Telegram Web Link
العاقل من يرى فيما يقال عنه تنبيهاً لأخطائه، والأحمق يرى فيها محض إيذائه.
المعصية سجن وشؤم وعار، والطاعة حرية ويمن وفخار.
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

◣ الاحد ◢
٢٧/ جمـ➅ـادى الثاني/١٤٣٨هـ
26/ مـــــــ③ـــــارس/ 2017مـ
❂:::ــــــيــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
‌‌‏
‌‌‌‌‌‌‏لو فرج الله عن يوسف في أول ابتلائه، لما آلت إليه خزائن مصر،والتمكين في الارض...
قد يطول البلاء ليعظم العطاء!
﴿وكذلك مكنا ليوسف في الأرض﴾.

صبــــاح الصبر على البلاء..
تمشَّى الباطل يوماً مع الحق
فقال الباطل: أنا أعلى منك رأساً.
قال الحق: أنا أثبت منك قدماً.
قال الباطل: أن أقوى منك.
قال الحق: أنا أبقى منك.
قال الباطل: أنا معي الأقوياء والمترفون.
قال الحق: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ )
قال الباطل: أستطيع أن أقتلك الآن.
قال الحق: ولكن أولادي سيقتلونك ولو بعد حين.
من أوتي حسن الخلق لا عليه ما فاته من الدنيا.
*ماهو الجلوس الثمين *
جلوس لا يقدر بثمن

🌿🌺 قال ابن باز رحمه الله :

الجلوس بعد السلام من الصلاة المكتوبة من أعظم الأوقات التي تنزل فيها رحمة الله عز وجل على العبد، لاتستعجل بالقيام، استغفرالله، سبح الله، واحمد الله، وهلّل وكبر .

🌺قال ابن بطال رحمه الله:

من كان كثير الذنوب وأراد أن يحطها الله عنه بغير تعب، فليغتنم ملازمة مصلاه بعد الصلاة ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له .

جلوس لايقدر بثمن
قال رجلٌ لرسول ﷺ:
كيف أقول حين أسأل ربي؟
فقال ﷺ قل:
اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني، فإن هؤﻻء تجمع لك دنياك وآخرتك. -
📌 فائدة 📌

جاء عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ :

( كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .

قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ :
رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ .

فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قَالَ : أَنَا . قَالَ : رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُُ )
📌 فائدة 📌

صلاة الضحــى .. عافية لـ ٣٦٠ مفصل من بدنك.!

من يطلب الصحة والعافية والدواء والشفاء من العلل والامراض فليطلبها في الصدقة عن مفاصلة بصلاة الضحى:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
يُصبِحُ على كلِّ سُلامَى من أحدِكم صَدقةٌ؛ فكلُّ تَحميدةٍ صدقةٌ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ، وأمْرٌ بالمعروفِ صَدقةٌ، ونهيٌ عن المنكَرِ صدقةٌ، ويُجزِئُ عن ذلك ركعتانِ يَركعُهما من الضُّحَى.
مسلم

قال ابن دقيق العيد:
أي: يكفي من هذه الصدقات عن هذه الأعضاء ركعتان، فإن الصلاة عملٌ لجميع أعضاء الجسد فإذا صلى فقد قام كل عضو بوظيفته. اهــ .

كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
يُصلِّي الضحى أربعًا، ويَزيد ما شاءَ الله.
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

◤ الاثنين ◥
٢٨/ جمـ➅ـادى الثاني/١٤٣٨هـ
27/ مـــــــ③ـــــارس/ 2017مـ
❂:::ــــــيــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
‌‌‏
‌‌‌‌‌‌‏الوعي في العقول وليس في الأعمار ،
فالأعمار مجرد عداد لأيامك ،
أما العقول فهي حصاد فهمك
وقناعاتك في الحياة .

صبــــاح الوعي..
🎤
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
قصة اصحاب السبت دروس وعبر1⃣
للاســــــتاذ/ مـــحـــمـــــــــد الجـــــــــرافـــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمدلله رب العالمين، والصلاة
والسلام على اشرف المرسلين وامام
المتقين وسيد الناس اجمعين .

أما بعد عباد الله :
مَعَ القَصَصِ تُصْغِي الاسماع
وَتْنَجَذِبُ النُّفُوسُ، وَتَسْتَرْسِلُ
المشاعر، وبالقِصَّةِ يَزْدَانُ الوَعْظُ،
وَيَحْسُنُ التَّوجِيْهُ، وَيَكْمُلُ التَّذْكِيْرُ .

ولِذَا تَبَوَّأَت القَصَصُ مَكَانَةً وَاسِعَةً
في آياتِ القرآنِ وَهِدَاياتِه وَإِرْشَادَاتِهِ.

جاءَ القُرآنُ الكريُم بِكَثِيرٍ مِنْ قَصَصِ السابقين تسليةً للنَّبي صلى الله عليه وسلم (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)، ولأخذ العبر والادكار (لقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ).

عباد الله : نَقِفُ مَعَ نَبَأٍ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ في القرآنِ يا أمَّةَ القُرآنِ خَبَرٌ يَحْمِلُ في طَيَّاتِهِ العِبَرَ وَالعِظَاتِ والتَّخْويفَ مِنْ عِقَابِ ربِّ الأرضِ والسَّماواتِ .

أَجْمَلَ اللهُ خَبَرَ هذا النَّبَأِ ..
في مَوْضِعَيْنِ، وَبَسَطَهُ وشرحه في موضع، أَجْمَلَهُ في قَولِهِ: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ)، وفي قوله: (أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ)، وبسطه في آية الأعراف قال تعالي : {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ، وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ، فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ، وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (163- 167) سورة الأعراف” .

فأيام الأسبوع سبعة ..
ذكر الله منها في القرآن يوما: الجمعة والسبت، فالجمعة ذكرت بتعظيم صلاة الجمعة ووجوب السعي إليها وعدم البيع عند النداء لها.

أما السبت فذُكر بسبب ..
واقعة قصة أصحاب السبت
ذلك أن الله عز وجل حرم علي اليهود العمل في يوم السبت، وقد كان هذا نوعا من الإصر والأغلال التي كانت عليهم، والتي جعلها الله بسبب اختلافهم .

فإن اليوم الذي أمروا بتعظيمه -أصلا- هو يوم الجمعة ، لأنه أعظم الأيام عند الله سبحانه وتعالي فاختلفوا علي نبيهم، ولم يطيعوه في أول الأمر عندما بلغهم فصرفهم الله عن يوم الجمعة، وجعلهم يعظمون يوم السبت حرمانا لهم يوم الجمعة، قال تعالي :
(إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ ) النحل 124

ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - « نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَاخْتَلَفُوا فَهَدَانَا اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ
فَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِى اخْتَلَفُوا فِيهِ هَدَانَا اللَّهُ لَهُ – قَالَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ – فَالْيَوْمُ لَنَا وَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى ».

وفي رواية البخاري « نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِى فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ »

ويقصد صلي الله عليه وسلم :
أن يوم الجمعة كان اليوم المعظم ولكنهم صرفوا عنه وجعل الله عز وجل عليهم من الأغلال والآصار تحريم العمل يوم السبت، فلا يجوز أن يعملوا يوم السبت، ولابد أن يتفرغوا للعبادة، ولأنهم قوم لم يحافظوا علي العبادات اليومية، فأمروا أن يتفرغوا تفرغا” تاما” بترك العمل يوم العبادة الأسبوعية
وقد اخترع اليهود قصة قبيحة من باطلهم لتعليل تحريم العمل يوم السبت : وهي :
أن الله تعالي بعد ان خلق العالم ابتداء من يوم الأحد، انتهي يوم الجمعة واستراح في اليوم السابع لأنه تعب : فوجب علي الع
باد أن يستريحوا ، أيضا ويتركوا العمل ويتفرغوا للعبادة .

وهذا من عظيم جهلهم وعظيم ظلمهم وقبحهم تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، فرد الله عليهم بقوله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ) ق 38 ، 39
ومعنى لغوب يعني : الإعياء والتعب

وحاصلُ قِصَّةِ أَصحابِ السبتِ على المشهورِ مِنْ أقوالِ أهلِ التفسير: أن اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم زعموا أنَّ بَنِي إسرائيلَ لمْ يَكُنْ فِيْهم عِصْيانٌ وَلَا مُعَاندةٌ لما أُمِرُوا به، فَأَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَسْأَلَـهُمْ على جِهَةِ التَّوبِيْخِ لهمْ عن هذه القريةِ، عَنْ حالِ أَهْلِهِا مع أَوَامِرِ اللهِ تعالى لهم .
ولأن أولئك الذين عاصروا النبي صلي الله عليه وسلم شابهوا هؤلاء الذين جعلهم الله قردة خاسئين، فلذلك أمر بالسؤال عن شيء يكتمونه مما جرى لأسلافهم وهم شابهوهم فيه، وساروا علي نهجهم من التحايل علي أمر الله وعدم الالتزام بشرعه .

لذا نجد أن في خاتمة القصة ..
ذكر الله عز وجل فيها أنه يبعث عليهم إلي يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب، فمن المقصودون بعد بالهلاك المقصودون هم من كانوا علي شاكلتهم من بقية اليهود، فهذا تأكد علي الارتباط بين الماضي والحاضر كما ذكرنا .

( واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ)
:أي علي ساحل البحر، ولكن ما اسم هذه القرية ؟ وما اسم البحر ؟ ومن كان رئيسها ؟ كل هذا لم يذكره القرآن إذ لا فائدة من الأسماء كثيرا ولا فائدة من الأماكن كثيرا، ولا في أي الأزمنة بالضبط، فكل هذا لا يعود علينا منه كبير فائدة وربما لا فائدة منه علي الإطلاق والاختصار في الكلام القرآني بليغ غاية البلاغة .

فقد أوضح كل الأمور من غير إخلال علي الاطلاق بأي من المعاني المطلوبة ولأنَّ المقْصِدَ أَخْذُ العِبْرَةِ منها .

فالمهم أنها كانت قرية ..
علي ساحل بحر ، وكان عملهم صيد السمك، وكانَ سُكَّانُ هذه القريةِ مِنْ اليهودِ، وَهُمْ خَلِيْطٌ مِنْ الصالحينَ والمصلحينَ، والفاسدينَ والمفسدين، وكانَ عملُهم ورِزْقُهم وَكَسْبُهُمْ مِنْ صَيْدِ السَّمَكِ، فَحَرَّمَ اللهُ عليهم صيدَ السَّمَكِ يومَ السَّبْتِ لحكمةِ إلهيةٍ (لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون (وَقُلْنَا لهمْ لَا تَعْدُوا في السَّبْتِ) .

فأراد الله أن يختبر صدق إيمانهم ونيتهم، فأمر الله السمك (الحيتان) بعدم الاقتراب من سواحلهم في أيام العمل الستة، ، قال سبحانه وتعالي : ” إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ ”

ففي يوم السبت المحرم عليهم العمل فيه يجدون البحر مليئا بالأسماك والحيتان، فكانت الأسماك تأتيهم يوم السبت في البحر شارعه زعانفها وخراطيمها في المياه تظهر نفسها كأنها اشرعة سفن تغريهم بصيدها فهن جنود من جنود الله تأتمر بأمر الله وفي بقية أيام الأسبوع لا تأتي
والأسماك – قطعا - لا تدرك أيام الأسبوع، ولكن قدر الله هذا الأمر العجيب، فيوم لا يسبتون لا تأتيهم ولا يكون في البحر سمكة واحدة، فسبحان الله .

فقد كان هذا الابتلاء من الله عز وجل لأهل هذه القرية لعلهم يتوبون ويرجعون، وكان لابد لهم أن يفكروا لماذا ضاق الرزق، ولماذا وجدنا الفقر، فلابد أن هناك سبب ، كان لابد أن ينظروا هذه النظرة ويفكروا هذا التفكير، وهو أن الفسق هو السبب، كما قال سبحانه وتعالي (وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ،) وقوله تعالى:” وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) (30) ” الشورى

فكان علاج هذه القرية أن يتوبوا إلي الله عز وجل من المعاصي والفسق الذي ارتكبوه، فيعود الأمر إليهم كما كان، فيتسع الحلال ويضيق الحرام، وتأتي الأسماك كما تأتي لكل الناس في كل أيام الأسبوع .

ولكنهم لم يفهموا معني الامتحان ومعني الابتلاء ، فالله ضيق عليهم ليرجعوا إلي الهدي، ولم يعلموا أن السمك إنما يتحرك بأمر من الله عز وجل فجلسوا بُرْهةً مِنْ الزَّمَنِ لَا يَصْطَادُونَ يومَ السبت، فاشتدَّ حاجتهم إلى لحمِ السمك فوسوس الشيطان في نفوس طائفة من أهل هذه القرية، وزين لهم اصطياد الأسماك ففكروا كيف يتحايلون على أمر الله؟ فهداهم شيطانهم إلى حيلة شيطانية ماكرة، فَتَحَيَّلَ نَفَرٌ مِنْ فُسَّاقِهِم على اصطيادِ السَّمَكِ وهو أن ينصبوا شباكهم قَبْلَ يوم السبت .

الذي حرم عليهم الصيد فيه
حتى إذا ما جاءتِ الأَسْماك مُسْرِبَةً يومَ السبت نَشَبَتْ بتلك الحبائل فَلَمْ تَفْلَتْ منها، فعندئذٍ يقومُ هؤلاء المحتالونَ بأخذ السمك بعد يوم السبت، فإذا جاء يوم الأحد أخذوا ما صادته الشباك زعماً منهم أنَّهم ما صادوه إلا بعدَ يوم السبت .

وشجَّعَ الفساقُ بحيلتهم تلك
ضعافَ النفوسِ فصنعوا كصنيعهم، حتى انتشرت تلك الحيلة بين أ
هل القرية، وتجرَّأَ البعضُ فاعلنوا الصيدَ يوم السبت .

اقول ماتسمعون، واستغفر الله لي
ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب
فاستغفروه، انه هو الغفور الرحيم .


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه اجمعين .

أمـــا بعـــد - ايها المسلمون :
وأمامَ هذا التعاونِ على المحرَّمِ ومعصية الخالق جل جلاله علانية قامتْ فئة مصلحةٌ، فزجرت هؤلاءِ ونهتْهُم عن العصيان، وفئةٌ صالحةٌ أنكرت بقلبها، ولم تَنْهَ هؤلاء المعتدين، فانقسم أهل القرية إلى ثلاث طوائف : طائفة عاصية محتالة، وأخرى مصلحة محذرة من العقوبة الإلهية، وثالثة صالحة في نفسها لم تعص الله ولم تنه عن المنكر .

المجموعة الأولى : تابعت ما فعله بعض الناس وأعجبوا بحيلتهم وطبقوها .

المجموعة الثانية: كرهت هذا الفعل واعتبرته تحايلا على ما حرمّ الله، ولم تنههم عن المنكر والتحايل بل سكتوا .

المجموعة الثالثة: غضبت لهذا
الفعل وأنكرته واستمرت في النصح والإرشاد .

وحدث حوار جميل بين المجموعة الثانية الساكتة والثالثة الغاضبة على معصية الله الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر ذكره الله في كتابه، قال تعالى ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 164].

فالمجموعة الثانية قالت للمجموعة الأولى: لم تنصحون قوما لا ينتهون، اتركوهم فإن الله سيهلكهم أو يعذبهم.

فبماذا ردت المجموعة الثالثة؟ الصالحة المصلحة
قالت: نحن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر لأمرين:
الأول: حتى نُعذر أمام الله، بأننا قد فعلنا ما يجب علينا فعله.

الثاني: لعل أهل السوء والضلال يرجعوا ويتوبوا غلى الله.
واستمرت الطائفة المصلحة الناصحة في انكارهم ووعظهم ابراءً للذِّمَّة وإعذاراً عند الله، فلم يزد هؤلاء الفساق إلا عناداً وعتوَّاً، ولم تحرك فيهم المواعظ والزواجر ساكناً، واستمروا في غيِّهم وطَمَعِهِمْ واعتدائهم يوم السبت .

فيا ترى ماذا حدث لتلك القرية؟
قال تعالى ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ [الأعراف: 165، 166] .

فَفَصَلَ اللهُ في أمرِ أهلِ هذه القرية، فانْجى عباده المصلحين الغيورين على دينهم، وأنزل العقوبة على القوم الفاسقين المعتدين، عقوبة المسْخِ سمَّاها الله: (عذاباً بَئِيْسَاً)، مسخ الله أشكالهم من إنسان خلقه ربُّه في أحسن تقويم، إلى قرد مشين، هذا العقاب حصل بكلمة واحدة من الواحد القهار (فقلنا لهم كونوا قردةً خاسئين)، فما أصبح هؤلاء المعتدين من ليلتهم إلا ولهم أذناب يَتَعاوونَ كما تتعاوى القردة (فنعوذ بالله من سخط الله وعذابه) .

وقد ذكر أهل التفسير:
أن الواحد من هؤلاء الممسوخين كان يعرف قريبه من الآدميين ويتمسحون بهم، والآدمي لا يعرف هذا الممسوخ، فيقول لهم الآدميون:
ألم ننهكم عن انتهاك حرمات الله؟ فيشيرون برؤوسهم أن نعم، وهم يبكون .

وما ذكره المفسرون هنا هو من أخبار بني اسرائيل التي يتحدث بها ولا حرج ولا تصدق ولا تكذب .

وسنتكلم عن الدروس والعبر
في الجمعة القادمة إن شاء الله .

============================
*إشراقة الصباح*
اللهُم صبّحنا ببشائر خيرك
و أمدّنا بوافر جُودك ،
و إجعل لنا مع نسمات هذا الصباح
رزقاً و سعادة و عافية ..
#أذكار_الصباح | نور لِقلبك
تلاوة صباحيه🎤
مباركة للشيخ /
محمد المنشاوي :رحمه الله
http://b.top4top.net/m_406269tu1.mp3
☀️☀️
*إشراقة*
ﺍﻟﻤﻈﻠﺔ ﻟﻦ ﺗﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﻄﺮ ،
ﺑﻞ ﺗﺴﺎﻋﺪﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻫﻄﻮﻟﻪ
ﻛﺬﻟﻚ { ﺍﻟﺜﻘﺔ } ﻫﻲ ﻟﻦ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻟﻚ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ، ﺑﻞ ﺗﻌﻄﻴﻚ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﺤﻘﻘﻪ .

🔹 *همسة محب*🔹
ثمة من يملكون قلوباً بيضاء لا تحقد ولا تحسد ولا تكره ولا تغتاب أو تنطق كذباً
‏من يسيرون على الأرض كالغمام 💭💭
‏اللهم اجعلنا منهم 💕

💎 *درر الشنقيطي*💎
من أنزل حاجته بالله أغناه وكفاه
ومن أنزلها بالناس لم يزد إلا فقراً ووضيعة.
🌹الشيخ محمد الشنقيطي

*ركعتي الضُّحى*؛ حُلة الصَّباح
وصدقة لجسدك؛ فَقُمِ بها تقرّبًا إلى الله 🌿

》 *وختاااما*《
الأخــــــلاق
هي ( الروح ) التي لا تموت بعد الرحيل
فما أجمل أن تسير بين الناس ويفوح منك عطر *أخلاقك*..
إجعل لنفسك عمراً لا ينتهي بأعمالك ، *بأخلاقك* ، وبروعة إبتسامآتك ولتكون غائباً حاضراً بكل مكان مررت به
•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•
علامات القلب السليم
قال الله تعالى : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى
اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88 ـ89] . ولكن ما هي علامات القلب السليم ؟
العلامة الأولى : أَنْ يرتَحِلَ عن الدُّنيا حتى ينزلَ بالآخرةِ ، ويَحِلَّ فيها ،
حتى يَبْقَى كأَنَّهُ مِن أهلِها وأَبنائِها ، جاءَ إلى هذه الدَّارِ غريباً
يأْخُذُ منها حاجَتَهُ ، ويعودُ إلى وطنِه كما قال عليه السلام لعبدِ اللَّهِ بنِ
عُمَر: » كُنْ في الدُّنْيا كأَنَّكَ غريبٌ أَو عابرُ سبيلٍ ، وعُدَّ نفسَكَ مِن
أهلِ القُبورِ « 19.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إنّ الدنيا قد ترحلت مدبرة ، وإنّ الآخرة قد
ترحلت مقبلة ، ولكلٍّ منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء
الدنيا ، فإنَّ اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ، ولا عمل .
فَحَيَّ عَلى جَنَّاتِ عَدْنٍ
فإِنَّها.....................مَنازِلُكَ الأولى وفيها المُخَيَّمُ
ولكِنَّنا سَبْيُ العَدُوِّ فَهَلْ تَرَى نَعُودُ إلى
أَوطانِنا ونُسَلِّمُ
وكلما صحَّ القلبُ مِن مرضِه ؛ تَرَحَّلَ إلى الآخرَةِ ، وقَرُبَ منها ، حتى يصيرَ
مِن أهلِها ، وكلَّما مَرِضَ القلبُ واعتَلَّ ؛ آثَرَ الدُّنيا واستوطَنَها ، حتى
يصيرَ مِن أَهلِها .
العلامة الثانية : أَنْ يُنِيبَ إلى اللَّهِ ويُخْبِتَ إليهِ ، فلا فلاحَ ، ولا
نعيمَ ، ولا سرورَ ؛ إلاَّ برضاه وقُرْبِهِ والأُنْسِ بِهِ ، فبهِ يطمئِنُّ ،
وإليهِ يسكُنُ ، وإليهِ يأْوي ، وبهِ يفرَحُ ، وعليهِ يتوكَّلُ ، وبهِ يَثِقُ ،
وإِيَّاهُ يرجو ، وله يخافُ .
فذِكْرُهُ غذاؤهُ وحياتُه ونعيمُهُ ولذَّتُهُ وسُرورُهُ ، والالتفاتُ إلى غيرِهِ
والتعلُّقُ بسواهُ : داؤهُ ، والرُّجوعُ إليهِ : دواؤهُ .
قالَ أَبو الحسينِ الورَّاقُ : حياة القلبِ في ذِكرِ الحيِّ الذي لا يموتُ ،
والعيشُ الهنِيُّ الحياةُ مع اللهِ تعالى لا غير .
العلامة الثالثة : أَنْ لا يَفْتُرَ عن ذِكْرِ ربِّهِ ، ولا يسأَمَ مِن خِدْمَتِه ،
ولا يأْنَسَ بغيرِهِ ؛ إلاَّ بِمَنْ يَدُلُّهُ عليه ، ويُذَكِّرُهُ بهِ ،
ويُذاكِرُهُ بهذا الأمرِ .
العلامة الرابعة : أَنَّهُ إذا فاتَهُ وِرْدُهُ20 وَجَدَ لفواتِه أَلماً أعظمَ مِن
تأَلُّمِ الحريصِ بفواتِ مالِهِ وفَقْدِهِ ؛ كمن يحزن على فوت الجماعة ، ويعلم أنّه
لوْ تُقُبِّلتْ منه صلاته منْفرداً ، فإنّه قدْ فاته سبعة وعشرون ضعفاً .
ولو أنّ رجلاً يعاني البيع والشراء تفوته صفقة واحدة في بلده من غير سفر ولا مشقة
قيمتها سبعة وعشرون ديناراً ؛ لأكل يديه ندماً وأسفاً ، فكيف وكلّ ضعفٍ مما تضاعف
به صلاة الجماعة خيرٌ من ألف ، وألف ألف ، وما شاء الله تعالى ؟!
فإذا فوَّت العبد عليه هذا الربح قطْعاً ، وهو بارد القلب ، فارغ من هذه المصيبة ،
فهذا من ضعف الإيمان .
وكذلك إذا فاته الصف الأول الذي يصلي الله وملائكته عليه ، ولوْ يعلم العبد فضيلته
؛ لجالد عليه ، ولكانت قرعة .
العلامة الخامسة : أَنَّهُ يشتاقُ إلى طاعة ربه ؛ كما يشتاقُ الجائعُ إلى الطَّعامِ
والشرابِ .
العلامة السادسة : أَنَّهُ إذا دَخلَ في الصّلاةِ ذَهَبَ عنهُ همُّهُ وغَمُّهُ
بالدُّنيا ، واشتدَّ عليهِ خروجُهُ منها ، ووجَدَ فيها راحتَهُ ونعيمَهُ ، وقُرَّةَ
عينِه وسُرورَ قلبِهِ ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: »يا بلال ، أرحْنا
بالصلاة « ولمْ يقلْ : أرحنا منها كما يقول المبْطلون الغافلون . وقال صلى الله
عليه وسلم:» جعلت قرة عيني في الصلاة « .
فصاحب القلب السليم راحته وقرّة عينه في الصلاة ، والغافل المعرض ليس له نصيب من
ذلك ؛ بل الصلاة كبيرة شاقة عليه ، إذا قام فكأنّه على الجمر حتّى يتخلص من واجب
الصلاة ، وعجّلها وأسْرعها ، فهو ليس له قرّة عين فيها ، ولا لقلبه راحة بها ، فهي
كبيرة على هذا ، وقرّة عين وراحة لذلك .
العلامة السابعة : أَنْ يكونَ هَمُّهُ واحداً ، وأَنْ يكونَ في اللّهِ تعالى .
فهمّه طاعة ربه ، ورضا ربه ، وعفو ربه ، ومغفرة ورحمة ربه ( وَعَجِلتُ إِلَيْكَ
رَبِّ لِتَرْضَى) [طه: 84 ].
العلامة الثامنة : أَنْ يكونَ أَشَحَّ بوَقْتِهِ أَنْ يذهَبَ ضائِعاً مِن أشدِّ
النّاسٍ شُحّاً بمالِهِ ؛ لأنَّه يرى عزّةَ وقتهِ وخطره وشرفه ، وأنّه رأس مال
سعادته فيبخل به أنْ يضيعه فيما لا يقربه إلى ربّه ؛ فإنّ في إضاعته الخسران
والحسرة والنّدامة ، وفي حفظه وعمارته الربح والسعادة . فيشح بأنفاسه أنْ يضيعها
فيما لا ينفعه يوم معاده .
العلامة التاسعة : أَنْ يكونَ اهتمامُهُ بتصحيح العملِ أَعظمَ منهُ بالعملِ ،
فيحْرِصُ على الإِخلاص فيهِ والنَّصيحةِ والمُتابعةِ والإحسانِ ، ويشهَدُ مَعَ ذلك
منَّةَ اللَّهِ عليهِ وتقصيرَهُ في حقِّ اللّهِ .
فهذه ستُّ مشاهدَ لا يشهَدُها إلا القلبُ الحيُّ السليمُ .
العلامة العاشرة: أنْ يكون سالماً من محبة ما يكرهه الله ، فدخل في ذلك سلامته من
الشرك الجلي والخفي ، ومن الأهواء وال
بدع ، ومن الفسوق والمعاصي ـ كبائرها وصغائرها
ـ الظاهرة والباطنة ، كالرياء ، والعجب ، والغلّ ، والغش ، والحقد ، والحسد ، وغير
ذلك 21 .
عنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قيل : لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أيّ النّاس أفْضلُ؟ قال: »كلُّ مخْمومِ القلب ، صدوقِ اللسانِ«.قالوا: صدوق اللسان
نعرفه ، فما مخمومُ القلب ؟ قال : » هو التّقيّ النّقيّ لا إثْم فيه ، ولا بغي ولا
غلّ ولا حسدْ« 22.
العلامة الحادية عشر: اتباع هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم . عن أبي أمامة الباهلي
رضي الله عنه قال : أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : »يا أبا
أمامة! إنّ من المؤمنين من يلين لي قلبه « 23.
ومعنى (يلين لي قلبه ) أي يسكن ويميل إليّ بالمودّة والمحبّة. والله أعلم .
وليس ذلك إلا بإخلاص الاتباع له صلى الله عليه وسلم دون سواه من البشر ، لأن الله
تعالى جعل ذلك وحده دليلاً على حبه عزوجل ، فقال :(قلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْببكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).
أفلم يأن للذين يزعمون حبه صلى الله عليه وسلم في أحاديثهم وأناشيدهم ، أن يرجعوا
إلى التمسك بهذا الحب الصادق الموصل إلى حب الله تعالى ، ولا يكونوا كالذي قال فيه
الشاعر:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ...........هذا لعمرك في القياس بديع
فلو كان حبك صادقاً لأطعته إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع
العلامة الثانية عشر : الوجل عندْ ذكر الرحمن . والوجل خوف مقْرونٌ بهيبةٍ ومحبّةٍ
.
قال سبحانه وتعالى :( وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ
وَجلَتْ قُلُوبُهُمْ) [الحج:34-35].
وقال سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ
وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) [ الأنفال:2] .
وقال عزوجل : (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة)[المؤمنون:60 ].
وعن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : »إنّ
لله آنية في الأرض ، وآنية24 ربّكمْ قلوب عباده الصالحين ، وأحبُّها إليه ألينها
وأرقُّها « 25.
والمعنى أنّها ذات خشية واستكانة سريعة الاستجابة والتأثر بقوارع التذكير سالمة من
الشدّة والقسْوة.
عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية :
(وَالذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)[ المؤمنون : 60 ] قالت :
أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون " ؟ قال : »لا يا بنت الصديق ، ولكنهم الذين يصومون
ويصلون ويتصدقون ، وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم
لها سابقون « 26 .
ومن تأمَّل أحْوال الصحابة رضي الله عنهمْ وجدهمْ في غاية العملِ مع غايةِ الخوفِ ،
ويعدُّون أنفسهم من المقصِّرين المفرِّطين المذْنبين ، ونحن مع إساءتنا نعدُّ
انفسنا من المحسنين.
وبالجملة ؛ فالقلبُ الصَّحيحُ : هو الذي همُّهُ كلُّهُ في اللَّهِ ، وحُبُّهُ
كلُّهُ لهُ ، وقصدُهُ لهُ ، وبَدنُهُ لهُ ، وأَعمالُه لهُ ، ونومُهُ لهُ ، ويقظتُهُ
لهُ ، وحديثُهُ والحديث عنهُ أشْهى إِليهِ مِن كُلِّ حَدِيثٍ ، وأَفكارُهُ تحوم على
مراضيه ومحابِّه . فكلُّه بالله ، وكلُّه لله ، وكلُّه مع الله ، وسيرهُ دائماً إلى
الله ، فهو مع الله مجرَّدٌ عن خلقهِ ، ومع خلقهِ مجرَّدٌ عن نفسه ... والله
المستعان .
أهمية العبودية لله في حياة الإنسان
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران:102] .

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [النساء:1] .

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب:70-71] .

أما بعد:
فيا أيها الناس: إن ربكم يعلم ما في أنفسكم فاحذروه، ولا يخفى عليه شيءٌ من أمركم فاخشوه وراقبوه، تعرف إليكم بأسمائه وصفاته، وتحبب إليكم بنعمه وآلائه، يحب المتقين فسارعوا إلى التقوى، ويحب المحسنين فأحسنوا، ويحب الصابرين فاصبروا، ويحب المتوكلين فعليه فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.

سبحانه وبحمده! من استهداه هداه، ومن اعتمد عليه كفاه.

أيها المسلمون: حجاج بيت الله الحرام! قضية هي أم قضايا بني الإنسان، وركيزة هي أساس ركائز المكلفين، بل هي المؤثر الأعظم -بإذن الله- في حياة البشرية وتصرفاتها ومشاعرها وعلاقاتها، بل هي ضرورة من ضروريات الإنسان أشد من الطعام والشراب، قضية تحفظ لهذا الكون انتظامه، وتضبط فيه مساره، بالخلل فيها يختل نظام الحياة، وبالضلال فيها تتيه البشرية في دهاليز العمى، وسراديب الانحطاط، ومهاوي الفساد، تلكم هي قضية العبودية لله الواحد القهار، سبحانه وبحمده، تبارك اسمه وتعالى جده، ولا إله غيره.

العبودية: قضية حتمية لا فكاك للإنسان منها بحال من الأحوال، وهي حاصلة في واقع الناس حصولاً محققاً في كل زمان وفي كل مكان، هي حتمية لأن في الإنسان حاجة وفقراً وضعفاًَ، وهو بين حالين لا ثالث لهما إما أن يتوجه بعبادته وخضوعه وانكساره لله الواحد القهار، فيكون موحداً مطيعاً مطمئناً سعيداً، وإما أن يكون خاضعاً أسيراً ذليلاً لمعبودات باطلة من الآلهة الكثيرة من الأصنام والأوثان، والهوى والشهوة، والمال والملذات، والقوانين والرجال، والأعراف والأحزاب، وكل ما تعلق به فتجاوز به حده من محبوب أو متبوع أو مطاع: { أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [يوسف:39] { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } [التوبة:31] { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } [الجاثية:23] .

أيها المسلمون: يا ضيوف الرحمن! عبادة الله الملك الحق المبين، هي الزمام الذي يكبح جماح البشرية أن تلغ في الشهوات، وهي السبيل الذي يحجز الأمم أن تتمرد على شرع الله.

العبودية الحقة: هي المحرك الفعال -بإذن الله- لهذه النفس لتنطلق في كل دروب الحق والخير والسعادة.

العبودية الحقة: هي التي تخلص البشرية من استذلال القوى والنظم والأوضاع والأشخاص، كما تخلصها من استضلال الأساطير والأوهام والخرافات، الخلل في العبادة مؤذنٌ في الخلل في نظام حياة البشر بلا مراء.

أمة الإسلام: ضيوف الرحمن! إنه لا فلاح للإنسان ولا حرية ولا سعادة إلا بتحقيق العبودية لربه وخالقه ومالكه، الإله الحق الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر عالم الغيب والشهادة: { قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } [الأنعام:164] { قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ } [الأنعام:14] { قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً } [الأعراف:140].

بهذه العبودية تكتسب الحرية، وبهذا الذل ترتقى درجات العز، وبمقدار الخضوع تكون الرفعة، إذا أحسن المرء العبادة وأخلصها ترقى في درجات الكمال الإنساني وأصبح لحياته قيمة، وصار لعمله لذة، ولئن كان الغنى إلى النفس فإن الحرية حرية القلب كما أن الرق رق القلب .
العبودية تعريفها وحقيقتها
أيها الإخوة في الله: إذا كان الأمر كذلك فما هي العبودية؟ وما هي حقيقتها؟
إنها اسمٌ جامع لمراتب الأعمال والأقوا
ل من القلب واللسان والجوارح من كل ما يحبه الله ويرضاه.

العبودية: الطاعة لله مع الخضوع له، فيفعل المكلف خلاف هوى نفسه طاعة لله وتعظيماً له.

العبادة الحقة: حركاتٌ في الظاهر، واعتقادٌ في الباطن، وطمأنينة في النفس، وتواطؤٌ وتوافق بين عبودية القلب وعبودية الجوارح.

لا بد في العبادة من الجمع بين المحبة والخضوع، فيحب العبد ربه أحب من كل شيء، ويعظمه أعظم من كل شيء، فالمحبة الخالصة والخضوع التام لا يكونان إلا لله رب العالمين لا شريك له.

إن مبنى العبودية على التسليم والانقياد والاستجابة في فعل المأمورات وترك المنهيات: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [الأحزاب:36] .

أيها الإخوة في الله: أما أصول العبادة وأسسها: الاعتقاد بالصحيح فيما أخبر الله سبحانه عن نفسه وأسمائه وصفاته، وأفعاله وملائكته وكل ما غاب عنا؛ مما جاء على ألسنة الرسل وتنزلت به الكتب، وإفراد الله بالعبادة، وتنزيهه عن الشركاء والأنداد مع ما يتطلبه القلب ويستيقنه من التوكل على الله، والإنابة إليه، والخوف منه، والرجاء فيما عنده، وإخلاص الدين له ثم أعمال الجوارح من أنواع العبادات؛ من الصلاة والزكاة والصيام والحج وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وأداء الأمانات، والوفاء بالعهود، وبذل وجوه الإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل، وكل محتاجٍ من بني آدم حتى البهائم: { ففي كل كبدة رطبة أجر } ، وأعمال اللسان من تلاوة القرآن العزيز، والذكر، وقول الحق، وحسن الحديث، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والعلم والتعليم، واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والكف عن المحرمات، والبعد عن الكبر والرياء، والعجب والحسد والنفاق، والغيبة والنميمة، وكل ما نهى الله عنه.

إن العبودية على الحقيقة والتحقيق: هي الدين كله، ولما سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: { هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم } .
العبودية أشرف المقامات
أيها الإخوة في الله: العبودية أشرف المقامات، وأعلى مرتبات عبادة الله شرفت بها ملائكة الله: { بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [الأنبياء:26-27] { وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ } [الأنبياء:19-20] .
العبودية ومقام تشريف الأنبياء بها
العبودية: هي مقام التشريف في حق أنبياء الله، ورسله المرسلون هم أعلى مكلفين في مراتب العبودية: { وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى } [النمل:59] { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ } [الصافات:171-172] { وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ } [ص:45] .

واستمع إلى هذا الوصف الجميل لأيوب الصبور: { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص:44].

أما صاحب الملك العريض الذي لا ينبغي لأحدٍ من بعده، فقد وصفه ربه بقوله: { وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص:30].

أما عيسى عليه السلام وقد رفعه من رفعه إلى مقام الألوهية فقد قال فيه ربه: { إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } [الزخرف:59] .

ثم ناهيكم بأفضل الرسل وأشرف الأنبياء نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد شرفه ربه بوصف العبودية وهو في أعلى مقامات التكريم، وقد أسري به إلى بيت المقدس ، وعرج به إلى السماء فقال سبحانه: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } [الإسراء:1] .

وقال سبحانه: { فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } [النجم:10] .

فالأنبياء عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه هم الأعلى في مراتب العبودية، ويأتي في ذروة عباد الله الصالحين بعد الأنبياء الصديقون، والشهداء، والمجاهدون، والعلماء، وأهل الإيثار والإحسان، وهم في هذا على درجاتٍ متفاوتات لا يحصي طرفيها إلا الله، فأكمل الخلق وأفضلهم وأعلاهم وأقربهم إلى الله؛ أقواهم وأهداهم وأتمهم عبودية لله عز وجل.
صفات عباد الله في القرآن
أمة الإسلام: حجاج بيت الله! وبالنظر في المطلوب من عباد الله على درجاتهم ومنازلهم ترى شمولية ودقة في الاعتقادات، والعبادات، ومجمل الطاعات، وآداب السلوك والأخلاق: { قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً } [إبراهيم:31] .

{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [الإسراء:53] .

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِي
نَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } [الزمر:53] .

ومن جميل صفاتهم وجميل أخلاقهم ما وصفهم الله جل وعلا: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً } [الفرقان:63] قائمين لله بالعبادة ركعاً وسجداً: { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } [الفرقان:64] يخافون عذاب السعير: { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [الفرقان:65-66] .

ناهيكم بتحقيق التوحيد والخلوص من الشرك، واجتناب كبائر الذنوب: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ } [الفرقان:68] محفوظون من الشيطان ووسواسه: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [الحجر:42] .

هم أهل التمكين والوراثة: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [الأنبياء:105] .
لذة العبودية لله
عباد الله: حجاج بيت الله! العبودية الصادقة تسمو بها الروح، وتتهذب فيها غرائز العبد وشهواته، ويترجح جانب الخير على جانب الشر، ويتجلى وقوف العبد بين يدي ربه واستحضار علمه وعظمته وإحاطته.

العبادة الصحيحة: أثرٌ عظيمٌ في النفس وطمأنينة في القلب.

العبودية أعظم ما يحصله الإنسان في هذه الحياة؛ لتكون وسيلته إلى السعادة ورضا الله وبلوغ جنته ودار رضوانه، وفي الحديث القدسي: { يابن آدم! تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك } أخرجه ابن ماجة بسندٍ صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

القلب إذا ذاق طعم العبادة والإخلاص لم يكن عنده شيءٌ قط أحلى من ذلك ولا ألذ ولا أمتع، يقول صلى الله عليه وسلم: { ذاق حلاوة الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ نبياً ورسولاً } .

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة:186] .

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أمور تعين على تحقيق العبودية
الحمد لله؛ شرع لنا من الدين ما وصى به المرسلين، أحمده تعالى وأشكره وأومن به وأتوكل عليه، إياه نعبد وإياه نستعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله سيد الأولين والآخرين وقائد الغر المحجلين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:
فيا أيها المسلمون: إن مما يعين على تحقيق العبودية وإحسان العبادة حضور القلب، وإخلاص النية، وتحديث القلب وتذكيره بالتعبد لله في حال العبادة وخارجها، وهذا التذكير نهرٌ يمد القلب باللين والرقة والخشوع حتى لا يشح ماؤه، ولا يصيبه القسوة عياذاً بالله.

أيها المسلمون: ولكل عبادة تهيؤ يناسبها، فمن التهيؤ للصلاة حسن الاستعداد من إسباغ الوضوء، والتبكير إلى المسجد، والمشي بسكينة ووقار، يقارنه تهيؤ نفسي ومعالجة قلبية.

ومن التهيؤ للحج والعمرة رد الأمانات والمظالم إلى أهلها، وتحري النفقة الحلال، واختيار الرفقة الصالحة، ورعاية آداب السفر، وغير ذلك مما يعين على تحقيق المقصود من العبادة.

كما ينبغي في كل عبادة الابتعاد عما يشوش القلب، فينخلع القلب عن علائق الدنيا وينجذب بكليته إلى ربه ومولاه.
ومما ينبغي أن يعلم أن ربنا جل شأنه لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، وفي الحديث القدسي: { يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً } ومع غناه سبحانه فإنه يحب المتقين، والمحسنين، والصابرين، والتوابين والمتطهرين.

ألا فاتقوا الله -رحمكم الله- واسألوه العون على ذكره وشكره وحسن عبادته.

ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة نبيكم محمد رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم في محكم تنزيله، فقال سبحانه وهو الصادق في قيله: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب:56].

اللهم ص
لِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون: أبي بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين، وانصر عبادك المؤمنين، واخذل الطغاة والملاحدة، وسائر أعداء الملة والدين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق والتأييد والتوفيق والتسديد إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة، وأعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، وألبسه لباس الصحة والعافية، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين!
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين.

اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشدٍ يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.

اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك لإعلاء كلمتك وإعزاز دينك، اللهم انصرهم في فلسطين وفي كشمير وفي الشيشان وفي كل مكان يا رب العالمين!
اللهم إن اليهود المحتلين الغاصبين قد طغوا وبغوا، وآلوا وأفسدوا، وقتلوا وشردوا، وأهلكوا ودمروا، اللهم اجعل بأسهم بينهم، وفرق جمعهم، وشتت شملهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميره، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين!
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلادنا وعن جميع بلاد المسلمين يا رب العالمين!
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .
2024/11/18 13:52:34
Back to Top
HTML Embed Code: