Telegram Web Link
كَفى بكَ داءً أن تَرى القَذاةَ في عَيْن أخيكَ ولا تَرى الجِذْعَ في عَيْنِكَ: بحَسْبِ امْرئٍ من الشّرّ أن يَعيبَ أخاه ويَلمزَه في خِلْقَتِه، فيَرميه بالطّول أو القِصَر أو اعوجاجِ القامة أو العَرَج أو عَدَم استواء الأسنان أو أنّ فَصيلَتَه الدمويةَ لا تُنجبُ، وشرٌّ من ذلكَ أن يَقذفَ العائبُ بالمَذَمَّة في وَجْه المَعيبِ قَذفاً لكيْ يُؤذيَه ويَرى الآثارَ على وَجهه، بل شر من ذلكَ كلّه إذا كان العائبُ يَنصحُ الناسَ ويَعقدُ لهم مجالسَ التوجيه ويُحدّثُهم بمَكارم الأخلاق، والرأي عندي أنّ مَن تعوّدَ على توجيه النّصح لغيرِه من غيرِ أن يبدأ بنفسِه نَسِيَها وأعْفاها، فتتراكم فيها الآفاتُ القلبيّة ويُصابُ بِداءِ إهانَةِ الناسِ والتّكبُّر عليْهم، بل الأدهَى والأمرُّ من ذا كلِّه إذا كانَ هذا الضّربُ من الناسِ لاهياً عَن مُصيبَته غافلاً غَير مُكترثٍ بعيْبِه.
ألا فلْتَسمَعْ قولَ رسول الله صلّى الله عليْه وسلّمَ: بحَسْبِ امْرئٍ من الشّرِّ أن يَحقِرَ أخاه المُسلمَ.
- عبد الرّحمن بودرع.
إنّ النّسبة العُظمى من النّاس اليوم إذا كَرهت أحدًا وقلَأته أمست (لا تقبل!) منه رأيًا ألبتّة، وترى كلّ كلمةٍ تنبجسُ من بين شفتيه (وإن كانت صحًّا وعدلًا) خطأً، في حين أنّ الفكرة نفسها إذا انبثقت من أحدٍ تُحبّه وتُوقّره لاقتها (بالتّصفيق!) والتّصفير والابتهاج والتّقريظ، وإنّما هذا من شيات العقل المائق والببّة، فإنّك إن قابلت امرَأً ليس على مثل ذلك ويتّبع ضميره وحِجاه ويحذو حذو العزل بين المقت والحقيقة، وزكّى على فكرٍ خرجَ من أحدٍ يبغضه ويشنَف منه، (فقبِّل!) جبينه دون أن تفكّر في الحدث مرّتين، ثمّ حَوْلِق وتبتّل.
ربَّ يسّر وأعن.
لا يكفي أن تمتلك الكفاءة لتأخذ حقك في هذه المجتمعات، ولكن يجب أن تمتلك مهارة تسويق كفاءتك.
من يمتلك تسويق نفسه ولو افتقر للكفاءة يتفوق على صاحب الكفاءة غير القادر على تسويق كفاءته.
ومع الأسف أن أكثر أسلوب رائج لتسويق النفس هو النفاق ومترادفاته، فكم من منافق لا يبلغ كعب صاحب كفاءة الا أنه تفوق عليه اجتماعيا.
هذه هي الحياة المفتقرة للقيم الإسلامية، وان زينت الوجوه اللحى.
- صايل أمارة.
حقوق العباد لا يغفرها توبة ولا حج ولا صدقة ولا أي طاعة، يمحوها فقط رد الحق إلى صاحبه إن أمكن، أو مسامحة صاحب الحق.
لا يوجد في محكمة الآخرة أنا عبد مأمور وليس لي علاقة، فأنت وولي نعمتك في الإثم سواء.
الدنيا قد تغيب عنها موازين العدالة، بل هذا هو الأغلب فيها، فتأتي الآخرة حيث لا ينفع مال ولا سلطان.
الحياة قصيرة جدا، واعلم أن المظلوم ينتظر ظالميه في موقف وصفه الله تعالى بقوله: لا ظلم اليوم.
- صايل أمارة.
العِلمُ، يا صاحبي، أن تبلغَ إلى (شهيَّة!) فيه ولذّة لا تُضاهِئها نزعة الوطء والأُكُل، ثمّ أن تتنسَّك فيه كلَّه مرتادًا المَثوبة من عند مليكٍ مقتدر.
هو، يا جليسي، ألّا تبتَهِج بالسِّجال ولا تحسبه فقهًا ولا جادَّة للظّفر بالعلم والدِّراية، فمثلُ ذلك كمثل امرِئٍ شاهد كرة القدم وبطولات الرّمي فظنَّ أنّه لاعبٌ ورامٍ، وما هو بذلك، لكنَّ الجهل أعيَا عقله، فلا تنشَرح.
هو، يا خليلي، أن تُمسي أكثر الأشياء عُسرًا يسيرة الفهم، ثمّ تُضحي أكثر الأشياء سلاسَةً مستعصية على الفهم كثيرًا.
هو، يا صديقي، أن تمقتَ سلوكات النّاس لرداءَة عقلهم وخَوره، ولست بقادرٍ على أن تستقبلَ منهم أمرًا، ثمّ ترفق بهم حتّى ترتَضي منهم كلّ شيء.
العلم، يا غلامي، أن تعرفَ العِلم وتعْقِله، ولن تعرفه حتّى تعلمه.
العلم، يا أُخَيّ، أن تبتهج جذلًا بما فقهت وعرفت بعدما كنت غير عارف، ثمّ أن تغمر بالانتشاء بما لم تعلم بعدما علمت.
العلم، يا بُنيّ، هو سبيلٌ ممدودٌ من التّسهّد بالدّجى، وظمأ النّزوح حتّى تبلغ الوحي.
هو، يا ولدي، ذلك الّذي إن أحَقتَ به ففقهته قوّضت به سفهًا أدبَر، ثمّ ذاك الّذي إذا اكتَنَفته ففقهته عمّرتَ فيه غباوة قادمة.
إنّما العلم، يا رفيقي، هو أن تُؤمن بهذا الّذي أنبأتك به دونما تبرّمٍ ولا ممانعة، ثمّ تشاهد، بمقلةِ يمينك، من يحتجّ فتعرف أنّ التّعليل والحِجاج والمماراة إنّما هي ضربٌ من الخبال لا تصلح عائدة، ولا تكترث لترسيخ استيعابك ولا لجهالته وَوَرهه.
بيد أنّ العلم، يا مُصاحبي، أن تتّسم به وتتعطّر، فيصير كاشحك الأريب وشانِئُك العالم غير مُقتدرٍ على التّشنير عليك بأنّ في فغوةِ رائحتك جهالة وتهتّار، وأن يغدو رأي الدّهماء فيك كما حكم البعوض على الدّلفين، ثمّ تهزهز كفّ وسطكِ من هذا وتترجّل التّؤدة لا تبجّحًا ولا صلفًا.
العلم، يا عزيزي، هو ذلك الّذي قلّما تبصره فيُمسي شحيحًا، ثمّ يُشارف أن يرتقى فلا تشاهده.
إنّ استِمراء الصّراخ (والجعجة) عند كلّ مسألةٍ دون تنزيل قرينةٍ سديدة، أو مع استجلاب قرائن خياليّة أو بيانيّة خائرة تُبهج من انسجمت مع هوى نفسه ولا تترسخ عند أوّل اختبار هي جلمود كتأدية في عمود التّرميم، ونصرةٌ لبطانة الضّلال على التّهكّم من المُتدينين جملة بشواهد قويمة نناولهم إيّاها على زيفنا العقلي والنّظري والمفاهيميّ، وضحالتنا في التّفسير، وركاكتنا في الملاحظة، (ودروشتنا) في الاستنباط والاستدلال، بل تهتارنا بفقهنا وعلمنا وديننا عينه، وذلك فضيحة الدّهر !!
لكنّني أسأل بإيماءات الجِدّيّة كلّها: أنّى لنفرٍ من الإنس أن يستجلبَ هذه الثّقة كلّها في الجزم، والشّدَف، والحكم، واليقين، والبَتَل في مطنوناتٍ ظنّيتها يقينيّة ؟
لا جَرَم أنّ الإنسان كلّما دَحت مداركه وانبسطت صار يكثُر في كلامه الاحتراسات، والاحتياطات، والحذر، والقيود، والتخصيص، فيتبدّى عند من لا يعرف المسألة أنّه حيران ومرتبكٌ أو ليس واثقًا ممّا ينطق، في حين أنّ قليل البضاعة يتحدّث بقطعٍ وبتٍّ وحسمٍ ووثوقيّة وجزم مُصادق عليه فيتبدّى عند من لا يعرف بزيّ المتأكّد ممّا يلفظ، وإنّه بقدر ما ينكمش فهمه وينزوي علمه تتضاعف ثقته بما يستحوذ عليه.
ولكنّك تعلم أنّ أناسيّ هذا العصر المبهم يستميلونَ إلى سكينة الجزم ويتملّصون من لغُوب الظّن، ولذلك يترجّل هواها مع الآخر من غير الأوّل دونما قرينةٍ ولا عمادٍ ولا سندٍ ولا خطابٍ منير، وللّه المُشتكى.
من يلي أمر النّاس أربعة أصناف:

- عاقل ذو ديانة فثمّة تمام الأمر وكماله وبه يصلح الملك، وتعمر الدّنيا وترجى الآخرة.
- وضعيف عقل ذو ديانة، فدينه يحمله على مشاورة أهل العقل والحزم فتنصلح أحواله، ومن لم يدْعُه دينه لمثل ذلك فليس بذي ديانة وإن اظهر ذلك.
- وعاقل رقيق الدّيانة، فيحمله عقله على أن يصلح الملك لتنصلح له دنياه ويسلم ملكه لا رجاء الدّار الآخرة، فإن لم يدعه عقله لذلك فليس بذي عقل، ثمّ هذا قد تنصلح به الدّنيا ولا يساعدك على أمر الآخرة، وقد لا يكون ذلك، فإنّ العقل بلا توفيق ليس يوصل في كلّ حال.
- ورابع لا عقل ولا ديانة عياذا بالله، فبه تخرب البلدان وتفسد الرّعيّة، وتتعب منه حتّى البهائم العجماء إلى أن يرحم الله عباده.
- مقتطف.
ما يحسّ الجمرة كان الّلي يعفس عليها

من عالج التّوبة، وعانى نفسه وتفلّتها عليه، لتجدنّه أرحم النّاس بالعصاة الآيبين .. ولتجدنّه يداري عورة أخيه كأنّما هو الّذي اجترمها.
ولتجدنّ المعيّر، والشّامت لا يكاد يعرف من ذنوبه توبة، بل قد لا تجده يعرف ذنوبه!
وإن طال بك عمر أو جرّبت لتعرفنّ.
- منقول.
ما حصل ويحصل في محطات الوقود يشير الى مدى الأزمة الأخلاقية والافلاس القيمي التي نعانيه، أو بصورة أصح يعانيه البعض.
أتفهم عند الصراع من أجل البقاء أن يتخلى الإنسان عن كثير من قيمه الإنسانية وإن لم يكن مبررا، لكن في الضفة لم نصل إلى هذه الحالة، فكيف لا قدر الله سيكون سلوكنا اذا وصلنا إلى تلك الحالة.
ومن صور الأزمة الأخلاقية أيضا، من يحتفلون على وسائل التواصل لأي سبب كان في ظل ما يحصل لأخوتنا في المحافظات الجنوبية.
- صايل أمارة.
في الوطن العربي- حيث يطغى الفساد والاستبداد- يتجلى احترام الناس للمنصب لا لصاحبه، فإذا نزع منه منصبه نبذ في العراء وهو ذميم.
- معين رفيق.
ما أكثر المعلومات وما أيسر بلوغها في هذا الجيل... وما أقلّ من العلم والمتعطّرين فيه !!
جَيْرِ، إنّما الفقه في هذا العشيّ ما نبط من القواعد والأصول والأسس، وأمّا هذا التّهتار الّذي تُشاهده من فوّهة الخبال ممّا ينعتونه بالاستخلاص والاستنباط وما هو منه فإنّه شيء أعجميٌّ عن العلم جميعه وليس عن شأن الفقه.
إنّك تمتلكُ مُكنَةً على أن تُلاحِظ دونما إعياءٍ ولا نصَبٍ أنّ (البَرَاز) يقدر أن يعْرِض نفسه اليوم على أنّه (شريحة) من الشّوكلاتة أو حلوى الكاكاو، ولتجدنّ ألسنةً جمّة مترعةً تُماريكَ وتُحاججكَ في أنّ سوء الشّوكلاتة لا تُجوِّز لك اجتزاز اسمها أو توضيعها، وأنّ المذاقات نسبيّة.
رويدك بنيّ، ما بالك مزهزِقًا ؟ طيّب تاللّه إنّني أخاطبك بجِدّيّة، وإنّ علمك بالعدد الصّحيح لهذه الحناجر الورهة هو ما يبتّ لك مقدار عدم اكتراثك بأفكار رديئي الفكر من كنفك ثمّ تضرّع وحَوْلِق.
أينما رأيتَ امْرَأً (وإنّ المرْء عند السّلف يُراد به الرّجل) ينسب إلى فُلانٍ أنّه (دراما) حينما يراه يُعبّر عن ألمٍ وبوًى يقتات من قلبه ويلمج منه مهما تبدّى لنا أنّه أمرٌ لا يستحقّ الحَزَن، فاعلم أنّه مقصور العقل فيه ثُلمة واضحة وبعَوَزٍ إلى أن (يصفع!) على قفاه حتّى يعاد تثقيفه وتعليمه، وإنَّ أمَرًا مثل هذا فيه (تألّهٌ!) على اللّه (وتوغّل!) في قلوب النّاس ومعرفة طواياهم ونجواهم، إن قاصدًا وإنْ غير قاصد، وما علمنا أنّ شيئًا غيره سبحانه (يُحيطُ!) بالسّرائر إلّا إن كان هنالك آلهة أخرى معه، وقل لا نشهد، وما قد يُكدّر صفو قلبك أنت ويكويه قد لا يرفع فيه شعرة ولا (يُموّر!) فيه حسًّا ولا اكتراثًا إذا ما لحق به، فكانت همومك ليست بهمومٍ عنده، وإنّك إن كنتَ تستقلّ قلبًا (جلمودًا) لا يعرف معنى الحسّ والضّمير والأنفة، فإنّ غيرك يستقل، وإنّ الصّمت في حرم أوجاع غيرك وأشجانهم ورعٌ ووقار. بيدَ أنّها معادلة (يسيرةٌ!) غير معصوصبةٍ ولا كؤودة حتّى على (الطّفل!) الّذي لم يظهر على عورات النّساء أو الصّبيّ الّذي لم (يبلغ!) الحُلم من اكتَنفها وفقهها صار في يمين قلبه خلقًا من خلق محمّد وصحابته ودينهم دين الحقّ المبين، فصلّوا على خير الورى وسلّموا تسليمًا.
وللّه، من بعدُ، المُشتكى وهو خير المُجيرين.
نموذج لسوء توظيف القواعد الصحيحة.
(المشرك الوثني أشد من الكتابي، بدليل أن الشريعة أباحت الزواج من أهل الكتاب وأكل ذبائحهم، ولم يبح ذلك من المشركين).
هذا الكلام صحيح من الناحية العقدية، لكن من الناحية السياسية ليس على إطلاقه، فالذي يحدد الأشد خطرا هو حركة التناقضات، فهب أن هناك دولة وثنية أو ملحدة، وحصل بينها وبين المسلمين تقاطع مصالح في لحظة معينة كأن يتحالفوا سياسيا ضد عدو - كتابي - مشترك، فهذا مما لا اشكال فيه أبدا.
إسقاط الاطلاق في القواعد العقدية على البعد السياسي فيه سوء توظيف لمعلومات صحيحة، لكنها وظفت بصورة خاطئة، فتوصلنا الى نتائج مجافية لمقاصد التشريع.
- صايل أمارة.
يُسمح لك، بأحقّية الكلام في الموضوع (لا عنه) بعد أن تعرّج بل تُحقّق، أصنافَ الأقوال التي وردت فيه وتُحرّك عقلك في كلِّ قولٍ تحريكًا ليس غرضَه الخلاصُ بالرُّكون إلى رأي لإراحة النّفس، وإنما لتتبيّن لك فُضلى المسالك وأولاها بالتّبني والتأييد بعد النّظر في كافّة الإمكانات والاعتبارات.
- مقتطف.
العلمانيّة في أردئ تعريفاتها هي فصل الدّين عن السّياسة.
ويساويه أو هو أردأ منه على الجهة المقابلة جعل الدّين هو السّياسة.
ومصيبة المصائب أن يصير الدّين بعض السّياسة.
- منقول.
2025/07/06 03:41:06
Back to Top
HTML Embed Code: