Telegram Web Link
في الملك. «ظهروا متوافقين - كما ينبغي لأيّ توأمين- واعتقد الملك الأب أنّهما سيظلّان هكذا حتّى بعد رحيله، لذا لم يكتب وصيته بأحقيّة أيّ منهما في الحكم، بل كانت رؤيته الشّخصية أن يتوليا حكم البلاد معًا، بما أنّ الحياة دفعتهما في السّاعة ذاتها من رحم واحد، ولهما القدرات عينها، فلماذا يسعى إلى مخالفة الطبيعة، ليفضّل أحدهما على الآخر في تولي مقاليد الحكم؟! وكلّما نصحه وزراؤه بخطورة قراره، بددت ضحكاتهما - التي كانت ترنّ في أنحاء القصر- شكوكه، متيقنًا أنّ وفاقهما سيضمن الحياة المزدهرة للبلاد من بعده» ولكن الذي حدث أنهما - حين توفي أبوهما- قسما شعب المملكة إلى شعبين متحاربين حتى أفنى بعضهم البعض الآخر، ثم قتل الأخ أخاه، ولكنه حين استولى على الكرسي لم يجد شعبا يحكمه، وفي ذلك دلالة على أن الكرسي بلا شعب أو رعية لا وجود له، وبالتالي لا يمكن أن يكون للقصة وجود. أيضا في قصة «نهاية شعب لا يسمع» نجد شيئا شبيها بذلك، حيث أن الشعب أو الرعية هم صلب القصة ونسغها، فبسبب ولادة طفل أصم للملكة، وحتى لا تجرح مشاعر الابن تم القرار بأن يمتنع الشعب عن الكلام، وهنا تميل الحكاية إلى جانب السخرية، حين يرتاح الأزواج من ثرثرات زوجاتهم، وترتاح الزوجات من طلبات أزواجهن. كذلك في «قصة جحافل الشيطان» تشكل الرعية صلب القصة، حين يعيشون على وهم أن الملك كان سببا في قوة البلاد ومنعتها من دخول الأعداء وبالتالي توفير الحياة الآمنة المستقرة للبلاد، تتحول هذه الميزة مع الوقت إلى وهم بسبب الجوع الذي يصيب الرعية واضطرارهم إلى الهجرات الجماعية لتسحب بالتالي القيمة الفعلية للعرش في غياب شعب أو رعية تبرر وجوده وتمتثل لأوامره ونواهيه: «لكن بعد مرور عشرين سنة ما عاد النّاس يعيرون أهمّيّة لنداءات بوّاق الملك، الذي ظلّ يزعق بصوته وحيدًا في ساحة المدينة الخاوية، فالمجاعة اجتاحت البلاد وأهلكت العباد، الذين ما عادوا قادرين على القيام بشؤون حياتهم اليومية. والنّاس بعد مرور عشرين سنة صارت أصواتهم لأوّل مرّة تعلو ليس بالدعاء أو الصّلاة، بل لطلب الطّعام والدّواء والماء النّظيف».

تكملة رحلة شهرزا وأليس في بلاد العجائب:

تتميز القصص أيضا بانفتاحها على أمهات الحكايات الشعبية المعروفة، ولكن عن طريق فتح طريق جديد لنهاياتها المعروفة والمستقرة في الأذهان، فشهرزاد تظهر في قصة «ليلة سقوط شهرزاد» في نفس دورها المعروف في كتاب ألف ليلة وليلة، حين تحكي الحكايات قبل النوم للملك شهريار، ولكن في نهاية أيام الحكي الألف ليلة وواحدة، وبعد أن نضب معين حكاياتها، يقرر «شهريار» في النهاية قتلها في ساحة عامة. ولكن الذي يدافع عنها هم أبطال حكاياتها حين يتجسمون بشرا ويتقدمون جميعهم لحمايتها من القتل: «كان هناك علي بابا وبرفقته أربعون حراميًا. كما رأت السندباد وبرفقته بدر البدور. ووقف بالقرب منهما معروف الإسكافي. كانت محاطة بالشخصيات التي ظلت طوال تلك الليالي المديدة تُسربهم من رأسها لتُمتع الملك شهريار. هم أنفسهم حملوها على أكتافهم إلى حيث الملك شهريار الذي بدا مبهوتًا من هذه الحشود الزّاحفة نحوه. وقف عاجزًا أمامهم. يعلو الهلع وجهه، فمن أين جاء هؤلاء الثّوّار؟! وكيف اقتحموا مملكته في غمضة عين؟ أين حراسه، حماة عرشه وسلطانه؟ وماذا تفعل شهرزاد بينهم؟!» نجد أيضا ابتكارا مشابها في قصة «ملكة القلوب» التي تجدد وتستثمر الحكاية العالمية المعروفة «أليس في بلاد العجائب»، وتبتكر لها امتدادات ونهايات جديدة، عن طريق «شخصية «ملكة القلوب» غريمة «أليس» التي استقرت بعد زواجها وإنجابها الأبناء، فما كان من ملكة القلوب إلا أن سعت ليكون لها ابناء أيضا، ولكنها في لحظات الطلق تأمر بقطع رؤوسهم بسبب تقلب مزاجها، ثم تندم على فعلتها إلى أن رأت الأرنب الأبيض وهو أحد شخصيات حكاية أليس في بلاد العجائب، واستعانت به لحظة الولادة، ولكن الذي حدث أن ولدها جاء متسلطا ومهووسا بقطع الرؤوس، وكان من ضمن ضحاياه ملكة القلوب نفسها. المغامرة التجريبية بالذهاب في إثر حكايات قديمة راسخة في ذهن القارئ ولكن عن طريق البحث لها عن امتدادات ونهايات جديدة، يشبه الأمر تذييل قصص قديمة بجديد مبتكر، مثل ريش الطاووس الذي يجدد ألوانه كل صباح انطلاقا من ذيله الريشي بألوانه الزاهية، وكأنه يعلمنا كيف نهزم النهايات وننعشها بالصمت أو الكلام. لم تسكت ليلى في حكاياتها عن الكلام المباح لأن الصباح يجب أن يتجدد بقصص وإن بدت قديمة الهيكل، إلا أنها يمكنها أن تسبر زمنا آخر وواقع معاش متجدد.

خلاصة في التجريب

التجريب نتاج تراكم قراءات وانطلاقا منها «أي هذه القراءات» يمكنك الشروع بثقة في بناء عالم مواز متجدد، ليلى عبدالله في حكاياتها وعبر صب قصص في القالب العتيق، تجرب ولادة مرموزات جديدة انطلاقا من العلاقة الإشكالية القديمة بين سلطة لا تُرى وواقع لا يعاش خارج الإملاءات وقوانين المزاج الكوني.
الحكايات تبدأ بالتذوق وتنتهي بجنود الورق، وكأن اسم ليلى الذي يمكنه أن يدلل أيضا على سحر كتاب الليالي العربية، يدفعها لابتكار حكاياتها المعبأة بألوان المعاني والعبر، مع جماليات لغوية تتراءى بين ريش الأحلام وعطر الحكايات وتجليات الواقع المبتلى بإملاءات آلهة كونية لا سبيل ممهدا لفهمها ومناقشتها.

محمود الرحبي كاتب وروائي عماني
هل ميّز عربي بداية القرن العشرين بين اليهودي والصهيوني، وبين التراث العبري وإيديولوجية الدولة الإسرائيلية، أي بين الديني والسياسي؟

*هذا الكتاب اقتنيته من بسطة من بسطات القاهرة ما يربو عن عشر سنوات.
‏"إنك تقول: «سأذهب إلى بلدٍ آخر
سأمضي إلى ساحلٍ جديد
سأجد مدينة أخرى أفضل من هذه
فكلُّ ما أفعله هنا خطأ
قلبي مدفون كأي شيء ميت
أينما أدرتُ وجهي، أينما نظرت
أرى خرائب حياتي السوداء
هنا، حيث أنفقتُ سنوات عمري، أضعتُها، دمرتُها».
لن تجد بلداً آخر، لن تجد ساحلاً آخر
فهذه المدينة ستتبعك. سوف تمشي في الطرق ذاتها
ستشيخ في الحواري نفسها
سيشيب شعرك في المنازل عينها
ليست لديك سفينة، ليس أمامك من طريق
فكما خرّبتَ حياتك هنا، في هذا الركن الصغير
فهي خرابٌ أينما ذهبت."


قسطنطين كفافي
👍1
‏" إسرائيل أخذت تتحول إلى دولة عرقية تنساق وراء المعتقدات، وتجهل التسامح، وتعكف على إثارة الحروب، وعملية السلام في الشرق الأوسط لم تمت ميتة طبيعية بل جرى قتلها".

المؤرخ البريطاني توني دجت في مقالة شهيرة له بمجلة نيويورك بوك ريفيو، نشرت عام 2003م.
‏"فقد رأى هتلر أن اليهود شعب بلا أرض،لذا ليس بإمكانهم أن يلعبوا دورا في الصراع العالمي للقوة في إطار الحرب التقليديةالقائمة على غزو الأراضي،بل إنهم يلجؤون إلى المكروالخديعة ودسائس الظلام التي جعلتهم عدوًا لدودًا مخيفا لا يمكن إشباع رغبته أو ترويضه،بل لابد من تدميره حتى يختفي ضرره".
👍1
*فهرس الملوك في معرض الكويت الدولي للكتاب.
كثير من الحب هنا❤️
أعود لليوم الذي كنت أحاول وضع غرفتي بأكملها في الحقيبة وانتهى بي الأمر لترك معظم الأشياء وإرجاعها أملًا في إنها مسألة بضعة أيام وسنعود.اليوم، كل هذه الأغراض الناجية من النزوح والنهب صارت هي أساس كل مكانٍ نسكنه. إعادة ترتيبها جعلني أفكر في الأسباب التي جعلتني أخذ أشياء بعينها دون الأخرى، وبدأت أركز أيضًا في الأشياء التي أخذها كل أفراد أسرتي معهم. تذكرت بوضوح يوم غادرنا منزل الخرطوم ورجوعي مسرعةً لأخذ ألبومات الصور القديمة قبل مغادرتنا بدقائق.
2025/07/09 13:03:38
Back to Top
HTML Embed Code: