ولئن كنّ بنات حواء مفطورات على التنبه للّفتات الصغيرة والدقائق المغفول عنها ، فقلب ذات الهوى أرقّ تلفّتا وأشد انتباهًا .
.
وأربكتها نظراته المثبتتة عليها وهي تمشي إليه ، تتعثر خطاها على استحياء ، فبدت كعين ماء فاتنة تدور فيها قطرة دلال!
.
لله دَرُّها تلك الشابة! لقد مَلَكت عليه لُبَّه وهو الذي كان غارقًا في الدراسة حتى أذنيه ، فلم يطرق طارق الحب قلبه ، ولا هو أجاب النداء حتى عرفها!
ولو علِمنا الغيب ، فقط لو علمناه ، لاستكثرنا من الخير ، وما مسّنا السوُء . ولذلك لا نعلمه ، ليَمِيز الله الصادقين بصدقهم ، وليمتحن الله صدق الإيمان بالغيب . فمن رضي فله الرضا ، ومن سخِط فله السُّخْط . وإن القدَر سيجري على كل حال ، فإما أن يجريَ علينا مأجورين، أو مأزورين، والله غنيّ عن العالمين .
.
لم يكن عسيرًا عليها أن تتبين نبرته عن بعد على خفوتها في صالة الاستقبال، أو لعله لم يكن عسيرًا على أذنها هي! أليست الأذن تعشق قبل العين أحيانًا؟ وتوجهت للباب على مهل لتحتوي ارتباك دواخلها ، وقلبها يكاد يَثِب من بين ضلوعها ليسبقها للباب سبقًا .
.
وفي العيون رسول عن القلب حين تحتبس على اللسان الكلمات .

مع دار المعرفة ومكتبة القيروان 👆🏻

من جذور أزمة الذات الاعتقاد السائد بأن الحياة رحلة بحث عن الذات ، والحقّ أن الحياة رحلة صوغ وبناء وصقل لها ، حتى يُختَم لها على ما عاشت عليه وجاهدت في التحقق به في نفسها .

اعلم أنك لستَ في سباق مع غيرك من الخلق ، لا في المنحة ولا في المحنة ، لا في الرزق ولا في المنع ، لا في الصحة ولا في العافية . وإنما أنتَ في امتحان مخصوص بك مقصود لك كما أنتَ مقصود فيه ، فلكلٍّ حكايته ونصيبه وتوقيته . فلا تَمُدّن عينيك إلى حيوات غيرك ، إذا كلما امتدت عيناك ضاق صدرك . وكذلك لا تسمح لأحد أن يصادر عليك حياتك بأحكام حياته . وإنما اشتغل بشأنك ، وفوّض الأمر لذي الأمر ، وارجُ خيرًا من الله تعالى ، أهل كل خير قطعًا ، ولا يخيب فيه رجاء أبدًا .

نتوقّف عند الشكوى المعاصرة بأنّ إقحام الدين في العلاج النفسيّ المتخصص يفسد الموازين!

بداية ، كيف يمكن أن يقع من الدين عامة "اقتحام" في حياة من "اعتَنَقه" و"دانَ" له؟! وقد سبق بيان معنى لفظة الدين وما تحمله من دلالات الديانة والاعتناق وغيرها ، التي تستلزم بالضرورة الالتحام بذلك المُعتقد والانطلاق من قواعده واصطباغ جوانب الحياة به ، لا اعتباره دخيلًا مُتَدخِّلًا فيما لا يعنيه!

ثانيًا ، مكمن اختلال الموازين حقيقة هو عِلَّة أو نقصٌ في تَصوُّر المُعالِج نفسِه ، وخلطه بين العلاج بالدين ودين العلاج ، وبالتالي فساد منهجه وأسلوبه هو الذي يُقحِم الدين بدل تضمينه . خذ مثلًا الطبيب الذي يعالج مشكلة نفسية ذات صلة بالشهوة الجنسية ، لا بد له من الإلمام الراسخ بقدر من العلم الطبي الفيزيائي البيولوجي كما النفسي السيكولوجي ، وذلك من حيث كونه طبيبًا . ثم من حيث كونه طبيبًا مسلمًا يعالج مريضًا مسلمًا ، لا بد له من المعرفة الراسخة بما يتعلق إجمالًا بالتصور الشرعي للجنس والشهوة وأحكامهما خاصة في قضايا ومستجدات العصر ، بما سيتطلب منه تعلّم قدرٍ يتجاوز ما يتعلمه المسلم العامي لتطبيقه الشخصي . بهذا ينضبط في فهمه ميزان تقدير مراحل العلاج ومادّته ، وغربلة ما يرجع إليه من موارد أجنبية ، وما ينتقي من علمها أو يَذَر .

وبدون التكاملية بين تلك المعارف الثلاثة ، سيكون تصور ذلك الطبيب منقوصًا ومُعتلًا لا محالة ، وسينقله على عِلّاته لذلك العليل فيزداد عِلّة ، ثم يُنسَب إثم كلّ تلك العِلَل "لإقحام الدين" في المسألة ، فتفكر وتعجب .. واتعظ!

من كتاب (الأسئلة الأربعة لضبط بوصلتك في الحياة)

منافذ التوزيع داخل وخارج مصر ، في البلاد العربية والأوروبية
https://cutt.us/xDipy

صار الرسوخ العلمي تراثًا أسطوريًا ، حظّنا منه اليوم تنشئة الأطفال على "تكويم" الدرجات ، و"تجميع" الشهادات ، وحصد الثناءات ، فإذا تمّ ذلك اعتبر هذا التفوق العلمي المنشود .

فهل من عجب بعد ذلك أنّ غالب المتفوقين على مدى سنوات الدراسة ، هم أوّل من يتعثرون على أعتاب المتطلبات الجامعية أو المسار المهني؟ إذ يكتشفون أنّ طاقاتهم الخارقة في الحفظ الأصمّ والتفريغ السريع في الامتحان ، لا تكفي لإنشاء مقالة سليمة اللغة جيدة الأسلوب ، ولا لفهم متطلبات البحث العلمي ولا لاستيعاب تداخلات العلوم وتطبيقاتها . بل ولا تدفع عجلتهم بعد ذلك في طابور المتنافسين على مهنةٍ ، كلُّ المتقدمين لها "حملة شهادات" بالفعل ، وإنّما التفرقة الوحيدة بينهم تكمن فيمن تحمله شهادته بما حصَّل من أرقام تفيد اجتيازه لسنوات الدراسة النظاميّة ، ومن يحمل هو شهادته بما تمكَّن من تخصصه وتوسّع في مهاراته المتعلقة!

يغلب على الظن السائد أنّ السبيل إلى السلام الداخلي سالم في نفسه بدون أي اضطراب، أو أنه خط مستقيم لا حيود فيه، فتظل نفسيّتك مُستنفَرَة في وضعية "انتظار" دائم، لحلول تلك "اللحظة" النهائية، التي تصل فيها لـمحطة الاستقرار أخيراً، بتحقيق الاتساق الكامل مع النفس، والاستقامة الخالدة على المِلّة، كأنّ الأمر فرقعة إصبع أو تلويح بعصا سحرية!

الصورة والتطريز من القارئة المُبدعة : روضة حسنين ، من مصر

سيادة مفهوم الرأي بتشوهاته على حياتنا الفكرية المتأسلمة - لا المُسلِمة - أدّى إلى إلغاء قاعدة حركة الرأي في الحكم الشرعي لا تحكيمه عليه من مُسَلَّمات المسلم . وتأمل كيف أن سؤال : "ما رأيك في كذا؟" هو الأسبق على ألسنة المسلمين حين يستفهمون عن الموقف اللازم من شأنٍ ما ، وليس سؤال "ما حكم شرعنا في كذا؟" ؛ بل لعله لا يخطُر لهم أصلًا أنّ للشرع صلة باتخاذ موقف من قضايا الحياة ، سيِّما المُستَحدَثة منها!

الناس اللي كان نفسها تلحق كتب الدكتورة هدى تجمع هناااا
عملناكم عرض على جميع كتب المتألقة د.هدى النمر، واللي بتخدم جميع الفئات، وهتلاقي كل اللي نفسك فيه، وكمان الإصدار الجديد، وكل ده بسعر: متميز والشحن علينا 😍

⭐️ العرض يحتوي:

* الأسئلة الأربعة لضبط بوصلتك (جزئين)
* إضاءات على طريق بناء الذات.
* سلمى قصة الحب والقـدر (رواية)
* البعيد والقريب (مجموعة قصصية)
* قصص وحكايات للفتيان والفتيات.

مجموعة كتب الدكتورة هدى عبد الرحمن النمر
بسعر: 400 جـ
الشحن: مجاني 🎁

للطلب 🛒 أونلاين يمكنكم عبر رسائل الصفحة والواتساب:
📩 رسائل الصفحة | m.me/DarElmarefah
📲 عبر الـواتس | https://wa.me/201551229364
ويتم الشحن لأي مكان في مصر 🚍.

اجعل ديدنك كلما شَكَكتَ في صلاح عملك وصدق نيّتك ، أن تُتبِع الحسنة بالحسنة تُعَضّدها وتشدّ أزرها ، وتستكثر من الخيرات عسى أن يَجبُر بعضها نقص بعض ، وتجدد التوبة الخاصة مما تعلم من ذنوب أو تفريط ، والتوبة العامة مما لا تعلم ، فإنّ العبد لا يخلو منهما بحال . أمّا لو كلما خشيت الرياء تركت وكلما شككت في الإخلاص توقفت ، فأين تربية النفس ورياضتها؟
ولماذا تتخذ طلب الإخلاص ذريعة للقعود والنقص من العمل ، مع أنّ لك منه بابًا للترقي والزيادة في العمل؟! ولو أنك تهرب من كل امتحان فما الذي سيتبقى لك إذن وكله امتحان ، بما في ذلك هروبك وعواقبه؟
وختامًا ، خذ بوصيّة نبيك عليه الصلاة والسلام {احْرِصْ على ما يَنْفَعُك} [مسلم] ، فتحرّر نفسك من الالتفات للخلق بالالتفات لحال نفسك ومصلحتها الحقّة في الدنيا والآخرة .

من كتاب #الأسئلة_الأربعة_لضبط_بوصلتك_في_الحياة

مما ينبغي أن يعزم عليه كل فرد مسلم ، ويتفق عليه أهل كل بيت مسلم ، وحضور كل مجموعة ، أن يوقفوا أي شاغل يشغلهم فور سماعه الأذان ، ما أمكن . لا من باب اتباع سنّة الترديد وراء المؤذن فحسب ، بل توقيرًا لذكر الله تعالى ونداءه للعباد ، وتصديقًا لما آمَنَ به كل مسلم بالله أنّ "الله أكبر" .. الله أكبر من كل عمل ، ومن كل كلام ، ومن كل همّ وكل اهتمام .. الله أكبر مما تخاف وتحذر ، الله أكبر مما ترجو وتأمل .. الله أكبر وأعلى وأجلّ . {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج : 32] .
#الأسئلة_الأربعة_لضبط_بوصلتك_في_الحياة

إنّ مسألة الإخلاص تخصّ كل مسلم ، وتَلزَم كلّ فرد في نفسه قدر وُسْعِه ووِفْق عِلمه ، والوُسْعُ بالتربية والعِلم بالتعلّم . وأوّل الإخلاص لله أن يكون همّك الإخلاص لله . فإنّ الإنسان بالطبيعة مخلص لهمومه . لكن من لم يهتمّ حقيقة لن يَصدُق حقًّا . ويا بؤس عمرِ مُسلمٍ ينفقه منتسبًا لله ويُحاسَب على أساس انتسابه أمام الله ، ولم يكن الله همّه حقيقة يومًا في عمره!
#الأسئلة_الأربعة_لضبط_بوصلتك_في_الحياة

ومهما ظنّ الناس بك مما يقال عنك أو تقول عن نفسك ، فلن يَغلِب ظنُّ الناس بك عِلمكَ بحقيقة حالك ، وكلّ امرئ على نفسه بصيرة ولو ألقى مَعاذِيرَه . وإنّ صِدْق ما بينك وبين الله يتجلى أشدّ ما يتجلى في تلك الأعمال التي لن يصفّق لك عليها الجمهور ، والتي لا تأتيها لأجل أن تكون مادّة تكتب عنها لاحقًا للمتابعين ، والتي تقوم على تقديم مَحابِّ الله على هواك في الصغير قبل الكبير . وذلك كالصلاة "على وقتها" ، أي تعظيم قدر نداء ربّك تعالى له ، وإجابتك إيّاه فورًا ومباشرة طالما لا يمنعك مانع ، لا تَعوُّد التلهّي على مهلك وتأخير الإجابة على راحتك لأسباب واهية أو مشاغل غير مُلِحّة ولا مستعجلة! أيناديك ربّك لحضرته وتتلكؤ في إجابته مع أنك طالب لرضاه عنك ، فكيف إذا لم تكن طالبًا لرضاه؟! ولو صدقتَ في تسمية نواياك باسمها ، لتبيّنت تلاعب الهوى ، ولقوّمت هذا الاعوجاج "الهيّن" كما يبدو . ومن لم يَستَقِم له الصدق في الصغير الهيّن المباشر الواضح بينه وبين ربه ، أنّى يطمع أن يستقيم له الصدق فيما فوق ذلك؟! والتفريط والتهاون والتلكؤ والعبث يدعو بعضه إلى بعض ، حتى يعتاده صاحبه ويغلب على حاله!
#الأسئلة_الأربعة

ومن مظاهر الابتداع كذلك ، حين نقع في خطأ – وهو لا بد واقع – أن "نعاقب" أنفسنا بالتمادي فيه ، ونضيف لحيود مَرّة أو مرات عرَضًا انحدار وانحطاط مرّات عمدًا ، لنثبت لأنفسنا أنها غير جديرة بأيّ خير ونحكم عليها قطعًا بأنه لا يُرتجى منها صلاح! وبعكس الظاهر ، فإن هذا النمط من العقاب يوفّر حقيقة غطاء شرعيًّا باطنًا للاستمرار في اتباع الهوى وإهدار العمر! كيف ذلك؟ إنه يُوهِم صاحبه بأنه مضطّر لذلك النهج التأديبي ، وهو معذور عن غيره مِن المُفَرِّطين عن "قصد" لأنه مُفرّط عن "قهر" ولا يشعر مثلهم بكامل مُتعة التسليم للهوى!

وهكذا يلبّس المرء على نفسه دينه وحاله ، وينتقل من وَهْمِ التديّن لوهم التحلّل ، ومن وَهْمِ تكلّف التقوى لوَهْم تَعمُّد الخطيئة ، ومن وَهْم الجاني لوهم الضحية ، ويُهدر عمره في أوهام ما أنزل الله بها من سلطان ، وما كان أغناه عنها باتباع اليُسر بدل تكلّف العُسر!

يقول ربّنا تبارك وتعالى : {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحجّ : 78] . وفي تفسير الطبري للآية أورد : "وما جَعلَ عليكم ربّكم في الدّين الذي تَعبَّدكَم به من ضِيقٍ لا مَخرَج لكم مما ابتُليتم به فيه ، بل وسَّع عليكم . فجعل التوبة من بَعضٍ مخرجًا ، والكفَّارة من بَعضٍ ، والقِصَاص من بَعضٍ . فلا ذنبَ يُذنبُه المؤمن إلا وله منه في دين الإسلام مَخْرَجٌ" . فتأمّل فارق تشريع الخالق جلّ وعلا ، وبِدَع تشريعات "المسلمين" لأنفسهم من عند أنفسهم!

دوننا سورة الكهف التي أوصانا نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم بتلاوتها كلّ جمعة لتكون لنا نورًا ..

أنبأنا ربنا تبارك وتعالى بخَبَر عبده ونبيّه موسى عليه السلام ، ليجعل من قصته لنا آية ، لعلنا نعتبر فنُحسن بدورنا الجواب من بعد . فلكم سنرى من مشاهد لا يصبر عليها ناظرانا ، ويقع معنا وفينا من وقائع لا يبلغها فهمنا الحالي ، ويكون لسان حالنا : {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} . فوقتها يكون لسان قلبنا وعملنا مع ربنا : {سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} . ثم سواء وصلت في مرحلة ما أو لم تصل إلى كشف الحكمة وبيان العِلّة التي تقول لك {ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} ، يظلّ المطلوب منك أن تحاكم بَصَرك القاصر وفهمك المحدود لحسن ظنك بالله ويقينك فيه بما هو سبحانه أهله ، وتتأدّب عند حدودك كعبد مع سيدك الرب فتقول {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة : 32] .

#الأسئلة_الأربعة_لضبط_بوصلتك_في_الحياة

ندوة أونلاين

https://www.facebook.com/Wahy.for.learning/posts/2617543638356891