Telegram Web Link
قال السعدي - رحمه الله - :

" من كان قصده في دعائه التقرب إلى الله بالدعاء، وحصول مطلوبه؛ فهو أكمل بكثير ممن لا يقصد إلا حصول مطلوبه فقط، كحال أكثر الناس.
وهذا من ثمرات العلم النافع؛ فإن الجهل منع الخلق الكثير من مقاصد جليلة، ووسائل جميلة
".


📕 [ الفتاوى السعدية 51 ]
#وجدانيات

قال أبو حيان التوحيدي من أئمة البلاغة والبيان في الأدب العربي في كتابه البديع " الصداقة والصديق" :

" قلت لأبي سليمان محمد بن ظاهر السجستاني: إني أرى بينك وبين ابن سيار القاضي ممازجة نفسية، وصداقة عقلية، ومساعدة طبيعية، ومواتاة خلقية، فمن أين هذا؟ وكيف هو؟

فقال:

يا بني، اختلطت ثقتي به بثقته بي فاستفدنا طمأنينة وسكونًا لا يرثان على الدهر، ولا يحولان بالقهر ...

فبيننا مشاكلة عجيبة ومظاهرة غريبة، حتى أنَّا نلتقي كثيرًا في الإرادات، والشهوات، والطلبات، وربما تزاورنا فيحدثني بأشياء جرت له بعد افتراقنا من قبل فأجدها شبيهة بأمور حدثت لي في ذلك الأوان حتى كأنها قسائم بيني وبينه، أو كأني هو فيها أو هو أنا ...


فقلت: هل تجد عليه في شيء، أو يجد عليك في شيء؟

فقال: وجدي به في الأول قد حجبني عن موجدتي عليه في الثاني،

على أنه يكتفي مني فيما خالف هواي باللمحة الضئيلة، وأكتفي أنا أيضًا منه في مثل ذلك بالإشارة القليلة، وربما تعاتبنا على حال تعرض على طريق الكناية عن غيرنا كأننا نتحدث عن قوم آخرين، ويكون لنا في ذلك مقنع، وإليه مفزع،

وقلما نجتمع إلا ويحدثني عني بأسرار ما سافرت عن ضميري إلى شفتي، ولا ندت عن صدري إلى لفظي، وذاك للصفاء الذي نتساهمه، والوفاء الذي نتقاسمه، والباطن الذي نتفق عليه، والظاهر الذي نرجع إليه، والأصل الذي رسوخنا فيه، والفرغ الذي تشبثنا به،

والله ما يسرني بصداقته حمر النعم .

وإذا كنت أعشق الحياة لأني بها أحيا، كذلك أعشق كل ما وصل الحياة بالحياة وجنى لي ثمرتها، وجلب إليَّ روحها، وخلط بي طيبها وحلاوتها " .
‏﴿أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾

‏وإذا كان هذا الكلام للنبي ﷺ فمن دونه أولى، فنحن لسنا وكلاء على من عصوا الله ولا على من فسقوا عن أمره، إنما علينا البلاغ والدعوة، وعلى الله سبحانه وتعالى الحساب:

‏﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾

العلامة ابن عثيمين .
‏اللهم امنحني قوة البصيرة كي أعرف خطئي وتقصيري
‏وارزقني الإنصاف لأرى فضائل غيري ومحاسنه.
يشرَعُ للمصلِّي بعد انتهائِهِ مِن الصلاةِ على النبيِّﷺَأن يستعيذَ باللهِ مِن أربعٍ: مِن عذابِ جهنَّمَ، وعذابِ القَبْرِ، وفتنةِ المَحْيا والمماتِ، وفتنةِ المسيحِ الدجَّال.

🔻وقد اختلَفَ أهلُ العلمِ في حكمِ هذه
الاستعاذاتِ الأربع:

1 ـ فذهَبَ جُلُّ أهلِ العلمِ إلى أنَّها سُنَّةٌ ليست واجبة.
2 ـ وذهَبَ بعضُ السلَفِ: إلى وجوبِها.
وهو قولٌ قويٌّ ؛ لأنَّ الرسولَﷺَأمَرَ بالاستعاذةِ منها؛ فقال: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ...» الحديثَ.
بل جاء عن طاوسٍ رحمه الله ـ كما في «صحيحِ مسلِمٍ» ـ أنَّه قال لابنِهِ: أدعَوْتَ بها في صلاتِكَ؟ فقال: لا، قال: أَعِدْ صلاتَك!
واستدَلَّ الجمهورُ: بقولِهِﷺَ: « ... ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو» ؛ ففي هذا الحديثِ وما في معناه ذِكْرُ الاختيار.
[سلسلة قواعد في الجرح والتعديل]

💡القاعدة الثالثة:
💎(معرفة اصطلاحات النُّقاد الذين يحكمون على الرواة)

🔻 فالناظر في هذا الأمر يجد أن لكل ناقد من النقاد اصطلاح خاص به ، وهذه الاصطلاحات تختلف من شخص لآخر فمثلا: مصطلح ثقة ، أحيانا قد يختلف من شخص لأخر ، فتقدم أن هناك من يطلق الثقة بمعنى العدالة ، وهناك من يطلق الثقة ويريد بها العدالة ولكنه يقيد ذالك بمعنى يريد مقصودة.
ومن ذلك تجد أن يعقوب بن شيبة السدوسي يحكم على راوٍ بأنه ثقة أي عدل في ذاته ، مستقيم في قوله وعمله لكنه سيئ، وكذلك لا بأس به ، تختلف باختلاف النقاد ، والأصل في لا بأس به أنه وسط ، وأنه صدوق ، وقد قصر عن الثقة.
• ولكن هناك من يطلق لا بأس به بمعنى الثقة ، مثل: ما نقل عن يحيى بن معين ، قال ابن أبي خيثمة : قلت ليحيى بن معين فلان ليس به بأس ، وفلان ضعیف ، قال : إذا قلت لك ليس به بأس فهو ثقة ، وإذا قلت لك هو ضعيف فليس هو بثقة ، لا يكتب حدیثه، وغيره أحياناً يستعمل كلمة لا بأس به بمعنى ثقة .
وهناك من يستخدم لا بأس به بمعنى أن هذا الراوي ليس بكذاب.

• ومثل ما يستعملها أحيانا ابن عدي ، فيقول : أرجو أن لا بأس به ، وهذا يطلقه على الثقة والصدوق والضعيف.
ومثل أيضا قول البخاري فيه نظر ، يقصد به أن هذا الراوي له ما يستنكر ، وقد يكون هذا الراوي ضعيف ليس له من الحديث إلا القليل وحكم على أنه فيه نظر ، فهذا دليل على أنه منكر الحديث ، ضعيف جدا ، مثل ما حكم على رشدين بن سعد ، قال : منكر الحديث ، وقال في مكان آخر : فيه نظر .
فإن كان معه أحاديث كثيرة ، ووجد أن هذه التي تستنكر قليلة ، فيكون هذا الرجل صدوق ، لكن له أشياء تستنكر عليه ، وإن كان له أحاديث قليلة فهذا منكر الحديث ، وهذا بالاستقراء.
وتقريبا حكم على مئة راوٍ بأنه (فيه نظر) ، وعندما ستقرئ هؤلاء الرواة الذين قال فيهم فيه نظر تجد أن الذي يجمعهم هو أن لهم أشياء تستنكر ، فقد تكون كثيرة فهذا يسقط الراوي ، وقد تكون قليلة وله أحاديث كثيرة فهذا يخدش في الراوي ويؤثر ، ولكن لا يُسقط حديثه .
• كذلك أيضا الجوزجاني كما تقدم لنا ، يقول عمن وصف بالتشيع فلان زائغ ومفتر ، فإن لم تعرف اصطلاحه وأنه قد جرى عليه ، فهنا لا تتأثر بهذا الحكم الذي حكم به الجوزجاني على هذا الراوي .
• كذلك أيضا مقارب الحديث ، يستخدمها الإمام أحمد والبخاري ويقصدون بها أن حديثه مقارب لحديث الثقات .
• وكذلك إبراهيم الحربي يقول عن الراوي إذا أراد أن يضعفه: غيره أوثق منه ، فإذا لم تعرف مصطلح إبراهيم الحربي فقد تظن أنه ثقة .
• كذلك الترمذي يقول ليس بحافظ وقصده من ذلك تضعیفه، وأحيانا تضعيفه الشديد ،
• كذلك البزار : قال عن معاوية بن يحيى الصدفي : ليس يحافظ ، وهو شديد الضعف ، فقد ياتي شخص ويقول أن البزار قوى الصدفي ، ولم يضعفه تضعيفا شديداً ، بينما هو ضعفه تضعيفا شديداً بهذا الذي يستعمله .
أيضا البيهقي يستخدم عبارات فيها بعض اللين .
ومثل تصرف البخاري حيث قال : أرجو أن ألقى الله عز وجل ولا يحاسبني بأني اغتبت إنسان.
فكان -رحمه الله- يطلق عبارات لينه ، وعبارات قد يظن الشخص أنه ليس فيها جرحا ، مثل: (سكتوا عنه) ، هذه عبارة شديدة عند البخاري ، وقد يظن الشخص أن هذا ليس بشدید الضعف ، وإنما (سكتوا عنه) ، وقد يفهم البعض من كلام البخاري أنه مستور ، ولكن قصده تضعيف هذا الراوي تضعيفاً شديداً.

• فلابد من معرفة هذه الاصطلاحات حتى تستطيع أن تحكم على الراوي بالحكم الذي يليق بحاله.
قال #ابن_الجوزي - رحمه الله - :

"مِنَ العجَب إلحاحُك في طلب أغراضِك! وكلما زاد تعويقها زاد إلحاحُك!
وتنسى أنها قد تمتنع لأحد أمرين:
إما لمصلحتِك، فربما طلبت معجل أذى،
وإما لذنوبك فإنَّ صاحب الذنوب بعيدٌ عنِ الإجابة، فنظِّف طرق الإجابة مِن أوساخ المعاصي،
وانظر فيما تطلبه، هل هو لإصلاح دينِك، أو لمجرد هواك؟
فإن كان للهوى المجرد، فاعلم أنَّ مِن اللطف بك والرحمة لك تعويقَه، وأنت في إلحاحك بمثابة الطفل يطلب ما يؤذيه، فيُمنع رفقًا به،
وإن كان لصلاح دينِك، فربما كانت المصلحةُ تأخيرَه، أو كان صلاح الدين بعدمه".

📋صيد الخاطر
#رشفات


" جسدٍ كنت تعمُرينه.."

بقلم : أ.أفنان بنت نافع النافع.



عبارة حلقت بي إلى فضاء رحب، أخذت بتلابيب قلبي
عبارة تتشوف الروح إلى سماعها
ويا سعد من حظي بها!

سمعتها على حين غرة، فنخرت فؤادي ففته فتًا، وذلك حين كانت الروح تحلق وهي تسمع كلام الحبيب محمد ﷺ، في برنامج "عليكم بسنتي".
حيث قرأ القارئ حديث نبينا ﷺ عن أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين.
فأخبر أن روح المؤمن تخرج من جسده طيبة فتتلقاها الملائكة وتحتفي بها فتقول: روح طيّبة جاءت من قِبَل الأرض.

ثم تدعو لهذه الروح بالرحمات فتقول: "صلى الله عليكِ وعلى جسد كنت تعمرينه"

(جسد كنت تعمرينه)
ما أعظم هذا المعنى الذي ذكرته الملائكة
وما أشد وقعه على الفؤاد!

هرولت سريعا للوقوف على معناه عند شراح الحديث فغشيني ما غشيني عند تأمل معناه!

قال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "تعمرينه" إستعارة شُبِّه تدبيرها البدن بالعمل الصالح بعمارة من يتولى مدينة، ويعمرها بالعدل والإحسان.

وقال القرطبي: "صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه" الصلاة هنا بمعنى الرحمة، وهذا يدلّ على أن الروح كالساكن في المنزل، فهو عامره ومدبره.

الروح كالساكن في المنزل
فالساكن يُصلح ويبني أو يفسد ويهدم !

فيا ليت شعري كيف عمرت أرواحنا أجسادنا؟!
ويا ليت شعري من منا ستصعد روحه طيبة ويسمع هذا الدعاء من ملائكة الرحمن؟!

فيا سعد من عمرت روحه جسده بما يقرب إلى الله من صلاة وصيام وذكر وبر وحسن خلق وإيمان.
ويا خسارة من ضيع عمرانها فيما ينفع، فهدم وأفسد حتى صار وبالًا على جسده، فكان خصمه يوم الأشهاد، فشهد عليه بما اقترف من منكر وعصيان:

{حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
هل يجوزُ لأُولي الأحلامِ والنُّهى أن يؤخِّروا مَن اصطَفَّ في الصفِّ الأوَّلِ خلف الإمامِ وأخذُ مكانِهم في حالِ تأخُّرِهم؟

الجواب : لا يُشرَعُ لهم ـ والحالُ هكذا ـ أن يؤخِّروا مَن سبَقَهم إلى الصلاة؛ لأنَّهم فرَّطوا في هذا الحقِّ، فيُلزَمونَ بعاقبةِ تقصيرِهم.
وهل هذا الأمرُ على إطلاقِهِ أو يُستثنى منه الأطفال؟
فأقول: بالنسبةِ لتأخيرِ الأطفال، فنقولُ: لا يخلو الطِّفلُ إمَّا أن يكون مميِّزًا، أو صغيرًا لا يميِّز:
فإن كان الطِّفلُ الذي صفَّ خلف الإمامِ مميِّزًا ويَعقِلُ الصلاةَ: فيُترَكُ ولا يُؤخَّرُ؛ لأنَّه سابقٌ إلى الصفِّ.
وأمَّا إن كان صغيرًا لا يميِّزُ، ويُخشَى منه أن يَلعَبَ في الصلاةِ: فيُؤخَّرُ؛ لأنَّه بلَعِبِهِ يَشغَلُ الإمامَ ومَن بجانبِه، ويشوِّشُ على الجماعة، وقد يبدو له أن يترُكَ الصفَّ وينصرِفَ فيجعَلَ فيه خَلَلاً؛ لذا وجَب تأخيرُه.
وقد ذهَبَ بعضُ الصحابةِ رضي الله عنهم : إلى جوازِ تأخيرِ الصَّبِيِّ، والصلاةِ في مكانِه؛ وإلى هذا ذهَبَ أُبَيُّ بنُ كعبٍ رضي الله عنه، ولعلَّ الأَوْلى ما تقدَّم، واللهُ تعالى أعلَم.
‏﴿أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾

‏وإذا كان هذا الكلام للنبي ﷺ فمن دونه أولى، فنحن لسنا وكلاء على من عصوا الله ولا على من فسقوا عن أمره، إنما علينا البلاغ والدعوة، وعلى الله سبحانه وتعالى الحساب:

‏﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾

العلامة ابن عثيمين .
قال تعالى : ﴿لَّا یَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ فَلَیۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِی شَیۡءٍ إِلَّاۤ أَن تَتَّقُوا۟ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةࣰۗ وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [آل عمران ٢٨]


قال الشيخ محمد اﻷمين الشنقيطي صاحب تفسير أضواء البيان رحمه الله :

" وأما إن كان المسلمون الذين تغلَّبَ عليهم الكفار لا صريخ لهم من المسلمين يستنقذهم بضَمِّهم إليه؛

فمُوَالاتهم للكفار بالظاهر دون الباطن لدفع ضررهم جائزةٌ بنَصِّ القرآن العظيم،

وهو قوله تعالى: (... إلا أن تتقوا منهم تقاة). "


من كتاب رحلة الحج للشيخ رحمه الله ص ٩٠ .
قال تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [145:البقرة].

قال العلامة السعدي:

"كان النبي صلى الله عليه وسلم من كمال حرصه على هداية الخلق يبذل لهم غاية ما يقدر عليه من النصيحة، ويتلطف بهدايتهم، ويحزن إذا لم ينقادوا لأمر الله، فكان من الكفار، من تمرد عن أمر الله، واستكبر على رسل الله، وترك الهدى، عمدًا وعدوانًا، فمنهم: اليهود والنصارى، أهل الكتاب الأول، الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم عن يقين، لا عن جهل، فلهذا أخبره الله تعالى أنك لو {أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ}، أي: بكل برهان ودليل يوضح قولك ويبين ما تدعو إليه، {مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} أي: ما تبعوك، لأن اتباع القبلة، دليل على اتباعه، ولأن السبب هو شأن القبلة، وإنما كان الأمر كذلك، لأنهم معاندون، عرفوا الحق وتركوه، فالآيات إنما تفيد وينتفع بها من يتطلب الحق، وهو مشتبه عليه، فتوضح له الآيات البينات، وأما من جزم بعدم اتباع الحق، فلا حيلة فيه.

وأيضًا فإن اختلافهم فيما بينهم، حاصل، وبعضهم، غير تابع قبلة بعض، فليس بغريب منهم مع ذلك أن لا يتبعوا قبلتك يا محمد، وهم الأعداء حقيقة الحسدة.

وكذلك إذا تبين الحق بأدلته اليقينية، لم يلزم الإتيان بأجوبة الشبه الواردة عليه، لأنها لا حد لها، ولأنه يعلم بطلانها، للعلم بأن كل ما نافى الحق الواضح، فهو باطل، فيكون حل الشبه من باب التبرع ".
ب: فِـي فَضائِلِ عُثْمانَ بْنِ مَظْعُونٍ ﵁

٢٣١٩. (خ) (٧٠١٨) عَنْ خارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ؛ عَن أُمِّ العَلاءِ وهِيَ امرَأَةٌ مِن نِسائِهِم بايَعَت رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَت: طارَ لَنا عُثْمانُ بنُ مَظعُونٍ ﵁ فِي السُّكنى حِينَ اقتَرَعَت الأَنصارُ عَلى سُكنى المُهاجِرِينَ، فاشتَكى، فَمَرَّضناهُ حَتّى تُوُفِّيَ، ثُمَّ جَعَلناهُ فِي أثوابِهِ، فَدَخَلَ عَلَينا رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقلت: رَحمَةُ اللهِ عَلَيكَ أبا السّائِبِ، فَشَهادَتِي عَلَيكَ لَقَد أكرَمَكَ اللهُ، قالَ: «وما يُدرِيكِ؟» قلت: لا أدرِي واللهِ، قالَ: «أمّا هُوَ فَقَد جاءَهُ اليَقِينُ، إنِّي لأرجُو لَهُ الخَيرَ مِن اللهِ، واللهِ ما أدرِي وأَنا رَسُولُ اللهِ ما يُفعَلُ بِي ولا بِكُم». قالَت أُمُّ العَلاءِ: فَوَ اللهِ لا أُزَكِّي أحَدًا بَعدَهُ، قالَت: ورَأَيتُ لِعُثمانَ فِي النَّومِ عَينًا تَجرِي، فَجِئتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَذَكَرتُ ذَلكَ لَهُ، فَقالَ: «ذاكِ عَمَلُهُ يَجرِي لَهُ».

جامع الصحيحين
• في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" ما رأيت النبيﷺَيتحرى صيام يوم فضله على غيره؛ إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان.

• حتى إن صيامه كان مشهورًا عند الأمم الأخرى؛ فقد ثبت في الصحيحين أن اليهود كانوا يصومونه، وأن قريشًا كانت تصومه، فيحسن بالمسلم أن لا يفرّط في هذا الثواب والأجر.

• وكذلك يسن له أن يصوم التاسع مع العاشر، كما في صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع".

• وإذا صام ثلاثة أيام فهذا حسن؛ لأنه قد جاء في السنة استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر.

•وأما حديث: " صوموا يومًا قبله ويومًا بعده" وفي رواية: "أو" فهذا لا يصحّ فيه داود بن علي لايحتج به.

• وإن اقتصر على صيام العاشر فقط فهذا حسن أيضًا، لكن الأول أفضل.
وقد بقي النبيﷺَسنوات وهو يصوم العاشر فقط.
حكم الخشوع في الصلاة
--------------

إن الخشوع ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الخشوع الواجب؛ الذي لابد منه لصحة الصلاة.
والمقصود به طمأنينة أعضاء المصلي أثناء الصلاة، وهذا ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمسيء صلاته: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً...).
فأمر رسول الله المسيء صلاته بالطمأنينة؛ لأنها ركن من أركان الصلاة.
القسم الثاني: الخشوع المستحب؛ الذي لو لم يأت به المصلي في صلاته لصحت وأجزأته، لكن ينقص أجرها.
ومنه تدبر ما يقوله المصلي، أو ما يسمعه من الإمام أثناء الصلاة، واستحضار أنه في صلاة، وأنه واقف بين يدي الله تعالى.
فهذا الخشوع إذا لم يأت به المصلي فإن صلاته صحيحة، وهذا مذهب جل أهل العلم خلافاً لأبي حامد الغزالي رحمه الله، فقد نُقل عنه أنه رأى أن من لم يأت بهذا الخشوع فصلاته باطلة ولا تجزئه ويلزمه إعادتها، وهذا القول فيه نظر؛ لأنه ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها) وهذا الحديث يفيد أنه لا يكتب للإنسان من صلاته إلا ما عقل وتدبر ما يقوله أو يسمعه من الإمام، وهذا يعني أن صلاته صحيحة، إلا أنه ينقص من أجرها والثواب عليها بقدر ما فاته من الخشوع فيها.
فينبغي للمسلم أن يعتني بأمر الخشوع كثيراً؛ لأنه بلا شك هو لب وروح الصلاة، وهو المكمل لها.
- قال حمد بن عتيق في «سبيل النجاة والفكاك» :
"فأما معاداة الكفار والمشركين، فاعلم أن الله سبحانه وتعالى : أوجب ذلك وأكد إيجابه، وحرم موالاتهم وشدد فيها، حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا، بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده".
البركة الخير الكثير، وهي على قسمَيْن:

الأوَّلُ: برَكةٌ تَلِيقُ بالخالقِ سبحانه وتعالى:
وهي البرَكةُ التي تكونُ مِن اللهِ عزّ وجل فهو المبارِكُ سبحانه وتعالى يُعطِي البرَكةَ لمَن يشاءُ مِن عبادِهِ.

الثاني: برَكةٌ تكونُ في المخلوق:
وهي برَكةٌ جعَلَها اللهُ سبحانه وتعالى في بعضِ عبادِهِ ومخلوقاتِه:
ومِن الأمثلةِ على البرَكةِ التي جعَلَها اللهُ في عبادِهِ ومخلوقاتِه:
1 ـ الأنبياءُ عليهم السلام : فلا شكَّ: أنَّهم مبارَكون، وأنَّ البرَكةَ التي فيهم تتعدَّى إلى غيرِهم، ومنهم:
2 ـ الرسولُ صلّى الله عليه وسلّم : فقد كان الصحابةُ رضي الله عنهم يتبرَّكون بشَعَرِهِ وبُصاقِهِ وبالماءِ الذي لامَسَ جسدَه؛ كما ورَدَ في «الصحيحَيْنِ»: «أنَّه صلّى الله عليه وسلّم إذا توضَّأ كادُوا يقتتِلون على وَضُوئِهِ».
فكانت بركتُهُ صلّى الله عليه وسلّم متعدِّية.

وأمَّا برَكةُ الأولياءِ والصالحِينَ، فهي غيرُ متعدِّية.
3 ـ فالأولياءُ والصالحون وأهلُ العلمِ فيهم برَكةٌ في أقوالِهم وأفعالِهم، فيعلِّمون الناسَ الخيرَ؛ لأنَّهم على الحقِّ والهُدى، وكثيرًا ما يَهدِي بهم اللهُ عزّ وجل مَن ضلَّ عن الصراطِ المستقيم.
فهذه البرَكةُ تكونُ في أعمالِهم؛ لأنَّها موافِقةٌ للحقِّ والهُدى والصواب، فعندما يراها غيرُهم يقتدِي بهم في تلك الأعمال، فتكونُ أعمالُهم حاثَّةً للناسِ على فِعْلِ الخيرِ، واتِّباعِ الحق.
4 ـ ومِن ذلك أيضًا: ماءُ زَمْزمَ : ففيه برَكةٌ؛ كما ثبَتَ في حديثِ أبي ذرٍّ رضي الله عنه عند مسلِمٍ: «إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» ، وزاد أبو داودَ الطَّيَالِسيُّ: «وَشِفَاءُ سُقْمٍ» .
فالبرَكةُ الموجودةُ في هذا الماءِ: أنَّه طعامٌ يُشبِعُ الجائع، وشفاءٌ للسُّقْم.
5 ـ ومِن ذلك أيضًا: العَسَل ؛ كما قال عزّ وجل: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] .
6 ـ ومِن ذلك أيضًا: البرَكةُ في المسجِدِ الحرامِ ؛ فتُضاعَفُ فيه الصلاةُ إلى مِئَةِ ألفِ صلاةٍ.

لكن ممَّا ينبغي التنبُّهُ له : أنَّ بعضَ الناسِ ـ والعياذُ باللهِ ـ يتبرَّكُ ويتمسَّحُ ببعضِ الأولياءِ والصالحِين، أو بجُدْرانِ الحَرَم، وما شابَهَ ذلك؛ فهذا مِن الشِّرك، وهو على قسمَيْن:

1 ـ إن كان يعتقِدُ أنَّ هذا الذي يتبرَّكُ به يستقِلُّ بالبرَكةِ: فهذا شِرْكٌ أكبَر.
2 ـ أمَّا إن كان يعتقِدُ أنه مجرَّدُ سببٍ، وأنَّ المبارِكَ هو الله: فهذا شِرْكٌ أصغَر.
📌وجوبُ الدّعوة إلى الله عزوجل:

جعل الله من صفات المؤمنين الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر،فمن لم يتصف بصفاتهم فليس منهم؛ ويزيد هذا الأمر وضوحاً أنّ الله قرن ذلك بصفات هي بالاتفاق مفروضة على كلّ مؤمن، ومع ذلك قدم صفة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر على هذه الصفات التي هي مفروضة؛ فدلّ ذلك على الوجوب، كما في قول الله تعالى:
{وَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُم اللَّهُُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
«ورُبَّ زَواجٍ حَدثَ مِنهُ ولدٌ مِثلَ الشَّافعِيِّ وأحمَدَ بن حنبلٍ فكانَ خيرًا مِن عِبادةِ ألفِ سَنةٍ».

ابنُ الجَوزِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-.
[ تَلبيسُ إبلِيس || ٢٦٣ ]
2025/07/14 11:52:22
Back to Top
HTML Embed Code: