" في ظروف معينة، أن تكون غريبًا، وألاّ تنتمي للجموع، قد يكون مصدرًا للرضا، أو للمتعة حتى. هنالك أنواع من العزلة تقدم راحة من الشعور بالوحدة، قد تكون أشبه بعطلة من الوحدة إن لم تكن دواء لها".
المدينة الوحيدة| أوليفيا لاينغ
المدينة الوحيدة| أوليفيا لاينغ
تتوفر مجموعتي القصصية #فهرس_الملوك في #معرض_أبوظبي_الدولي_للكتاب2024
جناح 11A25 دار مرايا للنشر والتوزيع @Dar_Maraya_KW
جناح 11A25 دار مرايا للنشر والتوزيع @Dar_Maraya_KW
"الوحدة ليست مجرد رغبة في مصدر خارجي للحب، ولكنها أيضا تجربة اكتمال" حالة غير ممكنة من الكمال الداخلي" لقد كانت غير ممكنة بشكل جزئي لأنها مبنية على الحب المفقود، على وجود من يفهمك دون الحاجة لاستخدام الكلمات، ولأن المشهد الداخلي لأي فرد سيبقى قابلا للمساومة إلى درجة ما مقابل الأشياء الفانية، للخيالات غير المدمجة للدمار واليأس".
المدينة الوحيدة| أوليفيا لاينغ
المدينة الوحيدة| أوليفيا لاينغ
يتحدث بول أوستر عن طقوسه:" أترك مقعدي وأقف كثيرًا خلال اليوم. أظل أذرع الغرفة جيئة وذهابًا،وبشكل ما، أجد أنّ ذلك يساعد في توليد الأفكار والكلمات، لأن هناك دائمًا ذلك النوع من الموسيقى داخل الجسد، وأعني هنا موسيقى اللغة. وأثناء هذا التجوال تولد أفكار جديدة قد لا تُخلق أثناء جلوسي"
" إن لم يُسمح لطفل بدخول المخيّلة، فسوف يقع في قبضة العالم الحقيقي ".
اختراع العزلة| بول أوستر
اختراع العزلة| بول أوستر
«محظوظ بما يكفي للعيش في قصَّة»
پول أوستر (1947-2024)
مقتطف ترجمته قبل سنوات من «حماقات بروكلن»
ليكن إذًا، القصَّة، قصَّة الدُّمية... إنه العام الأخير في حياة كافكا، وقد وقعَ في حُبِّ دورا ديامانت، الفتاة البالغة من العمر تسعة عشر أو عشرين عامًا، التي فرَّت من عائلتها الحسيديَّة في پولندا وتعيش الآن في برلين. إنها في نصف سنِّه، لكنها هي من يبثُّ فيه الشجاعة ليترك پراج -وهو الشيء الذي يرغب في فعله منذ سنوات- كما أنها المرأة الأولى والوحيدة التي عاشت معه. يصل كافكا إلى برلين في خريف 1923 ثم يموت في الربيع التالي، ولكن لعلَّ تلك الشهور القليلة الأخيرة كانت الأسعد في حياته على الإطلاق، على الرغم من حالته الصحيَّة المتدهورة، وعلى الرغم من الظروف الاجتماعيَّة في برلين (نقص الأطعمة والشَّغب السياسي وأسوأ تضخُّم مالي في تاريخ ألمانيا)، وعلى الرغم من معرفته المؤكَّدة بأنه على عتبة القبر.
كلَّ يومٍ بعد الظُّهر يذهب كافكا إلى المنتزه، وفي أغلب الأحيان تُصاحبه دورا، ثم يأتي يوم يُصادفان فيه فتاةً صغيرةً تبكي بحرقةٍ شديدة. يسألها كافكا عن سبب بكائها، فتجيب بأنها فقدت دُميتها، فيبدأ في الحال في اختراع قصَّة يفسِّر لها بها ما حدث، ويقول: «دُميتك ذهبت في رحلة»، فتسأله الفتاة: «وكيف تعرف هذا؟»، ويجيبها كافكا: «لأنها كتبت لي رسالة». يلوح الشَّك على ملامح الفتاة، وتسأله: «هل الرسالة معك؟»، فيقول: «لا، آسف، تركتها في البيت دون قصد، لكنني سأحضرها غدًا». إنه مقنعٌ للغاية، إلى درجة أن الفتاة لم تعد تدري ماذا تحسب. أيُمكن أن هذا الرجل الغامض يقول الحقيقة؟
ثم يعود كافكا إلى البيت مباشرةً ليكتب الرسالة. يجلس إلى مكتبه، وفيما تُراقِبه دورا وهو يكتب، تلحظ الجديَّة والشَّد نفسيهما اللذين يتبدَّيان على ملامحه حينما يكتب أعماله هو. إنه لا ينوي أن يغشَّ الفتاة الصغيرة، وما يفعله مخاضٌ أدبي حقيقي، وهو مصرٌّ أن يكون ما يكتبه مضبوطًا. إذا استطاع التوصُّل إلى كذبةٍ جميلة مقنِعة فسيحلُّ واقع آخر محلَّ عالم الفتاة، واقع زائف ربما، لكنه حقيقي ويُمكن تصديقه طبقًا لقوانين الخيال.
يهرع كافكا في اليوم التالي إلى المنتزه ومعه الرسالة ليجد الفتاة في انتظاره، ولأنها لم تتعلَّم القراءة بعد، يقرأ كافكا عليها الرسالة. الدُّمية آسفةٌ للغاية، لكنها سئمت العيش مع الناس أنفسهم طول الوقت. إنها في حاجةٍ إلى الخروج ورؤية العالم، إلى تكوين صداقاتٍ جديدة. ليست المسألة أنها لا تحبُّ الفتاة الصغيرة، لكنها تتوق إلى تغيير المناظر المحيطة بها، ولذا يجب أن تنفصل الاثنتان فترةً من الوقت. ثم تعد الدُّمية الفتاة بأن تكتب لها كلَّ يومٍ وتُطلِعها باستمرارٍ على أنشطتها.
تلك هي النقطة التي تبدأ فيها القصَّة تكسر قلبي. من المدهش كفايةً أن كافكا أخذ على عاتقه عناء كتابة الرسالة الأولى أصلًا، فإذا به الآن يُلزِم نفسه بمشروع كتابة رسالةٍ جديدة يوميًّا، ليس لأيِّ سببٍ غير مواساة الفتاة الصغيرة الغريبة عنه تمامًا، مجرَّد طفلةٍ التقاها مصادفةً في المنتزه ذات يومٍ بعد الظُّهر. أيُّ نوعٍ من الرجال يفعل شيئًا كهذا؟ ثم إنه يُواظِب على كتابة الرسائل على مرِّ ثلاثة أسابيع يا نيثَن، ثلاثة أسابيع. ها هو ذا واحد من أعظم الكتَّاب الذين عرفهم هذا العالم يُضحِّي بوقته -وقته الثَّمين الذي يوشك على النفاد- ليكتب رسائل خياليَّة من دُمية. تقول دورا إنه كتب كلَّ عبارةٍ بأقصى درجةٍ من الانتباه للتفاصيل، إن النَّص كان دقيقًا وطريفًا وآسرًا. بمعنى آخر، كان نصًّا لكافكا، وطيلة ثلاثة أسابيع ذهب إلى المنتزه كلَّ يومٍ ليقرأ على الفتاة رسالةً جديدةً. تكبر الدُّمية وتذهب إلى المدرسة وتتعرَّف أناسًا جُددًا، ولو أنها تلمِّح إلى تعقيداتٍ معيَّنة في حياتها تجعل عودتها إلى البيت مستحيلةً. شيئًا فشيئًا يُهيِّئ كافكا الفتاة للحظة التي ستختفي فيها الدُّمية من حياتها إلى الأبد، يُكافِح للتوصُّل إلى نهايةٍ مُرضِية وقد شعر بالقلق من زوال أثر التعويذة السحريَّة إذا لم ينجح. بعد اختبار عدة احتمالات، يُقرّر أخيرًا أن يُزوِّج الدُّمية، ويصف الشاب التي وقعت في غرامه، وحفلة الخطبة، والزفاف الذي أقيم في الريف، وحتى البيت الذي تعيش فيه الدُّمية مع زوجها. ثم، في السطر الأخير، تُودِّع الدُّمية صديقتها القديمة الحبيبة.
في هذه المرحلة لم تعد الفتاة تفتقد الدُّمية طبعًا. لقد أعطاها كافكا شيئًا آخر بدلًا منها، ومع انتهاء تلك الأسابيع الثلاثة كانت الرسائل قد شفَتها من تعاستها. إن لديها قصَّة، وحين يكون المرء محظوظًا بما يكفي للعيش في قصَّة، أن يعيش في عالمٍ خيالي، فعندئذٍ تختفي آلام عالم الواقع، وكلما استمرَّت أحداث القصَّة لا يعود للواقع وجود.
*المترجم المصري هشام فهمي
پول أوستر (1947-2024)
مقتطف ترجمته قبل سنوات من «حماقات بروكلن»
ليكن إذًا، القصَّة، قصَّة الدُّمية... إنه العام الأخير في حياة كافكا، وقد وقعَ في حُبِّ دورا ديامانت، الفتاة البالغة من العمر تسعة عشر أو عشرين عامًا، التي فرَّت من عائلتها الحسيديَّة في پولندا وتعيش الآن في برلين. إنها في نصف سنِّه، لكنها هي من يبثُّ فيه الشجاعة ليترك پراج -وهو الشيء الذي يرغب في فعله منذ سنوات- كما أنها المرأة الأولى والوحيدة التي عاشت معه. يصل كافكا إلى برلين في خريف 1923 ثم يموت في الربيع التالي، ولكن لعلَّ تلك الشهور القليلة الأخيرة كانت الأسعد في حياته على الإطلاق، على الرغم من حالته الصحيَّة المتدهورة، وعلى الرغم من الظروف الاجتماعيَّة في برلين (نقص الأطعمة والشَّغب السياسي وأسوأ تضخُّم مالي في تاريخ ألمانيا)، وعلى الرغم من معرفته المؤكَّدة بأنه على عتبة القبر.
كلَّ يومٍ بعد الظُّهر يذهب كافكا إلى المنتزه، وفي أغلب الأحيان تُصاحبه دورا، ثم يأتي يوم يُصادفان فيه فتاةً صغيرةً تبكي بحرقةٍ شديدة. يسألها كافكا عن سبب بكائها، فتجيب بأنها فقدت دُميتها، فيبدأ في الحال في اختراع قصَّة يفسِّر لها بها ما حدث، ويقول: «دُميتك ذهبت في رحلة»، فتسأله الفتاة: «وكيف تعرف هذا؟»، ويجيبها كافكا: «لأنها كتبت لي رسالة». يلوح الشَّك على ملامح الفتاة، وتسأله: «هل الرسالة معك؟»، فيقول: «لا، آسف، تركتها في البيت دون قصد، لكنني سأحضرها غدًا». إنه مقنعٌ للغاية، إلى درجة أن الفتاة لم تعد تدري ماذا تحسب. أيُمكن أن هذا الرجل الغامض يقول الحقيقة؟
ثم يعود كافكا إلى البيت مباشرةً ليكتب الرسالة. يجلس إلى مكتبه، وفيما تُراقِبه دورا وهو يكتب، تلحظ الجديَّة والشَّد نفسيهما اللذين يتبدَّيان على ملامحه حينما يكتب أعماله هو. إنه لا ينوي أن يغشَّ الفتاة الصغيرة، وما يفعله مخاضٌ أدبي حقيقي، وهو مصرٌّ أن يكون ما يكتبه مضبوطًا. إذا استطاع التوصُّل إلى كذبةٍ جميلة مقنِعة فسيحلُّ واقع آخر محلَّ عالم الفتاة، واقع زائف ربما، لكنه حقيقي ويُمكن تصديقه طبقًا لقوانين الخيال.
يهرع كافكا في اليوم التالي إلى المنتزه ومعه الرسالة ليجد الفتاة في انتظاره، ولأنها لم تتعلَّم القراءة بعد، يقرأ كافكا عليها الرسالة. الدُّمية آسفةٌ للغاية، لكنها سئمت العيش مع الناس أنفسهم طول الوقت. إنها في حاجةٍ إلى الخروج ورؤية العالم، إلى تكوين صداقاتٍ جديدة. ليست المسألة أنها لا تحبُّ الفتاة الصغيرة، لكنها تتوق إلى تغيير المناظر المحيطة بها، ولذا يجب أن تنفصل الاثنتان فترةً من الوقت. ثم تعد الدُّمية الفتاة بأن تكتب لها كلَّ يومٍ وتُطلِعها باستمرارٍ على أنشطتها.
تلك هي النقطة التي تبدأ فيها القصَّة تكسر قلبي. من المدهش كفايةً أن كافكا أخذ على عاتقه عناء كتابة الرسالة الأولى أصلًا، فإذا به الآن يُلزِم نفسه بمشروع كتابة رسالةٍ جديدة يوميًّا، ليس لأيِّ سببٍ غير مواساة الفتاة الصغيرة الغريبة عنه تمامًا، مجرَّد طفلةٍ التقاها مصادفةً في المنتزه ذات يومٍ بعد الظُّهر. أيُّ نوعٍ من الرجال يفعل شيئًا كهذا؟ ثم إنه يُواظِب على كتابة الرسائل على مرِّ ثلاثة أسابيع يا نيثَن، ثلاثة أسابيع. ها هو ذا واحد من أعظم الكتَّاب الذين عرفهم هذا العالم يُضحِّي بوقته -وقته الثَّمين الذي يوشك على النفاد- ليكتب رسائل خياليَّة من دُمية. تقول دورا إنه كتب كلَّ عبارةٍ بأقصى درجةٍ من الانتباه للتفاصيل، إن النَّص كان دقيقًا وطريفًا وآسرًا. بمعنى آخر، كان نصًّا لكافكا، وطيلة ثلاثة أسابيع ذهب إلى المنتزه كلَّ يومٍ ليقرأ على الفتاة رسالةً جديدةً. تكبر الدُّمية وتذهب إلى المدرسة وتتعرَّف أناسًا جُددًا، ولو أنها تلمِّح إلى تعقيداتٍ معيَّنة في حياتها تجعل عودتها إلى البيت مستحيلةً. شيئًا فشيئًا يُهيِّئ كافكا الفتاة للحظة التي ستختفي فيها الدُّمية من حياتها إلى الأبد، يُكافِح للتوصُّل إلى نهايةٍ مُرضِية وقد شعر بالقلق من زوال أثر التعويذة السحريَّة إذا لم ينجح. بعد اختبار عدة احتمالات، يُقرّر أخيرًا أن يُزوِّج الدُّمية، ويصف الشاب التي وقعت في غرامه، وحفلة الخطبة، والزفاف الذي أقيم في الريف، وحتى البيت الذي تعيش فيه الدُّمية مع زوجها. ثم، في السطر الأخير، تُودِّع الدُّمية صديقتها القديمة الحبيبة.
في هذه المرحلة لم تعد الفتاة تفتقد الدُّمية طبعًا. لقد أعطاها كافكا شيئًا آخر بدلًا منها، ومع انتهاء تلك الأسابيع الثلاثة كانت الرسائل قد شفَتها من تعاستها. إن لديها قصَّة، وحين يكون المرء محظوظًا بما يكفي للعيش في قصَّة، أن يعيش في عالمٍ خيالي، فعندئذٍ تختفي آلام عالم الواقع، وكلما استمرَّت أحداث القصَّة لا يعود للواقع وجود.
*المترجم المصري هشام فهمي
رحيل بول أوستر.. الحياة نوع من انواع الخيال
علي حسين
توفي مساء امس الثلاثاء الروائي الامريكي الشهير بول أوستر بسبب مضاعفات سرطان الرئة ، وكانت زوجته الكاتبة " سيري هاستفيت " قد اعلنت في آذار من العام الماضي عن اصابته بمرض السرطان، وانه يخضع للعلاج في احدى مستشفيات نيويورك قائلة :" إنّني أعيش في مكان صرت أسمّيه بلاد السرطان" ، كان قد اصدر في كانون الثاني من هذا العام كتاب بمئة صفحة بعنوان " الشعب الدموي " – ترجمه الى العربية سعد البازعي - وفيه يتساءل عن السبب الذي جعل امريكا البلاد الاكثر عنفا في العالم ..يقول ان فكرة الكتاب خطرت له عندما جاءه زوج ابنته المصور" سبنسر أوستراندر "، ذات يوم منزعجا جدا من عنف السلاح الذي كان يراه من حوله ، قال له إنه قرر السفر في جميع أنحاء البلاد ، وتصوير مواقع جميع عمليات إطلاق النار الجماعية . وفي تشرين من العام الماضي صدرت روايته " بومغارتنر " – صدرت ترجمة عربية قام بها المترجم والباحث سعد البازعي - .. الرواية الثامنة عشر للكاتب الشهير وصفها الناشر بانها " رواية غنية بالحنان والذكاء، وعين أوستر الحريصة على الجمال فى أصغر اللحظات العابرة من الحياة العادية، يتساءل بومغارتنر: لماذا نتذكر لحظات معينة وننسى أخرى؟". ويضيف ان بول أوستر يقدم للقراء تحفة فنية ، تتألم مع اهتزازات الحب الدائم".
يقدم اوستر في " الشعب الدموي " وجهة نظره عما حل بامريكا في العقود الاخيرة من عنف بسبب استخدام السلاح ، سيقوم زوج ابنته بسلسلة من الرحلات على مدار عامين ونصف التقط خلالها عشرات الصور التي ما ان راها الروائي الشهير حتى قال له :" أعتقد أن هذه صور مقنعة للغاية ، وربما إذا جمعتها معا كنوع من الكتب ، يمكنني كتابة نص يتوافق معها." . قال لصحيفة الغارديان انه منذ منذ بداية حياته كان يعرف أن جده مات عندما كان والده صبيا صغيرا .. يقول ان كتابه " امة الدم هو محاولة لتأمل دور السلاح في التاريخ والمجتمع الأميركيين، وفي حياته هو الخاصة أيضاً، إذ ينبئنا عن تعرفه التدريجي على الأسلحة منذ ألعاب الطفولة إلى المسدسات التي جربها في المخيم الصيفي والبندقية ذات الفوهتين التي جربها في مزرعة صديق له، وينبئنا عن انضمامه إلى البحرية التجارية والتقائه بأشخاص من الجنوب الأميركي وعجبه من علاقتهم بالأسلحة النارية.
بعد ما يقرب اكثر من ثلاثين عاما وثمانية عشر رواية وكتب سيرة وقصص ومقالات ، من الصعب التفكير في كاتب أمريكي معاصر يثير مزيداً من النقاش مع كل عمل جديد مثل بول أوستر. يقول: «كل هذا غريب لدرجة أني لا أستطيع أن أتفهم كل هذا الاهتمام»، يرفض التحليلات النقدية المفرطة في المديح: " الكثير من النقاد لديهم وجهة نظر، ويحاولون التعبير عن هذا الموقف من خلال استخدامي كمثال. لكني أنا نفسي، أعيش في داخلي، لا أحاول أبداً وضع تسميات على ما أفعله. أنا فقط أتبع أنفي، فانا فنان الجوع الذي يحبّ رائحة الطعام" ، يجد أن ما يكتبه هو تمثيل للواقع الذي نعيشه كل يوم: " أحاول فقط تمثيل العالم كما مررت به. هذا ما تحتويه معظم كتبي" . ينتقد النقّاد الذين ينسون أنه بدأ حياته الأدبية شاعراً: " ما زلت أشعر أنني شاعر. لا أشعر أنني أكتب الروايات بالطريقة التي يكتب بها الآخرون الروايات. أعتقد أني شاعر رواية أكثر من روائي" .
يعترف بول أوستر أنه متأثر جداً بـ (صامويل بيكيت) الذي شاهده ذات يوم بوجهه المتجهم يجلس في إحدى مقاهي باريس، وحين قرر الاقتراب منه للسلام عليه، منعته ملامحة التي تشي بعدم الاهتمام بالآخرين، يشعر " بقرب غير عادي" من (إدغار ألن بو) و(ناثانيال هاوثورن) الكتّاب الأكثر رومانسية بالنسبة له لأنهم " كانوا أول من كتب بصوت أميركي أصيل" . يعترف بأن أعماله تحبط الأمريكيين وتغيظهم.
بول أوستر المولود في الثالث من فبراير عام 1947، يُعد من أشهر كتاب أمريكا في العقود الاهيرة ، يعترف أنه لا يطمح بالحصول على جائزة نوبل، يجد صعوبة في كتابة رواياته على الآلة الكاتبة، ويخشى استخدام الكومبيوتر، يكتب بقلم حبر، يعترف أن الكتابة باليد تتيح للكاتب الانغماس في السرد والشعور بأهمية عمله، يصرّ على تسمية هذه الطريقة بـ " القراءة بأصابعي"، ويعلّق قائلاً: " من المدهش أن عدد الأخطاء التي ستعثر عليها أصابعك لم تلاحظها عيناك قط، ولهذا كتبتُ دائماً باليد. في الغالب مع قلم حبر، ولكن في بعض الأحيان مع قلم رصاص، وخاصة بالنسبة للتصحيحات. إذا تمكّنتُ من الكتابة مباشرة على آلة كاتبة أو حاسوب، فسأفعل ذلك. لكن لوحات المفاتيح لطالما أرهبتني. لم أكن قادراً على التفكير بوضوح مع أصابعي في هذا الموقف. القلم يُشعرك أن الكلمات تخرج من جسدك ثم تحفر في الصفحة. الكتابة كانت دائما أشبه بملامسة شيء جيد. إنها تجربة مادية». يعترف أنه في بداياته كان شغوفاً بالآلة الكاتبة، ينظر إلى صورة هيمنغواي كيف يجلس أمام الآلة الكاتبة، فيقرر أن يقلده، فيشترى آلة كاتبة.
علي حسين
توفي مساء امس الثلاثاء الروائي الامريكي الشهير بول أوستر بسبب مضاعفات سرطان الرئة ، وكانت زوجته الكاتبة " سيري هاستفيت " قد اعلنت في آذار من العام الماضي عن اصابته بمرض السرطان، وانه يخضع للعلاج في احدى مستشفيات نيويورك قائلة :" إنّني أعيش في مكان صرت أسمّيه بلاد السرطان" ، كان قد اصدر في كانون الثاني من هذا العام كتاب بمئة صفحة بعنوان " الشعب الدموي " – ترجمه الى العربية سعد البازعي - وفيه يتساءل عن السبب الذي جعل امريكا البلاد الاكثر عنفا في العالم ..يقول ان فكرة الكتاب خطرت له عندما جاءه زوج ابنته المصور" سبنسر أوستراندر "، ذات يوم منزعجا جدا من عنف السلاح الذي كان يراه من حوله ، قال له إنه قرر السفر في جميع أنحاء البلاد ، وتصوير مواقع جميع عمليات إطلاق النار الجماعية . وفي تشرين من العام الماضي صدرت روايته " بومغارتنر " – صدرت ترجمة عربية قام بها المترجم والباحث سعد البازعي - .. الرواية الثامنة عشر للكاتب الشهير وصفها الناشر بانها " رواية غنية بالحنان والذكاء، وعين أوستر الحريصة على الجمال فى أصغر اللحظات العابرة من الحياة العادية، يتساءل بومغارتنر: لماذا نتذكر لحظات معينة وننسى أخرى؟". ويضيف ان بول أوستر يقدم للقراء تحفة فنية ، تتألم مع اهتزازات الحب الدائم".
يقدم اوستر في " الشعب الدموي " وجهة نظره عما حل بامريكا في العقود الاخيرة من عنف بسبب استخدام السلاح ، سيقوم زوج ابنته بسلسلة من الرحلات على مدار عامين ونصف التقط خلالها عشرات الصور التي ما ان راها الروائي الشهير حتى قال له :" أعتقد أن هذه صور مقنعة للغاية ، وربما إذا جمعتها معا كنوع من الكتب ، يمكنني كتابة نص يتوافق معها." . قال لصحيفة الغارديان انه منذ منذ بداية حياته كان يعرف أن جده مات عندما كان والده صبيا صغيرا .. يقول ان كتابه " امة الدم هو محاولة لتأمل دور السلاح في التاريخ والمجتمع الأميركيين، وفي حياته هو الخاصة أيضاً، إذ ينبئنا عن تعرفه التدريجي على الأسلحة منذ ألعاب الطفولة إلى المسدسات التي جربها في المخيم الصيفي والبندقية ذات الفوهتين التي جربها في مزرعة صديق له، وينبئنا عن انضمامه إلى البحرية التجارية والتقائه بأشخاص من الجنوب الأميركي وعجبه من علاقتهم بالأسلحة النارية.
بعد ما يقرب اكثر من ثلاثين عاما وثمانية عشر رواية وكتب سيرة وقصص ومقالات ، من الصعب التفكير في كاتب أمريكي معاصر يثير مزيداً من النقاش مع كل عمل جديد مثل بول أوستر. يقول: «كل هذا غريب لدرجة أني لا أستطيع أن أتفهم كل هذا الاهتمام»، يرفض التحليلات النقدية المفرطة في المديح: " الكثير من النقاد لديهم وجهة نظر، ويحاولون التعبير عن هذا الموقف من خلال استخدامي كمثال. لكني أنا نفسي، أعيش في داخلي، لا أحاول أبداً وضع تسميات على ما أفعله. أنا فقط أتبع أنفي، فانا فنان الجوع الذي يحبّ رائحة الطعام" ، يجد أن ما يكتبه هو تمثيل للواقع الذي نعيشه كل يوم: " أحاول فقط تمثيل العالم كما مررت به. هذا ما تحتويه معظم كتبي" . ينتقد النقّاد الذين ينسون أنه بدأ حياته الأدبية شاعراً: " ما زلت أشعر أنني شاعر. لا أشعر أنني أكتب الروايات بالطريقة التي يكتب بها الآخرون الروايات. أعتقد أني شاعر رواية أكثر من روائي" .
يعترف بول أوستر أنه متأثر جداً بـ (صامويل بيكيت) الذي شاهده ذات يوم بوجهه المتجهم يجلس في إحدى مقاهي باريس، وحين قرر الاقتراب منه للسلام عليه، منعته ملامحة التي تشي بعدم الاهتمام بالآخرين، يشعر " بقرب غير عادي" من (إدغار ألن بو) و(ناثانيال هاوثورن) الكتّاب الأكثر رومانسية بالنسبة له لأنهم " كانوا أول من كتب بصوت أميركي أصيل" . يعترف بأن أعماله تحبط الأمريكيين وتغيظهم.
بول أوستر المولود في الثالث من فبراير عام 1947، يُعد من أشهر كتاب أمريكا في العقود الاهيرة ، يعترف أنه لا يطمح بالحصول على جائزة نوبل، يجد صعوبة في كتابة رواياته على الآلة الكاتبة، ويخشى استخدام الكومبيوتر، يكتب بقلم حبر، يعترف أن الكتابة باليد تتيح للكاتب الانغماس في السرد والشعور بأهمية عمله، يصرّ على تسمية هذه الطريقة بـ " القراءة بأصابعي"، ويعلّق قائلاً: " من المدهش أن عدد الأخطاء التي ستعثر عليها أصابعك لم تلاحظها عيناك قط، ولهذا كتبتُ دائماً باليد. في الغالب مع قلم حبر، ولكن في بعض الأحيان مع قلم رصاص، وخاصة بالنسبة للتصحيحات. إذا تمكّنتُ من الكتابة مباشرة على آلة كاتبة أو حاسوب، فسأفعل ذلك. لكن لوحات المفاتيح لطالما أرهبتني. لم أكن قادراً على التفكير بوضوح مع أصابعي في هذا الموقف. القلم يُشعرك أن الكلمات تخرج من جسدك ثم تحفر في الصفحة. الكتابة كانت دائما أشبه بملامسة شيء جيد. إنها تجربة مادية». يعترف أنه في بداياته كان شغوفاً بالآلة الكاتبة، ينظر إلى صورة هيمنغواي كيف يجلس أمام الآلة الكاتبة، فيقرر أن يقلده، فيشترى آلة كاتبة.