Telegram Web Link
من كل بستان زهرة
Photo
توجهنا من مطار جدة إلى المدينة بعد جوع وتعب شديدين , وقد نام الكثير منهم الى أن وصلنا مشارف المدينة سحرا, فأحببت أن لا يمر ذلك الموقف دون أن أعطي للمدينة بعض حقها. إنها طيبة, مهبط الوحي, ودار هجرة الرسول الكريم (ص),ومجتمع المهاجرين والأنصار.

وقفت لأنبه الحجاج على إننا على مشارف المدينة, شرحت لهم عظمة هذه البقعة, ذكرتهم بأنها مهجر النبي(ص), فيها احد, ومنها انطلقوا إلى بدر, وفيها الخندق, هنا تزوجت فاطمة من علي, هنا ولد الحسن وولد الحسين, من هنا انتشر الإسلام, وفي هذه البقاع مشى الرسول وبلغ وخطب ودعا, هنا كسر ضلع فاطمة الزهراء(ع), هنا ظلمت,وهنا دفنت ,من هنا هاجر الإمام الحسين (ع) ليلا إلى مكة ومن ثم إلى كربلاء.
لعل الإمام زين العابدين (ع) لقي بشر بن حذلم في هذا المكان أو ذاك ليجوب أرجاء المدينة مرددا: يا أهل يثرب لا مقام لكم بها... ذكرتهم بمحنة العراقيين وأهمية الدعاء لهم, لتلك القلوب الكسيرة ,فضج الحجاج بالبكاء والنحيب وتأثر حتى السائق المصري بتلك الكلمات التي خرجت من القلب, وطال نحيبهم بعد جلوسي خصوصا السائق حتى ان أفراد الحملة أكرموه بمبلغ مالي جمعوه له لأنه أجهش بالبكاء لذكر مصائب أل البيت عليهم السلام.

لما أخذت من معي لزيارة النبي صلوات الله عليه وآله اقتربت من المسجد شيئا فشيئا إلى أن رأيت تلك القبة الخضراء الجميلة. فسلمت عليه (ص) ودخلت لأقترب من الحجرة المباركة للسلام مرة ثانية وثالثة ورابعة . وقد حرصت كل الحرص على أن أدخل بعمامتي للسلام عليه بأبي هو وأمي ,عشت مع كل فقرة من فقرات الزيارة بل مع كل كلمة من كلماتها ليبدأ لي معه صلوات الله عليه وآله حديث آخر غير مكتوب في ورق ولا مدون في كتاب.

كنت اغتنم بعض الأوقات للصلاة في الروضة المباركة ,محاولا الظفر بركعات قرب حجرة النبي(ص) وبيت فاطمة (ع), أو قرب اسطوانة التوبة والمنبر والمحراب ,تحت مأذنة بلال , أو على دكة الفقراء , اهدي الصلوات للمؤمنين وأسجل اسم من صليت له في دفتر صغير , لا أحس بالوقت ,ولا أمل من العبادة لولا التعب ومضايقة شرطة الحرم لنا, وجماعة النهي عن المعروف هنالك!!

🔹قبور شهداء احد
بقينا عدة أيام في المدينة وكانت من أسعد الأيام, كنت أخاطب جبل احد:بالله عليك يا احد يا من وصفتك الروايات انك من جبال الجنة، هلا وصفت لي رسول الله (ص), فقد مر عليك ووطئ أحجارك وسالت دماءه على سفحك.كنت أخاطب المدينة أريد لثم ثراها الطاهر فقد لامس أقدام سادتي الهداة الأبرار.
كنت التذ بقراءة القرآن وكأنني أقرأه للمرة الأولى .
زرنا أئمة البقيع والقبور الطاهرة هناك, وكان يوم زيارتهم يوم حزن وانكسار لقلوب المؤمنين .
زرنا مسجد قبا والمساجد السبعة وقبور شهداء معركة احد لاسيما قبر حمزة سيد الشهداء (علية السلام), وكم حزنا يوم زرنا الشهداء مع تذكرنا لوعة وأسى ذلك اليوم, خاطبت الحجاج بكلمات ذكرت فيها الشهادة وبذل النفوس لإعلاء صرح الدين, وبكاء النبي (ص), والزهراء (ع) طويلا على سيد الشهداء في هذا المكان بعد أن مثلوا بجسده الطاهر ، وان من هذا التراب صنعت الزهراء أول مسبحة في التاريخ.

بعد وداع النبي (ص) وأئمة البقيع وفاطمة الزهراء (عليهم السلام) وشهداء احد توجهنا إلى مسجد الشجرة- وهو ميقات قريب من المدينة المنورة- للاغتسال والإحرام لعمرة التمتع.
يا له من موقف عظيم وأنت تحمل ثيابك البيضاء بيدك, تتهيأ لنزع مخيط الثياب مع كل تعلقاتك بهذه الدنيا , تنظر إلى الرجال والنساء معك وكأنهم أناس آخرين وجوههم بيضاء مشرقة, لباسهم ابيض لا عقال ولا قبعة ولا عمامة ولا أية علامة من علامات الدنيا وعناوينها. انطلقت الحافلة وتعالت الأصوات وهي تردد (لبيك اللهم لبيك) بعد أن تجاوزنا المسجد ووصلنا إلى البيداء.
دخلنا مكة قبل أذان الفجر وما أن وضعنا أمتعتنا في الفندق حتى أسرعنا في الذهاب لأداء العمرة قبل شروق الشمس والوقوع في إشكال التظليل.

أفترق عني المتعهد ومساعده بسلوكه غير طريقنا إلى الطواف, تألمت كثيرا لذلك , فقد كنت أرجو الاستفادة من خبرتهم لا أنهم يدعوني لوحدي كالغريق أتكلف أمر الحجاج في هذا الموقف العصيب وأنا الحاج لأول مرة , لا أدري وسط هذا السيل الهادر من الحجيج هل انشغل بنفسي , أم بمن معي, أم أبقى انظر لتلك البنية التي حج إليها الملائكة قبل ادم (ع) بآلاف السنين , لقد تملكتني رهبة المكان بكل ما يحمل من عظمة وتقديس وتاريخ سحيق, الآن دخلت إلى بيت ربي , البيت الذي أستقبله في صلواتي وعند احتضاري ورقدتي , ها هي الكعبة أمامي, مكسوة بالحرير الأسود المطرز, أنظر إليها بأم عيني , لقد تحقق حلمي، ياامي لقد تحقق حلمي. يا كعبة التوحيد هلا أعدت علي مشهد صعود علي (ع) على ظهرك ليكسر الأصنام,
يا بنية إبراهيم الخليل (ع) أين كان يتعلق الإمام زين العابدين بأستارك يناجي ربه : الهي غلّقت الملوك أبوابها وأقامت عليها حرّاسها، وبابك مفتوح للسائلين...
من كل بستان زهرة
Photo
متى سيقف الأمام المنتظر(عج) قرب ركنك مناديا: ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين طرحوه عريانا , ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين سحقوه عدوانا..

حاولت جمع شتاتي فطفت بمن معي. وصلينا صلاة الطواف خلف المقام وشربنا ماء زمزم. كنا نسعى بين الصفا والمروة متذكرين عطش هاجر وبحثها الحثيث بين هذين الجبلين عن الماء لرضيعها الصغير إسماعيل الذبيح (ع),
قصرنا فتحللنا بذلك من الإحرام وسط فرح غامر وسعادة لا توصف , بعدها عدنا إلى الفندق حامدين الله على توفيقه لنا لأداء المناسك, لكن الإرهاق اخذ مأخذه مني, فغططت وأنا في الحافلة في نوم عميق. لأعود أنا وبعض الإخوة الشباب بالنساء مساءا لأداء مناسك العمرة, كانت العجائز تمسك بثوبي بقوة خائفات من الخطأ والزحام.
كان لنا بعد ذلك برنامج عبادي تضمن الطواف المستحب , واستلام الأركان, والدعاء عند المستجار والملتزم, والجلوس على الصفا لقراءة القرآن , إهداء الأعمال للمؤمنين, وزيارة مقبرة أبي طالب وخديجة(عليهما السلام) في الحجون, مع الصلاة جماعة في الفندق والمحاضرة التي تلي الصلاة .
سعيدة تلك الأيام التي عشناها في مكة, في التلذذ بقراءة القرآن وقراءة دعاء كميل في زاوية من زوايا البيت الحرام , في صلاة الليل وأنت تستغفر للمؤمنين وتقع عيناك أحيانا على الطائفين حول الكعبة التي تتربع كالتاج وسط ارض المطاف ,أو ترى طيور البيت الحرام وهي تحلق فوق رؤوس الطائفين والعاكفين والركع السجود .
هناك متعة يا أخواني حتى في التبضع من أسواق مكة وشراء الهدايا للأخوة والأحبة ,هذا مع شوقنا لرؤية عرفات وجبل الرحمة والمزدلفة ومنى والجمرات وغار حراء في جبل النور.

🔹الاحرام للحج
وهكذا إلى أن بدأ إحرام جديد للحج مع ما فيه من مناسك عظيمة .كانت ارض عرفات منطقة مفتوحة بهيجة ينشرح لها قلب الإنسان المؤمن ,كما تنفتح فيها أبواب السماء للداعين. التقطنا الحصى من المزدلفة وبتنا فيها ليلة العيد.

أما ارض الأمنيات منى فلن أنساها ولن أنسى أيامها الممتعة , ولا شمسها ولا رائحتها , ولا مسجد الخيف العظيم فيها. رمينا في يوم العيد جمرة العقبة في منى, ثم تتالت بعدها أعمال عديدة متعبة جدا لكنها لذيذة, ترانا تارة نذبح ونحلق وفي الليل ننام على الأرصفة في منى لأن مخيمنا خارج حدودها الشرعية هذا مع محاولات الشرطة إبعادنا عن المكان, وتارة اخرى نرمي الجمار، نركب أحيانا على ظهر الحافلة خوفا من التظليل لتفعل تلك الشمس المحرقة في وجهنا ما تفعل , طواف الحج وطواف النساء, مع ما في الإحرام من تروكات وممنوعات إلى أن تحللنا من إحرامنا وفرغنا من مناسكنا.

في أخر يوم لي في مكة كان لابد من اتيان العمل الاصعب، انه الوداع ،طفت مودعا طواف الوداع وكان حالي حال العشاق الذين افتضحوا في وقت الرحيل.ماذا اصنع ،هذه هي اللحظات الأخيرة ويبدأ الفراق ؟ لويت كالمسكين عنقي , استجدي الرحمة من ربي , الهي سائلك فقيرك مسكينك ببابك فتصدق علية بالجنة, لا تجعله آخر العهد من زيارة بيتك , فعبدك لا يقوى على طول الفراق , آئبون تائبون عابدون إلى ربنا حامدون , إلى ربنا راغبون , إنا لله وانا اليه راجعون....خرجت دون ان التفت الى الوراء حتى لا اضعف اكثر من ذلك.
حزمنا حقائبنا وأمتعتنا وانطلقت بنا الحافلة إلى مطار جدة لنقضي ليلة باردة بتنا فيها في العراء منتظرين موعد الطيران , وفي اليوم التالي عدنا لأرض الوطن , أرض الأنبياء والأولياء لتنتهي رحلة كان لها ابلغ الأثر في حياتي , عدت وأنا لا أتصور أن الحاج بعد ذلك سيعصي الله طرفة عين .
قال لي بعض الأخوة من الطلبة: لم لا تعيد حجتك الأولى احتياطا اذا وفقك الله للحج مرة أخرى ؟.
فأجبته: وهل سأحج يوما كحجتي الأولى؟؟
اعتمرت كثيرا وحججت بعد ذلك اكثر وما زلت عندما ادخل البيت الحرام يترائي لي انني ادخله للمرة الاولى...
لم يبقى الا نكرة متهتكة فاسقة مبتذلة تقيم رجل دين تدين له الارض والانسانية بفضله واعماله ، يأتم بهِ الملايين ..
‏من هوان الدنيا ان يتصدر المشهد من لايفقه من العلم شيئا ، ليعلم من بهِ تقتدي الامم
اسعد الله ايامكم وكل عام وانتم بخير
( ياعمار اذا رأيت عليًّا قد سلك واديًا وسلك الناس واديًا غيره فإسلك مع عليّ و دع الناس فإنه لن يدلك على ردى ولن يخرجك من هدى ..)

النبي الأكرم محمد (صل الله عليه واله)
على العهد معك يا نائب الموعود
ونحن على مشارف أيام الحزن ..
لمن ستعطي عقلك .. افيدونا بأسماء
أفاضل أجتهدوا بالتحصيل والعلم
كل #رادود او #شاعر لا يرجع بقصائده للعلماء واهل العلم فهو يروج للباطل
وكل #صاحب_هيئة لا يختار الرادود او الخطيب وفقا لاستشارة العلماء واهل العلم
فهو يفسد في دين الناس ويروج الباطل ويحارب مبادئ الامام الحسين (ع) من حيث لا يعلم
أغلب المذاهب الفاسدة مع الاسف الشديد تنتشر في المجالس التي لا صلة لها بالعلماء واهل العلم
2024/11/16 06:53:24
Back to Top
HTML Embed Code: