Telegram Web Link
الجائع، وتفريح المؤمن وإدخال السرور على نفسه وطرد الهم عنه مما يحبه الله تعالى، فبالصدقة ينال الإنسان البر ويضاعف له الأجر ويظله الله في ظله يوم القيامة، ويُفتح بها أبواب الخير ويغلق بها أبواب الشر، ويفتح فيها باب من أبواب الجنة، ويحبه الله ويحبه الخلق، ويكون بها رحيماً رفيقاً، ويزكي ماله ونفسه، ويغفر ذنبه، ويتحرر من عبودية الدرهم والدينار، ويحفظه الله في نفسه وماله وولده ودنياه وآخرته.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إلى الله أي الأعمال أحب إلى الله فقال: «أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب العمل إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عن كربه أو تقضى عنه ديناً أو أتطرد عنه جوعاً»

والحادي عشر :من الاعمال الصالحة الأضحية /// شُرعت الأضاحِيَّ تقرُّبًا إلَى اللهِ بدمائِهَا، وتصدقًاً علَى الفقراءِ بلحمِهَا، والأضحيةُ مِنْ شعائرِ الإسلامِ، وهِيَ رمزٌ للتضحيةِ والفداءِ، وسنةُ أبِي الأنبياءِ إبراهيمَ صلى الله عليه وسلم، وهِيَ أحبُّ الأعمالِ إلَى اللهِ فِي يومِ العيدِ، فعَنِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا عَمِلَ آدَمِىٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ إلى أَحَبَّ اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْساًِ» [رواه ابن ماجه والترمذي ]،و الأضحية سنة مؤكدة يُكره للقادر تركها.
عِبَادَ اللَّهِ... إِنَّهُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُحْسِنَ اغْتِنَامَ الْمَوَاسِمِ الْفَاضِلَةِ بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ وَاجْتِهَادٍ فِي أَنْوَاعِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَإِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفْحَاتٍ، وَالسَّعِيدُ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا، وَاغْتِنَامُ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ هُوَ تَوْفِيقٌ مِنَ اللهِ لِلْعَبْدِ وَمِنَّةٌ عَلَيهِ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَغْتَنِمَ هَذِهِ الْمَوَاسِمَ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ نَفْسُهُ وَتَسْكُنَ جَوَارِحُهُ:
تَزَوَّدْ قَرِينًا مِنْ فِعَالِكَ إنَمَّا
قَرِينُ الْفَتَى فِي الْقَبْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُ
فَلَنْ يَصْحَبَ الْإِنْسَانَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ
إِلَى قَبْرِهِ إلاَّ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ
وَاعْلَمُوا -يَا رَعَاكُمُ اللهُ- أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ كَثِيرٌ، وَالْعُمُرَ قَصِيرٌ، فَلْنَحْرِصْ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ، لَا سِيَّمَا في هذه الايام، فَسَارِعُوا وَبَادِرُوا إِلَيهِ، وَلْنَأْخُذْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا نَسْتَطِيعُ؛ فَلْنَأْخُذْ مِنَ الصِّيَامِ وَالْقيامِ وَقِرَاءةِ الْقُرْآنِ مَا اسْتَطَعْنَا، وَلْنَحْرِصْ عَلَى الْعَمَلِ الْمُتَعَدِّي وَالَّذِي يَصِلُ أثَرُهُ للآخَرِينَ وَيَبْقَى؛ فَلْنَحْرِصْ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالدُّعَاءِ لَهُمَا، وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَالعطف الْمَسَاكِينِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ. فَتِلْكُمْ - وَاللهِ - جَنَّةٌ لَا يَعْدِلُهَا شَيءٌ أَبَدًا ....
نَسْأَلُ اللهَ تعَالى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا فِيهِ مَرْضَاتُهُ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ والسَّيْرِ علَى هَدْيِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) اللهم صلى وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على نهجه، وترسموا خطاه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وعنا معهم برحمتك يا ارحم الرحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين ، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره ، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان اللهم اجمع كلمتهم على الحق والهدى ، وعلى التوحيد والسنة يا أرحم الراحمين اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .. اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المُسلمين، اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المُسلمين، اللهم احفظ كل مسلمٍ ومُسلمة، اللهم فرِّج همومَهم، اللهم نفِّس كُرُباتهم، اللهم أدخِل السعادةَ والسرورَ على قلوبِهم، والأمنَ والأمانَ على بُلدانهم، اللهم انشر الرخاءَ والسخاءَ في بلاد المُسلمين.... اللهم أبطِل مكرَ الماكر
🎤
خطبةعيـدالأضحـى.المبـارك.tt
للأســـتاذ/ مــحــمـــــــد الـقـعـــيــشـــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

كبروا تسعآ : أثابكم الله

الله أكبر مالبس الحجيج ثياب الإحرام .. الله أكبر كلما طيف بالبيت الحرام ..
الله أكبر كلما سعي بين المشاعر العظام ..
الله أكبر ما ارتفع علم الإسلام
ودكدكت دولة الأصنام
الله أكبر ما لبى نداء الله الملبون
وسعى في طاعة الله المحبون
وتقرب إلى الله المتقربون ..
الله أكبر ما طارت القلوب على جناح الأشواق إلى البيت العتيق
الله أكبر ما لبوا نداء الله
من الأعماق وجاءوا من كل فج عميق ..

الله أكبر ما وقف الحجيج بصعيد عرفات، وباتوا بمزدلفة في أحسن مبات، ورموا بمنى تلك الجمرات ..
_الله أكبر ما ارتفعت الدعوات وسكبت العبرات، و أقيلت العثرات في تلك العرصات، والبقاع الطيبات الطاهرات .

الحمدلله ولي النعمة، دافع النقمة، ماغرد طائر" بنغمة، وما هب صبح" بنسمة، وما تلألأت على الثغور البسمة ..

الحمدلله الرحيم اللطيف
الذي بيده الأمر والتصريف ..

الحمدلله أعرف المعارف، لا يحتاج إلى تعريف، لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، ولا نرجو سواه، عظيم السلطان والجاه،
أفلح من دعاه، و سعد من رحاه، وفاز من تولاه، سبحان من خلق وهدى، ولم يخلق الخلق سدى .

من أين أبدأ ؟ والمدائح كلها
لك يا مهيمن يا ممجد يا صمد
احترت في أبهى المعاني لم
تفي
لجلال قدرك فاعتذرت ولم أزد

من أجلك يا الله : سهرت عيون المتهجدين، وتعبت أقدام العابدين، وانحنت ظهورالساجدين، وحلقت رؤوس الحجاج والمعتمرين، وجاعت بطون الصائمين، وطارت نفوس المجاهدين .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، لو أن الأقلام هي الشجر، والمداد هو المطر،
والكتبة هم البشر، ثم أثنى عليه بالمدح من شكر، لما بلغوا ذرة" مما يستحقه، جل في علاه وقهر .

اعمر جنانك بحبه، أصلح زمانك بقربه، أشغل لسانك بمديحه، إحفظ وقتك بتسبيحه
يا غافلا" عن إله الكون يا لاهي
تعيش عمرك كالحيران كالساهي
ارجع الى الله واقصد بابه كرما
والله والله لن تلقى سوى الله

وأشهد أن محمدا" عبده ورسوله، الصلاة والسلام على من زين ببيانه الكلام، وأذهل بفصاحته الأنام، وطرق بوعظه الأيام
رأيت خصال الخير في الناس فرقت
وقد جمعت فيه الخصال المفرقة
وقد أصبحت في كل شرق ومغرب
مغربة" أخلاقه و مشرقة
إذا ما جرى في محفل طيب ذكرها
حسبت بها فارات مسك مفتقة
سأترك نعت الناس إلا نعوته
وإلا فأم الشعر مني مطلقة
عليه صلاة الله ما جاد صيب"
ومن لم يصل يداه بالبخل موثقة

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالآ كثيرآ ونساءآ واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبآ)

عـــباد الله : يامن أتيتم إلى هذا المصلى تحيون وتعظمون شعيرة "عظيمة" من شعائر الإسلام
- في هذا اليوم العظيم تزدحم المشاعر، وهي ترى الحجاج يزدحمون عند تلك المشاعر، وتتدافع الدموع عندما ترى تدافع تلك الجموع .

-في هذا اليوم نتذكر فضل الله علينا .. بإرساله محمدآ صلى الله عليه وسلم إلينا .
كانت الأمة قبله في سبات عميق، وفي حضيض من الجهل سحيق، فبعثه الله على فترة من المرسلين، وانقطاع من النبيين، أرسله الله رحمة" للعالمين، فأقام الله به الميزان، وأنذر به الثقلان، وأنزل عليه القرآن .

للأمم رموز" يخطئون ويصيبون، ويسددون ويغلطون، لكن رسولنا معصوم"من الزلل .. سليم"من العلل، عصم الله قلبه من الزيغ والهوى فما ضل أبدا" وما غوى (إن هو إلا وحي" يوحى علمه شديد القوى)

فدعا الأمة لعبادة الله وحده
ووقف على جبل عرفه وحوله الألوف من أصحابه، وهو ينظر في هذا الدين، الذي بدأ برجلين وامرأة، هذا الدين الذي كتب الله له العزة والقوة والخلود والتمكين _فقال
(أيها الناس خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا) فدمعت لهذا الوداع العيون، وسميت بحجة الوداع
وأنزل الله في تلك اللحظات (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينآ)

لما نزلت هذه الآية فرح بها الصحابة غير أبي بكر الصديق قال ما بعد الكمال إلا النقصان، قيل عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعدها ثمانين يوما" ، فلا إله~إلاالله والله أكبر .

ما أعظم المشهد !
مشهد جمع الحجيج وهم سواسية كأسنان المشط، لاتفاضل بينهم إلا بتقوى الله تعالى، وهم يلبسون لباسآ أبيضآ يذكرهم بالأكفان، وبقول الله: (كل من عليها فان) .

-يوم الحج الأكبر يذكر بيوم المحشر ويوم العرض الأكبر، وهم يرفعون اكفهم بالدعوات، واختلاف اللهجات واللغات، وتباين المسائل والحاجات، والله يعطيهم ما سألوا، ويحقق لهم ما املوا، لأنه القريب لمن ناداه، والمجيب لمن دعاه، لاينسى من أطاعه ولا يحرم فضله حتى من عصاه .
رب رحيم مشفق متعطف
لا ينتهي بالحصر ما أعطاه '
يأتيه معتذرا" فيقبل عذره
كرما" ويغفر عمده وخطاه
ما لي إذا ضاقت جميع مذاهبي
أحد" ألوذ بركنه إلا هو
يعطي ولا يخشى
نفاد خزائن
حتى لمن بالسيئات عصاه
ثم الصلاة على النبي تخصه
وتعم بالخيرات من والاه .

وهم يسعون ملبين في تلك البقاع (الله أكبر)
ابك الديار وإلا فاندب الدارا
فإن في القلب أخبارآ وأسرارآ
لاتبخلن بدمع سوف تسكبه
إن شئت غصبآ وإلا شئت مختارآ

على تراب تلك الأرض آثار أقدام المختار، وبصمات تنقله في تلك الديار، وعلى ثراها دموع الأبرار
ودماء الأخيار، وفي سمائها تسبيحات المهاجرين والأنصار .

- ذكر المجد في المنتقى أن رسولنا المصطفى، لما أراد أن ينحر الإبل في منى تسابقت إليه الإبل باعناقها أيتها ينحر أولا" ، فمن أخبر البعير أن صاحب الحربة هو البشير النذير والسراج المنير؟ عليه صلوات الحكيم الخبير
فلا إله إلا الله الله أكبر .
روح" دعاها للوصال حبيبها
فسعت إليه تطيعه' وتجيبه
يا مدعي صدق المحبة هكذا
فعل الحبيب إذا دعاه حبيبه'

عـــباد اللـــه :
إذا تذكرنا: مكة: تذكرنا المهبط والمسقط والمربط والأوسط، فهي مهبط القران، ومسقط ميلاد سيد ولد عدنان، ومربط خيول الإيمان، وأوسط البلدان .

مكة التي أذن فيها إبراهيم الخليل، وسحق فيها أصحاب الفيل، بالطير الابابيل، فيها بيت الملك الأجل، والكعبة التي طاف بها الرسل، وسوادها من سواد المقل، إختارها علام الغيوب ، فهي مهوى القلوب، وقبلة الشعوب، وملتقى الدروب .

إذا تذكرت مكة : تذكرت البلدالامين والبيت الحرام، وتذكرت ذاك الامام خير الأنام محمدا" عليه الصلاة والسلام .

- تذكرنا مكة : يوم انفجرالفجر، وارتفع الذكر، ومحق الكفر يوم انصتت الدنيا بأذن سميعة، وأقبل الدهر بخطى سريعة، واهتز العالم بالدعوة الراشدة، وقامت الدنيا بالكلمة الخالدة، بلا إله إلا الله.. لا معبود بحق الا الله، ولا بقاء الا لله .
-فيا لها من ذكريات يهتز لها الجسم ذرة ذرة، ويقوم لها الرأس شعرة شعرة، ويالها من صيحة دوت في العالم، فاستيقظ بها كل نائم، واهتدى بها كل هائم، تدفق الزمان منصتا، وسُل سيف الجهاد مصلتا .
- هناك في مكة المسلك الأرشد، والحجرالأسود، والمحل الأسعد ..
- هناك يتجرد من الثياب .. ويتهيأ للحساب، فحبذا وطوبى تلك الشعاب والرحاب .
- هناك تُناخ المطايا، وتُغفرالخطايا، وتكثر العطايا، هناك السرور قد تم، وشمل الأمة قد التم ..( الله أكبر )

اعلموا أيها المؤمنون :
أن رسالتنا عالمية للجن والانس، ورسولنا عالمي" للأبيض والأسود، وقرآننا عالمي" للثقلين، وإسلامنا عالمي" للناس كافة، وقبلتنا عالمية" للدنيا جميعا" .
- فنحن للناس الكيان، ولنا الزمان والمكان، وعندنا القرآن، وإلهنا الرحمن، ونحن بعثنا للإنس والجان، (فبأي آلاء ربكما تكذبان) .

- نقول للعالم :
نحن الذين روى التاريخ قصتهم
ونحن أعظم من في أرضنا ظهرا
أما ترى الشمس غارت من مكارمنا
والبدر من نورنا العلوي قد سهرا

- أيها الغرب نحن الشرق : حيث صلى الأنبياء، وتهجد المرسلون الأصفياء، حيث سبح الخليل ابراهيم، وأخرج موسى يده بيضاء فنجى من البحرالمليم، وتكلم عيسى في المهد أصدق التكليم .

- لنا قناة واحدة ولهم قنوات
بثنا من فوق السماوات وبثهم من الفضائيات، إرسالنا المباشر من عند سدرة المنتهى، وإرسالهم من الزيغ والهوى، جبريل يحمل الملفات، ويتنزل بالآيات، ومحمدٌ عليه التسليم والصلوات، يقلب الصفحات، وغار حراء يستقبل تلك البشريات، والعالم يستيقظ على إثر تلك الصيحات .

كانت الأمة واعية ..
لأوامر ربها راعية، وفي سبيله داعية، وإلى مرضاته ساعية، يوم كانت تستقبل من السماء النور، وتعانق من الفضاء الخير المنثور، فلما استقبلت من الفضاء الخلاعة، تغيرت البضاعة بهذه الشناعة، تبلدت العزائم، وكثرت في الأمة الإحباطات والهزائم، وانتكست الفطرة، وسفح الحياء قطرة قطرة .

عـــباد اللـــه :
تذكروا حال أمة الإسلام، وما يصيب الأمة من الجراح والآلام في فلسطين وكل أرض الاسلام،
فما العيد عندهم بعيد، ولم يزل العيد عنهم بعيد .

معــاشـــر المسلمـــين :
لا يخفى على كثير من المسلمين أن العالم الإسلامي اليوم أصبح مسرحا" لأحداث كبرى، وملعبا" لقوى عظمى، عبر وكلاء، فلا تكاد ترى إلا الأشلاء و الدماء .
جرائم تهتز الجبال لهولها
وينفطر القلب الحزين ويذهل
فكم صبية طارت هناك رؤؤسهم
وغابت عن الأنظار أيد وأرجل
وأصوات آلاف الثكالى تزلزل
مآسي الشام لم يشهد مثيلا"
لها التاريخ أو خطبا" ثقيلا
يدمرها و يجعلها يبابا"
لقيط" لا تقل هات الدليلا
يموت الناس بالآلاف جوعا"
وخلف السور ما يعيي العقولا
والقدس نادتنا و نادى المسجد
فيها اليهود تجوس ثم تعربد
أركان يا لله تغرق في الأسى
والكل يرقبها و لا من يعضد

وفي العراق يا للعراق :
فلم يرفق هناك بضعف شيخ
و لم يعطف على ذات السوار
و ما رقت سيوف الفرس لما
علت أصوات أغلمة صغار
فرعون لو قيست عليه فعالهم
لغدا مسيحا" للهداية ينتظر
أما أبو جهل~ فيخجل عندما
تتلى فظائعهم على سمع البشر

وفي اليمن يا لليمن، جسم الأمة كله جراح، فيا لله كيف إخماد الفتن ؟

ما ابتليت الأمة في زمن مثلما ابتليت في هذا الزمن، تحترب و تضطرب، و
ح

الها مثل حال المنقلب، قد صار رأسا" في عقب .
رحماك هل نحن أحفاد الألى ركبوا
موج البحار بدين الواحد الصمدِ
فما دهانا رجعنا القهقرى كسلاً
أشك يا دهر في قومي و في بلدي

- ولكن لا تيأسوا عـــباد الله :
_ فلا قنوط و لا يأس و لا إحباط و الله هو القدير على كل شيء .
_ فيا من في حضيض اليأس سقطوا، و في مسألة القدر غلطوا، و على الشؤم هبطوا، اعلموا أن الله ينزل الغيث من بعد ما قنطوا .
- إذا ضاق الأمر اتسع، و إذا اشتد الحبل انقطع، و إذا امتد الظلام بدا الفجر و سطع .

- سنة" ماضية و حكمة" قاضية، فلتكن نفسك راضية ( سيجعل الله بعد عسر يسرا )
و لا تدري ( لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ).
- إذا اشتملت على اليأس القلوب، و ضاق بما به الصدر الرحيب .
أتاك على قنوط منك غوث
يمن به اللطيف المستجيب
و كل الحادثات إذا تناهت
فموصول" بها فرج" قريب
الـــلـــــــــه أكــــــــــــبر

_تذكروا عـــبادالله :
من كان معكم من الآباء والأجداد، والبنين والأحفاد والأولاد، ممن حضروا معكم في مثل هذه الأعياد، أخذهم الموت لأنه مباغت"لا يستأذن، ومهاجم"لا يؤمن، لايترك شابا" ليكتمل شبابه، ولا صاحبا" ليتمتع به أصحابه، ولا حبيبا"

يستأنس به أحبابه، يفصل الثوب : فيأخذ الموت صاحبه قبل أن يلبسه .. يبنى المجلس : فيأخذ الموت بانيه قبل أن يجلسه .. الموت يأخذ العروس ليلةالزواج .. ويختلس الزارع قبل أن يحصد النتاج .

_الموت : يدخل القصور والأكواخ .. ويصرع الأطفال والأشاخ .. هشم الكل بفأسه .. وسقى الجميع بكأسه .
فلا صاحب القصر نجا .. ولا محب للدنيا عمر ولو رجا .. ولا الكاره له سلم منه ولو هجا .. فلا بد منه .. ولا محيص عنه .
_ حتى سليمان ما تم الخلود له والريح تخدمه والبدو والحضر '
دانت له الأرض والأجناد تحرسه '
فزاره الموت واشتاقت له الحفر '
_ الله أكبر _
_إخوة الإيمان : أراد علي بن الحسين أن يلبي على الراحلة .. فسقط من الخوف بين القافلة .. فلما أفاق قال للرفاق :
أخشى أن أقول لبيك اللهم لبيك .. فيقول الله : لا لبيك ولا سعديك .. هذا مع أنه زين العابدين .. و ريحانة المتهجدين ..
لكن القوم جمعوا خوفهم وحبهم .. فأطاعوا ربهم .. وبكوا ذنبهم ... فيا صاحب العين التي لاتدمع .. والقلب الذي لايخشع ..
والنفس التي لاتشبع .. الى متى تؤجل التوبة؟أما لك الى الله عودة"وأوبة؟
_ نُسجت لنا الأكفان من أعمارنا
ونظل نضحك ما لنا تفكيرُ
أوما ذكرت القبر أول ليلة
يلقاك فيه منكر" ونكيرُ ؟
_أحسن ماء : دموع التائبين ..
أعظم حزن : حزن المنيبن
أهنأ نعاس : نعاس المتهجدين
أجمل لباس : لباس المحرمين .
_قلبك من الذنوب مجروح .. ولا تبكي ولا تنوح .. كأنك جسد" بلا روح ..
انتصر الاسلام حين قدم له الكرام .. الأموال
والدماء .. فأصبحت هاماتهم في السماء .. وأنت للاسلام ماذا أعطيت؟
وماذا لدينك أهديت؟
ولأمتك أسديت؟ حي"كميت؟
_ الغراب قتل أخاه .. ثم ندم فواراه .. ودفنه وبكاه .. وأنت قتلت نفسك بالكبر والرياء .. وما منعك الحياء .. كأنك لست من الأحياء .
_ كأنك ما سمعت بطور سينا
ويوم صار من طول سنينا
_ تخر به الجبابر وهي تبكي ويحصي فيه ربي ما نسينا
_ عراة" نحن فيه فيا لهول
كأنا ما طعمنا أو كسينا

_الله أكبر
_النملة أنذرت بنات جنسها.. ثم عادت إلى رمسها.. تبقي لقوت يومها من أمسها.. وهي تعلم أن الله لم ينسها..
_ إلى متى في دنياك تتبلد ؟ و في غيك تتردد ؟ وما فعلت كما فعل الهدهد ، سافر إلى اليمن و هو وحيد ، يدعو إلى التوحيد ، لأنه حق الله على العبيد ، ثم عاد إلى سليمان ، بعد أن أعطاه الأمان ، جاء من سبأ بنبأ ، أنكر على بلقيس ، إذ زين لها ولقومها إبليس ، وقال لم ~ تسجد للشمس ولا تسجد لمن أجراها ؟ وما أدرى الشمس بمن دعاها ؟ أصبح الهدهد داعية ، أذنه للحق واعية، و قدمه للتوحيد ساعية ، وأنت هل دعوت أحدا ؟ وهل مددت بالخير يدا ؟ وهل أسمعت بالهدى بلدا ؟

_الفيل وجهوه لهدم البيت ، فقال بلسان حاله : يا إبرهة ضللت وما اهتديت ، وظلمت واعتديت ، فوالله لا أنقل إلى البيت القدم ، وأموت هنا و يأتيني العدم ،وكعبة الله لا تنهدم :
وقفت حياءا" عند بابك مطرقا"
ولم أنقل الأقدام من روعة الخجل
_ فلو قطعوا رأسي لما سرت خطوة"
أهذا جزاء الفضل من ربنا الأجل ؟
الفيل يلوي عن المعصية رأسه ، ويبرد عن المخالفة حماسه ، وأنت لا يردك عن المعصية باب ، ولا يحجزك عن السيئة حجاب .

_أخا الاسلام : لا تستهن بالله فإنه قوي ، ولا تمن عليه فإنه غني ، أهلك ثمودا في ناقة ، وألحق عادا بالساقة ، عصته أمم فدمرهم وانتقم ، و هز الأرض بهم هزا ، ثم قال (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) _ حطم سد مأرب بفأرة ، وأحرق إرم ذات العماد بشرارة ، ومزق أعداء دينه وبيته بغارة ، اعتق رقبتك من النار ، وأنقذ نفسك من البوار ، اخرج من سرداب الأماني ، يا أسير الأغاني ، انفض عن نفسك غبار ا
لكسل ، و اهجر من عذل ، فكل من سار على الدرب وصل ، نسيت الآيات ، وأخرت الصلوات ، وتريد الجنات !!
_ ما شبع النمل حتى جد في الطلب ، وما ساد الأسد حتى وثب ..
_ يدعى أبوبكر الصديق من أبواب الجنة الثمانية ، لأن قلبه معلق بربه كل ثانية ، سد من حبه لله و رسوله في الغار الشقوق ، فأصبح خليفة الصادق المصدوق ، ثم تبعه عمر الفاروق ، الذي أقام الحقوق ، ثم تبعه عثمان الذي اشترى بماله الجنان ، جهز جيش العسرة و اشترى بئر رومة وجعله وقفآ للمسلمين ، فنال الغفران والرضوان ، وتبعه علي بن أبي طالب ، الذي دموعه في التذكر سواكب .. وأنت ما حضرت قتالا ، ولا أنفقت مالا ، ولا ذقت في سبيل الله نكالا ..
فإلى متى~ تتبجح وتتعالى؟!
_نطالبك فحسب : بالصلاة والصف الأول,وأن لا تلعب بالدين وتتأول .. وأن لا تأكل الحرام ومنه تتمول.
_نطالبك أن تنصرالاسلام فلا تعاده .. وأن تترك الحرام فلا تؤاته .. وأن تصل الوالدين والأرحام فلا تقطعها ..
وأن تتصدق ولو بالسلام والبسمة فلا تمنعها .. وأن تفعل الخير ليعود نفعه عليك .. وأن تجتنب الشر والضير
فان مرجعه إليك .. وأن تنصر دعوةالمختار .. وتقف مع الأخيار .. فهل هذا كثير" عليك ؟

_من أراد الجنة : دعا وسعى .. و فهم و وعى .. وسار الى ربه مسرعا" ,
_قلت ماتسمعون : واستغفروا الله العظيم لي ولكم ولسائر المؤمنين والمؤمنات .. فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
كبروا سبعآ أثابكم الله :
_الله أكبر : ما جد الحجاج في المسير حتى شاهدوا الكعبةالبهية
_الله أكبر : ما حطمت ذنوبهم في الحطيم ونالوا المواهب السنية
_الله أكبر : ما ضجوا بالتلبية إجابة" لأذان الخليل في البرية
_الله أكبر : ما ذبح المسلم الضحية_اقتداءآ بخير البرية
_الله أكبر : ما تقرب مؤمن إلى ربه بالصدقة والنفقة والهدية
_الله أكبر : ما تصافح المؤمنون وأشرقت ثناياهم بالسلام والتحية
_الله أكبر : ما كانت مكارم الأخلاق في المؤمنين أعظم سجية...
_ والحمدلله على إحسانه.. والشكر له على توفيقه وامتنانه.. وأشهد ألا إله إلا الله تعظيمآ لشانه .. وأشهد أن محمدآ عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه .. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره وإخوانه ..

_عبادالله : كان من هدي المصطفى _صلى الله عليه وسلم_ في العيدين : أنه كان يؤخر صلاة عيد الفطر ، ويعجل الأضحى_وكان يخرج في الأضحى قبل أن يأكل شيئآ بخلاف عيد الفطر فإنه يأكل تمرات_ وفي رواية : يأكلهن وترآ
_ وكان يخرج لابسآ أحسن ملابسه، متطيبآ بالمسك، يكبر ربه تعالى ، يمشي بسكينة ووقار ،
وهوالقائل (زينوا أعيادكم بالتكبير)
والتكبير في الأضحى إلى ثالث أيام التشريق .
_ وكان يخرج للعيد من طريق ويعود من طريق آخر_ وذلك لحكم جليلة : منها إظهار عزة الإسلام ، وإغاظة أعداء الإسلام ، ومنها قضاء من له حاجة من المسلمين ، ومنها أن تسلم على المسلمين ، ومنها أن يشهد لك الحفظة والملائكة الذين يقفون على الطرق .. الله أكبر .
_فإذا وصل إلى المصلى : بدأ بالصلاة قبل الخطبة .. فيصلي ركعتين ، يكبر في الأولى سبع تكبيرات ثم يقرأ الفاتحة و (سبح إسم ربك الأعلى) ويكبر في الثانية خمس تكبيرات ثم يقرأ الفاتحة و (هل أتاك حديث الغاشية)
وربما قرأ في الأولى (ق) و في الثانية (اقتربت الساعة وانشق القمر)
_فإذا فرغ من الصلاة : إستقبل الناس وهم صفوف جلوس فخطبهم بخطبة جليلة .. يبين فيها أسس العقائد والأحكام ويأمر بالصدقة ثم يتوجه إلى النساء فيذكرهن ويأمرهن بالصدقة ..

_عباد الله : يسن إذا رجع المسلم يوم الأضحى أن يسمي الله ويكبر ويذبح الأضحية إن كان مستطيعآ ،
وإن لم يستطع فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين واحد" عنه وعن آل بيته ، و واحد" عن فقراء أمته .
_و الأضحية في الإسلام شأنها عظيم ، منها أنها فداء"لإسماعيل عليه السلام .. و قربة"إلى الله الواحد الأحد .
_فقد كان لسان حال إسماعيل:
_لكن والدتي وارحمتاه لها
ماذا يحل بها إن خبرت بدمي؟
_فول وجهك عند الذبح يا أبتي واذبح بصدق ولا تجزع لسفك دمي
_فإنما أنا عبدالله يفعل بي
ما شاء والله ذو فضل وذو كرم
_أمر شفرته في النحر فانقلبت عنه ثلاثآ ولم يمسسه من ألم~
_والأرض رجت وأملاك السماء بكت والوحش والطير عم الخطب في الأمم~
_والله ذوالعرش فوق العرش يعجب من إيمان عبديه ما عنه بمنكتم~
_فقال هذا الفدا من عند ربك عن هذا الذبيح جزا هذا دمآ بدم~
_ ولا بد في الأضحية : أن تستسمن وأن تختار وأن تصطفى ، لأن الله تعالى طيب" لايقبل إلا طيبآ .. فلا تجزئ العوراء البين عورها، ولا المريضة البين مرضها ، ولا العرجاء البين عرجها ، ولا الهزيلة ولا العضباء .. و يكره الشرقاء التي انشقت أذنها طولآ ، والخرقاء التي خرقت أذنها .. و القول الفصل أن تكون الأضحية سليمة من كل عيب .. ومن أراد المزيد من الأحكام فليرجع إلى كتب الفقه والحديث من سنته
ع

ليه الصلاة والسلام .
_عبادالله : ما معنى العيد ؟ العيد معناه : الفرحة بكمال الطاعات .. و الشكر للنعم و الأعطيات .. و القرب و المودة و توثيق الصلات .
_ العيد معناه العودة إلى الله ، ثم العودة إلى كتابه ، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
_ ليس العيد لمن لبس الجديد ، العيد لمن خاف يوم الوعيد .. العيد لمن طاعاته لله تزيد .. العيد يوم نعود لديننا الشامخ المشيد .. العيد يوم تعود أرض المسلمين للمسلمين ، و يعود المسجد الأقصى للمصلين المؤمنين ..

- العيد يوم تتوحد أمةالإسلام ، وتجتمع القلوب على الدين والحب والوئام ،
_ العيد يوم أن تغفر الذنوب .. و تكشف الكروب .. و تنطفى الحروب .. و تسعد بشرع الله الشعوب .
_ العيد لمن وصل أرحامه ، و حسن إسلامه ، وأخلص لله التزامه ..
_ العيد لمن أطاع والديه ، واستعد للعرض أمام الله والوقوف بين يديه..
_العيد عودة"صادقة" لمنهاج النبوة ، والعودة لتصحيح مبادئ الأخوة ، والعيد للمؤمنين محبة" و صلة" ومودة" و قوة..
_العيد لمن اتقى الله في السر والعلن .. ولمن شمر إلى الجنة ودفع الثمن ..
_ العيد لمن تذكر إخوانه المسلمين وما يعانون .. ولمن تفكر في سرعة انقضاء الأيام وتصرم السنون .. وعلم أنه إلى الله راجع إذا حان الأجل واقتربت المنون .. العيد الحقيقي والراحة في الجنة حين (يوم لا ينفع مال"ولا بنون" إلا من أتى الله بقلب سليم) .
_العيد لمن وصل ما بينه وبين الله .. و وصل ما بينه وبين العباد ، فوصل من قطعه ، وأعطى من حرمه ، وعفى عمن ظلمه.
_ العيد لمن عمر قلبه بالإيمان ، وأخرج من بيته آلات اللهو ومغريات الشيطان .. وأقام في أهله و أولاده منهج القرآن.. العيد لمن ضوع منزله بالأذكار الحسان ..
_ إلهي:
_إذا ما كنت لي عيدآ
فما أصنع بالعيد ~؟

_جرى حبك في قلبي
كجري الماء بالعود ~..
_فيا من آمنوا : آمنوا .. ويا من أعرضوا : أقبلوا على الله تسعدوا .. ويا من أذنبوا : توبوا..
ولنداء الله أجيبوا (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).
_إعتبروا بالماضين .. واقتدوا بالصالحين.. واسلكوا سبيل المتقين و(اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
_للديان دينوا ، والأعراض صونوا ، والمحتاج أعينوا ، ومع الأخيار كونوا ، وبالله تعالى استعينوا ،
و(على الله توكلوا إن كنتم مؤمنين).

(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) و(كونوا عبادالله إخوانآ)_
هذا : و صلوا على الرسول كثيرآ، وسلموا عليه أبدآ .. فهو القائل (من صلى علي صلاة"واحدة" صلى الله عليه بها عشرآ) .

اللهم أبلغه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة أجمعين .. اللهم انصر الإسلام و أعز المسلمين .. اللهم احفظ اليمن من الفتن و المحن ما ظهر منها و ما بطن .. اللهم احقن دماء اليمنيين و احقن دماء جميع المسلمين .. و ارفع عنا و عن أوطاننا و عن أمتنا كل بلاء يا أرحم الراحمين .
-اللهم شافي مرضانا وعافي مبتلانا وارحم موتانا وموتى المسلمين ..
_ اللهم اسقنا الغيث المدرار و لا تجعلنا من الآيسين ..
_ اللهم اغفر لنا وارحمنا .. وعافنا واعف عنا .. و على طاعتك أعنا .. اللهم تقبل من الحجيج حجهم .. و أشركنا في دعائهم .
-اللهم اجعلنا إخوة"متحابين على الخير متعاونين ، عن الشر متناصحين متناهين ..
- اللهم اغفر لمن حضر هذا المقام ، و لمن سمع وانتفع بهذا الكلام ، ولوالدينا والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم و الأموات .. إنك سميع قريب مجيب الدعوات .
-(ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرةحسنة وقنا عذاب النار ) .
-(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام"على المرسلين والحمدلله رب العالمين )
_ و صل اللهم و سلم على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🌴 التكبير المطلق والمقيد ( فضله ووقته وصفته ) :


ما هو التكبير المطلق والمقيد ؟ ومتى يبدأ ؟.


أولاً : فضل التكبير...

الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة أيامٌ معظمة ؛ أقسم الله بها في كتابه؛ والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه ،
قال الله تعالى : ( والفجر وليال عشر ) قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف : إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير : " وهو الصحيح " تفسير ابن كثير8/413 .

والعمل في هذه الأيام محبوبٌ إلى الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ .

فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " رواه البخاري ( 969 ) والترمذي ( 757 ) واللفظ له وصححه الألباني في صحيح الترمذي 605 .

🌴 ومن العمل الصالح في هذه الأيام ذكر الله بالتكبير والتهليل لما يلي من الأدلة :

1- قال الله تعالى :
( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) الحج / 28 .
والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة .

2- قال الله تعالى :
( واذكروا الله في أيام معدودات ... ) البقرة / 203 ، وهي أيام التشريق .

3- ولقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ) رواه مسلم 1141

🌴 ثانياً : صفة التكبير ...

اختلف العلماء في صفته على أقوال :

الأول : " الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد "

الثاني : " الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد "

الثالث : " الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد " .

🖌 والأمر واسع في هذا ؛ لعدم وجود نص عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدد صيغة معينة .

ثالثاً : وقت التكبير ...

التكبير ينقسم إلى قسمين :

1- مطلق : وهو الذي لا يتقيد بشيء ، فيُسن دائماً ، في الصباح والمساء ، قبل الصلاة وبعد الصلاة ، وفي كل وقت .

2- مقيد : وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات .

فيُسن التكبير المطلق في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق ، وتبتدئ من دخول شهر ذي الحجة ( أي من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة ) إلى آخر يوم من أيام التشريق ( وذلك بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ) .

🖌 وأما المقيد فإنه يبدأ من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق - بالإضافة إلى التكبير المطلق

– فإذا سَلَّم من الفريضة واستغفر ثلاثاً وقال : " اللهم أنت السلام ومنك السلام ؛ تباركت يا ذا الجلال والإكرام " بدأ بالتكبير .

هذا لغير الحاج ، أما الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حقه من ظهر يوم النحر .

والله أعلم .



علي جياش المطري ...
🐑🐑🐐🐐🐂🐂🐪🐪

🎤خطبةعيد الاضحى🎤

📖عيد الأضحى فداء وفرحة📖



📜الخطبةالاولى:-

الحمدُ لله ربِّ العالمين،
الحمدُ لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، وبعَفوِه تُغفَر الذُّنوب والسيِّئات، وبكرَمِه تُقبَل العَطايا والقُربَات، وبلُطفِه تُستَر العُيُوب والزَّلاَّت،
الحمدُ لله الذي أماتَ وأحيا، ومنَع وأعطَى، وأرشَدَ وهدى، وأضحَكَ وأبكى؛ ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].

الله أكبر، الله أكبر ما لبس الحَجِيج ملابسَ الإحرام، الله أكبر ما رأوا الكعبة فبدَؤُوها بالتحيَّة والسلام،
الله أكبر ما استلَمُوا الحجر، وطافُوا بالبيت، وصلُّوا عند المقام،
الله أكبر ما اهتدوا بنور القرآن، وفرحوا بهدي الإسلام،
الله أكبر ما وقَف الحجيج في صَعِيد عرفات،
الله أكبر ما تضرَّعوا في الصفا والمروة بخالص الدعوات،
الله أكبر ما غفَر لهم ربهم، وتحمَّل عنهم التَّبعات،
الله أكبر ما رموا وحلَقُوا وتحلَّلوا ونحَرُوا، فتمَّت بذلك حجَّة الإسلام،
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلاً.

الحمدُ لله الذي جعَل الأعياد في الإسلام مَصدرًا للهناء والسُّرور، الحمد لله الذي تفضَّل في هذه الأيَّام العشر على كلِّ عبدٍ شَكُور، سبحانه غافِر الذنب وقابِل التَّوب شديد العِقاب.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلاً.

ربنا لك الحمدُ سرًّا وجهرًا، ولك الحمدُ دومًا وكرًّا، ولك الحمد شعرًا ونثرًا.

لك الحمدُ يوم أنْ كفَر كثيرٌ من الناس وأرشدتنا للإسلام، لك الحمدُ يومَ أنْ ضلَّ كثيرٌ من الناس وهديتنا للإيمان، لك الحمدُ يوم أنْ جاعَ كثيرٌ من الناس، وأطعمتنا من رزقك، لك الحمدُ يومَ أنْ نام كثيرٌ من الناس، وأقمتَنا بين يدَيْك من فضلك:

وَاللهِ لَوْلاَ اللهُمَا اهْتَدَيْنَا
وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا

فلك الحمدُ ربنا عددَ الحجَر، لك الحمدُ عدد الشجَر، لك الحمدُ عدد البشَر.

أيُّها المسلمون، عبادَ الله، الأعياد في الإسلام تبدأ بالتكبير، وتُعلن للفرحة النفير؛ ليعيشها الرجل والمرأة، ويَحياها الكبير والصغير، أعيادنا تهليلٌ وتكبيرٌ.

إذا أذنا كبَّرنا الله، وإذا أقَمنا كبَّرنا الله، وإذا دخَلنا في الصلاة كبَّرنا الله، وإذا ذبَحنا كبَّرنا الله، وإذا وُلِد المولود كبَّرنا الله، وإذا خُضنا المعارِك كبَّرنا الله، وإذا جاء العيدُ بالتكبير استَقبَلناه وقلنا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إنَّه تنفيذٌ لتَوجِيهات الله؛ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

كان لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قبَّة في منى، فإذا جاء العيد كبَّر عمر فكبَّرت منى، فكبَّرت الأرضُ، وكأنَّك أمامَ أمَّة تُعلِن أنَّ الخنوع والخضوع لا يكونان إلاَّ لله، وأنَّ الذلَّة والانكِسار لا يكونان إلاَّ لذات الله، وأنَّ الاستِمدَاد والاستِلهَام لا يكونان إلاَّ من الله، وأنَّ العَوْن والتوكُّل لا يكونان إلاَّ على الله، وأنَّ الحفظَ والاستِعانة لا يكونان إلاَّ بالله - سبحانه وتعالى.

العيد كلمةٌ ذات معنى:
العيد: هو كلُّ يومٍ فيه جمعٌ، وأصل الكلمة من عاد يَعود؛ قال ابن الأعرابي: سُمِّيَ العيد عيدًا؛ لأنَّه يَعُود كلَّ سنة بفرحٍ مُجدَّد؛ "لسان العرب"، العيد في الإسلام كلمةٌ رقيقة عَذبة تملأ النفس أنسًا وبهجةً، وتملأ القلبَ صفاءً ونَشوَة، وتملأ الوَجه نَضارة وفَرحَة، كلمةٌ تُذكِّر الوحيدَ بأسرته، والمريضَ بصحَّته، والفقيرَ بحاجته، والضعيفَ بقوَّته، والبعيدَ ببلده وعَشِيرته، واليتيمَ بأبيه، والمِسكِين بأقدس ضَرُورات الحياة، وتُذكِّر كلَّ هؤلاء بالله، فهو - سبحانه - أقوى من كلِّ قوي؛ ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].

وأغنى من كلِّ غني؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].

وأعزُّ من كلِّ عزيز؛ ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

الأعياد في الإسلام ليست انطِلاقًا وراءَ الشَّهوات، وليسَتْ سِباقًا إلى النَّزوات، وليست انتِهاكًا للمُحرَّمات، أو سَطْوًا على الحدود أو الحرمات.

الأعيادُ في الإسلام طاعةٌ تأتي بعد الطاعة:
عيد الفطر ارتَبَط بشَهرِ رمضان الذي أُنزِلَ في
ه القُرآن، وفيه الصوم الذي يذكِّر بهَدْي القرآن، موسم يُختَم بالشُّكر والتَّكبير؛ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

وعيد الأضحى ارتَبَط بفريضة الحج، موسم يُختَم بالذِّكر والتَّكبير؛ {﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203] ذكريات تتجدَّد عبرَ الزَّمان والمكان، وتَحياها الأجيالُ جيلاً بعد جيل، فتتعمَّق إيمانًا، وتتألَّق يقينًا، وتَزداد صَفاءً ولمعانًا، عشرة أيَّام، كل يوم بليلته يهبُّ على قلبك المكدود يضخُّ فيه الدِّماء، ويُنبِت فيه الحَياء، ويُجدِّد فيه الرُّوح، ويزيد فيه الإيمان، كل يوم بليلته يُنادِيك، يا باغِيَ الشر أَقصِر، ويا باغي الخير أقبِل، يا نُفُوس الصالحين افرَحِي، ويا قُلوبَ المتَّقِين امرَحِي، يا عُشَّاق الجنَّة تأهَّبوا، ويا عباد الرحمن ارغَبُوا، ارغَبُوا في طاعة الله، وفي حب الله، وفي جنَّة الله.

فطُوبَى للذين صاموا وقاموا، طُوبَى للذين ضحَّوا وأعطَوْا، طُوبَى للذين كانوا مُستَغفِرين بالأسحار، مُنفِقين بالليل والنَّهار، ما أعظَمَ هذا الدِّين! وما أجمَلَ هذا الإسلام! يدعو الله - عزَّ وجلَّ - عبادَه لزيارة بيته الحرام، الذي جعَلَه مثابةً للناس وأمنًا؛ ليجمَعُوا أمرَهم، وليُوحِّدوا صفَّهم، ويشحَذُوا هممهم، وليقضوا تفَثَهم، وليطوَّفوا بالبيت العتيق، نفحات الله، ورحمات الله، ونظرات الله، كانت بالأمس القريب في أفضَلِ يوم، عرفات الله، يوم المناجاة، يوم المباهاة، يوم الذِّكر والدعاء، يوم الشكر والثَّناء، يوم النَّقاء والصَّفاء، يوم إذلال الشيطان المريد واندحاره، يوم غَيْظِ إبليس الملعون وانكساره، يوم وحدة المسلمين العُظمَى، يوم مؤتمر المؤمنين الأكبر، مؤتمر سنوي يجتَمِع فيه المسلمون من أجناس الأرض على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، على اختلاف لُغاتهم وأوطانهم، اجتمَعُوا في هذا المكان لهدفٍ واحدٍ ولربٍّ واحد، يَرجُون رحمته، ويَخافُون عذابَه، إنهم يَصنَعون وحدةَ الهدف، ويَبنُون وحدةَ العمل، إنهم جميعًا مُسلِمون، لربِّ واحد يَعبُدون، ولرسولٍ واحد يَتَّبِعون، ولقبلةٍ واحدة يتَّجِهون، ولكتابٍ واحد يقرؤون، ولأعمال واحدة يُؤدُّون، هل هناك وحدة أعظم من هذه الوحدة؟! ليكن ذلك سبيلاً إلى سلامة العبادة وصحَّة العقيدة؛ ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].

ليكنْ ذلك طريقًا لبلوغ التَّقوى وزيادة الإيمان؛ ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 52]،

الإسلام يُوحِّد الأمَّة، فلماذا تتشتَّت؟!
الإسلام يعزُّ الأمَّة، فلماذا تذلُّ؟!
الإسلام يُغنِي الأمَّة، فلماذا تفتَقِر؟! الإسلام يَهدِي الأمَّة، فلماذا تضلُّ؟! ﴿ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101].

نعم، إنَّه يوم عرفة؛ ﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198].

إنها مشاعر لا تُوصَف، وأحاسيس لا تُكتَب، إنما يتذوَّقها الذي يُؤدِّيها، ويستَشعِرها الذي يحضرها، ويحسُّها الذي يُلبِّي نداءَها، فينظُر الكعبة، ويُعانِق الحجر، ويُصلِّي عند المَقام، يَسعَى كما سَعَتْ هاجر - عليها السلام - ويُضحِّي كما ضحَّى إبراهيم - عليه السلام - ويُطِيع كما أطاع إسماعيل - عليه السلام - ويَطُوف كما طافَ محمدٌ - عليه الصلاة والسلام - ويُقبِّل الحجرَ كما قبَّل عمر - رضي الله عنه - فقط عن حبٍّ ورغبةٍ وإخلاص، لعلَّ قدمًا تأتي مكانَ قدمٍ، وطَوافًا يأتي مكانَ طواف، وسعيًا يأتي مكان سعيٍ، فيزداد الإيمان، ويَكون الغفران، وينتَشِر الأمن، ويأتي الأمان.

العيد يومُ الفداء:
عيد الأضحى يوم التضحية والفِداء، يوم الفرَح والصَّفاء، يوم المكافأة من ربِّ السماء للنبيَّيْن الكريمَيْن إبراهيم وإسماعيل صاحبي الفضل والعَطاء، أراد الأعداءُ بإبراهيم سوءًا، لكنَّ الله لطَمَهم وأبعَدَهم، وجعَلَهم من الأسفَلِين، كما يجعَلُ كلَّ أعداء الدِّين إلى يوم الدِّين؛ ﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [الصافات: 98].

أمَّا إبراهيم - عليه السلام - فله شأنٌ آخَر، وطريقٌ آخَر، وهدفٌ آخَر؛ ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات: 99]،

رَجاء مشروع، يريد فقط الصالحين لإصلاح الأرض، وبِناء التوحيد؛ ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100]، ودعاء المخلصين مسموعٌ ومُجابٌ في التوِّ واللحظة؛ ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 101].

طريق الأنبياء هكذا، والتابعين من الموحِّدين هكذا، السماء تَتعاوَن م
ع المُصلِحين، مع الموحِّدين، مع المُخلِصين، العامِلين للدين، تُمهِّد طريقَهم، وتُذلِّل عَقباتهم، تَجبُر كسرَهم، وتُحقِّق رَغباتهم، وتنصر أهدافهم.

إبراهيم - عليه السلام - يُمتَحن؛ ليُمنَح، ويُختَبر؛ ليَعلُو، ويُبتَلى؛ ليَسمُو؛ ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ﴾ [الصافات: 102] بدَأ يَمشِي، وهنا أعظَمُ مرحلة الحب من الوالد لولده، لكنَّ الله أرادَ إخلاصَ قلبِه، وتمحيصَ فؤادِه، واصطِفاء نفسه، واجتِباء وجهته؛ ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].

رُؤيَا فيها ذبح الابن؛ طاعةً لله، ويُبلَّغ الابنُ من الوالد ذاتِه: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ [الصافات: 102]؛ ليَعِي دُعاة اليوم وعُلَماء التربية هذا الأسلوبَ الرائع، من الحب المُتَبادَل، والأدب المُتَبادَل، في أحلَكِ الظُّروف، وأشدِّ المِحَن، وأصعب المَواقِف، فيردُّ الغُلام بالمستوى نَفسِه من الشَّجاعة والإخلاص، من التضحِيَة والفداء، من الأدب الرفيع، والذَّوق العالي، وتقديم المشيئة؛ لأنَّ الموقف موقف فتنة، ولا ينتصر عليها المرء، ولا يخرج منها المبتلَى إلاَّ بإذن الله، وعون الله، وفضل الله؛ ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].

وجاءَتْ لحظة الحسم؛ ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [الصافات: 103]، فكان الاستِسلام من النبيَّيْن لأمرِ الله، وكان الحب من الكريمين لطاعة الله بالمستوى نفسه، والأداء ذاته؛ ﴿ أَسْلَمَا ﴾ وهُنا تدخَّلت السَّماء، الله شهد الموقف، وصدَّق عليه، فنادَى وجازَى؛ ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 104 - 105].

امتحانٌ ما أشدَّه! اختِبارٌ ما أصعَبَه! ابتِلاءٌ ما أعظَمَه! ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 106]، لكنَّ إبراهيم - عليه السلام - اجتازَه بامتِيازٍ مع مراتب الشَّرَف، بتَوفِيق الله له مع مَنازِل الإخلاص، وبعون الله له مع مَقامات اليقين، فكان الفِداء من السَّماء في يوم الفِداء، ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 107]؛ ليَعلُو ذِكرُ آل إبراهيم في العالَمين؛ ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الصافات: 108 - 109].

وهذا المَنْح وهذا الاصطِفاء لا يقتَصِران على آل إبراهيم فقط؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 33]، لا يقتَصِران على هؤلاء فقط، وإنَّما لكلِّ المحسنين والمُخلِصين العامِلين لله إلى يوم الدِّين من الناس أجمَعِين؛ ﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 110]، ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [الحج: 75].

ثم خاتم الإيمان لإبراهيم في شَهادة تقديرٍ من ربِّ العالَمين؛ ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 111].

هذا التقديرُ وهذا الاصطِفاء في الدنيا والآخِرة له ولِمَن لا يسفه نفسَه بالرَّغبة في طريقٍ آخَر؛ ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [البقرة: 130].
ليت الأمَّة تتعلَّم الفداء، فالإسلام تَكاثَرَ عليه الأعداء، تَكالَبتْ عليه الأكَلَة من الأُمَم، حُرِقَ كتابُه واستُهزِئ بنبيِّه، تعطَّلت الحدود، وازداد الصُّدود، سُلِبت المقدَّسات، وانتُهِكت الأعراض، سُفِكت الدماء، واضطُهِد العُلَماء، أصبَحَ الإسلام غريبًا في وطَنِه، وأمسى الدِّين طريدًا بين أهله، مَن له؟ مَن يَفدِيه؟! مَن يُضَحِّي من أجلِه؟!

ألاَ من إبراهيم جديد في الأمَّة يَترُك رَضِيعَه وزَوجَه في الصَّحراء وينطَلِق ﴿ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات: 99]، مهاجرٌ إلى ربه ﴿ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [العنكبوت: 26].

ليس لإبراهيم فحسب؛ ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 100].

أسرةٌ ثابتةٌ قدَّمت للإسلام، وعاشَت الإيمان واليَقِين، ألاَ من هاجر جديدة تَفدِي الإسلام، وتُعلِّم المسلمين حقيقةَ التوكُّل، وروعة اليَقِين في الله ربِّ العالَمين، "إذًا لن يُضيِّعنا"، وكذل
لهم انصر الاسلام والمسلمين واعزالاسلام والمسلمين ودمر اعداءك اعداء الدين واجعل كلمتك العليا الى يوم الدين.

اللهم تقبل من الحجاج حجهم، اللهم تقبل من الحجاج حجهم وسعيهم، اللهم اجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، اللهم تقبل مساعيهم وزكها،وارفع درجاتهم وأعلها، وبلّغهم من الآمال منتهاها، ومن الخيرات أقصاها،اللهم اجعل سفرهم سعيدًا،وعودهم إلى بلادهم حميدًا،اللهم هون عليهم الأسفا،وأمنهم من جميع الأخطار،
اللهم احفظهم من كل ما يؤذيهم،
وأبعد عنهم كل ما يضنيهم،
اللهم واجعل دربهم درب السلامة والأمان،والراحة والاطمئنان،
اللهم وأعدهم إلى أوطانهم وأهليهم وذويهم ومحبيهم سالمين غانمين برحتمك يا أرحم الراحمين .


وصلَّى الله على محمد وعلى أهله وصحبِه وسلَّم، والحمدُ لله ربِّ العالمين.
ك جمالُ السَّعي إلى يوم الدِّين، ألاَ من إسماعيلَ جديد يُقدِّم رُوحَه ونفسَه وحياته طاعةً لربِّه، وتَنفِيذًا لأمرِه، وطلَبًا لرِضاه؛ ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].

الإسلام أحوَجُ ما يَكُون الآن إلى مُضحِّين وفادِين، من أوقاتهم ومن أموالهم ومن أبنائهم، ومن كلِّ ما أعطاه الله لهم، حتى يَسمُو الفرد وتَعلُو الأمَّة، حتى ينتَصِر الدِّين، وتعلو رايَةُ الحقِّ المبين، مَن يَسمُو؟ ومَن يفرُّ ويَجرِي؟! مَن يمسك؟ ومَن يُعطِي ويَفدِي؟! ومَن يُطِيع؟ ومَن يرغب ويعصي؟ ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [البقرة: 130].

العاملون للدِّين يُضاعِف الله أجرَهم، ويُسهِّل الله طريقَهم، ويَرفَع شأنَهم، ويُعلِي الله ذِكرَهم؛ ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 41]، ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54]، فتَذكُرهم الأجيالُ جيلاً بعدَ جيلٍ إلى أنْ يَرِثَ الله الأرضَ ومَن عليها.

العيد في الإسلام فرحُ الأفراح، لكن لِمَن هذه الأفراح؟!

هل للذين جاءَهم موسم الحج، فوجَدَهم يسرقون وينهبون، أو يرتَشُون ويستَغِلُّون؟! هل للذين يُنافِقون ويكذبون، أو يغشُّون ويُداهِنون؟! هل للذين يَظلِمون ويستَبِدُّون، أو يَأكُلون أموالَ اليتامى ظلمًا، أو يتعدون حدودَ الله بغيًا، أو يَرفِضون قوانين السَّماء عِنادًا وكفرًا؟! هل للذين يَقضُون ليلهم في مُشاهَدة المسلسلات الهابِطَة، والأفلام الخليعة؟ هل للذين يَقطَعون نهارَهم في غفلةٍ ساهين، وفي غيِّهم سادِرين، ثم لا يتوبون؟! كلاَّ، إلاَّ مَن رحم ربِّي.

فليفرح هؤلاء فرحًا زائلاً، فرحًا زائفًا، فرحًا غير مشروع؛ لأنَّه فرح بغير الحق؛ ﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ [غافر: 75].

فرحهم زائِفٌ كفرح قارون الملعون؛ ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾ [القصص: 76].

فرَحُهم مؤقَّت كفرَح هؤلاء؛ ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44].

فرَحُهم مكذوبٌ غيرُ صحيحٍ، ومنقوصٌ غيرُ كامِلٍ؛ لأنَّه مُرتَبِطٌ بالدنيا وشهواتها ونزواتها ومتاعها فقط؛ ﴿ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: 26].

أما لو تابُوا وأقلَعُوا وندِمُوا، ولم يُصِرُّوا على العودة إلى المعاصي، وحقَّقوا شروط التوبة - فإنَّ الله يَقبَلُهم ويُسامِحُهم ويعفو عنهم، مهما كانت ذنوبهم عظيمة فالله أعظم، ومهما كانت سيِّئاتهم كبيرةً فالله أكبر، ومهما كانت آثامهم كثيرةً فعفو الله أكثر؛ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر:53]
الله اكبر الله اكبر الله اكبر
اقول ماسمعتم واستغفرالله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هوالغفورالرحيم..


🕋🕋🕋🕋🕋🕋🕋🕋


📜الخطبةالثانية:-

الحمدلله رب العالمين
الله اكبر الله اكبر...........سبعاً

ايها المسلمون:-
لمن تكون
فرحة العيد ؟!

للذي جعَل يدَيْه مَمَرًّا لعَطاء الله، راحَ يُنفِق بالليل والنَّهار سِرًّا وعلانية، بُكرَة وعَشِيًّا، للذي يهتمُّ بأمر المسلمين، فيُصلِح بين المتخاصِمين، ويضَعُ عن كاهل المُستَضعَفين، ويَدعو للمُحاصَرين، للذي كان وقَّافًا عند حدود الله لا يتعدَّاها، ولا يَنساها، إنما يَحفَظُها ويَرعاها.

للذي هو ليِّنٌ في طاعة الله، مِطواعًا لأمر الله، مُحِبًّا لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عاملاً بمنهج الله، إذا قُرِئ عليه القُرآن سمع وأنصَتَ، وإذا نُودِي بالإيمان آمن ولبَّى؛ ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ﴾ [آل عمران: 193].

للذي أحسَنَ إلى والدَيْه طائِعًا لهما في غير مَعصية، بارًّا ورَحِيمًا بهما، للذي يَقرَأ القرآن بتدبُّر وتفكُّر، ويُصلِّي بخشوعٍ وخُضوع، ويَعمَل لدينه بفهمٍ صحيح.

للذي يُحافِظ على صلاة الجماعة، وخاصَّة صلاة الفجر التي تَشهَدها الملائكة، وتصغُرها الدنيا وما فيها، ((ركعَتَا الفجرِ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها))؛ صحَّحه الألبان
حانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت،أستغفرك وأتوب إليك.وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

============================
ي، ((يَفرَح الربُّ - تعالى - بمَشْيِ عبدِه إلى المسجد مُتوضِّيًا))؛ "صحيح ابن خزيمة".

هؤلاء فَرِحُوا بطاعة ربِّهم، يُؤدُّون هذه الأعمال لا يملُّون ولا يكلُّون، وهم على عَهدِهم ووَعدِهم وأعمالهم لا ينقَطِعون ولا يُفرِّطون، وإنما على أعمالهم يستَقِيمون، لا يَعبُدون أحجارًا ولا أشجارًا، وإنما يعبدون ربَّ الأحجار وربَّ الأشجار، وربَّ كلِّ شيءٍ؛ لذلك هم أصحاب الفرح وملوكه، يفرَحُون فرحًا محمودًا، يفرَحُون فرحًا مَشروعًا، يفرَحُون بطاعة الله، يفرَحُون بفضل الله، ويفرَحُون برحمة الله؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

كما يَفرَحون ببذْلهم أرواحَهم في سبيل الله؛ ﴿ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [آل عمران: 170].

عمير بن الحمام الأنصاري أخرج تَمراتٍ من قرنه، شرَع يأكلها، ثم طوَّح بها يقول: لئنْ أنا حَيِيتُ حتى آكُل تَمَراتي هذه إنها لحياةٌ طويلة، وأنشد:

رَكْضًا إِلَى اللهِ بِغَيْرِ زَادِ

إِلاَّ التُّقَى وَعَمَلَ الْمَعَادِ

وَالصَّبْرَ فِي اللهِ عَلَى الْجِهَادِ

وَكُلُّ زَادٍ عُرْضَةُ النَّفَادِ

غَيْرَ التُّقَى وَالْبِرِّ وَالرَّشَادِ

وكما يَفرَحون بلقاء رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان بلالٌ - رضي الله عنه - يقول وهو يَجُود بنفسه لله: وافرحتاه! غدًا ألقى الأحبَّة، محمدًا وصحبه.

فطُوبَى لشابٍّ نشَأ في طاعةٍ لله، وطُوبَى لرجلٍ ذكَر الله خاليًا ففاضَتْ عَيْناه، وطُوبَى لفتاةٍ أُمِرتْ بالحجاب، فقالت: لبَّيك يا الله، وطُوبَى لامرأةٍ أطاعَتْ زوجَها، وصامَتْ شهرَها، وصلَّتْ خمسَها حبًّا في الله، وطُوبَى لِمَن أطعَمَ أفواهًا، وكسا أجسادًا، ورحم أيتامًا، ووصَل أرحامًا.

جهادٌ مستمرٌّ:
احفَظُوا اللهَ في فروضه وحدوده وعهوده، يحفظكم في دينكم وأموالكم وأنفسكم، كونوا مع الله يكن الله معكم، في حلِّكم وتَرحالكم، في حركاتكم وسكناتكم، في يُسرِكم وعُسرِكم، في قوَّتكم وضعفكم، في غِناكم وفقركم، جاهِدُوا أنفسَكم، وجاهِدُوا الخلوف المتردِّدة الملتوية المتردِّدة بالنَّصيحة، وبالحكمة والموعظة الحسنة، ففي ذلك دليلُ الإيمان.

عن عبدالله بن مسعود - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما من نبيٍّ بعَثَه الله في أمَّةٍ قبلي إلاَّ كان له من أمَّته حواريُّون وأصحاب يَأخُذون بسنَّته ويقتَدُون بأمره، ثم إنها تخلف من بَعدِهم خلوفٌ يقولون ما لا يَفعَلون، ويَفعَلون ما لا يُؤمَرون، فمَن جاهَدَهم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهَدَهم بلسانه فهو مؤمن، ومَن جاهَدَهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبَّة خَردَل))؛ رواه مسلم.

يقول ذو النون: إنما تُنال الجنَّة بأربع: استِقامة ليس فيها زوغان، وجِهاد لا سهوَ معه، ومُراقَبة لله في السرِّ والعَلَن، ومُحاسَبة للنفس قبل أنْ تُحاسَب، والاستِعداد للموت بالتأهُّب له.
غَدًا تُوَفَّى النُّفُوسُ مَا كَسَبَتْ
وَيَحْصُدُ الزَّارِعُونَ مَا زَرَعُوا

إِنْ أَحْسَنُوا أَحْسَنُوا لِأَنْفُسِهِمْ
وَإِنْ أَسَاؤُوا فَبِئْسَ مَا صَنَعُوا

أيُّها المسلمون، أعيادُنا يوم تحرير الأَرض والعِرض، يوم تحرير البلاد والعباد، يوم أنْ تتحرَّر النُّفوس من الشَّهوات والملذَّات، ويوم أنْ تتحرَّر القلوب من الكذب والنِّفاق، ويوم أنْ تتحرَّر الصُّدور من الشَّحناء والبَغضاء، ويوم أنْ تتحرَّر الحقوق من قيود الفَساد والاستِبداد، فيبذل كلُّ ذي واجبٍ واجِبَه غير مُقصِّر، ويأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقَّه لا يزيد.

أعيادنا يوم يتحرَّر المُحاصِرون من الظُّلم القائم، والحصار الظالم، والعداء المُتَراكِم، من الصَّديق قبل العدوِّ، ومن القَرِيب قبل البعيد، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله تعالى.

أعيادُنا يوم أنْ يتحرَّر الأقصى المبارك من بَراثِن اليهود، ومن بطْش اليهود، ومن ظُلم اليهود وغير اليهود.

أيُّها المسلمون، أأأنتم مأمورون بالفرحة، في هذا اليوم كنتم في طاعة وتنتقلون إلى أخرى، افرَحُوا ولكم الأجرُ؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

فاجعَلُوا هذه الأيَّام أيامَ العيد فرحًا لا ترحًا، أيَّامَ اتِّفاق لا اختلاف، أيَّامَ سعادةٍ لا شَقاء، أيَّام حب وصَفاء، لا بَغضاء ولا شَحناء، تسامَحُوا وتَصافَحُوا، توادُّوا وتحابُّوا، تَعاوَنُوا على البرِّ والتَّقوى، لا على الإثم والعُدوان، صِلُوا الأرحام، وارحَمُوا الأيتام، تخلَّقوا بأخلاق الإسلام.

اللهم تقبَّل مِنَّا واقبلنا، واجعلنا من المقبولين،
اللهمَّ ارزُقنا الإخلاصَ في القول والعمل، ولا تجعَل الدنيا أكبَر همِّنا، ولا مَبلَغ علمنا،
ولاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك ولايرحمنا
ياعزيزياغفار.
ال
: ((مَن أُعطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفقِ فَقَد أُعطِيَ حَظَّهُ مِن الخَيرِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسنُ الجِوَارِ أَو حُسنُ الخُلُقِ يَعمُرَانِ الدِّيَارَ وَيَزِيدَانِ في الأَعمَارِ))، رواه أحمد وصححه الألباني.

هذه، وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك ربكم.
🎤
خطبة.عيد.الأضحى.المبارك.cc
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الاستفتاح بما تيسّر
ثــــم أمّــــا بــــعــــــــــــد:
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا
وسبحان الله بكرة وأصيلاً.


لكَ الحمدُ يا رب لكَ الحمد
أنتَ الفرد الواحد الصّمد، المُنزّهُ عن الشريكِ والصّاحبة والولد، رافعِ السّماء بغير عمد، ومُجْرِي السّحابِ بغير صفد، سبحانَكَ سُبحانَكَ ما أعظم شانك! وما أعلَى مكانَك! وما أنطَقَ بالصّدق برهانَكْ! ؛ تعالَيت في ارتفاعِ شأنِكَ عن أن ينْفُذَ فيكَ حُكْمُ التّغيِير، وأتقَنْتَ إنشاءَ البرايا فأحْكَمْتَهَا بلُطْفِ التّدبير والتّقدير، خضعت لكَ رقابُ الصّعاب في محلّ تُخُومِ قرارها، وأذعنت لكَ رواصن الأسبابِ في منتهَى شواهق أقطَارِهَا..

يا من لا يُوَارِي منه ليلٌ داجْ، ولا سماءُ ذاتُ أبراجْ، ولا حُجُبٌ ذات أرتاجْ، ولا مَا في قَعْرِ بحرٍ عجّاج ؛كفى بإتقان الصّنع لكَ آية، وبتركيب الطّبعِ عليكَ دِلالة، وبإحكام الصّنعة عليكَ عِبرة، فليس إليكَ حَدٌّ منسوب، ولا لكَ مَثَلٌ مضروب، ولا شيءَ عنكَ بمحجوب، لا إلهَ إلاّ أنتَ سبحانَك،ـ ما أعظم شأنك! وأعلَى مكانَك! وأنطَقَ بالصّدق برهانَكْ!

حاشا أن نُحصيَ عليكَ ثناءً فأنتَ كما أثنَيتَ على نفسِك، عظُمَ حِلمُكَ عن إحصاء المحصين، وجلّ طولك عن وصف الواصفين، خلقتنَا من نطفةٍ بقُدرتِك، وربّيتنا بطَيّبِ رزقك، وأنشأتنا في تواتر نِعَمِك، ومكّنت لنا في مهادِ أرضك، وأكرمتنا بمعرفتك، وأطلقت ألسِنتنَا بشكرك، وهديتنَا السّبيل إلى طاعتك.. فلكَ الحمدُ كلُّ الحمدْ..!

الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً..
عبادَ الله : اعلموا - حفظكم الله- أنَّ أسعدَ النّاسِ من رضيَ الإسلامَ دينَا، والإيمانَ يقينَا، والعملَ الصَّالحَ صراطًا مستقيمَا، ذاكَ هو الفلاحُ والفوزُ والرشاد، من استمسك بالإسلام فقد أخذ بالحبل المتين والعروة الوثقى، ومن أعرض عنه أبعده اللهُ وقلاه، ومن ابتغى العزَّةَ في غير دينِ اللهِ أذَلَّهُ الله، تلك سنَّةُ الله في الأوَّلين والآخرين، ولن تجد لسنَّة الله تبديلاَ، قال اللهُ تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين ﴾ [آل عمران:85].وقال سبحانه: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123 - 124].

ثمَّ إنَّ من أجملِ خصائصِ هذا الدّينِ العظِيمِ أنّهُ يُرتّبُ الناسَ وفقَ الحقائقِ والبراهين لا على حَسَبِ النّسَبِ والأشكالِ والعناوِين، فلا فضلَ عندَ اللهِ لعربيٍّ على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، ولا لطويل على قصير، ولا لغنيّ على فقير إلا بالتقوى، دِينٌ عظيمٌ قيّمٌ الناسُ فيهِ كلُّهم أمام التصنيفِ والتكليف والحساب سواء، لا ينفعُهُم يومَ القيامَةِ مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وبرهن عليه بالتقوى والعمل الصالح، قال- صلى الله عليه وسلم - في خطبة الوداع يعلنُ عن هذا المبدأ العظيم:" يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ألا هل بلغت " (صحيح الترغيب 2963). قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبَيَّةَ الجاهلية وتعاظُمَهَا بآبائها، فالناس رجلان: رجل بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب "(صحيح الجامع: 7867). ‌

الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً..


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً..
معشر المؤمنين: أعظمُ حدَثٍ تشهدُهُ الأرض في هذا اليومِ السعيدِ إظهارُ توحيدِ الله تعالى وإفْرَادُهُ بالعبوديَّة والقصدِ والتوجُّهِ، وتعميمُ ذلكَ على الأرضِ كُلّها، من مركزِها " مكَّةَ " إلى أطرافها.

و لئن فاتنا شرف ما فيهِ الحُجّاجُ من طواف وسعي وإحرام فقد شرع الله لنا صيام يوم عرفة، وجعله كفارَةً لسنتين، وشرع لنا تكبيرَهُ في هذه الأيام في كل وقت وأدبارِ الصلواتِ إلى آخر يوم من أيام التشريق، وشرع لنا هذه الصلاةَ العظيمَةَ في هذا اليوم المبارك، وشرع لنا عقبها الخطبةَ للتعليمِ والتعظيم والتذكير، وشرعَ لنا التقرب إليه سبحانه بالأضاحي والصدقات ..

هذا اليومُ السعيدُ العظيمُ عيدٌ للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، سمّاهُ اللهُ في القرآن الكريم بيوم " الحج الأكبر" لأنَّ الحجاجَ يؤدون فيه مُعظم مناسك الحج: يرمون الجمرة الكبرى، ويذبحون الهدايا لله تعالى، ويحلقون رؤوسهم ويقصرون، ويطوفون بالبيت، ويسعون بين الصفا والمروة.. فهذا اليومُ لهُ منزلته عند الله وقدرُه ؛ فأكثروا فيه من ذكر الله وشكره والثناء عليه،كب
روا الله - عز وجل - في هذا اليوم تكبيرًا ظاهرًا مسموعًا وفي الأيام المعدودات التي بعده فقد نزل فيها قول الله تعالى:﴿ واذكروا اللهَ في أيامٍ مَعْدُودَات ﴾ [البقرة: 203].

الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً..

معشر المؤمنين: أوصيكم ونفسي بتقوى الله جلّ في علاه: فاتَّقوا الله في العُسرِ واليُسرِ والمنشطِ والمكرَهِ والغيبِ والشهادةِ تَفُوزوا بالْحُسنى وَزِيَادَةٍ، اجعلوا اللهَ سبحانه ذُخرَكُمْ وملجأكم، ومقصِدَكم ومفزَعكم، وأحِبُّوهُ من سويدَاءِ قلوبِكُم سبحانَهُ وتعلّقُوا به فإنّهُ محضُ الإيمان، ومن تعلَّق به سبحانه كفاه، ومن اعتمد عليه وقاه، ومن لجأ إليه حفِظَه وتولاَّه!.

هذا أوصيكم ونفسي بصُحبةِ القُرآن العظيم وحُبّهِ وتعظِيمِه وعدم هجرِه أو تعريضِهِ للنسيان، فَإِنَّهُ نور بالليل المظلم، وهدًى بالنهار، هو حَبلُ اللهِ المَتِين، وَصِرَاطُهُ المُستَقِيم، مَن تَمَسَّكَ بِهِ نجا، وَمَن حَادَ عَنهُ غَوَى، وَمَنِ ابتَغَى الهُدَى في غَيرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ.

وأوصيكُم بنبيّنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم خيرًا، أحِبُّوهُ من سويدَاءِ قلوبِكُم ووقّروه، وليحمِلكُم حُبُّهُ على حُسنِ الاقتداءِ به وتعظيمِ سُنّتِه وهديِهِ، وطاعةِ أمرِهِ وتركِ نهيِهِ، فهو محضُ الإيمان، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يؤمن أحدكم حتى أكــون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين " رواه البخاري ومسلم.

وقال أيضاً:" والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إلـيـه من والده وولده " رواه البخاري.

و أوصيكُم ونفسِي بأصحابِ محمّدٍ صلى الله عليه وسلم خيرًا، وزوجاتهِ أمَّهات المؤمنين وآل بيتِهِ الطّاهرين، فهم قُدوتنا وأسوتنا، وقد شهدَ اللهُ لهم بالبلاءِ الحَسَنِ في الله وبالفوز والفلاح فقال سبحانه: ﴿ لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة:88]. وأثنَى الله عليهم وعلى من اتّبعهم بإحسانٍ فقال: ﴿ والسَّابِقُون الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رضي اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100] فاعرِفوا لهم حقَّهم، واحذروا مُبغِضَهم، وتمسَّكوا بهديهم، فإنَّهم على الصراط المستقيم.

وعليكُم أحبّتِي بإدامَةِ الطاعات، والاستقامَةِ على الخيرات، والمحافظة على الصلوات، والثباتِ على طاعةِ الله حتّى تلقَوهُ وهو سبحانهُ راضٍ عنكم، وإذا لم تنفعوا فلا تَضُرّوا وإذا لم تُصلِحوا فلا تُفْسِدوا وإذا لم تَبْنُوا فلا تهدِموا..

وإيّاكُم والتراجُعَ أو التبديلَ أو التلوّن فإنّ لقاءَ اللهِ حق، ودينَهُ واحد، وطعمَ الموتِ واحد، وواللهِ لا فاقة بعد الجنة، ولا غِنَى بعد النار، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، وما عندَ الله خيرٌ وأبقَى للذين يتّقُون..

هذا - معشر المؤمنين - وأَفشُوا السَّلامَ وَأَطعِمُوا الطَّعَام، وَتَصَافَحُوا وَتَصَالَحُوا، وَلِينُوا، وَتَوَاضَعُوا، وَتَبَسَّمُوا، وَتَرَاحَمُوا، وَاحفَظُوا حَقَّ الجِوَار، عودوا المريض، وصِلوا الرَّحِم، وأطعِموا الجائع، وأعطوا الفقير، ووفُّوا للنّاسِ حقوقَهُم وأموالَهُم وأعطُوا حقّ الأجير، واحنُوا على الوالدين، وأحسِنوا إليهما خاصّةً عند الكِبَر، واستوصوا بالنساء خيرًا فقد أوصَى بهنّ محمّدٌ صلى الله عليه وسلم.

الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً..

أيها الإخوةُ في الله: إذا رجعتم إلى البيوت فاذبحوا هداياكم باسم الله تعالى بنيَّة خالصة صادقة، ولا تنسَوا اليتيمَ والفقير، واسألوا الله الكريمَ قَبُول الأقوال والأعمال، فإنّ أسعدَ الناسِ بالعيدِ من قَبِلَ اللهُ منه الكَلِمَ الطيّبَ والعملَ الصالح. هذا ونسأل اللهَ العظيم التوفيق للخيراتْ، والسَّلامةَ من المُنكراتْ، والتَّحقُّقَ بالصِّفاتِ الصَّالحاتْ..

الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً..

اللهم أعد علينا هذا العيد بالبر والإيمان، ووفقنا لمتابعة الإحسان،ويسر لنا طريق الهداية والإيمان. . اللهم تقبل منا صلاتنا ونسكنا، واغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين ...

اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَانا فِي نفوسِنا، وَ الْيَقِينَ فِي قَلوبنا، وَ الْإِخْلَاصَ فِي أعمالنا، وَ النُّورَ فِي أبصارِنا، وَ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِنا، وَ مَتِّعْنا بِجَوَارِحِنا، وَ اجْعَلْ سَمْعنا وَ أبصارنا الْوَارِثَيْنِ مِنّا، وَ انْصُرْنا عَلَى مَنْ ظَلَمَنا، وَ أَقِرَّ بِذَلِكَ أعيُنَنَا يا كريم..!

معشر المؤمنين: تقبل الله مني ومنكم، وسب
🎤
خطبـة.الجمعـة.ليوم.النحر.cc
بعنوان : نعمة تسخير بهيمة الأنعام
للشيخ/ فيصـل بن عبـدالله الــبرغــش
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
إنّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له، أسبغ علينا نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً، وأشهد أنَّ نبينا محمّدًا عبدُه ورسوله وصفيه وخليله، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أمـــا بعـــد:
فاتقوا الله عبادَ الله، واستقيموا على طاعته، واتبعوا نهج نبيه صلى الله عليه وسلم، واقبلوا وصيتَه إذ قال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

عبادَ الله..!
هنيئًا لكم هذا العيد العظيم، هنيئًا لكم هذه الأيام المباركة، أسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلها مباركة علي وعليكم وعلى جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها..

أيها المسلمون..!
منن الله على عباده لا تحصر، ألا وإن من أعظمها تجليًا في هذه الأيام المباركة التي يُتقرب إلى الله فيها بذبح الأضاحي نعمةَ تسخير بهيمة الأنعام للإنسان، هذه النعمة الكبيرة التي يغفُل كثيرٌ من الناس عن التدبر فيها واستشعارها مع ملامستهم لها في واقعهم ووصية الله لهم بتذكرها وشكرها لاسيما في هذه الأيام، فمع عظيم خلقها وما وهبها الله من قوة تنقادُ للإنسان فيذبحها وينتفع بلحمها وجلدها؛ قال تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28]، وليست نعمة الله بتسخير بهيمة الأنعام محصورةً في الانتفاع بلحومها، بل إنَّ لله تعالى على عباده في بهيمة الأنعام نعمًا كثيرة، قد عدَّد بعضَها في مواضعَ من القرآن كما قال سبحانه: ﴿ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [النحل: 5-7]. وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفُلْكِ تُحْمَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 21-22]، ففي هذه الأنعام فوائد عدة للإنسان؛ فله من جلودها بيوت، ومن أصوافها لباس، ويتغذى بأكل لحمها، وشُرب لبنها، ويستخدمها في الركوب وحمل الأثقال ويتخذها في الزينة.

ومن الأمور التي انبهر أمامها العلم الحديث: خروج اللبن من ضروع الأنعام مستخلصًا من بين فرث ودم، فبعد امتصاص الأمعاء للعصارة الهضمية تختلط بالدم وتسير معه وتذهب إلى كل خلية في الجسم، فإذا صارت إلى غدد اللبن في الضرع تحولت إلى لبن ببديع صنع الله الذي أتقن كل شيء؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ ﴾ [النحل: 66].

وإن الناظر إلى الأنعام وأشكالها، وصورها وأوجه تسخيرها للإنسان ليعجبُ من حكمة خلقها، وعظمة خالقها ومصورها الذي لم يخلقها إلا بعلم محيط بجميع منافعها، وهذا كله يوجب على الإنسان أن يعرف ربه ويعبده وحده حق العبادة.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهدُ أن لا إله الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُه ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أمـــا بعـــد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحمدوه على ما هداكم، واشكروه على ما أعطاكم؛ هداكم للإيمان، وعلمكم الشرائع والأحكام، وفرض عليكم ما يصلحكم في الحال والمعاد..

معاشرَ المسلمين..!
غدًا تستقبلون أولَ أيام التشريق الثلاثة، وهي الأيام المعدودات التي أمرنا الله تعالى بذكره فيها، وهي أيام لها فضلها وقدرها، ويحرم صومها، فعظموها وأكثروا من ذكر الله فيها لا سيما بالتكبير المقيد في أدبار الصلوات؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أَيَّامُ التَّشرِيقِ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ))، رَوَاهُ مُسلِمٌ.

عباد الله..!
أيامُ الأعياد فرصة لصلة الأرحام والتواصل بين الأصحاب والإخوان، فرصة لتطهير القلوب من الشحناء والضغينة والتقرب إلى الله بالعفو والصفح عن كل من أساء إليك ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾، و((مَن تَرَكَ شَيئًا للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيرًا مِنهُ))، قال عليه الصلاة والسلام
🕋🕋🕋🕋🕋🕋🕋🕋

🎤خطبة عيد الأضحى 🎤

📖بعنوان الإيمان📖

مختصرةمن خطبة

👳🏻د عبد الرحمن السديس إمام الحرم




📜الخطبة الأولى

اما بعد:

عباد الله :-
أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فإن تقواه سبحانه وصيته للأوائل والأواخر، بها تسمو الضمائر وترق المشاعر، وتقبل الشعائر، وبها النجاة يوم تبلى السرائر، يقول عز وجل: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـٰكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ[النساء:131].
عباد الله، اشكروا الله جل وعلا أن بلّغكم هذا اليوم العظيم وهذا الموسم الكريم، واعلموا ـ
رحمكم الله ـ أن يومكم هذا يوم مبارك، رفع الله قدره، وأعلى ذكره وسماه يوم الحج الأكبر، وجعله عيداً للمسلمين حجاجاً ومقيمين، فيه ينتظم عقد الحجيج على صعيد منى بعد أن وقفوا بعرفة وباتوا بمزدلفة، في هذا اليوم المبارك يتقرب المسلمون إلى ربهم بذبح ضحاياهم اتباعاً لسنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وقد أمر الله خليله بذبح ابنه وفلذة كبده فامتثل وسلّم، ولكن الله سبحانه بفضله ورحمته افتداه بذبح عظيم، فكانت ملة إبراهيمية جارية وسنة محمدية سارية عملها المصطفى ، ورغّب فيها في الصحيحين أنه ضحّى بكبشين أقرنين أصلحين ذبحهما بيده وسمّى وكبر.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
معاشر المسلمين، الأضاحي شعيرة عظيمة وسنة قويمة قد ورد الفضل العظيم لمن أحياها، في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بأضلافها وقرونها وأشعارها، وإن الدم ليضع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة وبكل صوفة حسنة فطيبوا بها نفساً))[1] رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه.
ومما ينبغي أن يُعلم ـ رحمكم الله ـ أن للأضحية شروطاً ثلاثة:
الأول: بلوغ السن المعتبر شرعاً، وهو خمس سنوات في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في الماعز، وستة أشهر في الضأن.
الثاني: أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع من ذبحها، وقد بين صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أربعٌ لا تجزئ في الأضاحي العرجاء البيّن ضلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء ـ وهي الهزيلة التي لا تنقي))[2] خرّجه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
الثالث: أن تذبح الأضحية في الوقت المحدد شرعاً ويبدأ بعد الفراغ من صلاة العيد وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق، والأفضل في يوم العيد نهاراً ولا بأس في الذبح ليلاً، وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أنه قال: (كان الرجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يُضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته)[3].
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الإخوة المضحون، إن للأضحية آداباً ينبغي مراعاتها منها: التسمية والتكبير، ومنها: الإحسان في الذبح بحد الشفرة وإراحة الذبيحة والرفق بها وإضجاعها على جنبها الأيسر متجهة إلى القبلة، والسنة أن يوزعها أثلاثاً فيأكل ثلثاً ويهدي ثلثاً ويتصدق بثلث وأن يتولى ذبحها بنفسه أو يحضرها عند الذبح ولا يعطي جازرها أجرته منها، فلا تحرموا أنفسكم ثواب الله وفضله في هذه الأيام المباركة، وضحوا عن أنفسكم وأهليكم وأولادكم تقبّل الله ضحاياكم وتقربوا إلى الله بالعج والثج يقول عز وجل: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162، 163]، ويقول عز وجل: فَصَلّ لِرَبّكَ وَٱنْحَرْ [الكوثر:2]، ويقول جل وعلا: لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ [الحج:37].
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
إخوة الإيمان، يُعد هذا الاجتماع المهيب في هذا اليوم العظيم بآثاره الحميدة وحكمه السامية مظهراً من مظاهر الوحدة الإسلامية إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ [الأنبياء:92]، ومعلماً من معالم الإخوة الإيمانية التي جاء بها هذا الدين الإسلامي الحنيف الذي أكمله الله وأتمه للبشرية ورضيه لها ديناً فلا يقبل الله من أحدٍ ديناً سواه وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ [آل عمران:85].

لقد جاءت هذه الاشريعة الغراء فأشرقت على أصقاع معمورة بأنوار الإيمان ورفرفت على أرجائها رايات العز والأمن والاطمئنان بعد أن كانت البشرية غارقة في أوحال الشرك والوثنية ومستنقعات الرذيلة والإباحية وأودية البغي والظل
م والجاهلية، فحمل المصطفى راية الدعوة إلى الحنيفية السمحة فأخرج الله الناس من الظلمات إلى النور، وكانت دعوته عليه الصلاة والسلام مرتكزة على أهم قضية اطلاقاً وأصل القضايا اتفاقاً تلكم هي قضية العقيدة وتوحيد الله عز وجل في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، فلا إله غيره ولا رب للناس سواه وفي ذلك أنزلت الكتب وأرسلت الرسل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ[الأنبياء:25]، ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَـٰطِلُ [لقمان:30].

إخوة العقيدة، وإذا كانت قضايا الاعتقاد من الثوابت والمسلَّمات فإنه مع طول الأمد وحصول التخلف المزري لدى شرائح كثيرة في الأمة صحب ذلك جهل ذريع لكثير من الحقائق العقدية المسلّمة حدث نوع من الغفلة أو قل التغفيل دفعتها عمليات التزييف للحقائق تحت ستار مسميّات معسولة، وكان من نتيجة ذلك تمرير بعض الصور الشركية وتزويق بعض النصوص البدعية بل والمجادلة والمماحكة لإلباسها لباس الدين. والدين منها براء، ولعل ما أحدث حول القبور والأضرحة والمشاهد من أوضح النماذج على هذا التزييف الذي أصاب الأمة في أعز مقوماتها وهو عقيدتها وتوحيدها لربها فحق أن نذرف الدموع الساخنة الحراء على عقيدتنا الغراء ونحن نرى سوق الأوهام تنخر في كيان الأمة العقدي وفسطاط القبورية والخرافة يكاد يغطي بعض عقول أهل الديانة فالله المستعان.
إخوة الإسلام، وتمر القرون وتتابع السنون وتعيش أمة الإسلام في أوضاعها بين مد وجزر ولا يزال ولله الحمد والمنة في كل الأعصار والأمصار من هو قائم لله بحجته ومنافح عن دينه وملته واليوم ترسو سفينة الأمة على شاطئ عالمنا المعاصر حيث علا طوفان الافتتان بالحضارة الغربية، وطغى تيار الحياة المادية فانبهر كثير من بني جلدتنا ومن يتكلمون بألستنا بما عليه ظاهر القول وأصيب كثير من أرباب الفكر والثقافة وحملة الأقلام ورجال الإعلام بانهزامية فكرية وخلقية وثقافية فأثروا على الرعاع وخدعوا الدهماء بزخرف القول وقشور التقدمية المزعومة والمدنية الزائفة، وبعد فترة من الصراع بين الحضارة الإسلامية والمادية أيقن الناس بعدها بإفلاس حضارة المادة وتعرّت الشعارات الجوفاء وأفلست النظريات الزائفة وشعر العالم لا سيما المتصفون بالحاجة إلى دين حق يهذِّب النفوس ويُزكي الضماء ويضبط الأخلاق والسلوك ونمت ولله الحمد والمنة توجيهات إسلامية عالمية ستحيد بإذن الله للأمة المفقود من أمجادها والمنشود من عزها والمعقود من آمالها فانتشرت المراكز الإسلامية وكثرت الصروح العلمية الحضارية التي تعد معاقل خير وهداية وصروح أشعاع إصلاح وجسوراً للتواصل بين حضارة الإسلام وغيرها، ومع هذه البشائر فإن هناك من يريد إقفال الستار على عقول أبناء هذه الأمة لتتمكن خفافيش وأدعياء الحضارة من التسلل في ليل حالك لترتفع ألسنة لهيب المفتونين لحماية هذا العفن والدفاع عنه والدعوة إليه بدعاوي مزركشة وأقوال مزخرفة وألبسةٍ فاتنة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب يركبون مطايا من الموضات، ويتزينون بأشكالٍ من التقليعات في سماجة خلقية وسذاجة فكرية فكان لابد من كشف ستورها وإخراج مغمورها وإماطة اللثام والعمل على إشعاع النور في الظلام ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

امة الإسلام، إن المرحلة الحرجة التي يمر بها العالم الإسلامي اليوم مرحلة خطيرة
لا منفذ منها إلا الاستمساك بحبل الله ولن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، يجب أن يعرض الإسلام عرضاً صحيحاً على منهج سلف هذه الأمة بلا غلو ولا جفاء ولا تنازل عن شيء من مبادئنا أو قيمنا، نعم للاستفادة من معطيات العولمة لتصحيح صورة الإسلام في العالم وبيان محاسنه السامية ومبادئه العادلة ولا وألف لا لدعوات الانفتاح الفجّة على حساب المبادئ والقيم ولا لدعوات العصرية المنفلتة من الثوابت والأصالة، ولا لإخضاع العقل السليم، ولا لإخضاع النقل السليم لرغبات العقل السقيم.

أيها المسلمون، يجب أن نعلم أنه لا عز لنا إلا بالإسلام، وإذا تنازلنا عن شرع ومبادئنا وقيمنا فإنها الانهزامية لا محالة، نعم لعرض الإسلام والدعوة إليه على كل صعيد وبكل وسيلة ولا للحوار الحضاري مع الشرق أو مع الغرب إذا كان تميعاً وتنازلاً وانهزامية، ولله العز ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمونوكان الله في عون العاملين لنصرة دينهم وأمتهم ومجتمعاتهم وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

بارك الله لي ولكم في الوحيين ونفعني وإياكم بهدي سيد الثقلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو البر الرحيم.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌?
2024/09/25 09:15:46
Back to Top
HTML Embed Code: