Telegram Web Link
ه مسلم في صحيحه.
ويَرى الشيطان هذا

العَطاءَ الإلهيَّ المنسكب على أهل الموقف، فيصغر شأنُه، ويندَحِر أمرُه، ويَزداد حَقارةً إلى حَقارته.
عباد الله! لقد أمرنا نبينا –صلى الله عليه وسلم- وحضنا، ورغبنا وحثنا على تعجيل الحج، وحذرنا من التهوان فيه: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله -عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ". رواه أحمد، وصححه الألباني. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْفَضْلِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الرَّاحِلَةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ". رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استمتعوا بهذا البيت، فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة". رواه البزار، والطبراني في الكبير، وابن خزيمة وابن حبان، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وصححه الألباني. وقال ابن خزيمة: قوله: "ويرفع في الثالثة" يريد بعد الثالثة. وفي الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ". والسُّوَيْقَتَيْنِ: تَثْنِيَة سُوَيْقَة، وَهِيَ تَصْغِير سَاقَ، أَيْ لَهُ سَاقَانِ دَقِيقَانِ.

وروى البيهقي بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كان له جدةٌ ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين)

فحجوا عباد الله قبل ألا تحجوا، قبل أن تخرب الكعبة، ويرفع البيت الحرام. حجوا قبل أن توافيكم المنية، ويقبض أرواحكم رب البرية. فبادروا بصالح العمل، قبل أن يوافيكم الأجل، واحذروا طول الأمل، فالعمر يمضي على عجل.

فيا من صحح الله لكم أجسادكم، وملككم الزاد والراحلة، ولم تحجوا حجة الإسلام بعد! حجوا قبل ألا تحجوا، حجوا قبل أن تخرب الكعبة، واستمتعوا باليت قبل أن يرفع، حجوا قبل أن ينزل بساحتكم الموت، حجوا قبل ان يأتيكم الفوت.

فالصحيح أن الحج واجب على الفور على من كان مستطيعا، قال ابن قدامة -رحمه الله- في (المغني): من وجب عليه الحج, وأمكنه فعله, وجب عليه على الفور, ولم يجز له تأخيره. وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ...} (آل عمران: 97). والأمر على الفور، ومعنى أن الأمر على الفور: أنه يجب على المكلف فعل المأمور به بمجرد التمكن من فعله، ولا يجوز له تأخيره من غير عذر. فهذا لمن لم يحج حجة الإسلام.

وأما من حج قبل، فدونه قولَ النبي صلى الله عليه وسلم: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ".

وعن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله تعالى: {إن عبدا صححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة يمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم} رواه ابن حبان وغيره، وصححه الألباني.

وكان السلف الصالح يتابعون بين الحج والعمرة، فقد حج ابن المسيب: أربعين حجة. وحج الحسين بن علي -رضي الله عنهما- خمساً وعشرين حجة ماشياً.
وحج أبو داود ستين حجة. وحج أبو محمد عبد الملك الأنصاري سبعاً وسبعين حجة.
وقَالَ الحسنُ بنُ عمران ابن أخي سفيان بن عيينة: حججتُ مع عمي سفيان آخر حجة حجَّها سنة سبع وتسعين ومائة، فلمَّا كنا بجمع وصلى استلقى على فراشه، ثم قَالَ: قد وافيتُ
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❃ الخميس ❃
٢٦/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
20/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

‌‏(عَلَّمَ القرآن◇خلق الإنسان)
قدّم نعمة تعليم القرآن على
نعمة الخلق،
فتعلمك للقرآن نعمة أعظم من
نعمة وجودك!...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح تعليم القرآن ...@
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚:
🎤
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
الـــرحـــمـــــــــة الـــمـــهـــــــــداة
للشيخ/ إبراهيم بن صالح العجلان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
مـــعـــاشــــــرَ المـــســـلمـــين :
الرحمة صفةٌ إلهية، نعَتَ الله بها نفسَه في مواضعَ من كتابه، فهو - سبحانه - رحمن رؤوف، غفور رحيم؛ بل أرحم الراحمين، وأخبر - سبحانه - عن نفسه بأنه واسع الرحمة، وأن رحمته وسعتْ كل شيء، وأنه خير الراحمين، وبالناس رؤوف رحيم.

وأعظم رحمة حظيتْ بها البشريةُ من ربِّها: إرسالُ نبي الرحمة والهدى محمدٍ صلى الله عليه وسلم قال - سبحانه - مبينًا هذه النعمة، وممتنًّا على عباده بها: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ فما من مخلوقٍ على هذه الأرض إلا وقد نال حظًّا من هذه الرحمة المهداة.

نالها المؤمن بهداية الله له، وأُعطِيها الكافر بتأخير العذاب عنه في الدنيا، وحصَّلها المنافق بالأمن من القتل، وجريان أحكام الإسلام في الدنيا عليه.

فجميع الخلق قد هنئوا وسعدوا برسالته - صلى الله عليه وسلم.

وإذا كانت بعثته - صلى الله عليه وسلم - ما هي إلا رحمة، فكيف كانت رحمةُ مَن هو في أصله رحمة؟! لقد تمثَّل نبي الهدى - صلى الله عليه وسلم - الرحمةَ في أكمل صُوَرها، وأعظم معانيها، ومظاهر رحمته - صلى الله عليه وسلم - قد حفلتْ بها سِيرتُه، وامتلأت بها شريعتُه.

فرحِم الصغيرَ والكبير، والقريب والبعيد، والعدو والصديق؛ بل شملت رحمته الحيوانَ والجماد، وما من سبيلٍ يوصل إلى رحمة الله، إلا جلاَّه لأمَّته، وحضَّهم على سلوكه، وما من طريق يبعد عن رحمة الله، إلا زجرهم عنها، وحذَّرهم منها؛ كل ذلك رحمةً بهم وشفقة عليهم.

وأسعد من حظي برحمته - صلى الله عليه وسلم - هم صحابته - رضي الله عنهم - فامتلأ قلبُه - صلى الله عليه وسلم - رحمةً بهم، وعطفًا عليهم، ولطفًا بهم، حتى شهد له ربه بقوله: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾، وبقوله: ﴿ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ﴾؛ بل إن الله - تعالى - قد علم من شفقة رسوله صلى الله عليه وسلم على صحابته ما جعله أَوْلَى بهم من أنفسهم، وحُكْمه فيهم مقدَّمًا على اختيارهم لأنفسهم؛ قال - تعالى -: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾.

إخوة الإيمان:
وأمَّته - صلى الله عليه وسلم - لم يَنسهم نبيُّ الرحمة من العطف والشفقة والرأفة، فقد كان همُّه - صلى الله عليه وسلم -: ((أمتي أمتي))، وكان دائمًا ما يقول: ((لولا أن أشقَّ على أمتي))، روى مسلم في صحيحه، عن عبدالله بن عمرو بن العاص: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا قول الله - عز وجل - في إبراهيمَ - عليه السلام -: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ومن عصاني فإنك غفور رحيم ﴾, وقال عيسى - عليه السلام -: ﴿ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾، فرفع يديه - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((اللهم أمتي أمتي))، وبكى - عليه الصلاة والسلام - فقال الله - عز وجل -: يا جبريل، اذهب إلى محمد - وربُّك أعلم - فسلْه: ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال الله - عز وجل -: يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنُرضيك في أمَّتك ولا نسُوءُك.

بل إن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قد جعل دعوتَه المستجابةَ لأمَّته ولأجل أمته؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لكل نبيٍّ دعوةٌ مستجابة، فتعجَّل كلُّ نبي دعوتَه، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فهي نائلةٌ - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا))؛ متفق عليه.

ومن رحمته بأمته أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يترك أحيانًا بعض السنن والمستحبات والأعمال الصالحات، وقلبُه معلَّقٌ بها، ما يتركها إلا خشيةَ أن تُفرَض على أمته، فلا يطيقونها، تقول أم المؤمنين عائشةُ - رضي الله عنها - الخبيرةُ بأموره: "إنْ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيدعُ العمل وهو يحب أن يعمل به؛ خشية أن يعمل به الناس، فيُفرض عليهم))؛ رواه البخاري في صحيحه.

بل بلغ من عطفه ولطفه بأمته، أنه كان يغضب من المسائل التي قد يترتَّب عليها تشريعٌ يشق على الناس، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: خطبَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج، فحُجوا))، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو قلتُ: نعم، لوجبتْ، ولما استطعتم))، ثم قال: ((ذروني ما تركتم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتُكم بشيء)).

عباد الله:
كانت الصلاة منتهى راحة النبي - صلى الله عليه وسلم - وغاية أُنسه، جُعلت قرَّة عينه في الصلاة، ومستراح قلبه ونفسه حينما يقف فيها بين يدي ربه، كان يحب إط
التَها، وكثرة المناجاة فيها، كان -

عليه الصلاة والسلام - يدخل الصلاة وهو يريد إطالتها، فيسمع بكاء الصبي، فيتجوَّز في صلاته؛ رحمةً ورأفة بأمِّه؛ لما يعلم من شدة وجْدها عليه.

كان - عليه الصلاة والسلام - يرحم أحوال البائسين، ويرأف بغربة المغتربين، ويكسوهم من الرفق والعطف ما لا يكسوه لغيرهم، قال مالك بن الحُوَيرث: أتينا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ونحن شبيبة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، حتى إذا ظنَّ أننا قد اشتقنا إلى أهلنا، سألنا عمَّن تركْنا من أهلنا، وكان رفيقًا رحيمًا بنا، فقال لنا: ((ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم وعلِّموهم ومروهم)).

أمَّا رأفته وتلطُّفه مع الصغار والأولاد، فقد ضرب أروع الأمثلة لِمَن بعده، وما عرَفتِ البشرية أحدًا أرأف بهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قال عنه خادمُه، والخبير بمدخله ومخرجه، أنسُ بن مالك - رضي الله عنه -: ما رأيت أحدًا أرحم بالعيال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيرى ابنه إبراهيمَ في سكرة الموت، وقد نازعته روحه، فجعلتْ عيناه تذرفان، فقال عبدالرحمن بن عوف متعجبًا: وأنت يا رسول الله؟! – يعني: تبكي - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا ابن عوف، إنها رحمة))، ثم أتبع دمعاته تلك بأخرى، وقال: ((إن العين لَتدمعُ، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربَّنا، وإنا لفراقك يا إبراهيمُ لمحزونون)).

كان - عليه الصلاة والسلام - كثيرًا ما يقبِّل الأطفال ويحملهم، ويلاعبهم ويُواسِيهم، ويمسح على رؤوسهم، رآه الأقرع بن حابس يقبِّل الحسنَ بن علي، فقال في جفاء: إن لي عشرة من الولد، ما قبَّلتُ واحدًا منهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه مَن لا يَرحم لا يُرحم)).

جاءت أم قيس بنت محصن بابنٍ لها صغير، لم يأكل الطعام، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - أجلسه في حجره، فبال الصبيُّ على ثوبه - صلى الله عليه وسلم - فلم يتذمر ولم يثرِّب؛ بل دعا بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسلْه.

رأى محمودَ بنَ الربيع وهو ابن خمس سنين، فجعل يمازحه ويمج الماء عليه.

وأحد أطفال الصحابة لما مات طائرُه الذي يلاعبه، جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يُمازِحه ويواسيه، ويقول: ((يا أبا عمير، ما فعل النغير؟)).

بل إن رحمته بالأطفال لم تفارقه حتى وهو في عبادته، صلَّى مرة بأصحابه وهو حاملٌ أمامةَ بنت زينب، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها.

صلى بأصحابه يومًا، فلما سجد، جاء الحسن أو الحسين فامتطى ظهره، فأطال السجود جدًّا، حتى إن أحد الصحابة رفع رأسه من السجود؛ قلقًا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته، سأله الناس عن هذه السجدة الطويلة، فقال: ((إن ابني هذا ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)).

كان - عليه الصلاة والسلام - ينكسر قلبه على اليتامى والأرامل والضعفة والمساكين، وكان دائمًا ما يُوصِي بهم، وبالعناية بشؤونهم، فقال: ((أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة - وأشار بالسبابة والوسطى)).
وقال أيضًا: ((الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله)).

قال سهل بن حنيف: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم، ويَعُود مرضاهم، ويشهد جنائزهم.

أما رحمته ورأفته بالنساء، فله معهن شأن - وأي شأن - فأوصى أمَّته بالإحسان إليهن، فقال: ((استوصوا بالنساء خيرًا))، وحرَّج على المسلمين حقهن، فقال: ((اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة)).

وكان يستمع لشكاوى النساء ويقضي حاجاتهن، وخصص لهن يومًا لأسئلتهن وحوائجهن؛ بل أبعدُ من ذلك أنَّ الأمَة من إماء أهل المدينة كانت تأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به حيث شاءتْ.

أمَّا مع أهله، فكان عطوفًا عليهم، خدومًا لهم، كان يكفي أهلَه بعضَ العمل، فكان يحلب الشاة، ويخيط الثوب، ويخصف النعل، ويخدم نفسه، وكان يقول: ((خيرُكم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)).

إخوة الإيمان:
هذه الرحمة المهداة شمِلتْ حتى العُصَاةَ والمقصرين ومَن وقعوا في الكبائر، كان يعالج أخطاء المذنبين بألين كلمة، وأرأف عبارة، ويسديهم من النصائح التي ملؤها الرحمةُ والشفقة، يغضُّ الطرف عن زلاَّت المخطئين وهفواتهم، حريصًا على الستر عليهم.

يأتي إليه ماعز بن مالك الأسلمي، فيعترف له بالزنا، فيقول له: ((لعلك قبَّلتَ، أو غمزت، أو نظرت)).

وتأتي إليه امرأة فتقرّ له بالزنا، فيُعرض عنها كأن لم يسمع كلامها.

وقال لأصحابه يومًا: ((اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمَن ألمَّ بشيء منها، فليستتر بستر الله، وليتبْ إلى الله – تعالى - فإنه مَن يُبدِ لنا صفحته نُقِم عليه كتاب الله تعالى))؛ رواه الإمام مالك في موطئه، وصححه الحاكم.

هذه الرحمة العالية، قد وسعتِ الكافرَ على كفره وعناده، يُضرَب أكرمُ الخلق عند الله، ويُبصَق في وجهه، ويُرمَى سلا الجزور على ظهره وهو ساجد، ويُخنَق بثوب حتى ضاقتْ
بذلك نفسه، ويُضرَب أصحابه، ويهانون

أمام ناظريه، فعرض عليه ربُّه إهلاكَهم، فقال في رحمة ورأفة وشفقة: ((بل أرجو أن يُخرِج الله من بين أصلابهم مَن يعبد الله وحده لا شريك له)).

وها هو رسول الرحمة - صلى الله عليه وسلم - عامَ فتح مكة يُقابِل أعداءه الذين طردوه وحارَبوه واتهموه في عقله، يُقابِلهم بالرحمة العظيمة التي مُلِئ بها قلبه، فيقول: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء))، وسمَّى ذلك اليوم بيوم المرحمة.

بل إن صاحب هذا القلب الرحيم، والنفس المشفقة كان يستوصي بالمشركين إذا وقعوا أُسارى بيد المسلمين، ها هو أبو عزيز بن عمير - أخو مصعب بن عمير - يحدثنا عمَّا رآه، فيقول: كنت في الأسرى يوم بدرٍ، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأصحابه: ((استوصوا بالأسارى خيرًا))، قال: وكنت في رهطٍ من الأنصار، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصُّوني بالخبز، وأكلوا التمر؛ لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم بنا.

وحينما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أسرى بني قريظة موقوفين في قيظ النهار تحت الشمس، قال: ((لا تجمعوا عليهم حرَّ هذا اليوم وحرَّ السلاح، قيلوهم حتى يبردوا)).

إخوة الإيمان:
لقد كانت حياة نبي الهدى تشعُّ رحمةً ورأفة بالبشرية جميعًا، فكانت تلك الرحمة ماثِلَةً في حياته جميعًا؛ في وقت الضعف والقوَّة، وإبان المنشط والمكره، ولجميع فئات الناس، فكان بذلك رحمة من الرحمن يرحم الله بها عباده، وصدق الله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إن ربي غفور رحيم.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
أما بعد - فيا عباد الله :
وتعدتْ رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني آدم حتى شملتِ البهائمَ والجمادات، فكان لها حظٌّ من هذه الرحمة الربانية، فمن رحمته صلى الله عليه وسلم بالبهائم: أنه نهى عن تصبيرها؛ وهو أن تحبس وتجعل هدفًا للرمي حتى تموت؛ إذ فيه تعذيب لها.

وأمَرَ بالإحسان إليها حتى في حال ذبحها، وقال له رجل: يا رسول الله، إني لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال: ((والشاة إن رحمتَها، رحمك الله))؛ رواه الإمام أحمد، وهو حديث صحيح.

ومرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ببعير قد لحق ظهره ببطنه من الجوع، فقال: ((اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة)).

بل إن الرحمة المهداة كان يتأثر من لهف البهيمة، ويرأف بحزنها وجزعها، وكان له تحنُّن إليها، وعطف عليها، رأى الصحابة حُمَّرة معها فرخان، (والحمَّرة نوع من العصافير أحمر اللون)، فأخذ الصحابة فرخَيها، فجعلت الحمرة تفرِّش جناحيها وترفرف، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبصرها، رقَّ لحالها وقال: ((من فجعَ هذه بولدها؟! ردُّوا ولدها إليها)).

بل أعجب من ذلك: أن هذه الجمادات الساكنة كان لها نصيب من الرحمة النبوية؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بأصحابه أول أمره على جذع نخلة، ثم بنى له الصحابةُ بعد ذلك منبرًا، فلمَّا صعد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أول مرَّة، حنَّ الجذع وبكى، حتى سمع الصحابة - رضي الله عنهم - صياحه، فنزل الرؤوف الرحيم من منبره وقطع خطبته، فضمَّ الجذع إليه، وجعل يُهدَّى كما يُهدى الصبي، حتى سكن، وقال: ((لو لم أعتنقه، لحنَّ إلى يوم القيامة)).

إخوة الإيمان:
ومع هذه الرحمة العظيمة، والرأفة المتناهية التي تحلى بها المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه كان يضع هذه الرحمة في موضعها اللائق بها؛ لئلا تتحوَّل تلكم الرحمة إلى عجز وضعف، فمع لينِه ولطفه، كان يعاتب بقسوةٍ أصحابَه على بعض الأخطاء، فقال لِمُعاذ بن جبل حينما أطال الصلاة جدًّا: ((أفتَّان أنت يا معاذ؟!)).

وقال لحِبِّه أسامة بن زيد حينما قتل رجلاً من المشركين متأولاً: ((أقتلتَه بعد أن قال: لا إله إلا الله؟!)).

وقاتلتْ هذه الرحمةُ من استحق القتال من اليهود والمشركين، وضَرب بسيفه في سبيل الله، وأمر بقتل جماعةٍ من المشركين وإن تعلقوا بأستار الكعبة.

ولم تأخُذْه رأفةٌ في دين الله، فرجم وجلد الزناة، وقطع يد السارق، وقتل المحاربين المرتدين، بعد أن قطع أيديَهم وأرجلهم من خلاف.

وأمر برضخ رأس يهودية؛ معاملةً لها بمثل صنيعها، وقتل اليهود وسبى ذراريهم وأخذ أموالهم، حينما نقضوا العهود والمواثيق.

فعلم من ذلك أن الجهاد في سبيل الله، وإقامة الحدود لا ينافي الرحمة؛ بل هي من الرحمة لعموم البشر.

فلسنا ممن يختصر الإسلام بدين التسامح والرأفة فقط، ولا ممن شوهوا الإسلام بالهمجية والإفساد، ونسوا أو تناسوا معالم الرحمة والإنسانية فيه، فدينُنا دينُ سلام ورحمة وإنسانية، ولكنه أيضًا دين جهاد، وذبٍّ عن الدين والعرض، والمال والأرض، ودين إقامة حدود: قتل ورجم، وقطع وجلد؛ لينقطع بذلك دابر المجرمين، وتنحسر جرائم المفسدين.

فاتقوا الله - أيها المسلمون - وعظِّموا شريعة ربكم، وخذوا بدينه كافة، واقتفوا
آثار نبيِّكم في حياته كلها، تكونوا
❅خطبة الجمعة القادمة ❅
٢٧/ شــــــ⑩ــــوال/ ١٤٣٨هـ
21/ يـوليــ⓻ـــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

الدفاع عن الأقصى عقيدة
أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله تعالى؛ فلقد كثرت ذنوبنا، وعظمت آثامنا؛ فكانت سبب ذلنا، وتسلط الأعداء علينا، واعتدائهم على مقدساتنا، وأذيتهم لإخواننا، فتوبوا إلى الله تعالى من ذنوبكم؛ كشفا لغمتكم، ونصرا لأمتكم، ورفعا لذلكم، وجلبا لنصر ربكم ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾[محمد: 7].
أيها الناس: الابتعاد عن منهج الله تعالى سبب للتخبط والضياع، وتعطيل شريعته عنوان الفشل والنزاع. والعرب أمة ما اجتمعت إلا في الإسلام، ولا يفرقها إلا تركه، ولا حلول لمشكلاتها إلا بشريعته. ولقد كان كافيا للأمة ما تجرعته خلال العقود الماضية من تجارب مخزية مرة، واستجلاب حلول مستوردة ما زادت المسلمين إلا ضعفا وذلا وتفرقا.
وقضية المسجد الأقصى هي القضية الفاضحة التي فضحت عجز المسلمين في هذا العصر عن حلها، وأبانت عن ذلهم وهوانهم على أعدائهم؛ إذ ظلوا نصف قرن وزيادة حتى يومنا هذا ألعوبة بين الدول الكبرى، والمنظمات الأممية، يتقاذفون قضيتهم كما يتقاذف الصبيان كرتهم!! وفي هذه الأيام تمنع الصلاة ويمنع الأذان في المسجد الأقصى، وليس هذا هو الاعتداء الأول على المسجد الأقصى؛ إذ سبقه اعتداءات كثيرة منذ الاحتلال هدفها النهائي: هدم مسجد المسلمين الذي أسس على التوحيد، وصلى فيه كل الأنبياء عليهم السلام، وتحويله إلى هيكل يهودي يبنى على الشعائر الشركية، والنبوءات الخرافية.
إن الأرض المباركة في الشام التي بوركت بالمسجد الأقصى لها تاريخ طويل من النزاع حول هذه البقعة، تقاتلت لأجله جيوش، وفنيت في سبيله أمم، وتنازع عليه أمة الحق وأمم الباطل منذ فتحه إلى يومنا هذا، والملاحم الكبرى في آخر الزمان ستكون في الأرض المباركة وفي أكناف بيت المقدس.
لقد كانت حادثة الإسراء والمعراج، وإمامة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام في المسجد الأقصى إعلانا بأحقية المسلمين بهذه الأرض المباركة؛ لأن دينهم هو دين الأنبياء عليهم السلام، والأرض المباركة هي أرض الأنبياء، فكان أتباع الأنبياء عليهم السلام أحق بها من أعداء الأنبياء عليهم السلام، وأعداء الأنبياء هم اليهود والنصارى، وكل من لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ ذلك أن كل الأنبياء عليهم السلام قد أقروا له بالرسالة، وصلوا خلفه، وأُخذ عليهم الميثاق لو بعث وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرونه ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[آل عمران: 81، 82].
فوصف الله تعالى من تولى عن الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم بالفسق، فهل يستحق أهل الفسق أن يبقوا في البلاد التي باركها الله تعالى؟!
ولأجل ذلك سعى المسلمون في السنوات الأولى من الخلافة لفتح بيت المقدس وتطهيره من رجس عبدة الصليب وشركهم، وسُيرت الجيوش للشام في عهد عمر رضي الله عنه، حتى سقطت في أيدي المسلمين، فسافر الخليفة من المدينة لاستلام مفاتيح الأرض المقدسة، ولم يُنِبْ عنه أحدا في هذه المهمة الجليلة؛ مما يدل على ميزة هذا الفتح عن غيره من الفتوح الإسلامية الكثيرة.
لقد فتحت في عهد عمر رضي الله عنه سوريا وهي عاصمة هرقل عظيم الروم، وأكبر دولة في الأرض آنذاك، وما سار الخليفة إليها لاستلامها رغم أهميتها آنذاك، وفتحت المدائن عاصمة الفرس، التي أشتُهرت بالحضارة والعمران، وامتلأت بالأموال والخيرات، وما سار الخليفة إليها بل نقلت نفائسها وكنوزها إليه في المدينة، وفتحت بلاد كثيرة ما خرج إليها الخليفة، ولكنه خرج إلى الأرض المقدسة، وصلى فيها، وعاد بعد أن استلمها وأدخلها في حظيرة الإسلام.
ولما انتزع الصليبيون بيت المقدس في القرن الخامس ما هنئ المسلمون بعيش حتى أعادوها على يد صلاح الدين رحمه الله تعالى بعد ما يقارب تسعين سنة من احتلالها.
وفي القرن الماضي حتى اللحظة بلغ ضعف المسلمين وتفرقهم مداه، في الوقت الذي تشكلت فيه المؤسسة الصهيونية الحديثة، وأخذت تطالب بعودة اليهود إلى الأرض المقدسة لإحياء النبوءات التوراتية المحرفة، وتآزرت في سبيل تحقيق هذا الهدف الخبيث الصهيونية النصرانية مع الصهيونية اليهودية، لمواجهة المسلمين، وانتزاع الأرض المقدسة منهم، وتم لهم ذلك؛ إذ دخلت جحافل المستعمرين من صهاينة النصارى بلاد الشام، وأخضعت الأرض المقدسة لانتدابها، وأبى قائدهم إلا أن يُفصح عن الهدف الديني الصهيوني لهذا الاستعمار حين قال (الآن انتهت الحروب الصليبية).
ووقف جنرال آخر على قبر صلاح الدين رحمه الله تعالى، وضرب الضريح بسيفه قائلاً: (أنا من أحفاد الصليبيين، فأين أحفادك يا صلاح الدين؟!).
ودخلت الأمة النجسة الأرض الطاهرة المقدسة، والمسجد الأقصى لا يزال تحت حكم المسلمين، وأشعلت الحروب تلو الحروب على هذا المسجد المبارك حتى كانت النكسة التي هزمت فيها جيوش العرب فدخل المسجد الأقصى تحت حكم الصهاينة وسيطرتهم لأول مرة في تاريخ المسلمين، وفرح اليهود بذلك أشد الفرح.
وفي ما يسمى بالنكبة قبل ثمان وستون سنة، وإبَّان إعلان اليهود عن قيام دولتهم في الأرض المباركة، وجعل القدس عاصمة لها؛ حاول الأنجاس هدم المسجد الأقصى فألقت عليه قواتهم خمسا وخمسين قنبلة ولكن الله تعالى سلم.
وفي ما يسمى بالنكسة قبل ما يقارب خمسين سنة قصف اليهود المسجد المبارك بمدافع الهاون ولكن الله تعالى حفظه.
وعقب ذلك قبل ثمانية وأربعون سنة أقدم السائح اليهودي مايكل دينيس على إحراق منبر صلاح الدين وأجزاء كبيرة من المسجد.
وقصة هدم المسجد الأقصى المبارك في العقلية اليهودية ترتبط في هذا العصر بثالوث خطير يقنعهم يوما بعد يوم بالاقتراب كثيرا من مخططهم الإجرامي لتحقيق النبوءات التوراتية، وأول أركان هذا الثالوث يتمثل في تسلط قوى الاستكبار العالمي على المسلمين وبلدانهم، ودعمها المطلق للمشاريع الصهيونية، مع عجز الدول الإسلامية عن إيقاف ذلك، وإشغالها بنفسها عن مقدسات المسلمين ومساجدهم.
وثاني أركان هذا الثالوث يتمثل في انتشار المدارس والمعاهد الدينية اليهودية التي تنفخ نار الأحقاد في قلوب اليهود على المسلمين وقدسهم.
وثالث أركان الثالوث يتمثل في توطين اليهود في الأرض المباركة؛ ليكونوا وسيلة لنزول المخلص، ومن ثم إبادة المسلمين عن بكرة أبيهم في هرمجدون حسب معتقداتهم.
حمى الله تعالى المسجد الأقصى والأرض المباركة، وسائر مساجد المسلمين ومقدساتهم من كيدهم ومكرهم، وردهم على أعقابهم خاسرين خائبين، إنه سميع قريب.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم...
الخطبة الثانية
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحذروا المعاصي فإنها سبب كل شر وبلاء وعذاب، وما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة؛ فتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
إنه مع مرور الأمة الإسلاميَّة بمراحل من الضعف والهوان، فإنها لم تمرَّ بمرحلة كما هي عليه اليوم؛ إذ سامها الذل من من ضربت عليهم الذلة والمسكنة، شرذمة من اليهود المغتصبين، تحوطهم عصابات من النصارى الحاقدين، بتعاون من أصحاب المصالح الخاصة والمنافقين، يدوسون الحِمَى ويدنسونه على حين غفلة من المسلمين، ويبالغون في إهانة المقدَّسات في زمن تفريط منهم في الدين.
عباد الله: قد يتساءل البعض لماذا الحديث عن المسجد الأقصى؟ اليس فينا ما يكفينا؟ نعم... إن ما يحصل لنا وللأمة اليوم، بسبب أننا ابتعدنا عن ديننا عن عقيدتنا، فاستطاع الأعداء نخر هذه الأمة، والعمل على تمزيقها، وإيجاد الصراعات بين المسلمين أنفسهم، لتنفيذ أهدافهم ومخططاتهم وإقامة دولتهم، وفي معتقدهم أنها لن تقوم حتى يهدم المسجد الأقصى، لأنهم يعلمون أن المسجد الأقصى يرتبط بالمسلمين ارتباط عقدي.
"يَجِب أن يَعيَ العرَب والمسلِمون أنَّ ارتِباطَهم بالمسجِد الأقْصى ليس ارتباطًا انفعاليًّا عابرًا، ولا موسِميًّا مؤقَّتًا، إنَّما ارتباطُهم به عقدي؛ لأنَّ حادثة الإسْراء من المعجزات، ولأنَّ المعجزات جزءٌ من العقيدة الإسلاميَّة؛ فارتباط المسلِمين بالمسجِد هو ارتِباطٌ عقدي".
وقد جاءت شريعة الإسلام بأعظم فروضها بعد التوحيد وهي (الصلاة) متوجَّهاً بها إلى بيت المقدس؛ فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس بمكة ثلاثة عشر عاماً.
وبعد الهجرة إلى المدينة أيضاً سبعة عشر شهرا؛ حتى نزل القرآنُ آمراً بالتوجه إلى المسجد الحرام، والذي ارتبط ارتباطاً أزلياً بالمسجد الأقصى. ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾[الإسراء: 1].
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله. أيُّ مسجدٍ وُضِعَ في الأرضِ أوَّل؟ قال: (المسجدُ الحرَام )، قلت: ثم أي؟ قال: (المسْجِد الأقْصَى)، قلت: كَمْ بينهما؟ قال: (أربعُونَ سنة) الحديث متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُشدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجِد: المسجدِ الحرام والمسجِدِ الأقصَى ومَسْجِدِي هذا)الحديث أخرجه البخاري ومسلم.
قال ابن تيمية -رحمه الله-:(بدأ الخلق والأمر من مكة المكرمة، وجعل الله بيت المقدس وما حوله محشرَ خلقِه؛ فإلى بيت المقدس يعود جميع الخلق وهناك يحشر الخلق؛ ولذا جاء في الحديث أنها (أرض المحشر والمنشر)؛ فهو البيت الذي عظمته الملل، وأكرمته الرسل، وتُليت فيه الكتبُ الأربعة المنـزلة من الله - عز وجل -: الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن)
أيها الإخوة الكرام:-إن فلسطين- تاريخاً وأرضاً ومقدساتٍ ومعالمَ- هي إرث
المسلمين، إرثٌ واجبُ القبول، متحتمُ الرعايةِ لازمُ الصون، إنه ليس خياراً يتردد فيه المترددون أو شأناً يتحير فيه المتحيرون؛ لهذا وذاك كان أكثرُ ما سُفِك من دماء المسلمين، وأضرى ما وقع من حروبهم على مر التاريخ حول تلك البقعة، وعلى ذلك الثرى، والدمُ الذي سكبه المسلمون أيام الحروب الماضية ولا يزالون لم يكن لينضَب وفي المسلمين أوردةٌ تنبِض.
فإن أهم واجب على الجميع هو إصلاح ما بينهم وبين الله بالتوبة والتقرُّب إليه بالطاعة، حتى تتغيَّر حالهم من ذُلٍّ إلى عز، ويتبدَّل وضعهم من ضَعف إلى قوة، ويصبح تفرُّقهم اجتماعًا، وتمزُّقهم إلفة واتِّحادًا، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾[الرعد: 11]،
فالواجب المتحتم- يا عباد الله- في زمن الجد والصراع؛ هو اليقظة والاجتماع، والعمل الجاد، والائتلاف وترك الخلاف.
لا يليق بأمة الإسلام أن تغرق في خلافاتٍ جانبية، ونظراتٍ إقليمية، أو أنانية؛ يجب أن تقدمَ مصالـحُ الأمة الكبرى على كل مصلحة فرعية، وأن تُسمَعَ نداءاتُ الحق والعدل، ومبادرات الحزم والعقل؛ بأن تطرحَ الخلافات، وتتوحَّدَ الأمة في وجه الأزمات: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾[آل عمران: 103].
وواجب لا يعذر أحد بتركه ولا التقصير فيه، وهو الإلحاح في الدعاء وكثرة التضرُّع إلى المولى أن ينصر المسلمين في القدس على أعدائهم، وأن يحفظ المسجد الأقصى من ظلم اليهود ويطهره من رجسهم، وأن يكفي المسلمين شرَّ أعوانهم وبطشهم وخيانتهم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾[المائدة: 51 - 52].
الدعاء.........
دا؏ــية لله:
📩 وصايا_هامة_جدا_لحفاظ_القرآن

💎 أيها الحافظ السائر في طريق الحفظ أنقلُ لك وصايا تعلمتها يوم أن كنتُ أحفظ.

📚 لا تيأس حينما تحفظ ويكون إسماعك ليس وفق جهدك الذي بذلت فهذا فضل خصّه الله لك
يُريد لك رفعةً به وزيادةً في الأجر.

📚 تأكد حينما تُسمِع المقطع أنك ستُسمعه كاملًا فأنت بذلت جُهدًا كبيرًا في حفظه والنظر إليه.

📚 اعلم أن جهدك الذي بذلته في الحفظ
لن يضيع يقول الله تعالى:
(...أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ...).

📚 ارخِ أعصابك وانسَ كلَّ شيء وأنت تُسمِع الآيات لاتخف فلا شيء يستحق الخوف أنت تحفظ لله.

📚 قد تواجهك صعوبة في حفظ الآيات
تذكر أنه كلام الله وأنك مأجور على كلِّ حرف
وبالصعوبة والمشقة يزداد أجرك.

📚 قد تتحرج من معلمك لأنك تبذل جهدًا
ولا يظهر في إسماعك إطمئن معلمك أعلم منك بهذا
فهو ماولد عالمًا بل مرَّ بكلِّ المراحل التي أنت تمرُّ بها الآن.

📚 لا تخجل حينما يكثر خطاؤك فأنت تتعلم حتى تُتقن ومن ثم تُعلم ولولا هذا الخطأ ماعرفت الصواب.

📚 كرر فالتكرارُ هو المعين بعد اللهِ على الضبط، وهناك فرق بين التكرار والضبط
أحدهما قد يقول : أنا كررت مرارًا لكن لمَ لم أضبط ؟
لا عليك أنت مع التكرار في طريق الضبط.

📚 قد تكرر سبعًا و عشرًا وعشرين وثلاثين ...
وأكثر لكن ربما لا تشعر بالفرق
لا بأس فعقلك الآن يأخذ نسخة صورية وسمعية للآيات ستعينك فيما بعد على الضبط.

📚 وحتى تتأكد من الذي قلتُه جرب أن تكرر مقطعًا حفظته عدة مرات ومقطعًا آخراً حفظته لكن لم تكرره سترى فرقًا واضحًا حينما تُراجع.

📚 اسرد على أحد من الناس
للسرد أهمية عظيمة حيث توضح ما خُفي عليك وتقلل من الربكة أثناء الإسماع
قد تسرد على نفسك ولكن لا تعلم أخطاءك
وإن لم تجد مَن تسرد عليه سجّل سردك تسجيلًا ثم اسمعه.

📚 السرد يعينك على الإسماع بطلاقة دون توقف لأنك تعتاد على السرد وتكون لك عادة طيّبة لك.

📚 وازن بين حفظ الآيات و أنت تحفظ
والمقطع الذي ترى فيه صعوبة كرره مراراً
حتى يرسخ.

📚 عود نفسك أنك في كلِّ يوم تحفظ سيتطور عندك الحفظ
وستنتقل من مرحلة إلى مرحلة أفضل.

📚 سيعتاد عقلك على الحفظ
وستحفظ بإذن الله مع الزمن بسهولة ويسر.

📚 لا تنس أن اللهَ يسرّ حفظ القرآن يقول تعالى :
{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ }

📚 إن كنت في أول الطريق
فاعلم أن الله سيُيسر لك ما تبقى منه.

📚 اعلم أنك ما سرتَ إلى هذا الطريق
إلا بتوفيق من الله.

📚 لاتنس أن القرآن سريع التفلت فإيّاك وترك المراجعة واتخذ لك صاحبًا يعينك على المراجعة.

📚 لاتقلق من النسيان هذا شيء طبيعي جدًا
لأن الحفظ الجديد يحل محل الحفظ القديم
وبمجرد مراجعتك للقديم ستتذكره بسهولة.

📚 إيَّاك والذنوب والمعاصي والعجب بالنفس
فهي سبب رئيسي لتفلت المحفوظ والعلم كله.

📚 إيّاك وتحقير نفسك والقول : أنا لا أستطيع الحفظ بل تستطيع لكن بالجد والصبر.

🍀 ختاما_ضع_نصب_عينيك :
🌹التكرار🌹السرد🌹المراجعة🌹

📚 واعلم أن اللهَ اختارك لتحفظ كتابه
بينما هناك من حُرم منه.‏

📚
إشــراقة الصبــاح :
رسولَ اللهِ فضْلُكَ ليس يُحصى
‏ وليس لِقَدرِكَ السامي فَناءُ ‏ ‏عَلَيكَ
صَلاةُ رَبِّي ما توالَتْ ‏دُهورٌ
أَو تَلا صُبْحاً مَساءُ
قال النبي ﷺ
"أكثروا من الصلاة عليّ ليلة الجمعة
ويوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة عليّ"

ربِ اغفرلي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات ،،،،
‏اللهم في ⁧ #يوم_الجمعة
‏اجعلنا ممن عفوت عنهم ، و غفرت لهم ، و حرمتهم على النار، و كتبت لهم الجنة ، نحن و والدينا و من نحب 💛
‏صلوا على محمد ﷺ
*إشراقة الصباح*
صباح يومٍ فضيل، نُسعد به بصلاةٍ على خيرِ الأنام، وبـ لذّة قراءة سورة الكهف، ودعواتٍ بإذن الله ستُجاب 📿.
☆ *أذكار الصباح*☆
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك

قال رسول الله ﷺ :”من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين”.
¤¤¤¤
سورة الكهف كاملة في صفحة واحدة :
http://t.co/bl1fbzcQVY
☀️☀️
🍃 *تدبرها*🍃
‏​​​​​‏​​​(عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ)
قدم نعمة تعليم القرآن
على نعمة الخلق
فتعلمك للقرآن نعمة
أعظم من نعمة وجودك
د/بلقاسم

*إشراقة*.
جعل الله جمعتكم غفراناً لزلات اسبوع مضى وفاتحة خير لأسبوع أتى

🔹 *همسة غالية*🔹
يوم الجمعه
‏للكَهفِ قَصَصُ جميلـَہُ ،
فَلا تَحرمُوا أنفسَّگم من لذةة قرآئتَها ♡..

🌷 *ومضة*
" إن الأعمال التي يُتعبك اليوم بذارها،
ويجهدك غدًا ريّها، ستكون لك حين
القطاف قُرة عين ولذة لا تنتهي.."

*سنن يوم الجمعة*
① الغسل
② الطيب
③ لبس الجميل
④ التبكير لصلاة الجمعة
⑤ قراءة سورة الكهف
⑥ السواك
➆ الدعاء والإكثار من الصلاة
على رسول الله ﷺ

وما الحياة إلا لحظات مغادرة
فاستثمروها *صلاة الضحى*

》 *وختااما*《
اللهم في يوم الجمعه أرزقـنا قلوب تتجلى بخشيتك ونعماً تدوم بفضلك وأرواحاً تهوى طاعتك ولساناً لايمل من ذكرك ،
*اللهم صل على نبينا محمد* 🍃
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•ﮩ
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❁ الجمــ☼ــعــة ❁
٢٧/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
21/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

في ‌‌‏يوم الجمعة ..
ذنوب تُغفر، حاجات تُقضى،
هبات تُعطى، أمنيات تتحقق..
فأسألوا اللّه من فضله ،،
واذكروا منْ تحبونهم بدعوة في ساعة استجابة..!...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح الخيرات واجابة الدعوات ...@
*إشراقة الصباح*
أنس الصباحات ذكرالله وشكره،
فكن لله ذاكرًا شاكرًا، تنل قربى ويزداد الخير خيرًا، قال الله ﷻ
﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾🎈
☆ *أذكار الصباح*☆
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك

تلاوة للقارىء:عبدالرحمن السلمي
https://a.top4top.net/m_567h2old3.mp3
☀️☀️
🍃 *تأملات قرءانية*🍃
«ما سمعنا بهذا»
لا تجعل مسموعاتك ومرئياتك
ومعلوماتك السابقة معيارا تصدق
على ضوئه وتكذب .. فالحق أكبر
مما تحويه جمجمتك ..
*إشراقات*ص

*إشراقة*
‏لا بأس بإبلاغ أحدٍ أنك تدعو له؛
تأليفاً وتودداً (قال سلام عليك
سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً)

🌿 *حديقة التأملات*🌿
‏إذا ضيّعت (ساعتين يوميا)على الجوال
= يضيع عليك (شهركامل) في السنة !!
يقول عكرمة :حفظت القرآن في (شهر) !
شتان!
ش/عمرالسعدان
💔 *مؤلمة*💔

﴿ ألَـم يعِدكُم ربُّكُم وَعْداً حَسَنــًا ﴾
صلوا ضحاكم وضمُّوا في السُّجـــود أمنياتكم ثقــةً أنَّ الله سيُحقّقها ،،
*الََضحـِــــى*💭

》 *وختااما*《
"لا تبدأوا صَباحِكم بـ التفكير بما
يقلقكم !! و لكن ابدأوا يومكم
بالتّفكير بمَا يسّعدكم ..فَ المُلك كله لله ، وليسَ بيد أحَد سِواه"*
*صباحكم التفاااااؤل*💕
•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

✵ السبت ✵
٢٨/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
22/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

"‏إنّا نراك من المحسنين"
إحسانك يقرأه الناس في وجهك ،
في ملامحك، في شيء يجدونه
في قلوبهم تجاهك فكن محسناً
تلقَ من الناس احساناً.!...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح الإحسان ...@
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚:
🎤
خطبـة.جمعـة.بعنـوان.cc
المسجد الأقصى وقف للمسلمين
للشيخ/ إبراهيم بن محمــد الحقيــل
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

عناصر الخطبة :
1/ أهمية أماكن العبادة 2/ حرص المسلمين على المساجد عبر التاريخ 3/ مكانة المسجد الأقصى في شريعة الإسلام 4/ تاريخ بناء المسجد الأقصى 5/ مكر اليهود بالمسجد الأقصى 6/ وجوب حماية المسجد الأقصى.

الخطبـــة.الأولـــى.cc
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى؛ (أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى) [الإسراء:1]، (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى) [النَّجم: 10-11]، نَحْمَدُهُ فَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الحُسْنَى) [طه: 7- 8].

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؛ فَفَتَحَ بِهِ قُلُوبًا غُلْفًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَعُيُونًا عُمْيًا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَمْسِكُوا بِدِينِكُمْ؛ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، وَهُوَ سَبَبُ نَجَاتِكُمْ وَفَوْزِكُمْ، وَلَا يَهُولَنَّكُمْ كَثْرَةُ المُتَسَاقِطِينَ، وَلَا تَغْتَرُّوا بِدَعَايَاتِ الْكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ؛ فَإِنَّ الْحَقَّ حَقٌّ وَإِنْ ضَعُفَ أَنْصَارُهُ، وَإِنَّ الْبَاطِلَ بَاطِلٌ وَإِنِ انْتَفَشَ خُدَّامُهُ وَأَعْوَانُهُ، وَإِنَّ لِلْحَقِّ نُورًا يَرَاهُ مَنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى هِدَايَتَهُ، فَوَيْلٌ لِمَنْ أَضَاعَ الْهُدَى وَتَرَكَ الْحَقَّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) [آل عمران: 90].

أَيُّهَا النَّاسُ: تَكْتَسِبُ أَمَاكِنُ الْعِبَادَةِ أَهَمِّيَّةً بَالِغَةً فِي كُلِّ الدِّيَانَاتِ، وَلَهَا أَحْكَامٌ تَخْتَصُّ بِهَا فِي الشَّرَائِعِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَفِي الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ الْبَشَرِيَّةِ. وَامْتَازَتْ مَسَاجِدُ المُسْلِمِينَ عَلَى مَعَابِدِ غَيْرِهِمْ بِمِيْزَاتٍ كَثِيرَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا: كَثَافَتُهَا فِي الْأَرْضِ، فَلَا تَخْلُو بَلَدٌ مِنْ مَسَاجِدَ، وَبِعِمَارَتِهَا بِالمُصَلِّينَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي المَسَاجِدِ شَأْنٌ يَوْمِيٌّ عِنْدَ المُسْلِمِينَ يَتَكَرَّرُ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَظُهُورُهَا بِالْأَذَانِ الَّذِي يُجَلْجَلُ مِنْ مَآذِنِهَا فِي كُلِّ فَرِيضَةٍ.

وَامْتَازَ المَسْجِدُ عَنْ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ وَقْفٌ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إِلَّا بِمَا فِيهِ مَصْلَحَتُهُ أَوْ مَصْلَحَةُ المُسْلِمِينَ، كَتَوْسِعَتِهِ، وَنَقْلِهِ مِنْ مَكَانٍ مَهْجُورٍ إِلَى مَكَانٍ مَعْمُورٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَقَدْ سَمِعْنَا كَثِيرًا عَنْ بَيْعِ الْكَنَائِسِ، وَتَحْوِيلِهَا إِلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَلَمْ نَسْمَعْ أَنَّ مَسْجِدًا قَدْ بِيعَ أَوْ حُوِّلَ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ إِلَّا أَنْ يُبْنَى بَدَلًا عَنْهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْلًا لَهُ مِنْ مَكَانِهِ.

وَلِلْمُسْلِمِينَ فِي المُحَافَظَةِ عَلَى المَسْجِدِ أَخْبَارٌ عَجِيبَةٌ؛ وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ المَدَّ الشُّيُوعِيَّ حِينَ اجْتَاحَ الْبَلْقَانَ، وَفَرَضَ الْإِلْحَادَ بِالْقُوَّةِ، وَهَدَمَ مَسَاجِدَ وَأَغْلَقَ أُخْرَى؛ حَفِظَ المُسْلِمُونَ أَمَاكِنَ المَسَاجِدِ المُهَدَّمَةِ، وَظَلُّوا ثَلَاثَةَ أَجْيَالٍ تَقْرِيبًا كُلُّ جِيلٍ يَنْقِلُ لِلَّذِي بَعْدَهُ أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضُ مَسْجِدٍ، وَأَنَّهَا وَقْفٌ لَا يَحِلُّ شِرَاؤُهَا وَلَا الْبِنَاءُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا سَقَطَتِ الشُّيُوعِيَّةُ، وَتَنَفَّسَ النَّاسُ الْحُرِّيَّةَ؛ أَعَادُوا بِنَاءَ المَسَاجِدِ فِي مَوَاقِعِهَا.

وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ مِمَّا تَفْخَرُ بِهِ أُمَّةُ الْإِسْلَامِ، فَمَا عُرِفَتْ أُمَّةٌ فِي التَّارِيخِ حَافَظَتْ عَلَى دِينِهَا وَمَوْرُوثِهَا كَمَا حَافَظَتْ عَلَيْهِ أُمَّةُ الْإِسْلَامِ، حَتَّى تَتَبَّعَتْ مَوَاضِعَ مَسَاجِدِهَا المُهَدَّمَةِ خِلَالَ قُرُونٍ أَوْ عُقُودٍ فَأَعَادَتْ بِنَاءَهَا.

وَأَعْظَمُ المَسَاجِدِ فِي الْإِسْلَامِ المَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَيْهَا، وَهِيَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ: المَسْجِدُ الْحَرَامُ ثُمَّ المَسْجِدُ النَّبَوِيُّ ثُمَّ المَسْجِدُ الْأَقْصَى، الَّذِي سُمِّيَ فِي الْقُرْآنِ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ لِبُعْدِهِ عَنْ مَسْجِدِ مَكَّةَ (سُبْحَانَ الَّذِي أَس
ْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَس

ْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) [الإسراء: 1].

وَسُمِّيَ فِي السُّنَّةِ بَيْتَ المَقْدِسِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا قَوْلُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلاَ اللهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (رواه البخاري: 3886).

وَالمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللَّهِ تَعَالَى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [النور: 36]، فَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ خَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ، وَصَارَ وَقْفًا لِلْمُسْلِمِينَ.

وَمَسْجِدُ مَكَّةَ هُوَ أَوَّلُ وَقْفٍ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ بَيْتُ المَقْدِسِ الوَقْفُ الثَّانِي، وَحُجَّةُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: «المَسْجِدُ الحَرَامُ» قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «المَسْجِدُ الأَقْصَى» قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً…» (رواه البخاري 3425).

فَعُلِمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ وَضْعَ الْبَيْتَيْنِ الْكَعْبَةِ وَالْقُدْسِ كَانَ قَبْلَ بِنَاءِ الْخَلِيلِ وَذُرِّيَّتِهِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الَّذِي بَنَى الْكَعْبَةَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالَّذِي بَنَى المَسْجِدَ الْأَقْصَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-، وَبَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ. وَجُمْهُورُ المُؤَرِّخِينَ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ مَنِ اخْتَطَّ أَرْضَ المَسْجِدَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَحَدَّدَ مَعَالِمَهُمَا هُوَ آدَمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَإِنَّمَا الْخَلِيلُ وَذُرِّيَّتُهُ جَدَّدُوا الْبِنَاءَ بَعْدَ انْدِرَاسِهِ.

وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس: كَانَ الْبَيْت المعمور مكان الكعبة فِي زمان آدَم، فلما كَانَ زمن نوح أمر النَّاس بحجه فعصوه، فلما طغى الماء رفع فجعل بحذاء الْبَيْت فِي السماء الدنيا. (المنتظم: 1/ 188).

وقال ابن الجوزي: روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن آدم -عليه السلام- أول من أسس وصلى فيه وطاف به، ثم درس موضع البيت من الطوفان حتى بعث الله إبراهيم وإسماعيل فرفعا قواعده، وإذا كان الأمر كذلك وكان بينه وبين المسجد الأقصى أربعون سنة، كان ابتداء المسجد الأقصى قبل سام -عليه السلام-. (تاريخ بيت المقدس لابن الجوزي: 37).

وقال وهب بن منبه: وإن آدم قال يا حبيبي يا جبريل، لا أعرف البلد الحرام، فأوحى الله إلى جبريل إني دليل الأدلاء، دله على البلد الحرام، فسار جبريل بآدم حتى أوقفه على الحرم وعلى المسجد، وأراه مبتدأ البيت،.. ثم بنى آدم البيت وتعينه حواء حتى رفع الحطيم. (التيجان في ملوك حمير: 17).

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ فِي كِتَابِ التِّيجَانِ أَنَّ آدَمَ لمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ أَمَرَهُ اللهُ بِالسَّيْرِ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَنْ يَبْنِيَهُ، فَبَنَاهُ وَنَسَكَ فِيهِ، قال: وَبِنَاءُ آدَمَ لِلْبَيْتِ مَشْهُورٌ» اهـ. (فتح الباري 6/409).

فَالمَسْجِدَانِ الْحَرَامُ وَالْأَقْصَى بَيْتَانِ لِلَّهِ -تَعَالَى- مَوْقُوفَانِ عَلَى الْعِبَادَةِ مِنْ عَهْدِ آدَمَ -عليه السلام-، وَإِلَى آخِرِ الزَّمَانِ. وَالمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَيْهَا لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا مِنْ مَكَانِهَا بِأَيِّ حَالٍ، وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِهَا عَنْ بَقِيَّةِ مَسَاجِدِ الْأَرْضِ وَأَوْقَافِهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ نُصُوصِ شَدِّ الرِّحَالِ إِلَيْهَا، وَفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَالمُجَاوَرَةِ عِنْدَهَا، مُتَعَلِّقٌ بِبُقْعَتِهَا لَا بِبِنَائِهَا؛ وَلِذَا لَوْ وَقَعَ -لَا قَدَّرَ اللهُ تَعَالَى- هَدْمٌ لَهَا، أَوِ اسْتِيلَاءُ الْكُفَّارِ عَلَيْهَا، وَتَحْوِيلُهَا إِلَى شَيْءٍ آخَرَ فَإِنَّ أَحْكَامَهَا بَاقِيَةٌ فِي بُقْعَتِهَا، وَوَاجِبٌ عَلَى المُسْلِمِينَ رَدُّهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بُيُوتًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَوْقَافًا لِلْمُسْلِمِينَ يَتَعَبَّدُون فِيهَا.

وَأَطْمَاعُ الْأُمَّةِ الصَّفَوِيَّةِ فِي مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ يُصَرِّحُونَ بِهَا، وَأَطْمَاعُ الصَّهَايِنَةِ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ لَيْسَتْ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، يُرِيدُونَ هَدْمَهُ لِبِنَاءِ هَيْكَلِ سُلَيْمَانَ -عليه السلام-؛ لِيَنْقِلُوا المَسْجِدَ مِنْ مَحَلٍّ لِلتَّوْحِيدِ إِلَى مَوْضِعٍ لِلشِّرْكِ، كَمَا قَدْ أَشْرَكُوا مِنْ قَبْلُ لمَّا بَدَّلُوا دِينَهُمْ، فَسَلَبَ اللهُ -تَعَالَى- خَيْرِيَّتَهُمْ، وَمَنَحَهَا أُمَّةَ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، أُمَّةَ مُ
حَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَل

َّمَ- الَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِسُلَيْمَانَ وَبِسَائِرِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ لِأَنَّ المُسْلِمِينَ حَافَظُوا عَلَى التَّوْحِيدِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَأَقَامُوا شَعَائِرَهُ فِي المَسَاجِدِ الَّتِي شَيَّدَهَا الْأَنْبِيَاءُ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ-.

إِنَّ قَضِيَّةَ بَيْتِ المَقْدِسِ مُنْذُ اسْتَلَمَ مَفَاتِيحَهُ مِنْ أَئِمَّةِ النَّصَارَى فَارُوقُ الْحَقِّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، هِيَ الْقَضِيَّةُ الَّتِي رُزِئَ فِيهَا المُسْلِمُونَ مَرَّتَيْنِ فِي تَارِيخِهِمْ، فَاحْتَلَّهُ الصَّلِيبِيُّونَ فِي الْقَرْنِ الْخَامِسِ الْهِجْرِيِّ، وَعَطَّلُوا الْأَذَانَ وَالصَّلَاةَ فِيهِ زُهَاءَ تِسْعِينَ سَنَةً حَتَّى حَرَّرَهُ المُسْلِمُونَ بِقِيَادَةِ صَلَاحِ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. (ينظر خطبة: سلب الأقصى واسترداده (3/466) وخطبة: معركة حطين (3/490).

ثُمَّ صَارَ المَسْجِدُ الْأَقْصَى هُوَ قَضِيَّةَ المُسْلِمِينَ الَّتِي تَشْغَلُهُمْ فِي عَصْرِنَا هَذَا، مُنْذُ احْتَلَّ الْيَهُودُ فِلَسْطِينَ قَبْلَ مَا يُقَارِبُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَخَطَّطُوا لِهَدْمِهِ وَقَدْ أُسِّسَ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَأُقِيمَتْ فِيهِ الشَّعَائِرُ؛ لِيُشَيِّدُوا مَعْبَدَ الشِّرْكِ وَالْوَثَنِيَّةِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ (هَيْكَلَ سُلَيْمَانَ).

وَالصَّهَايِنَةُ مَاضُونَ فِي مَشْرُوعِ هَدْمِ المَسْجِدِ الْأَقْصَى لَوْلَا خَوْفُهُمْ مِنْ رَدَّةِ فِعْلِ المُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَسَّسُوا مُنَظَّمَاتٍ وَجَمْعِيَّاتٍ تُسَمَّى بِالْهَيْكَلِ لِيَغْرِسُوا فِي وِجْدَانِ أَطْفَالِهمْ أَنَّ هَذَا الْحُلْمَ الصِّهْيُونِيَّ لَا بُدَّ أَنْ يَتَحَقَّقَ، وَيُرْسِلُوا رَسَائِلَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنَّ بِنَاءَ الْهَيْكَلِ عَلَى أَنْقَاضِ المَسْجِدِ الْأَقْصَى وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، فَصَارَتْ هَذِهِ الْجَمْعِيَّاتُ الْكَثِيرَةُ تَتَسَمَّى بـ”أَنْصَارِ الْهَيْكَلِ” وَ”مَعْهَدِ الْهَيْكَلِ”، وَ”حُرَّاسِ الهَيْكَلِ”، وَ”أُمَنَاءِ الْهَيْكَلِ”، وَ”الْحَرَكَةِ لِبِنَاءِ الْهَيْكَلِ”، وَ”نِسَاءٍ مِنْ أَجْلِ الْهَيْكَلِ”، وَالْيَهُودُ أَعْجَزُ مِنْ أَنْ يُحَقِّقُوا ذَلِكَ لَوْلَا الْحِبَالُ المَمْدُودَةُ إِلَيْهِمْ مِنَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، وَلَوْلَا اخْتِلَافُ الْعَرَبِ وَخِيَانَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا.

إِنَّ الْيَهُودَ مَا تَجَمَّعُوا مِنْ سِتِّينَ دَوْلَةً حَوْلَ الْعَالَمِ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ فِيهَا؛ وَلَا تَرَكُوا فِرْدَوْسَ أُورُبَّا الزَّاخِرَ بِالنِّعْمَةِ وَالتَّرَفِ لِيَسْتَقِرُّوا فِي فِلَسْطِينَ، إِلَّا لِتَحْقِيقِ حُلْمِ بِنَاءِ الْهَيْكَلِ عَلَى أَنْقَاضِ المَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَا ضَحُّوا خِلَالَ سِتِّينَ سَنَةً تَضْحِيَاتٍ جَسِيمَةً، وَعَاشُوا فِي بُقْعَةٍ صَغِيرَةٍ فِي حَالَةِ رُعْبٍ تُحِيطُ بِهِمْ أَمْوَاجٌ بَشَرِيَّةٌ مِنْ أَعْدَائِهِمْ إِلَّا لِبُلُوغِ هَذِهِ الْغَايَةِ. وَمَا بَنَوْا دَوْلَتَهُمْ إِلَّا لِأَجْلِ هَيْكَلِهِمْ.

لَقَدْ كَانُوا يُرِيدُونَ شِرَاءَ فِلَسْطِينَ بِأَمْوَالِهمْ، مُسْتَغِلِّينَ انْهِيَارَ دَوْلَةِ بَنِي عُثْمَانَ الِاقْتِصَادِيَّ الَّذِي سَيَتْبَعُهُ انْهِيَارٌ سِيَاسِيٌّ، وَلَكِنَّ السُّلْطَانَ الْعُثْمَانِيَّ قَطَعَ أَمَلَهُمْ فِي بَيْعِ بَيْتِ المَقْدِسِ لَهُمْ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَبِيعَهُ، فَكَتَبَ رَدًّا عَلَى المُحَاوَلَاتِ المُتَكَرِّرَةِ لِرَئِيسِ الْحَرَكَةِ الصِّهْيُونِيَّةِ آنَذَاكَ قَائِلاً: «انْصَحُوا الدُّكْتُورَ هِرْتِزْل بِأَنْ لَا يَتَّخِذَ خُطُوَاتٍ جِدِّيَّةً فِي هَذَا المَوْضُوعِ، إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَخَلَّى عَنْ شِبْرٍ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْضِ؛ فَهِيَ لَيْسَتْ مِلْكَ يَمِينِي، بَلْ مِلْكُ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي جَاهَدَتْ فِي سَبِيلِهَا، وَرَوَتْهَا بِدِمَائِهَا، فَلْيَحْتَفِظِ الْيَهُودُ بِمَلَايِينِهِمْ، وَإِذَا مُزِّقَتْ دَوْلَةُ الْخِلَافَةِ يَوْمًا فَإِنَّهُمْ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَأْخُذُوا فِلَسْطِينَ بِلَا ثَمَنٍ، أَمَّا وَأَنَا حَيٌّ فَإِنَّ عَمَلَ المِبْضَعِ فِي بَدَنِي لَأَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى أَرْضَ فِلَسْطِينَ قَدْ بُتِرَتْ مِنَ الدَّوْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَكُونُ. إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ المُوَافَقَةَ عَلَى تَشْرِيحِ أَجْسَادِنَا وَنَحْنُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ».

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ عَلَى هَذَا المَوْقِفِ النَّبِيلِ، وَارْحَمْ كُلَّ مُخْلِصٍ مِنْ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَرُدَّ المُسْلِمِينَ إِلَى دِينِهِمْ رَدًّا جَمِيلاً، وَاضْرِبِ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ وَالْهَوَا
نَ عَلَى الْيَهُودِ وَأَعْوَانِهِمْ، إ

ِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ…


الخُطْبَـــةُ.الثَّانِيَـــةُ.cc
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: قَضِيَّةُ بَيْتِ المَقْدِسِ هِيَ الْقَضِيَّةُ الَّتِي رُزِئَتْ فِيهَا الْأُمَّةُ المُسْلِمَةُ فِي الْقَرْنِ الْخَامِسِ الْهِجْرِيِّ عَلَى أَيْدِي عُبَّادِ الصَّلِيبِ، فَلَمْ يَهْنَأ المُسْلِمُونَ بِنَوْمٍ وَلَا طَعَامٍ حَتَّى حَرَّرُوهُ مِنْهُمْ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ الْهِجْرِيِّ، وَقَدَّمُوا تَضْحِيَاتٍ كَبِيرَةً.

وَبَيْتُ المَقْدِسِ هُوَ الْقَضِيَّةُ الَّتِي فُجِعَتْ فِيهَا الْأُمَّةُ قَبْلَ زُهَاءِ سِتَّةِ عُقُودٍ، وَلَا زَالَتْ مَفْجُوعَةً عَلَيْهِ إِلَى الْيَوْمِ، وَيَجِبُ أَنْ تَبْقَى الْفَجِيعَةُ بِهِ حَاضِرَةً إِلَى أَنْ يَتِمَّ تَحْرِيرُهُ حَتَّى لَا تَمُوتَ قَضِيَّتُهُ.

وَبَيْتُ المَقْدِسِ هُوَ الْقَضِيَّةُ الَّتِي ضَحَّى فِي سَبِيلِهَا مَنْ ضَحَّى؛ فَمِنَ المَقَادِسَةِ مَنْ بَذَلَ دَمَهُ فِدَاءً لِلْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَحَّى بِهَزِيعٍ مِنْ عُمُرِهِ خَلْفَ الْقُضْبَانِ يُعَذَّبُ بِسَبَبِ قَضِيَّتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَحَّى بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَرْخَصَ لِلْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بَيْتَهُ وَمَزْرَعَتَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَقَدَ جَاهَهُ وَسُلْطَانَهُ.

وَبَيْتُ المَقْدِسِ هُوَ الْقَضِيَّةُ الَّتِي تَاجَرَ بِهَا مَنْ تَاجَرَ، وَتَسَوَّلَ بِهَا مَنْ تَسَوَّلَ؛ فَتَسَلَّقَ عَلَيْهَا تُجَّارُ الذِّمَمِ، وَتُجَّارُ الدَّمِ، وَتُجَّارُ المَالِ، وَتُجَّارُ السِّيَاسَةِ، فَخَانَ مِنْهُمْ مَنْ خَانَ، وَتَخَلَّى عَنْهَا مَنْ تَخَلَّى، وَأَثْرَى بِهَا مَنْ أَثْرَى. وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجِدُ المُضَحِّي جَزَاءَ مَا ضَحَّى، وَيَجِدُ الْخَوَنَةُ أَلْوِيَةَ غَدْرِهِمْ مَنْصُوبَةً لَهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ» (رواه البخاري 6178، ومسلم: 1735).

فَيَا لَهَا مِنْ فَضِيحَةٍ فِي مَوْقِفٍ عَظِيمٍ أَمَامَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ! اللَّهُمَّ اسْتُرْنَا وَلَا تَفْضَحْنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَا تُعَذِّبْنَا.

لَقَدْ ظَلَّ المَسْجِدُ الْأَقْصَى قُوَّةً دَافِعَةً لِلْمُسْلِمِينَ فِي مُقَاوَمَةِ الِاحْتِلَالِ الصَّلِيبِيِّ لِلشَّامِ قَدِيمًا، وَمُقَاوَمَةِ الِاحْتِلَالِ الصِّهْيُونِيِّ حَدِيثًا، وَنُصُوصُ فَضْلِهِ وَفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهِ تُغَذِّي هَذِهِ الْقُوَّةَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ؛ فَمَنْ مِنَ المُسْلِمِينَ مَنْ لَا يُرَاوِدُهُ حُلْمُ شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى المَسْجِدِ الْأَقْصَى وَالصَّلَاةِ فِيهِ؟!

وَمَنْ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَغْمُرُهُ الشَّوْقُ لِرُؤْيَةِ مَسْرَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَرُؤْيَةِ المَكَانِ الَّذِي تَعَبَّدَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَدَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ، وَدَعَا فِيهِ زَكَرِيَّا فَرُزِقَ يَحْيَى، وَتَبَتَّلَتْ فِيهِ مَرْيَمُ الْعَذْرَاءُ الْبَتُولُ، وَتَرَبَّى فِي أَكْنَافِهِ عِيسَى -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- أَجْمَعِينَ؟

وَمَنْ لَا يَشْتَاقُ إِلَى الْبَلْدَةِ المُقَدَّسَةِ الَّتِي فَتَحَهَا الْفَارُوقُ فَصَلَّى فِي مَسْجِدِهَا، وَجَاوَرَ فِيهَا عَدَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَحَرَّرَهَا صَلَاحُ الدِّينِ، وَنَشِطَ فِيهَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ عَلَى أَيْدِي عُظَمَاءِ المَقَادِسَةِ وَعُلَمَائِهِمْ، وَلَوْلَا المَقَادِسَةُ لَضَاعَ كَثِيرٌ مِنْ فِقْهِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ؟

لَقَدْ حَاوَلَ الْيَهُودُ وَأَذْنَابُهُمْ أَنْ يُذِيبُوا قَضِيَّةَ الْقُدْسِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُزِيلُوهَا مِنْ وِجْدَانِهِمْ؛ لِاسْتِكْمَالِ مَشْرُوعِهِمْ فِيهَا، فَغَزَوْهُمْ بِالْقَوْمِيَّةِ وَالْوَطَنِيَّةِ وَلَكِنَّهُمْ فَشَلُوا فَشَلًا ذَرِيعًا؛ إِذْ أَخَذَتِ الْقَضِيَّةُ بُعْدَهَا الدِّ
2024/09/27 07:27:45
Back to Top
HTML Embed Code: