Telegram Web Link
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه
اللهم أفتح علينا بفتحك العظيم و يسر أمورنا بتيسيرك المبين و وفقنا بتوفيقك إنك على كل شيئ قدير
لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الضالمين
لا تنسوا الدعاء لأنفسكم و للمسلمين و المسلمات و لا تنسوا اخواننا في فلسطين اللهم انصرهم نصر عزيز مقتدر.
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (يوم الثلاثاء ٢١ المحرم ١٤٤٥ هـ)

سؤال حول علاج ضعف همة طالب العلم في بعض الفترات ..

"النبوغ غالبا يكون للأقوياء؛ وهذا موهبة من الله ..
- تفتر الهمم بدخول المعاصي.
- تفتر الهمم لما تتحول نية الطالب الإخلاصية إلى نية أخرى، كالبحث عن المال ..
- تفتر الهمم بتواجده مع عوام وليسوا طلبة علم، حديثهم ليلا نهارا على أمور الدنيا؛ فلا يتباحثون ولا يتدارسون...
- تفتر الهمم لأن له مشاكل عائلية...
وغيرها من الأسباب...

يحاول أن يبعد كل هذه الشواغل، ويخلص هذه العبادة لله، ويخلص العلم طلبا ودعوة لله... وهذا يتعلق بالإخلاص في العبادة.

فعليه أن يجتهد في الابتعاد عن هذه الشواغل، فيكون مخلصا لله، لا يبتغي الدنيا، ولا يبتغي التفوق بين الأقران -وهذا مما يؤخره عن العلم- .. فيحب للناس الخير، كما أعطاه الله هذا العلم فلابد أن يحب لغيره ما أحب لنفسه.

مادام عنده علم؛ يحاول أن يبينه للناس، فهذا الميثاق الذي أخذه الله على أهل الكتاب."
▪️تذكير:

نُذكركم بأن فضيلة الشيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ يفتح هاتفه صباح يوم الجمعة مِنْ حوالَيْ التاسعة والنصف إلى الحادية عشرة صباحا تقريبا.

على الرقم:
00213661666161
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في حكمِ القَاتلِ العَمدِ لِمُتلبِّسٍ بجريمةِ الزِّنا!

فهذه المسألة تتعلَّق بجرائم الزِّنا والشَّرفِ، ويُفرِّقُ العلماءُ في حكم القتل فيها بين جهة الدِّيانة (أي: بينه وبين الله تعالى)، وبين جهة القضاء (أي: في حكم القاضي).

فإنِ ارتكبَ الجاني القتلَ بدافعِ الغَيرَةِ على عِرضِه وشَرفهِ فلا شيءَ عليه دِيانةً [أي: فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى] إِنْ كان صادقًا في قولِهِ؛ قال ابنُ تيميَّةَ ـ رحمه الله ـ: «ومَنْ رأى رَجُلًا يَفجُرُ بأهلِه جاز له قتلُهما فيما بينَهُ وبين اللهِ تعالى، وسواءٌ كان الفاجِرُ مُحصَنًا أو غيرَ مُحصَنٍ، معروفًا بذلك أم لا، كما دلَّ عليهِ كلامُ الأصحابِ وفتاوى الصَّحابةِ؛ وليس هذا مِنْ بابِ دَفعِ الصَّائِلِ كما ظَنَّهُ بَعضُهم، بل هو مِنْ عُقوبَةِ المُعتَدِينَ المُؤذِينَ»(١).

أمَّا مِنْ جهة القضاءِ، فإِنْ لم يأتِ القاتلُ ببيِّنَةٍ على زِنَا المقتولِ بابْنَتِه، أو طالبَ أولياءُ المقتولِ بالقِصاصِ في حالةِ ما إذا لم يأتِ بأربعةِ شهداءَ، فإنَّ الحكمَ على القاتلِ القَوَدُ أي: القِصاص، وهو مذهبُ الجمهور، لأنَّه لو صُدِّقَ كُلُّ مَنِ ادَّعى بأنَّه وجَدَ مع امرأتِه رَجلًا وهما يَزنِيَان ولم يُقِمْ بيِّنةً، لكان كُلُّ مَنْ نَقَمَ على شخصٍ شيئًا وأراد قَتْلَه يكفيه أَنْ يحتال عليه فيُدخِلَه دارَه ثمَّ يقتلَه ويتنصَّل مِنْ دمِه بمُجرَّدِ دَعوَى الاعتداءِ أو المُراودةِ لحريمه، فلَزِمَتِ البيِّنةُ حالتَئِذٍ، ويدلُّ عليه حديثُ سهلِ بنِ سعدٍ السَّاعِديِّ رضي الله عنهما أنَّ عُوَيمِرًا العَجْلانِيَّ جاء إلى عاصمِ بنِ عدِيٍّ الأنصارِيِّ رضي الله عنهما، فقال له: «يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا: أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا»(٢)؛ قال ابنُ بطَّالٍ ـ رحمه الله ـ: «في قولِ عُويمِرٍ: «أرأيتَ رجلًا وجد مع امرأتِه رجلًا: أيقتُلُه فتقتُلونَه؟» وسكوتِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ذلك، ولم يَقل له: لا نقتُله، دليلٌ على أنَّ مَنْ قتَلَ رجلًا وجَدَه مع امرأتِه: أنَّه يُقتَلُ به إِنْ لم يأتِ ببيِّنةٍ تشهدُ بزِناه بها؛ قال الطَّبريُّ: وبذلك حَكَمَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ: إِنْ لم يأتِ بأربعةِ شُهَداءَ فلْيُعطَ بِرُمَّته(٣)»(٤)؛ وفي معنَى قولِ عليٍّ رضي الله عنه: «إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ» قال ابنُ عبدِ البَرِّ ـ رحمه الله ـ: «معناهُ عنده: فَلْيُسَلِّمْه بِرُمَّتِهِ إلى أولياءِ القتيلِ يقتلونه، وقِيلَ: يُسلَّمُ إليهم بِحَبْلٍ في عُنُقِه لِلْقِصاصِ إِنْ لم يُقِمْ أربعةً شَهِدُوا عليه بالزِّنى المُوجِبِ للرَّجْمِ... وعلى قولِ عليٍّ رضي الله عنه جماعةُ فُقَهاءِ الأمصارِ وأهلُ الرَّأيِ والآثارِ»(٥)؛ ويدلُّ على هذا المعنى ـ أيضًا ـ ما رواه أبو هُريرةَ رضي الله عنه أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ! إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا: أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟» قال «نَعَمْ»(٦).

أمَّا إِنْ كان المقتولُ مُحصَنًا، وأقام القاتلُ البيِّنةَ بزِنَا المقتولِ بابْنَتِه بشهادةِ أربعةِ عُدولٍ مِنَ الرِّجالِ، أو اعترفَ أولياءُ المقتولِ بذلِك، أو لم يُطالِبوا بالقِصاصِ؛ فقد سَقطَ عنه القِصاصُ فلا شيءَ عليهِ قضاءً، لا قِصاصَ عليهِ ولا دِيَةَ عند عامَّةِ الفقهاءِ؛ قال النَّوويُّ ـ رحمه الله ـ: «وقد اختلَفَ العلماءُ فيمَنْ قتَلَ رجلًا وزَعَم أنَّه وجَدَه قد زَنَى بِامْرَأَتِهِ: فقال جُمهورُهم: لا يُقبَلُ قولُه، بل يَلْزَمُه القِصاصُ إلَّا أَنْ تقومَ بذلك بَيِّنةٌ أَوْ يعترِفَ به ورثةُ القَتيلِ، والبَيِّنةُ أربعةٌ مِنْ عدولِ الرِّجالِ يَشهَدون على نفسِ الزِّنى، ويكونُ القتيلُ مُحصَنًا، وأمَّا فيما بينهُ وبين اللهِ تعالى فإِنْ كان صادقًا فلا شيءَ عليه؛ وقال بعضُ أصحابِنا: يجبُ على كُلِّ مَنْ قتَلَ زانيًا مُحصَنًا القِصاصُ، ما لم يأمرِ السُّلطانُ بقتلِهِ؛ والصَّوابُ الأوَّلُ»(٧).

وكذلك الحكمُ بانتفاءِ القِصاصِ والدِّيةِ إِنْ كان المقتولُ غيرَ مُحصَنٍ عند الأكثرين؛ لأنَّه ليس مِنْ باب الحدِّ ولا مِنْ باب دفعِ الصائل، وإنَّما هو مِنْ باب عقوبة المعتدي المؤذي الَّذي هتَكَ حريمَه وأَفسدَ أهلَه.
خلافًا للشَّافعيَّةِ وابنِ حَبيبٍ منَ المالكيَّةِ فهؤلاءِ يَرَوْنَ أنَّ على قاتلِ المقتولِ غيرِ المُحصنِ القوَدَ وإِنْ أقامَ البيِّنةَ؛ لأنَّ الزَّانيَ غيرَ المُحصَنِ حُكمُه الجَلدُ لا القتلُ بالرَّجم؛ قال ابنُ بطَّال ـ رحمه الله ـ: «وقال ابنُ حبيبٍ: إذا كان المقتولُ مُحصَنًا فالَّذي يُنجي قاتِلَه مِنَ القتل أَنْ يُقيمَ أربعةَ شُهَداءَ أنَّه فعَلَ بامْرَأتِه، وأمَّا إِنْ كان المقتولُ غيرَ مُحصَنٍ فعلى قاتلِه القَوَدُ وإِنْ أتى بأربعةِ شُهَداءَ»(٨).

والصَّحيحُ: مذهبُ القائلين بعدمِ التَّفريقِ بين المُحصَنِ وغيرِ المُحصَنِ؛ لحديثِ المُغيرةِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: «لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ»، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي»(٩)؛ ففي الحديثِ سكوتُه صلَّى الله عليه وسلَّم على ما حلَفَ عليه سعدٌ يدلُّ على أنَّه أجازَ له قَتْلَه فيما بينَه وبين الله على ما تقدَّم ذِكرُه في مَطلعِ الفتوى، هذا مِنْ جهةٍ، وأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ لم يَستفصِلْ عن المقتولِ: أهو مُحصَنٌ أم غيرُ مُحصَنٍ، لا في هذا الحديثِ ولا في الأحاديث السَّابقةِ الأخرى المتعلِّقةِ بهذه المسألة؛ والمعلومُ تقعيدًا أنَّ: «تَرْكَ الاستفصالِ في حكايةِ الحالِ مع قيامِ الاحتمالِ يَجري مَجرى العُمومِ في المَقالِ، ويَحسُن به الاستدلالُ»، ولأنَّ القتلَ ـ مِنْ زاويةٍ أخرى ـ لا اعتبارَ للتَّفريقِ فيه بين المُحصَنِ وغيرِه، ذلك لأنَّ هذا القتلَ ليس بحدٍّ للزِّنا، ولو كان حدًّا لَمَا كان بالسَّيفِ، ولَاعْتُبِرَ له شُروطُ إقامةِ الحدِّ وكيفيَّتُه، وإنَّما هو مِنْ عقوبةِ المُعتدي على فراشه وهاتِكِ حريمِه ومُفسِدِ أهلِه(١٠)، وقد أَخرجَ الزُّبيرُ بنُ بكَّارٍ في «المُوفَّقيَّات» قال: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: بَيْنَا ‌الزُّبَيْرُ فِي بَعْضِ مَغَازِيِهِ إِذِ اصْطَفَى ‌جَارِيَةً؛ قَالَ: فَتَخَلَّفَ عَنِ الْعَسْكَرِ فَنَالَ مِنَ ‌الْجَارِيَةِ، ثُمَّ رَكِبَ يُرِيدُ الْجَيْشَ، فَعَرَضَ لَهُ لِصَّانِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالا: «أَطْعِمْنَا»، فَرَمَى إِلَيْهِمَا بِسُفْرَتِهِ، فَقَالا: «اكْسُنَا»، فَرَمَى إِلَيْهِمَا بِثَوْبَيْنِ كَانَا مَعَهُ، فَقَالا: «خَلِّ عَنِ الظَّعِينَةِ»، فَقَالَ لَهَا: «تَنَحَّيْ»، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِمَا فَأَبَانَهُمَا بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ(١١)، وحدَّث سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: ‌أَنَّ ‌رَجُلًا ‌أَضَافَ ‌نَاسًا ‌مِنْ ‌هُذَيْلٍ، ‌فَذَهَبَتْ ‌جَارِيَةٌ ‌لَهُمْ ‌تَحْتَطِبُ، فَأَرَادَهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ نَفْسِهَا، ‌فَرَمَتْهُ ‌بِفِهْرٍ(١٢) ‌فَقَتَلَتْهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: «‌ذَاكَ ‌قَتِيلُ ‌اللهِ، ‌وَاللهِ ‌لَا ‌يُودَى ‌أَبَدًا»(١٣).

هذا، وممَّا يشهدُ على قضاءِ عمرَ رضي الله عنه بأنَّ إقرارَ أولياءِ الدَّمِ بوجود فاحشةِ الزِّنا يُسقِطُ القِصاصَ والدِّيَةَ دون استفصالٍ عن حال الزَّاني: أمُحصَنٌ أم لا؟: ما رواه سعيدُ بنُ منصورٍ أنَّ عمرَ بنَ الخطَّاب رضي الله عنه بَيْنَا هو يومًا يتغدَّى إذ جاءه رجلٌ يعدو، وفي يدهِ سيفٌ مُلطَّخٌ بدَمٍ، ووراءَه قومٌ يَعْدُون، فجاء حتَّى جلَسَ مع عُمَرَ، فجاء الآخَرُون فقالوا: «يا أميرَ المؤمنين، إنَّ هذا قتَلَ صاحِبَنا»، قال عمرُ: «ما تقول؟» فقال: «يا أميرَ المؤمنين، إنِّي ضربتُ فخذَيِ امرأتي، فإِنْ كان بينهما أحدٌ فقد قتلتُه»، فقال عمرُ: «ما تقولون؟» قالوا: «يا أميرَ المؤمنين، إنَّه ضرَبَ بالسَّيفِ فوقَعَ في وسطِ الرَّجل وفخذَيِ المرأةِ»، فأخَذَ عمرُ سيفَه فهزَّه، ثمَّ دفَعَه إليه وقال: «إِنْ عادُوا فَعُدْ»(١٤)؛ قال ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ عقِبَ قولِ عمرَ رضي الله عنه: «ولم يفرِّق بين المُحصَنِ وغيرِه، وهذا هو الصَّوابُ»(١٥).

ويجدر التَّنبيهُ إلى أنَّه ليست كُلُّ غَيرةٍ على الزَّوجاتِ والمَحارِمِ تُعَدُّ محمودةً يُحِبُّها الله، وإنَّما الغَيرةُ تكون خُلُقًا محمودًا إذا كانت في الرِّيبةِ ومظنَّةِ الفسادِ والفتنةِ أو عند ظهورِ بوادر التَّفسُّخِ أو علامات الانحلالِ أو التَّميُّعِ، فهي الغَيرةُ الَّتي يُحبُّها الله تعالى، مثل أَنْ يغارَ الرَّجلُ على مَحارِمِه صونًا لهنَّ مِنَ الانحرافِ، ومحافظةً عليهنَّ مِنْ أسبابِ الخنا والرَّدى والفتنةِ كأَنْ يرى منهنَّ اختلاطًا بالرِّجال، أو فعلًا مُخِلًّا بالحياءِ، أو فعلًا فيه لُيونةٌ وخضوعٌ بالقول وإثارةٌ؛ سواءٌ كان الفعلُ محرَّمًا أو آيِلًا إلى الحرامِ ومُفضِيًا إليه.
وأمَّا الغَيرةُ في غيرِ الرِّيبة أي: حيث لا توجدُ مظنَّةُ الفسادِ ولا يظهرُ شيءٌ مِنْ أماراتِ الفِتنةِ فهي غَيرةٌ مذمومةٌ وخُلُقٌ قبيحٌ، جاوز به صاحبُه حدَّ الاستقامةِ والاعتدالِ، لِمَا فيه مِنِ اتِّهام زوجاتِه ومَحارِمِه بالباطلِ والسُّوء والظَّنِّ الكاذبِ دون مسوِّغٍ بدلًا مِنْ حملِهنَّ على الخيرِ والصَّلاحِ، ويدلُّ على هذا التَّفريقِ بينهما حديثُ جابِرِ بنِ عَتِيكٍ رضي الله عنه: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كَانَ يَقُولُ: «مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَالغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ»(١٦)(١٧).

الشيخ: #محمد_فركوس حفظه الله في الجزائر في: ٢٤ مِنْ ذي القعدة ١٤٤٥ﻫ
المُــــوافـــــق ﻟ: ٠١ جـــوان ٢٠٢٤م

https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1376 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse

(١) «الفتاوى الكبرى» لابن تيمية (٤/ ٥٩٥).

(٢) وتمامُه: «حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، فلمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: «يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟» فَقَالَ عَاصِمٌ: «لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتَهُ عَنْهَا»، قَالَ عُوَيْمِرٌ: «وَاللهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا»، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا: أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟» فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا»؛ قال سهلٌ: «فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الطَّلاق» ‌‌بابُ مَنْ أجاز طلاقَ الثَّلاث (٥٢٥٩)، ومسلمٌ في «اللِّعان» (١٤٩٢)].

(٣) حُكم عليٍّ رضي الله عنه أخرجه مالكٌ في «الموطَّإ» ـ ت.الأعظمي ـ (٢٧٣١)، والشَّافعيُّ في «مُسنَده» (٢٧٦، ٣٦٢)، والبيهقيُّ في «سُنَنه الكبرى» (١٧٠١٢، ١٧٦٤٧)؛ ولفظُ مالكٍ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهَا؛ فَأَشْكَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْقَضَاءُ فِيهِ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ يَسْأَلُ لَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَنْ ذلِكَ، فَسَأَلَ أَبُو مُوسَى عَنْ ذلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: «إِنَّ هذَا لَشَيْءٌ مَا هُوَ بِأَرْضِي، عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي»، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: «كَتَبَ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَسْأَلكَ عَنْ ذلِكَ»، فَقَالَ عَلِيٌّ: «أَنَا أَبُو حَسَنٍ: إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ». قال الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٧/ ٢٧٤) رقم: (٢٢١٦): «ورجالُه ثقاتٌ، لكنَّ سعيد بنَ المسيِّب مُختلَفٌ فى سماعه مِنْ عليٍّ». وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٥/ ٤٠٤): «ورجالُه ثقاتٌ».

(٤) «شرح صحيح البخاري» لابن بطَّال (٧/ ٤٦٤).

(٥) «الاستذكار» لابن عبد البَرِّ (٧/ ١٥٧).

(٦) أخرجه مسلمٌ في «اللِّعان» (١٤٩٨).

(٧) «شرح مسلم» للنَّووي (١٠/ ١٢١).

(٨) انظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطَّال (٨/ ٤٨٠)، «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٥/ ٤٠٧)؛ وقال رحمه الله: «وقال ابنُ القاسِم: إذا قامتِ البيِّنةُ فالمُحصَنُ وغيرُ المحصنِ سواءٌ، ويُهدَر دمُه، واستحبَّ ابنُ القاسِم الدِّيةَ في غيرِ المُحصَنِ».

(٩) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحدود وما يُحذَر مِنَ الحدود» ‌‌بابُ مَنْ رأى مع امرأته رجلًا فقتَلَه (٦٨٤٦) وفي «التَّوحيد» باب قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لا شخصَ أغيرُ مِنَ الله (٧٤١٦)، ومسلمٌ في «اللِّعان» (١٤٩٩)، مِنْ حديثِ المغيرةِ بنِ شُعبةَ رضي الله عنه.

(١٠) انظر: «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٥/ ٤٠٥).

(١١) أخرجه الزُّبيرُ بنُ بكَّارٍ في «الأخبار المُوفَّقيَّات» (١٤٧). انظر: «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٥/ ٤٠٥)، وقال بعده: «وكذلك مَنِ اطَّلَع في بيتِ قومٍ مِنْ ثقبٍ أو شقٍّ في الباب بغيرِ إذنهم فنظَرَ حُرمةً أو عورةً فلهم خَذْفُه وطعنُه في عينه، فإِنِ انقلعَتْ عينُه فلا ضمانَ عليهم؛ قال القاضي أبو يعلى: هذا ظاهرُ كلامِ أحمدَ: أنَّهم يدفعونه ولا ضمانَ عليهم مِنْ غير تفصيلٍ؛
وفصَّل ابنُ حامدٍ فقال: يدفعه بالأسهل فالأسهل، فيبدأ بقوله: انصرِفْ واذهَبْ وإلَّا نفعل بك كذا؛ قلتُ: وليس في كلام أحمدَ ولا في السُّنَّةِ الصَّحيحة ما يقتضي هذا التفصيلَ، بل الأحاديثُ الصَّحيحةُ تدلُّ على خلافه، فإنَّ في الصَّحيحين عن أنسٍ «أنَّ رجلًا اطَّلَع مِنْ جُحرٍ في بعض حُجَرِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقام إليه بمِشقَصٍ أو بمَشاقِصَ وجعل يَختِلُه ليطعنه»، فأين الدَّفعُ بالأسهل وهو صلَّى الله عليه وسلَّم يختله أو يختبئ له ويختفي لِيَطعَنَه».

(١٢) قال ابنُ الأثير في «النِّهاية» (٣/ ٤٨١): «الفِهر: الحَجَرُ مِلءُ الكفِّ؛ وقِيلَ: هو الحَجَرُ مُطلَقًا».

(١٣) أخرجه ابنُ أبي شيبة (٢٧٧٩٣)، والبيهقيُّ في «السُّنَن الكبرى» (١٧٦٤٩)، وابنُ كثيرٍ في «مُسنَد الفاروق» (٢/ ٢٧٩)؛ قال ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» (٩/ ١٧): «وهو أثرٌ جيِّدٌ رواه البيهقيُّ بإسنادٍ حسنٍ مِنْ حديثِ القاسم بنِ محمَّدٍ، عن عُبيد بنِ عُمَيرٍ «أنَّ رجلًا أضاف ناسًا مِنْ هُذيلٍ، فذهبت جاريةٌ لهم تحتطب، فأرادها رجلٌ عن نفسها فرَمَتْه...» إلى آخِرِه بمثلِ ما ذكَرَه المصنِّف سواءً. قال البيهقيُّ: قال الرَّبيع: قال الشَّافعيُّ: هذا عندنا مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه أنَّ السُّنَّةَ [الصَّواب: البيِّنةَ] قامت عنده على المقتول أو على أنَّ [وليَّ] المقتولِ أقرَّ عنده بما يُوجِبُ له أَنْ يُقتَل المقتولُ»؛ وصحَّحه زكريَّا غلام قادر الباكستانيُّ في «ما صحَّ مِنْ آثار الصَّحابة في الفقه» (٣/ ١٢٣٨)، وانظر: «التَّلخيص الحبير» (٤/ ٨٦).

(١٤) ذكَرَه الموفَّقُ بنُ قدامة في «المغني» (٧/ ٦٤٩)، وشمسُ الدِّين بنُ قدامة في «الشَّرح الكبير» (٩/ ٣٨٠)، وابنُ القيِّم في «زاد المَعاد» (٥/ ٤٠٤)؛ وسكَتَ عنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٧/ ٢٧٤) رقم: (٢٢١٧)؛ وقال صالح آل الشَّيخ في «التَّكميل» (١٥٧): «سكَتَ عنه المخرِّج (٧/ ٢٧٤ ـ ٢٧٥، ٢٢١٧) ولم يتكلَّمْ عليه بشيءٍ. وقد رواه سعيدٌ في «سُنَنه» عن هُشَيْمٍ عن مُغيرةَ عن إبراهيمَ عن عُمَرَ مُرسَلًا. ذكَرَ إسنادَ سعيدٍ الموفَّقُ في «المغني» (٨/ ٣٣٢)».

(١٥) «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٥/ ٤٠٤).

(١٦) أخرجه أبو داود في «الجهاد» ‌‌بابٌ في الخُيَلاء في الحرب (٢٦٥٩)، والنَّسائيُّ في «الزَّكاة» باب الاختيال في الصَّدَقة (٢٥٥٨). وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٧/ ٥٨) رقم: (١٩٩٩).

(١٧) انظر الكلمةَ الشَّهريَّة رقم: (70) الموسومة ﺑ: «غيرة الزَّوج بين الأصل الممدوح والقالب المذموم» على الموقع الرسميِّ.
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله :

"الحكمة مِن إكثاره ﷺ مِن صوم شعبان؛ فلأنه شهرٌ تُرفع فيه الأعمالُ إلى الله تعالى وكان النبيﷺ يحبُّ أن يُرفع عملُه وهو صائمٌ".

🔗 الفتوى رقم: ١٠٢٠

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله

"قد ذمَّ اللهُ سبحانه مَن لم يتضرَّعْ إليه ويَسْكُنْ له وَقْتَ البلاءِ والشِّدَّة والنِّقْمَة كما أَخْبَرَ المولى عزَّ وجلَّ:﴿وَلَقَدۡ أَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ فَمَا ٱسۡتَكَانُواْ لِرَبِّهِمۡ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾".

🔗 الكلمة الشهرية 97

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
فائدة جميلة ذكرها شيخنا الفاضل #محمد_فركوس حفظه الله ورعاه:

«بعدما ختم شيخنا المجلس كعادته وانتهى من الدعاء قام بمصافحتنا كالعادة وكنت على يمينه فقام أحد الإخوة بوضع العطر للشيخ حفظه الله

فقال له الشيخ:«وهاذو ألا تعطي لهم؟».

فقمنا بتمديد أيدينا لأخذ العطر،

ثم ذكر الشيخ وفقه الله فائدة لطيفة جميلة فقال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحب الأثرة».

فقلت له مستغربا:« وما معنى الأثرة يا شيخ».

وكذلك سأله بعض الإخوة :« ممكن توضح لنا يا شيخ».

فقال الشيخ وفقه الله :« وهي أن تعطي لشخص ما أمر معينا دون أن تعطي الأخرين».

🔗 مجلس حفظه الله يوم 17/جمادى الآخر/1441- أبو معاوية فاروق بركان

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فالإباضيةُ من فِرَقِ الخوارجِ وليسوا من غُلاتهم كالأَزَارِقَة، ولكنّهم يتَّفقون مع الخوارج في أصول عديدة منها: تعطيل الصِّفات، والقولُ بِخَلْقِ القرآن، وتجويزُ الخروج على أئمَّة الجَوْرِ وغيرها، وتُنْسَبُ الإباضية إلى مؤسِّسها عبد الله بن إباض التَّمِيمِي الذي يعتبر نفسه امتدادًا للمحكمة الأولى من الخوارج، وكانت لهم صَوْلَةٌ وجَولة في جنوبي الجزيرة العربية حتَّى وصلوا إلى مكّة والمدينة النَّبوية، وانتشر مذهبهم في الشمال الإفريقي بين البربر، وكانت لهم دولة عُرفت بالدولة الرستمية وعاصمتها «تاهرت»، وحَكَموا الشمال الإفريقي قرابة مائة وثلاثين سنة حتى أزالهم الفاطميون (العبيديون)، ولا يزال تواجدهم في وقتنا في كلٍّ من عُمان وليبيا وتونس والجزائر، وخاصَّةً في وادي ميزاب وواحاتها الصحراوية، وفي زنجبار بتنـزانيا.

ومن معتقدات الإباضية بغضّ النظر عمّا تقدّم:

- إنكارهم لرؤية الله في الآخرة.

- صفات الله ليست زائدة على ذات الله ولكنّها هي عين ذاته.

- يؤوِّلون بعض مسائل الآخرة تأويلاً مجازيًّا كالميزان والصراط وغيرها.

- يعتقدون أنّ أفعال الإنسان خلق من الله، واكتسابٌ من الإنسان، وهم بذلك يقفون موقفًا وسطًا بين القدرية والجبرية.

- ومرتكب الكبيرة -عندهم- كافر كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملّة، ومع ذلك يقولون بأنّ العاصي مخلّد في النَّار، ومنه إنكارهم الشفاعةَ لعُصَاة الموحِّدين، وعليه فالناس في نظر الإباضيِّين على ثلاثة أصناف: مؤمنون أوفياء بإيمانهم، ومشركون واضحون في شركهم، وصِنْف أعلنوا كلمة التوحيد وأقرّوا بالإسلام لكن لم يلتزموا به سلوكًا وعبادةً، فهم مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد، وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك، لذلك لا يجوز -عندهم- أن يدعو شخص لآخر بخير الجنّة وما يتعلّق بها إلاّ إذا كان مسلمًا موفيًّا لدينه مستحِقًّا الولاية بسبب طاعته، أمّا الدعاء بخير الدنيا فهو جائز لكلّ المسلمين تقاة وعصاة.

هذا، ويتَّفق مُحْدَثوا الإباضية مع القُدَامى في أنّ دار مخالفيهم من أهل الإسلام هي دار توحيد إلاّ معسكر السّلطان فإنّه دار بغي، كما أنّهم يعتقدون أنّ أهل القِبلة من مخالفيهم كفار غير مشركين، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال وغنيمة أموالهم حلال وما سواه حرام.

ومن فروعهم في الصلاة:

- عدم رفع اليدين في تكبيرة الإحرام.

- والسّدل في الصلاة.

- وعدم تحريك السبابة في التشهّد.

- والسّر في جميع صلواتهم حتى الجهرية.

- وسجود لكلّ صلاة ولو لم يسه، وغيرها من مسائل الفروع.

وأصلُ هذه المعتقدات تأثّرهم بالمعتزلة في قولهم بخلق القرآن واعتمادهم على القرآن ومُسْنَدِ الربيع بن حبيب وعلى الرأي والإجماع، ووقوفهم عند بعض النصوص الدينية موقفًا حرفيًّا ويفسّرون نصوص الكتاب والسُّنَّة تفسيرًا ظاهريًّا، واستنادهم في كتاباتهم الفقهية إلى آراء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة دون تحامل، ومن أشهر مراجعهم كتاب: «النيل وشفاء العليل» الذي شرحه محمّد بن يوسف إطفيش المتوفى سنة (١٣٣٢ﻫ) جمع فيه المذهبَ الإباضيَّ وعقائدَه.

ولا يخفى أنّ الإباضية قد خالفوا عقيدةَ جماعة الإسلام الذين اجتمعوا على الحقّ ولم يتفرّقوا في الدِّين فهي أصول الإسلام الذي هو عقيدة بلا فِرَق ولا طُرُق، وخالفوا منهجَ أهلِ السُّنَّة والجماعة في قواعدهم وأصولهم في مجال التلقي والاستدلال، وفي الاتباع وترك الابتداع، والاجتماعِ ونبذِ الفُرْقة والاختلاف في الدِّين، والتوسُّطِ بين فِرَقِ الغُلُوِّ والتفريط، والاقتداء والاهتداء بأئمَّة الهدى العدول المقتدى بهم في العلم والعمل، والدعوة من الصحابة ومن سار على نهجهم ومجانبة من خالف سبيلهم، قال تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا».

🔗 الجزائر في: ٢٩ جمادى الثانية ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٤ أوت ٢٠٠٥م

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷

www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقد وردَ على موقعِي الرسميِّ انتقادٌ آخرُ، يحمل في طيَّاته شبهاتٍ مكذوبةً على الدعوةِ السلفيةِ بأنها دعوةٌ حزبيةٌ مفرِّقةٌ مبتدعةٌ تجرُّ الفتنَ، وأنَّ التغيير لا يحصل بالفتنة، وقد رأيتُ من المفيد أن أردَّ على شبهاته المزعومةِ ومفاهيمه الباطلة بتوضيحها بالحقِّ والبرهان، عملًا بقوله تعالى: ﴿بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ وَلَكُمُ ٱلۡوَيۡلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨﴾[الأنبياء].

[وهذا نصُّ انتقاده]:

«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛

أراسلُكَ وأنا أعلم يقينًا بأنَّ الشيخ فركوس عبدٌ من عباد الله ونحسبُك من المتَّقين.

١ ـ إطلاق لفظ السلفية على الفرقة الناجية: ألا يُعتبر هذا حزبيةً؟ وأنت تعلم أنَّ القرآن فيه لفظ الإسلام كما قال الله تعالى: ﴿تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّٰلِحِينَ ١٠١﴾[يوسف].

٢ ـ لا أشكُّ أنَّ كثيرًا من المسلمين يعتقدون أنَّ السلفيَّ هو لِحيةٌ وقميصٌ، وماذا عن حالق لحيته؟ ألا يدخل الجنَّةَ حنفيٌّ… ؟! إنَّ اسمَ السلفية فرَّقت فأَبْصِرْ..! ما هو الدليل القاطع على وجوب التسمية للفرقة الناجية ؟

إنَّ التغيير لا يكون بالدخول في الفتن أي: الشبهات، ولو يجلس الشيخ فركوس في مسجده لكان خيرًا له، وما النصر إلَّا من عند الله، ومن سمَّع سمَّعَ اللهُ به، و﴿مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٩٠﴾[يوسف]».

فأقول ـ وبالله التوفيق وعليه التكلان ـ:

إنَّ السلفيةَ تُطلَقُ ويرادُ بها أحد المعنيين:

الأوَّل: مرحلةٌ تاريخيةٌ معيَّنةٌ تختصُّ بأهل القرون الثلاثة المفضَّلة، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»(١)، وهذه الحِقبة التاريخيةُ لا يصحُّ الانتساب إليها لانتهائها بموت رجالها.

والثاني: الطريقةُ التي كان عليها الصحابةُ والتابعون ومَن تبعهم بإحسانٍ مِن التمسُّك بالكتاب والسُّنَّة وتقديمِهما على ما سواهما، والعملِ بهما على مقتضى فهم السلف الصالح، والمرادُ بهم: الصحابة والتابعون وأتباعهم من أئمَّة الهدى ومصابيحِ الدُّجَى، الذين اتَّفقتِ الأُمَّة على إمامتهم وعدالتهم، وتَلَقَّى المسلمون كلامَهم بالرِّضا والقَبول كالأئمَّة الأربعة، والليثِ ابنِ سَعْدٍ، والسُّفيانَين، وإبراهيمَ النَّخَعِيِّ، والبخاريِّ، ومسلمٍ وغيرِهم، دون أهلِ الأهواء والبدعِ ممَّن رُمي ببدعةٍ أو شُهِرَ بلقبٍ غيرِ مرضيٍّ، مثل: الخوارج والروافض والمعتزلة والجبرية وسائر الفِرَق الضالَّة. وهي بهذا الإطلاق تُعَدُّ منهاجًا باقيًا إلى قيام الساعة، ويصحُّ الانتسابُ إليه إذا ما التُزِمت شروطُهُ وقواعِدُهُ، فالسلفيون هم السائرون على نهجهم المُقْتَفُونَ أثرَهم إلى أن يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها، سواءٌ كانوا فقهاءَ أو محدِّثين أو مفسِّرين أو غيرَهم، ما دام أنهم قد التزموا بما كان عليه سلفُهم من الاعتقاد الصحيح بالنصِّ من الكتاب والسنَّة وإجماع الأمَّة والتمسُّك بموجبها من الأقوال والأعمال لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(٢)، ومن هذا يتبيَّن أنَّ السلفيةَ ليست دعوةً طائفيةً أو حزبيةً أو عِرقيةً أو مذهبيةً يُنَزَّل فيها المتبوعُ مَنْزِلةَ المعصوم، ويُتَّخذ سبيلًا لجعلِه دعوةً يُدعى إليها ويُوالى ويعادى عليها، وإنما تدعو السلفيةُ إلى التمسُّك بوصيَّة رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم المتمثِّلة في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة وما اتَّفقت عليه الأمَّة، فهذه أصولٌ معصومةٌ دون ما سواها.

وهذا المنهج الربانيُّ المتكاملُ ليس من الحزبية الضيِّقةِ التي فرَّقت الأمَّةَ وشتَّتَتْ شملَها، وإنما هو الإسلام المصفَّى، والطريقُ القويمُ القاصدُ الموصِلُ إلى الله، به بعث اللهُ رُسُلَه وأنزل به كُتُبَه، وهو الطريقُ البيِّنةُ معالِمُه، المعصومةُ أصولُه، المأمونةُ عواقِبُه.

أمَّا الطرقُ الأخرى المستفتِحة من كلِّ بابٍ فمسدودةٌ، وأبوابها مغلقةٌ إلَّا من طريقٍ واحدٍ، فإنه متَّصلٌ بالله موصلٌ إليه، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦ﴾[الأنعام: ١٥٣]، وقال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: «خَطَّ لنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم خطًّا ثمَّ قال: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ» ثمَّ خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله، ثمَّ قال: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا
فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦ﴾(٣)، وقد جاء في «تفسير ابنِ كثيرٍ»(٤): «أنَّ رجلًا قال لابن مسعودٍ رضي الله عنه: ما الصراطُ المستقيم ؟ قال: تركنا محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم في أدناه وطَرَفُه في الجنَّة، وعن يمينه جوادُّ(٥) وعن يساره جوادُّ، وثَمَّ رجالٌ يَدْعون من مرَّ بهم، فمن أخذ في تلك الجوادِّ انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنَّة، ثمَّ قرأ ابن مسعودٍ الآية».

وعليه يُدرك العاقلُ أنه ليس من الإسلام تكوينُ أحزابٍ متصارعةٍ ومتناحرةٍ ﴿كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ ٥٣﴾[المؤمنون]، فقد ذمَّ الله التحزُّبَ والتفرُّق في آياتٍ منها: قولُه تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ١٥٩﴾[الأنعام]، وفي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ﴾[آل عمران: ١٠٥]، وإنما الإسلام حزبٌ واحدٌ مفلحٌ بنصِّ القرآن، قال تعالى: ﴿أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٢٢﴾[المجادلة]، وأهلُ الفلاح هم الذين جعل الله لهم لسانَ صِدْقٍ في العالمين، ومقامَ إحسانٍ في العِلِّيِّين، فساروا على سبيل الرشاد الذي تركنا عليه المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم الموصلِ إلى دار الجِنان، بيِّنٌ لا اعوجاج فيه ولا انحراف، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى البَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِها لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»(٦).

واللهُ سبحانه وتعالى إِذْ سَمَّى في كتابه الكريمِ الرعيلَ الأوَّلَ ﺑ «المسلمين» فلأنَّ هذه التسميةَ جاءت مطابقةً لِما كانوا عليه من التزامهم بالإسلام المصفَّى عقيدةً وشريعةً، فلم يكونوا بحاجةٍ إلى تسميةٍ خاصَّةٍ إلَّا ما سمَّاهم اللهُ به تمييزًا لهم عمَّا كان موجودًا في زمانهم من جنس أهل الكفر والضلال، لكنَّ ما أحدثه الناس بعدهم في الإسلام من حوادثَ وبدعٍ وغيرها ممَّا ليس منه، سلكوا بها طُرُقَ الزيغ والضلال، فتفرَّقت بهم عن سبيل الحقِّ وصراطه المستقيم، فاقتضى الحالُ ودَعَتِ الحاجةُ إلى تسميةٍ مُطابقةٍ لِمَا وَصَفَ به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الفرقةَ الناجيةَ بقوله: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»(٧)، ومتميِّزةٍ عن سُبُل أهل الأهواء والبدع ليستبين أهلُ الهدى من أهل الضلال. فكان معنى قوله تعالى: ﴿هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ﴾[الحج: ٧٨]، إنما هو الإسلام الذي شرعه الله لعباده مجرَّدًا عن الشركيات والبدعيات، وخاليًا من الحوادث والمنكرات في العقيدة والمنهج، ذلك الإسلام الذي تنتسب إليه السلفية وتلتزم عقيدتَه وشريعتَه وتؤسِّسُ دعوتَها عليه، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «لا عيبَ على مَن أظهر مذهبَ السلفِ وانتسبَ إليه واعتزى إليه، بل يجب قَبول ذلك منه بالاتِّفاق، فإنَّ مذهبَ السلفِ لا يكون إلَّا حقًّا»(٨).

هذا، وللسلفية ألقابٌ وأسماءٌ تُعْرَف بها، تنصبُّ في معنًى واحدٍ، فهي تتَّفق ولا تفترق وتأتلف ولا تختلف، منها: «أصحاب الحديث والأثر» أو «أهل السُّنَّة» لاشتغالهم بحديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وآثار أصحابه الكرام رضي الله عنهم مع العمل على التمييز بين صحيحِها وسقيمها وفهمها وإدراك أحكامها ومعانيها، والعملِ بمقتضاها، والاحتجاجِ بها. وتسمَّى ﺑ «الفرقة الناجية» لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إِنَّ بَنِي إِسرائيلَ افْتَرَقُوا على إِحْدَى وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً» فقيل له: ما الواحدة ؟ قال: «مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأَصْحَابِي»(٩). وتسمَّى ـ أيضًا ـ ﺑ «الطائفة المنصورة» لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(١٠). وتسمَّى ﺑ «أهل السُّنَّة والجماعة» لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»(١١)، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»(١٢)، وفي قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الجَمَاعَةُ»(١٣)، والمراد بالجماعة هي الموافِقةُ للحقِّ الذي كانت عليه الجماعةُ الأولى: جماعةُ الصحابة رضي الله عنهم، وهو ما عليه أهلُ العلم والفقه في الدِّين في كلِّ زمانٍ، وكلُّ من خالفهم فمعدودٌ من أهلِ الشذوذِ والفُرقة وإن كانوا كثرةً، قال ابن مسعودٍ رضي الله عنه: «إِنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ فَارَقُوا الجَمَاعَةَ، وَإِنَّ الجَمَاعَةَ مَا وَافَقَ الحَقَّ وَإِنْ
كُنْتَ وَحْدَكَ»(١٤)، والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وصف الفِرقةَ الناجيةَ بقوله: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»(١٥)، وهذا التعيين بالوصف يدخل فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه دخولًا قطعيًّا ولا يختصُّ بهم بل هو شاملٌ لكلِّ من أتى بأوصاف الفِرقة الناجية إلى أن يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مَعْرِض تعيين الفرقة الناجية: «وبهذا يتبيَّن أنَّ أحقَّ الناس بأن تكون هي الفرقةَ الناجية: أهلُ الحديث والسنَّة، الذين ليس لهم متبوعٌ يتعصَّبون له إلَّا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمُهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، وأئمَّتهم فقهاء فيها وأهل معرفةٍ بمعانيها، واتِّباعًا لها: تصديقًا وعملًا وحبًّا وموالاةً لمن والاها ومعاداةً لمن عاداها، الذين يَردُّون(١٦) المقالاتِ المجملةَ إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالةً ويجعلونها من أصول دينهم وجُمل كلامهم إن لم تكن ثابتةً فيما جاء به الرسولُ، بل يجعلون ما بُعِثَ به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصلَ الذي يعتقدونه ويعتمدونه»(١٧).

هذا، ولا يعاب التسمِّي ﺑ «السلفية» أو ﺑ «أهل السنَّة والجماعة» أو ﺑ «أهل الحديث» أو ﺑ «الفِرقة الناجية» أو «الطائفة المنصورة»؛ لأنه اسمٌ شرعيٌّ استعمله أئمَّة السلف وأطلقوه بحسَب الموضوع إمَّا في مقابلة «أهل الكلام والفلسفة» أو في مقابلة «المتصوِّفة والقبوريين والطُّرُقيِّين والخُرافِيِّين»، أو تُطلق بالمعنى الشامل في مقابَلة «أهل الأهواء والبدع» من الجهمية والرافضة والمعتزلة والخوارج والمرجئة وغيرِهم.

لذلك لمَّا سُئل الإمام مالكٌ ـ رحمه الله ـ: مَن أهلُ السُّنَّة ؟ قال: «أهل السُّنَّة الذين ليس لهم لقبٌ يُعرَفون به، لا جهميٌّ ولا قَدَرِيٌّ ولا رافضيٌّ»(١٨)، ومراده ـ رحمه الله ـ أنَّ أهل السُّنَّة التزموا الأصلَ الذي كان عليه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه، وبَقُوا متمسِّكين بوصيَّته صلَّى الله عليه وسلَّم من غير انتسابٍ إلى شخصٍ أو جماعةٍ. ومن هنا يُعْلَم أنَّ سبب التسمية إنما نشأ بعد الفتنة عند بداية ظهور الفِرَق الدينية ليتميَّز أهلُ الحقِّ من أهل الباطل والضلال.

وقد أشار ابنُ سيرين ـ رحمه الله ـ إلى هذا المعنى بقوله: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلمَّا وقعتِ الفتنةُ قالوا: سَمُّوا لنا رجالَكم، فيُنظرُ إلى أهل السُّنَّة فيؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البِدَع فلا يؤخذ حديثُهم»(١٩)، هذا الأمر الذي دعا العلماءَ الأثباتَ والأئمَّةَ الفحولَ إلى تجريد أنفسهم لترتيب الأصول العظمى والقواعدِ الكبرى للاتِّجاه السلفيِّ والمعتقد القرآنيِّ، ومن ثَمَّ نسبتِه إلى السلف الصالح لحسمِ البدعة وقطعِ طريق كلِّ مبتدعٍ. قال الأوزاعيُّ ـ رحمه الله ـ: «اصبر نفسك على السنَّة، وقِفْ حيث وقف القوم، وقُلْ بما قالوا، وكُفَّ عمَّا كفُّوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يَسَعُك ما وَسِعهم»(٢٠).

هذا، والسلفية إذ تحارب البدعَ والتعصُّبَ المذهبيَّ والتفرُّقَ إنما تتشدَّد في الحقِّ والأخذ بعزائم الأمور والاستنان بالسنن وإحياء المهجورة منها، فهي تؤمن بأنَّ الإسلامَ كُلَّه حقٌّ لا باطل فيه، وصدقٌ لا كذب فيه، وَجِدٌّ لا هزل فيه، ولُبٌّ لا قشورَ فيه، بل أحكامُ الشرع وهديُه وأخلاقُه وآدابُه كلُّها من الإسلام سواءٌ مبانيه وأركانه أو مظاهره من: تقصير الثوب وإطالة اللحية والسواك والجلباب ونحو ذلك، كلُّها من الدِّين. والله تعالى يأمرنا بخصال الإسلام جميعًا وينهانا عن سلوك طريق الشيطان، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ ٢٠٨﴾ [البقرة]، وقد ذمَّ الله تعالى بني إسرائيلَ الذين التزموا ببعض ما أُمروا به دون البعض بقوله تعالى: ﴿أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖ﴾ [البقرة: ٨٥].

والحكم المسبق على المعيَّن بدخول النار والمنعِ من دخول الجنَّة بتركه للهدي الظاهريِّ للإسلام ليس من عقيدة أهل السُّنَّة لكونه حُكمًا عينيًّا استأثر الله به، لا يشاركه فيه غيره، وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أنَّ استحقاقَ الجنَّة ودخولَها إنما يكمن في إخلاص العبادة لله سبحانه واتِّباعِ نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد ذمَّ الله تعالى مقالةَ أهل الكتاب في قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ تِلۡكَ أَمَانِيُّهُمۡۗ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ١١١ بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَلَهُۥٓ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ١١٢﴾[البقرة].
فالسلفيةُ لا تهوِّن من شأن السنَّة مهما كانت، فلا تُهدر من الشرع شيئًا ولا تهمل أحكامَه، بل تعمل على المحافظة على جميع شرعه: علمًا وعملًا ودعوةً قَصْدَ بيانِ الحقِّ وإصلاحِ الفساد، وقد أخبر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الغرباء: «الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»(٢١).

والسلفيةُ ليست بدعوةٍ مُفرِّقةٍ، وإنما هي دعوةٌ تهدف إلى وحدة المسلمين على التوحيد الخالص، والاجتماعِ على متابعة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، والتزكيةِ بالأخلاق الحسنة، والتحلِّي بالخصال الحميدة، والصدعِ بالحقِّ وبيانِه بالحجَّة والبرهان، قال تعالى: ﴿وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡ﴾[الكهف: ٢٩]، فقد كان من نتائج المنهج السلفيِّ: اتِّحادُ كلمة أهل السُّنَّة والجماعة بتوحيد ربِّهم، واجتماعُهم باتِّباع نبيِّهم، واتِّفاقُهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه قولًا واحدًا لا يختلف مهما تباعدت عنهم الأمكنة واختلفت عنهم الأزمنة، ويتعاونون مع غيرهم بالتعاون الشرعيِّ الأخويِّ المبنيِّ على البرِّ والتقوى والمنضبط بالكتاب والحكمة.

هذا، والسلفية تتبع رسولَها في الصدع بكلمة الحقِّ ودعوة الناس إلى الدين الحقِّ، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ﴾ [النحل: ٤٤]، والبقاء في البيوت والمساجد من غير تعليمٍ ولا دعوةٍ إخلالٌ ظاهرٌ بواجب الأمانة وتبليغِ رسالات الله وإيصالِ الخير إلى الناس، قال تعالى: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ﴾[آل عمران: ١٨٧]، فيجب على الداعية أن يدعوَ إلى شهادة أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له: يدعو إلى الله بها على علمٍ ويقينٍ وبرهانٍ على نحو ما دعا إليه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال تعالى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٨﴾[يوسف]، والعلم إذا لم يَصْحَبْهُ تصديقٌ ولم يؤازِرْهُ عملٌ وتَقْوَى لا يُسَمَّى بصيرةً، فأهلُ البصيرةِ هم أولو الألباب كما قال تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ١٨﴾[الزمر].

ومن منطلق الدعوة إلى الإسلام المصفَّى من العوائد والبدع والمحدَثات والمنكرات كان الانتسابُ إلى «أهل السُّنَّة والجماعة» أو «السلفية» عِزًّا وشَرَفًا ورمزًا للافتخار وعلامةً على العدالة في الاعتقاد، خاصَّةً إذا تجسَّد بالعمل الصحيح المؤيَّد بالكتاب والسنَّة، لكونها منهجَ الإسلام في الوحدة والإصلاح والتربية، وإنما العيب والذمُّ في مخالفة اعتقاد مذهب السلف الصالح في أيِّ أصلٍ من الأصول، لذلك لم يكن الانتساب إلى السلف بدعةً لفظيةً أو اصطلاحًا كلاميًّا، لكنَّه حقيقةٌ شرعيةٌ ذات مدلولٍ محدَّدٍ..

وأخيرًا؛ فالسلف الصالح هم صفوة الأمَّة وخيرها، وأشدُّ الناس فرحًا بسنَّة نبيِّهم صلَّى الله عليه وسلَّم وأقواهم استشعارًا لنعمة الإسلام وهدايته التي منَّ الله بها عليهم، ممتثلين لأمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته، قال سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ٥٧ قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٥٨﴾[يونس]، قال ابن القيِّم رحمه الله تعالى: «الفرح بالعلم والإيمان والسنَّة دليلٌ على تعظيمه عند صاحبه، ومحبَّتِه له، وإيثارِه له على غيره، فإنَّ فرح العبد بالشيء عند حصوله له على قدر محبَّته له ورغبته فيه، فمَن ليس له رغبةٌ في الشيء لا يُفرحه حصولُه له، ولا يُحزنه فواتُه، فالفرح تابعٌ للمحبَّة والرغبة»(٢٢).



نسأل اللهَ أن يُعِزَّ أولياءَه، ويُذِلَّ أعداءَه، ويهديَنا للحقِّ، ويرزقَنا حقَّ العِلم وخيرَه وصوابَ العمل وحَسَنَه، فهو حَسْبُنَا ونعم الوكيل، وعليه الاتِّكال في الحال والمآل، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

🔗 الكلمة الشهرية رقم ٢٢: السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق
الجزائر في: ١١ جمادى الأولى ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٨ ماي ٢٠٠٧م

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (السبت ٢٨ المحرم ١٤٤٦ هـ)

س: أحسن الله إليكم شيخنا الفاضل.
مباشرة بعد مقتل قائد حركة حماس من طرف اليهود؛ نشر بعض الإخوة على وسائل التواصل الاجتماعي عبارة (مستراح منه)، وقد أنكر عليهم كثير من الإخوة هذا الفعل لأنهم تقدّموا بين يدي العلماء، وكذلك لأنهم أحدثوا فتنة عظيمة، وكانوا سببا في الطعن في الدعوة السلفية وعلمائها، وأدخلوا الشك في قلوب العوام.
فما توجيهكم شيخنا؟!

ج: "ينبغي التفريق بين الأمر الصحيح أو القضية الصحيحة؛ وبين المعتقد الفاسد.

لو ترجع الى ثورة التحرير الجزائرية؛ من كان روادها؟! روادها أغلبهم كان ينتهج النهج اليساري، لكن القضية قضية عادلة، وهي تحرير البلد.
يساري يعني يحمل النظرة الاشتراكية، وكان غالبهم يسير على هذا المنوال، بل قرّروا في اجتماعهم في طرابلس أنه بعد تحرير الجزائر يدخلونها في النّظام الاشتراكي ..
نقول أن هذه الدعوة؛ وهذا الأمر ليس سليما من حيث الشريعة، لكن ما كانوا يطالبون به؛ ويسعون من أجله عادل وحق، فالأرض لأصحابها.
لكن إن كانوا يدافعون عن الأرض فهنا ليس دفاعا عن الإسلام، وإلا ما وضعوا نظاما اشتراكيا، ولكان المبدأ لإعلاء كلمة -لا إله إلا الله- نعم؛ بعض الأفراد كانت نيّتهم هكذا، لكن الساسة ذاك الوقت توجّههم شيوعي اشتراكي، والمبدأ عندهم فصل الدّين عن الدول؛ سواء في النظام الاشتراكي، أو النظم الأخرى، عندهم ينبغي استبعاده من الحكم، وفصله عن الدولة، وجعله محصورا في أمور .. ففيه فرق.

القضيّة الفلسـ ـطينية قضيّة عادلة، ولهم أساليب في استرجاعها، فمن سعى في هذا نعم، أمّا كونه شيعي، أو غير ذلك .. لا يُغيّر من القضية شيئا.
لسنا معه في هذا التشيّع .. لكن يسترجع أرضه كما هاهنا استرجعوها، ولا نوافقهم على منهجهم ..

أما أن ندخل في قول الإخوة وما الإخوة .. وتكتب في المواقع، ويدخلونا في فم الأسد .. نحن نتكلّم عن الواقع، وقلنا أن هناك فرق بين هذا وذاك (بين القضية الصحيحة والمنهج أو المعتقد الفاسد)، فإن لم يقولوا بهذا الفرق ففيه خطأ.

واحد فاسق، أو فاجر .. يذهب معك، ويكون لك سندا في استرجاع حقّك، ويسعى معك .. سعيه صحيح أو غير صحيح؟!
صحيح.
وإذا كنت ما تستطيع إلا به؛ فتستعين به في جلب الحقوق، لكن لا ترضى به، وتنصحه .. وهذا فقط ما في الأمر.
أما إذا كان فاسقا .. لا نوافقه على فسقه، ولا نوافقه على تشيّعه .. لأن فيه (التشيّع) عقائد فاسدة كالمعتزليّة، وفيه قدح في الصحابة -رضي الله عنهم- وفيه قدح في أزواج النّبي -صلى الله عليه وسلم- .. والشيعة أنواع؛ فيهم الغلاة، وفيهم الزيديّة وهم أقربهم إلى السنّة، والباقي درجات؛ كالإسماعيليّة، والقرامطة، وغيرهم ..

هذه وحدها، والسعي لتحقيق المراد وحده، افهم هذه تعرف إن أخطأ أو لا .. ولا تُدمج الأشياء بعضها في بعض، فإن أدمجت الشيعة في قضايا صحيحة؛ فستقول أن هذه القضايا باطلة.

هم يطالبون باسترداد الحق بالقوة، سواء فاسق، أو فاجر، أو مؤمن، أو كافر .. يطالبون بالأرض، وهي أرضهم، فنقول أن مطلبهم صحيح والمعتقد الّذي يسيرون عليه غير صحيح.

إن مات على هذا؛ فهو كموت أي واحد، هو سعى قضية عادلة، فلا يُنْظَر بنظرة ممزوجة  بالأحقاد حتى يكون عادلا.

وبالمثال يكفي (الثورة التحريرية الجزائرية)، لأن ذاك الوقت غالبهم كانوا من الحزب الشّيوعي الاشتراكي، تبنّوه في مصر، وغيرها من الدول .. وصار الزعماء يتبنّون النظام الاشتراكي، بدليل أنه في اجتماع طرابلس قرّروا أن يكون الحكم الاشتراكي بعد الاستقلال، ثم تحوّلوا إلى الديمقراطي .. وكلّه سيء؛ هذا وهذا.

إذن نقول: هذا التّحرير صحيح، لكن هذه الأنظمة كلّها مخالفة لطموح ورغبة الشعب؛ وهو تمكين الإسلام في البلد هذا .."
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تعلمكم قائمة صَدَقَةٌ جَارِيةٌ * بأن توقيت نشر القائمة والدعم الفردي من * بعد صلاة الظهر إلى بعد صلاة العشاء بتوقيت الجزائر العاصمة - الجزائر 🇩🇿 * وممنوع حذفهما قبل ذلك، ولكم حذفهما بعد ذلك *إذا لم يحذفها البوت بسبب كثرة القنوات المشاركة.

وفقكم الله لمرضاته، والسلام.

✍️ #الإدارة.

https://www.tg-me.com/fatawa_nisswa
2024/10/05 13:14:58
Back to Top
HTML Embed Code: