Telegram Web Link
توسل النبي ﷺ بذاته الشريفة وبإخوانه النبيين صلى الله عليهم:

لما ماتت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما دخل عليها رسول الله ... الحديث، وفي آخره:
فلما فرغ من دخل رسول الله -قبرها- فاضطجع فيه وقال: «الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها، [بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي] فإنك أرحم الراحمين»

📚 الطبراني في الكبير (٣٥١/٢٤) والأوسط (٧٦/١)
الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 280)
(...وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، هُوَ أَنَّهُ مُمَاسٌّ لَهُ، أَوْ مُتَمَكِّنٌ فِيهِ، أَوْ مُتَحَيِّزٌ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهِ، لَكِنَّهُ بَائِنٌ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ جَاءَ بِهِ التَّوْقِيفُ فَقُلْنَا بِهِ، وَنَفَيْنَا عَنْهُ التَّكْيِيفَ، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "


الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 308)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: هَذِهِ نُسْخَةُ الْكِتَابِ الَّذِي أَمْلَاهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيمَا جَرَى بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَذَكَرَهَا وَذَكَرَ فِيهَا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] بِلَا كَيْفٍ، وَالْآثَارُ عَنِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ" وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ يَدُلُّ مُذْهِبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِلَيْهَا ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ. وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ. وَذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَعَلَ فِي الْعَرْشِ فِعْلًا سَمَّاهُ اسْتِوَاءً، كَمَا فَعَلَ فِي غَيْرِهِ فِعْلًا سَمَّاهُ رِزْقًا أَوْ نِعْمَةً أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَفْعَالِهِ. ثُمَّ لَمْ يُكَيِّفِ الِاسْتِوَاءَ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ لِقَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي، وَالتَّرَاخِي إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ، وَأَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى تُوجَدُ بِلَا مُبَاشَرَةٍ مِنْهُ إِيَّاهَا وَلَا حَرَكَةٍ. وَذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَالٍ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ: الِاعْتِلَاءُ، كَمَا يَقُولُ: اسْتَوَيْتُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَاسْتَوَيْتُ عَلَى السَّطْحِ. بِمَعْنَى عَلَوْتُهُ، وَاسْتَوَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِي، وَاسْتَوَى الطَّيْرُ عَلَى قِمَّةِ رَأْسِي، بِمَعْنَى عَلَا فِي الْجَوِّ، فَوُجِدَ فَوْقَ رَأَسِي. وَالْقَدِيمُ سُبْحَانَهُ عَالٍ عَلَى عَرْشِهِ لَا قَاعِدٌ وَلَا قَائِمٌ وَلَا مُمَاسٌّ وَلَا مُبَايَنٌ عَنِ الْعَرْشِ، يُرِيدُ بِهِ: مُبَايَنَةَ الذَّاتِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الِاعْتِزَالِ أَوِ التَّبَاعُدِ، لِأَنَّ الْمُمَاسَّةَ وَالْمُبَايَنَةَ الَّتِي هِيَ ضِدُّهَا، وَالْقِيَامُ وَالْقُعُودُ مِنْ أَوْصَافِ الْأَجْسَامِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ [ص:309] يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْأَجْسَامِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ قَالَ: اسْتَوَى بِمَعْنَى: عَلَا، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ عُلُوًّا بِالْمَسَافَةِ وَالتَّحَيُّزِ وَالْكَوْنِ فِي مَكَانٍ مُتَمَكِّنًا فِيهِ، وَلَكِنْ يُرِيدُ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] أَيْ: مَنْ فَوْقَهَا عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَحْوِيهِ طَبَقٌ أَوْ يُحِيطُ بِهِ قُطْرٌ، وَوُصِفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِذَلِكَ بِطَرِيقَةِ الْخَبَرِ، فَلَا نَتَعَدَّى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ.
قُلْتُ: وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَكَلِمَةُ ثُمَّ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَوى عَلَيْهِ، لَا بِالِاسْتِوَاءِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: 46] يَعْنِي: ثُمَّ يَكُونُ عَمَلُهُمْ فَيَشْهَدُهُ، وَقَدْ أَشَارَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ إِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ حِكَايَةً، فَقَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّهُ صِفَةُ ذَاتٍ، وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَزَلْ مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ، كَمَا أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ قَدْ حَدَثَتْ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِأَنْ قَدْ حَدَثَتْ، وَلَمَّا حَدَثَتْ بَعْدُ، قَالَ: وَجَوَابِي هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ وَأَنَّهُ فَوْقَ الْأَشْيَاءَ بَائِنٌ مِنْهَا، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَحُلُّهُ وَلَا يَحُلُّهَا، وَلَا يَمَسُّهَا وَلَا يُشْبِهُهَا، وَلَيْسَتِ الْبَيْنُونَةُ بِالْعُزْلَةِ تَعَالَى اللَّهُ رَبُّنَا عَنِ الْحُلُولِ وَالْمُمَاسَّةِ عُلُوًّا كَبِيرًا. قَالَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّ الِاسْتِوَاءَ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَنْفِي الِاعْوِجَاجَ عَنْهُ، وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الِاسْتِوَاءَ هُوَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرَّحْمَنَ غَلَبَ الْعَرْشَ وَقَهَرَهُ، وَفَائِدَتُهُ الْإِخْبَارُ عَنْ قَهْرِهِ مَمْلُوكَاتِهِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَقْهَرْهُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْعَرْشَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَمْلُوكَاتِ، فَنَبَّهَ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى، قَالَ: وَالِاسْتِوَاءُ بِمَعْنَى الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ، كَمَا يُقَالُ: اسْتَوَى فُلَانٌ عَلَى النَّاحِيَةِ إِذَا غَلَبَ أَهْلَهَا، وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ:
قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ
[ص:310] يُرِيدُ: أَنَّهُ غَلَبَ أَهْلَهُ مِنْ غَيْرِ مُحَارَبَةٍ. قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ، لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ غَلَبَةٌ مَعَ تَوَقُّعِ ضَعْفٍ، قَالَ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] وَالِاسْتِوَاءُ إِلَى السَّمَاءِ هُوَ الْقَصْدُ إِلَى خَلْقِ السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ إِلَى السَّمَاءِ اسْتِوَاءً جَازَ أَنْ تَكُونَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتِوَاءً.
ما أجمل قول ابن عساكر عن الإمام الأشعري:
( عقد الأشعري على السنة نطاقًا وتمسَّك به)


أين كان الإشاعرة قبل الأشاعرة؟
قال الإمام أبي السعود محمد بن صالح السباعي:
وأبو الحسن مالكي المذهب، وقيل: شافعي، والصحيح الأول، وأهل السنة ينتسبون إليه يكنون بالأشاعرة والأشعرية وكانوا قبل ظهوره يلقبون بالمثبته؛ لانهم أثبتوا ما نفته المعتزلة.

- وهذا كسؤالِ من سأل : ماذا كانت عقيدة الناس قبل المذاهب الأربعة !؟
أو ماذا كان يقرأ الناس قبل رش وحفص وعاصم وابن كثير..؟
- فإن قيل : كانوا على مذاهب من سبقهم من الصحابة والتابعين . أو قيل في القراءة كانوا على قراءة من قبلهم ثم صار لها قواعد باسم القراء..
- فنقول : وكذا في الاعتقاد ، إذ ليست الأشعرية ببدعٍ من الاعتقاد ، ولم يستحدث الأشاعرة عقيدة ، وإنما استحدثوا ألفاظاً للتعبير عما كان عليه الصحابة والتابعين في سبيل مواجهة الفلاسفة ، ولم تكن غاية لنفسها ، وإذا ثبت أنه لا مشاحة في الاصطلاح ؛ فلا إشكال .

فالأَشعريُّ لم يحِد عمن سلَف
وإنما بسَّطَ مذهب السّلف

يبني أصوله على الذكر الحكيم
والسنة الغرّاء والعقل السليم
فنِسبة المذهب قد كانت إليه
لنصب حجة وبرهان عليه

إذْ لم يزل يناضل المبتدعة
بالحق حتى أدبرت منقطعة
والآن جا فوق قرون عشرة
وهُو قدوة الهداة البررة
برغم أنف الحشوية الأُلى
ما إن يزال نهجهم مُسترذَلا

وكلما للحرب نارا أوقدوا
أطفأها الله العزيز الأحد
العلامة المجدد الشيخ : محمد الحسن بن أحمد الخديم الشمشوي اليعقوبي الجوادي الشنقيطي _أطال الله بقاءه_

جمع بتصرف
إن المعتمد من أقوال العلماء سلفًا وخلفًا وعليه عمل المسلمين أنَّ الإسراء والمعراج وقع في ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رجبٍ الأصمِّ.
#مقولة_الإمام_مالك_في_البدعة

والجواب باختصار:

أولا: مقولة الإمام مالك التي يحتج بها المخالف هنا، ذكرها الإمام الشاطبي بلا إسناد فقال: ((قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: "مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3]، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا")) [الاعتصام (1 /64-65)]، فالمخالف يحتج بفهمه لقول الإمام مالك: "يَرَاهَا حَسَنَةً" على ذم البدعة الحسنة، وبالتالي إلحاق إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بالبدعة الضلالة؟!..

ولكن الرواية المسندة إلى الإمام مالك بن أنس كما ذكرها ابن حزم الظاهري (ت: 456هـ) بسنده إلى: ((ابن الماجشون أنه قال: قال مالك بن أنس: "من أحدث في هذه الأمة اليوم شيئا لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم خان الرسالة لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3] الآية. فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا")) [الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري (58/6)]..فأنت ترى الرواية المسندة إلى الإمام مالك ليس فيها ما ذكره الإمام الشاطبي: ((يَرَاهَا حَسَنَةً)) مع أن ((استحسان المبتدع أو استقباحه لا يُغيِّر مِن الأمر شيئا، إلا أن هذه اللَّفظة تُوهِم بادي الرأي أن كلام الإمام مُوَجَّه لمَن يقول بالبدعة الحسنة فاقتضى التَّنبيه)) [البدعة الحسنة بين إقرار السلف وإنكار الخلف للأستاذ عبد الوَهَّاب مْهِيَّة الحزائري (ص:119)]؟!..فتأمل..

ثانيا: على فرض صحة ثبوت عبارة ((يَرَاهَا حَسَنَةً)) على الوجه الذي ذكره الإمام الشاطبي..فلو كان مراد الإمام مالك ذم كل المحدثات حتى التي يشهد الشرع باعتبارها لما كان لعبارة ((يَرَاهَا حَسَنَةً)) معنى في كلامه!، وهذا لأن استحسان المبتدع أو استقباحه لا يُغيِّر مِن الأمر شيئا!، فعبارة ((يَرَاهَا حَسَنَةً)) تعني: يراها حسنة بمجرد رأيه والهوى لا بالشرع والأصول. والدليل هو أن الإمام قد استحسن بعض الأمور لم ترد في دليل خاص، وبالمثال يتضح المقال:

ثالثا: قال القاضي أبو الوليد الباجي المالكي (ت: 474هـ): ((رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي "الْعُتْبِيَّةِ": سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ عَطَسَ أَوْ رَأَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَحَمِدَ اللَّهَ، أَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: لَا أَنْهَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ - إذَنْ أَقُولُ لَهُ: لَا تَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى!)) [المنتقى (286/7)].

قال القاضي أبو الوليد ابن شد الجد المالكي (ت: 520هـ) في شرح قول الإمام مالك: ((وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ [=صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ] مَعَ حَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ الْعُطَاسِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ بِذَلِكَ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْقُرْبَةَ وَلَا احْتَسًبَ فِيهِ الثَّوَاب وَلَا قَصَدَ بِهِ تَعْظِيم حَقّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ - فَيَكُون ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ مَكْرْوهًا، وَيُحْتَمَلُ أًَنْ يَكُونَ لَمَّا عَطَسَ فَحَمِدَ اللّه تَذَكَّرَ سُنَّة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ - فِي أَمْرِ العَاطِس بِحَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ عُطَاسِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ دَاعِيًا لَهُ عَلَى مَا سَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ، فَيَكُون ذَلِكَ مِن فِعْلِهِ حَسَنًا مُسْتَحْسَنًا. وَلَمَّا احْتَمَلَ صَلَاته عَلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الحَال وَجْهًا صَحِيحًا تَوَقَّفَ فِي الرِّوَايَةِ أنْ يَقُولَ: إِنَّهُ يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنْ قُلْتُ ذَلِكَ كْنْتُ قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ -، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق)) [البيان والتحصيل للقاضي ابن رشد الجد (578/18)].

فها هو الإمام مالك يستحسن الصلاة والسلام على خير الأنام بعد العطاس على الوجه الذي ذكره أيمة المذهب، وهذا الاستحسان لم يرد بتوقيف منه صلى الله عليه وآله وسلم في دليل خاص كما يظهر من استقراء أحاديث السنة في كيفية تشميت العاطس.

إذن: فمراد الإمام مالك من مقولته تلك ذم البدعة التي لا تستند إلى دليل ولا يشهد لها أصل من أصول الدين، وهي البدعة المذمومة. وهذا ما يؤيد تخريج مقولة الإمام على الوجه المذكور أعلاه، ويدحض احتجاج المخالف بظاهرها للحكم ببدعية عمل المولد..

رابعا: بعض محدثات الإمام مالك بن أنس:
(1) قَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِي (ت:543هـ) عِنْدَ الكَلاَمِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾[طه:12] فِي أَحْكَامِهِ، مَا نَصُّهُ: ((إِنْ قُلْنَا: إِنَّ خَلْعَ الْنَّعْلَيْنِ كَانَ لِيَنَالَ بَرَكَةَ الْتَّقْدِيسِ فَمَا أَجْدَرَهُ بِالْصِّحَّةِ، فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْتَّنْزِيهَ عَنْ الْنَّعْلِ، وَاسْتَحَقَّ الْوَاطِئُ الْتَّبَرُّكَ بِالْمُبَاشَرَةِ، كَمَا لَا تُدْخَلُ الْكَعْبَةَ بِنَعْلَيْنِ، وَكَمَا كَانَ مَالِكُ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً بِالْمَدِينَةِ، بَرًّا بِتُرْبَتِهَا الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى الْأَعْظُمِ الْشَّرِيفَةِ وَالْجُثَّةِ الْكَرِيمَةِ)) [أَحْكَامُ الْقُرْآنِ لِلْقَاضِي اِبن الْعَرَبِي الْإِشْبِيلِي (254/3)]..فأَحْدَثَ إِمَام دَار الْهِجْرَة سَيِّدنَا مَالِك بْن أَنَس طَرِيقَةً مُخْتَرَعَةً لَـمْ تُعْهَد قَبْلُ فِي تَعْظِيمِ حَضْرَةِ سَيِّدنَا الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم وَهُوَ فِي قَبْرِهِ الْشَّرِيفِ..

(2) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ): ((كَانَ مَالِكُ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ قَالَ: "مَا شَاءَ اللهُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ"، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾[الكهف:39] الآيَة، وَجَنَّتهُ: بَيْتهُ. وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلىَ بَابِ مَالِك مَكْتُوبًا، يُرِيدُ لِيَتَذَكَّرَ بِرُؤْيَتِهِ قَوْل ذَلِكَ مَتَى دَخَلَ)) [تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (130/1)] اِستَنْبَطَ الْإِمَام مَالِك ذِكْراً مُحْدَثًا انْطِلاَقًا مِنْ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَقَيَّدَهُ بِكَيْفِيَّةٍ مُحْدَثَةٍ لَـمْ تُعْهَد مِنْ قَبْلُ..

(3) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ): ((قَالَ الْزُّبَير بن حَبِيبٍ: كُنْتُ أَرَى مَالِكًا إِذَا دَخَلَ الْشَّهْر أَحْيَا أَوَّلَ لَيْلةٍ مِنْهُ، وَكُنْتُ أَظُنُّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَفْتَتِحَ بِهِ الْشَّهْر. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مَالِكٍ: كَانَ مَالِكُ يُصَلِّي كُلَّ لَيْلَةٍ حِزْبَهُ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَة الْـجُمُعَة أَحْيَاهَا كُلَّهَا)) [تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (50/2)]..اِلْتَزَمَ إِمَام دَار الْهِجْرَة مَالِك بْن أَنَس إِحْيَاء أول ليلة من الشهر بِالْعِبَادَةِ، ولَا دَلِيل عَلَى هَذَا الْتَّخْصِيص بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ مِنْ غَيْر عُمُومَاتِ الْنُّصُوص..

(4) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ): ((كَانَ مَالِكُ إِذَا جَلَسَ لِلْحَدِيثِ تَوَضَّأَ، وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِ فِرَاشِهِ، وَسَرَّحَ لِـحْيَتَهُ، وَتَـمَكَّنَ فِي جُلُوسِهِ بِوَقَارٍ وَهَيْبَةٍ، ثُمَّ حَدَّثَ. فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أُعَظِّمَ حَدِيثَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ وَلَا أُحَدِّث بِهِ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ)) [تَرْتِيبُ الـمَدَارك (15/2)]..أَحْدَثَ إِمَام دَار الهِجْرَة سَيِّدنَا الْإِمَام مَالِك بْن أَنَس كَيْفِيَّةً جَدِيدَةً لَـمْ تَرِد فِي تَعْظِيم حَدِيث رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم!، والْتَزمَ الْتَّوْقِيتَ لِعِبَادَةِ الْوُضُوءِ بِصُورَةٍ مُحْدَثَةٍ..

..الخ

فهذه الأفعال كلها: "بِدْعَة ضَلَالَة" وفق توجيه المخالف لمقولة الإمام!، وهذا يدلك على براءة الإمام مالك من هذا الفهم السقيم لمقولته..

والله الموفق..
الشيخ ياسين بن ربيع
#البدعة
يامن سريت ليلا

يامن سريت ليلا مصاحبا جبريلا
للمسجد الاقصى في تلك الليلة

ياحبيبي يا محمد يا صادقا بالوعد
يااحمد يامؤيد من الفرد الصمد
ياصادق المقال ياذا المقام العالي
يا من حباه ربي بطيب الأفعال

يامن سريت ليلا...

صليت يامحمد بجمع المرسلين
كنت فيهم إماما وكانوا مقتدين
ثم بعد الصلاة سرت للسموات
فوق ظهر البراق لرب العالمين

يامن سريت ليلا.....
* ليلة الإسراء والمعراج :

سأل بعض الإخوة :
من أين أتى تحديد أن ليلةَ الإسراء والمعراج هي ليلةُ السابع والعشرين من شهر رجب ؟ وجرى اهتمام عموم المسلمين بهذه الليلة ؟
قلتُ:
هناك خلاف مشهور كبير في تحديدِ ليلةِ حصول (معجزة الإسراء والمعراج) ...في أكثر من 10 أقوال ....لعدم وجود نص صحيح صريح في تاريخ الحادثة ....
[ انتبه: الخلاف في تاريخ الحادثة وليس في حصولها ووقوعها ]

حتى جاء القرن السادس الهجري ....
فاختار العالم الحافظ أبو الفرج عبدالرحمن بن علي ( الشهير بابن الجوزي) الحنبلي أنها في ليلة 27 من رجب ....وكان لابن الجوزي شهرة كبيرة في العالم الإسلامي ...وكانت كتبه منتشرة ...ودروسه يحضرها الآلاف المؤلفة ....ويقيم في عاصمة الخلافة (بغداد) ...فانتشر هذا القول وجرى عمل الناس عليه ....
ورافق ذلك أنه كان نفس اختيار العالم الحافظ المحدث تقي الدين عبدالغني بن عبد الواحد ( الشهير بالحافظ المقدسي) الحنبلي....مؤلف كتاب:( عمدة الأحكام ) ـ وهو من الكتب الموثوقة لدى العلماء ـ ....وهو كان ذا شهرة واسعة أيضاً في ذلك الزمن ...وكانت إقامته بين ( دمشق) و( مصر) ....فأخذ الناس عنه اختياره هذا ....
وقد كانت وفاتهما متقاربة : توفي ابن الجوزي ببغداد سنة 597هـ/1203م.....وتوفي المقدسي بمصر سنة 600هـ/1207م

وجاء من بعدهما بزمن قريب الإمام العالم محي الدين يحيى بن شرف ( الشهير بالإمام النووي) الشافعي ....فاختار أيضاً أنها في ليلة27 من شهر رجب .....وهو من أكثر العلماء تأثيراً في زمانه ....فشاع القول وانتشر ...وجرى عليه عمل الناس وعموم الأمة .والنووي توفي في 676هـ/1277م .....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من باب التوافق العجيب :
أن السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله دخل ( القدس) فاتحاً في ليلة ال27 من شهر رجب من عام 583هـ ....
اللهم عجل بتحرير بيت المقدس يا رب العالمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ اختيار ابن الجوزي جاء في كتابه ( الوفا بتعريف فضائل المصطفى ص162) ...مع أنه في كتابه (المنتظم في التاريخ (2/ 259) لم يجزم بذلك .
ـ اختيار الحافظ المقدسي ذكره ابن كثير عنه في كتابه (البداية والنهاية 15/ 354) وقال:
" وقد اختاره الحافظ عبد الغني بن سرور المقدسي في سيرته " .
ـ اختيار النووي ورد في كتابه (روضة الطالبين وعمدة المفتين 3/ 498) وقال فيه: " ثم فرض الله تعالى من قيام الليل ما ذكره في أول سورة المزمل ثم نسخه بما في أواخرها ثم نسخه بإيجاب الصلوات الخمس ليلة الإسراء بمكة بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر ليلة سبع وعشرين من رجب " ...على أنه من المهم التنبيه أن النووي نفسه قد اختار أنه في ربيع الثاني في (شرح صحيح مسلم) وأنه في ربيع الأول ( في فتاويه) .

والله ورسوله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

عبدالله سالم
السؤال : هل ينزل الله الى السماء الدنيا في الثلث الاخير من الليل ؟
الجواب: في الثلث الاخير من الليل تتنزل الرحمات .....لا ينزل الله بذاته الى السماء الدنيا سبحانه وتعالى
قال الامام ابن عبد البر في التمهيد (7/144) عند ذكر حديث النزول: ( وقال آخرون ينزل بذاته ... قال أبو عمر ليس هذا بشيء عند أهل الفهم من أهل السنة لأن هذا كيفية وهم يفزعون منها لأنها لا تصلح إلا فيما يحاط به عيانا وقد جل الله وتعالى عن ذلك)اهـ

قلتُ :
[1] . وصف الامام ابن عبدالبر من يقول بان الله ينزل بذاته انه من أهل الجهل!!
يطعن في زعم المتطرفين - زورا وبهتانا- انهم ينسبون هذا القول لاهل السنة ... تعالى الله عما يصفون....
[2] . السؤال : كيف ينزل الله الى السماء الدنيا في الثلث الاخير من الليل ؟ كما جاء في الحديث النبوي الشريف ؟

جواب أهل السنة : ينزل كما قال
جواب الوهابية : ينزل بذاته نزولا يليق به

(1). الفرق ان اهل السنة اتفقوا كما نقل الاجماع الاصبهاني (336 - 430 هـ) في كتابه (الحُجة في بيان المحجة 1/259) (اجتمع الأئمة على أن تفسيرها قراءتها، قالوا: أمروها كما جاءت )أهـ
اي تفويض الكيف والمعنى : ينزل كما قال

(2). واذا اضطر اهل السنة لبيان المعنى لمن يريد أن يفهم ... التجؤوا إلى تأويلها بما يليق به سبحانه...
فنقول تتنزل الرحمات في الثلث الاخير أو أن الله يأمر سكان السموات من الملائكة بذلك
تتنزل الرحمات والسكينة والتجليات من الله تعالى
كما جرت في لسان العرب أنه يقال بنى السلطان فلان المدينة ... والواقع أنه لم يبنها هو بذاته بل بناها المهندسون والعمال.. فتنسب العرب الفعل للأشرف مرتبة على أساس أنه من أصدر الأمر الأول .. فلولا أمره لما استطاع المهندسون والعمال من البدء في البناء!!
(3). يجمع أهل السنة بين الأحاديث إحاطة في المسألة كما هو منهجهم ولا يقومون بالترجيح إلا إذا تعذر الجمع كما سبق وقلت مرار
جاء في الحديث الآخر ( إن الله يمهل حتى إذا كان شطر الليل الآخر أرسل ملكاً....) وفي رواية (أمر منادياً) .. قال اللالكاني : رواه أكثر من ثمانية صحابة (إعتقاد أهل السنة 1/222)
وررواه البيهقي : شعب الإيمان (3/335) والنسائي :عمل اليوم والليلة (1/340) والاجري في الشريعة (ص1133) وغيرهم.... كالترمذي والطبراني....

________

[ 3 ] . ما هي المفاسد من اعتقاد أن الله ينزل بذاته الى السماء الدنيا

1. حلول الله في المكان .. وعقيدة الحلولية عقيدة فاسدة يترتب عليها كفر من اعتقدها تماما كما هي عقيد الاتحاد،
عقيدة أهل السنة : الله بائن عن خلقه أي؛ منفصل عن العالم.

2. ينافي علو الله (والله هو العلي الأعلى) ...لأن نزول الله إلى السماء الدنيا أوهم السامع أن فوقه ستة سموات !!

3. الانتقال من مكان إلى آخر .. وهذه صفات المخلوقات وهي صفة نقص لا تليق بالله تعالى .... فما بالكم وهو القائل ليس كمثله شيء !!

4. وهناك مفاسد أخرى سأتكلم عنها لاحقاً مثل التجسيم أي تشبيه الله بأن له جسما ينتقل به ... ومنها إظهار الحد لله تعالى أي أنه مماس في أحد جوانبه لمخلوقاته !! .. و منها إظهار حاجته للمخلوقات والاستعانة بهم في أمره وقدره وقضائه.... تعالى الله عما يصفون

كتبه : مجالس المذاهب العلمية
قال ابن عبد البر:

روى محمد بن علي الجبلي -وكان من ثقات المسلمين بالقيروان-، قال: حدثنا جامع بن سوادة بمصر، قال: حدثنا مطرف، عن مالك بن أنس أنه سئل عن الحديث: (إن الله ينزل في الليل إلى سماء الدنيا)
فقال مالك: (يتنزل أمره).
وقد يحتمل أن يكون كما قال مالك -رحمه الله- على معنى أنه تتنزل رحمته وقضاؤه بالعفو والاستجابة وذلك من أمره أي أكثر ما يكون ذلك في ذلك الوقت. والله أعلم

التمهيد، الجزء السابع ، صفحة ١٤٣-١٤٤
وبمثله ذكره ابن بطال في شرحه على البخاري.
=====
رجال الإسناد:
1- محمد بن علي البجلي القيرواني
قال ابن عبد البر في الانتقاء: كان فاضًلا.
وترجمه ابن الصلاح وابن كثير والإسنوي؛ فقالوا: من فضلاء الْمغرب الشافعيين، من أَصْحَاب الرّبيع بن سُلَيْمَان، ثم ذكروا كلام ابن عبد البر.
وقال ابن الملقن: من أكابر الشافعية، تفقه على الربيع وموسى بن إسحاق الخطمى قاضى نيسابور، أحد من حدث في الدنيا عن قالون، وسمع الإمام أحمد وغيره، ومات سنة سبع وتسعين ومائتين وقد قارب التسعين، ثم ذكر أنه قاضي القيروان.

تنبيهٌ: تصحف (البجلي) إلى (الجبلي)؛ فظن ناسٌ أنه محمد بن علي البغدادي الشاعر، وليس هو؛ فالبغدادي تردد بين الشام وبغداد، وبها مات.

2- جامع ابن سوادة الأزدي المصري
ذكر المزي أنه ممن أخذ عن مطرف ابن أخت مالك، وكذا ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق، والمقريزي في المقفى الكبير.
أخرج له الحافظ الجوزقاني في (الاباطيل والمناكير والصحاح المشاهير) حديثًا عن مطرف، ثم قال: هذا حديث حسن غريبٌ.

تنبيهٌ: اشتبه على البعض صاحبنا المترجَم بـ (جامع بن سوادة الحمزاوي) وهذا هو محكومٌ عليه بالجهالة، وحكموا على حديثه بالوضع.
أما مترجَمنا فليس بمجهولٍ؛ كما هو ظاهرٌ.

3- مطرف بن عبد الله
قال ابن سعد: ثقةٌ
قال ابن معين: ثقة.
قال ابن حجر في التهذيب: ثقةٌ لم يصب ابن عدي في تضعيفه.
نصوص المذاهب الأربعة في طلب الشفاعة من النبي -صلى الله عليه وسلم- عند زيارته وغيرها:

١- أقوال السادة الشافعية:

26- قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في " الأذكار " و " المناسك " و "المجموع شرح المهذب " في بحث الزيارة النبوية:
{ فإذا صلى تحية المسجد أتى القبر الكريم فاستقبله واستدبر القبلة على نحو أربع أذرع من جدار القبر ، وسلّم مقتصدا لا يرفع صوته ، فيقول : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين ، السلام عليك وعلى آلك وأصحابك وأهل بيتك وعلى النبيين وسائر الصالحين ; أشهد أنك بلغت الرسالة ، وأديت الأمانة ، ونصحت الأمة ، فجزاك الله عنا أفضل ما جزى رسولا عن أمته......
..ثم يرجع إلى قبالة وجه النبي -- ويتوجه به في حق نفسه ويستشفع به -- إلى ربه سبحانه وتعالى . ويدعو لنفسه ولوالديه وأصحابه وأحبابه ومن أحسن إليه وسائر المسلمين ، وأن يجتهد في إكثار الدعاء ، ويغتنم هذا الموقف الشريف ويحمد الله تعالى ويسبّحه ويكبّره ويهلّله ، ويصلّي على رسول الله -- ويكثر من كل ذلك }.

27- وقد ذكر الاستشفاع برسول الله -- أيضًا الإمام الماوردي في الحاوي الكبير (4/544) .

28- وقال العلامة المجتهد شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني في جواب سؤال رُفع إليه فيمن قال في مدح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

فاشْفعْ لقائلها يا من شفاعتُه *** تفكّ مَن هو مكبوت ومكبول
فاعترض معترض بأن السؤال للنبي -- لم يَرِد .
فقال البلقيني رحمه الله تعالى في الجواب :
{ الله الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، نعوذ بالله من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن. لقد ارتكب هذا المعترض قبائح أتى بها على أنها نصائح ، فجاءت عليه فضائح .لقد أخطأ وما أصاب ، وكثر به وبأمثاله المُصاب ......
...ولقد جهل جهلاً قبيحاً بقوله ، فأما سؤال النبي -- نفسه ، فكيف لا نسأله وهو وسيلتنا ووسيلة أبينا آدم من قبلنا إلى ربنا..}. إلى آخر كلامه رحمه الله .

29- وقال الإمام المجتهد شيخ الإسلام تقي الدين السبكي كما ذكره في "شفاء السقام" ونقله المناوي وغيره في " شرح الجامع الصغير " ما نصه :
{ ويحسُن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي -- إلى ربه ، ولم يُنكر أحدٌ من السلف}اهـ

30- و قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "فتح الوهاب شرح منهج الطلاب" في باب الزيارة:
{.. وصلى تحية المسجد بجانب المنبر وشكر الله تعالى بعد فراغها على هذه النعمة، ثم وقف مستدبر القبلة مستقبل رأس القبر الشريف ويبعد منه نحو أربعة أذرع ناظرا لأسفل ما يستقبله، فارغ القلب من علق الدنيا، ويسلّم بلا رفع صوت وأقلّه: السلام عليك يا رسول الله -- , ثم يتأخر صوب يمينه قدر ذراع فيسلّم على أبي بكر ثم يتأخر قدر ذراع فيسلّم على عمر رضي الله عنهما، ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه النبي -- ويتوسل به في حق نفسه , ويستشفع به إلى ربه , ثم يستقبل القبلة ويدعو بما شاء لنفسه وللمسلمين } اهـ .

31- وقال الإمام القسطلاني رحمه الله تعالى شارح البخاري في كتابه " المواهب اللدنّية " :
{ ويجوز الاستغاثة والتشفع والتوسل به -- ، فجدير لمن استشفع به أن يشفّعه الله ، فلا فرق بين أن يعبّر بلفظ الاستغاثة أو التوسل أو التشفع أو التوجه ، فكلٌّ من هذه الأشياء واقعة منه -- كما ذكره في " تحقيق النصرة " ، و " مصباح الظلام " قبل خلقه وبعده ، في حياته وبعد مماته في مدة البرزخ ، وبعد البعث ، و في عرصات يوم القيامة.} اهـ. ثم ذكر بعض الأدلة على ذلك.

- وقال أيضا في هذا الكتاب في بحث معجزاته -- :
{ وأما القسم الثاني وهو ما وقع بعد وفاته -- ، فكثير جداً إذ في كل حين يقع لخواصّ أمته من خوارق العادات بسببه- مما يدل على تعظيم قَدْره الشريف- ما لا يُحصى من الاستغاثة به ، وغير ذلك مما يأتي في المقصد الأخير في أثناء الكلام على زيارة قبره الشريف المنير صلى الله عليه وعلى آله وسلم}. انتهى.
رفعُ الأعمالِ للهِ ربِّ العالمينَ.
{ مَن كَانَ یُرِیدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِیعًاۚ (إِلَیۡهِ یَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّیِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ یَرۡفَعُهُۥۚ) وَٱلَّذِینَ یَمۡكُرُونَ ٱلسَّیِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدࣱۖ وَمَكۡرُ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُوَ یَبُورُ }
[سُورَةُ فَاطِرٍ: ١٠].
عن أسامةَ بنِ زَيْدٍ -رضيَ اللهُ عَنهُما قالَ قُلتُ:
يا رسولَ اللهِ لم أرَكَ تَصومُ مِن شهرٍ من الشُّهورِ ما تَصومُ مِن شعبانَ قال ذاكَ شَهرٌ يَغفَلُ النَّاسُ عنهُ بين رجبٍ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ وأُحِبُّ أنْ يُرفعَ عَمَلي وأنا صائمٌ
أخرجه النَّسائيُّ (2357) باختلاف يسير، وأحمدُ (21753) مُطوَّلاً.
لقد كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم يَرقُبونَ رَسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في عِباداتِه ومُعاملاتِه وفي كلِّ حَياتِه، ومِن ذلك مُراقبتُهُم له في صِيامِه؛ الْفَرْضِ منه والتَّطوُّعِ؛ لِيَتعلَّموا منه.
وقد ورَد في صِيامِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِشعبانَ ما رُوِيَ في الصَّحيحَيْن مِن حَديثِ عائشَةَ رَضِي اللهُ عنها:
فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعبانَ.
رواه البخاريُّ
(1969)،
ومسلمٌ (1156).
فقال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لأُسامةَ مُبيِّنًا له سَببَ صِيامِهِ: "ذلك شَهرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بَين رجبٍ ورَمضانَ"، أي: يَسْهو النَّاسُ عنه لِإكثارِهِمُ العِبادةَ في هَذَينِ الشَّهرينِ، "وهوَ شَهرٌ تُرفَعُ فيه الأعمالُ"، أيْ: أَعمالُ بَني آدمَ مِنَ الخيرِ والشَّرِّ والطَّاعةِ والمَعصيةِ
"إلى رَبِّ العالمينَ"؛ فلِذلك يَنبغي أن تكونَ الأعمالُ فيه صالِحةً، "فأُحِبُّ أن يُرفَعَ عَملي وأنا صائمٌ"؛ أي: لِأنَّ مِن أفضلِ الأعمالِ عِندَ اللهِ مِن عِبادِه الصَّومَ، أو أنَّ الأعمالَ الصالحَةَ إذا صاحَبَها الصَّومُ رَفَعَ مِن قَدرِها، وأثبَتَ خُلوصَها للهِ -عزَّ وجلَّ-.
قيل: إنَّ المُرادَ بِالأعمالِ الَّتي تُرفَعُ إليه في شَهرِ شَعبانَ هيَ أعمالُ السَّنةِ، وقد جاءَ في الصَّحيحَيْن مِن حَديثِ أبي موسى الأشعَريِّ -رَضِي اللهُ عنه- أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ "يُرفَعُ إليه عَملُ اللَّيلِ قبلَ عَملِ النَّهارِ، وعَملُ النَّهارِ قبلَ عَملِ اللَّيلِ"
أخرجه مسلمٌ (179)، وابنُ ماجَه (195)، وأحمدُ (19632) باختلافٍ يسيرٍ، وابنُ خزيمةَ في ((التَّوحيد)) (1/177) واللفظُ لهُ.
وأنَّ أعمالَ الأُسبوعِ تُعرَضُ يومَ الإثنَيْن ويومَ الخميسِ، كما ورد في حديثِ أبي هُريْرةَ-رَضِي اللهُ عنه-
أخرجه التِّرمذيُّ (747) واللفظُ لهُ، وابنُ ماجَه (1740)، وأحمدُ (8343) بنحوه.
وقيل: هذا يَحتمِلُ عَرْضَها في السَّنةِ جُملةً، ويَحتمِلُ عَرْضَها في الأيَّامِ أوِ الأُسبوعِ تَفصيلًا أوِ العَكسَ؛ فكأنَّ الأعمالَ تُعرَضُ عرضًا بَعد عَرْضٍ، ولِكلِّ عَرْضٍ حِكمةٌ يُطْلِعُ اللهُ تَعالَى عليها مَن يَشاءُ مِن خَلقِه، أو يَستأثِرُ بِها عندَه مع أنَّه تعالى لا يَخفى عليهِ مِن أعمالِهِم خافيةٌ.
وفي الحَديثِ: أنَّ شَهرَ شَعبانَ مِنَ الأَشهُرِ المُرغَّبِ فيها بالصَّومِ.
رَفعٌ تفصيليٌّ يَوْمَيْ الإثنينِ والخميسِ:
عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنهُ قال: قال رسولُ اللهُ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«تُعرَض الأعمالُ يومَ الإثنينِ والخميسِ؛ فأُحِبُّ أن يُعرَض عملي وأنا صائمٌ»
أخرجه الترمذي (747) واللفظ له، وابن ماجه (1740)، وأحمد (8343) بنحوه .
كما قال العلامة الهروي في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1422): [قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تُعرَضُ الأعمالُ» أي على الملكِ المُتعالِ، «يومَ الإثنينِ والخميسِ» «فأُحِبُّ أن يُعرَض عملي وأنا صائمٌ» أي طلباً لزيادة رفعة الدرجة، قال ابنُ حجر: ولا ينافي هذا رفعُها في شعبانَ كما قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«إنه شَهْرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ، وأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائمٌ»؛ لجواز رفع أعمالِ الأسبوع مُفصَّلةً، وأعمالِ العامِ مُجمَلةً.
قال في تحفة الأحوَذي: قال ابن الملك: وهذا لا ينافي قوله عليه الصلاة والسلام:
(يُرفعُ إليه عملُ اللَّيلِ قبل عملِ النَّهارِ ، وعملُ النَّهارِ قبلَ عملِ اللَّيلِ) ،
أخرجه مسلم (179) ،
1
للفرقِ بين الرَّفعِ والعرضِ، لأنَّ الأعمال تُجمعُ في الأسبوع وتُعرَضُ في هذين اليَوميْن.
قال ابن حجر: ولا ينافي هذا رفعُها في شعبانَ، فقال: إنَّه شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ، وأحبُّ أن يُرفّعَ عملي وأنا صائمٌ). لجواز رفع أعمال الأسبوعِ مُفصّّلةً، وأعمالُ العامِ مُجملَةً.
انتهى محلُّ الغرضِ منه.
وسُئل الجنيد عن قوله عزّ وجلّ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا ، فقال : نادى موسى عليه السلام لأنّه كان وراء الحجاب، وناجى محمدا لأنه خرق الحجب، ومن كان وراء الحجاب نودي، ومن جاوز الحجاب نوجي
يقول الشيخ ابن تيمية :

(( وَأَيْضًا فَقَدْ يَنْصُرُ الْمُتَكَلِّمُونَ أَقْوَالَ السَّلَفِ تَارَةً وَأَقْوَالَ الْمُتَكَلِّمِينَ تَارَةً كَمَا يَفْعَلُهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِثْلُ أَبِي الْمَعَالِي الجُوَيْنِي وَأَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ وَالرَّازِي وَغَيْرِهِمْ. وَلَازِمُ الْمَذْهَبِ الَّذِي يَنْصُرُونَهُ تَارَةً أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَلَا يَثْبُتُونَ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ وَتَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الشُّكُوكُ. وَهَذَا عَادَةُ اللَّهِ فِيمَنْ أَعْرَضَ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَتَارَةً يَجْعَلُونَ إخْوَانَهُمْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَحْذَقَ وَأَعْلَمَ مِنْ السَّلَفِ وَيَقُولُونَ: " طَرِيقَةُ السَّلَفِ أَسْلَمُ وَطَرِيقَةُ هَؤُلَاءِ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ " فَيَصِفُونَ إخْوَانَهُمْ بِالْفَضِيلَةِ فِي الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالتَّحْقِيقِ وَالْعِرْفَانِ وَالسَّلَفَ بِالنَّقْصِ فِي ذَلِكَ وَالتَّقْصِيرِ فِيهِ أَوْ الْخَطَأِ وَالْجَهْلِ. ))

يستفاد من هذا الكلام ما يلي :

- الشيخ بدأ بتقرير أن هناك تناقض بين منهج المتكلمين ومنهج السلف .

- الشيخ يتهم علماء الأشاعرة كالغزالي والجويني بأنهم طعنوا بالسلف ووصفوهم بالجهل .

- الشيخ اتهم الأشاعرة بأنهم وقعوا بالشك في الاعتقاد .

غفر الله للشيخ فالكلام كله غير صحيح وهو مبني على تصور باطل لكلام العلماء الكبار كالجويني والغزالي ، فالشيخ ابن تيمية بدأ الكلام بمصادرة على المطلوب حيث ادعى أن الأشاعرة أحيانا نصروا منهج السلف وأحيانا نصروا منهج المتكلمين مما يعني أن هناك تناقض بين المنهجين ، وهذا لا يسلمه علماء الأشاعرة هؤلاء بل هم يرون أن دخولهم في القضايا الكلامية كان للضرورة لأن واقعهم اختلف عن واقع السلف .

وهؤلاء العلماء تحديداً من أكثر الأئمة الذين بينوا أنه لا تناقض بينهم وبين أئمة السلف في المذهب العقدي وكل ما فعلوه هو تفصيل المجمل ودعم كلام السلف بأدلة عقلية والمقصود بالسلف هنا الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ، وهؤلاء لم يجدوا ما يحوجهم للتفصيل الكلامي على طريقة المتكلمين الذين جاؤوا فيما بعد ..

فالاختلاف هو في الأسلوب ما بين مجمل ومفصل، وهذا الاختلاف يعود لحاجة الناس فإن لم يكن هناك حاجة للتفصيل يكون السكوت عن الخوض هو الأصل بل يكون الدخول في دقائق الكلام معصية ، أما إن دعت الضرورة خصوصاً عندما يكثر وجود الفرق الضالة يكون التفصيل واجباً وسكوت من يقدر على الكلام عن الكلام والمحاججة ذنباً كبيراً وقد يختلف الأمر حسب المكان لا الزمان ، فالحاجة للتفصيل الكلامي في بلاد ما وراء النهر أشد منها في مكة أو المدينة أو الشام لأسباب كثيرة ..

وهذا ما صرح به الجويني رحمه الله مراراً ، يقول رحمه الله في نهاية المطلب (( لو بقي الناس على ما كانوا عليه في صفوة الإسلام لكنا نقول لا يجب التشاغل بالكلام )) (( وإن استمكن الإنسان من رد الخلق إلى ما كانوا عليه أولاً فهو المطلوب و هيهات فهو أبعد من رجوع اللبن إلى الضرع في مستقر العادة ))

وقد رأينا حجة الإسلام الغزالي يؤيد منهج السلف ويدافع عنه وكثيرا ما تراه يقرر المسألة ثم ينسبها للسلف ، يقول رحمه الله عند حديثه عن صفة الإرادة وما إن كانت الشرور في العالم مرادة لله أم لا ، يقول رحمه الله في الاقتصاد في الاعتقاد :

(( والآن فكما تمهد القول في أصل الإرادة فاعلم انها متعلقة بجميع الحادثات عندنا من حيث أنه ظهر أن كل حادث فمخترع بقدرته، وكل مخترع بالقدرة محتاج إلى ارادة تصرف القدرة إلى المقدور وتخصصها به، فكل مقدور مراد، وكل حادث مقدور، فكل حادث مراد والشر والكفر والمعصية حوادث، فهي إذاً لا محالة مرادة. فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فهذا مذهب السلف الصالحين ومعتقد أهل السنة أجمعين وقد قامت عليه البراهين))

فهذه أمثلة قليلة تبين أن منهج هؤلاء الأئمة لا يختلف عن منهج السلف بشكل جوهري .

_

أما العبارة التي يكررها العلماء والتي تقول :
(( مذهب السلف أسلم , ومذهب الخلف أعلم وأحكم )) فقد فهمها الشيخ ابن تيمية على أنها طعن بالسلف واتهام لهم بالجهل ، وهذه عادة الشيخ رحمه الله بالتسرع وسوء الظن بالعلماء وكثيراً ما رأيته يحمل عبارة عالم ما على أقبح معنى ممكن أن تفهم منه ، مع أن العبارة ذاتها تحتمل الكثير من المعاني الحسنة ، وهذه العادة خلاف ما عليه أئمة السلف الذين عرف عنهم الظن الحسن بالناس تمثلاً بحديث النبي عليه الصلاة والسلام ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) ، فالعلماء الذين قالوا هذه العبارة لم يخطر ببالهم أنه سيأتي من يتهمهم بأنهم طعنوا بالسلف فهم أكثر الناس توقيراً للسلف واحتراما لهم ، إنما قالوا هذه العبارة بمعنى أن طريقة الخلف أكثر تفصيلاً من طريقة السلف مما لا يترك مجالاً لأحد بتوجيه سهام الطعن بالكلام ، والسبب في ذلك هو التوضيحات التي يذكرها علماء الخلف ، وبالتالي فطريقة الخلف أكثر إحكاماً وهذا ما صرح به الكثير من الأئمة الذين قالوا
هذه العبارة ، كالعلامة الكمال بن أبي شريف الذي يقول :

(( وأما طريقة الخلف فهي أحكم بمعنى أكثر إحكاما أي إتقانا لما فيها من إزالة الشبه عن الأفهام، وبعضٌ عبَّر بأعلم بدل أحكم بمعنى أن معها زيادة علم لبيان المعنى التفصيلي ))

فانظر للفرق بين هذا الكلام وبين ما فهمه ابن تيمية رحمه الله من أن الأشاعرة اتهموا علماء السلف بالجهل والتقصير ، ولو أن الأشاعرة اتهموا السلف بذلك لرأينا ذلك صريحاً في كلامهم وأنت خبير بأن الجويني رحمه الله كان إماماً جسوراً على الانتقاد فقد خالف الشافعي في مسائل بالفقه والأصول وصرح بذلك في كتابة البرهان وفي نهاية المطلب ، فإن وجد الإمام الجويني شيئاً في كلام السلف فيما يخص الاعتقاد يدل على جهل أو قلة علم لصرح بذلك فمن كلن مثله لم يتهيب من النقد والرد على المخالف .

إضافة لذلك في حال سلمنا جدلاً أن المراد من هذه العبارة أن الخلف أفضل من السلف فيما يخص بعض المسائل الاعتقادية فهذا لا يوجد فيه قدح بأفضلية السلف كما صور الشيخ ابن تيمية أن في ذلك قدح بأفضلية السلف وبالتالي قدح بحديث النبي عليه الصلاة والسلام وصور ذلك على أنه شعبة من شعب الرفض حيث قال ( وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا شُعْبَةٌ مِنْ الرَّفْضِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَكْفِيرًا لِلسَّلَفِ وَلَا تَفْسِيقًا لَهُمْ انَ تَجْهِيلًا لَهُمْ وَتَخْطِئَةً وَتَضْلِيلًا وَنِسْبَةً لَهُمْ إلَى الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِسْقًا فَزَعْمًا: أَنَّ أَهْلَ الْقُرُونِ المفضولة فِي الشَّرِيعَةِ أَعْلَمُ وَأَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ لِمَنْ تَدَبَّرَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ: أَنَّ خَيْرَ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ - فِي الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالِاعْتِقَادِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ فَضِيلَةٍ أَنَّ خَيْرَهَا -: الْقَرْنُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْخَلَفِ فِي كُلِّ فَضِيلَةٍ: مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ وَإِيمَانٍ وَعَقْلٍ وَدِينٍ وَبَيَانٍ وَعِبَادَةٍ وَأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْبَيَانِ لِكُلِّ مُشْكِلٍ. هَذَا لَا يَدْفَعُهُ إلَّا مَنْ كَابَرَ الْمَعْلُومَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ )) وهذه على عادته بالتهويل على المخالف ..

والسبب في ذلك هو أن هناك فرق كبير بين الأفضلية المطلقة وبين الامتياز فقد يمتاز الخلف على السلف في بعض الأمور مع كون السلف أفضل في الجملة ، كما بين الإمام القرافي في الفروق يقول رحمه الله :

( وَقَدْ يَخْتَصُّ الْمَفْضُولُ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ الْفَاضِلَةِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي التَّفْضِيلِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ وَأَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ وَأَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ» - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَعَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَفْضَلُ الْجَمِيعِ وَكَاخْتِصَاصِ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْمُلْكِ الْعَظِيمِ وَنُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -بِإِنْذَارِ الْمِئِينَ مِنْ السِّنِينَ وَآدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَوْنِهِ أَبَا الْبَشَرِ مَعَ تَفْضِيلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْجَمِيعِ فَلَوْلَا هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَهِيَ تَجْوِيزُ اخْتِصَاصِ الْمَفْضُولِ بِمَا لَيْسَ لِلْفَاضِلِ لَلَزِمَ التَّنَاقُضُ))

فإذا فهمت ذلك علمت أنه لو قلنا أن علماء الخلف أعلم من علماء السلف ببعض القضايا العقدية والأمور العلمية الدقيقة فلا يلزم من ذلك طعن بالسلف وانتقاص منهم ولا يلزم من ذلك أن علماء الخلف أعلم بأصل الاعتقاد وبالتالي لا يوجد في ذلك أي مخالفة لحديث النبي عليه الصلاة والسلام ولا لما هو معلوم من الدين بالضرورة ..

وكثيراً ما سمعت من شيوخ المتسلفة أن الشيخ ابن تيمية أعلم من أئمة السلف كالطحاوي وأبو الحسن الأشعري بالاعتقاد بل منهم من ادعى أن الشيخ أعلم من الأئمة الأربعة بالفقه فهؤلاء خالفوا حديث النبي ووقعوا بما هو مناقض للإجماع بناء على كلام الشيخ ابن تيمية!!

أما اتهامه للعلماء بأنهم وقعوا بالشك في الاعتقاد ولم يثبتوا على دين فليته لم يقل ذلك فهذا تكفير لهم كما لا يخفى على أحد وهذه هي نتيجة تجرؤ هذا الرجل وخروجه عن اتزانه كما عُرِف عنه سامحه الله.
2025/07/08 15:11:08
Back to Top
HTML Embed Code: