الخلوة

Forwarded from حُبَابَة• (حَبِيبَة•)

‏وأنا أفتقده وأفتقده..
يبدو العالم بأكلمه خاويًا ومؤلمًا، أكره ضوء القمر لأنه جميل وهو ليس هنا ليراه معي.
_ جين ويبستر

127 viewsطارق, 22:12

Forwarded from مهاب السعيد (Mohab Saeed)

لا تكفيني لحظات السعادة حتى أفكر في لحظات فقدها! أخاطب نفسي حين أستلقي مُعافًى على أريكتي، هل ستظل بنفس سعادتك تلك حين تفكر أنك غدًا قد تفقد ساقيك، عينيك، أحد والديك، زوجتك أو ابنتك؟ هل تشعر أنك على ما يرام حين تفكر في عجلة الفناء التي تدور عليك وعلى أحبابك؟! وأنت تفكر في كل اللحظات التي تقربنا من قبورنا، من مصائب أقدارنا، من عجز آخر عمرنا؟ حين تفكر أنك في كل عام تمر على يوم ميلادك فتسعد، وتمر على يوم وفاتك دون أن تلاحظ لأنك لم تعرفه بعد؟

لا تكفيني لحظات السعادة حتى أفكر: هل سأكون على ما يرام حين تُسلب مني في دنيا كُتب على كل ما فيها أن ينال حظه من الفناء؟ حينها أجيب نفسي: وماذا عن كل تلك الأوقات اللطيفة التي تمر عليك محمّلة بهدايا الإله قبل أن يدركها الفناء؟ هل كنت تطمع في جنة الأبد؟ هل كنت تطمع في خلد الرغد؟ وكم يكفيك يا هذا من السنين حتى تقنع؟!

في طرقات المشفى أجد الألم، أجد العواء والنحيب، لا يشعرني هذا بكبير كمد عليهم، فسويعات الألم الحاد ما أسرع أن تمر، إنما هي لحظات من الحياة قاسية ولكنها سوف تمر. ولكني أتسمر في كل مرة أرى فيها العجز، الشابة العمياء، والفتى المقعد، وهذا العجوز المسكين! العجز يعني امتداد من اللحظات القاسية إلى أن يشاء الله، ترى، أي صبر يحتاجون حتى يبقوا جذوة رضاهم عن ربهم في صدورهم متقدة؟! حين أرى العجز أتساءل عن حالي حين أكون مكانهم، هل أصبر كما أراهم يصبرون، أم يمتلئ صدري بالحريق؟ حينها أجيب نفسي: أتراك لو متّعك الله عشرين سنة ثم سلبك نعمه، هل ظلمك حين سلبك؟ أم أنه كان قد امتن عليك بلا مقابل منك بسنين من الخير عشرين؟ فكم يكفيك يا هذا من السنين حتى تقنع؟!

أحيانًا أخرى أسأل أسئلة أخرى، أقول لنفسي: ماذا فعلت؟ هل كانت لي من حياة قبل حياتي أفنيتها في السجود والصدقة فكافأني الله بجسد سليم، وعينين مبصرتين، وبيت واسع، وأبوين رؤوفين؟ هل خضعت إلى اختبار حين كنت في صلب آدم فنجحت فيه فكافأني الله بالخير والنعيم؟ هل أقدم في كل يوم مائة من القرابين الثمينة لمولاي فيأتيها لسان نار من السماء فيأخذها فأستحق استمرار هذه العطايا اليومية؟ ماذا فعلتُ لك يا ربي حتى تكافأني؟ أم أنها ليست مكافأة؟ أم أنها مجرد منح بلا ثمن؟ تعطيها لمن تشاء ولا تسأل عن الحساب؟ ترى لو أعطاك أحدهم منحة بلا سبب، هل يصل بك غرورك أن تظن أنه سوف يعطيك إياها إلى يوم الدين؟ فكم يكفيك إذن يا هذا من السنين حتى تقنع؟!

أحيانًا أقول لنفسي، علي أن أمهر المعاهدة بتوقيعي! تلك المعاهدة التي تجزم بأني لن أتذمر حين أتذمر عن حق! أني لن أجزع حين يأتي يوم فناء النعم الموعود، أني لن أسخط حين يأتي آخر يوم من أيام الرغد الممدود. علي أن أمهر المعاهدة بتوقيعي، وأكتب تحت توقيعي، نعمي، وآلائي، وعطاياي المجانية، وبجانبها تاريخ اليوم.

وبأسفلها أدوّن: كانت السنون يا ربي كافية لي حتى أقنع.

> من كتاب #الإجابة_القرآنية.

140 viewsطارق, 06:01