مرة، وتشحن مواد معينة فحسب. فوق هذا لا يتواصل سكان غزة مع العالم الخارجي، ويبدو السفر لخارجها من أجل السياحة تطّلعًا مستحيلاً، فأهلها لا يختلطون أحدًا فلا يمكنهم حتى زيارة الضفة الغربية أو قراهم الأصلية المحتلة منذ 48 أو بقية أهلهم في مخيمات سوريا ولبنان، أو الفلسطينيين المقيمين في الأردن أو بقية دول الخليج والعرب والعالم، وهي مسورة بأسلاك وجدران جعلتها إسرائيل أخطر بقعة على وجه الكرة الأرضية، دون أن يشهد أهلها المحصورون منذ 2007أي تحرك عالمي أو عربي أو فلسطيني لرفع الحصار عنها، لا منظمات ولا هيئات ولا مجالس الأمن أو الكنائس أو الطوائف الدينية، جميعهم قبلوا بالحصار كأنه أمر لا يخالف الشرائع البشرية وعلى أهل غزة أن تحياه!
ليأتي " طوفان الأقصى" معلنًا العصيان لفك هذا الحصار ولتحرير العقول لاسيما الغربية عن مظلومية ضحايا الهولوكوست؛ ولتجد إسرائيل نفسها ولأول مرة مذ 75 عاما مكشوفة وضعيفة ومهددة من قبل المقاومة الفلسطينية الذين كانوا قبل أعوام أطفال الانتفاضة الأولى والثانية وصارت الحجارة المشدودة في أيديهم أمام دبابات الصهاينة رغم أنها لم تكن تحدث ضررًا محسوبا لكنها خلّفت هلعًا لعساكرهم حاملي البنادق والرشاشات لدرجة اندفاعهم في مواجهة لا عدو بالغ مدجج بالأسلحة الثقيلة بل لاغتيال براءة طفل كــ " فارس عودة" الذي تصدى لدبابة إسرائيلية بحجارته الصغيرة منذ سنوات، فأرداه جندي إسرائيلي برصاصة في عنقه ليكون أيقونة عالمية عن معارضة الاحتلال الإسرائيلي الذي يغتال الأطفال في عام 2000. ناهيك عن تعرض آخرين للقمع والسجن، لكن هؤلاء الصغار الكبار كبروا واستطالت معهم مقاومتهم واستحالت حجارتهم إلى أسلحة هي صنيع مقاومة وطنية متطلعة إلى ردح المحتل من أرضها، مقاومة عاتية يحسب لهم عالم اليوم ألف حساب، لدرجة أن أمريكا جندت قواتها ودشنت أسلحتها المتطورة وحملتها في طائرات إلى قطاع غزة، فالصراع فيها أصبح يدار من قبل المقاومة وبتوقيتها بعد أن تمكنوا من مفاجأة العدو الصهيوني في داخل سياجه المحكم، عبر هجوم صاروخي لعدد من مستوطناتها، تزامنا مع اقتحام بري من المقاومين عبر السيارات رباعية الدفع والدراجات النارية والطائرات الشراعية للبلدات المتاخمة لغلاف غزة، ليسطروا على عدد من المواقع العسكرية في سديروت، واقتحموا نتيفوف، وخاضوا اشتباكات عنيفة كما أسروا عددا من الجنود واقتادوهم لغزة .
ليكون هؤلاء الأسرى ورقة الرابحة لفك الحصار . لكن ما جعل السردية الصهيونية تنهار وجعلت شعوب العالم تتعاطف مع الغزيين هي هول المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة منذ السابع من أكتوبر حتى اللحظة الراهنة؛ ففي 48 ارتكبت إسرائيل في فلسطين 37 مجزرة، ولكن في غزة وحدها، منذ ستة أسابيع ارتكبت 1330 مجزرة أي 36 ضعفا. وأكثرهم من الأطفال والنساء بل أبيدت عائلات بأكملها، أجيال كاملة. هذه المجازر لم تفلح إسرائيل في اخفائها ولا اخضاعها لأكاذيبهم؛ فقد سجلت صوتا وصورة وبمشاهد كاملة لتعرض أمام أنظار العالم، ليدرك الشعوب الغربية مدى الوحشية الإسرائيلية، وحين جوبهوا بحقيقة ارتكابها تمادوا ووصفوا الغزيين بأنهم مجرد حيوانات، هذه الفوقية التي أظهرها الصهاينة هي نفسها التي سبق وأظهرها النازيون حين وصفوا اليهود في ذلك الوقت بالحشرات والفيروسات التي يجب التخلص منهم نهائيا بقتلهم، وهي نفسها كانت نهاية الحكم النازي في أوروبا. هي السياسة عينها يتبعها كل المستبدين لتبرير مجازرهم الجماعية في حق المدنيين العُزّل، هذه الحقيقة أعلنها الكاتب والروائي السوري " ممدوح عدوان" في كتابه " تهويد المعرفة" حين وضح بأن :" السعي الصهيوني إلى محو الشخصية الفلسطينية من التاريخ والحاضر يتلاقى مع تفكير غربي استعماري تعامل مع العالم كله على هذا الأساس. وهذا ينطبق على النظرة الأوروبية إلى شعوب العالم من خلال موقف عرقي" ويرى أن هذه المسألة في تماه في أسس التكوين العقلي والوجداني. وهذا التماهي يبنى على أسس دينية وعرقية. وهي تفضح نظرة الأوروبي " الأبيض" إلى الشعوب الأخرى هي نظرة الإنسان إلى الحشرات، فمن يبالي بقتل الذباب أو البعوض. بل تبرر فعلها بأن هذه الشعوب التي يقومون بتصفيتها هي شعوب ولادة، كثيرة العدد لا أهمية لفقدان أعداد كبيرة منها أو قتلهم، فيجب قتلهم إذا كان الإنسان يعيش مكانها. هذه النظرية نفسها تبناها كل من باومان وعدوان. باومان حين أسهب الحديث عن ظاهرة البستاني الذي يمثل عمل الدولة في اجتثاث النباتات السامة كي لا تشوه تطلعات هذا البستاني إلى حديقته المتناسقة، هذا ما فعل الآري باليهودي، وهو نفسه مارسه بكل برود وعنجهية اليهودي الذي كان مضطهدًا في التاريخ على الفلسطينيين حيث قام باقتلاعهم من أرضهم، وإلى قتل كثير منهم، وإلى دفع البقية إلى التهجير لتمتد مستوطناتهم في مساحات الإخلاء التعسّفي.
ليأتي " طوفان الأقصى" معلنًا العصيان لفك هذا الحصار ولتحرير العقول لاسيما الغربية عن مظلومية ضحايا الهولوكوست؛ ولتجد إسرائيل نفسها ولأول مرة مذ 75 عاما مكشوفة وضعيفة ومهددة من قبل المقاومة الفلسطينية الذين كانوا قبل أعوام أطفال الانتفاضة الأولى والثانية وصارت الحجارة المشدودة في أيديهم أمام دبابات الصهاينة رغم أنها لم تكن تحدث ضررًا محسوبا لكنها خلّفت هلعًا لعساكرهم حاملي البنادق والرشاشات لدرجة اندفاعهم في مواجهة لا عدو بالغ مدجج بالأسلحة الثقيلة بل لاغتيال براءة طفل كــ " فارس عودة" الذي تصدى لدبابة إسرائيلية بحجارته الصغيرة منذ سنوات، فأرداه جندي إسرائيلي برصاصة في عنقه ليكون أيقونة عالمية عن معارضة الاحتلال الإسرائيلي الذي يغتال الأطفال في عام 2000. ناهيك عن تعرض آخرين للقمع والسجن، لكن هؤلاء الصغار الكبار كبروا واستطالت معهم مقاومتهم واستحالت حجارتهم إلى أسلحة هي صنيع مقاومة وطنية متطلعة إلى ردح المحتل من أرضها، مقاومة عاتية يحسب لهم عالم اليوم ألف حساب، لدرجة أن أمريكا جندت قواتها ودشنت أسلحتها المتطورة وحملتها في طائرات إلى قطاع غزة، فالصراع فيها أصبح يدار من قبل المقاومة وبتوقيتها بعد أن تمكنوا من مفاجأة العدو الصهيوني في داخل سياجه المحكم، عبر هجوم صاروخي لعدد من مستوطناتها، تزامنا مع اقتحام بري من المقاومين عبر السيارات رباعية الدفع والدراجات النارية والطائرات الشراعية للبلدات المتاخمة لغلاف غزة، ليسطروا على عدد من المواقع العسكرية في سديروت، واقتحموا نتيفوف، وخاضوا اشتباكات عنيفة كما أسروا عددا من الجنود واقتادوهم لغزة .
ليكون هؤلاء الأسرى ورقة الرابحة لفك الحصار . لكن ما جعل السردية الصهيونية تنهار وجعلت شعوب العالم تتعاطف مع الغزيين هي هول المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة منذ السابع من أكتوبر حتى اللحظة الراهنة؛ ففي 48 ارتكبت إسرائيل في فلسطين 37 مجزرة، ولكن في غزة وحدها، منذ ستة أسابيع ارتكبت 1330 مجزرة أي 36 ضعفا. وأكثرهم من الأطفال والنساء بل أبيدت عائلات بأكملها، أجيال كاملة. هذه المجازر لم تفلح إسرائيل في اخفائها ولا اخضاعها لأكاذيبهم؛ فقد سجلت صوتا وصورة وبمشاهد كاملة لتعرض أمام أنظار العالم، ليدرك الشعوب الغربية مدى الوحشية الإسرائيلية، وحين جوبهوا بحقيقة ارتكابها تمادوا ووصفوا الغزيين بأنهم مجرد حيوانات، هذه الفوقية التي أظهرها الصهاينة هي نفسها التي سبق وأظهرها النازيون حين وصفوا اليهود في ذلك الوقت بالحشرات والفيروسات التي يجب التخلص منهم نهائيا بقتلهم، وهي نفسها كانت نهاية الحكم النازي في أوروبا. هي السياسة عينها يتبعها كل المستبدين لتبرير مجازرهم الجماعية في حق المدنيين العُزّل، هذه الحقيقة أعلنها الكاتب والروائي السوري " ممدوح عدوان" في كتابه " تهويد المعرفة" حين وضح بأن :" السعي الصهيوني إلى محو الشخصية الفلسطينية من التاريخ والحاضر يتلاقى مع تفكير غربي استعماري تعامل مع العالم كله على هذا الأساس. وهذا ينطبق على النظرة الأوروبية إلى شعوب العالم من خلال موقف عرقي" ويرى أن هذه المسألة في تماه في أسس التكوين العقلي والوجداني. وهذا التماهي يبنى على أسس دينية وعرقية. وهي تفضح نظرة الأوروبي " الأبيض" إلى الشعوب الأخرى هي نظرة الإنسان إلى الحشرات، فمن يبالي بقتل الذباب أو البعوض. بل تبرر فعلها بأن هذه الشعوب التي يقومون بتصفيتها هي شعوب ولادة، كثيرة العدد لا أهمية لفقدان أعداد كبيرة منها أو قتلهم، فيجب قتلهم إذا كان الإنسان يعيش مكانها. هذه النظرية نفسها تبناها كل من باومان وعدوان. باومان حين أسهب الحديث عن ظاهرة البستاني الذي يمثل عمل الدولة في اجتثاث النباتات السامة كي لا تشوه تطلعات هذا البستاني إلى حديقته المتناسقة، هذا ما فعل الآري باليهودي، وهو نفسه مارسه بكل برود وعنجهية اليهودي الذي كان مضطهدًا في التاريخ على الفلسطينيين حيث قام باقتلاعهم من أرضهم، وإلى قتل كثير منهم، وإلى دفع البقية إلى التهجير لتمتد مستوطناتهم في مساحات الإخلاء التعسّفي.
نحن اليوم أمام سؤال مفصلي: ماذا يعني أن يعيش المرء في عالم مشحون دائما بذلك النوع من الرعب الذي جاء الهولوكوست ليكون نموذجا له؟
استعار باومان لتفسير هذه الظاهرة بعبارة " مارتن هايدغر" :" الوجود على أنه معادل لعملية من الاستعادة المستمرة للماضي" .
على هذا الحبل تماما لعب الصهاينة، على تذكير العالم الأوروبي بأنهم ضحايا الهولوكوست، لقد سعوا لإحياء جذوة هذه الذاكرة لتغطي على كل المجازر والابادات في حق الشعب الفلسطيني، وكلما اعترض العالم على سعيها لتوسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية شهرت مظلوميتها لتوجه الضمير الأوروبي نحو مناصرتها، كما يؤكد باومان :" تمثل فكرة الماضي شيئا عنيدا، نهائيا وغير قابل للتغيير وغير قابل لعكس المسار، الأنموذج الحقيقي لـ" الواقع" الذي لا يمكن إلغاؤه أو إزالته بالتمني، يخفي الرواة ضعفهم الإنساني خلف ضخامة الماضي المهيبة التي على عكس هشاشة الحاضر وبقاء المستقبل رهن التحقق، يمكن على عكس الحقائق أن تقدس لأنها لا تتيح مجالا للاختلاف" . فالتقديس هذه الذاكرة الجمعية والماضي المحتدم بالوقائع حميت مصالح الصهاينة في العالم، هو نفسه القربان المقدس الذي حظي به " الهولوكوست" مذ تاريخ اطلاق هذه اللفظة المخترعة حتى نسفتها طوفان الأقصى لتأتي معبرة عن صناعة هولوكوست إسرائيلي آخر ومشابه إلى حد كبير وعلى مرأى أنظار العالم بكافة الوسائل وبتقنيات الذكاء الاصطناعي في غزة. وسط صمت القيادات الغربية بل وسط دعمهم الكامل ومنحهم الضوء الأخضر للكيان الصهيوني في إبادة الغزيين. رغم أن الصهاينة الذين ظلوا يذكرون الأوروبيين بموقفهم اللامبالي أثناء إبادتهم على يد النازية؛ وهي ظاهرة سبق ووضحها أيضا " ممدوح عدوان" في كتابه " تهويد المعرفة" بأن الأمريكي والأوروبي لا يتعب نفسه في الحديث عن حقوق أو أصول" فليس هناك إلا حقه هو في الوصول إلى أي مكان بفضل القوة، وخدمة للأهداف التي يعلنها هو. وبهذه القوة يهدم التاريخ والحضارة ويبيد البشر ويفرض مشروعيته. وهو يعطي الآن هذه القوة لإسرائيل التي تريد، ويريدها، أن تفعل مثل ما فعل. وهذه لا تكتفي بالقتل والتدمير ومحو الشعب ذاته كما فعلت الولايات المتحدة، بل تريد، زيادة على ذلك، أن تمحو تاريخه، لكي تمد جذورها في قبوره" هي مقاربة تماثل تماما لقراءة المفكر الفلسطيني " إدوارد سعيد" لتاريخ الشراكة الصهيونية والعقلية الغربية؛ فالدعم الأوروبي ليس ناجما عن مدى محبتها للإسرائيليين ولا عن بغضها للعرب الفلسطينيين، بل لكون إسرائيل نجحت في طرح نفسها كحركة تحرير لليهود المضطهدين وكحل عملي لمشكلة العداء للسامية الذي ساد في الغرب، كما أنها قدمت للعقلية الغربية مشروعًا استعماريًّا دقيقًا على أسس علمية وحضارية غربية وفي الوقت عينه بها حلاً ناجعًا لمشكلة الأقليات اليهودية في العالم والأهم راحة الضمير للأوروبيين في جزء من الشرق العربي الإسلامي المتخلف والقابل للاستعمار!
لكن التقديس الذي ناله الهولوكوست يبدو مبتذلا؛ فالجريمة التي كانت مستهجنة أخلاقيًّا، كادت أن تكون فرصة لاستنباط مبادئ أخلاقية صالحة عالميًّا لو أن " موشي لاندو" الذي ترأس عام 1961م محاكمة " أدولف إيخمان" وهو أحد المسؤولين الكبار عن إعداد المدنيين اليهود في معسكرات الاعتقال لإعدامهم فيما يعرف بالحل الأخير، حوكم بالقدس وأعدم، تمكن بعد ستة وعشرين عاما أن يترأس البعثة التي شرعنت استعمال التعذيب ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ربما السؤال الشافي هنا هو ليس سعي هؤلاء اليهود الصهاينة إلى تعذيب المدنيين الفلسطينيين، ولنجاري الحضارة الغربية وهي تطرح: لماذا هذه العدوانية أو الوحشية من قبل الفلسطينيين لليهود؟
والإجابة هي واضحة كالشمس، هؤلاء اليهود هم مستعمرون قاموا بطرد السكان الأصليين، أزالوا منازلهم بل أحياء سكنية بأكملها، قاموا باقتلاع حقول الزيتون التي يعود تاريخها لستة ملايين عام، اجتثوا المحاصيل، أحرقوا أماكن العمل، فصلوا المزارع عن البيوت ببناء حوائط لتدمير مصادر عيش الفلاح الفلسطيني، قبل كل هذا نهبوا تاريخهم وتراثهم المتأصل ونسبوا إليهم بكل فجاجة الأكلات الفلسطينية الشهيرة كالفلافل والحمص وغيرها؛ لدرجة أن الأوروبيين يعتقدون أنها أكلات إسرائيلية. لقد سرق هؤلاء اليهود من الفلسطينيين آثارهم وطبائع البلاد والناس.
سياسة " القتل الباتر" وكما عبرت عنه المعاجم العبرية بــاللفظة الأشهر والأعم والأشمل" الهولوكوست" منذ أربعينيات القرن الماضي هو نفسه مورس ضد الفلسطينيين في الأرض المحتلة، سياسة البستاني في إزالة الحشائش، إلى تطهير وهو تدمير إبداعي يقوم بإزالة كل شيء غير ملائم وغير منسجم مثل الغرباء رغم أنهم (أصحاب الأرض الأصليون) بتعبير باومان" يُخلق النظام ويعاد إنتاجه" نظام العهد النازي من أجل بناء نظام جديد ومتطور ومتكامل كما يرون.
استعار باومان لتفسير هذه الظاهرة بعبارة " مارتن هايدغر" :" الوجود على أنه معادل لعملية من الاستعادة المستمرة للماضي" .
على هذا الحبل تماما لعب الصهاينة، على تذكير العالم الأوروبي بأنهم ضحايا الهولوكوست، لقد سعوا لإحياء جذوة هذه الذاكرة لتغطي على كل المجازر والابادات في حق الشعب الفلسطيني، وكلما اعترض العالم على سعيها لتوسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية شهرت مظلوميتها لتوجه الضمير الأوروبي نحو مناصرتها، كما يؤكد باومان :" تمثل فكرة الماضي شيئا عنيدا، نهائيا وغير قابل للتغيير وغير قابل لعكس المسار، الأنموذج الحقيقي لـ" الواقع" الذي لا يمكن إلغاؤه أو إزالته بالتمني، يخفي الرواة ضعفهم الإنساني خلف ضخامة الماضي المهيبة التي على عكس هشاشة الحاضر وبقاء المستقبل رهن التحقق، يمكن على عكس الحقائق أن تقدس لأنها لا تتيح مجالا للاختلاف" . فالتقديس هذه الذاكرة الجمعية والماضي المحتدم بالوقائع حميت مصالح الصهاينة في العالم، هو نفسه القربان المقدس الذي حظي به " الهولوكوست" مذ تاريخ اطلاق هذه اللفظة المخترعة حتى نسفتها طوفان الأقصى لتأتي معبرة عن صناعة هولوكوست إسرائيلي آخر ومشابه إلى حد كبير وعلى مرأى أنظار العالم بكافة الوسائل وبتقنيات الذكاء الاصطناعي في غزة. وسط صمت القيادات الغربية بل وسط دعمهم الكامل ومنحهم الضوء الأخضر للكيان الصهيوني في إبادة الغزيين. رغم أن الصهاينة الذين ظلوا يذكرون الأوروبيين بموقفهم اللامبالي أثناء إبادتهم على يد النازية؛ وهي ظاهرة سبق ووضحها أيضا " ممدوح عدوان" في كتابه " تهويد المعرفة" بأن الأمريكي والأوروبي لا يتعب نفسه في الحديث عن حقوق أو أصول" فليس هناك إلا حقه هو في الوصول إلى أي مكان بفضل القوة، وخدمة للأهداف التي يعلنها هو. وبهذه القوة يهدم التاريخ والحضارة ويبيد البشر ويفرض مشروعيته. وهو يعطي الآن هذه القوة لإسرائيل التي تريد، ويريدها، أن تفعل مثل ما فعل. وهذه لا تكتفي بالقتل والتدمير ومحو الشعب ذاته كما فعلت الولايات المتحدة، بل تريد، زيادة على ذلك، أن تمحو تاريخه، لكي تمد جذورها في قبوره" هي مقاربة تماثل تماما لقراءة المفكر الفلسطيني " إدوارد سعيد" لتاريخ الشراكة الصهيونية والعقلية الغربية؛ فالدعم الأوروبي ليس ناجما عن مدى محبتها للإسرائيليين ولا عن بغضها للعرب الفلسطينيين، بل لكون إسرائيل نجحت في طرح نفسها كحركة تحرير لليهود المضطهدين وكحل عملي لمشكلة العداء للسامية الذي ساد في الغرب، كما أنها قدمت للعقلية الغربية مشروعًا استعماريًّا دقيقًا على أسس علمية وحضارية غربية وفي الوقت عينه بها حلاً ناجعًا لمشكلة الأقليات اليهودية في العالم والأهم راحة الضمير للأوروبيين في جزء من الشرق العربي الإسلامي المتخلف والقابل للاستعمار!
لكن التقديس الذي ناله الهولوكوست يبدو مبتذلا؛ فالجريمة التي كانت مستهجنة أخلاقيًّا، كادت أن تكون فرصة لاستنباط مبادئ أخلاقية صالحة عالميًّا لو أن " موشي لاندو" الذي ترأس عام 1961م محاكمة " أدولف إيخمان" وهو أحد المسؤولين الكبار عن إعداد المدنيين اليهود في معسكرات الاعتقال لإعدامهم فيما يعرف بالحل الأخير، حوكم بالقدس وأعدم، تمكن بعد ستة وعشرين عاما أن يترأس البعثة التي شرعنت استعمال التعذيب ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ربما السؤال الشافي هنا هو ليس سعي هؤلاء اليهود الصهاينة إلى تعذيب المدنيين الفلسطينيين، ولنجاري الحضارة الغربية وهي تطرح: لماذا هذه العدوانية أو الوحشية من قبل الفلسطينيين لليهود؟
والإجابة هي واضحة كالشمس، هؤلاء اليهود هم مستعمرون قاموا بطرد السكان الأصليين، أزالوا منازلهم بل أحياء سكنية بأكملها، قاموا باقتلاع حقول الزيتون التي يعود تاريخها لستة ملايين عام، اجتثوا المحاصيل، أحرقوا أماكن العمل، فصلوا المزارع عن البيوت ببناء حوائط لتدمير مصادر عيش الفلاح الفلسطيني، قبل كل هذا نهبوا تاريخهم وتراثهم المتأصل ونسبوا إليهم بكل فجاجة الأكلات الفلسطينية الشهيرة كالفلافل والحمص وغيرها؛ لدرجة أن الأوروبيين يعتقدون أنها أكلات إسرائيلية. لقد سرق هؤلاء اليهود من الفلسطينيين آثارهم وطبائع البلاد والناس.
سياسة " القتل الباتر" وكما عبرت عنه المعاجم العبرية بــاللفظة الأشهر والأعم والأشمل" الهولوكوست" منذ أربعينيات القرن الماضي هو نفسه مورس ضد الفلسطينيين في الأرض المحتلة، سياسة البستاني في إزالة الحشائش، إلى تطهير وهو تدمير إبداعي يقوم بإزالة كل شيء غير ملائم وغير منسجم مثل الغرباء رغم أنهم (أصحاب الأرض الأصليون) بتعبير باومان" يُخلق النظام ويعاد إنتاجه" نظام العهد النازي من أجل بناء نظام جديد ومتطور ومتكامل كما يرون.
بل يؤكد باومان في كتابه" الحداثة والهولوكوست" بأن طريقة احتفال بذكرى الهولوكوست في السياسة الإسرائيلية هي أكبر العوائق في طريق إدراك إمكانية إدراك الهولوكوست بوصفها تطهيرا أخلاقيا، إنها انتصار لهتلر بعد مماته، فهو من كان يحلم بخلق صراع بين اليهود والعالم بأكمله، وبين العالم بأكمله واليهود، إنه انتصار في منع اليهود من أية فرصة للتعايش السلمي مع الآخرين.
وغدت إسرائيل اليوم كما وصفها الحاخام الأمريكي " يهودا ماجنيس" حينما أكدّ بأن:" الصوت اليهودي الجديد يخرج من فوهات البنادق، هي التوراة الجديدة لأرض إسرائيل".
أي أنها أصبحت كيانا عنيفا وداعيًّا إلى العنف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*المصادر والمراجع:
1- الأخلاق في عصر الحداثة السائلة، زيجمونت باومان، ترجمة سعد البازعي وبثينة الإبراهيم، كلمة للترجمة، أبوظبي، ط1، 2016م.
2- الحداثة والهولوكوست، زيجمونت باومان، ترجمة حجّاج أبو الخير و دينا رمضان، مدارات للأبحاث والنشر، القاهرة، ط1، 2014م.
3- التطهير العرقي في فلسطين، إيلان بابه، ترجمة أحمد خليفة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ط1، 2007م.
4- تهويد المعرفة، ممدوح عدوان، دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع، دمشق، ط1، 2007م.
5- حيونة الإنسان، ممدوح عدوان، دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع، سوريا، ط1، 2007م.
وغدت إسرائيل اليوم كما وصفها الحاخام الأمريكي " يهودا ماجنيس" حينما أكدّ بأن:" الصوت اليهودي الجديد يخرج من فوهات البنادق، هي التوراة الجديدة لأرض إسرائيل".
أي أنها أصبحت كيانا عنيفا وداعيًّا إلى العنف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*المصادر والمراجع:
1- الأخلاق في عصر الحداثة السائلة، زيجمونت باومان، ترجمة سعد البازعي وبثينة الإبراهيم، كلمة للترجمة، أبوظبي، ط1، 2016م.
2- الحداثة والهولوكوست، زيجمونت باومان، ترجمة حجّاج أبو الخير و دينا رمضان، مدارات للأبحاث والنشر، القاهرة، ط1، 2014م.
3- التطهير العرقي في فلسطين، إيلان بابه، ترجمة أحمد خليفة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ط1، 2007م.
4- تهويد المعرفة، ممدوح عدوان، دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع، دمشق، ط1، 2007م.
5- حيونة الإنسان، ممدوح عدوان، دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع، سوريا، ط1، 2007م.
يا لهذا الدرب الطويل إلى قلبك.
( 1 )
كل صباح أحمل جثتي إلى الهاوية
ثم ألقي بها إلى قمة الجبل.
( 2 )
تقتلع الشجرة ظلها
فزعًا من الكائنات التي استكانت
من الهجير إليه.
( 3 )
في يدي تنغرز أوتاد
تتدلى مشانق كثيرة
لابتسامات وأحلام.
( 4)
أغرز مسمارين في عينيك
سوف لن ترى ما يسوءك
أغرز آخر في عظمة أنفك
فتتركك الروائح كلها
ورابعًا في لسانك
وقل للمذاقات كلها ارحلي
ومسمارين في أذنيك ولن تسمع سوى وجيب نفسك
اغرز مسمارًا في قلبك
فلن تعشق ثانية
ثم قل لأحدهم أن يثبت أطرافك بالمسامير
.......
.........
.......
ها أنت الآن مسيح مصلوب.
(5 )
ارم قلبكَ عاليًا
ها هو يحلق في حالة غرامه
سيسقط بعدها على الشوك أو المسامير أو شظايا الزجاج
هل تشعر بألم الوخز وهو ينغرز في جنباته
مثل عاشق يتوله شوقًا وعشقًا؟
انتزعه الآن بغتة.
( 6)
مخالب نسر جائع
تنتشلك من الغرق.
( 7)
كلما اشتاق إليها
دقَّ مسمارًا في ركبته.
( 8 )
يحدق في قلبه
كل هذه الثقوب خلفها الغدر.
(9)
حزين
مثل سجادة قديمة ومطوية في العراء.
( 10)
أنا أهرب الآن
أراني أقطع الوديان بقدمين حافيتين وأسمال ممزقة
كان الحصى يفر مفرقعًا على الجوانب
أراني تارة هاربًا في أزقة أسواق مليئة بالمرايا
كلما لمحت وجهي جفلت
أو ربما لمحتني راكضًا أمام سيل جارف ولا سبيل للانحراف عنه
أهرب من الحرب الملعونة التي تتكاثر في الجهات
من الحرائق تمتد ألسنتها نحوي
من الكلام الكثير وهو يصم أذني
من العيون تأكلني وتمتص دمي
أهرب الآن
وكنت فيما مضى هاربًا ولا أعلم لماذا ومتى سينتهي
هذا الهرب
أهرب
تنبت لي أقدام بدلاً من تلك التي تآكلت
وكلما تقيأت رئتي و أمعائي من الهرب
تحشو في داخلي أخرى لأستمر في هربي
أهرب
أهرب
ولا مكان آمن في المكان.
( 11)
أيتها الوحشة
وأنت تخترقين حياتي
مثل رصاصة تدخل إلى جمجمة الضحية من بين عينيها
وتخرج من القفا
لا تأخذي روحي إلى قيعانك الرطبة الممتلئة عطونة وبردًا
اتركيها معلقة ولو بالمقلوب
في وسط المسافة تمامًا
بين ضبابك المخيف.
( 12 )
- الحب؟
أنت لا تعرف الحب؟
- هاه؟
- أترى هذه الثقوب الكثيرة في ثوبي؟
بعضها صغير والبعض الآخر يكاد رأسك يدخل منه
أتراها؟
- نعم
- الحب يا سيدي هذه الثقوب التي لا حصر لها في قلبي
ينهض من مكانه
جارًا أسمالاً
بينما أصابعه مشغولة في ثقب ما بقي من لباسه.
( 13 )
هذه العين الوحيدة
العين المفقوءة في مزحة الحبيب
مازالت تسقى الأرض العطشى
مازالت تدمع
( 14)
أريد لهذه النافذة أن تطل على ما في داخلي من صحراء.
( 15 )
كما لو أنها
سحابة محبوسة في متجر يبيع ملابس قطنية
قطعة موسيقية يطاردها سكير
تلويحة أخيرة في رواية
حنين مسكوب من نافورة عجوز في طريق مهجور
نظارة طبية لقمر صغير يحوم حول أرضه الميتة
موال بدوي مسجون في متحف
كذبة كبيرة تتسول الصدق
لحظة نعاس ترقب عشاق سهارى
بحة صوتك.
( 16 )
أريد لهذه النافذة أن تطل على ما في داخلي من صحراء
( 17 )
أين اختفت أصابعي الممسكة بالوردة؟
زهران القاسمي
شاعر وروائي عماني
( 1 )
كل صباح أحمل جثتي إلى الهاوية
ثم ألقي بها إلى قمة الجبل.
( 2 )
تقتلع الشجرة ظلها
فزعًا من الكائنات التي استكانت
من الهجير إليه.
( 3 )
في يدي تنغرز أوتاد
تتدلى مشانق كثيرة
لابتسامات وأحلام.
( 4)
أغرز مسمارين في عينيك
سوف لن ترى ما يسوءك
أغرز آخر في عظمة أنفك
فتتركك الروائح كلها
ورابعًا في لسانك
وقل للمذاقات كلها ارحلي
ومسمارين في أذنيك ولن تسمع سوى وجيب نفسك
اغرز مسمارًا في قلبك
فلن تعشق ثانية
ثم قل لأحدهم أن يثبت أطرافك بالمسامير
.......
.........
.......
ها أنت الآن مسيح مصلوب.
(5 )
ارم قلبكَ عاليًا
ها هو يحلق في حالة غرامه
سيسقط بعدها على الشوك أو المسامير أو شظايا الزجاج
هل تشعر بألم الوخز وهو ينغرز في جنباته
مثل عاشق يتوله شوقًا وعشقًا؟
انتزعه الآن بغتة.
( 6)
مخالب نسر جائع
تنتشلك من الغرق.
( 7)
كلما اشتاق إليها
دقَّ مسمارًا في ركبته.
( 8 )
يحدق في قلبه
كل هذه الثقوب خلفها الغدر.
(9)
حزين
مثل سجادة قديمة ومطوية في العراء.
( 10)
أنا أهرب الآن
أراني أقطع الوديان بقدمين حافيتين وأسمال ممزقة
كان الحصى يفر مفرقعًا على الجوانب
أراني تارة هاربًا في أزقة أسواق مليئة بالمرايا
كلما لمحت وجهي جفلت
أو ربما لمحتني راكضًا أمام سيل جارف ولا سبيل للانحراف عنه
أهرب من الحرب الملعونة التي تتكاثر في الجهات
من الحرائق تمتد ألسنتها نحوي
من الكلام الكثير وهو يصم أذني
من العيون تأكلني وتمتص دمي
أهرب الآن
وكنت فيما مضى هاربًا ولا أعلم لماذا ومتى سينتهي
هذا الهرب
أهرب
تنبت لي أقدام بدلاً من تلك التي تآكلت
وكلما تقيأت رئتي و أمعائي من الهرب
تحشو في داخلي أخرى لأستمر في هربي
أهرب
أهرب
ولا مكان آمن في المكان.
( 11)
أيتها الوحشة
وأنت تخترقين حياتي
مثل رصاصة تدخل إلى جمجمة الضحية من بين عينيها
وتخرج من القفا
لا تأخذي روحي إلى قيعانك الرطبة الممتلئة عطونة وبردًا
اتركيها معلقة ولو بالمقلوب
في وسط المسافة تمامًا
بين ضبابك المخيف.
( 12 )
- الحب؟
أنت لا تعرف الحب؟
- هاه؟
- أترى هذه الثقوب الكثيرة في ثوبي؟
بعضها صغير والبعض الآخر يكاد رأسك يدخل منه
أتراها؟
- نعم
- الحب يا سيدي هذه الثقوب التي لا حصر لها في قلبي
ينهض من مكانه
جارًا أسمالاً
بينما أصابعه مشغولة في ثقب ما بقي من لباسه.
( 13 )
هذه العين الوحيدة
العين المفقوءة في مزحة الحبيب
مازالت تسقى الأرض العطشى
مازالت تدمع
( 14)
أريد لهذه النافذة أن تطل على ما في داخلي من صحراء.
( 15 )
كما لو أنها
سحابة محبوسة في متجر يبيع ملابس قطنية
قطعة موسيقية يطاردها سكير
تلويحة أخيرة في رواية
حنين مسكوب من نافورة عجوز في طريق مهجور
نظارة طبية لقمر صغير يحوم حول أرضه الميتة
موال بدوي مسجون في متحف
كذبة كبيرة تتسول الصدق
لحظة نعاس ترقب عشاق سهارى
بحة صوتك.
( 16 )
أريد لهذه النافذة أن تطل على ما في داخلي من صحراء
( 17 )
أين اختفت أصابعي الممسكة بالوردة؟
زهران القاسمي
شاعر وروائي عماني
مبهجة تقييمات القراء العابرين/ العابرات عن " فهرس الملوك" في موقع قودريدز ❤️❤️
قلت لكم مرارا
إن الطوابير التى تمر..
فى استعراض عيد الفطر والجلاء
(فتهتف النساء فى النوافذ انبهارا)
لا تصنع انتصارا.
إن المدافع التى تصطف على الحدود، فى الصحارى
لا تطلق النيران إلا حين تستدير للوراء.
إن الرصاصة التى ندفع فيها ثمن الكسرة والدواء:
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا جهارا
تقتلنا، وتقتل الصغارا !
أمل دنقل
إن الطوابير التى تمر..
فى استعراض عيد الفطر والجلاء
(فتهتف النساء فى النوافذ انبهارا)
لا تصنع انتصارا.
إن المدافع التى تصطف على الحدود، فى الصحارى
لا تطلق النيران إلا حين تستدير للوراء.
إن الرصاصة التى ندفع فيها ثمن الكسرة والدواء:
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا جهارا
تقتلنا، وتقتل الصغارا !
أمل دنقل
Forwarded from حَديث الأشجـار (مَريـم)
«ذَهبَ أحدهم إلى باب الحبيب
وطَرَقْ. سألهُ صوت،
مَن هناك؟
فأجاب، هذا أنا.
قال الصوت، المكان لا يتسع لي ولَك.
وأغلق الباب. بعد سنة من العزلة والحرمان عادَ فطَرَقْ.
سألهُ صوت من الداخل، مَن هناك؟
فقال الرجل، هذا أنت.
وفُتح لهُ الباب»
- جلال الدين الرومي
وطَرَقْ. سألهُ صوت،
مَن هناك؟
فأجاب، هذا أنا.
قال الصوت، المكان لا يتسع لي ولَك.
وأغلق الباب. بعد سنة من العزلة والحرمان عادَ فطَرَقْ.
سألهُ صوت من الداخل، مَن هناك؟
فقال الرجل، هذا أنت.
وفُتح لهُ الباب»
- جلال الدين الرومي
Forwarded from ربَّة الشِّعر
حينَ افترقنا فكرتُ
أن الدموع لن تكفَّ عن الإنسكاب أبدًا.
ويومًا بعد يومٍ
وفي غبار حوافي الطريق
أخذت الزهورُ تذبلُ
وتتساقطُ من إكليلي
على غيرِ علمي
متى يسقطُ حجابُ النسيانِ فوقي؟
وتدريجيًا أخذَ قلبي يقسو
وفكرتُ في أن الدموع لن تنسكبَ أبدًا
آه، ولكن حين قابلتُها فجأةً
في إحدى زوايا الطُّرق
أخذت تنهمرُ دموعٌ لا حدَّ لها
حتّى في نسياني
تحركت دومًا أمواجٌ من الدموع
قبلَ أن يتبدّدَ الليلُ
فلتوقد مصباحَ حياتي بلهيبكَ
أيُّها الحبيبُ الأثير!
-روبندرونات طاغور
أن الدموع لن تكفَّ عن الإنسكاب أبدًا.
ويومًا بعد يومٍ
وفي غبار حوافي الطريق
أخذت الزهورُ تذبلُ
وتتساقطُ من إكليلي
على غيرِ علمي
متى يسقطُ حجابُ النسيانِ فوقي؟
وتدريجيًا أخذَ قلبي يقسو
وفكرتُ في أن الدموع لن تنسكبَ أبدًا
آه، ولكن حين قابلتُها فجأةً
في إحدى زوايا الطُّرق
أخذت تنهمرُ دموعٌ لا حدَّ لها
حتّى في نسياني
تحركت دومًا أمواجٌ من الدموع
قبلَ أن يتبدّدَ الليلُ
فلتوقد مصباحَ حياتي بلهيبكَ
أيُّها الحبيبُ الأثير!
-روبندرونات طاغور
Forwarded from ربَّة الشِّعر
لقد رحلتُ وحيدًا
في الدربِ القاسي حاجًّا نحوَ الألم
تلفحني شمسُ إبريل اللاهبة.
ما أكثر الأيّام التي بقيت فيها بلا رفاق!
ما أكثر الليالي بلا مصباح!
ومع ذلك ففي أعماق قلبي
شعرتُ بلمستك
وإكليلُ شوك الإفكِ والبُهتان
مئة مرّة جرحني
ولكنني تقبلتهُ كما لو كانَ إكليلَ الزفاف
مُتأملًا بعينين مصوبتين
الوجه المُضيء للأرض.
-روبندرونات طاغور
في الدربِ القاسي حاجًّا نحوَ الألم
تلفحني شمسُ إبريل اللاهبة.
ما أكثر الأيّام التي بقيت فيها بلا رفاق!
ما أكثر الليالي بلا مصباح!
ومع ذلك ففي أعماق قلبي
شعرتُ بلمستك
وإكليلُ شوك الإفكِ والبُهتان
مئة مرّة جرحني
ولكنني تقبلتهُ كما لو كانَ إكليلَ الزفاف
مُتأملًا بعينين مصوبتين
الوجه المُضيء للأرض.
-روبندرونات طاغور
Forwarded from ربَّة الشِّعر
إني وبكُلّ ما أملك
لا ينبغي فقط أن أسدّد ديوني نحو الحاضر
ولكن أرجُو أن يكونَ هذا الحاضر مدينًا لي
إن ما هو أبعد من الربحِ والخسارة
وما هو أعظم من الفرحِ الخالص أو الألم المُوجع
هو قدرتي على أن أهب كُلّ شيءٍ
دون أن أزِنَ بكّفتي ميزانٍ
المدح أو الذمّ
-روبندرونات طاغور
لا ينبغي فقط أن أسدّد ديوني نحو الحاضر
ولكن أرجُو أن يكونَ هذا الحاضر مدينًا لي
إن ما هو أبعد من الربحِ والخسارة
وما هو أعظم من الفرحِ الخالص أو الألم المُوجع
هو قدرتي على أن أهب كُلّ شيءٍ
دون أن أزِنَ بكّفتي ميزانٍ
المدح أو الذمّ
-روبندرونات طاغور
Forwarded from ربَّة الشِّعر
مَدينٌ للحياة
بأنّي لم أعِشْها كما اشتَهَتْ
مدينةٌ لي هيَ الحياة
بأنّها لمْ تمنحْني مفتاحَ بيتِها
لذلك أنفقتُ عُمري
أكتبُ عن الأماكنِ المحيطةِ بها
عن أناسٍ لوّثوا شوارعها
بالدخانِ والأغاني الرخيصةِ
مدينٌ لاسمي
مدوّنًا في سجلّات الغرباءِ كَعلامةٍ مسجّلةٍ
-نسخةٌ منهُ إلى..
-نسخةٌ منهُ إلى..
-نسخةٌ منهُ إليَّ؛ لأحضرَ في أقرب وقتٍ
حاملًا معي جرعةً من الأدعية
وصلاةً
بتاريخِ صلاحيّةٍ قديم.
-عبود الجابري
بأنّي لم أعِشْها كما اشتَهَتْ
مدينةٌ لي هيَ الحياة
بأنّها لمْ تمنحْني مفتاحَ بيتِها
لذلك أنفقتُ عُمري
أكتبُ عن الأماكنِ المحيطةِ بها
عن أناسٍ لوّثوا شوارعها
بالدخانِ والأغاني الرخيصةِ
مدينٌ لاسمي
مدوّنًا في سجلّات الغرباءِ كَعلامةٍ مسجّلةٍ
-نسخةٌ منهُ إلى..
-نسخةٌ منهُ إلى..
-نسخةٌ منهُ إليَّ؛ لأحضرَ في أقرب وقتٍ
حاملًا معي جرعةً من الأدعية
وصلاةً
بتاريخِ صلاحيّةٍ قديم.
-عبود الجابري
( الملك بين المفهوم والانزياح اللغوي). رؤية نقدية فاحصة كتبها الناقد والكاتب المصري " ممدوح رزق" عن مجموعتي القصصية فهرس الملوك في العدد الجديد من مجلة أخبار الأدب ❤️❤️