤيته بعض الآيات أو الأحاديث كيف فهمها! وصحيح أن الاجتهاد في الدين محمود بل ومطلوب، والإرث العلمي العظيم بين أيدينا اليوم هو ثمرة اجتهادات كبار أئمة الأئمة، لكن الاجتهاد – كأي علم آخر – له معايير وشروط وأصول لا بد أن يستوفيها صاحبها ليكون من أهله المعتبرين فيه ابتداء، وليس أمرًا هيّنًا كما جرى تسطيحه على ألسنة الناس وفي أذهانهم، وهو منظومة من العلوم التي لا بد من تحصيلها بأصول وضوابط تحفظ من الإفراط والتفريط، وهو كذلك مراتب ودرجات تَفنى في تحصيله أعمار وقد لا تدركه إلا أن يشاء الله تعالى.

وليس من سلامة المنطق ولا المنهج ولا العرف العلمي أن نوكل أمرًا إلى غير أهله لعدم وجود أهله، كما لا يمكن أن نكل جراحة في القلب – مثلًا – لغير متخصص في جراحة القلب ناهيك أن يكون غير جراح أصلًا، لأنه إن عملها هلك وأهلك! وندرة أهل العلم والإتقان في أي مجال حلّها أن نقول تأهلوا لا أن نقول لمن ليس أهلًا اقتحم ذلك!

أما ما يعرف باختلافات المجتهدين من أئمة علماء الأمة فلا تعني ببساطة "اختلاف وجهات نظر" كتلك التي يتبادلها قراء صحيفة الأخبار حول طاولة المقهى! بل اختلافاتهم اختلافات محدودة ومعدودة ومبنية على منهجية علمية سليمة وأدلة معتبرة شرعًا، لا على أهواء بحتة وتقديرات شخصية مجردة. وقد فصّل العلماء شروط والاعتبارات الاجتهاد ودرجات المجتهدين بما لا يدع مجالًا للخلط بين مبدأ الاجتهاد في الدين وانضباط أصوله وثبات كلياته ونزاهته من لوثات النسبية.

#ما_بال_النسوة
#الأسئلة_الأربعة
#أدبيات_هدى
مجموعة قصصية تضم ثلاث عشرة (13) قصة قصيرة مترجمة ، مختارة من روائع الأدب العالمي لأعلام الأدباء ، مثل : ليو تولستوي وأنطون تشيخوف وأوسكار وايلد وراسكين بوند ، بالإضافة لمجموعة حكايات طريفة من تايلاند .

وتحمل المجموعة عنوان قصة "البعيد والقريب" للروائي الإنجليزي توماس وولف ، وهي قصة قصيرة المَبْنى عميقة المعنى ، تصور بعيني بطلها سائق القطار مدى اختلاف انطباع ما نراه عن بعد عمّا نعاينه عن قرب ..
"غادر السائق المحطة، ومضى يجوب شوارع المدينة. وكم كان عَجُبه إذ بدا كل شيء غريبًا عليه، كما لو أنه لم يمرّ بتلك المدينة من قبل قَط. وكلما أبعد فيها السير، زادت حيرته وتزايد ارتباكه. أكانت تلك هي نفسُها المدينة التي مرّ بها عشرة آلاف مرة؟ أكانت تلكم هي ذاتُها المنازل التي رآها من نوافذ مقطورته؟ لكم بدا كلُّ شيء غيرَ مألوف وغير مُطمئِن، كأنّما يَهِيم في حُلْم مرتعش المعالم.. وتبين لـه أنه لم يرَ ولم يعرف أبدًا تلك الأرض التي طالما بدت على مرمى حجر منه. وأيقن أن تلك الذكرى الخالدة التي كانت لها أَخْذةٌ كالسّحر، صارت الآن كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وما عاد لها من قرار".
Diwan World
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#أدبيات_هدى
#سمكة_الأمنيات_الثلاثة
17 قصة للفتيان والفتيات بدءًا من سن 10 سنوات، بعربية فصيحة ومشكولة بالكامل
متاحة ورقية وإلكترونية مع Diwan World
يفوتنا في إقبالنا المتحمس على مختلف العلوم العلميّة والإنسانية المستوردة من الثقافات الأجنبية، أنها ليست عربية الطابع والروح وإن تُرجِمَت للعربية وأضيفت لها "المسحة" المتأسلمة باقتباس آيات وأحاديث وقصص يتقاطع ظاهرها مع ظاهرهم! فتلك العلوم لن تكون مسلمة المنشأ والمقاصد وإن رُقّعَت باصطلاحات إسلاميّة. ولا تقوم في أصولها على مخاطبة المسلم مخصوصًا، بل على مخاطبة "الإنسان" عمومًا، وبتصوّرهم هم للإنسان في تكوينه الفكري والنفسي والبدني، وهو تصور مضطرب متلبك مرتبك. فتجد المسلم يُقبِل على معرفة الألوهية - مثلًا - من تصوّرات فلسفية بشرية تناقش "فكرة الإله"، وغالبها إمّا أنه مبنيّ على أساس الكفر بالألوهيّة أصلًا، أو على نفسيّة ندِّيَّة تجعل مقام الألوهية "خاضعًا" لتفلسف العقل البشري بإطلاق تام، أو على الشِّرك بالله في أحسن الأحوال! ومناهجهم الفكريّة وبُناهم المعرفية وأدواتهم العلمية كلها نابتة في بيئة تَنظُر للدين - حين تنظر - باعتباره "جانبًا" من جوانب الحياة المتعددة جدًّا، لا أنه منهج الحياة والتزامه هو مقصد الوجود. وبقدر تعدد جوانب الحياة يكون على المدى تعدد غايات الحياة، وتعدد آلهتها الصغيرة (المال والزواج والمهنة والذريّة والهوى والمزاج...) حول الإله الأكبر. وهكذا يتمدد التوحيد تلقائيًّا في شعور المسلم المتشرِّب لتلك الأجواء غير المسلمة في جذورهـا، ليَسَع مختلف صور الشرك بانسجام ووئام. فلا يعود يسشتعر بينه وبين غير المسلم فارقًا في تصوّر الحياة أو معاملتها، اللهم إلا في بعض "الشعائر" الدينية! والأدهى الذي يترتب على ذلك انحسار الشعور بخطر الكفر بالله تعالى وعِظَم خطيئة جحوده ونكرانه جلّ وعلا، لتصير المسألة ببساطة اختلافات ثقافية عادية كاختلاف نكهات قطع الحلوى!

#ما_بال_النسوة
#الأسئلة_الأربعة
كانت المرأة الأجنبية آنذاك ممنوعة من غالب الوظائف حتى تلك الصالحة لجنسها، كالتدريس والطب، وكان المجتمع ينظر بعين الشجب والإدانة لمن تجاهر بمهارات لا تمتّ للطبيعة المنزلية والتوقعات الاجتماعية من الأنثى كالتأليف وقرض الشعر؛ فلذلك اتجهت كثير من النساء لنشر مؤلفاتهن تحت أسماء رجالية مستعارة.

وحتى عندما بدأ تقبّل التأليف النسائي في القرن التاسع عشر، ارتبط الاسم النسائي بالروايات الرومانسية الخفيفة Light Romance، فاستمرت كثير من الأديبات والمؤلفات في استعارة اسم رجالي حتى يؤخذن بجديّة! وتجد – مثلًا - موديستا دي بوزو دي فورزي Modesta di Pozzo di Forzi وهي شاعرة وكاتبة من فينيسيا في القرن السادس عشر تنشر تحت اسم موديرتا فونتي Moderata Fonte؛ والإنجليزية ماري إيفانز Mary Evans تحت اسم جورج إليوت George Eliot في القرن التاسع عشر، والأخوات تشارلوت وإميلي وآن برونتي Brontëينشرن تحت أسماء كورار وإليس وآكتون بيل Currer, Ellis, and Acton Bell.

وفي المقابل، كانت نساء العرب والمسلمين آنذاك يتعلّمن ويعلّمن وينشرن ويؤلّفن بأسمائهنّ بلا حرج ولا تنديد، بل ويُشاد بهن ويُؤخذ عنهن بلا امتناع أو استكبار. وفي الوقت الذي كانت المرأة الأجنبية تنشر نتاجها تحت اسم ذكوري لتؤخذ بجدية، أو يُطمس نتاجها لصالح الرجل، نجد ذكر نسائنا ونشر نتاجهن على أيدي الرجال دون أي أثر لتلك العقد من قرون سابقة، فمن أوصاف النساء المُثبتة – مثلًا - في كتب السير والتراجم: "استكملت محاسن النساء في عصرها"، "جمعت أطراف الأدب"، "كانت زين النساء عقلًا ورأيًا"، "كانت من عالمات زمانها"، "تفرَّدت في الدنيا"، "مفخرة النساء وزين عصرها"... إلخ. وتأمل – مثلًا – ما أورده الإمام أحمد في مُسنَده نقلًا عن السندي في ذكر فاطمة بنت قيس: "قرشية فِهْرِيَّة، كانت من المهاجرات الأول، وكانت ذات جمال وعقل، وفي بيتها اجتمع أهل الشورى لمّا قُتِل عمر" ا. هـ. وقال الذهبيّ في "سير أعلام النبلاء" عن عَمْرَة بنت عبد الرحمن حفيدة الصحابي سعد بن زُرارة الأنصاري: "كانت عالمة، فقيهة، حُجَّة، كثيرة العلم، وحديثها كثير في دواوين الإسلام..." ا. هـ. وقال ابن خلكان في "وفيّات الأعيان" عن شُهدة بنت نصر الدينوري: "وكان لها المساع العالي ألحقَتْ فيه الأصاغر بالأكابر، واشتهر ذكرها وبَعُد صيتها" ا. هـ .

#النسوية #قضايا_المرأة
كتاب #ما_بال_النسوة يصدر قريبًا إن شاء الله تعالى
تطورت النسوية في موجتها الثانية في أوائل ستينيات القرن العشرين من حركة حقوقية متطلعة للمشاركة المجتمعية الطبيعية والتقدير اللائق من الدولة ماليًّا واجتماعيًّا، إلى تيار مناهض للسلطويّة الذكوريّة والتحكم الرجاليّ. وصارت ضغينة المرأة ضد الرجل بذاته لا نهج تشريعه فحسب، وصار هو بجنسه الملوم على ما آل إليه حال طبقة النساء المضطهدة وما يعانينه من جَور وتهميش وعدم تقدير لحقهن قبل الحروب العالمية، وتعلق بأذيالهنّ رغم تألُّقهنّ المجتمعي بعدها. وهذا يذكّرنا بالخلط التاريخي والثقافي الذي وقع عند الصراع ضد جبروت السلطة الكنسية Ecclesiastical Authority في عصور النهضة الأوروبية Renaissance، لينقلب الصراع على المدى لتيار عداء للدين نفسه من حيث هو دين، لا من حيث المُطبِّقين له أو المُتَمسِّحين باسمه فحسب!

وتبنّت النسوية في موجتها الثانية نظرية المؤامرة الكونية ضد النساء: فجنس النساء طبقة إنسانية مضّطهدة Oppressed Class، و"البطريركية" Patriarchy أو "النظام الأبوي" القائم على سيادة الذكر الأكبر في العشيرة أو الأسرة هو الهيكل الكوني المُكَرَّس لمعاداة المرأة من خلال مجموعة واسعة من النظم الحاكمة الثقافية والسياسية والفكرية، وبالتالي فمهمة النسوية السعي لتفكيك تلك الهياكل التي وَضَعتْ الرجال فوق النساء والتي وَضَعها الرجال فوق النساء. وبهذا يتضح سرّ غلبة التركيز في سجالات هذه المرحلة على الجانب الذكوري من معادلة التظلم أكثر من جوانب القهر والسلطوية، في مصطلحات مثل القهر الذكوري Male Oppression والسلطوية الذكورية Male Dominance، إذ صارت الذكورة بحد ذاتها مرادفة للقهر والسلطوية لا منفصلة عنهما، فكل رجل مُتجبِّر مُتَّهَم من حيث هو رجل، وكل امرأة ضحية مغلوبة من حيث هي امرأة. ومن أهم المصطلحات التي أنجبها وروّج لها ذلك الخطاب: "المركزية الذكورية Androcentrism" ومقابله "المركزية الأنثوية "Gynocentrism، و"المحاباة على أساس الجنس Sexism"، و"الميسوجينية Misogyny" أي كُره أو معاداة المرأة.

#النسوية #قضايا_المرأة
كتاب #ما_بال_النسوة يصدر قريبًا إن شاء الله تعالى
تسجيل جديد لندوة من ندوات #هدى_النمر عن خواطر رمضانية:

يهلّ هلال رمضان كل عام .. وتهلّ معه مشاعر الحبور والسرور باستقبال شهر كريم ..
لكن الضيف مهما كان كريمًا قد يثقل علينا أحيانًا طول مكثه عندنا .. أو تكرار زيارته في موعد ثابت كل عام يتطلب منا تغييرات فورية وطارئة في نمط حياتنا المعتاد
ثلاثون يومًا في كل عام .. منا من ينتظرها بترقب أو يتفاجأ بها على حين غِرّة أو يتعجل ختامها لينطلق بعدها حرًّا
فما الذي نترقبه في رمضان؟
وما الذي يفاجئنا فيه؟
ولماذا نشعر بقيد خفي أثناءه؟
وإلى أي مدى نكون حقيقة أحرارًا بعده؟
هذه تساؤلات نتفكر في سببها لنقف على جوابها ..
عسى أن يعيننا هذا التفكر على حسن استضافة رمضان في نفوسنا قبل بيوتنا، وإكرامه في قلوبنا قبل موائدنا.

https://youtu.be/Kcc5pwNrVus
2024/09/30 22:23:52
Back to Top
HTML Embed Code: