Telegram Web Link
في حكم #تزويج_المرأة_نفسها دون وليِّها

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فالأصل أنه لا يجوز للأب أو الوليِّ أَنْ يَعضُلَ مُولِّيَتَه مِنْ نكاحِ الكُفء، ولا أَنْ يمنعها منه؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٩]، فإِنْ عَضَلها منه فإِنَّ الولايةَ تنتقل إلى مَنْ يَليهِ في الرتبة، فإِنْ تنازعوا وتمادى النزاعُ وأدَّى إلى تفويتِ مصلحَتِها ورعايَتِها فللمرأة أَنْ ترفع أَمْرَها إلى القضاء، وللقاضي أَنْ يزوِّجَها إحقاقًا لحقِّها في الزواج ورفعًا للظلم.

ولا يجوز للمرأة أَنْ تزوِّج نَفْسَها بنفسها دون وليِّها على الصحيح مِنْ مذهبَيِ العلماء، وبه قال مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ خلافًا لأبي حنيفة؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ»، ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ «فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»، أي: إذا كان الوليُّ يَعضُلُها ويمنعها مِنْ زوجٍ كُفءٍ فإنَّ السلطان أو مَنْ يقوم مَقامَه كالقاضي له أَنْ يرفع عنها الظُّلمَ الذي عليها ويُزوِّجَها مِنْ هذا الكفء، ويغني هذا ـ في صحَّة العقد ـ عن موافقة الوليِّ أو حضوره.

أمَّا إذا لم يكن هناك عَضْلٌ، أو مَنَعَ الوليُّ ـ لأسبابٍ صحيحةٍ ـ مُولِّيَتَه مِنَ الزواج فتبقى ولايتُه قائمةً، وليس لها أَنْ تتزوَّج إلَّا بإذنه؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»؛ وتتوقَّف صحَّةُ زواجها منه على تجديد العقد الشرعيِّ برِضَى وليِّها وإجازَتِه.

كذلك لا يجوز للمرأة أَنْ تُسافِرَ إلَّا مع زوجٍ أو مَحْرَمٍ بعد استئذانِ وليِّها، وتخرجُ بالضوابط الشرعيَّة، أو تسافر مع رُفقةٍ مأمونةٍ ـ كما نصَّ على ذلك مالكٌ والشافعيُّ ـ تَأمَنُ بها على عِرْضها وتصون شرفَها في سفرها لمقصودٍ صحيحٍ لا في سفرِ معصيةٍ؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا»، فإنَّ الزوج وذا المَحْرَمِ يحصل معه الأمنُ في الطريق.

فإِنْ كان المقصودُ مِنْ سفرها فاسدًا كسفرِ معصيةٍ فإنه لا يجوز ـ والحالُ هذه ـ أَنْ تُسافِرَ ولو بالضوابطِ الشرعيَّة؛ لأنَّ «كُلَّ مَا يُؤَدِّي إِلَى حَرَامٍ فَهُوَ حَرَامٌ»، و«كُلَّ مَا بُنِيَ عَلَى فَاسِدٍ فَهُوَ فَاسِدٌ».

هذا كُلُّه فيما إذا لم يمنعها وليُّها مِنَ الزواج مِنْ كُفءٍ لدِينه وخُلُقه وقُدرَتِه على النفقة، فإِنْ كان كذلك فلا يمنعها منه إذا تَوسَّمَ فيه الخيرَ، وله أَنْ يُعينَ ابنتَه على العفَّة والطاعة والسَّداد في العمل دون طريق الغواية.

واللهُ المُوفِّقُ لكُلِّ خيرٍ؛ إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1227

الجزائر في: ٠٧ صفر ١٤٤١ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٦ أكتوبر ٢٠١٩م

(١) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في الوليِّ (٢٠٨٣)، والترمذيُّ في «النكاح» بابُ ما جاء: لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ (١١٠٢)، وابنُ ماجه في «النكاح» باب: لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ (١٨٧٩)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٧٠٩).

(٢) أخرجه ابنُ حبَّان في «صحيحه» (٤٠٧٥)، والطبرانيُّ في «الأوسط» (٩٢٩١)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٥٥٧).

(٣) أخرجه بهذا اللفظِ مسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٤٠) مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه. وهو بنحوه في البخاريِّ في «فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة» بابُ مسجد بيت المقدس (١١٩٧).
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from 🌸 الرَّيحَانَةُ وَالجَوهَرَةُ 💎 (رُبَّ مَجهُولِ فِي الأَرضِ مَعرُوفٍ فِي السَّمَاءِ)
سبيل #إصلاح_الأمة

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

"إنّ اللّينَ في مجالِ التّعليمِ والإعلامِ والنّصحِ والدّعوةِ والموعظةِ الحسنةِ لَهُوَ من أهمِّ الأسبابِ في انتفاعِ النّاسِ بدعوةِ الدّعاةِ ومن أهمِّ البواعثِ على تقبُّلِ توجيهاتِهم وإرشاداتِهم".

🔗 https://ferkous.com/home/?q=art-mois-2
Forwarded from 🌸 الرَّيحَانَةُ وَالجَوهَرَةُ 💎 (رُبَّ مَجهُولِ فِي الأَرضِ مَعرُوفٍ فِي السَّمَاءِ)
‏ قال الشيخ #محمد_فركوس -حفظه الله- :

« فكم من طالب علم لم ينتفع بما تعلم، وحُرم من العمل الذي هو ثمرة العلم، واتصف بمساوئ الأخلاق، وابتعد عن الشرع ».

🔗 العادات الجارية في الأعراس الجزائرية (ص ٨٨)
Forwarded from 🌸 الرَّيحَانَةُ وَالجَوهَرَةُ 💎 (رُبَّ مَجهُولِ فِي الأَرضِ مَعرُوفٍ فِي السَّمَاءِ)
في بيان خطورة #التأصيل_قبل_التأهيل

قال الشيخ #محمد_فركوس ـ حفظه الله ـ :

" والسلفية ليست مفرِّقةً، وإنما هي مجمِّعةٌ للمسلمين على التوحيد الخالص ومتابعة الرسول ﷺ والتزكية ".

🔗 http://ferkous.com/home/?q=art-mois-76
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🌸 الرَّيحَانَةُ وَالجَوهَرَةُ 💎
Photo
في ثبوت وصف #الشرك_مع_الجهل وقبل قيام الحُجَّة

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

« والواجب على المسلم بُغْضُ الشِّركِ وأهلِْهِ بلا محبّةٍ فيه ويوافق ربَّه فيما يَسخَطُه ويكرهه ولا يرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات، فيتبرّأ منها على وجه الملازمة والاستمرار، ومن حقوق البراء عدم مودّة أهل الشرك واتخاذهم أولياء، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة: ١]، وألا يستغفر لهم ولا يترحّم عليهم، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣]، غير أنّ معاداةَ أهل الشرك وعدمَ الرضا عنهم لا تعني الإساءة إليهم بالأقوال والأفعال، فبرُّ الوالدين المشركَين ومعاشرةُ الزوجةِ الكتابية بالإحسان والتعاملُ مع الكفار عمومًا بالمخالَقَةِ الحَسَنَةِ خُلُقٌ نَبِيلٌ يأمر به الشرعُ، حيث يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥]، وقال سبحانه: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ١٩]، وقال تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: ٨]، هذا من حيث المعاملةُ، أمّا تأييد أهل الشرك على شركهم ونصرته لهم فحرامٌ، وقد ترتقي حُرمَتُهُ إلى حدِّ الكفر بالله تعالى، قال عزّ وجلّ: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]».

🔗https://ferkous.com/home/?q=fatwa-667 https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse/1882
في حكم #تعزية_الكافر

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فتجوز تعزية الكفَّار بما نُقِل عن بعض السلف أنه عزَّى نصرانيًّا فقال: «عليك بتقوى الله والصبر»، ونُقِل عن الحسن قال: «إذا عزَّيْتَ الذمِّيَّ فقُلْ: لا يصيبك إلَّا خيرٌ»، وعن إسحاق أنه كان يقول في تعزية المشرك: «أكثر اللهُ مالَك وولدك»(١)، ولعلَّ ذلك خاصٌّ بالذمِّيِّ والمعاهد والمستأمن دون المحارب، ويدخل ذلك في عموم الأمر ببِرِّهم والعدلِ فيهم في قوله تعالى: ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٨﴾ [الممتحنة: ٨]».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-266

الجزائر في: ٣٠ جمادى الثانية ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٥ أوت ٢٠٠٥م

([١]) انظر: «أحكام أهل الذمَّة» لابن القيِّم (١/ ٢٠٤ ـ ٢٠٥).
في حكم بيعِ وتناوُل #البيرا_دون_كحول

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فمضمون السؤال يستدعي التفريقَ بين ذات «البيرَّا» بصفتها مشروبًا، وبين صفة تناوُلِ هذا المشروب أو طريقة تعاطيه.

والمعلوم أنَّ المشروب -في ذاته- إن كان خاليًا من المادَّة الكحولية المسكرة فهو شرابٌ جائزٌ تناولُه وبيعُه، لا يختلف -من حيث حلِّيَّته- عن المشروبات الأخرى، ذلك لأنَّ السكر هو علَّة التحريم، ويدور الحكم مع علَّته وجودًا وعدمًا، فمتى وُجد الإسكار أو انتفى فإنَّ التحريم يوجد أو ينتفي بحسَبه.

ومنه يُعلم أنَّ عصير العنب -مثلاً- إذا تجرَّد من علَّة الإسكار حلَّ تناوُلُه، وإذا انعقد خمرًا بحلول المسكر فيه حَرُمَ شربُه وبيعُه، وإذا تغيَّرت أحد أوصاف الخمر مع بقاء مادَّة الإسكار فيه فإنَّ حكم التحريم يبقى ساريًا عليه، أمَّا إذا تغيَّرت حقيقة الخمر فانتقلت من التخمير إلى التخليل فإنها تحِلُّ بالإجماع، قال النوويُّ -رحمه الله-: «وأجمعوا أنها -أي: الخمر- إذا انقلبت بنفسها خلاًّ طَهُرَت، وقد حُكي عن سحنون المالكي أنها لا تَطْهُر، فإن صحَّ عنه فهو محجوجٌ بإجماع من قبله».

قلت: فأمَّا انقلابها حلالاً فمن أجل تغيُّر حقيقتها بزوال المادَّة المسكرة منها، فكان دوران الحكم الوجوديِّ والعدميِّ مع علَّته، قال الخرشيُّ -رحمه الله-: «إنَّ الخمر إذا انتقلت من المائعية إلى أن تحجَّرت، أو انتقلت من التخمير إلى التخليل فإنها تطهر؛ لأنَّ النجاسة فيه متعلِّقةٌ بالشدَّة المطربة، فإذا ذهبت ذهب التنجيس، والتحريم والنجاسة يدوران مع العلَّة وجودًا وعدمًا».

أمَّا من جهة صفة تناوُل هذا المشروب فقد يُمنع منه من الحيثيَّتين التاليتين:

الأولى: أنه -وإن كانت العبرة بالمسمَّى لا بالاسم- إلاَّ أنَّ بين المشروب المسكر وغير المسكر تطابقًا في شكل القارورة ولون المشروب وكذا التسمية، وتورث متناولها أو بائعها شبهةً وتهمةً في دينه، والأصل في المسلم تجنُّبُ محالِّ التهم لئلاَّ يُقدح في عدالته.

الثانية: قد يتَّصف الشارب لها بأوصاف أهل الفجور والمعاصي محاكاةً لأفعالهم في معاقرة الخمرة، وخاصَّةً وأنَّ المنزوعةَ المادَّةِ المسكرةِ شبيهةٌ بها في شكلها وصورتها، الأمرُ الذي قد يجرُّه إلى محبَّة أهل الفجور وعدم الإنكار عليهم، وقد يكون ذلك دافعًا إلى الوقوع في المحرَّم.

وعليه فمشروب «البيرَّا» دون كحولٍ -وإن كان لا يَرِدُ عليه تحريمٌ من حيث ذاتُه بالنظر لخلوِّه من المادَّة المسكرة- إلاَّ أنه قد يَرِدُ المنع منها من باب سدِّ ذريعة التهمة القادحة في دينه وعدالته عملاً بقاعدة أنَّ: «الفعل إذا كان يفضي إلى مفسدةٍ وليس فيه مصلحةٌ راجحةٌ يُنهى عنه»».

🔗https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1132

الجزائر في: ٢١ من المحرَّم ١٤٣٣ﻫ
الموافق ﻟ: ١٦ ديسمبر ٢٠١١م

(١) «شرح النووي على صحيح مسلم» (١٣/ ١٥٢).

(٢) «الخرشي على خليل» (١/ ٨٨).

(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١/ ١٦٤)
في حكم #صيام_التطوع قبل قضاء الواجب

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فلا خلافَ في أنَّ قضاء الصيام الواجبِ أحرى مِنْ أداء التطوُّع لقوَّة الواجب وعُلُوِّ مرتبته على المُستحَبِّ؛ إِذِ الواجباتُ والفرائضُ مِنْ أحَبِّ القُرَبِ إلى الله تعالى، قال اللهُ تعالى في الحديث القدسيِّ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِليَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ»(١)، كما يتأكَّدُ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ وجوبُ تقديم قضاءِ رمضان على التطوُّع إذا ما خَشِيَ المكلَّفُ به فواتَ صحَّةٍ أو ضَعْفَ قُدرةٍ أو ضِيقَ وقتٍ، فإنه يَأْثَمُ بتأخير القضاء عند حصول العجز عن القيام به؛ إذ الواجبُ المطلقُ مِنْ ناحيةِ وقته أصبحَ مُقَيَّدَ الزَّمَنِ، يتعيَّن القيامُ بما هو مكلَّفٌ به في الحال وإلَّا كان مُضيِّعًا للمأمور بأدائه. وفي كُلِّ الأحوال ينبغي المسارعةُ إلى الطاعة بالمبادرة إلى قضاء الواجب عليه؛ لقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ٤٨﴾ [المائدة]، وقولِه تعالى: ﴿وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ ١٣٣﴾ [آل عمران].
كما أنَّ الحديث الواردَ في فضلِ صيامِ الأيَّام السِّتَّة مِنْ شوَّالٍ ينصُّ بظاهره أنه لا يتحصَّل على ثواب صوم الدهر إلَّا مشروطًا بصيامِ رمضانَ ثمَّ إتباعه بستٍّ مِنْ شوَّالٍ في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»(٢)؛ إذ يَلْزَمُ مِنْ تقديم صيام السِّتِّ مِنْ شوَّالٍ على قضاءِ رمضانَ عدمُ استكمال الشهر وهو مخالفٌ لمفاد الحديث؛ لذلك يُستحَبُّ تقديمُ قضاء رمضان ليُتبعَ بصيامِ سِتٍّ مِنْ شوَّالٍ؛ تحقيقًا لظاهر الحديث ليحوز على ثواب صوم الدهر.
وإنما ذكَرْتُ الاستحبابَ بدلًا مِنَ الوجوب لاحتمالِ توجيه الخطاب بالحكم للعامَّة؛ لأنَّ عامَّة الصائمين الذين رَغَّبَهُم الشرعُ بالتطوُّع يؤدُّون صيامَ رمضانَ جميعِه؛ الأمرُ الذي يقوِّي احتمالَ كونِ لفظ الحديث في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ» قد خَرَج مخرجَ الغالب الأعمِّ فلا مفهومَ له، ويُؤكِّدُ هذا الاحتمالَ حديثُ ثوبان رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ»(٣)، فإنَّ ظاهِرَ الحديث يدلُّ على أنَّ صيامَ شهرِ رمضانَ بعشرةِ أشهرٍ؛ لأنَّ الحسنة بعشر أمثالها، وكذلك في ستَّة أيَّامٍ مِنْ شوَّالٍ في كلا الحالتين يحصل ثوابُ صوم الدهر، سواءٌ تخلَّف القضاءُ عن التطوُّع أو تَقدَّم عليه.
فالحاصل: أنه إذا قَوِيَ هذا الاحتمالُ وظَهَر؛ فإنه ـ بِغَضِّ النظر عن أولوية الفرض على التطوُّع والنفل ـ يتقرَّر جوازُ صيام الستِّ مِنْ شوَّالٍ قبل قضاء رمضان، خاصَّةً لمَنْ ضاق عليه شهرُ شوَّالٍ بالقضاء.
أمَّا صيام سائر التطوُّعات الأخرى كصيام عَرَفةَ أو عاشوراءَ أو أيَّام البيض ونحوِها فإنه على الصحيح مِنْ أقوال أهل العلم يجوزُ الاشتغالُ بالتطوُّع قبل قضاء رمضانَ وهو مذهبُ الأحناف والشافعية وروايةٌ عن أحمد؛ إذ لم يَرِدْ في الشرع دليلٌ يمنع مِنْ ذلك، بل وَرَد مِنَ النصِّ القرآنيِّ ما يُفيدُ أنَّ وقت القضاء مُطلقٌ في قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: ١٨٤، ١٨٥]، حيث يدلُّ نصُّ الآية على جوازِ تأخيرِ رمضان لمَنْ أفطر مُطلقًا مِنْ غير اشتراط المبادرة بالفعل بعد أوَّل الإمكان، ومُطلقيَّةُ وقت القضاء هو مذهبُ جماهير السلف والخلف، كما يدلُّ عليه ـ أيضًا ـ إقرارُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لفعلِ عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ»(٤)، قال ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ: «وفي الحديث دلالةٌ على جوازِ تأخيرِ قضاءِ رمضان مُطلقًا، سواءٌ كان لعُذْرٍ أو لغير عُذرٍ؛ لأنَّ الزيادة كما بيَّنَّاه مُدْرَجةٌ(٥)، فلو لم تكن مرفوعةً لَكان الجوازُ مُقيَّدًا بالضرورة؛ لأنَّ للحديث حُكْمَ الرفع؛ لأنَّ الظاهر اطِّلاعُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ذلك، مع توفُّر دواعي أزواجه على السؤال منه عن أمر الشرع؛ فلولا أنَّ ذلك كان جائزًا لم تُواظِبْ عائشةُ عليه»(٦).
قلت: إنما جاز تأخيرُها للقضاء مع انتفاء الشكِّ في حرصها على عدم التفويت على نفسها رضي الله عنها لفضائلِ صيام النفل أثناءَ السَّنَة، كحرصها على العمرة حيث وَجَدَتْ في نفسها أَنْ ترجع صواحباتُها بحجٍّ وعمرةٍ مُستقِلَّين وترجع هي بعمرةٍ في ضمن حَجَّتها؛ فأمَر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخاها أَنْ يُعْمِرَها مِنَ التنعيم تطييبًا لقلبها(٧)،
أمَّا مِنْ جهة المعقول فإنه في باب الواجب الموسَّع إذا جاز الاشتغالُ بالتطوُّع مِنْ جنس الواجب قبل أدائه كالرواتب القبلية للصلوات المفروضة فإنه يجوز في الواجب المطلق مِنْ بابٍ أَوْلى كما هو شأنُ قضاءِ رمضانَ».


🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-766
الجزائر في: ١٢ شوَّال ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ أكتوبر ٢٠٠٧م
 
(١) أخرجه البخاريُّ في «الرِّقاق» باب التواضع (٦٥٠٢) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه مسلمٌ في «الصيام» (١١٦٤) مِنْ حديثِ أبي أيُّوب الأنصاريِّ رضي الله عنه.
(٣) أخرجه أحمد (٢٢٤١٢) مِنْ حديثِ ثوبانَ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الترغيب» (١٠٠٧).
(٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصوم» باب: متى يُقْضَى قضاءُ رمضان (١٩٥٠)، ومسلمٌ في «الصيام» (١١٤٦).
(٥) مقصودُه: الروايةُ التي أخَّرَتْ فيها القضاءَ إلى شعبانَ لمانعِ الشغل بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
(٦) «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ١٩١).
(٧) «زاد المعاد» لابن القيِّم (٢/ ٩٤)، وانظر الفتوى رقم: (٧١٢) الموسومة ﺑ: «في حكم تكرار العمرة» على الموقع الرسميِّ لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ.
في حكمِ #قضاء_رمضان_عن_الميت المعذور

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فمَنْ مات وعليه صيامُ فَرْضِ رمضانَ فعلى وليِّه أَنْ يُطْعِمَ عنه مكانَ كُلِّ يومٍ مسكينًا نِصْفَ صاعٍ، ولا يجوز أَنْ يُصامَ عنه لأنَّ فَرْضَ الصيامِ يجري مجرى الصلاة؛ فكما لا يُصلِّي أحَدٌ عن أحَدٍ فكذلك الصيامُ، ما لم يكن عليه ـ أيضًا ـ صيامُ نذرٍ، فإِنْ تُوُفِّيَ وفي ذِمَّتِه صيامُ نذرٍ فإنَّ ولِيَّه يقضي عنه بالصوم؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»(١)، والحديثُ ـ وإِنْ كان مُطْلَقًا ـ فهو محمولٌ على صومِ النذر؛ لأنَّ النذر الْتزامٌ في الذِّمَّة بمنزلة الدَّيْن؛ فيَقْبَلُ قضاءَ الوليِّ له كما يَقْضِي دَيْنَه، وهذا مذهبُ عائشةَ وابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهم، وهو مَرْوِيٌّ عن سعيد بنِ جُبَيْرٍ وأحمدَ بنِ حنبلٍ وغيرِهما رحمهم الله، وبه قال ابنُ قيِّم الجوزية(٢)، ويُؤيِّدُ ذلك الحديثان التاليان:
ـ حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟» فَقَالَ: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟»، قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى»»(٣).
ـ وعنه ـ أيضًا ـ: «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ»، فَقَالَ: «اقْضِهِ عَنْهَا»»(٤).
فصحَّ الصومُ عن الميِّت في النذر بمِثْلِ هذه الأحاديث، ويبقى عمومُ الصومِ مشمولًا بقولِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ»(٥)».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-221
 
(١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصوم» بابُ مَنْ مات وعليه صومٌ (١٩٥٢)، ومسلمٌ في «الصيام» (١١٤٧)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
(٢) في «إعلام الموقِّعين» (٤/ ٣٨٢) وفي «تهذيب السنن» (٧/ ٣٨).
(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصوم» بابُ مَنْ مات وعليه صومٌ (١٩٥٣)، ومسلمٌ في «الصيام» (١١٤٨)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الوصايا» بابُ ما يُستحَبُّ لمَنْ تُوُفِّيَ فُجاءةً أَنْ يتصدَّقوا عنه، وقضاءِ النذور عن الميِّت (٢٧٦١)، ومسلمٌ في «النذر» (١٦٣٨)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(٥) أخرجه مالكٌ في «الموطَّإ» ـ ترتيب: فؤاد عبد الباقي ـ (١/ ٣٠٣)، والبيهقيُّ (٨٢١٥). وصحَّح إسنادَه ابنُ حجرٍ في «التلخيص الحبير» (٢/ ٤٥٤).
في حكم وضعِ #جهاز_اللولب داخلَ رَحِمِ المرأة

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فاللولبُ عبارةٌ عن جهازٍ مصنوعٍ مِن البلاستيك، يُوضع داخِلَ الرَّحِمِ لمنعِ الحملِ، وهو معدودٌ مِن وسائلِ منعِ الحمل المؤقَّتةِ الحديثةِ التي تُقابِلُها الوسائلُ المؤقَّتةُ الطبيعيةُ: كالعزل والرضاعة والجماع في أوقاتٍ دوريةٍ مؤقَّتةٍ.

ولا يخفى أنَّ تنظيمَ النسلِ والتباعدَ بين الولاداتِ بَلْهَ تحديد النسل أمرٌ ينافي مَقاصِدَ الشريعة مِن تكثيرِ النسل وعمارةِ الأرضِ وتكثيرِ سَوادِ المسلمين، وقَدْ وَرَدَ الحضُّ على ذلك في السنَّة النبوية فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ»، ووَرَدَتِ النصوصُ القرآنية مبيِّنةً أنَّ كثرةَ نسلِ الأمَّةِ سببٌ لعِزَّتها وقوَّتها حيثُ امتنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على بني إسرائيل بذلك فقال: ﴿وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِيرًا ٦﴾ [الإسراء]، وقال تعالى ـ فيما قَالَه شعيبٌ عليه السلام لقومِهِ ـ: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ كُنتُمۡ قَلِيلٗا فَكَثَّرَكُمۡۖ﴾ [الأعراف: ٨٦]، ولا يُعْدَلُ عن هذا الأصلِ المقاصدِيِّ إلَّا عند تَعذُّرِ تحصيله لوجودِ مسوِّغٍ شرعيٍّ.

فإن أَضْحَتْ مسوِّغاتُ تنظيمِ النسل المؤقَّتِ واضحةً بالظهور أو بتقريرٍ طبِّيٍّ يُفْصِحُ عن مرضِ المرأة أو ضعفِ بدنها، أو بتحقُّقِ تضرُّرها بالحمل، أو عجزِها عن تحمُّل الوضعِ؛ حيث يُشكِّل حملُها ـ في الجملة ـ خطرًا على النفس أو ضررًا بالبدن، وقد تعذَّر عليها تناوُلُ حبوبِ منعِ الحمل لعدَمِ جدواها، أو لتحقُّقِ الآثار الجانبية والمخاطر الصحِّيةِ التي لا تتلاءَمُ مع طبيعةِ بدنِها فيحصلُ لها الضررُ مِن جرَّاءِ تناوُلها؛ فإنَّه يجوزُ ـ والحالُ هذه ـ استعمالُ اللَّوْلَب النحاسيِّ وهُو أَوْلى مِن اللَّوْلَبِ المحتوِي على هُرمُونِ الأُنوثَةِ «البروجِسْتِرُون»، وقد احتَلَّ اللَّولبُ النحاسِيُّ هذه الأَوْلويةَ لأنَّه أَحْوَطُ مِن جَانِبِ مَنْعِه لعمليةِ تلقيحِ البويضة ابتداءً، كما يعملُ مِن جهةٍ أخرى على منعِ تعشيشِ البويضةِ إن تعرَّضَتْ للتلقيح، بينما طريقةُ اللَّولب المحتوي على «البروجسترون» فإنَّه يعملُ على منعِ علوق البويضة الملقَّحة في جدارِ الرَّحِم كي لا تتحوَّل إِلى نُطفةٍ وتَنمُوَ بالأطوار المذكورة في الآية والحديث؛ فإنَّ هذه الطريقةَ الأخيرةَ تُعَدُّ نوعًا مِن الإجهاض المبكِّر جدًّا يمنعُه المالكيةُ والظاهرِيةُ وبعضُ الشافعية، حيثُ يَرَوْنَ أنَّ الرحِمَ إذَا قَبَضَ المنيَّ لم يَجُزِ التعرُّضُ له.

علمًا أنَّ هذه الوسائلَ المانعةَ مِن الحملِ لا يجوزُ استخدامُها مؤبَّدًا؛ فإذا عَادَتِ المرأةُ إلى طبيعتِها وسلامةِ بدنِها، أو عُوفِيَتْ مِن مرضِها؛ انْتَفَت بذلك مُسوِّغَاتُ تنظيمِ النسل، وَعَادَ الحكمُ إلى الأصلِ الأَوَّلِ عَمَلًا بقاعدةِ: «إِذَا ضَاقَ الأَمْرُ اتَّسَعَ، وَإِذَا اتَّسَعَ ضَاقَ»».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1022

الجزائر في: ٨ جمادى الثانية ١٤٣٠ﻫ
المُــوافــق ﻟ: أوَّل جـــــوان ٢٠٠٩م


(١) أخرجه أبو داود بهذا اللفظِ في «النكاح» باب النهي عن تزويجِ مَنْ لم يَلِدْ مِنَ النساء (٢٠٥٠)، والنسائيُّ دون لفظة: «الأمم» في «النكاح» بابُ كراهِيَةِ تزويجِ العقيم (٣٢٢٧)، مِنْ حديثِ مَعْقِل بنِ يسارٍ رضي الله عنه؛ وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٢٦١٣، ١٣٥٦٩) مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه بلفظ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، إِنِّي مُكَاثِرٌ [بِكُمُ] الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ»؛ والحديث حسَّنه الهيثميُّ في «مجمع الزوائد» (٤/ ٢٥٨)، وصحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (٢/ ٥٣)، وابنُ حجرٍ في «فتح الباري» (٩/ ١١١)، والألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ١٩٥) رقم: (١٧٨٤) وفي «آداب الزفاف» (ص ١٣٢).

(٢) وإنما تقرَّرَتْ أولويةُ الحبوبِ لأنَّها تعمل على منعِ عملية التبويض مِنْ جهةٍ، واستخدامُها يحفظ عورةَ المرأة المغلَّظة مِنَ النظر والمسِّ والملامسة ـ مِنْ جِهةٍ أخرى ـ ونحو ذلك.

(٣) في قوله تعالى: ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ مِن مُّضۡغَةٖ مُّخَلَّقَةٖ وَغَيۡرِ مُخَلَّقَةٖ لِّنُبَيِّنَ لَكُمۡۚ وَنُقِرُّ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ نُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا﴾ [الحج: ٥]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ ١٢ ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ ١٣ ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ ١٤﴾ [المؤمنون].
(٤) وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ» [مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «بدء الخَلْق» باب ذكرِ الملائكة (٣٢٠٨)، ومسلمٌ في «القَدَر» (٢٦٤٣)].

(٥) انظر: «المحلَّى» لابن حزم (١١/ ٣٠)، «إحياء علوم الدين» للغزَّالي (٢/ ٥١)، «القوانين الفقهية» لابن جُزَيٍّ (٢٠٧).
في توضيحِ إشكالٍ على بعضِ #الأسماء_المنهي_عنها

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«ﻓ «مَاسِينِيسَا» أو «مَاسِينَا» أو «مَاسَنْسَنْ» ـ باختصارٍ ـ هو اسمُ علمٍ مُذكَّرٍ أمازيغيٌّ معناه: سَيِّدُهم أو قائِدُهم.

ويُطلَقُ هذا الاسمُ على مُؤَسِّسِ دَولةِ نُومِيدْيَا المُوحَّدةِ الَّتِي عاصمتُها «سِيرْتَا» (قَسنطينةُ)، وهو أوَّلُ مُلوكِها، فقد خاضَ «مَاسِينِيسَا» معاركَ ضِدَّ الرُّومانِ، وكان حَليفًا لِقَرْطَاجَة في الحربِ البُونِيقيَّةِ الثَّانيةِ، قبل أن يتحوَّل إلى حليفٍ للرُّومانِ، ومِن أبناءِ «مَاسِينِيسَا»: «مِكِيبْسَا» وأخوه: «مَسْطَانَ - بَعل»، وهو والدُ «يُوغُرْطَةَ» حفيدِ «مَاسينِيسَا».

هذا، و«يُوغُرْطَةُ» اسمُ عَلمٍ مُذكَّرٍ أمازيغيٌّ، معناه: أكبَرُهم سِنَّا، ويُطلَق ـ أيضًا ـ على كبيرِ القَومِ أو على جليلِ القَدْرِ، وقد نشأَ «يُوغُرْطَةُ بنُ مَسْطَانَ - بَعل» في فترة حُكمِ عَمِّهِ المَلِك «مِكِيبْسَا».

ولا يخفَى سَبْقُ زَمنِ هؤلاء المُلوكِ على مِيلادِ عيسى عليهِ السَّلام، بَلْهَ البِعثَةَ النَّبويَّةَ بقُرونٍ عديدةٍ، ومعلومٌ ـ أيضًا ـ تحالفُهم مع الرُّومانِ ـ آنذاك ـ وتَآزُرهُم مع دَولتِهم الوَثنيَّة، معَ كونِهم أَنفسِهم وَثَنيِّينَ، لذلك أَدخلتُ هَذَينِ الاسمَينِ ضِمْنَ الأسماءِ المَكروهَةِ لِمَا يتَّسِمُ به غالبُ المُلوكِ الكُفَّار مِنْ صِفَةِ الفَرْعَنَةِ والجَبَرُوتِ والتسَّلُّطِ والطُّغيانِ ـ أوَّلًا ـ، ويدلُّ على ذلك قولُه تعالى ـ حكايةً عن بِلْقِيسَ ـ: ﴿إِنَّ ٱلۡمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرۡيَةً أَفۡسَدُوهَا وَجَعَلُوٓاْ أَعِزَّةَ أَهۡلِهَآ أَذِلَّةٗۚ وَكَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ٣٤﴾ [النمل]، فضلًا عن الوَثنيَّةَ التي كانوا عليها ـ ثانيًا ـ، قال ابنُ القيِّم رحمه الله ـ في معرِض ذِكرِ الأسماءِ المَكروهَةِ ـ: «ومنها: أسماءُ الفراعنَةِ والجبابِرَةِ كَفِرعونَ، وقارونَ، وهامانَ...».

علمًا أنَّ إحياءَ مِثلِ هذهِ الأسماءِ الأَمازيغِيَّةِ ليس بَريئًا، بل يُرَوِّجُ لها ـ في الغالبِ ـ أهلُ الشُّعوبيَّةِ والتَّغريبِ والانفصالِ بغَرَضِ إلغاءِ الشَّخصيَّةِ المُسلمةِ وقطعِ الصِّلةِ بالدِّينِ والعربِ، ففي ذلك عِبرةٌ لِمَنْ تَدبَّر واعتبَرَ».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1255

الجزائر في: ٢٧ رجب ١٤٤٢ﻫ
الموافق ﻟ: ١١ مارس ٢٠٢١م


(١) وللمزيد مِن ذلك يُمكن مراجعة «تاريخ الجزائر في القديم والحديث» للميلي (١/ ١٨٥، ١٩١).

(٢) «تحفة المودود في أحكام المولود» لابن القيم (١١٨).
#تبيين_الحقائق للسالك لِتَوقِّي طُرُق الغواية وأسبابِ المهالك

قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«هذا، وقَدْ حاولتُ ـ جادًّا ـ مِنْ خلالِ النَّظر في الرُّدود على مقالي السَّابق، والموسومِ ﺑ: «تسليط الأضواء على أنَّ مذهبَ أهلِ السُّنَّة لا يَنتسِبُ إليه أهلُ الأهواء» أَنْ أجِدَ ـ في أقلام الكُتَّاب المُخالِفين، الَّذين ادَّعَوْا لأَنْفُسهم الصِّدقَ والإنصاف، وفي مقالاتِ المُعترِضين وتعليقاتِهم، مِنَ الصحفيِّين المُنتسِبين إليهم والمأجورين وغيرِهم ـ انتقادًا بنَّاءً أو اعتراضًا مُفيدًا، يحمل بصيصًا مِنْ نورٍ أو أَثَارةً مِنْ عِلمٍ لعلَّها تنفعني، لكنِّي ـ مع الأسف الشَّديد ـ لم أَجِدْ لهم صِفةَ الصِّدق خُلُقًا، ولا العدل مُتَّصَفًا، ولا الحقِّ مُنصَفًا، بل حليفُهم الافتراءُ والادِّعاءُ المُجرَّدُ عن الدَّليل، المُفرغُ عن الحُجَّة؛ سَلَكوا فيها سبيلَ التَّناقضِ والالْتِواء، في مُحاوَلةِ تدعيمِها بكُلِّ ما يَصِلُ إليهم مِنْ أكاذيبَ وأباطِيلَ، وحَشَوْا مقالاتِهم وسوَّدوا صحائفَهم بما افترَتْه أقلامُهم المسعورةُ مِنَ التَّهجُّم والنَّبز بالألقاب الشَّنيعة والصِّفاتِ الذَّميمة التي رمَوْني بها بلا مُستنَدٍ ولا دليلٍ، مع تقطيعٍ للمعنى الذي تحمله عباراتي وألفاظي، وإظهارٍ للتَّعجُّب منها، وغيرِ ذلك ممَّا يُعَدُّ فجورًا في الخصومة، وخروجًا عن الأدب الرَّفيع، وبُعدًا عن القصد مِنَ المناظرة والمناقشة، فقَدْ نَسبوني ـ ظلمًا وزورًا ـ إلى ما هم أَوْلى بالاتِّصاف به، مِنَ التَّكفير والغُلُوِّ والطُّغيان والتَّطرُّف والظلم والجهل والابتداع والضَّلال والسَّفه والغوغائيَّة، بل قَرَنوا اسْمِي بأحداث التِّسعينيات وسَفْكِ الدِّماء واستحلالِ الأعراض مِنْ غيرِ بيِّنةٍ ولا برهانٍ، وهم أعلمُ بأصحابِ هذه الفتنةِ ومَنْ سَعَى في خراب البلاد وإفسادِ العباد، وغيرها مِنْ أنواع الشَّتيمة التي يَستخدِمُها المُبطِلون والضُّعَفاء، الَّذين لا يحصِّلون مِنَ العلم أو الحقِّ طائلًا؛ إذِ الشَّتيمةُ والوقيعة والتَّهجُّم عند النِّقاشِ حيلةُ العاجز وبضاعةُ المُفلِس؛ «فإنَّ الرَّدَّ بمُجرَّد الشَّتم والتَّهويل لا يعجز عنه أحَدٌ»، فاستعمَلوا ـ في ذلك ـ أسلوبَ التَّخويف والإرجاف، وتحريضِ السُّلطان تهويلًا وتهييجًا، وتضخيمًا وتهريجًا، لمَّا أَفجَعَهم مَقالي وآلَمَهم؛ وهذا أمرٌ طبيعيٌّ لأنَّ الصُّراخَ على قَدْرِ الألم؛ ولا يُحيِّرني صاحبُ هوًى في إنكاره لِمَا عليه أهلُ السُّنَّة مِنْ حقائقَ ووقائعَ، ولا يَهُزُّني مَوقفُه؛ لِعِلمي أنَّه لا يُقيمُ للأدلَّة وزنًا، ولا يُعيرُ لها بالًا، وهي واضحةٌ وضوحَ الشَّمس في رائعة النَّهار، وإنَّما يُنكِرها الجائرُ الصَّلِف، ويردُّها المُكابِرُ غيرُ المُنصِف».

🔗 https://ferkous.com/home/?q=art-mois-126
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2024/10/03 23:26:33
Back to Top
HTML Embed Code: