Telegram Web Link
(مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) فأتاهم الجواب : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) وكانت عاقبة الطُّغيان والْجَبَرُوت : (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ)
واعْتَزّ شيخ الطُّغاة " فِرعون " بِكثرة قومه ، وبأن أنهار مصر تجري مِن تحته .. فأخرجه الله منها ذليلا صاغِرا .. وأغرقه في الماء الذي كان يزعم أنه يملكه !وأوْرَث الله بني إسرائيل ما كان فيه فرعون (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ) ، فما كان لهم مِن عزاء ، ولا كان عليهم مِن باكٍ .. (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ)
واعتز سحرة فرعون بعزة ملكهم وقوته (وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ) فغلبوا كما قال تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ، وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ)
وتحصّنت اليهود في حصونها ، وظنّوا أن لهم فيها مَنَعَة .. فأتاهم الله من حيث لم يحتسِبوا .. (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) ويعتز الحوثيون الضالون المضلون بإيران وحلفائها في مواجهة المسلمين والتنكيل بهم وتدمير كل مقومات الحياة في العراق وسوريا ولبنان واليمن ولكنهم سيهزمون بإذن الله وتأتي عليهم سنة الله وسيقطع دابرهم وتستأصل شأفتهم بإذن الله بمزيد من الصبر والجهد والمجاهدة وجمع الصف ووحدة الكلمة (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) ثم الدعاء والدعوة للجهاد بالمال والصلاة على النبي وأقم الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة 13 جمادى الآخر 1444هـ 6 يناير 2023م

الخطبة الأولى : الحمد لله لا مانع لعطائه ولا راد لقضائه، ولا كاشف لبلائه، أحصى كل شيء عددا ووسع كل شيء علما ، من استهداه هداه، ومن أقبل إليه آواه، ومن سأله أعطاه، ومن توكل عليه كفاه، إليه المشتكى، وإليه الملتجأ، أحمده سبحانه وتعالى هو أهل الحمد والثناء ، وأشهد أن لاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، هو الواحد الأحد الفرد الصّمد الذي ليس له صاحبة ولا ولد ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل والعمل بطاعته والبعد عن معصيته والجهاد في سبيله والالتجاء إليه في السراء والضراء وفي الشدة والرخاء وفي كل حال وعلى كل حال وهو القائل سبحانه (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) والقائل (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ، ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) وصدق الشاعر إذ يقول :
مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُحْمَدْ فِي عَوَاقِبِهِ وَيَكْفِهِ شَرَّ مَنْ عَزُّوا وَمَنْ هَانُوا
مَنِ اسْتَجَارَ بِغَيْرِ اللَّهِ فِي فَزَعٍ فَإِنَّ نَاصِرَهُ عَجْزٌ وَخِذْلانُ
فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِحَبْلِ اللَّهِ مُعْتَصِمًا فَإِنَّهُ الرُّكْنُ إِنْ خَانَتْكَ أَرْكَانُ
اما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون ، إن التضرع إلى الله تعالى والالتجاء إليه في كل نازلة وبلية ، وفي كل فاجعة أو رزية ، وفي كل مهمة أو قضية من علامات الإيمان، ودرجات الإحسان، وهو دليل على حياة القلوب، وسلامة الصدور، وإن التوسل إلى الله بأسمائه، والتضرع إليه بصفاته من فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، فما من إنسان يقع في مأزق أو تنزل به مصيبة، إلا ويجد في نفسه قوة تدفعه إلى التوجه إلى الله مباشرة - دون واسطة - يطلب منه النجاة والعون ، ويلتمس منه الشفاء والغوث ، وما من أمة من الأمم السابقة تصيبها كارثة، أو فاجعة، أو نازلة، إلا توجهت إلى خالقها، واندفعت إلى بارئها، تطلب منه العون والمدد والنصر والتأييد ، وتستمد منه كشف الضر عنها؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ .
ألا وإنَّ أعظم المقامات التي تزيد في إيمان المسلم، وتُقوِّي عقيدته، وصلته بالله : هو مقام اللجوء إلى الله سبحانه والفرار والاحتماء بحماه ، نعم مقام اللجوء إلى الله الذي يحقق لمن صدق في لجوئه طلبه ورجاءه، عاجلاً أو آجلاً، والله يدعونا إلى ذلك فيقول : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) ، ويقول (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ، وقال (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
إخوة الإسلام إن ما تعيشه أمتنا اليوم من معركة متعددة الأسلحة والأساليب ومتلونة المكر والكيد والخداع من قبل عصابة الشر والبغي الحوثية الرافضية الإيرانية الحاقدة وكل أذرعها المتعددة في يمن الإيمان والحكمة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا يقتضي منا مزيدا من اللجوء إلى الله والتوكل عليه والاعتماد على قوته وقدرته والاطراح ببابه وإعلان الفقر إليه والبراءة من كل قوة وقدرة إلا من قوة الله شعارنا (لا حول ولا قوة إلا بالله) فهي كنز من كنوز الجنة كما قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم ، وليس معنى ذلك أن نترك الأسباب ونتخلى عن إعداد العدة البشرية والمادية بل إن بذل أقصى الجهد في ذلك من لوازم إجابة الدعاء وتحقق الرجاء ونزول النصر وصدق الله (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) فمتى استجبنا لله بفعل المأمور وترك المحظور وإعداد المستطاع واستنفار كل الطاقات أجاب دعواتنا وقضى حاجاتنا ونصرنا على عدونا
عباد الله إن اللجوء إلى المولى سبحانه في أوقات الشدة والرخاء، وفي كل ما يعرض للعبد من سوء وبلاء، هو دأب الأنبياء والصالحين من عباد الله تعالى، فما من نبي من الأنبياء أصابه ضر ومصيبة إلا ولجأ في دعائه وتضرعه واستغاثته إلى الله مالك الملك، ومدبر الأمر، وخالق الكون فيكشف الله ما نزل به، ويرفعه درجات، ويزيده من فضله وعنايته، فالله أكرم من أن يرد سائلًا، أو يخيب ظن من أحسن به الظن ؛ كيف وهو القائل: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾
فهذا يعقوب عليه السلام يشكوا همه وحزنه قائلا ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ وهذا أيوب عليه السلام ينادي ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) ، ويونس عليه السلام يلجأ إلى ربه وهو في ظلمات البحر وظلمة بطن الحوت وظلمة الليل فيستجيب الله دعوته ويفرج همه وكربته (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) ، ونتعلم نفس الدرس من أفضل الأنبياء والمرسلين في يوم بدر فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه: (لما كان يوم بدر، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مدَّ يديه، فجعل يهتف بربه: اللهم أنْجِزْ لي ما وعدتني، اللهم آتِني ما وعدتني، اللهم إن تُهلِك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبَد في الأرض، فما زال يهتف بربه، مادًّا يديه مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن مَنكِبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتَك ربَّك، فإنه سيُنجز لك ما وعدك؛ فأنزل الله عز وجل: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾
و هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أصاب الناس مجاعة في عام الرمادة كان يتضرع إلى الله؛ قال عبدالله بن عمر: (كان عمر بن الخطاب أحدث في زمان الرمادة أمرًا ما كان يفعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلةً في السحر، وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاكَ أمة محمد على يدي) ، وعلى طريقهم يجب أن نسير (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) ، فهكذا كانوا يتضرعون ويلجؤون ويشتكون إلى الله، وهم الأفضل والأقرب إلى الله منا ، وهم خير القرون ، فكيف بنا نحن عباد الله ، ومجتمعنا اليمني يعيش أوضاعا وأحوالا شديدة وتآمرا على أعلى المستويات ، وحياة طغت فيه الماديات والشهوات، وكثرت فيه الفتن والشبهات، وكثرت فيه الخيانات والمطامع والرغبات، وكثرت فيه الأهواء والنزوات، واشتدت فيه الفتن والضوائق والكربات ولذا كان اللجوء الى الله ، من أوجب الواجبات ليكشف الله عنا ما نحن فيه (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ، وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية : الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد فيا أيها المؤمنون إن اللجوء إلى الله تعالى ليس محصورا كما يظن البعض في الدعاء فقط, كلا . . فالدعاء صورة من صور اللجوء إلى الله سبحانه وباب من أبوابه, أما اللجوء إلى الله سبحانه بمعناه الشامل الكامل هو القيام بأوامره سبحانه جميعا, وهو من أسباب استجابة الدعاء. قال سبحانه: (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) فعليك أخي المسلم بالاجتهاد في طاعة الله والقيام بأوامره سبحانه, فإن التفريط في المأمورات وفعل المحظورات يثمر تسليط المعاصي على العبد وتفرق القلوب وتسلط العدو قال تعالى : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) وقال (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) فسارع أخي . .
بالبحث عما فاتك من الواجبات والطاعات من أعمال الجوارح، كالصلاة بخشوع، وأداء الزكاة، والصيام بشروطه وآدابه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك, وكذا أعمال القلوب من خشية لله والتوكل عليه ، والأنس به والتشوق إلى لقائه ، والرضى بقضائه وقدره, فإننا إن قمنا بهذا صرف الله عنا بفضله ورحمته هذا البلاء وعجل لنا بالنصر
ونتواصى بالفزع إلى الله دائما وهي الحالة التي كان عليها سيد البشر صلى الله عليه وسلم فعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم «إذا حزبه أمر صلى» وقال الله سبحانه وتعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ)
وقوله : " وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ " أي : من المصلين, فذكر من الصلاة حالة القرب من الله تعالى وهي السجود, وهي أكرم حالات الصلاة وأرجاها لإجابة الدعوات وتنزل الرحمات
ايها الاباء . . كم نحن بحاجة إلى أن نلتجأ إلى الله بالتوبة و بالعمل الصالح وبالدعاء ، من أجل أن يصلح الله أحوال أبنائنا وبناتنا ، وان يحفظهم من المضلات والفتن والأهواء ومن شياطين الجن والإنس الذين يستهدفون أبناءنا في عقائدهم وتصوراتهم وأخلاقهم وسلوكهم ، فإن اللجوء الى الله درع يحميهم ويكف عنهم الشرور .
كم نحن بحاجة إلى أن نلجأ إلى الله تعالى ليحفظ شبابنا وشاباتنا عدة الحاضر وأمل المستقبل ونحن نعيش في مواجهة أعداء متربصين
، يعملون جاهدين الليل مع النهار لمسخ هويتنا وقيمنا وأخلاقنا وإفساد هذا الجيل الصاعد المجاهد
كم نحن بحاجة كمسؤولين وموظفين وأطباء وتجار ومعلمين وعسكريين ومدنيين أن تكون قلوبنا موصولة بالله على الدوام إيمانا وعبادة وأخلاقا وتفانيا في أداء واجباتنا المناطة بنا دينا وقانونا وأن نتقن في ذلك فإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه
كم نحن بحاجة الى اللجوء إلى الله ونحن نواجه أعداء متربصين بديننا وأخلاقنا ووطننا وثرواتنا ويستهدفون أن يبقى المجتمع فوضى في صراع دائم ويمنعون قيام دولة وطنية مستقلة في قرارها السياسي والاقتصادي لتبقى عاجزة مضطرة للتبعية للدول الطامعة لتتحكم في قرارها ومصيرها
كم نحن بحاجة الى اللجوء إلى الله ونحن نرى الشر والإلحاد والفساد والدعوات إلى الشذوذ الجنسي تنتشر عبر شبكات الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المتعددة ، نلجأ إلى الله بالالتزام بطاعته ومنهجه في حياتنا الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية وفي كل حال
عباد الله: إننا نخشى مع كل ما يحصل من تفلت وانهيار في المنظومة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، أن تُسلَب منا النعم، وتحل بنا النقم، ونستحق غضب الجبار، ويخسف بنا ربنا الواحد القهار ثم بعد ذلك ندعو فلا يُستجاب لنا، ونقول فلا يُسمع منا، ويسلط علينا فلا نصر يأتينا، اسمعوا ماذا يقول الرب سبحانه (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) فالبدار البدار والعجلة العجلة شعارنا (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) ثم الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعوة إلى الجهاد المال وأقم الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة20 جمادى الآخرة 1444هـ الموافق 13 يناير 2023 م
الخطبة الأولى : الحمد لله ولي المؤمنين وناصر عباده المجاهدين ومذل الطغاة والمعتدين وأشهد ألا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أوصيكم ونفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والبعد عن معصيته والجهاد في سيله والصبر والمصابرة في العسر واليسر والسراء والضراء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) اللهم اجعلنا جميعا من المتقين الفائزين اللهم أبدل عسرنا يسرا وضيقنا فرجا وضعفنا قوة وجهلنا علما وفقرنا غنى. واجعلنا أغنى خلقك بك اللهم استرنا بسترك الحصين واعصمنا بحبلك المتين واجعلنا ممن لاذ بك فأجرته، وفرَّ إليك فقبلته ، وخاف منك فأمنته، وتوكل عليك فكفيته ، وسألك فأعطيته. اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك ، و نعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك أَمَّا بَعدُ فيا أَيُّهَا المؤمنون الكرام مِن الأمور الأساسية التي تشغل مساحة كبيرة من حياة الإنسان ووقته وجهده وتفكيره واهتمامه وتؤثر على نشاطه ومواقفه الوضع الاقتصادي والحالة المعيشية ولتأكيد هذه الحقيقة يقول النبي صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)،وتشتد تلك الآثار في حالة الحرب والتي تعد فيها المعيشية سلاحا يستخدمه العدو في مواجهة الحق وأهله ليؤثر على ثباتهم ووحدة صفهم وموقفهم وبذلهم وتضحياتهم وقديما قال أعداء الدين (لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) ، واستخدم كفار مكة هذا السلاح ضد النبي صلى الله عليه وسلم وكل أصحابه ومن وقف معه وسانده لكن المؤمنين واجهوا ذلك كله بالثبات على الحق والمبدأ في العسر واليسر ، وهذه أيها الكرام هي قصتنا اليوم في يمن الإيمان والحكمة والفقه ونحن في مواجهة حاسمة مع عصابة الحوثي الإرهابية الإيرانية الحاقدة ومن ورائها أعداء الدين والوطن وعلى وجه الخصوص الرباعية الدولية التي تتحكم في الملف اليمني والتي استخدمت الاقتصاد وسيلة من وسائل الضغط على المجتمع لتخضعه ولتكسر إرادته فمن أول يوم نهبت الاحتياطي النقدي من البنك المركزي فضاعت قيمة العملة ، ومن أول يوم صادرت رواتب جميع الموظفين وأفقدت مئات الآلاف من الأسر مصدر رزقها ، ومن أول يوم عطلت كل الموارد الاقتصادية للبلد فأصبحت البلاد عالة على الآخرين ، ومن أول يوم أخرجت الملايين من أبناء الشعب اليمني من بيوتهم ومتاجرهم ومزارعهم وصادرت كل ممتلكاتهم فتحولوا إلى فقراء لا يملكون شيئا ، وزاد الطين بلة اللا مبالاة من قبل الحكومة الشرعية وحلفائها والتي فتحت الباب واسعا للعبث بالمال العام وقدمت ما حقه التأخير وأخرت ما حقه التقديم وفتحت أبواب الترف والنفقات الكمالية مشرعة على حساب ضرورات الشعب والجيش والأمن . ونحن نعيش هذا الواقع يجب ألا تَغِيبُ عَنِ بالنا جميعا أُصُولٌ عَقَدِيَّةٌ مُهِمَّةٌ قد يؤدي غيابها إلى الشعور باليأس والإحباط والقنوط والفزع والجزع .
نعم أيها الكرام إنَّ من حقائق الإيمان أَنَّهُ لم تُخلَقْ نَفسٌ إِلاَّ وَقَد كَتَبَ اللهُ رِزقَهَا، وَلَن تَخرُجَ مِن هَذِهِ الدُّنيَا إِلاَّ وَقَدِ استَوفَت رِزقَهَا وَأَجَلَهَا، فَلا يَزِيدُ في الرِّزقِ حِرصُ حَرِيصٍ وَلا عَنَاءُ ذَكِيٍّ، وَلا يَنقُصُ مِنهُ تَأَنِّي مُتَأَنٍّ أَو مَكرُ مَاكِرٍ أو حقد حاقد أو عبث عابث ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) وَقَالَ جَلَّ وَعَلا(إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ عَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ: " إِنَّ أَحَدَكُم يُجمَعُ خَلقُهُ في بَطنِ أُمِّهِ أَربَعِينَ يَومًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضغَةً مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤمَرُ بِأَربَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اُكتُبْ عَمَلَهُ وَرِزقَهُ وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَو سَعِيدٌ... " الحَدِيثَ وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَأَى تَمرَةً عَائِرَةً فَأَخَذَهَا فَنَاوَلَهَا سَائِلاً، فَقَالَ: " أَمَّا إِنَّكَ لَو لم تَأتِهَا لأَتَتكَ " رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَمِنَ الأُصُولِ الإيمانية العَظِيمَةِ الَّتي يَجِبُ أَن نَعلَمَهَا وَنُوقِنَ بها أَنَّ مَفاتِيحِ الرِّزقِ هِيَ تَقوَى اللهِ وَطَاعَتُهُ وَشُكرُهُ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيهِ، وَسَبَبُ زَوَالِهِ وَمَحقِهِ الإِعرَاضُ عَن وَاهِبِهِ وَمُولِيهِ، قَالَ جَلَّ وَعَلا(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وَقَالَ جَلَّ وَعَلا ( فَقُلتُ استَغفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ - تَعَالَى - يَقُولُ: يَا ابنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَملأْ صَدرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقرَكَ، وَإِلاَّ تَفعَلْ مَلأتُ صَدرَكَ شُغلاً وَلم أَسُدَّ فَقرَكَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (لَو أَنَّكُم تَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ تَعَالى حَقَّ تَوَكُلِهِ لَرَزَقَكُم كَمَا يَرزُقُ الطَّيرَ، تَغدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ تَعَالى(وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ)
أَجَلْ إخوة الإسلام إِنَّ مَا عِندَ اللهِ لا يُنَالُ إِلاَّ بِتَقوَاهُ وَطَاعَتِهِ، وَمِن خَيرِ ذَلِكَ وَأَعظَمِهِ مُجَانَبَةُ الأَثَرَةِ وَحُبِّ الذَّاتِ، وَالبَذلُ في سُبُلِ الخَيرِ والجهاد وَبسط اليَدَينِ بِالعَطَاءِ للفقراء والمساكين والمحتاجين ، وَصِلَةُ الأَرحَامِ وَالإِحسَانُ إِلى الآخَرِينَ، قَالَ سُبحَانَهُ (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) وَقَالَ جَلَّ وَعَلا (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَيَقدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ) وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ (مَا مِن يَومٍ يُصبِحُ العِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعطِ مُنفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعطِ مُمسِكًا تَلَفًا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ( اُبغُوني في ضُعَفَائِكُم؛ فَإِنَّمَا تُرزَقُونَ وَتُنصَرُونَ بِضُعَفَائِكُم " رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ (مَن سَرَّهُ أَن يُبسَطَ عَلَيهِ رِزقُهُ، أَو يُنسَأَ في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وإن من مفاتيح الرزق الجهاد في سبيل الله دفاعا عن الدين والعقيدة والوطن والعرض والأرض روى البخاري تعليقا في باب الجهاد وأحمد في المسند عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بعثت بين يدي الساعة مع السيف وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري) نَعَم أيها الكرام قَد لا يرى الإنسان زيادة في الرزق من ناحية القدر المادي ومظاهره لكنه يرى ذلك في ألطاف الله بنفسه وأهله وأولاده ويرى ذلك بركة في القليل من الدخل وهو ما نلاحظه في وضع هذا الشعب الصابر الذي ضيق عليه في معيشته وضروراته ومع ذلك لا زال يقاوم ويكافح ويصبر ويصابر مؤمنا بقول الله تعالى(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ(وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) وَللهِ تَعَالى في تَفَاوُتِ أَرزَاقِ النَّاسِ وَاختِلافِ مَعِيشَتِهِم بَالِغُ الحِكَمِ، وَمِن أَظهَرِهَا تَسخِيرُ بَعضِهِم بَعضًا في الأَعمَالِ وَالحِرَفِ، وَلَو تَسَاووا في الغِنَى وَلم يَحتَجْ بَعضُهُم إِلى بَعضٍ، لَتَعَطَّلَت كَثِيرٌ مِن مَصَالِحِهِم وَمَنَافِعِهِم، قَالَ سُبحَانَهُ)أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا( مستشعري بأن ذلك ابتلاء من الله يستحق منا الصبر والتحمل وصدق الله (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ
وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه نه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية : الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : فيا أيها المؤمنون الكرام لا يعني حديثنا يأن الأرزاق بيد الرزاق أن نقف مكتوفي الأيدي أمام الإجراءات الخاطئة التي تضر بشعبنا وتثقل كاهله بل من حقنا أن نقول لا لمثل هذا النوع من الإجراءات وفي محافظة مارب على وجه الخصوص هذه المدينة التي تقل ثلاثة ملايين من المهاجرين المجاهدين والتي يقف أهلها والمهاجرون إليها في ساحة المواجهة المباشرة مع الحوثي الليل مع النهار فلا مساواة بينها وبين غيرها استئناسا بقول الله (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ، دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
ومن واجبنا ونحن نعترض على هذه القرارات التي تضر بالمجتمع أن نتذكر أن كل البلاء الذي نزل باليمنيين من بعد انقلاب الحوثيين في سبتمبر ٢٠١٤م يتحمل جرمه وإثمه الحوثيون ومن وراءهم فالخلاف، والفرقة ، والاقتتال، واستباحة السيادة، ونشأة المشروعات المناطقية ، وتضاعف الضائقة المعيشية والاقتصادية النازلة باليمن هم سبب في ذلك كله .. ولكنا مع ذلك لا نعفي الحكومة ممثلة بجميع سلطاتها ووزاراتها من اللوم وتحمليها المسؤولية في كثير من القضايا وخصوصا فيما أقدمت عليه مؤخرا من قرار رفع أسعار النفط والغاز والكهرباء والجمارك ففي حديث ابْنِ عُمَرَ، عند مسلم : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) وفي الحديث الآخر (إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ ؟ )، وإننا إذ نقدر الوضع الاقتصادي الذي تمر به الحكومة بسبب حصار الحوثي لموانئ التصدير وعبثه بالعملة لنؤكد أن واجب الحكومة أن تلجأ لمعالجات أخرى ، لكنها للأسف سارت تتجه نحو الإجراءات السهلة لها والمميتة للمجتمع ، وذلك برفع أسعار المشتقات النفطية والغاز والكهرباء والجمارك فيما تغيب عن أجندتها إجراءات أيسر وأقل كلفة مثل تقليص عدد السفارات والموظفين فيها ورواتب المسؤولين المصروفة بالدولار ومثل مكافحة الفساد ، بل وتوفير حماية للمنشئات الاقتصادية والموانئ، واستثمار الموارد وتوحيدها، وقصرت عن وظيفتها في دعم الجيش وتوحيده لاستعادة الدولة وإنهاء العبث والانقلاب وهي فريضة الوقت والربح فيها يقول الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ). الحكومة للأسف لم تتحمل مسؤوليتها، ولهذا نطلب اليوم من مجلس القيادة الرئاسي تحمل مسؤوليته الوطنية بإلغاء هذه الإجراءات القاتلة للناس، كما نطالب أعضاء مجلس النواب والشورى وجميع القوى السياسية أن تقف أمام هذه القرارات بحزم وأن توقف هذه الإجراءات التي تترتب عليها والتي سيكون المستفيد الأكبر من تداعياتها هم الحوثيون والقوى التي لا تريد لهذه المحافظة واليمن عموما الخير والاستقرار . كما نطلب من المواطنين جميعا عدم التعاطي مع دعوات التخريب وقطع الطرقات تحت ذريعة هذه القرارات فهذا ما تقر به عين الحوثي ومن وراه. وقد راينا كيف تذرع بذلك لإسقاط صنعاء والحكومة والانقلاب على الدولة ونهب مقدراتها ثم جرع اليمنيين الجرع ونهب كل ممتلكات الدولة وبسط السيطرة على جميع الموارد وختم بنهب المرتبات والمساعدات.
علينا جميعا تشكيل رأي عام ضاغط على من اتخذ هذا القرار لإيقافه والتراجع عنه والاهتمام بتدبير موارد تدعم موازنة الحكومة دون أن يتحمل المواطن مزيدا من المعاناة.. يا مجلس القيادة ويا حكومة الجمهورية اليمنية ، ادعموا الجيش ووحدوا قيادته تحت راية وزارة الدفاع تستردوا سيادتكم وموانئ التصدير المهددة من طيران الحوثي وتسلموا من تدخلات القوى الخارجية ، وحدوا الصف لتستعيدوا حقوق اليمنيين المنهوبة من الميليشيات ولتسجلوا في تاريخكم مواقف مشرفة تليق بالأحرار الأبطال. كما نذكر الجميع باللجوء إلى الله الذي بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير أن يرفع عنا الغلا والحصار والفتن والمؤامرات وأن يكفينا شر الأشرار وكيد الفجار ..السكينة السكينة وحذار أن ينفذ العدو من خلال غضبكم وسخطكم على هذه القرارات الجائرة وإننا على ثقة أن يكون للغيورين في الرئاسة والحكومة والنواب موقفا ينحازون فيه للناس وحاجتهم.. استعينوا بالله وتوكلوا على الله وقووا موقف الجبهات حضورا وإسنادا فالعدو يتربص بنا .. حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله فيمن يتآمر على هذا الشعب حسبنا الله فيمن يضر به ويفاقم معانته.. (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ثم الدعاء والدعوة إلى الجهاد بالمال وأقم الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة 27 جمادى الآخرة 1444هـ الموافق 20 يناير 2023 م
الخطبة الأولى : الحمد لله رب العالمين قيوم السماوات والأرضين مدبر أمر الخلائق أجمعين نحمده تعالى حمد الشاكرين الذاكرين ونسأله عز وجل أن يجعلنا من الفائزين يوم الدين يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ابتلانا بالتكاليف والأمانات والحقوق والواجبات ووعد الأوفياء بأحسن الجزاء وتوعد من ضيع أمانته بالغضب وسوء الحساب وهو القائل سبحانه (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ، إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله من بلغ رسالته وأدى أمانته وجاهد في سبيل ربه حق جهاده حتى أتاه اليقين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أوصيكم ونفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والبعد عن معصيتة وأداء الأمانة ورعاية المسؤولية عملا بقول الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) أما بعد فيا أيها المؤمنون الكرام ذكر العلامة علاء الدين الهندي في كنز العمال قال قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفد من العراق فيهم الأحنف بن قيس وهو سيد قومه ، قدموا على أمير المؤمنين في يوم صائف شديد الحر، فوجدوه معمما بعباءة يغسل ويطلي بعيراً من إبل الصدقة بالقطران فقال: يا أحنف ضع ثيابك، وهلم، فأعن أمير المؤمنين على هذا البعير فإنه من إبل الصدقة، فيه حق اليتيم، والأرملة، والمسكين، فقال رجل من القوم: يغفر الله لك يا أمير المؤمنين فهلا تأمر عبداً من عبيد الصدقة فيكفيك ؟ فقال عمر: وأي عبد هو أعبد مني ومن الأحنف؟ إنه من ولي أمر المسلمين يجب عليه لهم ما يجب على العبد لسيده في النصيحة، وأداء الأمانة ) ، وأخرج بن أبي شيبة وغيره عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قال : قَالَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه " والذي نفسي بيده لَوْ هَلَكَ حَمَلٌ مِنْ وَلَدِ الضَّأْنِ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ، ضَائِعًا ؛ أو جمل أو شاة لَخَشِيتُ أَنْ يَسْأَلَنِي اللَّهُ عَنْهُ " .من مدرسة عمر أيها المؤمنون الكرام نتعلم الشعور بالمسؤولية والإحساس بالأمانة والقيام بالواجب المناط بكل واحد منا على أكمل وجه وهي موعظة عامة لكل مكلف تتعلق بذمته أمانات ومسؤوليات والتزامات وحقوق وواجبات هو مسؤول شرعا عن الوفاء بها ورعايتها ومحاسب عليها في الدنيا والآخرة وهي الأمانة التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، وذلك ما أكده النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى مَالِ زَوْجِهَا، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ) رواه مسلم وهو دليل على عموم المسؤولية على كل مكلف في مسؤوليته عن نفسه وأهله وماله ووظيفته وعن دينه ووطنه ، وهي رسالة وموعظة عملية يعظ بها الفاروق كل من يتولى أمر المسلمين في الوفاء بحق الأمة والشعور بحق الرعية في رعاية مصالحهم والحفاظ على ثرواتهم والرفق بضعفائهم وتوفير خدماتهم ، يعلم الجميع بأن المسؤولية الأكبر هي مسؤولية ولاة أمر المسلمين من الرؤساء والأمراء والوزراء وأصحاب الولايات العامة والذين يعدون مكانتهم في قيادة الأمة والمجتمع مغنم في حين يعدها عمر مغرم ويتمنى لو خرج منها كفافا لا له ولا عليه ، ذلك لأن الوفاء أمر عزيز ولا يوفق إليه إلا أصحاب الهمم العالية والعاطفة الدينية والوطنية الحية والذين يعيشون لأمتهم لا لمصالحهم الذاتية والذين يقدرون ما في ذمتهم من العهود والأيمان والعقود والالتزامات ، يحضر في قلوبهم دائما قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
كما في حديث معقل بن يسار بلفظ (ما مِن عَبْدٍ اسْتَرْعاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْها بنَصِيحَةٍ، إلَّا لَمْ يَجِدْ رائِحَةَ الجَنَّةِ) رواه البخاري ، ولذلك عظم الله جزاء الأوفياء فوعدهم بجزيل العطاء فقال (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) وقال سبحانه (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ). وفي حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ( سبعة يلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – وذكر منهم –إمام عادل ) وأمر الله عباده بالوفاء بالعهود فقال (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ). كما أمر الله تعالى عباده بالوفاء بالعقود فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، وكم من العقود والعهود والأيمان التي يقطعها كل مسؤول على نفسه كلما تولى مسؤولية يردد "أقسم بالله العظيم أن أكون متمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله، وأن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعي مصالح الشعب وحرياته رعاية كاملة، وأن أحافظ على وحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه والله على ما اقول شهيد". فأين الوفاء يا أيها المسؤولون بهذا القسم وهذا العهد ماذا فعلتم للحفاظ والتمسك بالدين والقيم والحوثي وأيادي الشر والفساد في البلد ينشرون الإلحاد ويدمرون الأخلاق ؟ ماذا فعلتم للحفاظ على النظام الجمهوري الذي ضحى من أجله ثوار سبتمبر وأكتوبر وأئمة الظلم والاستبداد في الشمال والجنوب يسيطرون على جزء كبير من يمن الإيمان والحكمة ؟ أين الحفاظ على الوحدة الوطنية وأعداء اليمن في كل يوم يزيدوننا تمزيقا وشتاتا ؟ أين الحفاظ على استقلال الوطن واستقراره وسلامة أراضيه والمخاطر تحيط بالبلد في شماله وجنوبه وشرقه وغربه ؟ أين رعاية مصالح الشعب وأبناء اليمن في كل يوم يزدادون معاناة ويقاسون من ارتفاع الأسعار وضياع العملة والركود الاقتصادي وحكومتهم تزيدهم جرعات وترفع البترول والغاز والكهرباء والجمارك مما يهدد بمزيد من غلاء المعيشة فهي ترعى مصالح الشعب بالمقلوب ظلمات بعضها فوق بعض ، تذكروا أيمانكم ولا تتخذوها هزوا ولعبا مقابل عوض دنيوي زائل فالله يقول (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ، وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). نربأ بكم عن الإخلال بالعهود والوعود فليست من صفات المؤمنين وإنما هي من سمات المغضوب عليهم من اليهود ومن صفات المنافقين ولستم كذلك بإذن الله قال تعالى عن اليهود (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) وقال عن المنافقين (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ، لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وفي الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " واه البخاري ، ونقض العهود من صفات المفسدين في الأرض قال الله تعالى(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ). كل ذلك يوجب علينا حكاما ومحكومين أن نكون أوفياء بأماناتنا وعهودنا ومسؤولياتنا كما وصف الله عباده المؤمنين بقوله (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فيا أيها المؤمنون ليتذكر كل واحد منا ما في ذمته من أمانات ومسؤوليات فيوفي بها لأن الله سيسأله عن أمانته يوم القيامة فإذا ضيعها فإنها تمثل له في جهنم فيغوص في النار ليؤدي أمانته فلا ينجو بل يظل في عذاب بقدر ما ضيع من أمانته ، كما نذكر مرة أخرى المجلس الرئاسي والحكومة ومجلس النواب والشورى بما في ذمتهم من الحقوق لهذا الشعب وقد اقسموا مرات
كثيرة على رعاية مصالح الشعب لكن هذه الملايين لم تر وفاء حتى اليوم فأحسنوا إلى شعبكم تنالون خيرات ودعوات ولا تشقوا عليه فتصيبكم دعواته عليكم بل ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك ففي الحديث عن عائشة -رضى الله عنها- قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول في بيتي هذا: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، رواه مسلم. وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خِيَارُ أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتُصَلُّون عليهم ويصلون عليكم. وشِرارُ أئمتكم الذين تبُغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم!»، قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا نُنَابِذُهُم؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة. لا، ما أقاموا فيكم الصلاة) رواه مسلم ، ولذلك فإن على جميع المسؤولين المدنيين والعسكريين الوفاء بعهودهم وعقودهم المتمثلة في القرآن والسنة والدستور والقوانين والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مؤتمر الرياض وبرنامج المجلس الرئاسي وبرنامج الحكومة وقرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية
وذلك بدمج كل الوحدات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع وكل القوات والأجهزة الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية وصرف رواتب الجيش الوطني بصورة مستمرة وعلاج الجرحى ورعاية أسر الشهداء والمعاقين والمختطفين ماليا وصحيا وتعليميا وتوفير المنح الدراسية لهم ولأبنائهم. وتوفير مستلزمات معركة التحرير من السلاح الثقيل والخفيف والدروع والطائرات المسيرة والذخيرة والتموين والإسناد اللوجستي. ورفع رواتب الجيش والأمن استعدادا لمعركة الحسم مع المليشيات ولا تعويل على مشاريع السلام ، وعلى الحكومة كذلك توقيف الجرعات السعرية القاتلة ومعالجة الوضع الاقتصادي عن طريق إلغاء السفارات التي لا حاجة لها وترشيد الإنفاق الحكومي ومحاربة الفساد المالي والإداري. ورعاية مصالح الشعب بتخفيض الأسعار والضرائب والجمارك وتشغيل الموانئ والمطارات وضبط إيرادات المنافذ الحدودية والغاز والنفط والثروة السمكية وعائدات المؤسسات العامة وأراضي وعقارات الدولة وإزالة الأسماء الوهمية والمكررة في الوظائف العامة. واستنفار كل مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية والإعلامية والتوجيه المعنوي والإرشاد في توعية أبناء اليمن للحفاظ على الهوية الدينية والوطنية والنظام الجمهوري والسيادة والاستقلال ، ومنع الميليشيات المسلحة خارج إطار وزارتي الدفاع والداخلية من التحركات العسكرية لإثارة الفوضى في المناطق المحررة ونقل مراكز الاتصال من صنعاء إلى أي منطقة محررة لمنع تحكم الحوثيين فيها وعزل ومعاقبة كل من يثبت تعامله مع الحوثيين من موظفي الخارجية والسفارات. ومن حق الشعب بكل قبائله وأحزابه مطالبة الحكومة بتنفيذ التزاماتها السابقة عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والوسائل القانونية السلمية والحذر من استغلال ميليشيات إيران وعملاء إسرائيل وخلاياها في المناطق المحررة للمطالب الشعبية الشرعية لإثارة الفوضى والتخريب وقطع الطرقات والاعتداء على مؤسسات الدولة الشرعية أو على أبطال الجيش الوطني والأمن فذلك كله مرفوض شرعا وقانونا وأخلاقا (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ثم الدعاء والصلاة على النبي والدعوة إلى الجهاد بالمال
🎤

*خطبة مكتوبه بعنوان:*
*خطر.التهاون.بالصلاة.وعقوباته.tt*


🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌


الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين جعل المحافظة على الصلاة من صفات المؤمنين ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ وجعل التكاسل عنها من صفات المنافقين ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وصف من تركوا الصلاة بالمجرمين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصى بالمحافظة على الصلاة حتى أتاه اليقين صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.



أما بعد:

فاتقوا الله أيها المسلمون حق التقوى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ أيها المسلمون: مما لا يخفى أنَّ الصلاة عمود الدين بل هي الركن الثاني للإسلام بعد الشهادتين وهي صلة العبد برب العلمين فرضها الله من فوق سبع سموات على النبي بغير واسطة لأهميتها وعظيم مكانتها بل أمر بالمحافظة عليها جماعةً حتى المجاهدين وجعلها قرينة الإيمان في مواضع كثيرة من القرآن العظيم بل سماها إيمانا كما قال سبحانه ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ أي صلاتكم وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " أن أَوَّلَ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ من عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ "سنن النسائي ج1 ص232 برقم 465 والترمذي ج2 ص270 برقم 413 وصححه الألباني في المشكاة "1330". وأورث المحافظين عليها الفردوس الأعلى ووعد النبي صلى الله عليه وسلم من حافظ عليها بالجنة عهدا من رب العالمين عن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ الله على الْعِبَادِ فَمَنْ جاء بِهِنَّ لم يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شيئا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كان له عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ "المسند ج5 ص315 برقم 22745 وسنن النسائي ج1 ص230 برقم 461 وأبي داود ج2 ص62 برقم 1420 وصصححه ابن حبان ج5 ص23 برقم 1732 والألباني في صحيح الجامع 5554 وغيره. لذلك كله حافظ عليها المسلمون جيلا بعد جيل ولم يتهاونوا بها حتى عند المرض والسكرات قال ابن مسعود رضي الله عنه " وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عنها إلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كان الرَّجُلُ يؤتي بِهِ يُهَادَى بين الرَّجُلَيْنِ حتى يُقَامَ في الصَّفِّ " وفي لفظ قال " لقد رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عن الصَّلَاةِ إلا مُنَافِقٌ قد عُلِمَ نِفَاقُهُ أو مَرِيضٌ إن كان الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بين رَجُلَيْنِ حتى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ " مسلم ج1 ص453 برقم 654 وقيل لابن المسيب فلان يريد قتلك فالزم بيتك ولا تخرج فقال مستنكرا أدعى إلى الفلاح أو أسمع حي على الفلاح فلا أجيب. لقد حافظوا عليها حتى مع ضعفهم وتسلط الأعداء عليهم حتى جاء عصرنا الحاضر فعظم المصاب بتضييع الصلاة والتهاون بها ونسوا ما قال الله ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ والغي قال ابن مسعود والبراء بن عازب واد في جهنم من قيح لأنه يسيل فيه قيح أهل النار وصديدهم وهو بعيد القعر خبيث الطعم. ونسوا وعيد الله بالويل لهم ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ والويل قال عنه عطاء بن يسار " الويل واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لماعت من حره " واختلفت أحوالهم في التهاون والتضييع بين مضيع لها بالكلية ومضيع لأركانها وواجباتها والخشوع فيها ومضيع لأوقاتها ومضيع لجماعتها في المساجد حيث ينادى بها. أيها المسلمون: وليكن حديثنا هذا اليوم مع المضيعين للصلاة والمتهاونين بها بدءا بالتاركين لها إنَّ تارك الصلاة عاص للرحمن متبع للشيطان الذي أمر بالسجود فأبى وسيحشر يوم القيامة مع يليق به في المنزلة ممن تمرد على ربه كفرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَقَالَ "... وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُرْهَانٌ وَلا نُورٌ وَلا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَهَامَانَ وَفِرْعَوْنَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ " المسند ج2 ص169 برقم 6575 وصحيح ابن حبان ج4 ص329 برقم 1467 وصححه الألباني في المشكاة 578.
وتارك الصلاة عامدا جاحدا لوجوبها كافر بإجماع العلماء وأما إذا تركها تهاونا وكسلا مع إقراره بوجوبها فقد اختلف علماء الإسلام في حكمه على قولين أظهرها أنه كافر الكفر الأكبر وتجرى عليه أحكام المرتدين لما ورد من نصوص الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم ومنها قوله تعالى ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ والأخوة الإيمانية لا تنتفي بوجود المعاصي مهما كبرت عدا الشرك. وقال تعالى ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ....- إلى أن قال - فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ والذي لا تنفعه الشفعة هو الكافر كما قالوا عن أنفسهم كما حكى الله ﴿ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ ﴾ وأما المسلم فتنفعه الشفاعة بإذن الله وهذا دليل صريح على كفر تارك الصلاة. ومنها عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنه يقول سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " بين الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ " مسلم ج1ص77برقم 82 وعن بُرَيْدَةَ الأسلمي رضي الله عنه قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " الْعَهْدُ الذي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ " سنن النسائي ج1 ص231 برقم 463 والترمذي ج5 ص13 برقم 2621 والمسند ج5346 برقم 22987 وصححه الحاكم ج1 ص48 برقم 11 والألباني في صحيح الترغيب والترهيب "564" وغيره. عن مُعَاذِ بن جَبَلٍ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِمُعَاذِ بن جَبَلٍ رضي الله عنه " من تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ منه ذِمَّةُ اللَّهِ " المعجم الكبير للطبراني ج20 ص117 برقم 233 والمسند عن أم أيمن ج6 ص421 برقم 27404 وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب" 573" وقال في الإرواء" وهذا إسناد رجاله ثقات...". وأما أقوال الصحابة فقد قال عمر لفاروق رضي الله عنه " له لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " وعن علي رضي الله عنه " من لم يصل فهو كافر " وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه " من لم يصل فلا دين " وقال عبد الله بن شقيق " كان أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " ولم يرد في النصوص أن تارك الصلاة مؤمن أو أنه يدخل الجنة أو أنه ينجو من النار حتى نحتاج معه إلى تأويل النصوص فنقول إن الكفر هو كفر النعمة أو الكفر الأصغر لا يخرج من الملة كما يقول أصحاب القول الثاني، وهل يرضى تارك الصلاة لنفسه أن يكون محل شك عند علماء الإسلام هل هو مسلم أم لا ؟ أيها المسلمون: إذا تبين أن تارك صلاة كافر كفرا أكبر ومرتد عن دينه فإنه تجرى عليه أحكام المرتدين ومنها : أولا لا يجوز أن يزوج ببنات المسلمين وإن عقد له وهو لا يصلي فنكاحه باطل وإن كان تركه للصلاة بعد عقد النكاح فينفسخ عقده من زوجته ولا تحل له لقوله تعالى ﴿ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ وثانيا لا تحل ذبيحته إن ذبحها، وثالثا لا يجوز له دخول مكة أو حدود حرمها لقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾ ورابعا إذا مات أحد أقاربه من المسلمين لم يرث منه عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال " لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ولا الْكَافِرُ الْمُسْلِم " البخاري ج6 ص2484 برقم 6383 ومسلم ج3 ص1233ب رقم1614. وخامسا أنه إذا مات لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يجوز لأحد من أقاربه أن يدعوا له بالرحمة والمغفرة لأنه كافر لا يستحقها قال تعالى ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ ويحشر يوم القيامة مع أئمة الكفر فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف فإن كان ملكا أو رئيسا شغله ملكه ورئاسته عن الصلاة حشر مع فرعون وإن كان وزيرا أو موظفا شغلته وزارته أو وظيفته عن الصلاة حشر مع هامان وإن كان ثريا غنيا شغله غناه عن الصلاة حشر مع قارون وإن كان تاجرا يبيع ويشتري وألهاه بيعه وشراؤه عن الصلاة حشر مع أبي بن خلف ولا تسل يا تارك الصلاة عن منازل هؤلاء في النار يوم القيامة فهم في شر الدركات هذا حكم تارك الصلاة وهذه عقوبته فهل بعي ذلك تارك الصلاة ويتدارك نفسه قبل فوات الأوان، وأما المضيع لأوقاتها المؤخر لها عن وقتها المحدد لها شرعا فقد قال تعالى ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ قال ابن مسعود رضي الله عنه " ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ولكن أخروها عن أوقاتها " وقال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا
أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ قال جماعة من المفسرين : المراد بذكر الله الصلوات الخمس فمن اشتغل عن الصلاة في وقتها بماله كبيعه وشرائه أو معيشته أو ضيعته أو ولده كان من الخاسرين. وقال تعالى ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ وهذا تهديد لمن أخر الصلاة عن أوقاتها والويل واد في جهنم وورد الوعيد بشأن صلوات مخصوصة كالفجر والعصر عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ " البخاري ج1 ص203 برقم 528 وعن بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال " الذي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ "البخاري ج1 ص203 برقم 529 ومسلم ج1 ص436 برقم 626. وعن سَمُرَةُ بن جُنْدَبٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرُّؤْيَا قال " أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الذي أَتَيْتَ عليه يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فإنه الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عن الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ "البخاري ج6 ص2585 برقم 6640. وفي حديث أبي هريرة في الإسراء أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء قال يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين تثاقلت رؤوسهم عن الصلاة " قال صاحب المجمع ج1 ص72 رواه البزار ورجاله موثوقون. هذا بعض العقاب إضافة إلى ما فاتهم من الفضل العظيم لمن حافظ على الصلاة في أول وقتها فعن عبد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال " سَأَلْتُ النبي صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلى اللَّهِ قال الصَّلَاةُ على وَقْتِهَا.." البخاري 1ص 197 برقم 504.



فيا من تؤخر الصلاة عن وقتها تنبه من غفلتك واستيقظ من رقدت قبل أن تندم في وقت لا ينفع فيه الندم وتتمنى الرجوع إلى الدنيا لتعمل صالحا ولكن هيهات هيهات ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ....... ﴾



الخطبة الثانية

أيها المسلمون:

اتقوا الله واعلموا أن الصلاة عمود الدين وبرهان الإيمان وشرط القبول فإن قبلت قبل سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله من وفاها وفاه الله حقه ومن طفف ففيها فقد علمتم ما قال الله في المطففين، ولا يزال الحديث مع المضيعين والمتهاونين بالصلاة ومع المضيع لصلاة الجماعة في بيوت الله أولئك الذين هجروا المساجد شأنهم شأن المنافقين وربما كان بيت الواحد منهم مجاورا للمسجد ولا يعرف طريقه فاسمعوا طرفا من الوعيد والتهديد الذي ينتظرهم إن لم يراجعوا أنفسهم ويصلحوا ما فسد من قلوبهم قال تعالى ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ وذلك يوم القيامة وما يكون فيه من الأهوال والزلازل والبلاء والامتحان والأمور العظام حين يغشاهم الذل والهوان وقد كانوا يدعون إلى السجود في الدنيا قال ابن المسيب " كانوا يسمعون حي على الصلاة حي على الفلاح فلا يجيبون وهم أصحاء سالمون " وقال إبراهيم التيمي " يعني يدعون إلى الصلاة بالأذان والإقامة " وقال كعب الأحبار " والله ما نزلت هذه الآية إلى في الذين تخلفوا عن الجماعة " فأي وعيد أشد وأبلغ من هذا لمن ترك الصلاة مع جماعة المسلمين مع قدرته على الذهاب إليها، عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ على الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ من حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ" البخاري ج1 ص234 برقم 626 ومسلم ج1 ص415 برقم 651. وهل يمكن أن يتوعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالتحريق بالنار أقواماً إلا بسبب ذنب عظيم اقترفوه، أتى ابن أم مكتوم رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ شَاسِعُ الدَّارِ وَلِي قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي فَهَلْ لي رُخْصَةٌ أَنْ أُصَلِّيَ في بَيْتِي فرخص له فلما ولى دعاه وقال هل تَسْمَعُ النِّدَاءَ قال نعم قال فأجب لَا أَجِدُ لك رُخْصَةً "مسلم ج1 ص452 برقم 653 وغيره فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجد رخصة لرجل أعمى أن يصلي في بيته ولم يعذره فكيف يجوز لصحيح البدن والبصر أن يصلي بيته ؟ كيف يستبيح كثير من الناس التخلف عن الصلاة مع الجماعة في المساجد وقد أصح الله أبدانهم ووسع عليهم في أرزاقهم وآمنهم في أوطانهم أما يخشى أولئك المتخلفون الغافلون أن يكون النفاق قد تسلل إلى قلوبهم وهم لا يشعرون ؟ عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال قال
رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " من سمع الْمُنَادِيَ فلم يَمْنَعْهُ من اتباعه عُذْرٌ قالوا وما الْعُذْرُ قال خَوْفٌ أو مَرَضٌ لم تُقْبَلْ منه الصَّلَاةُ التي صلى" سنن أبي داود ج1 ص151 برقم 551 وصححه الألباني. يعني الصلاة التي صلاها في بيته وعن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " ما من ثَلَاثَةٍ في قَرْيَةٍ ولا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا قد اسْتَحْوَذَ عليهم الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ "المسند ج5 ص196 برقم 21758 والنسائيج2 ص106 برقم 847 وأبي داود ج1 ص150 برقم 547 والحاكم ج1 ص374 برقم 900 وابن حبان ج5 ص457 برقم 2101 وعن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عن وَدْعِهِمْ الْجَمَاعَاتِ أو لَيَخْتِمَنَّ الله على قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ من الْغَافِلِين " سنن ابن ماجه ج1 ص260 برقم 794. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلا صَلاةَ لَهُ إِلا مِنْ عُذْر " الحاكم ج1 ص372 برقم 893 وابن حبان ج5 ص415 برقم 2064. سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يقوم الليل ويصوم النهار ولا يصلي مع الجماعة فقال هو في النار"وقال"من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ويأتي المسجد ويصلي فلا صلاة له وقد عصى الله ورسوله" وقال ابن مسعود رضي الله عنه " من سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فإن اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ من سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكُمْ كما يُصَلِّي هذا الْمُتَخَلِّفُ في بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وما من رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ من هذه الْمَسَاجِدِ إلا كَتَبَ الله له بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بها دَرَجَةً وَيَحُطُّ عنه بها سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عنها إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كان الرَّجُلُ يؤتي بِهِ يُهَادَى بين الرَّجُلَيْنِ حتى يُقَامَ في الصَّف " وقال ابن عمر رضي الله عنهما " كنا إذا فَقَدْنَا الرَّجُلَ في الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّن " وكان الربيع بن خثيم قد سقط شقه في الفالج " الشلل " فكان يخرج إلى الصلاة يتوكأ على رجلين فيقال له يا أبا محمد قد رخص لك أن تصلي في بيتك أنت معذور فيقول هو كما تقولون ولكن أسمع المؤذن يقول حي على الصلاة حي على الفلاح فمن استطاع أن يجيبه ولو زحفا أو حبوا فليفعل. وكم يفوت المتخلف من الأجر العظيم عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من غَدَا إلى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ الله له نُزُلَهُ من الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ" البخاري ج1 ص235 برقم 631 ومسلم ج1 ص463 برقم 669. عن بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه عن النبي قال " بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ في الظُّلَمِ إلى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يوم الْقِيَامَةِ " الترمذي ج1 ص435 برقم 223 وأبي داود ج1 ص154 برقم 561 وصححه لحاكم عن أنس ج1 ص332 برقم 679و ابن خزيمة ج2 ص377 برقم 1499. عن عُثْمَانَ بن عَفَّانَ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " من صلى الْعِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قام نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صلى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صلى اللَّيْلَ كُلَّهُ " مسلم ج1 ص454 برقم 656. عن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "من صلى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا في جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَتْ له بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ من النَّارِ وَبَرَاءَةٌ من النِّفَاقِ " الترمذي ج2 ص2 برقم 241 وحسنه الألباني في الصحيحة "2652. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتاني الليلة ربي في أحسن صورة فقال يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى قلت نعم في الكفارات والدرجات ونقل الأقدام للجماعات وإسباغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلاة بعد الصلاة ومن حافظ عليهن عاش بخير ومات بخير وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه " مسند أبي يعلى ج4 ص475 برقم 2608 وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب"194". عن عُثْمَانَ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " من تَوَضَّأَ فأسبغ الْوُضُوءَ ثُمَّ مَشَى إلى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ فَصَلاَّهَا غُفِرَ له ذَنْبُه "المسند ج1 ص67 برقم 483 وصححه ابن خزيمة ج 2ص373 برقم 1489.
🎤

*خطبة مكتوبه بعنوان:*

*أهمية.الصلاة.على.وقتها.في.الجماعة.tt*

🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبة الاولى:

إن الحمد لله، نَحمَده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].



أما بعد:

فيا أيها المسلمون، نقفُ هذا اليومَ مَعَ فَرِيضَةٍ من فَرائِضِ اللهِ، فرَضَها على كُلِّ مُسلمٍ؛ غنيٍّ أو فقير، صَحِيحٍ أو مَرِيض، ذَكَرٍ أو أُنثى، مُقِيمٍ أو مُسافِر، في أَمْنٍ أو في خَوْف، هي الفارقةُ بينَ المسلمِ والكافر، وهي عمودُ الدِّينِ، وهي أوَّلُ ما يُحاسَبُ عنهُ العبدُ يومَ القيامة فإن صَلَحَت؛ صَلَحَ سائرُ عملِه، وإن فسَدَت فَسَدَ سائرُ عملِه.



هيَ قُرَّةُ عينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ هذهِ الدُّنيا، وهي قُرَّةُ عُيُونِ أتباعهِ من هذهِ الأُمَّة.



هذه الفريضة: هي الركنُ الثاني مِن أركانِ الإسلام، هي الصلاة يا عبادَ الله.



الصلاة التي حافظَ عليها وأَقامَها أقوامٌ؛ فسَعِدوا واطمأنُّوا في هذه الدنيا، وسَيَسْعَدُونَ بإذن الله يومَ القِيامة، الصلاة التي فرَّطَ وتهاونَ فيها آخَرُونَ، فأهملوها، وأخَّروها، ونقرُوها، وضيَّعوها، فضَيَّعَهُمُ الله والعياذُ بالله؛ يقول نبيُّنا وحبيبُنا صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِر»، وكانَ أميرُ المؤمنينَ عمرُ الفاروقُ رضي الله عنه يَكتُبُ إلى أُمَرَائِهِ على المُدُنِ والقُرى: "إِنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ، فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا، حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا، فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ".



ومَن تَرَكَ الصلاةَ كُلَّها عَامِدًا، فلا حَظَّ له في الإسلام، فعن جابرِ بنِ عبدِاللهِ رضي اللهُ عنه قال: "سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ».



أيها المؤمنون، أجمَعَ عُلماءُ الإسلامِ على أنَّ للصلَوَاتِ الخمسِ أوقاتًا لا بُدَّ أن تُؤدَّى فيها، وأنَّهُ لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يُصلِّيَ صلاةً مفروضةً قبلَ وقتِهَا، ولا يَحِلُّ لهُ أن يؤخِّرَهَا عن وقتِهَا، قال ربُّنَا عز وجل: ((إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)).



وقد توعَّدَ اللهُ المصلينَ الذين يُخرِجُونَ الصلاةَ المكتوبةَ عن وقتِهَا، فلا يُصلُّونَهَا إلا بَعدَ خُرُوجِ وَقتِهَا، فقال سبحانه: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5].



فتأخيرُ الصلاةِ عن وقتِها الذي يَجبُ فِعلُها فيهِ عمدًا من كبائرِ الذُّنُوب.



وهذهِ حالُ المنافقين، وفَسَقَةُ المسلمين الذين يُصلُّونَ وَفقَ أهوائِهِم لا وَفقَ هديِ نبيِّهم صلى اللهُ عليهِ وسلم، يَفعلُونَ ذلكَ تهاوُنًا وعِصيَانًا، واستِخفَافًا بأمرِ الله تعالى.



وأمَّا مَن أخَّرَها نَاسِيًا أو نائِمًا مِن غيرِ تفريطٍ، فلا إِثمَ عليهِ، فيُصلِّيها النائمُ إذا استيقَظَ، والناسي إذا ذَكَرَ؛ لقولِهِ صلى اللهُ عليه وسلم: "مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا".



وَمِنَ التفريطِ:

النومُ بعدَ دُخُولِ وقتِ الصلاةِ مِمَّن يَغلِبُ على ظَنِّهِ عدمُ الاستيقاظِ إلا بعدَ خُرُوجِ وقتِها، وأمَّا مَنْ تَعمَّدَ توقيتَ المُنبِّه بعدَ طُلوعِ الشمسِ، واعتادَ على ذلكَ غيرَ مُبَالٍ بِصلاةِ الفجرِ، فإنه واقِعٌ في إثمٍ عظيمٍ والعياذُ بالله.



أيها المسلمون، لا يجوزُ للمُسلمِ أَنْ يُؤخِرَ صلاةَ العصرِ بلا عُذرٍ حتى اصفرارِ الشمس، ومَن فَعَلَ ذلكَ فهو آثِم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وقتُ العصرِ ما لم تصفرَّ الشمسُ"، وَلِمَا رواه أنسٌ رضي الله عنه قال: "سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تِلكَ صلاةُ المنافقينَ, تِلكَ صلاةُ المنافقين: تِلكَ صلاةُ المنافقين، يَجلِسُ أَحدُهُم حتى إذا اصفَرَّتِ الشمسُ فكانت بينَ قَرْنَيْ شيطانٍ، أو على قَرنَي الشيطانِ، قَامَ فنقرَ أربعًا لا يَذكُرُ اللهَ فيها إلا قليلًا".



ولا يجوزُ للمسلمِ أن يؤخرَ صلاةَ العِشاءِ بعدَ نِصفِ الليلِ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نصف الليل".
ولا يجوزُ للمسلمِ أن يؤخرَ صلاةَ الفجرِ إلى طُلوعِ الشَّمس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ووَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِن طُلُوعِ الفَجْرِ ما لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ".



أيها المؤمنون، لا تُلهِيَنَّكُم أموالُكُم ولا أولادُكُم، ولا تُنسِيَنَّكُم تِجَارَتُكُم ولا أسواقُكُم.



حافِظوا على ما أمَرَكُمُ اللهُ بالمُحافَظَةِ عليه، فقال سبحانه: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238].



كونوا مِمَّن أثنى اللهُ عليهم، فقال فيهم: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37].



يقول عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ رضي الله عنه: "مَن سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ علَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بهِنَّ، فإنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُنَنَ الهُدَى، وإنَّهُنَّ مِن سُنَنِ الهُدَى، ولو أنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكُمْ كما يُصَلِّي هذا المُتَخَلِّفُ في بَيْتِهِ؛ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، ولو تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَما مِن رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ مِن هذِه المَسَاجِدِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له بكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عنْه بهَا سَيِّئَةً، وَلقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلقَدْ كانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى به يُهَادَى بيْنَ الرَّجُلَيْنِ حتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ".



اللهمَّ اجعلنا مِنَ الذين هُم على صلواتهم يُحافظون، وفي صلاتِهم خاشعون، وعلى صلاتِهم دائمون.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..





الخطبة الثانية


الحمدُ للهِ القائلِ: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].



والصلاةُ والسلامُ على محمدٍ القائلِ: "مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشر"، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.



أيها المؤمنون، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنهُ قالَ: أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ َأعْمَى، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه ليسَ لي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ له، فيُصَلِّيَ في بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ له، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقالَ: "هلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلَاةِ؟"، قالَ: نَعَمْ، قالَ: "فأجِبْ"، وفي روايةٍ: قالَ: "لا أجدُ لَكَ رُخصةً".



يقول الشيخُ ابنُ بازٍ رحمهُ الله: فهذا أعمى ليسَ لهُ قائدٌ يلائِمُهُ، ومَعَ هَذَا يقولُ لهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أجِب" ولَمْ يَجِد لَهُ رُخصَةً؛ فصرَّحَ صلى الله عليه وسلم أنَّ الأعمَى الذي لَيسَ لهُ قائدٌ يُلائمُهُ ليسَ لهُ رُخصة في تَركِ الصلاةِ في الجماعةِ في المساجِد؛ انتهى كلامُه رحمه الله.



فكيفَ بالمُبصِرِ القويِّ الفَتِيِّ يا عبادَ الله، هل لهُ رُخصةٌ في أن يتخلَّفَ عن الصلاةِ في الجماعةِ معَ المُسلمين؟! عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ".



فإلى مَن يَسمعُ الأذانَ ولا يُجيب، إلى مَن يَتراخَى ويتوانَى، إلى من يتثاقلُ ويتشاغلُ ويتساهلُ.



اعْلَمْ أنَّ مَن خَرَجَ إلى المسجدِ أو رَاحَ، فهوَ كالضيفِ الزائر، ولكنْ هو قَادِمٌ على مَنْ؟ هو ضيفُ مَنْ؟ إنه في ضِيافَةِ اللهِ العظيم، وكَرَامَتِهِ ونِعمَتِهِ ومِنَّتِه، فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَدَا إلى المَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لهُ في الجَنَّةِ نُزُلًا، كُلَّما غَدَا، أَوْ رَاحَ".



وقال صلى الله عليه وسلم: "أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟"، قالُوا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: "إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطى إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ".
فسابِق أيها المؤمِنُ إلى هذِه الخيراتِ، واغتنِم هذهِ الأجورَ، لعلك أن تكونَ من المُفلحينَ الفائزين، نسأل الله أن يعيننا على ذِكرِهِ وشُكرِهِ وحُسنِ عبادتِه.



ثم صلُّوا وسلِّموا على من أمرَكم بالصلاة والسلام عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مادة قابلة للتحسين والتدقيق والتخريج لأنني مرضت فلم استطع أن أبذل فيها جهدا
الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل شرفنا وعزنا في ديننا فقال (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) وذكركم بمعنى شرفكم وعزكم ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين وهاديا للسائرين وقدوة للمؤمنين العاملين صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أوصيكم ونفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والبعد عن معصيته وأن نعتز بديننا وقرآننا وسنة نبينا وتاريخنا الإسلامي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أما بعد فيا أيها المؤمنون الكرام شهر رجب من الأشهر الحرم التي يشرع لكل مسلم أن يكثر فيهن من التقرب إلى الله بالطاعات والمبرات وألا يظلم نفسه بالمعاصي والسيئات وأن يبتعد عن البدع والخرافات كما قال تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) وفي أول جمعة منه يحتفي أبناء اليمن ويستبشرون ويبشرون ويفرحون ويسرون بمناسبة ذكرى انتشار الإسلام في ربوع اليمن وأرجائه وتخليدا لذكرى وفادة رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنه وتعيينه واليا عاما لليمن من قبل أفضل الخلق وسيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم وبمناسبة افتتاحه لأول جمعة في مسجده الذي بناه بالجند في محافظة تعز بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهي مناسبة عظيمة أيها الكرام تظهر قيمة الدين في حياة اليمنيين وتعظيمهم لهذه النعمة الكبرى والتحدث بها ورفع مكانتها لدى الأجيال وتخليد شكر الله عز وجل عليها فهي مكرمة من الرحمن الرحيم تستحق الفرحة بفضل الله ورحمته (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) أي من مظاهر الدنيا فالدين أغلى وأبقى ، والله يرشدنا إلى تذكر هذه النعمة والتحدث بها فيقول (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ، (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) ويمتن علينا بذلك فيقول (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) وبهذه المناسبة نذكر بأن ديننا هو مصدر عزنا وكرامتنا ومجدنا والعمل به والدعوة إليه والمسارعة إلى ذلك يمثل بالنسبة لنا هوية وخصوصية ومصدر فخر واعتزاز ووسام شرف ففي حديث أَبِى هُرَيْرَةَ في البخاري ومسلم بلفظ: (جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وألين قلوبا الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ) هذه هي هويتنا ديننا وتاريخنا الإسلامي لا عتزاز بنسب ولا عتزاز بمظاهر الجاهلية ولا عتزاز بالقومية
على حساب الدين شعارن في ذلك ماقاله البردون رحمه الله
نـحـن الـيـمانين يــا "طــه" تـطـير بـنا
إلـــى روابـــي الــعـلا أرواح أنـصـار
إذا تــذكــرتَ "عــمــارا" وســيـرتـه
فـافـخـر بــنـا إنـنـا أحـفـاد "عـمـار"
وقول الشاعر معتزا بدينه فقط
أبي الإسلام لا أب لي سواه
إذا افتخروا بقيس أو تميم
دعي القوم ينصر مدعيه
فيلحقه بذي النسب الصميم
ولا يفوتنا أن نقف وقفة مع مناقب معاذ ومؤهلاته وقفة أيها المؤمنون مع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه والذي تشرفت اليمن بمقدمه أرضا وإنسانا كيف لا يفخر اليمنيون وهو رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف لا يتاثرون بدعوته من أهل الفتوى في المدينة وأعلم الناس بالحلال والحرام في حديث أنس مرفوعا :(أرحم أمتي بأمتي أبوبكر وأشدها في دين الله عمر وأصدقها حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ وأقضاهم علي بن أبي طالب وأفرضهم زيد بن ثابت ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح رواه أحمد والترمذي والنسائي وصحه الألباني
وكيف لا تخلد بصماته وهو من أهل القرآن الأوائل المتقنين في البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو مرفوعا خذوا القرآن من أربعة من ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة)
مرجع العلماء عند الاختلاف أخرج الحاكم وابن سعد وأبو نعيم عن أبي إدريس الخولاني قال دخلت مسجد حمص فإذا فيه نحوا من ثلاثين كهلا من الصحابة فإذا فيهم شاب أكحل العينين براق الثنايا ساكت فإذا امترى القوم أقبلوا عليه فسألوه فقلت من هذا ؟ قيل معاذ بن جبل فوقعت محبته في قلبي
وقبل أن يصدر النبي صلى الله عليه وسلم قرار التكليف لمعاذ بالولاية على اليمن اطمأن صلى الله عليه وسلم على منهجيتة في الحكم والدعوة عن الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضى بكتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟ قال أجتهد رأيي ولا آلو؟ فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صدره وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يُرضي رسول الله.رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وهو حديث ضعيف ومعناه صحيح
ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا في المدينة اتجه معاذ إلى مكة حضر حجة أبي بكر عام 10 من الهجرة ثم اتجه مباشرة إلى اليمن مر بنجران ثم مر بصعدة دعا الناس إلى الإسلام وأسس مسجدا ثم صنعاء ودعا إلى الإسلام وأسس مسجدا ثم ذمار فدعا إلى الإسلام وأس مسجدا ثم مر بنقيل سمارة فدعا إلى الإسلام وأسس مسجدا ثم واصل سيره إلى تعز الجند ووصل إلى الجند في شهر جمادى الآخرة عام 11هـ وقف حيث أمره رسول الله حيث بركة ناقته ثم أسس المسجد وظل في بنائه شهرا كاملا وفي أول جمعة من رجب افتتح المسجد بصلاة الجمعة بإمامة معاذ وخطبته رضي الله عنه فكان لذلك الافتتاح أعظم الأثر في نفوس أهل اليمن إلى اليوم
كان معاذ واليا حازما سريع التنفيذ للأحكام الشرعية وسريع البت في الأحكام القضائية مما يدل على ذلك حديث أبي بردة زار معاذ أبا موسى الأشعري في تهامة ومناطق الساحل وكان جالسا والناس حوله ومعاذ على بغلته فرأى رجلا قد جمعت يداه إلى عنقه فقال ما هذا ؟ قال هذا رجل كفر بعد إسلامه وفي رواية أسلم ثم تهود قال لا أنزل حتى يقتل قضاء الله ورسوله قال أبو موسى إنما جيء به لذلك فانزل فقال لا أنزل حتى يقتل فأمر به فقتل )
أسهم معاذ رضي الله عنه إسهاما كبيرا مع بعض الصحابة الذين كانوا موجودين في اليمن ، أسهموا في القضاء على حركة الردة التي تولى كبرها الأسود العنسي قال سيف بن عمر التميمي : وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه حين بلغه خبر الأسود العنسي مع رجل يقال له : وبر بن يحنس الديلمي . يأمر المسلمين الذين هناك بمقاتلة الأسود العنسي ومصاولته ، وقام معاذ بن جبل بهذا الكتاب أتم القيام فحشد الناس لذلك وظلت المقاومة والتربص بشأن فتنة الأسود العنسي واتخذ الناس أساليب متعددة وحاولوا قتله وفعلا قتل الأسود في بيته على يد فيروز الديلمي وإخوانه وبلغ ذلك النبي الله صلى الله عليه وسلم فبشر الناس فقال كما أخرجه الديلمي عَن ابْن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( قتِلَ الأسودُ العنسي البارحَة... قتله رجلٌ مباركٌ من أهلِ بيتٍ مُباركين...فقيلَ له: من هو يا رسولُ الله؟ فقال: ( فَيروز.... فازَ فيْروزُ ).
واجبنا أيضا أن نرفع درجة الجاهزية في جيشنا وأمننا حفاظا عل ديننا وهويتنا ........
2024/09/21 12:51:57
Back to Top
HTML Embed Code: