Telegram Web Link
رح صدره، ويطمئن قلبه, ولا يخشى أحداً، ولا يخاف حدثاً، وقد قال سبحانه في المؤمنين ﴿ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [محمد : 2] ((ومتى صلح البال استقام الشعور والتفكير، واطمأن القلب والضمير، وارتاحت المشاعر والأعصاب، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام))..

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ((ولو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه وكان مأمورا بإزالته لأزاله)).

لقد تسلح بالتوكل على الله تعالى الأنبياء في كل نائبة أصابتهم، وفي كل ملمة أحاطت بهم.. جعلوه عدتهم في الشدائد، واتخذوه سلاحاً ضد أهل المكائد؛ اجتمع قوم الخليل عليه السلام، وأضرموا ناراً ليحرقوه بها، فنُجي منها بتوكله على الله تعالى. وتحزبت الأحزاب على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فخذلهم الله تعالى بتوكله على ربه سبحانه، قال ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : (([حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ] قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السَّلَام حين أُلقى في النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حين قالوا ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ﴾ [آل عمران : 173])) رواه الشيخان.

وحين طورد موسى ومن معه من المؤمنين، وحوصروا وخافوا الهلاك؛ ففرعون وجنده وراءهم، والبحر أمامهم؛ كان توكل الكليم عليه السلام على ربه مسعفاً لهم، وسبباً في زوال كربهم، وإنقاذ أرواحهم ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ ﴾ [الشعراء : 61-63].

ولجأ إلى التوكل يعقوب عليه السلام حين خاف على بنيه شياطين الإنس فأوصاهم ثم قال ﴿ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله مِنْ شَيْءٍ إِنِ الحُكْمُ إِلَّا لله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف : 67].

وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد حقق من التوكل أعلى منازله، ووثق بربه سبحانه في أعسر مواقفه، فلم يتزعزع إيمانه، ولم يهتز يقينه، وكان التوكل على الله تعالى سلاحه.. وقف المشركون على الغار يطلبونه؛ حتى خشي أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ((لو أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما ظَنُّكَ يا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا))متفق عليه. يقين بالله تعالى تام، وتوكل بالغ، وطمأنينة وسكينة، ونبذ لكل الأسباب إلا سبب الله تعالى.

ومن الدروس النبوية في التسلح بالتوكل للشدائد تعلم عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فلما بُشر بالجنة على بلوى تصيبه ما زاد على أن قال : (( الله الْمُسْتَعَانُ، اللهم صَبْراً، على الله التُّكْلاَنُ))رواه أحمد. إنه رضي الله عنه لم يسأل : متى تكون البلوى؟ ولا كيف تكون؟ ولم يعتن بمعرفة نوعها، ولا من وراءها. وإنما اعتنى بشيء واحد هو العدة في البلاء، والعون في الشدة.. اعتنى بالاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه، فلما وقعت البلوى أعين علىها، وثبت فيها، وتجاوزها بأحسن اختيار؛ إذ حوصر في الدار فلم يتزعزع، وكان ثباته ورباطة جأشه سبباً في حقن دماء المسلمين، حتى قتله الخوارج صابراً محتسباً ثابتاً، فنال الثبات ببركة دعائه واستعانته بالله تعالى وتوكله عليه لما علم أنه يبتلى.

ولنا يا عباد الله في المتوكلين خير قدوة؛ فإن الله تعالى لما أخبر عن توكل الخليل عليه السلام، ومواجهته لقومه، وتبرئه منهم بدأ الآية بقوله سبحانه ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ....وختمها بدعائهم قائلين : رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ ﴾ [الممتحنة : 4] فلنكن كما كانوا، ولنتسلح بالتوكل على مرّ المصائب ومخوف الأقدار؛ فإن الله تعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم قائلاً ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال : 64] فالله تعالى يكفينا متى ما توكلنا عليه سبحانه.. اللهم املأ قلوبنا إيماناً ويقينا بك، وتوكلاً عليك، وإنابة إليك، ورضاً بك وعنك وأرضنا وارض عنا، وادفع البلاء عنا وعن المسلمين يا رب العالمين..

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أمـــا بـــعـــد : فاتقوا الله تعالى
وأطيعوه، واعلموا أن أقدار الله تعالى في عباده ماضية، وأ

ن أحكامه فيهم نافذة، لا يردها جزع، ولا يفرُّ منها أحد، ولكن يقوي المؤمن ويعينه على مواجه
تها تقوية القلوب بالتوكل، والإقبال على الله تعالى بالتوبة والعبادة والدعاء ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة : 51].

أيها المسلمون : التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المنافع ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها، وكم من مغرور يعتقد أنه متوكل على الله تعالى وهو متوكل على الأسباب، متعلق بالخلق، وقد جاء في الحديث : ((من تعلق شيئاً وكل إليه))رواه الترمذي.

ويجب على المؤمن أن يستحضر أن أغلى شيء على نفسه هو دينه ومرضاة ربه سبحانه.. يهون في سبيلها كل محبوب من أهل وولد ومال وجاه.. بل كل الدنيا لا تساوي شيئاً عند المؤمن في مقابل دينه؛ ولذا فإنه ينبغي للمؤمن في حال الفتن والمحن، وبوادر الخوف والاضطراب في الأرض، أن لا يشغله شاغل أكبر من ثبات نفسه وأهله وولده على دينهم؛ لأن الدنيا زائلة بأفراحها وأتراحها، ولا خلود إلا في دار القرار، ولا سعادة للمرء فيها إلا بالثبات على الدين، ذلك أن من المتوكلين من يتوكل على الله تعالى في نيل شيء من الدنيا أو حفظه، فيعطيه الله تعالى ما أراد جزاء توكله عليه، ولكن يفوته ما هو أعظم وأجل، وهو التوكل على الله تعالى في حفظ دينه وثباته عليه، ودعوة الناس إليه.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى : ((فأفضل التوكل : التوكل في الواجب؛ أعني واجب الحق وواجب الخلق وواجب النفس، وأوسعه وأنفعه : التوكل في التأثير في الخارج في مصلحة دينية أو في دفع مفسدة دينية، وهو توكل الأنبياء في إقامة دين الله، ودفع فساد المفسدين في الأرض، وهذا توكل ورثتهم ثم الناس بعد في التوكل على حسب هممهم ومقاصدهم؛ فَمِنْ متوكل على الله في حصول الملك، ومن متوكل في حصول رغيف))اهـ.

ومهما عظمت المحنة، واشتد الكرب، وتتابع البلاء؛ فإن للمتوكلين ثباتاً لا يناله غيرهم، وسعادة تخرج لهم من رحم معاناتهم، يحسونها وهم في معمعة ابتلاءاتهم حتى إن من يراهم يكون أشد ألماً منهم لما أصابهم، وهم في طمأنينة لا توصف.. ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطَّلاق : 3] وفي هذه الآية العظيمة إغراء بالتوكل على الله تعالى في كل الأحوال؛ لأن الله تعالى قد أخبر أنه يكفي المتوكل ﴿ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ فيكفيه في حصول ما يطلب، أو دفع ما يكره، فإن رأى العبد أنه بعيد كل البعد عن ذلك؛ لقرب الأخطار منه، وبعد النجاة عنه؛ جاءه التأكيد الآخر ﴿ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ﴾ فلا بد من وقوع أمره وحكمه وإن بدا للعبد بعده، ولكن ذلك لا يكون إلا في أوانه المناسب ﴿ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾.

ولأهمية التوكل في حياة المؤمن كان الدعاء به من أذكار الخروج من المنزل؛ لأن الخارج لا يدري ما يعرض له من البلاء والفتنة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خَرَجَ من بَيْتِهِ قال في جملة من الذكر والدعاء : ((بِسْمِ الله تَوَكَّلْتُ على الله)) ونتيجة هذا التوكل الكفاية والحفظ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إذا خَرَجَ الرَّجُلُ من بَيْتِهِ فقال : بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ على اللَّهِ لَا حَوْلَ ولا قوة إلا بِاللَّهِ قال يُقَالُ حِينَئِذٍ : هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى له الشَّيَاطِينُ فيقول له شَيْطَانٌ آخَرُ : كَيْفَ لك بِرَجُلٍ قد هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ))رواه أبو داود وصححه ابن حبان.

فلنحافظ - عباد الله :
على هذا الذكر المبارك، وليكن أهم مقصد لنا في توكلنا حفظ ديننا، ثم صلاح دنيانا، فصلاح الدنيا معين على القيام بحقوق الله تعالى وحقوق خلقه علينا.. ﴿ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ ﴾ [الممتحنة : 4]..

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
🎤
خطبة.جمعة.بعنــوان.cc
الأخــــــــــــــوة فــــي الــــلــــــــه
للشيــخ/ مـــحـــمــــــــد حــــســــــان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

ملخص الخطبة :
1- حقيقة الأخوة في الله
2- حــــقــــوق الأخــــــــوة
3- الطــــريق إلى الأخــــوة

الخطبــــة.الأولــــى.cc
أحبتى فى الله : إننا اليوم على
موعد مع موضوع من الأهمية القصوى بمكان وهو بعنوان ((الأخوة فى الله)) وكما تعودنا دائماً سوف ينتظم حديثنـا مع حضراتكم تحت هذا العنوان الرقيق فى العناصر التالية:-
أولاً: حقيقة الأخوة فى الله.
ثانياً: حقوق الأخوة.
ثالثاً: الطريق إلى الأخوة.

فاسمحوا لى أن أقول :
أعرونى القلوب والأسماع والوجـدان، والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القـول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم ألوا الألباب.

أولاً: حقيقة الأخوة :
أحبتى فى الله: لقد أصبحت
الأمـة اليوم كما تعلمون غثاء كغثاء السيل، لقد تمـزق شملها وتشتت صفها، وطمع فى الأمـة الضعيف قبل القوى، والذليل قبل العزيز، والقاصى قبل الدانى، وأصبحت الأمة قصعة مستباحة كما ترون لأحقر وأخزى وأذل أمم الأرض من إخـوان القردة والخنازير، والسبب الرئيس أن العالم الآن لا يحترم إلا الأقوياء ،والأمة أصبحت ضعيفة، لأن الفرقة قرينة للضعف، والخذلان، والضياع، والقوة ثمرة طيبة من ثمار الألفة والوحدة والمحبة، فما ضعفت الأمة بهذه الصورة المهينة المخزية إلا يوم أن غاب عنها أصل وحدتها وقوتها ألا وهو ((الأخوة فى الله))

بالمعنى الذى جاء به رسول الله فمحال محال أن تتحقق الأخوة بمعناها الحقيقى إلا على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها، كما حولت هذه الأخوة الجماعة المسلمة الأولى من رعاة للغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والأمم، يوم أن تحولت هذه الأخوة التى بنيت على العقيدة بشمولها وكمالها إلى واقع عملى ومنهج حياة، تجلى هذا الواقـع المشرق المضىء المنير يوم أن آخى النبى ابتداءً بين الموحدين فى مكة، على الرغم من اختـلاف ألوانهم وأشكالهم، وألسنتهم وأوطانهـم، آخى بين حمـزة القرشى وسلمان الفارسى وبلال الحبشى وصهيب الرومى وأبى ذر الغفاري، وراح هؤلاء القوم يهتفون بهذه الأنشودة العذبة الحلوة.
أبى الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ
إذا افتخـروا بقيسٍ أو تميمِ

راحوا يرددون جميعاً بلسان
رجل واحد قول الله عز وجل:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُـونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات: 10]. هذه هى المرحلة الأولى من مراحل الإخاء.

ثم آخى النبى - ثانيا -
بين أهل المدينة من الأوس والخزرج، بعد حروب دامية طويلة، وصراع مر مرير، دمر فيه الأخضر واليابس!!

ثم آخى رسول الله بين ..
أهل مكة من المهاجرين وبين أهل المدينة من الأنصار، فى مهرجـان حُبٍّ لم ولن تعرف البشرية له مثيلاً، تصافحت فيه القلوب، وامتزجت فيه الأرواح، حتى جسد هذا الإخاء هذا المشهد الرائع الذى جـاء فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبى بينه وبين سعد بن الربيع، وكان كثير المال، فقال سعد: قـد علمت الأنصار أنى من أكثرها مالاً، سأقسم مالى بينى وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظـر أعجبهما إليك، فأطلقها حتى إذا حَلَّتْ تزوجْتَها. فقال عبد الرحمـن: بارك الله لك فى أهلك. دلونى على السوق، فلم يرجـع يومئذٍ حتى أستفضَلَ شيئاً من سَمْنٍ وأقطٍ، فلم يَلْبث إلا يسيراً حتى جاء رسول الله وعليه وَضَرٌ من صُفرةٍ فقال له رسول الله ((مَهْيَمْ؟)) قال: تزوجتُ امرأةً من الأنصار قال: ((ما سقت إليها؟)) قال: وزن نواة من ذهب أو نواةٍ من ذهب فقال: ((أولم ولو بشـاة)) ([1]) وقد نتحسر الآن على زمن سعد بن الربيع ونقول أين سعد بن الربيع الذي أراد أن يشاطر أخاه ماله وزوجه؟!!

والجواب: ضاع. وذهب يوم أن
ذهب عبد الرحمن بن عوف.

فإذا كان السؤال: من الآن الذى يعطى عطاء سعد؟! فإن الجواب: وأين الآن من يتعفف بعفة عبد الرحمن بن عوف؟!!

لقد ذهب رجل إلى أحد السلف
فقال: أين الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً [ البقرة: 274 ]فقال له: ذهبوا مع من لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا [ البقرة: 273 ].

هذا مشهد من مشاهد الإخاء الحقيقى بمعتقد التوحـيد الصافى بشموله وكماله، والله لولا أن الحديـث فى أعلى درجات الصحـة لقلت إن هذا المشهد من مشاهد الرؤيا الحالمة.

هذه هى الأخوة الصادقة
وهذه هى حقيقتها، فإن الأخوة فى الله لا تبنى إلا على أواصـر العقيدة وأواصر الإيمـان وأواصر الحب فى الله، تلكم الأواصر التى لا تنفك عراها أبداً.

الأخوة فى الله نعمة جمة
من الله، وفضـل فيض من الله يغدقهـا على المؤمنين الصادقـين ،الأخـوة شراب طهور يسقيه الله للمؤمنـين الأصفياء والأزكياء.

لذا فإن الأخوة فى الله ..
قرينة الإيمان لا تنفك عنه، ولا ينفك الإيمان عنها فإن وجدت أخوة من غير إيمـان،

فاعلم يقيناً أنها التقـاء مصالح، وتبادل منافع، وإن ر
أيت إيمان بدون أخوة صادقة فاعلم يقيناً أنه إيمان ناقص يحتاج صاحبه إلى دواء وعلاج لمرض فيه، لذا جمع الله بين الإيمـان والأخوة فى آية جامعة فقال سبحانه إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [ الحجرات: 10 ].

فالمؤمنون جميعاً كأنهم روح
واحدة حل فى أجسام متعددة كأنهم أغصان متشابكة تنبثق كلها من دوحة واحدة، بالله عليكم أين هذه المعانى الآن؟!!

ولذلك لو تحدثت الآن عن مشهد كهذا الذى ذكر آنفا ربما استغرب أهل الإسلام هذه الكلمات، وظنوها كما قلت من الخيالات الجميلة والرؤيا الحالمة لأن حقيقة الأخوة قد ضاعت الآن بين المسلمين، وإن واقع المسلمين اليوم ليؤكد هذا الواقع الأليم، وإنا لله وإنا إليه راجعـون، فلم تعد الأخوة إلا مجرد كلمات جوفاء باهتة باردة لا حرارة فيها إلا من رحم الله.

فإن الأخوة الموصلة بحبل الله
المتين نعمة امتن بها ربنا جل وعلا على المسلمين الأوائل فقال سبحانه: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران: 102-103].

فالأخوة نعمة من الله امتن بها الله على المؤمنين وقال تعالى: فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ وقال تعالى: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [ الأنفال: 63 ].

ثانيا: حقوق الأخوة فى الله.

الحــــق الأول :
الحب فى الله والبغض فى الله.
ففى الحديث الذى رواه أبو داود والضيـاء المقدسي وصححه الشيخ الألباني من حديث أبى أمامة الباهلي أنه قال ((من أحبَّ لله، وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان))([2]).
وفى الصحيحين من حديث أنس أنه قال: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمـان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكـفر كما يكره أن يقذف فى النار ))([3]).
وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى قال: ((سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ فى عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا فى الله، اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ وجمال، فقال: إنى أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكـر الله خالياً ففاضت عينـاه))([4]). هل فكـرت فى هذا الحديث النبوى الشريف ؟!! يومٍ تدنـو الشمس من الرؤوس، والزحام وحده يكاد يخنق الأنفاس، فالبشرية كلها - من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة - فى أرض المحشر، وجهنم تزفر و تزمجر، قد أُتِىَ بها ((لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها))([5]) فى ظل هذه المشاهد التى تخلع القلب، ينادى الله عز وجل على سبعة ليظلهم فى ظله يوم لا ظل إلا ظله - سبحانه وتعالى - ضمن هؤلاء السبعة السعداء: رجـلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، يالها ورب الكعبة من كرامة!!

وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أن النـبى قال: ((إن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته، ملكاً فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ فقال: أريد أخاً لي فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبّها؟ قال: لا. غير أنى أحببته فى الله عز وجل، قال: فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه))([6])
وفى موطأ مالك وأحمـد فى مسنده بسند صحيح، والحاكم ،وصححه ووافقه الذهبى أن أبا إدريس الخولانى رحمه الله قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شابٌ برَّاق الثَّنايا والناس حـوله فإذا اختلفوا فى شىء أسندوه إليه، وصدروا عن قوله و رأيه. فسألت عنه؟ فقيل: هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد هجَّرت، فوجدته قد سبقنى بالتهجير، ووجـدته يصلى، فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قِبَل وجهه، فسلَّمت عليه. ثم قلت: والله إنى لأحـبُّك فى الله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله. قال: فأخذ بحبوة ردائى، فجبذنى إليه، وقال: أبشر، فإنى سمعت رسول يقول: ((قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتى للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ، والمتباذلين فيّ))([7])
وفى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داود أنه قال: ((والـذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))([8]).

فسلم على أخيك بصدق وحرارة
لا تسلم سلاماً باهتاً بارداً لا حرارة فيه

إننا كثيراً لا نشعر بحـرارة السلام واللقاء ولا بإخلا
ص المصافحة... لا نشعر أن القلب قد صافح القلب.

ففى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة قال عليه الصلاة والسلام: ((الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، فخيارهم فى الإسلام خيارهم فى الجاهلية إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ))([9]).
قال الخطابى: فالخَيِّر يحنو إلى الأخيار والشرير يحنو إلى الأشرار هذا هو معنى ما تعارف من الأرواح ائتلف، وما تنافـر وتناكر من الأرواح اختلف، لذا لا يحب المؤمن إلا من هو على شاكلته من أهل الإيمـان والإخلاص، ولا يبغض المؤمن إلا منافـق خبيث القلب، قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا [ مريم: 96 ].
أى يجعل الله محبتة فى قلوب عباده المؤمنـين، وهذه لا ينالها مؤمن على ظهر الأرض إلا إذا أحبـه الله ابتداءً. كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة قال رسول الله : ((إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إنى أحب فلاناً، فأحبه قال: فيحبه جبريل، ثم يُنادى فى السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء. قال ثم يوضع له القبول فى الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إنى أُبغض فلاناً فأبغضه فقال: فيبغضه جبريل ثم يُنَادى فى أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه. قال: فيبغضونه. ثم توضع له البغضاء فى الأرض))([10])

أيها الأحباب الكرام:
المرء يوم القيامـة يحشر مع من يحب، فإن كنت تحب الأخيار الأطهار ابتداءً من نبيك المختار وصحابته الأبرار والتابعين الأخيار، وانتهاء بإخوانك الطيبين فإنك ستحشر معهم إذا شاء رب العالمـين، وإن كنت تحب الخبث و الخبائث وأهل الفجور واللهو واللعب كنت من الخاسرين فتحشر معهم إذا شاء رب العالمين.
ففى الصحيحين من حديث أنس بن مالك : ((أن رجلاً سأل النبى عن الساعة. فقال: يا رسول الله متى الساعة. قال: ((وما أعددت لها؟)). قال: لا شىء، إلا أنى أحب الله ورسوله. فقال: ((أنت مع من أحببت)) قال أنس: فما فرحنا بشىء فرحنا بقول النبى: ((أنت مع من أحببت)). قال أنس فأنا أحب النبى وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بُحبِّي إياهم وإن لم أعمل بعملهم))([11]).

ونحن نشهد الله أننا نحب رسول الله وأبا بكر، وعمر، وعثمان وعليّ وجميع أصحاب الحبيب النبي، وكل التابعين لنهجه وضربه المنير، ونتضرع إلى الله بفضله لا بأعمالنا أن يحشرنا معهم جميعاً بمنّه وكرمه، وهو أرحم الراحمين.

ولله در القائل:

أتحب أعـداء الحبيب وتدعـى
حباً له، ما ذاك فى الإمكـان

وكذا تعـادى جاهـداً أحبـابه
أين المحـبة يا أخا الشيطان

إن المحــبة أن توافـق مـن
تحب على محبته بلا نقصـانِ

فلئن ادعيت له المحبـة مـع
خلاف ما يحب فأنت ذو بهتان

لو صـدقت الله فـيما زعمتـه
لعاديت من بالله ويحـك يكفرُ

وواليت أهل الحق سراً وجهـرة
ولما تعاديـهم وللكـفر تنصرُ

فما كل من قد قال ما قلت مسلم
ولكن بأشـراط هناك تذكـرُ

مباينة الكـفار فى كـل موطن
بذا جاءنا النص الصحيح المقرر

وتخضع بالتوحـيد بين ظهورهم
تدعـوهـم لـذاك وتجــهر

ومن السُّنَّة إذا أحب الرجـل أخاه أن يخـبره كما فى الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود من حديث المقدام بن معد يكرب أن النبى قال: ((إذا أحب الرجل أخاه فيلخبره أنه يحبه ))([12]).
وفى الحديث الذى رواه أبو داود من حديث أنس: أن رجلاً كان عند النبي فمر به رجل فقال: يا رسول الله! إنى لأحب هذا. فقال له النبى : ((أعلمته؟)) قال: لا. قال: ((أعلمه)) قال: فلحقه، فقال: إنى أحبك فى الله. فقال: أحبك الذى أحببتني له([13]).

وفى الحديث الـذى رواه أبو داود وأحمد وغيرهما من حديث معاذ بن جبل أن النبي أخذ بيده وقال: ((يا معـاذ والله إني لأحبـك)).

فقال معاذ: بأبى أنت وأمى يا رسـول الله، فوالله إنى لأحبك. فقال : ((أوصيك يا معاذ فى دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنى على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك ))([14]).

وامتثالاً لأمر النبى الكريم ،فإنى أشهد الله أنى أحبكم جميعاً فى الله، وأسأل الله أن يجمعنى مع المتحابين بجلاله فى ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، إنه ولى ذلك والقادر عليه.

أقول قولى هذا، و أستغر الله لي ولكم.


([1]) رواه البخاري رقم ( 3781 ) فى مناقب الأنصار ، باب إخاء النبي بين المهاجـرين والأنصار ، ومسلم رقم ( 1427 ) في النكاح ، باب الصداق ، وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد ، والموطأ ( 2/ 545 ) في النكاح ، وأبو داود رقم ( 2109 ) ، والترمذي رقم ( 1094 ) ، والنسائي ( 6/ 119 ، 120 ) .
([2]) رواه أبو داود رقم ( 4681 ) فى السنة ، باب الدليل على زيادة الإيمان ، وأخرجه أيضاً أحمد فى المسند ( 3/ 438 ) ، وهو في صحيح الجامع ( 5965 ) .
([3]) رواه البخاري رقم ( 16 ) في الإيمان ، باب حلاوة الإيمان ، ومسلم رقم ( 43 ) في الإيمان ، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان .
([4]) رواه البخاري ( 1423 ) في الزكاة ، باب الص

دقة باليمين ومسلم ( 1031 ) في الزكاة باب فضل إخفاء
الصدقة ، والموطأ ( 2/ 952 ) في الشعر ، باب ما جاء في المتحابين في الله ، والترمذى رقم ( 2392 ) في الزهد ، والنسائي ( 8/ 222 ، 223 ) في القضاء .
([5]) رواه مسلم رقم ( 2842 ) في صفة الجنة ، باب في شدة حر نار جهنم ، والترمـذي رقم ( 2576 ) في صفة جهنم ، باب ما جاء في صفة جهنم .
([6]) رواه مسلم رقم ( 2567 ) في البر و الصلة ، باب فضل الحب في الله ، وأخرجه أحمد في المسند رقم ( 408 – 463 / 2 )
([7]) أخرجه الإمام مالك في الموطأ ( 2/ 953 ، 954 ) في الشعر ، باب ما جاء في المتحابين فى الله وأحمد في المسند ( 5/ 229 ) وإسناده صحيح وصححه الحاكم ( 4/ 168 169) على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، وابن حبان فى صحيحه ( 2510 موارد ) وقال ابن عبد البر : هذا إسناد صحيح .
([8]) رواه مسلم رقم ( 54 ) فى الإيمان ، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنـون وأن محبـة المـؤمن من الإيمـان ، وأبو داود رقم ( 5193 ) فى الأدب ، باب فى إفشاء السـلام والترمذي رقم ( 3689 ) في الاستئذان .
([9]) رواه مسلم رقم ( 2638 ) في البر والصلة ، باب الأرواح جنود مجندة ، وأبو داود رقم ( 4834 ) في الأدب ، باب من يؤمر أن يجالس. وهو في صحيح الجامع ( 6797 ) .
([10]) رواه البخاري رقم ( 3209 ) في بدء الخلق ، باب ذكر الملائكـة صلوات الله عليهم، ومسلم ( 2637 ) في البر والصلة ، باب إذا أحب الله عبداً حببه إلى عبادة ومالك في أو الموطأ ( 2/ 953 ) في الشعر ، والترمذي رقم ( 3160 ) في التفسير .
([11]) رواه البخاري رقم ( 3688 ) في فضائل أصحاب النبى ، باب مناقب عمر بن الخطاب ، ومسلم رقم ( 2639 ) في البر والصلة ، باب المـرء مع من أحب ، وأبو داود رقم ( 5127 ) في الأدب ، والترمذي رقم ( 1386 ) في الزهد .
([12]) رواه أبو داود ( 5124 ) في الأدب ، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إليه ، والترمذي رقم ( 2393 ) في الزهد ، باب ما جاء في إعلام الحب وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 279 )
([13]) رواه أبو داود رقم ( 5125 ) في الأدب ، باب إخبار الرجل بمحبته إليه ، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبى داود ( 4274 ) .
(13) رواه أبو داود رقم (1522) في الصلاة ، باب الاستغفار ، والنسائي ( 3/53) في السهو باب نوع آخر من الدعاء ، والحاكم فى المستدرك ( 3/ 273-274 ) ، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووفقه الذهبي وهو في صحيح الجامع ( 7969 ) .


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبد ورسوله اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله، وأصحابه، وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد أيها الأحبة الكرام.
الحق الثانى: أن لا يحمل الأخ لأخيه غلاً ولا حسداً ولا حقداً.

أحبتى فى الله:
المؤمن سليم الصدر، طاهر النفس، نقى، تقى القلب، رقيق المشاعر رقراق العواطف، فالمؤمن ينام على فراشه آخر الليل - يشهد الله فى عليائه - أنه لا يحمل ذرة حقد، أوغل، أو حسد لمسلم على وجه الأرض البتـة ، والنبى يقول كما فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك : (( لا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا، وكونوا عباد الله إخوانا ))([1]).

إن الحقد والحسد من أخطـر
أمراض القلوب والعياذ بالله، فيرى الأخ أخاه فى نعمة، فيحقد عليه ويحسده، ونسي هذا الجاهل ابتداءً أنه لم يرض عن الله الذى قسم الأرزاق، فليتق الله وليعد إلى الله سبحانه وتعالى، وليسأل الله الذى وهب وأعطـى أن يهبه ويعطيه من فضله، وعظيم عطائه، ويردد مع هؤلاء الصادقين: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [ الحشر: 10 ].

وردد مع هؤلاء بصفاء، وصدق، وعمل، فقد قال الله فيهم: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ الحشر: 9 ].

ففى مسند أحمد بسند جيد من حديث أنس قال كنا جلوساً عند النبى فقال المصطفى: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة)) فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه فى يده الشمال، فلما كان الغد قال النبى مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبى مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجـل على مثل حالـه الأولى، فلما قام النبى ، تبعه عبد الله بن عمـرو بن العاص فقال: إنى لا حَيْتُ أبى فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤينى إليك حتى تمضى فعلت؟

قال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات مع
ه تلك الليالى الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار- أى انتبه فى الليل - وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غـير أنى لم أسمعه يقول إلا خيراً، فلما مضت الثلاث ليالٍ وكـدت أن أحتقر عمله، قلت يا عبد الله إنى لم يكـن بينى وبين أبى غضب ولا هجر ثَمَّ ولكن سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرات: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنـة)) فطلعت أنت الثـلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدى بك، فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذى بلغ بك ما قال رسول الله ؟! قال: ما هى إلا ما رأيت. قال: فلما وليت دعانى فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد فى نفسى لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التى بلغت بك، وهى التى لا نطيق. ([2])

إن سلامة الصدر من الغل والحسد بلغت بهذا الرجل أن يشهد له رسول الله بالجنة، وهو فى الدنيا..يا لها من كرامة.

الحق الثالث:
طهارة القلب والنفس.
إن من حقوق الأخـوة فى الله
أنك إن لم تستطع أن تنفع أخاك بمالك فلتكف عنه لسانك، وهذا أضعف الإيمـان، فإن تركنا الألسنة تُلقى التهم جزافاً دون بينة أو دليل، وتركنا المجال فسيحاً لكل إنسان أن يقول ما شاء فى أى وقت شاء، فإنما ينتشر بذلك الفساد والحسد، والبغضاء، فإن اللسان من أخطر جوارح هذا الجسم، قال الله جل وعلا : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ ق: 18 ].
وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّـونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ [ النور: 19 ].

وقال جـل فى علاه: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَـاتِ الْغَافِـلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور:23-25 ].

تورع عن إخوانك، أمسك عليك لسانك، واتق الله، فوالله ما من كلمة إلا وهى مسطرة عليك فى كتاب عند الله لا يضل ربي ولا ينسى.

ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت))([3]).
وفى الصحيحين من حديث أبى موسى قال:قلت: ((يا رسـول الله أى المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده))([4]).

وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة واللفظ للبخـارى أنه قال: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضـوان الله، لا يلقى لها بالا، فيرفعه الله بها فى الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، فيهوى بها فى جهنم))([5]).
وفى حديث ابن عمر أن النبى قال: ((الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربا الربا استطالة الرجل فى عِرْضِ أخيه))([6]).

وأختم هذه الطائفـة النبوية الكريمة بهذا الحديث الذى يكاد يخلع القلب والحديث رواه الإمام أحمد فى مسنده ،وأبو داود فى سننه من حديث يحيى بن راشد قال : ((من قال فى مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخـرج مما قال))([7]). وردغة الخبـال: عصارة أهـل النار، والرَّدغة – بفتح الدال وسكونها- الماء والطين.

والله لو نحمل فى قلوبنـا ذرة إيمان ونسمع حديث من هذه الأحاديث للجم الإنسان لسانه بألف لجام قبل أن يتكلم كلمة، ولكن لا أقـول ضعف إيمان، بل إنا لله وإنا إليه راجعون.

الحق الرابع: الإعانة على قضاء
حوائج الدنيا على قدر استطاعتك
واسمع إلى هذا الحديث الذى
تتلألأ منه أنوار النبوة: عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: أن رجلاً جاء إلى النـبى فقال: يا رسول! أى الناس أحب إلى الله؟ وأى الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله : ((أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل، سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربه، أو يقضى عنه دينا، أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشى فى حاجة أخى المسلم أحب إلىّ من أن اعتكف فى المسجد شهراً - يعنى: مسجد المدينة -، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه – ولو شاء أن يمضيه أمضاه – ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله قدمه يوم تَزِلُّ الأقـدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمـل كما يفسد الخـل العسل))([8]).

فمن حق المسلم على المسلم
إن استطاع أن يعينه في أمر من أمور الدنيا أن لا يبخل عليه، فأنت يا مسلم لئن مشيت فى حاجة أخيك المسلم أفضل عند الله تعالـى من أن تعتكف فى المسجد شهراً وثبت الله قدمك يوم تزل الأقدام.
وفى صحيح مسلم من حديث أبى هـريرة يقول المصطفى : ((من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة، ومن س

تر مسلماً ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى
عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه...))([9]).

فيا أخى المسلم :
يا منْ منَّ الله عليك بمنصبٍ أو جاه
إن استطعت أن تنفع إخوانك فافعل ولا تبخل، وبالمقابل يجب على المسلمـين، أن لا يكلفوا إخوانهم بما لا يطيقون، وإن كلفوهم فعجزوا فليعذروهم قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [ البقرة: 286 ].

وما أجمل أن يقول الأخ لأخـيه: أسأل الله أن يجعلك مفتـاح خير، وهذه حاجتى إليك، فإن قضيتها حمدت الله ،ثم شكرتك، وإن لم تقضها لى حمدت الله ثم عذرتك، هذه هى الأخوة.

الحق الخامس :
بذل النصيحة بصدق وأمانة.
ففى صحيح مسلم من حديث تميم الدارى t أن رسول الله قال: ((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))([10]).

لكن أتمنى من الله أن يعي
إخوانى الضوابط الشرعية للنصيحة.
قال الشافعى: من نصح أخـاه بين الناس فقد شانه، ومن نصح أخاه فيما بينه وبينه فقد ستره وزانه.

والناصح الصـادق: رقيق القلب، نقى السريرة، مخلص النية، يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فإن رأى أخاه فى عيب دنا منه بحنان، وتمـنى أن لو ستره بجـوارحه لا بملابسه، ثم قال له حبيبى فى الله. ثم يبـين له النصيحة بأدب ورحمة ،وتواضع ،فلتُشْعِر أخاك وأنت تنصحه: بحبك له، وبتواضعك وخفض جناحك له، فقد سطر الله فى كتابه مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ … [ الفتح: 29 ].

جلس رجل فى مجلس عبد الله بن المبارك فاغتاب أحد المسلمين، فقال له عبد الله بن المبارك: يا أخى هل غزوت الروم؟! قال: لا. قال: هل غزوت فارس؟! قال: لا. فقال عبدالله بن المبارك: سلم منك الروم وسلم منك فارس، ولم يسلم منك أخوك!!

والذى بُذِلَ له النصيحة عليه أن يحسن الظن بأخيه الناصـح ولا تأخذه العزة بالإثم، وأن يتقبلها منه بلطف، وأدب، وتواضع، وحب، ويشكره عليها، ويدعو له بظاهر الغيب.
ورحم الله من قال:
رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي.

الحق السادس: التناصر
عن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله : ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ فقال : ((تأخذ فوق يديه))([11]).

انصر أخاك فى كل الأحوال
إن كان ظالماً خذ بيده عن الظلم، وإن كان مظلوماً وأنت تملك أن تنصره انصره، ولو بكلمة، وإن عجزت فبقلبك، وهذا أضعف الإيمان.

الحق السابع: أن تستر عيب
أخيك المسلم وتغفر له زلاته:

وهذا من أعظم الحقوق:
فالأخ ليس مَلَكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً، فإن زل الأخ فى هفوة فهو بشر، فاستر عليه.

قال العلماء: الناس صنفان.
صنف اشتهر بين الناس بالصلاح والبعد عن المعاصـى، فإن زل ووقع وسقط فى هفوة من الهفـوات على المسلمين أن يستروا عليه، ولا يتبعوا عوراته.

ففى الحديث الصحيح الذى رواه أحمد وأبو داود من حديث أبى برزة الأسلمى أنه قال: ((يا معشر من آمن بلسانه، ولما يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه فى بيته))([12]).

نسأل الله أن يسترنا
وإياكم بستره الجميل .

والصنف الثانى من الناس:
يبارز الله بالمعاصى ويجهر بها، ولا يستحى من الخالق، ولا من الخلق، فهذا فاجر، فاسق، لا غيبة له.

وأخيراً: الطريق إلى الأخوة.
وأنا أعتقد اعتقاداً جازماً أن الطريق قد وضع فى ثنايا المحاضرة، ولكننى أجمل هذا الطريق فى خطوتين اثنتين لا ثالثة لهما.

أما الخطوة الأولى: العودة
الصادقة إلى أخلاق هذا الدين.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فلنعد إلى هذه الأخلاق السامية التى ينفرد بها الدين الإسلامى لتعود لنا الأخوة الصادقة فى الله، تعود الأخوة الحقيقة. لتلتئم الصفوف، وتضمد الجراح، وتلتقى الأمة على قلب رجل واحد.

فوالله ثم والله لا ألفة، ولا عزة، ولا نصرة، ولا تمكـين، إلا بالعودة الصادقة إلى أخلاق هذا الدين، وإن شئت فقل العودة الصادقة إلى أخلاق سيد المرسلين، فلقد لخصت عائشة رضي الله عنها أخلاق النبى في كلمات قليلة ولكنها عظيمة فقالت: ((كان خلقه القـرآن))([13]) نعم والله إنه كان قرآناً يمشيعلى الأرض في دنيا الناس.

أيــــها الأحبــــة :
قد يكون من اليسير جداً
كما أقرر دائماً تقديم منهج نظري في التربية والأخلاق، بل إن المنهج هذا موجود بالفعل وسُطِّر في بطون الكتب والمجلات، ولكن هذا المنهج لا يساوى قيمة الحبر الذى كتب به، إن لم يتحول فى حياة الأمة مرة أخرى إلى واقع عملى وإلى منهج حياة فإن البون شاسع بين منهجنا المنير المضىء ووقعنا المر المرير الأليم.

الخطوة الثانية: نتحرك لدعوة المسلمين إلى هذه الأخلاق بالحكمة والموعظة الحسنة.

بعد أن نحوِّل هذه الأخلاق النظرية إلى واقع عملى منير مضىء فى حياتنا يجب علينا بعد ذلك أن نتحرك لدعوة المسلمين إلى هذه الأخـلاق بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة،

والكلمة الرقيقة الرقراقة، والرفق والحلم، فهذا
هو مقام دعوة الناس إلى الله فى كل زمان ومكان قال الله تعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125].

وقال تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [ آل عمران: 159 ].

أسأل الله أن يربط قلوبنا برباط وثيق رباط الحب فى الله، حتى نعود مرة أخرى إلى عزتنا وكرامتنا وسيادتنا وتتحقق السنن الربانية فينا بحوله ومدده إنه ولي ذلك والقادر عليه.


([1]) رواه البخارى رقم ( 6065 ) فى الأدب ، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ، ومسلم ( 2563 ) في البر والصلة ، باب تحريم الظن والتحسس والتنافس ، و مالك فى الموطـأ ( 2/ 907 ، 908 ) في حسن الخلق وأبو داود ( 4882 ، 4917 ) في الأدب ، باب في الغيبة ، والترمذي ( 1928 ) في البر والصلة ، باب ما جاء في شفق المسلم على المسلم .
([2]) رواه أحمد في المسند ( 3/ 166 ) رقم ( 12633 ) وقال محققه إسناده صحيـح ، ووراه أيضاً الترمذي رقم ( 694 ) والطبراني فى الكبير ( 10/ 206 ) ، والحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي .
([3]) رواه البخاري رقم ( 6138 ) في الأدب ، باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه ، ومسلم رقم ( 48 ) في الإيمان ، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير وكون ذلك كله من الإيمان ، والموطأ ( 2/ 929 ) في صفة النبى .
([4]) رواه البخاري رقم ( 11 ) في الإيمان ، باب من سلم المسلمون من لسانه ويده ، ومسلم رقم ( 42 ) في الإيمان ، باب بيان تفاضل الإسلام ، والترمـذي رقم ( 2506 ) في صفة القيامة ، والنسائي ( 8/ 106، 107 ) في الإيمان .
([5]) رواه البخارى رقم ( 6478 ) في الرقاق ، باب حفظ اللسان ، ومسلم رقم ( 2988 ) في الزهد ، باب التكلم بالكلمة يهـوى بها فى النار ، والموطـأ ( 2/ 985 ) في الكلام ، والترمذي فى الزهد ، باب فيمن تكلم بكلمة ليضحك بها الناس .
([6]) رواه الطبراني في الأوسط ( 1/ 143 ) وقال الألباني في الصحيحة ( 1871 ) : والحديث بمجموع طرقه صحيح ثابت ، وهو في صحيح الجامع ( 3537 ) .
([7]) أخرجه أحمد في المسند ( 2/ 70 ) وقال الشيخ شاكر : إسناده صحيح ، وأبو داود رقم ( 3597 ) في الأقضية ، باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها وصححه الألباني في الصحيحة ( 437 ) .
([8]) رواه ابن أبى الدنيـا في قضاء الحوائج ص 80 رقم 36 وحسنه الألبانـي في الصحيحة ( 906 ) وهو في صحيح الجامع ( 176 ) .
([9]) رواه مسلم رقم ( 2699 ) في الذكر والدعاء ، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر وأبو داود رقم ( 4946 ) في الأدب ، باب من المعونة للمسلم ، والترمذى ( 1425 ) في الحدود ، باب ما جاء في الستر على المسلم ، وهو في صحيح الجامع ( 6577 ) .
([10]) رواه مسلم رقم ( 55 ) في الإيمـان ، باب بيـان أن الدين النصيحة ، والترمـذي رقم ( 1927 ) في البر والصلة من حديث أبي هريرة .
([11]) رواه البخاري رقم ( 2444 ) فى المظالم ، باب أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً ، والترمـذي رقم ( 2256 ) في الفتن .
([12]) رواه أبو رقم ( 4880 ) في الأدب ، باب في الغيبة ، ورواه أيضاً أحمد في المسند ( 4/ 421 ) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ( 4083 ) .
([13]) رواه مسلم رقم ( 746 ) في صلاة المسافرين ، باب جامع صلاة الليل ، ومن نام عنه أو مرض .
*•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•*

🎤
خطبـة جمعـة بعنـوان :
*مكانة.القدس.في.الإسلام.tt*
للــشيــخ/ نــاظـــــم الــمــــسبـــاح
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*الخطبـــة.الاولـــى.cc*
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى، من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.


أما بعد..، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..

أما بعد..، موضوع خطبتنا في يومنا هذا إن شاء الله تعالى: «مكانة القدس في الإسلام» ماهي مكانة القدس عند المسلم السوي الملتزم بدينه بحق، عباد الله، مكانة القدس في قلب المسلم عظيمة، فهي تحتل المرتبة الثالثة بعد مكة والمدينة، يا مسلمون، هل يحق للمسلمين أن يرضوا بتدنيس مكة؟! لا... هل يحق للمسلمين أن يرضوا بتدنيس المدينة؟! لا... لماذا؟! وذلك لما لهما من مكانة عظيمة في الدين، فكيف يسكت أو يرضى المسلمون بتنديس القدس من قبل الصهاينة المعتدين؟!؟ هل نسي المسلمون منزلة القدس في دين الله تعالى؟!؟ عباد الله، من المسلمين من يجهل ذلك، ومنهم من غفل عنها ونسيها، وذلك بانشغاله بحظوظ نفسه وتعمير دنياه، ومنهم من تناسى ذلك، فأقول للذين يجهلون مكانة القدس، وللذين غفلوا عنها، وانصرفوا عن المطالبة بها، تعالوا أيها الأحباب، نذكر أنفسنا جميعاً بمنزلة القدس في الإسلام، وذلك بما ورد في القرآن العظيم، وفي السنة المطهرة، على صاحبها أفضل الصلاة، وأتم التسليم، لعل هذه النصوص تثير فينا النخوة، وتنفخ فينا الروح، لنعمل شيئاً لنجدة ونصرة القدس، وفق قدرتنا ووسعنا وطاقتنا، {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}(البقرة/256) ولعل الله يبارك في هذه الجهود القليلة.

أيها المسلمون، الأحاديث النبوية في فضائل المسجد الأقصى، وأرض بيت المقدس متعددة الجوانب، إلا أن حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال شيخنا الألباني وهو كما قالا يقف عنده المتمعن وقفات، ففيه من دلائل النبوة الشيء العظيم لما أخبر الصادق المصدوق عن حال ما سيئول إليه المسجد الأقصى، وتعلق قلوب المسلمين به، وأن مؤامرات الأعداء على المسجد الأقصى وبيت المقدس ستزداد لردجة أن يتمنى المسلم أن يكون له موضع صغير يطل منه على المسجد الأقصى أو يراه منه، ويكون ذلك عنده أحب إليه من الدنيا وما فيها.

حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها أفضل أمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟ فقال صلى الله عليه وسلم «صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه -أي المسجد الأقصى- ولنعم المصلى هو»، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شَطَنِ فرسه من الأرض -الشطن: الحبل- حيث يرى منه بيت المقدس خيرٌ له من الدنيا جميعاً، أو قال خير له من الدنيا، وما فيها»(السلسلة الصحيحة/2902).

أولاًَ : هذا الحديث من أعلام النبوة، لأن فيه بشارةً بفتح بيت المقدس قبل أن يفتح بيت المقدس مع أنه لم يفتح في زمنه عليه الصلاة والسلام، ولكن بشر في ذلك، وُفتح في عهد الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه.

فائدة ثانية: في هذا الحديث: اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم في السؤال عن المسجد الأقصى وأجر الصلاة فيه.

ثالثاً: الحديث فيه دلالة بالغة على مكانة المسجد في نفوس المسلمين، بل على مكانة المسجد الأقصى في الشرع الإسلامي.

رابعاً: فيه ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على المسجد الأقصى المبارك.

خامساً: وفيه أجر الصلاة في المسجد الأقصى بمئتين وخمسين صلاة إذا صليت فرضاً في المسجد الأقصى، هذا الفرض عن مئتين وخمسون صلاة.

سادساً: فيه دلالة واضحة على أن قضية الأقصى ستبقى حيةً في نفوس أبناء هذا الدين، لا يزعزع اعتقادنا بذلك أنكار الأعداء وافتراءات المعتدين.

سابعاً: فيه إشارة إلى عظم المسئولية الموكولة لأهل أرض الأقصى.

ثامناً: وهناك لفتة مهمة قد يأتي زمان لا يستطيع أحد من المسلمين الإقامة حول الأقصى.

تاسعاً: إن نسخ القبلة الأولى، المسجد الأقصى، لم يلغ منزلتها الشرعية في الإسلام ولم يجعل -أي المسجد الأقصى- كغيره من مساجد المسلمين، بل بقيت منزلته محفوظة.

أخيراً: إن قضية بيت المقدس، والمسجد الأقصى، لا تنفصل أبداً عن قضية الإسلام الكبرى، وها نحن نعيش في زمن نلمس فيه صدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما سيكون عليه المسجد الأقصى، والمتتبع لأحواله في ظل الإحتلال اليهودي الحاقد والأحداث اليومية والممارسات الصهيونية يوقن بصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يسعون بكل الطرق لتفريغ المسلمين منه، وتهجيرهم والتضييق عليهم وذلك بالإجراءات الآتية:

أولاً: الأطواق حول الأقصى المتمثلة بالمستعمرات التي ينشئها اليهود حول بيت المقدس وتزداد يوماً بعد يوم.

- غلاء الأرض حوله غلاء فاحشاً.

- الحصا
حاصدة قوية تكسر شكوتهم، وتستأصل شأفتهم،

اللهم أنزل بهم بأسك ورجزك إله الحق.
اللهم لا تُقِم لهم راية، ولا تحقق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم آية، اللهم اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم يا رب العالمين .

============================
د الرحال للمسجد المسجد الأقصى نصلي فيه تقرباً إلى الله تبارك وتعالى. فالنبي يقول: «لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا- يقول عليه الصلاة والسلام- «والمسجد الأقصى»(متفق عليه) هذه البقعة، المسجد الأقصى من أقدم البقاع التي بنيت لطاعة الله ولعبادة الله، «سئل الرسول أي مسجدٍ وضع أول؟ قال المسجد الحرام، قيل ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قال كم بينهما؟ قال أربعون سنة»(متفق عليه) فهذه البقعة من أقدم البقاع التي بنيت ووضعت لعبادة الله تبارك وتعالى.

بيت المقدس القبلة الأولى، فالرسول عليه الصلاة والسلام أمره الله بالصلاة في بداية الأمر أن يتوجه إلى بيت المقدس. وعندما كان في مكة يصلي ما بين الحجر ومقام الركن اليماني يصلي في هذه الجهة حتى يصيب أمرين، قبلة أبيه إبراهيم، والقبلة التي أمر بها، ثم بعد ذلك تحولت القبلة إلى بيت الله الحرام، وهذا التحويل لايقلل يا عباد الله من منزلة المسجد الأقصى.

أيها الأخوة: وأيها الأحبة: لا ينفك مسلم سويّ يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله عن هذه البقعة الطيبة إلا إذا انسلخ عن الدين، أو انسلخ عن إسلامه.

أيها الأخوة وأيها الأحبة.. اليهود قاتلهم الله وأخزاهم الله، يدَّعون أن لهم الرابطة في هذه البقعة، ويبذلون المال، يضحون بالدماء وبالأموال، وبالوقت من أجلها، ويخططون الليل والنهار، هذه الدعوة في هذه الرابطة التي يدعون بها مبنية على أسس واهية الأدلة، أوهن من بيت العنكبوت، من حيث الضعف، أيها الأخوة. رابطتنا في هذه البقعة عظيمة. ولكن انظروا لواقعنا وحالنا، نسينا هذه البقعة، لانسمع من يكتب!! لا نسمع من يتحدث!! لا نسمع من يطالب!! كنا نسمع بلجنة القدس، دفنت لجنة القدس. ما الذي أصاب المسلمين، ما الذي أصابنا يا مسلمون ؟! ما هذا البلاء وما هذا الداء؟! نشكوا إلى الله تبارك وتعالى ما أصاب أمة محمد عليه الصلاة والسلام.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنى وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحيكم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
ال: " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود, فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر, فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي, فتعالى فاقتله, إلاً الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود " رواه البخاري ومسلم, وغيرهما واللفظ لمسلم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:39-40].
بارك الله لي ولكم …


*الخطبـــة.الثانيـــة.cc*
إن المسلمين مدعوون في هذا الزمن إلى العودة إلى الدين, وإلى فهم الإسلام الفهم الصحيح المتكامل, وإلى الاعتزاز بالإسلام والدعوة إليه, والتفاني في التضحية من أجله بالغالي والنفيس.

كما أن على المسلمين تحقيق الولاء والبراء, ففي الحديث: " أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله ", فبغض اليهود والنصارى من مقتضيات التوحيد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة:51]

كما يجب على المسلمين إقامة الوحدة الإسلامية بين المسلمين والسعي في تحقيقها, وبداية ذلك بتوثيق رابطة الإخاء بين المسلمين, وإشاعة المودة والرحمة بينهم, والسعي في مصالحهم, والسؤال عنهم, ونصيحتهم ومناصرتهم.

ويجب على المسلمين إحياء شريعة الجهاد في سبيل الله؛ ففي الجهاد العزة والتمكين, والجهاد هو السبيل الوحيد لاسترداد المقدسات, والذود عن الأعراض والدماء والممتلكات.

ويجب الوقوف مع الأخوة في فلسطين بكل يملكه الإنسان من دعم مادي, سواء بدفع الزكاة المشروعة, أو التبرع العام؛ لدعم الأسر الفقيرة, وبناء المستشفيات, وتعليم الأبناء في المدارس والجامعات, ويوجد جهات مصرح لها بجمع التبرعات؛ لأن تقوية اقتصادهم هو مما يقويهم, ويقهر عدوهم, ويفشل مخططاته, في حصارهم وتجويعهم.

كما يجب التعاطف مع الأخوة المحاصرين والمجاهدين والمسجونين والمشردين بالدعاء لهم, والسؤال عنهم, ومتابعة قضيتهم, وبيان عقائد اليهود وما يخططون له, فكل هذه مما بخدم القضية, وينصر الأخوة, ويقطع الطريق على المجرم, ويفشل خطط المستعمر, ويقيم العدل ويستعيد المقدسات, ويحمي الدماء والأوطان, وما ذلك على الله بعزيز.
هذا وصلوا وسلموا…
ر الاقتصادي على مدينة القدس.

- طرد أهله منه.

- خطورة السكن حول بيت مقدس، فالمصلون في زماننا هذا لا يأمنون على حياتهم من الذهاب للصلاة فيه والإياب منه لبيوتهم، لذلك تجد صف، أو صفين فيه الآن. وكل هذا من مخططات أعداء الله اليهود قاتلهم الله.

هناك خصائص عامة لبيت المقدس:

أولاً: البركة، هذه البقعة بقعة مباركة، الذي قال ذلك ليس الفلسطينيون، وليس هو تأليف من عندنا، الذي قال ذلك ربكم الذي تؤمنون به، وصف هذه البقعة بالبركة. لقد مَنَّ الله على أرض بيت المقدس وما حوله من بلاد الشام بالبركة، ولقد نص على ذلك في كتاب الله: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} هذا في سورة الإسراء، وفي سورة الأنبياء يقول سبحانه : {ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها،-أرض الشام، أرض فلسطين،- وكنا بكل شيء عالمين}، قال أهل العلم في تفسيرها، أي لسليمان عليه السلام تسخير الريح تهب بشدة وتجري بسرعة إلى الأرض التي باركنا فيها وهي أرض الشام عموماً وفلسطين على وجه الخصوص.

ما معنى البركة التي أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه عن هذه الأرض؟ البركة في اللغة النمو والزيادة والخير. إن البركة الحسية لهذه الأرض الطيبة منشؤها من الله تعالى، فلقد بارك الله في أرضها بالخصب، أرض خصبة، وبالثمار والأشجار والأنهار وعذوبة المياه والسهول كذلك وفي الجبال. وصدق الله تبارك وتعالى {ومن أصدق من الله قيلاً}(النساء/122)، ومن البركة كذلك الموقع الإستراتيجي، بموقعها الإستراتيجي بيت المقدس بين قارتين عظيمتين، آسيا وأفريقيا، فالبوابة ما بين هاتين القارتين هي فلسطين فلهذه الأرض. موقع استراتيجي. وهذا كذلك من البركة. يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله المفسر المشهور في تفسيره قوله تعالى {باركنا حوله} سورة الإسراء آية (1) : أي بالزروع والثمار. والذي يريد الإستزادة كما قال بعض أهل العلم عن مظاهر البركة الحسية قديماً وحديثاً فليراجع ما كتب عن جغرافية أرض فلسطين، والتي يعتبرها اليهود أنها الأرض التي تدر الحليب والعسل، هذه البركة الحسية.

هناك بركة معنوية في هذه الأرض:

أولاً : القدسية.

ثانياً: كونها ملجأ أنبياء الله عندما اضطهدوا وفرّوا مهاجرين إلى بيت المقدس.

1- إبراهيم فر من العراق عندما اضطهد إلى أرض فلسطين.

2- لوط عليه السلام فر كذلك إلى أرض بيت المقدس.

3- موسى عليه الصلاة والسلام فر كذلك إلى أرض بيت المقدس لكنه مات قبل أن يدخلها، فهي ملجأ أنبياء الله عند اضطهادهم.

ثالثاً: بسط الملائكة أجنحتها للشام، وهي جزء من الشام، وهذا ورد في أحاديث صحيحة.

رابعاً: في فلسطين مرقد الأنبياء بأدلة صحيحة، إبراهيم أبو الأنبياء، أبينا، الذي أمرنا الله تبارك وتعالى باتباع ملته في أرض فلسطين كما ذكر ذلك ابن تيمية ونحن وأنتم أَولى بإبراهيم من اليهود كما قال سبحانه: {ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حينفاً مسلماً وما كان من المشركين، إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه، -أنتم أتباعه-، وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين}(أل عمران/67-68) فنحن أَولى بإبراهيم من اليهود وغيرهم.

موسى، ثبت في حديث مسلم الصحيح ،أنه دعا ربه أن يقربه من بيت المقدس عندما جاءه ملك الموت،فقال «... فسأل الله أن يدينه من الأرض المقدسة رمية حجر» رواه مسلم، فهذه أرض الأنبياء كما قال ابن كثير: هي معدن الأنبياء والمرسلين. (هي أرض المحشر والمنشر) كذلك في حديث صحيح يأتي ذكره بعد قليل. كذلك موسى عليه الصلاة والسلام وصف بيت المقدس بالأرض المقدسة المطهرة {ياقوم، ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين}(المائدة/21) قال أهل العلم: فإطلاق موسى عليه السلام لفظ الأرض المقدسة إنما أطلقه على فلسطين، وفي الإسلام فإن المقدس يكون له بركة كذلك هذه البقعة مما ورد فيها كما قلنا بسط الملائكة أجنحتها الدائم على هذه البلاد.

عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا طوبى للشام قالوا يا رسول الله وبم ذلك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطة أجنحتها على الشام» وهذا الحديث رواه الترمذي وصححه الألباني فهو حديث صحيح.

خامساً: مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمكة موجودة، والمدينة موجودة لِمَ عندما أراد الله تبارك وتعالى أن يسري برسوله عليه الصلاة والسلام أسرى به من مكة إلى هذه البقعة إلى بيت المقدس. وعندما أراد أن يصعد به إلى السموات العلى لم يختر بوابة إلا بيت المقدس، فهو البوابة التي صعد منها رسول الله، صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلى، وذلك لتشريف هذه البقعة ولمكانتها.

عباد الله، بعد أن رجع عليه الصلاة والسلام من المعراج، جمع الله تبارك وتعالى له جميع الأنبياء وصلى بهم إماماً في هذه البقعة الطيبة المباركة. ماذا يعني هذا في نفوس المسلمين؟

أيها الأخوة وأيها الأحبة؛ هذه البقعة تشد لها الرحال، فش
🎤
خطبـة هذا الأسـبوع بعنـوان :
*القــدس.عـاصـمـة.كل.المسلمـين.tt*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*الخطبـة.الأولـــى.cc*
الحمد لله الذي شرف بعض الأماكن كما شرف بعض الأزمان، وخصها بفضائل ومكارم، وجعلها أماكن خير وبركة للعباد، نشهد أنه الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، جعل من أمة الإسلام أمة واحدة، ودعاها لأن تكون متضامنة متماسكة، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وحبيبه، خير من دعا إلى التعاون على البر والتقوى، وإلى كل ما فيه خير الأمة وصلاحها دنيا وأخرى، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته، نجوم الهدى ومصابيح الدجى، وكل من تبعهم واقتفى أثرهم فاطمأن واهتدى...

أمـــا بعـــد : أيها المومنون :
إن الله تعالى جعل أفضل الأماكن وأطيب البقاع التي تقام فيها الصلاة، مساجدَه وبيوتَه التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فقال سبحانه ]إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر، وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين[.

ومن المعلوم شرعا، معشر المسلمين، أن أجل هذه المساجد وأعظمها حرمة، عند الله سبحانه وفي قلوب ونفوس أمة الإسلام، المساجدُ الثلاثة: المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، والمسجد الأقصى بالقدس الشريف، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم، إبرازا لمكانتها، وتبشيرا بجزيل ثواب الصلاة فيها: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى".

وإلى جانب هذه المنزلة والمكرمة الدينية للمسجد الأقصى، أيها المومنون، فإليه كان مسرى النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام، ومنه كان العروج به إلى السموات العلى، وإليه كان التوجه بالصلاة في مكة بعد فرضها، وحين هجرته إلى المدينة على مدى ستة عشر شهرا، قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة المشرفة، فكان المسجد الأقصى بذلك أولى القبلتين وثالث الحرمين، وفي ذلك كله أعظم دلالة على الربط القائم بين المسجدين في الإسلام، وذلكم ما ذكره الله تعالى وخلده بقوله الكريم في أول سورة الإسراء، ]سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا[.

وللقدس المزايا ..
دينية وخصائص كثيرة

أولا : هي أولى القبلتين التي توجه إليها المسلمون في صلاتهم نحو ما يزيد عن ستة عشر شهرا بإمامة النبي صلى الله عليه وسلم .

ثانيا : فيها ثالث الحرمين الشريفين الذي تشد إليه الرحال معهما ولا تشد لغيرها فقال عليه الصلاة والسلام : {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى } .

ثالثا : فيها مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ومن هنا يرتبط ذلك المكان بعقيدة كل مسلم وقد سجل الله تعالى هذا بكتابه العزيز فقال عز من قائل : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } .

رابعا : هي مهبط الأنبياء والرسل ومنها انطلاق الهداية للبشر لعبادة الله وحده وهذا نابع من احترام الإسلام والمسلمين للشرائع السماوية السابقة وأنبيائها ورسلها .

خامسا : في القدس أبرز معالم الحضارة الإسلامية وقد تركت تلك الحضارة بصمات لا تنسى فيها مازالت ماثلة أمام التاريخ كالحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة والجامع العمري وحائط البراق الذي أوقف النبي صلى الله عليه وسلم براقه عنده ليلة الإسراء وفي القدس مقابر تضم في ثراها أعدادا كثيرة من الشهداء وأبطال المسلمين من عهد صلاح الدين الأيوبي ومن قبله ومن بعده وفيها من المدارس الإسلامية التاريخية التي اهتمت بشتى العلوم الإنسانية والفقهية والإسلامية وغيرها من العلوم .

عـــباد الله :
(المسجد الأقصى) هو اسمٌ لجميع ما دار عليه السور من المباني والساحات والآثار، وفي داخله المسجد الذي في صدره وكذلك (مسجد قبة الصخرة)، ولقد كان المسجد الأقصى كله مزاراً للأنبياء ومسرىً لخاتمهم محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وكلهم عظموه وأكرموه.

وقد ثبت ثبوتاً قطعياً أن بين بناء البيت الحرام والمسجد الأقصى أربعين عاماً، ومن المعلوم أن بين إبراهيم عليه السلام باني الكعبة- وبين سليمان عليه السلام ما يقارب الألف عام؛ مما يؤكد قطعاً أن المسجد الأقصى بُنِي قبل سليمان بمئات السنين.

وإنما كان لسليمان عليه السلام شرف إعادة البناء والتجديد؛ كما فعل ذلك أولياء الله من أنبيائه بمساجد الله ومواضع عبادته، وكما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده من خلفاء الإسلام.

ومن المقطوع به أن دينَ الأنبياء واحد، وإن اختلفت تفاصيل الشريعة؛ فكلهم دعوا إلى الإسلام والتوحيد، وإلى إفراد الله - تعالى - بالعبادة، وطاعته في شرعه وأحكامه.

وهذه الأحكام تتنوع من أمةٍ إلى أمة ورسولٍ إلى رسول؛ لذا فإن كلَّ نبيٍّ يرثُ أرضَ الله بكلمته ورسالته؛ فهذا إبراهيمُ ولوطٌ - عليهما السلام -، وهما قبل يعقوب وإسحاق وسليمان؛ يقول الله عنهما: ﴿ و
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•*

🎤
خطبـة جمعــة بعنــوان :
*تــهـــــويـــــــد.الـــقـــــــــــدس.tt*
للشيخ/ فهــد بن عبــدالله الصــالح
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

عناصر الخطبة :
1/ فلسطين: الأرض المباركة 2/ جرائم اليهود في فلسطين ومحاولات تهويدها 3/ أمور يتحتّم علينا معرفتها عن اليهود 4/ مظاهر هزيمة اليهود ونصر الإسلام 5/ توجيهات للمسلمين تجاه فلسطين وقضيّته .

*الخطبـــة.الاولـــى.cc*
الحمد لله القائل في محكم التنزيل: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [المائدة:82]. أحمده سبحانه أبان الطريق وأوضح المحجة, وأشهد أن لا اله إلاَ الله وحده لا شريك له, أعزنا بالإسلام, ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخاتم أنبيائه القائل: " بٌعثت بين يدي الساعة, وجعل رزقي تحت ظل رمحي, وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري) صلى الله عليه،،.

أمـــَا بـعــــد: فاتقوا الله
-أيها المسلمون- واستمسكوا بدينكم وتحاكموا إليه واحذروا أعداءه واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون.

عبـــاد الله: قضية القضايا
قضية المسلمين الأولى في هذا العصر، قضية فلسطين، والقدس رمز القضية الفلسطينية، والأقصى رمز مدينة القدس.

أرض فلسطين الأرض التي بارك الله فيها؛ قال تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) [الانبياء:71]. وقال سبحانه: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) [الانبياء: 82].

وكما وصفها الله بالبركة
فقد وصفها بالقداسة؛ قال تعالى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) [المائدة: 21]، وأقسم الله بها بقوله: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) [التين:1], ومن بركات هذه الأرض المقدسة: أنها موطن الأنبياء مهد الرسالات.

ومن بركات بيت المقدس:
أنه ثاني مسجد وضع في الأرض, وقبلة المسلمين الأولى, وثالث المساجد التي لا تشد الرحال بقصد الصلاة إلاً إليها، والصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة فيما سواه, إلاً المسجد الحرام والمسجد النبوي, وقد أٌسري برسول الله إليه, وعرج به منه إلى السماوات العلى, وأمً فيه الأنبياء جميعاً.

أيها المسلمون :
من جرائم اليهود في حق الشعب الفلسطيني الأعزل: أنه عاني الويلات منذ ستين سنة على أيدي اليهود وأعوانهم, من قتل وتعذيب وسجن وترويع وهدم للمساكن ومصادرة لها, ولم يشهد التاريخ كله تهجيرا جماعيا كما وقع على إخوتنا في فلسطين, ومطاردة المجاهدين منهم حتى خارج أرضهم.

وتتعرض القدس منذ أن أحتلها اليهود عام سبع وستين إلى مكايد ومؤامرات يراد منها تهويد القدس, أي: إزالة الوجود العربي والإسلامي منها, وجعلها خاصة لليهود, ويراد منها -أيضا- هدم المسجد الأقصى, وبناء المعبد اليهودي مكانه, وسلسلة تهويد القدس بدأت مع أول يوم لاحتلالها.

ووفقاً لتقارير إسرائيلية:
فقد تم بناء حوالي ثمانية وثلاثين ألف وخمسمائة وحدة سكنية في أحياء القدس, وعلى شكل حزام سكنى حولها, في الوقت الذي لم تسمح فيه سلطات الإحتلال ببناء بيت واحد للفلسطينيين في مدينة القدس, أو حتى زيادة طوابق على بيت قديم، كل ذلك من أجل تقليص عدد الفلسطينيين المقيمين في مدينة القدس, وزيادة عدد اليهود بالهجرة إلى القدس من المدن المجاورة, بتوفير مستوطنات جاهزة لهم.

وتخطط الحكومة الإسرائيلية -كما ذكرت صحفها- إلى بناء حوالي تسعين ألف وحدة سكنية استيطانية, خلال السنوات العشر القادمة, لتستوعب أكثر من 400000 يهودي

فبهذه السياسة -أيها الأخوة-
يكثر عدد اليهود في مدينة القدس, وسيضطر الفلسطينيون -عند ضيق منازلهم, أو تهدمها, أو زواج شبابهم- إلى السكن في ضواحي المدينة، وقانون السلطات الإسرائيلية لا يسمح بالدخول للمدينة إلاً ببطاقة إسرائيلية, أو تصريح مؤقت.

وبهذا المخطط يتم تهويد مدينة القدس التي طالما قالوا مرارا وتكرارا أنها العاصمة الأبدية لإسرائيل ولن يتنازلوا عنها مطلقاً.

ويصاحب مسلسل تهويد مدينة القدس، مسلسل آخر هو: هدم المسجد الأقصى, وإقامة المعبد اليهودي على أنقاضه.

بدأت أول فقرات المسلسل بعد سنتين من احتلاله؛ ففي عام تسعة وتسعين كان الحريق المروع للمسجد الأقصى, وأتت النيران على جدرانه, وعلى منبره وأثاثه, وفي عام ثمانين جرت محاولة لنسفه, حيث أكتشف بالقرب من المسجد أكثر من طن من المتفجرات, وتم إبطال مفعولها بفضل من الله، وفي عام اثنين وثمانين قام متطرف يهودي من أعضاء حركة (كاخ) بمحاولة لنسف المسجد الأقصى.

وفي عام 84 اكتشف الحراس المسلمون للأقصى عدداً من الإرهابين اليهود في الساحات المحيطة بالمسجد, وهم يعدون لعملية نسف تامة له، وفي نفس السنة كانت محاولة لقصف المسجد بالطائرات؛ وتأتي الحفريات والأنفاق ا

لقريبة من المسجد لخلخلة البناء, ينفذونها دون ضجة إعلامية ـ تارة يقولون: إنها لإصلاح شبكات المياه، وتارة
يقولون: إنها بحث عن هيكل سليمان, تلكم الأكذوبة والأسطورة, والمقصود بهيكل سليمان ليس هيكلا عظمياً لإنسان ميت, ولكنه هيكل مباني وبقايا جدران يزعمون أنه القصر الذى بناه نبي الله سليمان عليه وعلى نبينا أفضل صلاة وسلام, وأن مكانه هو نفس أرض المسجد الأقصى, وأن المسلمين بنوا المسجد الأقصى على أنقاضه, وهي أكذوبة مضحكة.

والتاريخ القديم ذكر أن القصر الذي بناه سليمان عليه السلام قد هدمه الكافر بختنصّر, ولكن كما قال الله تعالى: (وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [الاحقاف: 28]

ومن آخر جرائمهم في حق المسجد الأقصى, وحق المدينة المقدسة, بل في حق الشعور الإسلامي عامة: بناء معبد يهودي أسموه (الخراب) وهو فعلا خراب على اسمه, خراب للقيم, وخراب للمتعبدات والمقدسات على بعد أمتار من المسجد الأقصى, والذي استغرق بناؤه عدة سنين, ورصدت له ميزانية بقيمة اثني عشر مليون دولار, تقاسمتها الحكومة الإسرائيلية, ومتبرعون من يهود العالم؛ فاحتفلوا به منذ أيام, وقام الشرفاء من أبناء الأرض المحتلة بالاحتجاج والتنديد, فرد عليهم أحفاد القردة والخنازير بمنعهم من الاحتجاج, وألقوا عليهم الغاز المسيل, والأعيرة المطاطية, فأصيب منهم عشرون, ومنعوا المصلين من دخول المسجد الأقصى, وأغلقت المحال التجارية أبوابها, وعم الإضراب التجاري المدينة.

مما تقدم ومن الواقع المشاهد
أيها الأخوة- نعرف أن اليهود لن يتخلوا عن مدينة القدس التي فيها المسجد الأقصى, وستكون عاصمة لهم, وسيخططون لهدم المسجد الأقصى قبلة الأنبياء, ومهبط الرسالات, ومسرى المصطفى الحبيب.

وبعـــد: أيها المسلمون :
فيجب علينا أن نعرف عدة أمور: يجب أن نعرف أن اليهود هم أعدى أعداء الإسلام, وعداوتهم لنا تاريخية قديمة, والشواهد على ذلك كثيرة, ولا أعظم شهادة من الله إذ يقول: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [المائدة:82]،

ويصفهم الله بوصف سيء؛ فيقول: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ ) [المائدة: 64], أي: يجتهدون في نشر الفساد بكل أنواعه, من نشر الخلاعة والمجون, والتحلل الأخلاقي, ومن السعي في تفكيك المجتمعات وإبعادها عن دينها, ومن نشر الفوضى والإضرابات والصراعات.

ومن طبائع اليهود -قاتلهم الله- نقض العهود والمواثيق وهى صفة متأصلة في نفوسهم يقول الله تعالى (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [البقرة:100]، ولقد نقضوا عهودا أبرموها مع أنبياء الله: موسى, وعيسى, ومحمد عليهم الصلاة والسلام.

ويجب أن نعلم -أيها المسلمون- أن اليهود في أفعالهم ينطلقوم من عقائدهم الباطلة، فهم يعتقدون؛ كما قال الله عنهم: (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) [آل عمران: 75]، والأميون هم: الأمم غير اليهودية، وقد جاء في توراتهم المحرفة: أن الرب قال لإبراهيم عليه السلام: (أرفع عينيك وانظر من الوضع الذي أنت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا؛ لأن الأرض التي أنت ترى لك أعطيها, ولنسلك إلى الأبد).

وجاءت تصريحات زعمائهم متفقة مع عقائدهم المحرفة, يقول رئيس وزرائهم السابق: " إن سيادة دولة إسرائيل مع كل أجزاء القدس, ومن بينها الحرم, واقع قائم لا رجعة فيه "، ويقول وزير الأديان الصهيوني: " إن جبل البيت هو لنا بحكم الشراء؛ لأن أبانا إبراهيم اشتراه, وبحكم الاحتلال ".

ولما اعتدى بعض اليهود على الأقصى, قال وزير خارجيتهم: " إن على الجميع عدم المضي في التوهم بأن علماً آخر غير العلم الإسرائيلي, قد يرفع فوق حرم القدس الشريف ".

ولقد قالت جولد مائير قديماً: " أنني أتمنى أن أصحو ذات يوم, ولا أجد طفلاً فلسطينياً على وجه الأرض".

ويجب أن نعرف -أيها المسلمون-
أن الاعتداء على المتعبدات دليل على ضعف الأمة, كما قال الله تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً) [الحج: 40]، والأمة العاجزة عن الدفاع عن الأعراض والدماء, كما حدث في البوسنة, والشيشان, وفلسطين, وغيرها من باب أولى, عاجزة عن الدفاع عن مبنى مسجد, مما يدل على ضعف الأمة, وتفرقها وهوانها عن الناس.

ومع هذا الظلم الدامس, فإننا يجب أن نعرف ونوقن أن العاقبة للمتقين, وأن النصر حليف المؤمنين, والفجر لا يكون بزوغه إلا بعد اسوداد الليل, ولكن الأيام دول يداولها بين الناس؛ فلقد هزمت إسرائيل في هجومهم الأخير على قطاع غزة الصغير, وطردت من جنوب لبنان, وتعاني من تمرد جنودها, وتهربهم من الخدمة العسكرية, وقلت الهجرة إليها, وفقدت تعاطف الكثير من المؤسسات الدولية, وأمست دولة الاحتلال تُدرج ضمن الدول المعتدية, وبعض مسؤوليها عرضة للمساءلة في المحاكم الدولية.

والمستقبل يبشر

بنصر المؤمنين, وتلاشي أسطورة ما يسمى: إسرائيل؛ ففي الحديث الصحيح عن أبى هريرة رضي الله عنه أن الرسول ق
لهدمه من خلال حفرياتهم وأنفاقهم تحته؛ ليبنوا مكانه الهيكلَ المزعوم.

فالواجب المتحتم - يا عباد الله - في زمن الجد والصراع؛ هو اليقظة والاجتماع، والعمل الجاد، والائتلاف وترك الخلاف.

لا يليق بأمة الإسلام أن تغرق في خلافاتٍ جانبية، ونظراتٍ إقليمية، أو أنانية؛ يجب أن تقدمَ مصالـحُ الأمة الكبرى على كل مصلحة فرعية، وأن تُسمَعَ نداءاتُ الحق والعدل، ومبادرات الحزم والعقل؛ بأن تطرحَ الخلافات، وتتوحَّدَ الأمة في وجه الأزمات: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾ [آل عمران: 103].

ولهذا نلاحظ أنه لم يكن تردد أمريكا في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل خوفا على مصالحها من الحكام العرب المختلفين ، بل من شعوبهم التي كانت متّحدة غير أنّ الرئيس الامريكي _ ترمب_ وبفضل نجاحات المشروع الطائفي في المنطقة وصيرورة الشعوب به أكثر حقدا على بعضها من حكامها على بعضهم- فقد تجرأ وأعلن بأن القدس عاصة لاسرائيل في تحد صارخ للعرب وللمسلمين جميعا ، فيا ترى ما هو موقف المسلمين من هذا الإعلان الإجرامي بحق القدس الشريف ...


*الخطبـــة.الثانيـــة.cc*
الحمد لله الذي وعد أولياءه بالنصر والتمكين، وتوعد أعداءه بالخزي والتنكيل في الدارين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. ...

عباد الله :
ترامب الكلب يتحدى بإعلانه هذا كل الشعوب الاسلامية، وقد تجاهل بذلك مشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم ، بل ويعتبر عدوانا سافرا على الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى ، ويشكل تصعيدا خطيرا وحكما بالإعدام على كل مساعي السلام ويخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية ...

إنَّ اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة سيعني بكل تأكيد أنها تضع نفسها في مستوى العداء لشعبنا وأمتنا مع العدو الصهيوني، وتقرّ عدم نزاهتها في التعامل مع القضية الفلسطينية، وتقرّر مجدداً انحيازها السافر للاحتلال، وأنّها تفتح له الباب أمام المزيد من جرائمه وإرهابه ضد مدينة القدس المحتلة وأهلها...

وقد كانت هناك ردود عربية واسلامية واجنبية على هذا القرار ، وخرجت مسيرات في عدة مدن عربية واسلامية ونددوا بهذا القرار، وشهدت مدينة غزة مسيرات مستمرة بدعوة من القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية تنديدا بقرار ترمب ،وتم إحراق الأعلام الأميركية والإسرائيلية. ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ورايات الفصائل ولافتات كتب عليها "القدس عاصمتنا الأبدية" و"إلى ترامب القدس خط أحمر"، و"سنحمي القدس بأرواحنا وقد عبروا عن غضبهم إزاء خطط ترمب. وأحرق المتظاهرون صورا للرئيس الأميركي، وأطلقوا هتافات منددة بالقرار

عباد الله :
ولذلك فلابد أن يكون للدول العربية موقف قوى، لإيقاظ الضمير العربى ووضع الدول الكبرى أمام مسئوليتها التاريخية، بالإضافة إلى ضم الدول المتعاطفة مع القضية الفلسطينية مع الدول العربية لتشكيل موقف دولى لمواجهة هذا القرار الذى سوف ينسف عملية السلام فى الشرق الأوسط.
ولابد من الرد الاقتصادى فهو اداة مؤلمة لمعاقبة امريكا المجرمة على هذا القرار ، فمقاطعة المتجات الامريكية بما فيها السلاح الامريكى سيؤلم امريكا وبشدة،

فاذا لم يكون قرار ترامب و التجبر الامريكى حافزاً قوياً لوحدة العرب والمسلمين من الناحية الاقتصادية و العسكرية فلن يكون لهم وحدة ابدا حتى يغيروا ما بانفسهم ، فأما الشجب والاستنكار فلا يرجع حق و لا يوقف ألم ولا يؤلم ظالم ....
وعلى الجميع التحرّك الفاعل، ورفض هذا القرار الخطير، وحشد المواقف ضد هذا القرار وتجريمه، وبيان التداعيات الخطيرة والسلبية على مدينة القدس المحتلة، وممارسة الضغوط على الإدارة الأمريكية لتراجع عنه ..*

فهذا القرار لن يغيّر من حقائق التاريخ والجغرافيا شيئًا، ولن يغيّر من الوضع القانوني والديني والتاريخي لمدينة القدس والذي كفلته الشرعية والقوانين الدولية؛ فالقدس كانت وستبقى عربية إسلامية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة رغم أنف قوى العدوان المعادية لحقوق شعبنا ونضاله المشروع لتحرير أرضه ونيل استقلاله، وسيبقى شعبنا مستعدًا لتقديم كل التضحيات في سبيل ذلك...

أما نحن الشعوب الاسلامية ليس أمامنا سوى الإدانة والشجب فى ظل حالة التفرق التى تعانى منه الدول العربية والخلافات الشديدة وعدم الاتفاق على رأى موحد بين العرب حتى تكون كلمتهم مسموعة ومؤثرة أمام العالم فالحال مزرٍ، فالعديد من الدول العربية تعانى من صراعات داخلية تجعلها بمعزل عما يحدث فى فلسطين مثل ليبيا وسوريا واليمن...
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان،

اللهم اجمعهم على الحق والهدى،

اللهم أحقن دماءهم وآمنهم في ديارهم، وأرغد عيشهم، واكبت عدوهم. يا من لا يُهزم جندك، ولا يخلفُ وعدك، سبحانك وبحمدك.

اللهم إن الصهاينة قد بغوا وطغوا وأسرفوا في الطغيان.

اللهم هيئ عليهم يداً
َنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ (الأنبياء:711) قال الحسن: (هي الشام).

وهكذا تبقى فلسطين - والمسجد الأقصى خاصة - مآلها لعباد الله المؤمنين؛ من قبل أن يولد يعقوبُ (الذي هو إسرائيل) وأبوه إسحاقُ بن إبراهيم. ثم إنه بعد مئات من السنين أنجا الله - تعالى - بني إسرائيل من ظلم فرعونِ مصر، وهاجر بهم موسى - عليه السلام - من مصر إلى سيناء.

وأمرهم بدخول الأرض المقدسة لكنهم أبوا وقالوا: ﴿ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 24]، ولم يُجِبْ موسى منهم إلا رجلان فقط، وكتب الله - تعالى - عليهم التِيه في الأرض أربعين عاما؛ توفي فيها موسى -عليه السلام-؛ حتى خرج جيلٌ آخر أكثر صدقاً من آبائهم؛ فدخلوا الأرض المقدسة.

وكتب الله عليهم الإخراج إذا أفسدوا في الأرض وطغوا؛ فكان ما كتبه الله، وتوالى منهم الكفران والطغيان؛ حتى أُخرِجُوا وتشرذموا في الأرض بعد ثلاثة قرون فقط.

ثم إنه بعد سنين؛ أورث الله الأرض المؤمنين أتباعَ عيسى عليه السلام ؛ لأن الأرض لله يورثها من يشاء؛ فكما كانت للمؤمنين قبل بني إسرائيل؛ فقد كانت للمؤمنين بعدهم: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء: 105].

حتى أذن الله - تعالى - ببعثة سيد الثقلين وخاتمِ النبيين وبشارتِهم؛ محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي صلى الله عليه وسلم ، وكان فتح بيت المقدس إحدى بشارته صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح البخاري -، وكانت وراثته ووراثة أمته للأرض المباركة؛ هي سنة الله الممتدة على مرِّ العصور، ومنذ عهد إبراهيمَ عليه السلام .
النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في (بيت المقدس) ليلةَ الإسراء؛ كانت إعلاناً بأن ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو كلمة الله الأخيرة إلى البشر، أخذت تمامها على يد محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأن آخر صبغة لـ (المسجد الأقصى) هي صبغة أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فالتصق نسبُ المسجد الأقصى بهذه الأمة الوارثة.

وفي السنةِ الخامسةِ عشرة للهجرة؛ تحققت بشارة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ودخل المسلمون (بيتَ المقدس)، وجاء عمر رضي الله عنه من المدينة المنورة إلى فلسطين، وتسلم مفاتيح (بيت المقدس) تسلماً شريفاً في قصة تكتب تفاصيلها بمداد النور.

هذا هو الطريق إلى فلسطين، دخل عمر بعزة الإسلام، ولم يهدم صومعةً، ولا كنيسةً، ولا معبدًا، ولا داراَ، بل ترك للناس دور عبادتهم، وكتب لأهل البلد عهداً وأماناً وأشهد عليه.
وعلى هذا النهج سار المسلمون إلى يومنا هذا، وشهد التاريخ أن اليهود والنصارى عاشوا أسعد فترة في ظل حكم المسلمين لفلسطين، ومارسوا عبادتهم بحرية لم يجدوها في ظل أي حكم قبله أو بعده.

إن المسلمين هم الوارثون الحقيقيون لكل شريعة سماويةٍ سابقة، وهم الأولى بكل نبي ورسول غابر، ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود يصومون (يوم عاشوراء) ويقولون: هذا يوم نجَّا الله فيه موسى وقومَه، وأهلك فرعونَ وقومَه، فقال صلى الله عليه وسلم : (نحن أحقُّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه). اللهم ردّ إلينا أقصانا، وارزقنا فيه صلاة يا رب العالمين ...

عـــباد الله :
تحية إجلال للمرابطين في أكناف بيت المقدس، الذين يقفون في نحور الصهاينة المحتلين المجرمين.
أيها الإخوة الكرام، إن فلسطين -تاريخاً وأرضاً ومقدساتٍ ومعالمَ- هي إرث المسلمين، إرثٌ واجبُ القبول، متحتمُ الرعايةِ لازمُ الصون، إنه ليس خياراً يتردد فيه المترددون أو شأناً يتحير فيه المتحيرون؛ لهذا وذاك كان أكثرُ ما سُفِك من دماء المسلمين، وأضرى ما وقع من حروبهم على مر التاريخ حول تلك البقعة، وعلى ذلك الثرى، والدمُ الذي سكبه المسلمون أيام الحروب الماضية ولا يزالون لم يكن لينضَب وفي المسلمين أوردةٌ تنبِض.

من الذي يكره السلام ولا يريد السلام، ولكن أن تُغتصبَ أرضٌ؛ وتُهجَّر أسرٌ؛ ويُنفى شعبٌ؛ ويُعبثَ بمقدساتٍ؛ ويُزوَّرَ تاريخٌ؛ وتُغيَّرَ معالـمٌ؛ ويقعَ ظلمٌ شديدٌ بشعبٍ ما زال يُسقى المرَّ منذ عشرات السنين؛ فإن ذلك كلَّه عبثٌ ببرميلِ بارود؛ لا يُدرى متى يبلغ مداه؟!

إنك لتعجب من أن حماة حقوق الإنسان؛ هم الراعون لمنتهكي الإنسانية! والمتحدثون باسم احترام مقدسات الأمم وأديانهم! هم المبررون للعابثين بقدسية الأقصى ومسجده ومعالمه!، وتَعجب أن رافعي رايةِ العدل والمساواة؛ هم الراعون لمغتصبي الأوطان ومهجري الشعوب وسارقي التاريخ! والأسوأُ من ذلك أن يمارس باسم الدين؛ وباسم الرب؛ وباسم الكتب السماوية المقدسة!

إن الذي يمارسُ اليومَ من قبل الصهاينة؛ وما يرد إليهم من دعم مادي ومعنوي من قِبَل حلفائهم؛ منطلق من نبوءات كاذبة وكتب محرفة، وهم يعملون وفق قناعات دينيه، وقادتهم يقولون: لا قيمة لإسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون المسجد الأقصى، هذا المسجد الذي يمنعون المسلمين منه، ويسعون
2024/09/23 23:19:25
Back to Top
HTML Embed Code: