من الوسائل التي استُخدمت سابقا لتشويه الشرفاء وتلطيخ سمعة أصحاب الخوذ البيضاء الأبطال، تزوير مقاطع وفيديوهات لعمليات إنقاذ أو لناجين بوضعيات معيّنة مؤثرة، ثم إلقاء تلك المقاطع في المواقع ليلتقطها أصحاب النيّات الحسنة ويقوموا بنشرها، حتى إذا لفتت انتباه أعداد كبيرة وأثّرت في الكثيرين تم إظهار كواليس تصويرها ومقاطع الوقائع الحقيقية لتخريب مصداقية الناس، وهذه الوسيلة متكررة كثيرا في القصة السورية؛ فلا تنساقوا خلف الرغبة الجامحة في مشاركة كل ما هو مؤثر وله مغزى تربوي أو بطولي، قبل أن تحاولوا الرجوع إلى المصادر الأولى والتثبت من صدقيتها؛ لأن التسرع في هذا الأمر له أضرار عظيمة.
- منقول.

لماذا يجب أن نكون مع المعلم ؟
لأنّ المعلم الذي يُدافع عن حقّه ويأبى الخنوعَ للظّلم وقهر السّلطة جديرٌ بتربيةِ أبنائنا قبل تعليمهم.
في هذه البلاد الكرامة قيمة مهمة، والمعلم الحرّ كنزٌ كبيرٌ، وصوته الرّافض للعدوان على حقه خطوة على درب الحرية.

هذه السّلطة تسرق قوت المُعلّم وتحلّ أزماتها على حسابه، وتعوّض فساد رؤوسها من جيوب المعلّمين، ولا بدّ أن تفهم أنّ المُعلم ليس عنصراً ضعيفاً وثانوياً بل هو الأساس، ومناصرته في تحصيل حقوقه مسؤولية كلّ المجتمع.
- لمى خاطِر.

حالات القرف والملل التّدريجيّ البطيئ، الّذي تخلّفه الإشكالات العالقة الّتي نجمعها ونطمرها، ولا نعالجها بحوار صحّيّ هادئي عقلانيّ، لتبقى ألغاما تنفجر في المستقبل عند كلّ مشادّة، هي وحدها الّتي تنهي الحبّ والصّداقات إلى غير رجعة.. أمّا النّهايات العنيفة فقد تعود عودات عنيفة أيضا لا تدعو لأيّ دهشة أو استغراب!
ربّ يسّر وأعن.
- مقتَطف.

لا مبرر للتطبيع لا بعقدٍ احترافي كما يبرر البعض للاعبي الكرة، ولا باتفاقيات دولية وحركات انفصالية واستراتيجيات تَكتَكية كما يبرر البعض للمغرب وتركيا، ولا بحكم الأمر الواقع والسياسة الدولية كما يبرر البعض لدول الخليج، والمبرر الأكثر إثارة للسخرية (تحسين الموقف التفاوضي والدفاع عن المصالح الفلسطينية ههه)، كله مرفوض وطعن لظهر بيت المقدس وأهله دون استثناء؛ بل حتى مصطلح التطبيع تطبيع فهو مصطلح (حنون) فالأمر في حقيقته خيانة وبَيع؛ فإذا اختار أحدكم التبرير للاعبٍ بخضوعه لعَقدٍ مع ناديه فليصمت عن تخوين الخاضعين لاتفاقيات مع حلفائهم أو المرتبطين بمعاهدات واختيارات لأسلافهم. هذا مكان.
- منقول.

أقدم مظالم الكتّاب، تلك الغفلة عن مواضع الجراح التي تُنزع منها النِّصال المتكسرة، والنظرُ إلى مواضع إلقائها، دون تفريقٍ بين الرمي والإلقاء؛ فالرميُ (وَضْع) مبني على الآخر، والإلقاء (نَزْع) مبنيٌ على الذات.. الرميُ عتاب أو تغزل، أو هما معا، أمّا الإلقاء فتنفيس وتخلُّص، لا يرادُ بهِ موضعٌ بعينه. هو أقرب إلى حديثٍ طويل مع النفس، لا ينفذُ منه إلى الخارج إلا أقلُّه وقشريُّه الأبعدُ عن اللُّب، هو الشظايا، أو النِّصالُ المتكسرة، لا يعنيه أن يعاد ترتيبها وتركيبُها لِتُفهَم، أو تبقى هناك مُهملة منفية..

لكن البعض يأبى في كلِّ عَصر إلا أن يتبناها ويُسمِّيها على هواه، ويُلبسها ما شاء؛ ثم تُنسَب للكاتب، بشكلِها الأخير.
- مقتَبس.

التنكيت بالسِّحر و"الشيخات"، وتحويل الموضوع إلى ضحك وتنافس في إنتاج النكت المبنية عليه، أمر سيء جدا، لا يمكن الاستهانة بأثر هذه الطريقة في التعامل مع أمهات الكبائر في كسر الحواجز وتهوين شأنها عند الناس، والواقع شاهد على ذلك، وليس من تعظيمِ الشريعة بحال تحويل المنكرات الشنيعة إلى مادة للمزاح، منكراتٌ كان مجرد ذكرها يُتبع بالتعوذ والرهبة والنفور فصار ذكرها وسيلة "إضحاك"..
- مقتَطَف.

بعد الإذن الأمريكي، والفضيحة في الفضاء العام، لتقاعس السعودية عن عمليات المساعدة الإنسانية في سوريا؛ طائرة سعودية تطلب الإذن من هيئة الطيران المدني للهبوط في مطار دمشق تحمل بعض المساعدات!

لا بارك الله في دولة عربية؛ كالنسر في مساعدة أمريكا، وكالسلحفاة في مساعدة شقيقتها العربية!
عن الحكومة أتكلّم وليس عن الشعب.
- صالح أبو عزة.

هذه هي إسرائيل يا إردوغان، أنت تحتفي بكوهين في أنقرة، وهؤلاء الممثلين الحقيقيين للكيان الوحشي الاسرائيلي، أنظر كيف ينظرون لشعبيّ تركيا وسوريا !!
فيما أنت تبالغ في التّطبيع السِّياسيّ، والاقتصادي، والأمني بل والثّقافي والاجتماعي معهم، وأنت الّذي تسارع لإدانة كلّ ثأر فلسطينيٍّ منذ مجزرة جنين، ولم نسمع لكَ كلمة عن الجزّار الذي يسلخُ جلدنا عن لحمنا، وسبق لك أن احتفيت انت والامارتي، دون غيركما، بما أفرزه الناخب الاسرائيلي، من ائتلاف يميني متوحش، وقد اعتبرته الأكثر تأهيلا لإحلال السلام !! أيّ سلام هذا الّذي حصدته للشعب الفلسطيني، بل ماذا حصدت من مصالح كاذبة لشعبك، حتى غاز البحر المتوسط الّذي فتح الأمريكي شهيتك عليه، مع اشتراطه الشّريك الإسرائيلي حصراً، فلت من يديك وتعاقد الاسرائيلي مع الاوروبي واليوناني، لتبقى تركيا تتجرّع حسرة الزّلزال مع شقيقتها في الجغرافيا والتّاريخ والدين؛ سوريا، نعم سوريا التي اكتوت بنار الفتنة، التي ألهبها الغرب عبر منافذك الحدودية، هذه المنافذ المغلقة الآن في زمن الزْلزال، لماذا تغلق منافذك مع سوريا وتفتحها لكوهين يا إردوغان ؟
- منقول.

من يقرأ التاريخ ويطالع سيَر السلف والصالحين يعرف أن الشيطان ينزغُ بين الفاضِلَين أو العالمَين أو العارفَين فيحصل بينهما ما يحصل بين الناس من الاختلاف والغلظة والتجاوز ثم يبقى ما شاء الله أن يكون، وينجلي آخرَ الأمر ويزول، أو يبقى مغفورا ببحر الحسنات والفضائل مستورا بمكارم الأخلاق؛ فلا يخسر (كثيرا) إلا المتعصبون لهذا أو ذاك؛ الذين ليسَ لهم ذلك البحر الذي تذوب فيه السيئات ولا تلك الفضائل التي تستُر الزلّات؛ فلا هُم في العِير ولا في النفير، يطيلون ألسنتهم بساطا تحت أرجل من يُوالون ويتملقون طلبا للحظوة أو إثباتا للولاء والمحبّة ووجود الحميّة، ثم يتصالحُ المتخاصمون وتبقى الألسنة المتسلّقة المُتملِّقة مطبوعةً مدنّسةً بآثارِ العيب والعار وقلّة الأدب.
- حسام الدِّين ابن السّنوسي.

تبذل جهدك لتُبعد نفسك وأهلك عن المسموعات الفاسدة فيأتي رجل لية عرسه فيجعلك وأمك وأخواتك وإخوانك تسمعون معه قائمة أغانيه المفضلة، لا أدري حتى متى يستمر هذا التخلف والفجور والفسق الصريح، أكاد أجزم أنك وإن كنت داخل حانة لن تسمع كلمات الأغاني السخيفة الهابطة بالوضوح الذي تسمعها به في أعراس هؤلاء، رجلٌ يبدأ زواجا مباركا بهذا الحرام والعيب يحتاج تأديبا، ورجلٌ يخضع لهذا العرف الفاسد لأن أمه تراها ليلة العُمر و "ليلة وفايتة" ناقصُ رجولة، طَفّي.
- حسام الدِّين ابن السّنوسي.

في الأعم الأغلب، فإنّ حوارات الفيسبوك لا تنتهي بتغيير قناعة أحد المتحاورين أو كليهما، وكثيراً ما يبقى النّقاش مجرّد حراثةٍ في الماءِ وبذرٍ في الهواء، ولكن حتّى نخرج بشيء من الفائدة للطّرفين المُتحاورين أو للمتابعين من القرّاء، حبّذا لو تم إسناد الآراء بأدلةٍ علميةٍ أو شرعيةٍ موثقةٍ وليس كلاماً مرتجلاً، حتّى يستفيد الجميع من المعلومات المقدّمة، وعندها يكون الحوار مفيداً، وليس حوار طرشان، حتى لو احتفظ المتحاورون بقناعاتهم الخاصّة.
- د. سعيد دويكات.

إنكار الإجرام ورفض الكذب من أوجب الواجبات؛ لكنه فعل مبدئي، والمبادئ لا تخضع للانتقائية، تتعجب من أناس فجعتهم جريمة نكراء لشاب قتل فتاة فيتوسلون لنظام قاتل ليقتص لها بقضائه الشامخ، تجده ينكر هذه الجريمة أشد الإنكار وغيرها كثير قد لا يعده جريمة لسبب أيديولوجي، أو ربما لكونه جريمة ممددة زمنيا فبدل أن تجز عنق إنسان ألقه في زنزانة ضيقة وامنع عنه الزيارة والدواء وحقوقه الأساسية واستلّ روحه بالتقطير واذبحه بسكين الإهمال فلا ينتبه ولا يهتم له أساتذة إنكار الإجرام؛ فالجريمة فقط ما ارتكبه المواطن المُجرم، أما القراصنة الكبار فقنصهم للفتيات وحرقهم للناس وتنكيلهم بأجساد الموتى بالجرافات أو بتعطيل دفنهم أو بمنع أهاليهم من النظر إليهم وتشييعهم وو؛ كل ذلك لا لا يلتفت له (أكثر) هؤلاء، كما لا يلتفت كثيرون لكذب رئيس جمهورية يسبح في الوهم صباح مساء يحسب نفسه أمير منبج الحمداني؛ لكنهم يقعون جميعا على رجل كذاب يدَّعي أنه دلفين.
- مقتطف.

الخيار الوحيدُ المتاح أمام لبنان لاحتواء الأزمةِ الّتي تهدّد وجود الدّولة برمتها، لن يكون إلا بسياسة (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون)
الامريكي ومن خلفه الاسرائيليّ والنّظام السّعودي، وبالدّاخل جعجع، يعملون بكل وضوحٍ على تفكيكٍ الدّولة بسبب توفيرها المظلة للمقاوممة، بما يوجب على لبنان عبر قواه الحيّة المبادرة لفرض معادلةٍ داخليةٍ وإقليميةٍ جديدةٍ، وهذا لا يتأتّى الا بتغيير قواعد اللعبةِ من خلال العمل خلف الظلّ في كلِّ أنحاء العالم، وهو ما يمتلكه لبنان وهو البلد الصّغير والضّعيف، ولكنه المفتوح على كلّ معادلات القوّة، والا فإنّ سياسة الدّفاع او الصّبر الاستراتيجيّ هي بمثابة توفير ميدان مفتوح لكلّ مشاريع العدو.
وهذا ينطبق على غزة وسوريا وايران.
- منقول.

كيف لعاقلٍ يقرأ القرآن والتّاريخ، ثمّ يصدّق قصة الأصيبيغ، وهي قصة مفتعلة لأحد الأعيان وقد أعيا عمرو بن العاص والي مصر في مجادلةٍ كلاميةٍ او محاججةٍ لفظية تتعلق بنص قرآني، ليتم رفع قضيته للفاروق عمر، والذي أمر بإحضاره للمدينة، وفي المدينة ظل يجلده تباعا مرة ثم أخرى حتى تراجع عن مجادلته!!!
طبعاً يوردها اليوم بعض المنفّرين عن الاسلام في سياق تمني هذا الجلد للسفيه إبراهيم عيسى الذي يواصل الإساءة للشيخ الشعراوي رحمه الله.
هل هذا هو الاسلام يجلد رجلا لمجرد جدال؟!
بتقديري ان هناك من افتعل هذه القصة في العصر الاموي ليبرر جرائمه ضد مخالفيه بالرأي.
- مقتبس.

يلام المؤمن على ضعفه في باب المُزاحمة والأسباب لا في باب المُشاتمة والسُّباب؛ فالثاني ضعف فيما يظهر لأكثر الناس غير أنه عين القوة؛ فالقوة الظهور على النفس وإلزامها حدَّ الأدب؛ أما من وجد بطشَ يدٍ وطلاقةَ لسانٍ في الأذى فلا يحسبنّ ذلك لقُوَّة بل هو لضعف فيه جعله يسترسل مع قوة نفسه الغضبية ونزعتها التجبرية؛ فلا يظهر على الناس إلا بالخضوع لها وكلُّ خاضعٍ لها ضعيفٌ ذليل.
- اقتباس.

عندنا قضيّة معايير ضائعة!
حين يقرّر الإنسان من تلقاء ذوقه المحكوم بتجربته وخبرته وبيئته وربّما أهليّته العقليّة أن يضع معايير خفيّة ليست بظاهرة ظهورًا أوّليًّا، وأقلّ أحوالها أن تكون مختلفًا فيها، وبعضها وهو كثير خطأ قطعاً عند التّمحيص، ثمّ يريد محاكمة الخلق والمخلوقات والخالق لها.
فمن اطمأنّ قلبه بالإيمان بعد ذلك يحتاج أن يأوّل الشّرع أو أقوال وأفعال المعصوم أو المقدّر شرعَا من الأعلام والأعيان، أو يكذّب ذلك أصلًا صارفاً النّظر عن معايير القبول والرّدّ العلميّة نفسها في الحكم على الأخبار والمرويّات، وهو من سلوك أقصر طريق وإراحة النّفس من عناء القلق النّفسيّ وتعب البحث والفكر.
ومن هو أعمى قد يجعل ذلك مطعنًا في الإسلام وأهله وأعلامه بل وخالق الخلق نفسه جلّ وتقدّس.
وكلّ ذلك مبنيّ على خطأٍ أصليّ ابتداء، لو تواضع المرء لله والعلم، وعرف قدر نفسه، وفهم أنّه وذوقه وعلمه ومعرفته وخبرته ليسوا معيار الكون، وغالبًا لا يأهّله شيء منها لإصدار حكم بين نعجتين اختصمتا في كومة تبن!
- مجزَّأ من مقالٍ طويل.

أحبّ ظهور وطني في معالي الأمور، وأرجو تفوّقه في الكماليّات الحسنَة إذا اجتهد غاية الاجتهاد في الأساسيات، أما الملاهي والألعاب والمهرجانات فيسعني الاهتمام ويسعني أن لا أبالي، لا يزيد الأوّل في وطنيّتي ولا ينقص الثّاني منها.
أذكر أنّي ذكرت هذا ذات نقاش في قاعة الدّرس بالجامعة؛ فثارت ثائرة البعض من جهة أنّ من يشجع منتخباً غير منتخب بلاده ليس جزائرياً، وهو كلام فارغٌ غبيٌّ طبعاً؛ لكنّني وافقت عليه جدلَل بشرط أن يكون المنتخب الرّياضي منتخَبًا انتخابًا أخلاقياً وسلوكياً ودينيّاً أيضًا حتى يكون ممثلاً لي فأشجعه أما تشجيع ديوث يلبس أكثر من زوجته ويعرضها للناس صباح مساء فقط لأنه جزائريّ فهذا منطق أعوج.

حتى تكون ممثلًا لي يجب أن أرى نفسي فيك، أمّا منطق فصل الرياضة عند الخلُق والدّين والأعراف فمنطق أكثر اعوجاجًا؛ لا أثق في عقل صاحبه.
- منقول.

واجبُ المجتمع أن يسارع إلى تأمين عائلةِ كلّ من يتعرض منزله للهدم، ولا معنى هنا للتّذرع بأيّ حجةٍ للإحجام، أو الخوف من تبعات هذا الواجب.
المقتدرون مادياً أولى النّاس بالمبادرة لهذا التّأمين، بل لا بدّ من طرق أبوابهم وتذكيرهم إن تغافلوا عن الأمر.
وأصحاب العقارات والبيوت الفارغة يسعهم التّبرع بشقّةٍ لكلِّ عائلة يهدم بيتها، ولا يصح ترك الأمر للمبادرات الفردية وحسب، لا بدّ لهذا الواجب أن يتحوّل إلى ثقافةٍ عامّة وفعلٍ سريع يتسابق النّاس عليه، حتّى يكتمل مفهوم التكافل والتكاتف والتَّضامن.
- مقتَبس.

لا جَرَم أنّه لا وزن لرابطةٍ مهما زاد أفرادُها إذا لم يكونوا على فؤاد رجلٍ واحد؛ فالكثرة ليست لازمًا أن تكون منبتَ استقواءٍ ومكيال حصانةٍ وصريمة، في المَيمنةٍ المُقابِلة، قد تستثبت، من بعد ذلك، الشّكيمة والإنجازات معًا في لفيفٍ زهيدِ العدد والعُدّة. كانت تلك هي الفكرة الرّئيسة والعُنوان، وهاكَ، الآن، يا صديقي، الشّرح والتّبيان. لم يقدر اثنا عشر أخًا يحيون في حُجر أبٍ اصطفاه المُنعم نبيًّا، استغلال هذا العدد الجَسيم، وجعله باعِثَ قوّة؛ ذلك أنّ الحسد قد اعترى معظمهم، فخارت قوّتهم، ووهنوا في تولِّي أنفسهم، نقيضًا لما كان عليه نبيُّ اللّه موسى -عليه السلام- إذ إنّه لم يكن له من الأخوة سوى هارون -عليه السّلام- وهو أخوه من أمّه نفسها، إضافة إلى أخته وأمّه، فتمكّنت تلك الأسرة النّزيرة عددًا، المتلاحمة أفرادًا، الثّبات في ظرفٍ كلّه جَورٌ واستبدادٌ فرعونيٌّ وهامانيٌّ متغطرسٌ.
وفي الوقت الذي خطّط فيه إخوة يوسُف على التخلّص منه بطرقٍ متباينة، نجد أنّ أخت موسى تجتاز زحمة الصّراع تنقيبًا عن أخيها الّذي أمسى في حفظ فرعون وزوجه آسيا، فكانت المُحصِّلة، من بعد ذلك، أنّ عشرة من الإخوة لم تؤهّلهم غزارتهم ليكونوا مخادني عزيمة ويحافظوا على أنفسهم، فيما تمكّنت، من خلافٍ، فتاةٌ إعادةَ أخيها إلى حِضن أمّه ورحابها.
وفي الوقت الذي تسبّب فعل الإخوة العُصبة في مكابدة مستمرّة لأبيهم حتّى ابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم، نجدُ الفتاة، من وراءِ ذلك، قد ترتّب على تضحيتها في التّفتيش عن أخيها، وتوجيههم إلى من يستطيع إرضاعه، في سُكونِ أمّه ورحابها، وانقضاء كدرها وشجنها.
- مُجزَّأ بتصرُّف جذريّ.