Telegram Web Link
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ١٧ رجب ١٤٤٦ هـ)

هل حفظ القرآن كاملا لطالب العلم واجب؟! ..

"المجتهد لا يُشترط له حفظ القرآن الكريم؛ وإن كان للعلماء في ذلك عدة أقوال:

- منهم من قال يحفظ خمسين آية، كما قال الغزّالي في المستصفى.
- ومنهم من قال يحفظ آيات الأحكام.
- ومنهم من قال غير ذلك.

الصحيح: أن من شروط الاجتهاد أن يكون عالما بالقرآن معنى وموضعا، بمعنى أنه متى أراد الاستدلال بآية؛ فإنه يعرف موضعها، ولا يشترط الحفظ، مثلا يعرف آية الصوم في البقرة، يذهب مباشرة ويستخرجها، آية الحج كذلك؛ يعرف موضعها، وآيات الميراث كذلك في سورة النساء .. ولا يشترط حفظها، أو حفظ خمسين آية، أو غير ذلك .. لكن يعرف مظانّها، ويعرف أن فيه آية تدل على كلامه، ولا يشترط عليه حفظها، إن حفظها فهذا أضبط ..

لكن هل من شرط المجتهد حفظ القرآن؟!
ليس من شرطه أن يكون حافظا لكتاب الله، وحافظا لمئة ألف حديث .. لكن يكون حافظا لمظانها، وكذلك السنة، يكون له كتب يرجع إليها، ويعرفها دراية، مثلا في باب النجاسات حديث كذا، موجود في الكتاب هذا، في الباب هذا .. مثلا زكاة الديون، يذهب إلى باب الزكاة .. وغير ذلك، المهم أن يكون عالما بمواضع تواجدها، أي تواجد الأحاديث هذه، يكون على دراية بوجودها، ويعرف مظانها، وأماكنها، ولا يشترط حفظ كل هذا ..

يشترط في المجتهد أن يكون محيطا بمدارك الشرع:

١- أولا: أن يكون عالما بالقرآن الكريم، ومعاني ألفاظه، وسبب نزوله، ونحو ذلك؛ من هذه الآيات، والاستدلال بها ..

٢-؛ثانيا: أن يكون عالما بالسنة، رواية ودراية، عالما بمعانيها، ومظانها، وأماكن تواجدها، وعند الرجوع لأهل الاختصاص في معرفة الرجال يعرف الحديث، ودرجته؛ صحيح أو ضعيف، ويرجع للكتب كالتلخيص .. لابن حجر، أو كتاب الزيلعي، أو الإرواء للألباني، وغيرها .. ويعرف كونه صحيحا أو ضعيفا؛ ليستدل به، أو لا يستدل، بحسب درجته ..

٣- ثالثا: يكون عالما بالناسخ والمنسوخ، والآيات في ذلك، ويكفيه الكتب المعتنية بناسخ ومنسوخ القرآن والسنة، وينظر في فهرسة الكتب في الباب، وينظر الآية منسوخة أو لا، وإن كانت منسوخة لا يجتهد فيها، فالاجتهاد في المنسوخ غير سليم، لا يجتهد فيما لا ينبغي الاجتهاد فيه ..

٤- رابعا: أن يكون عالما باللغة العربية، ولا يشترط أن يعرف ما يعرفه سيبويه أو الفراهيدي .. غاية ما في الأمر أن يعرف معاني الآيات لغويا، ويستعين بكتب اللغة كالنهاية لابن الأثير، وكتاب الزمخشري في شرح ومعاني الحديث، وفي غيره كالصحاح للجوهري، ولسان العرب في اللغة .. يستعين بها ..

٥- خامسا: أن يكون عالما بأصول الفقه، فدونها يُحرَم الوصولَ للحكم، ليبني الأحكام بناء على القواعد .. الأحكام المستنبطة من الأدلة التفصيلية، إن كانت على وفاق مع الأصول التي تعلّمها، ولا يشترط حفظ التعاريف، وغير ذلك .. إنما يفهمها، ويعرف مَكْمن الخلاف، وسببه، ومنشأه؛ إن كان السبب أصوليا يعرفه ..

لا يُشترط عليه أن يكون وعاءً للفقه، بمعنى يتعرّف على الفقه كله، لأنه هو الذي يعمل على استخراج الفقه، فالأحكام هي الفقه، وتتعلق بفعل المكلّف، أما الأصول فتتعلّق بالآلة التي يستخرج بها الحكم ..

عموما؛ مدارك الشرع هذه يجب على المجتهد أن يكون ماسكا بناصيتها، يستطيع من خلال ذلك فهم هذا، أما حفظ القرآن والسنة شيء جميل بلا شك، لكن لا تعلم الأعلمية في الاجتهاد بحفظ القرآن، إنما يكون هذا بالنسبة للبروز إلى منصب الإمامة في الصلاة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله ..) الحديث.

- مالك والشافعي قالوا بمعنى أعلمهم.
- والآخرون قالوا أحفظهم، وجاءت في رواية أخرى ..

إذا حملناه على أعلمهم يتكرّر، والأصل عدم التكرار، إنما الاستقرار، وبهذا يصبح مكرّرا، كأنه قال يؤم الناس أعلمهم، وإن كانوا في الأعلمية سواء يقدم الأعلم، فبهذا يتكرّر ..
أما قوله أحفظهم، فإن كانوا سواء فأعلمهم، وإلا فأقدمهم هجرة .. لا يتكرّر ..
لهذا كان التفسير بالرواية الأخرى أحق.

هذا الحفظ في التقديم للإمامة، مع العلم أنه يجوز تقديم المفضول على الفاضل، بمعنى هذه أفضلية وليست أحقية تبطل بها الصلاة، فقد صلى عبد الرحمن بن عوف وأبو بكر الصديق -رضي الله عنهما- بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا شك أنهما دونه، وعليه القرآنُ نزل، فدلّ على إمامة المفضول للفاضل. وفي عهد الصحابة -رضي الله عنهم- كان أئمة جور كالحجاج .. وكانوا يصلون وراءه، وهو دونهم -بلا شك- فجازت إمامة المفضول مع وجود الفاضل."
📌 فوائد وتوجيهات من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ١٧ رجب ١٤٤٦ هـ)

س: حكم أخذ جواز حج من عند لجنة لزاوية .. تقدم لهم الدولة جوازين مجانا كل سنة .. وهذا بواسطة ..

ج: "أنا لا أدري .. إذا كانت هذه الزاوية تنشر البدع، وتريد أن تقتنص بهم أناسا تحبّب إليهم ما تصنعه، وتنشر بعد ذلك أن فلانا وعلانا أتوها، وأخذوا الجوازات .. وتقول: لو كنّا على على غير طريق الصواب ما أخذوا منا هذا ..
إذا كان بهذا المعنى؛ لا يجوز.

أما أن أحد الأقارب مثلا أخذ الجواز، أو أعطوه من عندهم، وقال لا أذهب .. وتريد الاستفادة، ولا يتكلّم بهذا .. فلا بأس -إن شاء الله-، ولا يكون فيه تأييد للجماعة هذه ..

الزوايا هذه يستغلون هذه الأمور المادية والمعنوية للتّغلغل في الأفراد وعقائدهم، كالنصارى؛ يقدّمون الحلويات .. وعندهم فريق طبيّ، ويعاملون الناس معاملة حسنة، ويعطون الفقراء .. يجذبون ناسا بتلك الطريق، ويصبح الناس لا يخشونهم، ويمرّرون دعوتهم، وكذلك يفعلون ..

كذلك الشيعة؛ يقدمون منحة لتدرس عندهم، ثم ترجع لتخرب بلدك بالعقائد الفاسدة، وتزكي المكان بذهابك إليه ..

كل ما فيه إشادة بالباطل، أو إعلاء مقامه السيء؛ لا يجوز، لأن الباطل ينبغي أن يكون زاهقا، مهانا، مُزالا، ونحو ذلك .. لا مُشادا به في المقام العالي ..
سيتكلمون بهذا، ويقولون جاءنا فلان، وأعطيناه جوازا، وهو سلفي .. فبها يعملون دعوة، ويجذبون الناس، ويقولون ليس عندنا بدع .. وإلا لأنكر علينا هذا ..

حتى ولو أخذه مباشرة دون هذا؛ فنحن لا نمدّ يدنا لأهل الباطل ..
نفس الشيء إنسان أخته تعمل، تعطيه مالا أو شيئا، ثم يسكت ..
يقول لا يجوز، وعيب، وكيف تختلطين؟! ..
ثم هي تعطيه هدية، أو عمرة .. بعدها لا يتكلّم، أو تعطيه السيارة .. سيصبح يدافع، ويقدّم المال على الشرع، لأنها اشترت له سيارة، أو أخذته إلى العمرة ..

تسكته بالمال، وهؤلاء يسكتونه بهذا، هل سيتكلم وقد أعطوه جوازا؟! .. سيسكت.

ييسكت على الباطل، وهذا لا يجوز، يجب أن يصدع بالحق، ويقمع الباطل، وينبذ البدعة، ويشيد بالأخلاق الحسنة، وينبذ السيئة .."
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ٢٤ رجب ١٤٤٦ هـ)

س: قال بعض الفقهاء: وإن نوى غسلا مسنونا أجزأه عن الغسل الواجب ..
وقيّده بعضهم: بأنه إن كان ناسيا أجزأه ..

"هذا القول مخالف للأصول في النيات.
أصول النيات؛ أو النيات لها حِكَمُها، الحكمة فيها هي:

أولا: تُميّز العبادات من العادات، فالذي مثلا يغتسل لرفع الجنابة؛ غير الذي يغتسل لإزالة التراب، أو الأوساخ ..
والذي يغتسل للجمعة؛ ليس كالذي يغتسل للتبرّد في يوم حار، يبرّد نفسه لينشط، فالأول عبادة، والثاني عادة، والذي يفرّق بينهما النية.

ثانيا: النية تفرّق بين العبادات بعضها عن بعض.
فغسل الجمعة؛ غير غسل الجنابة، وصلاة الظهر؛ غير صلاة العصر .. تفرّق بينهما النية، فمن نوى صلاة الظهر لا يستطيع أن ينوي بها العصر، أو المغرب، أو العشاء ..
النية مرتبطة بها، تفرّق بين الصلوات.
في باب الزكاة نفس الشيء، النية في الزكاة غير النية في الصدقات، وغير النية في التبرعات، وغير النية في الهبات، فلو نوى هبى لا تقع زكاة، ولو نوى الصلاة نفلا لا تقع فرضا، ولو نوى صلاة الظهر لا تقع نفلا، وهكذا ..

بمعنى؛ حكمة النية هي التمييز أولا بين العبادات والعادات، وثانيا بين العبادات فيما بينها، وهذا ما ذكرته مفصّلا في تقريب الأفهام ..

إذا الرجل إن نوى غسلا عاما؛ هل يجزئه على الواجب؟!
إذا دخل يغسل غسل تنظيف؛ لوجود العرق، أو الرائحة .. واغتسل ككلّ، وهو على جنابة، لم ترتفع الجنابة؛ لعدم وجود النية عليها، ولو غسل عدة مرات ونوى التنظيف وهو على جنابة لا يستطيع الصلاة بهذا الغسل، فلابد أن ينوي أنه يرفع به الجنابة، وإن لم يفعل يبقى على جنابته.

كذلك المرأة تخرج من حيضها؛ لابد أنها تنوي الاغتسال لأنها خرجت من حيضها، أو نفاسها، إن اغتسلت ولم تنوِ بقيت على ما هي عليه ..

إذا اعتبرنا حكم النية بهذا التقسيم؛ وأن لكل عمل نية، فهذا الكلام مخالف للأصل، فلكل عمل نيته، ولو أنه اغتسل للتنظيف وذهب للمسجد؛ ليس له أجر غسل الجمعة، هو نظيف نعم من حيث النظافة، لكن ليس أجر غسل الجمعة، لأنه لم يمتثل للأمر.

تارة يقع الفعل في ذاته صحيحا؛ لكن لا أجر فيه ..
مثلا: رجل ينفق على أولاده، وزوجته .. إن نوى أنه واجب عليه؛ فهذا يكون له أجر في ذلك، لأنه فعله امتثالا للشرع، أما إذا لم ينوِ جَعْلَه لله امتثالا؛ ففعله يقع صحيحا، لكن لا أجر له.

كذلك الّذي يسرق وينوي إرجاعها خوفا من الله يؤجر؛ لأنه ردّ المظالم امتثالا، لكن إذا ردّها خوفا من سلطان، أو غيره .. فردّه صحيح، لكن لا أجر له، فالأفعال قد تقع صحيحة، لكن لا أجر فيها ..

لذا جعلوا القاعدة: لا عمل إلا بنيّة.
قسموا بين العمل التعبُّدي والعمل معقول المعنى، أو -إن شئت- بين العمل المعقول المعنى، والعمل غير معقول المعنى.

فغير معقول المعنى هو العبادة، كالصلاة، والزكاة .. غير معقولة المعنى، لا يكون إلا بنية، أي تكون النية ركنا فيه، ولا يصح إلا بها، وإن لم تكن يقع العمل باطلا.

أما العمل معقول المعنى؛ كمثال النفقة على الأولاد، وردّ المظالم .. تكون النية فيه للجزاء، بمعنى قول لا عمل معقول المعنى إلا بنية؛ أي نية الإجزاء، فلا تكون ركنا، والفعل يقع صحيحا، لكن لا أجر فيه.
أما إن كان بنيّة التقرّب إلى الله فالعمل صحيح، ويجزى عليه.

السلف كانوا يَعُدّون النية بمثابة دراسة الفقه كلّه .. يولون أهمية كبيرة للنيات، لذا كان أول حديث وضعه البخاري في الصحيح: (إنما الأعمال بالنيات ..)، وألّف ابن تيمية في والسيوطي، وغيرهم فيها، وكتب القواعد بدأوا فيها بـ: (إنما الأعمال بالنيات)، أو بـ: (الأمور بمقاصدها)، وغير ذلك ..

فالنيات مهمة جدا ليفرق بين هذا وهذا، وإلا يصبح ناقصا لمّا يعرف الفقه ولا يعرف النيات .. عليه أن يعرف مسألة تبديل النية، وتغيير النيّة، ومحلّها ..
في الصلوات أربع حالات: من فرض إلى نفل، ومن نفل إلى فرض .. يعرف حكمها.
وأيضا تغيير النية من مأموم إلى إمام، ومن مقيم إلى مسافر، ومسافر إلى مقيم ..
والصلاة بمباينة النية عند المأموم للإمام، كا
إمام يصلي العصر وأنت تصلي الظهر وراءه، وغير ذلك ..

دراسة هذا مهمة جدا لطالب العلم، على الأقل يعمل حلقة، أو يقرأ من كتاب، ليس شرطا من هذا الكتاب، يقرأ كتاب السّيوطي مثلا .."
📌 فوائد فقهية من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ٢٤ رجب ١٤٤٦ هـ)

س: أخ رقى امرأة لم تصلّ شهرا بسبب السحر .. وبعد ما استراحت صلّت .. ما حكم الصلوات التي لم تصلّها؟! ..

ج: "أولا لابد من إثبات أن السحر أثّر فيها؛ بحيث لا تعي ما تقول؛ ولا تعرف.
إذا حقيقة أثّر فيها بحيث لا تعي هذا، ولا تعرف، فإنها تقضي تلك الأوقات التي كان فيها العذر قائما، لأنها معذورة مثل حالة النسيان والنوم.

أما إذا كانت تعي ما تقول، وتستطيع الصلاة، لكن تتحجّج بالمسّ والسحر، وكان عنوانا على تكاسلها؛ ففيه خلاف:

- منهم من قال لا يجوز أن تقضي الصلوات التي تركتها عمدا وهي قادرة على الصلاة ..
عند أهل التحقيق لا تقضي، بل تكثر من الحسنات حتى تستدرك ما فاتها ..

- أما في مذهب الحنابلة، والمالكية؛ فتقضي هذه الأيام، ولو تركتها عمدا، وكذلك قول الشافعي، وإن كان مالك والشافعي يرون القضاء بأمر جديد؛ لا بالأمر الأول، لكن يخالفون في الفرع هنا.

هناك حالة ثالثة: إذا كانت حقيقة لا تستطيع؛ فلا تكليف إلا بقدرة، أي باستطاعة، إن كانت لا تستطيع تحريك نفسها للصلاة فهي غير مستطيعة في ذاك الوقت، وقلبها نابض بالصلاة، ولا تستطيع ذلك، فمتى ارتفع المانع الذي منعها تصلي ..

هناك ثلاث حالات:

١- الأولى: لا تعي في تلك الفترة، وكان تأثير السحر فيها تأثيرا حجب عنها الوعي، وحجب قلبها الذي أصبح فاسدا، فتُعدّ كالناسي والنائم، فهي معذورة، متى ارتفع عنها ذلك تقضي هذه الأيام.

٢- الثانية: إن كانت واعية قادرة، ولم تصلّ، وتركتها عمدا وكسلا بدعوى أنها مريضة، وتحجّجت بالسحر والمس؛ على الصحيح أنها لا تقضي.

٣- الثالثة: إن كانت حقيقة أقعدها تأثير السحر عن الصلاة؛ وهي تريد الصلاة، فمتى استطاعت أدّت ما عليها."
📌 فوائد وتوجيهات منهجية لشيخنا فركوس -حفظه الله- (الثلاثاء ٢٨ رجب ١٤٤٦ هـ)

س: إخوة يسألون: عندنا إمام يطعن في السلفيين على المنبر وفي الدرس .. ذكر مؤخرا كلاما (منذ حرموا طعام الجنائز انقطع المطر) .. يريدون نصيحة في تقديم شكوى ..

ج: "أولا بالنسبة لذات الشخص؛ الرجل إن لم يخرج من دائرة الإسلام فمع كل المعاصي التي يرتكبها؛ والتي لا تخرجه من دائرة الإسلام تكون صلاته صحيحة لنفسه، وصحيحة لغيره، إذا أوتيت بالشروط والصفات الشرعية ..

إذا كان يصلي في المسجد؛ فالأصل أن لا نترك المسجد بسببه، ويجوز الانتقال إلى آخر، لكن إذا صُلّي وراءه فهو الذي لا ترفع صلاته؛ كما جاء في الحديث: (.. أمّ الناس وهم له كارهون ..) الحديث، وهذا بسبب الكراهة الشرعية، وهي كونه يطعن في أهل الحق، ويأتي بأشياء من شأنها أن تبيّن أنه منزلق في منهج ضال منحرف ..

هذا كله؛ إذا لم يخرج من دائرة الإسلام بهذه الأفعال فيصلّن وراءه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (يُصلّون لكم ..) الحديث، وفي حديث آخر: (الإمام ضامن ..) الحديث.
ومعتقد أهل السنة كما هو معروف؛ الصلاة وراء كل برّ وفاجر، وقد صلّى الصحابة -رضي الله عنهم- وراء الحجاج بن يوسف، ووراء أئمة الجور والظلم، ولكن لا يُقِرّونهم على ظلمهم ومعصيّتهم ..

أما إزاحة ما هو فاسد فواجب، سواء كان هذا الفاسد يمثّل نجاسة في المسجد، أو شيئا قذرا فيه، وسواء كان حسيّا أو معنويا، إذا رأى نجاسة حسيّة فيه أزالها، ونظّف المكان، وإذا رأى معصية، أو معاصي من أشخاص، أو بدعا، أو ضلالات، أو محدثات أمور .. وكان قادرا على إزالتها؛ وجب عليه أن يزيلها، ما لم يترتّب على إزالتها مفسدة أعظم من مفسدتها، لأن الله تعالى قال: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام ..} الآية.

هذا لأن المكان طاهر، فلا يقربه أهل النجاسات، والعلماء عمّموا الحكم على كل المشركين؛ لا يجوز أن يدخلوا المساجد كلّها ليس فقط المسجد الحرام، لكن تجد العكس؛ أهل القبور يستحوذون على المساجد؛ مع أنهم مُدجّجون بالشركيات، والضلالات، ومحدثات الأمور ..
لكن المجال الدعوي مفتوح للتوجيه، والإرشاد، والدعوة إلى الله -بحسب الإمكان-

سعي هؤلاء ينبغي أن يكون، لكن المشكل الذي يواجههم كما يقال: حاميها حراميها، فالذي تشكون إليه هو معهم، ولا يقبل عِللكم، بينما عليكم تأتونه بعلل أخرى، كالتي فيها تقصيره مثلا -إن وجد- في أداء مهماته، وتغيّبه .. ربما من هذا القبيل، إذا كانت أكثر، وكانت معزّزة بأناس كبار السن، أو لهم معارف .. يمكن إزالته من هذا المكان، فهذا إزالة للنجاسات المعنوية من المسجد، وهو واجب إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

الذي يطعن في أهل الحق جاهل، لأنه يجهل الحق، ويطعن دون مبرّر، ودون دليل، لأن كل الأدلة مع أهل الحق، فأنّى له أن يطعن فيهم؟!
والذي يطعن بلا دليل، ولا دليل معه .. اِعرِف أنه جاهل؛ وإن كان دكتورا، أو عالما .. يطعن في شخص على الحق دون دليل فهو جاهل، ولو كان عالما في ميدانه الدنيوي أو في ميدان آخر ..

هو جاهل، ابتداء يجهل الحق، ويجهل تفاصيل المسألة، ويجهل دليل أهل الحق .. فيطعن بالعاطفة، ويميل إلى مذهبه، ولا يريد التعرّف على مذهب الحق، وهو غريب عنده ..

يقع في هذا -غالبا- من ورث الدين عن أبيه بعُجَرِه وبُجَرِه .. أخذ كل شيء؛ من خرافات، وأباطيل .. وجد الآباء هكذا، أخذوا الخرافة، والضلال، والمنهج الباطل، والبدع، وغيرها .. وأخذوا شيئا من الحقّ، حقّ ممزوج بالأباطيل، ويأتي هو -بناء على ذلك- لمّا تُنكر الأباطيل عنده يقف وقفة أسد عليك، ويُزمجِر، ويعلو صوته في المنابر، ويُزبِد ويُرعِد .. ونحن لا تهمّنا الصّولات هذه .. لأننا نعرفه أنه جاهل، يبني أمورا على الباطل؛ ويذهب ضحايا له من ليس لهم علم بالمسائل هذه، يسمعون منه،  ويأخذهم معه على أساس أنه يقول الحق، وأنه إمام .. وهذه المشكلة حتى في المجال الدعوي؛ تجد أحدا يتكلّم دون علم بالمسائل؛ فيصحب معه أناسا كثيرين ..

الحاصل: الرجل إذا كان يتبنّى المنهج الصوفي القبوريّ الذي فيه صَرْف العبادة لغير الله؛ لا تصحّ الصلاة وراءه، بمعنى أنه يعتقد في الأولياء أنهم أولى من الأنبياء، وأنهم محلّ دعاء؛ بالتبرّك، أو يتّخذونهم وسائط يتقرّبون إليهم، ويعبدونهم زلفى .. أو أن لهم صفات الربوبية؛ يطلبون منهم الرزق، والمال، والأولاد، وغير ذلك .. فهذا لا تجوز الصلاة وراءه قولا واحدا، لأنه مشرك شركا أكبر يُخرج صاحبه من دائرة الإسلام.
هذا الشّرك الذي ينافي الإخلاص، ومن شروط التوحيد الإخلاص الذي يُنافي الشرك الأكبر، وهذا الشرك الأكبر يُنافي التوحيد الذي رُكنه الإخلاص والصدق.

أما إذا كان لم ينتهج هذا المنهج؛ وربّما إسلامه وراثي .. اختلط عنده الحق بالباطل؛ فأعماه عن الحق، وصرفه، وصار يُعادي أهل الحق والاستقامة، والبيان والسنة ..
يتكلّم فيهم، فهذا حاد عن الصواب، وابتعد عنه، لكن الإنسان لا يترك صلاة الجماعة بدعوى أن الإمام هكذا؛ خشية أن يبقى يصلي وحده، ويبتعد عن المساجد، وبذلك يُعدّ فريسة سهلة للشيطان، لأن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وكلما كانت الجماعة كان أبعد .. (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ..)، يعني يتربّص بالشاة الّتي تخرج من القطيع، وهكذا الشيطان يتربّص بالإنسان بعدما يوسوس له أن المسجد فيه كذا، ويفعلون كذا .. ويقنعه بها، فينصرف، ويصلي في البيت، ثم يصبح يؤخّر، ويترك شيئا فشيئا، ويصبح فريسة سهلة له، وكل مرة هكذا حتى يخرجه ..

لهذا أقول: يبقى يصلّي معه، ولا يرضون بما هو عليه، سواء معتقدا، أو فعلا، أو أخلاقا، ويحاولون تجنيد أناس يسعون جاهدين لإزالته؛ بذكر أسباب لا توافق هذا، فإذا ذكروا هذه سيثبتونه أكثر نكاية في أهل الحق، إنما يذكرون أسبابا أخرى كالغياب -إذا كانت حقيقية- ولا يكذبون، ويطلبون التغيير، خاصة إذا كانت معهم اللجنة، يغيّرون إلى من أرادوا، ويختارون شخصا، ويقدّمونه ..

أما عن الشكوى بهم؛ لا يسمعون، وأنت ترى أين نحن؛ من حوالي ٢٠ سنة نحاول؛ دون جدوى، والمشكل أنك تجد هؤلاء الأحزاب ممّن يدّعي السلفية، والإخوان، ومعهم جماعات أخرى .. هؤلاء كلّهم لا يريدون قرارا لأهل السنة، لا يريدون تثبيت السلفية، لأنهم يخشون انتشارها، وبهذا يظهر عوارهم، لأنهم يعرفون أنهم -أي السلفيون- يسعون للعلم المقرون بالدليل، ولا يتّبعون الأوهام، فهم لا يقبلون هذه الأوهام ..

وهؤلاء يقولون أن هذا داخل في المرجعية، ويمشون على أساس المرجعية الوطنية، ويُدخلون شعارات الوطنية .. ليقولوا هؤلاء مخالفون للوطن ..

اجعلوا أموركم لله؛ حتى يتغيّر هذا ..
الطعن من زمن الأولين؛ يطعنون، حتى اليوم، ولكنه يذهب أدراج الرياح، وسيُؤاخذ به صاحبه، قال تعالى: {وإن تصبروا وتتّقوا لا يضرّكم كيدهم شيئا} الآية.
كما ترى الجرائد تطعن، والاتهامات، ويقولون قال بتحريم الزلابية، وقال كذا .. وأنا لم أقل .. يريدون وضعك في فم الأسد بالكذب، ثم ورث القوم هذه الطعونات، وصاروا يقولون سروري، وتكفيري .. وكل هذا لتنفير الناس عن سماع كلمة الحق، ونحن نقولها في حدود علمنا، وعندما نخطئ نرجع ..

لم أرفع دعوى على الجرائد، ولا غيرها .. لأنهم سيدخلونك متاهات .. مجرّد صيحة في واد، ستذهب ونحاسبهم يوم القيامة.
الذي أقول: الإنسان يترك هذا -الطعن- لله، أما لإزاحة هذا -الإمام- فيعمل على ذلك."
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ٠١ شعبان ١٤٤٦ هـ)

س: مسألة قول أن الله عارف ..

ج: "أقول وبالله التوفيق:
أولا: فيه أسماء ثابتة، وصفات ثابتة، فالأسماء الخبرية؛ عن طريق الأخبار؛ ظاهرة، والتي تحتوي في ذاتها أسماء متّفقا عليها، وأسماء أخرى غير متفق عليها، فيها ما يتضمّن صفة، وفيها ما يتضمّن اسما وصفة.

الإطلاق قد يطلق من باب الخبر، أو من باب المقابلة، وليس معناه التسمية، لأن الأسماء هذه لها شروط ..

من شروطها أن تكون كاملة؛ تدل على الكمال، فلو قال أحد غنيّ؛ يعني أن الله غني لا يحتاج غيره، غناه من نفسه بنفسه، بينما إطلاقه على العبد فنِسبيّ، قوله غني يمكن أن يكون غنيا بالمال؛ لكن يحتاج غيره في التطبيب، والزراعة، والبناء، وغير ذلك ..

اللفظ، أو الاسم عند إطلاقه على الله تعالى يراد به الكمال، أما الاسم الذي يتضمّن النقصان إما يُحمل على باب الخبر، أي إطلاقه على وجه الإخبار، أو على وجه المقابلة.

على وجه المقابلة؛ كقوله تعالى: {ويمكرون ويمكر الله} الآية.
لا يقال أن الله تعالى ماكر، قد يوصف بالمكر لكن على وجه العدل، أما المكر على وجه الظلم والتعدي فلا يوصف الله تعالى به.
وفي كل الأحوال لا نطلق عليه اسم الماكر، إنما جاء في الآية على وجه المقابلة، قابل مكر السوء بمكر عقوبة؛ على وجه العدل، فسمّى العقوبة مكرا، لكن عدلا.

أما من ناحية الإطلاق من جهة الإخبار فيجوز؛ حتى ولو لم يرد نص، كما ذكر ابن تيمية وغيره ذلك.

إذا قال عن الله تعالى قديم؛ فهذا لم يرد في الكتاب ولا في السنة، لكن يريد به أنه ليس قبله شيئ، كما تقول الفلاسفة أن العالم قديم؛ بمعنى ليس له من يخلقه، وهذا كفر بلا شك، لأنه نفي لوجود الله تعالى، لكن قول الله قديم بمعنى أزلي، وحتى أزلي لم يرد فيه نص، لكن من باب الإخبار أنه ليس قبله شيئ، ورد اسمه الأول في الآية ..

على وجه الإخبار يجوز إطلاق ذلك، كما يجوز على وجه المقابلة؛ كما ذكرت في الحديث: (تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ..)، فهذا على مقابلة معرفة الإنسان بربه، والرجوع والإنابة إليه، وسؤاله في الرخاء .. فهذا نوع من التعرّف والرجوع إليه .. يعرفك في الشدة، وهذه المعرفة إما على وجه المقابلة، وإما في ذاتها؛ بمعنى حصل العلم بها ..

وليس معناه أن تقول أن الله عارف، لأن المعرفة يسبقها جهل، بخلاف العلم، المعرفة فيها سابق جهل، فلا يوصف الله تعالى أنه عارف، لأنه لا يوصف بالجهل، لأن هذا نقصان وعيب، ويجب تنزيهه تعالى عن كل النقائص والعيوب ..

هذه جاءت على وجه المقابلة أو الإخبار، وعلى هذا الوجه جائز، أما التسمية فلا تجوز، لأنه لفظ ليس بكامل ..
فيه آيات كثيرة يوصف فيها تعالى، لكن لا يسمى بها، وأعطيك مثالا بالمكر، وفيه أشياء أخرى يوصف بها على وجه العدل، لكن لا نسميه بها، ويجوز إطلاقها على سبيل الإخبار أو المقابلة التي تتضمّن عدلا ليس ظلما ..

الاستهزاء مثلا؛ قال تعالى: {الله يستهزئ بهم} الآية، وهذا على وجه مقابلة استهزاء هؤلاء بدين الله وبرسوله .. يستهزئ بهم على وجه العقاب، وليس معنى هذا أن نسميه المستهزئ .."

الفتوى رقم: ٨٦٦
الصنـف: فتاوى الأسرة - انتهاء عقد الزواج - الخُلع
في الخلع من مفرط في حقوق الله
السـؤال:
تزوّجت امرأة منذ أربع سنوات من رجلٍ ظاهره الصلاح، إلاّ أنه في السنة الأخيرة ترك أدَاء الصلاةِ بدون سببٍ، رَغْمَ نُصحها الدائم له، فهل يجب عليها أن تبقى تحت عصمته إذا أصر على فعله؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فيُستحَبُّ للمرأة أن تَخْتلِعَ من زوجها إذا كان مُفرِّطًا في حقوقِ الله هجرا للمعصية وأهلها لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْه»(١)، بل قد يجب عليها أن تفارقه إذا بقي مُصِرًّا على ترك الصلاة خاصّةً، لأنَّ مدارَ كُلِّ الأعمال عليها، وهذا إذا لم يُجْدِ نَفْعًا التذكيرُ بلزوم أداءِ ما فَرَضَ اللهُ عليه، لكونه تَلَبَّسَ بما يكفر به سواء اعتقادًا أو عملاً.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٤ من ذي القعدة ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٤ نوفمبر ٢٠٠٧م
(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده: (١٠)، وأبو داود في «سننه» كتاب الجهاد، باب في الهجرة هل انقطعت: (٢٤٨١)، والنسائي في «سننه» كتاب الإيمان وشرائعه، باب صفة المسلم: (٤٩٩٦)، وأحمد في «مسنده»: (٦٦٧١)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://www.tg-me.com/ferkouss
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ٠١ شعبان ١٤٤٦ هـ)

س: مسألة قول أن الله عارف ..

ج: "أقول وبالله التوفيق:
أولا: فيه أسماء ثابتة، وصفات ثابتة، فالأسماء الخبرية؛ عن طريق الأخبار؛ ظاهرة، والتي تحتوي في ذاتها أسماء متّفقا عليها، وأسماء أخرى غير متفق عليها، فيها ما يتضمّن صفة، وفيها ما يتضمّن اسما وصفة.

الإطلاق قد يطلق من باب الخبر، أو من باب المقابلة، وليس معناه التسمية، لأن الأسماء هذه لها شروط ..

من شروطها أن تكون كاملة؛ تدل على الكمال، فلو قال أحد غنيّ؛ يعني أن الله غني لا يحتاج غيره، غناه من نفسه بنفسه، بينما إطلاقه على العبد فنِسبيّ، قوله غني يمكن أن يكون غنيا بالمال؛ لكن يحتاج غيره في التطبيب، والزراعة، والبناء، وغير ذلك ..

اللفظ، أو الاسم عند إطلاقه على الله تعالى يراد به الكمال، أما الاسم الذي يتضمّن النقصان إما يُحمل على باب الخبر، أي إطلاقه على وجه الإخبار، أو على وجه المقابلة.

على وجه المقابلة؛ كقوله تعالى: {ويمكرون ويمكر الله} الآية.
لا يقال أن الله تعالى ماكر، قد يوصف بالمكر لكن على وجه العدل، أما المكر على وجه الظلم والتعدي فلا يوصف الله تعالى به.
وفي كل الأحوال لا نطلق عليه اسم الماكر، إنما جاء في الآية على وجه المقابلة، قابل مكر السوء بمكر عقوبة؛ على وجه العدل، فسمّى العقوبة مكرا، لكن عدلا.

أما من ناحية الإطلاق من جهة الإخبار فيجوز؛ حتى ولو لم يرد نص، كما ذكر ابن تيمية وغيره ذلك.

إذا قال عن الله تعالى قديم؛ فهذا لم يرد في الكتاب ولا في السنة، لكن يريد به أنه ليس قبله شيئ، كما تقول الفلاسفة أن العالم قديم؛ بمعنى ليس له من يخلقه، وهذا كفر بلا شك، لأنه نفي لوجود الله تعالى، لكن قول الله قديم بمعنى أزلي، وحتى أزلي لم يرد فيه نص، لكن من باب الإخبار أنه ليس قبله شيئ، ورد اسمه الأول في الآية ..

على وجه الإخبار يجوز إطلاق ذلك، كما يجوز على وجه المقابلة؛ كما ذكرت في الحديث: (تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ..)، فهذا على مقابلة معرفة الإنسان بربه، والرجوع والإنابة إليه، وسؤاله في الرخاء .. فهذا نوع من التعرّف والرجوع إليه .. يعرفك في الشدة، وهذه المعرفة إما على وجه المقابلة، وإما في ذاتها؛ بمعنى حصل العلم بها ..

وليس معناه أن تقول أن الله عارف، لأن المعرفة يسبقها جهل، بخلاف العلم، المعرفة فيها سابق جهل، فلا يوصف الله تعالى أنه عارف، لأنه لا يوصف بالجهل، لأن هذا نقصان وعيب، ويجب تنزيهه تعالى عن كل النقائص والعيوب ..

هذه جاءت على وجه المقابلة أو الإخبار، وعلى هذا الوجه جائز، أما التسمية فلا تجوز، لأنه لفظ ليس بكامل ..
فيه آيات كثيرة يوصف فيها تعالى، لكن لا يسمى بها، وأعطيك مثالا بالمكر، وفيه أشياء أخرى يوصف بها على وجه العدل، لكن لا نسميه بها، ويجوز إطلاقها على سبيل الإخبار أو المقابلة التي تتضمّن عدلا ليس ظلما ..

الاستهزاء مثلا؛ قال تعالى: {الله يستهزئ بهم} الآية، وهذا على وجه مقابلة استهزاء هؤلاء بدين الله وبرسوله .. يستهزئ بهم على وجه العقاب، وليس معنى هذا أن نسميه المستهزئ .."
📌 فوائد فقهية من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ٠١ شعبان ١٤٤٦ هـ)

س: مسألة جهر المأموم بالتأمين .. وموافقة لتأمين الملائكة ..

"أولا: فيه النصوص هذه ظاهرها التعارض، لأن فيه الأحاديث التي عوّل عليها مالك ومن تبعه؛ في قوله: (فإذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين ..)، فلم يذكر للإمام قول آمين ..
والأحاديث الأخرى تنصّ على قول آمين، (فإذا أمّن فأمّنوا ..)
والقول بالموافقة أنها موافقة في الصفة والوقت غير صحيح، لأن الفاء تفيد الترتيب من غير تراخي، بمعنى لا يجوز أن يسبقه، ولا يتطابق معه، لأن الإمام يسبقه بآمين، فالفاء تفيد الترتيب والتعقيب، بمعنى يرتّب التأمين على تأمين الإمام من غير تأخير ولا تراخي، ومنه يفهم أن الموافقة تكون بعد أن يقول الإمام آمين ..

يمكن دفع هذا التعارض بأنه في الحديث الأول أو الثاني؛ في كليهما يقول الإمام آمين، لكن قد لا يُسمع الإمام، أو قد يأخذ مذهبا وهو الذي يرى أن الإمام لا يجهر بالتأمين، وحتى أنه ربّما يرى أن المأموم لا يجهر بها؛ مثل ما عند مالك وغيره، يقولها سرّا آمين.
والآخرون يقولون أنه يقول وراءه إما سرّا أو جهرا على خلاف بينهم ..

في كل الأحوال يؤمّن الإمام والمأموم، ولو لم يذكره الحديث ظاهرا، ففهم أن تأمين المأموم يأتي مرتّبا على تأمين الإمام السرّي كحال الصلاة السريّة وإن لم يكن للمأموم التأمين  مع الإمام فيها، إنما يؤمّن لوحده ..
والأحاديث الأخرى تدلّ على الجهرية، (إذا أمّن فأمّنوا ..)، يدلّ على أنه يسمعه، إذا سمعه فهذا معنى الجهر، أن تُسمع غيرك، ما دام يسمعها غيره فمعناه وقعت جهرا، ويؤمّن عليها جهرا، كما جاء أنهم كانوا يؤمّنون حتى يرتجّ المسجد كما في الحديث ..

بالتالي نقول: ليس هناك في الحقيقة تعارض، إنما الحديث الأول: (إذا قال ولا الضالين قولوا آمين ..)، نحمله على أن الإمام يقولها سرّا، والآخر يترك هنيهة مقدار ما يقول آمين ثم يقولها.
وإذا سمعها لا يسبقه بها، ويرتّب مباشرة عليه التأمين.

في الحالتين موجود التأمين، لكن السرية في الأول، بمعنى كانت غير ظاهرة في الحديث، لكن الأخرى تثبتها، كما تحكم أحكام الصلاة فيها فيما إذا صلى منفردا؛ فكذلك المأموم تحكمه أحكام الصلاة، فنحكم فيه عموم الأفعال ..

الإمام إذا قال سمع الله لمن حمده، فالمأموم يقول ربنا ولك الحمد، لكن المأموم نفسه يقول سمع الله لمن حمده، والإمام يقول ربنا ولك الحمد، إذ لو صلى وحده لزم قولها، وليس معناه إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده أنه لا يقول ربنا ولك الحمد، وليس معناه أن المأموم لا يقول سمع الله لمن حمده، إنما يقول الاثنتين معا.

كذلك الإمام في قراءته؛ إذا انتهى يقول آمين، وكذا المأمومون، وإذا صلى وحده كذلك، وكذلك في السرّ، ليس هناك انتفاء آمين .. إنما الأحاديث مثل قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فيها جميع هذا، آمين، وسمع الله لمن حمده، وغيرها .. سواء كان إماما، أو مأموما، أو منفردا، كلها تحكمها العمومات الواردة في النصوص الشرعية، فيجهر بها جهرا يسمع، لا يعني أن يعلو صوته عن المعتاد .."

س: قوله إذا وافق تأمينه تأمين الملائكة، في هذا أحدهما لم يوافق ..

"على كل لمّا تقول الموافقة، حتى يظهر لك الأمر أكثر وضوحا؛ انظر إلى قوله: (قولوا مثل ما يقول المؤذن)، إذا قال الله أكبر، أنت تقول الله أكبر، أما أن تقول معه فلم يأت بالصورة التي أمر الشرع بها، مثل ما يقول بمعنى ما يقول قولوه، كذلك في الصلاة إذا كبّر فكبّروا، لا يجوز أن يسبقه، وإذا سبقه في تكبيرة الإحرام لا تصحّ صلاته ..
ما الفرق بين أن يكبّر بعده، ويؤمّن بعده؟!
كذلك المؤذن يقول مثله ويتوافق معه، يقولها من غير تراخي، وكذلك تكبيرة الإحرام؛ يقولها من غير تراخي، وهذا المراد بقوله: (إذا أمّن فأمّنوا) ..

موافقة الملائكة ونحو ذلك .. ممكن تتوافق مع هذا وهذا في آن واحد، وممكن غير ذلك .. هذه أمور غيبيّة، ربما تتوافق معهما في آن واحد، ولا نعرف تأمينهم كيف، صفته البشرية نعرفها، أما الملائكة كيف تؤمّن تأمينا أولا وثانيا، أو غير ذلك .. هذا نجهله.
وهل يقال أنه يكون موافقا للإمام في ركعته الأولى وللمأموم في الثانية .. لا ندري ..

لكن نقول أن فيه الموافقة عندما توافق نص الحديث، وبالفهم العربي، فالفاء تفيد الترتيب والتعقيب .."
💥 جديد الفوائد 💥

سئل فضيلة الشيخ فركوس؛ في النّهي عن صيام النّصف الثّاني من شعبان  لمن لم يصم النّصف الأوّل..

فكان ممّا أجاب به حفظه اللّه:
جاء في حديث أبي هريرة الذي صحّحه الألباني قال رسول الله عليه و سلم - مرفوعا - إذا انتصف شعبان فلا تصوموا.  فتضمن النهي فلا تصوموا.. ثم جاءت أفعال النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام. ونحن  مطالبون عند التعارض بين أفعاله أو أقواله أن نقدّم القول.. ذكر ابن تيمية أنه إذا تعارضت أقواله مع أفعاله، فنحن مطالبون بتقديم أقواله لإحتمال أن الأفعال قد تُحمل على الخصوصية و ممكن فيه أمورا يفعله تعبدا فتكون مشروعة له دون غيره صلى اللّه عليه و سلم..

أما الشوكاني له رأي آخر بالنسبة للأصول كيف تُطبق.. هل عموم الخطاب شامل للنبيّ صلى اللّه عليه و سلم أو غير شامل.. هل المخاطب يدخل في الخطاب، هل النبي يدخل في العموم إذا أمر باجتناب شيء هل يدخل فيه أو لا.. الجمهور على أنّه يدخل فيه و يخرج بالدليل أما من قال بما اختاره الشوكاني قال لا يدخل فيه.. أي إذا أمرك بشيء و فعل ضده فأنت مطالب فيما أمرك به.. أما ضده فهذا حكم له.. لأنه لا يدخل في الخطاب.

بناءً على هذا القول نقول أنّ صيامه حكم له و يُستثنى منه من له عادة أو كان يصوم الإثنين و الخميس أو يصوم ما استتر من القمر أي عند انتهائه  أو صيام داوود يكمل الصيام .. للحديث ".. إلا رجل كان يصوم ذلك اليوم فليصمه.. "

إذا هنا مبدئيا .. مثلا قال الرسول صلى الله عليه وسلم  لا تستقبلوا القبلة ببول ... الحديث. و قد ثبت في حديث آخر عن  النبي أنه كان مستقبلا القبلة مستدبرا  الشام و جاء في حديث اخر مستدبرا الكعبة و مستقبلا الشام ، المسألة فيها سبعة أقوال..

المطلوب عندنا أقواله لأنه أعلم بهذا حتى لو أخطأ جاء التنبيه الإلهي أو التأييد الإلهي، فنحن مطالبون بإتباع القول.. نعم لو كان فيه مجال للجمع و نحو ذلك ممكن أن تقول الحديث  فيه مقال و فيه ضعف هنا نعم  و لكن الشيخ الألباني صحّحه و صحّح عدة طرق له. لو قيل مثلا طريق الحديث ضعيف و لو ذهبت للضعف نعم. تذهب لأفعاله مباشرة.. و لكن مادام الحديث صحيح ، الأمر واضح..  و لو كنت مبرزا في علم الحديث و تخرج أن الحديث ضعيف و ترد على كلام المحدثين و ينتهي بك أن الحديث ضعيف و تعمل بأفعاله  فنعم.. و لكن لما كان أهل الاختصاص قالوا بالصّحة و تعمل على أساس أنك طائعٌ لله و تعمل بالحديث ، و ان كانت لك عادة تتمها مثلا من يصوم  الاثنين و الخميس وغيره كما قلت آنفا. والعلم عند اللّه. "

ونقله من مجلسه المبارك
محمد الأمين جهدو 
يوم الجمعة 8شعبان 1446
الموافق ل7فبراير 2025
قال ابن القيم رحمه الله :

لو صلَّى العبد على النبي ﷺ بِعَدَدِ أنْفَاسِه لم يكن مُوَفِّيًّا لحقه .

[جلاء الأفهام(٤٦٢)].
في حكم خروج العروس بالجلباب الأبيض يومَ زفافها
السؤال:

هل يجوز للمرأة الخروجُ بجلبابٍ أبيضَ مِنْ بيتها؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالظاهر ـ واللهُ أَعْلَمُ ـ أنَّ فيه معنَى لباسِ الشُّهرة(١) وتشبُّهًا بالفستان الأبيض للعروس عند النصارى(٢)؛ فالأَوْلى تركُه والعدولُ عنه إلى غيره.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في ٢٦ مِن ذي الحجَّة ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ يناير ٢٠٠٧م

لشيخ فركوس حفظه الله
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ٠٨ شعبان ١٤٤٦ هـ)

س: أحسن الله إليكم سماحة الوالد ونفع بكم، وأطال عمركم في طاعته.
هذا سؤال لأحد التجار  وعمله في أسواق منطقته.
و مما تعارف عليه الناس عندهم أنهم إذا رأوا سارقا في السوق نادَوا عليه (سارق سارق) فينبطح كل الناس، ويبقى السارق وحده يجري، فيقعون عليه ضربا بالعِصي. فبعض هؤلاء السُراق يموت من شدة الضرب، وبعضهم ينجو ولكن بإصابات بليغة.
وسؤال هذا الأخ يقول: هل عليّ أن أفضح السارق إذا رأيته ليُفعل به ما ذكرتُ لكم -مع العلم أنني لا أستطيع أن أُوقف الناس إذا انهالوا عليه بالضرب- ؟!
ومن جهة أخرى إذا ذهبت إلى السارق ونصحته بيني وبينه فقد يكيد لي هو أصحابه؛ إما بعد تفرق السوق، أو في سوق آخر، لأن هؤلاء يُتَوقع منهم كل شيء، لأنهم يجنون من السرقة مبالغ ضخمةََ، لأن أغلبية التجار عندهم الأغنام، ويأتون بالمال للشراء والبيع ... و ما إلى ذلك، فما الواجب علي؟!
وما توجيهكم؟! وجزاكم الله خيرا.

"ينبّه المسروق منه ..
إذا كان مآله الموت؛ لا يجوز هذا، لأنه حتى ولو سرق؛ يجب أن تكون من حِرْز، فإذا أخذها ننظر جميع الشروط:
- أن يكون أخذها من حرز.
- وألا يكون دائنا لذاك الذي أخذها منه.
- وألا يكون في مجاعة، أو له أولاد في مجاعة .. وغير ذلك، فهناك شروط ..
هذه الشروط إذا تحقّقت؛ فهناك قطع اليد؛ لا الموت.

إن ضربوه حتى مات؛ وليس لهم نية القتل، لكن عليهم الديّة، وصيام شهرين، وإذا لم تعرف من قتل فمن ضربوه كلهم لهم هذا الحكم، وكذا قضى علي عندما حفروا حفرة لأسد، ثم تزاحموا لرؤية الأسد، وتدافعوا فسقطوا فيها، والتهمهم، فضمّنهم جميعا (من كانوا هناك) ..
كمن يجتمعون على قتل إنسان عمدا، وإن لم يقتل لكنه معهم، فيعدمون كلهم لأنهم اشتركوا في قتله ..
كذلك إذا اشتركوا في السرقة ..

الحاصل: ينبّه الشخص، يقول انظر حافظتك مثلا .. أما هذا الضرب دون توقّف؛ وربما يضرب للرأس فتصيب منه مقتلا فيموت؛ فلا ..
إذًا ينبهه مباشرة، وربما يتكلم أو يقول احذر لينبه الآخر ..

هذه كلّها داخلة في منكرات الأسواق، وهي كثيرة جدا، لهذا هذه الأسواق هي أبغض الأماكن إلى الله تعالى، يكثر فيها الكذب، والصّخب، والخداع، والسرقة، والغش، وغير ذلك ..

لذا إذا رأى هذا؛ إما يكون قريبا منه فيمسك يده لينبه الآخر .. وإن كان بعيدا فيناديه، ولا يقول (سارق ..) ليخرجوا عِصيّهم، فيكون سببا في موته، ويدخل معهم في صيام شهرين .. لأنه هو من نبّههم.

إن كانت لهم نية القتل؛ فيستوجب هذا القتل، النفس بالنفس.
أما إن ضربوه للإيلام أو الوجع؛ ثم مات، فيضمنونه، ويُكفِّرون عن القتل الخطأ بصيام شهرين متتابعين لعدم وجود رقبة يعتقونها ..

لم أقل يسكت عن المنكر، ينبّه المسروق منه، إن نادى (سارق ..) فهو يتحمّل المسؤولية، فيجتنب هذا، لألّا يدخل في سبب القتل، ولألّا يدخل في المعترك هذا، يقول انتبه وانتهى .. وإذا ناداه فقط لا يدخل معهم في هذا، وإذا أنكر المنكر فيكون بالتنبيه فقط، لألّا يوقع الشخص في الحرام .."
📌 من درر شيخنا -حفظه الله- في ردّه على سؤال حول دعاة الوطنية .. فلا تزايدوا علينا ..
(الجمعة ١٥ شعبان ١٤٤٦ هـ)

"مبدأ الوطنية؛ إذا نظرت بنظرة غير شرعية؛ ستخرج في طرق غاية في الفساد، وتقول لستم وطنيين .. نحن نحب الوطن أن يكون على خطى شرعية، دينية قويمة، نحب له الخير، لا نحب أن يكون قبوريا صوفيا .. لنحبّه، نحب أن يكون على طريق سليم، ونبقى نحبه دائما وأبدا محبة طبيعية، ونحب لأهاليه أن يكونوا على قلب رجل واحد في الإيمان، والتقوى، والصلاح.
وكلّ المظاهر المنافية للدين يجب أن نحاربها، حاربتها جمعية العلماء، وحاربها ابن باديس، والعقبي، والبشير الإبراهيمي .. حاربوا كل مظاهر الفساد في الشوارع، والمنتديات التي تنتاب، وحاربوا الصوفية، واللائكية، والتنصير .. ولازالت مقالاتهم منشورة، يحبون وطنهم على الصلاح، وتبقى دائما محبة طبيعية .."
📌 فوائد وتوجيهات من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ١٥ شعبان ١٤٤٦ هـ)

س: بماذا تنصحني في زمن الفتن؟! .. خاصة أني لست متزوجا ..

ج: "الفتن ليست خاصة بك، هي عامة، والفتن أنواع؛ فتن الشبهات، وفتن الشهوات.

فتنة الشبهات خاصة في أمر الدين، والعقيدة .. كثيرة، لو لم يتمسّك بالحق لضاع، لهذا جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الكتاب، والسنة، وفي أحاديث فهم سلف الأمة؛ طريقا للابتعاد عن كل الفتن، والشبهات التي قد يقع فيها كثير من الناس، لأن الكثير هم الفرق الضالة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ..) الحديث.

فدل ذلك على أن هذه السنة؛ هي ما عليه أصحابه -رضي الله عنهم- في العقيدة، أو الأخلاق .. يتمسّك بها، أما الأمور التي تَرِد على العقيدة، أو المنهج، فيعرفها من خلال من سلك طريق الصحابة، من تابعين، وتابعيهم، وتابعين لهم بإحسان .. يرجع إليهم، ويعرف المسلك الصحيح، ويفهم الشبهات التي قد يضعها المعتزلة، والإباضية، والصوفية، والشيعة، وغيرهم من المذاهب الكثيرة .. يُبدّدون، ويُشتّتون الأفكار، ويبعدون عن الصراط المستقيم ..
ويدعو دائما أن يثبّته الله على الطريق المستقيم، وأن يمكنّه، ويُنوّر طريقه بالعلم النافع، والعمل الصالح، ليكون من أهل الصلاح والتقوى.

أما فتنة الشهوات: فيه فتنة النساء، وفتنة المال، وفتنه الدنيا وزخارفها، وفتنه المناصب، فتن المحيا ككل ..

• إذًا ينظر إلى هذه كيف نصّ الشرع مثلا على مسألة فتنة النساء، وما أمر به النساء من المكوث في البيت، وعدم الخروج إلا لضرورة أو حاجة، ويعرف كيف يتعامل الرجل مع المظاهر هذه؛ بغضّ الطرف، والزواج لمن خشي الفتنة وله الباءة ..

• فتنة الأموال أيضا؛ قد يكون المكسب فيها حراما، ويكون سريع الدخل، وكثيرا، فتجده بين المعادلة؛ بأن يتقي الله، أو يدخل في معتركه، إما أنه لا يدخل في معتركه، أو يدخل ويقدّم الدنيا على الدين، ويتجاوز التحريمات هذه، ويقفز عليها؛ لينال رغبته، ويحقّق طموحه، ولو بطريق محرّم، لذا تجد أناسا لا يبالون، يعمل في البنك، والربا .. وغايته وسعيه هو المال، ولا يهمّه، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أُعطي رضي، وإن لم يُعْطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شِيك فلا انتقش ..) الحديث.
فإذا أصابته شوكة في سعيه فليس له وقت ليزيلها ..

هذا غالبا يُلهيه المال عن العبادات، وعن ذكر الله كثيرا، وعن الواجبات المُناطة به؛ الأسرية، وتجاه ذوي الأرحام .. فتجده لا مجال له، لأن همّه المال والدنيا، والكسب، وتجده يستعمل كل وسيلة؛ سواء باطلة، أو صحيحة في ذاتها ولكن ليست وسيلة لذلك؛ يستعملها لتحقيق ما يريد، يدخلها جميعا دون خوف من الله، وقد يستعمل حتى وسائل صحيحة في ذاتها كالدعوة إلى الله .. وهي لا تصحّ للتكسّب، إنما لنشر دين الله، ويطلب من الله لا من الناس ..

فهذه فتن، نقول في مثلها: عليه أن يتقي الله، ولا يؤسّس أمره ويجعله مبنيا على قاعدة مكيافيلي: الغاية تبرّر الوسيلة، ولا يسعى دائما بوسائل غير سليمة وخبيثة، إنما يأخذ مالا حلالا زلالا؛ من غير عدوان ..

• فيه فتنة المناصب؛ والآن في عصرنا فتن أخرى كثيرة ..

• فتنة كرة القدم، أو غيرها، وكرة القدم لها نصيب الأسد، ينهض باكرا، ويذهب بعيدا، وربما في الليل، ويبقى هناك ساعات، لا صلاة ولا غيرها .. تسمع فقط أهازيج، يحب فلانا من اللاعبين، وتقول له عن صحابي لا يعرفه .. أما لاعبي الخارج والداخل يعرفهم، وهو لا يعرف لا السيرة ولا غير ذلك .. مفتتن باللاعبين، والسعي وراء هذا، والشحناء والبغضاء بين الفرق عموما، وغالبا يدخل في صراعات .. ويبقى حديث اليوم والليلة على الكرة، ينام وينهض بها ..

هذه فتنة كبيرة، بأنه يضيّع كثيرا من الأمور، يضيّع الصلاة، وطلب العلم؛ وهو واجب عليه ليعرف أمور دينه؛ من باب أولى معرفة المعبود وهو الله تعالى، والعبادة، وأصول الدين، والعقائد، وأصول الإيمان؛ كالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، يجب أن يعرفها.
وتجده مضيّعا لها، وربّما يضيّع حتى أمّه وأباه، ومنشغل فقط بالكرة.

• الغفلة لا تحصل مع الكرة فقط، تحصل مع الصيد أيضا .. (وذكر الشيخ قصة لجاره كان هكذا حاله لسنوات ..)

• فتنة السلطان أيضا؛ فتنة كبيرة، وقد كان السلف يبتعدون عنه، لأنه يأمر بما هو منهي عنه، وإن لم تُطبّق يُطبّق عليك، وإن طبّقت أغضبت الرحمن، والناس يبحثون عن المناصب لأنها تدر ّ عليهم الأرباح، فهم يطبّقون ليأخذوا المال .."
📌 فوائد وتوجيهات من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ٢٢ شعبان ١٤٤٦ هـ)

س: خرجت فرقة لا يصلون الجمعة، ولا الجماعات، ويكفرون أئمة المساجد، والحكام .. ويرمون غيرهم بالإرجاء .. وبسببهم صارت الدعوة في قهقرة .. فكيف نتعامل معهم؟! ..

ج: "هؤلاء دائما تجدهم، وجدناهم في الثمانينات، ظهرت مجموعة في البليدة هكذا وغيرها .. تركوا الجمعة، والجماعات، وقالوا أن الجزائر دار حرب، وليست دار إسلام، ثم استفحل أمرهم، ثم دخلوا مع جبهة الإنقاذ .. وأفسدوا ما أفسدوا ..

هؤلاء لابد لهم من إنسان يناظرهم، تكون له قدرة على ذلك، إذا استجابوا لذلك المجلس يُقنعهم أولا أنها ليست دار كفر، إنما دار إسلام، والمعيار في جعلها دار كفر أو دار إسلام يختلفون فيه:

١- الأحناف؛ يقولون: أن المعيار هو الحكم.

٢- وأهل السنة عموما؛ يقولون: أن المعيار هو الشعار المقام، إذا كانت هناك المساجد، والصلوات، والجمعة، والأعياد، ورمضان، والحج، وغير ذلك من الشعائر ظاهرة؛ فهو بلد إسلام، ولو كان فيه فسوق وفجور، وليس المعيار الحكم.

ينظرون إلى عامة ما يقام في البلد من شعارات، كرفع الأذان، والناس يأتون إلى الجمعات، وليس فيه قمع لهذه الشعارات، وكانت على الأصالة.

هم يقولون أنك تجد في أرض الكفر مساجد، وغير ذلك من الشعارات، لكن هم يمنعون الأذان إلا داخل المسجد، ويمنعون الأضاحي إلا في المجازر الخاصة بهم حيث يذبح الخنزير أيضا .. حتى لا يظهر هذا الشعار، وتُفرض الرسوم والضرائب على من وجدوه يذبح في بيته؛ وخرجت الدماء من عنده، ويضعون عليه رسما يدفعه ..

هذه الشعارات قد يقول قائل أنها موجودة حتى في بلاد الكفر، لكن نقول أنها مطموسة هناك، وليست على وجه الأصالة.

إذا حاججتهم في هذه المسألة الأولى، وأثبتت أنها دار إسلام؛ فعليهم أن يُثبتوا أن الجمعة والجماعات لابد أن تقام، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ابتداء لم يُصلّها، لأنه كان في دار كفر، ولما دخل المدينة صلاها .. لذا أُمِروا بالهجرة ..

إذًا تُثبت لهم هذا أولا، وسيأتونك بشبهة الحكم، وغير ذلك .. لكن هذا ليس عليه أهل السنة، فالحكم كما يكون في أعلى الهرم؛ يكون في أدناه، فتجد حتى الأب في أسرته لا يحكم الشرع، فالحكم من حيث تطبيقه عام للكل ..

تسألهم: هل هم يطبقون كل الأحكام؟!
وتناقشهم في هذا الباب، وإن أثبتت لهم أنها دار إسلام؛ وجب أن ينصاعوا إلى وجوب الجماعة والجمعة ..

خطوة بخطوة، ولا تزال الشبهات .. وإلا تبقى هذه الشبهات إذا لم يتم الإقناع بالدليل، وسيعمدون إلى آيات نزلت في الكفار؛ ينزلونها في المسلمين، وهذا هو منهج الخوارج، والله المستعان."
الحمد لله .. وبعد،
قد تُبتلى في بدايات الشهر بشيء من #قسوة_القلب وعدم التلذذ بالعبادة وإحساس المشقة فيها .. وهذا أمر طبيعي لأمثالنا.
فإذا ابتليت بمثل هذا، فأحسن الظن بربك ولا تقل أُغلقت الأبواب في وجهي وأنا غير موفق وليس لي نصيب من القبول .. هذا كله شر والله فاجتنبه.
ثم أقم نفسك على العبادة ولا تطاوعها.
نفسك الآن تدعوك للانصراف عن #الطاعة وكل الأسباب الظاهرة من قسوة ويأس ووجع وشهوة وزينة دنيا مهيئة لهذا الانصراف؛ فلا تنصرف عن طاعات الشهر؛ بل اصطبر  على ما تجد؛ فإن العاقبة لك.
وقد يجد الإنسان مثل هذا الانصراف وانعدام اللذة، فإذا ثبت لأمر الله انقلبت أحواله ووجد من الأنس بالله والاستبشار شيئًا كثيرًا.
والأهم من هذا كله: لا تجعل عبادتك موقوفة على إحساسك النفسي من #التلذذ بالطاعات؛ بل أنت تعبد الله حال اللين والقسوة وأجرك على الله.

(أحمد سيف).
#جديد الفتوى رقم: 001  [مِنْ مَجْلِسِ الْمَكْتَبَةِ بِالْقُبَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الإثنين 3 رمضان 1446 هـ الموافق لـ 03 مارس 2025 م
الصِّنْفُ: َتَاوَى_مَنْهَجِيَّة 
🖋[حُكْمُ طَاعَةِ الْحَاكِمِ فِي تَبْدِيلِ الشَّعَائِرِ الدِّينِيَّةِ] 

📜نَصُّ #السُّؤَالِ: 
شَيْخَنَا الْفَاضِلُ، أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكُمْ وَبَارَكَ فِيكُمْ، وَزَادَكُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَعِلْمِهِ، وَجَعَلَكُمْ ذُخْرًا لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. 

لَقَدْ تَفَضَّلْتُمْ -حَفِظَكُمُ اللهُ- بِالْإِشَارَةِ إِلَى تَجَرُّؤِ بَعْضِ الدُّعَاةِ عَلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ لَبْسٍ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، خَاصَّةً فِي ظِلِّ غُرْبَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَازْدِيَادِ الْفِتَنِ. 

وَرَدَ كَلَامٌ مِنْ بَعْضِ الدُّعَاةِ أَنَّ مِنَ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَامَّةِ وُجُوبُ  طَاعَة وَلِيّ الْأَمْرِ، طَاعَةً مُطْلَقَةً، وَمَنْ خَالَفَهُ وُسَمَ بِالسُّرُورِيَّةِ. 

إِذَا قَرَّرَ وَلِيُّ الْأَمْرِ إِلْغَاءَ شَعِيرَةِ الْأُضْحِيَّةِ وَالذَّبْحِ بِحُجَّةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى النَّسْلِ، بِنَاءً عَلَى اجْتِنَابِ مَفْسَدَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ أَوْ مُتَحَقِّقَةٍ مَعَ إِمْكَانِيَّةِ اسْتِيرَادِ الْأُضْحِيَّةِ مِنْ قِبَلِ الْخَوَاصِّ أَوِ الدَّوْلَةِ. 

فَمَا هُوَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَالْمَوْقِفُ الصَّحِيحُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وِفْقَ الْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْقَوَاعِدِ الْمَنْهَجِيَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ. 

جَزَاكُمُ اللهُ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَنَفَعَ بِكُمُ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ. 

🎙َوَابُ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ الْمُعِزِّ مُحَمَّد عَلِي فَرْكُوس حَفِظَهُ اللَّهُ: 

الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَإِخْوَانِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ: 

لَا تَحْتَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إِلَى جُهْدٍ لِبَيَانِ هَذَا الْأَصْلِ، خَاصَّةً إِذَا كَانَتْ شَعِيرَةً مِنْ شَعَائِرِ اللهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي شَعَائِرِ اللهِ أَنْ تُرْفَعَ لَا أَنْ تُوضَعَ. شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ وَالتَّكَالِيفُ مَنُوطَةٌ
بِالْقُدْرَةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ عَلَيْهَا وَلَا تَكْلِيفَ إِلَّا بِمَقْدُورٍ. 

بِنَاءً عَلَى قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الْبَقَرَةِ: 286]،  وَأُصُولُ الْعِبَادَاتِ تَكُونُ مَبْنِيَّةً عَلَى الِاسْتِطَاعَةِ. مِثْلَ عِبَادَةِ الْحَجِّ لِمَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَالشَّعَائِرُ عَلَى رُؤُوسِ الْعِبَادَاتِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُضَحِّ، وَمَنْ لَا يَسْتَطِيعْ فَلَا يُضَحِّي، لِهَذَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» (صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ).  إِذًا لَا تَكْلِيفَ إِلَّا بِمَقْدُورٍ وَلَا تَخْيِيرَ إِلَّا بَيْنَ مَقْدُورٍ وَمَقْدُورٍ.

وَإِذَا خَلَا الْمُجْتَمَعُ مِنْ شِيَاهٍ أَوْ مِنْ أَضَاحٍ، دَخَلَ فِي عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ. فَإِذَا وُجِدَتِ الْأُضْحِيَّةُ فَبِحَسَبِ الْمَقْدِرَةِ الْمَادِّيَّةِ. 

وَإِذَا خَلَا الْمُجْتَمَعُ كُلُّهُ مِنَ الشِّيَاهِ وَلَمْ يَجِدِ الْإِنْسَانُ بِمَا يُضَحِّي فَهَذَا دَاخِلٌ فِي عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَالْأُضْحِيَّةُ كَذَلِكَ تَدْخُلُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ فَالْحَاكِمُ طَاعَتُهُ لَيْسَتْ مُطْلَقَةً وَهِيَ مَقِيدَةٌ بِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِمَا فَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. وَمِنْ حَيْثُ الْمَبْدَأُ الْعَامُّ، الْأُضْحِيَّةُ مِنَ التَّكَالِيفِ وَمِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ. وَالْحَدِيثُ: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِي لِأَجْلِ الدَّافَّةِ» فَنَهَاهُمْ عَنِ الِادِّخَارِ  وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِن إِقَامَةِ الشَّعِيرَةِ. 

فَمِمَّا سَبَقَ ذَكَرْنَا ثَلَاثَ قَوَاعِدَ يُمْكِنُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَمْشِيَ بِهَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَاتِ: 
أَوَّلًا: الشَّعَائِرُ تُقَامُ. 
ثَانِيًا: لَا تَكْلِيفَ إِلَّا بِمَقْدُورٍ وَالِاسْتِطَاعَةِ. 
ثَالِثًا: بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ، الْمَعْرُوفُ أَنَّ طَاعَتَهُ فِيمَا فِيهِ طَاعَةُ اللهِ وَرَسُولِهِ، أَيْ طَاعَتُهُ لَيْسَتْ مُطْلَقَةً، إِنَّمَا طَاعَتُهُ فِي طَاعَةِ اللهِ. فَإِنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ، فَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. فَالطَّاعَةُ مَقِيدَةٌ بِالْمَعْرُوفِ.
#جديد_الشيخ_فركوس_حفظه_الله

[ في العلاقة بين الصفات الفعلية والصفات الذاتية ]

السؤال :

عندما يتأمل الطالب في الصفات الفعلية يجدها باعتبار آخر أنها تقوم الى أن تكون صفات ذاتية ، وما قاله لي بعض الإخوة أن بعض المشايخ السلفيين ذكر أن جنس الصفات الفعلية أنه ذاتي ، فنريد مزيد توضيح وجزاكم الله خيرا ؟

الجواب :

{ الصفات الفعلية لله سبحانه وتعالى تدخل في صفة القيّومية وهي صفة القيّوم ، الصفة الفعلية لا تقوم بوحدها لابد لها من ذات ، بمعنى أن القيّوم لا بد له من حيّ ، الحيّ القيّوم .

الحيّ هي صفة ذاتية لازمة والقيّوم صفة فعلية ، الصفة الفعلية لا تقوم بغير ذات تقول مثلا : الله تعالى يتكلم صفته صفة الكلام ، الكلام صفة ذاتية ، التكلم صفة فعلية ، لكن لما يتكلم الله تعالى يتكلم وله صوت يُسمع وله حرف عند أهل السنة والجماعة ، بمعنى التكلّم لا يقوم لوحده ، مثلا : (( وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا )) ، مجيء الله سبحانه يوم الحساب والقضاء ، يجيء وهذا المعنى فعلي لكن مجيئه يجيء بذاته ، ((وينزل ربنا إلى السماء الدنيا )) ، النزول هذا نزول فعلي بمعنى صفة فعلية لكن عند أهل السنة والجماعة أنه ينزل بذاته ، وينزل بذاته وهو الملزوم وينزل معه لازمه ، ولازمه هو رحمته وأمره .

فاهل الأهواء والبدع يقولون أن الله تعالى لا ينزل بذاته وإنما ينزل أمره ويقولون إنما ينزل رحمته ، وأهل السنة والجماعة يُثبتون اللازم والملزوم ويقولون إن نزوله صفة فعلية ينزل بذاته .

لا يمكن للصفة الفعلية أن تقوم لوحدها  فلا بد أن تقوم بالذات ، فمثلاً : الإبصار هو فعل فهو صفة فعلية لا تنفك عنه ، ما أثبته الله تعالى واثبته رسوله أن لله تعالى عين  (( تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا )) ، فالإبصار لا يقوم وحده لا بد له من عين ، فإننا نثبت ما أثبته الله سبحانه وتعالى وإذا أثبتنا الصفة الفعلية نقول إن هذه الصفة الفعلية لا تقوم لوحدها ، لأن الصفات الفعلية جميعها ترجع إلى القيّومية ، اي إلى صفة القيّوم والقيّوم يقوم الله تعالى بها إرادة  ، ولكن لا تنفك عن فعله أو عن ذاته ، بمعنى أنها من ذاته .

الله تعالى إذا أمر شيئاً بأن يُخلق يقول له : (( كن فيكون )) ، ولكن كن فيكن مرتبط بمشيئته ، وهي صفة مرتبطة ايضا بقدرته ولهذا قال : (( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )) ، كن  : هذا هو أمره ،  وأمره وكلامه ، هو صفة فعلية والكلام صفة ذاتية .

هو أمره محدث لكن كلامه قديم ، يعني أنه أزلي موجود مع الله تعالى كان يتكلم أولاً ، لكن الفعل الذي خلق  في " كن " كان حادثاً ، ولهذا يقولون أنه يتكلم كيف شاء ومتى شاء ولكلامه صوت يُسمع ولأنه قديم النوع بمعنى أنه أزلي ، يعني لا أول له ، هو الأول لأن الصفر ما قبل الاول لا شيء ، هو الأول وهو الآخر ، فإذاً هو أزلي كان ولم يكن قبله شيئ فكان أزلي ، فلا يزال الله تعالى يخلق كما جاء عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

فإذن حاصله : " الصفات الفعلية لا تقوم لوحدها فلا بد لها من صفة ذاتية " ، إما أن تكون هذه الصفة الذاتية تتعلق بالكلام أو بالذات أو بالقدرة والإرادة ....
كل هذه ذاتية ترتبط بالحياة وهو الحيّ وهو صفة ذاتية لله تعالى يجب تنزيه الله تعالى عن كل الصفات السلبية وهي النقائص والعيوب مثل : الموت والنوم ،  ((وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَىِّ ٱلَّذِى لَا يَمُوتُ  )) ، (( اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ )) ، فهذه الأمور كلها مقرونة بالبشر فالله تعالى منزه عن هذه الأمور وكل النقائص والعيوب } . اه

كتبه الأخ: أيمن السلفي المالكي

6 رمضان 1446 هجري
6 مارس 2025 نصراني
2025/03/09 02:41:10
Back to Top
HTML Embed Code: