كُل من يُتاجِر بالدّين هو أخطر من أيّ تاجر مُخدّرات في العالم ، إنه يسرق من الفُقراء ثروتهم الوجدانية ويُحوّلهم إلى مُتسولّي دولة !!
#المسكيني
انا عن نفسي عجزت عن تفسير حالته !!
#المسكيني
انا عن نفسي عجزت عن تفسير حالته !!
إن أقوى الشهوات يمكن أن تذبل و تموت بالترك ..
إن النار كامنة في الحجر ..و لكنها لا تخرج من كمونها إلا بقدح الحجر بالحجر ..قدح الذكورة بالأنوثة هو الذي يُولد الشرر ..
" ابتعد و اترك و اهجر و غضّ بصرك "..
اضرب خيمتك في فلاة ..فإذا اشتقت عضّ على بنانك و ابك و غن و انشد الشعر ، و خرّ على وجهك ساجداً و اطلب من ربك المدد و اشتغل بالصلاة ، و اعمل طول يومك في عمل منتج مفيد ..
فليس أشرف من الكمال الخلقي و قهر الهوى و رياضة النفس على الحكمة ..
فهل بدأت معركتك ؟؟
إن لم تكن قد بدأت .. فشمر ساعديك و ابدأ من فورك .. قبل أن يعاجلك الأجل فتموت حيوانا ، و تُحشر مع الحيوان ..
أخرج من عوائدك .. اطفئ سجارتك و حطم كأسك ، و ألق بزجاجة المنوم من النافذة ، و غالب ضعفك ، و اقمع شهوتك و خاصم شيطانك ، و خالف نفسك ، و قاوم محبوبتك ، و تحمل مكروهاتك ، و اهجر أفيونتك ، و خاصم معشوقتك ..
~
كتاب / هل هو عصر الجنون
د / مصطفى محمود رحمه الله ..
إن النار كامنة في الحجر ..و لكنها لا تخرج من كمونها إلا بقدح الحجر بالحجر ..قدح الذكورة بالأنوثة هو الذي يُولد الشرر ..
" ابتعد و اترك و اهجر و غضّ بصرك "..
اضرب خيمتك في فلاة ..فإذا اشتقت عضّ على بنانك و ابك و غن و انشد الشعر ، و خرّ على وجهك ساجداً و اطلب من ربك المدد و اشتغل بالصلاة ، و اعمل طول يومك في عمل منتج مفيد ..
فليس أشرف من الكمال الخلقي و قهر الهوى و رياضة النفس على الحكمة ..
فهل بدأت معركتك ؟؟
إن لم تكن قد بدأت .. فشمر ساعديك و ابدأ من فورك .. قبل أن يعاجلك الأجل فتموت حيوانا ، و تُحشر مع الحيوان ..
أخرج من عوائدك .. اطفئ سجارتك و حطم كأسك ، و ألق بزجاجة المنوم من النافذة ، و غالب ضعفك ، و اقمع شهوتك و خاصم شيطانك ، و خالف نفسك ، و قاوم محبوبتك ، و تحمل مكروهاتك ، و اهجر أفيونتك ، و خاصم معشوقتك ..
~
كتاب / هل هو عصر الجنون
د / مصطفى محمود رحمه الله ..
سمعتهم يتحدثون عن الحب.. و يغنون للحب.. و يحلمون بالحب.. و يتكلمون عن الشفاه و الخدود والنهود، و يرتلون التسابيح في جمال لبنى، و يركعون على أعتاب لمياء، و يسجدون في محراب ليلى..
فلمّا حدثتهم عنك يا إلهي أشاحوا بوجوههم عني، و كأني أزعجتهم من حلم. و ما دروا أنهم ما سجدوا إلا في محرابك، و ما سبّحوا إلا لجمالك، و ما ركعوا إلا لك، و إن جهلوك و أنكروك و كفروا بك.. فما ظهرت المحاسن إلا عنك، و لا بدت الجميلات إلا بجمالك، و ما سحرتهم ليلى الا بمفاتنك، وما اسكرتهم العيون إلا بسرّك، و ما أذهلهم بالحق إلا وجهك.. فما ثم إلا وجهك.. تقدس وجهك عن الأسماء. و من هي ليلى ولبنى وسعدى ولمياء ؟ إن هي إلا أسماء نقشتها رياحك على بحرك، و غداً تنقش لنا أسماء أخرى و أخرى.. و كلها إلى زوال، و أنت أبداً إلى بقاء . يا بحر الجمال والمحبة..والذين عرفوك وعبدوك واحبوك، وغرقوا فيك وحدك قد احبوا الحب الجميع المجتمع ورشفوا من البحر كله، وسبحوا في الباقي، واعتصموا بالحي وسجدوا للحق، وركعوا للموجود ابدا ودائما سبحانك يامن له الحب كله..
د. مصطفى محمود ( رحمه الله)/ عصر القرود.
فلمّا حدثتهم عنك يا إلهي أشاحوا بوجوههم عني، و كأني أزعجتهم من حلم. و ما دروا أنهم ما سجدوا إلا في محرابك، و ما سبّحوا إلا لجمالك، و ما ركعوا إلا لك، و إن جهلوك و أنكروك و كفروا بك.. فما ظهرت المحاسن إلا عنك، و لا بدت الجميلات إلا بجمالك، و ما سحرتهم ليلى الا بمفاتنك، وما اسكرتهم العيون إلا بسرّك، و ما أذهلهم بالحق إلا وجهك.. فما ثم إلا وجهك.. تقدس وجهك عن الأسماء. و من هي ليلى ولبنى وسعدى ولمياء ؟ إن هي إلا أسماء نقشتها رياحك على بحرك، و غداً تنقش لنا أسماء أخرى و أخرى.. و كلها إلى زوال، و أنت أبداً إلى بقاء . يا بحر الجمال والمحبة..والذين عرفوك وعبدوك واحبوك، وغرقوا فيك وحدك قد احبوا الحب الجميع المجتمع ورشفوا من البحر كله، وسبحوا في الباقي، واعتصموا بالحي وسجدوا للحق، وركعوا للموجود ابدا ودائما سبحانك يامن له الحب كله..
د. مصطفى محمود ( رحمه الله)/ عصر القرود.
كان موقف الإسلام من المرأة هو العدل . وكانت سيرة النبي مع نسائه هي المحبة والحدب والحنان .. الذي يؤثر عنه قوله :
"حبب إلى من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة "
فذكر النساء مع الطيب والعطر والصلاة وهذا غاية الإعزاز، وكان آخر ماقاله في آخر خطبة له قبل موته هو التوصية بالنساء .
وإذا كان الله قد اختار المرأة للبيت والرجل للشارع فلأنه عهد إلى الرجل أمانة التعمير والبناء والإنشاء بينما عهد إلى المرأة أمانة أكبر وأعظم هي تنشئة الإنسان نفسه .
وإنه من الأعظم لشأن المرأة أن تؤتمن على هذه الأمانة . فهل ظلم الإسلام النساء..
.
د :مصطفى محمود رحمه الله. .
حوار مع صديقي الملحد.
"حبب إلى من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة "
فذكر النساء مع الطيب والعطر والصلاة وهذا غاية الإعزاز، وكان آخر ماقاله في آخر خطبة له قبل موته هو التوصية بالنساء .
وإذا كان الله قد اختار المرأة للبيت والرجل للشارع فلأنه عهد إلى الرجل أمانة التعمير والبناء والإنشاء بينما عهد إلى المرأة أمانة أكبر وأعظم هي تنشئة الإنسان نفسه .
وإنه من الأعظم لشأن المرأة أن تؤتمن على هذه الأمانة . فهل ظلم الإسلام النساء..
.
د :مصطفى محمود رحمه الله. .
حوار مع صديقي الملحد.
في كل لحظة منذ ميلاد الإنسان حتى موته.. منذ يقظته في أول ساعات الصباح حتى دخوله في الفراش لينام.. و هو يتعرض لامتحان تلو امتحان.
كل لحظة تطرح على الإنسان موقفا و تتطلب منه اختيارا بين بديلات.
و هو في كل اختيار يكشف عن نوعية نفسه و عن مرتبته و منزلته دون أن يدري.
شهوته تناديه ليشبعها.
قد تكون شهوة إلى طعام، أو شهوة إلى إمرأة، أو شهوة إلى سلطة، أو شهوة إلى جاه.
و إشباع أي شهوة يستدعي تأجيل الأخرى، و تكشف النفس عن منزلتها بما تفضله، و بما تعجل إليه من شهوات من أدنى السلم حيث الإنسان هو الحيوان الذي لا يشغله سوى شهوة بطنه أو عضوه التناسلي، إلى الطاغية الجبار الذي لا شاغل له سوى شهوة التسلط على الآخرين و سحقهم و استغلالهم.. يكشف لك اختيارك عن نوعك و منزلتك و رتبتك.
و يقول لك سلوكك.. من أنت.. بين هؤلاء الشهوانيين.. و أي نوع من الحيوان أنت.. فإذا رفضت هذه الشهوات جميعها و استجبت لنداء المنطق و الاعتدال.. فأنت من أهل النظر و العقل و أنت إنسان و لست حيواناً.
و لكن الإنسانية أيضا درجات و العقل درجات.
و أدنى درجات العقل هو العقل المادي البحت الذي لا يعترف إلا بالواقع المحدود الذي يراه و يعيشه، و ينكر تماما ما وراء هذا الواقع الملموس المحسوس.
و يكاد يكون هذا العقل عضوا ملحقا بالحيوان الذي حكينا عنه يعمل في خدمة شهواته، و ذلك بالتماس المبررات و اصطناع المنطق و الذرائع لاقتناص اللذات.
فإن احتكمت في سلوكك لهذا العقل فأنت مجرد حيوان متطور تستخدم طلقة المسدس بدلا من المخالب، و تتآمر بالعقول الإلكترونية بدلا من الانطلاق وراء غضب عشوائي غير محسوب.
و لكن النتيجة مازالت واحدة.. إنك مجرم.. و حياتك هي مخطط إجرامي.. مهما بدت في ظاهرها مهذبة معقولة و منطقية.
إنها أدنى درجات العقل و أخس منزلة من منازل العقلاء.
فإن ارتقيت درجة فأنت تستشعر بشيء وراء الواقع.
و لكن هذا الاستشعار لا يزيد عن شبهة و ظن.
و لكن هذه الشبهة و هذا الظن يؤديان بك إلى أن تكون أقل مادية، و أقل ظلما و أقل صلفا و أقل غرورا، و أقل اقتناعا بالمنطق المقفل و بالواقع الغليظ المحدود.
و بين حين و آخر سوف تظهر عليك بدوات و سوانح تضحية وكرم.
و سوف تعطيك لمسة الغيب بعض المواقف الشاعرية.
و سوف تتأرجح بين هذه المنازل على حسب ما في نفسك من خير.. و ما في عقلك من نور.
فإذا ارتقيت أكثر فإن الاستشعار الروحي للغيب و الإحساس بما وراء الواقع سوف يغلبان على عقلك المسجون في زنزانة الماديات، و سوف تنفتح لك نوافذ من البصيرة و الحكمة تضيء الظلمة التي تزيد عليك من غواشي الحس، و سوف يبدو كرم الخلق كأنه طبعك.
و لكن استشعار الغيب لم يرتفع بعد ليصبح يقينا.. و إنما هو مجرد ترجيح.
فإذا حدثك أحد عن وجود الله فأنت تميل إلى تصديقه.. و لكن ليس لدرجة أن تصلي و تصوم و تدين بالعبادة.
و غاية ما تبلغ إليه من حال.. أن تعتقد أن هناك قوة ما وراء الأشياء.. و أنك تخشى هذه القوة.
و لكن ما عدا ذلك غير واضح، و اهتمامك بالدنيا يغطي على هذا الإحساس.. و أنت تمضي في حياتك تحاول أن تحقق أقصى النفع و لكنك تتحرى ألا تؤذي أحدا.
فإن ارتقيت أكثر فإن الاستشعار الروحي يتضح أكثر و غواشي الحس تنحسر عنك أكثر و أكثر، و يخالجك اليقين بأنك لست وحدك.. و بأنك لم تكن قط وحدك.. و إنما كان الله دائما معك و أنت تسمي هذه القوة لأول مرة باسمها الديني.. الله.. و تصفها بما وصفتها به الكتب السماوية من أسماء حسنى.. و تسند إليها العناية و الخلق و الوحي.
و تتفاوت المراقي في هذه الرتبة الشريفة من المؤمن العادي الذي يصلي و يصوم و يتحرى الخير، و لكن نفسه تغالبه إلى السقوط في الدنيا بين حين و آخر.. إلى المؤمن صاحب الإيمان الرفيع الذي يعيش في شهود و حضور و امتثال للذات الإلهية على الدوام فيعبد الله كأنه يراه.
و منزلتك في كل درجة من هذه الحالات يشهد عليها سلوكك.. فإذا كنت من أهل هذا الإيمان الرفيع فلابد أن تكون من أهل الإحسان.. تتقن كل عمل يوكل إليك دون نظر إلى مكافأة.. و تعامل أعداءك بالتسامح و النصح، و تجاهد الباطل بيدك و قلبك و لسانك و لا تخشى في الحق لومة لائم، و تزجر شهواتك و هي مازالت همسا في الخاطر و قبل أن تنمو إلى دوافع و أعمال.
و لا حقيقة لحال إلا إذا شهد عليه عمل، و لهذا يقلبك الله بين المواقف بين لحظة و أخرى من لحظة تصحو إلى لحظة تنام، و كل لحظة تضعك في موقف.
و كل موقف يتطلب منك اختيارا بين بديلات، و لا يعفيك من الامتحان ألا تختار.. لأن عدم الاختيار هو في ذاته نوع من الاختيار.. و معناه أنك ارتضيت لنفسك ما اختارته لك الظروف أو ما اختاره أبوك، أو ما اختارته شلة أصحابك الذين أسلمت نفسك لهم.
و معنى هذا أن الحياة تعريك في كل لحظة، و تكشف حقيقتك و تنزع عنك قشرتك لتخرج مكنونك و مكتومك.
و المكر الإلهي هنا هو أن يضعك في موقف بعد موقف، و مشكلة بعد مشكلة.. و كل مشكلة تتطلب حلا.. و كل حل يتطلب اختيارا.. و كل اختيار يكشف عن حقيقتك رغما عنك مهما حاولت ا
كل لحظة تطرح على الإنسان موقفا و تتطلب منه اختيارا بين بديلات.
و هو في كل اختيار يكشف عن نوعية نفسه و عن مرتبته و منزلته دون أن يدري.
شهوته تناديه ليشبعها.
قد تكون شهوة إلى طعام، أو شهوة إلى إمرأة، أو شهوة إلى سلطة، أو شهوة إلى جاه.
و إشباع أي شهوة يستدعي تأجيل الأخرى، و تكشف النفس عن منزلتها بما تفضله، و بما تعجل إليه من شهوات من أدنى السلم حيث الإنسان هو الحيوان الذي لا يشغله سوى شهوة بطنه أو عضوه التناسلي، إلى الطاغية الجبار الذي لا شاغل له سوى شهوة التسلط على الآخرين و سحقهم و استغلالهم.. يكشف لك اختيارك عن نوعك و منزلتك و رتبتك.
و يقول لك سلوكك.. من أنت.. بين هؤلاء الشهوانيين.. و أي نوع من الحيوان أنت.. فإذا رفضت هذه الشهوات جميعها و استجبت لنداء المنطق و الاعتدال.. فأنت من أهل النظر و العقل و أنت إنسان و لست حيواناً.
و لكن الإنسانية أيضا درجات و العقل درجات.
و أدنى درجات العقل هو العقل المادي البحت الذي لا يعترف إلا بالواقع المحدود الذي يراه و يعيشه، و ينكر تماما ما وراء هذا الواقع الملموس المحسوس.
و يكاد يكون هذا العقل عضوا ملحقا بالحيوان الذي حكينا عنه يعمل في خدمة شهواته، و ذلك بالتماس المبررات و اصطناع المنطق و الذرائع لاقتناص اللذات.
فإن احتكمت في سلوكك لهذا العقل فأنت مجرد حيوان متطور تستخدم طلقة المسدس بدلا من المخالب، و تتآمر بالعقول الإلكترونية بدلا من الانطلاق وراء غضب عشوائي غير محسوب.
و لكن النتيجة مازالت واحدة.. إنك مجرم.. و حياتك هي مخطط إجرامي.. مهما بدت في ظاهرها مهذبة معقولة و منطقية.
إنها أدنى درجات العقل و أخس منزلة من منازل العقلاء.
فإن ارتقيت درجة فأنت تستشعر بشيء وراء الواقع.
و لكن هذا الاستشعار لا يزيد عن شبهة و ظن.
و لكن هذه الشبهة و هذا الظن يؤديان بك إلى أن تكون أقل مادية، و أقل ظلما و أقل صلفا و أقل غرورا، و أقل اقتناعا بالمنطق المقفل و بالواقع الغليظ المحدود.
و بين حين و آخر سوف تظهر عليك بدوات و سوانح تضحية وكرم.
و سوف تعطيك لمسة الغيب بعض المواقف الشاعرية.
و سوف تتأرجح بين هذه المنازل على حسب ما في نفسك من خير.. و ما في عقلك من نور.
فإذا ارتقيت أكثر فإن الاستشعار الروحي للغيب و الإحساس بما وراء الواقع سوف يغلبان على عقلك المسجون في زنزانة الماديات، و سوف تنفتح لك نوافذ من البصيرة و الحكمة تضيء الظلمة التي تزيد عليك من غواشي الحس، و سوف يبدو كرم الخلق كأنه طبعك.
و لكن استشعار الغيب لم يرتفع بعد ليصبح يقينا.. و إنما هو مجرد ترجيح.
فإذا حدثك أحد عن وجود الله فأنت تميل إلى تصديقه.. و لكن ليس لدرجة أن تصلي و تصوم و تدين بالعبادة.
و غاية ما تبلغ إليه من حال.. أن تعتقد أن هناك قوة ما وراء الأشياء.. و أنك تخشى هذه القوة.
و لكن ما عدا ذلك غير واضح، و اهتمامك بالدنيا يغطي على هذا الإحساس.. و أنت تمضي في حياتك تحاول أن تحقق أقصى النفع و لكنك تتحرى ألا تؤذي أحدا.
فإن ارتقيت أكثر فإن الاستشعار الروحي يتضح أكثر و غواشي الحس تنحسر عنك أكثر و أكثر، و يخالجك اليقين بأنك لست وحدك.. و بأنك لم تكن قط وحدك.. و إنما كان الله دائما معك و أنت تسمي هذه القوة لأول مرة باسمها الديني.. الله.. و تصفها بما وصفتها به الكتب السماوية من أسماء حسنى.. و تسند إليها العناية و الخلق و الوحي.
و تتفاوت المراقي في هذه الرتبة الشريفة من المؤمن العادي الذي يصلي و يصوم و يتحرى الخير، و لكن نفسه تغالبه إلى السقوط في الدنيا بين حين و آخر.. إلى المؤمن صاحب الإيمان الرفيع الذي يعيش في شهود و حضور و امتثال للذات الإلهية على الدوام فيعبد الله كأنه يراه.
و منزلتك في كل درجة من هذه الحالات يشهد عليها سلوكك.. فإذا كنت من أهل هذا الإيمان الرفيع فلابد أن تكون من أهل الإحسان.. تتقن كل عمل يوكل إليك دون نظر إلى مكافأة.. و تعامل أعداءك بالتسامح و النصح، و تجاهد الباطل بيدك و قلبك و لسانك و لا تخشى في الحق لومة لائم، و تزجر شهواتك و هي مازالت همسا في الخاطر و قبل أن تنمو إلى دوافع و أعمال.
و لا حقيقة لحال إلا إذا شهد عليه عمل، و لهذا يقلبك الله بين المواقف بين لحظة و أخرى من لحظة تصحو إلى لحظة تنام، و كل لحظة تضعك في موقف.
و كل موقف يتطلب منك اختيارا بين بديلات، و لا يعفيك من الامتحان ألا تختار.. لأن عدم الاختيار هو في ذاته نوع من الاختيار.. و معناه أنك ارتضيت لنفسك ما اختارته لك الظروف أو ما اختاره أبوك، أو ما اختارته شلة أصحابك الذين أسلمت نفسك لهم.
و معنى هذا أن الحياة تعريك في كل لحظة، و تكشف حقيقتك و تنزع عنك قشرتك لتخرج مكنونك و مكتومك.
و المكر الإلهي هنا هو أن يضعك في موقف بعد موقف، و مشكلة بعد مشكلة.. و كل مشكلة تتطلب حلا.. و كل حل يتطلب اختيارا.. و كل اختيار يكشف عن حقيقتك رغما عنك مهما حاولت ا
لاستخفاء.
و بقدر ما تمتد حياتك يوما بعد يوم.. بقدر ما تتمزق عن وجهك الأقنعة.. و يظهر و يفتضح أمرك و ينتهك سرك.
و الله يعلم حقيقتك و سرك من البداية.. و لكنك أنت لا تعلم و لا تريد أن تعلم.. لأنك مدع.. و كل منا مدع..
كل منا يتصور أنه رجل طيب و أنه مستحق لكل خير، حتى الجبارون الذين شنقوا و سجنوا، و عذبوا شعوبهم تصوروا أنهم مصلحون.
كل منا جاء إلى الحياة و معه دعوى عريضة مزعومة بأنه رجل صالح و طيب.
و لهذا اقتضى عدل الله أن يطلعنا على حقائقنا، حتى لا تقوم أعذار حينما يبدأ تصنيف الناس في الآخرة حسب درجاتهم.. و حتى يكون التصنيف على حسب الحقائق، و ليس على حسب المزاعم و الدعاوى.
و لهذا خلق الله الدنيا.
خلقها لتنكشف الحقائق على ما هي عليه.. و يعرف كل واحد نفسه و يعرف مقدار خيره و شره.. ثم ليعرف الأبرار خالقهم و ربهم، و ليذوقوا رحمته قبل لقائه.
ثم خلق الآخرة لتنكشف فيها حقائق الربوبية، و عالم الملكوت و الجبروت و الغيب.
و الله لا يخلق أي شيء إلا بالحق و للحق، لأنه سبحانه هو الحق.
(( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ (85) )) [ الحجر ]
(( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) )) [ الدخان ]
(( مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39) )) [ الدخان ]
(( مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ (5) )) [ يونس ]
(( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) )) [ النحل ]
(( مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى (8) )) [ الروم ]
(( وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ (22) )) [ الجاثية ]
(( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ (3) )) [ التغابن ]
(( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) )) [ الملك ]
(( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ (191) )) [ آل عمران ]
(( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) )) [ المؤمنون ]
لا عبثية و لا عبث...
و ما نرى حولنا من تداول الأحوال على الناس من فقر إلى غنى، إلى مرض إلى عز إلى ذل، إلى حوادث مفاجئة إلى مصائب إلى كوارث إلى نجاح إلى فشل، ليست أمورا عبثية و لا مصادفات عشوائية، إما هي ملابسات محكمة من تدبير المدبر الحكيم الذي يريد أن يفض مكنون النفوس و يخرج مكتومها.
(( وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) )) [ البقرة ]
إننا جميعا شجعان حتى يدعو داعي الحرب، فيبدي كل واحد عذرا و يختلق كل واحد ظروفا تمنعه و لا يثبت ساعة الضرب إلا القليل.
و لولا محنة القتال ما انكشفت النفوس على حقيقتها، و نحن جميعا كرماء حتى يدعو داعي البذل، فتنكمش الأيدي التي كانت ممدودة بدعوى السخاء، و لا تنبسط بالكرم إلا أكف معدودة.
و كما قال المتنبي:
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر و الإقدام قتّال
فالمشقة هي التي كشفت النفوس و فضحت دعاويها، و من هنا جاءت ضرورتها.
و ما كنا لنعرف صلابة الصلب لولا اختباره.
و لهذا خلق الله الدنيا ليعرف الضعيف ضعفه، و ليعرف القوي قوته، و لتفتضح الدعاوى الكاذبة، و يتم العدل باقتناع كل نفس باستحقاقها، و بعدالة مصيرها النهائي في أعلى عليين أو أسفل سافلين.
خلق الله الدنيا ليحق الحق و يبطل الباطل.
و يصدق أيضا الكلام الذي يقول.. إن الله خلقنا ليعطينا.. فهو كلام يؤدي بنا إلى نفس المعنى.
فهل يصح عطاء إلا بمعرفة الاستحقاقات أولا ليكون العطاء حقا.
إن معرفتنا لأنفسنا أيضا مطلوبة، لتكون قناعة كل واحد بعطائه قناعة حقيقية.. و لينتفي الإعتراض.
فمعرفة النفوس لحقائقها.. و معرفة الإنسان لخالقه.. هي الحكمة من خلق الدنيا.
(( خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) )) [ الملك ]
و ما كانت هذه المعرفة لتتم إلا بالدم و الدموع، لأن النفوس ما كانت لتبوح بأسرارها و حقائقها إلا بالدم و الدموع.
و لأن كلا منا يخفي حقيقته وراء أقنعة غليظة من الشعارات و الأكاذيب، و يسدل على وجهه حجابا من الافتعال و التمثيل و بسمات النفاق و الملاطفة و المجاملة.
فكان لابد من حادث عنيف ليخترق هذه الحجب.
و الدنيا كانت ذلك الحادث.
لقد أخرجنا الله من العدم و كان كل منا حقيقة مكنونة، و أعطى كلا منا اليد و القدم ليضر و ينفع.
فأما الذين تحروا النفع و البر و الخير فهم أهله.. و مأواهم إلى ظله يوم لا ظل إلا ظله.
و أما أهل الضرر و الأذى و الظلم فهم المبعدون عنه و عن رحمته..
و البعد عن الله نار..
لأن كل ما سوى الله نار..
و علامة أهل الله هي عرفانهم لربهم من قبل لقائه.. أن يعرفوه في هذه الدنيا
و بقدر ما تمتد حياتك يوما بعد يوم.. بقدر ما تتمزق عن وجهك الأقنعة.. و يظهر و يفتضح أمرك و ينتهك سرك.
و الله يعلم حقيقتك و سرك من البداية.. و لكنك أنت لا تعلم و لا تريد أن تعلم.. لأنك مدع.. و كل منا مدع..
كل منا يتصور أنه رجل طيب و أنه مستحق لكل خير، حتى الجبارون الذين شنقوا و سجنوا، و عذبوا شعوبهم تصوروا أنهم مصلحون.
كل منا جاء إلى الحياة و معه دعوى عريضة مزعومة بأنه رجل صالح و طيب.
و لهذا اقتضى عدل الله أن يطلعنا على حقائقنا، حتى لا تقوم أعذار حينما يبدأ تصنيف الناس في الآخرة حسب درجاتهم.. و حتى يكون التصنيف على حسب الحقائق، و ليس على حسب المزاعم و الدعاوى.
و لهذا خلق الله الدنيا.
خلقها لتنكشف الحقائق على ما هي عليه.. و يعرف كل واحد نفسه و يعرف مقدار خيره و شره.. ثم ليعرف الأبرار خالقهم و ربهم، و ليذوقوا رحمته قبل لقائه.
ثم خلق الآخرة لتنكشف فيها حقائق الربوبية، و عالم الملكوت و الجبروت و الغيب.
و الله لا يخلق أي شيء إلا بالحق و للحق، لأنه سبحانه هو الحق.
(( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ (85) )) [ الحجر ]
(( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) )) [ الدخان ]
(( مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39) )) [ الدخان ]
(( مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ (5) )) [ يونس ]
(( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) )) [ النحل ]
(( مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى (8) )) [ الروم ]
(( وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ (22) )) [ الجاثية ]
(( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ (3) )) [ التغابن ]
(( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) )) [ الملك ]
(( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ (191) )) [ آل عمران ]
(( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) )) [ المؤمنون ]
لا عبثية و لا عبث...
و ما نرى حولنا من تداول الأحوال على الناس من فقر إلى غنى، إلى مرض إلى عز إلى ذل، إلى حوادث مفاجئة إلى مصائب إلى كوارث إلى نجاح إلى فشل، ليست أمورا عبثية و لا مصادفات عشوائية، إما هي ملابسات محكمة من تدبير المدبر الحكيم الذي يريد أن يفض مكنون النفوس و يخرج مكتومها.
(( وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) )) [ البقرة ]
إننا جميعا شجعان حتى يدعو داعي الحرب، فيبدي كل واحد عذرا و يختلق كل واحد ظروفا تمنعه و لا يثبت ساعة الضرب إلا القليل.
و لولا محنة القتال ما انكشفت النفوس على حقيقتها، و نحن جميعا كرماء حتى يدعو داعي البذل، فتنكمش الأيدي التي كانت ممدودة بدعوى السخاء، و لا تنبسط بالكرم إلا أكف معدودة.
و كما قال المتنبي:
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر و الإقدام قتّال
فالمشقة هي التي كشفت النفوس و فضحت دعاويها، و من هنا جاءت ضرورتها.
و ما كنا لنعرف صلابة الصلب لولا اختباره.
و لهذا خلق الله الدنيا ليعرف الضعيف ضعفه، و ليعرف القوي قوته، و لتفتضح الدعاوى الكاذبة، و يتم العدل باقتناع كل نفس باستحقاقها، و بعدالة مصيرها النهائي في أعلى عليين أو أسفل سافلين.
خلق الله الدنيا ليحق الحق و يبطل الباطل.
و يصدق أيضا الكلام الذي يقول.. إن الله خلقنا ليعطينا.. فهو كلام يؤدي بنا إلى نفس المعنى.
فهل يصح عطاء إلا بمعرفة الاستحقاقات أولا ليكون العطاء حقا.
إن معرفتنا لأنفسنا أيضا مطلوبة، لتكون قناعة كل واحد بعطائه قناعة حقيقية.. و لينتفي الإعتراض.
فمعرفة النفوس لحقائقها.. و معرفة الإنسان لخالقه.. هي الحكمة من خلق الدنيا.
(( خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) )) [ الملك ]
و ما كانت هذه المعرفة لتتم إلا بالدم و الدموع، لأن النفوس ما كانت لتبوح بأسرارها و حقائقها إلا بالدم و الدموع.
و لأن كلا منا يخفي حقيقته وراء أقنعة غليظة من الشعارات و الأكاذيب، و يسدل على وجهه حجابا من الافتعال و التمثيل و بسمات النفاق و الملاطفة و المجاملة.
فكان لابد من حادث عنيف ليخترق هذه الحجب.
و الدنيا كانت ذلك الحادث.
لقد أخرجنا الله من العدم و كان كل منا حقيقة مكنونة، و أعطى كلا منا اليد و القدم ليضر و ينفع.
فأما الذين تحروا النفع و البر و الخير فهم أهله.. و مأواهم إلى ظله يوم لا ظل إلا ظله.
و أما أهل الضرر و الأذى و الظلم فهم المبعدون عنه و عن رحمته..
و البعد عن الله نار..
لأن كل ما سوى الله نار..
و علامة أهل الله هي عرفانهم لربهم من قبل لقائه.. أن يعرفوه في هذه الدنيا
..
و أن يشهدوا الدنيا دالة عليه.
و كلام القرآن بأن الله خلقنا لنعبده هو كلام يشتمل على كل هذه المعاني السالفة في باطنه.
و حينما تقول الآيات.
(( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) )) [ الذاريات ]
فإنها تعني بداهة.
( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعرفون ).
لأنه لا عبادة بلا معرفة.
و المعنى أنه خلقنا لنعرفه، فإذا عرفناه عبدناه.. و إذا عبدناه تفاضلت عباداتنا،
و تفاضل إيماننا و إنكارنا، و تفاضلت منازلنا.. و بالتالي تفاضلت استحقاقاتنا حسب ما نتعرض له من امتحانات في الدنيا.. و بالتالي تفاضل العطاء من المعطي.
و عطاء الله مبذول للكل.
(( كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) )) [ الإسراء ]
فالله خلق ليعطي.. و كلنا مستحقون للعطاء بحكم رتبة العبودية، و كل هذه المعاني باطنة في كلمة (( ليعبدون )).
(( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) )) [ الذاريات ]
أما الذي يقول:
إن الله خلقنا لأنه خالق و لابد للخالق أن يخلق، فقد أوجب على الله أن يخلق هذا أو يخلق ذاك..
و لا حق لأحد أن يوجب على الله شيئا.
و لا يوجد قانون يوجب على الله شيئا.
لأنه لا توجد سلطة أو حكم خارج عن الله أصلا، و إنما الله يخلق ما يشاء.
و مشيئة الله لا تحدها قوانين..
لأنه سبحانه مصدر جميع القوانين.
و المشيئة مردودة إلى الله، و بالتالي ليست مسببة بحيث يمكن أن نسأل:
و لماذا خلق الله هذا و لم يخلق ذاك؟
إن (( لماذا )) هنا لا مكان لها بتاتا و لا يصح أن توجه إليه سبحانه
(( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) )) [ الأنبياء ]
و كنه المراد لا يعلمه أحد.
و السؤال يقال بوجه إجمال.
و مجال التأمل هو في الحكمة العامة للخلق و للدنيا.
أما السؤال تفصيلا عن خلق هذا و خلق ذاك، فهو أمر غيبي.. و هو في العمى لا يعلمه أحد.
و هو كلام غيبي.
و هو كلام يستتبع أنه كان لنا وجود في العدم.. و أن العدم غير معدوم.
و هو كلام يجرنا مرة أخرى إلى المعضلة التي أثرتها في كتابي
(( الوجود و العدم )).
و لمن يريد أن يغوص وراء الأسرار أكثر أن يعود إلى الكتاب.
و حسب المؤمن الذي يريد أن يقف عند بر الأمان، و لا يلقي بنفسه في وادي العماء.. أن يقول:
آمنت بكلمات الله على مراد الله.
و ما خفى عني فالله به أعلم.
مقال بعنوان : لماذا خلقنا الله
كتاب : القرآن كائن حي
بقلم : د. مصطفي محمود رحمة الله
و أن يشهدوا الدنيا دالة عليه.
و كلام القرآن بأن الله خلقنا لنعبده هو كلام يشتمل على كل هذه المعاني السالفة في باطنه.
و حينما تقول الآيات.
(( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) )) [ الذاريات ]
فإنها تعني بداهة.
( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعرفون ).
لأنه لا عبادة بلا معرفة.
و المعنى أنه خلقنا لنعرفه، فإذا عرفناه عبدناه.. و إذا عبدناه تفاضلت عباداتنا،
و تفاضل إيماننا و إنكارنا، و تفاضلت منازلنا.. و بالتالي تفاضلت استحقاقاتنا حسب ما نتعرض له من امتحانات في الدنيا.. و بالتالي تفاضل العطاء من المعطي.
و عطاء الله مبذول للكل.
(( كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) )) [ الإسراء ]
فالله خلق ليعطي.. و كلنا مستحقون للعطاء بحكم رتبة العبودية، و كل هذه المعاني باطنة في كلمة (( ليعبدون )).
(( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) )) [ الذاريات ]
أما الذي يقول:
إن الله خلقنا لأنه خالق و لابد للخالق أن يخلق، فقد أوجب على الله أن يخلق هذا أو يخلق ذاك..
و لا حق لأحد أن يوجب على الله شيئا.
و لا يوجد قانون يوجب على الله شيئا.
لأنه لا توجد سلطة أو حكم خارج عن الله أصلا، و إنما الله يخلق ما يشاء.
و مشيئة الله لا تحدها قوانين..
لأنه سبحانه مصدر جميع القوانين.
و المشيئة مردودة إلى الله، و بالتالي ليست مسببة بحيث يمكن أن نسأل:
و لماذا خلق الله هذا و لم يخلق ذاك؟
إن (( لماذا )) هنا لا مكان لها بتاتا و لا يصح أن توجه إليه سبحانه
(( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) )) [ الأنبياء ]
و كنه المراد لا يعلمه أحد.
و السؤال يقال بوجه إجمال.
و مجال التأمل هو في الحكمة العامة للخلق و للدنيا.
أما السؤال تفصيلا عن خلق هذا و خلق ذاك، فهو أمر غيبي.. و هو في العمى لا يعلمه أحد.
و هو كلام غيبي.
و هو كلام يستتبع أنه كان لنا وجود في العدم.. و أن العدم غير معدوم.
و هو كلام يجرنا مرة أخرى إلى المعضلة التي أثرتها في كتابي
(( الوجود و العدم )).
و لمن يريد أن يغوص وراء الأسرار أكثر أن يعود إلى الكتاب.
و حسب المؤمن الذي يريد أن يقف عند بر الأمان، و لا يلقي بنفسه في وادي العماء.. أن يقول:
آمنت بكلمات الله على مراد الله.
و ما خفى عني فالله به أعلم.
مقال بعنوان : لماذا خلقنا الله
كتاب : القرآن كائن حي
بقلم : د. مصطفي محمود رحمة الله
إنه في ساعة الخوف و الهول و الفزع....
لا يسأل أحداً إلا ربه ..
لأنه لا يرى أحداً يملك له شيئاً.... ..
فلا فاعل في الكون إلا الله..
لا يملك أحد أن ينفع أو يضر إلا بإذنه ..
و تلك مرتبة عرفانية لا يصل إليها إلا العارفين بربهم ..
و هذا معنى التوحيد ..
د.مصطفى محمود رحمه الله
من كتاب الإسلام ما هو ؟
لا يسأل أحداً إلا ربه ..
لأنه لا يرى أحداً يملك له شيئاً.... ..
فلا فاعل في الكون إلا الله..
لا يملك أحد أن ينفع أو يضر إلا بإذنه ..
و تلك مرتبة عرفانية لا يصل إليها إلا العارفين بربهم ..
و هذا معنى التوحيد ..
د.مصطفى محمود رحمه الله
من كتاب الإسلام ما هو ؟
فليس الخير الظاهر في الدنيا و النعمة الغامرة بعلامة رضا الله في جميع الأحوال،و لا عذاب الدنيا و بلائها بعلامة غضب الله في كل حال..فقد يكون الخير غضبا،و قد يكون البلاء لطفا..و لا يكشف لك عن الحقيقة إلا صوت ضميرك .. إذا رأيت البلاء يطهرك فهو نعمة ..و إذا رأيت النعمة تطغيك فهي غضب"
د.مصطفى محمود رحمه الله
د.مصطفى محمود رحمه الله
الغنى الحقيقي أن تستغني.
و الملكية الحقيقية ألا يملكك أحد، و ألا تستولي عليك رغبة، و ألا تسوقك نزوة.
و السلطنة الحقيقية أن تكسب قيراط محبة في دولة القلوب كل يوم.
تذكر أن الذين يملكون الأرض تملكهم. و الذين يملكون الملايين، تسخرهم الملايين، ثم تجعل منهم عبيدا لتكثيرها، ثم تقتلهم بالضغط و الذبحة و القلق. ثم لا يأخذون معهم مليما.
صدقني هؤلاء هم الفقراء حقا.
من كتاب /الشيطان يحكم
الدكتور / مصطفي محمود ( رحمه الله )
و الملكية الحقيقية ألا يملكك أحد، و ألا تستولي عليك رغبة، و ألا تسوقك نزوة.
و السلطنة الحقيقية أن تكسب قيراط محبة في دولة القلوب كل يوم.
تذكر أن الذين يملكون الأرض تملكهم. و الذين يملكون الملايين، تسخرهم الملايين، ثم تجعل منهم عبيدا لتكثيرها، ثم تقتلهم بالضغط و الذبحة و القلق. ثم لا يأخذون معهم مليما.
صدقني هؤلاء هم الفقراء حقا.
من كتاب /الشيطان يحكم
الدكتور / مصطفي محمود ( رحمه الله )
حضارة اليوم طابعها الملل .
الحب يولد ليموت والمرأة طبق شهي لوجبة واحدة ثم يصفق القلب طالبا تغيير الطبق .. العين تمل واللسان يمل والمعدة تمل .. الأسطوانة تكتسح السوق اليوم .. وغداً لا تجد من يشتريها.
الموضة الفستان الجرار المتهدل على الساقين. الموضة فوق الركبة. الموضة المفتوح. الموضة المقفول. الموضة الشوال،الموضة الممزق.
التغيير .. التغيير .. حتى في الفن والفكر. سارتر ينادي بالوجودية. سارتر يهجر الوجودية. سارتر يقول أنا ماركسي. راسل شيوعي. راسل يهاجم الشيوعية. الواقعية في الفن .. السيريالية .. التأثيرية .. كل مذهب ينتشر يفقد قيمته.
وكل فلسفة يظهر لها متحمسون فدائيون ثم ينفض من حولها السامر تماماً كماركات العربات والتسريحات .. الملل .. الملل .. كل جديد يصبح قديماً بمجرد تداوله. وكل لهفة تتحول إلى فتور ثم ضجر قاتل. وطريق الخلاص سيجارة وكأس ولفافة مخدر وقرص منوم وألف مسكن ومسكن للأعصاب و أبونيه عند أطباء الأمراض النفسية.
لم يعد زبون الكباريه تثيره مفاتن الراقصة العارية التي كشفت له عن مفاتنها ثم دعته إلى شقتها. ولكن اللذة الطبيعية أصبحت عادية .. والحواس تبلدت. والملل يلتمس مهربا أخيراً في الشذوذ.
ثم الإفراط إلى حد الإعياء.. ولا حل. وفي محاولة أخيرة يلجأ الزبون إلى مائدة القمار. ثم ينحدر برجليه خطوة خطوة في طريق الإنتحار.
أفيشات السينمات .. إعلانات الصيدليات .. عناوين الكتب .. (( مانشيتات )) الجرائد .. صور الكاباريهات .. تصرخ نحن في عصر الملل.
الوجوه الشاحبة والأذرع المدلاة والعيون المحمرة والأنامل المرتجفة في عصبية .. تصرخ .. نحن في عصر الملل .. الحب كذبة عمرها عمر المناوشات والمناورات .. تذكيها الإثارة .. وحمى يؤججها التمنُّع والتدلُّل حتى يصل إلى الفراش فتهبط الحرارة ويشفي الحبيبـان ويستحمان في عرق العافية ويتحول الحب إلى عادة حميدة يعقبها دش مرطب وأكلة طيبة وأمل خبيث في مغامرة جديدة تنعش الذي مات من العواطف.
النقود تثيرك طالما هي في جيب غيرك فإذا دخلت جيبك فقدت جاذبيتها. الشهادة حلمك وغايتك وأملك حتى تحصل عليها فتنسى أمرها تماماً. الوظيفة هدف براق حتى تنالها فتتحول إلى عبء ثقيل.
لماذا كل هذا الملل. لأننا فى عصر إفلاس القيم.
قيمة الحب التي تُروّجها الأغاني والرويات سقطت وأفلست .. لأن المرأة لا تصلح لأن تكون هدف يُطلب لذاته. المرأة طريق. نحن نحب المرأة الجميلة كطريق يوصلنا فيما بعد إلى محبة الجمال .. المرأة نافذة إلى شيء وليست هدفاً نهائياً. وإذا اتخذناها هدفاً نهائياً كما تقول لنا الأغاني والروايات فأننا سوف نقتل هذا الهدف بحثاً في الفراش ولن يتبقى لنا شيء نجري وراءه.
المرأة زيت يوقد المصباح لنرى على ضوئه أشياء أخرى غير المرأة .. معان وقيماً ومثاليات نعشقها بلا ملل. وبدون مثاليات وبدون إيمان لا يمكن لحياة أن تعاش وحضارة هذا العصر سقطت لأن ما فيها من فكر مادي أسقط الأديان ولم يستطيع أن يُقيم لها بديلاً روحياً، إنه يقول لك أنك تستطيع أن تدخل الجنة بخمسين ليرة في الكازينو فترى حور العين من اللؤلؤ المكنون لابسات الحرير وترى أنهار من الخمر وأنهار من العسل وزيادة ذلك تستمتع بفرق أكروبات وتجرب حظك على مائدة الروليت.
وفى المدرسة يعلمونك أن آدم ليس من تراب ولكن من أسلاف من جنس القرود وأنه سليل تطور انحدر من الحشرات وميكروبات المستنقعات. وبسقوط هيبة الأديان يقف الأنسان وحيداً بلا سند ولا أيمان في انتظار جودو الذي لا يأتي.
كل ما يملكه حياة فانية بعدها التراب ولا شيء وهو يتحوّل بهذا دون أن يدري إلى يأس قاتم لا مخرج منه .. وعطش لا ارتواء له .. فهو ينتقل من لذة لا تروى .. إلى لذة لا تروى ... ولا شبع ولا نهاية. فهو قد اكتشف أن لاشيء حقيقي. لا قيمة باقية ولا معنى لشيء..
الملل هو كل ما يتبقى له .. وهو ملل لا علاج له إلا بالعودة إلى فكرة الروح إلى الإيمان بأن الإنسان لا يموت وأن في الدنيا قيم خالدة .. وأن هناك حقيقة خلف عالم الظواهر والأوهام.
حقيقة تبث في من يبحث عنها الحماس الذي لا حدود له .
----------
مقال / لماذا الملل
من كتاب / الشيطان يحكم
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله )
الحب يولد ليموت والمرأة طبق شهي لوجبة واحدة ثم يصفق القلب طالبا تغيير الطبق .. العين تمل واللسان يمل والمعدة تمل .. الأسطوانة تكتسح السوق اليوم .. وغداً لا تجد من يشتريها.
الموضة الفستان الجرار المتهدل على الساقين. الموضة فوق الركبة. الموضة المفتوح. الموضة المقفول. الموضة الشوال،الموضة الممزق.
التغيير .. التغيير .. حتى في الفن والفكر. سارتر ينادي بالوجودية. سارتر يهجر الوجودية. سارتر يقول أنا ماركسي. راسل شيوعي. راسل يهاجم الشيوعية. الواقعية في الفن .. السيريالية .. التأثيرية .. كل مذهب ينتشر يفقد قيمته.
وكل فلسفة يظهر لها متحمسون فدائيون ثم ينفض من حولها السامر تماماً كماركات العربات والتسريحات .. الملل .. الملل .. كل جديد يصبح قديماً بمجرد تداوله. وكل لهفة تتحول إلى فتور ثم ضجر قاتل. وطريق الخلاص سيجارة وكأس ولفافة مخدر وقرص منوم وألف مسكن ومسكن للأعصاب و أبونيه عند أطباء الأمراض النفسية.
لم يعد زبون الكباريه تثيره مفاتن الراقصة العارية التي كشفت له عن مفاتنها ثم دعته إلى شقتها. ولكن اللذة الطبيعية أصبحت عادية .. والحواس تبلدت. والملل يلتمس مهربا أخيراً في الشذوذ.
ثم الإفراط إلى حد الإعياء.. ولا حل. وفي محاولة أخيرة يلجأ الزبون إلى مائدة القمار. ثم ينحدر برجليه خطوة خطوة في طريق الإنتحار.
أفيشات السينمات .. إعلانات الصيدليات .. عناوين الكتب .. (( مانشيتات )) الجرائد .. صور الكاباريهات .. تصرخ نحن في عصر الملل.
الوجوه الشاحبة والأذرع المدلاة والعيون المحمرة والأنامل المرتجفة في عصبية .. تصرخ .. نحن في عصر الملل .. الحب كذبة عمرها عمر المناوشات والمناورات .. تذكيها الإثارة .. وحمى يؤججها التمنُّع والتدلُّل حتى يصل إلى الفراش فتهبط الحرارة ويشفي الحبيبـان ويستحمان في عرق العافية ويتحول الحب إلى عادة حميدة يعقبها دش مرطب وأكلة طيبة وأمل خبيث في مغامرة جديدة تنعش الذي مات من العواطف.
النقود تثيرك طالما هي في جيب غيرك فإذا دخلت جيبك فقدت جاذبيتها. الشهادة حلمك وغايتك وأملك حتى تحصل عليها فتنسى أمرها تماماً. الوظيفة هدف براق حتى تنالها فتتحول إلى عبء ثقيل.
لماذا كل هذا الملل. لأننا فى عصر إفلاس القيم.
قيمة الحب التي تُروّجها الأغاني والرويات سقطت وأفلست .. لأن المرأة لا تصلح لأن تكون هدف يُطلب لذاته. المرأة طريق. نحن نحب المرأة الجميلة كطريق يوصلنا فيما بعد إلى محبة الجمال .. المرأة نافذة إلى شيء وليست هدفاً نهائياً. وإذا اتخذناها هدفاً نهائياً كما تقول لنا الأغاني والروايات فأننا سوف نقتل هذا الهدف بحثاً في الفراش ولن يتبقى لنا شيء نجري وراءه.
المرأة زيت يوقد المصباح لنرى على ضوئه أشياء أخرى غير المرأة .. معان وقيماً ومثاليات نعشقها بلا ملل. وبدون مثاليات وبدون إيمان لا يمكن لحياة أن تعاش وحضارة هذا العصر سقطت لأن ما فيها من فكر مادي أسقط الأديان ولم يستطيع أن يُقيم لها بديلاً روحياً، إنه يقول لك أنك تستطيع أن تدخل الجنة بخمسين ليرة في الكازينو فترى حور العين من اللؤلؤ المكنون لابسات الحرير وترى أنهار من الخمر وأنهار من العسل وزيادة ذلك تستمتع بفرق أكروبات وتجرب حظك على مائدة الروليت.
وفى المدرسة يعلمونك أن آدم ليس من تراب ولكن من أسلاف من جنس القرود وأنه سليل تطور انحدر من الحشرات وميكروبات المستنقعات. وبسقوط هيبة الأديان يقف الأنسان وحيداً بلا سند ولا أيمان في انتظار جودو الذي لا يأتي.
كل ما يملكه حياة فانية بعدها التراب ولا شيء وهو يتحوّل بهذا دون أن يدري إلى يأس قاتم لا مخرج منه .. وعطش لا ارتواء له .. فهو ينتقل من لذة لا تروى .. إلى لذة لا تروى ... ولا شبع ولا نهاية. فهو قد اكتشف أن لاشيء حقيقي. لا قيمة باقية ولا معنى لشيء..
الملل هو كل ما يتبقى له .. وهو ملل لا علاج له إلا بالعودة إلى فكرة الروح إلى الإيمان بأن الإنسان لا يموت وأن في الدنيا قيم خالدة .. وأن هناك حقيقة خلف عالم الظواهر والأوهام.
حقيقة تبث في من يبحث عنها الحماس الذي لا حدود له .
----------
مقال / لماذا الملل
من كتاب / الشيطان يحكم
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله )
ذلك الرباط الخفيّ من الحنين لماضٍ مجهول ..
و ذلك الإحساس بالمسئولية و بأننا مدينون أمام ذات عُليا ..
و ذلك الإحساس العميق في لحظات الوحدة و الهجر .. بأننا لسنا وحدنا و إنما نحن في معيّة غيبية و في أُنس خفي و أن هناك يداً خفية سوف تنتشلنا ، و ذاتاً عُليا سوف تُلهِمُنا ، و رُكناً شديداً سوف يحمينا ، و عظيماً سوف يتداركنا ..
فذلك هو الدين في أصله و حقيقته .
و ما تبَقى بعد ذلك من أوامر و نواه و حرام و حلال و أحكام و عبادات هي تفاصيل و نتائج و موجبات لهذا الحب القديم .
و لكن الحب هو رأس القضية .. و إذا غاب ذلك الحب ، فإن كل العبادات و الطاعات لن تصنع ديناً و لن تصنع متديناً مسلماً كان أو مسيحياً أو يهودياً .
د. مصطفى محمود رحمه الله
من كتاب / تأملات في دنيا الله
و ذلك الإحساس بالمسئولية و بأننا مدينون أمام ذات عُليا ..
و ذلك الإحساس العميق في لحظات الوحدة و الهجر .. بأننا لسنا وحدنا و إنما نحن في معيّة غيبية و في أُنس خفي و أن هناك يداً خفية سوف تنتشلنا ، و ذاتاً عُليا سوف تُلهِمُنا ، و رُكناً شديداً سوف يحمينا ، و عظيماً سوف يتداركنا ..
فذلك هو الدين في أصله و حقيقته .
و ما تبَقى بعد ذلك من أوامر و نواه و حرام و حلال و أحكام و عبادات هي تفاصيل و نتائج و موجبات لهذا الحب القديم .
و لكن الحب هو رأس القضية .. و إذا غاب ذلك الحب ، فإن كل العبادات و الطاعات لن تصنع ديناً و لن تصنع متديناً مسلماً كان أو مسيحياً أو يهودياً .
د. مصطفى محمود رحمه الله
من كتاب / تأملات في دنيا الله
نفسياً ..!
كل ما في هذه الدنيا لا يساوي شيئًا أمام الأستقرار الداخلي، طمأنينة القلب، سكينة الروح، النومة الهنيئة، أن تسأل الله شيئًا فاسأله هذه الرحمة أولًا.
كل ما في هذه الدنيا لا يساوي شيئًا أمام الأستقرار الداخلي، طمأنينة القلب، سكينة الروح، النومة الهنيئة، أن تسأل الله شيئًا فاسأله هذه الرحمة أولًا.
لا يكتمل إيمان المرء حتى يدرك أن كل ما يحدث له من خير وشر هو شفرة يقول بها الله شيئًا ،
وهمسة يهمس بها في أذنه .
وإن يكن الميكروب هو الذي يُمرض في الظاهر،
فإن الله هو الذي أرسل الميكوب وكلفه بما فعل في الحقيقة،
فلا شيء يحدث في الكون خلسة من وراء خالق الكون ..
وطفيل الملاريا في فم البعوضة جاء مكلفًا ..
والسقف انهار على السكان فعل ذلك بميقات معلوم وكان من الممكن أن ينهار والبيت خال من سكانه ولكنه فعلها وهم نيام ، فقتلهم في ميقات معلوم ولم يقتل الرضيع في حضن أمه لحكمه مراده .. واللبيب هو من يفهم الإشارة
ويلتقط العبارة.
والمرض سجن وهو أحيانًا سجن مؤقت وأحيانًا سجن طويل وأحيانًا سجن مؤبد ، والسجين الملهم هو الذي يعرف لماذا أصدر الله أمرًا بسجنه ولماذا خفف عنه الحكم ولماذا عفا عنه .. فالخلية السرطانية لا تنشط إلا بأمر من ربها ولا تتوقف إلا بأمر آخر منه . والجينات التي تحكم الخلية هي مجرد أسباب ظاهرة .. ولا يعلم أحد إلى الآن لماذا يكمن الجين
و ينام ولماذا يصحو ويدمر ومتى يفعل هذا
ومتى يفعل ذاك ؟
والمؤمن يرد كل شيء إلى مشيئة ربه و يراه ممسكاً بمقاليد كل شيء ويرى بيده حركات الذرة والمجرة والفلك الأعظم وما فيه ومن فيه .
ويراه المُريد الأوحد فوق إرادات كل المريدين ، ويرى كل ما يجري عليه من مقادير .. رسالة خاصة .. وشفرة يخاطبه بها ، ويرى كل شر يصيبه .. في باطنه خير .. وكل بلاء ينزل به في مضمونه حكمة .. إن لم تظهر الآن فسوف تظهر غداً
أو بعد غد .. ذلك هو الرحمٰن جل جلاله الذي قال .. سبقت رحمتي غضبي.
من كتاب / تأملات في دنيا الله
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله)
وهمسة يهمس بها في أذنه .
وإن يكن الميكروب هو الذي يُمرض في الظاهر،
فإن الله هو الذي أرسل الميكوب وكلفه بما فعل في الحقيقة،
فلا شيء يحدث في الكون خلسة من وراء خالق الكون ..
وطفيل الملاريا في فم البعوضة جاء مكلفًا ..
والسقف انهار على السكان فعل ذلك بميقات معلوم وكان من الممكن أن ينهار والبيت خال من سكانه ولكنه فعلها وهم نيام ، فقتلهم في ميقات معلوم ولم يقتل الرضيع في حضن أمه لحكمه مراده .. واللبيب هو من يفهم الإشارة
ويلتقط العبارة.
والمرض سجن وهو أحيانًا سجن مؤقت وأحيانًا سجن طويل وأحيانًا سجن مؤبد ، والسجين الملهم هو الذي يعرف لماذا أصدر الله أمرًا بسجنه ولماذا خفف عنه الحكم ولماذا عفا عنه .. فالخلية السرطانية لا تنشط إلا بأمر من ربها ولا تتوقف إلا بأمر آخر منه . والجينات التي تحكم الخلية هي مجرد أسباب ظاهرة .. ولا يعلم أحد إلى الآن لماذا يكمن الجين
و ينام ولماذا يصحو ويدمر ومتى يفعل هذا
ومتى يفعل ذاك ؟
والمؤمن يرد كل شيء إلى مشيئة ربه و يراه ممسكاً بمقاليد كل شيء ويرى بيده حركات الذرة والمجرة والفلك الأعظم وما فيه ومن فيه .
ويراه المُريد الأوحد فوق إرادات كل المريدين ، ويرى كل ما يجري عليه من مقادير .. رسالة خاصة .. وشفرة يخاطبه بها ، ويرى كل شر يصيبه .. في باطنه خير .. وكل بلاء ينزل به في مضمونه حكمة .. إن لم تظهر الآن فسوف تظهر غداً
أو بعد غد .. ذلك هو الرحمٰن جل جلاله الذي قال .. سبقت رحمتي غضبي.
من كتاب / تأملات في دنيا الله
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله)
الدين ليس حرفة و لا يصلح لأن يكون حرفة .
و لا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين .
و مجموعة الشعائر و المناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ، فلا تكون من الدين في شيء .
و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي .. و الجلباب و السروال و الشمروخ و اللحية أعراف و عادات يشترك فيها المسلم و البوذي و المجوسي و الدرزي .. و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم أطول .. و أن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان ، لا يكفي لتكون مسلما .
و ديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة .
و السبحة و التمتمة و الحمحمة ، و سمت الدراويش و تهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها .
و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب.
ما الدين إذن ... ؟!
الدين حالة قلبية .. شعور .. إحساس باطني بالغيب .. و إدراك مبهم ، لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عليا تدبر كل شيء .
إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتا عليا .. و أن المملكة لها ملك .. و أنه لا مهرب لظالم و لا إفلات لمجرم .. و أنك حر مسئول لم تولد عبثا و لا تحيا سدى و أن موتك ليس نهايتك .. و إنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم .. إلى غيب من حيث جئت من غيب .. و الوجود مستمر .
و هذا الإحساس يورث الرهبة و التقوى و الورع ، و يدفع إلى مراجعة النفس و يحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة و يصوغ من نفسه وجودا أرقى و أرقى كل لحظة متحسبا لليوم الذي يلاقي فيه ذلك الملك العظيم .. مالك الملك .
هذه الأزمة الوجودية المتجددة و المعاناة الخلاقة المبدعة و الشعور المتصل بالحضور أبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت .. و الإحساس بالمسئولية و الشعور بالحكمة و الجمال و النظام و الجدية في كل شيء .. هو حقيقة الدين .
إنما تأتي العبادات و الطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية .. لكن الحالة القلبية هي الأصل .. و هي عين الدين و كنهه و جوهره .
و ينزل القرآن للتعريف بهذا الملك العظيم .. ملك الملوك .. و بأسمائه الحسنى و صفاته و أفعاله و آياته و وحدانيته .
و يأتي محمد عليه الصلاة و السلام ليعطي المثال و القدوة .
و ذلك لتوثيق الأمر و تمام الكلمة .
و لكن يظل الإحساس بالغيب هو روح العبادة و جوهر الأحكام و الشرائع ، و بدونه لا تعني الصلاة و لا تعني الزكاة شيئا .
و لقد أعطى محمد عليه الصلاة و السلام القدوة و المثال للمسلم الكامل ، كما أعطى المثال للحكم الإسلامي و المجتمع الإسلامي .. لكن محمدا عليه الصلاة و السلام و صحبه كانوا مسلمين في مجتمع قريش الكافر .. فبيئة الكفر ، و مناخ الكفر لم يمنع أيا منهم من أن يكون مسلما تام الإسلام .
و على المؤمن أن يدعو إلى الإيمان ، و لكن لا يضره ألا يستمع أحد ، و لا يضره أن يكفر من حوله ، فهو يستطيع أن يكون مؤمنا في أي نظام و في أي بيئة .. لأن الإيمان حالة قلبية ، و الدين شعور و ليس مظاهرة ، و المبصر يستطيع أن يباشر الإبصار و لو كان كل الموجودين عميانا ، فالإبصار ملكة لا تتأثر بعمى الموجودين ، كما أن الإحساس بالغيب ملكة لا تتأثر بغفلة الغافلين و لو كثروا بل سوف تكون كثرتهم زيادة في ميزانها يوم الحساب .
إن العمدة في مسألة الدين و التدين هي الحالة القلبية .
ماذا يشغل القلب .. و ماذا يجول بالخاطر ؟
و ما الحب الغالب على المشاعر ؟
و لأي شيء الأفضلية القصوى ؟
و ماذا يختار القلب في اللحظة الحاسمة ؟
و إلى أي كفة يميل الهوى ؟
تلك هي المؤشرات التي سوف تدل على الدين من عدمه .. و هي أكثر دلالة من الصلاة الشكلية ، و لهذا قال القرآن .. و لذكر الله أكبر .. أي أن الذكر أكبر من الصلاة .. برغم أهمية الصلاة .
و لذلك قال النبي عليه الصلاة و السلام لصحابته عن أبي بكر .. إنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة و لكن بشيء وقر في قلبه .
و بهذا الشيء الذي وقر في قلب كل منا سوف نتفاضل يوم القيامة بأكثر مما نتفاضل بصلاة أو صيام .
إنما تكون الصلاة صلاة بسبب هذا الشيء الذي في القلب .
و إنما تكتسب الصلاة أهميتها القصوى في قدرتها على تصفية القلب و جمع الهمة و تحشيد الفكر و تركيز المشاعر .
و كثرة الصلاة تفتح هذه العين الداخلية و توسع هذا النهر الباطني ، و هي الجمعية الوجودية مع الله التي تعبر عن الدين بأكثر مما يعبر أي فعل .
و هي رسم الإسلام الذي يرسمه الجسم على الأرض ، سجودا ، و ركوعا و خشوعا و ابتهالا ، و فناء .. يقول رب العالمين لنبيه :
(( اسجد و اقترب )) .
و بسجود القلب يتجسد المعنى الباطني العميق للدين ، و تنعقد الصلة بأوثق ما تكون بين العبد و الرب .
و بالحس الديني ، يشهد القلب الفعل الإلهي في كل شيء .. في المطر و الجفاف ، في الهزيمة و النصر ، في الصحة و المرض ، في الفقر و الغنى ، في الفرج و الضيق .. و على اتساع التاريخ يرى الله في تقلب الأحداث و تداول المقادير
و لا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين .
و مجموعة الشعائر و المناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ، فلا تكون من الدين في شيء .
و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي .. و الجلباب و السروال و الشمروخ و اللحية أعراف و عادات يشترك فيها المسلم و البوذي و المجوسي و الدرزي .. و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم أطول .. و أن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان ، لا يكفي لتكون مسلما .
و ديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة .
و السبحة و التمتمة و الحمحمة ، و سمت الدراويش و تهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها .
و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب.
ما الدين إذن ... ؟!
الدين حالة قلبية .. شعور .. إحساس باطني بالغيب .. و إدراك مبهم ، لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عليا تدبر كل شيء .
إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتا عليا .. و أن المملكة لها ملك .. و أنه لا مهرب لظالم و لا إفلات لمجرم .. و أنك حر مسئول لم تولد عبثا و لا تحيا سدى و أن موتك ليس نهايتك .. و إنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم .. إلى غيب من حيث جئت من غيب .. و الوجود مستمر .
و هذا الإحساس يورث الرهبة و التقوى و الورع ، و يدفع إلى مراجعة النفس و يحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة و يصوغ من نفسه وجودا أرقى و أرقى كل لحظة متحسبا لليوم الذي يلاقي فيه ذلك الملك العظيم .. مالك الملك .
هذه الأزمة الوجودية المتجددة و المعاناة الخلاقة المبدعة و الشعور المتصل بالحضور أبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت .. و الإحساس بالمسئولية و الشعور بالحكمة و الجمال و النظام و الجدية في كل شيء .. هو حقيقة الدين .
إنما تأتي العبادات و الطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية .. لكن الحالة القلبية هي الأصل .. و هي عين الدين و كنهه و جوهره .
و ينزل القرآن للتعريف بهذا الملك العظيم .. ملك الملوك .. و بأسمائه الحسنى و صفاته و أفعاله و آياته و وحدانيته .
و يأتي محمد عليه الصلاة و السلام ليعطي المثال و القدوة .
و ذلك لتوثيق الأمر و تمام الكلمة .
و لكن يظل الإحساس بالغيب هو روح العبادة و جوهر الأحكام و الشرائع ، و بدونه لا تعني الصلاة و لا تعني الزكاة شيئا .
و لقد أعطى محمد عليه الصلاة و السلام القدوة و المثال للمسلم الكامل ، كما أعطى المثال للحكم الإسلامي و المجتمع الإسلامي .. لكن محمدا عليه الصلاة و السلام و صحبه كانوا مسلمين في مجتمع قريش الكافر .. فبيئة الكفر ، و مناخ الكفر لم يمنع أيا منهم من أن يكون مسلما تام الإسلام .
و على المؤمن أن يدعو إلى الإيمان ، و لكن لا يضره ألا يستمع أحد ، و لا يضره أن يكفر من حوله ، فهو يستطيع أن يكون مؤمنا في أي نظام و في أي بيئة .. لأن الإيمان حالة قلبية ، و الدين شعور و ليس مظاهرة ، و المبصر يستطيع أن يباشر الإبصار و لو كان كل الموجودين عميانا ، فالإبصار ملكة لا تتأثر بعمى الموجودين ، كما أن الإحساس بالغيب ملكة لا تتأثر بغفلة الغافلين و لو كثروا بل سوف تكون كثرتهم زيادة في ميزانها يوم الحساب .
إن العمدة في مسألة الدين و التدين هي الحالة القلبية .
ماذا يشغل القلب .. و ماذا يجول بالخاطر ؟
و ما الحب الغالب على المشاعر ؟
و لأي شيء الأفضلية القصوى ؟
و ماذا يختار القلب في اللحظة الحاسمة ؟
و إلى أي كفة يميل الهوى ؟
تلك هي المؤشرات التي سوف تدل على الدين من عدمه .. و هي أكثر دلالة من الصلاة الشكلية ، و لهذا قال القرآن .. و لذكر الله أكبر .. أي أن الذكر أكبر من الصلاة .. برغم أهمية الصلاة .
و لذلك قال النبي عليه الصلاة و السلام لصحابته عن أبي بكر .. إنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة و لكن بشيء وقر في قلبه .
و بهذا الشيء الذي وقر في قلب كل منا سوف نتفاضل يوم القيامة بأكثر مما نتفاضل بصلاة أو صيام .
إنما تكون الصلاة صلاة بسبب هذا الشيء الذي في القلب .
و إنما تكتسب الصلاة أهميتها القصوى في قدرتها على تصفية القلب و جمع الهمة و تحشيد الفكر و تركيز المشاعر .
و كثرة الصلاة تفتح هذه العين الداخلية و توسع هذا النهر الباطني ، و هي الجمعية الوجودية مع الله التي تعبر عن الدين بأكثر مما يعبر أي فعل .
و هي رسم الإسلام الذي يرسمه الجسم على الأرض ، سجودا ، و ركوعا و خشوعا و ابتهالا ، و فناء .. يقول رب العالمين لنبيه :
(( اسجد و اقترب )) .
و بسجود القلب يتجسد المعنى الباطني العميق للدين ، و تنعقد الصلة بأوثق ما تكون بين العبد و الرب .
و بالحس الديني ، يشهد القلب الفعل الإلهي في كل شيء .. في المطر و الجفاف ، في الهزيمة و النصر ، في الصحة و المرض ، في الفقر و الغنى ، في الفرج و الضيق .. و على اتساع التاريخ يرى الله في تقلب الأحداث و تداول المقادير
.
و على اتساع الكون يرى الله في النظام و التناسق و الجمال ، كما يراه في الكوارث التي تنفجر فيها النجوم و تتلاشى في الفضاء البعيد .
و في خصوصية النفس يراه فيما يتعاقب على النفس من بسط و قبض ، و أمل و حلم ، و فيما يلقى في القلب من خواطر و واردات .. حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه و بين ربه طول الوقت ..
حوار بدون كلمات ..
لأن كل حدث يجري حوله هو كلمة إلهية و عبارة ربانية ، و كل خبر مشيئة ، و كل جديد هو سابقة في علم الله القديم .
و هذا الفهم للمشيئة لا يرى فيه المسلم تعطيلا لحريته ، بل يرى فيه امتدادا لهذه الحرية .. فقد أصبح يختار بربه ، و يريد بربه ، و يخطط بربه ، و ينفذ بربه .. فالله هو الوكيل في كل أعماله .
بل هو يمشي به ، و يتنفس به ، و يسمع به ، و يبصر به ، و يحيا به .. و تلك قوة هائلة و مدد لا ينفد للعابد العارف ، كادت أن تكون يده يد الله و بصره بصره ، و سمعه سمعه ، و إرادته إرادته .
إن نهر الوجود الباطني داخله قد اتسع للإطلاق .. و في ذلك يقول الله في حديثه القدسي :
(( لم تسعني سماواتي و لا أرضي و وسعني قلب عبدي المؤمن )) .
هذا التصعيد الوجودي ، و العروج النفسي المستمر هو المعنى الحقيقي للدين .. و تلك هي الهجرة إلى الله كدحا .
(( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) .
و لا نجد غير الكدح كلمة تعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة ، و الجهاد النفسي صعودا إلى الله .
هذا هو الدين .. و هو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا
مقال/ الدين ما هو
من كتاب / الإسلام ما هو
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله )
و على اتساع الكون يرى الله في النظام و التناسق و الجمال ، كما يراه في الكوارث التي تنفجر فيها النجوم و تتلاشى في الفضاء البعيد .
و في خصوصية النفس يراه فيما يتعاقب على النفس من بسط و قبض ، و أمل و حلم ، و فيما يلقى في القلب من خواطر و واردات .. حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه و بين ربه طول الوقت ..
حوار بدون كلمات ..
لأن كل حدث يجري حوله هو كلمة إلهية و عبارة ربانية ، و كل خبر مشيئة ، و كل جديد هو سابقة في علم الله القديم .
و هذا الفهم للمشيئة لا يرى فيه المسلم تعطيلا لحريته ، بل يرى فيه امتدادا لهذه الحرية .. فقد أصبح يختار بربه ، و يريد بربه ، و يخطط بربه ، و ينفذ بربه .. فالله هو الوكيل في كل أعماله .
بل هو يمشي به ، و يتنفس به ، و يسمع به ، و يبصر به ، و يحيا به .. و تلك قوة هائلة و مدد لا ينفد للعابد العارف ، كادت أن تكون يده يد الله و بصره بصره ، و سمعه سمعه ، و إرادته إرادته .
إن نهر الوجود الباطني داخله قد اتسع للإطلاق .. و في ذلك يقول الله في حديثه القدسي :
(( لم تسعني سماواتي و لا أرضي و وسعني قلب عبدي المؤمن )) .
هذا التصعيد الوجودي ، و العروج النفسي المستمر هو المعنى الحقيقي للدين .. و تلك هي الهجرة إلى الله كدحا .
(( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) .
و لا نجد غير الكدح كلمة تعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة ، و الجهاد النفسي صعودا إلى الله .
هذا هو الدين .. و هو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا
مقال/ الدين ما هو
من كتاب / الإسلام ما هو
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله )
و لكل منا وجه إلى الناس و وجه إلى الله .. و ذلك الوجه الثاني هو سره .
وانتهاك هذا الوجه عدوان، و طمع من الحبيب فيما ليس له .
و لهذا أشعر دائما بأن من يحاول أن يقتحم المسافة بيني و بينه باسم الحب .. إنما يفعل ذلك بحكم الكراهية و ليس الحب، و ذلك هو الحب الأناني الذي يريد في واقع الأمر أن يتخلّص مني و يستهلكني و يستنفدني و يقضي علي .
و تلك هي القسوة المقنعة التي نتبادلها باسم الحب و العدوان الذي نباشره باسم العشق
و لهذا ضرب الله لنا مثلا على الكمال باسمه العزيز فهو سبحانه العزيز الذي لا يُنال.
و على من يريد أن يكون كاملاً أن يكون هو الآخر عزيزاً لا يُنال؛ فالعزة و المنعة من صفات الكمال، و الشيوع و الانكشاف من صفات الابتذال..
و من هنا وجب أن تكون هناك مسافة بين الأحباء، و أن يكون الحب قرباً و ليس اقتحاماً.
وتلك المسافة هي التي أسميتها الاحترام .. حيث يحترم كل واحد سر الآخر، فلا يحاول أن يتجسس عليه .. و يحترم ماضيه و يحترم ما يخفيه في جوانبه، و يحترم خصوصيته و خلوته و صمته، و يحاول أن يكون ستراً و غطاءً، لا هتكاً وتدخلاً و تلصصاً و نشلاً!
فالحب عطاء اختياري حر ، وليس مصادرة قهرية وسلباً واغتصاباً، و في هذه الحرية جوهر الحب..
~~
من مقال: هتك الستر.
تأملات في دنيا الله.. د. مصطفى محمود رحمه الله
وانتهاك هذا الوجه عدوان، و طمع من الحبيب فيما ليس له .
و لهذا أشعر دائما بأن من يحاول أن يقتحم المسافة بيني و بينه باسم الحب .. إنما يفعل ذلك بحكم الكراهية و ليس الحب، و ذلك هو الحب الأناني الذي يريد في واقع الأمر أن يتخلّص مني و يستهلكني و يستنفدني و يقضي علي .
و تلك هي القسوة المقنعة التي نتبادلها باسم الحب و العدوان الذي نباشره باسم العشق
و لهذا ضرب الله لنا مثلا على الكمال باسمه العزيز فهو سبحانه العزيز الذي لا يُنال.
و على من يريد أن يكون كاملاً أن يكون هو الآخر عزيزاً لا يُنال؛ فالعزة و المنعة من صفات الكمال، و الشيوع و الانكشاف من صفات الابتذال..
و من هنا وجب أن تكون هناك مسافة بين الأحباء، و أن يكون الحب قرباً و ليس اقتحاماً.
وتلك المسافة هي التي أسميتها الاحترام .. حيث يحترم كل واحد سر الآخر، فلا يحاول أن يتجسس عليه .. و يحترم ماضيه و يحترم ما يخفيه في جوانبه، و يحترم خصوصيته و خلوته و صمته، و يحاول أن يكون ستراً و غطاءً، لا هتكاً وتدخلاً و تلصصاً و نشلاً!
فالحب عطاء اختياري حر ، وليس مصادرة قهرية وسلباً واغتصاباً، و في هذه الحرية جوهر الحب..
~~
من مقال: هتك الستر.
تأملات في دنيا الله.. د. مصطفى محمود رحمه الله
حكاية الجمال كلام فارغ ..لأن التعود يقضي علي الوحاشة وعلي الجمال ..والعين حينما تتعود علي وجه وتألفه .. يفقد هذا الوجه ما يثيره في النفس .. وتبقي الإنسانية والعشرة والاخلاق والحب والأنسجام .. وهي أشياء أهم من الجمال في الزواج.
كتاب : الشيطان يحكم.
كتاب : الشيطان يحكم.