Telegram Web Link
‏دعوة ذي النون :

{ لإإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } .
مادعا بها مكروب قط إلا فرَّج الله كربته ...
● قال ابن الجوزي -رحمه الله- :

■ ليس الميت: من خرجت روحه من جنبيه ..
■ وانما الميت: من لا يفقه ماذا لربه من الحقوق عليه !
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
خــلـــــق الــعــفــو والــصــفــــح
للشيخ/ سعود بن إبراهيم الشريم
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

ملخص الخطبة :
1- فضل سلامة الصدر. 2- مصدر العزة والرفعة. 3- فضل العفو. 4- حضّ الشريعة على العفو. 5- العفو شجاعة وقوة. 6- ذم التشفّي والانتقام. 7- بين العفو والصفح. 8- فضل الصفح.

الخطبـــة.الأولـــى.cc
أمّا بعد: فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدَى هديُ محمّد ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة.

ألا فاتَّقوا الله عبادَ الله، واعلموا أنَّما هذه الحياة الدنيا متاع، وأنَّ الآخرة هي دار القرار، فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:100].

أيّها الناس، سلامة صدرِ المرء من الغشَش وخُلوّ نفسِه من نزعةِ الانتصار للنَّفس والتشَفِّي لحظوظِها لهي سِمَة المؤمن الصالح الهيّن اللَّيِّن الذي لا غلَّ فيه ولا حسَد، يؤثر حقَّ الآخرين على حقِّه، ويعلم أنَّ الحياةَ دارُ ممرٍّ وليسَت دار مَقرٍّ؛ إذ ما حاجةُ الدنيا في مفهومه إن لم تكُن موصِلَةً إلى الآخرة؛ بل ما قيمةُ عيشِ المرء على هذه البسيطة وهو يَكنِزُ في قلبه حبَّ الذات والغِلظة والفَظاظَة و يُفرِزُ بين الحين والآخر ما يؤكِّد من خلالِه قَسوَةَ قلبِه وضيق عَطَنه؟!
ما أكثَرَ الذين يبحَثون عن مصادرِ العزِّة وسبُلها والتنقيب عنها يمنةً ويَسرةً والتطلُّع إلى الاصطباغِ بها أو بشيءٍ منها مهما بلَغ الجَهدُ في تحصيلها، مع كثرَتِها وتنوُّع ضُروبها، غيرَ أنَّ ثمَّةَ مصدرًا عظيمًا من مصادرِ العزَّة يغفل عنه جلُّ النّاس مع سهولَتِه وقلَّة المؤونةِ في تحصيله دون إجلابٍ عليه بخيلٍ ولا رَجلٍ؛ إنما مفتاحُه شيءٌ من قوَّةِ الإرادة وزمِّ النفسِ عن استِتمامِ حظوظها واستيفاءِ كلِّ حقوقِها، يتمثَّل هذا المفتاحُ في تصفِيَة القلب من شواغلِ حظوظ الذّات وحبِّ الأخذ دون الإعطاءِ.

هذه العزّةُ برمَّتها يمكِن تحصيلُها في ولوجِ المرء بابَ العفو والصَّفح والتسامح والمغفرة، فطِيبُ النفس وحسنُ الظنّ بالآخرين وقَبول الاعتذار وإقالةُ العثرة وكَظم الغيظ والعفوُ عن الناس كلُّ ذلك يعَدّ من أهمِّ ما حضَّ عليه الإسلام في تعامُل المسلمين مع بعضِهم البعض. ومَن كانت هذه صفَته فهو خليقٌ بأن يكونَ من أهل العزَّة والرفعة؛ لأنَّ النبيَّ قال: ((ما نقَصَت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلاَّ عِزًّا، وما تواضَعَ أحدٌ للهِ إلا رفعَه)) رواه مسلم[1]، وفي لفظٍ لأحمد: ((ما مِن عبدٍ ظُلِمَ بمظلمةٍ فيُغضِي عنها لله إلاَّ أعزَّه الله تعالى بها ونصَره))[2].
فهذِه هي العِزَّة يا باغيَ العزة، وهذه هي الرِّفعة يا من تنشُدُها.

إنها رِفعة وعِزّة في الدنيا والآخرة، كيف لا وقد وعد الله المتَّصفِين بها بقولِه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ[آل عمران:133، 134]؟!

والكاظِمونَ الغيظَ ـ عباد الله ـ
هم الذين لا يُعْمِلون غضَبَهم في الناس، بل يكفّون عنهم شرَّهم، ويحتسِبون ذلك عند الله عز وجل، أمّا العافون عن الناس فهم الذين يعفونَ عمَّن ظلمَهم في أنفسهم، فلا يبقَى في أنفِسهم موجِدَة على أحدٍ.

ومن كانت هذه سجيَّته فليبشِر بمحبَّةِ الله له حيث بلَغَ مقامًا من مقاماتِ الإحسان، وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ [آل عمران:134]. ألا إنَّ مَن أحسن فقد أحبَّه الله، ومن أحبَّه الله غفَر له ورحمه، إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ [الأعراف:56].

العفو ـ عبادَ الله ـ شِعار الصالحين الأنقِيَاء ذوِي الحِلم والأناة والنّفس الرضيّة؛ لأنَّ التنازلَ عن الحقِّ نوعُ إيثارٍ للآجلِ على العاجل وبسطٍ لخُلُقٍ نقيٍّ تقيٍّ ينفُذ بقوّةٍ إلى شِغاف قلوب الآخرين، فلا يملِكون أمامه إلا إبداءَ نظرةِ إجلالٍ وإكبار لمن هذه صفتُه وهذا ديدَنُه.

إنَّ العفو عن الآخرين ليس بالأمرِ الهيِّن؛ إذ له في النّفسِ ثِقلٌ لا يتِمّ التغلُّب عليه إلاّ بمصارعةِ حبِّ الانتصار والانتقامِ للنفس، ولا يكون ذلك إلا للأقوياءِ الذين استعصَوا على حظوظ النّفس ورغباتها وإن كانت حقًّا لهم يجوزُ لهم إمضاؤُه لقوله تعالى: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ [الشورى:41]

غيرَ أنَّ التنازل عن الحقّ وملكةَ النفس عن إنفاذِه لهو دليلٌ على تجاوزِ المألوفِ وخَرق العادات. ومِن هنا يأتي التميُّز والبراز عن العُموم، وهذا هو الشَّديد الممدوحُ الذي يملِك نفسه عند الغضب كما في الصحيحَين وغيرهما عن النبي [3]، وقد أخرج الإمام أحمَد في مسنده قولَ النبيِّ : ((من كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن ينفِذَه دعاه الله على رؤوسِ الخلائق حتى يخيِّرَهُ من أيِّ الحور شاء))[4].

أيّها المسلمون، إنَّ شريع
تَنا الغرّاء يوم حضَّت المسلمِين على التخلُّق بخلقِ العفو والتجاوُز لم تقصِر هذا الحضّ في نطاقٍ ضيق أو دائرة مغلَقَة، بل جعلتِ الأمرَ فيه موسَّعًا ليشمَلَ جوانبَ كثيرةً من شؤونِ التّعامُل العَامّ والخاصّ، فلقد جاء الحضُّ من الشارع الحكيم للقيادة الكُبرى وأهلِ الولاية العظمى بذلك؛ لأنَّ تمثُّل القيادَةِ بسيما العفوِ والتسامُح أمارةٌ من أمارات القائدِ الناجحِ كما أمرَ الله نبيَّه في قولِه: خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ [الأعراف:199]، والعفو هنا هو التجاوُز على أحدِ التفسيرَين، وكما في قوله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًا غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:195].

ولقد تعدَّى الحضُّ أيضًا إلى أبوابِ الدِّماء والقِصاص كما في قولِه تعالى: فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ [المائدة:54]، كما تعدى الحضّ أيضًا إلى الزَّوجين في مسألةِ الصداق في الطلاق قبلَ الدخول حيث قال سبحانه: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]

بل إنَّ الحضَّ على العفوِ قد تعدَّى إلى ما يخصّ تبايُع الناس وشراءَهم ومدايناتهم، فقد قال النبي : ((من أقال مسلمًا بيعتَه أقال الله عثرتَه)) رواه أبو داود وابن ماجه[5]، وقال : ((كان تاجرٌ يدايِن الناس، فإذا رأَى معسِرًا قال لفتيانه: تجاوَزوا عنه لعلَّ الله أن يتجاوز عنّا، فتجاوَز الله عنه)) رواه البخاري ومسلم[6].

وثمّة تأكيدٌ على عموم الحضِّ
على العفوِ في التعاملِ مع الآخرين بسؤالِ الرجل الذي جاء إلى النبيِّ فقال: يا رسول الله، كم نعفو عن الخادم؟ فصمَت، ثم أعادَ عليه الكلام فصمَت، فلمّا كان في الثالثة قال: ((اعفوا عنه في كلِّ يومٍ سبعين مرة)) رواه أبو داود والترمذي[7].

وبعدُ يا رعاكم الله: فإنّ العفو والتجاوز لا يقتضِي الذّلَّةَ والضعف، بل إنه قمَّة الشجاعة والامتنانِ وغلَبَة الهوى، لا سيَّما إذا كان العفوُ عند المقدِرَة على الانتصار، فقد بوَّب البخاريّ رحمه الله في صحيحه بابًا عن الانتصارِ من الظالم لقوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ [الشورى:39]
وذكَرَ عن إبراهيم النخعيّ قوله: "كانوا يكرَهون أن يُستَذَلّوا، فإذا قدروا عفَوا"[8]، قال الحسن بنُ علي رضي الله تعالى عنهما: (لو أنَّ رجلاً شتَمني في أذني هذه واعتذر في أُذني الأخرَى لقبِلتُ عذرَه)[9]
وقال جعفرُ الصادِق رحمه الله:
"لأن أندمَ على العفوِ عشرين مرّةً أحبُّ إليَّ من أندَم على العقوبة مرة واحدة"[10]
وقال الفضيل بنُ عياض رحمه الله: "إذا أتاك رجلٌ يشكو إليك رجلاً فقل: يا أخي، اعفُ عنه؛ فإنَّ العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمِل قلبي العفوَ ولكن أنتصر كما أمرَني الله عزّ وجلّ فقل له: إن كنتَ تحسِن أن تنتَصِر، وإلاّ فارجع إلى بابِ العفو؛ فإنّه باب واسع، فإنه من عفَا وأصلحَ فأجره على الله، وصاحِبُ العفو ينام علَى فراشه باللّيل، وصاحب الانتصار يقلِّب الأمور؛ لأنّ الفُتُوَّة هي العفوُ عن الإخوان".

ثم إنَّ بعض الناس ـ عباد الله ـ قد بلغ من القسوةِ ما لا يمكن معها أن يعفوَ لأحد أو يتجاوَز عنه، لا ترونَ في حياته إلاّ الانتقام والتشفِّي، ليس إلا. ترونَه وترونَ أمثالَه كمثَل سماءٍ إذا تغيَّم لم يُرجَ صَحوُه، وإذا قَدر لا يُنتَظَر عفوه، يغضِبُه الجرمُ الخفيّ، ولا يرضيه العذرُ الجليّ، حتى إنّه ليرَى الذنبَ وهو أضيقُ من ظلِّ الرمح، ويعمَى عن العذرِ وهو أبيَنُ من وضَح النهار. ترونَه ذا أُذنين يسمَع بإحداهما القولَ فيشتطّ ويضطرب، ويحجبُ عن الأخرَى العذرَ ولو كان له حجّةٌ وبرهان.

ومَن هذه حالُه فهو عدوُّ عقلِه، وقد استولى عليه سلطان الهوَى فصرفَه عن الحسنِ بالعفوِ إلى القبيح بالتَّشفِّي، تقول عائشة رضي الله تعالى عنها: ما ضرب رسول الله شيئًا قطّ بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهِدَ في سبيل الله، وما نيل منه شيء قطّ فينتَقِم من صاحبه إلاّ أن يُنتَهَك شيء من محارِم الله فينتَقِم لله عز وجل. رواه مسلم[11].

ألا إنَّ الانتصارَ للنفس من الظلمِ لحقّ، ولكنَّ العفوَ هو الكمالُ والتّقوى، وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40].

باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم، قد قلت ما قلت، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنّه كان غفّارًا.


[1] صحيح مسلم: كتاب البر (2588) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] مسند أحمد (2/436) عن أبي
َيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقال صلوات الله وسلامه عليه: ((من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشرًا)).

اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم...


[1] مسند أحمد (6/174، 236، 246)، سنن الترمذي: كتاب البر (2016)، وأخرجه أيضا الطيالسي (1520)، وابن راهويه في مسنده (1612)، والبيهقي في الكبرى (7/45) وفي الشعب (6/312)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (6443)، والحاكم (4224)، وهو في صحيح سنن الترمذي (1640).

===================
هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أيضا القضاعي في مسند الشهاب (820)، وفي إسناده محمد بن عجلان اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وقد خولف في إسناد هذا الحديث، فرواه الليث بن سعد مرسلا، ورجح الإرسال البخاري في التاريخ (2/102)، والدارقطني في العلل (8/153)، والحديث في السلسلة الصحيحة (2231).
[3] صحيح البخاري: كتاب الأدب (6114)، صحيح مسلم: كتاب البر (2609) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[4] مسند أحمد (3/440) من حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه، وأخرجه أيضا أبو داود في الأدب (4777)، والترمذي في صفة القيامة (2493)، وابن ماجه في الزهد (4186)، وأبو يعلى (1497)، والطبراني في الكبير (20/188)، والبيهقي في الشعب (6/313)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2753).
[5] سنن أبي داود: كتاب البيوع، باب: في فضل الإقالة (3460)، سنن ابن ماجه: كتاب التجارات، باب: الإقالة (2199) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وليس فيه قوله: ((بيعته))، وأخرجه أيضًا أحمد (2/152)، وصححه ابن حبان (5030)، والحاكم (2/45)، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حزم في المحلى (9/3)، وابن دقيق العيد كما في الفيض (6/79)، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه (3/18): "إسناد صحيح على شرط مسلم"، ورمز له السيوطي بالصحة، وصححه أيضًا الألباني في إرواء الغليل (1334).
[6] صحيح البخاري: كتاب البيوع (2078)، صحيح مسلم: كتاب المساقاة (1562) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[7] سنن أبي داود: كتاب الأدب (5164)، سنن الترمذي: كتاب البر (1949) عن ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه أيضا أحمد (2/90، 111)، وعبد بن حميد (821)، وأبو يعلى (5760)، والطبراني في الأوسط (1765)، والبيهقي في الكبرى (8/10)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وجود المنذري في الترغيب رواية أبي يعلى (3/152)، وقال الهيثمي في المجمع (4/238): "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات"، وهو في السلسلة الصحيحة (488).
[8] صحيح البخاري: كتاب المظالم، باب: الانتصار من المظالم، قال ابن حجر في الفتح (5/100): "هذا الأثر وصله عبد بن حميد وابن عيينة في تفسيرهما في تفسير قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [الشورى:39]".
[9] انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح (1/319 ـ مؤسسة الرسالة ـ)
[10] انظر: أدب المجالسة لابن عبد البر (ص116).
[11] صحيح مسلم: كتاب الفضائل (2328).


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله وحدَه، والصلاة والسلام
على من لا نبيَّ بعــــده .

وبعد: فاتَّّقوا الله أيها المسلمون، واعلَموا أنَّ تحضيضَ الشريعة على العفوِ والتجاوُز لم يكن مقتصِرًا على العفو في الظاهرِ دون الباطن، بل إنَّ التحضيضَ عمَّ الظاهر والباطنَ معًا، فأطلق على الظاهر لفظَ العفو، وأطلق على الباطنِ لفظ الصَّفح، والعفوُ والصفح بينهما تقارُبٌ في الجملة، إلاَّ أنَّ الصفحَ أبلغ من العفو؛ لأنَّ الصفح تجاوزٌ عن الذنبِ بالكلية واعتباره كأن لم يكن، أمّا العفو فإنّه يقتضي إسقاطَ اللوم الظاهر دونَ الباطن، ولذا أمَر الله نبيَّه به في قولِه: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر:85]، وهو الذي لا عتاب معه.

وقد جاءتِ الآيات متضَافِرةً في ذكرِ الصفح والجمعِ بينه وبين العفو كما في قولِه تعالى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ [المائدة:13]،

وقوله: فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [البقرة:109]، وقوله سبحانه: وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي القُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التوبة:22]، وقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًا لَّكُمْ فَاحْذَرُوَهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التغابن:14].

العفو والصّفح ـ عباد الله ـ هما خلُقُ النبيّ ، فأين المشمِّرون المقتَدون؟! أين من يغالِبهم حبُّ الانتصار والانتقام؟! أين هم من خلُق سيِّد المرسَلين ؟! سئِلَت عائشة رضي الله عنها عن خلُق رسولِ الله فقالت: لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين[1].

وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى:36، 37].

هذا وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على خير البريّة وأزكى البشريّة محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحبِ الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المسبِّحة بقدسه، وأيّه بكم أيها المؤمنون، فقال جل وعلا: يَا أ
🎤
محاضـرة.قيمــة.بعنــوان.cc
واحفظوا أيمانكم
للشيخ /عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌


 ملخص الخطبة1- الأمر بحفظ الأيمان. 2- كيفية حفظ اليمين. 3- الكذب في اليمين من الكبائر. 4- اليمين الغموس. 5- التحذير من أخذ حق الغير باليمين الكاذبة. 6- التحذير من الحلف في البيع والشراء. 7- مفاسد الأيمان الفاجرة. 8- الكذب في اليمين من صفات المنافقين. 9- تورع السلف من اليمين.

الخطبة الأولى أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.

عباد الله، يقول الله جل وعلا: وَٱحْفَظُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءايَـٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89]، أمر الله عباده بحفظ الأيمان.

حفظُ الأيمان يكون بأمور، فمِن حفظ اليمين ألا تكون متسرعاً فيها، ولا تُوقع اليمينَ إلا على أمرٍ أنت مضطرّ إليه، وعظِّم تلك اليمين بالله تعظيمَ المؤمن حقاً لها، وإذا وقع منك يمين قابلة للكفارة فحافظ على اليمين بأن تؤدي الكفارة إذا أردت مخالفة ما حلفت عليه، يقول : ((إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير))[1].

ومن المحافظة على اليمين أن تكون صادقاً في يمينك، بعيداً عن الكذب فيها، وقد ألزم الله المسلمين بالصدق في أيمانهم، وألزم قبول يمين من حلف إذا لم يستبن كذبُه وباطله، يقول : ((من حلف بالله فليصدُق، ومن حُلِف له بالله فليرضَ، ومن لم يرض فليس منا))[2].

أيها المسلمون، إن الكذبَ في الأيمان كبيرة من كبائر الذنوب، موجبةٌ لسخط الله، متوعَّد من أقدم عليها بالنار وحرمان الجنة والعياذ بالله، يقول الله جل وعلا: إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا أُوْلَـئِكَ لاَ خَلَـٰقَ لَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَلاَ يُزَكّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:77].

أيها المسلم، إذا أردتَ أن تحلفَ فتأكَّد من يمينك، احذر أن تكون يمينُك يمينَ غموس، يمينَ كذبٍ وفجور، يمينَ باطل. إن اليمينَ تعظيمٌ لله، وهل يليق بك أن تعظِّم الله جل وعلا على أمر لا حقيقة له؟! على أمر كذب وافتراء وباطل؟! هذا غير لائق بك ـ أيها المسلم ـ وأنت تعظِّم الله جل وعلا في قلبك، فلا تعظّم الله وأنت فاجر في يمينك، اتق الله في هذه اليمين، لا تستحلَّ بها مالَ امرئ مسلم، لا تنكِر بها حقاً، ولا تؤيِّد بها باطلاً، ولا تنتصر فيها لهوى، وإنما اجعل اليمينَ بالله على الصدق والوضوح، وابتعد عن الكذب والباطل.

والنبي  عدَّ اليمينَ الغموس من كبائر الذنوب، فيقول  لما سئل عن الكبائر قال:((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس))[3]، فقرنها بالشرك وعقوق الوالدين، مما يدعو المسلم إلى النفرة عن هذه اليمين الباطلة، وأن تكون يمينه يميناً صادقة.

النبي  يقول في اليمين أيضاً: ((من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان))، وتلا النبي  هذه الآية: إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا أُوْلَـئِكَ لاَ خَلَـٰقَ لَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَلاَ يُزَكّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:77] ، هكذا حدث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. دخل الأشعث بن قيس على عبد الله وأصحابه قال: ماذا حدثكم عبد الله؟ فأخبروه فقال: صدق عبد الله، كان بيني وبين رجل خصومة في بئر، فقال النبي : ((شاهداك أو يمينه))، قلت: إذًا ـ يا رسول الله ـ يحلف ولا يبالي، قال: ((من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان))[4].

وقال  في أحد أيام منى وهو بين الجمرتين: ((من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين هو فيها فاجر فقد أوجب الله له النار)) أو قال: ((فليتبوأ مقعده من النار))، وفي لفظ أنه قال:((من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق أوجب الله عليه النار وحرم عليه الجنة))، قالوا: يا رسول الله، ولو يسيراً؟! قال: ((ولو قضيباً من أراك))[5].

أيها المسلم، يضعف إيمانُ بعض الناسِ أمام هذه اليمين الفاجرة، فيقدم عليها طمعاً في دنيا، وانتصاراً لموقف، ودفاعاً عن إنسان أو قريب أو صديق، يقدم على هذه الأيمان الفاجرة فيظلم نفسه، ويظلم ذلك المسلم، وفوق هذا كذبٌ وافتراء على الله.

أيها المسلم، لا تخدعنَّك الدنيا فتأتي باليمين الفاجرة، فإن النبي  يقول: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، ورجلٌ جعل اللهَ بضاعتَه لا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه))[6]، بمعنى أنه يحلف على السلعة وهو كاذب: إنَّ قيمتها كذا، هذا إن باع، وإن اشترى حلف أن قيمتَها ليست كذلك، يعني يحلف البائع على قيمة سلعةٍ هو فيها كاذب، ويحلف المشتري أحياناً ضدَّ البائع بيمين هو [فيها] فاجر، فكلٌ منهما إذا حلف على يمين كذباً وزوراً فإنه د
اخل في الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.

أيها المسلم، اتق الله في اليمين، وإياك أن يضعف إيمانُك أمام هذه اليمين فتطلقها بلا حق وأنت تعلم كذبَ نفسك، لتنصر نفسَك في أي موقف من المواقف. هبْ أنك نلت هذا الأمر وظفرت بهذا الأمر، ولكن من ينجيك من عذاب الله؟! من يخلصك من عذاب الله! يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلأعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ [غافر:19]، الخلق يمكن أن يروج عليهم باطلُك، ويخدعهم كذبُك، ويظنون فيك الصدقَ فيما تحلف، ولكن من ينجيك ممن يعلم سرَّك وعلانيتك، ولا يخفى عليه شيء من أمرك؟! فأين الخلاص وربك عالم بكل شيء؟! قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ [آل عمران:29].

إن الأيمان الفاجرة منفقةٌ للسلعة ممحَقَة للبركة، إنها تضعف الإيمان، إنها سببٌ لحلول العقوبات والنقمات من رب العالمين، فالكاذب الفاجر في يمينه وإن فاز بها وقتاً فلا بد أن تدركه العقوبة وأن يحلَّ به من المصائب ما الله به عليم.

فلنتق الله في أيماننا، ولنحافظ عليها، ولا نجعل الله عرضةً لأيماننا، بأن نمتنع عن خير وفعل خير، بل يجب أن نتقي الله، ونعظم هذه اليمين التعظيم اللائق بها، فإنها تعظيمٌ لله. إذا قلت: والله العظيم إن هذا غير واقع، والله العظيم كذا وكذا، وأنت كاذب في يمينك، تعظِّم الله وأنت كاذب فاجر، تعلم من نفسك كذبك وبهتانك وباطلك، فاتق الله، وتخلص في هذه الدنيا قبل أن تلقى الله بالتبعات يوم القيامة، وتتمنى الخلاص ولا ينفعك ذلك.

أيها المسلم، كن صادقاً في يمينك، وابتعد عن الكذب فيها مهما كانت الأحوال، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة، ومن لزم الصدق جعل الله له من كل همٍّ فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ويسَّر أمورَه، ومن لزم الكذب محق الكذبُ بركةَ رزقه وعمره وعمله، وصار عند الله من الكذابين يوم القيامة.

أيها المسلمون، اتقوا الله في أيمانكم، وحافظوا عليها رحمكم الله، ولا تستخفوا بالأيمان بالله، فالمستخفّ بها [استخفافه] دليل على نقص إيمانه، ضعف إيمانه ورقة ديانته؛ إذ لو كان خوفه من الله حقاً لما أقدم على يمين كاذبة فاجرة.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، يقول الله جل وعلا: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة:225].

أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد في القول والعمل، إنه على كل شيء قدير.

[1] أخرجه البخاري في الأيمان، باب: قول الله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم (6623)، ومسلم في الأيمان، باب: ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها (1649) من حديث أبي موسى رضي الله عنه.

[2] أخرجه ابن ماجه في الكفارات، باب: من حلف له بالله فليرض (2101) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: ((فليس من الله)). قال البوصيري: "رجال إسناده ثقات"، وحسنه الحافظ في الفتح (11/536)، والألباني في صحيح الترغيب (2951).

[3] أخرجه البخاري في الأيمان، باب: اليمين الغموس (6675)، وفي استتابة المرتدين، باب: إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

[4] أخرجه البخاري في الأيمان، باب: قول الله: إن الذين يشترون بعهد الله (6676)، ومسلم في الإيمان (138) بنحوه.

[5] أخرجه مسلم في الإيمان (137) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه بنحوه، وليس فيه أن ذلك كان في أيام منى.

[6] أخرجه مسلم في الإيمان (106) من حديث أبي ذر رضي الله عنه بلفظ: ((والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)).

الخطبة الثانيةالحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.

عباد الله، إن الله جل وعلا أخبرنا عن المنافقين أن أيمانهم أيمانٌ كاذبة، جعلوا أيمانهم جُنةً تقي أموالهم ودماءَهم، فيحلفون بالله على الكذب وهم يعلمون، قال تعالى: ٱتَّخَذْواْ أَيْمَـٰنَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ [المجادلة:16]، وقال: إِذَا جَاءكَ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ لَكَـٰذِبُونَ  ٱتَّخَذُواْ أَيْمَـٰنَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ[المنافقون:1، 2].

فأيمان المنافقين أيمانُ كذب وباطل، يعلم الله ذلك من قلوبهم، ومحمد  يجريهم على الظاهر، فإذا حلفوا له بالله قبِل ظاهرَهم، ووكل سرائرَهم إلى الله، والله جل وعلا قد
أطلعه على مخبَّآت نفوسهم، وأن أيمانهم أيمانُ كذبٍ وباطل. فليحذر المسلم من التشبه بالمنافقين والضالين، وليكن ملازماً للصدق، وإذا طُلب منك يمين في القضاء وغيره فاتق الله وحاسب نفسك قبل أن تحلف، إن كنت على يقين وصدق جازم فاليمين من وسائل إثبات الحق، البينة على المدعي واليمين على من أنكر، ولكن إن كنت شاكاً في الأمر، متردداً لست على يقين جازم، فإن دينك أغلى عندك من الدنيا وما عليها، فواتُ شيء من الدنيا أهون من أن تكذب في يمينك. اتق الله، وحاسب نفسك، واعلم أن هذه اليمين إذا نطقتَ بها وأنت كاذب فيوشك أن يعجِّل الله لك عقوبة في الدنيا مع ما يدَّخر لك في الآخرة من العذاب الأليم.

في الحديث: ((ما من ذنب أحرى أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم))[1]، وأيّ بغي أعظم من بغي من يحلف بالله كاذبًا لينتصر في قضيته وفي مدافعته، فيحلف بالله وهو يعلم كذبَه وباطله؟! يندم ولا ينفع الندم، أما أيمان تستحلُّ بها أموال المسلمين وتجحد بها حقوقَهم وتقلب الحقيقة على القضاء، وهذا أمر غير لائق بك ـ أيها المسلم ـ وأنت تخاف الله وترجوه، كن خائفاً من الله في يمينك. كان سلفنا الصالح يتورَّعون عن اليمين، كانوا يتقون اليمين بكلِّ ما أوتوا خوفاً من الزلل في اليمين، فاتق الله في اليمين، قال تعالى: وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ  هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ  مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ [القلم:10-12]، وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ أي: كثير الحلف، الذي لا يبالي بحلفه، ولا يتقي الله في حلفه، ولا يتورَّع عن الكذب.

فاتق الله أيها المسلم، وكن بعيداً عن هذه الترهات، كن ملازماً للصدق؛ ففي الصدق الخير والنجاة في الدنيا والآخر.

واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

وصلوا ـ رحمكم الله ـ على نبيكم محمد  طاعة لربكم وتنفيذاً لأمره، قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً[الأحزاب:56].

اللهم صل وسلم بارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان =================
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❁ الجمــ☼ــعــة ❁
٠٩/ شـعـ⑧ــبـان/ ١٤٣٨هـ
05/ مــــايــ⑤ـــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

قال له قومه"إنا لنراك في سفاهة"
فأجابهم"يا قوم ليس بي سفاهة"
ولم يقل بل أنتم السفهاء
ما أجمل رقي الأخلاق في تعامل
الأنبياء عليهم السلام مع الاخرين..
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح الرقي في الاخلاق...@
🌙 *إشراقة الصباح*🌙
هذا صباحٌ في ترنّمه اعتلى
عرش الجمـال وقد تـلا آياته
تالله ما مثل الجمعة إذا أتى
أهدى إلى كلّ الأنام هبـاته.
☆أذكار الصباح☆
أذكار_الصباح|نور لِقلبك⛅️

*إشراقة*
‏تأتي السّعادة من نقاء النّفس
و راحة البال و طمأنينة القلب
فكن دائماً نقي النّفس في تعاملاتك
مع الآخرين ..

📖 *للجمـعةِ ضِـياءْ*
ولسورة " الكهف " سرورٌ وهـناءْ
فلا تنسوْهاخ يا أهل النَّــقاءْ ...
http://www.holyquran.net/cgi-bin/prepare.pl?ch=18

[ *عقوبة التخلف عن الجُمعة*]
قال النبي ﷺ : ( ليَنتهِيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمعاتِ ؛ أو لَيَختِمنَّ اللهُ على قلوبهم !! ثم ليَكونَنَّ من الغافلين !! ) صحيح مسلم..

💎 *درر الطريفي*💎
‏ذكر الله يعين على ثبات العلم وتذكّره
(واذكر ربك إذا نسيت) لأن نسيان الحق من الشيطان والذكر يطرده (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره)
♢ عبدالعزيز الطريفي ♢

قال تعالى
﴿إِنَّ لِلمُتَّقينَ مَفازًا﴾
الفوز والسعـادة تنالها...
عندما تـحقق تـقوى الله...
في السـر والعلـن...
*الضحى*🌹

》 *وختااما*《
نحن بحاجة إلى الحنين الحقيقي لشهر رمضان وهو ليس حنينا لأجوائه وأمسياته الحميمية مع العائلة والأصدقاء بل يجب أن يكون حنينا للنهوض بأنفسنا فيه ومن المفترض بهذا الحنين أن يكون فاعلا ويلّح على صاحبه فيتحرك به حتى يبلّغه إلى ما يحب الله ويرضى.
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•
﴿ إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
‏﷽
۝ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا
عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ۝ ﷺ
‏عِندمَا تريدْ السّعادة وتحاول أنَ لايكون للحزن مَكان ف في دَاخلك ، فَ أصدقْ بـ عملك وإهَتم بصلاتِك .
🌸🍃
‏دائماً قل الحمدلله فـربما غيرك يتمنى نصف ما تملك...
"قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"

ما أجمل الحياة عندما تكون كلّها لله..
جلستك،، وقفتك،، دراستك،، ابتسامتك،، عملك،، أخلاقك
‏" فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم"

رحم الله من تغافل لأجل بقاء ود وستر زلة،،
فنقاء القلب ليس عيبا!!
والتغافل ليس غباءا !!
والتسامح ليس ضعفا !!
من أبكاك يوماً سيجد من يبكيه ، ومن ضرك سينضر ، لا تشوه طهر قلبك برد السوء ثق بربك وتوكل عليه وكن بإنتظار الدنيا حين تدور .💜
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

◣ الاحد ◢
١١/ شـعـ⑧ــبـان/ ١٤٣٨هـ
07/ مــــايــ⑤ـــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

‌‏بدلاً من أن تتمنى أن تكون شخصاً
آخر.. كُن فخوراً بنفسك
فأنت ﻻ تعرف من ينظر إليك
متمنياً أن يكون مكانك
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح الثقة بالنفس...@
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
ما يشرع من الطاعة في شعبان
ووقـــت الـــغـــفــــــلـــة والـــفــــــــتن
للشيخ/ عبــدالله بن علي الطـــريف
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

أهداف وعناصر الخطبة :
1/ فضل الطاعة في شعبان والعبادة وقت الغفلة 2/ تفويت المشركين والمتشاحنين لمغفرة ليلة منتصف شعبان 3/ بِدَعُ شعبان

الخطبــة.الاولـــى.cc
أمـــا بعـــد: فإن المؤمن يعيش في هذه الحياة ما شاء الله له أن يعيش، وكل يوم يبقى فيه في هذه الدنيا هو غنيمة له ليتزود منه لآخرته.

وقد كان رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعِظُ ِرَجُلاً وَيَقُولُ لَه: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ, وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ, وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ, وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلُكَ, وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" رواه النسائي وغيره وصححه الألباني.

فحريٌّ بكل مؤمن أن يبذل المستطاع، ويغتنم فرصة الحياة ليحوز على الخير ويرتقي في سلم الطاعة؛ من أجل أن يحقق لنفسه أعلى الدرجات في جنات الخلود.

أحبتي: ها هو شعبان قد دخل، وهو موسم من مواسم الطاعة، على خلاف ما يظنه بعض المسلمين، فيغفلون عنه وعن ما فيه من الفضائل.

ولعلنا نقف مع فضل الطاعة في هذا الشهر المبارك وقفات تأسٍّ ننظر فيها حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي أُمرنا بالاقتداء به، وحال سلف الأمة، وهم أقرب الأمة هدياً به.

فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لم أرَك تصومُ من شهرٍ من الشُّهورِ ما تصومُ شعبانَ؟! قال: "ذاك شهرٌ يغفلُ النَّاسُ عنه بين رجب ورمضانَ، وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ" رواه النسائي، وإسناده صحيح.

ومن شدّة محافظته -صلى الله عليه وسلم- على الصوم في شعبان أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما رأيت رسول الله في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان" رواه البخاري ومسلم.

وقد تضمن حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- المتقدم حكمتين لإكثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الصيام في شعبان: حيث قال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان"، وقال: "وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".

أيها الإخوة: أما كون شعبان تغفل الناس عنه، فذلك بسبب أنه بين شهرين عظيمين، وهما شهر رجب الحرام ، وشهر رمضان المبارك، فاشتغل الناس بهما عنه، فغفلوا عن شعبان.

وقال أهل العلم في قوله: "يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان" دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله -عز وجل-؛ ولذا كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة.

وكذلك فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- فضل القيام في وسط الليل لشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل" رواه مسلم.

ومما يقوي فضل التفرد بالطاعة ما منحه الله من الفضائل والدرجات للذاكرين الله في وقت غفلة الناس، ومنها الأجر العظيم للرجل الذي يدخل السوق فيذكر الله؛ لأنه ذكر الله في مكان غفلة الناس، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن دخل السُّوقَ فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ يُحيي ويُميتُ وهو حيٌّ لا يموتُ، بيدِه الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، كتب اللهُ له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومحا عنه ألفَ ألفِ سيِّئةٍ، ورفع له ألفَ ألفِ درجةٍ" رواه الترمذي وحسنه الألباني.

ومما يؤكد هذا المعنى ما دار بين طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، وسلمان -رضي الله عنهما- أَنَّ طارقاً بَاتَ عِنْدَ سَلْمَانَ لَيَنْظُرَ مَا اجْتِهَادُهُ، قَالَ: فَقَامَ يُصَلِّي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ الَّذِي كَانَ يَظُنُّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ.

فَقَالَ سَلْمَانُ: "حَافِظُوا عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَإِنَّهُنَّ كَفَّارَاتٌ لِهَذِهِ الْجِرَاحَاتِ مَا لَمْ تُصِبِ الْمُقَتِّلَةَ، يَعْنِي الْكَبَائِرَ.

فَإِذَا صَلَّى النَّاسُ الْعِشَاءَ صَدَرُوا عَلَى ثَلَاثِ مَنَازِلَ: مِنْهُمْ مَنْ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، وَمِنْهُمْ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ.

فَرَجُلٌ اغْتَنَمَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَغَفْلَةَ النَّاسِ فَرَكِبَ فرَسَهُ فِي الْمَعَاصِي فَذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنِ اغْتَنَمَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَغَفْلَةَ النَّاسِ فَقَامَ يُصَلِّي فَذَلِكَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَرَجُلٌ صَلَّى ثُمَّ نَامَ فَذَلِكَ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ.

إِيَّاكَ وَالْحَقْحَقَةَ! وَعَلَيْكَ بِالْقَصْدِ وَالدَّوَامِ". والحقحقة: أن يجتهد في السير ويلح فيه حتى تعطب راحلته أو تقف. رواه الطبراني في الكبير موقوفا، وقال الألباني صحيح لغيره، موقوف.

أيها الأحبة: الأجور المترتبة على الاشتغال بالطاعات وقت غفلة
2024/09/28 23:27:54
Back to Top
HTML Embed Code: