Telegram Web Link
‏انتي هنا، على الأقل تبدين كما لو أنك هنا، لكن ربما لست كذلك، ربما هذا ظلك فقط، انتي الحقيقية في مكان آخر، أو لعلك اختفيت منذ أمد بعيد.
‏أيها اليأس
لا أُحبك كثيراً
لا تناسب ثيابي ولا سجائري
لماذا تقيم هنا
ضخمًا كخزان،
محتلاً نصف حياة؟
ألا يُمكنك أن ترتفع إلى شجرة ما
بدلاً من أن تستقر هنا عند جذوري؛
لكي تطردني من حياة ألفتها
منذ زمن طويل؟
‏هل أنا مرئي، ظاهر، مُلاحَظ، موجود في حيّز الأنظار؟ أم أن الأعين تتجاوزني بجفاءً قاس؟ أعلم بأن العتمة تُظلّلني، والضوء يسطع في كل بقعة لا أكون فيها، ولكنني سئمت، حتى نفسي لم أعد أراها، والمرآة لا تنقل لي سوى إحساس فارغ، بأن هذا الذي ينعكس أمامي ليس إلا شخصاً كان عليه أن يبدو هكذا.
‏أنا موجود، كما أنا
هذا يكفي
حتى لو لم يعلم بي أيّ امرئ في العالم،
فسأجلس راضيًا
ولو علم بي كل امرئ وأي امرئ،
سأجلس راضيًا
ثمّة عالم واحد يعلم بي، وهو -لي- العالَم الأكبر
إنه نفسي.
‏عليّ أن أغادر، نحو مالا يُتيح لي سبيلاً للرجوع، مخرجًا للتراجع، ثُقبًا للوداع، وامضي مبتعدًا، بخطوات واثقة، عن كلّ مألوف، حتى تتلاشى صورتي البائسة من أعين الوجود، كرجل يسير في صحراء، يبتلعه المشهد الضبابيّ السائل للسرّاب، يحمل ما تبقى من حياته؛ ليبدأ أخرى جديدة، مجهولاً، أعزلاً.
‏أتمنى أن يتلاشى خوفك وقلقك وأن يحلّ محلهما الطمأنينة والسلام.
‏أرجو أن تأخذكِ الحياة لما تريدي ولما تحبي أن تكوني بشدة، أن تعيشي دائمًا في الرحابة والاتساع ولا تضيق عليك أبدًا، أن تحملي سعادتك معك أينما كنتِ، أن تكوني فخورة بنفسك ما حييت.
إن حبكِ كافٍ جداً لترميمي، علاقتي بك منحتني نسخة تجريبية من الاعتداد بالنفس، ومرور أصابعكِ فوق وجهي يلغي من ذاكرتي كل تاريخ الدموع القديمة.
‏سوف تتوقّف عن حبِّي. أنا متيقِّن تقريباً من ذلك. إنّها تقول إنّي طيب. لا أحب سماعها تقول ذلك، فلهذا السبب تحديداً سوف تتوقف عن حبّي
‏بما أن كلّ شيءٍ يمضي،
دعونا نردّد اللحن العابر؛
سيكون على حقٍّ
مَن سيروي عطشنا.

لنغنّي ما يغادرنا،
بحبٍّ وبراعة،
ولنكن أكثر سرعةً
من الرحيل سريعاً.
‏كلّ خطوة تقتلعني من جذر
ويداي تلامسان أحجار من دون أصداء.
كلّ شيء يعيد تشكيلي ويفتُّ في كبريائي. نظراتٌ ملساء تربكني.
لا شيء يدل عليّ، كل شيء يشير إليّ.
‏في كلّ شيءٍ نظرتُ إليه
تركتُ جزءاً مني
مع كلّ شيء رأيته ثم مضى،
مضى جزءٌ مني
فذاكرتي لا تميز بين ما رأيتُه وما كنتُه.
‏ما يسكن حولك
سيعتاد قريباً أن يسكن فيك:
حيث أقمت سياجك على الدوام
تزهر عاداتك.
‏أعترفُ أنّي لا أستطيع الحركة أبعد من قطار التفكير هذا،
شيءٌ ما يعوق حركتي،
شيءٌ لستُ ناضجًا بما يكفي لاكتشافه.
ويبقى شيء من عبق الماضي عالق بنا بالرغم من متغيرات الزمن، شيء تعجز يد النسيان أن تطاله.
‏أُعبِّر عن شيء ما حتى قبل أن يكتمل الشعور تجاهه - هذا ما يجعل الأقوال نوعاً من التصنُّع، نوعاً من الرياء، وهذا التسرُّع، هذا التسابق في الرأس هو أيضاً ما ينتشلني من الالتصاق بالأرض، ويجعلني أرتفع إلى مكان فارغ ومؤلم.
وحيداً بلا مستقبَل في دقيقة راكدة وملوَّثة.
‏الحقيقة ما عدتُ أستطيع أن أحصل من الحياة على اللحن الذي أتوقعه في الوقت المناسب. إنّني ألمسُ وتراً خاطئاً في وقتٍ خاطىء فأحصل بالمقابل على اللحن الخاطىء. وكثيراً ما يتحول كل شيء إلى صخب مزعج وقرع طبول وأحياناً ينفجر دويّ هائل يزرع الكَدَر في قلب أكثر لحظاتي أماناً.
‏كان ذلك أجمل من أن يَستمر.
‏أنا لستُ الرماد ، لكني مثل الرماد أعرف "ماذا يعني الاحتراق حتّى النهاية.
2024/10/02 06:25:45
Back to Top
HTML Embed Code: