Telegram Web Link
مصباح الهداية
Video
عظمة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله) وإعجازُ النبوّة والقرآن

من الدلائل المهمّة التي تدلّ على الإعجاز العظيم الذي انطوت عليه بعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله) المقارنةُ بين ما أُثر عن النبيّ من معارف عظيمةٍ جمعت بين الدقّة والمتانة، وبين ما كان رائجاً في زمانه من أفكار أهل الكتاب أو الوثنيّين في جزيرة العرب، وأنّ ما نطق به النبيّ في المعارف والفقه والحكمة وتدبير السّياسة لا يمكن أن يجتمع لرجل يعيش في هذا المجتمع خلال وقت قصير، بل يستحيل أن تكون معارفه في هذه الأبواب كلّها حصيلة عشرين عاماً -تقريباً- من النّظر والبحث!
فهذه البيئة التي خرج في أوساطها بيئةٌ أميّة ليس لها حظّ من النّظر العميق في مباحث الإلهيّات وغيرها، وهي أمّة وثنيّة ليس لها كتابٌ، ولا علماء، ولا هم أهل نظر واستدلال، وإنّما كانوا غارقين في الجهل وظلمات الجاهليّة.
وأمّا أهل الكتاب فإنّ ما عندهم أقربُ إلى الأساطير القديمة التي دوّنت، وفضلاً عن مضادتها للعقل، هي تعبّر عن طفوليّة العقل الوثنيّ القديم وتصوّراته عن مفاهيم كثيرة كالإله والنبوّات وعالم الخلق وغير ذلك.
وقد كان لحضور الأئمّة -عليهم السّلام- في ميدان الذبّ عن الدين أثرٌ عظيمٌ، فقد أثروا المعارف الإسلاميّة بحديثهم وأقوالهم التي حلّت كثيراً من الإشكاليّات المعقدة، حيث بيّنوا الصّواب، وفصّلوا الكلام في أدقّ المطالب وأكثرها خطراً، فهم الذين فتقوا بطون العلم في مباحث كثيرة كالأمر بين الأمرين، البداء، مسألة الشرّ، القضاء والقدر، العدل، وغير ذلك مما عجز عنه كثيرٌ من المسلمين، فكان حضور أئمّة أهل البيت عليهم السّلام مؤثّراً في هذا الجانب، وقد ساهم في ارتقاء علم الكلام كثيراً. ومع مرور القرون، بقي هذا التراث العظيم المأثور عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأوصياء من ولده آبياً عن النقد أو أن تطاله خدشةٌ، بل كان أصلاً ينهل منه كبار أهل العلم.
إنّ السّقف المعرفيّ الذي كان مخيّماً على جزيرة العرب لا يتلاءم مطلقاً مع مستوى دقّة الآيات القرآنيّة وبراهينها في مسائل معرفة الله وتوحيده وما يرتبط بالإلهيات عموماً، بالإضافة إلى ما صدر عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب -عليه السّلام- من خطبٍ في التوحيد، لا نظير لها في فضاء المعارف الدينيّة عند البشريّة كلّها، وهذا يوجب الإذعان بأنّ للنبيّ صلى الله عليه وآله جنبةً استثنائيّةً لا علاقة لها بالبشر، وإنّما مبدؤها الوحي الإلهيّ، وأنّ أهل بيته هم ورثة القرآن وخزّان العلم.
وإذا تصوّرت الظرف الزمانيّ والمكانيّ الذي خرج فيه النبيّ وعاش فيه خلفاؤه الأوصياء -عليهم السّلام- وتأمّلت مستوى الاستدلالات المعرفيّة المتقنة في أبواب الإلهيّات وغيرها، علمت بأنّ أمرهم لم يكن بشريّاً قطّ.
ثم انظر إلى نموذجٍ من نماذج العقل اللّاهوتيّ عند أكبر النّصارى العرب في القرن العشرين، واسمع استدلاله المضحك عن ولادة الإله لابنٍ هو إلهٌ أيضاً!
مبدأ البعثة النبويّة يُقدّر بكونه في سنة (610) ميلاديّة، وكلام البابا شنودة الثالث سنة 1989 ميلاديّة، أيّ أنّ الفارق هو 1380 عاماً تقريباً، يُدّعى فيها أنّ العقل البشريّ قد تطوّر، وأنّ نظرته النّقدية في باب المعرفة قد ازدادت دقّةً، وخُيّل للبعض أنّه قد يقدر على تجاوز القرآن الكريم بما فيه من معرفةٍ إعجازيّةٍ لا يقدر بعض البشر على اللّحوق بها بعد مئات السّنين!!
﴿قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ۝اللَّهُ الصَّمَدُ۝لَم يَلِد وَلَم يولَد۝وَلَم يَكُن لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾
📝نقد متون الأحاديث؛ منهج العلّامة المجلسيّ أنموذجاً.

يعدّ نقد المتن الحديثيّ من أهمّ الأدوات المعرفيّة عند المحدّثين لاكتشاف علل الحديث؛ حيث إنّ مخالفة الحديث لثوابت العقائد الحقّة وموافقته لحديث الغلاة أو المتصوّفة، أو مخالفته للأخبار التّاريخيّة أو عدم انسجامه مع السّياق التّاريخيّ يعدّ نقطة ضعفٍ في الحديث تصل إلى ورود شبهة الوضع عليه، ومن هنا نرى أنّ بعض المحدّثين يتأمّلون في سلامة بعض المضامين لمخالفتها لما ذكرناه.
وقد جرى العلّامة المجلسيّ على هذا المنهج، فأشكل على جملةٍ من الأخبار بالتأمّل فيها لمخالفتها للتّاريخ، فمن ذلك: قوله معلّقاً على روايةٍ في كتاب إرشاد القلوب -للديلميّ- عن جابر الجعفيّ مرسلةً: (ولم نبالغ في تفسير هذا الحديث وشرحه لعدم اعتمادنا عليه؛ لما فيه ممّا يخالفُ السِّيَر والأخبار)، انظر: بحار الأنوار، ج29، ص22.

ومن طعنه في المضامين الموافقة لأحاديث الغلاة:
1- ما علّق به على روايةٍ في رجال الكشيّ، حيث قال: (قوله: «هذا حديث موضوع» كلام الكشي أو الشيخ؛ لأنه موجود في اختياره، ولا ريب في كونه موضوعاً، وهو مشتمل على القول بالتناسخ والتشويش في ألفاظه ومعانيه، فلهذا لم نتعرّض لشرحه)، انظر: بحار الأنوار، ج66، ص280.
2- ما طعن به على الخطبة المنسوبة إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) المعروفة بـ«خطبة البيان»: (وما ورد من الأخبار الدالة على ذلك كخطبة البيان وأمثالها فلم يوجد إلا في كتب الغلاة وأشباههم)، انظر: بحار الأنوار، ج25، ص348.

ومن نقده للأحاديث لاشتمالها على ألفاظ المتصوّفة:
ما علّق به على رواية الفيض الكاشانيّ في كتاب (الحقائق في محاسن الأخلاق، ص363)، ولفظها: (وعن كميل بن زياد، قال: سألت مولانا علياً أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: أريد أن تعرّفني نفسي، فقال: يا كميل، وأيّ الأنفس تريد أن أعرّفك؟ قلت: يا مولاي، هل هي إلا نفس واحدة؟ قال: يا كميل، إنّما هي أربعة: النامية النباتية، والحسيّة الحيوانية ، والناطقة القدسيّة، والكليّة الإلهية، ولكل واحدة من هذه خمس قوى وخاصيتان، فالنامية النباتية لها خمس قوى: ماسكة، وجاذبة، وهاضمة، ودافعة، ومربية، ولها خاصيتان: الزيادة والنقصان، وانبعاثها من الكبد. والحسية الحيوانية لها خمس قوى: سمع وبصر وشم وذوق ولمس، ولها خاصيتان: الشّهوة والغضب، وانبعاثها من القلب. والناطقة القدسية لها خمس قوى: فكر وذكر وعلم وحلم ونباهة، وليس لها انبعاث، وهي أشبه الأشياء بالنفوس الملكيّة، ولها خاصيتان: النزاهة والحكمة. والكلية الإلهية لها خمس قوى: بهاء في فناء، ونعيم في شقاء، وعز في ذل، وفقر في غناء، وصبر في بلاء، ولها خاصيتان: الرضا والتسليم، وهذه التي مبدؤها من الله وإليه تعود، وقال الله تعالى "ونفخت فيه من روحي" وقال تعالى: "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية"، والعقل في وسط الكل).
وقد علّق العلامة المجلسيّ عليها بقوله: (أقول: هذه الاصطلاحات لم تكد توجد في الأخبار المعتبرة المتداولة، وهي شبيهة بأضغاث أحلام الصوفية)، انظر: بحار الأنوار، ج58، ص85.

هذه نماذج يسيرة من كلمات العلّامة المجلسيّ رحمه الله يعرض بتطبيقها منهجاً حديثيّاً نقّاداً يرفض به جملةً من الأخبار الشاذّة والمنكرة التي لا تستقيم مع عقائد الإماميّة وألفاظ أحاديث الأئمّة وما لا ينسجم مع كتب السّير والتواريخ، وهذا المنهج فنٌّ عظيمٌ في دراسة الأحاديث وتمحيصها، وهو من الدّراية التي يُمدَح بها المشتغل بالحديث، وأمّا قبول كلّ ما هبّ ودبّ من الأخبار فهو من ديدن الحشويّة الذين ابتلوا بالرقّة في دينهم، فلا يحتاطون للدّين والمعرفة، ولا يعرفون سبيلاً إلى العلم الصّحيح.
📄غلوّ الشّلمغاني وآثاره في «كتاب الأوصياء»
🖋 إبراهيم جواد

رابط المقال:
http://mhedaiat.blogspot.com/2023/04/blog-post_17.html

..
كيف تسيطر علينا التكنولوجيا؟

كثيراً ما نكون في مواقف مبهجة أو محزنة، لا تسمح لنا ”عاداتنا التكنولوجية“ بالعيش معها وأن نبسط شعورنا الإنساني لنتفاعل معها كما يجب، بل أوّل ما نفعله هو أننا نستلّ هواتفنا ونبدأ بالتصوير، مع العلم أن بعض المواقف:
١- لا يحسن تصويرها، كما يتفق ذلك للبعض من تصوير المرضى والموتى، مع أنه لا يليق نشرها، فيصح أن تطلب الدعاء للمريض من دون وضع صورته وهو على فراش المرض، فحاله في تلك الفترة لا يكون سائغاً للعرض أمام محبيه، وقد يكون كذلك بالنسبة له شخصياً.
٢- لا يحسن التصوير فيها، كما هو الحال في الزيارة، فالانشغال بالتصوير يسلب التوجّه القلبي، ولا أقول إنه رياء، ولكن لما يسببه من تشتت البال والتوجه نحو العبادة.
وغير ذلك مما يكون تصويره قليل الفائدة أو تكرارياً، أو لوجود جهات إعلامية توفر مادة مصورة للحدث الذي تريد تصويره، وقد يكون التصوير أحياناً فيه إيذاء للآخرين كما لو أن شخصاً لا يريد التصوير في فعالية ذات نطاق ضيّق (جلسة خاصة، لقاء اجتماعي) وإذا بك تضعه في وسائل التواصل أمام مرأى الجميع.

من الراجح جداً أن نعيد تنظيم علاقتنا بكاميرا الهاتف، فليس كل شخص يرغب بالتصوير، كما أن الانشغال بهذه العادة الأوتوماتيكية يذهب عنك التفاعل الحقيقي الذي تبتغيه من حضورك في المكان سواء كان للترويح أم للعبادة أم غير ذلك.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
دعاء الجوشن الكبير في أوراد الصّوفية

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّد الأنبياء والمرسلين، محمّد بن عبد الله الصّادق الأمين، وعلى أهل بيته الطيّبين الطّاهرين، واللّعن الدّائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدّين، أمّا بعد:
فقد ذكرنا في المقالة الأولى (كلمةٌ حول دعاء الجوشن الكبير) أنّ هذا الدّعاء لا أصل له في الكتب المعتبرة، وإنّما أُثر لأوّل مرةٍ في تراث الإماميّة من قِبَل الشّيخ إبراهيم بن عليّ الكفعميّ (رحمه الله) المتوفّى في أوائل القرن العاشر الهجريّ، وذكرنا أنّه أشبه بأدعية الصّوفية؛ فإنّ المتصوّفة الأتراك يتداولون تحريراً متقارباً من هذا الدّعاء وبينهما تطابق كبير جداً، ومن أعجب النّقض على هذا القول أنّ بعض الصّوفية قد ذكروا في أشعارهم أنّهم لا يهتمّون لجنّةٍ ولا نارٍ، فمن هنا يبعد أن ينقلوا دعاءً فيه استجارةٌ من النّار، وهذا النّحو من الإشكالات ناشئ عن عدم المعرفة بحقيقة التصوّف والمراحل التاريخيّة التي مرّ بها، والطرق الكثيرة المتناثرة في شرق البلاد وغربها، وبنظرةٍ عابرةٍ في تاريخ التصوّف يُعلم أنّ تحميل كلّ الصوفيّة هذه المقولة غير صحيح، ويكفي لنقض هذه المقولة أن يُنظَر في دعاء الجوشن بروايته الصوفيّة التركيّة ليُرى عدد المرّات التي فيها استجارةٌ من النّار. وهذا المنحى في صياغة الإشكالات مخالفٌ للمنهج العلميّ، فكما لا يصحّ تحميل التشيّع شيئاً من أقوال تنفرد بها طائفة، فكذلك -من جهة الإنصاف العلميّ- لا يمكن حمل مسلك معيّن على فئةٍ ذات فرق ومشارب وطرق سلوكيّة مختلفة.
وقد قام الأخ العزيز جابر (أبو حمزة) بنشر ملفٍ فيه إشارة علماء أهل السنّة إلى تداول هذا الدّعاء بين عوام النّاس والمتصوّفة، كما أشار إلى حضوره في أوراد الصّوفية المنتشرة عندهم.
ليلة ٢٧ رمضان ١٤٤٤ هجرية كنت بخدمة الأحبة في «منتدى السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام الثقافي» في جلسة علميّة حول قرائن الوثوق بالصّحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين عليه السلام، وقد عرضتُ فيها البحث من أربع جهاتٍ يمكن التأمل من خلالها لجمع المزيد من القرائن اللغوية والتاريخية والحديثية التي تعزز القول بأن الصحيفة السجادية تمثل منهج أهل البيت عليهم السلام في الدعاء، وتعرض صورة عن معالم التشيع في القرن الأول الهجري.
وأصل هذا البحث مستلٌّ من دراسة موسّعة في مقدمة تحقيق الصحيفة الكاملة برواية علي بن مالك، والتي ستنشر خلال أقل من عام إن شاء الله تعالى.

رابط المحاضرة:
https://youtu.be/m86dkx8WeX0
معرض الكتاب في طهران (1402هـ.ش)

تتوفّر كافّة الإصدارات في دار زين العابدين:
1- إحياء الغدير في مدينة الكوفة، دراسة حول مناشدة الرحبة.
2- كشف التحريفات في كتب الحديث والتاريخ.
3- الاستبصار في النصّ على الأئمّة الأطهار، للشيخ محمّد بن عليّ الكراجكيّ (تحقيق).
4- كتاب التمحيص للحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحراني (تحقيق).
5- مقباس المصابيح، للشّيخ العلّامة محمّد باقر المجلسيّ (ترجمة وتحقيق).
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
لا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
تم تأكيد خبر استشهاد المجاهد الكبير الحاج إيّاد الحسنيّ.

هنيئاً لك الشهادة أبا أنس، فهذه ثمرة إخلاصك وولايتك لأمير المؤمنين عليه السلام.
حشرك الله مع أوليائك محمد وآل محمد صلوات الله عليهم.

الجمعة ١٢-٥-٢٠٢٣
"إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍ".
معنى حديث: «فإنَّا صنائعُ ربِّنا، والنّاس بعدُ صنائعُ لنا»
✍🏻 الشيخ حسن فوزي فوّاز

رابط الإجابة: http://basaer-qom.com/q31
📝فضل الصّلاة

روى الكلينيّ بسندٍ صحيحٍ: (حدّثني محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربِّهم وأحبّ ذلك إلى الله عزّ وجلّ، ما هو؟ فقال: ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة، ألا ترى أنّ العبد الصّالح عيسى بن مريم عليه السّلام قال: «وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً»؟!).

📚الكافي، ج6، ص7، رقم الحديث 4786، كتاب الصّلاة، باب فضل الصّلاة، ح1.
قبسٌ من سيرة الشّهيد الأوّل (رضوان الله عليه)

قال شمس الدّين محمّد بن محمّد المعروف بابن الجزريّ الدّمشقيّ (ت: 833هـ) في ترجمة الشّهيد الأوّل -وكان معاصراً له-: (‌مُحمّد ‌بن ‌مكيّ بن محمّد بن حامد، أبو عبد الله ‌الجزينيّ الشّافعيّ، كذا كتب بخطِّه لي في استدعاءٍ، ولكنَّهُ شيخُ الشّيعة، والمجتهدُ في مذهبهم، وُلِدَ بعد العشرين وسبعمائة، ورحل إلى العراق وأخذ عن ابن المُطهَّر* وغيره، وقرأ القراءات على أصحاب ابن مؤمن، وذكر لي ابنُ اللبَّان أنَّه قرأ عليه، وهو إمامٌ في الفقه والنَّحو والقِراءة، صحبني مُدّةً مديدةً فلم أسمع منه ما يُخالِفُ السُّنَّة، ولكن قامت عليه البيِّنَةُ بآرائه، فعُقِدَ له مجلسٌ بدمشق واضطرّ فاعترف ليحكم بإسلامه الشّافعيُّ فما حكم وجعل أمره إلى المالكيِّ فحكم بإراقة دمه، فضُرِبَتْ عنقُه تحت القلعة بدمشق، وكنتُ إذ ذاك بمصر وأمره إلى الله تعالى)، انظر: غاية النّهاية في طبقات القرّاء، ج2، ص232، رقم الترجمة 3480.

ويظهرُ ممّا ذُكِرَ في سيرة شيخنا الفقيه الشّهيد الأوّل عدّة أمورٍ:
1- اهتمامه بالقرآن الكريم واعتنائه بضبط تلاوته، ولتحقيق مقصده ذهب وقصد مشايخ العامّة ومنهم ابن اللبّان - وهو أبو المعالي أحمد بن محمّد بن عليّ بن اللّبان-، وأخذ عنه القراءة، وفي هذا درسٌ لطلّاب العلوم الدينيّة أن يتّخذوا الشّهيد الأوّل أسوةً وقدوةً، وأن يبذلوا جهدهم في معرفة كتاب الله تلاوةً وتفسيراً.
2- ظهور فضله وفقاهته حتّى أذعن بذلك المخالِفُ، فعدّه إماماً في الفقه والنّحو وقراءة القرآن، ومن المؤسف أن نجد اليوم بعض دكاكين الجهل قائمةً على تشويه فقهاء المذهب ورميهم بالتّقصير والجهل ليستجلبوا الأتباع حولهم، في حين أنّ المؤالف والمخالف يذعنون بفضل الشّهيد الأوّل وأمثاله من الفقهاء.
3- شدّة التزام الشهيد الأوّل بالأحكام الشّرعيّة، فقد صحبه مخالفٌ مدّة مديدة -كما عبّر- ولم يرَ منه ما يدلّ على التشيّع، وهو يدلّ على ورعٍ وتقوى والتزام بتعاليم الأئمّة عليهم السّلام، فهذه هي آثار الفقاهة والتقوى، خلافاً لما نراه من سيرة بعض الأحداث في علمهم، القائمة على الاستعراض والاستئكال بآل محمّد عليهم السّلام ومخالفة ما أمروا بهم -صلوات الله عليهم- من السّيرة الحسنة وطيب الأخلاق في معاشرة العالمين.
وقد أكرم الله هذا الفقيه الجليل بكرامة الشّهادة قتلاً على يد أعداء الله، فضُرِبَ عنقه في سبيل الله وعلى حبّ عليّ بن أبي طالب -صلوات الله عليه- وولايته، فكانت نِعم الكرامة ونِعم الخاتمة.

* قوله: "وأخذ عن ابن المطهّر" غير صحيحٍ؛ فإنّ الشهيد الأوّل لم يدرك العلّامة الحليّ، وإنّما تتلمذ على يد ابنه فخر المحقّقين.
‏العالم الفاضل الشيخ محمد صنقور اقتيد إلى سجون النظام البحريني؛ لأنه قال كلمة حق أراد بها حقّاً، دفاعاً عن المبادئ والقيم الإسلامية التي تنبذ التطبيع والمشروع الصهيوني في المنطقة.

هذا السجن وسام شرفٍ، وبه جمع بين فضيلة العلم والدّفاع عن الإسلام والمسلمين.
2025/07/07 22:36:16
Back to Top
HTML Embed Code: