العَاقِلُ يُدرِكُ زمانَهُ، ويُقبِلُ على مَولاه، بقلبه وجوارحه، بالمعرفة والعَمَل، وبالتَّعلم والتَّعليم وفْق ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا استَطَعتُم﴾ و ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلّا وُسعَها﴾، ولا يكُن كالبطّالين الذين ليسَ لهم إلاّ القيل والقال، وإضاعَة الزَّمان بعيداً عن الفضائل، انشغالاً بِبُنيَّات الطَّريق، وتضييعا لما هو أحقُّ وأولى عمَّا هُوَ دُونَهُ..

سَمِعَ ابْنُ سِيرِينَ رَجُلًا يَسُبُّ الْحَجَّاجَ فَقَالَ: «مَهْ أَيُّهَا الرَّجُلُ! إِنَّكَ لَوْ وَافَيْتَ الْآخِرَةَ كَانَ أَصْغَرُ ذَنْبٍ عَمِلْتَهُ قَطُّ أَعْظَمَ عَلَيْكَ مِنْ أَعْظَمِ ذَنْبٍ عَمِلَهُ الْحَجَّاجُ»
[ التوبة لابن أبي الدنيا - ٣٩ ]

ولذا قيل في هذا المعنى:
والمرء أصغر ذنوبه أضر
عليه من كفر جميع من كفر

(إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها) أي: دنيّها. رواه البيهقي.

فالمعالي والسفساف: كلمتان جامعتان
لأسباب السعادة والشقاوة.

[فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان]

وفي الكوكب الساطع:

ومـن تكون نفسـهُ أبيَّـة … يجنحُ للمَـراتبِ العلِيَّـة
أما الذي هِمّتـــه دنيّــة … فلا مُـــبالاةَ لــه سَنيّـــة

قال الشيخ زروّق -رحمه الله-:
(من عَلَت هِمّتُهُ ارتَفَعَتْ رُتْبَتُهُ).
[أصول الطريقة ص/8].

قد تكون فقيهاً ولا تكُون مُحدّثًا، وقد تكُون مُحدّثاً ولا تكون فقيهاً.
وقد تكُون مُتكلّماً ولكنّك لست فقيهاً ولا مُحدّثاً، وقد تكُون مُحدثاً فقيهاً ولكنّك لست مُتكلّماً.
وقد تكُون قارئاً ولكنّك لست فقيهاً ولا مُحدثاً ولا مُتكلّماً، وقد تكُونُ عكسَ ذلكَ، وقد تجمع كُلّ ذلك.
وقد تكُون واعظاً وخطيباً تعظ بما تعلَم، ولكنّك لست مؤهلاً لمقام الفُتيا، وقد تكون مفتياً ولكنّك تنقصك مهارات الخطابَةِ والوعظِ.
وقد تجمع كلّ ذلكَ -فضلاً من الله- فهي عطايا ربّانية ومنن إلهيّة.

من النّاس من يريد أن يكون كلّ شيء، فيريد أن يأخذ دور المُفتي، والواعظ، ومفسر الأحلام، والمُصلح الإجتماعي، والراقي الشرعي، والفقيه، والمحدث، والأصولي، والمُتكلّم، والمُناظر، والرّاد على الخصوم، وهو ربّما لا يجيد شيئا من ذلك ولا يعرف شيئا ممّا هُنالك، أو ربّما أتقن أمراً وفاتته أمور، ولكنّه ظنّ أنّه ألمّ بكلّ ذلك، وهذا خللٌ ظاهر وخطأٌ بيّن.

وعليهِ وجب التنبّه لهذا الأمر، وأن يعرفَ كلّ إنسان صنعتَه، وأن يدري ما يُحسن وما لا يُحسن، ولا يتزيّن بشيءٍ هُو خِلوٌ منه، فيخلط الحابل بالنّابل.
ورحم الله امرأ تكلّم بعلم أو صمتَ بحِلم.
ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه، وازداد خبرة بما يعلم، وسعى في تكميل جوانب نقصه.
والحمدُلله أولاً وآخرًا.

🔵كمالُ العبد إنّما يتم بكمال عبوديته لله عزّوجل ، وهُو مركب من:
جسم ظاهر ،
ونفس مائلة ،
وعقل مُميِّز ،
وقلب حاكم ،
وروح كلية .

1️⃣ فكمال عبُودية الجسم :
القيام بأعمال الشّرع واجتنابهُ مناهيه ؛ وإتقان ذلك العمل ، والاجتنابُ بالتصفية والاستيعاب..

2️⃣ وكمال عبودية النفس :
موافق مولاها في محبة ما أحب وكراهية ما كرهه ، وهذا إنما يصحُّ لأهل النفوس المطمئنة ، ويتعذر على أهل النّفوس الأمّارة واللّوامة..

3️⃣ وكمال عبودية العقل :
امتلاؤه بتفاصيل علوم الأمر والنهي ؛ وحذاقة البصيرة فيه ، مع المهارة وحسن التبصر .

4️⃣ وكمال عبودية القلب :
افتتاح بصره في الصفات ، والقيام بأحكام عبوديِّاتها، من الخوف والرجاء، والخشية والرضا، والتوكل والمحبة العامة والمراقبة ؛ وغير ذلك من العبوديات المقتضية لأحكام الصفات .

5️⃣ وكمال عبودية الروح :
انطلاقها في فضاء القُرب ، ووجدانها للحب الخاص الملهب لها بواسطة ما يبدو عليها من آثار الجلال والإكرام ، فتصير بحراً موّاجاً من نسيم القرب وروح الأنس ، ملتهبةً بنيران الحب ، مجذوبةً بجواذب الشَّوق .

[مدخل أهل الفقه واللّسان (ص/47) لابن شيخ الحزّاميِّين]

👈 وأشرُّ الْكبر: من تكبر على الْعباد [بِعِلْمِهِ]، وتعاظم فِي نَفسه [بفضيلته]،
فَإِن هَذَا=لم يَنْفَعهُ علمُه.

♦️فَإِنّ من طلب الْعلم [للآخرة]=
كَسره علمُه،
وخشع قلبه،
واستكانت نَفسه،
وَكَانَ على نَفسه بالمرصاد،
فَلم يفتر عَنْهَا،
بل يحاسبها كل وَقت ويتفقدها؛
فَإِن غفل عَنْهَا جمحتْ عَن الطَّرِيق الْمُسْتَقيم وأهلكته،

♦️وَمن طلب الْعلم [للفخر والرياسة]،
ونظر إلى الْمُسلمين شزراً، وتحامق عَلَيْهِم، وازدرى بهم؛
"فَهَذَا من أكبر الْكبر"
وَلَا يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من كبر، فلا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه!

[الكبائر (ص/197) للذهبي]

ورود الناس الحوض وشربهم منه يوم العطش الأكبر بحسب ورودهم سنة رسول الله ﷺ وشربهم منها، فمن وردها في هذه الدار وشرب منها وتضلَّع وَرَدَ هناك حوضه وشرب منه وتضلَّع.

فَلَهُ ﷺ حوضان عظيمان، حوض في الدنيا وهو: سُنَّته وما جاء به، وحوض في الآخرة، فالشاربون من هذا الحوض في الدنيا هم الشاربون من حوضه يوم القيامة، فشارب ومحروم، ومستقل ومستكثر.

[اجتماع الجيوش (ص/72) لابن القيم]

[ لا تكُن كهذا الرّجل ]

قال أبو سُليمان الخطّابي: إن من الناس من يُولع بالخلاف أبداً، حتى إنّه يرى أن أفضل الأمور ألاَّ يُوافق أحدا، ولا يُجامعه على رأي.
قال الزجاج: كنّا عند المبرد أبي العباس محمد فوقف عليه رجلٌ فقال:
أسألك عن مسألة في النحو؟ قال: لا، فقال: أخطأتَ، فقال: ياهذا! كيف أكون مخطئاً أو مصيباً ولم أُجبك عن المسألة بعدُ.
فأقبل عليه أصحابه يعنِّفونه، فقال لهم:
خلّو عنه ولا تعرضوا له، أنا أخبركم بقصّته؛
هذا رجلٌ يُحبُّ الخلاف، وقد خرج من بيته وقصدني على أن يُخالفني في كل شيء أقوله، ويخطّئني فيه، فسبق لسانهُ بما كان في ضميره.

[العزلة (ص/166) للخَطّابي]

⚫️ انتبه قبل أن يُوردك الموارد

عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال: رأيت أبا بكر رضي الله عنه آخذا بطرف لسانه وهو يقول: (هذا أوردني الموارد).
أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت.

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (ما شيء أحق بطول سجن من اللسان).
أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت.

قال الإمامُ النَّووي رضي الله عنه في (رياض الصالحين ص/427):

" اعْلَمْ أنَّهُ ينبغي لكل مُكَلَّفٍ أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ،
إِلاَّ كَلاَماً ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ،
ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ.
لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ, وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ, والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ ".

وقال رحمه الله في نفس الكتاب بعد ذكره للحديث المُتّفق عليه: [مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَليقُلْ خَيْراً، أوْ ليَصْمُتْ] :
"وَهذا الحَديثُ صَرِيحٌ في أَنَّهُ يَنْبغي أنْ لا يتَكَلَّم إلاَّ إِذَا كَان الكَلامُ خَيْراً، وَهُو الَّذي ظَهَرَتْ مصْلحَتُهُ، وَمَتى شَكَّ في ظُهُورِ المَصْلَحةِ، فَلا يَتَكَلَّمُ".

وقال أيضا في (شرح مُسلم 19/2) عند هذا الحديث:
"معناه: أنه إذا أراد أن يتكلم؛ فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه واجبًا أو مندوبًا فليتكلم، وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام، سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين؛ فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه، مندوبًا إلى الإمساك عنه؛ مخافةً من انجراره إلى المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا".

🔸فالأمرُ خطير، فآفاتُ اللِّسان مُهلِكة، وكثيرٌ منها من كبائر الذنوب، لذا وجب الحذر والتيقّظ في هذا الباب جدًّا.

(إنكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم، ولكن يَسَعهم منكم بَسْطُ الوجهِ، وحُسْن الخُلُقِ)

قال العلامة الـمُناوي:

"يعني: لا تتسع أموالُكم لعطائهم، فحَسِّنوا أخلاقَكم لصُحبتهم؛ فإن ذلك في إمكانكم، فلا عُذرَ لكم في تركه".

[ التيسير بشرح الجامع الصغير (357/1) ]

‏للمتنبي:
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ = فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ

ومِمَّا قِيلَ مدْحاً:
حَبْرٌ عَهِدْنَاهُ طَلْقَ الوَجْهِ مُبْتَسِمًا = وَالْبِشْرُ أَحْسَنُ مَا يُلْقَى بِهِ الْبَشَرُ

ففي (البِشْرِ والبَشاشة): "إيناس الأخ المؤمن، ودفع الإيحاش عنه، وجَبْر خاطره، وبذلك يحصُل التَّأليف المطلوب بين المؤمنين".
[ دليل الفالحين (2/356) لابن علاَّن ]

#فقه_الأسرة

قال الشَّمس ابن القيِّم رحمهُ الله:

ومما ينبغي أن يُعلم: أن الرحمة صفةٌ تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد، وإن كرهتها نفسه، وشَقّت عليها، فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأرْحَمُ الناس بك من شَقّ عليك في إيصال مصالحك، ودَفْعِ المضارّ عنك.

فمن رحمة الأب بولده: أن يُكرِهه على التأدّب بالعلم والعمل، ويشقّ عليه في ذلك.. ويمنعه شهواته التي تعود بضرره، ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به، وإن ظنّ أنه يرحمه ويُرفّهُه ويُريحه، فهذه رحمة مقرونة بجهل.

[ إغاثة اللهفان (915/2) ]

#فقه_الأسرة

انتظام أمر العائلات في الأُمَّة أساس حضارتها وانتظام جامعتها.

فلذلكَ كان الاعتناء بضبط نِظَام العائلة من مقصد الشَّرائع البشريَّة كلها.

[مقاصد الشَّريعة الإسلامِيَّة (4/173) لابن عاشور]

اجتهدْ أن يكُونَ لكَ وردٌ يَوميِّ من الصَّلاة على النبي ﷺ

"إن أردت أن تدخل في زمرة خواصّ العلماء المُقرّبين، فعليك بـ ..ورد من الصلاة على الرسول ﷺ وأنت حاضرٌ، كأنك تراه مع المحبّة له، والتعظيم لحرمته، فأرجو لك بذلك وصول بركة الرسول ﷺ إلى قلبك"

[مفتاح طريق الأولياء (ص/30) للواسطي]

"واجعل لك ورداً من الصلاة على رسول الله ﷺ، فإنَّها وصلة بينك وبين نبي الله ﷺ.. وقد أمر الله بها في كتابه العزيز بقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾ فامتثل واستكثر منها ولا تستقلل"

[ رسالة المعاونة (ص/47) للحدَّاد ]

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنَّه قال: (إذا كثر الأخلّاء كثُر الغرماء).

فيه حمد التقليل من الأخلّاء؛ لمشقة الوفاء بحقوقهم، فمن كثُر أخلَّاؤه كثُرت عليه الحقوق.

ثمّ إن كثرة الأصدقاء على اختلاف أحوالهم يُضعف دين المرء، فإنه يحمله على مُداهنتهم ومُجاراتهم، وفي هذا يقول سُفيان رحمه الله: (كثرة أصدقاء المرء من سخافة دينه)؛ أي من رقة دينه؛ فإن الاستكثار منهم يحمله على مُجاملتهم ومُداهنتهم حتّى يسكت عمّا يُؤمر به من النُّصح لهم في دينهم، فمن أراد أن يسلم له دينه قلّل أصدقاءه.

وكم من امرئٍ رقّ دينه وضعف إيمانه لمّا استكثر من الأصدقاء، فحصل له من معرفة أهل الشر والوقوع فيه ما كان محفوظا منه قبلُ.

(من التعليق على الغرر من موقوف الأثر للعُصيميّ).

﴿لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلونَ﴾

لَيْسَ فِي التَّكْلِيفِ أَصْعَبُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى الْقَضَاءِ، وَلَا فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الرِّضَا بِهِ.

فَأَمَّا الصَّبْرُ فَهُوَ فَرْضٌ، وَأَمَّا الرِّضَا فَهُوَ فَضْلٌ، وَإِنَّمَا صَعُبَ الصَّبْرُ؛ لِأَنَّ الْقَدَرَ يَجْرِي فِي الْأَغْلَبِ بِمَكْرُوهِ النَّفْسِ، وَلَيْسَ مَكْرُوهُ النَّفْسِ يَقِفُ عَلَى الْمَرَضِ وَالْأَذَى فِي الْبَدَنِ، بَلْ هُوَ يَتَنَوَّعُ حَتَّى يَتَحَيَّرُ الْعَقْلُ فِي جَرَيَانِهِ.

فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّك إذَا رَأَيْت مَغْمُورًا بِالدُّنْيَا، قَدْ سَالَتْ لَهُ أَوْدِيَتُهَا حَتَّى لَا يَدْرِي مَا صَنَعَ بِالْمَالِ، فَهُوَ يَصُوغُهُ أَوَانِي يَسْتَعْمِلُهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبِلَّوْرَ وَالْعَقِيقَ وَالشَّبَهُ قَدْ يَكُونُ أَحْسَنَ مِنْهَا صُورَةً، غَيْرَ أَنَّ قِلَّةَ مُبَالَاتِهِ بِالشَّرِيعَةِ جَعَلَتْ عِنْدَهُ وُجُودُ النَّهْيِ كَعَدَمِهِ، وَيَلْبَسُ الْحَرِيرَ وَيَظْلِمُ النَّاسَ وَالدُّنْيَا مُنَصَّبَةٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُرَى خَلْقًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَطُلَّابِ الْعِلْمِ مَغْمُورِينَ بِالْفَقْرِ وَالْبَلَاءِ، مَقْهُورِينَ تَحْتَ وِلَايَةِ ذَلِكَ الظَّالِمِ، فَحِينَئِذٍ يَجِدُ الشَّيْطَانُ طَرِيقًا لِلْوَسْوَاسِ؛ وَيَبْتَدِئُ بِالْقَدْحِ فِي حِكْمَةِ الْقَدَرِ.

فَيَحْتَاجُ الْمُؤْمِنُ إلَى صَبْرٍ عَلَى مَا يَلْقَى مِنْ الضَّرَرِ فِي الدُّنْيَا. وَعَلَى جِدَالِ إبْلِيسَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِي تَسْلِيطِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَالْفُسَّاقِ عَلَى أَهْلِ الدِّينِ. وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا إيلَامُ الْحَيَوَانِ وَتَعْذِيبُ الْأَطْفَالِ. فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ يَتَمَحَّضُ الْإِيمَانُ.

[صيد الخاطر (ص/107) لابن الجَوزي]

قيل لأحمد بن حنبل، يا أبا عَبْد اللَّهِ: هذه القصائد الرِّقاق التي فِي ذكر الْجَنَّة والنَّار أي شيء تقُولُ فيها؟ فَقَالَ: مثل أي شيء؟

قلتُ يقولون:
إذا مَا قَالَ لي ربي = أما استحييت تعصيني
وتُخفي الذَّنب من خلقي = وبالعصيان تأتيني

فقال: أعد علي. فأعدت عَلَيْهِ. فقام ودخل بيته وردَّ الباب، فسمعتُ نحيبهُ من داخل البيت وَهُوَ يَقُول:

إذا مَا قَالَ لي ربي = أما استحييت تعصيني
وتُخفي الذَّنب من خلقي = وبالعصيان تأتيني

[تلبيس إبليس (ص/202) لابن الجَوزي]

فَمَنْ أَحَسَّ بِتَقْصِيرِ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَمَلِهِ أَوْ حَالِهِ أَوْ رِزْقِهِ أَوْ تَقَلُّبِ قَلْبٍ= فَعَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ فَفِيهِمَا الشِّفَاءُ إذَا كَانَا بِصِدْقِ وَإِخْلَاصٍ.

وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْعَبْدُ تَقْصِيرًا فِي حُقُوقِ الْقَرَابَةِ وَالْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ وَالْجِيرَانِ وَالْإِخْوَان= فَعَلَيْهِ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ وَالِاسْتِغْفَارِ.

[مجموع الفتاوى (698/11) لابن تيمية]

مُختصر الكلام الذي ذكره الراغب الأصفهاني في:

" الأحوال التي يجب أن يبذُلها المرء لصديقه، لا يطلبها منه"

في الفصل الحادي عشر من رسالته في أدب الاختلاط بالناس وهو قبل الأخير؛ وهذا الفصل والذي يليه أشبه ما يكون بزبدة الكتاب :

• أن يكون سهلا معه.

• يلقاه بالبشر.

• يصافحه إذا رَآه .

• تُداعبه مُداعبة تليق بكما.

• لا تخطر ببالك المنّة عليه فضلا عن أن تُجريها بلسانك.

• لا تنس تفقده إذا نلت منصبا.

• عمارة الموّدة بالزيارة، بلا إثقال.

• اطراح الحشمة إذا وثقت في المحبّة.

• تنصره في وقت حاجته، ولا تعتب عليه إذا لم ينصرك في باطل.

• إذا رأيت منه عيبا فأنصحه بكل رفق ولطف، في الخلا دون الملا.

• لا تترك مدحه بحق، وليكن أكثره في غيبته، ولا تجعل أحد يتكلم عنه بسوء في غيبته.

• لا تُعاتبه في كل ذنب.

• لا تترك مُعاتبته فيما إذا عاتبته فيه استدل على رغبتك في مودّته وصفاء طويتك في مُخالصته.

• تجنّب مماراة الصديق، وإياك أن تريد استحقاره في علن بدعوى المُذاكرة.

• احتمل منه ما لا ينفك منه البشر من جفوة أو أدنى.

• انسب ما يبدو منك، ما أمكنك، تارة إلى ضعف طبيعة الإنسان، وتارة إلى التهاون وقلّة ضبط النفس. فما يلبث الحبيبان إن لم يجوزا كثيرا من المكروه أن يتباغضا.

• أحسن الظن بصديقك في كل حال.

• لا تترك عمارة الود بكل ما أمكن.

• إن بلغ الأمر إلى الهجران ولم تجد سبيلا إلى الإصلاح، فاستعمل ما قاله الأقرع بن حابس:
أصدُّ صدود امرئٍ مُجْمِلٍ = إذا حال ذو الوُدِّ عن حاله
وإنّي على كلِّ حالٍ له = من إدبار أمرٍ وإقباله
لراعِ لأحسن ما بيننا = لحفظ الإخاء وإجلاله .

🔴مقتطفات من لطائف المعارف لابن رجب تتعلق بعشر ذي الحجة :


1️⃣➖وأما قيام ليالي العشر فمستحب... وكان سعيد بن جبير.. إذا دخل العشر اجتهد اجتهادا حتّى ما يكاد يُقدَرُ عليه.
وروي عنهُ أنّهُ قال: لا تطفئوا سُرجكم ليالي العشرِ؛ تُعجِبُه العبادة.


2️⃣➖روى أبو عمرو النيسابوري في (كتاب الحكايات) بإسناده عن حُميد، قال: سمعت ابن سيرين وقتادة يقولان:
صومُ كُلِّ يومٍ من العَشْرِ يعدُل سنة....
وممن كان يصوم العشر عبدالله بن عمر رضي الله عنه.


3️⃣➖وأمّا استحباب الإكثار من الذّكر فيها؛ فقد دلّ عليه قول الله عزّوجل: (ويذكروا الله في أيامٍ معلومات)، فإنّ الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء.
وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
(ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد).


4️⃣➖(والفجر • وليالٍ عشر)
وأمّا الليالي العشر فهي عشر ذي الحجة؛ هذا الصحيح الذي عليه جمهور المفسّرين من السلف وغيرهم، وهو الصّحيح عن ابن عبّاس.


5️⃣➖واختلف العلماء في التعريف بالأمصار عشيّة عرفة، وكان الإمام أحمد لا يفعله ولا يُنكِر على من فعله؛ لأنه روي عن ابن عباس وغيره من الصحابة.


6️⃣➖واختلف العلماء: هل يُشرع إظهار التكبير والجهرُ به في الأسواق في العشر، فأنكره طائفة، واستحبّه أحمدُ والشافعيُّ، لكنَّ الشافعيَّ خصّه بحال رؤية بهيمة الأنعام، وأحمد يستحبّه مطلقا.
وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عمر وأبي هريرة أنهما كانا يخرجان إلى السّوق في العشر، فيكبران ويكبّر النّاس بتكبيرهما.


7️⃣➖يوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم؛ من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده؛ لا شتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة.


8️⃣➖القاعد لعذر شريك للسائر وربما سبق السائر بقلبه السائرين بأبدانهم...
يا سائرين إلى البيت العتيق .. لقد سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذر وقد رحلوا .. ومن أقام على عذر كمن راحا


9️⃣➖الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة، فما منها عوض ولا لها قيمة.
المبادرة المبادرة بالعمل، والعجل العجل قبل هجوم الأجل، قبل أن يندم المفرط على ما فعل، قبل أن يسأل الرجعة ليعمل صالحا فلا يجاب إلى ما سأل، قبل أن يحول الموت بين المؤمل وبلوغ الأمل، قبل أن يصير المرء مرتهنا في حفرته بما قدم من عمل.
ليس للميت في قبره ... فطر ولا أضحى ولا عشر
ناءٍ عن الأهل على قُربه ... كذاك من مسكنه القبر


🔟➖يا من ذنوبه بعدد الشفع والوتر! أما تستحي من الكرام الكاتبين؟ أم أنت ممن يكذب بيوم الدين؟ يا من ظلمة قلبه كالليل إذا يسري! أما آن لقلبك أن يستنير أو يلين؟ تعرض لنفحات مولاك في هذا العشر؛ فإن لله فيه نفحات يصيب بها من يشاء، فمن أصابته سعد بها آخر الدهر.
ربِّ خلّصني فقد لججـ ... ـت في بحر الذُّنوب
وأنلني العفو يا أقـ ... ـربَ من كلّ قريب

🔺فضل بعض المواسم والأيام والليالي والوظائف التي فيها :

قد عني العلماء بهذا الموضوع من العلم فأفردوا له مصنفات مستقلة مثل:

1️⃣ (فضائل الأوقات) للبيهقي،

2️⃣ (لطائف المعارف) لابن رجب،

3️⃣ (النور في فضائل الأيام والشهور)
لابن الجوزي،

4️⃣ (معارف الإنعام وفضل الشهور والأيام) لابن المبرد.

وغيرها..