#فوائد_وتنبيهات_حول_الكتب
كتاب الإسراء والمعراج المكذوب على ابن عباس، الذي يعرف كذلك بـ (معراج ابن عباس)
يقرأ منه بعض الخطباء الجهلة على المنابر في مثل هذه الأيام.
وهو كتاب ملفق مكذوب، جمعوا فيه روايات كثير منها مكذوبة ومنكرة أشد النكارة،
ونسبوه لابن عباس رضي الله عنه،ترويجا لبضاعتهم وهو منه بريء
ومما جاء فيه:
* وضع [الله] يده بين كتفي ولم تكن يداً محسوسة كيد المخلوقين، بل يد قدرة وإرادة. (تجهُّم)
* وأشياء أخرى مثل صفات بعض الملائكة كالملك الذي نصفه من ثلج ونصفه من نار، والسماء التي من قصدير، والأخرى من نحاس، وغير ذلك مما لا صحَّة له.
كتاب الإسراء والمعراج المكذوب على ابن عباس، الذي يعرف كذلك بـ (معراج ابن عباس)
يقرأ منه بعض الخطباء الجهلة على المنابر في مثل هذه الأيام.
وهو كتاب ملفق مكذوب، جمعوا فيه روايات كثير منها مكذوبة ومنكرة أشد النكارة،
ونسبوه لابن عباس رضي الله عنه،ترويجا لبضاعتهم وهو منه بريء
ومما جاء فيه:
* وضع [الله] يده بين كتفي ولم تكن يداً محسوسة كيد المخلوقين، بل يد قدرة وإرادة. (تجهُّم)
* وأشياء أخرى مثل صفات بعض الملائكة كالملك الذي نصفه من ثلج ونصفه من نار، والسماء التي من قصدير، والأخرى من نحاس، وغير ذلك مما لا صحَّة له.
#لطائف_ابن_القيم
«اعلم أن الله تعالى خلق في صدرك بيتًا وهو القلب، ووضعَ في صدره عرشًا لمعرفته يستوي عليه المثل الأعلى؛ فهو مستوٍ على عرشه بذاته بائنٌ من خلقه، والمثل الأعلى من معرفته ومحبته وتوحيده مستوٍ على سرير القلب، وعلى السرير بِساطٌ من الرضى، ووضع عن يمينه وشماله مَرافقَ شرائعِه وأوامره، وفتَح إليه بابا من جنة رحمته والأنس به والشوق إلى لقائه، وأمطره من وابل كلامه ما أنبتَ فيه أصنافَ الرياحين والأشجار المثمرة من أنواع الطاعات والتهليل والتسبيح والتحميد والتقديس، وجعل في وسط البستان شجرة معرفة؛ فهي {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ٢٥] من المحبة والإنابة والخشية والفرح به والابتهاج بقربه، وأجرى إلى تلك الشجرة ما يَسقِيها من تدبر كلامه وفهمه والعمل بوصاياهُ، وعلَّق في ذلك البيت قنديلًا أسرجَه بضياء معرفته والإيمان به وتوحيده؛ فهو يَستمِدُّ من {شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: ٣٥]، ثم أحاط عليه حائطًا يمنعه من دخول الآفات والمفسدين ومن يؤذي البستان؛ فلا يلحقه أذاهم، وأقام عليه حرسًا من الملائكة يحفظونه في يقظته ومنامه، ثم أعلم صاحب البيت والبستان بالساكن فيه؛ فهو دائمًا همُّه إصلاح السكن ولمُّ شَعَثِه ليرضاه الساكن منزلًا، وإذا أحسَّ بأدنى شعث في السكن بادر إلى إصلاحه ولمّه خشيةَ انتقال الساكن منه؛ فنعم الساكن والمسكن.
فسبحان الله رب العالمين! كم بين هذا البيت وبيتٍ قد استولى عليه الخرابُ وصار مأوى للحشرات والهوامِّ ومحلًّا لإلقاء الأنتان والقاذورات فيه؛ فمن أراد التخلي وقضاء الحاجة وجد خربةً لا ساكن فيها ولا حافظ لها، وهي مُعدَّة لقضاء الحاجة، مظلمة الأرجاء، منتةُ الرائحة، قد عمَّها الخرابُ وملأتْها القاذوراتُ؛ فلا يأنس بها ولا يَنزِل فيها إلا من يناسبه سكناها من الحشرات والديدان والهوامِّ؛ الشيطان جالسٌ على سريرها، وعلى السرير بساطٌ من الجهل، وتَخفِقُ فيه الأهواء، وعن يمينه وشماله مَرافقُ الشهَوات واتباع الهوى، وقد فُتح إليه بابٌ من حَقْلِ الخذلان والوحشة والركونِ إلى الدنيا والطمأنينة بها والزهد في الآخرة، وأُمطِرَ من وابل الجهل والهوى والشرك والبدع ما أنبتَ فيه أصنافَ الشوك والحنظل والأشجار المثمرة بأنواع المعاصي والمخالفات، من الزوائد والتنديبات والنوادر والهزليات والمضحكات والأشعار الغزليات والخمريات التي تُهيِّج على ارتكاب المحرمات وتُزهِّد في الطاعات، وجُعِلَ في وسط الحقل شجرةُ الجهل به والإعراض عنه؛ فهي تؤتي أُكلَها كل حين من الفسوق والمعاصي واللهو واللعب والمجون والذهاب مع كل ريح واتباع كل شهوة، ومن ثمرِها الهمومُ والغموم والأحزان والآلام، ولكنها متواريةٌ باشتغال النفس بلهوها ولعبها؛ فإذا أفاقتْ من سكرها أُحضرتْ كلَّ همٍّ وغمٍّ وحزنٍ وقلق ومعيشة ضَنْك، وأُجرِيَ إلى تلك الشجرة ما يَسقِيها من اتباع الهوى وطول الأمل والغرور، ثم تُرِكَ ذلك البيتُ وظلماته وخراب حيطانه؛ بحيث لا يُمنَع منه مفسِدٌ ولا حيوانٌ ولا مؤذٍ ولا قذرٌ.
فسبحانَ خالقِ هذا البيت وذلك البيت!
فمن عرف قدرَ بيته وقدر الساكن فيه وقدرَ ما فيه من الكنوز والذخائر والآلات؛ انتفع بحياته ونفسه، ومن جَهِلَ ذلك جهل نفسَه وأضاع سعادته.
وبالله التوفيق».
ابن القيم | كتاب الفوائد
«اعلم أن الله تعالى خلق في صدرك بيتًا وهو القلب، ووضعَ في صدره عرشًا لمعرفته يستوي عليه المثل الأعلى؛ فهو مستوٍ على عرشه بذاته بائنٌ من خلقه، والمثل الأعلى من معرفته ومحبته وتوحيده مستوٍ على سرير القلب، وعلى السرير بِساطٌ من الرضى، ووضع عن يمينه وشماله مَرافقَ شرائعِه وأوامره، وفتَح إليه بابا من جنة رحمته والأنس به والشوق إلى لقائه، وأمطره من وابل كلامه ما أنبتَ فيه أصنافَ الرياحين والأشجار المثمرة من أنواع الطاعات والتهليل والتسبيح والتحميد والتقديس، وجعل في وسط البستان شجرة معرفة؛ فهي {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ٢٥] من المحبة والإنابة والخشية والفرح به والابتهاج بقربه، وأجرى إلى تلك الشجرة ما يَسقِيها من تدبر كلامه وفهمه والعمل بوصاياهُ، وعلَّق في ذلك البيت قنديلًا أسرجَه بضياء معرفته والإيمان به وتوحيده؛ فهو يَستمِدُّ من {شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: ٣٥]، ثم أحاط عليه حائطًا يمنعه من دخول الآفات والمفسدين ومن يؤذي البستان؛ فلا يلحقه أذاهم، وأقام عليه حرسًا من الملائكة يحفظونه في يقظته ومنامه، ثم أعلم صاحب البيت والبستان بالساكن فيه؛ فهو دائمًا همُّه إصلاح السكن ولمُّ شَعَثِه ليرضاه الساكن منزلًا، وإذا أحسَّ بأدنى شعث في السكن بادر إلى إصلاحه ولمّه خشيةَ انتقال الساكن منه؛ فنعم الساكن والمسكن.
فسبحان الله رب العالمين! كم بين هذا البيت وبيتٍ قد استولى عليه الخرابُ وصار مأوى للحشرات والهوامِّ ومحلًّا لإلقاء الأنتان والقاذورات فيه؛ فمن أراد التخلي وقضاء الحاجة وجد خربةً لا ساكن فيها ولا حافظ لها، وهي مُعدَّة لقضاء الحاجة، مظلمة الأرجاء، منتةُ الرائحة، قد عمَّها الخرابُ وملأتْها القاذوراتُ؛ فلا يأنس بها ولا يَنزِل فيها إلا من يناسبه سكناها من الحشرات والديدان والهوامِّ؛ الشيطان جالسٌ على سريرها، وعلى السرير بساطٌ من الجهل، وتَخفِقُ فيه الأهواء، وعن يمينه وشماله مَرافقُ الشهَوات واتباع الهوى، وقد فُتح إليه بابٌ من حَقْلِ الخذلان والوحشة والركونِ إلى الدنيا والطمأنينة بها والزهد في الآخرة، وأُمطِرَ من وابل الجهل والهوى والشرك والبدع ما أنبتَ فيه أصنافَ الشوك والحنظل والأشجار المثمرة بأنواع المعاصي والمخالفات، من الزوائد والتنديبات والنوادر والهزليات والمضحكات والأشعار الغزليات والخمريات التي تُهيِّج على ارتكاب المحرمات وتُزهِّد في الطاعات، وجُعِلَ في وسط الحقل شجرةُ الجهل به والإعراض عنه؛ فهي تؤتي أُكلَها كل حين من الفسوق والمعاصي واللهو واللعب والمجون والذهاب مع كل ريح واتباع كل شهوة، ومن ثمرِها الهمومُ والغموم والأحزان والآلام، ولكنها متواريةٌ باشتغال النفس بلهوها ولعبها؛ فإذا أفاقتْ من سكرها أُحضرتْ كلَّ همٍّ وغمٍّ وحزنٍ وقلق ومعيشة ضَنْك، وأُجرِيَ إلى تلك الشجرة ما يَسقِيها من اتباع الهوى وطول الأمل والغرور، ثم تُرِكَ ذلك البيتُ وظلماته وخراب حيطانه؛ بحيث لا يُمنَع منه مفسِدٌ ولا حيوانٌ ولا مؤذٍ ولا قذرٌ.
فسبحانَ خالقِ هذا البيت وذلك البيت!
فمن عرف قدرَ بيته وقدر الساكن فيه وقدرَ ما فيه من الكنوز والذخائر والآلات؛ انتفع بحياته ونفسه، ومن جَهِلَ ذلك جهل نفسَه وأضاع سعادته.
وبالله التوفيق».
ابن القيم | كتاب الفوائد
#لطائف_ابن_القيم
«قال تعالى لرسوله ﷺ: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب)
فهذا نص صريح في أن هدى الرسول ﷺ إنما حصل بالوحي، فيا عجبا كيف يحصل الهدى لغيره من الآراء والعقول المختلفة والأقوال المضطربة؟»
ابن القيم |📚 #الرسالة_التبوكية (ص: ٥٠)
«قال تعالى لرسوله ﷺ: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب)
فهذا نص صريح في أن هدى الرسول ﷺ إنما حصل بالوحي، فيا عجبا كيف يحصل الهدى لغيره من الآراء والعقول المختلفة والأقوال المضطربة؟»
ابن القيم |📚 #الرسالة_التبوكية (ص: ٥٠)
▪️الإسرار بالبسملة
قال الحافظ بن رجب الحنبلي رحمه الله في فتح الباري (6/ 424):
«وكان سُفْيَان الثوري وغيره من أئمة الأمصار يعدون الإسرار بالبسملة من جملة مسائل أصول الدين الَّتِيْ يتميز بِهَا أهل السنة عَن غيرهم».
قال الحافظ بن رجب الحنبلي رحمه الله في فتح الباري (6/ 424):
«وكان سُفْيَان الثوري وغيره من أئمة الأمصار يعدون الإسرار بالبسملة من جملة مسائل أصول الدين الَّتِيْ يتميز بِهَا أهل السنة عَن غيرهم».
«الله سبحانه جعل لأهل كل مِلة يوماً يتفرغون فيه للعبادة ويتخلون فيه عن أشغال الدنيا، فيوم الجمعة يوم عبادة، وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان».
🖋 ابن القيم |📚 #زاد_المعاد في هدي خير العباد (١/ ٣٨٦).
🖋 ابن القيم |📚 #زاد_المعاد في هدي خير العباد (١/ ٣٨٦).
Forwarded from الشيخ العلامة حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله
▪️التحذير من كتاب حياة الصحابة للكاندهلوي
قال العلامة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله:
«وللتبليغيين كتاب أخر يعتمدون عليه ويجعلونه من مراجع أتباعهم من الأعاجم من الهنود وغيرهم ، وهو المسمى ( حياة الصحابة ) لمحمد يوسف الكاندهلوي ، وهو مملوء بالخرافات والقصص المكذوبة والأحاديث الموضوعة والضعيفة، وهو من كتب الشر والضلال والفتنة»
📚 كتاب (القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ) ( ص12 )
قال العلامة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله:
«وللتبليغيين كتاب أخر يعتمدون عليه ويجعلونه من مراجع أتباعهم من الأعاجم من الهنود وغيرهم ، وهو المسمى ( حياة الصحابة ) لمحمد يوسف الكاندهلوي ، وهو مملوء بالخرافات والقصص المكذوبة والأحاديث الموضوعة والضعيفة، وهو من كتب الشر والضلال والفتنة»
📚 كتاب (القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ) ( ص12 )
▪️خفة الروح وثقلها نتيجة خفة البدن وثقله
- قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
«خلق بدن ابن آدم من الأرض وروحه من ملكوت السماء، وقرن بينهما:
فإذا أجاع بدنه وأسهره وأقدمه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة، فتاقت إلى الموضع الذي خلقت منه، واشتاقت إلى عالمها العلوي. وإذا أشبعه ونعمه ونومه واشتغل بخدمته وراحته أخلد البدن إلى الموضع الذي خلق منه، فانجذبت الروح معه، فصارت في السجن؛ فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.
وبالجملة فكلما خف البدن لطفت الروح وخفت وطلبت عالمها العلوي، وكلما ثقل وأخلد إلى الشهوات والراحة ثقلت الروح وهبطت من عالمها وصارت أرضية سفلية.
فترى الرجل روحه في الرفيق الأعلى وبدنه عندك، فيكون نائما على فراشه وروحه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش، وآخر واقف في الخدمة ببدنه وروحه في السفل تجول حول السفليات.
فإذا فارقت الروح البدن التحقت برفيقها الأعلى أو الأدنى؛ فعند الرفيق الأعلى كل قرة عين وكل نعيم وسرور وبهجة ولذة وحياة طيبة، وعند الرفيق الأسفل كل هم وغم وضيق وحزن وحياة نكدة ومعيشة ضنك.
قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} [طه: 124]؛ فذكره كلامه الذي أنزله على رسوله، والإعراض عنه ترك تدبره والعمل به، والمعيشة الضنك فأكثر ما جاء في التفسير: أنها عذاب القبر.
قاله ابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وابن عباس، وفيه حديث مرفوع، وأصل الضنك في اللغة الضيق والشدة، وكل ما ضاق فهو ضنك، يقال: منزل ضنك وعيش ضنك؛ فهذه المعيشة الضنك في مقابلة التوسيع على النفس والبدن بالشهوات واللذات والراحة؛ فإن النفس كلما وسعت عليها ضيقت على القلب حتى تصير معيشة ضنكا، وكلما ضيقت عليها وسعت على القلب حتى ينشرح وينفسح؛ فضنك المعيشة في الدنيا بموجب التقوى سعتها في البرزخ والآخرة، وسعة المعيشة في الدنيا بحكم الهوى ضنكها في البرزخ والآخرة.
فآثر أحسن المعيشتين وأطيبهما وأدومهما!
وأشق البدن بنعيم الروح ولا تشق الروح بنعيم البدن! فإن نعيم الروح وشقاءها أعظم وأدوم، ونعيم البدن وشقاؤه أقصر وأهون، والله المستعان».
📚 الفوائد (1/ 246 - 247)
- قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
«خلق بدن ابن آدم من الأرض وروحه من ملكوت السماء، وقرن بينهما:
فإذا أجاع بدنه وأسهره وأقدمه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة، فتاقت إلى الموضع الذي خلقت منه، واشتاقت إلى عالمها العلوي. وإذا أشبعه ونعمه ونومه واشتغل بخدمته وراحته أخلد البدن إلى الموضع الذي خلق منه، فانجذبت الروح معه، فصارت في السجن؛ فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.
وبالجملة فكلما خف البدن لطفت الروح وخفت وطلبت عالمها العلوي، وكلما ثقل وأخلد إلى الشهوات والراحة ثقلت الروح وهبطت من عالمها وصارت أرضية سفلية.
فترى الرجل روحه في الرفيق الأعلى وبدنه عندك، فيكون نائما على فراشه وروحه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش، وآخر واقف في الخدمة ببدنه وروحه في السفل تجول حول السفليات.
فإذا فارقت الروح البدن التحقت برفيقها الأعلى أو الأدنى؛ فعند الرفيق الأعلى كل قرة عين وكل نعيم وسرور وبهجة ولذة وحياة طيبة، وعند الرفيق الأسفل كل هم وغم وضيق وحزن وحياة نكدة ومعيشة ضنك.
قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} [طه: 124]؛ فذكره كلامه الذي أنزله على رسوله، والإعراض عنه ترك تدبره والعمل به، والمعيشة الضنك فأكثر ما جاء في التفسير: أنها عذاب القبر.
قاله ابن مسعود وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وابن عباس، وفيه حديث مرفوع، وأصل الضنك في اللغة الضيق والشدة، وكل ما ضاق فهو ضنك، يقال: منزل ضنك وعيش ضنك؛ فهذه المعيشة الضنك في مقابلة التوسيع على النفس والبدن بالشهوات واللذات والراحة؛ فإن النفس كلما وسعت عليها ضيقت على القلب حتى تصير معيشة ضنكا، وكلما ضيقت عليها وسعت على القلب حتى ينشرح وينفسح؛ فضنك المعيشة في الدنيا بموجب التقوى سعتها في البرزخ والآخرة، وسعة المعيشة في الدنيا بحكم الهوى ضنكها في البرزخ والآخرة.
فآثر أحسن المعيشتين وأطيبهما وأدومهما!
وأشق البدن بنعيم الروح ولا تشق الروح بنعيم البدن! فإن نعيم الروح وشقاءها أعظم وأدوم، ونعيم البدن وشقاؤه أقصر وأهون، والله المستعان».
📚 الفوائد (1/ 246 - 247)
فيا لاهيًا في غمرة الجهلِ والهوى
صريعًا على فُرْشِ الرَّدى يتقلبُ
تأمَّلْ -هداك الله- ما ثمَّ وانتبِهْ
فهذا شرابُ القومِ حقًّا يركَّبُ
وتركيبُه في هذه الدار إن يفُتْ
فليسَ له بعد المنية مطلبُ
فيا عجبًا من مُعرضٍ عن حياته
وعن حظِّه العالي ويلهو ويلعبُ
ولو علم المحرومُ أيَّ بضاعةٍ
أضاعَ لأمسى قلبُه يتلهَّبُ
فإنْ كان لا يدري فتلك مصيبةٌ
وإنْ كان يدري فالمصيبةُ أصعبُ
بلى سوف يدري حين ينكشفُ الغطا
ويصبحُ مسلوبًا ينوحُ ويندُبُ
ويعجَبُ ممَّن باعَ شيئًا بدون ما
يُساوي بلا علمٍ وأمرُك أعجَبُ
لأنَّك قد بعتَ الحياة وطيبَها
بلذَّة حُلْمٍ عن قليلٍ ستذهَبُ
فهلَّا عكستَ الأمر إن كنتَ حازمًا
ولكن أضعتَ الحزمَ والحكمُ يغلِبُ
تصدُّ وتنأى عن حبيبك دائمًا
فأينَ عن الأحباب ويحَكَ تذهبُ
ستعلَمُ يومَ الحشرِ أيَّ تجارةٍ
أضعتَ إذا تلك الموازينُ تُنصَبُ
🖋ابن القيم |📚 #طريق_الهجرتين وباب السعادتين(١/ ٤٢٤)
•••═══ ༻✿༺═══•••