Telegram Web Link
مصباح الهداية
Video
الواقع الحاصل الآن أن القبور الوهمية التي تتكاثر في العراق بدأت بتحقيق أهداف لطالما سعى إليها الأعداء وهي ضرب مكانة أهل البيت عليهم السلام في نفوس الناس.
صار القبر الوهمي سبباً في قضاء جميع الحوائج المستعصية، فيذهبون إليه معرضين عن الشخصيات الحقيقية التي فضّلها الله على كثير من خلقه، والتي علمنا مقامها بالقرآن والسنة والعيان؟
متى خذلكم أبو الفضل العباس لتلجؤوا إلى الوهم والكذب؟!
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: «ومَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَتْ بِهَا سُنَّةٌ، فَاتَّقُوا البِدَعَ واِلْزَمُوا المَهْيَعَ، إِنَّ عَوَازِمَ الأمُورِ أَفْضَلُهَا، وَإنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا».
زيارة قبور أولاد الأئمّة (ع)

قال الشيخ عبّاس القميّ في كتابه القيّم (مفاتيح الجنان) عند ذكر زيارة أولاد الأئمّة: (ولكن لا يخفى أنّ الزائر إذا شاء أن يشدّ الرحال إلى شيء من هذه المراقد موقناً ببلوغه فيض رحمة الله وبكشف كروبه فينبغي أن يحرز فيه شرطين:
الأول: جلالة صاحب ذلك المرقد وعظمة شأنه إضافة إلى ما حازه من شرافة النسب وتعرف هذه من كتب الأحاديث والأنساب والتواريخ.
الثاني: التأكد من صحة نسبة هذا المرقد إليه.
وما حاز كلا الشرطين من المشاهد قليل جداً)، انتهى.

اليوم يُساق عوام الشيعة إلى زيارة:
١. من لا يُعلم أنه شخصية حقيقة أم لا.
٢. من لا يعلم صدق انتسابه إلى أهل البيت عليهم السلام.
٣. من لا ذكر له في كتب الأحاديث والأنساب والتواريخ.
٤. من لا تُعلم عدالته وجلالته على وجه التحقيق، هذا إذا كان حقيقياً!
لا أثر لهم في كِتاب قط، والأنكى من ذلك أنهم صاروا يزاحمون القبور الحقيقية التي هي مختلف الملائكة ليلاً ونهاراً، ويتمنى زيارتها كل نبيّ ووصيّ منذ خلق الله آدم عليه السلام.
اللهم لا تجعلنا ممن يستبدل الأدنى بالذي هو خير 💔

ورحم الله العِلم، فقد ذُبح على يد مَن أدمن تبرير اختراعات العوام والسّفهاء! أنتم اخترعوا، ونحن نرقّع لكم..
التحقيق والتثبّت حياةُ العلم، والجمود موتُه.

من الواضح في سيرة العلماء أنّ التحقيق في صحّة الآثار والروايات والقبور من الأمور الدّارجة التي عملوا عليها وفق القواعد العلميّة، وليست من الأمور المغلقة التي لا يُتاح النّظر فيها، فجزءٌ منها ليس من أصول الدّين ولا من فروعه، بل هو مما ساهم العلماء في تحقيقه ونقده، ولذلك فإنّ المغالاة في تضخيم هذه الأمور وإثارة التنابز بالألقاب واللمز ليس من الدين في شيء، وعلى كل حالٍ فدواء كل هذا هو الإعراض، فهناك فئة ترى نفسها من طبقة عليا في التشيع بينما غيرهم من الملحقات المتأخّرة، ويكأنّهم يغترفون التشيع بملعقة من ذهب من الإمام مباشرةً، بينما غيرهم يغترفون من الماء الآسن، فنعوذ بالله من الغرور والتكبُّر والعُجب وسائر الأمراض الأخلاقيّة، والأنكى من ذلك أنهم لا يعلمون أنّ طعونهم هذه يلزم منها الطعن في العلماء الذين اختاروا هذه الأقوال ونظائرها، ولكنهم كالطاعن نفسه ليقتل ردفه، فكل ما يهمهم هو الطعن والذمّ للتشفّي وممارسة الاستعلاء والتكبّر، والله لا يحبّ كل ختّال فخور!

عودٌ على بدء، نقد الأحاديث التي لا أصل لها لم يبدأ في زمن الفيسبوك، وإنْ راج في هذا الزمان كثيرٌ من تلك الأحاديث "الفيسبوكيّة"، ولكن الأمر كان معمولاً به في سيرة أهل العلم، ومن اللطائف في ذلك ما حكاه السيّد محسن الأمين (رحمه الله) في ترجمة الشيخ المحدّث الميرزا النوريّ الطبرسيّ (رحمه الله)، قال: (وكان يقرأ بنفسه في مجالس الذكرى التي يقيمها في داره لوفيات أهل البيت عليهم السلام، وحضرتُ يوماً في بعض تلك المجالس فسمعتُه يقول: إنّ الكلام المنسوب إلى الأصبغ بن نباتة أنه خاطب به أمير المؤمنين عليه السلام لمّا ضربه ابن ملجم الذي فيه: «إنّ البرد لا يزلزل الجبل الأشم، ولفحة الهجير لا تجفِّفُ البحر الخضم، والليث يضرى إذا خش، والصل يقوى إذا ارتعش» لا أصل له، ولم يُروَ في كتابٍ. وتذكّرتُ ما سمعتُه من بعض علماء جبل عامل الذين درسوا في العراق وسمعوا هذا الكلام من أفواه الخطباء فظنُّوه حقّاً لِمَا فيه من التزويق والتسجيع الفارع، ولم يعلموا أنّه موضوع؛ لبُعدهم عن الاطّلاع على التاريخ والآثار وتقصيرهم في ذلك، فكان يُعجَبُ بهذا الكلام ويكرِّرُ تلاوته ثم إنِّي حينما ألَّفْتُ في سيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام فتّشْتُ فلم أجد له أثراً)، انظر: أعيان الشيعة، ج6، ص143.

واليوم إذا نبّهتَ على الأحاديث الفاسدة والتي لا أصل لها قيل لك: معناه صحيح، لا يخالف القرآن، فيه حكمة! وكأنّ كون المعنى جيّداً كافٍ في نسبته للإمام أو احتمال نسبته مع كونه مقطوعاً بكذبه لشدّة ركاكته وعدم انسجامه مع لغة العرب القديمة فضلاً عن لحن أهل البيت (عليهم السلام). هذا النوع من الردود ناشئ عن "العقلية التبريريّة" التي أدمنت القبول بكل شيء غثّه وسمينه ولو كلّف ذلك أن يحمّل الدين أثقالاً ليست منه، وهكذا بهذه العقلية سوف نضمن التضخّم والتورّم والانتفاخ غير الصحيّ في ظواهرنا الدينية، حيث يُهجر الحديث الوارد في الكتب المعتبرة، ونلجأ إلى الروايات الركيكة التي لا مصدر لها سوى الفيسبوك وتويتر!

أمّا بالنسبة إلى نقد انتساب القبور إلى أصحابها، فللميرزا النوريّ تجربة في ذلك، فقد قال (رحمه الله) في كتابه القيّم (اللؤلؤ والمرجان) ما ترجمته: (ومثل الكثير من القبور التي منها لا أصل له، ومنها ما نقطع بعدم صحّته كقبر المقداد الذي في شهروان، فإنّه بحسب الظاهر قبر بعض شيوخ العرب وينسبه بعض الحمقى إلى المقداد بن الأسود الكِنْديّ الذي هو من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، والواقع أنّ المقداد توفي جرف وهي تبعد فرسخاً واحداً عن المدينة المنورة، وحُمل من هناك ودُفن في البقيع، وكقبر المختار الذي يصرح الشيخ الجليل ابن نما في كتابه شرح طلب الثار في شرح حال المختار فيقول: «وإنّ قبّته لكل من خرج من باب مسلم بن عقيل كالنجم اللامع»، وواضح أن قبره كان ظاهراً في ذلك الزمان، وبعيداً عن صحن مسلم إلّا أنهم حدّدوا مكاناً في داخل المسجد ودفنوه فيهم، ونقلوا عن العلماء أنّهم يؤكدون مكان قبره، وكل ذلك كذبٌ وافتراء، ومنذ مدّة أرسل بعض القاجاريين مبلغاً يقرب من أربعمائة تومان من طهران إلى المرحوم ساكن الخلد فقيه عصره وعلّامة دهره الشيخ عبد الحسين الطهراني -دام ثراه- لأجل بناء قبر المختار فكتب رحمة الله عليه: «القبر ليس معلوماً، فلتُصرف في أمرٍ آخر»، وبعد إصرار شديد على لزوم صرفها في ذلك بدأ بالبحث عن قبره وقد كنت يومها في خدمته فلم أحصل إلا على عبارة ابن نما المُشار إليها آنفاً فأعرض عن الفكرة، فأخذ آخرون المال وفعلوا به ما فعلوا)، انظر: اللؤلؤ والمرجان في آداب أهل المنبر، ص121.
ولو جاء اليوم الميرزا النوريّ (رحمه الله) وطبّق كلامه على القبور الوهميّة لاصطدم بالعقلية التبريريّة الموجودة في أوساطنا اليوم، وربما قذفوه واتّهموه وهتكوه واخترعوا له من النعوت ما لا يقرّه مؤمن ولا يقبله عاقل كما هو المشهود اليوم ممن غَيْرته على الأوهام أكثر من التزامه بحدود الإسلام وتقيّده بها في رعاية الحقوق.
هذه الأبحاث ليست للمعارك التي يضطر البعض إلى أن يفقد أخلاقه فيها ويتديّن بذلك، بل هي أبحاثٌ للوصول إلى الحقيقة، وعبادة الله على نقاءٍ بلا شائبة أو خرافة، وهذه هي ثمرة العلم والبحث، ومن لا يرغب بها أو ينزعج منها فهو يدعو إلى إسكات العقول والجمود على ما نَرِثُه من العوام وشائعاتهم كيفما كان.

نسأل الله حسن العاقبة، وإلى الله تُرجع الأمور.
"أمّا الليل فصافّون أقدامهم، تالينَ لأجزاء القرآنِ يرتّلونه ترتيلاً، يُحزّنون به أنفسَهم، ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مرّوا بآيةٍ فيها تشويقٌ رَكَنوا إليها طمعاً، وتطلّعت نفوسُهم إليها شوقاً، وظنّوا أنها نَصْب أعينهم، وإذا مرّوا بآيةٍ فيها تخويفٌ أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصولِ آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم وأكفّهم ورُكَبهم وأطراف أقدامهم يطلبون إلى الله في فَكاك رقابهم".

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
📚نهج البلاغة، ص٤٦٩-٤٧٠، رقم الخطبة ٩٣: خطبة المتقين.
بسم الله الرحمن الرحيم
تمّ بحمد الله - تبارك وتعالى- افتتاح موقع "بصائر" للتحقيق والدراسات الإسلاميّة.

رابط الموقع:
https://basaer-qom.com/

التعريف بالمؤسسة:
https://cutt.us/YKUmX

رابط قناة التلغرام:
https://www.tg-me.com/basaerqom
..
"أفيضوا في ذكر الله؛ فإنه أحسنُ الذّكر، وارغبوا فيما وعد المُتّقين فإنّ وعده أصدق الوعد، واقتدوا بهدي نبيّكم فإنه أفضل الهدي، واستنّوا بسُنّته فإنّها أهدىٰ السُّنن. وتعلّموا القرآن؛ فإنّه أحسنُ الحديث، وتفقّهوا فيه؛ فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره؛ فإنه شفاءُ الصّدور، وأحسِنوا تلاوتَه فإنه أنفع القصص. وإنّ العالِم العاملَ بغير علمِه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحُجّة عليه أعظم، والحسرة له ألزم، وهو عند الله ألوم".

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
📚 نهج البلاغة، ص٢٦٤-٢٦٥، رقم الخطبة ١٠٩.
هل الأئمّة ثلاثة عشر؟
📝 إبراهيم جواد.

من الإشكالات التي طرحها بعضُ الوهابيّة وغيرهم أنّ مسألة عدد الأئمة لم تكن أمراً مقطوعاً عليه عند الإمامية، ولذلك وردت بعض الروايات أنّ عدد الأئمة ثلاثة عشر خلافاً لما هو السّائد أنّهم اثنا عشر إماماً، وقد تعرّضت هذه المقالة لمناقشة هذه الشُّبهة ودراسة الروايات المُستَدلّ بها في المقام.

رابط المقال: https://basaer-qom.com/a10
رابط آخر: اضغط هنا

..
دراسة حول نسبة ذيل دعاء عرفة إلى سيّد الشهداء (عليه السلام).
📝 إبراهيم جواد.

تبحث هذه المقالة في صحة انتساب ذيل دعاء عرفة المروي عن سيّد الشهداء الحسين عليه السّلام، وهو المقطع الذي يبدأ بعبارة: (إلهي أنا الفقيرُ في غناي، فكيف لا أكون فقيراً في فقري..إلخ)، حيث وقع الكلام بين أهل العلم في كونها من أصل الدعاء أو مما أُلحق به، وانتهت هذه الدراسة المختصرة إلى أنّ هذه الفقرة ليست من دعاء سيّد الشهداء عليه السلام، بل هي من الملحقات المضافة في وقت متأخّر.

رابط المقال: https://www.basaer-qom.com/a13
رابط آخر: اضغط هنا
حديث الأئمّة الاثني عشر

يُتّهم الشيعة الإماميّة بأنّهم قد وضعوا واختلقوا أحاديث النصّ على أئمتهم الاثني عشر (عليهم السلام) وذلك بعدما توفي الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام) ولم يجدوا إماماً يليه فاختلقوا فكرة أنّ عدد الأئمة اثنا عشر إماماً، وبذلك يستمر مذهبهم في القول بالإمامة، ولكن المنصف إذا راجع كتب أهل السنّة والجماعة التي ألّفها كبار الحفّاظ والمحدّثين عندهم قبل سنة 260 هجريّة نجد أنّهم كانوا يروون ذلك الحديث بأسانيد صحيحة إلى رجالٍ ماتوا قبل وفاة الإمام الحادي عشر بعشرات السنين، ومن أهمّ هذه الروايات حديث عبد الله بن مسعود وحديث جابرة بن سمرة.. وقد تكلّمنا عن هذين الحديثين بإيجازٍ في هذه السلسلة المختصرة.

حديث الأئمة الاثني عشر (١): رواية عبد الله بن مسعود في مصادر سنيّة مؤلّفة قبل زمن الغيبة.
حديث الأئمة الاثني عشر (٢): أقوال بعض علماء أهل السنة في اعتبار الرواية عن ابن مسعود.
حديث الأئمة الاثني عشر (٣): رواية جابر بن سمرة في مصادر سنيّة مؤلّفة قبل زمن الغيبة.
حديث الأئمة الاثني عشر (٤): حيرة علماء أهل السنّة وتناقض أقوالهم في شرح الحديث.
من الأدعية العظيمة التي ينبغي الاهتمام بها في يوم عرفة دعاء الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام)، وهو الدعاء السابع والأربعون من الصحيفة السجادية؛ وذلك لما يتّصف به هذا الدعاء من امتيازات جليلة، منها:
- أنّه واردٌ في أهمّ الكتب المعتبرة عند شيعة أهل البيت (عليهم السّلام)، فالصحيفة السجّادية التي أنشأها الإمام (صلوات الله عليه) تعتبر من أوثق النصوص الواصلة إلينا من روايات القرن الأوّل الهجريّ.
- أنّه دعاءٌ جامعٌ يتعرّض لكثير من الجوانب المهمّة في اعتقاد المؤمن وسلوكه، ومنها:
[1] ما يتعلّق بمعارف التوحيد: وفيها ما يتضمّن الحديث عن معرفة الله وتوحيده وتعظيمه وتمجيده بما نعت به نفسه على لسان حُججه (عليهم السلام)، وكذلك تنزيه الله عن النقائص. وقد ذُكرت هذه المطالب النفيسة بأرقى العبارات البليغة التي تأخذ بمجامع القلوب، فضلاً عن عمقها وانسجامها التّام مع كتاب الله ومنهج أهل البيت (عليهم السلام) في تعليم التوحيد وبيان مطالبه.
[2] ما يتعلّق بمعرفة الإمام من آل محمّد: وفيه ما يبيّن أهميّة مقام الإمامة، ودور الإمام في حفظ الدين وصيانته عن الانحراف، وحقوق الإمام علينا، وأثر حضوره في حياة الإنسان المؤمن.
[3] ما يتعلّق بجانب توجّه العبد إلى الله تعالى، وذلك في ذكر التوبة والإنابة والاستغفار والاعتراف بالذنوب والتقصير، وطلب القُرب والنجاة، وغير ذلك من المطالب المهمّة في مقام إبراز العبوديّة بلسان التضرّع والتذلّل.
نسأل الله أن يوفّقنا للاقتباس من ضياء مشكاة الإمامة، ويجعلنا بذلك من أهل العلم والعمل، إنه سميع مجيب.
من كلام أمير المؤمنين عليه السلام لأبي ذر عندما نفاه عثمان إلى الربذة

"يَا أبَا ذَرّ، إنَّكَ غَضِبْتَ لِلّهِ، فارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ، إِنَّ القَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ وخِفْتَهُمْ عَلَى دِينِكَ، فاتْرُكْ فِي أيْدِيهِم مَا خَافُوكَ عَلَيْهِ، واهْرُبْ مِنْهُمْ بِمَا خِفْتَهُمْ عَلَيْهِ، فَمَا أحْوَجَهُم إلىٰ مَا مَنَعْتَهُم، وأغْنَاكَ عمّا مَنَعُوكَ، وستَعلَمُ مَنِ الرّابِحُ غَداً والأكْثَرُ حَشْداً، واللهِ لَوْ أنَّ السَّمَاوَاتِ والأرَضِيْنَ كَانَتَا عَلَى عَبْدٍ رَتْقاً ثُمَّ اتَّقَىٰ اللهَ لجَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْهُما مَخْرَجاً.
لاَ يُؤْنِسَنَّكَ إِلاَّ الحقُّ، ولا يُوحِشَنَّكَ إلّا الباطِلُ، فلَوْ قَبِلْتَ دُنْيَاهُم لأحبُّوكَ، ولَوْ قَرَضْتَ مِنْها لآمَنُوكَ".

📚 نهج البلاغة، ص٣٠٤، رقم الخطبة ١٣٠.
رأي الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني (دام ظله) حول نسبة ذيل دعاء عرفة إلى سيد الشهداء (عليه السلام)
مصباح الهداية
رأي الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني (دام ظله) حول نسبة ذيل دعاء عرفة إلى سيد الشهداء (عليه السلام)
خطر الغوغاء على البحث العلميّ

في المسائل التي تتعلّق بالتراث الدينيّ، هناك قضايا تُعدّ من الخطوط الحمراء ويُنْكر فيها على المُخالف فيها؛ لأنّها مُسلّماتٌ يقينيّة لا يرتاب فيها محصّل، وهناك قضايا يقع فيها الخلاف بين أهل العلم أنفسهم، فيكتبُ فيها فريقٌ تقويةً لرأي ما، ويناقشه فريقٌ آخر، وهي مسائل محل أخذٍ وردّ، فلا ينُكرون على بعضهم بالمخالفة لأنّ طبيعة المسألة قائمة على النّقاش والاختلاف. ولذلك لا ترى أهل العلم يتحسّسون من التعرّض لهذا النوع من الأبحاث.
أمّا الغوغاء الذين يمتعضون ممن لا يسلك طريقتهم فإنّهم يحاولون إثارة زوبعةٍ عند كل مسألة تخالفهم فيها -ويخذلهم الله فيفشلون-، وممّا اتّفق لي في ذلك ما حاول بعضهم التشنيع عليّ لكلامي في صحّة دعاء الجوشن وذيل دُعاء عرفة، مردفاً ذلك برشقةٍ من الاتهامات -والله حسيبه -، مع أنّ الكلام في هاتين المسألتين معروفٌ بين أهل العلم، ولا يتوقّف على القول بأحد الرأيين انحراف في أصول الدين، ومع ذلك فالغوغاء تحبّ أن يسود رأيها في كلّ مسألةٍ، ولذلك ضجّ أحدهم من جمع آراء بعض العلماء في بطلان نسبة ذيل دعاء عرفة إلى سيد الشهداء عليه السلام وعَرْضِها علناً وتعريفِ النّاس بها، فهو لا يريد أن يتوجّه أحدٌ إلى الرأي المخالف لقوله، فقال أحدهم مُنكراً: وهل نحن نقلّد السيّد الشبيري الزنجاني؟! مع أنّني لم أورد آراء العلماء بما هم فقهاء مُقَلَّدُون، وإنما بما هم أهل خبرةٍ في نقد الحديث، والسيّد الشبيريّ (دام ظله) من أعلام أهل الخبرة في زماننا الحاضر.
ومن لطيف ما اتّفق لي أنّي بعد نشري للمقال، عثرت على مكتوبٍ للشيخ لطف الله الصّافي الگلپايگاني (دام ظله) وهو أحد مراجع التقليد في قم المقدسة، وفيه يؤيّد القول ببطلان نسبة ذيل دعاء عرفة إلى سيد الشهداء (عليه السلام) ويصوّب فيه قول العلامة المجلسيّ بأنّ هذه الفقرة من إلحاقات الصوفيّة، وهذا هو رابط المكتوب على موقعه: (توضیح مهم پیرامون وجه عدم اشاره به ذیل دعای عرفه).
واللطيف في البيان أنّ سماحة الشيخ (حفظه الله) فضلاً عن قوله بموافقتها لأسلوب الصوفيّة في إنشاءاتهم، يرى أنّ هذه الفقرة تتنافى مع أحاديث أهل البيت (عليهم السّلام)، وهذا يوجب الإشكال على قراءتها ولو مع الجزم بعدم صدورها عن المعصوم.
وبالتالي: فوجود آراء من جهات يُعتدّ بقولها كالعلّامة المجلسي وأمثاله يوجب التواضع مِن قِبل الغوغاء أمام هذه النتائج، وأن لا يصوّروا المسألة بتهويلاتٍ لا داعي لها، فهذه السياسة لم تعد مجديةً.

* الصورة المرفقة أعلاه من جواب الشيخ لطف الله الصافي (دام ظله) في موقعه الرسميّ.
بسم الله الرحمن الرحيم
بحث في نسبة ذيل دعاء عرفة إلى الإمام الحسين (عليه السّلام)
.

🎙آية الله الشيخ: محمّد جواد فاضل اللنكرانيّ.
📝 ترجمة: إبراهيم جواد.

فيما يتعلّق بدعاء عرفة، هناك مطلبٌ مرتبطٌ بذيله الذي ورد فيه، ولا سيّما أنّ للبعض اهتماماً زائداً بهذه الفقرة الأخيرة أحياناً، وفي هذا الباب أحبّ أن أعرض مطلباً بشأنه:
موضوع البحث الحاصل هو أنّ هذا الذيل منتسبٌ إلى الإمام وجزءٌ من الدعاء أم أنّه لا علاقة له به؟
الكفعميّ في كتابه «البلد الأمين»(1)، والمجلسي في «زاد المعاد»(2) – الذي كان في الماضي رائجاً بين عموم الناس كما هو الحال بالنسبة لـ«مفاتيح الجنان» الآن، وهو كتابٌ دعاء جيد جداً – لم يُوْرِدا هذا الذّيل.
وللمجلسيّ في المجلد الثامن والتسعين من «البحار»(3) هذه العبارة: (قد أورد الكفعمي رحمه الله أيضاً هذا الدعاء في البلد الأمين وابن طاوس في مصباح الزائر كما سبق ذكرهما، ولكن ليس في آخره فيهما بقدر ورق تقريباً وهو من قوله: «إلهي أنا الفقير في غناي ..» إلى آخر هذا الدعاء، وكذا لم يوجد هذه الورقة في بعض النسخ العتيقة من الإقبال أيضاً، وعبارات هذه الورقة لا تلائم سياق أدعية السّادة المعصومين أيضاً، وإنّما هي على وفق مذاق الصوفية، ولذلك قد مال بعض الأفاضل إلى كون هذه الورقة من مزيدات بعض مشايخ الصوفية ومن إلحاقاته وإدخالاته)(4).
عندما يقرأ المرء هذه العبارات يجدُ أنّ الحقَّ واقعاً مع المرحوم المجلسيّ، فهي عباراتٌ لا تُلائم لحن وسياق أدعية الأئمّة، فإنّك إذا قرأتَ الصحيفة السجّادية من أوّلها إلى آخرها [لن تجد مثل هذا التعبير]، وإنني لا أتذكر أني وجدت تعبيراً كهذا: «إلهي طهّرني من شكّي وشِرْكي قبل حلول رَمْسي»، وإنِّني كلما حاولت أن أستذكر في ذهني -وبالطبع لم أتتبع بشكل كامل- لأرى هل ورد في موضعٍ من دعاء أبي حمزة أو الصحيفة السجاديّة أو في أدعية أخرى تعبيرٌ بهذا النحو: «إلهي طهّرني من شكّي وشِرْكي» لم أجد. نعم؛ من الممكن أن يكون تعبيرٌ بهذا النحو: «أعوذ بك من الشكّ والشرك»، ولكن لا يكون هكذا: «إلهي طهّرني من شكّي وشِرْكي قبل حلول رَمْسي».
أو تعبيرٌ آخر: «إلهي حقّقني بحقائق أهل القُرب، واسلك بي مسلك أهل الجذب».
التعبير بـ«أهل الجذب» و«أهل القُرب» من اصطلاحات العُرفاء والصوفيّة، «المقرّبون» قد وردت في القرآن الكريم «والسّابقون السّابقون * أولئك المقرَّبون»(5)، أمّا أهل القُرب فلا.
أو عبارة: «إلهي، علمتُ باختلاف الآثار وتنقُّلاتِ الأطوار أنَّ مُرادك منِّي أن تتعرّفَ إليّ في كل شيءٍ حتى لا أجهلَك في شيءٍ»، هي تعبير لا يتناسب واقعاً مع الإمام المعصوم وسياق الأدعية، ومن هذه الجهة يحصل للمرء ظنٌّ قويٌّ بأنّ ذيل دعاء عرفة ليس من الإمام (عليه السلام).
ولو أرادَ شخصٌ أن يقرأها بعنوان الرّجاء أو بعنوان الاحتمال فلا مانع، ولكننا لا نقدر على القول بأنّ هذا الكلام قد قاله الإمام الحسين (عليه السلام)، ولا سيّما أنّه قد ورد في القسم الأخير من الرواية أنّ الإمام وأهل بيته وأصحابه قد بكوا كثيراً وكرروا قول «يا رب يا ربّ» إلى الغروب، وبعدها قالوا: «آمين»، فانتهى الدّعاء وتوجّهوا إلى المشعر(6).
وقد نقل البعضُ أنّ هناك كتاباً باسم «الحكم العطائية» لأحد العرفاء والصوفيّة من القرن الثامن الهجريّ أو أواخر القرن السّابع، وله مقاماتٌ عرفانيّة باسم «ابن عطاء الاسكندرانيّ» وقال إنّه قد رأى هذه المضامين في ذلك الكتاب(7). وليس بعيداً أنّ تكون قد أضيفت بالتدريج إلى الدعاء لاحقاً وأُوْرِدَت في آخره.

أصل المقالة باللغة الفارسيّة موجود على الموقع الرسميّ للشيخ اللنكرانيّ: اضغط هنا

تم نشر المقالة في مدوّنة وحي القلم (اضغط هنا).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البلد الأمين، ص352-364.
(2) زاد المعاد، ص173-182.
(3) الصحيح أنّه في المجلد الخامس والتسعين.
(4) بحار الأنوار، ج95، ص227.
(5) سورة الواقعة، الآية 10-11.
(6) (قال بشر وبشير: فلم يكن له عليه السلام جهدٌ إلّا قوله: «يا ربّ يا ربّ» بعد هذا الدعاء، وشُغل من حضر ممن كان حوله وشهد ذلك المحضر عن الدعاء لأنفسهم، وأقبلوا على الاستماع له عليه السّلام والتأمين على دعائه، قد اقتصروا على ذلك لأنفسهم، ثم عَلَتْ أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشمس وأفاض عليه السّلام وأفاض النّاسُ معه)، انظر: البلد الأمين، ص363-364.
(7) الحكم العطائية، ص70، بتصحيح: حسن السماحي سويدان.
ضرورة إحياء يوم الغدير

لا يوجد شيء يعطي رؤية واضحة ومتزنة لوجود الإنسان ومسيرته في هذه الحياة كما يفعل الإسلام والقرآن، ولا يوجد ما يعطي الإسلام والقرآن بهاءً ورونقاً وعقلانية كما يفعل التشيع، ولا شيء في التشيع أسمى من أعظم حادثة في تاريخ الإسلام وهو يوم الغدير، ولا جمال في الغدير إلا من جمال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
يوم الغدير هو اليوم الذي يجعلني أعتقد بقوة أنّ دين الإسلام الذي سطع نوره في شبه الجزيرة العربية ليس حالةً عشائريةً، ولا مرحلة طارئة ولَغْويّة، ولا نزوة قبليّة فوضويّة، بل هو دينٌ ذو أبعاد متعالية، ورؤية عالمية لنظم حياة البشرية، وإخراجها من الظلمات إلى النور. وإنّ حذْفَ الغدير من تاريخ الإسلام يعني أن هذا الدين لا يملك رؤية لإدارة مجتمع قَبَلي فضلاً عن إقامة نظام عالمي يهدي إلى الرشد بمعالم التوحيد الإلهي والعدالة العلويّة لإنقاذ الخلق من اضطهاد المستكبرين وجور الظالمين.

وإذا شئنا التثبّت من عظمة هذا اليوم، فلنتأمّل بإنصافٍ فيما صدر عن صاحب هذا اليوم من خطب الحكمة والمعرفة في شتى المجالات، فإنه وإن لم يقف بين الجموع خطيباً إلا في سنوات حكمه القليلة لكنه فاضت عن جنبيه سيول المعارف الإلهية في التوحيد مما يحيّر العقول ويبهت الألباب، حيث لم يسبقه إلى ذلك سابق، ولا أثر عمن سواه شيء يماثله، فهو البحر الخضمّ الذي لا يحيط به أحد من العالمين، ولقد رفد هذه الأمة بمعارف جليلةٍ في شأن التوحيد وحقيقة العبودية وفنون الدعاء والتضرع، وكذلك في معرفة النفس وتهذيبها، والأخلاق والحكمة، وأمر السياسة والحُكم، وغير ذلك مما يعجز العادّون عن إحصائه وسبر أغواره. ومن هنا تزداد يقيناً أن يوم الغدير لم يكن حدثاً شكلياً لملء الفراغ في مرحلة لاحقة، بل هو ارتقاء بهذه الأمة التي لم تكن تعرف القراءة والكتابة إلى ثريّا الحقائق الإلهية بمعيّة ولاية ولي الله الأعظم.

إخواني الأعزاء؛ كلنا نعلم أننا يجب علينا الاستعداد إلى ما بعد ذي الحجة، ولكن علينا أن لا نغفل عن إحياء ذكرى يوم الغدير وأهميته وضرورة بذل أقصى الجهد فيه لتعريف الآخرين به وبإمامنا الذي هو باب مدينة العلم وقطب رحى الإسلام وفخره وزينته وبهاؤه.
2025/07/07 17:42:58
Back to Top
HTML Embed Code: