Telegram Web Link
به يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين)) (2 .
 

لغة الحب

من يحبهم الله ومن لا يحب

الحمد لله الذي جعل محبته هي محور الانطلاق بطاعته والخضوع له أحمده سبحانه وتعالى على تفضلاته ومكرماته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ننال بها رضاه ونستمد بها عطاه وأشهد أن سيدنا ونبينا وعظيمنا وأستاذنا ومعلمنا محمد عبد الله ورسوله الذي جعل الله محبته الدافعة للاقتداء به والاهتداء به اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وازواجه وذريته وأهل بيته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم لقائه

أما بعد عباد الله أوصيكم ونفسي المذنبة المقصرة بتقوى الله العاطفة عزوجل وطاعته أيها المسلمون إننا في هذه الأيام سنسمع في الأيام المقبلة كثيرا من الشباب والكتاب من يتحدث عن الحب والعاطفة ومن يتحدث عن الوجدان كل يتحدث من الإناء الذي يستقي منه فهناك من يتحدث عن الحب والوجدان والعاطفة كما أراد الله سبحانه وتعالى وأراد رسوله عليه الصلاة والسلام وكما تحدث عن ذلك أولياء الله في محبتهم لله ومحبتهم لرسول الله ومحبتهم لطاعة الله سبحانه وتعالى وهناك أناس سيتحدثون عن هذا الحب ولكن من إناء ملوث ويتحدثون عن قذارات وأزمات نفسية يعيشونها ويتحدثون بألفاظ لا يرضاها الله ولا يرضاها رسوله عليه الصلاة والسلام فالأيام المقبلة ستأتي إلينا بمناسبة تسمى بعيد الحب والإنسان مكون من عاطفة وجدان ونحن أيها السادة ما بين مناسبات وضعية جاءت إلينا من خلال أفكار اللذين أرادوا من خلالها أن يسقطوا شبابنا وأن يسقطوا اجيالنا في مستنقعات الرذيلة ومستنقعات المعاصي والسيئات ولدينا مناسبات شرعية ترتقي بنا إلى أن نخضع لمولانا فيها وأن نخضع لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فأجيالنا ما بين مناسبات وضعية غربية وما بين مناسبات شرعية نبوية وكلنا نعيش هذه المناسبات فهناك من يعيش مناسبات وضعية غربية فيفسد علاقته مع الله ويفسد علاقته برسول الله ويفسد علاقته بدينه علاقته بأمته علاقته بكتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام وهناك أناس يمتنون علاقتهم بالله  سبحانه وتعالى من خلال حبهم له ومن خلال ذكرهم له ويمتنون علاقتهم برسول الله عليه الصلاة والسلام ويمتنون علاقتهم بطاعة الله وبكتاب الله سبحانه وتعالى ونحن ما بين مناسبات شرعية نبوية وما بين مناسبات وضعية غربية لم تفهم على حقيقتها ولم ندرك ما المغزى منها وقد تحدث القرآن الكريم عن لغة الحب بلغة راقية تبني الامة وتصلح شأن الاجيال وترتقي بالأجيال إلى ان يكونوا مسؤولين عن ألفاظهم وعن عقولهم وعن عاطفيتهم وعن وجدانهم وظاهرهم و باطنهم و كل ما يمارسونه في حياتهم لقد تحدث القرآن عن الحب في أكثر من آية ليرتقي بعواطف المسلمين حتى لا تسقط في مستنقعات الرذيلة والمعاصي والفواحش والفجور والفساد الأخلاقي الحب الذي يريده الإسلام منا أن نحب الله كي ننجوا من خلال هذا الحب في مستقبلنا هذا الحب تكلم عنه القرآن الكريم وتحدث عن صفات أهله في كثير من الآيات لا سيما أهل الإيمان والحكمة يقول الله جل شأنه ( يأيها اللذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم ) ماهي صفتهم وما هي منهجيتهم في حياتهم وعلاقتهم مع الله وعلاقتهم مع الواقع (يحبهم) محبة الله لهم فأصحاب هذه الآية هم أصحاب اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة يعيشون في عواطف ووجدان يبنون بها أنفسهم ودنياهم وآخرتهم (ويحبونه) أنظر إلى هذا المقام بدأت محبة الله لهم ثم بعد ذلك أحبوا الله  جل شأنه فما هي صفاتهم (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله ) هذا فضل الله تعالى لمن أحب الله ولمن احبه الله ولمن جاهد في سبيل الله ولمن لا يخاف في الله لومة لائم (يؤتيه من يشاء والله سميع عليم ) لا بد أن نتعرف على من يحبهم الله حتى  ندرك أسباب ذلك ونعمل على أن نرتقي إلى مصاف اللذين يحبهم الله ويحبونه فالله جل شأنه يحب أهل الإحسان فهل نحن من أهل الإحسان قال تعالى (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) أحسن في أعمالك و في صلاتك وفي صيامك وفي تبتلك وفي قراءة قرائنك وفي ذكرك لمولاك أحسن إلى أولادك إلى جيرانك أحسن إلى من ولاك الله سبحانه وتعالى عليهم (إن الله يحب المحسنين) اللذين يحسنون العلاقات فيما بينهم ومن حولهم وما بينهم وبين جيرانهم وفيما بينهم وبين أهلهم وأرحامهم وفيما بينهم وبين من هم في دائرتهم هؤلاء هم اللذين يحبهم الله أيها الأخوة إذا أردنا ان نتكلم عن الحب فلنتكلم من منظور القرآن وبلغة القرآن وبلغة سيد ولد عدنان محمد عليه الصلاة والسلام  فالله يحب أهل الطهر في سلوكهم وخطابهم وعلاقاتهم يحب أهل التوبة والأوبة والرجوع اليه جل شأنه ويحب الله سبحانه وتعالى من يعود اليه وإن كان عاصي  إن الله يفرح بتوبة عبده كما قال عليه الصلاة والسلام يقول الله (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )فيقول الله عن هؤلاء الذين يحبهم (لمسجد أسس على التقوى من اول  يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين )يتطهرون الطهارة الحس
ية في أجسادهم والطهارة المعنوية في قلوبهم ونفوسهم وعواطفهم وعقولهم وتفكيرهم والله يحب المتطهرين  يحب الله أهل التقوى الذين يجعلون بينهم وبين عذاب الله حجاب بينهم وبين عقابه يتقون حجاب الله يتقون غضب الله يتقون مقت الله يتقون كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى (ألا من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين )أوفى بعهده مع مولاه أوفى بعهده مع أهله أوفى بعهده مع مجتمعه أوفى بعهده الذي قطعه على نفسه لأي إنسان في هذا الوجود (بلى من أوفى بعهده وأتقى فإن الله يحب المتقين )(سارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيض والعافين عن الناس والله يحب المحسنين  ) هؤلاء الذين يحبهم الله سبحانه وتعالى يحب الله أهل الصبر (والله يحب الصبرين )الذين يصبرون على طاعة الله ويصبرون عن معصية الله ويصبرون على بلاء الله سبحانه وتعالى إذا أبتلاهم الله في أولادهم أو أجسادهم أو شعوبهم أو جيرانهم أو من يحبون من أهليهم إذا أبتلاهم الله سبحانه وتعالى فصبروا على مراد الله هؤلاء يحبهم الله يحب الله أهل التوكل الذين يتوكلون عليه في حياتهم في أرزاقهم في تر بيتهم لأبنائهم في مهنهم في مزارعهم يتوكلون على الله في كل شيء قال تعالى أمرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا عزمت فتوكل على الله )وهذا أمر لكل مسلم (فإذا عزمت فتوكل على الله أن الله يحب المتوكلين )يحب الله أهل العدل الذين يعدلون بين أبنائهم وبين زوجاتهم إذا كانوا متزوجين أكثر من واحدة ويعدلون في شعوبهم ويعدلون في حياتهم وواقعهم ويعدلون في حكمهم ويعدلون في كل شيء قال الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام وهو قول وهو أمر لكل إنسان مسلم ارتضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبيا ورسولا فعليه أن يسمع بهذا القول الذي قاله الله لرسوله وقاله له (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين )يحب الله أهل الوحدة اهل المودة الذين يجتمعون على مراد الله يجتمعون على ذكر الله يجتمعون في الصلوات يجتمعون في مواجهة أعدا الله من خلال المواجهة الثقافية الفكرية وغير ذلك من الاشياء التي تدعونا الى أن نقف صفا واحدا قال تعالى( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) منهم كالبنيان المرصوص في حياتهم الداخلية في ظاهرهم في باطنهم هؤلاء الذين يحبهم الله سبحانه وتعالى  فإذا أردنا ونحن سنسمع وسنقرأ في التواصل الاجتماعي سواء في الوتس أوفي النت او في الفضائيات من يتحدث عن عيد الحب ها هو منطق الحب في القران الكريم فهل نعمل الى ان نرتقي  حتى نكون ممن يحبهم الله سبحانه وتعالى سمعتم الآيات التي تلوتها عليكم وهي تدلنا على الذين يحبهم الله فالله يحب أهل الاحسان ويحب أهل الايمان ويحب أهل التقوى ويحب أهل العدل ويحب المتذلل بين يديه ويحب اهل التطهر الذين طهروا قلوبهم وعقولهم ونفوسهم وأفئدتهم من الاحقاد والانانيات بهذه الصفات يتأهلون حتى بلغوا محبة الله (يأيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )....الخ الآية .                                                                                                                

الخطبة الثانية

الحمد لله على كل حال ونعوذ بالله من أحوال أهل الظلال وأشهد ألا إله الا الله  وحده لا شريك لا شبيه له ولا نظير  ولا مثال وأشهد أن سيدنا ونبينا وعظيمنا وأستاذنا محمد عبدالله ورسوله الذي بعثه الله بأشرف الخصال  اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله وأصحابه وأزواجه وذريته وأهل بيته والتابعين لهم بإحسان الى يوم المآل أما بعد عباد الله أوصيكم مرة ثانية  بتقوى الله عزوجل وطاعته أيها     المسلمون   إن القران الكريم يضعنا أمام مشروعين:-                                                                                                       ـ مشروع أهل المحبة في الله الذين يحبهم الله واللذين يتذللون بين يدي الله                              

ـ ومشروع الذين لا يحبهم الله سبحانه وتعالى وأبعدهم عن رحمته ورضاه نعوذ بالله من ذلك وهذه عادة القران الكريم يتحدث عن أهل الجنة ويتحدث عن أهل النار يتحدث عن أهل الشر ويتحدث عن أهل الخير يتحدث عن أهل اليمين ويتحدث عن أهل الشمال يتحدث عن أهل الاقبال ويتحدث عن أهل الادبار يتحدث عن من يحبهم الله ويتحدث عن من يبغضهم الله من أجل أن يربي أنفسنا على معرفة هؤلاء ومن أجل أن يبين لنا الطريق التي تجعلنا نخضع لله سبحانه وتعالى في أقوالنا وأفعالنا يبين لنا بذلك طريق النجاة والفلاح والفوز والخير والاقبال على الله سبحانه وتعالى سمعتم الايات التي تحدث عن من يحبهم الله سبحانه وتعالى ونقف وقفات سريعة حول الذين لا يحبهم الله سبحانه وتعالى فالله لا يحب المعتدين لا يحب المعتدين على جيرانهم والمعتدين على حرمات الله والمعتدين على ممتلكات الناس
و المعتدين على أعراض الناس والمعتدين على الشعوب والمعتدين على الامم ولا يحب المعتدين على الافراد والجماعات (إن الله لا يحب المعتدين )فالله سبحانه وتعالى عندما يقول لنا ذلك يدعونا إلى أن نضبط جوارحنا ونضبط السنتنا ونضبط عواطفنا ونضبط شهواتنا لا نعتدي بها على أحد  لا نعتدي بألفاظنا على أعراض  الناس ولا بأسماعنا الى ما يغضب رب الناس ولا بألسنتنا نهتك أعراض الناس وحرمات الناس ولا بقوتنا العسكرية أو الجماهيرية  أو الجسدية فنضرب فلان ونسلب  فلان فالمعتدون لا يحبهم الله سبحانه وتعالى (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )لا يحب الله أهل الفساد قال تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا )لديه كلمات معصورة ومؤثر ولديه اسلوب في خطاب الناس جيد (ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام  )يعيش في خصومة سياسية وفكرية واجتماعية في البيت والمسجد يعيش مع خصومات في الواقع الاعلامي وخصومات في الواقع الإجتماعي (وهو الد الخصام وإذا تولى )اما ان يتولى حكما او يتولى يمشي في الارض (وإذا تولى سعى في الارض ليهلك فيها الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)فاذا كان الله لا يحب الفساد فهو لا يحب المفسدين  لأن الفساد صفة فهو لا يحب الصفة ولا يحب الموصوف الذي اتصف بها في حياته لا يحب الله أهل الظلم (والله لا يحب الظالمين )الذين يظلمون نسائهم ويظلمون او لا دهم ويظلمون جيرانهم ويظلمون شعوبهم ويظلمون اممهم ويظلمون ضعفاء الناس في الحياة ويعتدون عليها (والله لا يحب الظالمين )لا يحب الله اهل الخيانة والفجور الذين يخونون الله ويخونون رسوله ويخونون امتهم ويخونون شعوبهم ويخونون أماناتهم قال تعالى (ان الله لا يحب من كان خواناَ اثيماَ) لا يحب الالفاظ البذيئة في الاسواق ولا يحب الالفاظ البذيئة في البيوت بل إن  الاسلام لا يحب ان يشيع السوء في أمة محمد (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنو)انظر الى هذا التهديد من قبل الله سبحانه وتعالى فالله سبحانه وتعالى لا يحب التحدث بالسوء لأنه يريد أن يدفنه  يريد أن لا يظهر في واقع الامة وفي واقع الانسانية الا في حالات  معينة قال تعالى0                                                                                                                                

(0لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الامن ظلم) لا يحب الله اهل الاسراف في مأكلهم وفي مشربهم وفي ملبسهم وفي كمالاتهم ونحن نعيش أزمات أزمات سياسية ازمات اقتصادية فلإسلام يضبطنا في كل الاحوال فنحن نحتاج الى ترشيد النفقات في البيوت في الملبس في المأكل في المشرب في توزيع نفقاتنا في كل متطلبات حياتنا نريد أن نتوازن من اجل  نتجاوز الازمات قال تعالى (ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين) وقال تعالى(وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين )ويقول عليه  الصلاة  والسلام  (كل واشرب والبس من غير سرف ولا مخيلة )من غير تكبر ولا تعد على الناس لا يحب الله المستكبرين (إنه لا يحب المستكبرين )من يتكبر على اخيه المسلم بماله لا يحبه الله من يتكبر على اخيه المسلم بعلمه لا يحبه الله من يتكبر على اخيه المسلم بجاهه لا يحبه الله من يتكبر على اخيه المسلم بما انعم الله به عليه لا يحبه الله( إن الله لا يحب المستكبرين )لا يحب من يحب مظاهر الدنيا ويفرح بها لأن هذه الاشياء لا تساوي عند الله شيء دعانا الى ان نفرح بطاعة الله (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )دعانا الى ان نفرح اذا انتصر المسلمون ايّن ما كانوا في مشارق الارض ومغاربها على انفسهم وعلى شهواتهم وعلى اعدائهم (آلم غلبت الروم في ادنى الا رض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) لكن في مجال الشهوات في مجال الدنيا لا ينبغي ان نفرح قال الله سبحانه وتعالى وهو يعطينا نموذج ممن فرح بماله وفرح بجاهه وفرح بسلطته الاقتصادية (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغي فيما أتاك الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا) إن الحب الذي يريده الإسلام منا أن نذوب لغة الكراهية لغة الأحقاد لغة الأنانيات لغة التعالي وتسود لغة الحب الذي يرتقي بصاحبه إلى أن يحب لغيره ما يحب لنفسه هذا اذا أردنا أن نتحدث عن عيد الحب الإسلام يريد أن يسود في المجتمعات الإنسانية لغة السلام التي هي لغة الحب نريد لغة الحب أن تسود فيما بين الزوج وزوجته فيما بين الابن وأبيه فيما بين البنت وأبيها وأمها فيما بين الجار وجاره فيما بين الحاكم والمحكوم فيما بين التاجر والمستهلك فيما بين العالم والمتعلم فيما بين الرئيس والمرؤوس فيما بين من هو يملك زمام الامر وزمام الحكم وبين الشعوب هذا إذا اردنا ان نتحدث عن لغة الحب كما أراد الإسلام لا نريد لغة الحب التي تسقطنا إلى مستنقعات المعاصي والرذائل والألفاظ التي نت
عدى بها على حرمات الناس وأعراض الناس يقول عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه كما يحب لنفسه ) نريد أن تمتلئ قلوب شبابنا ذكورا وإناثا وحكاما وعلماء ومتعلمين بلغة الحب التي أرادها الإسلام ووضعها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في سياسة المجتمعات وسياسة الناس ودعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى أيتها المرأة يامن منحها الله وجعل قلبها ممتلئ بحب الله وحب رسوله وحب طاعته وحب زوجها وحب أبنائها وحب جميع المسلمين وأرادت أن تملئ قلبها بمحبة معصية الله سبحانه وتعالى عليك ان تراجعي نفسك أيها الشاب أيها المسلم عليك أن ترتقي بعقلك وعاطفتك ووجدانك وفكرك وتصورك وجوارحك إلى مراد مولاك سبحانه وتعالى  منك في هذه الحياة أضع لكم نموذج من نماذج من عالم المرأة التي امتلأت بمحبة الله ومحبة رسول الله ونقارن هذه المرأة بنساء اليوم ونقارن شباب اليوم بعالم الأمس ونقارن أجيال اليوم بأجيال الأمس كيف امتلأت قلوبهم بمحبة الله ومحبة رسول الله ومحبة العلم ومحبة المعرفة ومحبة الذكر ومحبة الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام شبابنا اليوم يأنفون ويستكبرون على مجالس الذكر يرون أن الصلاة على رسول الله هي لغة الدراويش ولغة الناس الذين ليس لهم حظ في الحياة هل امتلأت قلوبهم بمحبة رسول الله لو امتلأت قلوبهم بمحبة رسول الله يتحروا مثل هذه المجالس ولحضروا مجالس العلم والمعرفة ومجالس الذكر ومجالس الإرتقاء العاطفي والوجداني والروحي فعاشوا مع المولى سبحانه وتعالى وإن كانوا في مزارعهم ومجالسهم وإن كانوا في أي مكان وضعهم الله سبحانه وتعالى وقلوبهم تحمل الحب لله ولرسول الله وتحمل الحب لأمة محمد انظر إلى هذه المرأة رابعة العدوية وهي تخاطب ربها سبحانه وتعالى في الليالي الحالكة                                                                                                                 

فليتك تحلوا والحياة مريـــرة         وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر        وبيني وبين العالمين خـــراب

إذا صح منك الود فالكل هين        وكل الذي فوق التراب تـراب

هذه المرأة امتلأت بمحبة الله وفاض قلبها بهذه الأبيات فاض قلبها بهذا الحب الرباني يا من تتحدثون عن الحب بلغة المعصية يا من تتحدثون عن الحب بلغة الخمر يا من تتحدثون عن الحب بلغة الفجور يا من تتحدثون عن الحب بلغة إسقاط الإنسانية أنتم تسقطون من عين الله وتريدون ان تهدموا الإنسان وأخلاق الإنسان وعاطفة الإنسان  أسأل الله جل شأنه أن يملأ قلوبنا وقلوبكم بمحبته ومحبة رسوله ومحبة ما يقربنا إليه ومحبة الصالحين من عباده ومحبة الإسلام والايمان والاحسان ويجعلنا ممن حبب الله في قلوبهم الإيمان وزينه في قلبه وكره اليكم الفسوق والعصيان وأساله ان يجعلنا من الراشدين في محبتهم وعواطفهم وقلوبهم وسلوكهم ودعوتهم وعلاقتهم في الأسرة والمجتمع في ظاهرهم وباطنهم بمنه وجوده وكرمه وصلوا وسلموا على من امرتم بالصلاة والسلام عليه في قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها اللذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) اللهم صلي وسلم على هذا النبي الأعظم والرسول الأكرم وعلى اله واصحابه وازواجه وال بيته اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والاموات انك سميع قريب مجيب الدعوات اللهم انا نسالك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في دار الدنيا والاخرة اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واقضي ديوننا واكشف كروبنا عافي مبتلانا واشفي مرضانا سهل لنا امورنا تولنا بولياتك وارعنا برعايتك واحفظنا بحفظك وفقنا لطاعتك باعدنا عن معصيتك جنبنا الحرام في القول والعمل والمال اللهم اصلح البلاد والعباد اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين بمنك وجودك وكرمك يارب العالمين اللهم ان نسالك الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم اغفر اللهم لنا ولآبائنا وأمهاتنا  ومشائخنا في الدين ومن علمنا وتعلمنا بين يديه ولمن احسن الينا وأسأنا اليه ومن بنى هذا المسجد وصلى فيه ومن أذن ومن خطب ومن أوقف ومن سعى إلى الخير سابقا ولاحقا جازي الجميع بالإحسان إحسانا وبالسئية عفوا ومغفرة ورضوانا ياذا الجلال والاكرام ياذا الطول والإنعام اللهم سل سخيمة العداوة  المذهبية والسياسية من قلوب اليمنين خآصة ومن قلوب المسلمين عامة في مشارق الأرض ومغاربها ألف بين قلوبهم اصلح ذات بينهم ياذا الجلال والاكرام بمنك وجودك وكرمك يارحم الراحمين لا تردنا خائبين ولا عن بابك مطرودين انزل الغيث ولا تجعلنا من القانطين اسقنا الغيث ولا تجعلنا من الآيسين اسقنا الغيث ولا تهلكنا بالقحط والجدب والسنين نسألك غيث الإيمان في قلوبنا غيث العاطفة لك ولعبادك وكل ما يقربنا اليك وغيث الرحمة في أوطاننا بمنك وجودك وكرمك يارحم الراحمين إن الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون اذكروا الله
العلي العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون                 
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
قصة بقرة بني إسرائيل دروس وعبر1⃣
للاســــــــتاذ/ مـــحــــمــــــــد الجــــــــرافــــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــــة.الاولــــى.cc
أمــــا بعــــد - عــــباد اللــــه :
جريمة تمت على حين غفلة من الناس لم يعرف فاعلها، وتدافع الناس التهم فيها .

ولم تكن هذه الجريمة ..
أول جريمة قتل ولن تكون آخرها.

ومع هذا سوف نجعل حديثنا إن شاء الله - حولها لأنَّ الله سجلها لنا، وأعلم بها نبيه صلى الله عليه وسلم في أوائل ما أعلمه به، وهي قليلة في آياتها فآياتها ثمان آيات، ولم ترد في القرآن إلا مرة واحدة .

ولعظم دلالات هذه القصة
حملت السورة التي هي أطول سور القرآن وأكثرها أحكاماً تبلغ آياتها مائتين وستا وثمانين آية اسم هذه القصة وجعل عنوانها البقرة، إشارة إلى القصة المذكورة يدل على أنها قصة ذات شأن .

فهي إذن في سورة البقرة، إحدى الزهراوين وقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم " اقرؤا الزهراوين " البقرة وآل عمران . 

فما هذه القصة ؟
إنها قصة بقرة بني إسرائيل ..
حدثت في عهد موسى عليه السلام ؟
وما أدراك ما موسى عليه السلام ؟
نبي من أولي العزم من الرسل عالج من بني إسرائيل الشيء الكثير، قال النبي صلى الله عليه وسلم " رحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من ذلك فصبر "

ابتدأ الله القصة بقوله (وإذ قال موسى لقومه إنَّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة)
فهو مبلغ عن الله في كل شيء ولكنه في هذا الموقف بخصوصه توقع أذية ومماطلة جديدة فاختار لنفسه أن يتجرد من أي توجيه منه، أو مشورة فهو واسطة لنقل وحي الله في الموضوع ومع ذلك ما توقعه وقع، وتعنت الجهال إليه قد بلغ .

أمر الله موسى عليه السلام
أن يأمرهم أن يذبحوا بقرة، أيّ بقرة كانت، ولو ذبحوا بقرة هرمة أو معيبة لأجزأت .

ولكن كل إناء بما فيه ينضح، هم قوم ديدنهم الاستهزاء والعبث بأوامر الله .

قيل لهم ادخلوا الباب سجدا
فدخلوا يزحفون على مقاعدهم .
قيل لهم قولوا حطة لذنوبنا ومغفرة من آثامنا فقالوا حنطة، همهم بطونهم .

مع أن الكلام واضح أن الأمر
من عند الله ليس لهم فيه اختيار ( قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا [البقرة:67] قالوا: أتهزأ بنا وتسخر منا، أتضحك علينا؟ أتُضَلِّلنا؟ نسألك عن القتيل فتقول: اذبحوا بقرة!!وهذا سوء أدب .

وكذلك أن يعلم أن الأمر من الله
ثم يرد هذا الأمر، ومعلوم أن الذي يستهزئ بالله عز وجل كافر .

فكأنهم ينسبون موسى إلى الكفر، وينسبونه إلى الاستهزاء بالله عز وجل، وهو يصرح ويقول (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)، فيقولون: أتتخذنا هزواً، كأنما قالوا: أنت تهزأ بنا، ونقلك عن الله غير صحيح، هذا معنى أتتخذنا هزواً، فرد عليهم رداً رفيقاً، رغم بشاعة ما قالوا في حقه من نسبته إلى الاستهزاء بأحكام الله، قال: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [البقرة:67

ما أجمل أدب وصبر سيدنا موسى! كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على حق عندما قال: "رحم الله أخي موسى، لقد ابتلى أكثر من ذلك فصبر"، فكان يُخفف عن نفسه بهذا. فأراد سيدنا موسى أن يقول لهم أنهم جاهلون، ولكن لم يقل ذلك إلا بطريقة الأدب.

فموسى عليه السلام يرد على هؤلاء الجهلة الذين ينسبونه إلى الاستهزاء بأحكام الله عز وجل رداً رفيقاً، والرد الرفيق أبلغ،
فموسى رسول من قبل الله، وقد آمنتم به، وينسب التوجيه بذبح البقرة إلى الله، وأنتم الذين جئتم إليه في قضيتكم تريدون حلاً وبياناً للقاتل .

ومع ذلك تقولون (أتتخذنا هزواَ)
فكبر على موسى عليه السلام هذا الجواب، ورآه تهمة تستحق أن يستعيذ بالله منها .

قال : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين
فقبل القوم المشاغبون المبدأ، وأيقنوا أن ذبح البقرة بأمر الله، فلا مناص عنه .

فانتقل شغبهم إلى جهة أخرى، تطويلاً للموضوع (ومن يؤت الجدال فهو يرد من كل أبواب الضلال)
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ [البقرة:68]

وهذا فيه جفاء أنهم لا ينسبون أنفسهم إلى الله، (اَدْعُ لَنَا رَبَّكَ) وهذا مثل قولهم: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا [المائدة:24] وأيضاً: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ [المائدة:112] .

كأنه رب موسى عليه السلام وحده وهذه وقاحة وسوء أدب مع موسى عليه السلام والأخيار ينسبون أنفسهم إلى الله لأن هذا شرف.. كما قال يوسف عليه السلام: إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ [يوسف:23]، وقوله: إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ [يوسف:50].

سألوا عن سن هذه البقرة
فقيل لهم: (إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ) هل هي بقرة كسائر الابقار ؟ ام هي بقرة معينة ؟ وهنا شدد الله عليهم وقال لهم موسى : [ انه يقول انها بقرة لا فارض ] 
اي ليست كبيرة قد اكلتها السنون و انهكتها الحياة . 
[ ولا بكر ] صغيرة السن . انما هي بين البكر و الفارض. [ عوان بين ذلك ] أي متوسطة شابة
ثم شدد عليهم بتطبيق الامر بحزم و قال : [ فافعلوا ما تؤمرون ] [ 69] لأنه يعلم أنهم لا يمتثلون لما يؤمرون به فأكد
عليهم لذلك.

ولكنهم عادوا يتساءلون انطلاقا من تشبثهم بالقشور والجدال وسوء أدبهم مع نبيهم
فبدأت الدائرة تضيق فلن تجزيء المسنة ولا الصغيرة.
أتراهم اكتفوا بذلك، مع أنَّهم قيل لهم (افعلوا ما تؤمرون)، وقفوا عند هذا الحدِّ من التعنت والتشديد .

ولكنهم لم يُشبعوا بعدُ نهم الشغب، ورغبة المجادلة .
كيف يذبحون بقرة لا يدرون ما لونها ؟ فوضعوا اشكالاً آخر في القضية، ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا [البقرة:69] .

وهذا من التشدد والتنطع
لأن الله عز وجل لم يحدد لوناً معيناً، ولم يلزمهم بالبحث عن ذلك، ولكن العقول الخربة والقلوب الميتة هي التي تشتغل بما لم تؤمر به، وتعرض عما أمرت به.

ومن المعلوم أن البقر على ألون معروفة وأي لون منها يجزئ، قال: (إنه يقول) -انظروا لا زال موسى عليه السلام ينسب الكلام إلى الله رب العالمين-: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ [البقرة:69] .

بدأ التضييق في الوصف: (صفراء) وهذه ليست معلومة، لكن (فاقع لونها)، كأنما شعاع الشمس يجري في جلدها، بقرة تلمع، فمن أين يأتون بها؟ فالبقر منه أصفر لكن (صفراء فاقع لونها) هذه لا يوجد مثلها، وإن وجدت فهي قليلة للغاية (تسر الناظرين).

ولا جرم فهم الذين اختاروا التضييق، إذن هي بقرة صفراء، وليست أي صفراء، بل صفراء ليست صفرتها مزعجة، بل تسر الناظرين .

ثم بعد هذا البيان الذي من شأنه أن يكون توضيحاً مع ذلك وضعوا إشكالاً آخر مع هذا الوضوح، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إن البقر تشابه علينا .وإنا إن شاء الله لمهتدون .

اشْتَبَه الأمرُ علينا فلم نهتدِ
إلى هذه البقرةِ التي أُمرْنا بذبحِها ..

وهكذا كلُّ من يُجادلُ في الأمرِ والنَّهي .. ويُعارضُ شرعَ اللهِ تعالى ويهتم بسفاسف الأمور يهتم بالمظاهر والشكليات على الجوهر يُبتلى بتشابِه الأمورِ وعدمِ وضوحِ الحقِّ إليه .قد كنتم على هدى مع نبيكم ولكنكم لم تقبلوا هذا الهدى .

قال أبو العالية: لو أن القوم حيث أُمروا أن يذبحوا بقرة، استعرضوا بقرة فذبحوها، لكانت إياها، ولكنهم شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم، ولولا أن القوم استثنوا فقالوا: ﴿ وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 70] لما هُدوا إليها أبداً .

فسألوا بعد ذلك ما هي ؟
فجاء الجواب: إنها بقرة ليست من البقر العاملة الذي ذللها الشغل، وحراثة الأرض فـ(هي لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث) فهي بقرة مدللة عند مالكها،
﴿ مُسَلَّمَةٌ ﴾ [البقرة: 71] أي: سالمة من العيوب أي خالية من العيوب، لا فيها قرن مكسور ولا عور ولا عرج ولا فيها أي شيء يعيبها
﴿ لاَّ شِيَةَ فِيهَا ﴾ [البقرة: 71] أي: لا بياض فيها، أو أي بقعة تخالف اللون الأصفر ولا شعرة واحدة تخالف الأصفر لا لون غيره معه .

أي فما أحلم الله على عباده!! 
تمت الأوصاف المطلوب، وضبطت حسب جدلهم .
فما بقي إلا أن تشكر الواسطة وهو موسى، ويعتذروا عن التطويل الذي رأوه لا بد منه لكن كلُّ هذا لم يحصل .

﴿ قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ﴾ [البقرة: 71]، أي البين الواضح وانظر إلى تعدي بني إسرائيل على نبي الله موسى عليه السلام، وكأنه قبل ذلك لم يأتهم بالحق، كأنه قبل ذلك كان يلعب معهم، أو يضحك عليهم، أو يستهزئ بهم كما ظنوا في بادئ الأمر .

اقول ماتسمعون واستغفر الله لي
ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب
فستغفروه انه هو الغفور الرحيم .


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وامام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .

أما بعــــد :
وماذا بعد ؟ هل بادروا بعد ذلك في طلب البقرة الموصوفة وذبحها ؟
قال الله تعالى ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ [البقرة: 71]،
لماذا ؟لطول مراجعتهم، ولخوف الفضيحة بتبين القاتل الحقيقي، و لانهم تحولوا من مجتمع الايمان الذي ينطلق من واقع الثقة بالقيادة بنبيهم و تنفيــذ اوامــرها فورا ، الى مجتمع الجدل و محاولة فهم علل الاحكام و اسبابها و طريقة تنفيذها .

{ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [البقرة:73] الحمد لله أنه لم يقل: اضربوا القتيل بوجهها وإلا برأسها وإلا ببطنها، وإلا كانوا سيضعون اشكالاً جديداً أيضاً؛ لكنه قال: اضربوه ببعضها.

ولما ضربوه ببعضها قام الرجل القتيل، فتكلم وقال: قتلني فلان وفي هذا معجزة قوية لهذا النبي الكريم، وهي تدل على قدرة الله التي لا يقف دونها شيء.. قدرة لا كالقدرات البشرية الهزيلة..

إنها قدرة من يقول للشيء كن فيكون!
وبمجرد أن ضربوه بجزء من بدنها قام مباشرة.. يا للقوة.. ويا لعظمة الموقف.. ميت يضرب بميت ثم يكون حياً.. إنها معجزة كبرى وآية عظمى..!.

ثم هل آمنوا بمثل هذه المعجزة: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ [البقرة:74]، فقلوبهم أشد قسوة من الحجا
رة،
بين تعالى تعنت اليهود وقسوة قلوبهم، مع ما رأوه في بديع صنع الله من إحياء الموتى أمامهم، فلم يجدِ عنهم شيئاً.. وهذا يدل على قسوة القلوب وضعف الإيمان، وكره الحق وأهله.. فقاتل الله اليهود...

عبادَ اللهِ ..
لقد جاءَ صريحاً في الأحاديثِ الكثيرةِ ذكرُ سورةِ البقرةِ باسمِها .. وهذا يدلُّ على أن تسميَتَها كان بالوحيِّ من اللهِ تعالى .. ولذلكَ نتدبر لماذا سميَّتْ هذه السورةُ الطويلةُ الجليلةُ .. باسمِ سورةِ البقرةِ؟.

الجوابُ واللهُ أعلمُ: أنَّ سورةَ البقرةِ نزلتْ في المدينةِ بكثيرٍ من الأوامرِ والنواهي .. حتى قالَ ابنُ العربي رحمَه اللهُ: سمعتُ بعضَ أشياخي يقولُ: فيها ألفُ أمرٍ وألفُ نهيٍ وألفُ حُكمٍ وألفُ خبرٍ .. فيحتاجُ المُسلمُ لتطبيقِ هذه الأوامرِ والنواهي الكثيرةِ إلى طاعةٍ خالصةٍ .. واستجابةٍ بالغةٍ .. وتسليمٍ صادقٍ للهِ تعالى ولرسولِه صلى اللهُ عليه وسلمَ ..

فناسبَ تنبيهُ هذه الأمةِ ألَّا يكونوا في موقفِهم من أوامرِ سورةِ البقرةِ .. كأصحابِ البقرةِ الذين تعنَّتوا وماطلوا وتأخروا حتى ذمَّهم اللهُ تعالى بقولِه: (قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ..

وكانت العاقبةُ (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ
مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً).

ولعلنا نصل إلى هذا الحد في ذكر تفسير قصة البقرة في سورة البقرة وسنتكلم عن الدروس والعبر في الجمعة القادمة إن شاء الله .
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﺧﻮﺓً ﻣﺘﺤﺎﺑﻴﻦ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺤﻖُ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕُ ﺍﻷﻣﻴﻦ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﺳﻠَّﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ
ﺃﻳُّﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﺧﻮﺓً ﻣﺘﺤﺎﺑﻴﻦ، ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻫﺎ ‏( ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﺍﻏْﻔِﺮْ ﻟَﻨَﺎ ﻭَﻹِﺧْﻮَﺍﻧِﻨَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺳَﺒَﻘُﻮﻧَﺎ ﺑِﺎﻹِﻳﻤَﺎﻥِ ﻭَﻻ ﺗَﺠْﻌَﻞْ ﻓِﻲ ﻗُﻠُﻮﺑِﻨَﺎ ﻏِﻼًّ ﻟِﻠَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﺇِﻧَّﻚَ ﺭَﺀُﻭﻑٌ ﺭَﺣِﻴﻢٌ ‏) ، ﻭﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮﺍﺕ ﺑﻴَّﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻛُﻞ ﻣﺎ ﻳُﻔﺴﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ، ﻭﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ، ﻭﺣﺬﺭ ﻣﻨﻪ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ‏( ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺇِﻥْ ﺟَﺎﺀَﻛُﻢْ ﻓَﺎﺳِﻖٌ ﺑِﻨَﺒَﺈٍ ﻓَﺘَﺒَﻴَّﻨُﻮﺍ ﺃَﻥْ ﺗُﺼِﻴﺒُﻮﺍ ﻗَﻮْﻣﺎً ﺑِﺠَﻬَﺎﻟَﺔٍ ﻓَﺘُﺼْﺒِﺤُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠْﺘُﻢْ ﻧَﺎﺩِﻣِﻴﻦَ ‏) ، ﺇﻥ ﺟﺎﺀﻛﻢ ﻓﺎﺳﻖ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗُﻘﺒﻞ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ، ﻭﻻ ﻳُﻘﺒﻞ ﺧﺒﺮﻩ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻘﺼﻪ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﺍﺭﺗﻜﺎﺑﻪ ﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ، ﻭﺃﻳﻀﺎً ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻹﺷﺎﻋﺎﺕ، ﻭﻳﻨﻘﻞ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ، ﻭﻳﻤﺸﻲ ﺑﺎﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ﻟﻴُﺸﻮﺵ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻳُﻔﺮﻕ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻫﺬﺍ ﻓﺎﺳﻖ، ﻭﺍﻟﻔﺎﺳﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻬﺬﺍ ﺧﺎﺭﺝُ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ، ﻭﻗﻮﻟﻪ ‏( ﻓَﺘَﺒَﻴَّﻨُﻮﺍ ‏) ﻳﻌﻨﻲ : ﺗﺜﺒﺘﻮﺍ ﻣﻦ ﺧﺒﺮﻩ ﻫﻞ ﻫﻮ ﺻﺪﻕٌ ﺃﻭ ﻛﺬﺏ؟ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﺍﺑﺎً ﻓﺮﺩﻭﻩ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺻﺪﻗﺎً ﻓﻼ ﺗُﺸﻴﻌﻮﻩ، ﻭﻻ ﺗﻨﺸُﺮﻭﻩ، ﺑﻞ ﻋﺎﻟﺠﻮﻩ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺣﺴﻦ، ﻭﻛﺘﻤﻮﻩ، ﺇﺑﻘﺎﺀًﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺳﺪﺍً ﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ، ﻭﺭﺩﻋﺎً ﻟﻠﺴﻌﺎﺓ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﻳﻦ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ : ‏( ﺃَﻥْ ﺗُﺼِﻴﺒُﻮﺍ ‏) ﺃﻱَّ ﻟﺌﻼ ‏( ﺗُﺼِﻴﺒُﻮﺍ ﻗَﻮْﻣﺎً ﺑِﺠَﻬَﺎﻟَﺔٍ ‏) ﺗﺠﻬﻠﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻭﺗﺆﺧﺬﻭﻧﻬﻢ ﻭﻫﻮ ﺑُﺮﺁﺀ ‏( ﻓَﺘُﺼْﺒِﺤُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠْﺘُﻢْ ﻧَﺎﺩِﻣِﻴﻦَ ‏) ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻢ ﻣﻦ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﺑﻨﺎﺀﺍً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﻭﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻧﺎﺩﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻨﻜﻢ، ﻭﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﻟﻨﺪﻡ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺇﺫﺍ ﺗﺪﺍﺑﺮﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺗﺒﺎﻏﻀﺖ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺭﺩﻫﺎ ﻋﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ، ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ : ‏( ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻻ ﻳَﺴْﺨَﺮْ ﻗَﻮﻡٌ ﻣِﻦْ ﻗَﻮْﻡٍ ﻋَﺴَﻰ ﺃَﻥْ ﻳَﻜُﻮﻧُﻮﺍ ﺧَﻴْﺮﺍً ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻭَﻻ ﻧِﺴَﺎﺀٌ ﻣِﻦْ ﻧِﺴَﺎﺀٍ ﻋَﺴَﻰ ﺃَﻥْ ﻳَﻜُﻦَّ ﺧَﻴْﺮﺍً ﻣِﻨْﻬُﻦَّ ‏) ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴُﺨﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨَّﺎﺱ، ﺗﻨﻘﺺ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ، ﻫﺬﺍ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺾ، ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﺺ، ﻭﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻟﻪ ﻗﺪﺭٌ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﻜﺎﻧﺔٌ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻧﺘﻬﺎﻛﻬﺎ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﺴُﺨﺮﻳﺔ ﺑﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﺤﺮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﺮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨَّﺴﺎﺀ، ﻭﺍﻟﻨَّﺴﺎﺀ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻗﻮﻋﺎً ﻓﻲ ﻫﺬﺍ، ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻗﻮﻋﺎً ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻦ ﻭﻫﻦ ﺃﺧﻮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻼ ﻳﺘﺨﺬﻧﺎ ﺍﻟﺴُﺨﺮﻳﺔ، ﻭﺗﻨﻘﺺ ﺍﻷﺧﺮﻳﺎﺕ ﺣﺮﻓﺔً ﻟﻬﻦَّ، ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻨَّﺴﺎﺀ ﺑﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻷﻥَّ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺷﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻭﻷﻧﻬﻦَّ ﺇﺫﺍ ﺻﻠﺤﻦ ﺻﻠﺤﺖ ﺍﻷﺳﺮ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺴﺪﻥ ﻓﺴﺪﺕ ﺍﻷﺳﺮ ﻭﻓﺴﺪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻷﻧﻬﻦَّ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻷﻧﻬﻦَّ ﺿﻌﻴﻔﺎﺕ ﻋﻘﻮﻝ ﺗُﺄﺛﺮ ﻓﻴﻬﻦَّ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺎﺕ، ﻭﺗﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﻦَّ ﺍﻟﺴُﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﺺ ‏( ﻻ ﻳَﺴْﺨَﺮْ ﻗَﻮﻡٌ ﻣِﻦْ ﻗَﻮْﻡٍ ‏) ، ‏( ﻭَﻻ ﻧِﺴَﺎﺀٌ ﻣِﻦْ ﻧِﺴَﺎﺀٍ ‏) ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﺨﻮﺭ ﻣﻨﻪ ﺧﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮ ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺘﻨﻘﺼﻮﻧﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻭﺇﻻ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦَّ ﻓﻴﻬﻢ ﻧﻘﺺ ﻟﻤﺎ ﺗﻨﻘﺼﻮﺍ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ : ‏( ﻭَﻻ ﺗَﻠْﻤِﺰُﻭﺍ ﺃَﻧﻔُﺴَﻜُﻢْ ‏) ﺍﻟﻠﻤﺰ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻨﻘﺺ ﺃﻳﻀﺎً ‏( ﺃَﻧﻔُﺴَﻜُﻢْ ‏) ﻳﻌﻨﻲ : ﺑﻌﻀﻜﻢ ﺑﻌﻀﺎ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻛﺎﻟﻨَّﻔﺲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺇﻻ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﻠﻤﺰُ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺇﻧَّﻤﺎ ﻳﻠﻤﺰُ ﺃﺧﺎﻩ، ﻭﺃﺧﻮﻩ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻛﻨﻔﺲ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻛﺠﺴﺪ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﻛﺒﻨﻴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ، ‏( ﻭَﻻ ﺗَﻠْﻤِﺰُﻭﺍ ﺃَﻧﻔُﺴَﻜُﻢْ ﻭَﻻ ﺗَﻨَﺎﺑَﺰُﻭﺍ ﺑِﺎﻷَﻟْﻘَﺎﺏِ ‏) ، ﺍﻷﻟﻘﺎﺏ ﺟﻤﻊ ﻟﻘﺐ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﻤﺪﺡٍ ﺃﻭ ﺫﻡ، ﻓﻬﺬﺍ ﻧﻬﻲُ ﻋﻦ ﺍﻷﻟﻘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻪ ﺫﻡ، ﻛﺎﻟﺘﻨﻘﺺ ﻛﺎﻟﺒﺨﻴﻞ، ﻭﺍﻟﺠﺎﻫﻞ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻌُﻴﻮﺏ، ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥُ ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳُﺴﺘﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﻳُﺒﻴﻦ، ‏( ﻭَﻻ ﺗَﻨَﺎﺑَﺰُﻭﺍ ﺑِﺎﻷَﻟْﻘَﺎﺏِ ‏) ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ : ‏( ﺑِﺌْﺲَ ﺍﻻِﺳْﻢُ ﺍﻟْﻔُﺴُﻮﻕُ ﺑَﻌْﺪَ ﺍﻹِﻳﻤَﺎﻥِ ‏) ﻓﺴﻤﻰ ﺍﻟﺘﻨﺎﺑﺰ ﺑﺎﻷﻟﻘﺎﺏ ﻓُﺴﻮﻗﺎً ‏( ﺑِﺌْﺲَ ﺍﻻِﺳْﻢُ ﺍﻟْﻔُﺴُﻮﻕُ ‏) ﻭﺍﻟﻔﺴﻮﻕ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰَّ ﻭﺟﻞَّ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﺩﻝَّ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﺑﺰ ﺑﺎﻷﻟﻘﺎﺏ ﻳُﻨﺎﻓﻲ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻳُﻨﻘﺺ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ : ‏( ﻭَﻣَﻦْ ﻟَﻢْ ﻳَﺘُﺐْ ‏) ﺍﻋﺘﺒﺮﻩ ﺫﻧﺒﺎً ﺗﺠﺐ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻣﻨﻪ ‏( ﻭَﻣَﻦْ ﻟَﻢْ ﻳَﺘُﺐْ ‏) ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻤﺰ ﺑﺎﻷﻟﻘﺎﺏ ‏( ﻓَﺄُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢْ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤُﻮﻥَ ‏) ﺳﻤﺎﻩ ﻇﺎﻟﻤﺎً، ﻷﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﺎﺱ، ﻭﺑﺨﺲ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ، ﻓﺎﻟﻼﻣﺰ ﺑﺎﻷﻟﻘﺎﺏ ﻣُﺘﻨﻘﺺ ﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﺘﻨﻘﺺ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺷﺪ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻘﺎﺹ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ، ﺍﻧﺘﻘﺎﺹ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ، ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺹ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ، ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺹ ﺃﺷﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻔﻘﺪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻤﺰ ﺑﺎﻷﻟﻘﺎﺏ ﻭﺳﻤﺎﻩ ﻓﺴﻮﻗﺎً، ﻭﻣُﻨﻘﺼﺎً ﻟﻸﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻣﻨﻪ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺐ ﻣﻨﻪ ﻓﺈﻧَّﻪ ﻇﺎﻟﻢ، ﻭﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻣﺼﻴﺮﻩ ﻣﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ‏( ﻭَﻣَﻦْ ﻟَﻢْ ﻳَﺘُﺐْ ﻓَﺄُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢْ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤُﻮﻥَ ‏) ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ : ‏( ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ
ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺟْﺘَﻨِﺒُﻮﺍ ﻛَﺜِﻴﺮﺍً ﻣِﻦْ ﺍﻟﻈَّﻦِّ ‏) ، ﺍﻟﻈﻨﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻳﻀﺎً ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ، ﺃﻥ ﺗﻈﻦَّ ﺑﺄﺧﻴﻚ ﺳﻮﺀًﺍ ﻭﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻓﻼ ﺗﻈﻦ ﺑﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﻻ ﺗﻈﻦ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻮﺀ ‏( ﺍﺟْﺘَﻨِﺒُﻮﺍ ﻛَﺜِﻴﺮﺍً ﻣِﻦْ ﺍﻟﻈَّﻦِّ ﺇِﻥَّ ﺑَﻌْﺾَ ﺍﻟﻈَّﻦِّ ﺇِﺛْﻢٌ ‏) ، ﻓﻴﺠﺘﻨﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻟﻘُﺒﺢ ﻫﺬﺍ، ﻟﻘﺒُﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻧﺐ ‏( ﺍﺟْﺘَﻨِﺒُﻮﺍ ﻛَﺜِﻴﺮﺍً ﻣِﻦْ ﺍﻟﻈَّﻦِّ ﺇِﻥَّ ﺑَﻌْﺾَ ﺍﻟﻈَّﻦِّ ﺇِﺛْﻢٌ ‏) ﻓﻜﻴﻒ ﺇﺫﺍ ﻛﺜﺮ ﺍﻟﻈﻦ ﺍﻟﺴﻴﺊ؟ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ : ‏( ﻭَﻻ ﺗَﺠَﺴَّﺴُﻮﺍ ‏) ﻻ ﺗﺘﺒﻌﻮﺍ ﻋﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ، ﻻ ﺗﺠﺴﺴﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ، ﺍﺳﺘﺮﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻘﺪﺗﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﻨﺎﺻﺤﻮﻫﻢ ﺳﺮﺍً، ﺃﻣَّﺎ ﺗﺘﺒﻊ ﻋﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻬﺎ، ﻓﺎﻟﻠﻪ ﻧﻬﻰ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ : " ﻣﻦ ﺗﺘﺒﻊ ﻋﻮﺭﺓ ﺃﺧﻴﻪ ﺗﺘﺒﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻮﺭﺗﻪ، ﻭﻣﻦ ﺗﺘﺒﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻮﺭﺗﻪ ﻓﻀﺤﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﺷﻬﺎﺩ " ، ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺘﺒﻌﺖ ﻋﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﻟﺘﻈﻬﺮﻫﺎ ﻭﺗﻨﺸﺮﻫﺎ، ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺘﺘﺒﻊ ﻋﻮﺭﺍﺗﻚ ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻚ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻳﻨﺸﺮ ﻣﺨﺎﺯﻳﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻘﻮﺑﺔً ﻟﻚ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ‏( ﻭَﻻ ﺗَﺠَﺴَّﺴُﻮﺍ ‏) ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ‏( ﻭَﻻ ﻳَﻐْﺘَﺐْ ﺑَﻌْﻀُﻜُﻢْ ﺑَﻌْﻀﺎً ‏) ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ، ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﺮﻕ، ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺾ، ﻭﺍﻟﻐﻴﺒﺔ، ﻭﻣﺎ ﺃﺩﺭﺍﻙ ﻣﺎ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ؟ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨَّﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻫﻲ ﺫﻛﺮﻙ ﺃﺧﺎﻙ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﺮﻩ " ، ﻓﻲ ﻣﻐﻴﺒﻪ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻗﻪ، ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﻏﺎﻳﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ " ﺫﻛﺮﻙ ﺃﺧﺎﻙ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﺮﻩ " ، ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﺧﻲ ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻝ؟ ﻗﺎﻝ : " ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻘﺪ ﺍﻏﺘﺒﺘﻪ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻘﺪ ﺑﻬﺘﻪ " ، ﻳﻌﻨﻲ : ﻛﺬﺑﺖ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺄﻣﺴﻚ ﻟﺴﺎﻧﻚ ﻳﺎ ﺃﺧﻲَّ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ، ﺛﻢ ﺑﻴَّﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ‏( ﺃَﻳُﺤِﺐُّ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺃَﻥْ ﻳَﺄْﻛُﻞَ ﻟَﺤْﻢَ ﺃَﺧِﻴﻪِ ﻣَﻴْﺘﺎً ‏) ﻟﻮ ﺟﺌﺖ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﻣﻴﺘﺔ ﻫﻞ ﺗﺴﺘﺴﻴﻎ ﺃﻥ ﺗﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﺤﻤﻬﺎ؟ ﻻ ﻳﺴﺘﺴﻴﻎ ﻫﺬﺍ ﺃﺣﺪ ﻣﻜﺮﻭﻩ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﻳﺄﻛﻞ ﻟﺤﻮﻣﻬﻢ ‏( ﺃَﻳُﺤِﺐُّ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺃَﻥْ ﻳَﺄْﻛُﻞَ ﻟَﺤْﻢَ ﺃَﺧِﻴﻪِ ﻣَﻴْﺘﺎً ﻓَﻜَﺮِﻫْﺘُﻤُﻮﻩُ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺗَﻮَّﺍﺏٌ ﺭَﺣِﻴﻢٌ ‏) ، ﻭﺇﺫﺍ ﺣﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﺫﺍ ﺣﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﺘﻨَّﺔ ﺃﻭ ﺍﻧﻘﺴﺎﻡ ﻓﺈﻧَّﻪ ﻳﺠﺐ ﺍﻹﺻﻼﺡ، ﺇﺫﺍ ﺣﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﺘﻨَّﺔ ﻭﻗﺘﺎﻝ ﻳﺠﺐ ﺍﻹﺻﻼﺡ ‏( ﻭَﺇِﻥْ ﻃَﺎﺋِﻔَﺘَﺎﻥِ ﻣِﻦْ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﺍﻗْﺘَﺘَﻠُﻮﺍ ﻓَﺄَﺻْﻠِﺤُﻮﺍ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻤَﺎ ‏) ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺼُﻠﺢ ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ : ‏( ﻭَﺍﻟﺼُّﻠْﺢُ ﺧَﻴْﺮٌ ‏) ﻭﺍﻟﺼﻠﺢ ﻫﻲ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺯﻋﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺿﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ، ﻭﻳﺰﻭﻝ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻭﺍﻟﺸﻘﺎﻕ، ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻧﺰﺍﻋﺎً ﻣُﺴﻠﺤًﺎ ﻓﻴﻪ ﺳﻔﻚ ﻟﻠﺪﻣﺎﺀ، ﻓﺈﻧَّﻪ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺑﺎﻹﺻﻼﺡ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻭﻻ ﻧﺘﺮﻛﻬﻢ، ﻭﻻ ﻧﺘﺮﻛﻬﻢ ﻳﺘﻘﺎﺗﻠﻮﻥ، ﺑﻞ ﻧﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻬﻤﺎ ﺃﻣﻜﻦ ﻭﻟﻮ ﺗﺤﻤﻠﻨﺎ ﺃﻣﻮﻟًﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺫﻟﻚ ﻧُﺼﺢ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﺛﻢ ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﺑﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺘﺎﻥ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﺼﻠﺢ ﺃﺑﺖ ﺃﻥ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﺼﻠﺢ ‏( ﻓَﻘَﺎﺗِﻠُﻮﺍ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﺗَﺒْﻐِﻲ ‏) ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﺍ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﺒﺎﻏﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﺼﻠﺢ ‏( ﻓَﻘَﺎﺗِﻠُﻮﺍ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﺗَﺒْﻐِﻲ ﺣَﺘَّﻰ ﺗَﻔِﻲﺀَ ﺇِﻟَﻰ ﺃَﻣْﺮِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ‏) ﺃﻱَّ : ﺗﺮﺟﻊ ﻋﻤَّﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ‏( ﻓَﺈِﻥْ ﻓَﺎﺀَﺕْ ‏) ﺃﻱَّ : ﺭﺟﻌﺖ، ‏( ﻓَﺄَﺻْﻠِﺤُﻮﺍ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻤَﺎ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ‏) ﺃﻧﺼﻔﻮﺍ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ، ﻭﺃﻧﺼﻔﻮﺍ ﺍﻟﻤُﺨﻄﺊ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﻄﺊ، ‏( ﺃَﺻْﻠِﺤُﻮﺍ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻤَﺎ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺃَﻗْﺴِﻄُﻮﺍ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳُﺤِﺐُّ ﺍﻟْﻤُﻘْﺴِﻄِﻴﻦَ ‏) ﺃﻱَّ : ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﻴﻦ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ : ‏( ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺇِﺧْﻮَﺓٌ ‏) ﺃﺧﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻨَّﺴﺐ ﻻ، ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻗﺼﺎﻫﺎ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ، ﻟﻜﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻢ ‏( ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺇِﺧْﻮَﺓٌ ‏) ﻓﻲ ﺃﻱَّ ﻣﻜﺎﻥ، ﻓﺎﻟﻤﺆﻣﻦ ﺃﺧﻮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ، ﻓﻲ ﺃﻱ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﻣﻦ ﺃﻱَّ ﺟﻨﺲ ﻓﺎﻟﻌﺮﺑﻲ ﺃﺧﻮ ﻟﻠﻌﺠﻤﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ، ﻭﺍﻷﺑﻴﺾ ﺃﺧﻮ ﻟﻸﺳﻮﺩ، ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻻ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻃﺎﻥ، ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ، ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻷﻧَّﻬﻢ ﺃﺧﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺟﻤﻊ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ، ﺃﻣَّﺎ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻨَّﺴﺐ ﻓﻬﻲ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺎﺭﺿﺖ ﻣﻊ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﺈﻧَّﻬﺎ ﺗﺮﻓﺾ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺐ ‏( ﻻ ﺗَﺠِﺪُ ﻗَﻮْﻣﺎً ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺍﻟْﻴَﻮْﻡِ ﺍﻵﺧِﺮِ ﻳُﻮَﺍﺩُّﻭﻥَ ﻣَﻦْ ﺣَﺎﺩَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻭَﻟَﻮْ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﺁﺑَﺎﺀَﻫُﻢْ ﺃَﻭْ ﺃَﺑْﻨَﺎﺀَﻫُﻢْ ﺃَﻭْ ﺇِﺧْﻮَﺍﻧَﻬُﻢْ ﺃَﻭْ ﻋَﺸِﻴﺮَﺗَﻬُﻢْ ‏) ، ﻓﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ﺇﻧَّﻤﺎ ﻫﻲ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺑﺎﻷﻃﻤﺎﻉ، ﻭﻻ ﺑﺎﻹﻧﺤﻴﺎﺯﺍﺕ، ﻭﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ، ﺇﻧَّﻤﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ ‏( ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺭَﺑَّﻜُﻢْ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﻧَﻔْﺲٍ ﻭَﺍﺣِﺪَﺓٍ ﻭَﺧَﻠَﻖَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺯَﻭْﺟَﻬَﺎ ﻭَﺑَﺚَّ ﻣِﻨْﻬُﻤَﺎ ﺭِﺟَﺎﻻً ﻛَﺜِﻴﺮﺍً ﻭَﻧِﺴَﺎﺀً ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺗَﺘَﺴَﺎﺀَﻟُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻭَﺍﻷَﺭْﺣَﺎﻡَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺭَﻗِﻴﺒﺎً ‏) ، ﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻭﻧﻔﻌﻨﺎ ﺑﺎﻵﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ، ﺃﻗﻮﻝٌ ﻗﻮﻟﻲ ﻫﺬﺍ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ ﻭﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻧﺐ، ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮﻭﻩ ﺇﻧَّﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ .
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥَّ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳ
ﻚ ﻟﻪ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥَّ ﻣﺤﻤﺪًﺍ ﻋﺒﺪُﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟُﻪ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ، ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ‏( ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺇِﻧَّﺎ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎﻛُﻢْ ﻣِﻦْ ﺫَﻛَﺮٍ ﻭَﺃُﻧﺜَﻰ ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎﻛُﻢْ ﺷُﻌُﻮﺑﺎً ﻭَﻗَﺒَﺎﺋِﻞَ ﻟِﺘَﻌَﺎﺭَﻓُﻮﺍ ﺇِﻥَّ ﺃَﻛْﺮَﻣَﻜُﻢْ ﻋِﻨْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃَﺗْﻘَﺎﻛُﻢْ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻋَﻠِﻴﻢٌ ﺧَﺒِﻴﺮٌ ‏) ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺧﺎﺻﺔ، ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻭﺑﻴَّﻦ ﻟﻬﻢ ﺃﺻﻠﻬﻢ ﺃﻧَّﻪ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ، ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﻭﺃﻧﺜﻰ، ﻻ ﻓﻀﻞ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻛُﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ، ﻭﺇﻧَّﻤﺎ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ، ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﻀﻞ ‏( ﺇِﻥَّ ﺃَﻛْﺮَﻣَﻜُﻢْ ﻋِﻨْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃَﺗْﻘَﺎﻛُﻢْ ‏) ، ﻓﻼ ﻳُﻘﺮﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻻ ﻳُﻘﺮﺏ ﺍﻟﻨَّﺴﺐ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺭﻓﻊ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ ﻧﺴﺒًﺎ ‏( ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻧُﻔِﺦَ ﻓِﻲ ﺍﻟﺼُّﻮﺭِ ﻓَﻼ ﺃَﻧﺴَﺎﺏَ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻢْ ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﻭَﻻ ﻳَﺘَﺴَﺎﺀَﻟُﻮﻥَ * ﻓَﻤَﻦْ ﺛَﻘُﻠَﺖْ ﻣَﻮَﺍﺯِﻳﻨُﻪُ ﻓَﺄُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢْ ﺍﻟْﻤُﻔْﻠِﺤُﻮﻥَ * ﻭَﻣَﻦْ ﺧَﻔَّﺖْ ﻣَﻮَﺍﺯِﻳﻨُﻪُ ﻓَﺄُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺧَﺴِﺮُﻭﺍ ﺃَﻧﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ ‏) ، ﻧَّﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﻓﺎﻟﻨَّﺴﺐ ﺇﻧَّﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻘﻂ ﺗﻌﺎﺭﻑ، ﺗﻌﺮﻑ ﺃﻧَّﻚ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻓﻼﻥ ﻷﺟﻞ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻷﺟﻞ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﻬﻢ ﺗﺼﻠﻬﻢ، ﻭﻷﺟﻞ ﺍﻧﻀﺒﺎﻁ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻳﻌﺮﻑُ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ، ﺃﻣَّﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻨﺴﺐ ﻳﺮﻓﻊ ﺃﻭ ﻳﺨﻔﺾ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ‏( ﺇِﻥَّ ﺃَﻛْﺮَﻣَﻜُﻢْ ﻋِﻨْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃَﺗْﻘَﺎﻛُﻢْ ‏) ، ‏( ﻭَﻣَﻦْ ﺧَﻔَّﺖْ ﻣَﻮَﺍﺯِﻳﻨُﻪُ ﻓَﺄُﻭْﻟَﺌِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺧَﺴِﺮُﻭﺍ ﺃَﻧﻔُﺴَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ * ﺗَﻠْﻔَﺢُ ﻭُﺟُﻮﻫَﻬُﻢْ ﺍﻟﻨَّﺎﺭُ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻛَﺎﻟِﺤُﻮﻥَ ‏) ﺃﻳَّﻦ ﺃﻧَّﺴﺎﺑﻬﻢ؟ ﺫﻫﺒﺖ ﺃﻧَّﺴﺎﺑﻬﻢ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﺇﻻ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ، ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥَّ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﻬﺪﻱَّ ﻫﺪﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺷﺮَّ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣُﺤﺪﺛﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻛُﻞَ ﺑﺪﻋﺔٍ ﺿﻼﻟﺔ .
ﻭﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﺈﻥ ﻳﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ، ﻭﻣﻦ ﺷﺬَّ ﺷﺬَّ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‏( ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ ‏) .
ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠِّﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪِﻙ ﻭﺭﺳﻮﻟِﻚ ﻧﺒﻴَّﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﻋﻦ ﺧُﻠﻔﺎﺋِﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ، ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﻴﻦ، ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ، ﻭﻋﻤﺮَ، ﻭﻋﺜﻤﺎﻥَ، ﻭﻋﻠﻲٍّ، ﻭﻋَﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑِﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥٍ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡِ ﺍﻟﺪﻳﻦ .
ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺃﻋﺰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺃﺫﻝ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻭﺩﻣﺮ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺁﻣﻨﺎً ﻣﺴﺘﻘﺮﺍً ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﺎﻣﺔً ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺃﺻﻠﺢ ﻭﻻﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ ﻭﻭﻓﻘﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺻﻼﺣﻬﻢ ﻭﺻﻼﺡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺃﺣﻤﻲ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺃﺣﻤﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺍﺣﻤﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻮﺀ ﻭﻣﻜﺮﻭﻩ، ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺴﻮﺀ ﻓﺄﺷﻐﻠﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺻﺮﻑ ﻛﻴﺪﻩ ﻓﻲ ﻧﺤﺮﻩ، ﻭﻛﻔﻨﺎ ﺷﺮﻩ ﺇﻧَّﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻗﺪﻳﺮ .
ﻋﺒﺎﺩَ ﺍﻟﻠﻪ، ‏( ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦْ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟْﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ ‏) ،
‏( ﻭَﺃَﻭْﻓُﻮﺍ ﺑِﻌَﻬْﺪِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺇِﺫَﺍ ﻋَﺎﻫَﺪْﺗُﻢْ ﻭَﻻ ﺗَﻨﻘُﻀُﻮﺍ ﺍﻷَﻳْﻤَﺎﻥَ ﺑَﻌْﺪَ ﺗَﻮْﻛِﻴﺪِﻫَﺎ ﻭَﻗَﺪْ ﺟَﻌَﻠْﺘُﻢْ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﻛَﻔِﻴﻼً ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﻌْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﺗَﻔْﻌَﻠُﻮﻥَ ‏) ، ﻓﺎﺫﻛﺮﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪَ ﻳﺬﻛُﺮْﻛﻢ، ﻭﺍﺷﻜُﺮﻭﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤِﻪ ﻳﺰِﺩْﻛﻢ، ﻭﻟﺬِﻛْﺮُ ﺍﻟﻠﻪِ ﺃﻛﺒﺮُ، ﻭﺍﻟﻠﻪُ ﻳﻌﻠﻢُ ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻌﻮﻥ
إصلاح ذات البين

الحمد لله الذي أمرنا بالاعتصام بحبله المتين ونهانا عن الفُرقة والاختلاف في الدين وذكّرنا نعمة علينا إذ كُنَّا أعداءً فألف بين قلوبنا فأصبحنا بنعمته إخواناً وكنا على شَفَا حُفْرة من النار فأنقذنا منها.
الحمد لله الذي لم يجعل لأحدٍ على أحد فضلاً إلاّ بالتقوى فقال عز شأنه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .
نحمد الله سبحانه على نعمة الإيمان إذ جعلنا بها إخوة فقال { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } ونثني عليه الخير كلَّه ، نشكره ولا نكفره ونخلع ونترك من يكفره ، نرجو رحمته ونخشى عذابه إنّ عذابه الْجِدَّبالكفار مُلْحِقٌ .
وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له جلّ عن الشبيه وعن المثيل والنَّظير { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ..

أيُّها الإخوة المؤمنون :

إن لهذه الشريعة خصائص وسِمَات جليلة ، وقواعد كلية لا يمكن أن ترى فيها حُكماً من الأحكام أو مسألة من المسائل تخرج عنها ، بل لا يمكن أن تنتقص هذه القواعد في جُزئية من جزئيات الشريعة أو مقاصدها وإن من مقاصد هذه الشريعة وسمات هذا الدين ربط الأُوَاصِر وتوثيق العُرى وتقوية العلائق بين المؤمنين والحضّ على التعاون على البر والتقوى والتَّآلُف والمحبة ..
ولكننا جَهلاً منا لديننا وبُعداً عن الإقامة الدقيقة لشَّعائر هذا الدين ضيَّعنا كثيراً من هذه السِمَات والخصائص فلا نكاد نراها إلاّ بين طائفة قليلة من المسلمين ، وحَلّ محلها ضدها .
والأمر جَليٌّ واضح فإن غابت سُنّة فمكانها بدعة ، وإن غاب المعروف ظَهَر المنكر وإن ضَعُف الحق قَوِي الباطل .





معاشر المؤمنين :

إن مما يُدْمِي القلوب أن تَرى بين المؤمنين فُرقة واختلافاً ، وعَصبيّة جاهلية وليت الأمر وقف عند هذا بل جَاوَزه إلى أن أصبح بعض المسلمين لا يرى الأخوة إلاّ في إطار بلدِهِ أو قبيلتِهِ أو عائلته .
أيها المؤمنون :
إن فساداً في ذات البين قد حلّ بالمسلمين ، ففرّق شملهم وشتّت جماعتهم ، حتى وقعت فيها الحالِقَةُ .
روى الإمام الترمذي رحمه الله عن أم الدرداء رضي الله عنها عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم : "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ" ، وروى الترمذي أيضاً بسنده إلى الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ، وَالْبَغْضَاءُ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ: الْحَالِقَةُ، حَالِقَةُ الدِّينِ لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ " وفي خطبة الوداع قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يِئسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ" .رواه مسلم.
إن فساد ذات البين سواء كان بين الرجل وامرأته أو أخ وأخيه أو ابن وأبيه ، أو قريب وقريبه أو جار وجاره ، إن فساد ذات البين حالقة ، ولا تحلق الشعر كالمرأة التي تحلق شعرها أو تشق جيبها عند المصيبة وإنما هي حالقة لأمر أعظم إنها حالقة للدين والعياذ بالله تنتزعه من أصوله ..
وكُـلُّ كَسْـرٍ فإنَّ الديـن يَجبُرُهُ ومـا لِكَسـرِ قَنـاةِ الدِّيـنِ جُبْـرانُ
وإن من أعظم القربات إلى الله تعالى : إصْلاح ذات البين .
نعم ينبغي تتبع هذه الحالقة لإزالتها وربط القلوب وإزالة ما فيها من شَحناء وتباغُض قال الله عز وجل{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } وقال {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } وقال {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} ولنا في رسول الله أُسْوة حسنة ...
أخرج البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم في أُناس معه ..
وروى البخاري في موضع آخر عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال " اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ " ...
وأخرج البخاري في الأدب المفرد : عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَده لَا تَدْخُلُوا الجَنَّة حَتى تُسلِمُوا، وَلَا تُسْلِموا حَتَّى تَحَابُوا، وأَفْشُوا السَّلام تَحَابُوا، وإِيّ
َاكُم والبُغْضَةَ، فَإنَّهَا هِي الحَالِقَةُ لَا أَقُولُ لَكُم تَحْلِقُ الشَّعَر، وَلَكِن تَحْلِق الدِّينَ " ..
وروى الشيخان من حديث ابي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ"أي تصلح بينهما بالعدل .. وقال صلى الله عليه وسلم " سَيُصِيبُ أُمَّتِي دَاءُ الْأُمَمِ» , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَا دَاءُ الْأُمَمِ؟ قَالَ: «الْأَشَرُ , وَالْبَطَرُ , وَالتَّكَاثُرُ فِي الدُّنْيَا , وَالتَّبَاغُضُ , وَالتَّحَاسُدُ , حَتَّى يَكُونَ الْبَغْيُ , ثُمَّ يَكُونُ الْهَرْجُ " أخرجه الحاكم ..
وإن من المسلمين من يرى هذه القضية من القضايا الجانبية العرضية التي لا تستحق أن يُفرد لها الكلام ويشخص لها البصر ، وهذا تساهل بخطرها فإن هذه القلوب إذا صلحت وسلمت من نيران البغضاء والعدواة والتَّشاحُن أصبحت نفوساً خيّرة إذا رأت موحِّداً هَشّتْ إليه وبَشّتْ واطمأنت قبل أن تعرف جنسيته أو قبيلته ...
ولعظم هذه المسألة قال صلى الله عليه وسلم "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ" رواه مسلم عن جابر ..
وقال صلى الله عليه وسلم "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ" متفق عليه ..
وقال :"لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ " أخرجه أبو داود .
أما إذا كان الهجر بسبب بَغي أو عُدوان أو كانت الصِّلة تَجر ظلماً وإثماً والقطيعة تدفع هذه الشرور ، فإن هذا ليس من الهجر الممنوع ما دام أن الهجر كان لما يُرضي الله عز وجل .
ولقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من خيار الصحابة لما تخلفوا عن ركب الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ومن الهجر الجائز هجر الزوجة لتأديبها : {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} ، وبوب البخاري في صحيحه "باب ما يجوز من الهجران لمن عصى" ، قال ابن حجر : أراد بهذه الترجمة بيان الهجران الجائز لأن عموم النهي مخصوص بمن لم يكن لهجره سبب مشروع" .

أيها الأحبة في الله :
ولأن الشريعة جاءت لتجعل المسلمين صفاً واحداً أمام أعداء الله ، نهت عن كل ما يصدع في جدار هذا الصّف .
فقال صلى الله عليه وسلم "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّهُ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ" متفق عليه ..
ولو بحثنا عن أسباب فساد ذات البين التي أورثت الحقد والقطيعة بين الناس لوجدنا أن من أكبر أسبابها سوء الظن بالمسلمين ..
قال الله عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} .وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً .
قال صلى الله عليه وسلم : " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ " رواه البخاري و مسلم ، وقال عمر : "لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً " .
ولو طبّق المسلم ذلك لما وقع بينه وبين أحد شحناء أو تباغُض ولكن :
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ
فالحذر الحذر من سوء الظن بالولد .. أو الزوجة .. أو الجار .. أو المسلمين عامة ..
وإن سُوء الظّن يجر إلى التجسس ، والتجسس سبب من أسباب فساد ذات البين قال صلى الله عليه وسلم " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا،وَلاَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ " متفق عليه .

وإن من أسباب فساد ذات البين : تصديق الشائعات ، وعدم التثبت مما يُنقل من الأخبار.
وَهُمْ نَقَلُوا عَنِّي الَّذِي لَمْ أَفُـهْ بِـهِ
وَمَا آفَـةُ الأَخْبَـارِ إِلاَّ رُواتُهَـا .

حينما نجد مسلماً من شدة شغفه بالكلام يتلقاه بلسانه قبل أذنه { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } وبعض الناس قد ينقل إليك شيئاً أصله صحيح ولكن الزيادات والحواشي والتحليلات التي يذكرها غير صحيحة ، وما أكثر الذين فسدت بينهم ذات البين بسبب مثل النقولات والأ
كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك حتى يلقاك ، ومن كان منهم ميتاً فضاعِف له حسناته وتجاوز عن سيئاته وأجمعنا بهم في جنتك يا رب العالمين .
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه ومالم نعلم ، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه ومالم نعلم .
اللهم وارضى عن صحابة نبيك أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، عباد الله
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰوَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

محمد العريفي
خبار ، يأتيه رجل فيقول قال فيك فلان كذا وكذا فيزرع في قلبه حِقْداً وضَغينة ...
ولو أنه قال له :بِئس ما قلت ولا أظُن بأخي إلاّ خيراً ، ثم استقبل القبلة وقال اللهم اغفرلي ولأخي وتجاوز عني وعنه ..
هذا خلق الصالحين ذوي المروءات ..
قال صلى الله عليه وسلم " تَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ" رواه البخاري ومسلم .
وقد قال تعالى :{ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } .. وإنّ من أسباب هذه الحالقة .. فساد ذات البين ..المِنَّةُ بالعطايا فإنها من أسباب الفسـاد {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} والمقصود أصلاً من العطية هو توثيق القلوب وتصفية النفوس ، فإذا وقع ذلك من العَطيّة والامتنان وقعت الحالقة ..
وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ" رواه مسلم ..وفقني الله وإياكم لكم خير وجمع قلوبنا جميعاً على طاعته وجعلنا إخوة في الله متحابين مُتَألفين ..
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر على توفيقه وامتنانه ،،،
أما بعد :
أيها الإخوة المؤمنون :
وإن من أسباب الحالقة :
التَّنَاجِيَ:قال صلى الله عليه وسلم " إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ حَتَّى تَخْلِطُوا بِحَدِيثِهِ كَيْ لَا يُحْزِنَهُ " متفق عليه ...
ومن أسبابها تساهُل بعض الناس بالتّفحُش في كلامه سَباً ولعناً وتَحقيراً لإخوانه في المجالس وعلى رؤوس الناس ..
وتأملوا قول الله عز وجل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ...} ...
وانظروا إلى هذا الإعجاز والجلال .. الصحابة يسألون بعد اختلاف وشجار بينهم عن الأنفال وهو ما يحصل عليه من الغنيمة ونحوها فجاء الخطاب {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}..
ولم يجيء تفصيل الأنفال إلاّ في آخر السورة {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ..} .
وأخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة قال : "سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال : فينا أصحاب بدر نزلتْ ، حين اختلفنا في النّفْل ، فساءت أخلاقنا فانتزعه الله من بين أيدينا وجعله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقسمه بين المسلمين" ..
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، لما التقى الصفان قال صلى الله عليه وسلم :" من صنع كذا وكذا فله من لنَّفَل ِكذا وكذا" ، قال : فتقدم الفِتْيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوها فلما ختم الله عليهم قال الكبار المشيخه كُنّا ردءاً لكم وقال الفتيان : جعله رسول الله لنا فأنزل الله تعالى { يَسْأَلُونَكَ } ولم يرد تقسيم الأنفال في صدر السورة وإنما وردت القضية الأعظم وجاء النهي عن الحالقة : { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } رواه أبو داود.

وفي سبيل إصلاح ذات البين جَاز الكذب .. "لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا " .متفق عليه .
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } والواجب علينا جميعاً ..امتثال قول الله عز وجل :
{ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ...}
ألا فليعلم المُصِرّون على الحالقة والتدابر والتَّشاحُن أنهم يفوتهم مغفرة وفضل عظيم ..
" تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا " رواه مسلم ..
وإن مما يزُيل هذه الحالقة التَّبسُم في وجه المسلم والهش والبش في وجه المسلم ..
اللهم أصلح ذات بيننا واهدنا سبل الرشاد ، ووفقنا واغفرلنا إنك على كل شيء قدير .
نسأل الله جل جلاله أن يغفر لنا خطأنا وزللنا ، وأن يُعيننا على بر والدينا ،
اللهمّ اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا اللهم من
🎤
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
فــــتن آخــــــــــــر الــــزمــــــــــــان
للشيــــخ/ محمــــد صــــالـــح المنــجــــد
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

أهداف وعناصر الخطبة :
1/ الابتلاء سنة كونية 2/ معاني الفتنة في القرآن 3/ تأثير الفتن لدى جموع الناس 4/ ضرورة وعي المسلم لما يدور حوله من أحداث 5/ مسائل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد 6/ فتنة وسائل الإعلام 7/ ضرورة العودة للكتاب والسنة

الخطبــــة.الاولــــى.cc
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد: فإن الله -سبحانه وتعالى- خلق خلقه ليبتليهم: (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) [الملك: 2]، وهذا الابتلاء والاختبار لحكمة عظيمة من الله -سبحانه وتعالى-؛ ولذلك فإن ربنا -عز وجل- يقدّر فتنًا تمحص العباد وتبين الحقائق وتظهر المعادن، وهكذا سلعة الله غالية، لا يدخلها إلا من وفقه الله -عز وجل- للنجاح في هذا الابتلاء الذي يبتلي به العباد.

وإذا نظرنا إلى الفتن في القرآن الكريم فإننا نجد هذا المعنى في مقدمتها، الفتنة بمعنى الابتلاء والاختبار كما قال تعالى عن موسى -عليه السلام-: (وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا) [طه: 40]، أي ابتليناك واختبرناك، وقال سبحانه: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) [العنكبوت: 2]، أحسبوا أن نتركهم بلا اختبار ولا ابتلاء، وهكذا يختبرهم بأمور كثيرة من الشدة والرخاء، والمال والنساء، والحسب والنسب، والحرب والأمن، والشدة والخوف، وتأتي الفتنة بمعنى العذاب، كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، أي عذبوهم وحرقوهم، وقال -عز وجل-: (إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا) أي أوذوا وعُذِّبوا.

والفتنة تأتي في القرآن بمعنى الشرك والكفر كقوله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ) [البقرة: 193]، أي لا يكون شرك، وقال: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة: 191]، وتأتي بمعنى القتل أيضًا كقوله -عزّ وجل-: (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [النساء: 101]، وتأتي بمعنى الصد عن سبيل الله كقوله: (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [المائدة: 49]، وتأتي بمعنى اشتباه الحق بالباطل كقوله: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال: 73]،

وهذا الاشتباه جاء في حديث: "ستكون فتن؛ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي"، وهي أيضًا تأتي بمعنى اختلاف الناس وعدم اجتماع قلوبهم كقوله تعالى: (وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) [التوبة: 47]، أي يوقعون الخلاف بينكم.

وإذا نظرنا في أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وجدنا أن الفتن لها أوصاف، منها كبار ومنها صغار كما جاء في حديث حذيفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئًا، ومنهن فتن كرياح الصيف، منها صغار ومنها كبار".

وكذلك فإن الفتن تحدث انتكاسًا للناس؛ فيرى الرجل حلالاً ما كان يراه حرامًا والعكس، وأيضًا فإنه تتفاقم وتزداد وتكثر وتعظم كما دل عليه الحديث: "إن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاءٌ وأمورٌ تنكرونها، وتجيء فتنةٌ فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه". يعني تكون الأولى أهون من الثانية، وتُنسي شدة الثانية هول الأولى.

والفتنة تكون في زمان ومكان يصل لدرجة أن يتمنى بعض الناس الموت، كقوله -عليه الصلاة والسلام-: "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه". وهذا حال المؤمن الذي يصل به الخوف على ذهاب دينه وغلبة الباطل وأهله وظهور المعاصي والمنكرات، لدرجة أنه يتمنى أن يموت الآن قبل أن يفتن، فإنه يرى أن الموت خير له من أن يفتن في دينه.

هذه الفتنة تقلب القلوب، ولذلك قال لنا: "بادروا بالأعمال فتننًا"، اعملوا بالصالحات الآن، تصدقوا قبل أن لا تتصدقوا، صوموا قبل أن تشغلوا، "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم؛ يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل".

فهذا يدل على تقلب دين الناس صباحًا ومساءً، ليلاً ونهارًا؛ لأنه قال: "يصبح الرجل مؤمنًا ويمسى كافرًا". الانقلاب حصل في الصباح، يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، الانقلاب والانتكاس حصل في المساء أو في الليل.

ومن صفات الفتن أنها تذهب بعقول الرجال في وقت من الأوقات كما قال -عليه الصلاة والسلام-: "يقتل بعضك
م بعضًا، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته"، فقال بعض القوم: يا رسول الله: ومعنا عقولنا ذلك اليوم!! فقال: "لا، تنزع عقول أكثر ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس". يعني لا قيمة لهم، بمنزلة الغبار. رواه أحمد ورواته ثقات.

وهذه الفتن تقع وتتطور وتخرج عن حدود السيطرة ويعرفها العلماء إذا أقبلت، والجهلاء والعامة لا يعرفونها إذا أدبرت، وتتزين في مباديها لتغري بالتورط فيها كقوله -عليه الصلاة والسلام-: "من تشرف لها تستشرفه"، وكذلك فإن فيها انتكاسًا للفطر، تأتي الفتنة العمياء الصماء المسبقة التي يصير الناس فيه كالأنعام، وهذا كلام علي -رضي الله عنه- في حديث موقوف صحيح رواته ثقات له حكم الرفع.

وأيضًا تأتي أنواع من الفتن لا تدع بيتًا إلا دخلته كما -قال عليه الصلاة والسلام-: "وفتنة يدخل حربها بيت كل مسلم". وأيضًا لا تدع أحدًا إلا لطمته، وكذلك فإنها تقلب القلوب وتجعل فيها النكت السوداء حتى تصبح منتكسة، وأما قلوب أهل الإيمان فإنها تبقى صافية نقية لا يتشربها شيء من دخان هذه الفتن.

عباد الله: إن قواعد الدين وواجباته تفرض على المسلم أن يعي ما يدور حوله، وأن يعرف الموقف الشرعي من ذلك، وإذا نظرت في هذه الأحداث الكثيرة وهذه المستجدات فإنك تجد فيها أنواعًا بحيث لا يمكن أن تطلق عليها حكمًا واحدًا، ولا أن تقف منها موقفًا واحدًا، ولا أن تعمم عليها كلامًا واحدًا؛ ولذلك فإن معنى الاختلاط والاشتباه في الفتنة قائم الآن، والله تعالى يبتلي أهل العلم، يبتلي قادة الدعوة والعلم من المسلمين في المواقف، ويمتحنهم بما يجريه من الأقدار، ماذا يفهمون؟! وكيف يحكمون؟! وبأي شيء يتكلمون؟! عن ماذا يصدرون؟! ماذا يقولون وماذا يعلمون؟! وهذه من أعظم المسؤوليات الشرعية، ابتلاء العالم والداعي إلى الله بهذه الأقدار الإلهية التي ينظر ربنا فيها ماذا يقولون وماذا يعملون؟!

وفي الحقيقة –يا عباد الله- فإن حجم المسؤولية الشرعية الملقاة على أهل العلم ضخمة جدًا، لا يعين على هذا إلا الله -عز وجل-، وقد فاوت الله تعالى بينهم في مقدار ما عرفوه من الكتاب والسنة، وفي النور الذي قسمه في قلوبهم وفي عقولهم عمقًا وفهمًا وإحاطةً وتقديرًا وهكذا.

ولذلك فإن الخطأ وارد، وأيضًا اللبس حاصل، وقد يكون مِنْ عقل بعضهم أن يتوقف عن إصدار حكم لأنه لم يتبين له الحق فيه، وهذا موقف شرعي صحيح، فإن الله لا يكلف عالمًا أن يقول ما يعلمه، أو أن يحكم على ما لم يفهمه، أو يجزم بشيء في أمر لم يتضح له بعد.

ولذلك فإن التريث والتأني مطلوب، وأيضًا مناصحة العموم أمر مطلوب؛ لأن الرأي في الأحداث الكبار يصعب أن يصدر عن واحد، وأيضًا فإن التعميم في كثير من الأحيان يكون خاطئًا، فقد يكون في مكان يفسر فيه بشيء ويحكم بشيء وهو في مكان آخر يحكم عليه بشيء آخر، وإن من الفتنة حدوث الالتباس، فيسمى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فتنة لا يصح الخوض فيها.

وكذلك يمكن أن يسمى الجهاد فتنة كما فعل المنافقون: (ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي) [التوبة: 49]، ائذن لي في التخلف عن الجهاد في سبيل الله، ولا تفتتني في نساء الروم، وهذه حجة واهية يا عباد الله.

ولذلك يجب أن تبقى الأمور الشرعية بأسمائها، فيبقى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغيير المنكر، حكمًا قائمًا شرعيًا يجب العمل به: "من رأى منكم منكرًا فليغيره"، تبقى نصرة المسلم لأخيه المسلم قائمة: "انصر أخاك"، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يسلمه لا يخذله".

يبقى التعاون على البر والتقوى قاعدة شرعية، يبقى الجهاد في سبيل الله أمرًا حقيقًا لا يمكن أن يعزل أو يلغى، وكذلك العمل بقواعد المصالح والترجيح في المصلحة والمفسدة وخير الخيرين وشر الشرين وموازنة الأعمال، وحساب العواقب يكون في غاية الأهمية، وكلام العلماء في هذه الموازنات فيه عمق كبير وذكاء مستنير، وهذا كلام بعضهم على سبيل المثال؛ قال الشوكاني -رحمه الله-: " ويجب إعانة الظالم على إقامة معروف أو إزالة منكر، والأقل ظلمًا على إزالة الأكثر، مهما وقف على الرأي ولم يود إلى قوة ظلمه".

وقال: "لقد قررنا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الفرائض الإسلامية، وأهم الواجبات الدينية، والظالم -يعني المسلم المتلبس بالمعصية- والظالم إذا قام بذلك فقد قام بحق، وإذا احتاج إلى من يعينه على ذلك كانت إعانته واجبة؛ لأنها إعانة على حق، وقيامًا لأجل الحق، لا لأجل الظالم نفسه، ومعلوم أن الحق لا يخفى".

إذًا لو قام ظالم بشيء من الشرع يعان، لا لأجل أنه ظالم، ولكن لأجل الشرع الذي يقوم به، وقال أيضًا: "ومن هذا القبيل إعانة الأقل ظلمًا من الفسقة على الأكثر ظلمًا إذا كان يندفع بهذه الإعانة ظلم الأكثر ظلمًا أو بعضه، فإن هذا داخل تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

عباد الله: إن معرفة الحكم الشرعي في الأشياء مهم في اتخاذ الموقف منها، والقتال على سبيل المثال أنواع؛ فهناك قتال بحقٍّ كالجهاد في سبيل الله، والقتال مع الإمام العدل ضد من خرج عليه، وكذلك هنالك قت
ال بباطل كسفك الدماء بين المسلمين في عصبية، نعرة، قتال على دنيا، تنافس فيها، فإن سفك الدماء في هذه الحالة حرام وكبيرة عظيمة من الكبائر.

وأيضًا الدخول في قتال لم يتبين حكمه حرام، بدليل قوله: "قاتل لا يدرى لم يقتل، ولا المقتول يدرى فيم قتل". وأتى بها في معرض الذب للداخلين في فتنة القتال عندما لا يكون ذا حق.

كذلك من قاتل تحت راية عصبية عمية، يدعو إلى عصبية أو جاهلية، وهكذا كقتال بعض القبائل في تنافسها على المكان أو الأرض أو الدنيا، فإنه من عدوان أهل الجاهلية بعضهم على بعض، وهذا كان في قتال العرب في الجاهلية أن يعدو بعضهم على بعض، وأن يظلم بعضهم بعضًا،وأن يسلب بعضهم بعضًا، وينهب بعضهم بعضًا وهكذا، فلا يمكن إطلاق حكم واحد على القتال، فمنه حق، ومنه باطل، ومنه حلال، ومنه حرام، منه واجب، منه مستحب، وعندما يتم الخلط في مسألة من المسائل تحدث الفتنة والكارثة.

عباد الله: إن الحيرة ابتلاء، والله يسلط على العباد أحيانًا فتنة تدع الحليم حيرانًا، ويبتلي بالحيرة فينظر كيف يخرج منها أهل العلم الراسخين؛ فإنهم بنور الكتاب والسنة الذي يضيء الله به قلوبهم يستطيعون أن يعرفوا حكم الوقائع، وأن يقولوا ما يدينون به رب العالمين، وبعضهم ربما يتوقف، وبعضهم ربما يخطئ ويقول كلامًا ليس بالحق، فإن كان من أهل الاجتهاد وعنده الآلة -أي العلوم الشرعية اللازمة للكلام كأصول التفسير ومصطلح الحديث وعلوم اللغة التي يفهم بها نصوص الشرع، وأصول الفقه الذي يعرف به الخاص من العام، والمطلق من المقيد، والناسخ من المنسوخ، ومعاني الألفاظ ودلالات الألفاظ، ونحو ذلك، ويعرف كلام أهل العلم، ماذا قال السلف، ماذا جاء عن الصحابة في الأمر، وعن التابعين، وعن أئمة الدين المعتبرين- فإذا كان عنده الأهلية فأخطأ فإن الله يغفر له ويأجره أجرًا واحدًا، وإذا تكلم فأصاب يؤجر أجرين، لأن ربنا -سبحانه وتعالى- قد وفقه لإصابة الحق، فيؤجر على اجتهاده، ويؤجر على إصابته في الحق.

وقد يتوقف بعض الناس فيأجرهم ربهم على عدم استعجالهم وعلى تأنيهم، وعلى قول: لا أدري، فإن العالم يؤجر على قول: لا أدري، يؤجر على قول: لا أعلم، يؤجر على وقوفه، لأنه لم يتعد حدود الله، ولم يتكلم بما لا يعلم؛ لأن الله حذره وقال: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 169].

وفي ذات الوقت يأثم إذا تكلم بغير علم، يأثم إذا أقحم جاهل نفسه في الموضوع، إذا نطق الرويبضة السفيه في أمر العامة، وهذا مزلق عظيم، وكثيرون يغترون بأنفسهم ويظنون أنهم من أهل العلم وهم أنصاف في أحسن أحوالهم، لا يحق لهم أن يتكلموا أصلاً.

وعامة يؤجرون على تقليدهم لأهل العلم، ليس عندهم قدرة على الكلام في أحكام الشريعة، ولكن يأجرهم ربهم إذا تابعوا أهل العلم الثقات العلماء الربانيين الذين يعملون بالعلم، الذين يقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم، فهؤلاء كالكبريت الأحمر في نضرتهم وقلتهم، ولكن إذا علم العامي أحدهم فتابعه في قوله واستفتاه وأخذ بحكمه فإنه يؤجر لأنه عمل ما أمره الله به: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43]، بينما قد يأثم العامي عند الله إثمًا عظيمًا عندما يضرب بكلام أهل العلم عرض الحائط ولا يكترث، ولا يسألهم ولا يستفتيهم، ولا يقبل عليهم، ولا يحرص على أقوالهم، ولا يصغي لكلامهم ولا يتصل بهم، فهو عن كلامهم معرض، وغاية ما يفعله أن يتابع الأخبار في وسائل الإعلام والقنوات، وهذا ولا شك فيه مخاطر عظيمة، ويمكن أن نلخص سلبيات القنوات بأمور:

أولاً: الإشغال.

ثانيًا: التضليل.

فيحدث من وراء كثرة بث الأخبار تضليل كبير، فإنه لا يكاد يوجد حيادية إطلاقًا في القنوات الإخبارية؛ لأن معدي الأخبار لهم أخبار ولهم ميول، وعند كثير منهم اعتقادات سابقة منافية للحق، ولذلك فإنه لا يجوز أن يأخذ من الإعلاميين أو الإخباريين الأحكام الشرعية، ولا المواقف الدينية في الأزمات، والإعلام في العالم يوجه الناس، يوجههم حسب توجهات الجهة التي تقف وراءه، ولذلك فإن كثيرًا من العامة ينساقون من حيث لا يشعرون إلى تأييد، أو انتقاد، أو ذم، أو تخوين، أو مدح شخص أو جهة بفعل هذه الوسيلة الإخبارية.

أما مسألة الإشغال فإن من السلبيات القائمة اليوم، أن كثيرًا من الناس قد انشغلوا عن صلاة الجماعة والخشوع في الصلاة، وتلاوة كتاب الله والصوم المستحب أيضًا، وكذلك كثرة ذكر الله وما يجب عليهم من بر الوالدين، وصلة الرحم، والإحسان، وأنواع المعروف، والطاعة، والقربات، والأعمال القلبية، من خوف الله ورجائه والتوكل عليه والصدق معه، والحياء منه، والإنابة إليه، والتوبة إليه، ونحو ذلك.

شغلهم الإعلام عن التوبة إلى الله، شغلتهم القنوات الإخبارية عن عبادة الله، شغلتهم المتابعات المستمرة عن العيش مع الله والإخبات إلى الله والإنابة إلى الله، والتضرع إلى الله، ورفع الكفين ودعاء الله، شغلتهم الأخبار وهذه المتابعات حتى عن الدعاء لإخوانهم، واللهج بالاهتمام بأمرهم فيما ين
فعهم. وهذه ولا شك فتنة عظيمة يا عباد الله.

وإن من المواقف الشرعية المهمة: النظر في الآيات التي تتعلق بالأحداث، ماذا يوجد في كتاب الله بشأن ما يحدث؟! إذا علمنا أن الله قال: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام: 38]، فماذا يوجد يا ترى في كتاب الله بشأن هذه الأحداث؟! تأمل في حكمة الله -عز وجل-، تأمل في قوته سبحانه، تأمل في تدبيره للأمور، كل يوم هو في شأن، يخفض قومًا ويرفع آخرين، يعز قومًا ويذل آخرين، يغني قومًا ويفقر آخرين، وهكذا يعطي ويمنع، ويسلب ويمنح، سبحانه وتعالى له الأمر كله، وبيده سبحانه ملكوت السموات والأرض، لا يشغله شيء عن شيء، يدبر الأمر في السماء والأرض، تعرج الملائكة بأمره، تصعد وتنزل، يدبر أمور الكون في السماء والأرض بين العباد، وآياته الكونية من إجراء الرياح والزلازل والأعاصير والفيضانات والبراكين وهذه الفتن التي تقع.

فهو الذي يغرق قومًا بآخرين، ويسلط قومًا على آخرين، سبحانه وتعالى فهو الذي يدبر الأمور، وهو الذي يدير -عز وجل- هذه الأحداث.

تأمل في قوله -عز وجل-: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران: 140]، تخرج بأنه -سبحانه وتعالى- قوي حكيم عليم، وأنه جبار -عز وجل-.

تأمل في أن له الملك كله، وإليه يرجع الأمر كله، لتخرج من هذه الأحداث بأنه سبحانه فقط الذي يبقى والعباد يذهبون: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص: 88].

تأمل في انتقال الأشياء من وإلى، وهو سبحانه يبقى لا يضره أحد، لا يمكن أن ينقص ما عنده، وعند الناس ينقص: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) [النحل: 96].

تأمل في قوله تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [البقرة: 251]، تأمل حكمته في دفع الباطل بالحق، والقيام بمصالح العباد.

تأمل في التدافع بين الحق والباطل وتنحية أحدهم للآخر، والحق هو كل ما هو ثابت وصحيح وواجب من اعتقاد أو قول أو فعل جاء به الشرع، والباطل نقيض ذلك وضده.

تأمل في هذا التدافع بين أهل الحق وأهل الباطل، وأهل السنة وأهل البدعة، وأهل التوحيد وأهل الشرك، وأهل الإسلام وأهل الكفر.

تأمل في هذه السنة الحتمية الجارية، التي لا يكاد يخلو منها دهر ولا زمان، ولا بلد، ولا أوان ولا ميدان، فهي باقية ما بقيت الحياة، ولا يتصور أن يبقى الحق هكذا منصورًا أهله نصر الدنيا، أو الباطل يبقى هكذا منصورًا أهله نصر الدنيا، وللباطل قوة تطغيه، ولذلك لابد من دفعه بالحق وأهل الحق: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) [الأنفال: 36].

وقد اقتضت سنته -عز وجل- أن الغلبة في النهاية للحق وأهله، وأن الاندحار والمحق للباطل وأهله، كما قال -عز وجل-: (وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ) [الشورى: 24]، فمن عادته أن لا يديم ظالمًا، ولا يديم مفسدًا: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس: 81]، فيسلط عليه الدمار.

من سنته تنازع الحق والباطل، والصلاح والفساد، فلا يديم باطل، بل يزيله مهما طال، ويمحقه مهما بقي، ويظهر بطلانه -عز وجل-، هذه السنة في التدافع أخبر به سبحانه: (إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) [هود: 49]، (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الفتح: 22، 23]، تأمل قوله: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر: 51]، هكذا في قديم الدهر وحديثه.

وقد يسبق نصر الحق أذى للمؤمنين، وهذا طبيعي، ومن السنن أن يبتلي عباده المؤمنين بتسليطه لأهل الكفر أو الظلم عليهم، فلا يجوز أن يغتر إنسان بغلبة باطل زائف؛ لأنها سحابة صيف تنقشع عما قليل: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران: 140]، وهكذا -يا عباد الله- من الآيات الكثيرة التي جاءت.

فمثلاً تأمل في تسلط المشركين، إذا تسلطوا ماذا يفعلون؟! (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً) [التوبة: 8]، والآن هؤلاء الكفرة لما جاءوا بلباس الإنقاذ يقتلون المستضعفين، وعلى أحسن أحوالهم يريدون تقسيم بلاد المسلمين.

وعندما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اذهب فإني لا أستعين بمشرك"، قد قرّب لنا هذه القاعدة العظيمة، فإذا جاؤوا بالقوة فهنالك يكون الفقه ف
2025/07/08 21:35:48
Back to Top
HTML Embed Code: