Telegram Web Link
أحبّ مبدأ "الاصطفاء"؛ وهو أعلى من الاختيار بدرجة -عندي-؛ لأن صاحبه ينتخب الأجود المتاح وفقًا لفقهه بأولوياته وما يصلح له وما يغمره ويمتد عنه من طيّب الأثر، وقد صدقت العرب حين قالت: "اختيار المرء وافد عقله"، فكل ما يحيط بمدارك إنّما هو صورة نفسك وتجليّات روحك؛ من بشر وجماد ولغة ومقصد، وكما أنّ الاختيار في عينه قرينة رفعة الذوق أو انتكاسه، فكذا حال الوعاء الذي تختاره له= ولعلك تنظر لحال الكلمة الطيبة متى وقعت في نفسٍ طيبة؛ فتجدها قد زانت بما أضفاه عليها متلقيها من حسن تصوّره وكرم الوفادة، وقس على ذلك تجد الجميل يُحاط بأشباهه ولا بد، ومثل هذا دليلٌ على الاشتراك الوجداني بينك وبين محيطك شئت أم أبيت.
«حرّر لمعناك لفظًا كي تُزان بهِ
وقل من الشّعرِ سحرًا أو فلا تَقُلِ
فالكحل لا يفتن الأبصار منظرُهُ
حتى يُصَيَّرَ حَشْوَ الأعينِ النُّجُلِ
»
«أَسْرَى بِكَ الله حَتَّى نِلْتَ مَنْزِلَةً
رَفِيعَة لَمْ يَصِلْ يَوماً لَهَا بَشَرُ

وَعُدْتَ تَجْلِسُ بَينَ النَّاسِ مُؤْتَلِقاً
نُورًا كَأَنَّكَ في أَحْدَاقِهِمْ قَمَرُ

صَلَّى عَلَيكَ إِلَهُ الكَونِ مَا بَسَمَتْ
سَحَابَةٌ وَجَرَى مِنْ ثَغْرِهَا مَطَرُ»
Forwarded from عِرفان
من خصال الخير العزيزة: أن تكون مأمون الجانب، يجالسك الإنسان أو يرتحل عنك آمنا من تلونك وتقلبك!
وهذا الخلق على شرفه، نادر عزيز، لا يكاد يلمع إلا في معدن شريف، تعبد لله باسمه تعالى " المؤمن" فأمن الناس في صحبته وأمنوا من إساءته!
ومن عرفته كذلك ، وقلما تعرف، فاجعل قلبك مستقرا له!
متى ألفيت نبيلًا حلو الشمائل كامل العقل والمروءة:
‏«ولرُب فردٍ في سموّ فعاله
‏وعلوّه خلقًا يعادل جيلا
»
Forwarded from طُروس 📚
لا أقوى ولا أنقى من ذاكرةٍ تحفظ موقف الصادقين معها في انكسار القلب.

من ذلك، الموقفان اللذان يحفظهما التاريخ لجلالة قدرهما وقدر أبطالهما:

-موقف الصادقة الصدّيقة أم المؤمنين، عائشة رضوان الله عليها في حادثة الإفك وتلك المرأة التي تشاركها البكاء دون أن تفوه بكلمة.

-وموقف كعب بن مالك مع طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما، حتى ذهبت كلمة كعب بن مالك مثلًا في الوفاء: ولا أنساها لطلحة.


وفقنا الله للوفاء، وجزى عنا بخير ورحمة ورضوان من وقفوا معنا مواقف الصدق والمواساة.
من الأبيات التي يحسن الاستشهاد بها في الموضع الذي يكون فيه الشخص -بما وهب من السمات الفطرية- هو الذي يؤثر بالنتيجة، لا بأدواته وإن حسنت ورجحت:
‏«إنّ المليحة من تزيّن حليها
‏لا من غدت بحليّها تتزيّنُ
»
من الثناء المستملح؛ في من فتح الله عليه باللغة الحَسنة طيّبة الأصل والأثر:
‏«وتكاد تُعشِبُ أرضكم بكلامكم
‏لو أن أرضًا أعشَبَت بكلام
» ♥️
Forwarded from طُروس 📚
نصيحة جاحظيّة في شأن الثروة اللفظية وطريقة الإفادة منها:


" وسماعُ الألفاظ ضارٌّ ونافع؛ فالوجهُ النَّافع: أن يَدورَ في مسامعِه، ويغِبَّ في قلبه، ويختمر في صدره، فإذا طال مكثُها؛ تناكحتْ ثمّ تلاقَحتْ، فكانت نتيجتُها أكرمَ نتيجة، وثمرتُها أكرمَ ثمرة؛ لأنّها حينئذٍ تخرجُ غير مسترقةٍ ولا مُخْتلَسة ولا مُغتَصبَة، ولا دالّةٍ على فقر؛ إذ لم يكن القصدُ إلى شيءٍ بعينه، والاعتماد عليه دون غيره.

وبين الشيء إذا عشّشَ في الصَّدْرِ ثم باض، ثمّ فرّخ ثم نهض، وبين أن يكون الخاطرُ مختارًا واللفظُ اعتسافًا واغتصابًا؛ فرقٌ بيِّن!

ومتى اتّكلَ صاحبُ البلاغة على الهوينى والوِكال، وعلى السرقة والاحتيال؛ لم ينلْ طائلًا، وشقَّ عليه النّزوع، واستولى عليه الهَوان، واستهلكه سوءُ العادة.

والوجه الضارّ:

أن يتحفَّظَ ألفاظًا بعينها، من كتابٍ بعينه، أو من لفظ رجل، ثم يريد أن يعدَّ لتلك الألفاظ قِسمها من المعاني.

فهذا لا يكون إلا بخيلًا فقيرًا، وحائفًا سَروقًا، ولا يكون إلا مستكرهًا لألفاظه، متكلِّفًا لمعانيه، مضطربَ التأليف، منقطعَ النِّظام، فإذا مرّ كلامُه بنقّاد الألفاظ وجهابذة المعاني؛ استخفّوا عقلَه، وبهرجوا علمَه.

ثم اعلم أنَّ الاستكراه في كلِّ شيءٍ سَمِج، وحيث ما وقع فهو مذموم، وهو في الطُّرَف أسمج، وفي البلاغة أقبح.

وما أحسنَ حاله ما دامتِ الألفاظُ مسموعةً من فمه، مسرودة في نفسه، ولم تكنْ مخلّدة في كتبه"


الرسائل: ٣ / ٤١ .
أرفع منازل الملاحة الخُلقية= صفة الكرم، وكما قال الشافعي:
«تستّر بالسخاء فكلّ عيب
يغطيه كما قيل السخاء
»

والكرم سمةٌ خلّاقة؛ تخلق أشباهها وتمدد أذرعها طويلًا حتّى تطوّق كل انفعالٍ وسلوك؛ فتعرف الكريم بلغته ومواجدته وسمو نفسه وجلال قدره وتحلّق المحاسن حوله على وسع رحابة قلبه:
«أُضاحك ضيفي قبل إنزال رحله
‏ويخصبُ عندي والمحلُ جديبُ
‏وما الخصبُ للأضيافِ أن يكثرَ القرى
‏ولكنما وجهُ الكريم خصيبُ
»
ورد في [بلاغات النساء] نقلًا عن الأصمعي: عن أبان بن تغلب قال: سمعتُ امرأة توصي ابنًا لها وأراد سفرًا قالت: «أي بُنيّ! أوصيك بتقوى الله؛ فإن قليلهُ أجدى عليك من كثير عقلك ... وكفى بالوفاء جامعًا لما تشتّت من الإخاء، ومن جمع الحِلم والسّخاء فقد استجاد الحُلّة»
قالت خالدة بنت هاشم بن عبد مناف لأخٍ لها وقد سمعته تجهّم صديقًا له: «أي أخي! لا تطلع من الكلام إلا ما قد روأت⁽¹⁾ فيه قبل ذلك، ومزجته بالحلم وداويته بالرفق؛ فإن ذلك أشبه بك» فسمعها أبوها فاعتنقها وقبّلها وقال: واهًا لك يا قبة الديباج.
‏_________
‏⁽¹⁾ نظر فيه وتعقبه فلم يعجل بالجواب
من الأدعية الرؤوم:
«أرانا الله طلعته سريعًا
‏وأصحَبهُ السلامةَ حيثُ سارا

‏وبلّغه أمانِيَهُ جميعًا
‏وكانَ له من الحدثانِ جارا»
نصِفُ -دعابةً- مدى المودّة بصفاتٍ غير مألوفة لكنّها أفصح من عبارات التكلّف، ولعل للعرب سلف في هذا حين قالوا:
«لا كان موضعك الذي مُلِّكته
بين الأضالع بعد ذا لحبيب
إني وجدتُ لذاذةً لك في الحشا
ليست لمأكولٍ ولا مشروب
» :))
شمائلٌ مستملحة:
‏«أشدُّ وجوهِ القولِ عند ذوي الحِجى
‏مقالةُ ذي لُبٍّ يقولُ فيوجزُ
‏وأفضلُ غُنمٍ يُستفادُ ويُبتغى
‏ذخيرةُ عقلٍ يحتويها ويحرزُ
‏وخيرُ خِلالِ المرءِ صدقُ لسانهِ
‏وللصدقِ فضلٌ يستبينُ ويبرزُ
‏وإنجازك الموعودَ من سببِ الغنى
‏فكن موفيًا بالوعدِ تُعطى وتنجَزُ
»
من القيم التي من شأنها أن تجعل مرور الأيّام هينًا لينًا على قلوب الأنام= قيمة الوفاء التي تحرس المودّات برغم النوائب والصروف، وتصون عذوبة الإقبال.
‏«أَحبِب إِلَيَّ بِطَيفِ سُعدى الآتي
‏وَطُروقِهِ في أَعجَبِ الأَوقاتِ
‏لن تُحدِثَ الأيامُ لي بَدَلًا بهم
‏أيهاتَ من بَدَلٍ بهم أيهاتِ
»
«فيارب صُنْ قلبي عن نَزْغَةٍ
تُرِيهِ الضلال نَقِيَ الثياب
وخُذني بحبّك نحو عُلاك
‏وهبْ لي رضاك وحُسن المئاب»
«يا نديّ الروح يا شمسَ الصّباحْ
قم وردد ذكر ربي بانشراحْ

قم فإنّ الصبح بابٌ للمنى
فاطرق الأبواب بالعزم المتاحْ

يا سميّ الفألِ يا عزم الرؤى
كن كما الطّيرِ وحلّق بالجناحْ

وانطلق نحو المعالي باسمًا
بانتماءٍ وطموحٍ ونجاحْ»
للنبرة والصوت سطوة على المحبّ:
‏«أسعد أُخيَّ وغَنني بحديثه
‏وانثُر على سمعي حِلاهُ وشنِّف
‏لأرى بعينِ السّمعِ شاهدَ حُسنهِ
‏معنىً فأتحفني بذاكَ وشَرّف»
‏ومن قنع من الصفيّ بآثاره، فلا غرو في أن يحسن وفادة البشير تهللًا:
‏«لو أنّ روحي في يدي ووهبتُها
‏لمُبشّري بِقُدُومكم لم أُنصف»
2024/11/05 16:48:38
Back to Top
HTML Embed Code: