مصباح الهداية
Video
#من_الأرشيف
مما افتراه الشيخ "الدكتور" الوهابي ناصر القفاري على السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه أنّه قد مدحه خطيبٌ اسمه [السيد حجازي] بتفضيله على نبيّ الله موسى (عليه السلام)، فقبل منه ذلك، ولعلّ الدكتور كان يظنُّ نفسه في زمنٍ كزمن أئمة الضلال حيثُ كانوا يفترون كثيراً من الأكاذيب، دون وجود آلة تصويرٍ تفنِّدُ الافتراء، أو بقاء أدلّة تكشف زيف مفترياتهم، ومع ذلك شاءَ الله أن يفضحَ هذا الكذب، فكان المقطعُ الذي تحدّث عنه القفاري قد سُجِّلَ بالصوت والصورة، وليسَ فيه تفضيلٌ للإمام على أحدٍ من أنبياء الله، ومع ذلك قد تكلّم الإمام الخميني بكلامٍ نفى فيه قبوله لأي مديحٍ يلقيه الآخرون عليه، ومنه قوله - رحمه الله -: «لو كنت أرى لنفسي مرتبة أعلى من سائر الناس لكان هذا انحطاطاً فكرياً وروحياً».
وبهذا المستوى من الدعاية الحاقدة التي كان البعض يخوضها ضد السيد الإمام في بداية الثورة، ينبغي لنا أن نعرفَ طبيعة أحقاد هؤلاء، ونهج الكذب والتزوير الذي سلكه هؤلاء على آثار أئمتهم..
مما افتراه الشيخ "الدكتور" الوهابي ناصر القفاري على السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه أنّه قد مدحه خطيبٌ اسمه [السيد حجازي] بتفضيله على نبيّ الله موسى (عليه السلام)، فقبل منه ذلك، ولعلّ الدكتور كان يظنُّ نفسه في زمنٍ كزمن أئمة الضلال حيثُ كانوا يفترون كثيراً من الأكاذيب، دون وجود آلة تصويرٍ تفنِّدُ الافتراء، أو بقاء أدلّة تكشف زيف مفترياتهم، ومع ذلك شاءَ الله أن يفضحَ هذا الكذب، فكان المقطعُ الذي تحدّث عنه القفاري قد سُجِّلَ بالصوت والصورة، وليسَ فيه تفضيلٌ للإمام على أحدٍ من أنبياء الله، ومع ذلك قد تكلّم الإمام الخميني بكلامٍ نفى فيه قبوله لأي مديحٍ يلقيه الآخرون عليه، ومنه قوله - رحمه الله -: «لو كنت أرى لنفسي مرتبة أعلى من سائر الناس لكان هذا انحطاطاً فكرياً وروحياً».
وبهذا المستوى من الدعاية الحاقدة التي كان البعض يخوضها ضد السيد الإمام في بداية الثورة، ينبغي لنا أن نعرفَ طبيعة أحقاد هؤلاء، ونهج الكذب والتزوير الذي سلكه هؤلاء على آثار أئمتهم..
الثقافة والتعايش مع الآخر
كثرة التنظير غير المنضبط في العلاقة بين الأديان والمذاهب، أدت إلى عدم الوضوح في الرؤية بين ما يلزم لاحترام الآخر وبين قانون حفظ الهويّة الدينيّة، فترى كثيراً ممن يكتبُ في المجال الإعلاميّ يبدي استعداداً لتذويب هويّته وشخصيّته أمام الأديان والثقافات الأخرى في مقابل إظهار انفتاحه عليهم، مع أنّهم في نفس الوقت قد لا يُقدمون على رُبع الجهد المبذول لإرضائهم.
نحنُ مطالبون باحترام الآخرين تحت إطار «التعايش السلمي» الذي يحفظ للجميع أمنهم وكرامتهم، وفي الوقت نفسه لسنا مطالبين بأنْ نبخسَ ثقافتنا الإسلاميّة حقّها، وأن نقبل بكلّ ما يرد إلينا من شرقٍ وغربٍ، لا سيما أنّ الآخر يفعل نفس الشيء، فهو بقدر طاقته يسعى إلى إبقاء صورته الأساسيّة بالنحو الذي يحفظ له هويّته وثقافته التي يفتخرُ بها.
كثرة التنظير غير المنضبط في العلاقة بين الأديان والمذاهب، أدت إلى عدم الوضوح في الرؤية بين ما يلزم لاحترام الآخر وبين قانون حفظ الهويّة الدينيّة، فترى كثيراً ممن يكتبُ في المجال الإعلاميّ يبدي استعداداً لتذويب هويّته وشخصيّته أمام الأديان والثقافات الأخرى في مقابل إظهار انفتاحه عليهم، مع أنّهم في نفس الوقت قد لا يُقدمون على رُبع الجهد المبذول لإرضائهم.
نحنُ مطالبون باحترام الآخرين تحت إطار «التعايش السلمي» الذي يحفظ للجميع أمنهم وكرامتهم، وفي الوقت نفسه لسنا مطالبين بأنْ نبخسَ ثقافتنا الإسلاميّة حقّها، وأن نقبل بكلّ ما يرد إلينا من شرقٍ وغربٍ، لا سيما أنّ الآخر يفعل نفس الشيء، فهو بقدر طاقته يسعى إلى إبقاء صورته الأساسيّة بالنحو الذي يحفظ له هويّته وثقافته التي يفتخرُ بها.
♦ حديثٌ جامعٌ في صفات الإمام ♦
📜 روى الشيخ الكليني في (الكافي) بسندٍ صحيح :
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبةٍ له يَذكر فيها حالَ الأئمَّة عليهم السلام وصفاتهم: "إنَّ اللهَ - عزَّ وجلَّ - أَوْضَحَ بأئمَّةِ الهُدى من أهلِ بيتِ نبيِّنا عن دينه، وأَبْلَجَ بهم عن سبيلِ منهاجه، وفَتَحَ بهم عن باطنِ ينابيعِ عِلْمِه؛ فمن عَرَفَ من أُمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وآله واجبَ حَقِّ إمامه، وَجَدَ طعم حلاوةِ إيمانه، وعَلِمَ فضلَ طلاوةِ إسلامه؛ لأنَّ الله - تبارك وتعالى - نَصَبَ الإمامَ عَلَماً لِخَلْقِه، وجَعَلَهُ حُجَّةً على أهلِ مَوَادِّهِ وعَالَمِهِ، وأَلْبَسَهُ تاجَ الوَقَار، وغَشَّاهُ من نور الجَبَّار، يَمُدُّ بِسَبَبٍ إلى السَّماء، لا ينقطعُ عنه مَوَادُّهُ، ولا يُنالُ ما عند اللهِ إلَّا بجهةِ أسبابِه، ولا يَقْبَلُ اللهُ أعمالَ العِبادِ إلَّا بمعرفتِه، فهو عالِمٌ بما يَرِدُ عليه من مُلْتَبِسَاتِ الدُّجى، ومُعَمِّيَاتِ السُّنَن، ومُشَبِّهَاتِ الفِتَن.
فَلَمْ يَزَلِ اللهُ - تبارك وتعالى - يَخْتَارُهُمْ لِخَلْقِهِ من ولد الحسين عليه السلام من عَقِبِ كُلِّ إمامٍ يَصْطَفِيهِمْ لِذلك ويَجْتَبِيهِمْ، ويَرْضى بهم لِخَلْقِهِ ويَرْتَضِيهِمْ، كُلَّمَا مَضى منهم إمامٌ، نَصَبَ لِخَلْقِهِ من عَقِبِهِ إماماً عَلَماً بَيِّناً، وهَادِياً نَيِّراً، وإماماً قَيِّماً، وحُجَّةً عالِماً، أئمَّةً من اللهِ، يَهْدون بالحَقِّ، وبه يَعْدِلُون، حُجَجُ اللهِ ودُعَاتُهُ ورُعَاتُهُ على خَلْقِه، يَدِينُ بِهَدْيِهِمُ العِبَاد، وتَسْتَهِلُّ بِنُورِهِمُ البِلاد، ويَنْمُو بِبَرَكَتِهِمُ التِّلاد، جَعَلَهُمُ اللهُ حياةً للأنام، ومصابيحَ للظَّلام، ومفاتيحَ للكلام، ودعائمَ للإسلام، جَرَتْ بذلك فيهم مقاديرُ اللهِ على مَحْتُومِها.
فالإمامُ هو المُنْتَجَبُ المُرْتَضى، والهَادِي المُنْتَجى، والقائمُ المُرْتَجى، اصْطَفَاهُ اللهُ بذلك، واصْطَنَعَهُ على عَيْنِهِ في الذَّرِّ حين ذَرَأَهُ، وفي البَرِيَّةِ حين بَرَأَهُ ظِلّاً قبلَ خَلْقِ نَسَمَةٍ، عن يمينِ عَرْشِه، مَحْبُوّاً بالحكمةِ في علم الغيب عنده، اختارَهُ بعِلْمِهِ، وانْتَجَبَهُ لِطُهْرِهِ؛ بَقِيَّةً من آدم عليه السلام، وخِيَرَةً من ذُرِّيَّةِ نوحٍ، ومُصْطَفىً من آل إبراهيمَ، وسُلَالَةً من إسماعيلَ، وصَفْوَةً من عِتْرَةِ محمدٍ صلى الله عليه وآله، لَمْ يَزَلْ بعَيْنِ اللهِ يَحْفَظُهُ ويَكْلَؤُهُ بسِتْرِهِ، مطروداً عنه حبائلُ إبليسَ وجنودِه، مدفوعاً عنه وُقُوبُ الغَوَاسِقِ، ونُفُوثُ كُلِّ فاسِقٍ، مصروفاً عنه قَوَارِفُ السُّوءِ، مُبَرَّأً من العاهاتِ، محجوباً عن الآفاتِ، معصوماً من الزَّلَّاتِ، مَصُوناً عن الفواحِشِ، كُلِّها، معروفاً بالحِلْمِ والبِرِّ في يَفَاعِهِ، منسوباً إلى العَفَافِ والعِلْمِ والفَضْلِ عند انتهائه، مُسْنَداً إليهِ أَمْرُ وَالِدِه، صامتاً عن المنطق في حياتِه.
فإذا انْقَضَتْ مُدَّةُ وَالِدِه، إلى أنِ انتهت به مقاديرُ اللهِ إلى مشيئَتِه، وجاءتِ الإرادةُ من اللهِ فيه إلى مَحَبَّتِه، وبَلَغَ منتهى مُدَّةِ والِدِه عليه السلام، فَمَضى وصارَ أمرُ اللهِ إليه من بعدِه، وقَلَّدَهُ دِينه، وجَعَلَهُ الحُجَّةَ على عباده، وقَيِّمَهُ في بلاده، وأَيَّدَهُ برُوحِه، وآتاهُ عِلْمَه، وأَنْبَأَهُ فضلَ بَيَانِه، واسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ، وانْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أمرِه، وأَنْبَأَهُ فضلَ بيانِ عِلْمِه، ونَصَبَهُ عَلَماً لِخَلْقِهِ، وجَعَلَهُ حُجَّةً على أهلِ عالَمِه، وضِياءً لأهلِ دِينه، والقَيِّمَ على عبادِه، رَضِيَ اللهُ به إماماً لهم، اسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ، واسْتَحْفَظَهُ عِلْمَهُ، واسْتَخْبَأَهُ حِكْمَتَهُ، واسْتَرْعَاهُ لِدِينه، وانْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أمرِه، وأَحْيَا به مناهِجَ سبيلِه، وفرائضَهُ وحُدُودَهُ، فقامَ بالعَدْلِ عند تَحْييرِ أهلِ الجهل، وتَحْبيرِ أهلِ الجَدَل، بالنُّورِ السَّاطِع، والشِّفاءِ النَّافِع، بالحَقِّ الأَبْلَجِ، والبَيَانِ اللَّائِحِ من كُلِّ مَخْرَجٍ، على طريقِ المنهج، الذي مَضى عليه الصَّادقون من آبائه عليهم السلام، فَلَيْسَ يَجْهَلُ حَقَّ هذا العالِم إلَّا شَقِيٌّ، ولا يَجْحَدُهُ إلَّا غَوِيٌّ، ولا يَصُدُّ عنه إلَّا جَرِيٌّ على اللهِ جلَّ وعَلَا".
📚 الكافي ج١ ص٥٠٣-٥٠٩، كتاب الحُجَّة، بابٌ نادرٌ جامعٌ في فضل الإمامِ وصِفاته، رقم الحديث ٢.
📜 روى الشيخ الكليني في (الكافي) بسندٍ صحيح :
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبةٍ له يَذكر فيها حالَ الأئمَّة عليهم السلام وصفاتهم: "إنَّ اللهَ - عزَّ وجلَّ - أَوْضَحَ بأئمَّةِ الهُدى من أهلِ بيتِ نبيِّنا عن دينه، وأَبْلَجَ بهم عن سبيلِ منهاجه، وفَتَحَ بهم عن باطنِ ينابيعِ عِلْمِه؛ فمن عَرَفَ من أُمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وآله واجبَ حَقِّ إمامه، وَجَدَ طعم حلاوةِ إيمانه، وعَلِمَ فضلَ طلاوةِ إسلامه؛ لأنَّ الله - تبارك وتعالى - نَصَبَ الإمامَ عَلَماً لِخَلْقِه، وجَعَلَهُ حُجَّةً على أهلِ مَوَادِّهِ وعَالَمِهِ، وأَلْبَسَهُ تاجَ الوَقَار، وغَشَّاهُ من نور الجَبَّار، يَمُدُّ بِسَبَبٍ إلى السَّماء، لا ينقطعُ عنه مَوَادُّهُ، ولا يُنالُ ما عند اللهِ إلَّا بجهةِ أسبابِه، ولا يَقْبَلُ اللهُ أعمالَ العِبادِ إلَّا بمعرفتِه، فهو عالِمٌ بما يَرِدُ عليه من مُلْتَبِسَاتِ الدُّجى، ومُعَمِّيَاتِ السُّنَن، ومُشَبِّهَاتِ الفِتَن.
فَلَمْ يَزَلِ اللهُ - تبارك وتعالى - يَخْتَارُهُمْ لِخَلْقِهِ من ولد الحسين عليه السلام من عَقِبِ كُلِّ إمامٍ يَصْطَفِيهِمْ لِذلك ويَجْتَبِيهِمْ، ويَرْضى بهم لِخَلْقِهِ ويَرْتَضِيهِمْ، كُلَّمَا مَضى منهم إمامٌ، نَصَبَ لِخَلْقِهِ من عَقِبِهِ إماماً عَلَماً بَيِّناً، وهَادِياً نَيِّراً، وإماماً قَيِّماً، وحُجَّةً عالِماً، أئمَّةً من اللهِ، يَهْدون بالحَقِّ، وبه يَعْدِلُون، حُجَجُ اللهِ ودُعَاتُهُ ورُعَاتُهُ على خَلْقِه، يَدِينُ بِهَدْيِهِمُ العِبَاد، وتَسْتَهِلُّ بِنُورِهِمُ البِلاد، ويَنْمُو بِبَرَكَتِهِمُ التِّلاد، جَعَلَهُمُ اللهُ حياةً للأنام، ومصابيحَ للظَّلام، ومفاتيحَ للكلام، ودعائمَ للإسلام، جَرَتْ بذلك فيهم مقاديرُ اللهِ على مَحْتُومِها.
فالإمامُ هو المُنْتَجَبُ المُرْتَضى، والهَادِي المُنْتَجى، والقائمُ المُرْتَجى، اصْطَفَاهُ اللهُ بذلك، واصْطَنَعَهُ على عَيْنِهِ في الذَّرِّ حين ذَرَأَهُ، وفي البَرِيَّةِ حين بَرَأَهُ ظِلّاً قبلَ خَلْقِ نَسَمَةٍ، عن يمينِ عَرْشِه، مَحْبُوّاً بالحكمةِ في علم الغيب عنده، اختارَهُ بعِلْمِهِ، وانْتَجَبَهُ لِطُهْرِهِ؛ بَقِيَّةً من آدم عليه السلام، وخِيَرَةً من ذُرِّيَّةِ نوحٍ، ومُصْطَفىً من آل إبراهيمَ، وسُلَالَةً من إسماعيلَ، وصَفْوَةً من عِتْرَةِ محمدٍ صلى الله عليه وآله، لَمْ يَزَلْ بعَيْنِ اللهِ يَحْفَظُهُ ويَكْلَؤُهُ بسِتْرِهِ، مطروداً عنه حبائلُ إبليسَ وجنودِه، مدفوعاً عنه وُقُوبُ الغَوَاسِقِ، ونُفُوثُ كُلِّ فاسِقٍ، مصروفاً عنه قَوَارِفُ السُّوءِ، مُبَرَّأً من العاهاتِ، محجوباً عن الآفاتِ، معصوماً من الزَّلَّاتِ، مَصُوناً عن الفواحِشِ، كُلِّها، معروفاً بالحِلْمِ والبِرِّ في يَفَاعِهِ، منسوباً إلى العَفَافِ والعِلْمِ والفَضْلِ عند انتهائه، مُسْنَداً إليهِ أَمْرُ وَالِدِه، صامتاً عن المنطق في حياتِه.
فإذا انْقَضَتْ مُدَّةُ وَالِدِه، إلى أنِ انتهت به مقاديرُ اللهِ إلى مشيئَتِه، وجاءتِ الإرادةُ من اللهِ فيه إلى مَحَبَّتِه، وبَلَغَ منتهى مُدَّةِ والِدِه عليه السلام، فَمَضى وصارَ أمرُ اللهِ إليه من بعدِه، وقَلَّدَهُ دِينه، وجَعَلَهُ الحُجَّةَ على عباده، وقَيِّمَهُ في بلاده، وأَيَّدَهُ برُوحِه، وآتاهُ عِلْمَه، وأَنْبَأَهُ فضلَ بَيَانِه، واسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ، وانْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أمرِه، وأَنْبَأَهُ فضلَ بيانِ عِلْمِه، ونَصَبَهُ عَلَماً لِخَلْقِهِ، وجَعَلَهُ حُجَّةً على أهلِ عالَمِه، وضِياءً لأهلِ دِينه، والقَيِّمَ على عبادِه، رَضِيَ اللهُ به إماماً لهم، اسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ، واسْتَحْفَظَهُ عِلْمَهُ، واسْتَخْبَأَهُ حِكْمَتَهُ، واسْتَرْعَاهُ لِدِينه، وانْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أمرِه، وأَحْيَا به مناهِجَ سبيلِه، وفرائضَهُ وحُدُودَهُ، فقامَ بالعَدْلِ عند تَحْييرِ أهلِ الجهل، وتَحْبيرِ أهلِ الجَدَل، بالنُّورِ السَّاطِع، والشِّفاءِ النَّافِع، بالحَقِّ الأَبْلَجِ، والبَيَانِ اللَّائِحِ من كُلِّ مَخْرَجٍ، على طريقِ المنهج، الذي مَضى عليه الصَّادقون من آبائه عليهم السلام، فَلَيْسَ يَجْهَلُ حَقَّ هذا العالِم إلَّا شَقِيٌّ، ولا يَجْحَدُهُ إلَّا غَوِيٌّ، ولا يَصُدُّ عنه إلَّا جَرِيٌّ على اللهِ جلَّ وعَلَا".
📚 الكافي ج١ ص٥٠٣-٥٠٩، كتاب الحُجَّة، بابٌ نادرٌ جامعٌ في فضل الإمامِ وصِفاته، رقم الحديث ٢.
لا شكّ في احتياج المؤمنين - ولا سيّما طلاب العلم - إلى التعرّف على مسالك تهذيب النفس وترقية الأخلاق، وبذلك يتمّ التوجُّه والتوجيه إلى دروس وكتب الأخلاق بناءً على كونها مظنّة المراد ومحلّ مطلوب العباد، وبالنظر في كثيرٍ منها نجدها في الغالب غنيّة بالنصوص الدينية من القرآن الكريم والروايات الشريفة، وهذا الأمرُ في حدِّ نفسه خطوة أولى على الطريق، إلا أنّه بالتأمل يظهر أنّ نسبةً منها لا تروي ظمأ الطالب إذ يُرى (المتكلّم) يمارس صولاته وجولاته اللغويّة والمنطقيّة والأصولية على نصوص البحث الأخلاقي، وهي خارجةٌ عن حريم تلك الأبحاث، إذ إنّ المقصد الأساس فيها هو تحريك جمود القلب، وإزالة ركام القيل والقال، وإفناء آثار الغفلة، وإذا بالعبد المسكين يسقط تحت مطرقة الأستاذ الذي يأخذ النصوص تحت مسطرته ليقيسها ذرّة فَذرَّة، فيُعربها ثم يبين محتملات معناها، ثم يُشكل عليها وفق قوانين القسمة المنطقيّة، ثم يحلل قيود الألفاظ، ثم يعترض، ويجيب، وينقض، ويتنظّر، وكأنّه يحسب قطرات الكرّ أو ذرّاتِ الرطل العراقي، فيقع المستمع فيما هربَ منه، ليكون كالمستجير من الرمضاء بالنّار.
وهذا النقد قد سجّله السيد الإمام الخميني (رضوان الله عليه) على جملةٍ من الكتب الأخلاقية، إذ تخلّت عن وظيفتها الأساسيّة إلى ممارسة التطبيقات الصناعيّة من مباحث لغويّة وعقليّة، فقال: (غرضنا أنّ مقصد القرآن والأحاديث هو تصفية العقول وتزكية النفوس لحصول المقصد الأعلى وهو التوحيد، وشارحو الأحاديث الشريفة ومفسرو القرآن الكريم لم ينظروا إلى هذه النكتة التي هي أصلُ الأصول، ومرّوا بها مرور الكرام، وجعلوا البحث والتدقيق والتحقيق في موردٍ لم يكن مقصوداً لنزول القرآن وصدور الأحاديث الشريفة بوجهٍ من الوجوه نظير الجهات الأدبية والفلسفية والتاريخية وأمثالها، حتّى علماء الأخلاق الذين دوّنوا هذا العلم أو بحثوا بالطريق العلميّ أو الفلسفي كالكتاب الشريف (طهارة الأعراق) للمحقق الكبير ابن مسكويه، والكتاب الشريف (أخلاق الناصري) تأليف الحكيم المتأله والفيلسوف المتبحر أفضل المتأخرين، نصير الملّة والدين – قدس الله نفسه الزكيّة -، والقسم الكبير من كتاب إحياء العلوم للغزالي، وليس لهذا النحو من التأليف أثر يلفت النظر في تصفية الأخلاق وتهذيب الباطن، إن لم نقل بأنّه ليس له أيُّ أثرٍ أصلاً..).
بالمحصّلة، نحنُ بحاجة إلى دراسة هذه النصوص وفقاً للمناهج العلميّة، ولكن في مقام البحث لا في مقام الوعظ وإرادة تصفية القلب وتهذيب الباطن، أما دراسة النصوص الأخلاقية من جهةٍ فلسفيّة ولغويّة وغير ذلك، فلها مقام مختصٌّ بها، وقد كُتِبَ في ذلك.
ولذلك فإنّ بعض ما كُتب في الوعظ والتذكرة بلغةٍ روحيّة سلسة يُعتبر أقوى تأثيراً في النّفس من غير ذلك، ومن أهمّها كتابُ «مرآة الرشاد» للشيخ المامقانيّ، وكتاب «الطريقُ إلى الله» للشيخ حسين البحراني.
✍🏻 إبراهيم جواد
وهذا النقد قد سجّله السيد الإمام الخميني (رضوان الله عليه) على جملةٍ من الكتب الأخلاقية، إذ تخلّت عن وظيفتها الأساسيّة إلى ممارسة التطبيقات الصناعيّة من مباحث لغويّة وعقليّة، فقال: (غرضنا أنّ مقصد القرآن والأحاديث هو تصفية العقول وتزكية النفوس لحصول المقصد الأعلى وهو التوحيد، وشارحو الأحاديث الشريفة ومفسرو القرآن الكريم لم ينظروا إلى هذه النكتة التي هي أصلُ الأصول، ومرّوا بها مرور الكرام، وجعلوا البحث والتدقيق والتحقيق في موردٍ لم يكن مقصوداً لنزول القرآن وصدور الأحاديث الشريفة بوجهٍ من الوجوه نظير الجهات الأدبية والفلسفية والتاريخية وأمثالها، حتّى علماء الأخلاق الذين دوّنوا هذا العلم أو بحثوا بالطريق العلميّ أو الفلسفي كالكتاب الشريف (طهارة الأعراق) للمحقق الكبير ابن مسكويه، والكتاب الشريف (أخلاق الناصري) تأليف الحكيم المتأله والفيلسوف المتبحر أفضل المتأخرين، نصير الملّة والدين – قدس الله نفسه الزكيّة -، والقسم الكبير من كتاب إحياء العلوم للغزالي، وليس لهذا النحو من التأليف أثر يلفت النظر في تصفية الأخلاق وتهذيب الباطن، إن لم نقل بأنّه ليس له أيُّ أثرٍ أصلاً..).
بالمحصّلة، نحنُ بحاجة إلى دراسة هذه النصوص وفقاً للمناهج العلميّة، ولكن في مقام البحث لا في مقام الوعظ وإرادة تصفية القلب وتهذيب الباطن، أما دراسة النصوص الأخلاقية من جهةٍ فلسفيّة ولغويّة وغير ذلك، فلها مقام مختصٌّ بها، وقد كُتِبَ في ذلك.
ولذلك فإنّ بعض ما كُتب في الوعظ والتذكرة بلغةٍ روحيّة سلسة يُعتبر أقوى تأثيراً في النّفس من غير ذلك، ومن أهمّها كتابُ «مرآة الرشاد» للشيخ المامقانيّ، وكتاب «الطريقُ إلى الله» للشيخ حسين البحراني.
✍🏻 إبراهيم جواد
💡الحجاب، جهادٌ أعظم..
يزدادُ حجم المسؤوليّة ومعه قدر الثواب لكل عملٍ يصبح واجهةً في الحرب مع أعداء الأحكام الإلهيّة، وبحجم العناء وتحمل هجمات الأعداء ومضايقاتهم يكون الأجر والثواب، ولذلك فإن الحجاب ربما كان تكليفاً شخصياً للفرد في القرون الخالية، وله ثوابه، ولكن التمسك به اليوم يُعدّ جهاداً في سبيل الله، وذوداً عن حمى الزهراء (عليها السلام) ومن اتّبعها بإحسانٍ وهدى، ومواجهة ثقافيّة وروحيّة ودفاعاً فكرياً عن انسجام التشريعات الإلهية مع الحياة الطيّبة، ولعلّ هذا الجانب الضئيل أمام التحديات الكثيرة التي تواجهنا كاشفٌ عن سرّ أفضليّة أهل الإيمان المخلَصين في زمان الغيبة حيث شدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا.
«الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ فَلِبَاسُهُ الْحَيَاءُ، وَزِينَتُهُ الْوَفَاءُ، وَمُرُوءَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَعِمَادُهُ الْوَرَعُ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ أَسَاسٌ وَأَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله.
يزدادُ حجم المسؤوليّة ومعه قدر الثواب لكل عملٍ يصبح واجهةً في الحرب مع أعداء الأحكام الإلهيّة، وبحجم العناء وتحمل هجمات الأعداء ومضايقاتهم يكون الأجر والثواب، ولذلك فإن الحجاب ربما كان تكليفاً شخصياً للفرد في القرون الخالية، وله ثوابه، ولكن التمسك به اليوم يُعدّ جهاداً في سبيل الله، وذوداً عن حمى الزهراء (عليها السلام) ومن اتّبعها بإحسانٍ وهدى، ومواجهة ثقافيّة وروحيّة ودفاعاً فكرياً عن انسجام التشريعات الإلهية مع الحياة الطيّبة، ولعلّ هذا الجانب الضئيل أمام التحديات الكثيرة التي تواجهنا كاشفٌ عن سرّ أفضليّة أهل الإيمان المخلَصين في زمان الغيبة حيث شدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا.
«الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ فَلِبَاسُهُ الْحَيَاءُ، وَزِينَتُهُ الْوَفَاءُ، وَمُرُوءَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَعِمَادُهُ الْوَرَعُ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ أَسَاسٌ وَأَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله.
«إِنَّ دِيْنَ اللهِ لا يُعرَفُ بالرِّجَالِ، بَلْ بِآيَةِ الحَقِّ، فاعرِفِ الحَقَّ تَعرِفُ أهلَهُ، يَا حَارُ، إِنَّ الحَقَّ أَحسَنُ الحَدِيْثِ، والصَّادِعَ بهِ مُجَاهِدٌ..».
أمير المؤمنين (عليه السلام) مخاطباً صاحبَه الحارث الهمدانيّ.
أمير المؤمنين (عليه السلام) مخاطباً صاحبَه الحارث الهمدانيّ.
📄 بيان حال حديث الحقيقة المنسوب لأمير المؤمنين (عليه السلام)
🖋: إبراهيم جواد.
💡الرابط:
https://goo.gl/Wo1TFV
🖋: إبراهيم جواد.
💡الرابط:
https://goo.gl/Wo1TFV
📚ضرورة المطالعة والإعداد الثقافيّ
مع توفر أدوات العلم والمعرفة، أصبح تكوينُ ثقافة دينيّة متينة أمراً ميسوراً لمعظم الحالات في مجتمعنا، وقليلاً ما نجدُ معذوراً في هذا الأمر. ذلك الشاب الذي يقضي أربع ساعات على أقل تقدير وهو ينظر في هاتفه لو اقتطع ربع هذا الوقت وخصصه للمطالعة فسوف يظفر خلال عدة سنوات بثقافة دينيّة عصيّة على الانكسار، وبذلك يكون قادراً على أداء تكليفه تجاه دين الله، وقد حصل هذا لجملة من الأصدقاء، وأبدعوا في هذا المجال إبداعاً مبهراً.
الأمرُ ليس منوطاً بالدخول إلى الحوزة العلمية فقط، بل يمكن لكل شابّ جامعي وغير جامعي أن يقوم بهذه الوظيفة، كل ما علينا امتلاكه هو العزيمة والإحساس بالمسؤولية وقليل من الوقت.
مع توفر أدوات العلم والمعرفة، أصبح تكوينُ ثقافة دينيّة متينة أمراً ميسوراً لمعظم الحالات في مجتمعنا، وقليلاً ما نجدُ معذوراً في هذا الأمر. ذلك الشاب الذي يقضي أربع ساعات على أقل تقدير وهو ينظر في هاتفه لو اقتطع ربع هذا الوقت وخصصه للمطالعة فسوف يظفر خلال عدة سنوات بثقافة دينيّة عصيّة على الانكسار، وبذلك يكون قادراً على أداء تكليفه تجاه دين الله، وقد حصل هذا لجملة من الأصدقاء، وأبدعوا في هذا المجال إبداعاً مبهراً.
الأمرُ ليس منوطاً بالدخول إلى الحوزة العلمية فقط، بل يمكن لكل شابّ جامعي وغير جامعي أن يقوم بهذه الوظيفة، كل ما علينا امتلاكه هو العزيمة والإحساس بالمسؤولية وقليل من الوقت.
🏴المسيرة الفاطمية || ميدان الولاية
للمسيرة الفاطميّة في قم المقدسة روحيّة خاصّة، تستمدّها من عراقة تاريخ هذه المدينة في التشيع، ورسوخها في حب آل الرسول، .. ففيها تهبّ نسائم الرحمة من أنفاس آلاف حملة الوحي الذين مشوا بين أزقتها، وبها يزهو مداد العلماء، ويبدو فخر الأولياء، .. هنا يحتشد المحبّون، ليطلقوا صرخة الجزع، ويعلنوا الولاء، ويرفعوا راية البراءة من الظالمين: لبيك يا بنت رسول الله، والجمعُ فداؤك، ولو اجتمعت عليهم ألف سقيفة غادرة، وألف طاغوت ومستكبر، .. ويبقى النداء عالياً في الأفق حتى ينشر صاحب الثار لواء النصر، وينادي: ألا لعنة الله على الظالمين.
لهفي لها لقد أضيع قدرها ••• حتى توارى بالحجاب بدرُها
#المسيرة_الفاطميّة
• الثالث من جمادى الآخرة، ١٤٤٠.
للمسيرة الفاطميّة في قم المقدسة روحيّة خاصّة، تستمدّها من عراقة تاريخ هذه المدينة في التشيع، ورسوخها في حب آل الرسول، .. ففيها تهبّ نسائم الرحمة من أنفاس آلاف حملة الوحي الذين مشوا بين أزقتها، وبها يزهو مداد العلماء، ويبدو فخر الأولياء، .. هنا يحتشد المحبّون، ليطلقوا صرخة الجزع، ويعلنوا الولاء، ويرفعوا راية البراءة من الظالمين: لبيك يا بنت رسول الله، والجمعُ فداؤك، ولو اجتمعت عليهم ألف سقيفة غادرة، وألف طاغوت ومستكبر، .. ويبقى النداء عالياً في الأفق حتى ينشر صاحب الثار لواء النصر، وينادي: ألا لعنة الله على الظالمين.
لهفي لها لقد أضيع قدرها ••• حتى توارى بالحجاب بدرُها
#المسيرة_الفاطميّة
• الثالث من جمادى الآخرة، ١٤٤٠.
نقض شبهات ميثاق العسر حول حديث (يؤذيني ما آذاها) – الحلقة الأولى.
محورا الحلقة الأولى:
• هل هناك موانع علمية تعيق علماء الشيعة عن الاحتجاج بالحديث على أهل السنة؟
• الحديث من رواية صبيّين، فما الوجه المصحح للاحتجاج على أهل السنة برواية الصبي؟
رابط المقال:
https://ejabaat2019.blogspot.com/2019/02/14.html
..
محورا الحلقة الأولى:
• هل هناك موانع علمية تعيق علماء الشيعة عن الاحتجاج بالحديث على أهل السنة؟
• الحديث من رواية صبيّين، فما الوجه المصحح للاحتجاج على أهل السنة برواية الصبي؟
رابط المقال:
https://ejabaat2019.blogspot.com/2019/02/14.html
..
نقض شبهات ميثاق العسر حول حديث (يؤذيني ما آذاها) – الحلقة الثانية
رابط المقال:
https://ejabaat2019.blogspot.com/2019/02/15.html
..
رابط المقال:
https://ejabaat2019.blogspot.com/2019/02/15.html
..
الشيخ الكليني ورواية «إنّ الله يغضب لغضب فاطمة»
رابط المقال:
https://ejabaat2019.blogspot.com/2019/02/16.html
..
رابط المقال:
https://ejabaat2019.blogspot.com/2019/02/16.html
..
💡سؤال حول كرامات الأولياء
إنّنا نسمعُ الكثيرَ من الكرامات في المراقد المقدّسة، ولكن لا نرى أثراً لذلك في تغيير أوضاع المسلمين، فإذا كان أولئك قادرون على فعل المُعجِز، فلماذا لا يغيّرون حال الأمة الإسلاميّة؟!
-----------
إنّ الإنسان في الحياة الدنيا مكلّف بجملة من التكاليف الإلهيّة، وهذه التكاليف لا بد أن يقوم بها بنفسه، وقانون التدخل الإلهي بشكلٍ عامّ يجري في عالم الوجود بما لا ينافي وضع التكليف، وإنما هو على سبيل الإعانة والدفع للأمام دون أن يكون هذا مؤدياً للتكليف بتمامه، رافعاً إيّاه عن العبد، وعلى هذا الأساس فإنّ الله تعالى قد هيّأ للأمة الإسلامية كثيراً من المقدرات التي توجب نهوضها، إلا أنّهم يعرضون عن ذلك العونِ كثيراً، وإذا حصل هذا، فليس لازماً عليه أن يغير أحوالهم ببركة مرقدٍ ما.
وكنتُ قد نقلتُ سابقاً عن أحد الإخوة بسنده عن السيد محسن الحكيم رحمه الله أنه كان يقول: (إنّ الله لا يستجيب الدعاء في الشأن العام) والظاهرُ أنّ مقصوده أنّ مجرّد الدعاء لا يغيّر الحال في الشأن العام، بخلاف الأحوال الشخصية والمسائل الجزئية فإنّ الله قد يستجيب فيها أحياناً ولو بدون عمل من باب تشجيع العبد وإيقاظه وتبصرته، أما الشأن العام فهو بحاجة إلى توفر الأمرين (الدعاء، العمل)، والأمة اليوم بحمده تعالى تدعو ولا تعمل.
أما سبب ما يجري للناس من كراماتٍ مشهودَةٍ فهو لأنّ ذلك مما يقوّي به اللهُ دينَه، وينصر به الضعفاء وذوي القلوب المنكسرة الذين أغلق أهل الدنيا كل الأبواب بوجوههم فلجأوا إليه وأعطاهم بما يعينهم على قضاء حاجتهم، ولا يعينهم بنحوٍ ينافي بقاء التكليف عليهم، فإنّ التكليف باقٍ على أهله ولا بُدّ لهم من أدائه.
إنّنا نسمعُ الكثيرَ من الكرامات في المراقد المقدّسة، ولكن لا نرى أثراً لذلك في تغيير أوضاع المسلمين، فإذا كان أولئك قادرون على فعل المُعجِز، فلماذا لا يغيّرون حال الأمة الإسلاميّة؟!
-----------
إنّ الإنسان في الحياة الدنيا مكلّف بجملة من التكاليف الإلهيّة، وهذه التكاليف لا بد أن يقوم بها بنفسه، وقانون التدخل الإلهي بشكلٍ عامّ يجري في عالم الوجود بما لا ينافي وضع التكليف، وإنما هو على سبيل الإعانة والدفع للأمام دون أن يكون هذا مؤدياً للتكليف بتمامه، رافعاً إيّاه عن العبد، وعلى هذا الأساس فإنّ الله تعالى قد هيّأ للأمة الإسلامية كثيراً من المقدرات التي توجب نهوضها، إلا أنّهم يعرضون عن ذلك العونِ كثيراً، وإذا حصل هذا، فليس لازماً عليه أن يغير أحوالهم ببركة مرقدٍ ما.
وكنتُ قد نقلتُ سابقاً عن أحد الإخوة بسنده عن السيد محسن الحكيم رحمه الله أنه كان يقول: (إنّ الله لا يستجيب الدعاء في الشأن العام) والظاهرُ أنّ مقصوده أنّ مجرّد الدعاء لا يغيّر الحال في الشأن العام، بخلاف الأحوال الشخصية والمسائل الجزئية فإنّ الله قد يستجيب فيها أحياناً ولو بدون عمل من باب تشجيع العبد وإيقاظه وتبصرته، أما الشأن العام فهو بحاجة إلى توفر الأمرين (الدعاء، العمل)، والأمة اليوم بحمده تعالى تدعو ولا تعمل.
أما سبب ما يجري للناس من كراماتٍ مشهودَةٍ فهو لأنّ ذلك مما يقوّي به اللهُ دينَه، وينصر به الضعفاء وذوي القلوب المنكسرة الذين أغلق أهل الدنيا كل الأبواب بوجوههم فلجأوا إليه وأعطاهم بما يعينهم على قضاء حاجتهم، ولا يعينهم بنحوٍ ينافي بقاء التكليف عليهم، فإنّ التكليف باقٍ على أهله ولا بُدّ لهم من أدائه.
الدفاع العقائديّ عن إمامة أهل البيت (عليهم السلام) لا ينبغي أن يكون مجرّد نزعة تعصّب مذهبي عن غير درايةٍ، أو محض تقليدٍ أعمىٰ، بل هو أساسٌ عمليٌّ لحياة الفكر في عصرنا الحاضر، وإن انكفاء الأقلام عن البحث والنظر سوف يخلقُ حالةً من الجمود والضعف أمام الأفكار التي تغزونا أولاً بأول، ولذلك فحياة العقول والنفوس، وقوة الاعتقاد واليقين تبدأ بالبحث والمعرفة، وفق أصولٍ متقنةٍ بعيداً عن العشوائية.
وبنظري الشخصيّ أعتبرُ الدفاع عن الاعتقاد الحقّ مقدمة لأمرين محوريين في حياة الإنسان المؤمن، أولهما: مسألة التقرب إلى الله تبارك وتعالى، فكل ما يُبذل من جهد في ذلك المقام هو عبارةٌ عن مقدمة لتصحيح الوقوف في مقام المناجاة والتضرّع، ولتثمير الصلاة أمام رب العالمين، وبدون تلك المقدّمة المهمة كيف يمكن ضمان ارتفاع العمل الصالح وقد فسدت الأسس وانهدّت الأركان وخربت القواعد؟! فالانحراف عن طريق آل محمد (عليهم السلام) مانع أساسي عن الارتقاء إلى الكمالات المعنويّة في طريق السير إلى الله، فإنه «إنما يتقبل الله من المتقين»، ولذلك لا بد من الاهتمام بهذا الجانب ليكون عملنا لنيل رضا الله تبارك وتعالى نقيّاً صالحاً، لا تعكّره شيطنةُ أهل الضلال والانحراف.
أما المسألة الثانية، فهذا العملُ هو تحصين لأصول النظام السياسي في الإسلام، وصيانة له من التحريف، وفي نفس الوقت، هو حماية للدين من الانزواء في زوايا التكايا والصوامع، فالإمامةُ أصل أصيل في وقاية المجتمع من الانجرار خلف ولاية الطاغوت، وعنصر أساسي في ارتقاء المعرفة بحقيقة المسؤولية تجاه التشيع وما سيؤول إليه في العقود القادمة، وبعبارة أخرى: المعرفة بحقيقة الإمامة ومن ثمّ الوظيفة التي تفرضها علينا خلال زمن الغيبة مقدّمة لأداء تلك الوظائف الشرعية، وإلا فبدون المعرفة التامة بمشروع الإمامة ولا سيما بجزئها الأعظم وهي مرحلة المهدويّة لن نكون قادرين على فهم تكاليفنا تجاهها في زمن الغيبة.
هذا يعني بكلّ صراحة: أن لا يتحوّل الشيعي إلى «درويش» لا يعي ما يدور حوله، ولا يمنع تصرّف الأغيار به، بل ينبغي أن يقف بمدد وعون أئمة الهدى عليهم السلام في وجه المخططات التي تحاول أن تهيمن على هذه الشعوب المستضعفة والسيطرة على خيراتها، ولذلك قد تلاحظون هذا التشابك بين عالم الاعتقادات الدينية والسياسة بشكل وثيق، .. خلال هذا الأسبوع قرأتُ تقريراً حول ندوة علمية أقيمت في طهران، وفيها نُقل عن الدكتور موسى حقّاني قوله إن بعض «المفكّرين الإيرانيين المتنوّرين» صرّح بأن الاعتقاد بالإمام الثاني عشر هو أكبر الموانع والعوائق أمام تحقق الديمقراطية في إيران! وغالب الظنّ أنه يقصد الديمقراطية على النهج الذي تدخل فيه بلاد الإسلام تحت هيمنة الثقافة الغربية على مستوى السياسة، وعلى مستوى الفكر، وعلى مستوى المعيشة، أي: من باطن العقل والروح إلى ظاهر الجسد والمأكل والمشرب..إلخ، وهذا يعني أنّ الطرف المقابل لن يقفَ مكتوف الأيدي أمام ما يعتبره «العائق الأكبر»، ولذلك تجدون الشبهات تتطاير بشكل جنونيّ لتحطيم هذا السدّ المنيع أمام العلمانية الغربية وامبراطوريتها الاستكباريّة في المنطقة، وهذا بالطبع يلقي عبئاً إضافياً على طلاب الحوزة العلمية، .. فليقوموا بواجبهم تجاه ولي النعمة وغوث الورى مولانا حجة الله على العالمين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين،... والحمد لله رب العالمين.
• إبراهيم جواد
مقتطفٌ من محاضرة: المعرفة المهدويّة، دوافع البحث ومناهجه.
السبت، ٢/رجب/١٤٤٠ هجرية.
وبنظري الشخصيّ أعتبرُ الدفاع عن الاعتقاد الحقّ مقدمة لأمرين محوريين في حياة الإنسان المؤمن، أولهما: مسألة التقرب إلى الله تبارك وتعالى، فكل ما يُبذل من جهد في ذلك المقام هو عبارةٌ عن مقدمة لتصحيح الوقوف في مقام المناجاة والتضرّع، ولتثمير الصلاة أمام رب العالمين، وبدون تلك المقدّمة المهمة كيف يمكن ضمان ارتفاع العمل الصالح وقد فسدت الأسس وانهدّت الأركان وخربت القواعد؟! فالانحراف عن طريق آل محمد (عليهم السلام) مانع أساسي عن الارتقاء إلى الكمالات المعنويّة في طريق السير إلى الله، فإنه «إنما يتقبل الله من المتقين»، ولذلك لا بد من الاهتمام بهذا الجانب ليكون عملنا لنيل رضا الله تبارك وتعالى نقيّاً صالحاً، لا تعكّره شيطنةُ أهل الضلال والانحراف.
أما المسألة الثانية، فهذا العملُ هو تحصين لأصول النظام السياسي في الإسلام، وصيانة له من التحريف، وفي نفس الوقت، هو حماية للدين من الانزواء في زوايا التكايا والصوامع، فالإمامةُ أصل أصيل في وقاية المجتمع من الانجرار خلف ولاية الطاغوت، وعنصر أساسي في ارتقاء المعرفة بحقيقة المسؤولية تجاه التشيع وما سيؤول إليه في العقود القادمة، وبعبارة أخرى: المعرفة بحقيقة الإمامة ومن ثمّ الوظيفة التي تفرضها علينا خلال زمن الغيبة مقدّمة لأداء تلك الوظائف الشرعية، وإلا فبدون المعرفة التامة بمشروع الإمامة ولا سيما بجزئها الأعظم وهي مرحلة المهدويّة لن نكون قادرين على فهم تكاليفنا تجاهها في زمن الغيبة.
هذا يعني بكلّ صراحة: أن لا يتحوّل الشيعي إلى «درويش» لا يعي ما يدور حوله، ولا يمنع تصرّف الأغيار به، بل ينبغي أن يقف بمدد وعون أئمة الهدى عليهم السلام في وجه المخططات التي تحاول أن تهيمن على هذه الشعوب المستضعفة والسيطرة على خيراتها، ولذلك قد تلاحظون هذا التشابك بين عالم الاعتقادات الدينية والسياسة بشكل وثيق، .. خلال هذا الأسبوع قرأتُ تقريراً حول ندوة علمية أقيمت في طهران، وفيها نُقل عن الدكتور موسى حقّاني قوله إن بعض «المفكّرين الإيرانيين المتنوّرين» صرّح بأن الاعتقاد بالإمام الثاني عشر هو أكبر الموانع والعوائق أمام تحقق الديمقراطية في إيران! وغالب الظنّ أنه يقصد الديمقراطية على النهج الذي تدخل فيه بلاد الإسلام تحت هيمنة الثقافة الغربية على مستوى السياسة، وعلى مستوى الفكر، وعلى مستوى المعيشة، أي: من باطن العقل والروح إلى ظاهر الجسد والمأكل والمشرب..إلخ، وهذا يعني أنّ الطرف المقابل لن يقفَ مكتوف الأيدي أمام ما يعتبره «العائق الأكبر»، ولذلك تجدون الشبهات تتطاير بشكل جنونيّ لتحطيم هذا السدّ المنيع أمام العلمانية الغربية وامبراطوريتها الاستكباريّة في المنطقة، وهذا بالطبع يلقي عبئاً إضافياً على طلاب الحوزة العلمية، .. فليقوموا بواجبهم تجاه ولي النعمة وغوث الورى مولانا حجة الله على العالمين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين،... والحمد لله رب العالمين.
• إبراهيم جواد
مقتطفٌ من محاضرة: المعرفة المهدويّة، دوافع البحث ومناهجه.
السبت، ٢/رجب/١٤٤٠ هجرية.
فلا تكن مثلهم!
عند بداية حضوري في الحوزة العلمية بقم المقدسة (زادها الله شرفاً)، ذهبتُ لتنفيذ بعض الإجراءات الإداريّة، وكان برفقتي صديقٌ إيرانيٌّ يمتاز بنقاء قلبه وكثرة يقظته، وخلال خروجنا، ونحن نمر بالطلاب هنا وهناك، قال لي وهو ينظرُ إليهم: «البعض يدخلُ إلى هنا حَمَلاً وديعاً، ويخرج ذئباً، فلا تكن مثلهم»، ثمّ سكتَ وسكتُّ ولم أجبه بكلمة.
وأنا لم أفهم المناسبة - بوضوح - آنذاك، وقد مرّ ما يقارب خمس سنوات على هذا الكلام ولا زال عالقاً في ذهني، وكنت قد تعجّبتُ في البداية من فهم هذا المعنى، ومع مرور الوقت أصبح واضحاً أنّ طلب العلم وحده لا يرتقي بالآدميّ إلى مرحلة الإنسانية، بل ربما يسقطه إلى هاوية الحيوانيّة.
وبعد أن فهمتُ ذلك بوضوح، كنت أقول لبعض أصدقاء الدرس: الله وحده يعلم ماذا يمكننا أن نفعل بالناس التي تثق بنا إذا تلبّسنا بلباس الشيطنة، ولم نُهذّب نفوسنا، وهو العليم بقدرتنا على قلب حياة الآخرين إلى جحيمٍ، وإخراجهم من جنة الحق إلى سعير الضلال، وإبدال الدين من محطّة للطمأنينة والسكون بطاعة الله والتنعّم بلذة ذكره ومناجاته إلى جهنم شيطانية وقودها وسوسة شياطين الإنس ممن تلبسوا يوماً بلباس طلب العلم.
حقاً؛ كل اللّمم من معاصي الناس يهون أمرُه أمام خطيئة من سلكَ طريق طلب العلم ثم أذابت شيطنته «حمليّته»، وأحالتها إلى «ذئبيّة» ضارية مضرّة بالمضلّلين المخدوعين الذين يحترقون كحطبٍ في معارك الاستحواذ على دار الممر الفانية.
.
.
.
📜 روى الشيخ الصدوق في (علل الشرائع) بسندٍ صحيح :
أبي رحمه الله قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدَّثنا أيوب بن نوح، قال: حدَّثنا محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كان رَجُلٌ في الزَّمَن الأوَّل طَلَبَ الدُّنيا من حلالٍ فَلَمْ يقدر عليها، وطَلَبَهَا من حرامٍ فَلَمْ يقدر عليها، فأتاهُ الشيطانُ فقال له: يا هذا إنَّك قَدْ طَلَبْتَ الدُّنيا من حلالٍ فَلَمْ تقدر عليها، وطَلَبْتَهَا من حرامٍ فَلَمْ تقدر عليها، أَفَلَا أَدُلُّك على شيءٍ تكثرُ به دُنياك، ويَكْثُرُ به تَبَعُك؟ قال: بلى.
قال: تَبْتَدِعُ دِيناً وتدعو إليه النَّاس، فَفَعَلَ فاسْتَجَابَ له النَّاسُ، فأطاعوه وأصابَ من الدُّنيا. ثُمَّ إنَّه فَكَّرَ فقال: ما صَنَعْتُ؟ ابْتَدَعْتُ دِيناً، ودَعَوْتُ النَّاس! ما أرى لي توبةً إلّا [أنْ] آتي من دَعَوْتُهُ إليه، فأَرُدَّهُمْ عنه، فَجَعَلَ يأتي أصحابَه الذين أجابوه، فيقول [لهم]: إنَّ الذي دَعَوْتُكُمْ إليه باطل، وإنَّما ابْتَدَعْتُه، فَجَعَلُوا يقولون [له]: كَذَبْتَ وهو الحَقُّ، ولكنَّك شَكَكْتَ في دِينِك فَرَجَعْتَ عنه، فلمَّا رأى ذلك عَمَدَ إلى سلسلةٍ فَوَتَدَ لها وَتَداً، ثُمَّ جَعَلَها في عُنُقِه، وقال: لا أحلُّها حتى يتوبَ اللهُ - عزَّ وجلَّ - عَلَيَّ، فَأَوحى اللهُ عزَّ وجلَّ إلى نبيٍّ من أنبيائِه قُلْ لِفُلان: وعِزَّتي [وجلالي] لو دَعَوْتَني حتى تنقطعَ أوصالُك ما اسْتَجَبْتُ لك حتى تَرُدَّ من ماتَ إلى ما دَعَوْتَهُ إليه، فَيَرْجِعَ عنه".
📚 علل الشرائع ج٢ ص٢٤٢، الباب (٢٤٣) العِلَّة التي من أجلها لا يُقْبَلُ توبة صاحب البدعة، رقم الحديث ٢.
📚 عقاب الأعمال، ص٣٠٦-٣٠٧، عقاب من ابتدع ديناً، رقم الحديث ١.
عند بداية حضوري في الحوزة العلمية بقم المقدسة (زادها الله شرفاً)، ذهبتُ لتنفيذ بعض الإجراءات الإداريّة، وكان برفقتي صديقٌ إيرانيٌّ يمتاز بنقاء قلبه وكثرة يقظته، وخلال خروجنا، ونحن نمر بالطلاب هنا وهناك، قال لي وهو ينظرُ إليهم: «البعض يدخلُ إلى هنا حَمَلاً وديعاً، ويخرج ذئباً، فلا تكن مثلهم»، ثمّ سكتَ وسكتُّ ولم أجبه بكلمة.
وأنا لم أفهم المناسبة - بوضوح - آنذاك، وقد مرّ ما يقارب خمس سنوات على هذا الكلام ولا زال عالقاً في ذهني، وكنت قد تعجّبتُ في البداية من فهم هذا المعنى، ومع مرور الوقت أصبح واضحاً أنّ طلب العلم وحده لا يرتقي بالآدميّ إلى مرحلة الإنسانية، بل ربما يسقطه إلى هاوية الحيوانيّة.
وبعد أن فهمتُ ذلك بوضوح، كنت أقول لبعض أصدقاء الدرس: الله وحده يعلم ماذا يمكننا أن نفعل بالناس التي تثق بنا إذا تلبّسنا بلباس الشيطنة، ولم نُهذّب نفوسنا، وهو العليم بقدرتنا على قلب حياة الآخرين إلى جحيمٍ، وإخراجهم من جنة الحق إلى سعير الضلال، وإبدال الدين من محطّة للطمأنينة والسكون بطاعة الله والتنعّم بلذة ذكره ومناجاته إلى جهنم شيطانية وقودها وسوسة شياطين الإنس ممن تلبسوا يوماً بلباس طلب العلم.
حقاً؛ كل اللّمم من معاصي الناس يهون أمرُه أمام خطيئة من سلكَ طريق طلب العلم ثم أذابت شيطنته «حمليّته»، وأحالتها إلى «ذئبيّة» ضارية مضرّة بالمضلّلين المخدوعين الذين يحترقون كحطبٍ في معارك الاستحواذ على دار الممر الفانية.
.
.
.
📜 روى الشيخ الصدوق في (علل الشرائع) بسندٍ صحيح :
أبي رحمه الله قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدَّثنا أيوب بن نوح، قال: حدَّثنا محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كان رَجُلٌ في الزَّمَن الأوَّل طَلَبَ الدُّنيا من حلالٍ فَلَمْ يقدر عليها، وطَلَبَهَا من حرامٍ فَلَمْ يقدر عليها، فأتاهُ الشيطانُ فقال له: يا هذا إنَّك قَدْ طَلَبْتَ الدُّنيا من حلالٍ فَلَمْ تقدر عليها، وطَلَبْتَهَا من حرامٍ فَلَمْ تقدر عليها، أَفَلَا أَدُلُّك على شيءٍ تكثرُ به دُنياك، ويَكْثُرُ به تَبَعُك؟ قال: بلى.
قال: تَبْتَدِعُ دِيناً وتدعو إليه النَّاس، فَفَعَلَ فاسْتَجَابَ له النَّاسُ، فأطاعوه وأصابَ من الدُّنيا. ثُمَّ إنَّه فَكَّرَ فقال: ما صَنَعْتُ؟ ابْتَدَعْتُ دِيناً، ودَعَوْتُ النَّاس! ما أرى لي توبةً إلّا [أنْ] آتي من دَعَوْتُهُ إليه، فأَرُدَّهُمْ عنه، فَجَعَلَ يأتي أصحابَه الذين أجابوه، فيقول [لهم]: إنَّ الذي دَعَوْتُكُمْ إليه باطل، وإنَّما ابْتَدَعْتُه، فَجَعَلُوا يقولون [له]: كَذَبْتَ وهو الحَقُّ، ولكنَّك شَكَكْتَ في دِينِك فَرَجَعْتَ عنه، فلمَّا رأى ذلك عَمَدَ إلى سلسلةٍ فَوَتَدَ لها وَتَداً، ثُمَّ جَعَلَها في عُنُقِه، وقال: لا أحلُّها حتى يتوبَ اللهُ - عزَّ وجلَّ - عَلَيَّ، فَأَوحى اللهُ عزَّ وجلَّ إلى نبيٍّ من أنبيائِه قُلْ لِفُلان: وعِزَّتي [وجلالي] لو دَعَوْتَني حتى تنقطعَ أوصالُك ما اسْتَجَبْتُ لك حتى تَرُدَّ من ماتَ إلى ما دَعَوْتَهُ إليه، فَيَرْجِعَ عنه".
📚 علل الشرائع ج٢ ص٢٤٢، الباب (٢٤٣) العِلَّة التي من أجلها لا يُقْبَلُ توبة صاحب البدعة، رقم الحديث ٢.
📚 عقاب الأعمال، ص٣٠٦-٣٠٧، عقاب من ابتدع ديناً، رقم الحديث ١.
• نِعم الموعظة..
عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا وَ لَهُ حَدٌّ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا حَدُّ التَّوَكُّلِ؟!
قَالَ: «الْيَقِينُ».
قُلْتُ: فَمَا حَدُّ الْيَقِينِ؟!
قَالَ: «أَنْ لَا تَخَافَ مَعَ اللَّهِ شَيْئاً».
عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا وَ لَهُ حَدٌّ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا حَدُّ التَّوَكُّلِ؟!
قَالَ: «الْيَقِينُ».
قُلْتُ: فَمَا حَدُّ الْيَقِينِ؟!
قَالَ: «أَنْ لَا تَخَافَ مَعَ اللَّهِ شَيْئاً».
♦ قطرة من بحر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
📜 روى الشيخ المفيد في الأمالي بسند صحيح :
حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام:
يا علي أنت مني وأنا منك، وليُّك وليي ووليي وليُّ الله، وعدوُّك عدوِّي وعدوِّي عدوُّ الله.
يا علي أنا حربٌ لمن حاربك، وسلمٌ لمن سالمك.
يا علي لك كنزٌ في الجنة وأنت ذو قرنيها.
يا علي أنت قسيم الجنة والنار، لا يدخل الجنة إلا من عرفك وعرفته، ولا يدخل النار إلا من أنكرك وأنكرته.
يا علي أنت والأئمة من ولدك على الأعراف يوم القيامة تعرف المجرمين بسيماهم، والمؤمنين بعلاماتهم.
يا علي لولاك لم يُعرف المؤمنون بعدي.
📚 أمالي المفيد ص٢١٣، المجلس ٢٤، رقم الحديث ٤.
📜 روى الشيخ المفيد في الأمالي بسند صحيح :
حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام:
يا علي أنت مني وأنا منك، وليُّك وليي ووليي وليُّ الله، وعدوُّك عدوِّي وعدوِّي عدوُّ الله.
يا علي أنا حربٌ لمن حاربك، وسلمٌ لمن سالمك.
يا علي لك كنزٌ في الجنة وأنت ذو قرنيها.
يا علي أنت قسيم الجنة والنار، لا يدخل الجنة إلا من عرفك وعرفته، ولا يدخل النار إلا من أنكرك وأنكرته.
يا علي أنت والأئمة من ولدك على الأعراف يوم القيامة تعرف المجرمين بسيماهم، والمؤمنين بعلاماتهم.
يا علي لولاك لم يُعرف المؤمنون بعدي.
📚 أمالي المفيد ص٢١٣، المجلس ٢٤، رقم الحديث ٤.
حب الدنيا: خروجٌ من ولاية الله إلى ولاية الشيطان.
في مقام الحديث عن قتل الإمام الكاظم (عليه السلام) ينبغي أن يُشار أيضاً إلى دور بعض محبي الدنيا في تلك الجريمة، والعجيب في الأمر أن بعضهم كانوا من أقربائه، فأحدُ المشاركين الأساسيين في التحريض ضد الإمام لسجنه هو ابن أخيه (محمد بن إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق)، حيث ودّع الإمامَ وهو يبدي له العاطفة والمحبة ويخفي عنه الحقد والحسد وحب الدنيا - وليس يخفى على ولي الله شيء بإذنه تبارك وتعالى-، وانطلق إلى بغداد، فدخل على هارون العباسي، وابتدره قائلاً: «ما ظننتُ أن في الأرض خليفتين حتى رأيت عمي موسى بن جعفر يُسَلَّمُ عليه بالخلافة»، فأرسل هارون إليه بمائة ألف درهم!
نعم؛ مع غياب تهذيب النفس وتزكيتها، من الممكن أن يُقدِمَ الإنسانُ على التضحية بإيمانه وآخرته في سبيل تحقيق رغبات النفس المتلطخة بحب الدنيا وشهواتها، وقد رأينا ورأيتم من يطعن - كل يومٍ - بسهمٍ في قلب إمامه؛ لأنّ أمر دنياه لا يتم إلا بذلك، وشهوات نفسه أيضاً لا تنقضي إلا بذلك!
إن النفسَ إذا التهبتْ بنيران الشغف بالدنيا فإنها سوف تخلع لباس التقوى والدين وتلبس لباس الشيطنة والسوء، لينتهي الحال بالانصراف عن ولاية الله إلى ولاية الشيطان، وهذا هو الانحطاط العظيم، نعوذ بالله منه.
في مقام الحديث عن قتل الإمام الكاظم (عليه السلام) ينبغي أن يُشار أيضاً إلى دور بعض محبي الدنيا في تلك الجريمة، والعجيب في الأمر أن بعضهم كانوا من أقربائه، فأحدُ المشاركين الأساسيين في التحريض ضد الإمام لسجنه هو ابن أخيه (محمد بن إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق)، حيث ودّع الإمامَ وهو يبدي له العاطفة والمحبة ويخفي عنه الحقد والحسد وحب الدنيا - وليس يخفى على ولي الله شيء بإذنه تبارك وتعالى-، وانطلق إلى بغداد، فدخل على هارون العباسي، وابتدره قائلاً: «ما ظننتُ أن في الأرض خليفتين حتى رأيت عمي موسى بن جعفر يُسَلَّمُ عليه بالخلافة»، فأرسل هارون إليه بمائة ألف درهم!
نعم؛ مع غياب تهذيب النفس وتزكيتها، من الممكن أن يُقدِمَ الإنسانُ على التضحية بإيمانه وآخرته في سبيل تحقيق رغبات النفس المتلطخة بحب الدنيا وشهواتها، وقد رأينا ورأيتم من يطعن - كل يومٍ - بسهمٍ في قلب إمامه؛ لأنّ أمر دنياه لا يتم إلا بذلك، وشهوات نفسه أيضاً لا تنقضي إلا بذلك!
إن النفسَ إذا التهبتْ بنيران الشغف بالدنيا فإنها سوف تخلع لباس التقوى والدين وتلبس لباس الشيطنة والسوء، لينتهي الحال بالانصراف عن ولاية الله إلى ولاية الشيطان، وهذا هو الانحطاط العظيم، نعوذ بالله منه.