Telegram Web Link
هشام مطر : الأدب العالمي لا يحظى بالتقدير الكافي، في حين أن الكتب الإنجليزية غالبًا ما يتم المبالغة في تقديرها.

الكاتب البريطاني من أصول ليبية يتحدث عن ألف ليلة وليلة غير المنقحة، ولماذا يجعلك بروست تشعر بأنك أكثر ذكاءً ومذكرات عازف بيانو غيّرت حياته.

نشر بالجارديان في الجمعة 20 أبريل 2018
ترجمة: هبة عبد العليم

الكتاب الذي أقرأه الأن
كل ليلة قبل نومي أقرأ قصيدة من المجموعة الشعرية الرائعة "في التوازن" وهي المجموعة الأحدث للشاعرة سينيد موريسي. كما صادفني مؤخرا أعمال الكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو. وأقرأ له الآن كتاب "لن تتكلم لغتي"، والذي أجده غاية في الذكاء والبراعة.
.
.
الكتاب الذي غير حياتي
النسخة غير المنقحة من ألف ليلة وليلة بكل ما تحتويه من جنس وغرابة ومؤامرات رهيبة. لقد قرأ هذا الكتاب لي عندما كنت صغيرًا جدًا بحيث لم أستطع فهم الكثير منه، إلا أنه تسلل إلى لاوعيي، ولعل هذا هو السبب الذي يجعلني أشك فيه بقدر ما أثق به. ومنذ ذلك الحين وجدت أثره كامنًا في دون كيخوت، وتريسترام شاندي، وأعمال روبرت لويس ستيفنسون، وجوزيف كونراد، وخورخي لويس بورخيس، وغيرهم.
.
.

الكتاب الذي أتمنى لو كنت كاتبه
لقد قرأت بإعجاب شديد رواية "البحث عن الزمن المفقود"، وهو الكتاب الذي أضاف لرؤيتي وإحساسي بالعالم، وفعل ذلك بطريقة عمقت من إحساسي بذاتي، فقد كان من بين مواهب بروست العديدة أنه يجعلك تشعر بأنك أكثر ذكاءً ودقة وقدرة على امتلاك قدر أعظم من الحساسية مما قد تتخيله في نفسك. بالنسبة لي، لا تحتوي أي رواية على مثل هذا القدر من الأفكار أو المتعة والبهجة.
.
.
الكتاب الذي أعتقد أنه لا يحظى بالتقدير الكافي
لا يزال الأدب العالمي غير مقيم بشكل كبير، ونتيجة لذلك، غالبًا ما يتم المبالغة في تقدير الكتب الإنجليزية. حوالي 1.5٪ من الكتب المنشورة في المملكة المتحدة و 3٪ من تلك المنشورة في الولايات المتحدة هي أعمال عالمية مترجمة للإنجليزية. وغالبًا ما تكون مبيعاتها متواضعة بشكل كئيب. هذا يضعف الثقافة ويغذي النرجسية. ببساطة شديدة، إنه أمر ممل وخطير.
.
.
الكتاب الذي كان له التأثير الأكبر على كتابتي
ربما كانت رواية "الشمس تشرق أيضًا" لإرنست همنجواي، لأنها خدعتني وجعلتني أعتقد أنني يجب أن أبدأ مشواري ككاتب.
.
.
الكتاب الذي غير تفكيري
الرسائل المتبادلة بين فلوبير وتورجينيف، وكذلك مذكرات عازف البيانو سفياتوسلاف ريختر غيرت من تفكيري وعلمتني شيئًا ما عن ما قد يعنيه العيش وفقًا لعقلية المرء نفسه.
.
.
الكتاب الذي أضحكني
"جوائزي: المحاسبة" لتوماس برنهارد. أنا أعشق هذا الكاتب النمساوي، فهو يثير غضبي ويذهلني ويسليني في الوقت نفسه.
.
.
الكتاب الذي لم أستطع إنهاءه
كثير جدا. في القراءة أنا شره للغاية ولا أطيق الصبر. أريد الأسلوب والمتعة والأفكار؛ أريد الشعر والفلسفة؛ أريد كتبا كتبت عبر مواهب تحمل النار. هذا لا يتوفر كثيرا.
وهذا يعني أنني أقرأ بشكل محدود للغاية، وأن معظم ما أقرأه هو في الواقع إعادة قراءة.
.
.
الكتاب الذي أهديه بكثرة
أحب كتاب قصائد مختارة لبورخيس وأستمتع بقراءته. كما أحب البحث عن طبعات نادرة من الكتب التي تحتوي على قصائدي المفضلة القديمة. تلك الكتب التي أهديها بكثرة، وهذا على أمل أن يقرأ شخص أهتم به نفس الأبيات التي أحبها ويشعر بنفس الشعور الذي شعرت به وأنا أقرأها. هذا يحدث أحيانًا.
.
.
الكتاب الذي أرغب في أن يتذكرني الناس به
هناك شيء ما في هذا السؤال يجعلني أشعر بعدم الارتياح. إنه مثل شخص يطرق على كتفك وأنت في منتصف حلم يقظة.
انتهيت من قراءة رواية " سخط " لفيليب روث، وانتقلت لقراءة رواية " صانست بارك" لبول أوستر .
شعرت بأني عالقة في عالمين متناقضين بين بطل فيليب روث الفرداني المنعزل والعاشق المهزوم انتهاءً بشخص مسحوق في حرب لفظته جثة إلى بطل بول أوستر المنفتح، المتمرد، والمحب للنساء الصغيرات الجميلات والحياة المريحة.
كلاهما يملكان قدرة فريدة لتحريك السرد عبر أحداث تبدو مألوفة تماما غير أنها صيغت بطريقة تجذب القارئ. حتى الشخصيات الفرعية التي تبدو نمطية تتوالد عبر الفصول، تظهر بقوة ثم تتوارى بنهايات واضحة.
سمة الروائي الذي يتعاطى مع شخصياته بصرامة تبدو السمة الأبرز في الروايتين.
ببساطة أحببت الروايتين، اللذة تكمن في أسلوب الكاتبين لصناعة عالم روائي حاد التقاطيع بلا زوائد، تختمر كبصمة لقارئ من عالم معاصر إلى الحقبة التي رويت فيها الأحداث.
‏" هل للمباني ذاكرةٌ حقًّا؟
المباني هي بروتين الذاكرة".
"المباني ليست مجرد أشياء بصرية منقطعة الصلة بالمفاهيم التي نستطيع تحليلها ثم تقييمها. المباني تتكلم_ وهي تتكلم في أمور قابلة لأن نفهمها. تكون المباني ناطقة بالديمقراطية أو الأرستقراطية، بالانفتاح أو الغطرسة، بالترحاب أو بالتهديد، بالاشتياق إلى المستقبل أو بالتعلّق بالماضي".

عمارة السعادة| آلان دو بوتون
أريد أن أرسل لك شيئاً، لكن ما هو ؟ الورود تذبل والقُبل والدموع لا أستطيع إرسالها
وحدها الكلمات،
وخطي سيء جدًا.

- سيمون دي بوفوار
" موهبة أكثر النحّاتين الموهوبين كامنة في القدرة على تعلمينا أن الأفكار العظيمة( أفكار عن الذكاء أو الرقة أو اللطف أو الشباب أو السكينة، على سبيل المثال) قابلة لأن يُعبّر عنها بقِطع من الخشب والخيوط، أو بتراكيب من الجَصّ والمعدن، وذلك مثلما يمكن التعبير عنها بكلمات أو بملامح تشبه البشر أو الحيوان. إن المنحوتات التجريدية العظيمة ناجحة في التحدث إلينا بلغتها الغريبة الفريدة المنقطعة عنها، قادرة على التحدث إلينا بأفكار مهمة عن حياتنا".

عمارة السعادة| آلان دو بوتون
حفريات تأويلية للناقد المغربي البارز لونيس بن علي في مجموعتي فهرس الملوك..

حفريات تأويلية في مجموعة "فهرس الملوك" لليلى عبد الله.
3

قصة لوحة الملك الفحمية

في هذه القصة، سيقع أحد الملوك في مشكلة "قُبحه" الطبيعي. يتحول الوجه إلى مشكلة سياسية أيضا. وقد فشلت جميع محاولاته في العثور على رسّام يرسمه بهي الطلعة.
في هذه الحالة، كيف يتصرف الفن عندما يقع تحت قبضة السلطة؟ هل بإمكانه أن يُكسب القبح جمالاً ونظارة؟ لكن ألا يقع الفن هنا في تناقض مع وظيفته الحقيقية، وهي محاكاة الواقع ونقله بأمانة؟
الفن، بالنسبة لملك البحار، هو طريقة مثالية لتخليد صورته عبر التاريخ. لذا، لا يمكن له أن يحرم نفسه من لوحة فنية تُخلده.
قال السارد: " كان يريد أن يخلّد عبر التاريخ بلوحة، تجسد الصرامة والذكاء في عينيه والشموخ في أنفه والطموح في جبينه، دون إظهار ثآليل وجهه السوداء" (ص15)
يظل القبح عائقا أمام تحقيق أمنيته. يبدو أن مشكلته هي مع الطبيعة التي لم تنصفه، عكس أخيه الصغير الذي وُهب الجمال.
لقد أدرك بأنّ الناس ينفرون من مظهره، وعلى الفن أن يتدخل لترميم هذه الصورة المشوهة عنه، بالتركيز على إظهار جوهره.
نعترف بأنّه يمتلك نظرة خاصة للفن؛ إنّ الفن هو الذي يتجاوز السطوح المليئة بالثآليل السوداء، ويستظهر الخفي والمجرد الذي يسمى جوهراً.
لقد دافع عن المضمون ضد الشكل المشوه.
لكن القصة لا تخبرنا، خارج ما يعتقده الملك عن نفسه، كيف هو جوهره الحقيقي؟ هل كان ملكا عادلاً؟ قد تعوّض الأخلاق حظه السيء في الجمال، بل كانت هذه هي استراتيجيته.
سيضع مكافأة مالية لمن يستطيع رسم وجهه في لوحة ترضيه.
لقد رفع سقف التحدي عاليا. من هو هذا الفنان الذي يستطيع أن يرضيه؟
أكيد، يوجد دائما في مكان ما رسام محتال.
لماذا صفة الاحتيال في نظركم؟ الاحتيال يعني القدرة على إقناع أحدهم بما ليس فيه. لابد من ذكاء غير عادي لفعل ذلك.
سينجح الفنان المحتال الذي اُشتهر بالرسم باستعمال الفحم فقط، في إقناع الملك بأنه سيرسم له لوحة تخلدها الأجيال.
اقرأوا معي:
"وحين طلبوه للقاء الملك، نفخ صدره بجسارة واعدا بنبرة واثقة: إنّ صورة الملك التي سيرسمها ستبقى راسخة في أذهان الناس مدى السنين" (ص16)
هناك عبارة لم ينتبه لها الملك، ولو انتبه لها كان سيشنق الرسام، وهي: " إن الصورة التي سيرسمها ستبقى راسخة". أي أنّ الذي سيخلد في الأخير ليس الملك، بل لوحة الرسام.
أظن أنه حتى السارد لم يعر اهتماما لهذه العبارة، وإلا كان أنهى القصة بإعدام الرسام، وفي نظري، هذه هي النهاية اللائقة به. لكن لا أحد انتبه لهذا التفصيل الصغير. لكن بالنسبة لنا كقراء، ما قرأناه يمثل جوهر الفن.
الفن يُخلّد نفسه ولا يُخلّد أحد.
كيف انتهت القصة؟
سأتركها تكتشفونها لوحدكم.
"‏إنّ المغفرة لأصدقاء المرء أصعب من المغفرة لأعدائه".

نيتشه
"لا أثق في اختيارات الرفقة والصحبة. عندي يقين أن الرفيق / الصديق يفرضه المسير عليكَ. لن تكون عادلاً لو وضعت مسطرة لعلاقاتك. أصدق العلاقات هي التي تبنى مع المختلفين عنك، اجتماعيا وثقافيا ومادياً، وكلما اتسعت الفجوة، عبر المسميات الثلاثة، بينكما كنتما فعلاً أكثر قرباً واتساقاً. فلا رفقة حقيقية معها مصلحة أو تطلُّب. لا صداقة بين اثنين يستنزف أحدهما الآخر، حتى يتركهُ لغيره. لا صداقة بين رجلين يرى أحدهما الآخر أقل منه، وعند أول اختلاف يلجأ لهذا الفارق كحد فاصل. لا رفقة بلا تفهم وتسامح وندية."

الشاعر المصري محمود التايب
‏«حين أعود إلى بيتي كل مساء/ يخرج حزني من غرفته مرتدياً/ معطفه الشتويّ ويسير ورائي/ أمشي يمشي/ أجلس يجلس/ أبكي يبكي لبكائي/ حتى ينتصف الليل ونتعب/ إذّاك أرى حزني يدخل للمطبخ/ يفتح باب الثلاجة/ يخرج قطعة لحم سوداء/ ويعدّ عشائي».

يوسف الصائغ
2024/10/02 04:31:34
Back to Top
HTML Embed Code: