Telegram Web Link
لقاء حواري لقناة "هُداة" مع أ هدى عبد الرحمن النمر، عن "مشكلة المرأة"، ترد فيه على تساؤلات تخص هموم النساء ومشاكلهن، منها:

ما الذي جعل المرأة بحد ذاتها مشكلة وكل شؤونها قضايا شائكة وشاكية؟!
وما حقيقة الهموم التي أثقلتها بها الضغوط المجتمعية تارة والتسلط الذكوري تارة أخرى؟
ما الذي تريده امرأة اليوم بالضبط لتعيش هانئة وتهنأ بمعيشتها؟
وما هو دور المرأة النموذجي في هذا الوجود؟
وما الاختيار الأمثل إن كان عليها أو لها أن تختار بين العكوف على تكوين الأسرة والانطلاق لتحقيق الذات؟

التسجيل على قناة اليوتيوب
https://youtu.be/IO-eMNs_LUo

الساوند كلاود
https://soundcloud.com/hudhud0/issue
مصطفي صادق الرافعي / "وحي القلم"
سمعت مرة مقولة إنجليزية طريفة ، مفادها : "أحيانًا تدعو بالصبر ، فيكون الجواب طابورًا في البنك!"
Sometimes you ask for patience, and what you get is a line at the bank!

حين نتطلع للتخلق بخلق ، أو التحقق بمعنى ، فالتخلق والتحقق – وكافة صيغ التفعّل كالتعلم والتحلّم - لا توهب ، وإنما تكتسب بالمعايشة والمكابدة ، ليس لها بذاتها وإنما في الغالب لضدها! فحين تدعو بالصبر وتجتهد أن تتخلق به ، لا يمكن أن تراض عليه نفسك إلا من خلال سياقات ومواقف الأصل فيها أن تستنفر مختلف القوى المضادة للصبر ، من العصبية ونفاد الصبر وضيق الصدر ، مثل الطابور الطويل في البنك مثلًا!

ثم يستغرب كثيرون بعد ذلك أنهم كلما اجتهدوا في الالتزام زادت الاختبارت والسياقات التي تصد وتثبط – هكذا يظنون، وهي حقيقة لا تراد إلا عونًا لهم على الوصول ، وتمحيصًا للمعنى أو الخلق المرجو ، واستجاشة قواه في النفس بالصبر والمكابدة ، والتعثر مرة بعد مرة ، فكل عثرة غير أختها ، وكل مرة فيها درس جديد وطعم مختلف ، حتى تجد نفسك فجأة وقد توطَّن فيها الساكن الجديد ، بل لعلك تساءل نفسك أحيانا : كيف كنت غير ذلك من قبل؟!

حين ترجو أيّ "تفعّل" في الله ، فأحسن الفهم عن تدبير الله وولايته ولطفه ، وثق أن الله يهيئ لك ويهيئك في خضم ما تمر به ويمر بك لما يشف عن صورة روحك خيرًا مما قد يخيّلها لك ماء الحياة المتعكر بشوائب شتّى ، كما يُحمَى على الإبريز فيخرج خالصًا نقيًا .

فاصبر وصابر ورابط .. وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم!
سُئلتُ كثيرًا عن أول الطريق لبناء الذات وتربيتها، وقد ذكرته بتفصيله ومنهجيته فيما كتبت وسجّلت، ثم فكّرت إذا كنت سألخصه في خطوات معدودة فستكون:
(1)
أن تعي وتدرك أنك المسؤول الأول عن نفسك وما يصدر عنها ويعتمل فيها: أفعالك وكلامك ومشاعرك وقراراتك، والمكانة التي تُنزِل نفسَك إياها في نفسِك وفي نفوس الناس، والمكانة التي تجعل الناس ينزلونك إياها في العلاقات التي تختار أن تبنيها معهم أو تكون جزءًا مقدورًا فيها، فكما عليك – مثلًا - أن تكفّ عن غيرك أذاك وضررك المادي والمعنوي، كذلك عليك مسؤولية صون نفسك عمن وعما يؤذيها ولا ينفعها ماديًّا ومعنويًّا... وهكذا.
(2)
ثم تقرر قرارًا واعيًا وصريحًا مع نفسك أن تكون واحدًا من ثلاث: أن تتحمل تلك المسؤولية وما يترتب عليها من تربية نفسك وإنضاجها وتأهليها؛ أو أن "تطنش" تلك المسؤولية وتستمر بالعشوائية في الحياة كيفما اتفق وتلقي باللوم دائمًا على كل من وما حولك: فالأقدار ظالمة والظروف تعيسة والناس خبيثو النوايا والوقت يجري والشغل دوامة والأهل مملّون... إلخ؛ أو أن تكون بين بين، فحينًا أنت مسؤول عن نفسك وحينًا أنت مُعفىً من أية مسؤولية وعلى الغير تحمّل تبعاتك، وفي بعض الأمور تواجه نفسك بنضج وصراحة لتقوّم المعوجّ من شأنك ثم في أمور غيرها تترك الحبل على الغارب فأنت مفعول به، معمول عليه، مضروب فيه، ميئوس منه!
فإما أن تقرر ما تريد أو تريد ما تقرر، وإما أن تعني ما تقول أو تقول ما تعني، وإما أن تكون على قدر تطلّعاتك أو تُفصّل أهدافك على مقاسك، فتريح وتستريح من العبث بين بين!
(3)
وأيًّا ما يكن من شأنك في هذه الحياة، وأيًّا ما تكن ظروفك، اعلم علم اليقين أنك لست المبتلى الوحيد في هذا الكون، ولست المختبر الوحيد بهذه الحياة، ولست المسؤول الوحيد عن نفسه؛
وأنك قد تخرج من هذه الدنيا لا يَدين لك أحد بشيء مهما عشت تظنّ غير ذلك؛ لكنك قطعًا – شئت أو أبيت - تخرج منها مدينًا لربك تبارك وتعالى بالحساب عمرك فيمَ أفنيته، وعن شبابك فيمَ أبليْتَه، وعن مالك من أين اكتسبته وفيمَ أنفقته، وعن علمك ماذا عملت فيه.
(4)
فأَسْلِم صدقًا تَسلم أبدًا؛
واستعن بالله ولا تعجز؛
وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة؛
ولتسعك نفسك؛
واحرص على ما ينفعك؛
وخذ العفو من الناس وأعطِ العفو من نفسك (ما تطيب به النفس من أعمال وأخلاق دون تحسس أو منّ أو أذى)؛
واعمل صالحًا وادعُ إلى صالح؛
وأعرض عن الجاهلين؛
واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
إصدارات جديدة للمؤلفة هدى عبد الرحمن النمر مع دار ديوان متاحة للطلب المباشر من دار ديوان أو تطبيق عالم ديوان Diwan World App
من القوالب التي ظاهرها الخير وباطنها فهم مغلوط، أن تظل مدفوعًا للبقاء في بيئة أو وسط يضنيك تحت دعوى "أنت مختلف". إن الاختلاف عن السائد في حد ذاته ليس غاية، بل يراد على الحقيقة وسيلة للإصلاح والإضافة والتقويم. أما حين يصير هو في حد ذاته غاية لا يمكن تجاوزها لمرحلة أعلى، وقتها يبدأ التساؤل عن جدوى كونك مختلفا مجرد اختلاف غاية ما فيه استشعار النشاز عن النغمة السائدة، لأنك لا تملك أن تغيّر فيها على الحقيقة.
كم من طالب للثقافة حريص على الاستزادة من أكوام الكتب ، إذا حدثته أو خبرت مكنونه تفاجأ بأفكار منثورة بلا نسق متكامل ، ومعرفة سطحية ما لها من قرار ، وشذرات من هنا وهناك لا رابط بينها ، والأدهى أن يتكلم بصياغات ركيكة وتعبيرات باهتة ولغة مترهلة لا تتماشى والعناوين الجليلة التي يفخر بقراءتها . فالقراءة في كل ما هبّ ودبّ لا تعني إلا معرفة خاطفة سطحية ، فهي شيء كالجهل المقنع .
في المقابل ، كم من مختص متحجر في اختصاصه ، ضيق الأفق ، ضحل الفكر ، يفتقر لرؤية شمولية ووعي متسع المدارك فيما يتداخل مع دائرة تأثيره أو اختصاصه . وكلا الفريقين منسوب لأهل العلم والعاكفين على المعرفة ، ثم ما حظهما منهما إلا كحَسْوِ الطائر أو نقر الديك .

حذار من طرفي النقيض : الانغلاق العلمي أو السطحية المعرفية ، والوقاية من ذلك هي الحرص على جودة الطلب لا كثرته . لذلك اقرأ لتحيا ، ولا تحيا لتقرأ ، ومتى وجدت نفسك تحولت للخط الثاني توقف ، واستدر مصححا المسار .
إنّ تجاوزَ حبٍّ تَعذَّر مناله والتفتح لاستقبال حب جديد ، أو تجاوز درجة حبّ تعّذر الارتقاء لها والرضا بالدرجة الحالية ، قد يغدو ضرورة لاستقامة العيش واستمرار المصالح . ولا يعني هذا الحطّ من شأن ميل القلوب أو الدعوة لكبت رغائبها ، وإنما القصد لفت النظر والعناية للجوانب الأخرى من المعادلة العشقية والمنظور المتعقل للحب : فلا إنكار له بالجملة ولا تحكيم له بالمطلق ، ولا كلّ ذي هوى يصدق في هواه حتى النهاية ، ولا كل زيجة مصالح أو منافع متبادلة محكوم عليها بالفشل لخلوّها من لهيب الحب أو افتقارها لمدامع العُشّاق .

وكم من حبٍّ وُلد من رَحِم ظُنَّ أنه عقيم ، ونما متئدًا بحسن عشرة وكريم معاملة . فلا يُشترط أن يسبق حب شخص ما الإحسانَ إليه ، بل لربما استعبد الإحسان قلب إنسان .

بهذا الفهم الواسع والنفسية الرَّحيبة نتخفف من دراما الشقاء والتعاسة والاكتئاب ، التي نكتبها على أنفسنا بالاسترسال وراء أفهام أحادية الجانب ، والإصرار على المضيّ في الوجود جاهلين بشرعة ربنا ومنقطعين عن نوره ومنفصمين عن الاستعانة به ، ومستغنين فوق كل ذلك بوهم اقتدارنا على نفوسنا وقلوبنا تمام الاقتدار!
ولو لم يكن في عجائب المحبة والبغض إلا أن نشهد بها دقيق أثر فعل الله في القلوب ، لكفى بها ذكرًا وموعظة!
رسم تصويري جامع لأسماء أمهات المؤمنين عليهنّ الرضوان
التجرّد للحق هو المصطلح الأصيل في ديننا وثقافتنا لمفهوم "الموضوعية" بمعناها الصحيح. وتعني تغيير التوجّه العقلي من وجهة كان صاحبها يظنها صوابًا إلى أخرى اتضح أنها أصوب أو هي الصواب.

أما الموضوعية بمعنى "الحِياد الفكري" أو "التجرّد التام" فلا وجود لها، لأنّ العقل "المحايد" لا وجود له بداية، على ما تمّ بيانه في بند العقل. فالعقل ليس عضوًا منفصمًا في الهواء، بل هو مركّب في كيان متكامل من الفكر والشعور والخبرات والخلفيّات التي أُشرِبَها صاحبُها عبر النشأة الأولى وما تلاها من تفاعلات، وبالتالي لا بدّ أن يصطبغ بها قَطعًا، ويظلّ لذلك الاصطباغ أثر وبصمة مهما ظنّ صاحبه أنه انسلخ منها جميعًا في لحظة ما ليصير "محايدًا". ويتعذّر على أي مفكّر أو باحث التجرد التام من كلّ شيء يعلمه من قبل، لأنّ ذلك خارج عن طوق البشر:

"لا يمكن لأيّ كان التجرّد على الحقيقة من أثر لغته وثقافته المُكوّنتَيْن له بالأساس. فهي معارف يؤمن بصحّتها من طريق العقل والقلب. ولا يستطيع ولو شاء الانفصام عن أهوائه ومطامعه التي تَستَكين ضَالِعَة في أغوار النفس وفي كُهوفها" [محمود شاكر – "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا"].
لا تصدق عندنا مقـــولة "الدين أَفيون الشعوب"، على الأقل فيما يتعلق بدين الإسلام. وأوّل من أطلق تلك المقولة كارل ماركس، الفيلسوف الألماني مؤسّس الماركسيّة، الذي كان يرى أنّ أثر الدين يشبه أثر الأَفْيون على المريض : يُخدّر شعوره بالمعاناة ويحيطه بوَهْم الراحة، ولكنه يقلّل أيضًا من إرادة البقاء عند المتديّن، ومن استعداده لمجابهة الحياة الجائرة التي أجبرتهم الرأسمالية أن يعيشوها. ونَصُّ المقولة الكامل كما وردت في كتابه "نقد فلسفة الحق عند هيجل" : "الدين زفرة الإنسان المَسحُوق، وروح عَالَمٍ لا قلبَ له، كما أنه روح الظروف الاجتماعية التي طَرَدَ منها الروح. الدين هو أفيون الشعوب".

والحقّ أنّه إن كان ثَمَّة أفيون فهو الكفر والإلحاد، وليس الدين، ولا الدين الحَقَّ بحال. لأنّ الأفيون والمخدّر والمسكّن كلهم يعزلون المرءَ عن الشعورِ ويعطّلون العقل، حتى لا يُحسّ صاحبهم بالوجع ولا يفكّر في مجابهة الشدائد، لكنهم لا يعالجون سبب الوَجَع من جذوره ولا يحلّون الشدائد من أصولها. أما الدين الحقّ فيُورث صاحبه الشعور الحقيقي بالسكينة والانسجام مع طبائع الوجود، ويشحذ فكـــره للنظر في عاقبة أمــــره وأخذ مسؤوليات وجوده بقوّة، ويبعث فيه إرادة لا تَهِنُ لأنّها تستمد وقودها من الإيمان بالله تعالى، والله تعالى ثابت باقٍ لا يتبدّل ولا يتحوّل، سبحانه.

وفرق بين تنميل الشعور والشعور بالسكينة، وبين إسكار العقل وإعماله. فالذي لا يؤمن بالله ولا بالآخرة والحساب تبعًا، هو من يعاني في إيجاد معنى للحياة ودافع فيها وفق ما يعلمه من النهاية البائسة التي تنتظره والتي تجعل ما قبلها هباءً منثورًا ؛ ولذلك نشأت الفلسفات العدمية وكثر الانتحار وسط الكفّار والملحدين ثم أصحاب الديانات الشائهة، ثم أصحاب التشوّهات والخلل في فهم الدين الحقّ ؛ ولا تجد ذلك أبدًا عند مسلم إسلامًا صحيحًا ومؤمن إيمانًا صادقًا.
فمَن – إذن - ضحيّة الأفيون ومَن المسحوق على الحقيقة؟!
كثُرت في خطاب الدعوة اليوم تشبيهات المقايضة وتصوّرات المتاجرة في معاملة الله تعالى، اتّكاءً على آيات وأحاديث تستعمل ذلك التشبيه، دون ضبط لأبعاد معناها وتطبيقها من المُتَكلّم أو عند المُستَقبِل. فنشأ في حِسّ المسلم المعاصر استشعار جادّ لصِلَة العبودية على أنّها صلة مَصرِفية أو بنكيّة على الحقيقة لا المجاز : فالعبد يستشعر أنه يُودع في "حسابه" عند الله "رصيد" عبادة ما، وينتظر في "المقابل" مردودها "نقدًا عِيانًا"، بذوق حلاوة أو تحقيق أمنية أو دفع مَضرَّة. وإذا زادَ "المُودِع" في رصيده فوق الفريضة نافلة ما، طاشت توقعاته من "شهادة الادخار" تلك، وصار ينتظر "الفوائد المضاعَفَة" لها، من انفتاح أبواب السماء برزق مُنهَمِر، أو تحصيل المكانات العَليّة فوق الخلق في الدنيا وعند الله في الآخرة، أو غير ذلك من الأطماع والأمنيات.

وما في تلك الأماني والتطلعات بأس لو أنها تنضبط بنفسية العبودية، فتصدر من نفسيّة الطمع في فضل الله ورجاء وجهه الكريم، بل هذا الطمع من العبادة. وإنما البأس كلّ البأس في انتظار حلاوة العبادة كمُقابِل للتعبد، واستشعار أنّ الجزاء حقٌّ مستوفًى لقاءَ التفضّل بالقيام بالعبادة، كل ذلك بنفسيّة التشرّط عليه تعالى، أو التهديد الضمني بطلب البُرهان وإلا أُفلِتَ العِنان! فإمّا أن نشهد جدوى العبادة على ما نتوقع وحين نتوقع، أو يتزعزع يقيننا في نفع العبادة بالكلية، وربّما على المدى فيمن نعبد!
وقد يحدث أن نندم على إحسان الظنّ بمن يتكشَّف سوء معدنه. وها هنا تلزم التفرقة بين الأخذ بظاهر الناس وإغفال الانتباه – عمدًا أو سهوًا – عن دلائل ذلك الظاهر. ذلك أن كثيرًا من خِلال المرء الأصيلة وأخلاقه الكامنة فيه تعلن عن نفسها في تفاصيل ولَفَتَات، هي القرائن والدلائل التي تخبرك بحقائق الجوهر. لكننا قد نختار أن نتجاهلها أو نتكلّف حُسْن تأويلها لشيء ما في نفوسنا نحن إلى أن يتكشّف ذاك الذي كنا نتجاهله أو نتحاشاه، صريحًا صارخًـــا آخر المطاف، فيقع منا موقع الصدمة الكاشفة.

وشتّان بين من يُحْوِجُك لتأويله والتأوّل له على الدوام، ويُتعِبُك في الجمع بين حسن الظن فيه وسوء الواقع منه، وكلما حاولتَ هضمه عَسُر عليك ؛ ومن يَدُلُّك عليه حَالُه قبل مَقَاله. والمعادن الأصيلة لا تُحْوِجُ المتعاملين معها لكثير تأويل، لأنها ناصعة البيان عن نفسها.
2024/09/30 20:37:44
Back to Top
HTML Embed Code: