Telegram Web Link
📚 منارات قرآنية على طريق طلب العلم

إنّ طالب العلم السائر على سبيل نجاةٍ، والمتحلي بالروحيّة القرآنية لن يُحلّقَ في عوالم المعارف الإلهية وينتفع بثمارها إلا إذا رسّخ في قلبه عدداً من اليقينيات القرآنية، ومنها:

١. قوله تعالى: «وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً»، حيث يتوجه إلى الله تبارك وتعالى ليستمدّ من ألطافه العلم النافع والمثمر، وهذا التوجه يكون سبباً للفيض الإلهيّ على قلب المتعلم، فيتنوّر قلبه بنور المعرفة «واتَّقُوا اللهَ ويُعَلِّمُكمُ اللهُ»، فينبغي له أن يكثر من ذكر هذه الآية فإنها خير دعاء لأهل العلم.
إننا نكثر من الدعاء والتوسل لقضاء حوائجنا الماديّة، ولكن ربما القليل منّا من يتوجّه للتوسل بباب مدينة العلم (صلوات الله عليه) ليُفيض عليه بعض ألطافه، وقد جُرّب هذا عند أهل العلم، فكان حقاً نور على نور.

٢. قوله تعالى: «وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ»، ليزوّدَ نفسه بيقينٍ قرآنيٍّ يقيه من سلطنة الغرور عليه، فإن الشيطان قد يتسلّطُ على نفس هذا الإنسان الضعيف البائس الفقير، ويزيّن له الأوهام فيجعلها في صورة الحقائق التامّة، فيظن نفسه مع ما هو فيه من حجب غليظة وقصور متكثّر سابقاً للأولين والآخرين، وهذا يولّدُ الآفة الشيطانية المهلكة «الغرور والاستكبار» التي تُهلك النفس وتُحرق الحسنات.

٣. قوله تعالى: «وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً»، وهي خيرُ إشارةٍ إلى قصور وضعف إحاطة الإنسان مهما بلغ من العلم، فهي تؤكّد تلك الحقيقة الراسخة التي تؤكد ضعف النفس البشرية وقصورها وضيق منافذها في جنب سعة علم الله وما أنعم به على حججه (عليهم السلام)، ولعلّ الله أوجد هذا القصور في نفوسنا؛ ليُعلم افتقارنا إليه، واعتمادنا عليه في التعلّم والتوفيق والسداد للوصول إلى الاغتراف من علمه اللامتناهي وهو المعطي الكريم.
وليُعلم أن مجافاة هذه الحقائق والتغاضي عنها يورث آفات أخلاقيّة تنتهي إلى التهلكة وتضييع العاقبة الحسنة بالآخرة، والواقع المشهود خير شهيدٍ على تردي بعض المنتسبين لهذا الطريق في قعر بئر ظلمات النفس والأوهام الشيطانية، ولا زلنا نسمع من يفضّل نفسه على العالمين، وهو - المسكين - لم يرَ شيئاً في العالمين، بل لم يرَ إلا نفسه وهواه وشيطانه، فهو حبيس هوى نفسه، وأسيرٌ لِوَحي شيطانه، ومنقادٌ بزمام أبالسة الإنس والجن.

نسألُ اللهَ - تبارك وتعالى - التواضع وإخلاص قصد القلوب إليه وحده لا شريك له، والحمد لله رب العالمين.
منارات على طريق الأربعين (١)

احذروا ثقافة الإحباط!

كثيراً ما نسمع ويتردد على الأسماع ما يقال: إن الناس يتكرر عليها شهر رمضان وزيارة عاشوراء والأربعين وعرفة ويقرؤون القرآن ومع ذلك لا نلمس تغييراً في حياتهم، وأنا أعتقد أن هذا من تسويلات الشيطان وأمانيّه الخدّاعة، فنحن - وفقاً لحساباتنا الظاهرية - قد لا نشعر بالمسافة التي يقطعها كل إنسان وهو يحارب رذائل الشيطان في ساحة النّفس - وهذه معركة طويلة الأمد وصعبة جداً - ، وربما نفس الإنسان لا يشعر بتقدمه إلا بعد سنوات طويلة، ولا يتذوق طعم ثمرة جهاده إلا بعد وقت غير يسير، فلا ينبغي الإصغاء إلى ما يثبط المعنويات ويبخس تلك الطاعة أثرها..
الله وحده يعلم كم من شارب خمرٍ تاب في ضيافة سيد الشهداء عليه السلام، وكم من منكسر في معركته مع الشيطان قد أعزّه الله ببركة شهر رمضان، فعلينا أن نلتفت إلى أهمية العمل دون الإصغاء لتلك التهكمات الباردة.
يُنقل أن أحد المشتغلين بالعبادة قال إنه طوى وقتاً طويلاً في عالم الأذكار والأوراد ولم يلمس أثراً، فأجاب الأستاذ بقوله: إنه ينظر إلى زمانه الحالي ولا ينظر إلى دفتر أعماله وأحواله القديمة، كم كان وضعه رديئاًً!
ومن هنا، لا ينبغي التسرع في الحكم على الآخرين وهم يجاهدون أنفسهم، فالأمر ليس سهلاً.
إن «الأنا الشيطانية» قضت على ستة آلاف عام من عبادة العارف بالله معرفة شهودية، فكيف بهذا الإنسان الضعيف المحاط بحجب غليظة وقد غزته شياطين الجن والإنس..

نسأل الله أن يلهمنا الصلاح والتقوى في هذا الشهر الكريم بحق محمد وآل محمد..

https://www.tg-me.com/mesbah_qom
...
منارات على طريق الأربعين (٢)

فائدة الاجتماع للعبادة

۱. «لأن الإنسان الكامل من جميع الوجوه نادر الوجود، لذا كان من الأفضل اجتماع ثلة من الناس، يتصف أحدهم بالعلم والآخر بالزهد أو حضور القلب وغير ذلك، وجعل عبادتهم وعملهم موحداً جماعياً حيث يكون تام الأجزاء والشرائط، ومن خواصه القبول والاستجابة في الدعاء والقرب وسائر الفوائد العظيمة»
العلامة المجلسي: عين الحياة، ج۲، ص۲۹۰.

۲. «ويمكن القول - وكأصل عام -: إن للنفوس المجتمعة المتحدة أثر نفسٍ كليةٍ إلهيّةٍ، ويمكن معرفة إحدى فضائل وآثار صلاة الجماعة وحلقات الذكر والاجتماع للدعاء من خلال معرفة حقيقة أن لكل إنسان صفة أو أكثر من الصفات الحميدة والكمالات الإنسانية والذين يجتمعون للصلاة والذكر والدعاء يشكلون مجتمعين مثل الإنسان الكامل أو ظله أو مثاله، فيكون اجتماعهم سبباً لنزول البركات الإلهية... ».
الشيخ حسن زاده آملي: رسالة نور على نور في الذكر والذاكر والمذكور، ص۱٦٥.

#زيارة_الأربعين
منارات على طريق الأربعين (٣)

«حينما بدأ الدين يضعف وينهار بسبب تصرفات بعض رواد عصر صدر الإسلام، ولم يبقَ سوى بعض أشخاص ملتزمين بهذا الدين، شاء الله تعالى أن ينهض الحسين بن علي عليه السلام ويوقظ الأمة بتضحياته، وجُعل للمشاركين في مراسم عزائه عليه السلام ثواباً جزيلاً من أجل إبقاء حالة الوعي لدى الناس ولكي يُصان أساس كربلاء من الاندثار، فكربلاء تقوم على أساس قلع قواعد الظلم والجور، وحث الناس على التوحيد، ودفعهم نحو العدل والقسط».

السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه.
نهضة عاشوراء، ص٨٩.
🏴 شعارُنا..

روى ثقة الإسلام الكليني (رضوان الله عليه) بسندٍ صحيح عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): «....، وشعار الحسين عليه السلام (يا محمد) وشعارنا (يا محمد)».

#يا_محمد
✍🏻 الآداب العالية، مرحلة فوق الحلال والحرام

روى الشيخ الصدوق بإسنادٍ صحيحٍ:
( حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رحمه الله - قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، قال: رآني أبو عبد الله عليه السلام بالمدينة وأنا أحمل بقلاً، فقال:
«إنه يكره للرجل السري أن يحمل الشيء الدنيّ فيجترئ عليه»).

وهنا تنبيهات حول الحديث:
1. الرجل السريّ: الرجلُ الشريف، ومثله: الرجل ذو الشأنيّة الحساسة في المجتمع.
2. كراهة حمل البقل في ذلك الزمان ناظرةٌ إلى عُرفهم، ولا يعني التقيّد بهذا الشيء في زماننا لتغيّر الأعراف، وإنما المراد هو أنّ الرجل ذا المكانة الاجتماعية ينبغي له أن يراعي الآداب العُليا الشرعية والعرفية في زمانه، لئلا يكون هيّناً في نظر الناس، ويفقد تأثيره عليهم، وهذا نظير النهي عن كثرة المزاح، فإن الرجل القدوة لو أكثرَ المزاح، فإنه لا يفعل حراماً، ولكنه يهونُ في قلوب الآخرين، حيث إنّ كثرة المزاح تذهبُ بالبهاء والهيبة والوقار، وهذه أمورٌ محبوبة عقلائياً ولها تأثير في نفوس العقلاء؛ لأن الناس تقدّر الرزين وتستخفُّ بفاقد الاتزان في تصرفاته وسلوكه.
3. تعليل وجه النهي في الرواية الشريفة (نظرة الناس) ما يعني أنّ لعُرف الناس ونظرتهم إلى الإنسان المؤمن دخالة في ذلك، إذ هم الهدف الذي لأجله يرتفع الإنسان بسلوكه، لا سيما إذا كان في موضع الأسوة والقدوة، وواضح أشدّ الوضوح أنّه ليس كل حلالٍ يُؤتى، لا سيما إن كانت له جنبة أخرى لا بد أن تراعى الحكمة فيه، مثل الحذر عن فقدان الوقار والاحترام من قِبل الناس؛ لأن إتيان بعض الأمور المحللة وإن كان لا إشكال فيه شرعاً؛ لكنه من الجانب العقلائي والعرفي يوجب فقدان الاحترام عند كثير من الناس.
أيتامٌ في سامراء ..

بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) حلّت الفاجعة على أهل بيته، وبعد قتل سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) نال أهله من الأذى والبلاء ما لا يُحصى ولا يُطاق فهمه، وهكذا كانت المصائب تتوالى على أهل بيت كل إمامٍ، ويا لها من فاجعة، .. أما فاجعة آل العسكري - صلوات الله عليه - فقد كانت في الغربة والتشرّد والتشتت والفاقة والأذى، وأي ظلم لم تجره هذه الأمة الظالمة على آل محمد صلوات الله عليهم؟!
• روي بسند صحيح عن السفير الأوّل عثمان بن سعيد العمري رضوان الله عليه: «..، فَإِنَّ الأَمْرَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ مَضَى ولَمْ يُخَلِّفْ وَلَداً، وقَسَّمَ مِيرَاثَه، وأَخَذَه مَنْ لَا حَقَّ لَه فِيه، وهُو ذَا عِيَالُه يَجُولُونَ، لَيْسَ أَحَدٌ يَجْسُرُ أَنْ يَتَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ أو يُنِيلَهُمْ شَيْئاً».
💡الاحتياط عن الشبهات

بعض الأفعال جائزة في نفسها، ولكنها في الواقع الخارجي على شفا حفرة عميقة، وتعويد النفس على الإتيان بها فيه مظنّة السقوط، ومن ذلك الاختلاط وحفلات الموسيقى.
يقول السيد الإمام: «ينبغي أن لا نفعل كل عملٍ جائزٍ وخاصة الأمور التي يكون فيها لمكائد النفس والشيطان دور بارز».
[الأربعون حديثاً، ح١٩، ص٣٣٩]
ويطبّقُ مثالاً على «الغِيبة الجائزة» إذ يوصي بعدم تعويد النفس على الغِيبة في الأحوال الجائزة؛ لأنها تضر بالحال، حيث إن النفس تميل للشرور والقبائح، فمن المحتمل أن ينجرّ الإنسان رويداً رويداً من الموارد الجائزة إلى المحرمة. انتهى

بعض الأفعال أجازها الإسلام لرفع الحرج في بعض الموارد، ولكنه يندب إلى الاحتياط فيها والاقتصار على الضرورة فيها، لئلا تكون مقدمةً للحرام، ولا سيما في الموارد التي يكثر فيها اشتباه حلالها بحرامها وتكون منفذاً للشيطان حيث يستغل ذلك التشوش والخلط، ولم يكثر الخلاف في شيء بقدر ما وقع في الاختلاط والموسيقى هل هي لهوية محرمة أم لا؟!
وهنا يقول السيد الإمام: «كما أن الدخول في الشبهات غير محمود رغم جوازه؛ لأنها حمى المحرمات، ومن الممكن أن الاقتحام في الحمى يُفضي إلى الدخول في المحرمات».
[المصدر السابق]

وهذا الاحتياط وجه من وجوه المراقبة الشديدة للنفس التي أوصى بها أئمتنا (عليهم السلام) والسالكون على طريقهم ومنهاجهم.. نسأل الله أن يرزقنا ذلك بفضله إنه كريم مجيب.
رحمة للعالمين، رؤوف رحيم ⁦❤️

حقاً وصدقاً، «ما برأ الله نسمة خيراً من محمدٍ (صلى الله عليه وآله)»، فهو الداعي إلى الله في عالم الذرّ الأوّل، وسابق العالمين إلى معرفته، والمُسبّح في عالم الأنوار تحت العرش، التامّ في معرفة الله، الواصل قاب قوسين أو أدنى، المتنزل بالرحمة والهدى على العالمين، منبع الفيوضات الإلهية، وباسط الإفاضات الملكوتيّة، الرؤوف الرحيم، الذي بجهاده تمم مكارم الأخلاق، وعلّمَ الحكمة، وهذّب الأرواح، وأخرجهم من ظلمات عالم النّفس إلى استنارة الروح بالحقّ، فكان الوسيلة الأقرب إلى الله، وباب نجاة الأمة، ورحمةً للعالمين، صلوات الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

• جملة من أخلاقه وسجاياه على لسان أمير المؤمنين عليه السلام:
«مَا صَافَحَ رَسُولُ اللَّهِ أَحَداً قَطُّ فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ يَدَهُ، وَمَا فَاوَضَهُ أَحَدٌ قَطُّ فِي حَاجَةٍ أَوْ حَدِيثٍ فَانْصَرَفَ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْصَرِفُ، وَمَا نَازَعَهُ الْحَدِيثَ حَتَّى يَكُونَ‏ هُوَ الَّذِي يَسْكُتُ، وَمَا رُئِيَ مُقَدِّماً رِجْلَهُ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ قَطُّ، وَلَا عَرَضَ لَهُ‏ قَطُّ أَمْرَانِ إِلَّا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا، وَمَا انْتَصَرَ نَفْسَهُ مِنْ مَظْلِمَةٍ حَتَّى يُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللَّهِ فَيَكُونَ حِينَئِذٍ غَضَبُهُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى».

#رحمة_للعالمين
هو الغفور الرحيم

روى ثقة الإسلام الكليني في الكافي الشريف بسندٍ صحيحٍ:

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «يا محمد بن مسلم، ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله إنها ليست إلا لأهل الإيمان».
قلت: فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟!
فقال: «يا محمد بن مسلم، أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثم لا يقبل الله توبته؟!».
قلت: فإنه فعل ذلك مراراً، يذنب ثم يتوب ويستغفر!
فقال: «كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فإياك أن تُقَنِّطَ المؤمنين من رحمة الله».

الكافي الشريف، ج٤، ص٢٢٩-٢٣٠، كتاب الإيمان والكفر، باب التوبة، رقم الحديث ٦.
📜 من وصايا رسول الله «ص» لأبي ذر الغفاري

روى السيد يحيى بن الحسين بن هارون، أبو طالب الهارونيّ - وهو من أعلام الزيديّة - في كتابه (تيسير المطالب، ص٤٣٥-٤٣٦، رقم الحديث ٥٥٧) عن أبيه عن مشايخ الإماميّة:
(أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله•، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليه السلام، عن أبي ذر رحمة الله تعالى عليه، قال: «أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أكثر من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) فإنها كنز من كنوز الجنة، ويدفع الله بها تسعاً وتسعين باباً من أبواب البلاء، أدناها وأيسرها الهم والحزن».

• كذا في المطبوع، والظاهر أنّ المراد هو: (أحمد بن أبي عبد الله)، وهو البرقي، فهو الذي يروي عن جعفر بن محمد الأشعري القميِّ، انظر: معجم رجال الحديث، ج٥، ص٦٩، رقم الترجمة ٢٤٤٦.
روى ثقة الإسلام الشيخ الكليني بسندٍ صحيحٍ :
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام:
«جاء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال: يا محمد، عش ما شئتَ فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك لاقيه»).
[الكافي، ج5، ص627، رقم الحديث 4756].

نسأل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة، بحق محمد وآل محمد عليهم السلام.
#دراية

«حديث (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) لا يحضرني أنّ أحداً من محدثينا رواه في شيء من الكتب المعتمدة. نعم؛ نقله بعض المتأخرين من علمائنا في غير كتب الحديث، وكأنه من روايات العامة أو موضوعاتهم .. ويحتمل كونه من موضوعات الصوفيّة لإرادة إثبات ما يدّعونه من الكشف وما يترتب عليه من المفاسد التي ليس هذا محل ذكرها».

الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي،
الفوائد الطوسيّة، الفائدة 85.
مصباح الهداية
Video
#من_الأرشيف

مما افتراه الشيخ "الدكتور" الوهابي ناصر القفاري على السيد الإمام الخميني رضوان الله عليه أنّه قد مدحه خطيبٌ اسمه [السيد حجازي] بتفضيله على نبيّ الله موسى (عليه السلام)، فقبل منه ذلك، ولعلّ الدكتور كان يظنُّ نفسه في زمنٍ كزمن أئمة الضلال حيثُ كانوا يفترون كثيراً من الأكاذيب، دون وجود آلة تصويرٍ تفنِّدُ الافتراء، أو بقاء أدلّة تكشف زيف مفترياتهم، ومع ذلك شاءَ الله أن يفضحَ هذا الكذب، فكان المقطعُ الذي تحدّث عنه القفاري قد سُجِّلَ بالصوت والصورة، وليسَ فيه تفضيلٌ للإمام على أحدٍ من أنبياء الله، ومع ذلك قد تكلّم الإمام الخميني بكلامٍ نفى فيه قبوله لأي مديحٍ يلقيه الآخرون عليه، ومنه قوله - رحمه الله -: «لو كنت أرى لنفسي مرتبة أعلى من سائر الناس لكان هذا انحطاطاً فكرياً وروحياً».

وبهذا المستوى من الدعاية الحاقدة التي كان البعض يخوضها ضد السيد الإمام في بداية الثورة، ينبغي لنا أن نعرفَ طبيعة أحقاد هؤلاء، ونهج الكذب والتزوير الذي سلكه هؤلاء على آثار أئمتهم..
الثقافة والتعايش مع الآخر

كثرة التنظير غير المنضبط في العلاقة بين الأديان والمذاهب، أدت إلى عدم الوضوح في الرؤية بين ما يلزم لاحترام الآخر وبين قانون حفظ الهويّة الدينيّة، فترى كثيراً ممن يكتبُ في المجال الإعلاميّ يبدي استعداداً لتذويب هويّته وشخصيّته أمام الأديان والثقافات الأخرى في مقابل إظهار انفتاحه عليهم، مع أنّهم في نفس الوقت قد لا يُقدمون على رُبع الجهد المبذول لإرضائهم.

نحنُ مطالبون باحترام الآخرين تحت إطار «التعايش السلمي» الذي يحفظ للجميع أمنهم وكرامتهم، وفي الوقت نفسه لسنا مطالبين بأنْ نبخسَ ثقافتنا الإسلاميّة حقّها، وأن نقبل بكلّ ما يرد إلينا من شرقٍ وغربٍ، لا سيما أنّ الآخر يفعل نفس الشيء، فهو بقدر طاقته يسعى إلى إبقاء صورته الأساسيّة بالنحو الذي يحفظ له هويّته وثقافته التي يفتخرُ بها.
حديثٌ جامعٌ في صفات الإمام

📜 روى الشيخ الكليني في (الكافي) بسندٍ صحيح :
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبةٍ له يَذكر فيها حالَ الأئمَّة عليهم السلام وصفاتهم: "إنَّ اللهَ - عزَّ وجلَّ - أَوْضَحَ بأئمَّةِ الهُدى من أهلِ بيتِ نبيِّنا عن دينه، وأَبْلَجَ بهم عن سبيلِ منهاجه، وفَتَحَ بهم عن باطنِ ينابيعِ عِلْمِه؛ فمن عَرَفَ من أُمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وآله واجبَ حَقِّ إمامه، وَجَدَ طعم حلاوةِ إيمانه، وعَلِمَ فضلَ طلاوةِ إسلامه؛ لأنَّ الله - تبارك وتعالى - نَصَبَ الإمامَ عَلَماً لِخَلْقِه، وجَعَلَهُ حُجَّةً على أهلِ مَوَادِّهِ وعَالَمِهِ، وأَلْبَسَهُ تاجَ الوَقَار، وغَشَّاهُ من نور الجَبَّار، يَمُدُّ بِسَبَبٍ إلى السَّماء، لا ينقطعُ عنه مَوَادُّهُ، ولا يُنالُ ما عند اللهِ إلَّا بجهةِ أسبابِه، ولا يَقْبَلُ اللهُ أعمالَ العِبادِ إلَّا بمعرفتِه، فهو عالِمٌ بما يَرِدُ عليه من مُلْتَبِسَاتِ الدُّجى، ومُعَمِّيَاتِ السُّنَن، ومُشَبِّهَاتِ الفِتَن.
فَلَمْ يَزَلِ اللهُ - تبارك وتعالى - يَخْتَارُهُمْ لِخَلْقِهِ من ولد الحسين عليه السلام من عَقِبِ كُلِّ إمامٍ يَصْطَفِيهِمْ لِذلك ويَجْتَبِيهِمْ، ويَرْضى بهم لِخَلْقِهِ ويَرْتَضِيهِمْ، كُلَّمَا مَضى منهم إمامٌ، نَصَبَ لِخَلْقِهِ من عَقِبِهِ إماماً عَلَماً بَيِّناً، وهَادِياً نَيِّراً، وإماماً قَيِّماً، وحُجَّةً عالِماً، أئمَّةً من اللهِ، يَهْدون بالحَقِّ، وبه يَعْدِلُون، حُجَجُ اللهِ ودُعَاتُهُ ورُعَاتُهُ على خَلْقِه، يَدِينُ بِهَدْيِهِمُ العِبَاد، وتَسْتَهِلُّ بِنُورِهِمُ البِلاد، ويَنْمُو بِبَرَكَتِهِمُ التِّلاد، جَعَلَهُمُ اللهُ حياةً للأنام، ومصابيحَ للظَّلام، ومفاتيحَ للكلام، ودعائمَ للإسلام، جَرَتْ بذلك فيهم مقاديرُ اللهِ على مَحْتُومِها.
فالإمامُ هو المُنْتَجَبُ المُرْتَضى، والهَادِي المُنْتَجى، والقائمُ المُرْتَجى، اصْطَفَاهُ اللهُ بذلك، واصْطَنَعَهُ على عَيْنِهِ في الذَّرِّ حين ذَرَأَهُ، وفي البَرِيَّةِ حين بَرَأَهُ ظِلّاً قبلَ خَلْقِ نَسَمَةٍ، عن يمينِ عَرْشِه، مَحْبُوّاً بالحكمةِ في علم الغيب عنده، اختارَهُ بعِلْمِهِ، وانْتَجَبَهُ لِطُهْرِهِ؛ بَقِيَّةً من آدم عليه السلام، وخِيَرَةً من ذُرِّيَّةِ نوحٍ، ومُصْطَفىً من آل إبراهيمَ، وسُلَالَةً من إسماعيلَ، وصَفْوَةً من عِتْرَةِ محمدٍ صلى الله عليه وآله، لَمْ يَزَلْ بعَيْنِ اللهِ يَحْفَظُهُ ويَكْلَؤُهُ بسِتْرِهِ، مطروداً عنه حبائلُ إبليسَ وجنودِه، مدفوعاً عنه وُقُوبُ الغَوَاسِقِ، ونُفُوثُ كُلِّ فاسِقٍ، مصروفاً عنه قَوَارِفُ السُّوءِ، مُبَرَّأً من العاهاتِ، محجوباً عن الآفاتِ، معصوماً من الزَّلَّاتِ، مَصُوناً عن الفواحِشِ، كُلِّها، معروفاً بالحِلْمِ والبِرِّ في يَفَاعِهِ، منسوباً إلى العَفَافِ والعِلْمِ والفَضْلِ عند انتهائه، مُسْنَداً إليهِ أَمْرُ وَالِدِه، صامتاً عن المنطق في حياتِه.
فإذا انْقَضَتْ مُدَّةُ وَالِدِه، إلى أنِ انتهت به مقاديرُ اللهِ إلى مشيئَتِه، وجاءتِ الإرادةُ من اللهِ فيه إلى مَحَبَّتِه، وبَلَغَ منتهى مُدَّةِ والِدِه عليه السلام، فَمَضى وصارَ أمرُ اللهِ إليه من بعدِه، وقَلَّدَهُ دِينه، وجَعَلَهُ الحُجَّةَ على عباده، وقَيِّمَهُ في بلاده، وأَيَّدَهُ برُوحِه، وآتاهُ عِلْمَه، وأَنْبَأَهُ فضلَ بَيَانِه، واسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ، وانْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أمرِه، وأَنْبَأَهُ فضلَ بيانِ عِلْمِه، ونَصَبَهُ عَلَماً لِخَلْقِهِ، وجَعَلَهُ حُجَّةً على أهلِ عالَمِه، وضِياءً لأهلِ دِينه، والقَيِّمَ على عبادِه، رَضِيَ اللهُ به إماماً لهم، اسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ، واسْتَحْفَظَهُ عِلْمَهُ، واسْتَخْبَأَهُ حِكْمَتَهُ، واسْتَرْعَاهُ لِدِينه، وانْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أمرِه، وأَحْيَا به مناهِجَ سبيلِه، وفرائضَهُ وحُدُودَهُ، فقامَ بالعَدْلِ عند تَحْييرِ أهلِ الجهل، وتَحْبيرِ أهلِ الجَدَل، بالنُّورِ السَّاطِع، والشِّفاءِ النَّافِع، بالحَقِّ الأَبْلَجِ، والبَيَانِ اللَّائِحِ من كُلِّ مَخْرَجٍ، على طريقِ المنهج، الذي مَضى عليه الصَّادقون من آبائه عليهم السلام، فَلَيْسَ يَجْهَلُ حَقَّ هذا العالِم إلَّا شَقِيٌّ، ولا يَجْحَدُهُ إلَّا غَوِيٌّ، ولا يَصُدُّ عنه إلَّا جَرِيٌّ على اللهِ جلَّ وعَلَا".

📚 الكافي ج١ ص٥٠٣-٥٠٩، كتاب الحُجَّة، بابٌ نادرٌ جامعٌ في فضل الإمامِ وصِفاته، رقم الحديث ٢.
لا شكّ في احتياج المؤمنين - ولا سيّما طلاب العلم - إلى التعرّف على مسالك تهذيب النفس وترقية الأخلاق، وبذلك يتمّ التوجُّه والتوجيه إلى دروس وكتب الأخلاق بناءً على كونها مظنّة المراد ومحلّ مطلوب العباد، وبالنظر في كثيرٍ منها نجدها في الغالب غنيّة بالنصوص الدينية من القرآن الكريم والروايات الشريفة، وهذا الأمرُ في حدِّ نفسه خطوة أولى على الطريق، إلا أنّه بالتأمل يظهر أنّ نسبةً منها لا تروي ظمأ الطالب إذ يُرى (المتكلّم) يمارس صولاته وجولاته اللغويّة والمنطقيّة والأصولية على نصوص البحث الأخلاقي، وهي خارجةٌ عن حريم تلك الأبحاث، إذ إنّ المقصد الأساس فيها هو تحريك جمود القلب، وإزالة ركام القيل والقال، وإفناء آثار الغفلة، وإذا بالعبد المسكين يسقط تحت مطرقة الأستاذ الذي يأخذ النصوص تحت مسطرته ليقيسها ذرّة فَذرَّة، فيُعربها ثم يبين محتملات معناها، ثم يُشكل عليها وفق قوانين القسمة المنطقيّة، ثم يحلل قيود الألفاظ، ثم يعترض، ويجيب، وينقض، ويتنظّر، وكأنّه يحسب قطرات الكرّ أو ذرّاتِ الرطل العراقي، فيقع المستمع فيما هربَ منه، ليكون كالمستجير من الرمضاء بالنّار.
وهذا النقد قد سجّله السيد الإمام الخميني (رضوان الله عليه) على جملةٍ من الكتب الأخلاقية، إذ تخلّت عن وظيفتها الأساسيّة إلى ممارسة التطبيقات الصناعيّة من مباحث لغويّة وعقليّة، فقال: (غرضنا أنّ مقصد القرآن والأحاديث هو تصفية العقول وتزكية النفوس لحصول المقصد الأعلى وهو التوحيد، وشارحو الأحاديث الشريفة ومفسرو القرآن الكريم لم ينظروا إلى هذه النكتة التي هي أصلُ الأصول، ومرّوا بها مرور الكرام، وجعلوا البحث والتدقيق والتحقيق في موردٍ لم يكن مقصوداً لنزول القرآن وصدور الأحاديث الشريفة بوجهٍ من الوجوه نظير الجهات الأدبية والفلسفية والتاريخية وأمثالها، حتّى علماء الأخلاق الذين دوّنوا هذا العلم أو بحثوا بالطريق العلميّ أو الفلسفي كالكتاب الشريف (طهارة الأعراق) للمحقق الكبير ابن مسكويه، والكتاب الشريف (أخلاق الناصري) تأليف الحكيم المتأله والفيلسوف المتبحر أفضل المتأخرين، نصير الملّة والدين – قدس الله نفسه الزكيّة -، والقسم الكبير من كتاب إحياء العلوم للغزالي، وليس لهذا النحو من التأليف أثر يلفت النظر في تصفية الأخلاق وتهذيب الباطن، إن لم نقل بأنّه ليس له أيُّ أثرٍ أصلاً..).
بالمحصّلة، نحنُ بحاجة إلى دراسة هذه النصوص وفقاً للمناهج العلميّة، ولكن في مقام البحث لا في مقام الوعظ وإرادة تصفية القلب وتهذيب الباطن، أما دراسة النصوص الأخلاقية من جهةٍ فلسفيّة ولغويّة وغير ذلك، فلها مقام مختصٌّ بها، وقد كُتِبَ في ذلك.
ولذلك فإنّ بعض ما كُتب في الوعظ والتذكرة بلغةٍ روحيّة سلسة يُعتبر أقوى تأثيراً في النّفس من غير ذلك، ومن أهمّها كتابُ «مرآة الرشاد» للشيخ المامقانيّ، وكتاب «الطريقُ إلى الله» للشيخ حسين البحراني.


✍🏻 إبراهيم جواد
💡الحجاب، جهادٌ أعظم..

يزدادُ حجم المسؤوليّة ومعه قدر الثواب لكل عملٍ يصبح واجهةً في الحرب مع أعداء الأحكام الإلهيّة، وبحجم العناء وتحمل هجمات الأعداء ومضايقاتهم يكون الأجر والثواب، ولذلك فإن الحجاب ربما كان تكليفاً شخصياً للفرد في القرون الخالية، وله ثوابه، ولكن التمسك به اليوم يُعدّ جهاداً في سبيل الله، وذوداً عن حمى الزهراء (عليها السلام) ومن اتّبعها بإحسانٍ وهدى، ومواجهة ثقافيّة وروحيّة ودفاعاً فكرياً عن انسجام التشريعات الإلهية مع الحياة الطيّبة، ولعلّ هذا الجانب الضئيل أمام التحديات الكثيرة التي تواجهنا كاشفٌ عن سرّ أفضليّة أهل الإيمان المخلَصين في زمان الغيبة حيث شدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا.

«الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ فَلِبَاسُهُ الْحَيَاءُ، وَزِينَتُهُ الْوَفَاءُ، وَمُرُوءَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَعِمَادُهُ الْوَرَعُ، وَلِكُلِّ شَيْ‏ءٍ أَسَاسٌ وَأَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ».
الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله.
«إِنَّ دِيْنَ اللهِ لا يُعرَفُ بالرِّجَالِ، بَلْ بِآيَةِ الحَقِّ، فاعرِفِ الحَقَّ تَعرِفُ أهلَهُ، يَا حَارُ، إِنَّ الحَقَّ أَحسَنُ الحَدِيْثِ، والصَّادِعَ بهِ مُجَاهِدٌ..».

أمير المؤمنين (عليه السلام) مخاطباً صاحبَه الحارث الهمدانيّ.
2025/07/09 00:14:19
Back to Top
HTML Embed Code: