Telegram Web Link
صحابيات حول الرسول ﷺ
فاطمة بنت أسد رضي الله عنها

هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها ، الهاشمية أول هاشمية تلد هاشمياً فهي زوجة أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه و سلم وأم أولاده طالب و عقيل و جعفر و علي ، وأم هانئ و جمانه

وهي أول ثلاث نسوة هاشميات ولدن خلفاء فهي أم الخليفة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ومن بعدها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ولدت الحسن رضي الله عنه ثم زبيدة زوجة هارون الرشيد ولدت الأمين الخليفة العباسي

وهي مربية رسول الله صلى الله عليه و سلم ،تربى الرسول صلى الله عليه وسلم في بيتها ، فلقد أوصى عبد المطلب قبل موته أبي طالب بكفالة ورعاية محمد صلى الله عليه و سلم لما توسم فيه من حسن رعايته،. ولما عرف عن أبي طالب من حب لابن أخيه، فكفله أبو طالب و أحبه و أحبته زوجته أكثر من أبنائها و كانت له أماً بعد أمه

فكانت رضي الله عنها تحوطه وترعاه وتقوم بأمره ، وتحسن رعايته ،لما كانت تراه من بركته ،فقد كانت تلاحظ ان البركة تحل في طعامهم إذا أكل معهم ، وماكانت تراه منه من خلق عظيم
ولقد أحبها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أحب أبنائها و اعتبرهم صلى الله عليه و سلم إخوته

و لما نزل قول الله تعالى : (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه الأقربين للإيمان بالله تعالى و كانت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها من المسارعين للإجابة، و كانت رضي الله عنها تخفف عن الرسول صلى الله عليه و سلم بعد موت أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها و أرضاها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر زيارتها ، ويقيل في بيتها

ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجرت رضي الله عنها مع من هاجر ، ونالت بذلك شرف الهجرة

ولما تزوج علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها ابنة رسول الله صلى الله عليه، فرحت بزواجهما ، وعاشت معهما وقال لها علي رضي الله عنه : لو كفيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة ، وكفتك في الداخل الطحن والعجن ؟ فتراضوا على ذلك

ولقد روت رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم ستة و أربعون حديثاً

وتوفيت رضي الله عنها في العام الرابع للهجرة النبوية ودفنت في البقيع


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

#يتبع
صحابيات حول الرسول ﷺ

سمية بنت خياط رضي الله عنها
أول شهيدة في الإسلام

هي الصحابية: سمية بنت خياط رضي الله عنها
تكنى: "أم عمار" تعرف باسمها "سمية" وكنيتها بابنها عمار بن ياسر وهي من مشاهير الصحابيات. كانت أمة لأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي، وكان ياسر بن عامر حليفا لأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي، فزوجه بها فولدت له عمارا فأعتقه ، وظل ياسر وابنه عمار مع أبي حذيفة إلى أن مات ، فلما جاء الإسلام أسلم ياسر وسمية وعمار رضي الله عنهم جميعا

وهي أول شهيدة في الإسلام، وهي ممن بذلوا أرواحهم لإعلاء كلمة الله عز وجل، وهي من المبايعات الصابرات الخيرات اللاتي احتملن الأذى في سبيل الله

فقد كانت سمية رضي الله عنها من أوائل من دخل في الإسلام فهي سابع سبعة ممن اعتنقوا الإسلام بمكة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق وبلال وصهيب وخباب وعمار ابنها وزوجها رضي الله عنهم ..

فأما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد منعه عمه ، أما أبوبكر الصديق رضي الله عنه فقد منعه قومه، أما الباقون فقد ذاقوا أصناف العذاب وألبسوا أدراع الحديد وصهروا تحت لهيب الشمس الحارقة

عن مجاهد قال: أول شهيد استشهد في الإسلام سمية أم عمار. قال: وأول من أظهر الإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبوبكر ، وبلال، وصهيب، وخباب، وعمار، وسمية أم عمار

ولقد عذب آل ياسر أشد العذاب من أجل اتخاذهم الإسلام ديناً ، وصبروا على الأذى والحرمان الذي لاقوه من قومهم، فقد ملأ قلوبهم الإيمان

ولقد ذاقت هي وعائلتها أقصى أنواع العذاب حتى ترجع عن الإسلام ، ولكنّها لم تضعف يوماً، وكان يمرّ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يُعذّبون ويقول لهم: (صبراً آل ياسر، صبراً آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة)

و بقيت سمية رضي الله عنها ثابتة على موقفها حتى تحت وطأة أشد العذاب، و نالت رضي الله عنها الشهادة بعد أن طعنها أبوجهل بحربة بيده في قُبْلِها فماتت على إثرها ، وكانت وفاتها في مكة سنة ٧ قبل الهجرة، وكانت بذلك أول شهيدة في الإسلام
وكانت رضي الله عنها حين استشهدت امرأة عجوز ضعيفة ،ولكنها متمسكة بدينها، ثابته عليه لا يزحزحها عنه أحد، وكان إيمانها الراسخ في قلبها هو مصدر ثباتها وصبرها على احتمال الأذى الذي لاقته على أيدي المشركين، رضي الله عنها وأرضاها


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

#يتبع
صحابيات حول الرسول ﷺ
الجزء١
أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها
ذات النطاقين


 هي أسماء بنت أبي بكر الصديق (عبدالله بن أبي قحافة) وأمها قتيلة بنت عبد العزى العامرية ، لقبت بذات النطاقين، وكنيتها أم عبد الله

لها ثلاثة إخوة وأختان
عبد الله بن أبي بكر، وهو أخوها الشقيق من أبيها وأمها،وهو الذي كان يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأباه أبا بكر بالطعام وبأخبار قريش في غار ثور كل ليلة أثناء الهجرة النبوية، توفي أول خلافة أبي بكر في شوال سنة 11 هـ.

عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو أخوها من أبيها، وهو أكبر ولد أبي بكر الصديق، وأمه أم رومان، تأخر إسلامه حتى صلح الحديبية، وهاجر قبل الفتح، وشهد اليمامة واليرموك، وتوفي سنة 58 هـ.

محمد بن أبي بكر، أمه أسماء بنت عميس، كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في موقعة الجمل وصفين، وولاه على رضي الله عنه على مصر، وقتل سنة 38 هـ

أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها ، أمها أم رومان، وكانت أسماء أكبر من السيدة عائشة رضي الله عنها ببضع عشرة سنة

أم كلثوم بنت أبي بكر، أمها حبيبة بنت خارجة، آخر أبناء أبي بكر الصديق


زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت عبد المطلب، أحد السابقين للإسلام ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ، ولها منه خمسة أولاد هم : عبد الله الذي بويع للخلافة ، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وثلاث بنات هن: خديجة الكبرى، أم الحسن، عائشة

أسلمت رضي الله عنها قديما بعد إسلام سبعة عشر صحابيا و هي آخر المهاجرات والمهاجرين وفاة

وكانت رضي الله عنها تلقب بذات النطاقين ، وذلك لأنها عند هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأبيها هيأت لهم طعاما فاحتاجت إلى ما تشده به فشقت نطاقها نصفين فشدت بنصفه السفرة، واتخذت من النصف الآخر نطاقا ،فسميت ذات النطاقين

ففي رواية مسلم قالت أسماء رضي الله عنها : (‏ ‏أنا والله ذات النطاقين، ‏أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏و طعام ‏ ‏أبي بكر ‏ ‏من الدواب، و أما الآخر فنطاق المرأة التي لا ‏ ‏تستغني عنه)

وفي رواية اخرى قالت رضي الله عنها : صنعتُ سُفرةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، قالت: فلم نجد لسُفرتِه (طعام يتخذه المسافر)، ولا لسقائه (وعاء من الجِلد يوضع فيه الماء، ويكون عادةً من جلد مستدير) ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئًا أربط به إلا نطاقي (ما تشُد به المرأةُ وسطها)، قال: فشقِّيه باثنين، فاربطيه: بواحد السقاء، وبالآخر السفرة، ففعلتُ، فلذلك سميت ذات النطاقين
(رواه البخاري)

والنطاق: أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشدُّ وسطها بشيءٍ وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل؛ تفعل ذلك عند الأشغال؛ لئلا تعثر في ذيل ثوبها

وعندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وعلمت قريش بذلك ، أتاها نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك يا بنت أبي بكر؟
قالت: لا أدري والله أين أبي، فرفع أبو جهل يده، فلطمها لطمة على وجهها طرحت منه قرطها، ثم انصرفوا


ولما خرج الصديق رضي الله عنه مهاجراً بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل معه ماله كله، ومقداره ستة آلاف درهم، ولم يترك لعياله شيئًا...
فلما علم والده أبو قحافة برحيله -وكان ما يزال مشركًا- جاء إلى بيته وقال لأسماء رضي الله عنها : والله إني لأراه قد فجعكم بماله (أخذ ماله ولم يترك لكم شيء) بعد أن فجعكم بنفسه.

فقالت له: كلا يا أبتِ إنه قد ترك لنا خيرًا كثيرًا، ثم أخذت حصى ووضعته في الكوة التي كانوا يضعون فيها المال وألقت عليه بثوب، ثم أخذت بيد جدها -وكان مكفوف البصر- وقالت: يا أبت، انظر كم ترك لنا من المال. فوضع يده عليه وقال: لا بأس... إذا كان ترك لكم هذا كله فقد أحسن.
قالت أسماء : " لا والله ماترك لنا شيئًا، ولكني أرادت أن أسكن الشيخ بذلك"
(أي تطمئنه)

ولقد هاجرت مع زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنهما، وكانت رضي الله عنها عند الهجرة للمدينة حاملاً بعبـد الله بن الزبيـر رضي الله عنه، وما كادت تبلغ قباء عند مشارف المدينة حتى جاءها المخاض، فولدته بقباء، وكان اول مولود يولد للمهاجرين في المدينة ، وقد استبشر المهاجرون بمولوده ،وفرحوا به فرحًا شديدًا ، حيث كانوا قد بقوا لفترة لا يولد لهم مولود حتى قيل إن يهود المدينة سحرتهم فلا يولد لهم

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

#يتبع
صحابيات حول الرسول ﷺ
الجزء٢
أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها
ذات النطاقين

* بعض المواقف من حياة ذات النطاقين رضي الله عنها*

*أسماء الزوجة*

كان الزبير غيورًا وكانت أسماء تخشى غيرته، فعن أسماء رضي الله عنها، قالت: "تزوَّجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شيء غير ناضح (بعير يُستقَى عليه) وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء، وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكُنَّ نسوةَ صدقٍ، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطَعَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على رأسي ، فجئت يومًا والنوى على رأسي، فلقيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال: ((إخ إخ))؛ ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبيرَ وغَيْرَتَه، وكان أغيرَ الناس، فعرَف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييتُ فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه وعرفت غيرَتَك، فقال: والله لحملُك النوى كان أشدَّ عليَّ مِن ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس (ترويضها وتدريبها)، فكأنما أعتَقَني" (رواه البخاري ومسلم).

وكان الزبير رضي الله عنه شديدًا عليها ، فذهبت إلى أبيها تشكوه فقال لها: «يَا بُنَيَّةُ اصْبِرِي فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ صَالِحٌ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا فَلَمْ تَزَوَّجْ بَعْدَهُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ.»


*نزول القرآن في شأن أسماء رضي الله عنها*

فعن أسماء رضي الله عنها قالت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قلت: قدمت علي أمي وهي راغبة أفَأَصِل أمِّي؟ قال: ((نعم، صلِّي أمَّكِ))
(رواه البخاري و مسلم )
قال ابن حجر العسقلاني: وهي راغبة؛ أي: طالبة في برِّ ابنتها لها، خائفة مِن ردِّها إياها خائبةً

ونزل فيها قول الله تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

فعن عبدالله بن الزبير، عن أبيه، قال: نزلت في أسماء بنت أبي بكر، وكانت لها أمٌّ في الجاهلية يقال لها: قتيلة بنت عبدالعزى، فأتتها بهدايا ، فقالت:
لا أقبل لك هديةً، ولا تدخلي عليَّ حتى يأذن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فذَكَرْت ذلك عائشةُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8]؛ (تفسير ابن جرير الطبري)

#يتبع
نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء*

قالت أسماء رضي الله عنها قلت: يا رسول الله، ما لي شيء إلا ما أدخل عليَّ الزبير بيتَه، أفأُعطي (أي: أتصدَّق) منه؟ قال: ((أَعطي، ولا توكي (لا تدَّخري وتمنعي ما في يدك عن الصدقة)، فيوكى عليك (ينقطع الرزق عنك))
(صحيح أبي داود )

قال عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما : ما رأيت امرأةً قط أجوَدَ من عائشة وأسماء؛ وجودهما مختلف: أمَّا عائشة، فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها وضَعَتْه مواضعَه، وأمَّا أسماء، فكانت لا تدَّخر شيئًا لغدٍ

و كانت رضي الله عنها تمرِّض المرضة، فتعتق كلَّ مملوكٍ لها، و كانت تقول لبناتها ولأهلها: أنفِقن وتصدَّقن، ولا تنتظرن الفضل؛ فإنكنَّ إن انتظرتن الفضلَ لم تفضلن شيئًا، وإن تصدقتنَّ لم تجدن فَقْدَ

كما يُروى في تقواها أنها كانت إذا أصابها الصداع وضعت يدها على رأسها وتقول: «بَذَنبي وَمَا يَغْفِرُ اللَّهُ أَكْثَرَ.»
وهي تعني بهذا أن ما يصاب به الإنسان من أذى فسببه تقصيره في جنب الله، لعله يرجع إلى الله بالتوبة والعمل الصالح.

ولقد عمرت مائة سنة وكف بصرها في آخر عمرها، وكانت تحرص على الصلاة
يقول الركين بن الربيع: «دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ عَمْيَاءُ فَوَجَدْتُهَا تُصَلِّي وَعِنْدَهَا إِنْسَانٌ يُلَقِّنُهَا: قُومِي. اقْعُدِي. افْعَلِي.»

ومن حيائها : «أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ قَدِمَ مِنَ الْعِرَاقِ فَأَرْسَلَ إِلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِكِسْوَةٍ من ثياب بيض رقيقة بعد ما كُفَّ بَصَرُهَا. فَلَمَسَتْهَا بِيَدِهَا ثُمَّ قَالَتْ: أُفٍّ! رُدُّوا عَلَيْهِ كِسْوَتَهُ

فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ (حزن لذلك) وَقَالَ: يَا أُمَّهْ إِنَّهُ لا يَشِفُّ.

قَالَتْ: إِنَّهَا إِنْ لَمْ تَشِفَّ فَإِنَّهَا تَصِفُ فَاشْتَرَى لَهَا ثِيَابًا غير رقيقة فَقَبِلَتْهَا وَقَالَتْ: مِثْلَ هَذَا فَاكْسُنِي.»

فهذه أسماء رضي الله عنها بعدما كفَّ بصرها ، وبلغت من العمر ما بلغت ترد هدية ابنها من القماش الذي لا يشف ، ولكنه يصف حجم العظام ، ولم تعذر نفسها بكف البصر ، أو بكبر السن ، فتتساهل بلبس ما يصف من الثياب

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

#يتبع
صحابيات حول الرسول ﷺ
الجزء٣
أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها
ذات النطاقين


*موقفها من الحجاج بن يوسف الثقفي*

بُويع ابنها عبد الله بن الزبير بالخلافة سنة 64 هـ بعد وفاة يزيد بن معاوية، واتخذ من مكة عاصمة لحكمه، وبايعته الولايات كلها إلا بعض مناطق في الشام، ولكن خلافته لم تمكث طويلًا، حيث استولى الأمويون على المدينة المنورة، وحاصره الحجاج بن يوسف الثقفي بأمر من عبد الملك بن مروان في مكة، ونصب الحجاج المنجنيق على جبل أبي قبيس، فتخاذل عنه معظم أصحابه.

وقبيل مصرع عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما بساعاتٍ دخل على أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها -وكانت كبرت و كفَّ بصرها- فقال: السلام عليك يا أُمَّه ورحمة الله وبركاته.
فقالت: وعليك السلام يا عبد الله.
ما الذي أقدمك في هذه الساعة، والصخور التي تقذفها منجنيقات الحَجَّاج على جنودك في الحرم تهز دور مكة هزًا؟!
قال: جئت لأستشيرك.

قالت: تستشيرني... في ماذا؟!
قال: لقد خذلني الناس وانحازوا عني رهبة من الحجاج أو رغبة بما عنده حتى أولادي وأهلي انفضوا عني، ولم يبق معي إلا نفر قليل من رجالي، وهم مهما عظم جلدهم فلن يصبروا إلا ساعة أو ساعتين، وأرسل بني أمية يفاوضونني على أن يعطونني ما شئت من الدنيا إذا ألقيت السلاح وبايعت عبد الملك بن مروان، فما ترين؟

فعلا صوتها وقالت: الشأن شأنك يا عبد الله، و أنت أعلم بنفسك؛ فإن كنت تعتقد أنك على حق، و تدعو إلى حق،فاصبر كما صبر أصحابك الذين قتلوا تحت رايتك، وإن كنت إنما أردت الدنيا فلبئس العبد أنت... أهلكت نفسك، وأهلكت رجالك.
قال: ولكني مقتول اليوم لا محالة.
قالت: ذلك خير لك من أن تسلم نفسك للحجاج مختارًا، فيلعب برأسك غلمان بني أمية.
قال: لست أخشى القتل، وإنما أخاف أن يمثِّلوا بي.

قالت: «يا بني، إن الشاةَ لا تتألم بالسلخِ إذا ذُبِحَت فامض على بصيرتك واستعن بالله.»
فأشرقت أسارير وجهه ، وقبل رأسها وقال: بوركتِ من أم، وبوركت مناقبك الجليلة؛ فأنا ما جئت إليك في هذه الساعة إلا لأسمع منك ما سمعت، والله يعلم أنني ما وهنت ولا ضعفت، وهو الشهيد علي أنني ما قمت بما قمت به حبا بالدنيا وزينتها، وإنما غضبًا لله أن تستباح محارمه، وها أنا ذا ماض إلى ما تحبين، فإذا أنا قتلت فلا تحزني علي وسلمي أمرك لله
قالت: إنما أحزن عليك لو قتلت في باطل
ثم أردفت أسماء بنت أبي بكر قائلة لولدها عبد الله بن الزبير: اقترب مني يا بني لأتشمم رائحتك وألمس جسدك فقد يكون هذا آخر العهد بك.
فانصرف عازمًا على مواصلة القتال. وقاتل قتالاً شديدًا حتى قتل يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين للهجرة


وعندما قتل الحجاج ابنها عبد الله رضي الله عنه ، قيل لابن عمر رضي الله عنهما : إن أسماء في ناحية المسجد -وذلك حين صلب ابنها - فمال إليها، فقال: إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله; فاتقي الله واصبري.
فقالت: وما يمنعني، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.



و لما قَتَلَ الحجاجُ ابنَ الزبير رضي الله عنه، أرسل إلى أسماء أن تأتيه ، فأبت أن تأتيَه، فأعاد عليها الرسول: لتأتيني أو لأبعثنَّ إليك مَن يسحبك بقرونك (يجرُّك بضفائر شعرك )
فأَبَت وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إليَّ من يسحبني بقروني
فانطلق حتى دخل عليها، فقال: كيف رأيتِني صنعتُ بعدوِّ الله؟
قالت: رأيتك أفسدتَ عليه دنياه، وأفسَدَ عليك آخرتك، بلَغَني أنك تقول له: يا بن ذات النطاقين، أنا واللهِ ذات النطاقين، أما أحدهما فكنت أرفع به طعامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعامَ أبي بكر من الدواب، وأمَّا الآخَر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه
أمَا إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حدَّثنا: ((أنَّ في ثقيف كذَّابًا ومبيرًا))، فأمَّا الكذَّاب فرأيناه (المختار بن أبي عبيد الثقفي)، وأمَّا المبير (المهلك كثير القتل)، فلا إخالك (أظنك) إلا إياه، قال: فقام عنها ولم يراجعها
(رواه مسلم)

فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فكتب إلي الحجاج يلومه في مخاطبته أسماء، وقال:«مالك ولابنة الرجل الصالح؟»، وأمره بإنزال عبد الله بن الزبير من الخشبة. فأخذت جثمانه وغسلته وحنطته وكفنته وطيبته وصلت عليه، ثم دفنته، ثم ماتت بعده بأيام

*وفاتها*

عمرت أسماء رضي الله عنها دهرًا طويلًا، وكف بصرها في آخر عمرها، وبلغت من العمر مائة سنة. وتوفت رضي الله عنها بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بليالٍ،
وكان قتله لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين. وكانت آخر المهاجرين والمهاجرات وفاةً رضي الله عنها وارضاها

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

#يتبع
صحابيات حول الرسول ﷺ
الجزء١
أم الفضل رضي الله عنها


هي الصحابية الجليلة أم الفضل بنت الحارث بن حزن بن بجير الهلالية زوجة العباس بن عبد المطلب عم النبي ﷺ و أم أولاده الستة رضي الله عنهم

أسمها : لبابة الكبرى تمييزًا لها عن أخت لها لأبيها تسمى "لبابة الصغرى" أم خالد بن الوليد رضي الله عنه
وهي أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخواتها من أمها أم المؤمنين زينب بنت خزيمة وأسماء بنت عميس و سلمى بنت عميس رضي الله عنهم جميعا

وأمها هند بنت عوف بن الحارث، قيل عنها أكرم الناس أصهاراً ، فأصهارها هم :
رسول الله ﷺ زوج ابنتها زينب بنت خزيمة و ابنتها ميمونة بنت الحارث رضي الله عنهما
والعباس رضي الله عنه عم رسول الله ﷺ زوج ابنتها لبابة الكبرى
و جعفر بن أبي طالب (ذو الجناحين) ثم أبو بكر الصديق ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ازواج ابنتها أسماء بنت عميس
وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه زوج ابنتها سلمى بنت عميس


قال رسول الله ﷺ وسلم وذكرت ميمونة بنت الحارث وأم الفضل بنت الحارث وأخواتها لبابة الصغرى وأسماء وسلمى ابنتا عميس فقال رسول الله ﷺ : ( إن الأخوات لمؤمنات )
وفي رواية : " الأخوات الأربع مؤمنات أم الفضل وميمونة وأسماء وسلمى "



وهي أم عبد الله بن عباس حبر الأمة ، وخالة سيف الله المسلول خالد بن الوليد و خالة أبناء جعفر وخالة محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم
و قد ولدت للعباس رضي الله عنه ستة رجال وهم : الفضل (وكان العباس يكنى به رضي الله عنه) ، عبد الله، معبد، عبيد الله، قثم وعبد الرحمن وولدت له بنتاً أسمها أم حبيب .

وقد بشرها الرسول صلى الله عليه وسلم بمولد ولدها عبد الله بن العباس
 فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(  حدثتني أم الفضل بنت الحارث ، أمه ، قالت: بينا أنا مارة و النبي ﷺ  في الحجر فقال: ( يا أم الفضل)  قلت : لبيك يا رسول الله، قال: (إنك حامل بغلام ) قلت: كيف وقد تحالفت قريش لا يولِّدون النساء ؟  قال: (هو ما أقول لك، فإذا وضعتيه فأتيني به) فلما وضعته أتيت به النبي ﷺ  فسماه عبد الله و حنكه بريقه، قال: (اذهبي به، فلتجدنَّه كيسا )

قالت : فأتيت العباس فأخبرته، فتبسم، ثم أتى النبي ﷺ ،و كان رجلا جميلا، مديد القامة، فلما رآه النبي ﷺ  قام إليه فقبل ما بين عينيه و أقعده عن يمينه، ثم قال : (  هذا عمي، فمن شاء فليباه بعمه ) فقال العباس: بعض القول، يا رسول الله ، قال : ( ولم لا أقول وأنت عمي وبقية آبائي،  والعم والد ) 
رواه الطبراني و قال الهيثمي إسناده حسن.

وفي رواية أخرى أنها رضي الله عنها كانت حبلى بإبنها عبد الله عندما كان النبي ﷺ محاصراً في الشعب مع بني هاشم فجاءه العباس رضي الله عنه وقال : "يا محمد أرى أم الفضل قد اشتملت على حمل"
فقال ﷺ: "لعل الله أن يقر أعينكم"

وقد مات كل واحد من أولادها في بلد بعيد عن الآخر وقيل : ما رأينا مثل بني أم واحدة أشراف ولدوا في دار واحدة أبعد قبوراً من بني أم الفضل

ولنا لقاء متجدد بإذن الله

#يتبع
صحابيات حول الرسول ﷺ
الجزء٢
أم الفضل رضي الله عنها


*إسلامها رضي الله عنها:*

قال أبو رافع مولى رسول الله ﷺ كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب، و كان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس و أسلمت أم الفضل وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه و يكره خلافهم، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه ..

والمشهور عن إسلامها أنها رضي الله عنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة بنت خويلد رضي الله عنها .
 وفي البخاري ما يدل على انها من المسلمات الأوائل إذ يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : ( كنت أنا و أمي من المستضعفين من النساء والولدان )

ولذا فهي أول السابقات و هو مقام كريم و فوز عظيم
و قد قال عنها الإمام الذهبي رضي الله عنه : كانت أم الفضل من علية القوم .

و كانت لأم الفضل رضي الله عنها وقعة شهيرة يوم بدر يرويها أبو رافع مولى رسول الله ﷺ يقول : كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت وأسلمت أم الفضل وأسلمت وكان أبو لهب –عدو الله- قد تخلف عن بدر فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبثه -أذله- الله واخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة وعزاً.

وكنت رجلاً ضعيفاً أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم و عندي أم الفضل جالسة و قد سرنا ما جاء من أنباء نصر الله للمسلمين فجاء أبو لهب ولم يصدق أنباء النصر وجاء أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فقال أبو لهب : إلي يا ابن أخي ما خبر الناس ؟

فقال : ما هو إلا لقينا رجال حتى منحناهم أكتافنا و لقينا رجال على خيل بلق بين السماء و الأرض
فقلت : تلك الملائكة
فلطمني أبو لهب لطمة شديدة وطفق يضربني

فقامت أم الفضل الى عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربته به ضربة فشجت رأسه شجة منكرة و قالت : تستضعفه أن غاب عنه سيده فقام مولياً ذليلاً فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة (مرض معدي )فقتله

وقد هاجرت رضوان الله عليها مع زوجها العباس عم النبي ﷺ ، إلى المدينة، عام الفتح ،وشهد العباس رضي الله عنه فتح مكة وانقطعت الهجرة بعدها، وشهد غزوة حنين وكان ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين



*حكمتها*

كانت رضي الله عنها حكيمة عاقلة ، فمن أخبارها رضي الله عنها وفيه دلالة على حكمتها ، أن ناساً من الصحابة اختلفوا يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : هو صائم ، وقال بعضهم : ليس بصائم . فأرسلت أم الفضل رضي الله عنها إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه ، وأزالت رضي الله عنها بعلمها هذا الالتباس الذي حصل عند القوم


أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أَفْطَرَ بعرفةَ أُتِيَ بلبنٍ فشَرِبَ .

الراوي : لبابة بنت الحارث أم الفضل | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن خزيمة | الصفحة أو الرقم : 2102 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح


و قد توفيت رضي الله عنها في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وماتت قبل زوجها العباس رضي الله عنه ، فرضي الله عن أم الفضل وأرضاها


ولنا لقاء متجدد بإذن الله

#يتبع
2024/10/01 22:39:29
Back to Top
HTML Embed Code: