Telegram Web Link
الناس كثيرة ومتنوعة، فتعرضوا لنفحات الله وتلمسوا مرضاته.

واعلموا أن إحياء وقت الغفلة بالطاعة فيه فوائد:

الفائدة الأولى: إن فعل الطاعة يكون أخفى، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل، لا سيما الصيام؛ فإنه سر بين العبد وربه، ولهذا قيل: إنه ليس فيه رياء، وقد صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد، كان يخرج من بيته إلى سوقه ومعه رغيفان، فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهلُه أنه أكلهما في سوقه، ويظن أهل سوقه أنه أكلها في بيته.

الفائدة الثانية: إحياء وقت غفلة الناس بالطاعات أشق على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس إذا كان على السنة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة: "إنَّ لكَ منَ الأجرِ على قدرِ نَصَبِكَ ونفقتِكَ" رواه الحاكم وصححه الألباني.

والسبب -والله أعلم- في أن الطاعات في وقت غفلة الناس شاقة وشديدة على النفوس؛ أن النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء جنسها، فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم، كثر أهل الطاعة لكثرة المقتدين بهم، فسهلت الطاعات.

وتأمل كيف أن كثيرًا من الناس يشق عليهم الصيام في غير رمضان: فإذا جاء رمضان سهل عليهم الصيام، ولم يجدوا مشقة في صيامه؛ لأن الناس من حولهم يؤدون هذه العبادة الجليلة.

والناس كأسراب القطا يتبع بعضهم بعضًا، وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "الناس أشبه بأهل زمانهم منهم بآبائهم".

وأما إذا كثرت غفلة الناس تأسَّى بهم عموم الناس، فيشق على نفوس المتيقظين والطالبين لمهر الجنة، وتشق عليهم طاعاتهم، لقلة من يقتدون بهم في أوقات الغفلة.

ولهذا المعنى قال -صلى الله عليه وسلم- في حال الغرباء في آخر الزمان: "للعامل منهم أجر خمسين منكم"، أي من الصحابة، وعلل فقال: "إنكم تجدون على الخير أعوانًا ولا يجدون"، وفي مسلم: "فطوبى للغرباء!".

ولهذا جاء في صحيح مسلم أيضًا من حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- عن النبي --صلى الله عليه وسلم- قال: "العبادة في الهرج كالهجرة إلي"، وعند الإمام أحمد بلفظ: "العبادة في الفتنة كالهجرة إليّ".

وسبب ذلك أن الناس في وقت الفتن تستولي عليهم الغفلة، ويتبعون أهواءهم ولا يرجعون إلى دين، وينشغلون عن عبادة ربهم بهذه المحدثات والمضلات من الفتن، ويكون حالهم شبيهًا بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه ويجتنب مساخطه، كان بمنزلة مَن هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مؤمنًا به، متبعًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه، محافظًا على سنته وهديه وطريقته -صلى الله عليه وسلم-، في كل زمان ومكان.

وفي هذا الزمان اجتمعت الغفلة والفتن، عصمنا الله منها وذريتنا والمسلمين.

بارك الله لي ولكم...


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
أمـــا بعـــد: وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يطَّلِعُ اللهُ إلى جميعِ خَلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشركٍ أو مُشاحِنٍ" رواه الطبراني وابن حبان وهو حديث صحيح.

أيها الإخوة: المتأمل لهذا الحديث يرى فيه تنبيهات مهمة.

منها أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشرك، والشرك ظلم عظيم، فعلى المسلم أن يتفقد نفسه، ويفتش باطنها، فلعله مبتلى بشيء من هذه الشركيات المنتشرة في الأمة وهو لا يدري.

ولقد حذر الله خاتم الأنبياء محمدا وكل الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- من الشرك، وبيّن لهم بأن أعمالهم تحبط إن أشركوا، وهم الصفوة من الخلق، فقال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ) [الزمر: 65]، ثم قال له بعد ذلك: (بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ).

وهذا الحديث يدل على خطورة الشحناء والبغضاء بين الناس، وأن الله لا يغفر للمتشاحنين، والشحناء: حقد المسلم على أخيه المسلم بغضًا له؛ لهوى في نفسه، وهذه تمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة، كما في صحيح مسلم عن أبى هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا".

وقد وصف الله المؤمنين عمومًا بأنهم يقولون: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10].

قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور، وسخاوة النفوس، والنصيحة للأمة، وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يعفو يصفح، فأقِل -يا عبد الله- حتى تُقال.

أما ما أحدثه بعض الناس من احتفال أو عبادة خاصة في تلك الليلة فلا أصل له. قال سماحة الشيخ عبدا لعزيز بن باز -رحمه الله- في جوابه على السؤال التالي: ما حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان أو تخصيصه بالعبادة من قيام وصلاة وقراءة للقرآن، ونهاره من صيام وغيره؟.

فأجاب بجوا
ب طويل منه: لم يثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه -رضي الله عنهم- شيء من فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصمها بشيء من العبادة بدعة منكرة.

وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة، كما لا يجوز الاحتفال بها، هذا لو عُلِمَت؛ فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف؟ وقول من قال: إنها ليلة سبع وعشرين من رجب؛ قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيحة.

اللهم إننا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا...
======================
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
وقفـــات مــع آيـــة الـكــرسـي
للشيــخ/ مــحــمــــد حــســــــــان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

في هذه المادة يقف الشيخ
في محراب أعظم آية في القرآن الكريم، ذاكراً فضلها والحقائق الواردة فيها، مع بيان لكل جملة في الآية، مسترشداً بهديها وما تضمنته من الأسماء، مذكراً بعقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات.

فضــل.آيـــة.الكـرسي.cc
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله، الحمد لله الذي لا إله إلا هو فلا خالق غيره ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة؛ ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الواحد الذي لا ضد له، وهو الصمد الذي لا منازع له، وهو الغني الذي لا حاجة له، وهو القوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو جبار السموات والأرض فلا راد لحكمه، ولا معقب لقضائه وأمره، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصلِّ اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أمــــا بعــــــــد:
فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل مني وإياكم صالح الأعمال، وأن يجمعني وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أحبتي في الله! إننا اليوم على موعد مع أعظم آية في القرآن الكريم كله، إنها سيدة آي القرآن، إنها آية تتكون من خمسين كلمة، ومن عشر جمل، تكرر فيها اسم الله جل وعلا ثماني عشرة مرة ما بين مضمر وظاهر، اشتملت على معظم قواعد التوحيد والصفات لرب الأرض والسماوات، إننا اليوم مع موعد مع آية الكرسي.

والدليل على أن آية الكرسي ..
أعظم آية في القرآن الكريم كله ما رواه الإمام مسلم من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا المنذر -يخاطب النبي أُبي بن كعب - أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم؟ فقال أُبي بن كعب : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] يقول أُبي : فضرب النبي صلى الله عليه وسلم في صدري وقال: ليهنك العلم -أي: هنيئاً لك العلم- أبا المنذر ).

إننا اليوم على موعدٍ مع سيدة آي القرآن الكريم كله، وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ يحثو من الطعام فأخذته، وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعني فإني محتاج وعليَّ عيالٌ وبي حاجةٌ شديدة، يقول أبو هريرة: فرحمته فخليت سبيله، فلما أصبحت سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما فعل أسيرك البارحة يا أبا هريرة؟ فقلت: يا رسول الله! اشتكى حاجة وعيالاً وفقراً فرحمته وخليت سبيله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد كذبك وسيعود، يقول أبو هريرة: فعرفت أنه سيعود لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاء يحثو من الطعام أخذته، وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتكى إلى أبي هريرة ما شكاه المرة الأولى، قال: دعني فإني محتاج وعليَّ عيال وبي حاجة شديدة، يقول أبو هريرة : فرحمته وخليت سبيله، فلما أصبحت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة يا أبا هريرة؟ فقال: يا رسول الله! اشتكى إليَّ عيالاً وحاجةً وفقراً فرحمته وخليت سبيله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد كذبك وسيعود، يقول: فعرفت أنه سيعود فرفضته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام فأخذته، وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قال أبو هريرة : ما هن؟ فقال له: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطانٌ حتى تصبح ، يقول فلما أصبحت سألني رسول الله صلى الله عليه وسل
م: وقال: ما فعل أسيرك البارحة يا أبا هريرة ؟ فقال أبو هريرة : زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هن؟ فقال أبو هريرة: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطانٌ حتى تصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، ألا تعرف من تخاطب منذ ثلاثٍ يا أبا هريرة؟ قال أبو هريرة: لا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان).

أيها الأحبة! هذا فضل ..
آية الكرسي كما ورد في الصحيح.

وقفات في محراب آية الكرسي
فتعالوا بنا نقف بسرعة في محراب هذه الآية الجليلة العظيمة الكريمة التي تبدأ بهذه الحقيقة الكبرى، وبهذه الحقيقة الأولى في هذا الوجود: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [البقرة:255] الله أكبر! إن هذه الحياة البشرية كلها لتجد فاكهة القيمة مبتورة الهدف، معدومة النفع، إن لم تكن هذه الحياة مرتبطة بمنشئها الأول، وقدوسها الأجل الأعظم جل وعلا.

وقفة مع قوله تعالى:
(الله لا إله إلا هو)
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [البقرة:255] إنها الحقيقة الأولى في هذا الوجود التي يشهد بها وعليها الكون كله، من عرشه إلى فرشه، ومن سمائه إلى أرضه، قال الله جل وعلا: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [البقرة:164].

إنها آيات توحد الله جل وعلا
وتنطق بوحدانية الله جل وعلا..

ففي كل شيء له آية
تدل على أنه هو الواحد

وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ * سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ * وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس:33-40].

وقال الله عز وجل: أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [النمل:60] استفهام استنكاري وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا [النمل:60].

وبعد توحيد الربوبية الذي أقر به المشرك الأول، ينتقل الحق جل وعلا من توحيد الربوبية إلى توحيد الألوهية الذي لا بد منه، بل والذي لا ينفع توحيد الربوبية بدونه: أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:60-65].

الله ربي لا أريد سواه
هل في الوجود حقيقة إلاه

الشمس والبدر من أنوار حكمته
والبر والبحر فيض من عطاياه

الطير سبحه والوحش مجده
والموج كبره والحوت ناجاه

والنمل تحت الصخور الصمِّ قدسه
والنحل يهتف حمداً في خلاياه

والناس يعصونه جهراً فيسترهم
والعبد ينسى وربي ليس ينساه

سل الواحة الخضراء والماء جاريا وهذي الصحاري والجبال الرواسيا

سل الروض مزداناً سل الزهر والنـدى
سل الليل والأصداح
والطير شاديا

وسل هذه الأنسام والأرض والسما
وسل كل شيء تسمع التوحيد لله ساريا

ولو جن هذا الليل وامتد سرمدا
فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا

أإله مع الله، لا رب غيره ولا معبود سواه.

اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [البقرة:255] إنها الحقيقة الأولى في هذا الوجود التي يشهد بها وعليها الكون كله من عرشه إلى فرشه، ومن سمائه إلى أرضه، ورحم الله الإمام أحمد يوم أن أمسك البيضة بين يديه يوماً وقال: هاهنا حصنٌ حصين أملس، ليس له باب وليس له منفذ، ظاهره كالفضة البيضاء، وباطنه كالذهب الإبريز، فبينما هو كذلك إذ انصدع جداره، وخرج منه حيوان سميع بصير، ذو شكل حسن وصوت مليح.

في كل شيء له آيـة
تدل على أنه الواحد

يا أعرابي! يا من تربيت في مدرسة الفطرة، ما الدليل على وجود الله؟

قال: البعرة تدل على البعير، وأثر السير يدل على المسير، سماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، أفلا يدل ذلك كله على اللطيف الخبير؟

ومن أروع ما قاله المفكر والفيلسوف سيسل هامان قال: إن الإنسان إذا ما اكتشف قانوناً في هذا الكون يصرخ هذا القانون قائلاً: إن الله هو خالقي، وليس الإنسان إلا مكتشفا: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت:53].

أيها الأحبة! إن الإقرار بأن الله جل وعلا هو الخالق، وهو الرازق، وهو المدبر، وهو المحيي، وهو المميت، يجب على من أقر لله بذلك أن يصرف العبادة بركنيها من كمال الحب والذل إليه، وبشرطيها من إخلاص واتباع إليه، أما أن نقر لله بالخلق والرزق والأمر والتصريف والتدبير، وأن نصرف العبادة لأحدٍ مع الله، أو لأحدٍ من دون الله فهذا شرك بالله جل وعلا، ومن ثم إذا وجهنا العبادة لله جل وعلا وجب علينا أن نستمد تشريعنا من الله جل وعلا وحده، فليس من حق هيئة، أو سلطة، أو مجلس نيابي، أو برلماني، أو دولة أن تشرع للبشر من دون الله جل وعلا: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [يوسف:39-40] لا لهيئة، ولا لدولة، ولا لمجلسٍ شعبي، ولا لمجلسٍ شوروي، ولا لبرلمان، ولا لأحدٍ على ظهر هذه الأرض أن يشرع للخلق من دون الله جل وعلا: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور:51].

أما المنافقون فهم الذين -والعياذ بالله- يعرضون عن حكم الله، ويعرضون عن شرع الله، ويعرضون عن منهج الله، ويعرضون عن سنة الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن أول حق لله علينا أن نوحده توحيداً شاملاً، توحيداً كاملاً، أن نقر له بتوحيد الربوبية، بل وبتوحيد الألوهية، بل وبتوحيد الأسماء والصفات، بل وبتوحيد الحاكمية، فإن من أعظم مفاهيم كلمة التوحيد أن يكون الحكم لله جل وعلا لا لأحد سواه: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:40].

فإذا أقر المسلم لله بالخلق والرزق لا يجوز له ألبتة أن يذهب حراً طليقاً ليختار لنفسه من المناهج والقوانين والأوضاع التي هي من صنع البشر، بل من صنع المهازيل من البشر من الشيوعيين، والعلمانيين، والديمقراطيين، والزنادقة، والفجرة، والفسقة الذين تتحكم فيهم الأهواء والشبهات والشهوات، وأن يترك شرع الله وشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [البقرة:255] أن نقر لله بالتوحيد، وهذا هو أول حق لله علينا، كما في الصحيحين من حديث معاذ بن جبل قال: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً على حمار، فقال لي رسول الله: يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً).

أيها الحبيب! هذا هو حق الله عليك، أن تعبد الله جل وعلا، وأن توحد الله جل وعلا، وأن تصرف العبادة بركنيها وبشرطيها لله جل وعلا؛ لأن الذي خلق، والذي رزق، والذي أبدع هو الذي يستحق أن يعبد: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] لا نظير له، ولا شبيه له، ولا كفء له، ولا ند له، ولا مثيل له: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11].

اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] الحي الذي لا يموت كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88].. كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:26-27].

إذا ما أمر الله إسرافيل بالنفخ في الصور نفخة الصعق
، أي: نفخة الموت، ونفخ إسرافيل في الصور فمات كل حي في السماوات وفي الأرض إلا الحي جل وعلا، يقول الحق تبارك وتعالى، ينادي في هذا السكون المذهل المهيب، ويسأل ربنا جل وعلا، فلا يوجد في الكون يومئذٍ من سائل غيره ولا مجيب، يهتف الحق جل وعلا بصوته الكريم، ويقول: أنا الجبار.. أنا الجبار.. أنا الجبار.. لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ فلا يجيب عليه أحد؛ لأنه لا أحد، فيجيب على ذاته جل وعلا ويقول: الملك اليوم لله الواحد القهار.

أين الفراعنة؟ ..
أين الظالمون؟ أين الطواغيت؟

أين الطغاة وأين التابعون لهـم
في الغي بل أين فرعون وهامان

وأين من دوخوا الدنيا بسطوتهم
وذكرهم في الورى ظلم وطغيان

هل غادر الموت ذا عزٍ لعزتـه
أو هل نجا منه بالسلطان إنسان؟

لا والذي خلق الأكوان من عدم
الكل يفنى فلا إنس ولا جان

عباد الله! إنها الحقيقة الكبرى التي تعلن علامة الزمان والمكان في أذن كل سامع، وعقل كل مفكر، أنه لا بقاء إلا للحي الذي لا يموت.

إنها الحقيقة الكبرى التي تثبت الحياة الأبدية لله جل وعلا، وتثبِت الموت لجميع خلقه، حتى ولو كان ذلك لأعظم خلقه محمد صلى الله عليه وسلم: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34].

أيا عبد كم يراك الله عاصيا
حريصاً على الدنيا وللموت ناسيا

نسيت لقاء الله واللحد والثرى
ويوماً عبوساً تشيب فيه النواصيا

إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى
تجرد عرياناً ولو كان كاسيا

ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها
لكان رسول الله حياً وباقيا

ولكنها تفنى ويفنى نعيمها
وتبقى الذنوب والمعاصي كما هيا

وقفة مع قوله: (الحي القيوم)
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] الذي يحتاج إليه غيره ولا يحتاج هو إلى غيره، القيوم: الذي تفتقر إليه جميع المخلوقات ولا يفتقر هو إلى خلقه بل هو الغني عن الخلق، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر:15-17]، . (يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم، وأنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم، وأنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً) لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية.

وقفة مع قوله تعالى:
(لا تأخذه سنة ولا نوم)
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255] ورد في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات، فقال: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل، وعمل الليل قبل عمل النهار، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).

وقفة مع قوله تعالى:
(له ما في السموات وما في الأرض)
لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ [البقرة:255] فالملك ملكه، والجميع تحت قهره وتحت عبوديته.

لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ [البقرة:255] السماوات ملكه، والأرض ملكه، بل وما في السموات وما في الأرض ملك لله جل وعلا يقول الله تعالى: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً [مريم:93-95].

وقفة مع قوله تعالى:
(من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255] لا يجوز لمخلوق ألبتة أن يشفع يوم القيامة إلا بعد إذن الله، وبعد رضا الله جل وعلا يقول الله تعالى: إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى [النجم:26] لا بد أن نتعلق بالله، ولا بد أن نصحح عقيدتنا في الله، ولا بد أن نعلم أن الأمر كله بيد الله.

وقفة مع قوله تعالى:
(يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم)
مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ [البقرة:255] إنه العلم المحيط الشامل الكامل يقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [المجادلة:7] معهم أينما كانوا بعلمه، بقدرته، بإرادته، بإحا
ى:11] لا تدركه العقول، ولا تكيفه الأذهان: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الأنعام:103] هذا هو مذهب سلف الأمة في هذه الصفات، فنؤمن بأن لله جل وعلا أسماء الجلال، وصفات الكمال من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

أسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا وإياكم ممن يقفون عند القرآن، وممن يحولوا القرآن في حياتهم إلى واقع.

اللهم رد الأمة إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

اللهم لا تدع لأحد منا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا أديته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين.

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل اللهم فينا ولا منا شقياً ولا محروماً.

اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى، اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى.

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعلِ بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم احمل المسلمين الحفاة، واكسُ المسلمين العراة، وأطعم المسلمين الجياع، برحمتك يا أرحم الراحمين.

أحبتي في الله! أكثروا من الصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد، فلقد أمرنا الله جل وعلا بذلك في محكم تنـزيله فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهوٍ أو زللٍ أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه .

=======================
طته، بقهره، لا تقل: معهم بذاته، فلا تقع فيما وقع فيه أهل الحلول والاتحاد، حيث جعلوا ذات الله جل وعلا قد حل في كل شيء، وقالوا كلاماً يعف اللسان عن ذكره على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [المجادلة:7] معهم بعلمه، وبسمعه، وببصره، ما من جبل على ظهر هذه الأرض إلا وهو يعلم ما في وعره، ولا بحرٍ على سطح هذه الأرض إلا ويدري الله ما في قعره: وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر:11].

وهاهي المرأة الأعرابية تعلمنا هذا الدرس العجيب العظيم، يوم أن ذهب إليها الأعرابي في الصحراء ليراودها عن نفسها، فقالت له لتعلمه: هلا ذهبت واطمأننت هل نام الجميع، فعاد هذا الأعرابي فرحاً بلذةٍ فانية لمعصية يظل ذلها دائماً، قال لها: أبشري فلقد نام الناس جميعاً، ولا يرانا إلا الكواكب، فنظرت إليه هذه الأعرابية قائلة: وأين مكوكبها؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ [المجادلة:7] يوم تتطاير الصحف، وتنشر السجلات، وينادى عليك باسمك، وتعطى هذه الصحيفة، تلك الصحيفة التي لا تغادر بليةً كتمتها، ولا مخبأة أسررتها، فكم من معصية قد كنت نسيتها ذكرك الله إياها، وكم من مصيبة قد كنت أخفيتها أظهرها الله لك وأبداها، فيا حسرة قلبك وقتها على ما فرطت في دنياك من طاعة مولاك.

تذكر وقوفك يوم العرض عريانا
مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا

والنار تلهب من غيظ ومن حنق
على العصاة ورب العرش غضبانا

اقرأ كتابك يا عبدي مهلٍ
فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا

فلما قرأت ولم تنكر قراءته وأقررت إقرار من عرف الأشياء عرفانا

نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبد عصى للنار عطشانا

المشركون غداً في النار يلتهبوا والمؤمنون بدار الخلد سكانا

أسأل الله جل وعلا أن يختم
لي ولكم بخاتمة التوحيد.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

وقفة مع قوله تعالى:
(ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أمــــا بعــــد: فيا أيها الأحبة!
يقول الحق جل وعلا: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ [البقرة:255] لا يطلع أحد على علمٍ إلا بعد أن يعلمه الله إياه: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ [البقرة:255] كما قال الخضر عليه السلام لموسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: أنا على علم من علم الله علمنيه، وأنت على علمٍ من علم الله علمكه الله جل وعلا.

وفي النهاية فإن علم الخلق جميعاً إلى جوار علم الله كما قال الله عزوجل: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [لقمان:27] في النهاية: أرسل الله للخضر وموسى عصفوراً فنقر هذا العصفور قطرة من ماء البحر، فقال الخضر لموسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: إن علمي وعلمك في علم الله جل وعلا بمقدار ما أخذ هذا العصفور من ماء البحر.

وقفة مع قوله تعالى:
(وسع كرسيه السماوات والأرض...)
وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] لا يصعب عليه شيء، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فهو الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض، وهو الذي يمسك السماء أن تزول، وهو الذي يمسك الأرض أن تزول: وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255].

مذهب أهل السنة والجماعة
في الأسماء والصفات
ومذهبنا واعتقادنا في كل هذه الصفات التي وردت في هذه الآية ما عليه جمهور سلف الأمة رضوان الله عليهم، أننا نؤمن بجميع هذه الصفات، ونمرها صريحة كما جاءت في القرآن من غير تحريف لألفاظها، ومن غير تحريف لمعانيها، ومن غير تعطيل، ومن غير تكييف، ومن غير تمثيل، فكل ما دار ببالك -أيها الحبيب- فالله بخلاف ذلك: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشور
نة يرزقون فيها بغير حساب * ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعوني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار * لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار).

وماذا يبقى بعد هذا البيان الواضح الشامل الذي يحمل بين طياته وفي عباراته الحقائق الرئيسة في العقيدة؟ وقد جهر بها الرجل المؤمن في مواجهة فرعون وملئه بلا تردد ولا تلعثم بعدما كان يكتم إيمان، فأعلن عنه هذا الإعلان الصريح، وبذلك لا يبقى إلا أن يفوض أمره إلى الله الذي أحاط بكل شيء علما وقدرة، وقد قال كلمة وأراح ضميره، والأمر كله إلى الله: (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد).

إلا أن القوم صموا آذانهم، وأصروا على استكبارهم، وضاقوا ذرعا بهذا الرجل المؤمن الجريء الناصح الفصيح الذي فاجأهم برأيه، وسفه أحلامهم بهديه فناءوه وسفهوه، وهموا به ليقتلوه: (فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب) أي حفظه الله -تعالى- من شدائد مكرهم، ومن أنواع العذاب الذي أرادوا إلحاقه به، وأحاط بفرعون وقومه أسوأ العذاب في الدنيا بالغرق في اليمّ، وفي الآخرة بدخول جهنم وبئس القرار.

وسنتكلم عن الدروس والعبر من هذه القصة في الجمعة القادمة ان شاء الله .

========================
🎤
خطبـة.جمعــة.بعنـوان.cc
قصة مؤمن آل فرعون دروس وعبر1⃣
للشيــخ/ مــــحــــمــــــد الــــجــــــرافــــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــة.الاولــى.cc
أمــا بعـــد ايــها المســلمون :
حديثنا معكم اليـــوم عن قصة
مؤمن آل فرعون، وقد ذكر الله تعالى،
هذا القصة، وخلد ذكرها وذكر هذت الرجل المؤمن في كتابه العزيز في سورة غافر .

وذلك حين اشتد الخلاف واحتدم النزاع بين طاغية الزمان فرعون اللعين وبين رسول الملك العلام موسى الكليم، فقال فرعون كما قص لنا القرآن: (ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد).

واحتمى نبي الله موسى - عليه السلام - بجناب الله - تعالى -الذي يحتمي به المؤمنون، ويثق به المتقون، فقال: (إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب).

عند ذلك ظهر هذا الرجل الذي شهد الله - عز وجل - له بالإيمان، وهو من آل فرعون، وكان يكتم إيمانه خوفا منهم على نفسه، هذا الرجل الذي لم يصرح الله- تبارك وتعالى - باسمه؛ ليعلمنا أن من صفات الرجولية الحقة إنكار الذات، وإخلاص الوجهة لله جلت قدرته، حيث يقف في وجه فرعون الطاغية وقومه وينطلق بصوته وسط هذا الجو الرهيب مدافعا عن نبي الله موسى - عليه السلام - دفاعا مستميتا حين توجه إليه الأذى، قائلا كما قص لنا القرآن قصته: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم، وإن يك كاذبا فعليه كذبه...) إلخ القصة.

إنه موقف الرجولية الكاملة، والشجاعة الحقة والإيمان الراسخ الذي لا تزعزعه الحوادث فهذا الرجل المؤمن الذي كان يخفي إيمانه عن قومه إخفاءا شديدا خوفا على نفسه من أن يصيبه منهم مكروه عندما سمع فرعون اللعين يقول: (ذروني أقتل موسى) أي: اتركوني على أي حالة كانت أقتل موسى، ولما رآهم قد عزموا على القتل عزما قويا، أخذته غضبة لله - عز وجل -، وقال منكرا له غاية الإنكار..

قال كلمة حق عند الطاغية فرعون ولا أعظم من هذه الكلمة عند فرعون وهي قوله: (أتقتلون رجلا) هو عظيم في الرجال حسا ومعنى، ثم علل قتلهم له بما ينافيه فقال: أن يقول ربي الله. وهذا إنكار منه عظيم وتبكيت شديد، كأنه قال: أترتكبون الفعلة الشنعاء التي هي قتل نفس محرمة وما لكم علة قط في ارتكابها إلا كلمة الحق التي نطق بها وهي قوله: ربي الله؟ وقد جاءكم بالبينات من ربكم هو ربكم لا ربه وحده، وهو استدراج لهم إلى الاعتراف به ليُليِّن بذلك جماجمهم.

ولما كان كلامه هذا يكاد أن يصرح بإيمانه وصله بما يشككهم في أمره ويوقفهم عن ضره فقال مشيرًا إلى أنه لا يخلو حال موسى من أن يكون كاذبًا أو صادقًا فإن يك كاذبا فعليه وزر كذبه ولا يضركم شيء فاتركوه وشأنه ولا تتعرضوا له ولأتباعه، وإن يك صادقًا في دعواه أصابكم بعض ما وعدكم به من العذاب.

فنحن نرى أن الرجل المؤمن كان في نهاية الحكمة والإنصاف وحسن المنطق في مخاطبته لقومه، حيث بين لهم أن الأمر لا يخرج عن فرضين، وكلاهما لا يوجب قصد موسى - عليه السلام - بالقتل وهذا نوع من أنواع البيان يسميه العلماء (استدراج المخاطب) .

وذلك أنه لما رأى فرعون قد عزم على قتل موسى وقومه على تكذبيه أراد الانتصار له بطريق يخفي عليهم بها أنه متعصب له، وأنه من أتباعه، فجاءهم بطريق النصح والملاطفة فقال: (أتقتلون رجلا)

لم يذكر اسمه بل قال رجلا؛ ليوهمهم أنه لا يعرفه ثم قال: أن يقول ربي الله؟ ولم يقل رجلا مؤمنا بالله أو هو نبي الله، إذ لو قال ذلك لعلم أنه متعصب ولم يقبلوا قوله ثم أتبعه بقوله فإن يك كاذبا فقدم الكذب على الصدق موافقة لرأيهم فيه واستدراجا لهم ثم تلا بقوله: (وإن يك صادقا) ولم يقل هو صادق كما أنه أوجز في وعظه لهم وسارع إلى الإتيان بأقل ما يمكن وهو حذف النون فقال: (إن يك) وكذلك قال: (يصبكم بعض الذي يعدكم) ولم يقل: كل ما يعدكم، ولو قال ذلك لعلموا أنه متعصب له، وأنه يزعم نبوته وأنه يصدقه.

ثم أتبعه بكلام يفهم منه أنه ليس بمصدق له وهو قوله: (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب).
وفيه تعريض بفرعون إن هو في غاية الإسراف والكذب على الله إذ ادعى الألوهية والربوبية.

ثم شرع مؤمن آل فرعون في وعظهم إظهارا للنصيحة لهم والتحسر عليهم، فقال مذكرًا لهم بنعمة الله عليهم، محذرا لهم من سلبها مستعطفا بذكر أنه منهم: (يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا).

وهذه مقالة الرجل كامل الرجولة الذي امتلأ قلبه بنور الإيمان وخالط بشاشته برد اليقين فنظر إلى الدنيا نظرة الحكيم العاقل، فقال: يا قوم أنتم لكم الملك حالة كونكم ظاهرين لا يعلو عليكم أحد، غالبين لا يغلبكم أحد من أرض مصر ولا في غيرها فلا تغرنكم عظمتكم وملككم فإنهما معرضان للزوال إن غضب الله عليكم.

ثم يجعل نفسه فيهم وهو يذكرهم ببأس الله: (فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا) ليشعرهم أن أمرهم يهمه، فهو واحد منهم وينتظر مصيره معهم وهو إذن ناصح لهم مشفق عليهم لعل هذا أن يجعلهم ينظرون إلى تحذيره باهتما
م، ويأخذونه مأخذ البراءة والإخلاص وهو يحاول أن يشعرهم أن بأس الله إن جاء فلا ناصر منه ولا مجير عليه، وأنهم إزاءه ضعاف ضعاف.

هنا تأخذ فرعون العزة بالإثم ويستبد به الجبروت والطغيان، وقال كل ما يقوله كل طاغية معجب بنفسه: " ما أريكم إلا ما أرى وما أشير عليكم إلا بقتله حتى نستريح وما أهديكم بهذا الرأي إلا سبيل الرشاد وطريق الصواب".
وكأنه أراد بذلك أن لا يترك لنصيحة مؤمنهم مدخلا إلى نفوس ملأئه خيفة أن يتأثروا بنصحه فلا يساعدوا فرعون على قتل موسى.

ولكن الرجل المؤمن طفق يذكرهم ببأس الله وبطشه وسننه في المكذبين للرسل، وضرب لهم الأمثال بما حل بالأحزاب من قبلهم كقوم نوح وعاد وثمود، وكذا الذين من بعدهم كقوم لوط فقال: (يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب، مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد).

فلا يعاقبهم بغير ذنب ولا يخلي الظالم منهم بغير انتقام،
ثم يواصل الرجل المؤمن تذكيره قومه بأهوال يوم القيامة فيقول: (ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد) أي: إني أخشى عليكم عذاب يوم القيامة الذي يكثر فيه نداء أهل الجنة لأهل النار، ونداء أهل النار لأهل الجنة ونداء الملائكة لأهل السعادة وأهل الشقاء.

يوم تولون مدبرين من زفير النار وشهيقها، لا تجدون واقيا ولا مانعا ولا عاصما يعصمكم من عذاب الله ويمنعكم منه، وهذا تأكيد للتهديد ومن أضله الله فلم يوفقه ولم يلهمه رشده فلا هادي له غيره يهديه إلى الصواب والنجاة وفي هذا إيماء إلى أنه يئس من قبولهم نصحه.
وفي قوله - تعالى -: (ومن يضلل الله فما له من هاد) لعل فيهما إشارة خفية إلى قولة فرعون: (وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) تلميحا بأن الهدى هدى الله وأن من أضله الله فلا هادي له.

وأخيرا: ترسم فيهم قلة جدوى النصح لهم، وأنهم مصممون على تكذيب نبي الله موسى - عليه السلام - فارتقى في موعظتهم إلى اللوم على ما مضى، ولتذكيرهم بأنهم من ذرية قوم كذبوا يوسف - عليه السلام - لما جائهم بالبينات (ولقد جائكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جائكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا...)

ثم بين أنه لا عجب في تكذبيهم فقد طمس الله بصائرهم وران على قلوبهم حين سووا أنفسهم بقبيح الخصال وعظيم الآثام، فقال: (كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب) أي مثل ذلك الضلال الفظيع يضل الله كل مسرف في العصيان، شاك في الديان بعد وضوح الحجة والبرهان.


الخطبـــة.الثانيــــة.cc
الحمــــدلله والصلاة على رسول الله

أمــــا بعــــــــد عــــباد اللــــه :
بعد ذلك اشتد في مواجهتهم بمقت الله ومقت المؤمنين لمن يجادل في آيات الله الدالة على وحدانيته وعلى كمال قدرته وعلى صدق أنبيائه بغير حجة وينذر بطمس الله لقلوب المتكبرين المتجبرين: (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار).

وهذه الصفة وهي الجدال بالباطل بدون برهان موجود في فرعون وقومه، ويكون الرجل المؤمن قد عدل عن مخاطبتهم إلى الاسم الغائب لحسن محاورتهم لهم واستجلاب قلوبهم، وأبرز ذلك في صورة تذكرهم فلم يخصهم بالخطاب .

وعلى الرغم من هذه الرجل الوعظية الزاخرة بالحكم الحكيمة والتوجيهات السليمة التي تستميل القلوب من الرجل المؤمن لقومه، فقد ظل فرعون في ضلاله، مصرّا على التنكر للحق، ولكنه تظاهر بأنه أخذ في التحقيق في دعوى نبي الله موسى - عليه السلام -، ويبدو أن منطق الرجل المؤمن وحجته كانت من شدة الوقع بحيث لم يستطع فرعون ومن معه تجاهلها فاتخذ لنفسه مهربا جديدا ليصل به إلى قلوب الناس. قال: (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإنه لأظنه كذابا).

يا هامان ابن لي بناءا عاليا ظاهرا لعلي أصل إلى أبواب السماء وطرقها، فإذا وصلت إليها بحثت عن إله موسى هناك، ثم أكد ذلك بقوله: وإني لأظن موسى كاذبا في ادعائه بأن له إلها غيري.

هكذا يموه فرعون الطاغية ويحاور ويداور، كي لا يواجه الحق جهرة، ولا يعترف بدعوة الوحدانية التي تهز عرشه، وتهدد الأساطير التي قام عليها ملكه
وأمام هذه المراوغة، وهذا الاستهتار، وهذا الإصرار ألقى الرجل المؤمن كلمته الأخيرة مدوية صريحة، بعد ما دعا القوم إلى اتباعه في الطريق إلى الله، وهو طريق الرشاد، وكشف لهم عن قيمة هذه الحياة الزائلة، وشوقهم إلى نعيم الحياة الباقية، وحذرهم عذاب الآخرة، وبين لهم ما في عقيدة الشرك من زيف وبطلان ومرد الناس جميعا إلى الله العليم بكل الأشياء، وهو الذي يجازي كل نفس بما كسبت وأن المسرفين في المعاصي هم أصحاب النار.

ويحكي القرآن الكريم كل ذلك فيقول: (وقال الذي آمنوا يا قوم اتبعونِ اهدكمِ سبيل الرشاد * يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار * من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الج
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
{ ويحـــذركـــم اللـــه نفــســـه }
للشيخ/ خالد بن عبدالرحمن الشايع
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولــــى.cc
الحمد لله، الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في الأرض والسماء، والحمد لله ملء ما في الأرض والسماء، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، وسبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، وسبحان الله ملء ما في الأرض والسماء، وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله ملء ما أحصى كتابه، وسبحان الله عدد كلِّ شيء، وسبحان الله ملء كل شيء، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أمـــا بعــــــد :
فيا أيها الإخوة المؤمنون، اتَّعظوا بمواعظ القرآن، واهتدوا بهديه، ففي ذلك الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة، ومن جملة المواعظ العظيمة التي تضمَّنها الكتاب العزيز، موضعان في هذا القرآن لم يتكرر لهما نظير، لم يتكرر في غير هذين الموضعين؛ حيث يقول رب العزة سبحانه: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ [آل عمران: 28]، تأملوا أيها الإخوة المؤمنون، مَن القائل؟ وبِمَ حذَّر؟ ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾، إن المحذر هو الله جل وعلا، ويحذر سبحانه من نفسه وذاته العلية، وما يكون من غضبه على من أسخطه، وما يكون من عذابه لمن استحقه.

جاء هذا التحذير العظيم في سياق آيات سورة آل عمران؛ حيث يقول رب العزة سبحانه: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ * قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 28 - 30].

تأملوا أيها الإخوة المؤمنون: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾، ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾، إنه تحذير من العليم الخبير القدير، وإن أي عاقل لو حذره إنسانٌ أي إنسان وقال له: احذرك وسأفعل بك ما لا يخطر لك على بال، قالها بحق أو بغير حق، فإن العاقل يأخذ هذا التحذير على محمل الجد، حتى ولو كان الذي حذره وأنذره قادرًا أو غير قادر، محقًّا أو ظالمًا، فما بالكم إذا كان الذي يحذرك هو الله الذي هو على كل شيء قدير، وبكل شيء محيط، وبكل شيء عليم؟!

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في دلالة هذه الآية الكريمة: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا... ﴾ الآية، وفي آخرها: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾؛ يقول رحمه الله: يخبر تبارك وتعالى عباده أنَّه يعلم السرائر والضمائر والظواهر، وأنه لا يخفى عليه منهم خافية، بل علمه محيطٌ بهم في سائر الأحوال والآناء واللحظات، وجميع الأوقات، وبجميع ما في السموات والأرض، لا يغيب عنه مثقال ذرة، ولا أصغر من ذلك في جميع أقطار الأرض والبحار والجبال، وهو على كل شيء قدير؛ أي: قدرته نافذة في جميع ذلك، وهذا تنبيهٌ منه لعباده على خوفه وخشيته، وألا يرتكبوا ما نهى عنه وما يبغضه منهم، فإنه عالم بجميع أمورهم، وهو قادرٌ على معاجلتهم بالعقوبة، وإن أنظَر مَن أنظَر منهم، فإنه يُمهل ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر، ولهذا قال بعد هذا: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾؛ يعني: يوم القيامة يحضر للعبد جميع أعماله، من خير وشر؛ كما قال تعالى: ﴿ يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ﴾ [القيامة: 13]، فما رأى من أعماله حسنًا سرَّه ذلك وأفرحه، وما رأى من قبيح ساءه وأغاظه، وود لو أنَّه تبرأ منه، وأن يكون بينهما أمد بعيد، كما يقول لشيطانه الذي كان مقترنًا به في الدنيا، وهو الذي جرأه على فعل السوء: ﴿ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ [الزخرف: 38]، ثم قال تعالى مؤكدًا ومهددًا ومتوعدًا: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾؛ أي: يُخوفكم عقابه، ثم قال مرجيًا لعباده؛ لئلا ييئَسوا من رحمته ويقنطوا من لطفه: ﴿ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾.

فتأملوا رح
مكم الله هذا السياق العظيم من خبر العليم الخبير ووعيده وتحذيره؛ حتى لا يغتر الإنسان بطول الأجل وكثرة الإمهال.

تأمل يا عبد الله منذ جرى عليك قلم التكليف، ماذا كان من أعمالك؟ وماذا كان من خيرها وشرها؟ كل ذلك لن يغيب عن رب العزة سبحانه: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ﴾ [الأنبياء: 47].

وهذا يوجب على المؤمن أن يكون كثير المحاسبة لنفسه؛ لأنه ولا بد حاضر أجله، ففي هذا اليوم الذي أصبحناه كم من مُؤمِّل في ليله أن يكون مدركًا معيشته في الدنيا، ولكنه أصبح ليكون قد طوي أجله، وانقضى أمده، وصار من أهل القبور!

وهذا اليوم الذي أصبحناه كم من مؤمِّل أن يبلغ مساءه، ولكنه قد كتب في الأجل ألا يمسي مع الأحياء! وهذا أمر مقرر لدى كل الخليقة، لا يستطيع أحد أن يضمن لنفسه ولا لغيره مزيدًا في الأجل، تأمل يا عبد الله أن هذه هي الحال التي تعلمها وتوقن بها، وأنك لا تضمن بلوغ مساءٍ ولا إدراك صباح، ففيمَ التأجيل إذًا؟ ولِمَ التواني إذًا؟ ولِمَ الغفلة؟ والله جل وعلا قد أقام الحجج وأبلغك الإعذار: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165]، والله ذكَّرك: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾، قال العلامة السعدي رحمه الله: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾؛ أي: فلا تتعرضوا لسخطه بارتكاب معاصيه، فيعاقبكم على ذلك، ﴿ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾؛ أي: مرجع العباد ليوم التناد، فيحصي أعمالهم ويحاسبهم عليها ويجازيهم، فإياكم أن تفعلوا من الأعمال القباح ما تستحقون به العقوبة، واعملوا ما به يحصل الأجر والمثوبة، وأخبر جل وعلا عن سعة علمه بما في النفوس خصوصًا، ولما في السماء والأرض عمومًا، وعن كمال قدرته، ففيه إرشاد إلى تطهير القلوب واستحضار علم الله كل وقت، فيستحيي العبد من ربه أن يرى قلبه محلًّا لكل فكر رديء، بل يشغل أفكاره فيما يقربه إلى الله من تدبُّر آية من كتاب أو سنة من أحاديث رسول الله، أو تصور وبحث في علم ينفعه، أو تفكر في مخلوقات الله ونعمه، أو نصح لعباد الله.

نعم أيها الإخوة في الله، ينبغي أن يكون هذا هو هِجِّيراك في كل حين، العمل الصالح الذي يكون باعثه في القلب وما انطوى عليه، فإن هذا القلب إذا صلح، صلح الجسد كله، كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله)، فإذا كان المرء في تأمُّله وتدبُّره كيف يسبق إلى الخير، كان ذلك باعثًا له على فعله، أما أن ينطوي القلب ويتتابع الفكر على الآثام، فإنه ولا بد واقع فيها، ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾: استحضرها يا عبد الله في كل شيء تعزم عليه، فإن كان مما يرضي ربك، فأقدم عليه واستبشر بالخير في الدنيا والآخرة، وإن كان مما يسخط الله، فأنت مؤمن تعرف الحلال وتنكر الحرام، فواجب عليك أن تكف؛ لأنك ولا بد ستجد ذلك في يوم لا تخفى فيه على الله خافية: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا ﴾ هذا الخير أيًّا كان، وهو كما يقول العلماء: اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة صغيرها وكبيرها، كما أن السوء: ﴿ وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾، والسوء كما يقول العلماء: اسم جامع لكل ما يسخط الله جل وعلا من الأعمال السيئة صغيرها وكبيرها، فهذا الخير الذي عزم عليه قلبك وعملته جوارحك، سوف تراه أحوج ما تكون إليه، محضرًا بين يديك، فتسرُّ بذلك نفسك وتبتهج بذلك روحك، بينما إذا عُرضت تلك الأعمال السيئة من صحائفك تتمنى الأماني: ﴿ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾؛ أي: مسافة عظيمة لشدة الأسف والحزن على ما اقترفته في الدنيا، ولذلك يكون قول قائلهم، عياذًا بالله من هذا في ذلك المشهد العظيم! ﴿ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾، ويتمنى الذين اقترفوا الموبقات؛ كما أخبر الله عنهم: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ ﴾، وكما أخبر الله عنهم: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [الفرقان: 27، 28].

هكذا تتابع الحسرات في هذا المشهد العظيم، ولكن ولات حين مندم، ولات حين مناص، فقد أقام الله الحجج وبلغ الإعذار لكل من جرى عليه قلم التكليف: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحي
م.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن تَبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمـــا بعــــــد:
﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾، فما أعظمه من تحذير! وما أبلغه من وعيد! وإنما يستشعره من استشعر تمام الآية ﴿ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾، فيعلم أنه موقوف بين يدي ربه، فحينئذ يحاسب نفسه أشد المحاسبة على ما تأتي وما تذر، ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾، فمن مظاهر رأفته ورحمته جل وعلا أنه حذَّر عباده قبل أن يعاقبهم، وأخبرهم أنه يعفو عن كثير من ذنوب عباده، وأنه فتح لهم باب التوبة؛ حتى يقلعوا عن خطاياهم، والأمر كما قال رب العزة سبحانه: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴾ [فاطر: 45].

فحريٌّ بالمؤمن أن يكون مستحضرًا لهذا التحذير الرباني، وهذا التذكير الإلهي وهذه الموعظة القرآنية، وليعلم أنه تحذير له ما بعده، فهو تحذير من عليم قدير محيط بكل شيء، وأنه سبحانه لا يعبأ بمن أسخطه، وبمن لم يستحضر مراقبته جل وعلا، فإن الله سبحانه يحب من عباده الإيمان، ويكره منهم الكفر والعصيان، ولكنه غني عنهم، فلا تنفعه طاعة مطيع، ولا تضره معصية عاصٍ؛ كما قال سبحانه فيما رواه عنه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: (يا عبادي، إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني، يا عبادي إنما هي أعمالكم أُحصيها عليكم، ثم أُوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يَلومَنَّ إلا نفسه).

فنسأله جل وعلا أن يمن علينا بالحذر منه على الدوام؛ حتى لا نفعل ما يسخطه ويغضبه، وحتى نستقيم على ما يرضاه ونحبه.

ألا وصلوا وسلموا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا ربنا بذلك، فقال عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ألِّف بين قلوبهم، واجمعهم على كتابك وسنة نبيك يا رحمن.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، إنَّ بأمة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام من الفرقة واللأواء، ومن الشدة وتسلُّط الأعداء، ما لا يخفى عليك، وما لا نشكوه إلا إليك، وما لا يقدر على كشفة إلا أنت، فنسألك اللهم فرجًا عاجلًا للمسلمين المكروبين في كل مكان يا رب العالمين.

اللهم احفظ علينا في بلادنا أمننا واجتماعنا، واستقرارنا وقيادتنا، اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا ونائبيه لما فيه خير العباد والبلاد.
اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وأبعِد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين.
اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واكفهم شرارهم.
اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءًا، فاشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا سميع الدعاء.

اللهم احفظ وثبِّت ووفِّق جنودنا المرابطين في الحدود والثغور.
اللهم احفظهم بحفظك، وأرجعهم سالمين غانمين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم يا حي يا قيوم، عجِّل بالفرج لإخواننا المبتلين في فلسطين والشام، وفي حلب والموصل والعراق، وفي الصومال وليبيا، وفي بورما وغيرها من البلاد.

اللهم احقن دماءهم، اللهم أصلح أحوالهم، اللهم أمِّن خوفهم، اللهم كِدْ لمن كاد لهم يا قوي يا عزيز.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربَّوْنا صغارًا.
ربنا هَبْ لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرَّةَ أعينٍ، واجعلنا للمتقين إمامًا.
اللهم أعنَّا على ذِكرك وشكرك وحُسن عبادتك.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.
سبحان ربنا ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

=======================
َاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، واللهُ يعلمُ مَا تصنعونَ.
خطبة شعبان شهرالتهيئة لرمضان

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا ، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره نعمه لا تحصى، وآلاؤه ليس لها منتهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لانِدَّ له ولا شبيه ولا كُفء ولا مثيل ولانظير ، وأشهد ان محمدا عبده ورسوله هو أخشى الناس لربه وأتقى ، دلَّ على سبيل الهدى ، وحذَّر من طريق الردى اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه معالم الهدى ،ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى
عباد الله اتقوا لله ربكم، وأطيعوه في سركم وعلنكم، وراقبوه في جميع زمنكم، فاتقوا الله حق التقوى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون } ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
ثم أما بعد: عباد الله، إن المؤمن ليتقلب في هذا الزمان، ويمد الله له في أجله، وكل يوم في هذه الدنيا هو غنيمة له يتزود منه لآخرته، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62].
أيها الأخوة المؤمنون، ها قد مضى شهر رجب، ودخل شهر شعبان، وفاز من فاز بالتقرب إلى الله بالطاعات والاستعداد في رجب لرمضان، ودخل علينا شعبان فماذا نحن فيه فاعلون؟ ولأجل ذلك فإن لنا في هذه الخطبة مع هذا الشهر وقفات ودروسًا وعضات نُذكر فيها ببعض فضائله وأحكامه، وننظر فيها حال رسولنا الله فيه لنقتدي به. فماذا ورد في فضله؟ وما الذي جاء فيه من أحكامه؟ وما كان يفعله النبي إذا دخل شعبان؟ أما شهر شعبان فقد سمي بشعبان لأن العرب كانوا يتشعبون فيه أي: يتفرقون لطلب المياه، وقيل: لتشعبهم في غارات الحرب بعد خروجهم من شهر رجب الحرام، وقيل: لأنه شهر شعب أي: ظهر بين شهري رجب ورمضان.
أما فضله وما يستحب فيه فعله فقد جاء عند أحمد وغيره وصححه ابن خزيمة وحسنه الألباني عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ! قَالَ: ((ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ، بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ)).
أيها الاخوة المسلمون، ألا ترون هذه الأيام غفلة الناس عن شهر شعبان؟ يغفلون فيه عن الطاعات والقربات، ويغرقون في الشهوات والملذات، ويشتغلون بغير شعبان عن شعبان، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يعمره بالطاعة والصيام، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم لأسامة: ((ذاك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان))، فشهر شعبان يغفل الناس عنه بسبب أنه بين شهرين عظيمين، وهما شهر رجب الحرام وشهر رمضان الصيام، فاشتغل الناس بهما، فصار مغفولاً عنه، بل وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر محرم، وليس هذا بصحيح، فصيام شعبان أفضل من صيام رجب؛ إذ يقول عنه صلى الله عليه واله وسلم : ((ترفع فيه الأعمال، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم))، ولقد قال العلماء رحمهم الله: "في هذا الحديث أيضًا دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل".
فتعرضوا لنفحات الله عباد الله، وتلمسوا مرضاته، فإن الأجور المترتبة على الاشتغال بالطاعات وقت غفلة الناس أكبر، وإن فوائد إحيائها بالطاعات أعظم، فمن تلكم الفوائد أن الطاعات فيها تكون في سرٍ وخفاء، وإخفاء الطاعة وإسرارها من أعظم أسباب قبولها، فإنها تكون خالصة لله تعالى، بعيدة عن السمعة والرياء. وإن الطاعات وقت غفلة الناس شاقة على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس ما دامت موافقة لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، القائل : ((الأجر على قدر النصب)).
عباد الله، إن أعمال السنة ترفع إلى الله تعالى في شعبان، أعمال العباد تعرض على الله عرضا بعد عرض، فتعرض كل يوم بالليل والنهار، ثم تعرض عليه أعمال الأسبوع كل اثنين وخميس، ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان، ولكل عرض حكمة، يُطْلِعُ الله عليها من شاء من خلقه، أو يستأثر بها عنده،
ترتحل، وإلى الآخرة ستنتقل.
مضى رجب وما أحسنت فيـه وهذا شهر شـعبان المبـار
فيـا من ضيع الأوقـات جهلا بحرمتها أفق واحـذر بوارك
فسـوف تفـارق اللذات قهـرا ويخلى الموت قهرا منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا بتوبة مخلص واجعل مـدارك
على طلب السـلامة من جحيم فخير ذوي الجرائم من تدارك
اخوة الايمان ليكن شعارنا الاجتهـاد في شعبان وذلك عـن طريق:- المحافظة على الفرائض، وعدم التفريط فيها، والإكثار من النوافل: فقد أخرج البخاري من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: قال الله عز وجل في الحديث القدسي: "وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورِجْله التي يمشى بها، وإن سألني لأعطينَّهُ، ولئن استعاذني لأعيذنَّهُ" .. ...وكما أن مجاهدة النفس، والإكثار من النوافل سبب لمحبة الله, فهي كذلك سبب في سكنى أعلى درجات الجنة مع الحبيب النبي صلى الله عليه واله وسلم. فقد أخرج الإمام مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي صلى الله عليه واله وسلم: "أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال له: سل، فقلت: أسالك مرافقتَكَ في الجنة، قال: أو غير ذلك. قلت: هو ذاك. قال: فأعنِّي على نفسك بكثرةِ السجود" فبكثرة السجود يصل المرء إلى هذه الأشواق العالية من مصاحبة خير البرية في الجنة, ولا تكون هذه المصاحبة بالأماني والإدِّعاءات الكاذبة....ويستحب الإكثار من الصدقة، والعطف على المحتاجين والمساكين وخاصة هذه الأيام التي قد بلغ بالناس من الشدة والعوز ما يعلمه الا الله ...ويستحب ايضا الإكثار من قراءة القرآن في شعبان: عن أنس رضي الله عنه قال: "كان المسلمون إذا دخل شعبان، انكبوا على المصاحف فقرؤها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان"....ويستحب ايضا الإكثار من اعمال الخير والبر والإحسان والامر بالمعروف والنهي عن المنكر
نسأ الله العلي القدير ان يبارك لنا في شعبان وان يبلغنا رمضان انه نعم المجيب
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) اللهم صلى وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على نهجه، وترسموا خطاه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم نلقاه ، وعنَّا معهم بجودك وعفوك يا عزيز يا غفَّار.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، ودمر الطُّغاة والمعتدين، وانشر الأمن والاستقرار والرخاء في جميع بلاد المسلمين يا رب العالمين... اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ الاستفادةَ والتفكُّرَ فيمَا يمرُّ علينَا مِنْ مناسباتٍ وأحداثٍ، اللهم حرر المسجد الأقصى من دنس اليهود المعتدين اللهم زلزلهم بقدرتك يا حي يا قيوم اللهم أرنا بهم عجائب قدرتك يا عزيز يا جبار انك على كل شيء قدير
اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نعلمْ، ونعوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نَعلمْ، ونَسألُك الجَنَّةَ ومَا قَرَّبَ إِليهَا مِنْ قَولٍ أَوْ عَملٍ، ونَعوذُ بِك مِنَ النَّار ومَا قَرَّبَ إِليها مِنْ قَولٍ أوْ عَملٍ، اللهمَّ اختِمْ بالسعادةِ آجالَنا، وحقِّقْ بالزيادةِ أعمالَنَا، واقْرِنْ بالعافيَةِ غُدُوَّنا وآصالَنَا، ومُنَّ علينَا بإصلاحِ عيوبِنَا، واجعلِ التَّقْوَى زادَنا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللهم لا تدع لأحد منا في هذا المكان المبارك ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا ثبته، ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً. اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى.. اللهم أقلنا وتقبل منا وتب علينا وارحمنا إنك أنت التواب الرحيم! ...اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك . اللهم احفظ اليمن ،اللهم احقن دماء اليمنيين ولم شعثهم ووحد صفهم وألف بين قلوبهم، اللهم امكر بمن يمكر بيمننا وشعبنا وانتقم من المعتدين على شعبنا انك على كل شيء قدير
عبادَ اللهِ :(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيت
وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه معالم الهدى ،ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى
أما بعد: فاعلموا ـ عباد الله ـ أن كتاب الله وسنة نبيه فيهما الهداية والنور، وفي غيرهما ضلال وغرور، قال عز وجل:{فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيٰمَةِ أَعْمَىٰ} [طه: 123، 124].
عباد الله، إن من أعظم ما يهيئ المؤمن نفسه لرمضان في شهر شعبان ما جاء عند الطبراني وابن حبان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي قال: ((يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)) وهو حديث صحيح. فتعاهدوا ـ عباد الله ـ ايمانكم من أن ينقضه شرك أكبر أو ينقصه شرك أصغر، وطهروا أنفسكم من الشحناء والبغضاء وحزازات النفوس ووغل الصدور، فإن الله تعالى يغفر في ليلة النصف من شعبان لكل عباده إلا للمشرك والمشاحن.
فإياكم والإشراك بالله، لنتفقد أنفسنا؛ فلعل الواحد منا مبتلى بشيء من هذه الشركيات وهو لا يدري، فالمشرك هو الذي عبد غير الله تعالى بأي نوع من أنواع العبادة؛ من دعاء أو نذر أو ذبح أو نحو ذلك من العبادات، فمن فعل ذلك فقد أشرك واستحق العقوبة، وهي عدم المغفرة والخلود في النار، قال تعالى:{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة: 72]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا }[النساء: 116]. وأما المشاحن فهو المباغض والمخاصم والمقاطع والمدابر والحاقد والحاسد، فكل هذه أوصاف للمشاحن، وهي سبب لعدم المغفرة، فعن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ((تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا)) رواه مسلم، وعن أبي ثعلبة الخشني عن النبي قال: ((إن الله ليطلع على عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه)) رواه الطبراني. وهي مقطِّعة للصلة والرحم، ومفسدة لذات البين، قال صلى الله عليه وآله وسلم : ((دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، وهي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين. والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على ما تتحابون به؟ أفشوا السلام بينكم)). فالجامع بين الشرك والشحناء أن كليهما يحلق الدين ويفسده، والفرق أن الشرك يبطل الدين فلا يبقي منه شيئا، أما الشحناء فتهتكه وتتركه بلا روح، وإن لم تجتث أصله. فالشحناء مفسدة للدين، تحلقه، وما دخل الحسد والحقد في القلوب إلا وكان سببا في ضعف الإيمان، وربما انتفائه بالكلية، كما حصل لإبليس لما حسد وحقد على آدم عليه السلام، ولذا أكّد الله تعالى في التحذير من الشحناء، وذكرها في سياق التحذير من أعظم الذنوب وهو الشرك؛ لأن الشرك مفسد لعلاقة الإنسان بربه، والمشاحن مفسد لعلاقته بإخوانه المؤمنين، وإذا فسدت علاقة الإنسان بربه وبإخوانه لم يبق له من دينه شيء، فكيف يغفر الله له؟! لذلك حُرم من فضل تلك الليلة المباركة.
ألا واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن بعض الناس يخصص يوم النصف من شعبان بالصيام وليلتها بالقيام وببعض الأدعية والأذكار وإنشاد بعض الأشعار، ولم يثبت ذلك كله في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إنما جاء في أحاديث ضعيفة أو موضوعة مكذوبة على رسول الله كما قال ابن رجب وغيره، وكل هذا لا تقوم به حجة ولا يعمل به في الأحكام.
نعم اخوة الايمان ، من كان من عادته قيام الليل فلا يترك قيام الليل في تلك الليلة، ومن كان من عادته صيام النوافل فوافق ذلك ليلة النصف من شعبان فليصم ولا يترك الصيام، وكذلك من كان من عادته صيام أيام البيض فليصمها وكذلك من كان من عادته أن يصوم في شعبان فليصمه اقتداءً بالنبي . فسيروا على هدي نبيكم الموصل إلى طريق الجنان، واجتنبوا طرق الغواية والبدع والضلال الموصلة إلى دار البوار.
فيا أيها الأبرار والأخيار، استقبلوا هذا الشهر بالتوبة النصوح من الإشراك بالله ومن البدع، واستقبلوه بالاستغفار من جميع المعاصي والآثام، فرمضان عما قريب سيحل، فيا أيها المسلم ماذا أعددت لرمضان؟ وبماذا هيئت نفسك؟ فلقد مات أقوام وولد آخرون، وسعد أقوام وشقي آخرون، واهتدى أقوام وضل آخرون، فقدِّر نعمة الله عليك، واسأله أن يبلغك رمضان، وخذ أمورَك بالجد.
أيها المذنب ارجع إلى ربك، أيها العاق لوالديه أحسن إلى والديك، أيها القاطع لرحمه وجيرانه عد لصلة أرحامك وجيرانك، شعبان يدعوك ويهتف بك أن تعال طهر نفسك، وتعاهد قلبك، انفض غبار الشقاقِ واتباع الهوى والانسياق وراء وساوس الشيطان، واحرص على ما ينفعك، فعمّا قليل س
مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية.
أيها المؤمنون، ولما كان شهر شعبان كالمقدمة لرمضان ـ ولا بد في المقدمة من التهيئة ـ شرع فيه من الصيام وغيره من القربات ما يهيئ القلوب لرمضان، ليحصل التأهب وترويض النفوس على طاعة الرحمن؛ ولهذا كان النبي يكثر فيه من الصيام، ويغتنم وقت غفلة الناس وهو من هو، هو رسول الله ، هو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولذلك فإن السلف كان يجدّون في شعبان، ويتهيئون فيه لرمضان.
فيا عبد الله، بماذا تهيئ نفسك لرمضان في شهر شعبان؟ وكيف تهيئها؟ اسمع رعاك الله:
أولاً: هيئ نفسك بما رغبك فيه رسول الله ، ألا وهو كثرة الصيام في هذا الشهر، فقد كان يكثر من الصيام فيه، فعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: كان رسول الله يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية البخاري: كان يصوم شعبان كله. ولمسلم في رواية: كان يصوم شعبان إلا قليلاً. وفي رواية لأبي داود قالت: كان أحب الشهور إلى رسول الله أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان. وكلها أحاديث صحيحة، وهذا يدل على شدة محافظته صلى الله عليه وآله وسلم على الصوم في شعبان، والمقصود صيام أكثر الشهر لا كله. قال ابن حجر رحمه الله: "كان صيامه في شعبان تطوعا أكثر من صيامه فيما سواه، وكان يصوم معظم شعبان".
أيها المسلمون، إن من أسباب كثرة الصيام في شعبان أن الواحد منا قد يشتغل عن صوم الثلاثة الأيام من كل شهر لسفر أو عمل أو غيره، فيجتمع عليه تركها، فما الحل لتعويضها وقضائها؟ قال العلماء: له أن يقضيها في شعبان، وقد كان النبي إذا عمل بنافلة أثبتها، وإذا فاتته قضاها، ولعل هذا من أسباب كثرة صيامه في شعبان.
ومن فضيلة الصيام في هذا الشهر وكثرته واستحبابه أن بعض العلماء قال: إن صيام شعبان أفضل من الصيام في غيره الشهور كصيام شهر المحرم الذي هو أفضل الصيام بعد رمضان؛ لأن أفضل التطوع بالصيام ما كان قريبا من صيام فرض رمضان قبله أو بعده، لأنه يلتحق بصيام رمضان لقربه منه، فيكون لصيام رمضان بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فصوم شعبان كالقبلية لرمضان، وصيام الست من شوال كالبعدية لرمضان، فالسنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالنسبة للصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وما بعده أفضل من الصيام المطلق الذي لا يتصل به.
وقال ابن رجب رحمه الله: " قيل في صوم شعبان: إن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط".
عباد الله، وأما من يضعفه الصوم في شعبان عن صيام رمضان فإنه لا يصوم إذا انتصف شعبان، لقول رسول الله : ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان)) رواه أحمد وغيره وصححه الألباني وفي سنده كلام، والنهي في هذا الحديث من أجل التقوّي على صيام رمضان، وقيل: النهي في حق من كان مفطرًا ولم يصم أول الشهر، فإذا بقي من شعبان قليلاً أخذ في الصوم.
ثانيًا: بماذا تهيئ نفسك ـ يا عبد الله ـ لرمضان؟ هيئها بما تيسر لك من الطاعات من الإكثار من قراءة القرآن وصلة الأرحام وسائر أنواع الإحسان، قال سلمة بن كهيل: "كان يقال: شهر شعبان شهر القراء"، وقال أبو بكر البلخي: "شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، ومن لم يزرع ويغرس في رجب ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟!"، وقال أيضا: "مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر".
أيها المسلم، ها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان، إن كنت تريد الحصاد في رمضان، فهذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر، فما موقعك من هذه الأعمال والدرجات؟ فالبدار البدار إلى طاعة العزيز الغفار. اسأل الله العلي القدير ان يوفقني واياكم لما يحبه ويرضاه وان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ،،،، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا جميعاً بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله فارج الهم .. وكاشف الغم .. مجيب دعوة المضطر .. فما سأله سائل فخاب ..يسمع جهر القول وخفي الخطاب .. أخذ بنواصي جميع الدواب .. فسبحانه من إله عظيم .. لا يماثل .. ولا يضاهى .. ولا يرام له جناب .. هو ربنا لا إله إلا هو .. عليه توكلنا .. وإليه المرجع والمتاب ..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. كلمة قامت بها الأرض والسموات .. وفطر الله عليها جميع المخلوقات .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. أرسله رحمة للعالمين .. وقدوة للعالمين .. أرسله بشيرا ونذيرا .. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .. وأمده بملائكته المقربين .. وأيده بنصره وبالمؤمنين .. الردى اللهم صل
🏵 *وقل الحمد لله🏵
*لا تكثر من الشكوى فيأتيك الهم والضيق ، لكن أكثر من الشكر والحمدلله تأتيك السعادة والراحة.* 🎗🎗🎗🎗🎗🎗🎗🎗🎗
2024/09/28 21:29:57
Back to Top
HTML Embed Code: