Telegram Web Link
# فائدة:-
كلمة " الأشعري" قد يستعمل بمعنى السُّني من أي طوائف أهل السُّنة الثَّلاث كان.
و في هذا يقول الشَّيخ محمد نور الدين الشَّافعي:
وَ قَصْدُنَا بِالأَشْعَرِيْ مَا شَمِلا
                        المَاتُرِيْديَّ وَ مَن تَحَنْبَلا
فَليْسَ بَيْنَهُمْ خِلافٌ يَقْتَضِيْ
                  تَبْدِيْعَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَارْتَضِ
نَصَّ عَلَى هَذا جَمَاعَةٌ فَلا
               تَبْغِ عَنِ الحُكْمِ الصَّحِيْحِ مَعْدَلَا
س/
يا شيخ: كيف نعتقد أنّ الله يدفع الضر ببركة ولي من الصالحين وهذا الولي نفسه قد مات مريضًا؟

ج/
يا صديقي: الكرامة ليست من فعل الولي، ولكنها من فعل الله يجريها على يديه
فهو عبد، راضٍ بما يجريه عليه سيده، إن كان مايجريه عليه ضراء صبر، وإن كان سراء شكر
فالله يخلق الشفاء في يديه إذا مرت على المريض إذا شاء الله، كما يخلق الحرق في النار إذا لامست القش، فهذا مخلوق وهذا مخلوق
والولي لا يكون وليا إلا بالرضا عن مولاه، وأن يكون اختيار الله له أحب إليه من اختياره لنفسه
والكرامة في حد ذاتها دليل على صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا كان الله يكرم الصالحين من أمته، أليس ذلك من أدلة صدق النبي نفسه؟
فإذا ما علمت أن الأمر كله بيد الله أرحت واسترحت

#تصحيح_مفاهيم
قال الامام النووي رحمه الله تعالى

في الاذكار: (يُسْتَحَبُّ الترضّي والترحّم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعبَّاد وسائر الأخيار، فيقال: رضي الله عنه، أو رحمهُ الله، ونحو ذلك. وأما ما قالهُ بعضُ العلماء: إن قوله رضي الله عنه مخصوص بالصحابة، ويقالُ في غيرهم: رحمهُ الله فقط؛ فليس كما قال، ولا يوافق عليه، بل الصحيحُ الذي عليه الجمهورُ استحبابهُ، ودلائله أكثر من أن تُحصر. فإن كان المذكور صحابياً ابن صحابي: قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما، وكذا ابن عباس، وابن الزبير، وابن جعفر، وأُسامة بن زيد، ونحوهم، لتشمله وأباه جميعاً)

وذكره في المجموع بنصه أيضاج٧ص٢١٢
وفي رد المحتار على الدر المختار:
( ويستحب الترضي للصحابة ) وكذا من اختلف في نبوته كذي القرنين ولقمان وقيل يقال صلى الله على الأنبياء وعليه وسلم كما في شرح المقدمة للقرماني . ( والترحم للتابعين ومن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار وكذا يجوز عكسه ) الترحم وللصحابة والترضي للتابعين ومن بعدهم ( على الراجح ) ذكره القرماني 
وقَال الزَّيْلَعِيُّ: الأَْوْلَى أَنْ يَدْعُوَ لِلصَّحَابَةِ بِالرِّضَى، وَلِلتَّابِعَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ؛ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُبَالِغُونَ فِي طَلَبِ الرِّضَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَجْتَهِدُونَ فِي فِعْل مَا يُرْضِيهِ، وَيَرْضَوْنَ بِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الاِبْتِلاَءِ مِنْ جِهَتِهِ أَشَدَّ الرِّضَى، فَهَؤُلاَءِ أَحَقُّ بِالرِّضَى، وَغَيْرُهُمْ لاَ يَلْحَقُ أَدْنَاهُمْ وَلَوْ أَنْفَقَ مِلْءَ الأَْرْضِ ذَهَبًا.
ج٦ص٧٥٥
سلفية حقيقية، ومحبة صادقة؛ لا جفاء ولا جلافة فيها، ولا مكابرة:
قال الإمام الذهبي رحمه الله:
(فابذل مالك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده، والسلام عليه عند حجرته في بلده،
والتذ بالنظر إلى أُحُده، وأحبه؛ فقد كان نبيك ﷺ يحبه،
وتملأ بالحلول في روضته ومقعده،
فلن تكون مؤمنا حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم.
وقبِّل حجرًا مكرمًا نزل من الجنة، وضع فمك لاثمًا مكانًا قبَّله سيدُ البشر بيقين، فهنأك الله بما أعطاك، فما فوق ذلك مفخر.
ولو ظفرنا بالمحجن الذي أشار به الرسول ﷺ إلى الحجر ثم قبل محجنه: لحق لنا أن نزدحم على ذلك المحجن بالتقبيل والتبجيل.
ونحن ندري بالضرورة أن تقبيل الحجر أرفع وأفضل من تقبيل محجنه ونعله.
وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنسَ بن مالك أخذ يده فقبلها، ويقول: يد مست يد رسول الله ﷺ،
فنقول نحن -إذ فاتنا ذلك-: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مسته شفتا نبينا ﷺ لاثما له.
فإذا فاتك الحج وتلقيت الوفد: فالتزم الحاج وقبِّل فمه، وقل: فم مس بالتقبيل حجرا قبَّله خليلي ﷺ).

وقال عبد الله بن الإمام أحمد: "رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي ﷺ فيضعها على فيه يقبلها.
وأحسب أني رأيته يضعها على عينه، ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به.
ورأيته أخذ قصعة النبي ﷺ فغسلها في حب الماء، ثم شرب فيها، ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه".
فعلق الحافظ ‍الذهبي بقوله:
(قلت: أين المتنطع المنكر على أحمد؟!
وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي ﷺ ويمس الحجرة النبوية، فقال: لا أرى بذلك بأسًا!
أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج، ومن البدع).

وقال رادًّا على حجة رادًّا على الحجة الداحضة للبلداء وقد كان بهم خبيرا:
(فإن قيل: فهلا فعل ذلك الصحابة؟!
قيل: لأنهم عاينوه حيًّا، وتملوا به، وقبّلوا يده، وكادوا يقتتلون على وَضوئه، واقتسموا شعره المطهر يوم الحج الأكبر، وكان إذا تنخم لا تكاد نخامته تقع إلا في يد رجل فيدلك بها وجهه.
ونحن: فلما لم يصح لنا مثل هذا النصيب الأوفر: ترامينا على قبره بالالتزام والتبجيل، والاستلام والتقبيل.
ألا ترى كيف فعل ثابت البناني، الذي كان يقبل يد الصحابي خادم رسول الله أنس بن مالك ويضعها على وجهه ويقول : يدٌ مست يد رسول الله ﷺ.
وهذه الأمور لا يحركها من المسلم إلا فرط حبه للنبي ﷺ؛ إذ هو مأمور بحب الله ورسوله أشد من حبه لنفسه وولده والناس أجمعين).
قلت: وهذه الأخيرة هي المفصل والمحك، فدع عنك وسوسة الموسوسين وماديتهم البغيضة. وبالله التوفيق.
ولله در القائل:
ورُبّمَا أنكرَ ضيّقُ العَطَنْ ... والبَاعِ والبَحثِ عَليَّ فَطعَنْ
ولستُ إلّا مِن مَّشاهيرِ الكُتُبْ ... آخذُ، فلْيُزَكّها أو لِيَسُبْ
قال شيخ المذهب على الإطلاق، وإمام طبقته فمن بعدها باتفاق، وأحد أكابر أئمة السنة وشيوخ الإسلام، الإمام الفقيه الصوفي، الموفق ابن قدامة المقدسي (ت: ٦٢٠)، في سياق وصية طويلة سأله بعض الناس إياها:
"وإذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى تريد طلبها منه: فتوضأ وأحسن الوضوء، واركع ركعتين، وأثن على الله عز وجل، وصل على النبي ﷺ، ثم قل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك ...
اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد ﷺ نبي الرحمة،
[يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي وربك عز وجل فيقضي لي حاجتي، ويذكر حاجته]". اهـ.
ولا عزاء للمحرومين، عافانا الله من سبيلهم.
يذكر ابن الجوزي في صيد الخاطر رحمه الله خواطر دقيقة محكمة،
"رأيت من البلاء العجاب، أن المؤمن يدعو فلا يجاب، فيكرر الدعاء وتطول المدة، ولا يرى أثراً للإجابة، فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر. وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب. ولقد عرض لي من هذا الجنس، فإنه نزلت بي نازلة، فدعوت وبالغت، فلم أر الإجابة، فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده، فتارة يقول: الكرم واسع والبخل معدوم، فما فائدة تأخير الجواب؟ فقلت: اخسأ يا لعين، فما أحتاج إلى تقاضي، ولا أرضاك وكيلاً. ثم عدت إلى نفسي فقلت: إياك ومساكنة وسوسته، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدِّر في محاربة العدو لكفى في الحكمة. قالت: فسلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة؟
فقلت: قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك، وللمالك التصرف بالمنع والعطاء، فلا وجه للاعتراض عليه.
والثاني: أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة، فربما رأيت الشيء مصلحة والحق أن الحكمة لا تقتضيه، وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب، من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة، فلعل هذا من ذاك.
والثالث: أنه قد يكون التأخير مصلحة، والاستعجال مضرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي).
والرابع: أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك، فربما يكون في مأكولك شبهة، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة، أو لذنب ما صدقت في التوبة منه. فابحث عن بعض هذه الأسباب لعلك توقن بالمقصود.
والخامس: أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب، فربما كان في حصوله زيادة إثم، أو تأخير عن مرتبة خير، فكان المنع أصلح.
والسادس: أنه ربما كان فَقْدُ ما تفقدينه سبباً للوقوف على الباب واللجأ، وحصوله سبباً للاشتغال به عن المسؤول. وهذا الظاهر، بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجأ. فالحق عز وجل عَلِمَ من الخلق اشتغالهم بالبر عنه، فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه، يستغيثون به، فهذا من النعم في طي البلاء. وإنما البلاء المحض ما يشغلك عنه، فأما ما يقيمك بين يديه، ففيه جمالك.
وإذا تدبرت هذه الأشياء تشاغلت بما هو أنفع لك من حصول ما فاتك من رفع خلل، أو اعتذار من زلل، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب " انتهى. "صيد الخاطر" (ص/20-21).
وقال أيضا (ابن الجوزي): فالفقيه من علل بما يمكن، فإذا عجز، استطرح للتسليم، هذا شأن العبيد.
- فأما من يقول: لم فعل كذا؟ وما معنى كذا؟ فإنه يطلب الاطلاع على سر الملك، وما يجد إلى ذلك سبيلًا، لوجهين:
أحدهما: أن الله تعالى ستر كثيرًا من حكمه عن الخلق.
والثاني: أن ليس في قوى البشر إدراك حكم الله تعالى كلها فلا يبقى مع المعترض سوى الاعتراض المخرج إلى الكفر، قال تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [لحج: 15]، انتهى كلامه.
والمعنى للآية: من كان يعتقد أن الله تعالى لن يؤيد رسوله محمدًا بالنصر في الدنيا بإظهار دينه، وفي الآخرة بإعلاء درجته، وعذابِ مَن كذَّبه، فلْيَمدُدْ حبلا إلى سقف بيته وليخنق به نفسه، ثم ليقطع ذلك الحبل، ثم لينظر: هل يُذْهِبنَّ ذلك ما يجد في نفسه من الغيظ؟ فإن الله تعالى ناصرٌ نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم لا محالة.
#سلسلة_المسائل_العلمية:
#المسألة_الثانية_والثلاثون:
#توجيه_العلماء_لحديث_إذا_سمع_أحدكم_النداء:

وفيه ثلاثة فصول:
#الفصل_الأول:
#تمهيد_وتوطئة:
تمهيد وتوطئة:

بسم الله الرحمن الرحيم
توجيه العلماء لحديث إذا سمع أحدُكم النداء
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .وبعد ،،:
يفتى البعض بجواز الأكل والشرب في رمضان بعد أذان الفجر أو أثنائه مستدلين ببعض النصوص التي أخطئوا فهمها والتي تعارضها صراحة أحاديث الصحيحين وأقوال عامة أهل العلم – فوقعوا في المحظور وأوقعوا ، وعمدة فتواهم حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه أبو داود في سننه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " وكذلك استدلوا بما نقل عن الأعمش وإسحاق بن راهويه أنهما جوزا الأكل وغيره إلى طلوع الشمس .
وإليك أقوال أهل العلم التي توجه هذه النصوص التوجيه السليم دون الإفاضة حيث محلها المطولات .
والله نسأل أن يبصرنا جميعا بأمور ديننا وأن يهدينا سواء السبيل – آمين .
توطئة :
ما أن يظلّنا الشهر الكريم حتى يطالعنا البعض في كل إطلالة بفتيا تنتشر بين الناس بجواز الأكل والشرب عند أذان الفجر في رمضان مخالفين بذلك ظاهر قول الله تعالى :
"وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر." ، وصريح الأحاديث الصحيحة وأقوال عامّة أهل العلم المصرّحة بالمنع وحرمة الأكل والشرب بدخول الفجر ، فيجرّؤون العامة على تقحِّم المحرَّم فيأثمون ويبوؤون من أفتاهم بالجواز ، مستدلّين بالحديث الذي رواه أبوداوود عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضَعْه حتى يقضىَ حاجته منه." وهو حديث إن صحّ فلابدّ من حمله على أذان بلال الذي ليس هو بأذان إمساك كما يقول الإمام البيهقى .
فنقول :
أولاً :
إن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطالبنا بترك الشبهات للاستبراء لديننا ، ويحذّرُنا من الحوم حول حما الحرام خشية الوقوع فيه (" فمن اتّقَى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ..) فكيف بتقحِّم الحرام ومعارضة الحديث الصحيح الذي لا يحتمل غيره وتركه إلى حديث مُتَكَلّمٌ فيه ومُتَعَيّنٌ حمله على غيره ، فأين إذاً دعوى الإتباع !!! وفى طالع الشمس ما يغنيك عن زحل .
ثانياً :
الصيام من الواجبات المُضَيّقة كما هو معلوم ، والواجب المُضَيّق ما يتساوى فيه فعل العبادة ووقتها ، على معنى أنك لا تستطيع أن تصوم مرّتين في اليوم ولا تستطيع إعادة صيامك إذا فسد ، كالصلاة مثلاً التي يتّسع الوقت لإيقاعها والزيادة عليها ، أو استدراكها بالإعادة إذا فسدت ، وعلى ذلك فيجب الاحتياط للصيام ما لا يُحتاط لغيره لعدم إمكان استدراك فساده كما ذكرنا ، فإن كان الخروج مُستحباً من خلاف من أوجب شيئاً خالفه الجمهور فيه ، فكيف بمخالفة عمل عامة أهل العلم وما عليه الأمة ، أليست الحيطة هنا وجوباً لا مستحبا ؟
ثالثاً :
لنقف قليلاً عند هاتين العبارتين في الحديث الآنف ، ( إذا سمع أحدُكم النداء) النداء هو الأذان ، والمُؤذّن هو أمين الوقت الذي يُشعر الناس بدخول الوقت ، فما هي وسيلة مؤذّن اليوم الضابطة للوقت المشعرة بدخوله ؟
أليست الساعة والتوقيت المتعارف عليه ؟ وهى كذلك في رمضان وغيره ، إذن المُؤْذِنُ بدخول الوقت ليس المؤذّن باجتهاده كما في السابق بل ساعته وساعتي وساعتك ، والسؤال من يحسم دخول الفجر في رمضان صوت المؤذّن أم عقرب الساعة ؟ وماذا لو اختلف المؤذّنون ، هذا قبل دقيقة وهذا بعدها وذاك بعد دقيقتين أو دقائق فما الذي يحسم ذلك أليست الساعة ؟
أما العبارة الثانية ( حتى يقضى حاجته منه ) أي الإناء
نقول :الجواز هنا مُغَيّا بغاية وهى انقضاء حاجته ، والحكم مناط بانضباط العلة ، فما هو ضابط انقضاء حاجته ؟
ماذا لو كان نهماً ، فما هو ضابط الوقت حتى يقضى من الإناء حاجته ؟ فإن حدّدْتم وقتاً ، فَلِمَ لا يكون أقل أو أكثر مما حدّدتم ؟
اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا ، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وللمتابعة:

https://www.tg-me.com/ahlussonna

للتواصل:
@ahlussonna_bot
#سلسلة_المسائل_العلمية:
#المسألة_الثانية_والثلاثون:
#توجيه_العلماء_لحديث_إذا_سمع_أحدكم_النداء:

#الفصل_الثاني:
تفسير قول الله تعالى (( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.))
قال الإمام الطبري في تفسيره :
" أولى التأويلَينِ بالآية ، التأويل الذي رُوى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الخيط الأبيض ، بياض النهار ، والخيط الأسود ، سواد الليل ." وهو معروف في كلام العرب ، قال أبو داو الإيادى:
( فلمّا أضاءت لنا سُدْفةٌ ### ولاح من الصبح خيطٌ أنارا )
◾️وأما الأخبار التي رُوِيَتْ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه شرب أو تسحّر ثم خرج إلى الصلاة ، فإنّه غير دافعٍ صحّة ما قلنا في ذلك ، لأنّه غير مستنكرٍ أن يكون شرب قبل الفجر ، ثم خرج إلى الصلاة ، إذ كانت الصلاة صلاة الفجر هي على عهده كانت تصلى بعد ما يطلع الفجر ، ويتبيّن طلوعه ، ويُؤَذّن لها قبل طلوعه .
وأمّا الخبر الذي رُوى عن حذيفة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحّر وأنا أرى مواقع النبل ، فإنه قد استُثْبِتَ فيه ، فقيل : أَبَعْدَ الصبح ؟ فلم يجبْ في ذلك بأنه كان بعد الصبح ، ولكنّه قال : هو الصبح ، وذلك من قوله ، يحتمل أن يكون معناه ، هو الصبح لقربه منه ، وإن لم يكن بعينه ، كما تقول العرب ، هذا فلان شبهاً ، وهى تشير إلى غير الذي سمّتْه ، فتقول : هو، هو تشبيهاً منها له به ، فكذلك قول حذيفة : هو الصبح : معناه ، هو الصبح شبهاً به وقرباً منه .
💫وقال ابن زيدٍ فى معنى الخيط الأبيض والأسود ، ما حدّثنى به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ،
قال ابن زيد : ((حتى يتبّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.)) ، قال : الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل يكشف الليل ، والأسود ، ما فوقه .
وأمّا قوله((من الفجر )) فإنّه تعالى ذكره يعنى ، حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود الذي هو من الفجر ، وليس ذلك هو جميع الفجر ، ولكنه إذا تبيّن لكم أيّها المؤمنون من الفجر ذلك الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه سواد الليل ، فمن حينئذٍ فصوموا ، ثم أتمّوا صيامكم من ذلك الليل ، وبمثل ما قلنا فى ذلك كان ابن زيدٍ يقول : حدّثنى يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال ، قال ابن زيد فى قوله ((من الفجر)) قال :
ذلك الخيط الأبيض هو من الفجر نسبةً إليه ، وليس الفجرَ كلَّه ، فإذا جاء هذا الخيط وهو أوَّلُه ، فقد حلّت الصلاةُ ، وحَرُمَ الطعام والشراب على الصائم .
وفى قوله تعالى ذكره :
♦️(( وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، ثمّ أتمّوا الصيام إلى الليل .)) ، أوضح الدلالة على خطأ قولِ من قال ، حلالٌ الأكلُ والشربُ لمن أراد الصوم إلى طلوع الشمس ، لأنّ الخيط الأبيض من الفجر يتبيّن عند ابتداء طلوع أوائل الفجر ، وقد جعل الله تعالى ذكره ذلك حدّاً لمن لزمه الصوم في الوقت الذي أباح له الأكل الشرب والمباشرة ، فمن زعم أنّ له أن يتجاوز ذلك الحدّ ، قيل له ، أرأيت إن أجاز له آخر ذلك ضحوة أو نصف النهار.
💬وقال الإمام الفخر الرازي في تفسيره الآية السابقة :
فيه مسائل :
🔹المسألة الأولى :
روى أنّه لمّا نزلت هذه الآية قال عدىُّ بن حاتم ، أخذت عقالين أبيض و أسود فجعلتُهما تحت وسادتي ، وكنت أقوم من الليل فأنظر إليهما ، فلم يتبيّن ْ لي الأبيض من الأسود ، فلما أصبحتُ غدوتُ إلى رسول الله صلّى وسلّم ، فأخبرته فضحك ، وقال :
" إنّك لعريض القفا ، إنّما ذلك بياض النهار و سواد الليل ."، وإنما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنك لعريض القفا ، لأنّ ذلك مما يُستدل به على بلاهة الرجل ،
ونقول : يدل قطعاً على أنّه تعالى كنّى بذلك عن بياض أوّل النهار و سواد آخر الليل ، وفيه إشكال وهو أنّ بياض الصبح المشبّه بالخيط الأسود هو بياض الصبح الكاذب ، لأنه بياض مستطيل يشبه الخيط ، فأما الصبح الصادق فهو بياض مستدير في الأفق ، فكان يلزم بمقتضى هذه الآية أن يكون أول النهار من طلوع الصبح الكاذب ، وبالإجماع أنّه ليس كذلك .
وجوابه :
أنه لولا قوله تعالى في آخر الآية (( من الفجر)) لكان السؤال لازما، وذلك لأنّ الفجر إنّما يُسَمَّى فجراُ لأنّه ينفجر منه النور ، وذلك إنما يحصل في الصبح الثاني ، لا في الصبح الأوّل ، فلمّا دلّت الآية على أنّ هذا الخيط الأبيض يجب أن يكون من الفجر ، علمنا أنّه ليس المراد منه الصبح الكاذب ، بل الصبح الصادق ،
فإن قيل، فكيف يُشَبّه الصبح الصادق بالخيط مع أنّ الصبح الصادق ليس بمستطيل والخيط مستطيل
فجوابه :
أنّ القدْر من البياض الذي يحرم هو أوّل الصبح الصادق ، وأوّل الصبح الصادق لا يكون منتشراً بل يكون صغيرا ً دقيقا، بل الفرق بينه وبين الصبح الكاذب أنّ الصبح الكاذب يطلع دقيقاً ، والصادق يبدو دقيقا ، ويرتفع مستطيلا ، فزال السؤال .
🔹المسألة الثانية : لا شك أن كلمة "حتى" لانتهاء الغاية ، فدلت هذه الآية على أنّ حِل المباشرة والأكل والشرب ينتهي عند طلوع الصبح .
🔹المسألة الثالثة :
▫️زعم الأعمش أنّه يحلّ الأكل والشرب والجماع بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس قياساً لأوّل النهار على آخره ، فكما أنّ آخرَه بغروب القرص، وجب أن يكون بطلوع القرص، وقال في الآية أنّ المراد بالخيط الأبيض و الخيط الأسود ، النهار والليل، ووجه الشبه ليس إلا في البياض والسواد ، فأمّا أن يكون التشبيه في الشكل مراداً فهذا غير جائز، لأنّ ظلمة الأفق حال طلوع الصبح لا يمكن تشبيهه بالخيط الأسود في الشكل البتة ، فثبت أنّ المراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود هو النهار والليل ، ثم لمّا عن حقيقة الليل في قوله تعالى :
(( ثم أتمّوا الصيام إلى الليل )) وجدناها عبارة عن زمان غيبة الشمس بدليل أنّ الله تعالى سمَّى ما بعد المغرب ليلا ً مع بقاء الضوء فيه فثبت أن يكون الأمر في الطرف الأوّل من النهار كذلك ، فيكون قبل طلوع الشمس ليلا ، وأن لا يوجد النهار إلا عند طلوع القرص ، فهذا تقرير قول الأعمش ، ومن الناس من سلّم أنّ أوّل النهار إنّما يكون من طلوع الصبح ، فقاس عليه آخر النهار ، ومنهم من قال : لا يجوز الإفطار إلا بعد غروب الحمرة ، ومنهم من زاد عليه وقال : بل لا يجوز الإفطار إلا بطلوع الكواكب ، وهذه المذاهب قد انقرضت ، والفقهاء أجمعوا على بطلانها ، فلا فائدة في استقصاء الكلام فيها .
♦️أقوال السادة العلماء :
اتفق أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين على أن الصيام يدخل بطلوع الفجر أي أذان الفجر الثاني .
▫️قال الإمام المرغينانى رحمه الله تعالى فى كتابه الهداية :
ووقت الصوم من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، لقوله تعالى : (( وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط )) إلى أن قال ((ثم أتمّوا الصيام إلى الليل)) ، والخيطان بياض النهار وسواد الليل ( والصوم هو الإمساك عن الشرب والجماع نهاراً مع النيّة ) ، لأنّه في حقيقة اللغة :
هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، لورود الاستعمال فيه إلا أنّه زيد عليه النيّة في الشرع لتتميّزَ بها العبادة عن العادة ، واختصّ بالنهار لما تلونا ، ولأنّه لمّا تعذّر كان تعيين النهار أولى ليكون على خلاف العادة ، وعليه مبنى العبادة َ.
▫️قال الإمام السرخسي الحنفي رحمه الله تعالى في كتابه المبسوط معرفاً الصوم بأنه :
" إمساك مخصوص وهو الكفُّ عن قضاء الشهوتين شهوة البطن وشهوة الفرج من شخص مخصوص وهو أن يكون مسلماً طاهراٍ من الحيض والنفاس في وقت مخصوص وهو ما بعد طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس ."
وقال في موضع آخر من كتابه :" وجعل أول الوقت من حين يطلع الفجر بقوله تعالى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم ) الآية قال أبو عبيد الخيط الأبيض الصبح الصادق والخيط اللون ."
وقال الإمام القدوري الحنفي رحمه الله تعالى في مختصره المسمى بـ الكتاب :
" وَوَقتُ الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ."
▫️وعلق الإمام الغنيمي الحنفي رحمه الله تعالى في كتابه اللباب شرح الكتاب :
"ووقت الصوم حين طلوع الفجر الثاني الذي يقال له الصادق ، إلى غروب الشمس ، لقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) إلى أن قال : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) والخَيْطَان : بياض النهار وسواد الليل ."
قال الإمام ابن رشد رحمه الله في بداية المجتهد :
وأمّا التي تتعلّق بزمان الإمساك ، فإنّهم اتفقوا على أنّ آخره غيبوبة الشمس لقوله تعالى : (( ثم أتمّوا الصيام إلى الليل )) واختلفوا في أوّله : فقال الجمهور : هو طلوع الفجر الثاني المستطيل الأبيض ، لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، أعنى حدَّه بالمستطيل ، ولظاهر قوله تعالى :
(( حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض.)) الآية ، وشذّت فرقةٌ ، فقالوا ، هو الأحمر الذي يكون بعد الأبيض ، وهو نظير الشفق الأحمر ، وهو مروِىٌّ عن أبى حنيفة ، وابن مسعود .
وسبب هذا الخلاف ، هو اختلاف الآثار في ذلك ، واشتراك اسم الفجر ، أعنى أنّه يقال على الأبيض و الأحمر.
وأمّا بقية الأقوال للفقهاء والآثار التى احتجّوا بها فسنوردها في الفصل الأخير من هذه المسألة وهو خلاصة مهمة تستدعي الانتباه والتنبيه عليها وسنأتي عليه غدا إن شاء الله تعالى والحمد لله رب العامين .


للمتابعة:

https://www.tg-me.com/ahlussonna

للتواصل:
@ahlussonna_bot
#سلسلة_المسائل_العلمية:
#المسألة_الثانية_والثلاثون:
#توجيه_العلماء_لحديث_إذا_سمع_أحدكم_النداء:

#الفصل_الثالث:
بسم الله الرحمن الرحيم
🔲متابعة في توجيه العلماء لحديث إذا سمع أحدُكم النداء وبقية الأقوال للفقهاء والآثار التى احتجّوا بها

▫️ومنها : حديث زِرِّ ، عن حذيفة ، قال " تسحّرْتُ مع النبي صلى الله عليه وسلّم ، ولو أشاء أن أقول ، هو النهار ، إلا أنّ الشمس لم تطلع ."
▫️وخرّج أبوداوود عن قيس بن طلق ،عن أبيه ، أنّه – عليه الصلاة والسلام قال :
" كلوا واشربوا ولا يَهيدَنّكم الساطع المصعَد ، فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر ." قال أبوداوود : هذا ما تفرّد به أهل اليمامة ، وهذا شذوذ ، فإنّ قوله تعالى : (( حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض)) الآية ، نصٌّ في ذلك ، أو كالنّصّ ، والذين رأوا أنّه الفجر الأبيض المستطيل هم الجمهور، وهو المعتمد .
🔸وقال القاضي أبو محمد بن عطية الأندلسي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الوجيز في تفسير الكتاب العزيز :
" واختلف في الحد الذي بتَبَيّنِهِ يجب الإمساكُ، فقال الجمهور - وبه أخذ الناس ومضت عليه الأمصار والأعصار ووردت به الأحاديث الصحاح - ذلك الفجر المعترض الآخذ في الأفق يمنه ويسره ، فبطلوع أوله في الأفق يجب الإمساك ، وهو مقتضى حديث ابن مسعود وسمرة بن جندب ."
🔸وقال الإمام الخرشي المالكي رحمه الله تعالى في حاشيته على مختصر الإمام خليل معرفا الصوم بأنه : "الإمساك عن شهوتي الفم والفرج أو ما يقوم مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار بنية قبل الفجر ."
🔸وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه المجموع :
"هذا الذي ذكرناه من الدخول في الصوم بطلوع الفجر وتحريم الطعام والشراب والجماع به هو مذهبُنا ومذهبُ أبي حنيفة ومالك وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم قال ابن المنذر وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس وعلماء الأمصار قال وبه نقول .
🔹وروى عن حذيفة أنه لما طلع الفجر تسحّر ثم صلّى ، ورُوِىَ معناه عن ابن مسعود وقال مسروق لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق قال : وكان إسحاق يميل إلى القول الأول من غير أن يطعن على الآخرين قال إسحاق :
ولا قضاء على من أكل في الوقت الذي قال هؤلاء هذا كلام ابن المنذر . وحكي أصحابنا عن الأعمش واسحق بن راهويه أنهما جوَّزا الأكل وغيره إلى طلوع الشمس ولا أظنه يصح عنهما .
🔹واحتج أصحابنا والجمهور على هؤلاء بالأحاديث الصحيحة المشهورة المتظاهرة منها حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال لما نزلت ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) قلت : يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين عقالا أبيض وعقالا أسود أعرف الليل من النهار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ وسادك لعريض إنما هو سواد الليل وبياض النهار "
رواه البخاري ومسلم .
♦️وعن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال أُنزلت ( وكلوا واشربوا حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) ولم ينزلْ من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما ، فأنزل الله تعالى من الفجر فعلموا أنه يعني به الليل من النهار " . رواه البخاري ومسلم .
🔸وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرّنّكُم أذانُ بلال ولا هذا العارض لعمود الصبح حتى يستطير " رواه مسلم .
🔹وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يمنعن أحدكم – أو أحد منكم – أذان بلال من سحوره فانه يؤذن أو ينادي بليل ليرجع قائمكم وينبه نائمكم " .
رواه البخاري ومسلم ." اهـ
◾️وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في كتابه المغنى :
"والصوم هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس وروي معنى ذلك عن عمر وابن عباس وبه قال عطاء وعوامُّ أهل العلم ، وروي عن علي رضي الله عنه أنه لما صلى الفجر قال :
الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود . وعن ابن مسعود نحوه ، وقال مسروق : لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق ، وهذا قول الأعمش .
ولنا ( أي دليلنا ) قول الله تعالى : ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) يعني بياض النهار من سواد الليل وهذا يحصل بطلوع الفجر قال ابن عبد البر في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
إن بلال يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر وهذا إجماع لم يخالف فيه إلا الأعمش وحده فشذّ ولم يعرِّجْ أحدٌ على قوله ، والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، قال هذا قول جماعة علماء المسلمين ." اهـ
#خلاصة: ولقد لخص شيخنا د. محمد حسن هيتو حفظه الله تعالى أقوال الأئمة في كتابه فقه الصيام قائلا "اتفق الفقهاء على أن الصيام يدخل بطلوع الفجر الثاني ، وهو الفجر الصادق ، وهو الزمن الذي يؤذن فيه الأذان الثاني في عرفنا اليوم ، فبمجرد الأذان يصير الإنسان متلبساً بالصيام ، فيحرم عليه الطعام ، والشراب ، وكل منافٍ للصيام مما يجب الإمساك عنه ، وهذا ما عليه العمل في مختلف أمصار الإسلام على كرِّ الأعصار ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وجماهير العلماء من الصحابة ، والتابعين فمَنْ بعدَهم .
▫️قال ابن المنذر : وبه قال عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، وعلماء الأمصار ، قال : وبه نقول،
والدليل على هذا ما رواه البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال :
لما نزلت (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) قلت : يا رسول الله ، إني أجعل تحت وسادتي عقالين ، عقالا أبيض وعقالا أسود ، أعرف الليل من النهار ، فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم " إن وسادك لعريض ، إنما هو سواد الليل ، وبياض النهار " .
🔹وما رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن ، أو قال : ينادي – بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم ، وليس الفجر أن يقول : هكذا – وجمع بعض الرواة كفيه – حتى يقول هذا ، ومد أصبعيه السبابتين ."
🔸وما رواه البخاري ، ومسلم ، ومالك ، والنسائي عن عائشة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن بلال يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم "
وفي رواية عنها وعن ابن عمر : أن بلال كان يؤذن بليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر ".
◾️وفي رواية للبخاري ، ومسلم ، ومالك ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن بلال ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ، قال : وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى ، لا ينادي حتى يقال له : أصبحت ، أصبحت ."
▫️وروى النسائي عن أنيسة بنت حبيب الأنصارية رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أذّن ابن أم مكتوم فلا تأكلوا ولا تشربوا ، وإذا أذّن بلال كلوا واشربوا " .
فهذه الأحاديث كلها صحيحة صريحة في وجوب الامتناع عن الطعام بسماع النداء للصلاة ، فإذا سمع الصائم الأذان ، وجب عليه أن يترك طعامه وشرابه ، فإن استمر في طعامه فهو مفطر ، ويلزمه ما يلزم المفطر من الأحكام ، وإن كان في فمه لقمة طعام ، فإنه لا يجوز له أن يبتلعها ، أو جرعة ماء فإنه لا يجوز له أن يسيغها ، بل يجب عليه أن يقذفها ، وإلا اعتبر مفطراً فليتنبه المسلمون لهذا ، وليحرصوا عليه .اهـ
هذه بعض أقوال العلماء في بداية الصوم ومن أراد الاستزادة فعليه الرجوع إلى كتب المذاهب وكتب التفسير فسيسجد فيها بغيته .
♦️توجيه العلماء لحديث أبى داوود:♦️
🔲أما فيما يتعلق بشرح الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضى حاجته منه " فقد علق الإمام الخطابي رحمه الله في كتابه معالم السنن شرح سنن أبي داود قائلا :
🔸هذا على قوله أن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ، أو يكون معناه إن سمع الأذان وهو يشك في الصبح مثلُ أن يكون السماء متغيِّمة فلا يقع له العلم بأذانه أن الفجر قد طلع لعلمه أن دلائل الفجر معدومة ولو ظهرت للمؤذن لظهرت له أيضاً ، فإذا علم انفجار الصبح فلا حاجة إلى أوان الصبح أذان الصارخ لأنه مأمور بأن يمسك عن الطعام والشراب إذا تبين له الخيط الأبيض من الخيط السود من الفجر ."اهـ
وأخرج البيهقى في السنن الكبرى عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعْه حتى يقضِىَ حاجته منه ، قال ، وحدّثنا حمّاد بن سلمة عن عمار بن أبى عمّار عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مثلُه ،
#مهمة ▫️قال الرياحى في روايته وزاد ، وكان المؤذنون يؤذّنون إذا بزغ الفجر وكذلك رواه غيرُه عن حمّاد ، وهذا إن صحّ فهو محمول عند عوامِّ أهل العلم على أنّه صلّى الله عليه وسلّم عَلِمَ أنّ المنادى كان ينادى قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر ،وقول الراوي ، وكان المؤذّنون يؤذّنون إذا بزغ ، يحتمل خبراً منقطعاً ممّن دون أبى هريرة ، أو يكون خبراً عن الأذان الثاني ،
وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : " إذا سمع أحدُكم النداء والإناء على يده .." ، خبراً عن النداء الأوّل ، ليكون موافقاً لما رواه عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : " لا يمنعَنَّ أحداً منكم أذان بلال من سحوره ، فإنما ينادى ليوقظَ نائمَكم و يرجع قائمكم - قال جرير في حديثه ، وليس أن يقول هكذا ، ولكن يقول هكذا الفجر هو المعترض وليس المستطيل – رواه في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم ( هو ابن راهويه ) وأخرجه البخاري من وجه آخر عن التيمى .
◾️وعن ابن عمر وعائشة رضى الله عنهما ، قالا ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
" إنّ بلالاً يؤذّن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أمّ مكتوم ." رواه البخاري في الصحيح عن عبيد بن إسماعيل ، ورواه مسلمٌ عن أبى بكر بن أبى شيبة ، كلاهما عن أبى أسامة .
وجاء في كتاب بذل المجهود شرح سنن أبي داود للإمام السهارنفوري رحمه الله تعالى في تعليقه على حديث أبي داود السابق : قال في الدرجات :
🔶هذا يحمل على قوله " إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " وقال البيهقي : هذا أرجح ، فإنه محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المنادِي كان ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربُه قبل طلوع الفجر." ،
◾️وقال القاري :" وهذا إذا علم أو ظن عدم الطلوع "، وقال ابن المُلْك :" هذا إذا لم يعلم طلوع الصبح ، أما إذا علم أنه طلع أو شك فيه فلا " ، قلت : والأَوْلَى في تأويل هذا الحديث عندي أن يقال أن هذا القول أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن تحريم الأكل متعلق بالفجر لا بالأذان ، فإن المؤذن قد يبادر بالأذان قبل الفجر فلا عبرة بالأذان إذا لم يعلم طلوع الفجر . اهـ
🔹وقال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في كتابه فيض القدير شرح جامع الصغير في تعليقه على حديث أبي داود السابق : " بأن يشرب منه كفايته ما لم يتحققْ طلوع الفجر أو يظنه ظنا يقرب منه ، وما ذكر منه أن المراد به أذان الصبح ما جزم به الرافعي فقال :
" أراد أذان بلال الأول بدليل إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ."
◾️وقال الشيخ محمود خطابي السبكي شيخ الأزهر رحمه الله تعالى في كتابه المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود معلقاً على الحديث السابق : " قوله إذا سمع أحدكم النداء الخ ... أي الأذان الأول للصبح وهو أذان بلال فإنه كان يؤذن قبل طلوع الفجر ليرجع القائم ويتنبّهُ النائم كما تقدم . وعلى هذا فقوله ( فلا يضعْه حتى يقضي حاجته منه ) ظاهر لأن الوقت الذي يحرم به الطعام والشراب لم يجئ .
🔸وقال الإمام الحازمي في كتابه الاعتبار في الناسخ والمنسوخ في تعليقه على حديث حذيفة السابق
ولقد نقلنا قول الإمام النووي في المجموع في تعليقه على تجويز الأعمش وإسحاق بن راهويه الأكل وغيره إلى طلوع الشمس حيث قال : ولا أظنه يصح عنهما .
▫️كما مرّ معنا قول الإمام ابن عبد البر الذي نقله الإمام ابن قدامه في المغني أن الأعمش شذّ بهذا القول
ونختم بقول شيخنا د. محمد حسن هيتو حفظه الله تعالى في كتابه فقه الصيام معلقاً على حديث أبي داود السابق :
♦️ #تنبيه: وأما ما يقوله بعض الناس من أن الإنسان إذا كان على طعام وسمع النداء ، فإنه يتمه حتى يشبع ، أو كان يريد الشرب ، والكأس في يده ، فإنه يشرب حتى يرتوي ، فإنه كلام مخالف لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التي ذكرناها ، ومن فعل هذا فقد أفطر .
وأما ما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده ، فلا يدعْه حتى يقضي حاجته ".
فقد قال البيهقي عقب روايته : وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادي قبل طلوع الفجر ، بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر ، ليكون موافقاً لحديث عائشة وابن عمر ، رضي الله عنهم ، قال :
💫وعلى هذا تتفق الأخبار .وهذا الذي قاله البيهقي هو الذي فهمه من قبله ، وأقره عليه من أتى بعده ، وهو الذي اتفق عليه أهل العلم لصحة الأحاديث السابقة وصراحتها في أن الطعام لا يجوز بعد المناداة والأذان للفجر .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العامين .


للمتابعة:

https://www.tg-me.com/ahlussonna

للتواصل:
@ahlussonna_bot
📝حكم الأكل أو الشرب أثناء قول المؤذن: "الله أكبر" في أذان الفجر يؤثر على صحة الصيام؟

🖋 لا يجوز الأكل والشرب بعد بدء الأذان الثاني، إذ فيه مخالفة لقول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) البقرة/187، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ بِلاَلًا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) رواه البخاري؛ لأنه كان ينادي بالصلاة عند طلوع الفجر؛ وهذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين.
وأما الحديث الشريف: (إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ، فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ) رواه أبو داود. فقد جاء في "علل ابن أبي حاتم" (رقم/340، 759): "قال أبي: هذا الحديث ليس بصحيح" انتهى بتصرف.
وقال ابن القطان رحمه الله: "وهو حديث مشكوك في رفعه" انتهى من "بيان الوهم والإيهام" (2/ 282).
وعلى فرض صحته فقد حمله العلماء على الأذان المشكوك في دلالته على طلوع الفجر، وفي قول آخر حُمل على الأذان الأول الذي يؤذن بليل وليس للفجر، أما الأذان الثاني (أذان طلوع الفجر حقيقة) فلا يحل الأكل بعده.
لذا فيجب على من تناول شيئا من المفطرات بعد بدء الأذان أن يمسك عن الطعام في هذا اليوم, ويقضيه بعد رمضان؛ لأن بداية الأذان تدل على دخول الفجر، وإن تعمد ذلك فهو آثم يلزمه مع الإمساك والقضاء التوبة النصوح بالندم والعزم على عدم تكرار ذلك، والإكثار من الاستغفار.
وعلى المسلم أن يحتاط لدينه وعباداته فيتَّبع أقوال جماهير علماء الأمة، ويبتعد عن الأقوال الشاذة والمخالفة. والله تعالى أعلم.
قال الإمام النووي رحمه الله:
{فرع} ذكرنا أن من طلع الفجر وفي فيه طعام فليلفظه ويتم صومه فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه وهذا لا خلاف فيه ودليله حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " رواه
البخاري ومسلم وفي الصحيح أحاديث بمعناه

(وأما) حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا #سمع_أحدكم_النداء_والإناء_على_يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " وفي وراية " وكان المؤذن يؤذن إذا بزع الفجر " فروى الحاكم أبو عبد الله الرواية الاولي وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ورواهما البيهقي ثم قال وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادى #قبل_طلوع_الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر
قال: وقوله إذا بزغ يحتمل أن يكون من كلام من دون أبي هريرة أو يكون خبرا عن الأذان الثاني ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده " خبرا عن #النداء_الأول ليكون موافقا لحديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قال وعلى هذا تتفق الأخبار وبالله التوفيق والله أعلم.

📚المجموع للإمام النووي رحمه الله تعالى
قال الإمام الجنيد البغدادي رحمه الله تعالى: كنتُ بين يدي سيدي السري السقطي رحمه الله تعالى ألعبُ، وأنا ابن سبع سنين، وبين يديه جماعةٌ يتكلّمون في الشكر، فقال لي: يا غلام! ما الشكر؟
فقلتُ: ألّا تعصي الله بنعمته"الرسالة القشيرية"، باب الشكر، ص ٢١٢.
أحكام أفعالٍ متعلقة بقبور الصالحين:

[١]
زيارة القبر = مستحبة.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم:
"كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم بالآخرة"

[٢]
دعاء الله تعالى عند القبر لنفسك أو لصاحب القبر = مستحبة.
والدليل فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.

[٣]
اعتقاد وجود البركة في هذا المكان = صحيح، فقبر الصالح روضة من رياض الجنة.
يقول ابن تيمية رضي الله عنه:
"وكذلك ما يذكر من الكرامات، وخوارق العادات، التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين، مثل: نزول الأنوار والملائكة عندها، وتوقي الشياطين والبهائم لها، واندفاع النار عنها وعمن جاورها، وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى، واستحباب الاندفان عند بعضهم، وحصول الأنس والسكينة عندها، ونزول العذاب بمن استهانها؛ فجنس هذا حق، ليس مما نحن فيه.

وما في قبور الأنبياء والصالحين، من كرامة الله ورحمته، وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق،
لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك."

[٤]
التمسح بالقبر أو تقبيله أو تقبيل الأعتاب: مكروه.

قال الإمام النووي رضي الله عنه متحدثًا عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم:
"قالوا: ويُكرَهُ مَسحُه باليدِ وتَقبيلُه، بل الأدبُ أن يُبعَدَ منه كما يُبعَدُ منه لو حَضَره في حياتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، هذا هو الصوابُ الذي قاله العلماءُ وأطبقوا عليه"

واستثنى بعض العلماء من ذلك إن كان التقبيل للتبرك، قالوا تزول الكراهة.

[٥]
الطواف بالقبر أو السجود له على جهة التحية = حرام وبدعة غليظة.
وقد يصل للشرك لو نوى الساجد صرف حقيقة العبادة لغير الله.

[٦]
التوسل لله تعالى بصاحب القبر، كأن يقول القائل: يا رب عشان خاطر سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم سامحني واغفرلي = مستحب.
علّمه النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة لما علم الأعمى أن يقول: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة"
وفعله الإمام أحمد وعامة أهل العلم سلفًا وخلفًا.

[٧]
أن تطلب من صاحب القبر أن يدعو الله تعالى لك = لا بأس به.
والدليل: أن رجلًا ذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم في عهد سيدنا عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله استسق لأمتك.
يعني: ادع الله تعالى أن يسقينا.
فاستجيب له، وجاءه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، ولم ينكر عليه الصحابة.
والحديث صححه أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني، والحافظ ابن كثير.

[٨]
أن تقول لصاحب القبر افعل لي كذا وأنت تقصد ادع الله لي أن يفعل كذا، أو كن سببا في أن يفعل الله لي كذا؛
هذا هو نفس الحالة السابقة.
واللغة تحتمله، ومنه قول عمرو بن العاص للنبي صلى الله عليه وسلم: على أن تغفر لي.
يقصد: على أن تدعو الله لي بالمغفرة.

ومنه قول الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم: أسألك مرافقتك في الجنة.
يقصد: أسألك أن تدعو الله تعالى لي بمرافقتك في الجنة.

وقد اختلف العلماء في هذه الصورة، وهي أن تقول مثلا للنبي صلى الله عليه وسلم: "أغثني يا رسول الله"
فمنهم من قال: هي مستحبة.
ومنهم من قال: هي خلاف الأولى.
ومنهم من قال: هي حرام.

والذي آخذ به من أقوال أهل العلم -وأنا أحترمها كلها- أنه ينبغي سدّ هذا الباب على العاميّ وتحريم مثل هذه الألفاظ المشكلة عليه، صيانة لعقيدته.
فيرشد لأن يقول: ادع الله أن يغيثني أو أن يمدني يا رسول الله.
ليوافق ما في الحالة السابقة التي أقرها الصحابة.

أما العالم فيعرف ما يقول، ولا كلام لنا مع السادة العلماء رضي الله عنهم.

[٩]
من ذهب لقبر نبي أو وليّ وقال له: افعل لي كذا
وهو يرى أنه يفعله من دون الله، وليس أنه سبب يجري الله على يديه ذلك؛ كان مشركًا.
ولا فرق هنا بين حيّ وميت.

وهذا اعتقاد لا يقول به أحدٌ من المسلمين، حتى عوامهم وجهلائهم.

[١٠]
صورة الزيارة الشرعية السنية التي ينبغي أن يلتزم المسلمون بها:

أن تدخل على قبر الصالح فتقف مؤدبًا دون مسّ ولا نحوه، وتقول:
السلام عليكم يا سيدي فلان ورحمة الله وبركاته
نسأل الله سبحانه أن يجزيك عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
وتدعو له الله تعالى بما تيسر، وتدعو الله تعالى لنفسك بما تيسر.
وإذا سألت سألت الله، وإذا استعنت استعنت بالله.
ثم تنصرف.

دون صخب ولا جلب ولا اختلاط ولا صياح طالما كان الإنسان مالكًا حاله.

ومن خالف تلك الصورة الشرعية لا نقول: هو كافر هو مرتد!
معاذ الله!
بل كل مخالفة تقدّر بقدرها، ونتعامل في جميع ذلك بالرفق والإحسان.

وتأمل كلام الإمام الحافظ الذهبي رضي الله عنه لتعرف مقصودي

يقول:
"فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلاً مسلماً مصلياً على نبيه فيا طوبى له فقد أحسن الزيارة وأجمل في التذلل والحب، وقد أتى بعبادة زائدة على من صلى عليه في أرضه أو في صلاته، إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه، والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط. فمن صلى عليه واحدةً صلى الله عليه عشراً.
ولكن من زاره صلوات الله عليه وأساء أدب الزيارة، أو سجد للقبر أو فعل ما لايشرع، فهذا فعل حسناً وسيئاً، فيُعَلَّم برفق والله غفور رحيم. فوالله ما يحصل الإنزعاج لمسلم والصياح وتقبيل
الجدران وكثرة البكاء، إلا وهو محب لله ولرسوله، فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار، فزيارة قبره من أفضل القرب، وشد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء، لئن سلَّمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه: (لاتشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) فشد الرحال إلى نبينا صلى الله عليه وسلم مستلزمٌ لشد الرحل إلى مسجده، وذلك مشروعٌ بلا نزاع، إذ لاوصول إلى حجرته إلا بعد الدخول إلى مسجده، فليبدأ بتحية المسجد، ثم بتحية صاحب المسجد، رزقنا الله وإياكم ذلك"

———

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول ..
https://www.tg-me.com/ahlussonna
أيها المسلم السنّي الذي تعظّم علماء الأمة سلفًا وخلفًا من الفقهاء والمحدثين..

هذا كلامهم في التبرك بالصالحين في عصور السلف والخلف، بعضهم يحكي عن نفسه أنه يتبرك، وبعضهم يحكي عن غيره من علماء السلف أنه يتبرك، وبعضهم يحكي عن المسلمين أنهم يتبركون ويقرّهم ولا ينكر ذلك عليهم:

[١]
يقول الإمام النووي رحمه الله في كتاب تهذيب الأسماء واللغات:
"حمزة بن عبد المطلب ... استشهد يوم أُحُد ... وقبره مشهور يزار ويتبرك به".

[٢]
ويقول النووي:
"طلحة بن عبيد الله الصحابى، أحد العشرة، رضى الله عنهم، قُتل رضى الله عنه يوم الجمل سنة ست وثلاثين... وقبره بالبصرة مشهور يزار ويتبرك به".

[٣]
ويقول النووي:
"وكان الحسين، رضى الله عنه، فاضلاً، كثير الصلاة، والصوم، والحج، والصدقة، وأفعال الخير جميعها. قُتل، رضى الله عنه، يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق، وقبره مشهور يُزار ويُتبرك به، وحزن الناس عليه كثيرًا، وأكثروا فيه المراثى، رضى الله عنه".

[٤]
ويقول النووي:
"عمر بن عبد العزيز، الخليفة الراشد والإمام العادل... توفى عمر (سنة 101) وعمره تسع وثلاثون سنة وستة أشهر، وهو بدير سمعان قرية قريبة من حمص، وقبره هناك مشهور يُزار ويتبرك به".

[٥]
ويقول النووي:
"وأحوال أحمد بن حنبل رحمه الله ومناقبه أكثر من أن تحصر.. ودفن ببغداد، وقبره مشهور معروف يتبرك به، رحمه الله".

[٦]
ويقول الحافظ ابن حبّان إمام المحدّثين حاكيًا عن نفسه وهو، المولود ٢٧٠ -في القرن الثالث الهجري- والمتوفى ٣٥٤هـ:

"وما حَلّت بي شدةٌ في وقت مُقامي بطوس، فزرت قبر علي بن موسى الرضا -صلوات الله على جده وعليه- ودعوتُ الله إزالتها عنى إلا استجيب لي وزالت عنى تلك الشدة، وهذا شيء جربتُه مرارا فوجدته كذلك، أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته، صلى الله عليه وسلم الله عليه وعليهم أجمعين".

[٧]
ونقل الخطيب البغدادي -مولود ٣٩٢ ومتوفى ٤٦٣هـ- في تاريخ بغداد:
"قَالَ الشافعي: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إِلَى قبره في كل يوم، يَعْنِي زائرًا، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إِلَى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى".

[٨]
ويقول الخطيب البغدادي:
"...قبر النذور، يقال: إن المدفون فيه رجل من ولد عَلِيّ بْن أَبِي طالب رضي الله عنه؛ يتبرك الناس بزيارته، ويقصده ذو الحاجة منهم لقضاء حاجته".

[٩]
ويقول الخطيب:
"أبو الحسن بن بشار، الزاهد، المتوفى سنة (313)... وقبره إِلَى الآن ظاهر معروف، يتبرك الناس بزيارته".

[١٠]
ويقول الخطيب:
"أبو عبد الرحمن السلمي، المتوفى سنة (412)... وقبره هناك بنيسابور يتبركون بزيارته، قد رأيتُه وزرتُه".

[١١]
ويقول الحافظ الذهبي حاكيًا عن سفيان الثوري -مولود ٩٧ متوفى ١٦١هـ- :
"عمرو بن قيس الكوفي الملائي، توفي سنة (145)... قال الثوري وذكره فأثنى عليه: وكان يُتبرك به لزهده وفضله".

[١٢]
ويقول الحافظ الذهبي أيضًا:
"شَقيق البلخي، توفي سنة 194 أحد الأعلام، صاحب إبراهيم بن أدهم.... عن علي بن محمد بن شقيق البلخي قال: كانت لجدي ثلاث مئة قرية، ثم مات بلا كفن، وسيفه إلى الساعة يتبركون به".

[١٣]
ويقول الذهبي أيضًا ناقلًا كلام إبراهيم الحربي -مولود ١٩٨ متوفى ٢٨٥هـ-:
"معروف الكرخي، زاهد العراق، وشيخ الوقت، المتوفى سنة (200)... وعن إبراهيم الحربي قال: قبر معروف الترياق المجرب، يريد الدعاء عنده؛ لأن البقاع المباركة يستجاب فيها الدعاء".

[١٤]
ويقول الذهبي أيضًا ناقلًا كلام ابن بشكوال -مولود ٤٩٤ متوفى ٥٧٨هـ-
"هارون بن سالم، أبو عمر القرطبي الزاهد، توفي سنة (238) ... قال ابن بَشْكُوال: وقبره يتبرك به، ويعرف بإجابة الدعوة، جَربتُ ذلك مرارا".

[١٥]
ويقول الذهبي:
"وقد أثنى على أبي عبد الله [أحمد بن حنبل] جماعة من أولياء الله، وتبركوا به".

[١٦]
ويقول الذهبي ناقلًا كلام ابن الإمام أحمد بن حنبل:
"قالت فاطمة بنت أحمد بن حنبل: وقع الحريق في بيت أخي صالح، وكان قد تزوج بفتية، فحملوا إليه جهازا شبيها بأربعة آلاف دينار، فأكلته النار، فجعل صالح يقول: ما غمّني ما ذهب إلا ثوب لأبي كان يصلي فيه أتبرك به وأصلي فيه. قالت: فطفئ الحريق، ودخلوا، فوجدوا الثوب على سرير قد أكلت النار ما حوله وسلم".

[١٧]
ويقول الذهبي:
"القاسم بن محمد بن عبدويه، المتوفى سنة (347)... وكان أحد الصالحين يتبرك بقبره".

[١٨]
ويقول الذهبي:
"عبد الله بن عبدان، المتوفى سنة (433)، شيخ همذان، وعالمها ومفتيها... وقبره يزار ويتبرك به".

[١٩]
ويقول الذهبي:
"علي بن حميد، أبو الحسن الذهلي (توفي سنة 452) إمام جامع همذان، وركن السنَّة والحديث بها... وقبره يزار ويتبرك به".

[٢٠]
ويقول الذهبي:
"ابْنُ زِيْرَكَ القُوْمَسَانِيُّ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ هَمَذَانَ (توفي سنة 471)... وقبره يزار، ويتبرك به".

- جمعه الدكتور الفاضل أحمد نبوي الأزهري
2024/09/30 20:35:49
Back to Top
HTML Embed Code: