Telegram Web Link
رُوي عن الصّادق (عليه السّلام): «إِنَّ هذَا القُرآنَ فِيهِ مَنَارُ الهُدى‏ ومَصَابِيحُ الدُّجى‏، فليَجْلُ جَالٍ بَصَرَهُ، ويَفتَحْ للضِّيَاءِ نَظَرَهُ؛ فإنّ التَّفَكُّرَ حَيَاةُ قَلْبِ البَصِيرِ، كَمَا يَمْشِي المُسْتَنِيرُ فِي الظُّلُمَاتِ‏ بالنُّورِ».

📚 الكافي، ج4، ص597-598، رقم الحديث 3477، كتاب فضل القرآن، ح5.
Audio
مناجاة أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة، ذكرها بعض علمائنا في مزاراتهم ضمن أعمال مسجد الكوفة المعظّم.
هذه المناجاة العظيمة درسٌ جليلٌ في أدب الخطاب مع الله -تبارك وتعالى-، وخير معبّر عن طريقة الأئمة -عليهم السلام- في مناجاة الحق -جلّ جلاله-.
هذا النوع من الخطاب هو الذي يحقق القرب من الله ويحيي القلوب بمناجاته.
(ولعلّك تقول: «إن نبيّنا وأهل بيته - عليهم السلام - أهل بيت الرحمة والجود، فهم يرحموننا ويشفعون لنا»، وتتكل على ذلك، ولكن اعلم أنهم كذلك، ولكن اتّكالك على هذا غرور وباطل، وظل زائل، فإنهم مهما بلغوا في الرحمة والجود لن توازي رحمتهم رحمة الله وجودهم جوده، وإن كان هذا السناء من ذلك النور، وهذا الومض من هذا البرق، ولكن هيهات، إنه غيض من فيض، وقطرة من بحر، وهم صلوات الله عليهم مع سعة رحمته قالوا: (أيحسب الرجل منكم أن يدخل الجنّة بقوله: «إن الله جواد كريم»؟! هيهات، إن الله لا يُخدَعُ عن جنته).
وهم سلام الله عليهم كذلك، هيهات أن يُخدعوا عن دين الله، أو أن يرضوا بدون طاعته.
أو لعلك تقول: أنا شيعي موالٍ لأهل البيت عليهم السلام، وشيعتهم هم الناجون الفائزون.
وقد شاعت هذه الأوهام والأيام بين جملة من الناس، فأمنوا من خوف الله ومكره، وكأنهم أخذوا عليه عهداً وميثاقاً غليظاً أن لا يدخلهم النار، وغرّتهم تلك الأماني الكاذبة التي هي من تلبيس إبليس).
📝الميرزا النوري الطبرسي
📚رسالة في آداب المجاورة، ص٧٨-٨١.
.
.
.
.
«يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟! فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه..».
الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام.
"كما أنّ أحد المدرّسين المعروفين على نطاق الحوزة العلمية في قم وهو آية الله وجداني فخر السرابي (١٣١١-١٣٧٥ه‍.ش) وخلال سفره إلى الحجّ قبل سنة من وفاته تقريباً نقل لاثنين من زملائي الموثوقين (أحدهما حجة الإسلام والمسلمين السيد علي أكبر أجاق نجاد) أنّ العلامة الطباطبائي (مؤلّف الميزان في تفسير القرآن) أظهر له كيفية بكاء الأرض دماً في يوم عاشوراء".
"نقل آية الله وجداني فخر للسيّد علي أكبر أُجاق نجاد قائلاً: كنت في أحد أيّام عاشوراء أمرّ بالقرب من «مقبره نو» (المقبرة الجديدة) في قم، فرأيت أستاذي العلّامة الطباطبائي، وبعد أن سلّمت عليه وسألته عن حاله، قال لي: هل تعلم أي يوم هذا؟ فقلت: نعم. فقال: هل تعلم أن الأرض والسماء تبكيان على الإمام الحسين عليه السلام؟ فقلت: نعم. فقال: هل تعلم أن الطيور في البراري تبكي عليه؟ فقلت: نعم. فقال: هل تعلم أن الأحجار في الصحراء تبكي عليه؟ فقلت: نعم (وبالطبع فقد كنت أصدق كل ما كان الأستاذ يقوله احتراماً له)، ثمّ مدّ يده والتقط حجراً من الأرض وكسره بيديه كما تكسر قطعة الجبن، ثم أراني قطرة دم فيه، وقال: هكذا".

الشيخ محمد الري‌شهري
📚 انظر: موسوعة الإمام الحسين عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ، ج٥، ص٧٢.
حكم التعرّض للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ليس مما يُجامل فيه، فلا مداهنة ولا محاباة، سواءً رضي بذلك المأخوذون بأكاذيب الغرب الزائفة أم لا.

• حكم سابّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) || سماحة السيد علي أبو الحسن.
https://youtu.be/J281JHQVHjI
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
عزّة الإسلام تنبع من قوّته وشموخه وعدم تسامحه بشأن المقدّسات، وأمّا التهاون بشأنها -كما يفعله بعض الانهزاميين- فهذا يفقدها قيمتها.

إن ما يحكم به الإسلام في شأن سابّ النبي -صلى الله عليه وآله- هو حمايةٌ للمبادئ والقيم الإلهية من أن تطالها أيدي المشركين فتبتذل قيمتها، فتكون الرسالة الإلهية عند الآخرين مجرد فكرة محتقرة قابلة للإهانة والتصغير متى شاء أهل الشرك والضلال.

من يرى آثار تجربة التهاون بشأن المقدّس يعلم جيداً مدى الخسارات الناجمة عن ذلك على المستوى الحضاري والمعرفي، فامتهان المقدّس يعني إسقاط المبادئ وابتذالها وتصفير قيمتها، وحلول قيم شيطانيّة أخرى تُمنَح نفس القداسة التي ينازعوننا فيها اليوم؛ فيحق لهم حينئذٍ سب النبي وإحراق القرآن، ولكن لا يمكنك سبّ اليهود أو مناقشة دعوى الهولوكوست أو رفض الشذوذ الجنسي.
إباؤهم الشيطاني يمنعك من ذلك قهراً، فلم لا يكون إباؤك الإلهي باعثاً لغيرتك على المبادئ القرآنية التي رفعت راية التوحيد، وخلّصت من براثن الشرك، وأورثت الحياة الطيبة لكلّ ذي فطرة؟
📜 نقد الميرزا النوريّ للفاضل الدربنديّ وكتابه في المقتل

قال الميرزا النوريّ الطبرسيّ -رحمه الله- في كتابه (اللؤلؤ والمرجان في آداب أهل المنبر) ما ترجمته:
"ولا أزال أذكر أنّه حينما كنت مجاوراً بكربلاء المقدّسة أيام دراستي على علّامة عصره الشيخ عبد الحسين الطهراني -طاب ثراه- الذي ليس له في التبحّر والفضل والإتقان عديل، جاءه سيّد عربيٌّ قارئ عزاءٍ من الحلّة، وكان أبوه من وجهاء الطّائفة، وقد ورث عنه كتباً قديمةً فأراد أن يستعلم حال أحد الكرّاسات التي ورثها عن أبيه، هل هو معتبرٌ أم لا، ولم يكن لذلك الكرّاس بداية ولا نهاية، وقد كُتِب في حاشيته: هذا من مؤلّفات العالم الجليل الفلانيّ من علماء جبل عامل من تلامذة المحقّق صاحب المعالم. وبما أنّ اسمه كان موجوداً في تراجم الرّجال فقد أمكن الاستعلام عن حاله، فلم يوجَد بين مؤلّفاته اسم ذلك المقتل، وعندما طالع -رحمه الله- في ذلك الكتاب أدرك أنّه لكثرة اشتماله على الأكاذيب الواضحة والأخبار الواهية لا يحتمل أن يكون مؤلّفه عالماً، فنهى ذلك السيّد عن نشره والنّقل عنه. ولكن بعد عدّة أيّامٍ اطّلع عليه في بعض المناسبات أحد الفضلاء المعروفين الساكنين العتبات العالية فأخذه من السيّد، وبما أنّه كان مشغولاً بتأليف كتابه (أسرار الشهادة) فقد أدرج فيه روايات ذلك الكتاب، وأضافها إلى الأخبار الواهية المجعولة التي لا حصر لها الموجودة في كتابه المزبور، فاتحاً بذلك للمخالفين أبواب الطّعن والسّخرية والاستهزاء، وقد وصلت به همّتُه إلى درجة أنّه جعل جيش الكوفة مليوناً وستّمائة ألف، منهم مليون راجل والباقي فرسان، مهيّئاً بذلك لجماعة قرّاء العزاء ميداناً فسيحاً لا يبلغون منتهاه مهما أطلقوا لأنفسهم العنان، وقد أوغلوا في الافتراء على علمائنا العظام بكثرة تردادهم قول: (قال الفاضل الدربنديّ)، والفاضل المذكور من العلماء المبرّزين والأفاضل المعروفين وليس لإخلاصه لخامس آل العبا -عليهم آلاف التحيّة والسّلام- حدٌّ ولا نظيرٌ، إلّا أنّ هذا الكتاب ليس له أيُّ وقعٍ ولا اعتبارٍ لدى علماء هذا الفنّ وجهابذة الحديث والسِّيَر، بل إنّ الأخذ عنه والاعتماد عليه يدلّ على ضعف النّاقل وقلّة بصيرته في الأمور، بل إنّ نفس المؤلّف يعترف في كتابه بضعف رواياته ويبرز بعض العلامات الدالّة على كذبها ووضعها إلّا أنّه راح يبرّر سبب نقله لها، فكان شريكاً فيما سبّبته تلك الروايات من الفساد.
ومن المطالب العجيبة التي نقلها لي مشافهةً أنّه سمع فيما مضى أنّ العالم الفلانيّ قال أو روى أنّ يوم عاشوراء كان سبعين ساعةً، وأنّه كان يستغرب ذلك حينها، ويتعجّب من ذلك النّقل، لكنّه حينما فكّر وتأمّل في وقائع اليوم العاشر تأكّد وتيقّن أنّ ذلك النقل صحيح، وأنّ تلك الوقائع لم يكن لها لتحصل لولا تلك المدّة من الزمن. هذا حاصل كلامه، وإن كنتُ لا أذكر نصّ عبارته بسبب طول المدّة، وقد قوّى هذه الفكرة في كتابه، ويمكنك أن تعرف من خلال هذه الفقرة كيفيّة تفكيره".

📚 اللؤلؤ والمرجان في آداب أهل المنبر، ص200-201.
📜 نقد السيّد محسن الأمين للفاضل الدربنديّ وكتابه في المقتل

قال السيّد محسن الأمين -رحمه الله- في كتابه (أعيان الشيعة) عند تعرّضه لذكر كتب الفاضل الدربنديّ: (إكسير العبادات في أسرار الشهادات المشهور بـ«أسرار الشهادة في واقعة الطف»، أتى فيه بالغرائب وبأمورٍ توجبُ عدم الاعتماد عليه).
وقال أيضاً: («السعادة الناصريّة» ألّفه لناصر الدين شاه بالفارسية، مطبوع، وهو ترجمة لبعض أسرار الشهادات، أهدانيه بعض تُرك إيران من تجّار مغنيسيا، رأيت فيه كثيراً من الغرائب والأخبار التي لم يذكرها مؤرّخ ولا يقبلها عقل).
ثم ختم قائلاً: (وبالجملة: قد أكثر في مؤلّفاته النقليّة من الأخبار الواهية، بل أورد ما لا تقبله العقول، ولم تصدّقه النقول، عفا الله عنّا وعنه بكرمه).

📚 أعيان الشيعة، ج2، ص88.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🎞 ضرورة الاهتمام بالكتاب والسنّة

🎙 سماحة السيّد علي أبو الحسن
العفو والمغفرة، أدبٌ من آداب الإسلام

- قال الله تبارك وتعالى: "وليعْفُوا وليصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ".
- روى الشيخ الحميريّ بإسنادٍ صحيحٍ عن عليّ بن رئاب أنّه قال: سمعتُ أبا عبد الله -عليه السّلام- يقول وهو ساجدٌ: «اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي ولأصحَابِ أبِي، فإنِّي أعلَمُ أنَّ فِيْهِم مَن يَنْتَقِصُنِي».
- روى الكشيّ بإسناده عن جماعةٍ أنّه قيل ليونس بن عبد الرّحمن -رضي الله عنه-: إنّ كثيراً من هذه العصابة يقعون فيك ويذكرونك بغير الجميل، فقال: «أُشْهِدُكُمْ أنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ فِي أمِيْرِ المُؤْمِنِينَ -عليه السّلامُ- نَصِيبٌ فهُوَ فِي حِلٍّ مِمَّا قَالَ».

هذه حكمة وموعظةٌ من الله وسيرة أوليائه والسّلف الصّالح من أصحاب الأئمّة -رضوان الله عليهم-.
🌹من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى

[1] روى الشيخ الحميريّ بسندٍ صحيحٍ: (وعنه [أحمد بن إسحاق الأشعريّ]، عن بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام‏: من أراد أن يُكتال له بالمكيال الأوفى فليقل في دبر كل صلاةٍ: سبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين‏»)(1).
[2] روى يحيى بن سلام التيميّ البصريّ (ت: 200هـ) في تفسيره: (حدثنا أبو الجارود الكوفي، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليٍّ، قال: «من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل في دبر صلاته: سبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين»)(2).
[3] روى الحافظ عبد الرزاق الصّنعانيّ (ت: 211هـ) في مصنفه: (عن ابن عيينة، عن أبي حمزة الثماليّ، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال عليٌّ: «من سرَّه أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل عند فروغه من صلاته: سبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين»)(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قرب الإسناد، ص33، رقم الحديث 107.
[2] تفسير يحيى بن سلام، ج2، ص849.
[3] المصنّف، ج2، ص293، رقم الحديث 3231.

#روضة_المؤمن
وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيراً [سورة الإسراء: 60]

لا يزال تفكير الملحد العربيّ بدائياً جدّاً، فهو دائماً ما يكرّر إشكالاته التي ألقاها الزّمان خلف ظهره ومضى عنها بعيداً، ويجترُّ الغثّ من طرق الإشكال على الدّين. ومن هذه الأفكار البدائيّة زعمه أنّ وقوف العلم الحديث على أسباب كسوف الشمس ينافي كونها آية مخوّفة من الله تعالى لعباده، وأنّ الدّين إنّما فرضها لجهله بعلّة حدوثها، والحال أنّ اكتشاف السّبب الماديّ لا ينافي المراد من هذه المظاهر الإلهيّة، فنحن نعرفُ أيضاً أسباب الزلازل والفيضانات وعللاً كثيرةً للموت من قبيل الأمراض المختلفة ومع ذلك لا يُمكن نفي كون هذه البلاءات آياتٍ ومنبّهات من قِبل الخالق -تبارك وتعالى-. فالزّلزال هو آيةٌ من آيات الله تعالى، وبه يُنزِل الله البلاء على عباده، فهل معرفة سببه الماديّ المباشر ينفي كونه ابتلاءً أو آيةً مخوِّفةً؟! والمرض هو أحد البلاءات المذكِّرة بالله تعالى، فهل لو عرفتُ سبب الإصابة به سينتفي كونه من الله؟ أم سينقض كونه إمّا بلاءً أو عقوبةً؟!
وبشكل عامّ: إنّ الظواهر الكونيّة خاضعةٌ لقوانين الوجود المادّي، وإذا أرادَ الله أن يُظهِرَ آيةً من آياته، فلا غرابة إنْ كانت هذه الآية جاريةً وفق قوانين الطبيعة، فهل يريد الملحد أن تكون آيات الله خارجةً عن نظام القوانين الطبيعيّة لكي يقتنع بأنّها آية؟!
رُوي عن الصّادق عليه السّلام: «من قرأ القرآن وهو شابٌّ مؤمنٌ اختلط القرآن بلحمه ودمه، وجعله الله عزّ وجلّ مع السَّفَرة الكرام البررة، وكان القرآنُ حجيزاً عنه يوم القيامة، يقولُ: يا ربِّ، إنَّ كلَّ عاملٍ قد أصاب أجر عمله غير عاملي، فبلِّغْ به أكرم عطاياك.
قال: فيكسوه الله العزيز الجبار حُلّتين من حُللِ الجنّة، ويوضع على رأسه تاج الكرامة، ثُمّ يقال له: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يا ربِّ، قد كنتُ أرغبُ له فيما هو أفضل من هذا. فيُعطى الأمن بيمينه والخُلدَ بيساره ثم يدخل الجنّة، فيقال له: اقرأ واصعد درجةً، ثمّ يقال له: هل بلغنا به وأرضيناك؟! فيقول: نعم.
قال: ومن قرأه كثيراً وتعاهده بمشقّةٍ من شدّة حفظه أعطاه الله عز وجل أجر هذا مرتين».


📚 الكافي، ج4، ص606-607، رقم الحديث 3490، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، ح4.
مصباح الهداية
Video
من جملة الإشكالات التي يطرحها العلمانيون والملحدون أنّ الإسلام يحدد سن التكليف للإناث في سن التاسعة، وهذا يقتضي غسل الأدمغة وتشويه فطرة الطفولة وما شاكل من هذه التعليلات.
في الوقت نفسه، يُسمح الآن في بعض الدول الغربية للأطفال -من كلا الجنسين- بتغيير جنسهم والتحوّل من الأنوثة إلى الذكورة، والعكس، ولا تكاد تسمع نكيراً!
تخيّل أنّ أطفالاً دون سن الخامسة عشر لا يقدرون على الدخول في قضايا سياسية أو مالية أو اجتماعية -فلا يسمح لهم بالتصويت في الانتخابات، ولا الاقتراض من البنوك، ولا الدخول في معاملات مالية معتدّ بها، ولا التصرف بالسلوك الاجتماعي من دون رقابة أخلاقية أو قانونية- يُفوّض إليهم اتّخاذ قرار مصيريّ يتعلق بأبدانهم وصحتهم النفسيّة، وله تأثيره الطويل إلى نهاية العمر!
ومع ذلك تجد المنبهرين بالحضارة الغربيّة ساكتين لا يجرؤون على انتقاد ”آلهة العصر الحديث“ وتشريعاتها السخيفة!
أما في الإسلام، فالتكليف بالأحكام الشرعية رحمةٌ ونعمةٌ لا نظير لها، فتبدأ الفتاة قبل نضجها بتعلّم الطهارة والصلاة والدعاء وسبل التقرب إلى الله تعالى، وآداب الإسلام الأخلاقية؛ لتمتلئ روحها اتّزاناً وحكمةً وعقلانيّة، حتّى إذا أسّست أسرة نجحت في بنائها وحمايتها، وعاشت حياة طيبة.
أما ما يقدّمه السّعار الغربي الهائج ويدافع عنه بشراسة فهو عبارة عن مسخ للفطرة، وتلويث للإنسان بالقذارات المادية والمعنوية، وتفاهات تفضي إلى فراغ روحي كبير ودمار للأسرة والمجتمع، فمع الشذوذ وإباحة الإجهاض وظاهرة الكلاب البشريّة، إلى أين سيصلون بالمجتمع البشري كله؟!
لو كان هناك قليل من الإنصاف أو يقظة الضمير لأُذعن للإسلام بأنه طريق الطهارة والاستقامة والوصول إلى سعادة الدنيا والآخرة. ولو كان هناك قليل من الحياء لكان على هؤلاء المفتضحين بالتناقضات والسقطات الأخلاقية الفظيعة أن يستحوا من طرح إشكالات سخيفة من هذا القبيل، فما يشرعه الدين لأجل الفتيات البالغات خيرٌ من المستقبل المسخ الذي تقودون إليه هؤلاء الأبرياء.
شتّان بين دينٍ ينتج طفلة طاهرة ترتدي حجاباً، تتعلم تطهير ظاهرها وباطنها وسبل التقرب لربها، وتكتسب اليقين بخالقها، وبين شريعة بهائمية لا ضابطة لها، أنتجتها وحوش ممسوخة تعبث بفطرة الإنسان وتحوله إلى كلب بشري ومتحول جنسي وقاتل للأجنّة في الأرحام، أو ملقٍ لها في صناديق المؤسسات ”الخيرية“.
اتّفق لي اليوم أن وقفتُ على كتابٍ بعنوان (كنز المعاني في شرح غيبة النعمانيّ)، وهو شرح لكتاب «الغيبة» للشيخ النعماني رحمه الله (المتوفى في القرن الرابع الهجري)، ويقع في ثلاثة مجلدات، وللأسف كان مستوى الكتاب محبطاً جداً لكثرة ثغراته ومواضع ضعفه، فمما يؤخذ عليه:
١. خلوّه من التحقيقات العلميّة المتينة التي تليق بمستوى الكتاب، بنحو ينبئ عن كون علاقة الشارح بالكتاب ضعيفة إلى درجة عدم الوقوف على كثير من دقائق الكتاب التي ينبغي الوقوف عندها وتبيينها بشكل واضح.
٢. سطحية الشرح في أكثر المواضع حيث يكون الشرح مقتصراً على بيان معاني الكلمات، وأحياناً يكون الشرح للمضامين على غير الجادّة، مع ما يتخلل ذلك من سوء الاستظهار من كلمات العلماء، أو ردّ بعض كلمات العلماء من دون تتبع أو تدقيق وافٍ. هذا غير تجاهل شرح جملة من الروايات المهمة ذات الدلالات المؤثرة.
٣. عدم التقيد بضوابط التخريج والعزو العلميّ.
٤. النسخ عن كتب أخرى من دون العزو إليها.
٥. كثرة الأخطاء النّحويّة والإملائيّة بنحو ينبئ عن وجود ضعف في اللغة العربية، وهو ما يوجب ضعف الوثوق بالقدرة على شرح المتون القديمة.
٦. ورود الاختلال على مضامين بعض الروايات من سقطٍ مخلّ بالمعنى، أو تصحيف مغيّر للمعنى من دون التثبت بالرجوع إلى بعض النسخ الخطية المتقنة.
في الواقع، مما لمسته عن قرب، ومن خلال تجربة امتدت سنوات عديدة من العمل على هذا الكتاب والبحث في سيرة مؤلّفه، هناك الكثير من النكات الدقيقة والمهمة التي ينبغي إبرازها عند شرح هذا الكتاب، لا أن يقتصر الأمر على الشرح اللغويّ، أو الشرح المضمونيّ الركيك مع الغفلة عن الخلفيات التاريخيّة والروائية الكامنة في هذه النصوص التراثيّة القيّمة، فهذه الروايات ذات أبعاد عميقة، لا ينبغي أن يتعامل معها بهذا المقدار من السطحيّة.
أثر القرآن في نفوس طلّاب الحقّ وأهل الإخلاص

من جملة الأمور التي تثير الاهتمام والتأمّل في سيرة النبيِّ -صلّى الله عليه وآله- ونزول القرآن الكريم عليه ما ورد في بعض الآيات التي تصف طبيعة تفاعل بعض النّاس في بداية الدّعوة الإسلاميّة عند سماعهم للقرآن، حيث تبيّن مشهداً إيمانيّاً عظيماً يشهدُ بجلالة القرآن وتأثيره في النّفوس إلى درجة خشوع الجوارح والجوانح، وهذا الأمر يشير إلى صفة الفاعليّة في القرآن؛ حيث لا شكّ في تأثير القرآن على النّفوس وأثره في إخراجها من عالم الوهم والغفلة والظلمات، وهذا ثابتٌ بنصوص الوحي في آياته وأحاديث الأئمّة -عليهم السّلام-، ومن ذلك قوله تعالى: (لَوْ أنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ).
ولكن الذي يستوقف المتأمّل هي طبيعة انفعال الآخرين بآيات القرآن الكريم، حيث أخذ بمجامع قلوبهم، وألقى في نفوسهم ألطافاً إلهيّة نبّهت فطرتهم إلى ما نزل من الحقّ، ويتّضح هذا من خلال بعض الشواهد القرآنيّة التي تشير إلى هذه المواقف:
الشاهد الأول: قوله تعالى: (اللهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزّمر:23].
الشاهد الثّاني: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً. قُلْ آمِنُوا بِهِ أوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ للأذْقَانِ سُجَّداً. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً. وَيَخِرُّونَ للأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) [الإسراء: 106-108].
الشاهد الثالث: (لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وأنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) [المائدة: 82-83].
الشّاهد الرّابع: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].
فهذه الأوصاف (تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربّهم)، (يخرّون للأذقان سُجّداً.. ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)، (أعينهم تفيض من الدّمع)، (وجلت قلوبهم)، تبيّن مدى تأثير القرآن الكريم في النّفوس المستعدّة ذات القابليّة لاكتساب المواهب والعطايا الإلهيّة، وعليه يمكن جعلها معياراً لاختبار مدى تفاعلنا مع كتاب الله وتوجّه قلوبنا نحوه، فهل نحن كذلك أم في غفلةٍ من أمرنا عن هذه النّعمة الإلهيّة الكبيرة؟ ومن هنا ذكر الإمام أمير المؤمنين -صلوات الله عليه- هذه الحالة في تلاوة القرآن من صفات المتّقين حيث قال: "أمّا اللّيل فصافُّون أقدامهم تالينَ لأجزاء القرآن يرتّلونه ترتيلاً، يُحزِّنونَ به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مرُّوا بآيةٍ فيها تشويقٌ ركنوا إليها طمعاً، وتطلّعت نفوسهم إليها شوقاً، وظنّوا أنّها نصب أعينهم، وإذا مرّوا بآيةٍ فيها تخويفٌ، أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنُّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم..." [نهج البلاغة: 469، الخطبة193].
نسأل الله أن يوقظنا من الغفلة، ونستعيذ به من الكسل، ونرجوه التوفيق للطّاعة بحقّ محمّد وآل محمّد.
رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وآله-: «فإذا التبست عليكم الفتن كقِطَع اللّيل المُظلم فعليكم بالقرآن؛ فإنه شافع مُشفَّع، وماحلٌ مصدَّقٌ، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقَهُ إلى النّار، وهو الدّليل يدلُّ على خير سبيلٍ، وهو كتابٌ فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكمٌ، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجومٌ، وعلى نجومه نجوم، لا تُحصَى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهُدى ومنار الحكمة، ودليلٌ على المعرفة لمن عرف الصّفة، فليجلُ جالٍ بصرَه وليُبْلغِ الصّفةَ نظرَه ينجُ من عَطَبٍ ويتخلّص من نَشَبٍ؛ فإن التفكُّر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظُّلمات بالنور، فعليكم بحُسن التخلّص وقلة التربّص».

📚الكافي، ج4، ص594-596، رقم الحديث 3474، كتاب فضل القرآن، ح2.
روى ثقة الإسلام الكلينيّ بإسناده عن النبيّ -صلّى الله عليه وآله-: «نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن، ولا تتّخذوها قبوراً كما فعلت اليهود والنّصارى، صلّوا في الكنائس والبِيَع وعطّلوا بيوتهم؛ فإنّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتّسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السّماء لأهل الدّنيا».

📚 الكافي، ج٤، ٦١٨-٦١٩، رقم الحديث ٣٥٠٩، كتاب فضل القرآن، باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن، ح١.
2025/03/11 17:37:53
Back to Top
HTML Embed Code: