Telegram Web Link
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
أمـا آن للــصـبــح أن يتنـفـــس !!
للشيـخ/ جـابـر السيــد الحـــناوي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

عـناصر الخطبــة :
1/ البشارة بنصرة هذا الدين
2/ التاريخ أكثره نصر للإسلام وأهله
3/ عاقبة الظالمين ونهايتهم 4/ من المبشرات العظيمة بنصرة هذا الدين 5/ شهادة أعداء الإسلام بأن المستقبل لهذا الدين الإسلامي 6/ واجب المسلمين تجاه هذه المبشرات .

الخطبـــة.الاولــــى.cc
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ".

في وسط هذا الظلام الدامس الذي تعيش فيه الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر، وفي وسط اليأس والإحباط الذي يشعر به الكثيرون اليوم من تكالب الأعداء وضعف المسلمين، تَسْطَعُ هذه البشارات العظيمة: "بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ"؛ لتحيي في قلوب المؤمنين الأمل بأن المستقبل لدين الإسلام (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح 5: 6] ولن يغلب عسر واحد يسـرين، فـ (لا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139] والمتتبع لآيات القرآن العظيم، والأحاديث النبوية الصحيحة يطالع فيها العديد من هذه البشاراتٍ العظيمة.

ونحن لو تصفحنا تاريخ هذه الأمة منذ بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى الآن نلاحظ أن أكثر الوقت الذي عاشته هذه الأمة كان النصر فيه حليفها، وأن الوقت الذي كان المسلمون فيه في استضعاف، -كما هو الحال في فترة غزوة التتار أو الحملات الصليبية أو الوقت الحاضر الذي نعيشـه الآن- هو الأقل وليس الأكثر في مراحل تاريخ هذه الأمة.

إننا نعيش حالياً في مرحلة استثنائية فعلاً يجب علينا أن نتعلم فقهها ونتفهمه؛ حتى نتجاوزها بسلام؛ لأنها مرحلة لن تدوم (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران:140] فالمؤمن يعرف بأن دوام الحال من المحال، و (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن:29]

إن النصوص الشرعية تنطق بأن الأصل هو أن القوة للمسلمين، وأن النصر لهم، وأن ما نحن فيه الآن -كما قلنا- هو مرحلة استثنائية عارضة، قد تطول أو تقصر، تبعا لمشيئة الله عز وجل أولا، ثم مدي تمسك المسلمين بأهداب الشرع الحنيف ثانيا.

ومن هذه النصوص الشرعية التي تبشر بأن المستقبل هو لدين الإسلام قول الله سبحانه وتعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف 8: 9]

ومن النصوص الشرعية الدالة على ذلك -أيضاً- قوله عز وجل: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور:55]

قال ابن كثير -رحمه الله-: "هذا وعد من الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيجعل أمته الولاة على الناس؛ فتصلح بهم البلاد، وتخضع لهم العباد، وليبدلنهم بعد خوفهم من الناس أمناً وحكماً فيهم.

وقد فعل تبارك وتعالى ذلك -وله الحمد والمنة-، وقد وقعت كلها -بحمد الله- كما أخبر به صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لم يمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى فتح الله له مكة وخيبر والبحرين، وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكمالها، وأخذ الجزية من مَجُوس هَجَر، ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقل ملك الروم والمقوقس صاحب مصر والإسكندرية وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة.

ثم تولى أبو بكر الصديق، ومن بعده عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، ورأينا كيف امتدت دولة الإسلام في عهدهم -رضي الله عنهم- إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، بعد أن كَسَّر المسلمون كسرى وقَصَّروا قيصر، وأنفقت أموالهم في سبيل الله، كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فها نحن -كما يقول ابن كثير في وصفه- نتقلب في ما وعدنا الله -عز وجل- على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فنسأل الله الإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم والقيام بحكمه على الوجه الذي يرضيه عنا".

فالصحابة -رضي الله عنهم- لما كانوا أقوم الناس بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأوامر الله -عز وجل- وأطوعَهم له؛ كان نصرهم وتفوقهم بحسبهم، ولما قصر النا

س بعدهم في بعض الأوامر؛ نقص ظهورهم وانتصارهم بحسبهم
أيضا.

عندما يشعر المسلم بهذا، ويعتقد وضعه في العطاءِ لهذا الدين والعملِِِِِ له – يوقن بأنه مهما طال الليل فلابد من طلوع الفجر، وأن الفرج آت لاريب فيه، وأن صبحه لابد أن يتنفس لأن الله -عز وجل- قال: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)،[غافر:51] فالنصر للمسلمين لابد منه؛ لأنهم المتقون وقد قال سبحانه وتعالى: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).

أما معسكر الكفر من النصارى واليهود وغيرهم من المشركين اليوم فهؤلاء مصيرهم إلى الهلاك بإذن الله؛ فرغم أنهم ينفقون أموالهم بالمليارات؛ ليصدوا عن سبيل الله، -كما يحدث اليوم بوضوح شديد-، إلا أن ربَّ العزة يؤكد لنا: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ) [الأنفال:36] لأن الله -عز وجل- قال: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً) [الطلاق:9]

فهذه هي عاقبة ونهاية الكفار المعتدين، والزلازل والبراكين جند من جنود الله العزيز الحكيم، وقد رأينا كيف سلطها الله عليهم في الآونة الأخيرة؛ فقتلت وشردت الملايين، وهدمت وخربت المدن، وابتلعت قواعد ومعسكرات، ناهيك عن تسليطهم بعضهم على بعض.

والحرب العالمية الثانية ليست منا ببعيد، وقد أرانا الله فيها آياتِه فيهم، قتل فيها خمسون مليوناً منهم، ودمرت مدن، وسقطت دول؟ والله قادر على إعادة الكرة مرة أخرى.

وتتوالى البشائر النبوية بنصر هذه الأمة -أيضاً- في الأحاديث الصحيحة، ويقسم على ذلك صلى الله عليه وسلم فيقول: "وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَحَضْرَمُوتَ مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى".

وكذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن انتشار دين الإسلام في العالم فقال: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ".
وعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا".

فهذه الأحاديث أيضاً فيها معجزات ظاهرة، تبشـر بالنصر والتمكين لهذا الدين؛ ففيها إخبار بأن ملك أمته صلى الله عليه وسلم سيبلغ المشارق والمغارب، وأن سلطان الإسلام سينسحب على كل شبر يصله ضوء النهار.

وهذا وإن كان لم يحدث بعد حتى الآن، إلا أنه لا محالة واقع؛ لأنه حديث وحي يوحى؛ فلماذا لا نتعبد ربَّنا بالتصديق بكلامه عز وجل؟!، ونتقرب إليه بالتصديق بوعده وبوعد النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى؟!

وهو الذي بشرنا بفتح روما بعد فتح القسطنطينية، وهو الذي أخبرنا أنه "سيكون بعده -صلى الله عليه وسلم- خلافة عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثم يكون مُلْكًا عَاضًّا، ثم مُلْكًا جَبْرِيَّةً، ثم خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ"، وقد وقع كل هذا ولم يبق إلا الأخيرة.

ومن المبشرات العظيمة: أن الله لا يترك دينه بدون مجددين، وكلما خبا هذا الضوء وخفت، أعاده الله للوهج مرة أخرى بهؤلاء العظماء الذين يحيون السنة، ويميتون البدعة، ويوقدون أنوار التوحيد، ويطفئون نيران الشرك؛ قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" فيحيون ما اندرس مما بلي وذهب، ويرجعون الناس للعمل بالكتاب والسنة.

ومن المبشرات المشجعة: أن هناك طائفة منصورة لا يخلو منها الزمان قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وفي رواية: "لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ".

وفي رواية: "ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمْ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ"، فهذه الطائفة موجودة مستمرة، وقد توجد في بعض الأرض دون بعض، وفي بعض البلدان دون بعض، ولكنها موجودة في قطاعات عريضة من المجتمع، إنها طائفة منصورة بالحق إلي يوم القيامة.


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
إن الكتاب والسنة ليذخران بالأدلة الشرعية التي تثبت أن النصر للإسلام، وأن المستقبل والقوة في النهاية للمسلمين، وأن الخ

لافة على منهاج النبوة ستكون، وأن عيسى سينزل، والم
خطبة ميلاد محمد صلى الله عليه واله وسلم ميلاد امة
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ذاته وصفاته وأفعاله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم، إنه كان حليما غفورا، ونشهد أن محمدا عبدالله ورسوله، نبي الهدى والتقى والعفاف والغنى، نبي الرحمة والمحبة، أرسله الله هاديا وبشيرا، وليكون للعالمين نذيرا، فهداهم إلى الحق وهم في ضلال مبين، وسلك بهم مسلك الهداية حتى أتاهم اليقين، ختم به ديوان الوحي والرسالة، وأتم به مكارم الأخلاق، وأعلى به معالم الدين، كلامه شفاء للسقام، وحديثه قاطع للخصام، عليه يكون فلك الأوامر والنواهي، أفلح من اتبعه ووالاه، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله البررة وصحبه الخيرة، مصابيح الأمم ومفاتيح الكرم، وخلفاء الدين وحلفاء اليقين، بلغوا من معالم الفضائل غاية الغايات، ووصلوا من المكارم نهاية النهايات، دافعوا عن الإسلام فكشفوا عنه الكروب، وساروا على الإيمان فضربوا عنه الخطوب، فالتزم أمر الدين، وانتظم أمر المسلمين، وكان حقًا علينا نصر المؤمنين، فهم جنود الهدى على باب السعادة، ولهم الحسنى وزيادة.
عباد الله اتقوا لله ربكم، وأطيعوه في سركم وعلنكم، وراقبوه في جميع زمنكم، فاتقوا الله حق التقوى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون } ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
أيها الاخوة المؤمنون :- لقد بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حين فترة من الرسل وانقطاع من الوحي فهدى الله به من الضلالة وبصر به من العمى وأحياء الله على يديه هذا الإنسان التائه الحيران فكان ميلاده - صلى الله عليه وسلم - ميلاد جديد لهذا الإنسان ومبعثه حياة للبشرية جمعاً و جعل - سبحانه وتعالى - الاستجابة لدينه وإتباع رسوله هو الحياة الحقيقية قال - تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ وأَنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال: 24].... فكيف يدعونا الله إلى الحياة ونحن أحياء؟ وما هي الحياة الحقيقية؟ وهل تعني الحياة الأكل والشرب والعمل وبناء المدن وتشييد المباني وصناعة الآلات؟ وماذا يريد الله بهذا الخطاب؟ ... إن الله - سبحانه وتعالى - يوجهنا في هذا الخطاب إلى أمر عظيم ألا وهو بيان أن حياة الإنسان الحقيقية تبدأ عندما يستجيب لأمر الله ورسوله ويلتزم بهما ويطبقهما في واقع حياته فما أرسلت الرسل وما أنزلت الكتب إلا لبيان واجب العباد تجاه ربهم وتنظيم حياتهم وهي حياة القلب والعقل، بالعقيدة التي تعمر القلب، فتملأ كيان الإنسان نوراً وهداية قال - تعالى-: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122]...
اخوة الايمان لقد كان / ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد أمة ، إذ كانت الحياة قبل مولده يائسة، ساد فيها الظلم والبغي والفواحش ، واجتال الشيطان بنى البشر ،فحوَّلهم عن دينهم الذى دعا إليه سائر الأنبياء والمرسلين ، وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم أظلمت الحياة، وعمَّ الجهل، وانتشر الظلم، وسادت شريعة الغاب... فكان ميلاده ميلاد أُمَّة، فهو الذي أخرج الله به البشريةَ من الظلمات إلي النور، وأزال ببعثته حيرتها وتخبطها العقائدي ، فردَّها إلي التو حيد الخالص، ميراث إخوانه الأنبياء والمرسلين، فكان بحق رحمة الله للعالمين، قال الله تعالي: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } (107) الأنبياء.
حقا اخوة الإسلام، فإن ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ميلادا لأمة ، فالميلاد النبوي كان ميلادا للعقل المتحرر من التقليد الأعمى، وتحريرا للعقل من الخرافات ،التي يقلّد فيها الأبناء الآباء تقليدًا أعمى، لقد جاء ميلاد محمد صلى الله
عليه وسلم ليحرر عقول البشر من الخضوع للخرافات والدجل والارتهان للأصنام، قال تعالى :{قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) } الشعراء
نعم لقد كان الميلاد النبوي ميلاد رحمة، ولقد تجاوزت رحمة الإسلام إلى الحيوان، فنهى أن تُتَّخَذ الطيور والحيوانات غرضًا، وأمر بالإحسان في ذبحها، ونهى عن ضربها بالوجه.
إن الميلاد النبوي كان ميلادًا لحماية حقوق الإنسان، والدرس منه من يدافع عن حقوق الإنسان اليوم؟! لقد دافع النبي عليه الصلاة والسلام عن حقوق الإنسان في خطبة الوداع فقال: «إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم». ... دعا الإسلام إلى المحافظة على النفس الإنسانية، وفيها عدة تشريعات:
تحريم القتل بغير حق، قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }(المائدة32) وقال عليه الصلاة والسلام: «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم».
وجاء الإسلام ليحافظ على العقل، فحرَّم الخمر والمخدرات والمسكرات بأنواعها قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }(90)... وجاء ليحافظ على النسل، وليحافظ على العِرْض ،فحرّم قتل الأولاد خشية الفقر، وحرم الزنا، قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا (33) } الاسراء
نع أيها الاخوة إن ميلاده عليه الصلاة والسلام كان ميلادًا لتكريم المرأة، قال عليه الصلاة والسلام في وصيته: «واستوصوا بالنساء خيرًا». وقال عليه الصلاة والسلام: «النساء شقائق الرجال».... وكفل للمرأة الحق في التربية والتعليم، فكان عليه الصلاة والسلام يجعل للنساء يومًا لتعليمهن أحكام الدين.... وكفل للمرأة أيضًا الحقوق المالية، فجعل لهن نصيبًا من الإرث، وفرض لهن المهر والنفقة، ولها أيضًا حق البيع والشراء حسب الضوابط الشرعية.
احباب النبي صلى الله عليه وسلم إن ميلاده كان ميلادًا للأخلاق الكريمة، لقد دعا عليه الصلاة والسلام إلى الأخلاق الكريمة، ورغَّب فيها كالصدق والأمانة والعفاف، ودعا إلى وثيق الروابط الاجتماعية، مثل: ير الوالدين وصلة الأرحام، ونهى عن الأخلاق الرذيلة كالكذب والغدر، والحسد والعقوق، ونهى عن الغضب كيف لا وقد وصفه الله بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم 4).
عباد الله إن ميلاده عليه الصلاة والسلام كان ميلاد التوازن بين الروح والجسد، فلا رهبانية في الإسلام، ولا إغراق في الماديات، قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص77) قال سبحانه: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }(النور37) .
أيها الاخوة المسلمون حفظكم الله ورعاكم /إن ميلاده صلى عليه وآله وسلم ميلاد للأخوة بين أجناس البشر، لقد كان اللون الأبيض هو السيد في الجاهلية، وغيره هو العبد الذي يُبَاع ويشترى، فجاء الإسلام فأوجد الأخوة بين مختلف الأجناس جاء في الحديث: (وكونوا عباد الله إخوانًا).وقال الله تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَ
وْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}الحجرات
إن ميلاده عليه الصلاة والسلام كان ميلاد أمة بأكملها، وصدق الله القائل في وصفه عليه الصلاة والسلام: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). فاللهم صلِّ على نبينا وحبيبنا محمد في الأولين، وصلِّ عليه في الآخرين، وصلِّ عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين. اقول ما تسمعون واستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أرسل إلينا خاتم رسله، وأنزل عليه أفضل كتبه، وشرع لنا خير الشرائع، وكلفنا بأيسر التكاليف؛ فضلاً منه ونعمة والله عليم حكيم، أحمده حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، ففتح به قلوباً غلفاً، وآذاناً صماً، وأعيناً عمياً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ آمنوا به وعزروه ونصروه، وأحبوه وعظموه، وبذلوا كل ما يملكون من نفسٍ ونفيس فداء له ولدينه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها الاخوة المسلمون // بزغ فجرُ الأمل متمثلًا في مولد خَير البشر صلوات ربِّي وسلامه عليه، فكان ميلاده ميلاد أمَّةٍ، وبعثتُه بعثة رَحمة، ومَقدَمُه مقدم رسالة جاءت لتغيِّر مجرى التاريخ، بَيَّض وجهَ الأرض، وعطر نَسيم الكون، ونظم شؤونَ الحياة‏، غيَّر هذا الواقع السيِّئ، ورفعَ المعاناة عن كاهِل البشَر، وقضى على أبي جهل وامثاله وظُلمِهم، وأثمرَت دعوة الإسلام التي بعثَت الأملَ من جديد؛ ((إنَّما بُعِثتُ لأتمِّم مكارم الأخلاقِ))، فكانت حاجة العالَم إليه صلى الله عليه وسلم حاجة المريض إلى الشِّفاء، والعطشان إلى الماء، والعليلِ إلى الدواء، والنَّظر تتمنَّاه العين العمياء.
هذه الأحوال التي كانت تَعيشها البشريَّة قبل ميلاد النبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم تتشابَه إلى حدٍّ كبير مع الفَترة التي نعاني منها في واقِعنا المعاصر؛ حيث انتشار الفساد الأخلاقي، والاحتكارِ والظُّلم، والكذب والنِّفاق، والخداعِ والخيانة، ومجابهة هذه الأمراض كلها تَبعث الأمل من جديدٍ.
نعم، قد تَشتدُّ الأمور سوءًا وتزداد ظُلمَة اللَّيل، لكن يَبقى الأمَل والثِّقة في الله عزَّ وجل ناصر المستضعفين، والمدافِعِ عن عباده الصَّالحين المصلحين، فالله تعالى يُخبرنا في القرآن الكريم بنَصره لعباده: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21]، وقال: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].
وُلد الحبيب، فكان ميلادُه ثورةً على الظُّلم، وبعثُه نجدة للمظلومين، أُطفِئَت نارُ فارس، وزلزلَت عروشُ قيصر، وانهدمَت قصورُ الاستبداد، وسقطَت شرفات الظُّلم، بعد أن كان العالَم غابةً يأكل القويُّ فيها الضَّعيف، ويَلتهم الغنيُّ الفقيرَ.
لذلك يتوجَّب علينا بداية بِناء الروح؛ بالصَّلاة والقرآن، وبناء الثِّقة؛ بالصِّدق والإخلاص، وبناء الاقتصاد؛ بالعمل والأمَل، والقضاء على الفساد ودَحر المفسدين؛ حتى نصل إلى استقلال المجتمع؛ فلا يحتكر القوتَ محتكِرٌ، ولا يتحكَّم في أقوات الناس وأسعار السِّلَع أصحاب الأغراض، وأغنياء الحرب، ومنتهِزو الأزمات.
أيها المسلمون إنَّ البشرية الحائرة لو أرادت أن تخرج ممَّا هي فيه من صراعات وحروب مدمِّرة أهلكت الحرث والنسل، وقضت على الأخضر واليابس، ولو أرادت البشرية الحائرة أن تخرج من كبوتها، وتُقيل عثرتها / لأقبلت علي الإسلام الذي حمل لواءه سيدنا محمد صلي الله عليه واله وسلم ، فبالإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم تعيش البشرية آمنةً مطمئنةً ، يعمُّها الرخاء، ويحدوها الأمل، وينتشر فيها السلام،
وقد أنصف احد كتَّاب الغرب حينما تحدَّث عن أعظم مخلوق في الوجود – سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم- فقال في كتابه العظماء مئة، وأعظمهم محمد:
“لو أنَّ محمدًا رسول الإسلام كان حيّ
ًا، وعاصر ما تموج به البشرية من صراعات لاستطاع أن يحل مشاكل العالم، وهو يتناول فنجانًا من قهوة”.
وما أشبه الليلة بالبارحة؛ فسَادٌ واحتكار، وعُريٌ وخلاعة، وحروب تتمخَّض عن هَتك الأعراض وإزهاق الأرواح، ولن يتغيَّر هذا الحال إلَّا إذا غيَّرنا ما بأنفسنا، واتَّبعنا قرآنَ ربِّنا، وأخذنا بسنَّة نبيِّنا: قال عز وجل { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }[الإسراء: 9]،و قال عز وجل {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرعد:11]؟

وعن مالك بن أنس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((تركتُ فيكم أمرين، لن تَضلُّوا ما تمسَّكتم بهما: كتاب الله، وسنَّة رسوله))؛.
اللهم وفقنا للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم ،اللهم اهدنا و اصرف عنا العجز و الخمول و الكسل و متعنا اللهم بأبصارنا و اسماعنا و صحتنا ابدا ما احييتنا يارب العالمين اللهم ارزقنا اخلاص العمل لوجهك الكريم واعنا على فعل الخير و الدعوة اليه. اللهمَّ اجمع الأمَّةَ على فِطرة الإسلام، وكلمةِ الإخلاص.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) اللهم صلى وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على نهجه، وترسموا خطاه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم نلقاه ، وعنَّا معهم بجودك وعفوك يا عزيز يا غفَّار.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا، سحا طبقاً، عاجلاً غير آجل، تسقي به البلاد وتنفع به العباد، وتجعله زاداً للحاضر والباد. ... اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان اللهم اجمع كلمتهم على الحق والهدى ، وعلى التوحيد والسنة يا أرحم اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .. اللهم احفظ كل مسلمٍ ومُسلمة، اللهم فرِّج همومَهم، اللهم نفِّس كُرُباتهم، اللهم أدخِل السعادةَ والسرورَ على قلوبِهم، والأمنَ والأمانَ على بُلدانهم، اللهم انشر الرخاءَ والسخاءَ في بلاد المُسلمين.... اللهم وفِّقنا لما تحبُّه وترضاه يا كريم. اللهم احفَظ بلادَ المُسلمين من كل سوءٍ ومكروهٍ، اللهم حقِّق لنا الأمنَ والإيمانَ، ،،، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها. ، اللهم يا فارِجَ الهمِّ، يا كاشِفَ الغمِّ فرِّج الهمومَ والغمومَ عن المُسلمين في كل مكانٍ يا حيُّ يا قيُّوم. ٌ..... اللهم اجعل اليمن آمناً أماناً سخاءاً رخاءاً وجميع بلاد المسلمين اللهم ول علينا خيارنا ولا تول علينا شرارنا اللهم من ولي من أمر المسلمين شيئاً فرفق بهم فارق به ومن ولي من أمر المسلمين شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه بقوتك يا قوي يا عزيز،.. اللهم احفظ اليمن، اللهم احقن دماء اليمنيين ولم شعثهم ووحد صفهم وألف بين قلوبهم، اللهم امكر بمن يمكر بيمننا وشعبنا وانتقم من المعتدين على شعبنا انك على كل شيء قدير....ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم...ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتهم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
|61k @abarat77 العــشق المجروح💔
|22k @redehh12 حالات وخلفيات للعشاق

|16k @abofahd2016 صور وفيديو
|16k @Qais77 روائع الشعر العربي

|15k @DRR4U مكـتبة الكـلمات
|14k @cooking22 مطبخ شيف

|12k @So0my_Ahmed خواطر عشاق
|12k @AlmanarDentalCo طب اسنان

|11k @R_stories قصص واقعية
|11k @tatweirco1 طور ذاتك

|10k @kalmatt خواطر تجنن
|10k @dbkat1 نكت مشاهـير
|10k @olpoo قيامة ارطغرل

(+09k)
@ajlalmashhad اخبار عاجلة
@Applicationns فكرة وصورة
@rrrre2017 خواطر حب

(+08k)
@startyemen بيع وشراء
@indexa دليل تيليجرام
@sa7tech اندرويد تك
@alsaada رسائل

(+07k)
@alrrqqiat_alshshareia الرقية
@ghasas1 تلاوات حزينة
@mahdey20000 قصص
@sdimi خواطر مقصودة

(+06k)
@anarajalAhwazi تلاوات حزينه حقا
@Languagee تعلم الإنجليزيه
@Qalbeyat خفف عن قلبك
@atrukathr همسات تجنن

(+05k)
@SY_INTERNET انترنت مجاني
@beinsport_1 beINSPORTS
@zbjt_Yemeni222000 نكت
@Each_Neew ثقف نفسك
@heeeeeeez نكت جريئة
@MedInfo1 معلومات طب
@tlgrm_ar روابط تلجرام
@tafser2 تلاوات حزینه

(+04k)
@manaber_men_nour منابر من نور
@hamasat_el7ob_22 همسات الحب
@yemenimkloot يمني مخلوط
@hmstmahadd همسة محبة
@medicalnotesdaily طبية
@yemen_link دليل لقنوات
@nooono22 كوني جميلة
@Videoshow1 فيديوهات
@story_fav2 رومنسيات
@yemansan صنعانية
@iPhonYe يمن ايفون

(+03k)
@Mahmoudgrab قصص عربية
@althkafahgram اسرار تليجرام
@kull_yawm_suna خواطر
@YemeniMan1 انيق متمرد
@bar7k7at معلومات خطيرة
@ArmyHaker GR7للهكر
@Romansii كبرياء إنثى
@o5o5o5o سالفة عشق
@Glbi3shkan قلبي
@your_image صور
@glaa115 تصاميم

(+02k)
@Xxx_DEVRAMI_xxX †εαʍ ₫ευ
@alkhataba2016 منبر الخطباء
@kalimatraagia اعذب الكلام
@TWi_Xx نكت تموتك ضحك
@reem_20011 منوعات
@knowwithus معلومات
@TeleShare دليل شامل
@Somo23 نبض مشاعر
@poetry2017 منوعات
@braing تليجرام عرب
@al_eslamm ميراث
@nukat555 طرائف
@NktSoso نكت

(+01k)
@PHilosop7 رؤوس اقـلام ادبيـة💌
@androidiphone221 العاب مهكرة
@moqawama1 عدسة المقاومة
@atwanabdo عبدالباري عطوان
@halwsatasheq هلوسآت عاشق
@comandozz نجوم التحشيش
@M_L_W فيديوهات مضحكه
@ch_telegram2017 قنوات
@Super_droidi العاب مهكره
@MNKS13 منكوس القصيد
@yyooAa ھمسات من القلب
@mmowk معلومات مذهلة
@alklasah خلاصة الكلام
@I_2O18 عشوائيه الشعور
@kalaam ححممة حكي
@ks555 عذب الشيلات
@NORLIFE نور الحياة
@ibraimim الحلا كله
@amra3 كن مع الله
@m2m33 برمجة
@U_K_U كبريائي
@faker5 مضحكة
@fzah3 سقطرى
@Nokaatt نكت
@eas33 غاغة

(+02k)
@Mulahazat_saeida ملاحظات سعيدة
@yemenexchange أسعار العملات
@YemConfMaps خرائط الصراع
@shghf_kateb شغف كاتب
@beer_beer تموتك ضحك
@jas_men إكتشف نفسك
@awladna تربية الاولاد
@Raimah1 روعة جمال
@Kawateranean أنين
@no_pro حل مشكلاتك
@malekgroup مزارع
@llaael أجمل قصص
@Riad1999 كبرياء
@nukatxy نكت

(+03k)
@Rmziat_mrahq حالات وتس
@shaeroomshaer ذكر الله
@ALyemenNow اليمن الان
@WaRda2017 غرآم أحبآب
@ch_information معلومات
@alkhtaby687 نظرة حب
@malekgroup1 عقارات
@Doosliek_zbg اضحك
@hellobk شباب ستايل
@hapy0 قلبي يكتب
@lloioll طرائف

(+04k)
@halositsanaain هلوسات صنعاني
@whatsapp_status حالات وتس
@Zawamil1 زوامل وشيلات يمنية
@mnawaat4u منوعات 2018
@riwayat2016 روائع الادب
@ohaha أتحداك ما تضحك
@Alkingyaso تمرد حواء
@W_Q_W كبرياء رجل
@mattbkhy مطبخي
@nooono2 ذكر الله
@sh_iii2017 شيلات

(+05k)
@cftil00000 مشاعل لكل مشاعر
@nicephotos افخم قناة للصور
@Rawaa_altasmim تصميم
@English918 قصص انجلزيه
@m64g20 ‏كبريأإء مسـتهدف
@android_awadh معلومات
@khawater_9 خواطر حب

(+06k)
@hobrabi تلاوات حزينه
@ibbibb رمنسيات بـنات
@BRSTIG سأكتفي بك
@KingJokes نكت
@hamss6 همسات

(+07k)
@khawater19 خواطر
@qasah كل يوم قصة
@v5_v5 ارقام امريكية

(+08k)
@qhisas_ashar أقوال وحكم
@iraqkristal علاج البشره
@SM11k أحلام مستحيله
@ahsase1 راقت لي

(+09k)
@andriodiphone العاب وبرامج مهكره
@Time_Romance همسات
@heeeekm رسائل حب
@wwwtvn عبارات

|10k @Dooslike_maqil لاتنسى ذكراللة
|10k @niokkkt نكت عربية

|12k @DentalYemeni مستشارك طبي
|12k @Rmzyat_Love فخامة خواطر
|12k @angamy33 شيلات حب

|17k @elmatb4welgmal انتي اجمل
|17k @qaisalnod مملكة النكت

|16k @f55f7 قـروب سوالف بنات
|20k @mate3aqlak متع عقلك

|22k @cam_medicine الطب النبوي
|22k @Family_awareness جريئة

|23k @amniet1 للمتزوجين فقط
|28k @wnash2016 نكت قوية

|64k @rmzyat123 انا وزوجـي
|15k ‌‏@BC_love بيسيات حب

By➯ @feeeev |Ͳ★ 9PM
🎤
*خطــبـة جـمـعــة بـعـنـوان :*
*فــقـــــه.الأزمــــــــة.والــفــتــنـــة.cc*
للشيـخ/ عـلــي بن عـمــــر بـادحــــدح
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*الخــطبـــة.الاولــــــى.cc*
الحمد لله، الحمد لله خلق الخلق
وبسط الرزق، وشرع الشرائع، وفرض الفرائض، وكتب الآجال، وقدر الأقدار؛ حكمته بالغة، ونعمته سابغة، ورحمته واسعة، ومشيئته نافذة، له الأمر من قبل ومن بعد، وهو على كل شيء قدير، له الحمد كما يحب ويرضى على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، حمداً نلقى به أجراً، ويمحو الله به عنا وزراً، ويجعله لنا عنده ذخراً، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد على كل حال، وفي كل آن.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله؛ نبيه المصطفى، ورسوله المجتبى، وعلم التقى، ومنار الهدى، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم، واقتفى أثرهم، ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أمـــا بـــعــــــد :
أيها الإخــوة المؤمنـــون !
في فقه الأزمة والفتنة نصل حديثنا، وأسلفت غير مرة أن منبر الجمعة ينبغي أن يكون له دوره البارز، لكن على منهجية صحيحة، وبلغة واضحة فصيحة، وبأسلوب منهجي حكيم، ليس فيه مزايدات سياسية، ولا مهاترات إعلامية، ولا مغالطات من هنا أو هناك، ومن هنا فإن ما سأذكره أمر يفيدنا في حياتنا العامة كلها، وفيما قد يمر بنا أفراداً من مشكلات أو معضلات في دوائرنا الضيقة الخاصة، كما أنه ومن باب أولى يفيدنا فيما يحيط بنا كمجتمع وما يحيط بنا كأمة ونحن نرى تكالب الأعداء من كل حدب وصوب، وتوجه سهامهم في كل ميدان ومجال، وحصول كثير من الأمور المؤلمة المحزنة؛ سواء ما كان ذلك مادياً محسوساً بانتهاك العرض، أو استلاب الأرض، أو احتلالها أو غير ذلك، أو ما كان معنوياً فيما تعلق باختراق الأفكار، وإثارة الشائعات، وكثرة الشبهات ونحو ذلك، فلعلنا في أضواء كتاب ربنا وفي ظلال سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وعلى أرضية تاريخنا المشرق الوضيء، ومن خلال واقعنا الذي نتأمله بكل هذه المعاني والمعالم؛ أن نتلمح طريقاً واضحاً نافعاً مفيداً بإذن الله عز وجل.

التثبت والتبين
التثبت والتبين معلم واضح في منهج الإسلام؛ إذ لا ينبغي تعجل لا تستجلى فيه الحقيقة، ولا رد فعل تغيب فيه الإثباتات في أي أمر من الأمور صغيرها وكبيرها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6]، وكم من خبر في أمورنا الخاصة وحياتنا الشخصية تلقيناه دون تمحيص، ورمينا آخرين بالتهم، وجزمنا بوقوعهم في الخطأ، ثم تبين من بعد أننا لم نع ما سمعنا، وأننا تجاوبنا مع عواطفنا ومشاعرنا دون أن نتثبت على وفق المنهج القرآني.

قال الله تعالى: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111]، وفي حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عند البخاري في الأدب المفرد: (بئس مطية الرجل زعموا)، تسأله: ما حجتك في ذلك؟ فيقول: سمعتهم يقولون: إن وكالة (يقولون) وكالة مذمومة في كتاب الله عز وجل: أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ [الصافات:151-152]، وتلك فرية عظيمة، ومن لم يكن في كل أمره متثبتاً متبيناً فإنه يوشك أن تكون حالته دائماً أنه صحيفة لكل من شاء أن يكتب فيها خبراً صادقاً أو كاذباً، قضية صائبة أو خاطئة؛ فهو حينئذ كما وصف الله عز وجل أهل النفاق، والذين في قلوبهم مرض: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ [النور:15] فهم يتلقون بآذانهم وأسماعهم، لكنهم لما كانوا لا يمررون ذلك على عقولهم، ولا على مناهج التثبت والتمحيص، بل ينطقون به بألسنتهم، كما ذكر ال
له أن تلقيهم بألسنتهم، ولعل حادثة الإفك وهي شأن لم يكن خاصاً برسول الهدى صلى الله عليه وسلم، بل عم مجتمع المسلمين، وكان حدثاً من أشد ما مضى بهم من الفتنة والأزمة، وشيوع الشائعات، وكثرة القالات، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ وأي شيء فعل؟

نأخذ مما روته عائشة -كما في صحيح مسلم- مواقف وومضات، قالت: (جاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما بعد: يا عائشة ! فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله عز وجل، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه؛ فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه) .

رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة يسألها ويستثبت منها، والأمر كان جد عصيب، ولم يكن في نفسه عليه الصلاة والسلام شك وريبة، لكن الأمر -وقد تعلق به- أراد أن يقطعه قطعاً جازماً، وأن يبينه بياناً يخرس الألسنة، ثم كان له عليه الصلاة والسلام مواقف أخرى، وأسئلة من هنا وهناك، ثم رقى المنبر وقال: (من يعذرني من رجل تكلم في أهلي)؟ حتى اختلف الحيان من الأوس والخزرج؛ فسكنهم وسكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تنزلت البراءة من فوق سبع سماوات جازمة قاطعة ناصعة شاهدة لبراءة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها.

وليس المقام مقام إفاضة، وإنما أريد أن نأخذ هذه القضايا في أصولها وفي عناوينها ودلالاتها فحسب.

العدل والإنصاف
ما أدراك ما العدل والإنصاف؟! إنه أمر عزيز ثقيل لا تطيقه إلا النفوس المؤمنة الخالصة المخلصة.

إن في النفوس من الأهواء، ومن شوائب البغضاء والعداء ما يحملها على ظلم من تخالفه، بل على الظلم أحياناً بصورة عامة إذا كانت تريد تحصيلاً لمصلحتها، أو تحقيقاً لمنفعتها، والله جل وعلا يقرر العدل تقريراً عظيماً في هذا الدين بقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى [النحل:90]، ذلك هو أمر الله بالعدل على إطلاقه في كل حال، ومع كل أحد، وتحت كل ظرف، فإن العدل قيمة مطلقة، وهو من أسس هذا الدين، ومن أخلاقه العظيمة، ومبادئه الرائعة البديعة، ومن هنا جاء قول الحق سبحانه وتعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8] أي: لا يحملنكم بغض قوم على أن تظلموا وتحيفوا عليهم، ولو كانوا من الأعداء ومن غير المسلمين، فيكف بغيرهم من المسلمين؟!

وذلك أمر مهم، فإن الفتن والأزمات تثير الضغائن، وتشعل نيران الأحقاد، ومن لم يكن له نفس مؤمنة، وعقل راسخ، فإنه يتحرك ويندفع مع أهوائه، ويقع في الظلم الذي حرمه الله عز وجل، كما ورد في الحديث القدسي عن أبي ذر عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم عن رب العزة والجلال: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً؛ فلا تظالموا)، وكم من قضية تستطيل فيها الألسنة، وتتحرك فيها الأهواء؛ لتكون حينئذ ظلماً محضاً.

ولننظر مرة أخرى إلى مواقف خلص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك، عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم المقربين منه قالت عائشة في روايتها: (فأما أسامة فأشار بالذي يعلم من براءة أهله، فقال: يا رسول الله! أهلك ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي رضي الله عنه فقال: لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم بريرة مولاة عائشة فقالت رضي الله عنها: والذي بعثك بالحق! إن رأيت عليها أمراً أغمصه عليها، إلا أنها كانت جارية حديثة السن تعجن العجين فتنام عنه فتأتي الداجن فتأكله)، أولئك قوم لم يكن لأحد منهم أن يجور في حكمه، بل حموا أنفسهم وتوقفوا عند حدودهم، وأحسنوا ظنونهم.

ورحم الله أبا أيوب الأنصاري عندما نقلت له أم أيوب ما يقال ويشاع، فقال: يا أم أيوب ! أكنت فاعلة؟ قالت: لا والله، فقال: فلـعائشة خير منك، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم خير مني. ذلكم هو الإنصاف والتجرد؛ أن تضع نفسك موضع من أرسلت عليه سهام التهم بغير بينة أو برهان، وأن تتحرى ألا تكون مجرماً معتدياً؛ حتى وإن كان المخطئ قد وقع في خطئه وثبت خطؤه؛ فإن حكمنا عليه ينبغي ألا يتجاوز حدود الخطأ، وإلا كنا عادلين فيما حكمنا عليه من خطأ، وجائرين فيما زدنا عليه مما لم يثبت له، وذلك هو الأمر الذي لابد منه.

ومن روائع العدل والإنصاف الذي لا يكون إلا مع شدة التحري والإيمان والورع، ما كان من أم المؤمنين زينب ، وما أدراك من زينب؟

تقول عائشة عنها: هي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هي المنافسة التي قد يكون بينها وبينها شيء، فسألها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيراً) ، لم تنتهز فرصة لتشفي غليلاً، ولم تستجب لهوى قد يكون داعياً في النفس بطبيعتها لمن ينافس أو يكون في ذات المرتبة، قالت عائشة رضي الله عنها: (كانت هي التي تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع، وأما أختها -وهي حمنة بنت جحش - فقد خاضت، و
كانت تحامي عن أختها، فهلكت فيمن هلك)، فانظروا! صاحب الشأن ترفع واستعلى، وعدل وأنصف، وتورع وأخلص، وغيره فاته ذلك، فوقع وأخطأ وجار في حكمه، وذلك ما ينبغي أن نتنبه له.

الإخلاص والتجرد
إن الأزمات يتأكد فيها الإخلاص لله عز وجل، والتجرد من المصالح والمنافع الذاتية، والارتباط بمصالح الأمة والمصالح العامة، فإنه من غير المقبول مطلقاً أن يكون هناك اتباع لأهواء النفوس لتحصيل المكاسب، أو لأخذ المنافع الذاتية، وفوق ذلك إغضاء وإعراض عما قد يترتب على ذلك من مضرة في المصالح العامة، فلابد من الترفع عن الأهواء، والبعد عن حب الظهور، والابتعاد عن الانتصار للنفس والتشفي، وكم في مواقف الصحب الكرام رضوان الله عليهم ما يدل على سمو في هذه المعاني، أثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه في معركة وقتال مع الأعداء -ليس في حال من حالات السلم أو السكون- علا بسيفه على رجل من أهل الشرك، فسبه وبصق في وجهه، فأمسك علي سيفه وتركه، لم؟ قال: خشيت أن أنتصر لنفسي فلا أكون قتلته ابتغاء مرضات الله عز وجل! تلك النفوس التي ترتفع عن الانتصار لذاتها، والتشفي لمتطلبات أهواء نفوسها، وذلك ما ينبغي أن يكون، فكم من مخالف تختلف معه في قضية شخصية، ثم تأتي فرصة فإذا بك كأنما تنتقم منه، متخطياً العدل والإنصاف، متناسياً التثبت والتبين، مندفعاً مع حب الانتقام، أو مع تصفية الحسابات؛ وحينئذ تختلط الأوراق، وتعظم الفتنة، وتتكاثر أسباب الأزمة؛ لأنه تغيب حينئذ الحقائق مع مثل هذه الأمور.

أيـــها الأحبـــة !
لا عصمة إلا بالإيمان، ولا وقاية إلا بخوف الرحمن، ولا يمكن أن يسير الإنسان في هذا الحقل من الأشواك لما فيه من أهواء النفوس، ووساوس الشياطين، وقرناء السوء، وتسلط الأعداء إلا أن يعصمه الله سبحانه وتعالى باستمساكه بكتابه، واعتصامه بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ألسنا نعرف من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم الكثير التي ترك فيها ما هو لنفسه؛ إرادة المصلحة العامة، وإرادة الخير للأمة؟ بل قد فعل ذلك أصحابه رضوان الله عليهم، فترفعوا عن مثل هذا، والأمر يطول فيه الحديث.

المصارحة والمناصحة
لابد في أوقات الأزمة والفتنة أن تكون مصارحة مبنية على الحقائق، ومناصحة تترجم الحرص على المصلحة العامة، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث من جوامع كلمه قدر النصيحة في دين الله عز وجل فقال: (الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وهو حديث عجيب جدير بالتأمل ومعرفة دلالاته.. النصيحة لله عز وجل ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، فهل بقيت دائرة تخرج عنها هذه النصيحة ولا تشملها، فأين التناصح بالإخلاص، وقول الحق بالأسلوب والمنهج الحكيم الذي يحقق المنافع والمقاصد، ولا يكون مثيراً لغير ذلك مما يعارضه أو يناقضه؟

نحن نعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يطبق ذلك، ويطبقه أصحابه، ويعلنون الحق، ويبرزون الصدق، خاصة في المواقف العصيبة مع كل الأدب والاحترام، ومع كل الحكمة ووضع الأمور في نصابها، أليست غزوة الأحزاب كانت شدة من أعظم الشدائد، ومحنة من أقسى المحن؟ في ذلك الأتون الذي مر بالنبي عليه الصلاة والسلام والصحابة مع شدة خوف وجوع وبرد، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يخفف عن أصحابه، فأراد مقترحاً أن يعطي لغطفان ثلث ثمار المدينة حتى ترجع عن الأحزاب، ويتفكك هذا الجمع الغفير من الأعداء.

فسأل واستشار عليه الصلاة والسلام السعدين؛ سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فماذا قالا؟ بكل الأدب وبكل الفقه قالا: أوحي يا رسول الله أم أمر تراه لنا؟ أي: إن كان وحياً فهو موضع التسليم لا اعتراض ولا رأي ولا نقاش، فذلك الذي تخضع له الرقاب، وتمتثل له الأمة المسلمة، وأما إن كان رأياً تراه لنا قلنا الرأي، قال: (بل رأي أراه لكم) فصدقوه القول وصارحوه وقالوا: يا رسول الله! كنا وهؤلاء في جاهلية وكفر وهم لا يطمعون منا بتمرة إلا بشراء أو قرى، أفبعد أن أكرمنا الله بالإسلام وأعزنا بك نعطيهم ثمارنا؟ والله! لا نعطيهم إلا السيف، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأيهم ومشورتهم.

ينبغي أن نخلص النصح، والنبي صلى الله عليه وسلم قد جعل ذلك في البيعة للإسلام كما ورد في الحديث الصحيح من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فزادني: والنصح لكل مسلم) لماذا إذا رأينا المخطئ لم يكن عندنا إلا سهام الاتهام والإغلاظ والجفاء دون أن نخلو به، أو يكون فيما بيننا وبينه مناصحة؟!

إن أقر بخطئه، وإن ثبت جرمه، قلنا له: عد إلى الله، وتذكر الله وارجع؛ فإن أبواب التوبة مفتوحة، وذلك يعين على تلافي كثير من الأخطاء، وعدم التمادي فيها.

المرابطة والمواجهة
المرابطة والمواجهة، وهي أمر مهم، فإننا اليوم على مستوى الأمة الإسلامية جمعاء، وعلى مستوى هذه البلاد والمملكة خصوصاً مستهدفون بالعداء، ولا يحتاج ذلك إلى برهان وتفصيل وبيان، فنحن نعلم الاستهداف فكرياً ومنهجياً وتعليمياً واجت
ماعياً وسياسياً، وكل ذلك ظاهر بين معلن، فكيف حينئذ لا نلتفت إلى أننا مرابطون على ثغور الإسلام؛ لأن هذا البلد هو بلد الإسلام، فيه نشأ ومنه انطلق، ولا يزال في أصل بلاد الحرمين هذا الإسلام، وإعلان تطبيق شريعته، وإظهار معالم شعائره وشرائعه، والانتداب لذكره ونشره، والدعوة إليه، ثم بعد ذلك ننشغل عن هذا الهجوم الشرس بما قد يكون أدنى منه، وهذا من فقه الأولويات الذي ذكرته من قبل، لابد أن ننتبه إلى الخطر الأعظم، فلا نغفل عنه، ونعطيه من الالتفات إليه ومن المواجهة له، ومن المرابطة لعدم اختراقه لصفوفنا ما يستحق.

ولعلي هنا أنقل نقلاً واحداً في ومضة سريعة لمسئول من المسئولين في تلك البلاد والدول المواجهة والمعلنة لهذا العداء، يقول: (لدينا استراتيجية غاية في البساطة، فنحن نريد في المنطقة نظماً موالية لنا، ثم إننا نريد ثرواتها بلا منازع، فنحن نريد ضماناً نهائياً لأمن إسرائيل؛ لأنها الصديق الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه)!

فنقول: لا ينبغي أن ننسى في أي وقت وتحت أي ظرف ما يحيط بديننا وأمتنا وبلادنا ومجتمعنا من هذا العداء الذي يبرم أمره كل ليل وكل نهار، وتتوالى أحداثه، وتتوالى إعلاناته، وتظهر ملامحه في كل ميدان ومجال، وهي قضية مهمة لابد من الانتباه لها وعدم نسيانها بحال من الأحوال.

الوحدة والاجتماع
تجب الوحدة والاجتماع، ومهما كان من أمر فإنه يجب وجود الوحدة الجامعة والولاية الشرعية المجمع عليها والمنعقدة والمنتظمة التي لا يصح الخروج عنها، ولا الانفلات منها، وقد أشرنا إلى الأدلة الشرعية على ذلك، وإلى الأضرار والمفاسد المترتبة عليها، فينبغي حينئذ ألا نتبادل الاتهامات، وألا نسمح للاختراقات أن تشقق أو تفتت وحدتنا، وتزايد على لحمتنا، وتمس أصل اجتماعنا وائتلافنا على أصل ديننا، وعلى أصل ولايتنا، بحيث لا يكون هناك أثر لذلك، والأمر من بعد ومن قبل أوسع وأعظم من أن تحيط به كلماتنا في هذا المقام.


الرجوع إلى الكتاب والسنة
لابد لنا في كل أمر من أمورنا الخاصة والعامة، الصغيرة والكبيرة، أن يكون مرجعنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الأئمة من العلماء قديمهم وحديثهم، والاسترشاد بالآراء والتوجيهات التي ترتبط بذلك وتنطلق منه، ومن قبل ذلك ومعه كذلك: الاستجابة والطاعة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين ولولاتهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24].

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ على أمة الإسلام أمنها وأمانها، وأن يحفظ عليها وحدتها وقوتها، وأن يعيد إليها قوتها وعزتها، نسألك اللهم لهذه البلاد المقدسة الطاهرة أن تحفظ عليها أمنها وأمانها، وإسلامها وسلامها، ورزقها ورغد عيشها، وإلفتها ووحدتها، ونسألك اللهم أن ترد عنا كيد الكائدين، وشرور المعتدين، وفتنة الفاتنين، برحمتك يا أرحم الراحمين!

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


دور الإعلام في الأزمات والفتن

*الخطــبـــة.الــثـانــيـــــة.cc*
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أمـــا بـــعــــــد :
أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، فاتقوا الله في السر والعلن، واحرصوا على أداء الفرائض والسنن، واجتنبوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجتنبوا كل ما شاع وظهر من الفتن، نسأل الله عز وجل أن يسلمنا منها.

أيها الإخوة! أمران أختم بهما، وأعرج على صور تناقض كثيراً مما ذكرناه: الإعلام والإحكام.

الإعلام اليوم هو الذي يسمعه الناس من الإذاعات، ويقرءونه مكتوباً على الصحف، ويشاهدونه على الشاشات، فهو مصدر من المصادر الأساسية، بل يكاد يكون عند كثير من الناس هو المصدر الأول لمعرفة المعلومة وتحليلها ومعرفة ما وراءها، ومن هنا تأتي مسئولية الكلمة، ومسئولية الإحكام في الحديث عن الأمور كلها، وخاصة في الأحوال التي تكون فيها التباسات واشتباهات، ومن هنا ندرك عظمة الكلمة في منهج الإسلام: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:35-36]، وفي حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً)، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري : (الرجل يتكلم بالكذبة تبلغ الآفاق )، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه يعذب بكلاليب يؤتى بها إلى فمه ثم تشقه إلى آخر شدقه، ثم يعود كما كان، ومن هنا لابد لكل أحد في كل دائرة من دوائره حتى في أسرته وفي دائرة قرابته من التثبت، فيجب أن نحرص على الانتباه لهذا، والدقة فيه، فإنه قد يكون أمران متناق
نهجه أو صواب رأيه من أصل كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما اللذان لا يأتيهما الباطل من بين يديهما ولا من خلفهما، وهما عصمة كل معتصم، ونجاة كل راغب في النجاة بإذن الله.

نسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يبصرنا بكتاب ربنا، وأن يعلمنا هدي رسولنا، اللهم اجعلنا بكتابك مستمسكين، ولهدي رسولك صلى الله عليه وسلم متبعين، ولآثار السلف الصالح مقتفين، وللحرص على أخوتنا ووحدتنا عاملين.

نسألك اللهم أن ترد عنا كيد الكائدين، وأن تدفع شرور المعتدين، وأن تصد فتنة الفاتنين، وأن تعيد وتبقي وتقر في هذه البلاد الأمن والأمان، والسلامة والإسلام، والهدى والتقى، وأن تجعلها أبداً مناراً للإسلام والمسلمين والدعوة إليه، والتبشير به والدفاع عنه في كل الأحوال والعوارض.

ونسألك اللهم أن تجنب الإسلام والمسلمين عداء المعتدين وعدوان الغاصبين.

نسألك اللهم أن تبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيها أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء!

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك المخلصين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، وأخرجنا من الظلمات إلى النور يا رب العالمين.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا، اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن تهديهم وتوفقهم لما تحب وترضى، وأن تصرف عنا ما لا تحب وترضى.

اللهم يا حي يا قيوم يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراًعليه يا سميع الدعاء!

اللهم الطف بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والمسجونين في كل مكان يا رب العالمين، امسح اللهم عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء!

اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين، أفرغ اللهم في قلوبهم الصبر واليقين، وثبتهم في مواجهة المعتدين برحمتك وقوتك وعزتك يا رب العالمين.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، واصرف اللهم عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمرنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، ووفق اللهم ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء!

عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي؛ أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].

===================
ضان أو متباعدان والوسط بينهما هو الحق، فثمة مبالغة في التهويل، أو مبالغة في التهوين، وليس ذلك مطلوباً، ولا هذا مرغوباً، بل ينبغي الحرص على الحقائق، وليس كل ما يعلم يقال، فإن من الأمور ما ينبغي إخفاؤه أو عدم التصريح به؛ لئلا يتسبب في أمور من البلبلة، أو غير ذلك.

وهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بلغه في ذلك الموقف العصيب في يوم الأحزاب نقض بني قريظة للعهد، فلم يقبل الخبر على عواهنه، بل أراد تثبتاً وتبيناً فأرسل السعدين ليستجليا له الخبر، ثم قال: (إن علمتما خيراً فأذيعا) أي: إن كان الأمر أن القوم على عهدهم فانشروا ذلك وأذيعوه وبثوه في وسائل الإعلام؛ لتثبت القلوب، وترتفع الروح المعنوية، وتزيل البلبلة، قال: (وإن كان غير ذلك؛ فالحنوا لي لحناً لا يعرفه غيري) أي: قولوا قولاً ليس صريحاً لا يفقهه سواي؛ حتى لا يذاع الخبر فيكون سبباً في شيء من إضعاف المعنويات، أو في شيء من الخوف، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (عضل وقارة)، ذكروه بأخبار بعض من سلف من الغادرين، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أبشروا، الله أكبر! الله أكبر! أبشروا أبشروا) أراد أن يطمئن النفوس والقلوب، وإن كان قد أخذ بالأسباب، ولم يغب عنه ما ينبغي أخذه في مثل هذا الأمر، لكنه كان يدرك عليه الصلاة والسلام كيف ينبغي أن تبث الأخبار وأن تنشر الوقائع، كما نرى أحياناً في وسائل الإعلام بعض ما يحصل من الجرائم والفواحش، ويذكرون قصصها وتفاصليها، فيكون أثر ذلك في بعض الأحيان من الناحية السلبية أكثر من الإيجابية، فتهون المعاصي في نفوس الناس، وتجرئهم عليها، وقد تبين لهم سبلها، وذلك ما يقوله الإعلاميون والتربيون والنفسيون فيما تبثه الوسائل الإعلامية من الأفلام الإجرامية والعنفية وغير ذلك.

فينبغي أن نراعي ذلك، وأن نلتفت له، فلابد من الدقة في استخدام المصطلحات، وتحرير محل النزاع، وعدم إطلاق الكلمات التي لها دلالات مختلفة دون تعيينها وتحديدها، حتى لا يحصل من ذلك ما يكون فيه أثر غير محمود.

الشرع والردع
الشرع والردع هو الأساس الذي ينبغي تحكيمه وإحكامه، فإن إقامة شرع الله عز وجل أمر لابد منه، فكل من وقع في إثم، أو اقترف ذنباً، أو ارتكب كبيرة، أو اجترأ على جريرة، فإنه إن استوفي حكمه بقضاء، وثبت عليه ما عليه؛ فإن حكم الشرع يأخذ طريقه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (تدارءوا الحدود فيما بينكم، فأيما حد بلغني فقد وقع)، فإذا بلغ الأمر إلى الوالي والحاكم الشرعي فإنه لا مجال حينئذ إلا تمحيص البينات، وتحقيق القضايا، ثم إقامة الأحكام.

والردع في منهج الشرع أوسع من إقامة الأحكام، فالحدود الشرعية في السرقة والقتل والزنا وغيرها هي من العلاجات التي تحسم مادة الفتن والجرائم، لكنها ليست وحدها، فإن الإيمان قبلها، وإن تنمية الرقابة لله عز وجل، والخوف والحياء منه، والنظر إلى العواقب في الآخرة، وغير ذلك من الأمور التربوية والاجتماعية هي أيضاً من أساليب الردع.


التربية والتهيئة
أختم بقضية مهمة وهي: التربية والتهيئة، فإن التربية في المنزل والمدرسة والشارع إن كانت على المنهج الصحيح؛ وقتنا -بإذن الله- الكثير من الشرور، وكانت على مبدأ: الوقاية خير من العلاج، فلو تركنا أبناءنا: لا نعلمهم، لا نربيهم، لا نلفت نظرهم إلى الأخطاء، لا نحذرهم من المشكلات، ثم ذهبوا إلى دور العلم فلم يجدوا من المعلمين توجيهاً وتنبيهاً وتذكيراً، ولفت نظر وعلاج أخطاء كما ينبغي، ثم خرجوا إلى المجتمع، فلم يجدوا من وسائل الإعلام أو من الدعاة والعلماء القدر الكافي الذي يوجه ويرشد ويبين الأخطاء ويوضح المعالم؛ فحينئذ يحصل بعض ما يقع من التفريط والغلو والتطرف، وقد أسلفنا القول فيه من قبل.

ينبغي لنا أن نتحدث بصوت هادئ، فإن الجعجعة والصراخ لا تنفع في هذه الأحوال، وإننا ينبغي لنا أن نتحدث بمنهج سليم سديد، فإن الهيشات والمهاترات لا تنفع، وينبغي لنا ألا نتعجل وألا نجعل هناك شيئاً من الافتراق والتباعد، فلا ينبغي أن نتكلم عن هذا أو ذاك بأنه مخالف للشرع، وبأنه يريد مصادرة الدين، وبأنه يريد كذا وكذا، ولا ينبغي هذا لمن يعتلي المنبر أو يتكلم في الوعظ والإرشاد، كما لا ينبغي للآخرين أن يقولوا عن كل ملتزم أو متدين: إنه مخطئ في كذا، وإنه يقصد كذا، حتى كأن الناس شقوا عن القلوب والنوايا، بل ينبغي لنا أن ندرك عظمة الخطر، وأهمية الاتحاد، ومرجعية الشرع، وينبغي لنا أن ندرك أن مزية هذه البلاد أولاً وآخراً هي قيامها على الإسلام، وتحالف الدولة مع الدعوة، وأن أمر الاستهداف أعظمه وأكثره على ديننا، فلا ينبغي أن يكون منا جميعاً بغي، لا من هذا ولا من ذاك، وألا نصنف الناس فريقين، وأن نقول: أهل المنابر وأهل المحابر، ونجعل هناك أموراً تثار فيها البلابل، ينبغي لكل مسلم -وكلنا مسلمون في أصل إيماننا واعتقادنا- أن يكون مخلصاً لله، وما ذكرته ينطبق على جميع الناس، لا يستثنى منه أحد، ولا يظنن أحد كذلك أن العالم أو الداعي مبرأ من النقص أو منزه عن الخطأ، بل هو إنما يستمد قوة
خطبة بعنوان ( معا نستكمل النصر)
اعداد/ الدكتور: محمود أبوهدعش


الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الباطل
بقهره، ومديم النعم بشكره. قدر الأيام دولا بعدله، واستدرج المجرمين البغاة بمكره،وجعل العاقبة للمتقين الصادقين بفضله.
إن مسنا الضر او ضاقت بنا الحيل *فلن يخيب لنا في ربنا امل الله في كل خطب حسبنا وكفى * اليه نرفع شكوانا ونبتهل
من ذا نلوذ به في كشف كربتنا *ومن عليه سوى الرحمن نتكل
واشهد ان لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله نشهد أنه بلغ الرسالة…… ..
أيها المؤمنون الصادقون عباد الله ايها الأحرار
يقول الله تعالى ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم… ..) اُُُستضعف قوم موسى وأوذوا وابتلوا ونكلوا، فمنهم من قتل ومنهم من شرد ومنهم من اعتقل وسجن ومنهم… ، وطال عليهم البلاء حتى رفعوا الشكوى لموسى وقالوا ( أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا… ) فأجابهم بلسان الواثق بوعد ربه ونصره وتأييده ( استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) فبين لهم أن من سنن الله الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل أن العاقبة للمتقين مهما طال الزمن.
فأخذوا بالأسباب وثبتوا أمام الصعاب، واستهانوا بالعذاب ، ففتح أمامهم الباب، وعادوا الى أرضهم بعد تشريد وطول غياب، فصاروا هم ورثة الأرض والكتاب،إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب. قال تعالى
( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) هكذا النهاية وهكذا العاقبة وهذا وعد الله لا يتأخر ولا يتبدل.
فيا ابناء اليمن الأحرار ويا ابناء اليمن الأبرار أما آن لكم العودة للديار ، ومسح هذا العار الذي لحق بكل الأخيار .
أيها المشردون.. أيها المهاجرون ايها المبعدون… ايها النازحون . يامن ابعدكم الإنقلابيون عن بيوتكم وعن دوركم وعن اهليكم وعن محبيكم وعن أموالكم وأعمالكم، أما آن لكم أن تعودوا وتضعوا حدا لمعاناتكم وبعدكم !!!
أما يكفيكم تشردا وبعدا ومعاناة؟
هل هاجرتم للتحيزوا الى فئة ثم تكروا فاتحين؟ أم خرجتم وسلمتم بيوتكم وبلادكم للبغاة العابثين ؟ ورضيتم بالواقع واسقطتم حقكم في العودة ؟
ايها الأحرار إن التحيز قد بلغ مداه ، وإن الباطل قد بلغ منتهاه، ولا بد من وضع حد لهذه المعاناة.
ولهذا قرر الأحرار من المهاجرين والمشردين رفع شعار ( عائدون عبر الجبهات) ليستكملوا النصر ويستعيدوا الوطن المسلوب فحملوا سلاحهم وطلقوا راحتهم، واعلنوا النفير العام استجابة لقول الله القائل ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)
فهل أنتم أيها المؤمنون الصادقون مع هؤلاء المهاجرين الأحرار ؟ وتشاركونهم النفير والقرار ؟ أم استسلمتم للواقع ورضيتم بالعار؟
إذا الشعب يوما أراد الحياة * فلابد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي * ولابد للقيد أن ينكسر
اذا ماطمحت الى غاية * نسيت المنى وركبت الخطر
ومن يتهيب صعود الجبال* ** يعش ابد الدهر بين الحفر
أيها المهاجرون المقاومون أهمس في أذانكم همسة فأفهموها ، هناك مؤامرة قذرة تحاك ضدكم فأفشلوها ، وانتم اصحاب قضية عادلة فلا تهملوها ،ومطالبكم مقدسة فلا تتنازلوا عنها، وثقوا في نصر الله القائل لكم ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم… .) والقائل ( ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله)
فخذوا الأمر بجد ، واحشدوا قوتكم، ورتبوا صفوفكم وانفروا الى جبهاتكم لإستكمال النصر المنشود قبل أن تكونوا في نظر العالم الظالم إرهابين ، وادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.
الله قال لنا انفروا
فتوحدوا وتأزروا
وامضوا الى ساح الوغى
اسآد حق تزأر
وليخطب الرشاش في محرابكم والخنجر
لا حق يأتي بإبتسامات الحوار فكشروا
ولتتركوا قالوا وقلنا والسواعد شمروا
ولتستجيبوا للنداء بكل جد تنصروا
…… قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد : عباد الله ايها المؤمنون الصادقون
( اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى….. .. )

اليكم ياا ابناء اليمن جميعا صيحة نذير، بأمر خطير وشر مستطير، إن بقاء الإنقلاب يوم واحد خطر عليكم ستدفعون ثمنه من دمائكم ودينكم وعزتكم وحريتكم وكرامتكم واموالكم واقتصادك
م واستقراركم .
دينكم في خطر هويتكم في خطر .. اجيالكم في خطر ..حرماتكم أمنكم مستقبلكم في خطر إن بقي الإنقلابيون يعبثون في البلاد وليس أمامنا جميعا الا حل واحد لتستقر الأمور ونعيش كبقية العالم هو أن نسقط هذا الإنقلاب لنضع حدا للكوارث والمأسي والمجازر والحروب التي هي من نتائج هذا الإنقلاب الدموي
هذا الإنقلاب الذي يعتبر مخالفيه كفار ومنافقين ودمهم حلال. ولهذا رفع ضدكم يا ابناء اليمن الأحرار شعار ( اشداء على الكفار) في حملته التحريضية ضدكم ولقد سمعتم المخلوع قاتله الله أمام العالم وهو يحرض على قتلكم وتصفيتكم وملاحقة كل حر يؤيدكم واعتقالة في كل حارة وحي ويحرض بلاطجته على حرب أهليه وفتنة تشمل كل قرية وبيت ( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم اكبر.)
أيها الأخيار بقاء الإنقلاب معناه بقاء الحروب والفتن والتشريد والنزوح والدمار والموت لهذا الشعب ورب العالمين يعاتبنا ويقول ( الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤكم أول مرة اتخشونهم… .) ( قاتلوا التي تبغي حتى تفي الى أمر الله) والشعب اليمني والعالم كله يعرف من الذي اعتدى وبغى وتنكر لكل اتفاق وحوار وسلام.
ويهددنا الله اذا تثاقلنا وتأخرنا ( الا تنفروا يعذبكم عذابا اليما… ..) وهذا واقع ابناء اليمن سمحوا للحمقى والمغفلين والمعتوهين فأدخلونا في دوامة لا نهاية لها فأجمعوا شملكم وانقذوا وطنكم واقطعوا دابر الذين ظلموا
ياقوم جد قد مضى زمن المزاح *** عاثوا فسادا في البلاد كأنها كلأ مباح
فإلى متى ياموطني تبقى على الم الجراح
من لم يربيه الحوار حتما يربيه السلاح
وبهذه المناسبة نبعث كلمه لأبطالنا الأشاوس المرابطين في كل الجبهات والميادين من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية نقول لهم: أنتم الأمل لهذا الشعب المغلوب على أمره ، انتم الأمل الذي ينتظره أبناء اليمن جميعا المسجون والمعتقل والمشرد والأرملة واليتيم الكل ينتظركم ويدعوا لكم الكل ينتظركم لتخلصوهم من كابوس الإنقلاب الذي جثم على صدور اليمنيين فحول حياتهم جحيم وأفسد الحرث والنسل ، فكونوا عند مستوى المسؤلية والثقة التي وضعت فيكم ، اجمعوا شملكم وضمدوا جراحكم ووحدوا رؤيتكم وشدوا عزائمكم نحو العاصمة صنعاء فهي تنتظركم كما تنتظر الأرض القاحلة الغيث ، فانفروا الى جبهاتكم واصنعوا واقعا جديدا يغير المعادلة ويقلب الطاولة على من يمكر بكم ويكيد لكم واحسموا أمركم قبل أن تصبحوا في نظر العالم الظالم إرهابيين مطاردين ( وإياكم أن تشغلكم الأخطاء الواردة والمتوقعة عن الأخطار المحدقة) فإن الأخطار عظيمة والمؤامرة كبيرة ولكن الله اكبر واأعظم وهو مولانا نعم المولى ونعم النصير ، فلا ينبغي لحامل سلاح أو جندي أو مقاوم أن يبقى الا والتحق بالجبهات لإستكمال النصر وقطع دابر الذين ظلموا ، صحيح أن الأوضاع المعيشية مؤلمة ومتعبة بسبب الوضع العام وتأخر الرواتب ، لكن ينبغي أن تعلم أيها المقاوم أن العدوا يعاني اكثر وحالتهم مزرية ويتعفن جرحاهم. وأوضاعنا الإقتصادية لعلها خير من عدونا، أما الأرزاق فهي بيد الله وهذه عقيدة وايمان . فبالله عليكم هل يستطيع بشر تأخير رزق عنك أراد الله تعجيله. أو تعجيل رزق أراد الله تأخيره ؟ كلا ( ورزقكم في السماء وما توعدون) (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) فلا خوف على رزق والله رازق ، والله لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشئ لن ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك ، فلا قلق .
الله ايها الأبطال استعينوا بالله واعتصموا به واصبروا وصابروا واذا قيل لكم انفروا فانفروا
انفروا وفاء للشهداء
انفروا وفاء للجرحى
انفروا من اجل الدين والعرض والوطن
والله معكم ولن يخذلكم وهو نعم المولى ونعم النصير
(ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
ثم الدعاء للمجاهدين )


ملاحظة/ هذا ماتيسر اعداده ويستفاد منها كلا في ما يناسبه مع مرعاة الحال والواقع والله الموفق
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
بــذل المعــــــــروف وصــنـاعـتــــه
للشيـــــخ/ مـــرشــــــــــد الحـــــيـــــــالي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، بلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة للعالمين، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، ففتح الله به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفًا، ورضي عن أصحابه الكرام أولي العزم والجد والاجتهاد، بذلوا المعروف لجميع العباد، وعلى الآل والأصحاب في الحياة الدنيا ويقوم الأشهاد .

وبـــعـــــــــد :
فإن صناعة المعروف، وخدمة الآخرين، وبذل المعروف لهم ابتغاء مرضاة الله - خصلة حميدة، وصفة جميلة، ومنَّة كريمة يمنُّ الله بها على عبده المؤمن، وقد بيَّن سبحانه عن رسله وأنبيائه أنهم كانوا يسعَوْن في خدمة الآخرين وإعانتهم، وكشف الكربة عنهم، وهو نابع من الرحمة والإيمان العميق، قال تعالى في حق سيدنا موسى عليه السلام: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 23، 24].

وذكر الله سبحانه عن سيدنا يوسف عليه السلام أنه كان يوسع على أهل السجن، ويُؤْثِرهم على نفسه - مع شدة ما فيه من الضيق والبلاء - قال تعالى في حق سيدنا يوسف: ﴿ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 36]، وكان يوسف عليه السلام قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة، وصدق الحديث وحسن السمت، وكثرة العبادة صلوات الله عليه وسلامه، ومعرفة التعبير، والإحسان إلى أهل السجن، وعيادة مرضاهم والقيام بحقوقهم[1].


أيــها المسلمــون :
لقد كان رسولنا عليه الصلاة والسلام من أكثر الناس بذلاً للمعروف، وحبًّا للخير، وكان العطاء أحب إليه من الأخذ، والإيثار خُلُقه، والرحمة وصفه وسجيته، يؤكد هذا المعنى عبدالله بن شقيق رضي الله عنه عندما سأل عائشة رضي الله عنها: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد؟ قالت: "نعم، بعد ما حَطَمَهُ الناس".

وفي السنة الشريفة المطهرة عن أنس رضي الله عنه: (أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة، فقال: ((يا أم فلان، انظري أي السكك شئت؛ حتى أقضي لك حاجتك))، فخلا معها في بعض الطرق، حتى فرغتْ من حاجتها)؛ رواه مسلم.

إن الإسلام حثَّ على صناعة المعروف، والبحث عن حاجات الناس، والسعي في قضائها، والسؤال عن المحتاجين، والعمل على رفع المعاناة عنهم بقدر المستطاع، وقد رتب الإسلام على ذلك العملِ الصالح جملةً من الفوائد النفسية والاجتماعية والإيمانية، منها:

• أن الجزاء من جنس العمل؛ فمن سعى في قضاء حوائج الناس، أعانه الله، وسدد خطاه، ورفع عنه البلاء، وقد جاء في صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة))، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: ((تأخذ فوق يده)).

• أن صناعة المعروف تدفع عن المسلم ميتة السوء، والتي كثرت في زماننا، وانتشرت في أيامنا بسبب قطيعة الرحم، وعدم التواصل، وانتشار ظاهرة الحسد والبغضاء والأنانية، وحب الدنيا وإيثارها على الآخرة، ومن مِيتة السوء موت الفجأة، والحوادث المروعة التي لا تدع مجالاً لاستدراك ما فاته، وتنزل بدون مقدمات، وقد جاء في الحديث: ((إن الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء))؛ رواه الترمذي وحسنه.

• أن بصناعة المعروف ينال المسلم الأجر العظيم، والثواب الكبير على العمل القليل، وهذا إن دل على شيء فيدل على أهمية صناعة الخير، وبذله لأهله، وما له من المكانة الرفيعة، والمنزلة العظيمة في الإسلام؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لقد أريت رجلاً يتقلب في الجنة؛ في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين)).

• أن صناعة المعروف سبب عظيم للتواصل الاجتماعي، والتآلف بين القلوب، والتراحم بين الناس، وهو سبب لنزول الرحمة وحلول البركة: ((مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم: مَثَل الجسد؛ إذا اشتكى شيئًا، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))، وهي سبب هام لعلاج أن

واع من الأمراض النفسية كضيق الصدر.

ومعلوم أن الإحسان إلى الخلق بأنواع الإحسان والنفع له
نَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصدِّق على غني! فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأُتي فقيل له: أما صدقتُك على سارق: فلعله أن يستعفَّ عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعفَّ عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله)).


[1] من تفسير ابن كثير رحمه الله لسورة يوسف.
[2] من فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله.
[3] من فتاوى ابن باز رحمه الله، وقد اشتهر الشيخ ببذل المعروف وحرصه على التأليف بين الأمة، والسعي في التقريب بين وجهات النظر، مع العمل الدؤوب في الليل والنهار؛ من أجل نشر رسالة الإسلام السمحة، دون تشدد أو غلو، حتى أحبَّه القاصي والداني، وجعل الله له القَبول بين العباد أجمعين، ويشهد لذلك الحضور الهائل في تشييع جنازته، حتى إن ملوك الأرض ربما حسدوه على هذا الموقف، فرحمه الله رحمة واسعة.
[4] هو الإمام ابن تيمية رحمه الله، والقائل هو ابن القيم تلميذه رحمه الله، أين نحن من أخلاق العلماء الأجلاء الفضلاء وبذلهم للمعروف؟
انة المحتاج هي معاملة مع الله وإخلاص العبادة له قبل أن تكون معاملة مع الخلق؛ ولهذا فإن المسلم يبذل الخير للناس، بغض النظر عن مذهبه أو جنسيته؛ قال الله تعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 8، 9]، والمقصود بالأسير كما قال ابن عباس رضي الله عنه: الأسير الكافر، قال رضي الله عنه: (كان أَسْراهم يومئذٍ مشركين)، ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء، فما بالك بالإحسان إلى المسلم؟

وقد ضرب علماؤنا وفقهاؤنا الأمثلة الرائعة في بذل المعروف والإعانة على النوائب، والمواساة في الأزمات، ومن الأمثلة على ذلك: موقف أحد العلماء[4]، ومعاملته مع مخالفه، والذي أراد الفتك به، وبذل جهده في الإيقاع به، يقول أحد تلامذته المقربين: "وجئت يومًا مبشرًا له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوةً وأذًى له، فنهرَني، وتنكَّر لي، واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزَّاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام، فسُرُّوا به، ودعوا له، وعظموا هذه الحال منه"؛ فرحم الله علماءنا وفقهاءنا.

فسارعوا إلى مرضاة الله والاستقامة على طاعته، وابذلوا المعروف، وصلوا الأرحام، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، وتدبروا كتاب ربكم، وتمسكوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعَضُّوا عليهما بالنواجذ، واستقيموا على الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
قال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا * وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 114، 115].

إن صناعة المعروف وبذله لأهله قربة من القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله، والعبادة كما عرَّفها بعض العلماء: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال والأقوال.

وقد أحاط الإسلام عمل المعروف بجملة من الآداب؛ ليكتمل الأجر، ويحصل الثواب، ومن تلك الآداب:
• الإخلاص لله: فإن الأعمال في الإسلام لا توزن بقلة أو كثرة، وإنما بقدر ما يقترن بها من إخلاص النية، فرب عمل قليل مثل: إطعام جائع، أو إدخال سرور إلى قلب مسلم، اقترن به الإخلاص - أفضلُ عند الله من أعمال كثيرة في الميزان، وقد كان رسولنا الكريم يغرس هذه المعاني السامية في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ويحثهم على إخلاص النية لله، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة))، وقوله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا نساء المسلمات، لا تحقرنَّ جارة لجارتها ولو فِرْسِنَ شاة))؛ متفق عليه.

فالحذرَ الحذرَ من المنِّ والأذى؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 264] ، ولأجل ذلك حثَّ الإسلام على إخفاء الصدقات؛ فإنه أرجى للقبول: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 271]، وفي صحيح مسلم: ((ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)).

وبعض المسلمين يمتنع من صناعة المعروف بحجة أن فلانًا من الناس لا يستحق الصدقة والإعانة؛ لكونه مقصرًا في حق الله وحق العباد، والحق: أن المسلم عليه أن يوصل المعروف إلى أهله وذويه، وإن وقع عند مَن لا يستحقه، فيكفيه أنه بذل جهده، وأخلص نيته، وبلغ قصده، وليعتبر بما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال رجل: لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصدِّق على سارق! فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زا

نية، فأصبحوا يتحدثون: تُصدِّق الليلة على زانية! فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدق
م، يبعث على انشراح الصدر وطيب النفس، وهذا مجرب ومعلوم.

أيها المسلمون:
إن مجالات صناعة المعروف، وبذل النفع للآخرين له صور مختلفة، وأشكال مختلفة، وأبوابه رَحْبة، ونوافذه واسعة لا حصر لها، بل إن من القواعد الأصولية الأصيلة في الإسلام: رفع الحرج، ودفع الضرر عن الخلق، وقد بوَّب أهل الفقه والحديث أبوابًا خاصة في كثرة طرق الخير والمبادرة إليها والسعي فيها، وأبوابًا في الترغيب في أعمال البر، ومنها:
• سداد الدَّيْن، وإنظار المُعْسر:
فعن عبيدالله بن عبدالله أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان تاجر يُداين الناس، فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوَزوا عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز اللهُ عنه))، وفي رواية لمسلم: ((قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه))؛ رواه البخاري ومسلم.

• التصدق بالمنفعة:
روى الإمام البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعون خصلة - أعلاهن منيحة العنز - ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاءَ ثوابها، وتصديق موعودها، إلا أدخله الله بها الجنة))، والمنيحة: هي أن الإنسان يكون عنده غنم وفيها حليب، فيمنحها لفقير يحلبها ويستفيد منها، فإذا انتهى الحليب منها أرجعها إلى صاحبها، فهذا تصدق بالمنفعة[2].

• الإعانة في تعليم الصنعة وإتقانها:
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله، والجهاد في سبيله))، قال: قلت: أيُّ الرقاب أفضل؟ قال: ((أنفَسُها عند أهلها، وأعلاها ثمنًا))، قال قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تُعِين صانعًا أو تصنع لأخرقَ)) قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن ضعُفت عن بعض العمل؟ قال: ((تكفُّ شرك عن الناس؛ فإنها صدقة منك على نفسك)).

تعين صانعًا، أو تصنع لأخرق؛ أي: تعين المسلمين على شيء من أعمالهم، إذا رأيت مثلاً من لا يحسن عملاً فعملت له، وأعنتَه على ذلك، فأنت على خير[3]، والحديث الشريف يؤسس لما يسمى بالعمل التطوعي، والذي يتكفل بعلاج الاكتئاب والوسواس، وضيق الصدر، وأن الفراغ والعزلة مجلبة للوسواس، والتفكير السلبي، ومدمر للحياة.

أيها المسلمون:
إن الدين الإسلامي يريد الذين يخدمون الإسلام بإخلاص وتفانٍ، الباذلين للمعروف في السرَّاء والضرَّاء، لقد أخرجت مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم رجالاً أفذاذًا نذروا أنفسهم لله، ولخدمة مجتمعهم؛ هذا بماله ونفقته، وهذا بعلمه وتعليمه وإرشاده، وآخر بخدمته وسعيه في إعانة الآخرين، فتأدَّبُوا بآداب الإسلام وقِيَمه، وائتمروا بأوامر الله وإرشاداته، حتى أصبح المجتمع الإسلامي مجتمعًا مثاليًّا متراحمًا؛ يحس الغني بحاجة الفقير، ويتألَّم الصحيح بألم المريض، ويتوجع فيه المعافى بوجع المنكوب، حتى انطبق فيهم قول المولى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]، وتراهم إذا داهم عدوُّهم بلدةً من بلاد الإسلام، أو دارًا من دياره، هبَّت الأمة بعلمائها وخطبائها وشعوبها لا يَهْدأ لها بال، ولا يرقد لها جَفن، حتى تُرجع الحق لأهله، وتنتصف من عدوها، وتنقذ أسراها ومنكوبيها، وتُغنيهم عن العَوَز والحاجة، حتى أصبحت أمة مرهوبة الجانب، مرفوعة الهامة، قوية البنيان.

أين أمَّتنا ومجتمعنا اليوم مما يدور حولها من أزمات ونكبات؟ أين سعيهم وجهدهم من نصرة المظلوم، وإعانة المنكوب، وإغاثة النازحين، ومد يد العون للمشردين؟ أين هم من إخوانهم في بلاد الشام والعراق؟ هل ماتت الضمائر، وتبلَّدت المشاعر، وذهبت الشيم، وخمدت نار الغيرة، فأصبح كلٌّ منا يهتم بخاصة نفسه، ويدفع البلاء عن عتبة بابه؟ أين نحن من قول نبينا: ((من لم يهتم بأمر المسلمين، فليس منهم))؟

أمة الإسلام:
يريد منا الدِّين أن نكون وحدة متكاملة، ونسيجًا مترابطًا، وبناء متينًا متراصًّا، يرحم الكبير منا الضعيف، ويوقر فينا الصغير الكبير، ويشكر الفقير منا الغني، ويعطف الغني منا على الفقير ويسلم عليه، يتفقد الأخ أخاه إن غاب، ويتوجَّع فيه المسلم لصاحبه إذا مرض، يعلِّم العالم جاهلهم وينصح فيه عاصيَهم؛ حتى يعود إلى رشده وعقله، يكرم الجار جارَه ويتفقده، يكرم الضيف ضيفه ويحسن إليه وإن كان غريبًا.

أيها المسلمون:
إن صناعة المعروف عبادة وقُربة يتراوح حكمها بين الواجب والمندوب، وقد يؤدي الامتناع عن بذل المعروف لأهله - خاصة وقت الحاجة - بالعبد المسلم إلى الهلاك والوقوع في الإثم، وخاصة إذا مد إليه يد العون، وامتنع مع قدرته، ألم تسمع الحديث الذي فيه: ((يا بن آدم، استَطعمتُك فلم تطعمني! فيقول: يا رب، وكيف أطعمُك وأنت رب العالمين؟! فيقول: ألم تعلم أن عبدي فلانًا

استطعمَك فلم تُطعمْه، أما لو أنك أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي)).

واعلموا أن بذل الخير، وإع
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
مواجهة المحـن والفـتن بالتوكل
للشيـخ/ إبراهيـم بن محمــد الحقيــل
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله القوي القهار العزيز الجبار؛ من خضع له أعزه، ومن اتقاه وقاه، ومن أطاعه أنجاه، ومن أقبل إليه أرضاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن سأله أعطاه، ومن أقرضه قضاه، ومن شكره جازاه، نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونسأله من فضله العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ﴿ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ﴾ [الأنعام : 102-103]

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ تحزبت لحربه الأحزاب، وغدر به المنافقون، وكاد له اليهود؛ فكفاه الله تعالى وأعزه والمؤمنين، بتوكله وتوكلهم على ربهم سبحانه ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ الله وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾[آل عمران : 174] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أمـــا بعـــد : فاتقوا الله تعالى
وأطيعوه، وأقيموا له دينكم، وأسلموا له وجوهكم، وعلقوا به قلوبكم؛ فلا مفرَّ منه إلا إليه، ولا خلاص من المكاره إلا بدعائه، ولا ثبات على الحق إلا بتثبيته، ولا حول ولا قوة للعباد إلا به ﴿ وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلَاغُ المُبِينُ * اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ﴾ [التغابن : 12-13].

أيها الناس : حين تنزل كربة بالعبد فإنه لا يهنأ بطعام ولا شراب ولا منام، حتى يسعى في كشفها، ويلجأ إلى من يعينه عليها، قال لوط عليه السلام لما أحاط به قومه يريدون الاعتداء على أضيافه عليهم السلام ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ [هود : 80] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((يَرْحَمُ الله لُوطًا لقد كان يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ))متفق عليه. أراد ركن الله تعالى الذي من لاذ به فلن يخيب، وقد لاذ به لوط والمرسلون عليهم السلام؛ فأنجاهم الله تعالى وأهلك المكذبين.

إن الدنيا دار ابتلاء للعباد، وهو ابتلاء بالسراء وبالضراء ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء : 35] وهذه الابتلاءات منها ما يخص الفرد كالفقر والمرض والهم والغم ونحوه، ومنها ابتلاءات جماعية تصيب مدناً، أو تتسع فتشمل دولاً، أو تكون أوسع فتعم أمة كاملة.

وهي باعتبار مصدرها تكون أقداراً محضة ليس للبشر فيها يد وإن كانت ذنوبهم سببها كالزلازل والبراكين والفياضان ونحوها، ومنها ما يكون من ظلم البشر بعضهم لبعض كالتجويع والإفقار والكساد والاحتكار والحروب ونحوها..

وهذه الشدائد والابتلاءات تتكاثر وتتعاظم على المؤمنين كلما تقدم بهم الزمن؛ إذ القاعدة العامة في هذا الشأن أنه : ((ما من عَامٍ إلا الذي بَعْدَهُ شَرٌّ منه حتى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ)) كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

ويلاحظ في ابتلاءات هذه الأيام وشدائدها : عمومُها وتتابعها وتسارعها؛ فهي ابتلاءات عامة تشمل بشراً كثيراً، وتحدث في الناس تغييراً كبيراً؛ ويقع من جرائها هلاك ذريع، وإفقار وتشريد.. يفقد المنكوبون فيها أموالهم كلها أو أكثرها، ويلازمهم خوف شديد، وينتج عنها مصائب عدة، يعجز الأقوياء عن واحدة منها فكيف بها كلها؟!

ولما تكررت هذه الشدائد في عدد من البلدان، صار من سلموا منها يخافون امتدادها إليهم، ولا سيما مع إخبار علماء الأرض والمناخ وراصدي الكوارث الكونية أنها تزداد وتكون أكثر عنفاً وقوة، وتواطأ معهم علماء الاجتماع السياسي ومستشرفو المستقبل أن الأيام المقبلة ستشهد تغيرات وتحولات في مجالات الاقتصاد والسياسة وتركيبة الدول.. ولا لوم على الناس حين يخافون على أنفسهم وأولادهم وديارهم وأموالهم، ويقلقهم التفكير فيما تخفيه الأيام لهم؛ فإن هناء العيش في دوام الاستقرار، كما أن كدره وعذابه في حدوث الاضطراب.. ومع ذلك فإن للمؤمن ملجأً يلجأ إليه، إنْ عاذ به فهو معاذه، وإن لزمه فهو ملاذه، وله حصن من الحماية إن استطاع التترس به أمنت نفسه، واطمأن قلبه، ولو رأى الناس يُتخطفون من حوله.. إنه باب التوكل على الله تعالى.. حين ينعقد قلب العبد على الإيمان واليقين، ويُملأ بالتوكل على الله تعالى، ولا يتعلق بسبب مهما كان، ولا يرجو غير الله تعالى، ولا يخاف سواه، ويعلم أن كل ما يقع فهو بقدره سبحانه، وأن الجميع تحت قهره

وسلطانه عز وجل، خاضعون لحكمه وأمره تبارك وتعالى.. حينها فقط تستروح نفسه، ويهدأ باله، وينش
2024/09/24 01:28:13
Back to Top
HTML Embed Code: