Telegram Web Link
خطبة جمعة بعنوان (تحفة الأبرار في بيان الأعمال الصغار قد تكبر وتكون سببا للنجاة من النار)

لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه

سجلت بتاريخ ٢٤ شوال ١٤٤٥ه‍
مسجد الفاروق إب
https://www.tg-me.com/ALTAMSOKPLSNa
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].

أما بعد :  فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)}[آل عمران:185].
فبين ربنا سبحانه وتعالى في هذه الآية أن الفائز من زحزح عن النار وفاز بالجنان، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، فهذا هو الفوز الحقيقي، وهذا هو الفلاح الحقيقي، وهذه السعادة الحقيقية، أن ينجو العبد من عذاب الله عز وجل ويفوز بجنته، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، جاء في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمُه اللهُ يومَ القيامةِ ، ليس بينه وبينه تَرجمانُ ، فينظرُ أيْمنَ منه ، فلا يرى إلا ما قدَّم ، وينظرُ أشأَمَ منه ، فلا يرى إلا ما قدَّم ، وينظرُ بين يدَيه ، فلا يرى إلا النَّارَ تِلقاءَ وجهِه ، فاتَّقوا النَّارَ ، ولو بشِقِّ تمرةٍ ، ولو بكلمةٍ طيِّبةٍ.

معاشر المسلمين : النار قريبة والجنة قريبة، في البخاري من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" الجَنَّةُ أقْرَبُ إلى أحَدِكُمْ مِن شِراكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذلكَ.
الجنة قريبة والنار قريبة، رب عمل يستهين به العبد فيصير به من أهل النار والعياذ بالله، وربما لا يلقي له بالا، وقد قال عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث أبي هريرة في الصحيح :" إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب، إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها لا ينظر ولا يتأمل في تلك الكلمة هل هي من رضوان الله عز وجل أو هي من سخط الله سبحانه وتعالى فيهوي بها في نار جهنم أبعد ما بين المشرق والمغرب، كم يتكلم الناس بكلام باطل، بكلام لا يجوز في رب العالمين سبحانه وتعالى، أو في رسوله الكريم، أو في الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، أو في دين رب العالمين سبحانه وتعالى، ولا يلقون بالا بما يتكلمون به، والكلام قد يُوقع صاحبه في نار جهنم والعياذ بالله، كلمة واحدة من سخط الله ربما تهوي بها في نار جهنم أبعد ما بين المشرق والمغرب، الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك، جاء في صحيح مسلم من حديث جندب رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في ذلك الرجل الذي قال لأخيه: والله لا يغفر الله لك، فقال الله سبحانه وتعالى: من ذا الذي يتألا علي أني لا أغفر لفلان قد غفرت له وأحبطت عملك.
أي من ذا الذي يقسم علي، ويتألا بمعنى يقسم ويحلف علي أني لا أغفر لفلان، قد غفرت له وأحبطت عملك، فتكلم بكلمة أوبقت له دنياه وأخراه كما قال ذلك أبو هريرة رضي الله عنه كلمة واحدة خسر فيها الدنيا والآخرة.
فلا تستهن يا عبد الله بلسانك لا تستهن به وانظر إلى ما تقول وما تتلفظ به، والله سبحانه وتعالى جعل لك عضوا واحدا للنطق وأغلقه بأربعة أبواب، أغلقه بأربعة أبواب وهو اللسان، أغلقه بالأسنان وبالشفتين والأسنان بابان والشفتان بابان، عضو واحد أغلقه الله عز وجل بأربعة أبواب، وجعل للسمع بابان مفتوحان قال بعض العلماء : حتى تسمع كثيرا وتتكلم قليلا، فاحذر من لسانك ولا تستهن به، الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك، دخلت امرأة النار بسبب هرة حبستها كما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر
رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها إذ هي حبستها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، أي من هوام الأرض وحشراتها، فحبست هرة وما أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض فدخلت بذلك النار، دخلت بسبب هذا العمل نار جهنم والعياذ بالله، فعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى ولا نستهن بأقوالنا ولا بأعمالنا فالنار قريبة بعمل يسير ربما تكن من أهلها، والجنة قريبة بعمل يسير ربما تكون من أهلها مع توحيد الله عز وجل والإتيان بأركان الإسلام عموما، فربما بعمل يسير تدخل الجنة وبعمل يسير تدخل النار، فلا تستهن بذلك، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، وفي حديث عدي قال عليه الصلاة والسلام " فاتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة، أي لا تحتقر العمل ولو كان يسيرا، فالعمل اليسير مع الإخلاص لله عز وجل والخوف من الله ورجاء ما عند الله سبحانه وتعالى من الثواب ربما يكون أعظم من العمل الكثير الذي يفعله غيرك، ومعلوم في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"
 لا تَسُبُّوا أصْحابِي؛ فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ.
الواحد من السابقين من الصحابة إذا أنفق الشيء اليسير أفضل من المتأخرين من الصحابة ولو أنفق مثل أحد ذهبا لما؟ لما في قلبه من الإيمان، ولما في قلبه من الإخلاص، ولما في قلبه من محبة الله عز وجل، ورجاء ما عند الله، فالإخلاص والمحبة وعمل القلب يُعظم به العمل اليسير حتى يصير ذلك العمل كالشيء الكبير، وربما تدخل بسببه الجنة وتنجو من عذاب الله عز وجل، فاتقوا النار ولو بش تمرة ولو بكلمة طيبة، لا تحتقر شيئا من الخير ومن المعروف فقد يكون سببا في نجاتك من عذاب الله، وسببا في دخولك الجنة، جاء في مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:" لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ.
أي وأنت مبتسم له.

وفي الترمذي من حديثه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" تبسمك في وجه أخيك لك صدقة.
فلا تستهن بالعمل الصالح ولو كان عملا يسيرا.

وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال :"يا نِساءَ المُسْلِماتِ، لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لِجارَتِها، ولو فِرْسِنَ شاةٍ.
وفرسن الشاة العظم الذي فوق الحافر، عظم ليس فيه كبير شيء، والمعنى أنك لا تحتقر المعروف ولو كان يسيرا، أبذل الخير واعمل الخير ولو كان يسيرا ولا تحتقر فإنك أن احتقرت اليسير فاتك اليسير والكثير، إذا احتقرت اليسير فاتك اليسير والكبير ولم تعمل خيرا ولم تسارع في مرضاة الله ولم تُقبل إلى رضوان الله عز وجل وهذا باب يدخل عليك الشيطان منه يريد أن يصدك عن العمل الصالح تعجز عن العمل الكثير فيهون لك العمل اليسير ويقول : ما فائدة هذا، لم تعمل هذا، لم تضيع وقتك في هذا، لما تنفق هذه النفقة اليسيرة ما حاجة فلان إلى هذه النفقة، يدخل عليك الشيطان حتى يبعدك عن العمل الصالح فلا تفعل اليسير ولا الكثير فتخسر وتندم إذا رجعت إلى ربك سبحانه وتعالى، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة، هكذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام.

اسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: يقول نبينا عليه الصلاة والسلام " فاتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة، لا تحقرن من المعروف شيئا، في مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك، ولو كان بهذا الشيء اليسير لا تحتقر المعروف ولو كان يسيرا، عند ابن ماجة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن رسول عليه الصلاة والسلام أنه قال:"من بنى لله مسجدًا ولو كمِفْحَصِ قَطَاةٍ أو أصغرَ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ.
ومفحص القطاة هو بيتها الذي تمكث فيه وتضع بيضها، والقطاة طائر من الطير، قال بعض العلماء: أراد النبي عليه الصلاة والسلام المبالغة أي لا تحتقر الخير ولو كان يسيرا، إن استطعت أن تبني مسجدا ينتفع الناس به ولو كان صغيرا ينتفع الناس به فلا تحتقر ذلك، وقال بعض العلماء: إن شارك في بناء مسجد ولو بالشيء اليسير ، شارك في بناء المسجد ولو بالشيء اليسير على قدر استطاعتك فذلك خير، ولا تحقرن من المعروف شيئا، من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة.
وفي المسند من حديث رجل من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وجاء في غيره أنه جابر بن سليم رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال له:" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي صلة الحبل أي لو أن شخصا يحتاج إلى حبل يصل به حبله حبله قصير يريد أن يربط حطبا يريد أن يربط شاة أو فرسا أو إبلا قصر حبله أو يريد أن يربط حبلا بحبله حتى يأخذ الماء من البئر قصر حبله إن أعطيته صلة الحبل فهذا معروف وهذا خير، لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل وهو السيار الذي يوضع بين أصابع القدم من النعل، ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تنزع من دلوك في إناء المستسقي إذا أخذت دلوك وأدليته إلى البئر وأخذت الماء من البئر ثم صببت ماءك في في إناء المستسقي فذلك خير لا تحقر هذا العمل، قال: ولو أن تنحي شيئا من طريق المسلمين يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض، والوحشان غير عكس الآنس الذي فيه وحشة إذا كان مستوحشا في الأرض لا يعرف أهلها أصابته الوحشة يخشى من أهلها، فجئت إليه وأدخلت الطمأنينة في قلبه لا خوف عليك أنت في موضع أمن سر سر بأمن وأمان، فأدخلت الأمن في قلبه وأزلت الوحشة من قلبه فهذا عمل صالح وهذا خير فلا تحقر ذلك، قال بعض العلماء : أي إن أوصلته إلى مأمنه، إن حملته وأوصلته إلى مأمنه، فلا تحتقر من المعروف شيئا، في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي عليه الصلاة والسلام :"
بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ فأخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له.
وفي مسلم من حديثه، عن النبي عليه الصلاة والسلام:" قال رأيت رجلا يتقلب في الجنة في غصن شجرة ازاحها عن طريق الناس كانت تؤذيهم.
بهذا العمل اليسير شكر الله له وأدخله الجنة، أزال غصن شجرة في طريق المسلمين كانت تؤذي المسلمين شكر الله له وأدخله الجنة.
وتعلمون ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة في قصة ذلك الرجل الذي أصابه العطش ورأى كلبا يلهث يأكل الثرى من العطش فرحم ذلك الكلب فأخذ خفه فنزل البئر وأخذ الماء وسقى الكلب، قال النبي عليه الصلاة والسلام: فشكر الله له فغفر له.
عمل ذلك العمل اليسير مخلصا لله عز وجل فكان عظيما، أحسن إلى حيوان لا يرجو جزاء ولا شكورا، الإنسان قد يحسن إلى إنسان يريد للجزاء والشكور فيضعف العمل، لكنه لم يرد جزاءنا ولا شكورا من ذلك الحيوان، وفعل ذلك في خلوة لا يشاهده أحد، وفعل ذلك رجاء ما عند الله، وشفق على ذلك الحيوان فعظم ما في قلبه من الخير فأعظم الله سبحانه وتعالى ذلك العمل، وعظمه فشكر الله له فغفر له، اتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة، لا تحتقر بالمعروف شيئا، الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم إلى كل خير، وأن يجعلنا من أهل الجنة وأن يعيذنا من النار، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنا نسألك العفو والعافية الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم من أراد بلادنا بسوء ومكر وكيد فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميره واكف المسلمين شره إنك على كل شيء قدير، اللهم الطف بإخواننا في بلاد غزة، اللهم كن لهم ناصرا ومعينا، اللهم احفظهم بحفظك إنك على كل شيء قدير، اللهم احفظهم من فوقهم ومن تحتهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، اللهم كن لهم ناصرا ومعينا، اللهم عليك بأعدائنا وأعدائهم من اليهود والنصارى والمنافقين إنك على كل شيء قدير، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.
🎙️ *خطبـــــة جمعــــة* 🎙️
👇🏻👇🏻👇🏻 *بعنوان*👇🏻👇🏻👇🏻
🎙️ *تحذير ذوي الفِطَر* 🎙️
*بما في الفتن من الشر والخطر*
🎤للأخ الداعي إلى الله: أبي النصر / ماجد بن حميد مهيوب الهنائي .
*✍🏻 فرغها يراع الأخ المفضال الداعي إلى الله أبي عبدالله زياد المليكي حفظه الله ونفع به*
🤲🏻 نسأل الله أن ينفع بها
https://www.tg-me.com/ALTAMSOKPLSNa
🔸🔹🔸🔹🔸🔹🔸

إن الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].

أما بعد :  فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار

أما بعد معاشر المؤمنين عباد الله:

اعلموا أنه من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى وما أنتم بمعجزين، وكل ما هوه آت قريب.

معاشر المؤمنين عباد الله :

إن الله عز وجل جعل هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار وامتحان، بل جعلها الملك الديان محفوفة بالفتن والشرور والمحن،
ما يأتي من عام إلا والذي بعده شر منه،

🌴كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه :
*"لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعت ذلك من نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم*"
خرجه البخاري في صحيحه،

🌴وفي صحيح سنن أبي داوود والترمذي وابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
*"إن من ورائكم أيام الصبر الصبر فيهن كقبض على الجمر*"

وذلك لكثرة الخاذلين وقلة الناصرين
ولعظيم المخالفين، وقلة الموافقين
ولضعف الإيمان، وقلة الولاء والبراء، وذهاب العلم، وترأس الجهلاء بين الناس، فحينها تهيج الفتن ويتلاطم بعضها ببعض، ويختلط الحق بالباطل، ولا يميز أكثر الناس ، فحينها يُصدق الكاذب ويُكذب الصادق ويؤتمن الخائن ويُخون الأمين ويتصدر في الناس التافه السفيه كما أخبر بذلك من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى،

🌴كما في سنن ابن ماجه واللفظ له ،ومسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال :
*" يأتي على الناس سنوات خداعات،*
🌴وفي روايةٍ عند ابن ماجة صححها الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه
*"إن أمام الدجال سنون خداعات يُصدق فيها الكاذب ويُكذب فيها الصادق ويُؤتمن فيها الخائن ويُخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة، قيل ومن الرويبضةُ يا رسول الله؟ قال : الرجل التافهُ يتكلم في أمر العامة.*"

فهذا يعد علماً من أعلام نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ أخبر عن أشياء وقعت بعد موته فوقعت كما قال،

🌴 من ذلك ما جاء في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، قال:
*"أشرف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً على أُطم من آطام المدينة أي على مكان مرتفع ثم قال : ألا ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر،*"

وهذا يعد علماً أيضا من أعلام نبوته،
إذ أخبر عن وقوع الفتن فوقعت كما قال صلى الله عليه وسلم،

🔥 فكان أول الفتن في مدينته صلى الله عليه وسلم مقتل صاحب الهجرتين وزوج الإبنتين من أصهر إلى رسول الله مرتين عثمان ذو النورين أحد العشرة المبشرين بالجنه رضي الله عنه،

ثم بعد ذلك تفاقمت الفتن فوصلت إلى كل بلدٍ ، ودخلت إلى كل مكان،

🌴 كما قال حذيفةُ بن اليمان أمين سر النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه:
*"أول الفتن مقتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه آمن به في قبره"*.

نعم أيها المسلمون عباد الله :
فهذه الفتن التي نعيشها وما يأتي من زمان إلا والذي بعده شرٌ منه، وأشدُ فتنةً مما قبله هذا أخبر عنه رسول الله فتنٌ متلاطمة، فتنٌ كأمواج البحار، فتنٌ تجعل الحق باطلاً وتجعل الباطل حقاً وتجعل الصدق كذباً وتجعل الكذب صدقاً، ويتصدر في الناس من يدعي الغيرة ولا غيرة والنصح ولا نصيحة والإشفاق ولا إشفاق، والعلم علم ولا علم
، والدواية،ولا دراية ولا روية، يهرف بما لا يعرف، ويهري بما لا يدري،

كحال القائل حين قال :

*بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً*
*في شِعارِ الواعِظينا*

*فَمَشى في الأَرضِ يَهذي*
*وَيَسُبُّ الماكِرينا*

*وَيَقولُ الحَمدُ لِله*
*إِلَهِ العالَمينا*

*يا عِبادَ اللَهِ توبوا*
*فَهوَ كَهفُ التائِبينا*

*وَاِزهَدوا في الطَيرِ إِنَّ*
*الـعَيشَ عَيشُ الزاهِدينا*

*وَاطلُبوا الديكَ يُؤَذِّن*
*لِصَلاةِ الصُبحِ فينا*

*فَأَتى الديكَ رَسولٌ*
*مِن إِمامِ الناسِكينا*

*عَرَضَ الأَمرَ عَلَيهِ*
*وَهوَ يَرجو أَن يَلينا*

*فَأَجابَ الديكُ عُذراً*
*يا أَضَلَّ المُهتَدينا*

*بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي*
*عَن جدودي الصالِحينا*

*عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن*
*دَخَلَ البَطنَ اللَعينا*

*أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ*
*القَولِ قَولُ العارِفينا*

*مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً*
*أَنَّ لِلثَعلَبِ ديناً*

🌴ومن العجب كما قال الله:
*{ وفيكم سماعون لهم }*

فهذا كله يدل على خطورة الفتن وخطورة عدم الوقاية منها، وخطورة جهل الناس بها، إذ جعلوا أنفسهم ممن يوقدون نارها ويُثيرون رمادها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً،

*وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً*
*وآفته من الفهم السقيم.*

🤚🏻 لأجل ذلك حذر الله عباده في كتابه الكريم من الفتن وأمرهم بأن يجعلوا بينهم وبين الفتن حجاباً مستوراً،
🌴فقال عز من قائل : *{وَٱتَّقُوا۟ فِتۡنَةࣰ لَّا تُصِیبَنَّ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ مِنكُمۡ خَاۤصَّةࣰۖ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ(25)}*
[الأنفال:25]
✍🏻قال المؤرخ الكبير والعلامة النحرير المفسر الشهير الإمام ابن كثير قال:
*"وإن كان هذا الخطاب المقصود به هم أصحاب رسول الله لكنه عام لكل مسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يُحذر من كل فتنةٍ وقعت*،

🔥 لأن الفتنة إذا وقعت لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله جل وعلا بكتابه وسنة رسوله على ما كان عليه السلف الأمة:
🌴 *{وَمَن یَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِیَ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ(101)}*
[آل عمران:101]

*دِينُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ أَخْبَار*
*نِعْمَ الْمَطِيَّةُ لِلْفَتَى آثَارُ*

*لَا تَرْغَبَنَّ عَنِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِه*
*فَالرَّأْيُ لَيْلٌ وَالْحَدِيثُ نَهَارُ*

*وَلَرُبَّمَا جَهِلَ الْفَتَى أَثَرَ الْهُدَى*
*وَالشَّمْسُ بَازِغَةٌ لَهَا أَنْوَارُ*

إنها الفتنة التي إذا وقعت والناس يجهلون خطرها ولا يدركون أوصاف دعاتها، وقعوا في مغبتها ولفحتهم نيرانها، بل كانوا وقوداً والعياذ بالله فيها.

✍🏻يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: *"قال إن الفتنةً إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء،*"

*أمور يضحك السفهاءُ منها*
*ويبكي من مغبتها العقلاء*.

أيها المسلمون عباد الله:

فلذلك جاء النهي الأكيد والزجر الشديد عن النبي صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين عن هذه الفتن،
🌴فقد جاء في صحيح سنن أبي داوود من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
*" من سمع بالدجال فلينأ عنه فإن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات، أو لما يبعث به من الشبهات*"

وهذا يعد تحذيراً بالغاً وتحذيراً شديداً وزجراً أكيداً عن الفتن إذ حذرك النبي من جميع الفتن، شهواتها وشبهاتها ظاهرها وخفيها،
وذلك لقوله:
*"من سمع بالدجال،*"

🖋️ *والدجالُ اسم جنس دخل عليه الألف واللام فشمل كل فتنةٍ ظاهرة، وكل فتنةٍ باطنة، كل فتنةٍ في الدين، أو فتنةٍ في الدنيا، فتن الشبهات، وفتن الشهوات*.

أيها المسلمون :

فالنبي أمرنا باجتنابها وعدم الإقتراب منها،ولا يكون ذلك إلا بتحقيق أسباب اجتناب الفتن

🔹 ولهذا فهناك أربعةُ أمور لو حققها المسلمون في زمن الفتن وقبل حُلولها سلم له دينه، وسلمت له عقيدته، وسلم له ولاؤه وبراؤه، وسلمت له دنياه وآخرته،

👇🏻ألا وهي👇🏻

✍🏻علم يُبصرك الله به ويهديك

✍🏻وتقوى لله تقويك

✍🏻وتحري للحق ينصرك ويحميك

✍🏻 وقوةُ إيمان من الفتن يقيك،

فهذه الأربعة الأمور يذكر العلماء بأنها أصول الوقاية من الفتن، فمن جاء بها فقد جاء بجميع أسباب الوقاية من الفتن،

والله عز وجل أخبرنا عن هذه الأمور الأربع في كتابه الكريم

🌴 فقال سبحانه وتعالى :
*{یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَتَّقُوا۟ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانࣰا}*
[الأنفال:29].

أي :يا أيها المؤمنون :
إن حققتم الشرط الذي شُرط عليكم وهو تقوى الله
فنتيجته وثوابه أن يحقق لكم المشروط وهو أن يقيكم الله الفتن بمعرفتها وتركها لله عز وجل.
🍃 ولهذا ذكر بكر بن عبد الله أنها لما وقعت فتنة ابن الأشعث قال طلق بن حبيب :
*"اتقوها بالتقوى*"،

🍃 قال بكر بن عبد الله فقلت لطلق بن حبيب : أجمل لنا التقوى،
قال : *"أن تعمل بطاعة الله على نور من الله رجاء رحمة الله،
وأن تترك معصية الله على نور من الله مخافة عذاب الله،

✍🏻قال الذهبي رحمه الله في سيره:
*"قلت أبدع وأوجز طلق بن حبيب،*
*فإنه لا تقوى إلا بعمل،*
*ولا عمل إلا بتزود من العلم والإتباع*
*ولا ينفع ذلك إلا بإخلاص لله عز وجل،*
*فلا يقال فلان تارك للمعاصي بنور الفقه وذلك لأن ترك المعاصي تفتقر في اجتنابها إلى معرفتها، وأن يتركها خوفاً من الله مخافة عذاب الله سبحانه وتعالى.*

🔹وفي بيان ذلك أيضاً
🌴ما جاء في مسلمٍ من حديث أم المؤمنين زوج رسولنا في الدنيا والآخرة عائشةُ الحَصان الرزان أم عبد الله رضي الله عنها، قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته بهذا الدعاء :
*"اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ؛ إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.*"

🌴وكان من دعائه بأبي وأمي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح سنن الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
*"وإذا أردتَ بعبادِك فتنةً فاقبِضني إليكَ غيرَ مفتونٍ*".

ومن ذلك أيضا :
🌴قول الله جل وعلا:
*{یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَءَامِنُوا۟ بِرَسُولِهِۦ یُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَیۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَیَجۡعَل لَّكُمۡ نُورࣰا تَمۡشُونَ بِهِۦ}*

أي علماً تسيرون به إلى الله وتتضح لكم الطريق إلى الله.

نعم أيها المسلمون عباد الله :
🌴ولهذا جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال وذكر تحذير الأنبياء منه ثم قال :
*"" إني قائل لكم قولاً لم يقله نبي غيري ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينية كافر ، ثم تهجأها ك ،ف، ر ، يقرأه كل مؤمنٍ كاتبٍ وغير كاتبٍ،*
🌴وفي رواية :
*قارئٍ وغير قارئٍ"* ،

لأنه زمن تنخرق فيه العادات فينجي الله أهل الإيمان و الخير والثباث، ويضل الله ضعفاء الإيمان أهل الشر والفتنة والضلال.

✍🏻قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
*"فدل هذا على أن المؤمن يتبين له ما لا يتبين لغيره، لا سيما في الفتن فينكشف له حال الكذاب الوضاع على الله ورسوله، فإن الدجال أكذب خلق الله مع ما يجريه الله على يده من أمور هائلة ومخاريق مزلزلة حتى أن من رآه افتتن به، قال فيكشفها الله للمؤمنين حتى يعتقد كذبها وباطلها، وكلما قوي الإيمان في قلب العبد إنكشفت له الأمور وعرف حقائقها من بواطلها ، وكلما ضعُف الإيمان في القلب ضعُف إنكشاف الأمور له كمثل السراج القوي والسراج الضعيف في البيت.**

نعم أيها المسلمون عباد الله :
فالعبد إذا جاء بهذه الأصول الأربع وقاه الله عز وجل من الفتن وثبته على دينه، وجعله في خير وثبات ،

تقوى تقويكم

وتحري للحق ينصركم ويحميكم،

وقوة إيمان من الفتن يقيكم بإذن الله ،

وجماع ذلك علم نافع يبصركم الله به، ويهديكم سواء السبيل.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،

أما بعد معاشر المؤمنين : فأصول الوقاية من الفتن أربعة
سمعتم أدلة ثلاثة منها، وبقي الأصل الأصيل والعماد الكبير الذي به جماع هذه الأصول وغيرها،
👈🏻 ألا وهو العلم.

أيها الناس
كما سمعتم في الآية السابقة :
🌴 *{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله}*

فإذا اجتمع الإيمان مع التقوى كان المراد به العلم والعمل، وإذا حقق المسلم العلم النافع والعمل الصالح نجا بإذن الله من الفتن المدلهمات ، والفتن المضلات ، ومن شهوات الغي كلها

🌴ولهذا قال الله :
*{يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به}*

أي تصلون به إلى رب راضٍ غير غضبان ونجاة من النيران وفوز بالجنان لأنكم سرتم إليه على علم وبصيرة.

👂🏻 واسمع معي إلى هذه الحادثة العظيمة التي تبين وجوب تعلم العبد حتى يقيه الله من الفتن كلها،
🌴 روى الإمام البخاري ومسلمٌ في صحيحهما، وجاء عند غيرهما، من حديث أبي سعيدٌ الخدري، وجاء عن أنسٍ والنواس بن سمعان وغيرهم رضي الله عنهم،

*"أن الدجال إذا خرج يطوف الأرض في أربعين ليلة سرعته فيها كالغيث استدبرته الريح(١)*

*وتطوى له الأرض طية فروة الكبش*"(٢)
*فيريد دخول مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيُمنع من دخولها عليها يومئذٍ سبعةُ ابواب على كل باب ملكان يصدون الدجال عن دخولها*(٣)،

*فينطر من أعلى جبل أُحد فيرى مسجد رسول الله فيقول ذاك قصر أحمد أي مسجد محمد صلى الله عليه وسلم،(٤)*

*ثم يضرب رواقه أسفل جبل أُحد فترتجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافقٌ ولا منافقةٌ إلا خرج إليه، وتنفي المدينة يومئذٍ خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد، حتى إن الرجل ليرجع إلى أمه وعمته وأخته وخالته فيوثقها رباطاً خشية أن تخرج إلى الدجال، وأكثر أتباعه يومئذ النساء والأعراب*

فانظر إلى أهل الفتن إذا سمعوا عن زعماء الفتن ودعاتها لحقوا بهم ونصروهم ودافعوا عنهم، هكذا تعمل الفتن بأهلها،

👌🏻 *وما من مفتونٍ فتن إلا وقد لفحته شيءٌ من فتنة الدجال أدرك ذلك أم لم يدرك، خرج في زمانه أم لم يخرج،

🌴 ففي مسند أحمد وهو في الجامع الصحيح من حديث خبير الفتن وأمين سر رسول الله حذيفة بن اليمان، قال صلى الله عليه وسلم:
*" لأنا لفتنة بعضكم*
أي:
الفتن الموجودة بينكم فتنة الدين، سوء ذات البين ، الفتنة في العقيدة، الضعف في الولاء والبراء، الإختلاف في هذا الدين، فتن الحزبيات والبدع والخرافات
🌴 قال
*"لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، وما نجى أحدٌ مما قبلها إلا نجى منها"*
أي:
وما نجى أحد من الفتن التي تكون قبل الدجال إلا نجى منها، أي نجى من فتنة الدجال،

✍🏻قال شيخ الإسلام:
*"وحقيقةُ فتنة الدجال أنها ليست مقصورةً على أهل زمنه، فالحقيقة فتنته هو الباطل المخالف للشريعة المقرون بخارق من خوارق العادات فمن أقر بما يخالف الشريعة لخارق من خوارق العادات فقد أدرك حقه ونصيبه من فتنة الدجال خرج في زمنه أم لم يخرج، أدركه أو لم يدركه،*

ولهذا الدجال يكون خلف جبل أُحد ومع ذلك ترتجف المدينة وتنفي خبثها ويخرج إليه كل منافقٍ وكل منافقةٍ لفحتهم الفتن قبل خروجه،

فلذلك كان تحذير النبي من فتنة الدجال تحذيرٌ من الفتن التي تقع قبل فتنة الدجال، ألا فكونوا منها على حذر وكونوا منها على علم وبصيرة ووقايةٍ وتقوى وإيمان بالله ، وعلمٍ لمداخلها ومخارجها كي تحذروا منها،

🌴قال حذيفةٌ كما في الصحيح كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وأنا أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ذلك،*"
*عرفت الشر لا للشر*
*ولكن لتوقيه*
*ومن لا يعرف الخير من الشر*
*يقع فيه*

🌴قال صلى الله عليه وسلم :
*"فيخرج يومئذٍ شابٌ ممتلئٌ إيماناً هو من خير أهل الأرض يومئذٍ ، فيتجه هذا الشاب المؤمن نحو الدجال*

لا ليتبعه ولكن لينكر هذا المنكر ويحذر الناس منه،
*فتتلقاه المسارح مسارح الدجال*

أي أعوانه فيقولون :
*"أيها الشابُ إلى أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي يدعي أنه ربٌ ،*
فيستغرب أعوانه من هذا الشاب كيف لا يؤمن بربهم،
*فيقولون له : أوما تؤمن بربنا ؟*

كان هذا الشاب عالماً فقيهاً بكتاب الله وسنة رسول الله، عالماً بمنهج السلف الصالح الصحابة رضي الله عنهم، بصيرا بالفتن فإذا به يوجه لهم الجواب ويقول :
*ما بربنا خفاء*"
لأنه سمع وعلم ودرس وقرأ قوله صلى الله عليه وسلم في الدجال
*"إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور،*
✍🏻قال القرطبي رحمه الله :
*"لقد وصف النبيُ الدجال وصفاً لم يبقى معه لذي لبٍ إشكال وتلك الأوصاف كلها ذميمة تبين لكل ذي حاسة سليمة ولكن من قضى الله عليه بالشقاوة تبعع الدجال فيما يدّعيه من الكذب والغباوة وحرم إتباع الحق ونور التلاوة فقول النبي صلى الله عليه وسلم "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"، تنبيه للعقول القاصرة والغافلة أن من كان ناقصاً في ذاته عاجزاً عن إتمام نقصه لا يصلح أن يكون رباً لضعفه وعجزه ،ومن كان عاجزاً عن إصلاح ضعفه كان أعجز عن نفع غيره وعن مضرته*"،

🤚🏻 يا قوم ما بربنا خفاء هذا أعور ربنا ليس بأعور، هذا يأكل ويشرب، هذا يحتاج إلى أعوان، هذا لا يقول للشيء كن فيكون، لكنها الفتن إذا تمكنت من القلوب وجهلها الناس طمست نور الحق من قلوبهم، وهكذا تفعل الفتن لمن يستشرف لها،
ولهذا قال:
*"ما بربنا خفاء ، فيختلفون أنقتله أم نذهب به إلى ربنا، فيقول بعضهم لبعض : أوليس ربكم قد عهد إليكم ألا تقتلوا أحداً دونه؟ فيأتون به إلى الدجال، فأول ما يجد الشاب الدجال الأعور الكذاب يصيح في الناس محذراً لهم : يا أيها الناس أشهد بأن هذا الدجال الذي حدث رسول الله عنه في حديثه، فيأخذه الدجال فيُشبح أي يقلع ثيابه ثم يوسع ضرباً ظهراً لبطن، ثم يأتي إليه الدجال بعد هذا التعذيب فيقول أوما تؤمن بي؟ فيقول : أنت الأعور الكذاب الذي حذر منك رسول الله في حديثه،*
فيخشى الدجال على نفسه والله قد أجرى على يده خوارقاً مجزلة ليضل بها من شاء ويزداد الذين ءآمنوا إيماناً ،
🌴 كما قال المغيرةُ بن شعبة لرسول الله لما سمع شيئاً عن فتنة هذا الدجال، قال يا رسول الله :
*"يقولون عنده جبال خبز ولحم وعنده نهران يجريان وعنده جنةً وناراً؟ قال صلى الله عليه وسلم : فإنه لا يضر مسلماً،*"

لا يضر من ثبت على دينه ومن اتقى الله ومن تحرى الحق ومن لجأ إلى الله ومن عمل الصالحات وقوّى إيمانه بالأعمال الصالحة وترك ما نهى الله عنه وتفقه في الدين فلا يضره هذا الدجال أعور وسيفه فإنه أعور العينين إحداهما طافية والأخرى يرى بها مع عورٍ فيها، رجلٌ ذميمُ الخلقة، بين عينيه مكتوب كافر ويجري الله هذه الخوارق على يديه ليضل الله بها من شاء ويهدي من يشاء ليميز المحق من المبطل سبحانه وتعالى،
وإلا فإنه يأتي بمخاريق مزلزلة
🌴 *"يأتي إلى الأعرابي فيقول أرأيت إن أحييت لك أباك وأمك أتؤمن بأني ربُك ؟ فيقول هذا الأعرابي من جهله نعم، فيأتي له شيطانان يتمثلان له بصورة أبيه وأمه فيقولان أي بُني إنه ربك فآمن به فيؤمن به ويقول للسماء امطري فتمطر وللأرض أن تُنبت فتُنبت، ويأتي على الخربة فيقول أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل "*(٦)

إنها مخاريق إنها فتنة دهياء عمياء صماء، فالذي يفتتن بفتنةٍ قبل الدجال والذي تكون هي أقل شأناً منها فمن باب أولى إذا خرج فسيفتتن به ولا شك
أما الذين ثبتوا فلو تتزحزح الجبال ما تزلزلوا وما يرجعون عن دينهم،

ولهذا ففي حديث الشاب قال عليه الصلاة والسلام:
*"فيأتي إليه فيقول: أوما تؤمن بي ؟ فيقول : أنت الدجال الذي ذكرك رسول الله، فيقول للناس: أرأيت إن قتلت هذا الشاب ثم أحييته أتشكون في الأمر، أتشكون أني ربكم؟ فيقولون لا لا نشك أنت إذاً تُحيي الموتى، قال فيؤتى بالمنشار فيشق هذا الشاب نصفين رمية الغرض ، قال ثم يمر بين القطعتين ثم يقول له قم ، قال النبي معلماً أمتة العقيدة الصحيحة فيقوم حياً بإذن الله،*"
لكنها فتنة ليميز فيها الخبيث من الطيب،
*"فيقُبل الدجال عليه يتهلل ويبتسم ضاحكاً فيظن أنه سيؤمن به وأنه قد انتصر عليه فيقول : أوما تؤمن بي؟ فيقول واللّه ما ازددت فيك إلا بصيرة،*"
وفي رواية : *"واللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي اليَومَ*"

ولهذا الثابت على الحق المؤمن بالله المتقي لله الذي لا تزلزله الفتن ولا تغيره كلما اشتدت الفتن كلما ازداد ظهور ثباته على الحق،

✍🏻ولهذا يقول ابن الوزير:
*"الفتن تظهر معادن الرجال*"
تُظهر رديئها من جيدها،

👈🏻 *وما سميت الفتنةُ فتنة إلا من افتتان الذهب بالنار*،

إذا أراد الرجل أن يعرف رديئه من جيده فالذهب الخالص كلما ازداد في الجمر إحراقاً كلما ازداد لمعاناً،

وهكذا هو حال للمؤمن في الفتن يزداد ثباته وتظهر قوة تمسكه بالحق أكثر مما كان عليه،

🌴 وفي حديث الشاب *"فيأتي الدجال بعد ذلك فيقول أوما تؤمن بي؟ فيقول : والله ما ازددت فيك إلا بصيرة، فينظر الدجال إلى الناس فيقول : أيها الناس اعلموا أنه لن يُسلَّط على أحدٍ بعدي،*"

هذا الشاب علم من حديث رسول الله أن آخر من يقتله الدجال شابُ مؤمن، ثابت على الحق على علم وبصيرة، فينظر إلى الناس يطمئنهم لعلهم يرجعون إلى الحق، أيها الناس : *"اعلموا أنه لن يُسلَّط على أحدٍ بعدي،"*

*"فيأتي الدجال يريد أن يذبحه فإذا بالله قد جعل من ترقوته إلى نحره نحاساً، فلا يستطيع الرب العاجز في نفسه أن يذبحه، فيُأمر به فيأخذوا بيديه ورجليه فيأمر به أن يُقذف به إلى النار، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيحسِب الناس أنه رمى به إلى النار وإنما رمى به إلى الجنة،*"
لأن النبي قال في هذا الساحر الكذاب الدجال الأفاك إن معه جنةً وناراً فجنته نار وناره جنة، فيرمي به إلى النار الذي يراها الناس أنها نار،

*"قال النبي فيحسبون أنه رمى به إلى النار وإنما رمي به إلى الجنة فذلك من خير الشهداء يومئذٍ.*"

فيا عباد الله :
الثبات الثبات في زمن الفتن، الدين الدين الذي هو أغلى إلينا من دمائنا ومهج قلوبنا،

🔥 هذه الفتن إنما جعلها الله عز وجل مرادةً لغيرها ليمحص الله أهل الإيمان، ويظهر أهل النفاق والغطرسة وليميز الخبيث من الطيب،
🌴قال الله عز وجل :
*﴿ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤمِنينَ عَلى ما أَنتُم عَلَيهِ حَتّى يَميزَ الخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}* آل عمران:١٧٩.

🌴وقال سبحانه :
*{ لِیَمِیزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِ وَیَجۡعَلَ ٱلۡخَبِیثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضࣲ فَیَرۡكُمَهُۥ جَمِیعࣰا فَیَجۡعَلَهُۥ فِی جَهَنَّمَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ(37)}*
[الأنفال:37].

🌴 وقال الله تعالى:
*{أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ(2)وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَیَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَلَیَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِینَ(3)}*
[العنكبوت:2،3].
أي سيُعلم الله كل واحد منا أهو صادق في إدعائه أم كاذب فيما يقوله من الإيمان والغيرة على الدين والثبات عليه، ليحيى من حيِّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة،

*فالطريقُ طريقٌ تعب فيه آدم ، وناح لأجله نوح ، ورُمي في النار الخليل ، وأُضجع للذبح إسماعيل ’ وبِيع يوسف بثمن بخس ، ولبث في السجن بضع سنين ، ونُشر بالمنشار زكريا ، وذبح السيد الحصور يحيى ، وقاسى الضرَّ أيوب ، وزاد على المقدار بكاءُ داود ، وسار مع الوحش عيسى ، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم.*"

🤲🏻 اللهم إنا نسألك الثبات على الدين، والملة حتى نلقاك، اللهم يا مصرف القلوب ثبت قلوبنا على دينه اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين اللهم احفظنا بالإسلام راقدين، اللهم لا تشمت بنا عدواً ولا حاسداً، اللهم إنا نسألك من كل خيرٍ خزائنه في يدك، ونعوذ بك اللهم من كل شرٍ خزائنه في يدك، اللهم أعز الاسلام والمسلمين، وانصر الإسلام والمسلمين، وأذل أعداءك أعداء الدين من اليهود والنصارى والمنافقين، اللهم اقتلهم بدداً، واحصهم عددا، ولا تغادر منهم أحدا، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تحقق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرةً وآية، اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف، اللهم لا تميتهم حتى تذيقهم العذاب الآليم، اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب هازم الأحزاب اهزم اليهود والنصارى ومن ناوئهم وتعاون معهم، اللهم انصرنا عليهم وزلزلهم، اللهم انصرنا عليهم وزلزلهم، اللهم إنا نسألك أن تنجي المؤمنين المستضعفين في أرض فلسطين وفي غزة ورفح وجميع بقاع الأرض يارب العالمين، اللهم كن لهم معيناً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً وحافظاً، اللهم تقبل قتلاهم، وداوي جرحاهم، واشفي مرضاهم، وعزي مصابهم واجبر كسيرهم ورد غائبهم وصن أعراضهم واحفظ دماءهم وارد لهم أرضهم، وفك حصارهم، اللهم انصرهم ياخير الناصرين، اللهم إنا ننشدك نصرك العاجل، اللهم فرجك العاجل، اللهم يا الله كن لهم مؤيداً ونصيراً، اللهم استر عوراتهم وآمن روعاتهم، اللهم إذا أردت بقومٍ فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحابه أجمعين
_
(١) رواه مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه.

(٢) صححه الألباني في قصة المسيح الدجال من حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه .

(٣) رواه البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه .

(٤) رواه أحمد ،والحاكم وصححه الشيخان .

(٥) رواه حنبل في الفتن، والطبراني اختلاف يسير وصححه الألباني عن ابن عمر رضي الله عنهما.

(٦) رواه أبو داود عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه وصححه الألباني.
https://www.tg-me.com/ALTAMSOKPLSNa
خطبة بعنوان:
[(نعمة الزواج والحث عليه )]
[(والحث على اختيارالمرأة الصالحة)]

الخطبة الأولى/
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون}[آل عمران: 102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: 1]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب: 70-71]
عباد الله اعلموا أن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وشرَ الأمور محدثاتُها، وكلَ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار
أعاذنا الله وإياكم من البدع والضلالات والنار.
أما بعد:
فإن من سنن الله الكونية أن خلق من كل جنس زوجين اثنين لتستمر حياة الكائنات على وجه هذه البسيطة،قال تعالى: { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) }[ سورة الذاريات : 47 إلى 49 ]
وقال تعالى: { وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ (45) مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَىٰ (47) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ (48) }[ سورة النجم : 45 إلى 48 ]
ثم إن الله جل في علاه فضل بعض هذه الأجناس على بعض،وجعل أكرمها وأفضلها جنس بني آدم،حيث ميزهم على غيرهم بكثير من والمميزات،وكرمهم بكثير من الصفات، وجعل لهم نظاما يناسبهم، وسيرا يلائمهم،وحد لهم حدودا لايتجاوزونها،وشرط عليهم شروطا لا يخالفونها،وفرض عقوبات لمن يشذون عنها،وكلها في صالحهم،ويعود نفعها عليهم،فقد ميز حياتهم عن حياة غيرهم ،قال تعالى: { ۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا }[ سورة الإسراء : 70 ]
فمن انتظم وشكر أفلح وأُجِر،ومن فسد وكفر خاب وخسر،قال تعالى: { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَـٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) }[ سورة التين : 1 إلى 6 ]
ومن حكمة الباري جل في علاه أن خلق لآدم زوجة من ضلعه،يأنسها وتأنسه،قال تعالى:{ خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ }[ سورة الزمر : 6 ]
قال المفسر ابن كثير رحمه الله : وقوله : ( خلقكم من نفس واحدة ) أي : خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفس واحدة ، وهو آدم - عليه السلام - ( ثم جعل منها زوجها ) ، وهي حواء ، عليهما السلام ، كقوله : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) [ النساء : 1 ] .
وقال رحمه الله:" يقول تعالى آمرا خلقه بتقواه ، وهي عبادته وحده لا شريك له ، ومنبها لهم على قدرته التي خلقهم بها من نفس واحدة ، وهي آدم ، عليه السلام ( وخلق منها زوجها ) وهي حواء ، عليها السلام ، خلقت من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم ، فاستيقظ فرآها فأعجبته ، فأنس إليها وأنست إليه"ا.ه
فهذه آية من آيات الله الكونية التي ينبغي التفكر فيها،والتي يجب شكر الله عليها،يقول رب العزة والجلال في كتابه الكريم:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }[ سورة الروم : 21 ]
قال المفسر البغوي رحمه الله:( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ) قيل : من جنسكم من بني آدم . وقيل : خلق حواء من ضلع آدم ( لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) جعل بين الزوجين المودة والرحمة فهما يتوادان ويتراحمان ، وما شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) في عظمة الله وقدرته"ا.ه
فالزواج ياعباد الله من أعظم النعم التي يجب شكر الله عليها،وهي من السنن الكونية التي تقوم بها الحياة،وبه تتكون الأسرة المسلمة،وبه يعف العبد نفسه من الفواحش والمنكرات،فقد روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء"
يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذين عندهم القدرة البدنية والمالية من الشباب بالزواج،فإنه يجب على من خشي على نفسه الفتنة،ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه يكسر الشهوة ويمنع من الوقوع في الحرام.
فلا ينبغي التأخر عن الزواج لمن قدر عليه،فإن من الفهم الخاطئ أن كثيرا من الناس ما يزوجون أبناءهم حتى تشتعل رؤوسهم شيبا بحجة إكمال دراستهم ،أو حتى يتوظفون،أو بحجة تأمين المستقبل،ثم يحصل من الفساد العريض ما الله به عليم،المستقبل بيد الله يا عباد الله،فإن من ضعف الإيمان الخوف من الفقر والجوع،والله تعالى قد تكفل بأرزاق الخليقة،قال تعالى: { ۞ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }[ سورة هود : 6 ]
فإن الله تعالى قد تكفل بأرزاقهم مع أرزاقكم،بل رزقكم وأنتم صغار لاتملكون من الأمر شيئا،فسيرزق أبناءكم وأولادهم،قال تعالى: { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا }[ سورة الإسراء : 31 ]
بل إن الزواج من أسباب الرزق،قال تعالى:{ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }[ سورة النور : 32 ]
ذكر ابن كثير في تفسيره عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، قال : أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ، ينجز [ لكم ] ما وعدكم من الغنى ، قال : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "التمسوا الغنى في النكاح ، يقول الله تعالى : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) رواه ابن جرير"ا.ه
وروى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمُ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ".
فكيف يعرض بعض الناس عن الزواج ويخافون الفقر، والزواج سنة الأنبياء،وعلى رأسهم نبينا صلى الله عليه وسلم،بل هي سنة الأولين والآخرين من الجن والإنس أجمعين،قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ }[ سورة الرعد : 38 ]
وروى الإمام أحمد وغيره عَنْ أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ ".
لكن بعض الناس يريد أن بعيش كحياة البهائم يقضي شهوته في الحرام،فيخاف الفقر ولا يخاف الإثم،والعواقب السيئة والله المستعان.
ومن الشباب من يعجز عن الزواج بسبب غلاء المهور،فينبغي على أولياء الأمورتسهيل أمور الزواج وتكاليفه، وأن يخفضوا المهور ولا يشددوا على الشباب، ،يجعل الله البركة في ذلك وتسعد البنات بإذن الله، فإن المال فاني مهما كثر ،والرجل الصالح هو الذي سيبقى وينفع الله به البنت،فقد روى أبو داود عَنْ عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : : " خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ ".
فتخفيف المهور على الشباب سبب للبركة في الزواج بإذن الله،وغلاء المهور والتشديد على الزوج ربما يكون سببا لمحق بركة الزواج،وربما يحصل النفور وتذهب المودة بين الزوجين،وتحصل النفرة بينما فاتقوا الله يا معاشر الأباء في بناتكم.
وعلى الأب أن يختار الرجل الصالح التقي الكفو الذي يصون البنت ويكرمها ويعلمها دينها ويتقي الله فيها ويهديها إلى سواء السبيل، فإن بعض الناس إذا جاءه الرجل الصالح رده بسبب فقره،فيعضل البنت عن الزواج حتى يشتعل رأسها شيبا،بل ربما حصلت الفواحش وكثر الزنا بسبب رد الخطاب،فقد روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،رضي الله عنه،
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ، وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ".
والفساد العريض هو أن تكثر النساء فيبقين بلا أزواج،ويكثر الشباب ويبقون بلا زوجات،ومن ثَمَّ يكثر الزنا والفواحش، ويلحق الأباء العار وتنتشر الفتن وتقل العفة،وتقل الذرية،ويفسد الشباب وغير ذلك من أنواع الفساد العريض.
فإن كثيرا الناس من لا يزوج إلا أرباب الأموال والمناصب، وأصحاب الأحساب والأنساب، ثم يفرض عليهم أموالا كثيرة، وكأن البنت سلعة تباع وتشترى ،فما يدري المسكين إلا وأهان ابنته؛لأنه دفع مقابلها مالا كثيرا، وربما طلقها وتزوج غيرها،وربما كانت هذه عقوبة لهما بسبب الطمع بالمال والحسب ورد الرجل الصالح المسكين.
فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزوج الرجل بما معه من القرآن،أو بشيء من الثياب،أو بشيء من المال أو المتاع،فقد روى البخاري ومسلم عن سَهْل بْن سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه قال : إِنِّي لَفِي الْقَوْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ قَامَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ. فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتْ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ. فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ : إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ. فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحْنِيهَا. قَالَ : " هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ ؟ ". قَالَ : لَا. قَالَ : " اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ ". فَذَهَبَ، فَطَلَبَ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ : مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. فَقَالَ : " هَلْ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ ؟ ". قَالَ : مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا. قَالَ : " اذْهَبْ، فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ".
فالزواج يا عباد الله من نعم الله على خلقه،إذ يحصل به السكن والأُنس والعفة والذرية،وبسببه تستمر الحياة لبني الإنسان،قال تعالى: { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }[ سورة النحل : 72 ]
قال ابن كثير رحمه الله: "يذكر تعالى نعمه على عبيده ، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجا من جنسهم وشكلهم [ وزيهم ] ولو جعل الأزواج من نوع آخر لما حصل ائتلاف ومودة ورحمة ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورا وإناثا ، وجعل الإناث أزواجا للذكور.
ثم ذكر تعالى أنه جعل من الأزواج البنين والحفدة ، وهم أولاد البنين.."ا.ه
وقال السعدي رحمه الله: "يخبر تعالى عن منته العظيمة على عباده، حيث جعل لهم أزواجا ليسكنوا إليها، وجعل لهم من أزواجهم أولادا تقرُّ بهم أعينهم ويخدمونهم، ويقضون حوائجهم، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة"ا.ه
نسأل الله أن ييسر أمور الشباب وأن يهدي الآباء لتيسير مؤن الزواج.










الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين،ولا عدوان إلا على الظالمين،وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين،والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ،وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول رب العزة والجلال في محكم التنزيل:{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ }[ سورة النساء : 34 ]
أخبر الله أن القوامة للرجل على المرأة لما أختص الله الرجال من المميزات على النساء، من قوة البدن، ورجاحة العقل،والصبر والجلد والنفقة وغير ذلك،ثم مدح المؤمنات الصالحات، القانتات لربهن، المطيعات لأزواجهن، الحافظات لحقوقهم في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم وأولادهم،فقال سبحانه: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ }.
قال ابن كثير رحمه الله :قال ابن عباس وغير واحد : يعني مطيعات لأزواجهن ( حافظات للغيب )،قال السدي وغيره : أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله"ا.ه
فينبغي على الرجل أن يختار المرأة الصالحة؛لأنها شريكة حياته تعينه في أمور دينه ودنياه،فتحفظ ماله وتربي أولاده التربية الشرعية وتتقي الله فيه،فقد روى ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك " .
قال : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( الرجال قوامون على النساء ) إلى آخرها .
فمن هنا حث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار المرأة الصالحة،وتقديمها على غيرها،لما روى أبو داود وغيره ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪـ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ:"ﺗﻨﻜﺢ اﻟﻤﺮﺃﺓ ﻻﺭﺑﻊ ﻟﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﻟﺤﺴﺒﻬﺎ ﻭﻟﺠﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﻟﺪﻳﻨﻬﺎ ﻓﺎﻇﻔﺮ ﺑﺬاﺕ اﻟﺪﻳﻦ ﺗﺮﺑﺖ ﻳﺪاﻙ"
أي أن الغالب على الناس أنهم يختارون ذات الحسب والنسب والمال والجمال،وقليل من يبحث عن ذات الدين،ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختيار ذات الدين،فإن اجتمع دين وجمال وحسب فلا مانع ،لكن ليكن همك أيها الشاب المرأة الصالحة.
قال النووي رحمه الله :"أخبراﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺩﺓ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻘﺼﺪﻭﻥ ﻫﺬﻩ اﻟﺨﺼﺎﻝ اﻷﺭﺑﻊ ﻭﺁﺧﺮﻫﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺫاﺕ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﺎﻇﻔﺮ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﺮﺷﺪ ﺑﺬاﺕ اﻟﺪﻳﻦ"
ومعنى :"ﻓﺎﻇﻔﺮ ﺑﺬاﺕ اﻟﺪﻳﻦ ﺗﺮﺑﺖ ﻳﺪاﻙ"هذه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﺴﻨﺔ اﻟﻌﺮﺏ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺑﻬﺎ اﻟﺪﻋﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ﻭﻻ ﻭﻗﻮﻉ اﻷﻣﺮ ﺑﻪ ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﺚ ﻭاﻟﺘﺤﺮﻳﺾ.
وقيل (ﺗﺮﺑﺖ ﻳﺪاﻙ) ﺃﻱ اﻓﺘﻘﺮﺗ وﺧﺎﺑﺖ ﻭﺧﺴﺮﺕ يداك ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ.
فقد صار غالب الشباب يبحث عن الجمال أوالحسب والمال ولا يبالي بالدين،فإذا بالمرأة تنقلب عليه رأسا على عقب،فتفتخر عليه بجمالها أو بحسبها أو بمالها فتنكد عليه حياته،وهذا حاصل وواقع مشاهد،والمحاكم مليئة بالمتخاصمين في هذا الباب،وكل ذلك بسبب سوء الاختيار من أول يوم،فقد يتزوج الرجل المرأة لجمالها دون تقواها فيورثه الله قبحها،وقد يتزوج المرأة لمالها فيورثه الله فقرها،وقد يتزوجها لحسبها فيورثه الله ذلها،أما الذي يتزوج المرأة لدينها فإن الله يورثه جمالها ويجعل البركة في حالها ومالها،وتغمر السعادة بيتها وزوجها بإذن الله ربها،فيجمع الله بينهما على خير،ويرزقهما المودة والوئام،وحسن العشرة،والأولاد الصالحين.
فإن المرأة الصالحة من أسباب السعادة يا عباد الله، لما روى ابن حبان ﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪـ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:" ﺃﺭﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ اﻟﻤﺮﺃﺓ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻭاﻟﻤﺴﻜﻦ اﻟﻮاﺳﻊ ﻭاﻟﺠﺎﺭ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭاﻟﻤﺮﻛﺐ اﻟﻬﻨﻲء
ﻭﺃﺭﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﺸﻘﺎء اﻟﺠﺎﺭ اﻟﺴﻮء ﻭاﻟﻤﺮﺃﺓ اﻟﺴﻮء ﻭاﻟﻤﺮﻛﺐ اﻟﺴﻮء ﻭاﻟﻤﺴﻜﻦ اﻟﻀﻴﻖ"
فإن خير ما في هذه الدنيا لهو المرأة الصالحة، فقد روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ،رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا ؛ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ".
وهي التي ﺇﺫا ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺳﺮﺗﻪ ﻭﺇﺫا ﺃﻣﺮﻫﺎ ﺃﻃﺎﻋﺘﻪ ﻭﺇﺫا ﻏﺎﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺣﻔﻈﺘﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﻣﺎﻟﻪ.
المرأة الصالحة نصف الدين،فقد روى الطبراني ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪـ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ :"ﻣﻦ ﺭﺯﻗﻪ اﻟﻠﻪ اﻣﺮﺃﺓ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻓﻘﺪ ﺃﻋﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻄﺮ ﺩﻳﻨﻪ ﻓﻠﻴﺘﻖ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﻄﺮ اﻟﺒﺎﻗﻲ"
فقد سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ ؟ فَقَالَ : " الْفَمُ وَالْفَرْجُ"روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فبالمرأة الصالحة يعف فرجه،ويبقى عليه حفظ لسانه.
المرأة الصالحة تعين الرجل على صلاته وصيامه وقيامه،وجميع أمور دينه،فقد روى النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ ".
فإن المرأة الصالحة تقوم الليل وتوقظ زوجها وأولادها للصلاة.
ومن ثمار المرأة الصالحة أنها تربي أولادا صالحين،لأن أول مراحل الأطفال يبدأ من عند الأم،وقد أحسن من قال:
الأم مدرسة إن أعددتها:::: أعددت جيلا طيب الأعراقِ
ولقد ربت نساء الصحابة أولادهن تربية دينية،فتخرَّجوا سادة وقادة وعلماء ربانيين بلغوا دين الله في أرجاء البلاد، وفتح الله بهم قلوب العباد،كأمثال أم سليم رضي الله عنها زوجة أبي طلحة رضي الله عنه،أم أنس بن مالك رضي الله عنه،جعلته خادما لرسول الله صلى الله عليه وسلم،وغيرها من الصحابيات اللاتي ربينَ أبطالا فتحوا مشارق الأرض ومغاربها،ودانت لهم العرب والعجم .
فليحرص العبد على اختيار المرأة الصالحة،فمن تزوج امرأة فاسدة أو سيئة الخلق فلا يلومنّ إلا نفسه،فقد روى الحاكم عن أبي موسى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«ﺛﻼﺛﺔ ﻳﺪﻋﻮﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺠﺎﺏ ﻟﻬﻢ: ﺭﺟﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻪ اﻣﺮﺃﺓ ﺳﻴﺌﺔ اﻟﺨﻠﻖ ﻓﻠﻢ ﻳﻄﻠﻘﻬﺎ ﻭﺭﺟﻞ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﺎﻝ ﻓﻠﻢ ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺭﺟﻞ ﺁﺗﻰ ﺳﻔﻴﻬﺎ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻻ ﺗﺆﺗﻮا اﻟﺴﻔﻬﺎء ﺃﻣﻮاﻟﻜﻢ}
ومن زعم أنه سيتزوج امرأة فاسدة لأجل جمالها ثم يصلحها بعد فقد أخطأ،فإنها ربما أفسدته،فقد تزوج عمران بن حطان امرأة خارجية فاسدة لجمالها، وزعم أنه سيردها إلى السنة،فردته إلى البدعة فصار خارجيا يمدح عبدالرحمن بن ملجم الخارجي الذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومن كانت تحته امرأة سيئة فليسعَ بالأسباب في صلاحهاوذلك بتعليمها دين الله وإبعادها عما يغضب الله،فإن الله تعالى يقول:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُواأَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }[ سورة التحريم : 6 ]
فمن أسباب صلاحها أن يأذن لها بطلب العلم وحضور حلق الذكر وحفظ القرآن الكريم أو ما تيسر منه،ومجالسة النساء الصالحات،وإبعادها عن مجالسة الفاسدات،وأن يمنعها من الشاشات ومشاهدة المسلسلات وسماع الأغنيات، فإنها من أهم الأسباب في فساد المرأة،بل هي كفيلة في فساد الرجل قبل المرأة ناهيك عن الأطفال،فالبيت الذي فيه معاصي تقطن فيه الشياطين،والبيت المعمور بالذكر والطاعات تدخله الملائكة وتغشى أهله الرحمة وتتنزل عليهم السكينة { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29) }[ سورة الرعد : 28 إلى 29 ]
ومما ينبغي على المسلم أن يختار المرأة الولود الودود،والولود:هي التي تنجب الأولاد لتكوين الأسرة المسلمة وتكثير سواد المسلمين،والودود:هي المتحببة إلى زوجها، ليسود الأُنس والمودة والألفة والوئام ، ،فقد روى أبو داود عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍرضي الله عنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟ قَالَ : " لَا ". ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : " تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ ".
قال بعض أهل العلم:" ويعرف هذان الوصفان-أي أن تكون المرأة ولودا ودودا،- في الأبكار من أقاربهن إذ الغالب سراية طباع الأقارب بعضهن إلى بعض"
فإذا كانت الأسرة كلها صالحةً،مستقيمةً على شرع الله،الأولاد والأبوان،فإنهم تجتمعون في الجنة بدرجة واحدة،وهي درجة الأعلى منهم، ولا ينزل الأعلى إلى درجة الأدنى، قال تعالى: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ }[ سورة الطور : 21 ]
قال المفسر السعدي رحمه الله:" وهذا من تمام نعيم أهل الجنة، أن أَلْحق الله [بهم] ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان أي: الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم، فصارت الذرية تبعا لهم بالإيمان، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم، فهؤلاء المذكورون، يلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها، جزاء لآبائهم، وزيادة في ثوابهم، ومع ذلك، لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئا،"ا.ه
ويفضل أن يتزوج الرجل بكرا لتتم الألفة وتكتمل المحبة،حتى لا يتعلق قلبه بغيرها،بينما الثيب ربما لا يقتنع بها وربما كان قلبها معلق بزوجها الأول،كذا ذكر بعض أهل العلم،ولا بأس بالزواج بالثيب إذا كانت صالحة وكان هناك مصالح شرعية، فقد روى البخاري ومسلم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ : تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : " يَا جَابِرُ تَزَوَّجْتَ ؟ ". قُلْتُ : نَعَمْ. قَالَ : " بِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ ؟ ". قُلْتُ : ثَيِّبٌ. قَالَ : " فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا ؟ ". قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ، فَخَشِيتُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُنَّ، قَالَ : " فَذَاكَ إِذَنْ، إِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا، وَمَالِهَا، وَجَمَالِهَا، فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ ؛ تَرِبَتْ يَدَاكَ ".
فيندب ﻣﻼﻋﺒﺔ اﻟﺮﺟﻞ اﻣﺮﺃﺗﻪ ﻭﻣﻼﻃﻔﺘﻬﺎ ﻭﻣﻀﺎﺣﻜﺘﻬﺎ ﻭﺣﺴﻦ اﻟﻌﺸﺮﺓ معها لتقوى العلاقة وتدوم المحبة بإذن الله.
{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }
رَبِّنا هَبْ لِنا مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ
اللهم أصلحنا وأزواجنا وذراتنا وتوفنا مع الأبرار،والحمدلله رب العالمين.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🍂 سبب تسلط أعداء الإسلام
🎙للأخ الفاضل أبي عبدالعزيز عبدالملك الحاشدي _حفظه الله_
🗓 *#تقويم_التمسك_بالسنة_نجاة*
*#الجمعة#١٥_ذو الحجـــــة ١٤٤٥هـ*
*📋#التقويم_الهجري*
*الدال على الخير كفاعله*
https://www.tg-me.com/ALTAMSOKPLSNa
• - قال الله ﷻ : ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾

✍🏻قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

• - فهذا وصف المؤمن ، كان ميتاً في ظلمة الجهل ، فأحياه الله بروح الرسالة ونور الإيمان ، وجعل له نوراً يمشي به في الناس ، وأما الكافر فميّت القلب في الظلمات " .

📚النبوات(٢٥/١).

https://www.tg-me.com/ALTAMSOKPLSNa
2024/09/29 09:29:38
Back to Top
HTML Embed Code: