Telegram Web Link
📜 لوعةٌ وحسرةٌ من قلبِ الشّهيد الثاني (رضي اللهُ عنه) إلى طُلّاب العلمِ.

مما أعتقدهُ بقوّة وإصرار: أنّ طالبَ العلمِ إمّا أنْ يتبحّر في علوم أهل البيت (عليهم السلام) الواصلة إلينا ويعطي النّاس منها، وهذا سبيله عبر الاطّلاع على الكتب المعتبرة التي نقلت أحاديثهم الشّريفة والعمل على الاستئناس بلحنها، ومعرفة دقائقها وأسرارها، واستنباط معارفها، وإنْ لم يفعل فهو حتماً سيعطي النّاس من (كيسه)؛ لأنّ فاقد الشيء لا يعطيه، ولطالما رأينا من يرتقي المنابر، ويخاطب النّاس عبر القنوات الفضائيّة، ويعطي الناس من كيسه الخاصّ مخالفاً بديهيّات وضرورات ما قاله الأئمة (عليهم السلام)، وليس هذا إلا لعلّة الفراغ، وعدم التوجّه الحقيقي للارتواء من معين أهل البيت (عليهم السلام)، وبسبب هذا الفراغ، يضطرّ لملئهِ باختراعات من نفسه.
فالسيرُ الحقيقيّ إلى طريق الفقاهة والتحصيل العلميّ الجادّ لا يمرُّ إلا عبر معرفةِ ما نصّ عليه أئمة الهدى (عليهم السلام)، وإلا فسوف يعيشُ الناس في غربةٍ عنهم، تبعاً لغربة بعض أهل العلم عن منابع المعرفة بكلام أهل البيت (عليهم السلام).

وقد كانت هذه البليّة أصابت بعض أهل العلم والمنتسبين إليه منذ قرونٍ طويلةٍ؛ فبثّت في قلب الشيخ الفقيه الشّهيد الثاني حسرةً وغمّاً، وتأسفاً ولوعةً، على ما وصلَ إليه حالُ بعض هؤلاء، فسطّر هذه الحسرات في بعض رسائله.

يَقولُ العالمُ الفقيه، فخر جبل عامل، الشّهيد الثاني (رضي الله عنه):

«والموجِبُ لهذِهِ الحَيرةِ ونزولِ هذه البليّةِ إنّما هو تقاعُدُهم عن تحصيلِ الحقّ، وفُتورُ عزيمتِهِم، وانحطاطُ نفوسِهِم عن الغيرةِ على صلاحِ الدين وتحصيلِ مداركِ اليقين، حتّى آلَ الحالُ إلى انتقاضِ هذا البِناء، وفَسادِ هذه الطريقةِ السواءِ، واندَرَسَتْ معالمُ هذا الشأنِ بينَ أهل الإيمان، وقَلَّتْ أو عَدِمَتْ كُتبُ الرجالِ والحديثِ التي هي أُصولُ الشريعةِ الغَرّاء، وشرطُ التوصّلِ إلى تلك المرتَبةِ الزهراء، حتّى أنّ الرجلَ من فُضَلاء هذا العصرِ ربما انْقضى زمانُهُ، وفَنِيَ عمرُهُ، ومَضى دهرُهُ، وهو لم يَنْظُرْ في كتابٍ من كُتُبِ الحديثِ مثلِ الكافي والتهذيب والفقيه وغيرها، ولا سعى على تملَّكِهِ مع قدرته عليه، ولا رآه، بل كثيراً ما يكون شيخُه وشيخُ شيخِه بهذه المثابة وعلى هذه الصفة، فلو أرادَ الرجلُ المُسْتَيْقِظُ الآن أنْ يَتَوَصّلَ إلى تحصيل هذه الأُصول لم يَكَدْ يَقْدِرُ عليها، مع الإجماع على أنّ كتابةَ هذه الأُصول ونظائرِها وحفظِها ومقابلتِها وتصحيحِها وضبطِها ونقلِها من الواجبات الكفائيّة لتوقّف الواجب وهو التفقُّهُ عليها، ومِن المعلوم أنّ الواجب الكفائي إذا لم يَقُمْ به أحد، تَوَجّهَ العِقابُ على جميع المكلَّفين، وكان في ذلك كالواجب العيني.
فأينَ القلوبُ المستَيْقِظةُ؟! وأينَ الألبابُ المتَنَبّهةُ؟! وأينَ النفوسُ المتوجّهةُ؟! وأيْنَ الهِمَمُ العالِيةُ؟! لِتَنوحَ على هذه البليّةِ، وتُكْثِرَ العويلَ على هذه الرَّزيّة، التي لا يَلْحَظُها إلا المتّقون، فإِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
ومن هذا التقصيرِ نَشَأ هذا القُصُورُ، ومن هذِهِ الغَفلةِ حَدَثَ هذا الفتورُ، وانْدَرَسَتْ مَعالِمُ الشريعة في سائر الجِهات، وصارتِ الملَّةُ المصطفويّةُ في حَيّز الشتات، وصار الأمرُ كما تَراه، يروي إنسانُ هذا الزمانِ ما لا يَدْري معناه، ولا يَعْرِفُ مَن رَواه على نفسه، فليَبْكِ مَنْ ضاع عُمرُه، وليس له إلا النَّدامةُ والحَسْرةُ).

📚 موسوعة الشّهيد الثاني (الرسائل - رسالة في تقليد الميت)، ج٣، ص ٤٨-٤٩.
صدر حديثاً؛
كتاب «غاية المراد في شرح تجريد الاعتقاد» لشيخنا الأستاذ حسن فواز (حفظه الله تعالى).
صدر حديثاً:
كتاب «الاستبصار في النصّ على الأئمة الأطهار».
تأليف: الشيخ الفقيه المتكلم محمد بن علي الكراجكي.
تحقيق: إبراهيم جواد.
الناشر: دار زين العابدين - قم المقدسة.
العنوان: قم، خيابان معلم، مجتمع ناشران، محل رقم (١٢٥).
نحنُ نعلم أنّ الموتَ قادمٌ لا محالة، ومع ذلك نتغافل عنه بكلّ صلافةٍ وغرور، ولذلك أشيرَ إليه في الرواية بأنّه «يقينٌ أشبه بالشكّ»، حيثُ إنّه في واقع الأمرِ يقينٌ لا يعتريه ريبٌ، ولكن بلحاظ المعاملة مع هذه الحقيقة الراسخة فإننا نتعامل معه كما لو أنّه من المشكوكات التي يُشكّ في وجودها أو حضورها، ومن هنا يتغايرُ العلم عن العمل.
لو أننا نرتّب آثاراً حقيقيّةً على معرفتنا بالموت، فإن كثيراً من التصرفات غير المنطقيّة سوف تزول من سلوكنا، من طمعٍ وجشعٍ وحسدٍ وحرصٍ على الدنيا، وسوف نلتفتُ بمقدارٍ أكبر إلى أهميّة إصلاح الدّار الآخرة قبل الحلول فيها.

النّاس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا.
💡حضور أئمة الهدى (ع) في الحياة العلمية والعملية

البراعةُ في العلوم الآلية أمرٌ مغايرٌ للعلاقة الروحيّة مع أهل البيت (عليهم السلام) ورواياتهم، ومهما كان المتعلّم أو العالم بارعاً في العلوم الآلية عليه أن لا يغفل عن مسألة ارتباطه المعنويّ بأهل البيت عليهم السلام وبكلامهم النورانيّ، وإلا فسوف تميل به نفسه يميناً ويساراً ولو في حينٍ من الأحيان. جرى كلام مع أحد الإخوة الأصدقاء في هذا الموضوع قبل أيامٍ، ثم عرضتُ له شاهداً من كتب أحد أهل العلم المشهود لهم، حيث إنه صنّف كتاباً ذكر فيه شيئاً من العبادات والأذكار المجرّبة، ثم خصّصَ فصلاً لقراءة شعر أحد مشايخ الصوفيّة - [واسمه: أبو سعيد أبو الخير] - بنيّة قضاء الحوائج، فتقرأ هذا البيت سبع مرات بنية الشفاء من المرض، وتقرأ البيت الفلاني كذا مرة لغرض آخر، .. وهكذا، مع أنّه قد ورد في رواياتنا عن الأئمة (عليهم السلام) قراءة سورة الفاتحة سبع مرات بنية شفاء المريض، وقد نُقل عنهم لعموم الحاجات ما يغني عن اللجوء لمثل هذه الترهات السخيفة، وأيّ عاقل يعدل عن قراءة القرآن أو ذكر الله إلى قراءة شعرٍ بنيّة الشفاء أو قضاء الحاجة؟!
نعم؛ بالتفاتنا دوماً إلى حضور أئمتنا عليهم السلام في حياتنا العلميّة والعمليّة سوف نقدر على تجاوز كثيرٍ من حجب الغفلة، نسأل الله أن يبصّرنا بنورهم في الدنيا والآخرة.

• ليس هناك من فائدةٍ في ذكر اسم الكتاب أو مؤلّفه، بل لعله خلاف الحكمة ونقض للغرض، ولكني أشرتُ إلى هذه المسألة لا للحطّ من مقام أحدٍ، بل للعظة والاعتبار والانتباه من الانجرار خلف كل ما يطرق السّمع، وللتحذير من الجري على كل ما نشأ عليه المرء واعتاده، فربما كان مخالفاً لطريقة الأئمة الهادين صلوات الله عليهم، والمثال المذكور للتنبيه وتقريب الصورة للواقع، وإلا فعلينا الالتفات لأساس الفكرة بعمومها، وهي أن نعزّز علاقتنا مع أئمتنا عليهم السلام وحديثهم، وأن لا نعدل بهم أحداً، ولا بقولهم قول أحد.
ينبغي الإشادة بهذه السنّة الطيّبة.

أُعلن اليوم عن كسر ختم آية الله العظمى السيد المرحوم محمد الشاهروديّ بحضور ابنه وجملة من أهل العلم، للدلالة على التوقف عن استلام الحقوق الشرعيّة وانتهاء عمل الوكلاء، وهذه السنة معمول بها من قبل، حيث كان آخرها عند وفاة السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي (قدس سره) إذ تمّت مراسم كسر الختم بحضور الشيخ جعفر السبحاني (دام ظلّه)، ومن قبل أشرنا إلى تطبيق ذلك ليلة وفاة السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه.

إنهاء نظام الوراثة يسدّ الباب أمام الورثة غير المحصّلين، الذين يتكؤون في صناعة تاريخهم على مجد الآباء والأجداد، وبهذا الإنهاء يصبح للعلم قيمته، ويكون هو المعيار المثاليّ لتقييم أيّ شخصيّة دينيّة. كما أنّه يمنعُ من تسنّم الجهلة المناصبَ الحسّاسة في أوساط المجتمع، وإن كان قد ابتلي الشيعة بمثل هذا الأمر ولا زالوا يعانون منه، فلا ينبغي تكرار ذلك.
إذا أصبحت هذه السنّة شائعة ذائعة، فنحنُ في طريقنا إلى تحرير المجتمع من التبعيّة للجهال المستندين إلى تاريخ الأسلاف، وسوف نخطو خطواتٍ أكبر نحو تدمير الأرستقراطيّة الدينيّة التي تعتاشُ عليها بعض الجهات.
💡الحكمة الحقيقيّة

من أعظم مظاهر التحلّي بروح الحكمة أن يرى الإنسان حاجته إلى التدبر في عاقبة أعماله؛ لئلا يخرج عن مسار الحكمة في حياته، وهذا أساس من أسس نظم الأمر الذي أوصى به سيّد الحكماء أمير المؤمنين عليه السلام، كما أنه من مقتضيات النظر العقلائيّ في تدبير الشؤون، ولا يخفى أن إهمال التأمل في عواقب الأعمال ونتائجها مفوِّتٌ للخير في حياة الإنسان وآخرته.
وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن رجلاً أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا رسول الله، أوصني.
فقال له: «فهل أنت مستوصٍ إن أنا أوصيتك؟»، حتى قال له ذلك ثلاثاً، وفي كلها يقول الرجل: نعم يا رسول الله.
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): «فإني أوصيك إذا أنت هممتَ بأمرٍ فتدبّر عاقبته، فإنْ يكُ رشداً فأمضه وإنْ يكُ غيّاً فانتهِ عنه».
💡عبادةُ الشيخ العجوز..

ونحن في أوج الشباب، علينا أن لا يستحوذَ علينا الكسل، ولا يستبدّ بأوقاتنا وأحوالنا الضجر، وقد كان الأعاظم في جهاد عظيم رغم الولوج في عالم الشيخوخة والهرم، .. نسأل الله أن نُرزَق مثل همتهم وروحيتهم الشامخة.
من مقطع للشيخ جعفر ناصري - حفظه الله - أترجمُ هذه الحكاية عن والده، قال:
«قال والدي - حفظه الله تعالى -: في أيّام الشباب، ذهبتُ إلى مسجد الكوفة، وكان الهواءُ حارّاً، أدّيتُ عدة ركعات، وفي تلك الأثناء لاقيتُ شيخاً عجوزاً، رأيتُ أنه وضع عمامته على يده، ومنديلاً مُبلّلاً على رأسه، وكان يصلي في كل مقام.
جعلتُ أنظر إليه لمدة من الوقت، وتعجّبتُ من نشاط هذا العجوز في العبادة والارتباط بالله تعالى.
سألتُ: من هذا؟
فقيل لي: «هذا الحاج آقا بزرگ الطهراني».
🇮🇷روحُ الله في «خليج فارس»..

نسمعُ أحياناً من يقول إنّ هذه الوقفةَ في وجهِ قوى الاستكبار ليست أمراً ممكناً بلحاظ القدرات الماديّة (لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ)، فأمريكا هي أقوى دولةٍ في العالم، وحلفاؤها من أقوى الدول، وهم يتوهمون الضعف أمامهم؛ لأنّهم فاقدون للإحساس بيد القدرة الإلهيّة التي تنصرُ المجاهدين الذين حملوا أداء التكليف على عاتقهم. إنّنا نواجه الصعوبات حقّاً، ولكنّ اليد الغيبية حاضرة، وتمسحُ على الرؤوس لتُشعرهم بالمعيّة الإلهيّة (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، وكما أنني أؤمنُ بأنّ الله لا يرفعُ كافّة العقبات أمامنا لأن في ذلك انتفاء التكليف الذي نُمتحن به، أؤمن أيضاً بالكرامة، وخيط النور الذي ينفذُ في قلب الظلام والمشقّة ليأخذ بالقلوب نحو وليّ الله الأعظم صلوات الله عليه. أؤمن أنّ هذه الثورة مظهرٌ من مظاهر القدرة الإلهية لتأديب الطاغوت وردعه، وما يجري - هذه الأيام - في خليج فارس هو جزءٌ من سلسلة الانتصارات والكرامات الباهرة التي انهمرت على يد السيّد الإمام الخميني رضوان الله عليه، ومن باب التذكير ببعض البطولات والكرامات التي شهدها الخليج في زمن الحرب بين حزب البعث والجمهورية الإسلاميّة، أحببتُ أن أترجمَ هذه القصّة عن آية الله الشيخ مبشّر كاشاني (أحد أساتذة بحث الخارج في قم، ومن أهم تلامذة السيد شهاب الدين المرعشي النجفيّ، وهو أحد العلماء الذين شاركوا في مواجهة نظام الشاه) وقد نقلها عن بعض مهندسي الحرس الثوريّ العاملين في القوّة البحريّة في خليج فارس.

قال سماحة الشيخ مبشر كاشاني (حفظه الله):
(تقريباً، في فترة عمليّات «مرصاد»، جاءني أحد أفراد الحرس المتديّنين «السيّد نجفيّ»، وقد كان من مريدي آية الله بهاءالدينيّ، وقد طلب منّي أن ألقي خطاباً في قاعدة «رمضان» في كرمانشاه للإخوة الحرس والجنود، وقد قبلتُ ذلك، فأخذوني إلى هناك. وفي كل ليلةٍ، بعد الصلاة والخطاب كنا نذهب مع مسؤولي تلك القاعدة إلى مكانٍ ما للاستراحة، وبعد العشاء كنتُ أقوم بالإجابة على أسئلتهم المعرفيّة.
في إحدى اللياليّ، نقل لي بعض الأشخاص من مهندسي الحرس الثوريّ حكايةً تحكي عن عظمة وكرامة شخصيتين علميتين وروحيّتين: السيد الإمام الخميني رحمه الله، وآية الله السيد المرعشيّ النجفيّ رحمه الله، وحيثُ إنّ هذا الأمر قد مضى عليه ثلاثون عاماً فإنني لن أورد بعض الجزئيات، ولكن بنحو الإجمال أذكر القصة بهذا النحو:
تعرّضت إحدى آبار النفط في خليج فارس لمشكلةٍ ما، وقد سبب خروج النفط تلوّثاً وعوارض أخرى، ولأجل ذلك طلبت الحكومة الإيرانية من بعض الدول الأوروبيّة المساعدةَ لإصلاح بئر النفط، ولكن استجابهم كانت مقرونةً بالابتزاز، فرفضت الجمهورية الإسلاميّة ذلك. ومن جهةٍ أخرى، كان البعض داخل البلاد يقول إنّ حلّ هذه المشكلة وإصلاح بئر النفط بلحاظ الأمور الفنيّة والإمكانات المتوفرة أمرٌ ليس بمقدور القوى الداخليّة. في النهاية، مع إصرار مهندسي الحرس الثوريّ تم تفويض الأمر إلينا، وحيثُ إنّ هذا المشروع قد استغرق أكثر من شهرٍ فقد كان محفوفاً بالأخطار. جئنا إلى «قم»، وتشرّفنا بمحضر آية الله السيّد المرعشيّ النجفيّ، وقد نقلنا إليه تفاصيل القضيّة، وقلنا له إنّنا نواجه خطريْن في المسألة: الأول أنّنا في معرض الانكشاف من قبل قوى العدوّ، ومن الممكن قبل أن ينتهي العمل أن نتعرّض لغاراتٍ من القوات الجويّة العراقيّة، والثاني: أنّ الغوّاصين لا بد أن يغوصوا إلى مدىً عميق، ومن الممكن بسبب ضغط الماء أن يتعرّضوا للأذى، وأنهم مهددون بتقطع أوصال البدن خلال الرجوع إلى سطح الماء، فأمر السيد المرعشيّ النجفيّ أن تهيّأ خواتم بعدد الغوّاصين، وأن تُنقش على الخواتم آية قرآنية حدّدها السيد، وأمر أيضاً أن تُوضع الآية (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) في مقدمة ومؤخرة السفينة بمعيّة ذكر الصلاة على محمدٍ وآل محمدٍ، وقد عملنا بما أمرَنا به، وخلال مدّة العمل بالمشروع كنا آمنين وقد رأينا الألطاف الإلهية الخفيّة والجليّة، مثلاً: كان في تلك المنطقة بعوضٌ يلسعُ ويقضّ المضجع وأحياناً ينقل الأمراض، ولكن بفضل الله أتت بعض الطيور التي كان غذاؤها هذا البعوض، وقد قضت عليه.
والخلاصة: بمدد الألطاف الإلهيّة وُفّقنا لإصلاح بئر النفط، ولم يصبنا خطرٌ، ولكن في آخر مراحل العمل تعرّض أحد المهندسين - وكان قد نسي أن يلبس الخاتم - خلال صعوده إلى سطح الماء إلى حادثةٍ بسبب اجتيازه للسرعة المقررة خلال الصعود، وقد تعرّضت عينه لضررٍ شديدٍ بسبب ضغط الماء، حيث أصيبت زاوية عينه بجروحٍ مزّقتها، وقد قال الأطباء المتخصصون في طهران إنه لا بد أنّ يقوم بعمليّة جراحية خارج البلاد، ولذلك أجريت التنسيقات لإرساله إلى إحدى الدول.

[يتبع]..
[تتمة]

وقد صادف وقتُ رحلته موعد لقاء السيد الإمام الخميني (رحمه الله) مع مهندسي المشروع، ولذلك السبب قام المهندس الجريح بإلغاء رحلته، وقال: (إنّني لستُ حاضراً لتفويت سعادةٍ كهذه)، حضر جميع المهندسين عند السيد الإمام، وقد كان سعيداً لنجاحهم في العمل، وشكر جهود الجميع. خلال توديع الإمام قلنا له إنّ هذا الأخ الذي ضمّدت عينه له قصّة، وهي أنّه قد نسي الخاتم الذي هُيّئ بأمرٍ من السيد المرعشي النجفي، وقد تعرّضت عينه لضرر شديد، ولا بُدّ أن يذهب خارج البلاد لإجراء عمليّة جراحيّة. وضع السيد الإمام يده المباركة على عينه، وقرأ جملة من الأدعية والأذكار، ثم قال: (إن شاء الله ستصبح جيّدة)، وفي اليوم التالي أخذنا [المهندس الجريح] إلى طبيبه المُعالج، وفتح الضمادة التي كانت على عينه، وعاينه، فتعجّب، وقال: (لا أعلم ما الذي حصل، ولكنّه ليس بحاجةٍ إلى عملية جراحية ولا إلى الذهاب خارج البلاد)، فحكينا له قصّة اللقاء بالسيد الإمام، والحمد لله أصبحت عينه بتمام العافية، وقد رأينا هذه الكرامة من السيد الإمام بأعيننا).

📚المصدر: سرّ دلبران [خاطرات عرفانى آيت الله مبشر كاشاني]، ص٩٣-٩٦، جمع وإعداد: وحيد مبشّر كاشاني.
📝ترجمة: إبراهيم جواد.
الحكمة ودورها في تعيين السلوك الأخلاقي

لا شكّ أنّ الإنسان المتديّن يرسمُ مسيره وسياسته العمليّة في أوساط المجتمع وفقاً للخطوط التي ترسمها الشريعة الإسلاميّة، والشريعة قدّمت مسلكها عبر النصوص الدينيّة الشريفة الواردة في القرآن الكريم وحديث أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا المقدار المُقدّم يغطّي نسبةً كبيرة للمساهمة في وضوح الرؤية في العمل، ولكنّ ذلك الأمر يحتاجُ إلى مؤهّلات أخرى يمتلكها المكلّف، ومن أهمّها اتّصافه بالعقل والحكمة وحُسن التدبير والسياسة، وهذا يعني أنّ التعامل مع النصوص الدينيّة فقط غير كافٍ لصنع سياسةٍ حكيمة ومتقنة لإدارة الأمور العمليّة في الواقع، فإذا كان لدينا شخصٌ لا يُحسن التدبير فسوف يعمل بما يراه أمامه، وربما تودي به سذاجته إلى تفويت المصالح المرتقبة، وربما أدّت إلى أضرارٍ أخرى، وذلك لأنّ النصوص حافلةٌ بمعايير متفاوتة في الشأن الواحد، وربما ظنّ كثيرٌ من الناس أنّ هذا اللون من التعامل هو المتعيّن مطلقاً، ولا طريق سواه.
وهذا النوع من التحجّر في فهم نصوص الشريعة قد خلقَ حالةً من الجمودِ عند بعض الشباب المتديّن، ولقد رأينا من له وَلَعٌ بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ولكنّه أضرّ بنفسه لانعدام بصيرته وقلّة درايته ورداءة سليقته في تذوّق النصوص، وعدم قدرته على فهم جهة كلّ نصّ، وما الذي يمثّل أصلاً، وما الذي يمثّل استثناءً، وهو بهذا المقدار من الجهل يظنّ أنّه يحسن صنعاً، فقد انجرّ بعضهم للتطاول على الفقهاء، وإساءة توظيف النصوص الشريفة، فكانوا كشاربي العسل والسّم، حيث نظروا إلى الروايات الشريفة وضمّوا إليها سموم جهلهم.

ولكي يتّضح المراد مما تقدّم ينبغي أن نذكر أمثلة تطبيقيّة لذلك، ومنها:
1. التعامل مع الفُسّاق والعُصاة: فقد وردت نصوصٌ في معاملتهم بنحوٍ قاسٍ من قبيل لقائهم باكفهرار الوجه والإعراض عنهم وعدم مجالستهم، ولكنّ هذا الأمر ليس على إطلاقه، فربما كان في ذلك تنفيراً لبعضهم عن التّوبة، وربما كان في الامتناع عن مجالستهم تفويتاً لفرصة تغييرهم، ومن هنا فإنّ الأمر بحاجةٍ إلى مُتمّمٍ وهو حكمة المكلّف وحسن تقديره للأمور، فربما كانت الحاجة إلى تقريعهم بقسوة متعيّنة، وربما كانت الحاجة إلى التصرف معهم بلينٍ هو الأنسب، وهذا الأمر لا توفّره النصوص بقدر ما يوفّره حسنُ تقدير المتفقّه في الدين العارف بأصول الحكمة والتدبير.
2. صلة الرّحم: فإنّها من أوكد المستحبات، ولكنّها في بعض الموارد قد تكون محلاً للنظر إذا لزم منها الضرر، فيكون الانصراف عنها لازماً، بل قد يكون قطع الرّحم من البرّ والصلة، ولكن ربما لو قطع الإنسان صلته ببعض أرحامه ظنّ به الآخرون سوءاً وأنّه متديّن متناقض يحثّ على صلة الرحم ولكنها يقطعها، ومن الأمثلة لذلك ما رواه الصّدوق بسندٍ صحيح عن [عمر] بن يزيد، قال: كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فذكر محمد بن جعفر بن محمد، فقال: «إنّي جعلت علي نفسي أن لا يظلني وإياه سقف بيت»، فقلت في نفسي: «هذا يأمرنا بالبر والصلة ويقول هذا لعمّه»، فنظر إلي فقال: «هذا من البر والصلة، إنه متى يأتيني ويدخل علي فيقول فيَّ يصدّقُه الناس، وإذا لم يدخل عليّ ولم أدخل عليه لم يُقبَل قوله إذا قال».
3. مجال الدّعوة إلى الله: فإنّها تتفاوت أساليبها بحسب ظروف الحالة المُقابلة، فتارةً تكون بالحُسنى كما أوصى الله تعالى نبيّيه موسى وهارون (عليهما السلام) في دعوة فرعون: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، وتارةً بالشدّة والعنت كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)، فمع أنّ فرعون كان كافراً، لم يأمر الله بالغلظة عليه، بل طلب الحديث معه بالقولِ الليّن، بينما في حالةٍ أخرى يطلب الله من نبيّه (صلى الله عليه وآله) أن يغلظ على أهل الكفر والنفاق، وهذا ليس من التناقض أو التعارض بين النصوص - والعياذ بالله -، فهذا التفاوت ليس ناشئاً عن تناقض القائل، بل عن اختلاف الحيثيّة الحاضرة في كل موردٍ، وتقدير الفعل المناسب في كلّ مسألة، ومنها لا تكون الشدّة متعيّنة في التعامل مع الكافر أو المنافق، فلكلّ حالةٍ ولكل صنفٍ تقديرٌ مناسب بحسب ما ورد في النصوص وتساعد حكمة المكلّف على اقتناص ذلك منها، مضافاً إلى قدرته على حسن التدبير بحكمة وعقلانيّة.
4. التعامل مع أهل الضلال: وكذلك نجدُ في النصوص، وفي تاريخ الأئمّة تفاوتاً في المسألة، فتارة نجدُ حثّاً على مداراتهم والتقيّة معهم، وتارةً نجدُ حثّاً على مواجهتهم بقسوة، وتارةً بمجادلتهم بالتي هي أحسن، وقد طُبّق هذا أيضاً في سيرة الأئمة حيث كانت مواجهة الشيعة للواقفة في زمن الإمام الرضا (عليه السلام) في غاية القسوة والشدّة، بينما لم يصدر من الشيعة أو الإمام الكاظم (عليه السلام) أيّ موقف حادّ تجاه الفطحيّة الذين ضلّوا وقالوا بإمامة عبد الله الأفطح، وهذا التفاوت ليس ناشئاً عن تناقضٍ، ..

[يتبع]..
بل كان لكل حالةٍ ظروفها الخاصة، ومن هنا فإنّ أحد الأسلوبين لا يتعيّن دائماً، بل المتعيّن هو ما يناسب ظروف الحالة الحاضرة.
وهكذا في أمور كثيرة نجدُ في سيرة الأئمة (عليهم السلام) لها نظائر متقابلة، فتارة يتصرفون بهذا النحو، وتارة أخرى بنحوٍ آخر، وهذا التغيّر في السلوك ناشئ من تحكيم العقل وحسن التدبير والإلمام بدقائق ظروف الواقع، وإلّا فإنّ السياسة الواحدة لا تثمر في كل وقت وزمان.
إنّ غالبَ البسطاء يفكّرون بأسلوب (اللون الواحد)، ولذلك نرى أنّ بعض الناس قد استنكروا على الإمام الحسن (عليه السلام) صلحه مع معاوية، وقد قاتله أبوه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبعضهم لا زال إلى اليوم يطرح شبهة التناقض بين سياستي الإمام المجتبى وسيد الشهداء (عليهما السلام) من باب أنّ أولهما صالح بني أمية وثانيهما قد قاتلهم، مع جهلهم أو تجاهلهم لظروف الواقع وما تفرضه من تدبير خاصّ لكل مرحلة، وهكذا لا زال الحال، فإذا انتهجَ شخصٌ مسلكاً في موردٍ ما خلاف المتوقّع - وقد جوّزت له الشريعة ذلك في موارد - ظنّوا به الخروج عن جادّة الشريعة، واللطيف في الأمر أنّ هذا من (سوء الظنّ) الذي نُهوا عنه، ولكنهم يستثنون أنفسهم من ذلك ويستسيغون بذلكَ الطّعن والبهتان.

وبكل صدق أقول: للأسف، لا تزال معرفة البعض بالأحكام الأخلاقيّة في مستوى وعظيّات المنابر، فإنّها ترى العفو - مثلاً - متعيّناً بنسبة (100%)، ولا شكّ في أنّ العفوَ خصلة أخلاقيّة حسنة، إلّا أنّها لا تتعيّن مطلقاً، وهكذا بالنسبة إلى سائر المفردات الأخلاقيّة، التي وإن كانت أصلاً أصيلاً في السلوك الأخلاقيّ إلا أنها قد تزول في موارد استثنائيّة، ولهذا ربما إن لم يعفُ أحدٌ ما اتّهموه بالانحراف عن جادّة الأخلاق الإسلاميّة، بعد غيبوبتهم عن تلك النكات المهمة في هذا الباب.
وهكذا بالنسبة لردّ مقولات الباطل؛ فقد نرى عالماً يستعمل الأسلوب الهادئ كما هو الحال عند جملة من أهل العلم وهم في ذلك مصيبون موفّقون، وتارةً نجدُ فقيهاً كبيراً كالإمام الخمينيّ (رضوان الله عليه) يستعملُ أسلوباً قاسياً في ردّ شبهات الباطل كما فعل في ردّ شبهات الوهابيّة التي روّج لها بعض المنحرفين في زمانه، ويمكن استطلاع ذلك عن قربٍ في كتابه «كشف الأسرار»، وليس هذا من التناقض أبداً، وإنّما تقديرُ الفقيه وحسن تدبيره هو الذي يضبط معايير التصرّف في كل حالةٍ بحسبها.

ومن هنا: ينكشف أنّ مجرّد استعمال أسلوبٍ في موردٍ وأسلوب مغايرٍ في آخر لا يعني أنّ المكلّف قد خرج عن مذاق الشريعة في التصرّف مع قضايا واقعه، وجلّ الاستنكار الواقع على مثل تلك الحالات ناشئ عن عدم القدرة على توجيه النصوص الشرعيّة ووضع كلّ قسم منها في موضعه وإعطائه حجمه المناسب ومدى نسبة حضوره في السّلوك العام.
الذِّكر في سيرة الإمام الباقر (عليه السلام)

تمثّل حياة الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) درساً من أعظم الدروس العمليّة في السير إلى الله، ونبراساً يستضيء به السالكون إلى الحقّ،.. ومن أهم مميزات عبادته أنه كان كثير الذكر، لا ينقطع قلبه ولسانه عن اللهج بذكر الحق تعالىٰ، فقد روي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «كَانَ أَبِي كَثِيرَ الذِّكْرِ، لَقَدْ كُنْتُ أَمْشِي مَعَهُ وَإنَّهُ لَيَذْكُرُ اللَّهَ، وَآكُلُ مَعَهُ الطَّعَامَ وَإنَّهُ لَيَذْكُرُ اللَّهَ، وَلَقَدْ كَانَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ وَمَا يَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَكُنْتُ أَرَى لِسَانَهُ لَازِقاً بِحَنَكِهِ يَقُولُ: [لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ]، وَكَانَ يَجْمَعُنَا فَيَأْمُرُنَا بِالذِّكْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ».

وفي الحديث بيانٌ لجملةٍ من الوصايا العملية النافعة:

• ضرورة المواظبة على الذكر اللساني، فهو وإن لم يكن العمدة في التهذيب وارتقاء الروح، لكنه من أقوى العوامل على نفي الخواطر وتصفية النفس، والتأكيد هنا على نفس الذكر بقيد المواظبة، فإن الذكر الذي تشوبه الغفلة والسهو والانقطاع لا يساعد على تحصيل المقصود، بل ربما له آثار سلبية كما ذُكر عن أهل المعرفة، أما المواظبة مع الالتفات وحضور النفس فهذا مما يوجب بروز تجليّات الرحمة ولمسها.

• أهمية التواصي بعقد مجالس الذِّكر، فهي من مَحال نزول الرحمة والألطاف الإلٰهيّة، ومواطنِ التذكير بعظمة الحق - تبارك وتعالى -، وهذه خيرٌ من كثيرٍ من مجالس البطّالين واللهو والغفلة، وقد كانت سيرة العُبّاد من أهل العلم على هذا النسق، حيث كان التواصي بمثل هذه الرياض الإلٰهيّة مستمراً، وكانت هذه الأعمال سبباً عظيماً من أسباب التوفيق لخدمة الدين والعِباد.

• لا شك أنّ نهج الإمام (عليه السلام) في الذكر يعتمد على تعدد أنواعه، إلا أنّ الإشارة إلى الذكر التوحيديّ يوحي بوجود خصوصيات عظيمة تكمن فيه، وتكشف عن عظمته، وضرورة الاهتمام به والاعتماد عليه في طيّ المراحل، فهو ذروة المعاني، وغاية بعثة الأنبياء والأوصياء، وعليه مدار المعارف الإلهية المكتنزة في أحاديثهم الشريفة، فهو مما يساعد على نفي العوارض الشيطانيّة في القلب، وترقية النفس إلى كشف أسرار التوحيد، وغيرهما من الآثار العظيمة فيما لو أُتي به على وجهه وكما ينبغي بحقّه، ولو لم يرد فيه إلا ما روي في هذه الرواية لكفىٰ، فقد جاء في صحيحة هشام بن سالم وأبي أيوب عن الصادق (عليه السلام): «من قال: [لا إله إلّا الله] مائة مرّة كان أفضل الناس ذلك اليوم عملاً إلّا من زاد»، وبهذه الأخبار ومثلها تتضح أهميّة هذا العمل، وسرّ اهتمام الإمام الباقر (عليه السلام) به.

هذا كله فيما يخص الذكر اللساني، أما الذكر القلبي فهو عين الجهاد الأكبر، ولا يتمّ إلا بالوفاء بالمشارطة والمراقبة والمحاسبة، وفي سيرة أئمتنا (عليهم السلام) وأحاديثهم تفاصيل عظيمة في هذا الباب، يعرفها من أدمن مراجعة أحاديثهم الشريفة، وفي أبواب «جهاد النفس» من كتاب «وسائل الشيعة» للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (رحمه الله) كفاية وغنى، لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد.

إن هذه الدروس تلقي مهاماً على عاتق ذوي البصائر من شيعة الباقر صلوات الله عليه، فليحتذوا وليقتدوا، وهذه الأيّام هي أيام التوحيد واللّهج بأذكاره كما في المرويّ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في تهليله المعروف «لا إله إلا الله عدد الليالي والدهور..»، فلتكن فرصةً مغتنمةً، نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا للتمسك بولاية آل محمد عليهم السلام والاقتداء بسيرتهم والاهتداء بهديهم، إنه سميع مجيب.

عظم الله لكم الأجر بذكرى شهادة الإمام الباقر صلوات الله عليه، ولا سيّما مَنْ وفى حقّه بالإحياء، ولم يشب الولاء بالجفاء.
🏴 «وَثَبِّت لي قَدَمَ صِدقٍ عِندَكَ مَعَ الحُسَينِ..»

يبقىٰ الإيمان في القلب معرّضاً لخطر الزوال أو الضعف، والإيمان الزائل هو ما عبّرت عنه روايات أهل البيت (عليهم السلام) بالإيمان «المستودَع»، وهذا النوع يمكثُ في القلب لبعض العلل الآنيّة، وسرعان ما يزول، وهنا ينبغي للمرء أن يحذر بخوفٍ شديدٍ، ويفزع إلى تحسس قلبه دوماً، ويحاول أن يتفحّص مدى استحكام الإيمان في نفسه، فإنّ البحث عن موهنات الإيمان وآفاته يقي من الوقوع في شِراك الشيطان وحبائله، فلعلّ أحدنا يعبدُ الله على حرفٍ، ومثل هذه العبادة تنتهي إلى الخسران المبين.
ومما لا ريب فيه أن طريق النجاة من زلّات الأقدام والثبات على صراط الحقّ منحصرٌ بولاية سيد الشهداء (عليه السلام)، فإن البشرى بقدم الصدق عند الله تبارك وتعالى خاصة لأهل الإيمان، «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ»، وأي إيمان يمكن أن يتحقق بدون معرفة سيد الشهداء عليه السلام ؟! إن قدم الصدق هي ثمرة الإيمان بالله تعالى ومعرفة سيد الشهداء عليه السلام، وبدون حصول هذه المعرفة بقوّةٍ لن ينال العبد إيماناً راسخاً، ولن تثبت قدمه حيث تزل الأقدام، وحينها ربما ينسلخ عن إيمانه المستودع، وينخرط في صفوف أولياء الشيطان وجنده، نسأل الله أن يرزقنا العافية في الدين، ويختمَ لنا بحسن العاقبة، ويجعلَ الإيمان به ومعرفة حجته (صلوات الله عليه) إيماناً مستقراً لا مستودعاً، إنه ولي الإحسان.
ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الغدير

📜 روى الشيخ الكليني في (الكافي) بسند صحيح :
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذَيْنَةَ، عن زرارة والفُضَيْلِ بن يَسَار وبُكَيْرِ بن أعيَن ومحمد بن مسلم وبُرَيْدِ بن معاوية وأبي الجارود جميعاً:
عن أبي جعفرٍ عليه السلام، قال: "أَمَرَ اللهُ - عزَّ وجلَّ - رسولَهُ بِولايةِ عليٍّ، وَأَنْزَلَ عليه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) وَفَرَضَ ولايةَ أُولِي الأَمْرِ، فَلَمْ يَدرُوا ما هِيَ؟ فَأَمَرَ اللهُ محمَّداً صلى الله عليه وآله أنْ يُفَسِّرَ لَهُمُ الولايةَ كما فَسَّرَ لَهُمُ الصَّلاةَ والزَّكاةَ والصَّوْمَ والحَجَّ، فَلَمَّا أتاهُ ذلك مِنَ اللهِ، ضاقَ بذلك صَدْرُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، وَتَخَوَّفَ أنْ يَرتَدُّوا عن دِينِهِمْ وأنْ يُكَذِّبُوهُ، فَضَاقَ صَدْرُهُ، وَرَاجَعَ رَبَّهُ عزَّ وجلَّ، فَأَوْحَى اللهُ - عزَّ وجلَّ - إليه: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فَصَدَعَ بِأَمْرِ اللهِ - تعالى ذِكْرُهُ - فَقَامَ بِولايةِ عليٍّ عليه السلام يوم غَدِيرِ خُمٍّ، فَنَادَى: الصَّلاة جَامِعَة، وَأَمَرَ النَّاسَ أنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الغَائِبَ".
💎 قال عمر بن أُذَيْنَةَ: قالوا جميعاً غير أبي الجارود: وقال أبو جعفرٍ عليه السلام: "وكانتِ الفريضةُ تَنْزِلُ بعد الفريضة الأخرى، وكانتِ الولايةُ آخِرَ الفرائض، فَأَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)".
💎 قال أبو جعفرٍ عليه السلام: "يَقُولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: لا أُنْزِلُ عليكم بعد هذه فريضةً، قد أَكْمَلْتُ لكم الفرائض".

📚 الكافي للكليني ج٢ ص١٢-١٤، كتاب الحُجَّة، باب ما نَصَّ اللهُ عزَّ وجلَّ ورسوله على الأئمة عليهم السلام واحداً فواحداً، رقم الحديث ٤.
💡حديث الغدير وآفات التأويل

إنّ النصّ النبوي الذي قاله على رؤوس الأشهاد في غدير خم واضح الدلالة بما في ذلك المقام والمقال من قرائن موضّحة للمراد، بحيث إنّ الحاضر في تلك اللحظة يفهمُ المراد من كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله) بالبداهة، ولولا العناد المذهبيّ والتعصّب المقيت لكانت هذه العبارة خالية من العقبات المذهبيّة التي حاولت التشويش عليها، ولعرف المسلمون تكليفهم تجاه أمير المؤمنين (عليه السلام).

مما أذكره من حوارٍ حصل مع أحد السلفيّة، وقد طُرحت جملة من النصوص النبويّة في حقّ استخلاف أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجاب بجملةٍ من التأويلات المجافية للبرهان والإنصاف، حيث لم يبقِ نصّاً إلا وقام بتأوّله بطريقة عجيبة، فقلبَ المحاور السّؤال عليه، وقال له: لو أراد النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّ ينصّ على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وأن يجعله خليفةً للمسلمين، ماذا تتوقع أن تكون العبارة التي يستعملها؟ ومثل هذا السؤال على ضوء طريقتهم في تأويل النصوص يمثّل إحراجاً عظيماً لهم؛ لأنّه لن يبقى نصٌّ إلا وتعرّض للتأويل، ولذلك أذعن ذلك الشخص في النهاية وأقرّ بأنّ اللغة العربية لا تساعد على إيجاد مثل هذه العبارة، فأوقع نفسه في إحراجٍ أعظم من سابقه.

أسعد الله أيامكم بذكرى عيد الغدير المبارك؛ أسأل الله تبارك وتعالى بحق محمد وآل محمد أن يجعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، الثابتين على نهجه، وأن يحسن عاقبتنا بالموت على ولايته ومحبّته وطاعته.
إحياء الغدير في مدينة الكوفة

تُعدّ «حادثة الغدير» بما تكتنز من دلالاتٍ من المراحل المفصليّة في إيضاح ملامح النظام السياسيّ والدينيّ في الإسلام، ولذلك كان بقاء حضورها في أوساط المسلمين حصانةً لعقيدة المجتمع ومعرفته بحقيقة النظام الإسلاميّ والنظام القرشي البديل، ووقايةً من تزييف الوعي مع تعاقب الأجيال، وهذا الأمر كان يستدعي بذل المزيد من الجهد لبقاء الحادثة حيّة في ذاكرة المسلمين عبر التاريخ.
إلى حدّ ما، كان لحضور الجمع الكبير مساهمة في نشر الحديث المتعلّق بالواقعة، ولكن مع مرور الأجيال، وتفرّق الجمع، واختلاف الاهتمامات، كان لهذه العوامل وغيرها دور في تقليل الاهتمام بنشره، إلى حدّ غياب الواقعة عن جملة من الصحابة وغيرهم.
ومع ما رُوي عن النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم الحادثة: (فليبلّغ الشاهد الغائب)، وبملاحظة كمّ الناقلين يُعلم أنّ المجتمع الإسلامي قد قصّر في حقّ عليّ (عليه السلام)، ولذلك أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) على عاتقه إشعال جذوة البصيرة في المجتمع الإسلامي، فبثّ الحديث في مناشداته في المدينة المنورة والبصرة والكوفة ومناطق أخرى، إلّا أنّ حظّ الكوفة المشرّفة من الغدير كان أكثر من حظّ سائر الأمصار، حيث تكرّر إلقاء الحديث على مسامعهم مراراً، وفي جموع تعمّد أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يحشد لها النّاس بأكبر حد ممكن، وبذلك حملت الكوفة رسالةَ الغدير، فأهلها الذين ذابوا في حبّ وصيّ المصطفى بذلوا كل غالٍ ونفيسٍ لبثّ هذا الحديث في أوساط المسلمين، وقدّموا قرابين الحبّ والولاء على طريق الغدير العلويّ.

لقد كان إصرار أمير المؤمنين (عليه السلام) في مناشدته ممتلئاً بالحرص على إحياء الغدير مرّة أخرى، وذلك باستنطاق الصحابة أمام الناس للإقرار بما سمعوه من النبيّ (صلى الله عليه وآله)، ليُبثّ الحديث في نطاق أوسع، ولقد كان الحاصل كذلك، حيث رسخت مناشدته في الكوفة كـ«غدير ثانٍ» يبثّ الروح مرّة أخرى فيما كاد أن يغيب بسبب إهمال المسلمين وتقصيرهم في أداء حقّ إمامهم، وهذه الخطوة لا تقلّ أهميّة عن قتال معاوية، وهي من أعظم جهود أمير المؤمنين (عليه السلام) في حفظ الصورة الحقيقية للنظام الديني والسياسيّ للإسلام قبل أن تنال منه الأكاذيب الأمويّة والعباسيّة، وحيث إنّ هذه المناشدة الأخيرة في مدينة الكوفة، والتي حشد لها المسلمين قبل شهادته بمائة يوم مما حضر بقوّة في كتب الحديث والتاريخ، رأيتُ أنّ أكوّن صورةً وافيةً عنها، لنفهم مقطعاً صغيراً من الحياة الجهاديّة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فدّونت هذا الكتاب حُبّاً بأبي تراب.. ورغبةً في حفظ جهاده العظيم لإحياء الغدير وإبقاء استمراريّته بين الأجيال اللاحقة، وقد وصلت الأمانة، ونسأل الله أن يوفّقنا لحفظ العهود.

هذا الكتاب، دراسةٌ توثيقيّة للنصوص الحديثية والتاريخيّة حول «الغدير الثاني» الذي عقده أمير المؤمنين (عليه السلام) في مدينة الكوفة، حيث عرّف الغائبين عنه، وعلّم الجاهلين به، وقد دارت هذه الدراسة حول ثلاثة محاور:
1. تتبع النصوص الحديثية والتاريخيّة الموثّقة لحادثة المناشدة.
2. الدراسة الرجاليّة لجملة من الأسانيد، وبيان إقرار علماء السنة بصحّتها.
3. بيان الدلالات والقرائن التي حفلت بها نصوص حديث الغدير وحديث المناشدة.

📚إحياء الغدير في مدينة الكوفة، دراسة حول مناشدة الرحبة
🖋️⁩ إبراهيم جواد
تحميل الكتاب:
http://alfeker.net/library.php?id=4955
تحميل الكتاب عبر قناة التلغرام:
https://www.tg-me.com/mesbah_qom/315
الغدير، مظهر التوحيد الحقيقي

امتحان التوحيد الواقعيّ للمسلمين لم يكن في الحج، فالله لم يميز المؤمن من المنافق بالطواف حول الكعبة، وإنما جعلَ المائز هو حُب علي عليه السلام وولايته.

الإقرارُ اللساني بالتوحيد سهلٌ يسيرٌ، ولكن الله جعل بيان تحقيق التوحيد الفعلي منوطاً بالولاية، فإن إبليس قد عبد الله ستة آلاف سنة ملقلقاً بلسانه عبارات التوحيد الظاهري بين سجود وركوع وتسبيح، ولكن حينما امتُحِن بجوهر التوحيد وحقيقته «الولاية» وعُرِضت عليه ولاية خليفة الله سقط بالاستكبار عنها.

فالنطق بكلمة التوحيد وترديدها في العبادات والجهر بها في الحج لا يشبه إلا دعوى إبليس التي استمر بتكراراها لمدة ستة آلاف سنة، وإنما الذي يبين صدق هذه الدعوى هو امتحان الولاية، الذي ابتدأ بامتحان إبليس في ولاية آدم عليه السلام والتسليم بخلافته لله في أرضه، وانتهى بامتحان الولاية الأعظم، بولاية علي صلوات الله عليه في غدير خم.

وهنا يظهر مدى ارتباط ظاهر التوحيد بحقيقته وجوهره، وإلى ذلك أشار الإمام الرضا صلوات الله عليه في حديث السلسلة الذهبية بعد ما ذكر كلمة التوحيد، فقال: «...، بشروطها، وأنا من شروطها».
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام: «إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهتَدَى ﴾ ثم أومأ بيده إلى صدره: (إلى ولايتنا...)»، فنرى أن الحجّ دون انضمام الولاية لا يكفي في تماميّة التوبة والإيمان والعمل الصالح، ولا يكون لوحده عنصراً محققاً للهداية بدون الاعتقاد بولاية خليفة الله في أرضه.

#غدير_الحق
#جوهر_التوحيد
لاحظنا هذه الأيام تعاطفاً جميلاً مع غابات الأمازون في قضية الحرائق، وتعبيراً عن قلق متزايد من الآثار السلبية على مناخ الكرة الأرضية، وأن ذلك ربما يفضي إلى تغييرات مؤذية، وهذا القلق في حد نفسه أمرٌ في غاية الأهمية، إذ إن الحرص على مستقبل آمن للمجتمع البشري من الأمور التي تستدعي الاهتمام والاعتناء وبذل الجهد في سبيل ذلك.
ولكن المؤسف أننا لا نلحظ أو لا ندقق في التغييرات الأخلاقية والسلوكيات الاجتماعية التي تنتجها «حرائق» الغرب، والتي تدمّر المجتمع البشريّ على الصعيد الذاتي والأسري والاجتماعي، وربما بسبب قلة الاهتمام ننجرف خلف تلك الأوهام، ونلعق بعض العسل المسموم عن غير دراية. كل ما تفعله الحضارة الغربيّة الماديّة هو أنّها تمارس العبث بالنظام الفطري الذي فُطر الإنسان عليه كما أن الحرائق تعبث بالنظام البيئي وتهدد توازنه وانتظامه،.. ألا يشعر بعض المنبهرين بالنموذج الغربي أنّ حرائقهم التي تعبث بالنظام الفطري أخطر من حرق غابات الأمازون؟

على مستوى الأسرة؛
من يتحمل مسؤولية التفكك الأسري والعقوق وتحجيم السلطة التربوية للآباء وامتلاء دور المسنين؟

على مستوى الأمن الجنسيّ؛
من الذي يتحمل مسؤولية الحرية المطلقة في إتاحة ذلك الأمر، مع ما يخلّفه من أمراض جسدية وإجهاض إجرامي وآفات اجتماعية تهدد تماسك الأسرة؟
من فكّر بمساءلة الشركات الغربية على إنتاج آلاف الأفلام الإباحية مع قطع الأطباء بضررها؟ ألا يستشعر هؤلاء خطر وضرر حرائق مواقعهم المؤذية والمفسدة؟

على المستوى السياسي؛
ألم يشعر المجتمع الغربي بخطورة «حرائق» اليمن؟ والله لو اكتفينا بهذا السؤال لكفانا، مع أن مخازيهم في عالم السياسة أكثر من أن تُحصى! ولو لم يكن عليهم من عارٍ سوى حرب اليمن لكفى ذلك ليلطّخ وجوههم بالعار إلى أبد الدهر!

وهكذا بالنسبة للمجال الاقتصادي، والمجال الأخلاقي، حيث أفسدوا السلوك الفطري المعتدل، وابتلي العالم بجشع الرأسمالية وسحق طبقة الفقراء وتشجيع ثقافة الاستهلاك التّرفي، وغير ذلك من مصائب المجتمع الذي شوّه الشيطان فطرته ودفعه إلى قلب حياة الآخرين إلى ضنك وعناء!

إن الحرائق التي أشعلها المجتمع الغربي بنصبه لأولئك الساسة قد امتدت إلى منطقتنا على كافة المستويات، وهي حرائق خانقة إلى حدّ الموت، ولكننا بالكاد نستشعر خطورة تلك السياسات، وربما قام بعض المغفلين بجلد الذات وتمجيد تلك الحضارة لرقيها المادي فقط، غافلين عن حرائقهم التي أفنت سعادة البشرية ودمّرت مستقبل عشرات الشعوب في آسيا وأفريقيا.
2025/07/08 16:32:33
Back to Top
HTML Embed Code: