Telegram Web Link
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الحلقة العاشرة 🔟

👥" أني مغلوب " 🗣

انفعل العم صالح حين سمع موافقة ابنته للزواج من عادل واحمر وجهه .. وقال لإبنته 
العم صالح: مستحيل .. لن افعل ذلك أبدا 
أمسكت أمل بكف والدها بكلتا يديها وقالت 
أمل: أنت تخاف علي من عادل الشاب المستهتر المتلاعب بمشاعر الفتيات .. الذي كنت تمقت أخلاقه وتصرفاته .. ولكن عادل الذي يريد السيد خليل أن يزوجني اياه .. عبارة عن جثة هامدة .. على كرسي متحرك يبحثون لها عن روح .. وأنا متأكدة بأن العادلين مختلفين 
العم صالح ( بحدة ): وما الذي يجبرك أن تعيشي مع جثة هامدة .. ؟ 
أمل ( بنظرة حزينة ): أمي يا أبي 
لزم الأب الصمت هنا تدخل زياد في الحديث قائلا بغضب 
زياد: أنا كذلك معترض يا أمل .. هذا الشاب هو من جنى على نفسه .. فليتحمل ما حصل له وأنت لست مجبرة أن تتزوجي من جثة هامدة 
أمل محاولة أن تقنعهما .. 
أمل: أليس من الأفضل لي أن اتزوج عادل كجثة بدلا من أن اتزوجه شابا منحط ؟! 
العم صالح: لن يستمر جثة طوال حياته.. فهذا الشاب عديم الإحساس .. سرعان ما سينسى ما حصل له فيعود إلى سابق عهده 
ابتسمت أمل قائلة: حينها سأرجع إليكم .. مهمتي معهم أن اعيده إلى سابق عهده 
العم صالح: ابنتي .. هناك عالم مختلف عن عالمنا .. 
أمل: أبي أنا استخرت الله ومؤكد بأنه لن يضيعني أبدا 
تدخل زياد مجددا قائلا 
زياد: أنا مستعد أن اترك الدراسة واعمل كي أوفر نقودا لعلاج أمي .. لكن بالله عليك يا أمل لا تتزوجي من عادل هذا 
احمرّ وجه العم صالح وقطب جبينه قائلا 
العم صالح: مستحيل .. لا اسمح لك أن تترك دراستك .. أنا أعدُّ السنوات كي أراك خريجا بشهادة تعزك وتعزنا معك وأنت تريد أن تقتل هذا الحلم 
وضعت أمل كفها على كتف والدها وقالت مبتسمة 
أمل: وستشاركنا أمي بإذن الله فرحة نجاح زياد .. لذا لابد من المسارعة لعلاجها .. 
وبعد إلحاح شديد منها وسلسلة من الإقناعات رضخ العم صالح لرأيها .. وتقبل مُكرها قرارها .. وأدرك بأن الأمر بالفعل يحتاج إلى تضحية .. وبما إنها استخارت فمؤكد بأن الله لن يضيعها

اتجه إلى الشركة .. ودخل على غير عادته .. لم يبتسم ويسلم على من يراه .. إنما اكتفى بالحديث مع نفسه .. بخطى متثاقلة اتجه إلى مكتب أسامة .. وبعدما سمح له أسامة بالدخول.. أسرع - أسامة - إليه مسرعا قائلا 
أسامة: ها يا عم صالح ماذا قررت ؟ السيد خليل ينتظرك منذ الصباح الباكر 
لزم العم صالح الصمت برهة ثم نكس رأسه وقال بنبرة حزينة بائسة 
العم صالح: أنا موافق 
أشرق وجه أسامة وابتسم ابتسامة عريضة 
أسامة: قرار صائب يا عم صالح .. أنت بهذا القرار ضمنت الشفاء لزوجتك 
رفع العم صالح رأسه وقال بثقة 
العم صالح: الشافي رب العالمين وهو وحده المتكفل بذلك .. وأنا بموافقتي إنما أخذ بالأسباب وحسب 
ابتسم أسامة قائلا: لا عليك لا عليك .. سأذهب الآن إلى السيد خليل ابشره بالأمر كي يقوم باللازم لعادل ولزوجتك يا عم صالح ..
وخرج من مكتبه .. والعم صالح ينظر إليه متعجبا من سعادته بالأمر 
سعد خليل كثيرا حينما بشره أسامة بأمر الموافقة وقال له 
خليل: رتب مع العم صالح مسألة نقل زوجته لمستشفى جيد ومحترم .. واخبره غدا سيتم عقد القِرآن .. أخشى أن يغير رأيه في أي لحظة 
هز أسامة رأسه بحسنا .. هنا أردف خليل قائلا 
خليل: أما أنا فسأذهب إلى عادل .. كي أخبره بما عزمنا على فعله .. 
انطلق خليل إلى منزله .. وهو ممسكا بالحل الأخير لمساعدة ابن أخيه .. وما إن وصل حتى أسرع إليه في غرفته .. فتح عليه الباب .. فرآه كما يراه كل يوم في غرفته المظلمة .. على كرسيه المتحرك غارقا في ماضيه .. اقترب منه قائلا بلطف 
خليل: عادل .. أنت كل ما تبقى لي في هذه الحياة .. وأنا لا أريد أن أخسرك .. وما سأفعله غدا هو محاولة جادة كي أخرجك مما أنت فيه 
لزم الصمت ونظر إلى عيون عادل ورآها مغرورقه بالدموع فأدرك إنه يسمعه لذا قال له 
خليل: إن لم يكن من أجلي فمن أجل بهجة .. حبيبة قلبك ..والشي الوحيد الذي تبقى لنا من طيف بسمة .. أريدك أن توافق على الزواج من الفتاة أمل .. 

يتبع ....1⃣1⃣@asangel
الحلقة الحادية عشر 1⃣1⃣

👥" أني مغلوب "🗣

رغم كل ما يعانيه عادل .. والحالة النفسية الصعبة التي يعيشها إلا إنه حين سمع عمه يتكلم عن الزواج أدار إليه رأسه مصدوما مما سمع .. هنا قال خليل على الفور 
خليل: أعلم يا بني إنه من الصعب أن تحل فتاة أخرى محل بسمة .. ومحال أبدا أن يتقبل قلبك وقلبي بوجود إمراة أخرى في حياتنا .. ولكن .. 
صمت قليلا ثم أردف قائلا 
خليل: أنا بحاجة إليك .. ولعل وجود هذه الفتاة في حياتك ولو بصفة مؤقتة سيعيد إليك ما عجز الأطباء عن إعادته 
صرف عادل ببصره عن عمه .. مستنكرا ورافضا لما سمعه ولكن خليل أمسك بذقنه وجعل وجه عادل مقابلا لوجهه قائلا 
خليل: ألا تريد أن تعود لبهجة ؟! .. إنها بحاجة إليك أيضا .
أدمعت عينا عادل .. فإستغل عمه هذه الرقة التي لمحها فيه وقال 
خليل: بهجة بحاجة إلى أم ترعاها وتعتني بها إلى أن يعود والدها لسابق عهده فيمنحها حنان الأب والأم 
لامست كلمات خليل شغاف قلب عادل الذي عاد مجددا لتأنيب نفسه .. مستحضرا الجرم الذي ارتكبه في حق زوجته الراحلة .. وآلمه أن يكون هو سبب بقاء ابنته بدون صدر حنون يرعاها .. قطع عليه عمه حبل ذكرياته وأفكاره حين قال 
خليل: ها يا عادل .. ماذا قلت ؟؟ 
كان عادل يحاول أن يسيطر على دموعه التي بدت تتدافع على خده بكثرة .. لذا اكتفى بهز رأسه موافقا 
تهلل وجه خليل .. وشعر بأن هذه الموافقة هى بداية التحسن في حالة ابن أخيه 
خليل ( سعيدا ): إذن .. لنبدأ بالإسراع في تعجيل الأمر .. غداً سيكون عقد القرآن يا بني .. 
وخرج من الغرفة سعيدا بعدما طبع قبلة حارة على رأس عادل .. وترك عادل بحسرته .. نادما على ما اقترفته يداه 

كانت هذه الليلة من أصعب الليالي التي مرت على أمل .. فبعد أن اعطت أمها أدويتها واطمئنت عليها اتجهت إلى غرفتها .. وظلت تراقب عقارب الساعة مشاعر متباينة تراودها .. فغدا بإذن الله سييسر الله أمر علاج أمها وهذا ما يسعدها ..وغدا .. وآه من غد .. غدا ستبتعد عن أمها وأسرتها وستدخل عالم مختلف تماما عن عالمها . 
باتت لا تعرف .. اتستعجل عقارب الساعة أم تستبطأها .. تعوذت بالله من الشيطان الرجيم واستلقت على سريرها وهى تتمتم بالإستغفار .. 
في صبيحة اليوم التالي كان العم صالح وابنائه يصطحبون زوجته المريضة لأحد أكبر المستشفيات الخاصة .. وبالفعل لاقوا تعامل متميز من قبل الكادر الطبي هناك 
كانت أمل تجلس مع والدتها في تلك الغرفة الطبية الخاصة والتي تتوفر فيها كل الخدمات .. تقلب نظرها يمنة ويسرة وتقول في نفسها 
أمل: أيعقل أن المال يصنع كل هذا ؟؟! .. بالأمس لم يكن أحداً ينظر إلينا أبدا واليوم كل من في المستشفى يتسابقون لتقديم المساعدة لنا .. 
هنا دخل زياد الغرفة وقد بدأ عليه بعض الضيق فسألته أمل 
أمل: ما بك ؟؟ 
زياد ( بغيظ ): المدعو أسامة جاء إلى المستشفى
ابتسمت أمل ابتسامة ذابلة ثم قالت 
أمل: هذا أمر طبيعي يا أخي أن يشرف على سير الأمور 
زياد ( بغضب ): أنا اكره هذا الرجل 
أمل وقد ازدادت ابتسامتها 
أمل: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم .. 
نظر إليها زياد بنظرة حادة قائلا 
زياد: خير ؟؟! هؤلاء أصحاب مصالح لا خير فيهم 
هنا سمعا صوت أنين والدتهما فأسرعا إليها 

وفي المساء .. لم تكن هناك ضجة كبيرة عند عقد القرآن .. بل اقتصر الموقف على أشخاص معينين .. كان العم صالح طوال الوقت ينظر إلى عادل نظرة مختلفة عن نظراته السابقة له .. فعادل هذا كالهيكل العظمي على كرسي .. شاحب الوجه هزيل الجسم .. صامتا طيلة الجلسة .. يبدو إنه في عالم آخر غير عالمهم .. لذا حين عاد العم صالح إلى البيت اتجه لإبنته ليخبرها بأنها منذ صباح الغد .. ستنتقل لمنزل السيد خليل .. كان أول شيء قاله لها 
العم صالح: أمل .. قدركِ أن تكوني عونا لغيرك .. فكما أحسنتِ لأمك .. اتمنى أن تحسني لعادل 
أشخصت أمل ببصرها لوالدها متعجبة مما سمعت 

يتبع ...2⃣1⃣@sangel🌧
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الحلقة الثانية عشر 2⃣1⃣

👥" أني مغلوب " 🗣

يا الله ما أسرع إنقضاء هذه الليلة .. فها هو نور الصباح يمزق ما تبقى من ظلمة الليل الكئيب ..كانت أمل تتأمل انبلاج نور النهار من نافدتها مستحضرة كلمات والدها ليلة أمس والذي أوصاها بقوله " بدأت اقتنع بأن خلف ما يحدث حكمة عظيمة نجهلها .. فعادل اليوم كما قلتي سابقا مختلفا تماما عن عادل الأمس .. إنه مثير للشفقة .. فاكسبي فيه أجرا بمساعدته ليتماثل للشفاء من أجل ابنته .. أن لم يكن لنفسه " 

تنهدت قليلا ثم قالت مناجية ربها 
أمل: يا رب أنا أثق فيك .. وأثق إنك لم تقدر لي إلا الخير ..فأعني على نفسي يا الله .. وكن معي .. 

ما هى إلا ساعات قليلة وجائت سيارة خاصة كي توصلها إلى منزل خليل .. فاتجهت إلى هناك برفقة والدها .. وقد لازم كل منهما الصمت طوال الطريق ..فكلاهما يتألم من داخله لهذه اللحظات العصيبة .. 
وهناك أمام البوابة الكبيرة للحديقة الغناء التي تحيط بمنزل خليل .. ودع العم صالح ابنته مقبلا إياها من رأسها قائلا بصوت يخالطه البكاء 
العم صالح: استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه 
لم تتمالك أمل نفسها وارتمت في حضن والدها قائلة 
أمل: أرجوك .. كن بجانبي .. لا تتركني وحيدة في هذا العالم 
أخذ العم صالح يمسح على رأس ابنته وظهرها قائلا 
العم صالح: أنت في حفظ من لا يضيع الودائع يا ابنتي .. وأما عني أنا .. فتأكدي بأني لن اتخلى عنك وسأبذل ما بوسعي كي أزورك 
قبلت أمل يد والدها الذي ربت على كتفها قائلا 
العم صالح: هيا يا ابنتي إنهم ينتظرونك في الداخل 
قال ذلك ثم ناولها حقيبتها الصغيرة التي تحمل فيها بعض مقتنياتها الخاصة .. 
استلمت حقيبتها ثم ألقت بنظرة أخيرة إلى والدها ودخلت .. 
ظلت تمشي في تلك الحديقة العظيمة .. وهى تستشعر بأن كل شي يحدثها ويقول لها: ليس هنا عالمك .. 
حفيف الأشجار تناديها: أن ارجعي 
زقزقة العصافير تصرخ فيها: أنت تتجهين في الطريق الخاطئ 
بل خيل لها بأن حتى التراب الذي تمشي عليه يستوقفها ويطلب منها الرجوع 

ولكنها واصلت طريقها ووقفت أمام باب الفيلا .. فقرعت جرس الباب .. وما هى إلا ثواني وفتح الخادم لها الباب .. وبعدما عرفت بنفسها قال لها 
الخادم: تفضلي يا سيدة أمل .. السيد خليل بإنتظارك منذ الصباح الباكر 
انقبض قلبها فجأة .. وشعرت بأن قدماها ثقيلتان .. أرادت فجأة أن تلغي كل شيء .. ولكن فجأة وبدون تحضيرا مسبق .. أو تخطيط للكلام الذي سيقال انطلق لسانها فجأة قائلا 
" ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " 

يتبع3⃣1⃣ ....@sangel 🌧
الحلقة الثالثة عشر 3⃣1⃣

👥" أني مغلوب " 🗣

دخلت أمل إلى داخل المنزل العظيم ..لم تلتفت لزخرفته الراقية أو أثاثه الثمين ولا إلى القطع الأثرية والنفيسة التي كانت تزين جنباته إنما كان نظرها إلى ذلك الرجل المخيف الذي كان ينتظرها في منتصف المنزل .. أخيرا إلتقت بالسيد خليل الذي لطالما سمعت عنه من أبيها .. سمعت عن تسلطه وجشعه وعن تقديمه للمصالح قبل المبادئ والمشاعر .. وقفت أمامه وانعقد لسانها .. لم تتمكن حتى من إلقاء السلام عليه .. أما هو فقد نظر إليها متفحصا .." نعم هى جميلة .. رغم خلو وجهها من مساحيق التجميل .. واخفاء معالم جسدها تحت عبائتها السوداء الفضفاضة .. وإرتدائها لذلك الخمار الأسود الذي لم يزدها إلا جمالا .. وهذا سيفي بالغرض" هذا ما قاله لنفسه قبل أن يوجه إليها سؤاله 
خليل: هل أخبرك والدك عن سبب هذا الزواج 
أمل ( بإرتباك ): نعم أخبرني 
خليل: جيد .. كلما أسرعتي في مساعدة عادل على الشفاء .. كلما كانت توقيت عودتك لأسرتك أسرع .. لذا لابد من كسب الوقت 
هزت أمل رأسها بحسنا ..أردف خليل قائلا وهو يظهر ابتسامة خبيثة 
خليل: أثناء أداؤك لهذه المهمة لابد أن تعرفي مقامك ومقام السيد عادل 
أوجعتها هذه الكلمات وابتلعتها مكرهه وهزت رأسها مجددا بحسنا .. ولكن خليل على ما يبدو يخشى من شيء ما سيحصل لذا كان يوجه لها عبارات لاذعة لذا واصل حديثه قائلا 
خليل: في قلب عادل تسكن إمرأة واحدة فقط هى بسمة .. أنت هنا زوجة مؤقتة .. وعادل يحتاج إليك الآن كحاجته للدواء ..وما أن يتماثل للشفاء سيتركه لا محالة .. وبالمعنى الأصح سيرمي به بعيدا .. فهمت 
قاومت أمل دموعها بعد هذا التجريح الذي سمعته ورفعت رأسها وكأنها تريد أن تثبت له بأنها لا تطمع أبدا أن يحبها قلب عادل ولا أن تكون ملكة في هذا العالم .. رفعت رأسها بتحدي قائلة 
أمل: نعم افهم ذلك .. 
خليل: جيد .. ستصطحبك العاملة الآن ( مشيرا إلى عاملة كانت تقف على مقربة منهم ) إلى غرفة السيد عادل .. وكما أخبرتك سابقا لابد من كسب الوقت 
قال تلك الكلمات ثم ترك المنزل منصرفا إلى عمله .. هنا اصطحبت العاملة أمل لغرفة عادل .. طرقت الباب بلطف ثم فتحته قائلة لأمل 
العاملة: تفضلي يا سيدة أمل 
تنفست أمل بعمق ثم دخلت الغرفة .. غرفة مظلمة كئيبة .. يجلس عادل فيها على كرسيه المتحرك أمام النافذة المغلقة مسدلة الستائر .. تحركت نحوه ببطئ .. وألقت عليه التحية ولم يجب .. فتيقنت بأنه الآن بعيدا عن عالمهم .. إن منظره مثيرا جدا للشفقة .. وعلمت من منظره بأن مهمتها شاقة وصعبة وبالفعل لابد أن تكسب الوقت .. 
مضى النهار كله .. وذلك المخلوق لم يتحرك من مكانه .. يتناوب عليه الخدم وبعض الممرضين الذين يشرفون على علاجه ..هنا علمت أمل بأن مهمتها صعبة وشاقة وتكاد تكون مستحيلة ..وبالفعل لابد أن تكسب الوقت 
يوما بعد يوم .. وروتين هذا الرجل لا يتغير .. يدخل عليه الخدم بداية الصباح يحملونه للإستحمام .. ثم يجلسونه على كرسيه المتحرك .. ثم تبدأ جولة اقناع لتناول وجبة الإفطار .. وعادة ما يفوز هو فيها رغم صمته .. إلا إذا تدخل عمه في اقناعه .. وبعد جولة الطعام تبدأ يوميا جولة أخرى .. ألا وهى جولة الإقناع لتناول العلاج .. وهكذا كل يوم .. تقف أمل تنظر لذلك الصامت العنيد الذي يحاول جاهدا أن يقتل نفسه من خلال رفضه للطعام والعلاج .. والذي يعتكف ليل نهار في غرفته المظلمة .. إنه حتى لم يشعر بوجودها طوال هذه الفترة .. 
لم يكن كل عالم هؤلاء سيئا .. فأمل منذ الوهلة الأولى أحبت بهجة وتعلقت بها كثيرا .. واعترضت على حبس تلك الطفلة في غرفة خاصة مليئة بالأجهزة والأدوات الطبية بحجة المرض .. وأيضا مما كان يرفع لها معنوياتها العلاقة المتينة التي أقامتها مع الخدم في المنزل .. لقد كانت تشعر بينهم بأنها وسط عائلتها .. تستيقظ منذ الصباح الباكر تساعد العاملات في المطبخ .. ثم تحمل أكواب الشاي توزعها على العمال والسائقين والبستانيين .. لقد أحدثت أمل جوا رائعا في هذا المنزل الضخم .. ورغم ذلك فشلت أن تحرك قيد أنملة من حال عادل 
هذا الصباح كانت أمل مع العاملات في المطبخ غارقة في التفكير حين سألتها كبيرة العاملات عن سر شرودها .. فأجابت 
أمل: حال السيد عادل يحزنني كثيرا .. اشعر بالشفقة لأجله 
هنا أسرعت أحد العاملات بالقول: لا عليك منه هذا نتيجة تلاعبه بمشاعر البنات .. هو لم يشكر الله على نعمة الزوجة 
تركت كبيرة العاملات ما في يدها والتفت إلى تلك العاملة قائلة: نعم السيد عادل أخطاؤه لا تغتفر .. وعلاقاته النسائية يعرفها القاصي والداني .. ولكن للأسف السيدة بسمة رحمة الله عليها هى المسؤولة عن ذلك 
تفاجئت أمل ومن معها بهذه الكلمات ونظرن بإستغراب لكبيرة العاملات التي أردفت قائلة 
كبيرة العاملات: كان السيد عادل لعوب .. ولكنه عندما تزوج حاول أن يكون ملكا لزوجته ألم تلاحظن كيف كان تودده لها .. هداياه التي يحضرها لها .. كلمات الغرام التي كان يسمعها إياها .. لقد كان قليل الخروج في فترة زواجه
الأولى .. ولكن السيدة بسمة كانت تعامله بجفاء شديد .. ألا تذكرن ؟! 
هزت العاملات رأسهن بنعم .. وهن يتذكرن تلك الأيام بحزن 
كبيرة العاملات مواصلة لحديثها: كانت تصده بشدة كلما اقترب .. ورجل كالسيد عادل .. فقد الأب والأم في طفولته .. كان بحاجة إلى احتواء .. لذا بحث عنه في الخارج 
أطرقت كبيرة العاملات برأسها أرضا ثم قالت 
كبيرة العاملات: للأسف لا رادع ديني .. ولا احتواء زوجة .. لذا غرق السيد عادل في الرذيلة .. 
تأثرت أمل كثيرا بهذه الكلمات .. وظلت تتذكرها طوال اليوم وهى ترى الخدم والممرضين يحركون عادل كالميت .. 
وفي وقت القيام .. بعدما انتهت أمل من الصلاة .. جلست تنظر إلى ذلك الجسد الممدد على السرير والذي أحضرت كي تبعث الروح فيه بعد توفيق الله لها .. نظرت إليه ثم قالت في نفسها 
أمل: أنا ولله الحمد لم اعجز أن احيي الأمل في قلب أمي .. رغم شدة مرضها وصعوبته .. لأنني كنت أرى أن ذلك واجبي اتجاه أمي .. وإن الله سيثيبني عليه .. هذا الرجل .. تزوجته بإرادتي بعد استخارتي لربي .. لذا لابد أن اعامله بما يرضي الله .. معاملة الزوجة لزوجها .. لا معاملة .. الدواء الذي اذا لم يحتاج إليه تركه .. سأطلب رضا الله وحسب في تعاملي مع عادل لإنه زوجي على شرع الله .. لابد أن تتغير معاملتي السطحية له منذ هذا اليوم بإذن الله 

يتبع ...4⃣1⃣ @sangel🔆
الحلقة الرابعة عشر 4⃣1⃣

👥" أني مغلوب " 🗣

بعدما صلت أمل صلاة الفجر هذا اليوم .. أحست بخفة ونشاط .. إنها اليوم تنظر لمهمتها بمنظور أخر .. إنها لا تبذل المستحيل من أجله كي تعود لمنزل أهلها إنما .. ستبذل المستحيل من أجل أن تعود لعادل عافيته 

اتجهت إلى خزانة ملابسه ..وفتحتها فإذ بداخلها أفخم الملابس وأغلاها .. فاختارت له ثوبا رائعا فاتح اللون مشرق .. ثم اتجهت إلى دولاب عطوره وأدواته وانبهرت بذلك الكم الهائل من العطور الباهظة الثمن .. ظلت تشمها واختارت منها عطرا نفاذا ثم جهزت له أدواته الشخصية ..
وفي الوقت المعتاد طرق الخدم والممرضين باب الغرفة ففتحت لهم أمل .. واتجهوا للقيام بدورهم المعتاد إلا أن ثمة أمر جديدا طرأ على عملهم هذا الصباح .. ألا وهو إصرار أمل أن تشاركهم حمله إلى دورة المياه .. عارض البعض لكونها إمرأة لا تقوى على ذلك إلا إنها ردت عليهم 
أمل: لا توجد إمرأة أبدا لا تقوى على تقديم يد العون لزوجها 
بدأت أمل فعليا بمساعدتهم .. وهنا وللمرة الأولى منذ دخولها المنزل .. نظر إليها متعجبا .. من هذه التي تقوم بمساعدة الخدم والممرضين في حمله .. 
وبعد الإستحمام .. وارتداء عادل الثوب الجديد الذي اختارته أمل له .. باشرت بنفسها أمر تعطيره وتسريح شعره وتعديل هندامه .. ثم وضعت على يده وقدميه بعض الكريمات والمرطبات .. وعادل طوال الوقت ينظر إليها قاطب الجبين متعجبا من فعلها .. 
تعود عادل بعد أن ينتهي الخدم من مهمة تحميمه .. وينتهي الممرضين من عملية إجراء الفحوصات اللازمة له .. يوضع على زاوية من زوايا الغرفة ثم ينصرفون عنه .. ولكن هذا اليوم تغير روتينه كثيرا .. فأمل هى التي قادت كرسيه المتحرك ووضعته قبالة النافذة المغلقة .. واتجهت على الفور إليها .. ورفعت ستارتها وفتحتها .. فانتشر ضوء الشمس الدافئ في أرجاء الغرفة مبددا الظلام والكآبة اللذان خيما طويلا في هذه الغرفة .. 
أغمض عادل عيناه .. كارها لما حدث ولكنه إلتفت إلى أمل حين سمعها تقول للخدم والممرضين 
أمل: اشكر لكم صنعيكم الحسن مع السيد عادل .. يمكنكم الإنصراف . 
وبعد انصرافهم بدقائق تركت هى الأخرى الغرفة .. انشغل عادل بأمر هذه المرأة .. وقال لنفسه 
عادل: إلى ماذا تريد أن تصل هذه المرأة وما هى مطامعها لما فعلته معي اليوم ؟؟! 
ثم رفع رأسه ينظر للعالم الخارجي من النافذة المفتوحة وقال متمتما 
عادل: اه .. ما تزال السماء جميلة كما كانت في السابق .. 
قطعت عليه أمل تمتمته .. حين دخلت وبيدها باقة ورد طبيعية وضعتها على المزهرية الموجودة على النافذة ثم نظرت إليه بإبتسامة صادقة قائلة 
أمل: أسعد الله صباحك يا سيد عادل .. بإذن الله دقائق وسأحضر لك إفطارك .. 
لم تزده كلماتها إلا حيرة وشك في نيتها .. غيرت أمل الصحون التي اعتادت العاملات أن تجهز له الطعام فيها .. ووضعت بعض الإضافات في فطوره 
هنا سألتها كبيرة العاملات: أمتأكدة بأنك لست بحاجة إلى من يقف معك لإقناعه على الطعام 
ابتسمت أمل لها قائلة: نعم متأكدة بإذن الله .. 
ثواني وكانت أمل مع عادل في الغرفة تقدم له طعامه وهى تقول: لن تحتاج بعد اليوم إلى الحبوب المساعدة .. فهذه الوجبة ستغنيك عن ذلك .. 
وبدأت تأكله بيدها .. هنا رأى عادل نفسه محرجا منها فانصاع مباشرة لها وتقبل أن يأكل من يدها.. وبعد عدة لقمات .. امتنع عادل عن الطعام وكأنه استكفى .. هنا قالت له أمل: أرجوك بضع لقمات أخرى لأن هناك هدية في انتظارك ..
تعجب عادل من كلامها وظل يحدث نفسه عن ماهية الهدية التي تنتظره .. لذا ظل يأكل وهو شارد الذهن إلى أن انهى صحنه .. وحين نظر إلى الصحن فارغا تعجب وحده من صنيعه .. ابتسمت له أمل قائلة 
أمل: أسأل الله أن يبارك لك في مأكلك ومشربك 
عادل ( مضطربا ): الله !!! 
ياه منذ متى لم يسمع عادل شيئا عن الله .. لقد رحل سالم عنه وأخذ كل شي ايماني معه وترك له الخواء والفراغ .. 
أحست أمل بملامح الحزن بدأت تعود مجددا لوجه عادل .. فأخذت صينية الطعام .. ووقفت وهى تقول 
أمل: لن أتأخر عليك يا سيد عادل .. دقائق وسأعود ومعي الهدية 
الهدية مرة أخرى .. ترا ما تخفي هذه المرأة ؟؟ هذا التساؤل الذي راود عادل فور خروج أمل 

يتبع ....5⃣1⃣@sangel🌧
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الحلقة الخامسة عشر 5⃣1⃣

👥" أني مغلوب " 🗣

خرجت أمل وتركت عادل غارقا في التفكير .. ما هى هذه الهدية التي ذكرتها هذه المرأة ؟؟! 
ثم أعاد بصره إلى النافذة متأملا في السماء .. وما هى إلا لحظات وفتحت باب الغرفة مجددا .. وتقدمت أمل نحوه وهى تحمل بين ذراعيها الطفلة بهجة .. نظر عادل إلى بهجة وقد اغرورقت عيناها بالدمع .. جلست أمل أمامه على الأرض ونظرت إلى عينيه بإشفاق قائلة 
أمل: هذه الهدية الربانية تفتقدك منذ مدة يا سيد عادل 
مد عادل يده ليأخذ بهجة وقد بلل الدمع وجهه .. وما أن استلمها حتى أخذ يلثمها ويقبلها بشدة وهو يبكي منتحبا .. يشعر بالجرم العظيم الذي اقترفه بحق أمها وجعلها تحرم من حضنها 
تعالى صوت بهجة بالصياح فأشفقت أمل عليهما .. ومدت يدها لتأخذ بهجة إلا أن عادل احتضنها بقوة رافضا أن تأخذها منه 
فهمت أمل ذلك وقالت له: لا تقلق لن يحرمك منها أحد بإذن الله .. فبهجة لابد أن تبقى دائما معك .. فقط أريد تهدئتها .. 
نظر عادل إلى أمل مترددا .. ولكنه لمح الصدق في عيني أمل .. قبل جبين ابنته ثم سلمها إياها .. أخذت أمل الطفلة وظلت تلاعبها وتضاحكها .. وبهجة تبتسم لها وهى سعيدة .. هنا شعر عادل بالطمأنينة وأيقن في قرارة نفسه بأن هذه المرأة طيبة 

تزايد هذا الشعور لديه يوما بعد يوم .. وهو يرى أمل تعمل المستحيل لمساعدته .. كل شيء غيرته له .. طعامه ، ملابسه ، أدواته الشخصية ، حتى فراشه .. كل يوم يستيقظ فيه يراه مختلفا عن اليوم الذي سبقه .. 
وهذا اليوم فاجئته أمل بأمر لم يكن يتوقعه .. فقد اعتادت بشكل يومي بعد أن ينتهي من الإستحمام وتعديل هندامه .. أن تضعه قبالة النافذة بعد أن تفتحها له ثم تتجه لإحضار إفطاره له .. ولكن هذا اليوم وبعدما انتهت من تسريح شعره ورش العطر على ثيابه .. قالت له بإبتسامة صادقة 
أمل: اليوم أنت مدعو لتناول وجبة الإفطار في مكان اخر 
تعجب عادل من كلماتها هذه .. ولكنها لم تدعه يقف طويلا متفكرا فيما تنوي فعله .. بل حركت له كرسيه واتجهت به إلى خارج الغرفة .. وحين خرجت به من الغرفة تعجب الجميع من صنيعها وكيف استطاعت أن تخرجه من عزلته .. قادت أمل عادل إلى حديقة المنزل .. وأحضرت له إفطاره ..ثم أحضرت بهجة كي تقضي مع والدها وقتا ممتعا .. 
بالفعل كان وقتا ممتعا ..ابتسامة خفية لم تفارق وجه عادل طوال الجلسة .. وكان كلما نظر إلى أمل وهى تداعب طفلته يسأل نفسه :" يا ترى ما المقابل الذي تريده هذه المرأة من وراء هذا التعامل الرائع معي ومع ابنتي ؟! " 
وقدر الله أن تكون الإجابة على سؤاله في هذه الليلة .. عادل اعتاد في فترة انعزاله ومرضه أن ينام باكرا .. وأمل فبعد أن تطمئن عليه وعلى ابنته تأوي إلى فراشها الذي وضعته بجوار السرير الذي ينام عليه عادل .. رددت أذكار النوم بعدما ختمت أعمالها بالوضوء ونوت أن تستيقظ للقيام .. ثم ظلت تستغفر استغفارا كثيرا إلى أن نامت .. 
أما عادل فبعد أن انتصف الليل هاجمته الكوابيس فما زال طيف زوجته الراحلة يطارده .. فهى منذ أن ماتت وهى تلاحقه كذكرى في واقعه .. وكابوس في منامه .. اعتاد أن ينام مبكرا لكنه سرعان ما يستيقظ عند منتصف الليل ويبقى مستيقظا إلى الفجر 
الليلة كانت الكوابيس تزعجه .. لذا كان يهذي بشدة في منامه .. ثم أخذ يصرخ .. استيقظت أمل على صوته مذعورة .. واتجهت إليه .. فوجدته يصرخ ويهذي ويبكي قائلا: لم اقتلك يا بسمة .. لم اقتلك 
أخذت أمل تهز عادل وهى خائفة وتقول 
أمل: استيقظ يا سيد عادل ..استيقظ 
استيقظ عادل مذعورا وظل يتنفس بقوة والعرق يتصبب على جبينه .. أسرعت أمل وأحضرت له كأس ماء .. فشرب حتى ارتوى .. ثم نظر إليها بنظرة خائفة .. ولكنها طمأنته بإبتسامتها الصادقة وهى تقول له 
أمل: هى أضغاث أحلام بإذن الله .. 
ثم وضعت يدها على جبينه للمرة الأولى منذ أن أصبحت زوجته .. وظلت تقرأ عليه بعض الآيات والرقى والأذكار .. 
هدأت نفسه وأحس بأن شيئا ما يتغلغل إلى أعماقه .. ثقلت عيناه .. وعاد مجددا للنوم .. وأما عن أمل فقد استمرت وقتا طويلا وهى تقرأ وتقرأ إلى أن حاصرها النوم فنامت متعبة بجانبه .. قبيل الفجر .. استيقظ عادل وأحس بيدها على كتفه .. على ما يبدو إنها نامت حين كانت ترقيه .. إلتفت إليها وهى نائمة ومستغرقة في النوم بعد يوم شاق بذلته له ولإبنته .. " هذه النائمة بجانبي .. إنها ليست بشر .. هذه ملاك طاهر .. أرسل إلي كي ينقذني مما أنا فيه .. " نظر إليها بتمعن أكثر .. وأحس بشي يتحرك في أعماقه .. وفجأة أحس بها تستيقظ فأغمض عينه مصطنعا النوم .. أما هى .. فعند استيقاظها وجدت نفسها على السرير .. فوقفت مذعورة وكأنها ارتكبت ذنبا .. فهى ما تزال تتذكر كلمات خليل .. ثم نظرت إلى ساعتها فشهقت قائلة " ياالله .. لم يتبق عن الفجر إلا الشي اليسير " .. ثم أسرعت إلى دورة المياه .. توضأت وصلت ركعتين .. وبعدها رفعت يدها ودعت لأمها بالشفاء .. وعادل يراقبها ويسمعها ثم وفور انتهاؤها من الدعاء لأمها دعت له دعاء طويل .. فاستغرب ذلك .. كانت تتو
سل إلى الله أن يشفيه ويهديه .. كانت تبكي حين تلح على الله أن يشفيه وتترجى ربها أن يعجل بشفائه .. و أهم ما قالته وكان كالسهم النافذ إلى قلبه " اللهم إني أحببت عبدك هذا فيك فإن كانت لي عندك دعوة مستجابة فاجعلها في شفائه " انتفض عادل في مكانه .. وعجز عن التفكر فيما قالته .. بكى .. بكاءا شديدا صامتا .. هذه المرأة أحبته لله .. وتعامله تلك المعاملة لله .. ثم تطلب من الله إن كانت لها دعوة مستجابة أن تكون من نصيبه .. فنادى بصوت مخنوقا لا يسمعه غيره " سامحني ياالله " 

يتبع ....5⃣1⃣@asangel🌧
الحلقة السادسة عشر6⃣1⃣

👥" أني مغلوب " 🗣

كانت كلمات أمل في دعائها لها تأثير بالغ في نفسية عادل .. الذي فهم أخيرا ما معنى أن يحب شخص اخر دون مقابل .. بل إنه تذكر صديقه سالم .. فقد كان يحبه هو الآخر في الله .. لا يهمه ما لدى عادل وما الذي يمتلكه .. وحتى بسمة للأسف كان حبها له منقوص .. إذ إنه كان حب تملك .. فهى تحبه لنفسها .. دون أن تمنحه ما يحتاجه من حب .. 
أما أمل .. فقد منحته جزءا من اسمها .. واعطته جرعة من نبل أخلاقها .. وشعر بأنه قد نالته بركة من دعائها .. 
نام عادل وهو يشعر في قرارة نفسه بأن الله يريد له الخلاص مما هو فيه .. واستيقظ على صوت باب غرفته تقرع .. ثم يدخل الخدم والممرضين ليباشرون عملية تحميمه .. ولكن أين أمل ؟!! 
انتهى من الإستحمام .. ثم من الفطور .. وأخرج للحديقة .. ثم أحضرت له بهجة.. كل ذلك يحدث بدون وجود أمل .. ؟! 
كان عادل يلتفت يمنة ويسرة .. أين اختفت أمل ؟؟ .. كان الجميع يقدمون له الخدمات المعتادة .. وهو ينوي في كل مرة أن يسأل عنها .. ولكنه يتراجع فجأة .. ساعة بعد ساعة تمضي .. ولا وجود لأمل .. أين هى ؟! يا الله هل تلاشى الحلم الجميل .. أم أن ما مضى كان عبارة عن سراب ؟! هذا ما كان يتحدث به عادل مع نفسه .. ولم يكن يعلم بأن عمه قد استدعى أمل في الصباح الباكر .. وشكر لها انجازها في إخراج عادل من عزلته .. وكافئها عن ذلك بأن أمر السائق أن يأخذها لزيارة أهلها وتقضي معهم يوما كاملا .. لم تشأ أمل أن تزعج عادل عند خروجها فقد رأته مستغرقا في النوم .. فجهزت له ملابسه وحاجياته قبل خروجها .. 
بل لم يكن عادل يعلم بأنها تتصل كل ساعة تقريبا لتطمئن عليه وتخبرهم ماذا يصنعون لأجله .. 
في العصر حين كانت متصلة عند كبيرة العاملات تطمئن عليه .. قالت لها كبيرة العاملات: إنه يفتقدك كثيرا ..وطيلة الوقت يبحث عنك .. 
سعدت أمل بهذه الكلمات وأيقنت بأن الله لم يضيع مجهودها معه وفي نفس الوقت ندمت إذ إنها لم تخبره بأمر ذهابها لمنزل أهلها .. وطلبت من كبيرة العاملات أن تأخذ الهاتف إليه لتحدثه .. نفذت كبيرة العاملات ما طلب منها .. قرعت عليه باب الغرفة .. ثم دخلت إليها ومدت يدها بالهاتف إليه قائلة 
كبيرة العاملات: السيدة أمل على الهاتف تود محادثتك .. 
أشرق وجه عادل فجأة وكأنه وجد ضالة يبحث عنها منذ زمن فتناول الهاتف .. ووضعه على أذنه فسمع صوتها تلقي عليه تحية الإسلام ثم أردفت قائلة 
أمل: اعذرني .. اضطررت للخروج باكرا دون إخبارك .. اتمنى من الله أن تكون أنت وبهجة على ماك يرام .. سأعود بإذن الله بعد صلاة المغرب . 
كلمات أمل هذه كانت بمثابة جرعة ماء باردة على ظمأ .. ظل بعدها عادل ينتظر غروب الشمس على أحر من الجمر .. 
لقد نجحت أمل .. هذا الحديث السائد هذا اليوم في منزل السيد خليل .. فالجميع يلحظ التغيرات التي حدثت لعادل .. واخرها رفضه العودة لداخل المنزل واصراره على البقاء في الحديقة .. فعلموا بأنه ينتظرها .. 
غابت الشمس .. وحل الظلام في حديقة المنزل .. وعين عادل تراقب بوابة الحديقة من بعيدة .. 
وأخيرا أشرقت شمسه وبددت ظلام انتظاره .. فقد عادت أمل .. رأته جالسا على كرسيه فاقتربت منه ولم تصدق ولم يصدق من كان معه من الخدم بأنه ابتسم .. هذه الإبتسامة التي غابت منذ وفاة بسمة عادت اليوم مجددا بفضل الله ثم بفضل أمل 
جثت أمل على ركبتها أمامه .. ونظرت إليه قائلة 
أمل: افتقدك اليوم كثيرا .. 
عادل: وأنا كذلك .. 
عادل تحدث أخيرا !!! تلعثمت أمل .. كلمات عادل القليلة كانت مفاجئة بالنسبة لها .. لم يتمالك الخدم الذين كانوا بجوارهم أنفسهم .. لدرجة أن بعضهم أخذ يكبر 
أدمعت عين أمل .. سعيدة .. أما عن عادل فالتفت إلى الخدم الذين كانوا سعيدون به .. ثم التفت إلى أمل ومد إليها يده .. تفاجئت من ذلك .. فمدت هى الأخرى يدها بإرتباك .. وما إن أمسك عادل بيدها حتى انتصب واقفا .. بمساعدتها .. وأصر أن يدخل المنزل ماشيا على قدميه مستندا على زوجته .. 

يتبع ...7⃣1⃣@adangel🔆
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الحلقة السابعة عشر 7⃣1⃣

👥" أني مغلوب " 🗣

كانت هذه الليلة من أصخب الليالي في منزل السيد خليل فالجميع مسرورا وسعيد بالتحسن الكبير الذي شهده عادل .. واتصلوا بخليل الذي ترك كل ما في يديه وجاء سريعا ليرى ابن أخيه .. فكم كانت سعادته لا توصف حين علم بأنه قد تكلم اليوم ومشى .. لحظات مليئة بالصخب والضوضاء .. بعدها اتجه الجميع إلى مضاجعهم .. 
في غرفة عادل عم الصمت طويلا بينهما .. أمل شعرت الآن إنها لا تعرف تتعامل مع شخصية عادل الجديدة .. عادل العائد لسابق عهده .. أما هو.. فكان صامتا لأنه لايعرف ماذا يقول .. هذه المرأة شي مختلف تماما عن كل ما عهدهن من نساء .. فهل ستتحمل عبء الوقوف معه وانتشاله من الوحل الذي غرق فيه .. 
تشجع عادل وبدد الصمت الذي طال بينهما حين قال 
عادل: أنا بحاجة إليك أكثر مما مضى يا أمل .. 
نظرت إليه مستوضحه ما يقوله فأردف هو قائلا 
عادل: أريد أن اتغير .. أريد أن أكون نقيا مثلك .. أريد أن أصبح إنسان آخر .. 
ابتسمت ابتسامة صادقة ثم قالت بثقة 
أمل: أنت تقصد إنك تريد أن تتوب ؟! 
هز عادل رأسه بنعم قائلا: لقد أجلت ذلك كثيرا .. حان الوقت كي أبدأ أولى خطواته فما ضاع قد ضاع . 
أمل: إذا كنت تريد ذلك فأنا بعون الله سأساعدك 
ارتسمت ابتسامة يشوبها شي من القلق على وجه عادل حين قال: اتمنى من الله أن لا تتخلي عني .. فقد اعتدت على فقدان من أحب .. 
بدأت أمل مع عادل مشوارا جديد .. مشوار القرب من الله والعودة إليه .. كان لدى عادل بعض المعلومات الدينية القليلة التي أخذها من سالم أما غير ذلك فلا يوجد .. 
إنه لا يعرف الصلاة فهو لم يصل قط في حياته .. ولا يدرك ما معنى شهر رمضان وقيمته .. ولم يتحرك لسانه يوما بالذكر .. بالمعنى الأصح إنه لا يعرف الله .. 
لقد أدرك أخيرا قيمة تلك النصائح القيمة التي كان سالم يرددها عليه .. شعر بقيمة العبادات التي ركنها جانبا ظنا منه بأن فلوسه وممتلكاته ستجعله سعيدا .. 
لقد أصبح قلبه خائفا وجلا من الله وعقابه .. فقد اقترف كل الفواحش والذنوب .. لقد زنى وشرب الخمر وعاكس الفتيات وضيع الصلوات و و و .. 
كانت مهمة أمل صعبة .. لكن إصرار عادل على التوبة جعلتها ممكنة .. كان عادل يتغير بشكل ملحوظ ويستجيب لأمل مباشرة .. 
وكانت أمل تستعين في تغيره بعد الله بصديقتها عبير .. التي لم تألو جهدا في مساعدتها .. 
بدأ عادل يتذوق طعم السعادة التي حرم منها سنوات طوال .. السعادة التي فهم أخيرا بأنها لا تمنح إلا لمن ارتضى بالله ربا .. وإن كان فقيرا مثل أمل .. 
كل ما كان يجمع أمل بعادل حتى اللحظة هو مساعدته على الثبات على طريق التوبة .. 
بعد صلاة الفجر في هذا اليوم .. استلقى عادل على سريره ينظر إلى أمل وهى تقرأ القرآن بكل خشوع .. كان ينظر إليها بإعجاب شديد .. متفكرا كيف سيفصح لها عن ما يكنه لها من حب .. فكلمات الحب التي في جعبته كلها منتهية الصلاحية فقد استخدمت لفتيات عدة قبلها وكلهن لا يستحقن أبدا تلك الكلمات .. أما هذه .. فهى تحتاج إلى مفردات جديدة تقال لها وحدها ... ثقلت عين عادل وهو يتأمل في أمل .. ونام وهو يقول في نفسه إنه الآن أسعد خلق الله .. فقد مضى في طريق ربه طائعا .. ولديه زوجة لا تساويها إمرأة على وجه الأرض .. نام ونسى في نشوة سعادته بتوبته وبوجود أمل بجانبه أمرا هاما ... هذا الأمر عاد مجددا لحياة عادل .. وتحركت النار من تحت الرماد .. النار التي اعتقد عادل بأنه قد أخمدها .. فقد استيقظ فجأة .. فرأى سجادة أمل في موضعها .. ترك سريره .. وفتح باب غرفته بلطف .. فسمع عمه يتحدث مع أمل قائلا بصوت حاد 
خليل: لقد طلبت منك مساعدة عادل حتى يعود لما كان عليه .. وأراك تجاوزتي المطلوب منك .. 
كانت أمل تستمع إليه وهى منكسة رأسها .. وخليل يتحدث بنبرة جافة حادة 
خليل: لم أطلب منك أن تحولي عادل إلى شيخ .. يصلي ويقرأ القرآن وغيره ... طلبي من البداية كان واضحا .. أن تعرفي مقامك ومقامه .. لكني أراك تنصبين نفسك ملكة عليه وتأمرينه أن يقلدك في أمور لا يعرفها .. 
كان عادل ينظر إليهما من باب غرفة .. ينظر إلى أمل وهى تقف صاغرة ذليلة أمام جبروت عمه الذي أردف قائلا: أخبرتك حينها بأنك كالدواء .. إذا لم يحتاج إليه المريض .. ألقى به بعيدا .. وعادل اليوم لم يعد بحاجة إليك .. لذا يمكنك العودة لمنزل أهلك وستصلك ورقة طلاقك في أقرب وقت 

يتبع .....يتبع 8⃣1⃣@asangel
الحلقة الثامنة عشر 8⃣1⃣

👥" أني مغلوب " 🗣

لم يتحمل عادل أن يرى أمل بذلك المنظر .. وتضايق كثيرا من تلك الكلمات القاسية التي كان عمه يوجهها لها .. لذا اندفع نحوهما قائلا 
عادل: عمي لو سمحت .. 
إلتفت كلا من خليل وأمل لعادل الذي أردف قائلا
عادل: لقد زوجتني هذه المرأة .. مكرها .. وجعلتني تحت الأمر الواقع .. وتقبلتها دون إرادتي .. لأنني كنت شبه ميت 
نظر إلى أمل وكانت هناك دمعة حبيسة في عينه ثم إلتفت إلى عمه مجددا قائلا 
عادل: هذه المرأة أعادت لي روحي .. وأعطتني أمل جديد للحياة .. لذا من الصعب علي أن اتخلى عنها .. فقرار الإنفصال عنها الآن هو قراري أنا 
تغيرت ملامح خليل حين سمع هذه الكلمات من عادل وانفعل قائلا 
خليل: هذه .. ( مشيرا إليها مستصغرا إياها ) لم تفعل ما فعلته معك عن محبة .. لقد كان ذلك بمقابل المال 
عادل ( واثقا ): لقد اضطرت لهذا الزواج كما اضطررت أنا له .. ولكني واثق بأن ما فعلته معي لم يكن محركه المال .. 
خليل ( ساخرا ): ماذا إذن الشفقة ؟! 
عادل ( وقد جرت دمعته الحبيسة على خده ): جزاها الله خيرا حين أشفقت علي .. واشركتني في دعاؤها من باب الشفقة ودعت لي بالشفاء حين كانت تدعو لأمها 
تفاجئت أمل بما سمعت .. فدعائها له كان في عتمة الليل البهيم .. وكانت ترسل تلك البرقيات العاجلة لرب البريات وهى متأكدة بأنه لا يسمعها غيره .. ولكنها اليوم تتفاجئ بأن عادل كان يستمع لتلك الدعوات .. خليل قطع عليها حبل أفكارها حين قال 
خليل: عادل يا بني .. إذا كنت بحاجة إلى زوجة .. فأنا مستعد أن أزوجك بمائة فتاة من مستواك .. يغنينك عن هذه الحثالة 
كانت هذه العبارة مؤلمة كثيرا لأمل وعادل .. هنا لم يتمالك عادل نفسه وقال بنبرة حادة 
عادل: لماذا لم تزوجني إذن بالمائة فتاة من البداية .. لماذا اخترت .. هذه .. ( صمت قليلا ) الحثالة على حد تعبيرك ؟ 
لزم خليل الصمت ولم يجب على سؤال عادل الذي قال بنبرته الحادة 
عادل: كنت تخشى على مالك أليس كذلك ؟ 
انفعل خليل وقال صارخا فيه 
خليل: احترم نفسك يا عادل وتحدث معي بأدب 
تراجع عادل عن حدته قائلا 
عادل: معذرة يا عمي .. ولكنك استفززتني .. لقد كان لدي قبل تلك الحادثة ما يقارب المائة صديقة وصديق .. كلهم تخلوا عني .. لأني لم أعد قادرا على أن اغدق عليهم مالا .. أما هذه .. ( مشيرا إلى أمل ) فقد دخلت عالمي بهذه الهيئة وعلى هذه الحال .. لم تأخذ مني فلسا واحدا .. لم تترك ملابسها التي جائت بها من منزل والدها .. لم تستخدم تلك العطور الفاخرة ولا حتى الفراش الوثير .. كل ما أخذته منا تلك النقود التي عولجت بها أمها .. أما دون ذلك فلا 
غضب خليل من كلمات عادل وقال وهو يهم بالخروج 
خليل: هذه المرأة لعبت بمخك .. سوف اتحدث معك في وقت لاحق .. 
وخرج من المنزل بعدما صفع بالباب .. كانت أمل مطأطأة رأسها حزينة .. تشعر بالذنب لما حدث بين عادل وعمه .. أحس بها عادل وقال لها 
عادل: أمل مؤكد بأن كلام عمي كان مزعجا كثيرا .. ولكنه الواقع الذي لابد أن نعترف به أنا وهو .. الواقع الذي يقول بأني مديون لك بحياتي 
لم تعلق أمل على كلامه ، بل ظلت مطأطأة رأسها .. أمسك عادل بذقنها ورفع رأسها بأصابعه ونظر إليها بنظرة طمئنتها ثم قال لها 
عادل: أمل .. تزوجنا رغما عنا .. وما يزال في الوقت سعة لتصحيح المسار .. لذا أود أن أسألك سؤالا يفترض أن أسألك عليه مسبقا 
اكتفت هى بنظرات الإستفسار .. فواصل عادل كلامه عادل: هل تقبليني زوجا لك ؟!
أدمعت عين أمل وقالت: نعم أقبل .. 
ابتسم عادل ابتسامة عريضة وشعر بأنه قد ملك الدنيا بحذافيرها .. وقال لها 
عادل: إذن أعينيني بقوة .. 

وكانت الإعانة التي أراد .. واستمرت أمل في عملية صناعة إنسان جديد .. إنسان متعلقا بربه محبا له .. وكان عادل سريع الإستجابة لها كيف لا وقد بدأ بالفعل يتذوق طعم السعادة التي حرم منها سنين .. ألا إن سعادته لم تدم طويلا فقد عمل عمه خليل على التنغيص عليه .. فقد أصبح شديد الكره لأمل ينظر إليها بأنها سرقت قلب عادل من ابنته الميتة .. بل كان السبب الحقيقي خلف ذلك الكره هو التدين الذي تعيشه أمل .. الذي يذكره دائما بإجرامه بحق ربه.. فيعمل جاهدا لإسكات شعور التأنيب والتذكير بالتنغيص عليهما .. 
كان عادل يحاول جاهدا أن يشتري ود عمه .. يتعلم من أمل فن التعامل معه .. فقد أوصته أن يقبل يده ورأسه يوميا .. وأن لا يرفع صوته فوق صوته حتى وإن أساء إليها وشجعته هذا اليوم أن يعود للعمل في الشركة .. 
كانت سعادة خليل لا توصف حين عاد عادل للعمل .. لذا رافقه هو ومدير أعماله أسامة حين قام بجولة على أقسام الشركة .. ألا أن تصرفات عادل الغريبة كانت تزعجه .. فهو لا يمازح النساء كما كان معتادا .. بل يكتفي بالوقوف أمام الباب لثواني إذا كان المكتب به فتيات .. إضافة إلى استمراره في تكرار تحية الإسلام في كل مكتب وفي كل قسم .. وكانت الضربة القاضية عليه .. حين لمح عادل العم صالح وهو يفرغ سلال القمامة في كيس القمامة الكبير .. ابتسم عادل
له وناداه بصوت عالي لفت انتباه كل من كان متواجد عنه حين قال 
عادل: عمي صالح 
ثم اسرع بالخطى إليه وخليل ومن معه يشاهدون الموقف .. وما إن وصل إليه حتى قبله على رأسه قائلا له 
عادل: لا أعرف كيف اشكرك .. فقد اعطيتني كنزا عظيم 
جن جنون خليل بعد هذا الموقف .. وأقسم أن يؤدب أمل التي سحرت ابن أخيه .. 

يتبع ...9⃣1⃣@asangel
الحلقة التاسعة عشر 9⃣1⃣

👥" أني مغلوب " 🗣

عاد خليل إلى المنزل وقد تطاير الشر من عينيه .. وفور وصوله نادى على أمل بأعلى صوته .. والتي هرعت إليه مسرعة خائفة .. فتلقاها بالشتم والسباب ..والكلام جارح .. دخل عادل المنزل في هذه الأثناء وسمع كلمات عمه لأمل فاقترب منه محاولا تهدئته .. إلا أن خليل كان في قمة الغضب ويرفض أن يستمع منه لأي كلمة .. وحين أكثر عليه عادل محاولاته صرخ فيه خليل قائلا 
خليل: كل ما يحدث بسبب هذه الوقحة ابنة السافل 
هنا لم تتمالك أمل نفسها وشعرت بأنها جرحت في أغلى شيء في حياتها فقالت لخليل بحدة 
أمل: من فضلك .. أن تتجاوز الحد معي وتتهم أخلاقي سأغض الطرف عن ذلك .. ولكن أن تتحدث عن والدي بسوء فأنا لن اسكت عن ذلك 
ابتسم خليل ابتسامة غيظ وغضب وقال 
خليل: جميل جميل .. لم يبق غير هذه الحثالة تهددني 
أمل ( بقوة وثقة ): لا تظن أبدا بأنك اشتريتنا بمالك .. لذا نسمح لك أن تهيننا وقتما تشاء .. فالحثالة كما تقول يستطيعون الدفاع عن أنفسهم 
استشاظ خليل غضبا وقال وهو يرفع يده ليصفع أمل 
خليل: أنت قليلة الأدب 
إلا أن عادل أمسك يده وقال منفعلا 
عادل: لقد تجاوزت كل الحدود يا عمي 
انصدم خليل بردة فعل عادل ونظر إليه بإستغراب قائلا 
خليل: هل علمتك أن ترفع صوتك علي ؟ 
تنهد عادل واستغفر ربه ثم قال 
عادل: العفو يا عمي .. ولكنك تتصرف مع أمل تصرفات لا تليق 
نظر خليل لعادل نظرة حادة قائلا 
خليل: تصرفات لا تليق .. هذه الحثالة سلبت عقلك .. 
لزم الصمت قليلا ثم أردف قائلا لعادل 
خليل: عادل .. اختر الآن أما أنا أو هذه الحثالة 
تفاجأ كلا من عادل وأمل بهذا التخيير .. 
عادل: ما هذا الكلام يا عمي ؟ 
خليل: كلامي واضح .. فأما أن نعيش كما كنا سابقا أبا وابنه ..حياة هادئة مطمئنة .. وأما أن تكون أنت في طريق وأنا في طريق 
عادل ( ممسكا بيد عمه ): عمي أنت تعرف بأني لا استطيع الإستغناء عنك 
نظر إليه خليل بدهاء قائلا: استغني عنها إذن 
ولكن عادل فاجئه حين رد سريعا عليه 
عادل: وهل يستغني أحدا عنه روحه يا عم ؟! 
فتغيرت نظرة خليل وتحولت لنظرة غاضبة ولكن عادل واصل كلامه قائلا 
عادل: لقد زوجتني اياها يا عمي كي تعيدني لسابق عهدي .. ولكنها اعادتني لرشدي .. وابصرتني بعيبي وذنبي 
خليل ( بغضب ): أنا لا افهم هذا الهراء الذي تتفوه به .. أريد إجابة مختصرة .. أنا أم هى ؟! 

سكت عادل ولم يعرف ماذا يقول .. ثم أطرق برأسه أرضا قائلا 
عادل: لا يمكنني الإستغناء عن أمل .. 
عم الصمت المكان طويلا .. ثم قال خليل بحنقة 
خليل: فهمت .. أنت تختارها إذن .. 
هم عادل أن يتحدث إلا أن العم استوقفه قائلا 
خليل: لا أريد أن اسمع منك شيئا .. ولا أريد أن أرى صورتك في هذا المنزل .. اخرج أنت وحثالتك من هنا 
حاول عادل أن يبرر موقفه إلا أن خليل .. انصرف عنه وهو غاضب .. 
حزن عادل لذلك أشد الحزن .. وأحست أمل بالذنب لذلك .. ولكنه واساها وأخبرها بأن ما حدث بينه وبين عمه هو عبارة عن سحابة صيف عن قليل تنقشع .. 
خرج عادل وأمل إلى إحدى الشقق الخاصة بهم .. واعتبر تنقلهم إلى هنا هو فترة نقاهة كي تهدأ النفسيات قليلا .. وكما اعتبر وجودهم في هذه الشقة فرصة للتقرب من الله دون تنغيص من عمه 
كانت بالفعل كل سبل القرب من الله متاحة يسانده في ذلك زوجة صالحة تتقي الله فيه .. ولكنه ما أن استقرت نفسيته للطاعة حتى نغص عليه عمه بالتضييق عليه في التصرف في أمواله وممتلكاته وبدأ يعامله كعدو .. وليس كشريك معه في المال والأعمال .. 
كان عادل يتسائل دائما لماذا هذا الضيق النفسي يلازمه رغم تقربه الشديد من الله .. فاهتدى مع زوجته وإنه لربما سبب ذلك بأن ماله مالا حرام تم تنميته واستثماره بطرق غير مشروعة .. فقرر أخيرا وبعد سلسلة من المضايقات من قِبل عمه أن ينفصل بثروته عنه .. ليطهر ماله ويستخدمه في طاعة الله .. وهنا ظهر الوجه القبيح لخليل .. الذي أثبت بأن المال أهم من ابن أخيه الذي رباه .. فقد حاول أن يحرمه من ماله .. واستنكر لمطالبه .. مما اضطر بعادل أن يلجأ للقضاء للحصول على حقوقه مكرها 
كان حزينا جدا لما آل إليه الحال بينه وبين عمه .. وكان دائما ما يردد: أيعقل أن ذنوبنا تفعل ذلك بنا 
فترد عليه أمل: إنها ضريبة التوبة يا عادل .. 
عدة جلسات قضائية خاضها عادل .. انتهت بتوفيق من الله فكسب قضيته وأمر القاضي أن تقسم الأموال والعقارات بينهم كلا حسب أحقيته .. صحيح أن عادل لم يكن أبدا يتمنى أن تصل الأمور بينهم إلى هذا الحد .. إلا إنه كان سعيدا حين بدأ يتصرف في ممتلكاته كما يريد الله .. وبدأ عملية تطهير الأموال عن طريق الصدقات والتبرعات .. كان يوصل أمل لبعض بيوت المحتاجين الذين تعرفت عليهم عن طريق صديقتها عبير .. وقام أيضا بالتبرع لبناء المساجد ويضع في أي صندوق مخصص للتبرعات كل ما يتيسر في جيبه ولو كان مبلغا ضخما .. بدأت نفسيته تستقر مجددا .. وبدأت السعادة ترفرف عليه وعلى عائلته الصغيرة .. ولكن سرعان ما تبدد ذلك وانقشعت غيمة السعادة عن
أسرته .. وحدث ما لم يكن في حسبانه .. إذ يتفاجئ ببلاغات وديون متراكمة وشيكات بدون رصيد تتطارده في كل العقارات والشركات التي أصبحت من نصيبه .. فانقلبت حياته رأسا على عقب .. يبيع هذا العقار من أجل أن ينقذ ذلك العقار .. ويدفع هذا المال من أجل ذلك الدين .. 
كانت أمل تدعو الله كثيرا أن يخلص زوجها من هذا الإبتلاء العظيم مخافة أن لا يشعر بالراحة بعد الإلتزام فينتكس .. أما هو .. فقد أحب هذا الدعاء وظل يردده في كل وقت وكل حين " اللهم إن لم يكن بك غضبك عليّ فلا أبالي " .. كانت الظروف الصعبة التي يمر بها تزيده صلابة وإقبال على الله .. 
سنة كاملة قضاها عادل في حالة لا يعلم بها إلا الله ليس له فيها بعد الله إلا زوجته التي تحملت معه كل ظروفه الصعبة .. مرت السنة الصعبة معلنة عن إفلاس عادل .. 
لقد ذهبت كل الممتلكات والعقارات والأموال .. تبقى له الشقة التي يسكنها والسيارة التي يمتلكها .. وبقايا ديون وافق أصحابها انتظاره حتى يتيسر أمره .. 
دخل عادل على أمل وعلى وجهه ابتسامة رضى قائلا 
عادل: أموال جلبت من حرام .. يأبى الله أن ترافقنا .. 
بهذه النفسية استقبل عادل الإفلاس .. ولكن هل يمكن أن تبقى نفسيته كذلك .. وإبتلاء عظيم يطل برأسه عليه .. 

يتبع .. 0⃣2⃣🔆@asangel 🔆
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر
2024/09/30 15:38:49
Back to Top
HTML Embed Code: