Telegram Web Link
قصيدة "الثوب الذي نرتديه" ١٩٩٤
الأدب الأمريكي، القرن ٢٠
الشاعرة: كيلي شيري
ترجمة: محسن شلالدة

هل تذكر؟ عندما كنا في غرفة
بجدران دافئة مثل أنفاس شخصٍ ما ،
ونسجتنا الموسيقى على نولها المزخرف ،
نول الحياة والموت المعقد.
تحركت يداك على وجهي مثل السحب الصغيرة.
(سقط المطر في نهر وغرقتْ قطراته في مكان ما).
كنت أتنقل بين أصابعك ، محطمة بالفراغات الصغيرة
بينها، أشعر أنني معروفة ، في كل مكان ،
وفي ذلك البلد اليائس بعيدًا عن هنا ،
سمعتك تقول اسمي مرارًا وتكرارًا ،
صوتك يشق طريقه في أذني.
سأقضي أيامي في العمل لاكتشاف
النمط ومعناه ، ما كنت تقصده،
الأمور التي تعقدت من استغلالك.
يحدث في اعماق الغابة ..
Forwarded from الملاك الحارس. (مروة..)
أنْ نهجرَ الآنَ هذه الأشياء الغامضةَ كلَّها
كلَّ ما نملكُ وما لا يعودُ مع ذلك إلينا،
والذي، كَماءِ النّوافيرِ الهرِمة،
يعكسُنا راجفًا ويُشوّهُ صورتَنا؛
كلَّ هذه الأشياء العالقةِ بنا مرّةً أخيرة،
كَنباتاتِ مسلّحةٍ بالأشواك؛ ألاّ نتوقّف،
وأن ننظرَ إلى هذا أو ذاك،
اللّذين ما عُدنا لِنراهُما
(لفرطِ ما أصبَحا يوميّين ومبتذَلين)،
أنْ ننظرَ إليهما عن كثبِ وعلى حينِ غرّة؛
بعينٍ رقيقةٍ ومُسالمةِ كأنّنا نراهما لأولِ مرّة؛
وأن نشعرَ، بصورةٍ غامضةٍ، كم أنَّ الألم
الذي كان يملأ طفولتنا حتّىٰ لَتغصُ به،
هوَ شيءٌ ينقصُّ بلا تمييزٍ علىٰ كلَّ واحد
وأنْ نغادرَ مع ذلكَ، منتزعينَ اليدَ من اليد
كَمنْ ينكأُ جُرحًا مندملاً،
وأنْ نروحَ أبعدَ. إلىٰ أينَ؟ صوبَ المجهول،
إلىٰ أرض غريبةٍ، نائيةٍ وحارّة،
تقفُ وراء أفعالنا مثلَ كواليس
لا يهم أن تكونَ حائطًا أو حديقة؛
أنْ نرحلَ؛ ما يحدونا؟ غريزةٌ أو اندفاعٌ مفاجئ،
لهفةٌ أو حاجةٌ غامضة،
بَلاهةٌ أو انعدامُ قدرةٍ علىٰ الفهم.

أن نتحمَّل وزرَ هذا كلَّهِ، تاركينَ للا سببٍ،
أشياءَ ربّما كنّا نملكها حقًّا،
لنموتَ وحيدينَ دونَ أن نعرفَ لماذا_

أهيَ بدايةُ حياةٍ جديدة.؟


ريلكه.
لم يكنِ الهاربُ أخي
لم يكن الهارب أخاً اصلاً،
بل لم يكنِ الهارب هارباً.
تجاعيد قصائده الأخيرة تنبئُ بعدم تشبث الفكرة فيه.
هنالك ازدحامٌ عصيٌّ على الدلالات التي يستخدمها.
لم يكن الهاربُ يعرف قيادة النظام لوحده.
ولم يكتشف،
أنْ ليس هنالك أنظمة.

لم يكن الهارب هارباً حسب تصوّرهِ،
لكنّه ظلَّ يتفاجأ يومياً بعدمِ معرفتهِ
لطريق العودةِ.
وهو لم يكتشف،
أن لا طريق عودة أصلاً.

كانت الجريدة والمجلّة الفصليّة، تشكلانِ الوجهة الوحيدة التي تعطيه الإلهام للكتابةِ.
وهو يكتبُ،
رغم معرفته بأن قصائده مليئة بالتجاعيد.
لكنّه لم يكتشف، أنْ لا تجاعيد تظهر على القصائدِ،
فكيف لقصيدةٍ أن تكبُر؟!

لم يكن الهاربُ باحثاً،
كان يرسم طريق الرحلة بشوارعَ كثيرةً.
لكنّه لم يكتشف،
أنّ كل الشوارعِ تلك، ليست على الخريطة.

لم يكن الهاربُ هذا، باحثاً عاديّاً.
كان يكتبُ، بالرغم من معرفته بأن الذين يقرأون، ليسوا بحاجةٍ للنصحِ.
وأن من ينتظرون اصداراته الجديدةَ،
المليئة بالثوراتِ والهرب،
يسوقهم الفضول لرؤية الغلاف واسم دار النشر.

لم يكنِ الهاربُ شاعراً،
برغم أن الشعر كان دافعه الوحيد.
لكنّه لم يكتشف،
أنِ الشعر ليس دافعاً.


| مهدي المهنا
اشعل الان لفافة اخرى وافكر ، هل كانت لي طفولة حقاً ؟ ، صوت المعلم المبحوح يأتي اصماً مثل القرميد من بداية الصف وكآبة هائلة تجثم على روحي الصغيرة في تلك الشتاءات عندما يحين الليل قبل انتهاء الدرس الخامس، كنت مهموماً جداً ومثقلاً بأحزان غامضة ، في الاول ابتدائي اتذكر انني افرغت حقيبتي عند البزل عندما رأيت ثلاثة جراء يتيمة وبجانبهم كتلة بيضاء مدهوسة تحت المطر والحليب يرسم خطاً ابيضاً على الدم ، حملت الجراء الى البيت تاركاً الكتب تحت المطر الحزين ، و في البيت صرخت امي و جرتني من اذني انا والكلاب والحقيبة نحو البزل ، كانت الكتب ملتصقة ببعضها بالماء كانت بلا فائدة وساح حبرها لكنها اجبرتني على حملها وافراغ الحقيبة من الجراء ، في الطريق كان الشارع غريباً وبارداً وكانت اسلاك الكهرباء تلتمع بطريقة رثائية بعيني الغارقة بالدموع ، ومن الحقيبة كان الحبر يسيح مخلوطاً بالمطر وبين خطوة واخرى كنت التفت للجراء وكانت تنظر لي من بعيد منكسرة كأنها تقول لي لقد خسرت درسك الاول ولن تعيش مرتاحاً ما حييت بعد الان ، نمت ليلتها مصفوع الخد والقلب وذهبت للمدرسة مراراً وادرت عيني نحو مكان الجراء ولم اجدها ، كبرت بعدها ولم يعد يصفعني احد لكنني بقيت اتحسس الصفعتين في كل ليلة ، وما ححييت ابداً مثلما قالت الكلاب ، في كل فرح كان هنالك كلب يموت جوعاً ، وفي كل مسرة هنالك حليب كلبة مخلوط بالاسفلت ، وكل ما كتبته لم يكن سوى حبر خائب يسيل من حقيبة العمر ويلوث خطوتي الخائبة ، مراراً تخبرني الكلمات حتي السعيدة منها بأنني لن احيا مهما حاولت ، كل كلبة تصادفني في الطريق تهمس لي بعيونها ، عيون الجراء نفسها وتذكرني بالعهد ، لن تحيا ، ولم احيا ابداً مثلما قالت الجراء وبقيت حياتي كما لو انها مطر حزين يسقط مخلوطاً بحبر الطفولة ويُلمع مقصلة بحجم الروح
ألم ترسم شجرة ؟
ما الذي جعلك تبكي كأنَّك في البيت.
ولماذا أغلقت الستائر وكأنَّك ستبكي.

ولمن فتحتَ الباب.

كنتُ أفكِّرُ فيك وحسب. كأنَّكَ كالأمثال، والحِكَم القديمة
لا تنفعُ من المرض.
ولم تنم بجانبي مَرَّة
في وضح النهار.

كأنَّك كالأمثال، لم تحدث، ويتحدثُ عنك الناس.

.ابراهيم جابر ابراهيم
في اليوم الأول لجلوسي إلى ورقة بيضاء كي أكتب الرواية، قررت خوضها بجسارة اليائس من واقع الرواية. رواياتي صعبة، أعرف ذلك. فسيفساء مدروسة، أعرف ذلك. متقاطعة الواقع كلعبة بلا ميثاق. لو رغبتُ في سهلٍ من السرد، وحَيَواتٍ مبذولة في الشارع، كنت فتحت على نفسي، في الواقع الضحل للرواية العربية المحطمة الخيال والإشكال، سخاءً من المديح والترجمة، أنا صعب، وكتابتي اشتغال قدري عليَّ واشتغالي على قدري.

سليم بركات
Channel name was changed to «مصطفى وحدان»
الولد السافل

من الشوارع الخلفية
من السطوح
والمخافر
كان يهرب دائماً تاركاً دمه حصة للذباب
وكلمة بذيئة يعلقها في الهواء لمن يجدها
الولد السافل ، بعيون حمراء على الدوام
وساعد مزرق من الابر والكلبشات
الولد الذي ماتت عائلته في حادث غامض
لا ينتظر مستقبلاً
وماضيه كله مهدد بصافرات الشرطة
حاضره يعتمد على نوع حذائه دائماً
القافز الهائل من البنيات والشبابيك
المطارد حتى في احلامه
لا تقتربوا منه
لا تأمنوا له
فلا يملك في فمه سوى كلمات بذيئة وبصاق وموس
ولا يملك في عينه سوى الالوان الفاقعة لل ال س دي
الولد الذي قتل والده في الحمام
وامه في السطح
لم يكن شيطاناً
ولم يكن ملاكاً
انه فقط كان يملك شيئاً في داخله
شيء مجهول
يشبه صوت تكسر جيتار كهربائي في مسرح مظلم
او صفعة مدوية على خد مبلل في صباح مطير
شيء لا تصفه الكلمات
ولا يخرجه البكاء
وبدلاً من البحث في المعاجم
او شق الصدر بسكين صدئة
قرر الولد ان يكون مزاجه عكراً
لأن اللغة قليلة
والسكاكين ليست حادة بما فيه الكفاية
ماء على جدار المدينة

يظنون
عندما نمشي حفاة في المطر
ونضحك .. انناا مجانين
المدينة لا تعرف المزن
ولا اي غيمة سوداء حملتنا الى هذه الشقق الضيقة والعالية
نحن ابناء الفسيح
ولدنا في شمس السنابل
وكان صندلنا عريشة العنب
تلطخت اقدامنا بما اكلناه ونحن نطارد دجاج الماء من قصب إلى جحر
لا يعرف الاخرون لماذا نبكي في المدينة حين يرتبك الماء في غير موسمه
ولماذا نهتز في الرعد مثل فزاعات خائفة
كلما ماتت مزنة على مرمر المدن
نموت من الكآبة مثل بئر جف فيه القمر
مجانين .. هكذا يقولون
يضحكون … عندما نرفع ايدينا مستقبلين الماضي بمائه وعشبه وحباته الثقيلة
يضحكون …عندما نضحك بأعلى اخضرار فينا
وعندما ننطلق في الشوارع بحثا عن زهرة ليست رسماً على جدار ولا نقشاً على سجاد
زهرة مندفعة ومراهقة ترفع رأسها من فراغات المرمر الصارم
لندخل في لمعانها ونخرج هناك
حيث المزن .. حصتنا الوحيدة من رحمة الله
الشعر رسالة استغاثة
..............

قبل أنْ أبلغَ السابعةَ والعشرين من عمري لم أكنْ رأيت البحرَ. كنتُ أكتبه في القصائدِ وأحلمُ به مطوّلاً من دونِ أنْ أراه عياناً، فقدْ كان لي بحري الخاصّ.

ومَنْ يحتاج إلى رؤية بحرٍ إذا كان قد كتبه من قبلُ في قصيدة؟ لأني ـ أقول لنفسي ـ إنما أرى ما أرى لأكتبه، وإذا كنتُ كتبتُه فما الداعي لرؤيته؟
كان لي بحري الشخصيّ إذن، وكان مُخلّقاً من اتساعٍ لا يحدُّ ورسائل في قنانٍ زجاجية مغلقة. ومنذ طفولتي لم يقفز لفظ "بحر" إلى ذهني إلا ومعه رسائل يلقيها مجهول ضائع إلى مجهولٍ منقذ.
هكذا كان بحري ماءً وفيراً ورسائل استغاثة.
ثبتتْ هذه الصورة في مخيلتي، حدّ أنها غدتْ هي الشعر نفسَه، وبعد سنوات طوالٍ سأكتب مقالاً بعنوان "نداء استغاثة" ملخّصه أني لا أحفل كثيراً بالسؤال عمّا إذا كان الشاعر يكتب للعامة أم للنخبة، رأيت هذا سؤالاً ساذجاً ورأيت الشاعرَ سفينةً موشكةً على الغرق وقصيدتَه نداءَ استغاثة. آخر ما يفكّر به المستغيث هويّة المنقذ هل هو من النخبة أم من عامّة القرّاء. قلت: من يقرأني جيداً ينقذني من التلف.
هذا كان الشعر لديّ ولم يزلْ
لكنّ هذه الرؤية لم تأتِ من استيهامات الطفولة وحسب؛ لم تأتِ من بحر مرسوم على ورق كتاب الأطلس الذي كان سلوى طفولتي، بل من حدثٍ عميقٍ صار وشماً على وجداني أيامَ مراهقتي وشاركني إياه شاعرٌ كان صديقي الشعريّ الوحيد آنذاك.
الشاعر اسمه محمد هاشم، يعمل الآن طبيباً في إيرلندا، وأفرح كما يفرح من استعاد طفولته كلّها حين أراه هنا في فيسبوك منشغلاً لا يزال بالشعر.
كنا في بغداد منتصف الثمانينيات، مراهقينِ يكتبانِ الشعرَ وقدْ فتحا أعينهما على نمطٍ جديدٍ من الشعرِ غريب، يكتبه زاهر الجيزاني وسلام كاظم وخزعل الماجدي والقصائد القليلة التي تتوفر بصعوبةٍ لشاكر لعيبي وسواه ممن هم خارج العراق.
فالعراق لا بحر فيه ولا حريّة.
وأذكر أني قرأت للفرنسي غيفيليك: "إنْ لم يكن لك بحر فعندك راحة يدك"، وما أعظمها من جملة شعرية في الزهد الذي يربّي الأرواح. لكننا لم نكتفِ براحتيْ يدينا، كان عندنا نهر دجلة الذي هو أكبر من راحةِ اليدِ وأكثر شبهاً بالبحر.
كنا كلما التقينا أنا ومحمد هاشم نذهب إلى متحفِ الروّاد على نهر دجلة، نرى لوحات فائق حسن وغيتار جواد سليم ونتلصص على عيون الفنانة ليلى العطار "التي اغتالتها لاحقاً طائرة أميركية"، ومرة ضبطتنا العطار ونحن ساهمينِ ننظر من درابزين السلّم إلى عينيها الحلوتين فضحكتْ منا بغنج.
بعد أن تتشبّع عيوننا بأعمال الروّاد وعيني ليلى، نخرج إلى ضفة النهر. معنا في أعماقنا زاد وفير من الرؤية التي تصلح لأن تكون قصائد، ومعنا في جيوبنا قصائد حقيقيّة مكتوبة بأقلام الرصاص غالباً نتلوها على مسامع دجلة.
لا أعرف من اقترح أولاً أن نضع كلّ قصيدة نفرغ من قراءتها في زجاجة نغلقها ثم نرمي القنينة في النهر، حقاً لا أذكر صاحب الاقتراح، لكني إذا استذكرت شغفي بندءات الاستغاثة أظنّه أنا! هل هو أنا يا محمد؟
هكذا قمنا بالأمر، يقرأ محمد قصيدته، يلفّ الورقة ويضعها في قنينة من القناني الكثيرة التي يتركها سكارى ليالي أبي نؤاس على الجرف، نغلقها ثم نطوّح بها بعيداً في الماء الجاري أبداً إلى الجنوب.
ثم أقرأ أنا قصيدتي ـ نداء استغاثتي وأفعل ما فعله محمد.
عشرات القصائد التي لم نكن ننشرها كان يأخذها ماء دجلة إلى حيث لا نعلم.
وكنا نحلم ـ مستيقظين ـ أن قنينة ما ستُفتَحُ هناك. شابّ هزيل مثلنا سيجد قنينة مغلقة على جرفٍ ما في أرض بعيدة، شاعرٌ ربما، لأن فضوله؛ فضول الشاعر سيدفعه لفتحها وإخراج الورقة التي كتب فيها شاعر مراهق نداء استغاثته.
أيها الشابّ الجميل الهائم المقيم حيث لا يصل النظرُ، إنّ هذا النداء أتى لك من مكان بعيد وصادف أنك أيها المنقذ كنتَ في اللحظة الموعودة هناك.
هكذا كنت أكمل الحكاية إلى آخرها في خاطري:
أيها القارئ
أيها الشابّ الوسيم
كتبنا لك نداءات استغاثة كثيرة
كنّا نريد منقذاً فحصلنا عليك!
......
احمد عبد الحسين
2024/09/21 23:32:43
Back to Top
HTML Embed Code: