Telegram Web Link
Forwarded from كمال الشريعة
(2/2)


(2) كذلك على فرض أن الإلزام بالشريعة سيؤدى لنفاق البعض، فمن المهم معرفته، أن وجود المنافقين في المجتمع سنة كونيّة قدرها الله جل علاه ، فكما أن هناك مؤمنين وكافرين ، كذلك هناك منافقون ، ولابد من معرفة أن أسباب النفاق مختلفة كثيرة منها :

- انتصار الإسلام وعلو الحق وتمكينه، فالناس تحب دومًا أن تكون مع المُمَكن له، فهل سنترك الإنتصار والتمكين خشية أن ينضم لصفوفنا منافقون !؟
- ومن الأسباب كذلك الرغبة فيما عند المسلمين من غنائم وفئ وزكاة وغيرها، لذا كان المنافقون يحبون الخروج للغزوات السهلة ليفوزوا مع المسلمين بالغنائم وغيره ويتخلفون عن الغزوات الصعبة، فهل نحرم المسلمين من ذلك خشية أن ينافق البعض طمعًا في هذا؟
- وبعض الأسباب قد يرجع إلى حب الكفار والتعلق بهم فيكون الشخص مذبذبًا بين الفريقين.
- وبعضها يرجع لضعف الوازع الديني وحب الشهوات والركون إلى الدنيا .

وغير ذلك من الأسباب، فوجود المنافقين أمر ٌ واقعي أسبابه متعددة، فلا يصح أن نُفوت مصالح ونُضيع مقاصد خوفًا من وجودهم ، فهم ابتلاء قدره الله جل علاه وكان موجودًا حتى بين أطهر الخلق وفي خير القرون، فلا يُنكر أحد وجود منافقين في زمن النبى - صلى الله عليه وسلم - ،ولهذا لن يكون عدم الإلزام بالشريعة هو الحل في منع النفاق.



(3) كما أن التمادي فى هذا الأمر عواقبه وخيمة، فعدم إلزام أحد بالشريعة سيدخل فيه تعطيل الحدود والتعزيرات وكل ما يخص الدين، ويكون الدين مجرد علاقة روحية بين العبد وربه كما يريد العلمانيون وغيرهم، وهذا يتصادم مع دين الإسلام وثوابته التي تجعل الدين مهيمنًا على كل شئ ، ولم تفصل بين الدين وأى شئ آخر، فالدين يُهيمن على حياة الأفراد والدولة والسياسة والاقتصاد وكل شئ، إضافة على ما فيه من تعطيل النصوص الشرعيّة، والحكم بغير ما أنزل الله.


(4) ومما يُحتج به حتى على غير المسلم أن العقلاء كافة متفقون على وجوب إلزام الناس لينضبط سير المجتمعات ، فلا تجد مثلًا من يقول: إن معاقبة السارق وإلزام الناس بقواعد المرور ومراقبة البضائع سيجعل الناس يمارسون المخالفات في السر، وبالتالي لا فائدة في شيء من ذلك، وليُقتصر على الإلزام الذاتي ، بل هناك إلزام في كل شئ حتى فيما لا يتعدى ضرره على غير الفاعل كشرب المخدرات مثلًا، ولا يقول أحد فلنتركهم ولا نعاقبهم حتى لا يشربوها سرًا، هذا لا يقول به عاقل ! ، بل يتقبل الجميع هذا الإلزام ،وهنا يظهر التناقض في قبول هذا ورفض الإلزام بالشريعة على الرغم من أن كلاهما إلزام ، ولكن الغرب جعل هذا الإلزام في كل شئ سوى الدين، لهوان الدين عندهم، فمن العادي أن تُلزم الشخص بشئٍ يخص صحته، لكن فيما يخص الدين تتركه !، وهذا يخالف مقاصد الإسلام التي جعلت حفظ الدين أعظم الضرورات .


————

4️⃣ رابعًا: علاج النفاق الحقيقي:

ومما سبق يظهر أن القول بعدم إلزام الناس بالشريعة حدًّا من ظاهرة النفاق ما هو إلا وهم، مآله الحقيقي شيوع المنكرات واعتيادها، وغربة الدين، وجعله شيئًا هامشيًا وتعطيل الحدود وعلمنة الدولة ، أمّا علاج النفاق الحقيقي فيكون من خلال :

- الإهتمام بصلاح الأفراد، والاتيان بأسباب زيادة التقوى عندهم، وتربيتهم على حب الإسلام، والتوازن بين خلق الوازع النفسي فيهم وتذكر مراقبة الله وخشيته سرًا وعلنًا مع الإلزام، فإصلاح نفس المنافق هو العلاج الحقيقي لأصل المشكلة وليس تركه وما يشاء كما يتوهم البعض، وما أكثر النصوص الشرعيّة التي تُصلح نفس المنافق بالترغيب والترهيب وتُحذر من فعله علاجًا له ووقايةً لغيره.

- صبغ المجتمع بصبغة دينية، وجعل السمة الغالبة في المجتمع هي التدين، فيتأثر هؤلاء بالأغلبيّة، ومن يبقى سيبقى كما بقيَ منافقون في زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - .


والله أعلم



💬 (لمزيد من التوضيح
اطلب الحوار في موقع المحاور almohawer.com )



🔁 رابط مشاركة المنشور:
https://www.tg-me.com/mohawerahkam/61
https://www.tg-me.com/mohawerahkam/62



#السؤال_10
#النفاق
#الإلزام_الشرعي
#تحكيم_الشريعة
الوقوف بما يكشفه العلم الطبيعي من عظائم الخلق عند حد التوصيف المادي المختزل ورفض الدخول فيما يدل عليه لزوما من عظمة صنعة الخالق ، يصدق عليه تعبير د. ستيفن ماير في كتابه #توقيع_في_الخلية :

" تقييد غير ضروري للتفكير العقلاني "

العبارة توصف حال التجريبيين توصيفا جيدا، رغم أن ماير يشير لما يسمى بالتصميم الذكي ويتقيد هو الآخر في منهجية بحثه بتقييدات غير ضرورية للتفكير العقلاني، ولذلك أتعب نفسه كثيرا في كتابه في التقيد بأساليب بحثية ومنهجية لا تتعين طريقا للوصول للحقائق، ومع ذلك قدم طرحا قويا كشف تخبط الماديين واستحالة اختزالياتهم

الحاصل أن ماير لم يملك نفسه وخرجت منه هذه العبارة التي يبدو منها أنه رغم تقيده الصارم بالأسلوب البحثي الطبيعي، إلا أنه اشمئز من اعتباطية هذا الحدّ من التفكير العقلي والوقوف غير المبرر عن الإقرار بما يدل عليه العقل بجلاء عند النظر في هذا التعقيد والمعلومات المسبقة النوعية والتشفير والتكامل في داخل الخلية

#تأمل : نحن بحاجة لمن يكسر سجن التجريبية والمادية ، ويجسر الفصل المتكلف بين العقل والعلم الطبيعي ، ويوقف المتخصصين من المسلمين على مواضع الخلل المنهجي والتقييد غير الضروري الذي تسرب لعقل التجريبي المسلم، الذي يوقف نفسه ويقيدها تقييدات غير ضرورية عن أن تنطلق بعقل صحيح من المعطيات العلمية للنتائج العقلية الضرورية، ويفتح الباب لينطلق قلبه وقلوب الناس معه من أغلال المادية واختزالاتها، لنكون من جديد أمة يلتئم فيها جانب النقل والعقل والتجريب

#إضاءة_منهجية (٢٥) في التقييد غير للضروري للعقل!
Forwarded from كمال الشريعة
(1/2)

💠 السؤال :
يتردد في الآونة الأخيرة استشكالٌ مفاده:
أنّ الإنسان إذا ولد مسلماً = لم يكن له في ذلك اختيار، فكيف تقام عليه عقوبة الردّة إذا كبر واختار غير الإسلام؟


💠 الجواب :

- لإزالة هذا الاستشكال سنتحدث ضمن ثلاثة محاور :

الأول : نؤصل فيه الحقائق والثوابت التي ينطلق منها تجريم الردة وعقاب فاعلها .

الثاني : نلتمس فيه بعض الحِكَم في التسوية بين المرتد بعد أن اختار الدخول في الإسلام، والمرتد بعد أن وُلد مسلماً.

الثالث : نُسلط فيه الضوء على الأخطاء المنهجية التي يقع فيها مستشكل هذا الحُكم الشرعيّ .


فإلى تفصيل هذه المحاور ..
-------------------

1⃣ أولاً : الحقائق والثوابت التي ينطلق منها تجريم الردة وعقاب فاعلها .


(1) الإسلام وحده الدين الحق, وعقوبة الردة للمعاند المجرم.
إن تجريم الردة والعقاب عليها مبني على شيء أساسي لا يمكن تَفَهُّم الحكم بدونه، وهو أن هذا الدين حق وما سواه باطل، وأنه دين الفطرة، الذي لا يمكن أن ينحرف عنه بحسن نية أحد إلا بسبب التباس، وبالتالي فإن الاستتابة التي تكون عند ثبوت الردة تزيل هذا الالتباس وتردّ الشخص للصواب رحمة به وعناية بمصلحته الدنيوية والأخروية، فإذا زال اللبس وأصر الشخص رغم ذلك, فلا بد أن يكون هذا الشخص معاندا مجرما، خاصة أننا لا ننقب ونفتش عن من يخفي ردته، بل يكون الحدّ لمن جاهر وأصر, أما من ستر على نفسه فهذا لا يبحث عنه.



(2)أن حق الله أعظم حق, والكفر به أعظم جرم.
إن أعظم حق هو حق الله ﷻ, وأعظم جرم هو الكفر به ،وعقوبة الكافر في الآخرة أشد العقوبات، وهذه حقيقة تقف الغفلة عنها في خلفية استشكال تجريم الردّة عموماً, ومن تأمل في كتاب الله ﷻ وجد ذلك واضحا.. ثم مع ذلك, فإن الله ﷻ أمهل الكافر في الدنيا ولم يوجب قتله على كل حال، إلا في صور يتزايد فيها الجرم، ومنها صورة الردة, فالردة كفر مغلظ، لسان حال صاحبه أنه جرب الإسلام فوجده باطلا، وهذا أشد من الكفر المجرد, وفيه مفاسد متعدّية متعدّدة شديدة الخطورة, فهو يشكّل فتنة لبعض الناس, وخلخلة لنظام المجتمع المبني على الإسلام, وخروجا عن النظام الإسلامي بالإعلان عن بطلان أساسه، والإسلام كل لا يتجزأ، شعائر وأحكام ونظام عام يشمل كل جوانب الحياة.

-------------------

2⃣ ثانياً : الحِكَم الملتمسة في التسوية بين المرتد بعد أن اختار الدخول في الإسلام، والمرتد بعد أن وُلد مسلماً.


🔹 الحكمة الأولى هي أن الثوابت التي يقوم عليها تجريم الردة مشتركة بين الإثنين .
– إذا عرفنا هذه الحقائق السابقة, ومنها أنّ الجرم متزايد في المرتد عن الكافر الأصلي, فإنّنا نجد أنّ هذه المعانى مشتركة بين من ارتد بعد بعد أن اختار الدخول في الإسلام، والمرتد بعد أن وُلد مسلماً, وذلك ظاهرياً ومعنوياً, فظاهرياً لأنّ بقائه مسلماً بعد بلوغه ولو لفترة يسيرة هو اختيار, ومعنوياً لأنّ كلاهما عرف الحق ثم ارتدّ عنه, فالذي كان كافراً أصلياً هداه الله سبحانه وتعالى للإسلام بعد أن كان في الظلمات وعرف الحق ثم ارتد، والذي ولد مسلماً عرف الحق بالفطرة ونشأ عليه, ثم كان جزاء النعمة أنه كفر بالإسلام وارتد! فكلاهما يتوفر فيه نفس المعنى وكلاهما متساوي من هذا الوجه، بل قد يكون المولود على الإسلام أولى بمعرفة ذلك لكونه لم يتعرّض لتحريف الفطرة, ولديه أسباب الثبات والفهم الصحيح للدين أكثر من غيره, ففطرته تقوم مقام الاختيار وزيادة ، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه) أخرجه الشيخان، وكلاهما متساوي أيضا من وجوه المفاسد المتعديّة المتعدّدة الأخرى.



🔹الحِكمة الثانية هى أن علّة الحُكم الشرعيّ لابد أن تكون منضبطة .
– ينبغي أن يؤخذ بالاعتبار عند النظر في الحِكم من الأحكام الشرعية وتحقّقها في صور الحُكم, أنّ الأحكام الشرعية تراعي تحقيق المصالح والمفاسد على وجه الأغلبية، أي أنّه قد توجد صورة معينة لا يتّضح للمتأمّل أنّه تنطبق عليها أحد الحِكم الملتمسة بشكل تام, ومع ذلك ينطبق عليها الحكم الشرعي؛ لأن الشريعة قد تحيط محلّ الحكم بدائرة أوسع، وذلك من باب الحرص على جلب المصلحة ودفع المفسدة، وكذلك من باب انضباط الحكم، فمثلاً: قد لا تنضبط قضية (هل هذا أخذ فترة كافية للتفكير والإختيار وغيره لم يأخذ).. فهل تنضبط بمجرد البلوغ؟ أم التمييز وفهم الأشياء؟ فبعض الناس يكبر على الإسلام سنوات متعددة ويصل للثلاثين أو أكثر وليس عنده التصورات الأساسية الصحيحة عن الإسلام! وعندئذ ستجد أن القضية لن تنضبط ويختل نظام الحُكم الشرعيّ, لذا علقت الشريعة الحُكم على الردة عموما واحتاطت له بالاستتابة, ولم تفصّل فيه تفصيلا يصعب فيه الرجوع إلى معنى منضبط .



يتبع ⬇️


#الردة
#عقوبة_المرتد
Forwarded from كمال الشريعة
(2/2)

⭐️ وهنا يجدر التأكيد على أنّ الحِكم التي تُلتمس لِحُكم من الأحكام قد تكون اجتهادية مبنية على التفكر والنظر البشري المحدود, وقد يوجد غيرها مما نعلمه أو لا نعلمه, كما قال تعالى:{ولا يحيطون بشيء من علمه إلاّ بما شاء}, فقد لا يكون الحكم الشرعي محصوراً فيها أصلا, فلا يتوقف الحكم على تصوّر وجود كل منها بوضوح في محل الحكم الذي دلّ عليه النص, والمسلم بإسلامه صدّق بأنّ الله تعالى مستحق للانقياد والتسليم, وأيقن أنّه عليم حكيم, فإن فاته تصوّر الحكمة بموضع, فإنّ ذلك ثابت له بالبرهان العام, مشاهد له بالعيان في كثير من الأحكام الأخرى, فالعقل يقضي بأن يبني على دليله, ويقيس ما غاب عنه من قليل على ما ثبت لديه من كثير.

----------------

3⃣ ثالثاً : الأخطاء المنهجية التي يقع فيها مستشكل هذا الحُكم الشرعيّ .

(1) الغفلة عن كون الإسلام حقاً واضحاً مُبرهناً عليه.
- في نظري إنّ استشكال عقوبة الردّة بالنسبة لمن وُلد على الإسلام يبرز بسبب نظرة قد لا يشعر بها كثير من المستشكلين, وهي أنّ المستشكل ينظر للإسلام كقناعة شخصية نسبية مثلها مثل غيرها من الاعتقادات غير المبرهنة, فيضع الإسلام وغيره على قدم المساواة, ثم ينظر بعين الاستشكال إلى مثل هذا الحكم الذي بني على رؤية مختلفة تماماً, وهي أنّ الإسلام حقّ واضح لا لبس فيه لمن عرفه وتفكّر في أدلّته, سواء ولد عليه أو دخل فيه وهو كبير ، بل قد يكون المولود عليه أولى كما وضحنا سابقا.

💡 ويُمكن مراجعة هذه الإضاءة المنهجية التي توضح أهمية وآثار هذه القضية الفارقة .
https://www.tg-me.com/amohawer/154
https://www.tg-me.com/amohawer/155



(2) الاحتكام إلى معايير خاطئة .
- إن هذا الاستشكالات لم تظهر غالبا إلا بعد انتشار المزاج الليبرالي الذي يجعل الإنسان هو مركز الوجود بدلا عن الخالق تعالى، وبالتالي هو يغلو فيه من جهة حريته واستنكار الإلزام الديني عليه، والمسلم يرفض أساس هذا التفكير المنحرف إذ لا معنى للوجود أصلا إلا بالله، ومن حق الله الذي يدرك بأدنى تفكير أن يعبد ويطاع ويسلم لحكمه وتتخذ المواقف القلبية والعملية بناء على طاعته سبحانه، فلا يصحّ أن نستحيي من الأحكام التي تصادم المزاج الليبرالي لأنّنا نعرف بطلانه في ميزان الحق ومعنى الوجود وغايته، بل هو المستنكر الذي أُسّس على فهم خاطئ للحياة ولطبيعة الوجود وعلاقته بالرب سبحانه، فهي علاقة خضوع وتعبد لا مجرد اعتراف وتصديق.

💡ويُمكن مراجعة هذه الإضاءة المنهجية التي تسلط الضوء على هذا الخلل المنهجي في وضع معايير غير مطلقة للحكم بالصواب والخطأ، كتأليه الإنسان وجعله مركز الوجود بدلا من سبب الوجود وهو الله الرب المعبود وحده سبحانه .
https://www.tg-me.com/ttangawi/56



(3) الوقوع في التناقض .
ومن العجيب هنا أنّ بعض المستشكلين يستسيغ إلزام المولود في دولة بقوانينها رغم أنّه لم يختر الانتماء لها, مع أنّ الدولة لا تستحق الربوبية ولا الألوهية ولا عبودية الطاعة المطلقة, وليست هي أو ما صدر عنها حقا مطلقا لمجرد كونها دولة, ثم يستشكل نفس هذا الشخص أن يلزم المولود على الفطرة بدين الحق, الذي رضيه لنا الرب الإله الذي تنبني على ربوبيته وألوهيته رؤية الوجود بأسره, ويستحق الطاعة المطلقة والتسليم والانقياد لذاته سبحانه!

-----------------------------

🔹وأخيراً إنّ مثل هذا الاستشكال وما يشبهه يحتاج للتفكر في أمرٍ, وهو أن الإسلام دينٌ مبرهنٌ برهنة قطعية، والقطعي لا يناقضه شيء, فإن من مبادئ العقل البدهية امتناع التناقض بين الحقائق، فكيف والمُعارِضات التي تذكر كلها توهمات استذواقية ليس لها أية تأسيس عقلي يمكن أن يُعارض به.. فلو سألت أي مستشكل ما المانع عقلا من أن يعاقب من يكفر بالله بعد إسلامه ؟ لما حار جوابا عقليا، ولما وجد إلا التبرير العاطفي، أو الرجوع لفكرة تأليه الإنسان واستبعاد الرب سبحانه من الحكم والهيمنة، ونفي تأسيس الحياة على أساس العبودية.


🔻 وهذا جوابٌ سابق فيه رد على من يستنكر عقوبة المرتد بشكل عام ، يَحسُن مراجعته:
https://www.tg-me.com/amohawer/88
والله الهادي

✍🏻 كتبه د/ طارق بن طلال عنقاوي



🔁 رابط مشاركة المنشور :
https://www.tg-me.com/mohawerahkam/63
https://www.tg-me.com/mohawerahkam/64



#السؤال_11
#الردة
#عقوبة_المرتد
#مقالات
‏﷽

قالوا: لماذا طاعة الزوج !؟

الزواج عقد عظمه الله ﷻ وسماه ميثاقا غليظا، وفصل أحكامه في كتابه، وأرشد عباده لكثير مما يحصّل ويكمّل مصالحه ويدفع النقائص والمفاسد عنه

وهذا العقد تترتب عليه آثار أسرية واجتماعية كبيرة، وهو يعتبر مفتاحا لنجاح المجتمع والأمة لدوره في التربية والاستقرار النفسي، والتوجيه والإصلاح من القواعد والأسس

وفي ظل هذه السياقات يجب ألا ننظر لهذا العقد بنظرة مجزئة أو فردية ينظر فيها لمصلحة طرف واحد فقط، فطبيعة هذا العقد أن فيه أطرافا متعددة، ولكل طرف حقوق وعليه واجبات، وبين هذه الأطراف تكامل وتوزيع للأدوار، وهناك مصالح شخصية ومصالح متعدية للأبناء والمجتمع

وبناء على ما سبق نجد أن من نظام هذا الزواج أن جعل الله على الزوج مسؤولية القوامة، فهو القائد في البيت، ولا يستقر البيت بدون أن تكون له طاعة فيما يتصل بأمور الزواج، ولو جعل هو والزوجة على السواء في كل شيء لما استقام حال الأسرة

وكذلك نحتاج لفهم أحكام هذا العقد أن نرجع لطبيعته, أي لكونه عقدا بين طرفين, يترتب على هذا العقد مسؤوليات وحقوق, فالزوج يدفع المهر ويتولى النفقة وينظر في مصلحة الأسرة ويقودها لما فيه خير الدنيا والآخرة لها, والزوجة تمكّن هذا الزوج من الاستمتاع وما يتبعه من تزين ونحوه, وتوفر له السكن النفسي بالتواجد في بيته، وترعى أبنائه وتحفظ غيبته وماله

بناء على هذه الرؤية الشمولية نفهم لماذا أمرت الزوجة بطاعة زوجها في أمور النكاح, وأن الأمر يرجع لحقّ أوجبته على نفسها بدخولها في عقد النكاح, كما أنه هو أوجب على نفسه حقوقا بنفس الطريقة, وبعد هذا العقد أصبح كل منهما مقيدا في بعض تصرفاته بحيث لا يخل بحق الآخر

فالقضية ليست قضية رجل وامرأة يعيشان مع بعضهما كالأصدقاء وكل طرف حر في ما يفعل, بل على كل منهما حقوق ومسؤوليات! وهذا أمر مستحسن عقلا في أي عقد, فكيف بهذا العقد العظيم في آثاره وأدواره

#سؤال_وجواب
#الزواج
#طاعة_الزوج
#المرأة
#الأسرة
#إضاءة_منهجية (٢٦)

مه يا متخصص!

بعضهم يتخصص في الفلسفة لأغراض علمية مع خلفية عقدية قوية تحصنه ، ثم ينسى أن غيره في العموم لا يقرأ قراءته النقدية ولا يملك مقدماته التحصينية، فيفتتن بسواليفه عن جولاته الفكرية في ذلك المجال الملئ بالضلالات، لا سيما وهو يمجد في هذا الفيلسوف الضال لأجل نقده للحداثة، وينثر الثناء على ذاك لأنه تناول الحياة الغربية بالنقد في دراسة، حتى يبلغ الأمر ببعضهم أن يضفي عبارات التعظيم ويقدم هؤلاء الذين لا يعقلون كرموز للفكر في أوعية النشر التي يقرأها غير المتخصصين، فيا لغربة الحكمة بين هؤلاء المفتونين بتقريرات الآخر!

نسى هؤلاء أن أولئك إنما يمدحون من جهة موافقتهم للحق ، فالحق الذي ينبوعه الوحي هو أصل كل مقولة صحيحة، فما بال المزاج لا يستسيغ إلا رطانة الفيلسوف، وما بال الوسيلة التي قد يسوغ طرقها أحيانا توضع في قالب الغاية! فلسنا ننكر هنا أن الحق يقبل أيا كان قائله، لكن ننكر التركيز على نقله من فم أولئك القوم مرارا وتكرارا، مع التفخيم والألقاب وأساليب صناعة الرموز!!

مه يا أفاضل، ما هكذا تورد الأبل..

ومه يا متخصص.. إنما أنت في حالة ترخّص، وأصل دخولك فيه هو للتوسل بذلك لنقد فساد مقولاته وكشف تلبيساته عند الحاجة، فلا تجعل تناولك للوسيلة بطريقة تقلبها لغاية، ولا تصوّر حالتك الاستثنائية كحالة أصلية، ولا تقلب وضعك النخبوي لوضع نموذجي يعجب به العام والخاص، ولا تُصوّر أو تحول تلك العلوم التي يغلب ضررها على العامي ويقل نفعها إلى مادة لذيذة تتباهى بها في وسائل التواصل وتسوقها مساق النافع الذي حقه النشر والرواج

وحتى إذا نظرنا للأمر من زاوية العمق في المعاني والتفكير، وحتى إذا قلنا أن هؤلاء إنما يكتبون للنخب المتعمقين، فإن سلوك البعض يشعر بأن هذا العمق موطنه هذه الفلسفات، فمن لم يردها فقد تغرَّب عن ذلك وأبعد، وما أبعد هذا عن الحقيقة، فموطن المعاني العميقة إنما هو الوحي، وحقائق الوجود هي موضوعه الأكبر، وهو الموصوف بالحكيم ومنه تتفجر الحكمة وينهمر غيثها على المتدبرين، فمال هؤلاء إذا وردوه عجلوا عنه متخففين، وإذا جاؤوا غيره عكفوا عليه متبتلين، فنعوذ بالله أن نكون من المخذولين، أو إن يضل سعينا في الحياة الدنيا ونحسب أننا من المهتدين

إضاءة سابقة ذات صلة:

https://www.tg-me.com/ttangawi/331
Forwarded from رسائل..
#إضاءة_منهجية (٢٧)

تضخم إصلاح الواقع!

لا شك أنا نعيش واقعا مؤلما نحن المسلمين، ولا شك أن كل مخلص يضع إصلاحه في رأس أمنياته، وكل قادر صادق يضع ذلك في أعلى أولوياته

ولا شك أن من سنن الله أن تكون العاقبة للمتقين، وأن من فروضه أن نسعى ضمن الوسع لتحقيق العدل والدعوة للخير..

ولكن..

ليس الوصول لصلاح الواقع العام للخلق في مدة حياة الشخص المعين رؤية وجودية، أو بعبارة أخرى ليست هي غاية الخلق التي لا بد من تحقيقها في حياة كل إنسان بعينه! بل لم تخلق الدنيا أصلا ألا دار ابتلاء، ولهذا تدور أحوالها صعودا ونزولا في الصلاح وضده، لتدور عجلة الابتلاء، ثم تنفصل هذه الاختلاطات وتتميز الأحوال في دار أخرى أعدت للجزاء

ولتصحيح الرؤية المنهجية في هذا الموضع علاقة وثيقة بعالم الأفكار، فالضغط النفسي الذي يشعر به الإنسان تجاه الواقع، يؤدي لانكفاء عميق وتفكير مضن في المستوى النظري، ويقود كثيرا من الناس لمحاولة إيجاد الخلل في المعارف وأدواتها، لأنه يشعر أن ثمة مخرج لا بد أن يوجد في هذا المستوى يخرجنا بالتصحيح المعرفي من مأزق الواقع العملي

وهذا الانكفاء قد يفيد فعلا، وقد يكشف مواضع هامة من الخلل وفرص التصحيح، ولكن هو أيضا من مزالق الانحراف من جهتين:

الجهة الأولى: أنه قد يحرف النظر عن كمون الخلل في الواقع الخارجي، ويوجهه وجهة خاطئة لحتمية وهمية، يظن الناظر معها أنه لا بد من كمون الخلل في الأسس المعرفية، في حين يكمن الخلل في مؤثرات واقعية تحتاج للفعل والتأثير والأخذ بالسنن العملية الكونية، ولا يجدي معها التنظير المجرد مهما بلغ حجم التغيير المعرفي فيه، وهنا تقع انحرافات كبيرة في الفكر، وقد يكون ذلك نوعا من الهروب من صعوبة وتعقيد الواقع وتبعات التغيير الحقيقي الضخمة في المستوى العملي

الجهة الثانية: أنه كما أن الخلل النظري -الذي قد يوجد فعلا- ليس حتميا أن يكون هو مفتاح التغيير، فكذلك ليس من الحتمي أن يقع التغيير أصلا في المدى المنظور، ففي حقبتك الزمنية أيها الإنسان المعين قد يكون أفق رؤية التغيير المنشود منسدا بالفعل، ويتطلب من الوعي الواقعي والعمل ما يفوق قدرات جيل واحد

وإذا لم يدرك الإنسان انتفاء الحتمية في الجهتين (حتمية الخطأ في الأسس النظرية وحتمية التغيير في المدى المنظور) ، فإنه سيخرج بمعيار زائف يمثل خللا منهجيا خطيرا، وهو معيار الفشل في التغيير

هذا الحرص على وقوع التغيير والإصلاح الواقعي إذا تضخم ووصل في ثنايا النفس إلى مرتبة الرؤية الوجودية، وكأننا خلقنا لأجله وبدونه ضيعنا غاية وجودنا، يتحول لمعيار يحاكم الإنسان له المعارف، فيعود بالتشكيك لتاريخ الأمة العلمي بل وربما لمصادرها المعرفية ومنهجياتها، أملا في أن يكون ذلك مفتاحا للحل المنشود الذي يرى إمكان تحققه في حياته حتميا أو كالحتمي

ولذلك يهاجم بعضهم السلف الصالح من منظور مجريات أحداث زمانهم السياسية، إلى درجة أن بعض المهووسين قرر أن القرن الأول هو أسوأ القرون الثلاثة!! ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، نعوذ بالله من عمى البصيرة

والبعض الآخر يستعد لقبول مناهج فكرية معاصرة سواء اتجهت للغلو أو للتمييع، فقط لأنها أكثر زخما وسرعة في جانب التغيير، وربما تغاضى أو هون من الانحرافات المعرفية مهما كانت ضخامتها لأجل ذلك، وربما خلط بعضهم هنا بين أن التعامل مع بعض الواقع قد يدخل فيه مساحة من مراعاة المآلات والترجيح بين المصالح المتعارضة، وبين قبول ما يتضمنه ذلك الواقع من معارف ومناهج معرفية، ولا تلازم حقيقة بين الأمرين

الحاصل أن التغيير وإصلاح الواقع هم وطموح بل وواجب كل مسلم بقدر استطاعته، ولكن غاية خلقنا هي عبادة الله وحده بمعناها الشامل، الذي يشتمل ضمن مشمولاته على السعي في الصلاح والإصلاح، لكن ليس بتوهم هذه الحتميات التي تشكّل هذا المعيار الزائف وتقود للانحراف استعجالا للخلاص

https://www.tg-me.com/ttangawi/480
Forwarded from كمال الشريعة
(1/2)
💠 السؤال:

لماذا تمنع الشريعة الإسلامية حرية الدعوة إلى العقائد والأفكار الأخرى بينما نجد المجتمعات الغربية لا تمنع حرية الدعوة إلى الإسلام، وإذا منعوا ذلك فللدولة الإسلامية الحق في أن تقاتلهم؟
----------------

💠 الجواب:

▪️المستهدف من الجواب لا يخلو من حالين، ومن الأفضل أن نفرق بينهما:

🔹 فإذا كان السائل مسلمًا موقنًا أن هذا الدين حق، وعنده تسليم بأحكام الله، ويعلم أن الله عدل وأحكامه كلها حكمة، فهذا نقول له:

(1) الإسلام ليس كغيره من الأديان والأفكار، الإسلام حق وما سواه باطل، ، ولا مساواة بين الحق والباطل، فمنعنا للسماح لهم بالدعوة إلى أديانهم لأنها باطلة وتدعو إلى أعظم ذنب وأكبر ظلم وهو الشرك بالله أو إنكار وجوده، وحق الله تعالى هو المقدّم، قال تعالى:{ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، وقال عليه الصلاة والسلام: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ".

وهو سبحانه المهيمن، أمرنا أن نحكم بما أنزل، وأخبر أن كلمته هي العليا، فلا يصح في دولة تعلي كلمة الله وتدين بحكمه أن تأذن للدعوة إلى الشرك أو الإلحاد أو تسمح لأصحابها بممارسة شعائر الكفر علنًا، بل يمنع ذلك لحق الله تعالى.

وبيان ذلك: أن الله تعالى هو الذي خلق الخلق ورزقهم وأسبغ عليهم نعمه، ولأجل ذلك فإنه يجب على الإنسان أن يحقق العبودية لله تعالى، وأن يشكره على نعمه التي لا تحصى، {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، وعليه أن يستحضر أنه لا قيام له ولا صلاح لحاله ولا استقرار لنفسه إلا بالله سبحانه، وأنه مهما عبد الله تعالى فإنه لن يستوفي نعم الله عليه.

ثم إن الله تعالى قد هيأ الأسباب لهذا الإنسان ليقوم بالعبودية له ﷻ، فغرس فيه فطرة ترشده إلى معرفة الله وتوحيده، ثم أرسل له رسلا بالهدى والبينات والبراهين؛ فكان الحق واضحا لما طلبه، جليا لمن نظر إليه بلا غشاوة.

فكيف لنا أن نسمح بنشر عقائد يتنكر فيها المخلوق لخالقه ويتمرد عليه ويكفر به؟
إن عدم السماح بنشر العقائد المخالفة للإسلام هو إعلاء لشأن الحق؛ فقيمة الحق ينبغي أن تكون في مكانها الصحيح في قلب المسلم.

وهذا عين العدل، والسماح بنشر المعتقدات الباطلة عين الظلم للناس، بل وللكفار أنفسهم باعتبار حالهم يوم القيامة وأنهم توسعوا في اتباع الباطل ودعوة الغير إليه فتثقل عليهم أوزارهم يوم القيامة.

وفهم هذا الأمر يصحح نظرة البعض التي تزهد وتستخف باتباع الدين الحق، وترتب على ذلك أنه لا فرق بين دين الإسلام وبين غيره من الأديان الباطلة.



(2) دين الإسلام له مقاصد كبرى جاء لتحقيقها، وشرع كثيرًا من التشريعات لتحفظ هذه المقاصد، لتسلم للناس آخرتهم ويسعدوا في دنياهم، فدين الإسلام هو روح المجتمع الإسلامي وقوامه.
ومن أهم هذه المقاصد: مقصد حفظ الدين، ويدخل فيه المحافظة على تدين الناس بالدين الحق من أن تمسه أي شبهة، أو أن يتعرض الناس لما يزحزح إيمانهم، أو يقلل يقينهم.

والسماح بنشر العقائد الباطلة فيها مفسدة التأثير على تدين المجتمع؛ لأن ذلك يؤثر على الناس بتأثيرات متفاوتة؛ فالمجتمع الإسلامي ليس على درجة واحدة من العلم والإيمان، بل فيه من قد يتأثر ويتخلخل إيمانه إذا سمع تلك الشبهات، والمسلمون في النهاية بشر، يتأثرون بما يتأثر به البشر.

ونشر العقائد والأفكار الباطلة ليس داخلا في حرية التعبير التي يقررها الإسلام.

وبيان هذا أن رد الشبهات وبيان زيفها لا يكفي فيه المعرفة الإجمالية بالشريعة والتي هي موجودة عند كثير من المسلمين؛ فأهل الشبهات لهم طرق عدة في إثارة شبهاتهم؛ فقد يحرفون نصوصا شرعية، وقد يستخدمون مغالطات عقلية، وقد يحاولون التأثير على عواطف الناس وإرهابهم فكريا.

ولا يمكن أن يكون المجتمع المسلم كله متفرغا للدراسة والتعمق في الشريعة وطرق رد الشبهات، كما أن أفهام الناس تتفاوت قوة وضعفا، ونفوسهم ليست واحدة أمام الشبهات.

إذا علمت هذا فإنك سوف تتصور عظم الفتنة التي سوف تحل بالمسلمين إذا فتح هذا الباب، فكان من رحمة الله تعالى بعباده أن منع أهل الباطل من نشر باطلهم، ليسد طريق الشبه على الناس، فيلتفتوا إلى ما ينفعهم في آخرتهم فيعمروها بالعمل الصالح، وفي دنياهم فيعمروها ويتقدموا فيها.
----------------


يتبع ⬇️
Forwarded from كمال الشريعة
(2/2)

🔹 وأما إن كان السائل لديه خلل في التصديق أو التسليم، أو كان غير مسلم أصلًا، فإن الجواب السابق يصلح له مع الأجوبة الآتية:

(1) كوننا على حق وما سوى ديننا باطل هو قضية مبرهنة لها أدلة، ومن يخالفنا فيها فنحتج عليه بأدلة صحة ديننا وبطلان غيره.

(2)
كما أن لكل مجتمع قيمًا عليا يتحاكم لها ولا يقبل المساس بها، وهذا القدر أنتم تسلّمون به، فتلك المجتمعات الغربية قيمها علمانية، ومنها الحرية وعدم التفريق بين الأديان، ونحن قيمتنا العليا هي الدين وأنه حق ولا يستوي مع غيره، فأنتم إذا احتكمتم لقيمكم يلزمكم أن تسمحوا لنا بالدعوة إلى ديننا وإظهار شعائرنا لكي لا تتناقضوا مع قيمكم التي اخترتموها أنتم، أما نحن فقيمنا تلزمنا بأن لا نسوي الأديان ببعضها، وقد أمرنا بأن نوفي بالعهود ونعدل ولا نظلم، لكن العدل هو التفريق بين ما يستحق التفريق، ولذلك نحن نحفظ العهود ونصون الدماء وفقًا لها، ولكن لا نسمح بظهور الشرك وشعائره والدعوة إليه وتسويته مع الحق.

فإن قلتم نحن قيمنا تتعارض مع قيمكم ويجب أن تكونوا مثلنا تسوون بين الأديان وتجعلون الحرية الدينية مطلقة، فنقول ولماذا لا تتبعون أنتم قيمنا؟ لماذا قيمكم هي التي تتبع وليس قيمنا في حين أن قيمنا مبنية على المصدر الإلهي الرباني، وقيمكم ليس لها أي برهان بل هي مجرد اتفاق علماني اعتباطي لا يستند لحجة عقلية قطعية صحيحة ولا شرعية، فلا يوجد في العقل ما يوجب التسوية بين حق وباطل، بل العكس هو الصحيح.

-----------———----

◾️ أما بالنسبة للقتال، فإن الغرض منه إعلاء كلمة الله، ونفي فتنة الصد عن سبيله، وبسط عدل الإسلام ونشر نوره ورحمته، وأن يخضع الطرف المحارِب ويلقي السلم ويدخل تحت حكم الإسلام وإن لم يدخل في دين الإسلام، فهو مرتبط بمقاصد سامية وليس مجرد قهر وتسلط دنيوي.

وقد أكدت النصوص هذا الأمر وأن جهاد الطلب لا يقصد منه الإبادة أو الإكراه على الدخول في الدين، فهو يبدأ بالدعوة لخيار الإسلام وبه يحصل حقن الدماء والأموال فلا يتعرضون للقهر، ويعطي خيار الجزية وبه تحفظ كذلك الأموال ويتاح التعايش وفق صيغة تعلي الحق على الباطل، مع إتاحة الانتقال فورًا لجانب الحق بالإسلام.

ثم إذا حصل من الكفار مناقضة ما تقتضيه الغاية التي خلق لأجلها الخلق واعتدوا بالسلاح على من يريد إعلاء الحق، فحينها يباح قهرهم بالحق للحق، أي بأحكام الحق وقيوده التي تمنع الظلم، ولغاية علو الحق ودحر فتنة الصد عن سبيل الله، ليعم النور وتنتشر الرحمة وينال أهل الأرض حقهم في أن يعيشوا تحت ظل ذلك الخير.




💬 (لمزيد من التوضيح
اطلب الحوار في موقع المحاور almohawer.com )



🔁 رابط مشاركة المنشور :
https://www.tg-me.com/mohawerahkam/71
https://www.tg-me.com/mohawerahkam/72



#السؤال_12
#المساواة
#الدعوة
#الجهاد
Forwarded from كمال الشريعة
(1/2)

🔹 السؤال:
كيف نرد على امرأة تقول" إن الإسلام ظلم المرأة ولم يكتف بحبسها في البيت ولكنه أيضًا قيّدها بالحجاب بزعم أنها فتنة رغم أن الرجل قد يكون أجمل منها ولا أحد يأمره أن يتحجب، فما هذا الظلم؟ "


-------------------
🔹الجواب:
سنسلك طريقين في جواب هذا السؤال - بإذن الله - لتزول الشبهة .


💠الطريق الأول: الطريق الإجمالي، وهو طريقٌ قاطعٌ وواضح.
وذلك بأن نقول لها :

- إن الله - سبحانه وتعالى - مُنزهٌ عن الظلم، و دين الإسلام هو دين الله عزوجل، دلّ على ذلك البراهين الواضحة والحُجج القاطعة .
🔻ونقترح لها هذه المقاطع والمؤلفات التي تُعزز اليقين في براهين صحة الإسلام .
https://www.tg-me.com/amohawer/161

- فإذا قامت الحُجّة على صحة دين الله عزوجل - وهي قائمة - ، لايصح بعد ذلك أن نقول إن الإسلام ظلم المرأة؛ وإنّما يكون هناك إشكال في فهمنا نحن للإسلام، أو هناك خلل عندنا في مقدمات التفكير أو في بعض الخلفيات الموجودة مسبقًا وبعض الأفكار التي وضعناها كمعايير وبنينا عليها حُكمنا بالظلم وهي أصلًا ليست صحيحة .

---------------------------------


💠 الطريق الثاني، أن نردّ على شبهاتها تفصيلًا، فنقول:

1️⃣ أولًا :
إن أحكام المرأة في الإسلام الخاصة بالحجاب وبعلاقتها بالرجل عمومًا مبنيّة على أن العلاقة بين الرجل والمرأة مطلوب فيها من الأساس أن تكون مبنيّة على العفاف والطهر.

✔️ فإذا كانت أصلًا لا ترى أن هناك مشكلة في الزنا وأن الفاحشة شيء عادي وحرية اختيار، فهنا :
- نحتاج أن نُرجعها للأصل بأن الله ذمّ هذا وسماه فاحشة إذا كانت مُقرّة بالأصل وهو صحة الإسلام.
- ثمّ نثبت لها أيضًا بالعقل وبالأدلة التي نستقيها من الوحي، أن الزنا فاحشة وأنّه ظلم وأنّ له آثارٌ سيئة في اختلاط الأنساب وضياع وتفكك الأسر وما إلى ذلك.


✔️ وإذا كانت تُقر بذلك وبأن الأصل في العلاقة بين الرجل والمرأة أن يكون هناك تحفظ وحياء وعفاف وأن الزنا فاحشة ، فننتقل لباقي الإجابات فنقول :

-----------------------


2️⃣ ثانيًا :
- إن الحجاب من الأحكام الشرعيّة التي شرعها الإسلام كوسائل تضبط العلاقة بين المرأة والرجل، وتجعلها في إطار التحفظ والتعفف، بعيدة عن الانحطاط، محفوظة في إطار الزوجيّة الذي تتحقق به مصالح أسريّة واجتماعيّة عظيمة وجليلة القدر وضروريّة لصلاح المجتمعات .
- وهذا من عظمة الإسلام وسماحة الشريعة، أن تأمر الناس بالشيء وتأمرهم كذلك بما يساعدهم على الامتثال والاستجابة للأمر، لذا نجد أن الإسلام حرم الزنا ومع التحريم سد الذرائع وضيق في الخطوات والمقدمات التي تؤدي له وتصعب على الناس اجتنابه.
✔️ فإذا أقرّت بكل ما سبق، يبقى لها أن تسأل عن حِكمة الحجاب على وجه الخصوص، فإذا قالت لماذا شُرعت هذه الوسيلة وليس تلك؟لماذا الحجاب؟ لماذا لا يكون الرجل أيضًا متحجبًا؟ فحينئذ ننتقل لمستوى أكثر تفصيلًا من النقاش ونقول فيه :

-----------------------


3️⃣ ثالثًا : الحِكمة في تشريع الحجاب .

أ▪️ إن الله - سبحانه وتعالى - أعلم بما يُصلح عباده كما قال تعالى { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} وهو أعلم بأن هذه الوسيلة بعينها هي الأصلح وأن الأمر لا ينضبط إلا بهذا، فالله سبحانه وتعالى هو أعلم بمقادير الأحكام التي تُصلح عباده، فلو كان في علمه أن المرأة تحتاج إلى أن يحتجب الرجل لكن هذا.


ب▪️إن أحكام الإسلام مبنيّة على الغالب وهذا هو الذي تستقر به الأحوال وتقوم عليه المصالح، بأن يُبنى على الغالب، أمّا النادر فلا حكم له.

- والغالب هو أن الرجل يُفتن بالمرأة ويُخرجه ذلك عن الالتزام بالعفّة والحياء والعلاقة السليمة، وأمّا المرأة فهي أقل استثارة عندما ترى الرجل الجميل، والغالب في علاقة الرجل بالمرأة أنها تبدأ من هذه الجهة – من جهة افتتان الرجل بالمرأة – فإذا وُجدت حالات شاذة تصل بها غريزة المرأة إلى درجة أنها تُفتن بمجرد النظر للرجل؛ فهذه حالة شاذة لا عبرة بها وتُطالب هي أن تكفّ نفسها، أما الحال الغالب فهو أن الرجل يُفتن بشكل المرأة ومن ثمّ على المرأة أن تحتجب عن الرجل وعليه أن يجتهد في غضّ بصره.

- والقول بأن هذا هو الغالب أمر مُشاهد, فالرجال يُفتنون بالصور أكثر من افتتان النساء بالصور؛ فالمرأة تُستمال بأشياء كثيرة ليست مجرد صور، فتحتاج إلى مسألة العاطفة وغيرها، فهناك جاذبية في الرجل غير مسألة صورته وهيئته وشكله فقط ، وسد الشرع ذرائع افتتانها به من هذه الجهة بتحريم الاختلاط والخلوة والكلام بغير حاجة، وإن كان الشكل له دور -ولذلك أمرت المرأة بغض البصر- لكن دوره أقل بكثير من دوره في افتتان الرجل بها.


يتبع ⬇️


#السؤال_13
#المرأة #النسوية
#الحجاب
Forwarded from كمال الشريعة
(2/2)
ج▪️ثمّ إن احتجاب المرأة متلائمٌ أيضًا مع منظومة الأحكام الأخرى التي شُرعت لها, والتي هي موافقة لفطرتها، فهي مسؤولة ومسترعاة في بيتها, وقد أُمرت بلزوم هذا البيت بناءً على أن هذا الشيء هو المتوافق مع فطرتها؛ أن ترعى أولادها وتحن عليهم وتعطف عليهم، فالمرأة أصلًا في غالب أحوالها تكون في بيتها والرجل هو الذي يبرز ويخرج ويخالط، فمقدار المشقّة الذي يترتب على احتجاب الرجل أكبر بكثير من مقدار المشقّة المترتبة على احتجاب المرأة، والشرع يأتي بتحصيل المصالح وتكميلها, وأيضا دفع المشاقّ ودفع الحرج، فقد يكون الأمر منظورًا فيه إلى هذا إضافة لما سبق، وقد يكون من الأسباب والأشياء التي قُصدت أو روعيت في الحُكم.

- وهذا لا يعني أن الرجل تُرك دون قيود في مسألة اللباس والشكل، وإنما فُرض عليه أيضا ضوابط كحدود العورة ووجوب اللحية وعدم لبس الحرير وعدم التشبه بالكافرين والنساء وغيرذلك.

⭐️ فهذه بعض الحِكم التي نلتمسها في تشريع الحجاب، مع التأكيد على أن باب الحِكمة هو باب اجتهادي، وشيء في علم الله عزوجل, وما أُوتينا من العلم إلا قليلًا، وعلمنا محدود وعلم الله - سبحانه وتعالى - لا يُحدّ ولن نحيط به كما قال المولى عزوجل {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء}، فلا يصح أن نُحاكم علمه وحِكمته إلى حِكمتنا وعلمنا، وإذا خفيت علينا الحِكمة في شيء فقد ظهرت لنا في أشياء كثيرة، وهذا يظهر بأدنى نظر في أحكام الشريعة بأنها متوازنة وشموليّة واقعيّة عميقة حكيمة، فمن نظر إلى تلك الشريعة بهذه النظرة العامّة لم يعد يشكل عليه شيء جزئي؛ لأنه يردّ الجزئي إلى نظيره وهو أكثر وأغلب، فالأحكام التي تُشكل هي أحكام معدودة وفريدة، والأغلب من أحكام الشريعة لا يستشكلها النّاس بل يرون فيها الحِكمة والصلاح لهم, والعاقل يقيس ما خفي على ما ظهر وغلب.
————

💠 وأخيرًا،ننبه على عددٍ من الأمور تُساعد في حل هذا الإشكال جذريا.

1▪️لابد من النظر إلى الصورة كاملة، فهذا الإشكال والإعتقاد بأن الإسلام ظلم المرأة؛ يقع فيه من ينظر إلى جزء صغير من الأحكام الشرعيّة ويغفل عن الصورة كاملة، ذلك أن الأحكام الشرعيّة منها ما يشترك فيه الرجل والمرأة بالتساوي كتحريم الاختلاط والخلوة بين الجنسين،وهناك أحكام شرعيّة خاصة بالمرأة وحدها مثل الحجاب، وهناك أيضًا أحكام شرعيّة خاصة بالرجل وحده مثل تحريم لبس الحرير والذهب ووجوب اللحية، ووجوب الجمعة والجهاد والنفقة وغيرذلك، ولم يقل أحد أن وجود تكاليف شرعيّة خاصة بالرجل دون المرأة فيه ظلم للرجل واضطهاد له.
لذا نؤكد على ضرورة وأهمية أن يُنظر للصورة كاملة في هذه الأمور لنعرف أن الإسلام لم يظلم المرأة بمزيد من الضوابط أبدًا كما تقول السائلة؛ بل هناك أيضًا ما فُرض على الرجل ولم يُفرض عليها.

- وتوازن الشريعة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات والتكاليف، هو من تمام العدل؛ فالإسلام مبني على العدل وليس التساوي، ومن عدل الشريعة أنها لا تساوي بين المتفرقات ولا تفرق بين المتماثلات، لذا وجود تفريق يقتضي وجود معنى مؤثر لزم منه هذا التفريق، ومن المعلوم والمشاهد أن المرأة والرجل بينهما اختلافات كثيرة في الخصائص الجسدية والوظيفية والقدرات والمميزات وغير ذلك، فترتب على هذا اختلافات بينهما في بعض الحقوق والواجبات والتكاليف بما يناسب طبيعة كلا منهما, ولا يعلم أحد ما المناسب على وجه التفصيل والشمولية والتوازن الدقيق إلا الله الذي خلقهما, ومن تيقن من هذا سيجد كل الحُسن في شرع الله العدل الحكيم كما قال تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
—————

2▪️كذلك ننبه على أن السؤال فيه تصوّر خاطئ عن الأحكام الشرعيّة، فليس كل النساء يشعرن بالضيق والتقييد بسبب الحجاب بل هو للفطرة أقرب، وكذلك الإسلام لم يحبس المرأة في البيت، بل النساء يخرجن لطلب العلم، وأوصى النبي الرجال بألا يمنعن النساء من الذهاب للصلاة، وأوصى بأن تخرج المرأة لصلاة العيد لتشهد الخير، وكذلك المرأة تخرج لزيارة الأقارب وصلة الأرحام، وشاركت خير النساء في الغزوات مثل السيدة عائشة والصحابيات، فالأمر ليس بهذه الصورة التي يوحيها السؤال، فالشريعة حثّت على قرار المرأة بالبيت، لكن لم تحبسها وتمنع الخروج بصورة مطلقة, وأجازته لحاجة المرأة ومصلحتها مع مراعاة الآداب والضوابط الشرعيّة.
——————

3▪️وفي ختام حديثنا نوصي كل أخت بأن تدرك أن هروبها من الإسلام لأجل استشكال بعض الأحكام الشرعيّة هروب لتيه ومأزق كبير، تتخبط فيه بين الأفكار والمذاهب المنحرفة التي تحط من قيمتها ولا تُراعي حقوقها ولا تصونها.

🎙ويمكن سماع هذه الصوتية للوعي بخطورة هذا الأمر، والتيقن من أن المرأة لن تجد انضباط الرؤية الكونية الوجودية، ومراعاة حقوقها بالتوازن مع الواجبات إلا في الإسلام.
https://youtu.be/TGz2Pi3ROtU

والله أعلم


🔁 رابط مشاركة المنشور :
https://www.tg-me.com/mohawerahkam/73


#السؤال_13
#المرأة #النسوية
#الحجاب
Forwarded from رسائل..
بعضهم يقول لمن ينكر المنكر: لا تحضر إذا ما عجبك.. ليست مجبرا على الحضور آلخ

حقيقة هذا الكلام ليس غريبا لمن يفهم الخلفية التي تقف خلفه، فمن يعتقد أن الدين هو مجرد صلة شخصية بين العبد وبين ربه، من الطبيعي أن يستنكر المطالبة بتطبيق الدين خارج هذه الدائرة الشخصية، فضلا عن أن يظهر بأحكامه ويعلو ويهيمن باعتبار أن العبودية لله هي غاية الخلق ونظام الحياة بكافة جوانبها، وحق الله على عباده الذي لا يقبل التجزئة والانتقاء

فالمشكلة مع هؤلاء ليست مشكلة شهوات فقط، بل هي مشكلة تصورات حول قيمة الدين، وهي مشكلة إطار كلي وضعوه لا تفاصيل تاهوا في جزئياتها

والخطير حقا أن صاحب الشهوة قد ينتقل من دائرة انحراف الشهوة إلى دائرة انحراف التصور، ويكون هذا الانتقال تحت تأثير الشهوة لا بريق الفكرة، وبدون شعور بخطورته

والحاصل أن هذه الإشكالية مزدوجة، تحتاج الموعظة والتوعية، لتعالج الشهوة والشبهة، رحمة بهؤلاء الذين غيبهم سيل التغفيل والتضليل، بعد أن غيبوا أنفسهم عن مصادر الهداية والتنوير

والله المستعان

#رسائل_الوعي
Forwarded from رسائل..
#إضاءة_منهجية (٢٨)
السلّم: العمق الخفي!

كثيرا ما يركز المرء على القشرة السطحية للمواقف والآراء والاستشكالات، سواء كانت أفكارا ومواقف لأفراد أو جماعات أو ثقافات، فيغيب الفهم العميق والمعالجة العميقة المبنية عليه، ومن أبرز الأعماق المغيبة تلك: عمق القيم..

إن كل إنسان مفطور على معرفة القيم وتقديرها، كقيمة العدل وقيمة الإحسان، ومن تأمل في نفسه وتعمق في خلفيات مواقفه وأفكاره، وتصفح أفكار غيره من زاوية الأسباب والمحركات، وجد هذا الأمر عميقا متجذرا، يكاد يقف خلف كل المواقف والأفكار التي نتخذها في حياتنا!

وإذا كانت أصول القيم بأنواعها معتبرة عند جميع البشر، فإن تفاوت مواقفهم وأفكارهم ترجع إلى تفاوت تقديرهم لآحاد تلك القيم، فبعضها يتقدم على بعض أو يتأخر، بحسب ترتيبها في سلم أولويات كل شخص، وخاصة عندما تتعارض.

وأعظم صور تقدير القيم وأشدها تأثيرا في المواقف والأفكار هو اتخاذ القيم العليا التي تتقدم على غيرها، وهذا أصل التباينات الحادة بين النظم الفكرية، ويبرز خصوصا بين الإسلام وغيره، ومع ذلك فهو مغيب عند تحليل الأفكار والانحرافات ومعالجتها!

وخذ المثال الأهم التالي على ذلك، وهو التباين الحاد بين ما يلي :

🔹قيمة تعظيم الله واعتبار العبودية الخالصة له غاية الخلق

ويتبع ذلك اعتبار القيام بحقه وطاعته والتسليم له أعظم حق، والكفر به أعظم جرم وظلم

🔹 قيمة تعظيم الإنسان لذاته واعتباره مركز الوجود وسيده، واعتبار أن له حقا مطلقا بغض النظر عن موقفه من خالقه وسبب وجوده سبحانه، وبغض النظر عن تحقيقه لغاية وجوده

ويتبع ذلك تعلية قيمة حريته فوق قيمة العبودية لله والعدل بمعناه الشامل الصحيح، واستنكار كل ما يقيدها ويعاقب على أساس حق الله، واختزال العدل في المساواة، وإبعاد الإخلال بحق الله والمفاسد الدينية عن دائرة الظلم والجرم.

وبناء على هذا التباين في ما يعتبره كل طرف قيمة عليا، نجد التباين ظاهرا في المواقف المتعلقة بقضايا الإلزام بالشرع، فيقف كل طرف في جهة معاكسة للآخر عند الحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعقوبات على المعاصي والحدود ونحو ذلك، وربما اتجه التبرير والنقاش لتفصيلات، وبرر من يعارض بمبررات لها مظهر شرعي، كالقول بأن الإلزام ينتج النفاق، ويرد الآخر بإيراد نصوص تتعلق بعين القضية.. وحق له ذلك، لكن حقيقة الخلاف تكمن في القيمة العليا، فهذا يعتبر الإنسانية قيمته العليا والحياة مؤسسة على سيادة الإنسان وحريته بعيدا عن هيمنة الدين والخضوع لأوامر الرب.. والمفترض هنا أن يقال له: على أي أساس تتخذ هذا قيمة عليا؟ أين حق خالقك؟ ويتم تعميق المعالجة في منطقة صدام القيم وصولا إلى بناء القيم العليا على البراهين والاتساق مع غاية الوجود، ثم ترتيب سلم الأولويات للقيم تبعا لذلك.

ويمكن أن تجرى هذه المعالجة العميقة على محورين:

المحور الأول : إدراك هذا العمق الخفي والشعور بأهميته وسعة تأثيره، وضرورة فحص القيم وتنقيحها بالتصحيح والإبطال والترتيب. وهذا ما تحدثنا عنه حتى الآن.

المحور الثاني : إدراك مرجعية القيم ومعيارها الصحيح الذي يمكن أن تحاكم إليه، وما الصفة التي يلزم توفرها لذلك المعيار؟

وهنا لابد أن نقرر أولا ضرورة وجود المعيار المطلق، أي أن نستند الشيء يصلح كدليل في نفسه، ولا يكون نسبيا يختلف من شخص لآخر، وإلا وقع التفاوت في نفس المعيار ولم يعد حاكما بل يحتاج لما يحكمه، فلم يعد معيارا! كأن يكون المعيار هو القيمة السائدة في مدرسة فلسفية معينة أو حضارة معينة، كقيمة الحرية مثلا، فهي ليست على إطلاقها ويتفاوت الناس والثقافات في تقدير حدودها ومدى تقييدها، فتحتاج لما يحكمها ويكون معيارا لها، وإلا بقينا في نسبيات لا تنتهي.

فما هي المعايير المطلقة إذا؟ لدينا بعض القيم المطلقة مثل العدل والإحسان، هذه تصلح كمعايير، لكنها مجملة، أي قد نحتار أو نختلف في تفصيل تنزيلها على الوقائع، لتعقيدات الواقعة وقصور العقل البشري خاصة عندما ينزل لمستوى التفصيلات الدقيقة، ، وبهذا هو معيار لكنه لا يكفي لوحده.. إذا ما السبيل؟

هنا لدينا معيار الوحي، حكم الله تعالى الذي يتصف بالكمال المطلق والعدل المطلق والحكمة والعلم المطلق، وقد لبى سبحانه برحمته حاجتنا نحن الضعفاء إليه، فأنزل الكتاب وحيه وأمره وأرسل الرسل يبلغون عنه.

هذا هو السبيل الوحيد لتصحيح منهجيتنا في التفكير وتخليصها من المقدمات الفاسدة، وتحديد قيمنا العليا وترتيب سلم القيم لدينا وفق رؤية ربانية وضح الوحي معالمها، وبدون ذلك لن يستطيع أحد أن يؤسس لرؤية صحيحة يحتج بها، وسيغرق الناس في النسبيات وتتنازعهم الهواء وتعارض ترتيباتهم للقيم بحسب نزعاتهم ومصالحهم الشخصية والجماعية المنحازة للفئة.

وحتى لو لم يثمر استحضار هذا العمق في بعض نقاشاتنا، فسيقطع الطريق على من يعترضون على الأحكام الشرعية بتبريراتهم القيمية النسبية التي لا تنبني على معيار صحيح، وستنكشف هشاشة مواقفهم وتبرز حقيقة انحرافهم.
أرسل لي منشور يبدأ بسؤال نصه(هل يجب أن نرفض كل ما يتعارض مع النصوص الدينية؟ )، خلاصة مضمونه:

1/ قديما ذهب بعض المفكرين المسلمين إلى أنه في حال تعارُض النص مع العقل فإنه يجب تأويل النصّ وليس موقف العقل، مفسرا ذلك بأن نتائج العقل هي من الصلابة و الوضوح بحيث لا يُمكن تأويلها، بينما النص قابل للتأويل

2/مثل بفكرة أن الاستغفار ليس الحل لمشكلات الاقتصاد، ولأنها تصادمت مع النصوص فالأفضل هو إعادة فهم و تأويل الآيات إما بالمعنى التقليدي للتأويل أي من داخل الفكر الديني.

3/ لا يُمكن رفض شيء ثبت بالتجربة لأن هُناك نص يُفهم على أنه متعارض معه، لأن العقل و التجربة حُجج أقوى من النصوص.

4/ نحن نستخدم عقلنا و حواسنا من أجل أن نقيّم حُجية النص. بمعنى أننا حينما ننتقل من العقل و الحواس إلى الإيمان الديني ، فنحن ننتقل من الأكثر بداهة إلى الأقل بداهة، فعندما نتكلم في الدين فلا بد أن يكون تابعا للعقل.

هذه خلاصة مضامين المنشور، وتعليقا عليه اقول : المنشور يحتوي على العديد من الإشكالات والمغالطات:

أولاً: هو ينتقي من التراث رؤية كلامية معينة تجاه قضية التعارض المزعوم للنص مع العقل، وهي رؤية فيها إجمال معيب، وتم نقدها نقدا قويا في أطروحات ابن تيمية التفصيلية العميقة وغيره من الأئمة، وهذا الانتقاء والغض عن ما ينقض الفكرة ليس من الأمانة مع القراء.

ثانيا : قبل القفز إلى حل التعارض يجب أن نقف مع دعوى التعارض هذه، فحقيقة هو توهم للتعارض لا تحقق، فلا يمكن أن يتعارض النص الصحيح الصريح مع صحيح العقل، لأن التناقض مستحيل بين القطعيين، فالنص أيضا ثبتت حجيته بالعقل القطعي، إذا لابد من خلل في ذلك المعقول المعين أو في فهم المنقول المعين.

ثالثا : العقل ليس شيئا واحدا، بل هو يتعقل أشياء متنوعة بعضها صحيح وبعضها خاطئ، وقد تكون قطعية فعلا أو يتوهم قطعيتها ثم يتضح خطؤه، أو تكون ظنية أصلا لأنها لا تلزم قطعا من قطعيات العقل، أو بنيت على إستقراء ناقص كما في التجريبيات التي يتحدث عنها الكاتب وكأنها قطعية مطلقا!! أو يكون الأمر يرجع إلى الذوقيات وبعض القيم العامة القابلة للنسبية، أو الوهميات والنسبيات التي لا تصلح اصلا كمعايير، والمقال يحذف كل هذا ويتجاهله! ويطالب بتبعية الدين المطلقة للعقل وكأنه معصوم قاطع في كل أحكامه! ولو صح ذلك لما كان للرسالات معنى إذ غايتها تصحيح فساد العقول وردها للفطر والعقليات الصحيحة والحقائق التي يخبر عنها الرسل.

رابعا: المقال يغالط حين يحاول أن يعلى من منزلة العقل ويقلل من منزلة النص عن طريق رد وجود الله إلى العقل ، وذلك أنه يخلط بين الوجود الذهني والوجود الخارجي.. نعم وجود الله وصحة دينه هو مدرك بالعقل، لكن وجوده في الخارج وصحته في نفسه مستقل عن العقل، ونحن نؤمن بوجود ذهني ووجود خارجي مستقل.. فهذا مجرد تحايل لجعل النص تابعاً للعقل.. كما أن العقل نفسه إذا شهد بصحة النقل صار النقل بمنزلة العقل القطعي إذا كان صحيحا صريحا ، فليس التعارض المزعوم هنا بين عقل ونقل وحسب، وإنما بين عقل وعقل أيضا، فهل الكاتب يقدح في عقله!؟

والحاصل مما سبق أنه لا يمكن أن يتعارض نص صحيح مع عقل صحيح أبداً، ولا يوجود مثال صحيح عليه ، فهو بدأ بتصوير خاطئ لموقف العلماء وتصوير خاطئ لتعارض العقل والنقل المدعى.. فهذا التعارض المدعى هو أنواع وليس شيئاً واحداً، ويمكن الرجوع لكتاب ينبوع الغواية الفكرية في المزلق الخامس عن مشكلة العقل، لاستجلاء خلاصات جيدة في تفاصيل هذه القضية (https://archive.org/details/FP144766)

خامسا: أما الإستغفار كمثال؛ فليس المقصود أن هذا الوعد يتحقق لكل من استغفر دون النظر لأسباب أو شروط أو موانع! وإنما من استغفر مع أخذه بالأسباب فتح الله عليه ويسر له.. والاستغفار له تأثير بنص القرآن، والنص واضح و صريح في ذلك ، وهذه القضية لا يمكن أن نختبرها تجريبياً كما نختبر الطبيعيات تماما، لأن طبيعة السنن الشرعية ليست كطبيعة السنن الكونية من كل وجه .. فالسنن الكونية طبيعتها أن السبب يرتبط بالمسبب مباشرة ولا يتخلف ذلك إلا اذا كان على وجه المعجزات مثلا .. أما السنن الشرعية فطبيعتها أنها تكون موقوفة على أسباب وشروط، وأيضا هي قد تكون على وجه الأغلبية وليس التلازم فيها قطعي و مستمر ومطرد ، وهذه الأغلبية مقصودة من جهة أن الله سبحانه قد يؤخر إجابة الدعاء والنصر ونحو ذلك لحكمة، وهذا مذكور في النصوص فلا يسمى تأويلاً، فقد يستغفر إنسان ولا ينفرج عنه الكرب إلا بعد سنوات، وذلك لأن من حكمة الله التأخير لما فيه من صلاح، أو يخبئ له أجرا عظيم للآخرة هو خير له.. فهكذا ينظر للوعد الذي في النصوص

وأيضا لا تنفك قضية الأخذ بالأسباب الشرعية عن الأسباب الكونية، والشرع هو الذي حث على ذلك، وإلا سمي ذلك تواكلاً لا توكلاً، ففرض الانفصام بين الأمرين وتصوير هذه الأسباب الشرعية وكأنها تتعارض وتسبب مشكلة هو تصوير مغلوط
إضاءة سابقة https://www.tg-me.com/amohawer/27
#شبهة_ورد
كتاب كامل الصورة (الجديد ٢،١) بصيغة الكترونية لأول مرة
2024/09/29 07:33:37
Back to Top
HTML Embed Code: