Telegram Web Link
لطلب، فللعملية الاقتصادية في الإسلام أبعاد دينية واجتماعية، فأما الدينية فمتمثلة في نصح المسلمين وعدم غشهم أو خداعهم، ويذهب البعد الاجتماعي أكثر من هذا فيجعل المسلم لا يبيع شيئًا لأخيه أو يعقد صفقة إلا إذا كان يرضاها لنفسه، فإن رضيها لنفسه أتمها، وبارك الله له فيها.

2- غش المسئولية:ـ لابد أن يعلم كل إنسان أوكله الله أمر من أمور المسلمين أن الله تعالي وضع في عنقه أمانة ومسئولية فهي ليست تشريف ولا وجاهة وإنما مسئولية وتكليف. بمعنى أن كل من تم توظيفه في عمل عام فهو المعني بهذا الكلام : يقول المولي سبحانه وتعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا).النساء). وقال تعالي} إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً(72){الأحزاب.

وقال تعالي(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ {24}‏ الصافات. وقال تعالي}فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93({ الحجر. كما يصف جل جلاله المؤمنين فيقول (والذين هم لامانتهم وعهدهم راعون)المؤمنون.

أى ان الوظيفه العامه وديعه فى يد شاغلها يسأل عنها امام الامة التى تضعها فى يده ويسأل عنها امام الله. وكل ما كلفنا الله به من عمل فهو أمانة، الموظف مؤتمن، والمدرس مؤتمن، والتاجر مؤتمن، والعالم مؤتمن، والقاضي مؤتمن، والرجل في أهله ، والمرأه في بيت زوجها وغيرهم .. وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول}كلكم راع ومسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته{ رواه البخاري .

فمن أعظم مظاهر غش المسئولية
الغش للرعية ، وعدم النصح لهم، بحيث يتصرف تصرفًا ليس في مصلحتهم، ولا مصلحة العمل، لحديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: }ما من عبد يسترعيه الله على رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة {رواه البخاري ومسلم.

وعن مَعقِل بن يَسار رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول}ما من أميرٍ يَلِي أمر المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح، إلا لم يدخل معهم الجنة{؛ أخرجه مسلم.

من مظاهر غش المسئولية ..
الإحتجاب عن الناس وعدم قدرتهم علي الوصول إليه ..روى أبو مريم الأزدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم } من ولي من أمور المسلمين شيئاً ، فاحتجب دون خلتهم، وحاجتهم، وفقرهم، وفاقتهم، احتجب الله عنه يوم القيامة، دون خلته، وحاجته، وفاقته، وفقره {(صحيح الجامع الصغير) .. وعن عمرو بن مرة رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم}ما من إمام أو والٍ يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته{أخرجه أحمد .

ولذلك دعا النبي صلي الله عليه وسلم لمن رفق بالرعية ، أوشق عليهم ، فقال صلى الله عليه وسلم}اللهم من وَلِي من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، ومن وَلِي من أمر أمتي شيئًا فرَفَق بهم، فارفق به {رواه مسلم..

من مظاهر غش المسئولية ..
محاباة طرف علي حساب طرف…بحديث يؤخر أصحاب الكفاء ويقدم الأقل كفاءة مما يؤدي إلي ضياع الأمانة وعدم الشعور بالانتماء والولاء ..

رُوِي عن أبي بكر أنه قال لواليه يَزِيد بن أبي سفيان، وهو يرسله إلى الشَّام: “يا يَزِيد، إنَّ لك قرابةً عسيتَ أن تؤْثِرَهم بالإمارة، وذلك أكثر ما أخاف عليك، بعدما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (من وَلِي من أمر المسلمين شيئًا فأمَّر عليهم أحدًا محاباة، فعليه لعنة الله، لا يَقْبَل الله منه صرفًا ولا عدلاً، حتى يدخله جهنم).

ومن مظاهر غش المسئولية استغلال المسئولية في كسب غير مشروع :ــ فيحرم علي العامل أو الموظف أن يأخذ من الجهة الني يعمل بها أكثر من الأجر المقدر له أو الحافز المقرر له .

ومن يحاول أخذ شيء سوي ذلك
فهو غال وغاش وخائن لأمانة قال تعالي } ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة(161) { آل عمران.

وروي مسلم في صحيحه بسنده عن عدي ابن عميرة الكندي قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول من استعملناه منكم علي عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة قال فقام رجل أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال يا رسول الله أفيل عني عملك قال ومالك قال سمعتك تقول كذا وكذا قال وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم علي عمل فليجئ بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهي .

كما يحرم علي أي مسئول ..
أو موظف في أي مكان أن يرتشي أو يقبل الهدية ممن يعمل لهم من الناس فأخذ الرشوة إن كانت في مقاب
راعي : أين الله .
فبكى عمر واشترى الغلام من سيده واعتقه .

4- استشعار قيمة الآخرة
وتذكر الموت وزيارة القبور .

5- الصبر في تحصيل الرزق
الحلال بالوسائل المباحة.

6- التدريب علي القناعة ،
والتسليم لقدر الله تعالي .

7- مجالسة الرفقة الصالحة.

8- معاقبة مرتكبي الغش لردعهم
عن ذلك، وعدم التهوين من أمر الغش.

9 ـ توضيح مخاطر الغش وتعارضه مع مبادئ الإسلام ومع القيم والغايات التربوية، والنظر للعواقب الوخيمة للغش في الدنيا والآخرة. وكان بعضهم يقول: (لا أشتري الويل من الله بحبة؛ فكان إذا أخذ نقص نصف حبة، وإذا أعطى زاد حبة، وكان يقول: ويل لمن باع بحبة جنة عرضها السموات والأرض، وما أخسر من باع طوبى بويل).

في الختام …أيها المؤمنون :
يجب أن نعلم أن نهضة الأمم والشعوب، تتوقف علي قوتها في إيمانها وفي عملها وفي إنتاجها، وفي إتقانها للعمل، والإخلاص فيه، ومراقبة الله تعالي والالتزام بهدي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم والسير علي نهج السلف الصالح . ونبذ كل الخصال الذميمة من غش وتدليس وكذب وافتراء وخداع ومكر وغير ذلك .

فاللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن واهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنا سيئها لا يصرفُ عنا سيئها إلا أنت، اللهم أصلح فساد قلوبِنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا وارحم ضعفنا وحسن أخلاقنا. اللهم آمين . انتهت بفضل الله تعالي .
============================
ل تسهيلات فالحرمة تكون أشد لما فيها من أكل السحت ومخالفة الأمر وإن كانت بلا مقابل فكيف يأخذ ما لا يستحق وكيف يحمل نفسه من الأوزار في الدنيا والأثقال في الآخرة مالا يحتمل .

روي الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما قال لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم الراشي والمرتشي ) وحديث ابن اللتبية خير دليل علي ذلك . روي مسلم رحمه الله في صحيحه بسنده عن أبي حميد الساعدي قال استعمل رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلا من الأزد علي صدقات بني سليم يدعي ابن اللتبية فلما جاء حاسبه قال هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتي تأتيك هديتك إن كنت صادقا ثم خطبنا فحمد الله وأثني عليه ثم قال أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم علي العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتي تأتيه هديته إن كان صادقا والله لا يأخذ أحد منكم منها شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالي يحمله يوم القيامة فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتي رؤي بياض إبطيه ثم قال اللهم هل بلغت بصر عيني وسمع أذني .

ومن مظاهر غش المسئولية عدم بذل مافي وسعه وطاقته ،وعدم الوفاء للعمل ، وعدم الحفاظ علي ممتلكات العمل وكشف أسراره وخصوصياته ..كأن تجد الموظف في أثناء فترة العمل المحددة يخرج لقضاء مصالحه الشخصية ويعطل مصالح الناس ، يفطر ويشرب الشاي ويقرأ الصحف ويهاتف الأصحاب والبيت وهكذا فتتعطل كثير من مصالح المسلمين .

ومن أعظم مظاهر غش المسئولية أيضا.. إهمال الوالدين في تربية أولادهم .. قال بعض أهل العلم: تربية المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة تربيته عنوان شقاوته وبواله .

قال ابن القيم: وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده وفوَّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء) .
ليس اليتيم من أنتهى أبواه
من هم الحياة وخلفاه ذليلاً

إن اليتيم هو الذي تلقى له
أماً تخلت أو أباً مشغولاً ..

الأم تخلت عن تربية الولد، والأب مشغول طيلة النهار خارج البيت عن أولاده .
وهذان نموذجان لتربية
صالحة والأخري سيئة غاشه …

الأولي : الإمام الأوزاعي إمام ومحدث كبير ،مثل: الشافعي، والحنفي، ومالك، وأحمد ابن حنبل، يقولون: ولد في بعلبك في لبنان، ونشأ يتيماً فقيراً في حجر أمه، الولد فقير معدم لا أب له، لكنهم قالوا: ربته أمه تربية تعجز الملوك أن تربي أولادها مثل تربيته، ربته أمه تربية على فقره وضعفه وحاجته كان المتعين على من سمع كلمة من الأوزاعي أن يسجلها، لأن التربية رفعت الأوزعي، ورفعت أم الأوزعي التي ربت هذا الولد .

الثانية : أما التربية السيئة فهي كالآتي .. فعسى يرى الآباء فيها عبرة وتكون للأبناء خير عظاتِ،حكم القاضي على فتى بالموت إذ نفساً قتل ليفوز بالسرقاتِ وأتوا به عند الصباح مكبلاً ما بين فرسان وبين مشاةِ ،ودنوا به من آلةٍ حدباء قد نصبت لإعدام الأثيم العاتي ، وتلو عليه الحكم وهو مروع تبدو عليه صفرة الأموات، سألوه قبل الموت عما تشتهي فأجاب هيا عجلوا بمماتي ، لكنه بين الجموع رأى له أماً تنوح بأسوأ الحالات، فبكت وقالوا: دعوا الحزينة لحظة كيما أقبلها قبل وفاتي، فدنو بها منه، فقال: تشجعي يا أم فموتي لا محالة آت ،مدي لسانك كي أقبله فهذي آخر اللحظات، مدت له منها اللسان ولم تدري بما للإبن من نيات، فدنا يقبلها ولكن صرخة منها دوت والناس في دهشات ، نظر الجميع إلى الفتى فإذا به قطع اللسان وقال ذي الكلمات ،لو لم يكن هذا اللسان مشجعاً لي في الجرائم ما فقدت حياتي ،هذا إنتقامي منك ياأمي فلا لوم علي وهذه ثاراتي .

إهمال تربية الأبناء جناية
عادت على الآباء بالويلات .

3ـ الغش في القول:
وذلك عند إدلاء الشاهد بالشهادة، فيشهد بشهادة فيها زور وبهتان وكذب، ونحو ذلك.

إن شهادة الزور تسبب لشاهدها دخول النار لأنها تطمس العدل والإنصاف وتعين الظالم على ظلمه وتضيع حقوق الناس وتظلم بعضهم على حساب بعض وتعطي الحق لغير مستحقه وتزرع الأحقاد في القلوب وتعصف بالمجتمع وتقوض أركانه وتزعزع أمنه واستقراره يقول النبي صلى الله عليه وسلم } إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو يذرها}

يشهد أحدهم شهادة مزورة أو يجمع أقوالاً ملفقة أو يوشي بوشايات كاذبة لا يخافون الله فيها ولا يخشون عقابه عليها وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول ((إن بعدكم قوماً يخونون ولا يُؤتمنون، ويشهدون ولا ُيستشهدون، وينذرون ولا يوفون)) رواه البخاري ومسلم. وأخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن قول الزور من أكبر الكبائر..

فجاء في الصحيحين عن عبد ال
رحمن بن أبي بكرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ}أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ – ثَلَاثًا – ؟ قُلْنَا: بَلَى يا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ{ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ .

4ـ الغش في النصيحة:
ويكون الغش في النصيحة، بعدم الصدق، والإخلاص فيها، أوبعدم بذلها ،أوبالصمت واللامبالاة ،وهذا من علامات المنافقين.

قال الخطَّابي: في معني قول النبي صلي الله عليه وسلم } من غشنا فليس منا {… معناه ليس على سيرتنا ومذهبنا، يريد أنَّ من غشَّ أخاه وترك مناصحته، فإنَّه قد ترك اتباعي والتمسك بسنَّتي)

وعن جرير بن عبد الله، قال :
{ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم} وعن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال}الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم{ . ومن صور الغش أيضًا: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم الإنكار على الأصحاب والأقارب محاباة لهم ومداهنة. فحق هؤلاء على المسلم أن ينصحهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فإن لم يفعل فقد غشهم.

5ـ الغش في التعليم:ـ 
كأن يغش في الامتحانات ويحصل على شهادة لا يستحقها، وقد يتبوأ بها منصبًا، وهو ليس أهلًا لذلك المنصب، وبهذا الغش يخرج جيل جاهل، غير مؤهل لقيادة الأمة.

وقد تكلم بعض العلماء عن هذا
الجانب من الغش؛ نذكر من ذلك:

الغش حرام في امتحانات الدراسة أو غيرها، وفاعله مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من غشنا فليس منا)).

ولا فرق في ذلك بين كون المواد الدراسية دينية أو غير دينية ،كما أنَّه محرَّم في المعاملات.

فطالب العلم مؤتمن أمام الله تعالي فمن نجح بالغش فليس بناجح في الحقيقة، ثم إنه يترتب على غشه أنه سينال بشهادته مرتبة لا تحل له ، ويترتب علي ذلك الفشل الدائم وعدم الأمانة فلو أصبح طبيبا فسيكون فاشلا وكذلك مهندسا ومدرسا وغير ذلك لأنه بني علي الغش ، فيبقي فاشلًا في أداء مهمته.

العنصر الرابع :
الأسباب المؤدية للغش :ـ
هناك أسباب كثيرة تحمل الإنسان أن يغش ومن هذه الأسباب:ـ
1- ضعف الإيمان بالله، والإيمان بالقضاء والقدر، وقلة الخوف منه، وافتقاد الرقيب، وإذا غاب الرقيب ضاعت الأخلاق . 2- جهل الفرد بحرمة الغش، وأنه من الكبائر. 3- – شدة الحرص علي الدنيا ، والحصول علي المال من أي طريق كان. 4- عدم تطبيق الأحكام لمعاقبة مرتكبي جريمة الغش. 6- الرفقة السيِّئة. 7- التربية السيئة، والتي تتنافى مع الأخلاق والآداب الإسلامية. 8- نسيان الموت وافتقاد قيمة الآخرة .

العنصر الخامس :
آثار الغش في الدنيا والآخرة :ـ 
الغش يؤدي إلي خسارة كبيرة
في الدنيا والآخرة منها :ـ

1ـ الخسارة في الآخرة :ـ الغش يؤدي بصاحبه إلي ضعف الإيمان مما يجعل الإنسان بعيدا عن الله تعالي وعن رحمة الله عز وجل لأنه تهاون بنظر الله إليه ، وبعيدا عن الناس لأنه أصبح دنئ النفس خبيث فيورد نفسه مورد الهلاك والعطب ، ويكون مصيره النار والعياذ بالله بعد براءة الناس صلي الله عليه وسلم منه لقوله صلي الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا ) لأنه ارتكب كبيرة من الكبائر المحرمة الموجبة للنار.

2ـ الخسارة في الدنيا :ـ 

أ . طريق لحرمان إجابة الدعاء،
لأن صاحبه يأكل المال الحرام.

ب . محق البركة في المال والعمر.، لأن فيه أكل أموال الناس بالباطل ، وخيانة للأمانة المكلف بها الإنسان .

ج . سبب في تسلط الظلمة والكفار، قال لابن حجر الهيثمي ولهذه القبائح- أي الغش- التي ارتكبها التجار والمتسببون وأرباب الحرف والبضائع سلط الله عليهم الظلمة فأخذوا أموالهم، وهتكوا حريمهم ، بل وسلط عليهم الكفار فأسروهم واستعبدوهم، وأذاقوهم العذاب والهوان ألواناً { . وصدق من قال: ولا ترجع الأنفس عن غيِّها *** ما لم يكن منها لها زاجر د. الغش يؤدي إلي الفرقة بين المسلمين ، وضياع الثقة بين أفراد المجتمع . هـ . يخرج أجيال فاشلة غير قادرة على تحمل المسئولية.

العنصر السادس :
الأسباب المعينة على ترك الغش:ـ 

1- الابتهال والتضرع إلى الله بالدعاء بأن يغنيه الله بحلاله عن حرامه.

2- التربية الإيمانية الشاملة الواعية منذ الصغر . وينشأ ناشئ الفتيـــــان منا على ما كان عوده أبوه وما دان الفتى بحجي ولكن يعوده التـــدين أقربوه

3- تقوية الثقة بالله، واستشعار مراقبته سبحانه وتعالي. فالمسلم إذا جعل الله رقيبا وحسيبا عليه وعلم أن هناك قصاصا عادلا يوم القيامة .

خرج سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة في بعض أصحابه، فاستراحوا في الطريق فانحدر عليهم راع من جبل، فقال له عمر : يا راعي الغنم بعنا شاة .

فقال الراعي : إنه مملوك أي أنا عبد مملوك، قال له عمر : قل لسيدك أكلها الذئب فقال ال
قاب الناس بسبب قوته أو ماله أو قوامته على بيته إذا دَعَتك قدرتُك على ظلمِ الناس فتذَكّر قدرةَ الله جلّ وعلا عليك،وأن الله يهمل ولا يمهل وأن حلمه لحكمة بالغة وأن نصره للمظلوم سنة باقية وأن للظلم يوما يعض على يديه وأن الذي أهلك الظالمين السالفين قادر على الانتقام من اللاحقين ،

واخشَ ـ أيها الضعيف المسكين ـ
من دعوةِ المظلوم فإنّها ليسَ بَينها وبين الله حِجاب، يقولُ رسولُنا صلى الله عليه وسلم لمُعاذٍ بن جبل رضي الله عنه وقَد أرسَلَه إلى اليَمَن وقد كانوا قوما نصارى: ((واتَّق دعوةَ المظلومِ، فإنه ليس بينها وبين الله حِجاب))،

وفي الحديث الأخر : (ثلاثةٌ لا تردّ دعوتهم)، وذكَر منهم: (ودَعوة المظلوم، يرفعها الله فوقَ الغَمامِ، ويَفتَح لها أَبوابَ السّماء، ويَقولُ الرّبّ جلّ وعلا: وعِزّتي، لأنصُرَنّك ولو بعدَ حين )
ويقول صلى الله عليه وسلم ( دعوة المظلوم مستجابة ، وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه)

فعدل الله مع كل عباده و يقول ابن تيمية رحمنا الله وإياه(إن الله ينصر الأمة العادلة ولو كانتكافرة , ويهزم الأمة الظالمة ولو كانت مسلمة)

ومن الواجبات الشرعية ـ أيها المسلمون ـ نصرة المظلوم والوقوف معه وتأييده ودعمه فالله تعالى يقول (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) وفي الحديث السابق يقول صلى الله عليه وسلم ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما )

فالمؤمن الحق والرجل الحق يقف مع الحق ويدور معه لأن نفسه أبيه ومعدنه أصلي ومبدأه نقي وهذا ما أوجبه الله عليه وأملاه عليه ضميره وما دله عقله

اتقوا الله جميعا أيها المؤمنون
ثم صلوا وسلموا على النبي المعصوم
========================
ُعينكَ فيه على ذكره وشكره وحسن عبادته :
إذا أنتَ لم تزرع وأبصرتَ حاصداً
نَدمتَ على التفريط ِفي زمن ِالبذرِ .

عباد اللهِ: ومن كان عليه أيامٌ من رمضانَ الماضي فليبادر بقضائِها من الآن, ومن كانت لأخيه مظلمةٌ أو حقٌ فليؤدِّها قبل ألاّ َيكونَ دِرهمٌ ولا دِينارٌ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ. اللهم آتِ نُفُوسَنَا تقواها، وزَكِّها أنتَ خيرُ مَنْ زَكَّاها، أنتَ وَلِيُّها ومَولاها.

اللهم تب على التائبين، واغفر ذنوب المستغفرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ربنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، ووفقنا لما تحبُّ وترضى يا رحمان, اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبُّ وترضى، وأعنهم على البرِّ والتقوى, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا ربَّ العالمين. اللهم اجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا, اللهم اهدنا واهدِ بنا يا ربَّ العالمين.

اللهم بلغنا رمضان، وارزقنا فيه حُسنَ القولِ والعملِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
========================
يا مَن جعَل الله حَاجاتِ الخلقِ عِندهم احذَروا أن تَضطرّوا عباد الله لما لا يُحمَد شرعًا ولا يُرتَضَى طبعًا، من كثرة الترداد والإلحاح والاستجداء أو التنازل عن عزته وكرامته أو دفع الرشاوى المحرمة فتبوؤوا بالإثم والغضب من الله جلا وعلا، جاء عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم منَعوا الحقَّ حتى اشتُرِي، وبَسَطوا الجورَ حتى افتُدِي).

إخوةَ الإسلامِ، ومِن الظّلمِ الواضِحِ الذي يَقَع فيه بَعضُ الناسِ ظلمُ الأجَرَاء والمستَخدَمين من عمّالٍ ونحوِهم ببخسِهِم حقوقَهم أو تأخيرها عن أوقاتها أو تغيير الاتفاق المبرم معهم في بلدانهم أو إِهانَتِهم بقولٍ أو فعل، وفي صحيحِ البخاريّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثةٌ أنا خَصمُهُم يَومَ القيامة))، وذكر مِنهم: (ورجلٌ استأجَرَ أجيرًا فاستَوفى مِنه ولم يعطِهِ أجرَه)

ومن الظلم البين ممارسة الأذى الجسدي أو النفسي لأي شخص ففي الحديث (إنَّ الله يعَذِّب الذين يعذِّبون الناسَ في الدّنيا) رواه مسلم.ويشمل أيضا من يؤيد ذلك أو يسكت عنه

وظلم ذوي القرابة أشد مضاضة على النفس وأقرب الناس إلى الإنسان زوجه وأم ولده بالتقتير عليها أو سوء معاملتها أو إهانتها أو هجرانها أو تهديدها أو عدم حسن الخلق معها أو المكث كثيرا خارج المنزل ومن لا خير فيه لأهله لا خير فيه لأمته ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) ومثل ذلك ظلم الأبناء بإهمال تربيتهم أو سوء معاملتهم أو تفضيل بعضهم على بعض

ومن الظلم للبشرية ترك التحاكم إلى شرعه وحرمان الناس من نعيم الدنيا بالأمن والرخاء( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )

وبعد ـ أيّها المسلمون ـ لا فلاحَ مع الظلمِ، ولا بقاءَ للظالم، ولا استقرارَ للمعتَدِي مهمَا طالَ الزمان ومهما بلَغ به الشأن، يقولُ ربنا جلّ وعَلا: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ، ويَقول عزّ شأنُه: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
ويَقول عزَّ في عُلاه: هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ .

وقد تتأخر عقوبة الظلم إلى حين وأجل يعلمه الله، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) قال ثم قرأ: وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ

فالعقوبات الإلهية سنة من سنن الله التي لا تتغير ولا تتبدل، كما قال الله: قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذّبِينَ

آلا فاتقوا يا عباد الله واحذروا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة احذروه بكافه صوره وأشكاله ومسمياته واحذروا مساعدة الظالم على ظلمه أو إقراره واعتبروا بمصارع الطغاة الظالمين والأمم المكذبين .

وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فا استغفروه إنه هو الغفور الرحيم


الخطبــة.الثانيـــة.cc
معاشرَ المؤمنين، مظالِمُ العباد لا بدَّ من التحلّل منها والتخلّص من عواقبِها، فرسولُنا صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا خَلَصَ المؤمِنون منَ النّار حُبِسوا بقنطرةٍ بين الجنّة والنّار، فيتقاصّون مظالِمَ كانت بَينهم، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبوا أُذِن لهم بِدخولِ الجنّة) الحديث أخرجَه البخاريّ، وأَخرَج أيضًا عنِه صلى الله عليه وسلم قالَ: (مَن كانَت له مَظلَمةٌ لأخيهِ مِن عِرضِه أو شَيءٍ فليتحلّله منه اليومَ قبل أن لا يكونَ دِرهمٌ ولا دِينار، إن كان له عَمَلٌ صالح أُخِذ منه بقدرِ مظلمته، وإن لم تَكن له حسنات أخِذَ من سيّئات صاحبه فحُمِل عليه).

الظلم شنيع ـ يا عباد الله ـ ولا بد من مدافعته وتطهير مجتمعاتنا منه بالوسائل الشرعية، ومن أعظم وسائل إزالة الظلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله بالعدل والحكمة والموعظة الحسنة ، قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
ومن الوسائل عدم الركون إلى الظالم؛ لأنه سبب في انتشار الظلم، قال الله تعالى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ، ولأن الركون إلى الظالم سكوت عن ظلمه وتأييد له
ومن الوسائل هجر الظالم وعدم إعانته على ظلمه، قال صلى الله عليه وسلم: ((انصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قالوا: يا رسولَ الله، هذا ننصُرُه مظلومًا، فكيفَ ننصُره ظالمًا؟! قالَ: ((تأخُذُ فوقَ يَدِه)) متّفَق عليه

والحذر الحذر من تأييد الظالم بأي شكل كان فإن من يفعل ذلك فهو ظالم مثله اقرأوا إن شتم قول الله ) احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ( يقول عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها أي : نظراءهم .

ويامن تسلط على ر
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
عاقبة الظلم ومصارع الظالمين
للشيــخ/ فهــد عبـدالله الصــــالــح
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــة.الاولــى.cc
الحمد لله القوي العزيز الفعال لما يريد لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم أحمده سبحانه حمد العارفين وأشكره شكرا يليق بمنه وفضله وهو أرحم الراحمين .

واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بما وصانا الله لقد وصانا بتقواه ومراقبته والالتزام بشرعه والاعتصام بحبله

عبدا الله : منكر كبير وإثم عظيم بسببه تكون كل المصائب وتحل النقم الجرائم ويجد الظالم فيه مبتغاه ويضيع العدل وتضطرب حياة الناس وتنفجر النفوس غيظا وكمدا منه

إنه منكر الظلم الذي هو ضد العدل وهو وضع الشيء في غير موضعه
ولأجلِ كثرةِ مضارّ الظّلم وعظيم خطرِه وتنوُّع مفاسدِه وكثير شرِّه، لأجل ذلك حرّمه الله على نفسه وحرمه بين عباده، فقال تعالى في الحديث القدسيّ: "يا عبادي، إني حرّمت الظلمَ على نفسي، وجعلته بينكم محرَّمًا، فلا تظالموا". حرمه على نفسه جلا وعلا لأنه أعدل العادلين وأحكم الحاكمين
وحرّمه بين عباده ليحفَظوا بذلك دينَهم ويحفظوا دنياهم، وليُصلِحوا آخرَتهم، وليتمَّ بين العباد التعاوُن والتراحمُ بترك الظّلم، وليؤدّوا الحقوقَ لله وللخلق.

والظلم من المعاصي التي يعجل الله عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من ذنبٍ أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)) أبو داود.

وفي حديث أخر: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)) رواه أحمد في مسنده

ولقد حذّرنا الله تبارك وتعالى من الظلم غايةَ التحذير، وأخبرنا بأنَّ هلاكَ القرون الماضية كان بظلمِهِم لأنفسهم ، فقال تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) ، وقال تعالى: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) ، وقال سبحانه مصورا حال أمة بعد إهلاكها: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) وقال تعالى مبينا تنوع عقوباته التي سلطها على الطغاة قارون وفرعون وهامان: (فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)

والظلم ـ أيها الأخوة ـ درجات وأنواع وأشدها ظلمٌ الناس لخالقهم بإنكار وجوده أو نسبة الخلق والرزق لغيره أو الاستهزاء بذاته أو دينه أو رسله أو كتبه أو الإشراك به فيما هو من خصائصه قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) فمن مات على الشرك بالله تعالى خلَّدَه الله في النار أبَدًا كما قال عزّ وجلّ: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)

ومن الظلم الذنوبُ والمعاصي التي بين العبدِ وربِّه ما دون الشركِ بالله، فإنّ الله إن شاء عفَا عنها بمنِّه وكرمِه، أو كفّرها بالمصائبِ والعقوبات في الدنيا، أو تجاوَز عنها بشفاعةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم أو شفاعةِ غيره من الشافعين، أو يعذِّبُ الله العاصيَ في النار بقدرِ ذنبه ثم يخرِجه من النار ويدخِله الجنّة .

والنوع الثالث من الظلم ـ أيها المسلمون ـ: مظالم بين الخَلق في حقوقٍ لبعضهم

ومن أعظمِها التطاوُلُ على أموالِ اليتامى والبسطاء والعامة الذين لا يستطيعون حيلة لاستراد حقوقهم ولا يهتدون سبيلاإِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًاأو التعدي على حقوق الغير ولو كانوا أغنياء ففي الحديث الصحيح ( مطل الغني ظلم )

ومِثلُه العدوانِ على المالِ العامّ ، بل ربما كان العدوانُ عليه أشدَّ حُرمَةً وأبشَعَ أثَرًا؛ لأنّ الضَّرَرَ فيه يُصيبُ الأمّةَ بمَجموعها، وفي صحيح البخاريّ: (مَن أخَذَ مِن الأرضِ شَيئًا بغير حقٍّ خُسِف بِه يومَ القيامَةِ إلى سَبعِ أَراضِين)، وفي الحديثِ الأخر: (مَن أخَذَ مِن طَريقِ المسلِمين شِبرًا جاء يومَ القيامة يحمِله من سبع أراضين).

ومن صور الظلم عدم العدل من رئيس الدائرة بين موظفيه في الترقيات والعلاوات وخارج الدوام
و
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
مرحـــبا بســفــير رمــضــــــان
للشيـــخ/ خـــالـــد القــرعـــاوي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

أهداف وعناصر الخطبة :
1/ هدي الرسول الكريم في شهر شعبان 2/ فضل شهر شعبان 3/ ما يُسَنُّ ويتأكّدُ عمله في شعبان .

الخطبــــة.الأولــــى.cc
الحمدُ لله الذي بيدِهِ الأمرُ، فضَّل شَهرا على شَهرٍ، وخصَّ بعضَها بِمَزيدِ الثَّوابِ والأجْرِ، نَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ لَه، مُوالِي البرَكاتِ، ومُغدِق الرَّحمَاتِ، يَعلَمُ السِّرَ والجَهْرَ.

ونَشهدُ أنَّ سَيِّدنا ونبِيَّنا مُحمَّداً عبدُ اللهِ ورَسُولُهُ، نَبِيُّ الرَّحمَةِ واليُسرِ، دَائِمُ العَمَلِ والِبشرِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه, أزكى مَنْ تَعَبَّدَ للهِ وصامَ, وابتهلَ للهِ وقَامَ, حتى تَفَطَّرت منه الأقدَام، وَمَنْ تبِعَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ على الدَّوامِ.

أمــــَّا بعــــدُ: فَأوصيكم -عبادَ اللهِ
ونفسي بِتَقوى اللهِ -تعالى-:(أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) [يونس:62-64].

أيُّها المؤمنونَ:
للهِ الحكمةُ البالِغةُ، ولهُ الأمرُ فيما يَشَاءُ ويَختَارُ، فمن تعظيم اللهِ لشهر رمضانَ, أنْ هيأ قَبلَهُ شهرَ شَعبَانَ, ولهذا كانَ لِشَهرِ شَعبَانَ عندَ رَسولِنا من الحفاوةِ والعَمَلِ ما يفُوقُ الوصفَ والخَيالَ!

وبِحمدِ اللهِ، اليومَ وفَد علينا ..
هذا السَّفيرُ الكريمُ بين يدَي ضيفٍ عزيزٍ، فلنكرم سَفِيرَ حَبِيبِنا، ولنقُم بحقِّ مبعوثِ ضَيفِنا، فمن حقِّ رَمَضَانَ علينا أن نَصِلَ قَرِيبَهُ، ونُكرمَ أَخَاهُ وَقَرِينَهُ.

حقاً - عبادَ اللهِ :
إنَّ شعبانَ "شَهرٌ يغفُلُ النَّاسُ عنه" كمَا وَصَفَهُ رَسُولُ اللهِ، وهنا لفتةٌ يذكرها العلماءُ دائِماً، وهي استحبابُ عمارةِ أوقاتِ غفلةِ الناسِ بالطَّاعاتِ، وأنَّ ذلك محبوبٌ عندَ الله عزَّ وجلَّ، وسببُ التَّفضيلِ أنَّ الطَّاعاتِ في وقتِ غفلةِ النَّاسِ أَخفَى، وإخفَاءُ العمَلِ وإسرارهُ أدعى للإخلاصِ والقَبُولِ, وأبعدُ عن الرِّياءِ.

والعمَلُ الصَّالِحُ في وقتِ غفلةِ الناسِ شاقٌّ على النُّفُوسِ، فكان أجرُه أعظمَ؛ لقول النَّبيِّ لعائِشةَ -رضي اللهُ عنها-: "إنَّ لَكِ من الأجرِ على قدْرِ نَصَبِك ونفقتِك". فاللهمَّ أعنَّا جميعا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عبادتكِ.

عــــبادَ اللــــهِ:
لِنَتعرَّفْ على هَدي رَسُولِنا الكريمِ في شَهرِ شَعبَانَ، ومَا هِي مَرَاسِمُ استقبالِهِ عندهُ؟ وبماذا كان يحثُّ المسلمينَ ويوجِّهُهُم إليهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ؟. تقولُ أمُّنا عائشةُ -رَضِي اللهُ عنها-: "كانَ رسولُ الله يصومُ، يعني شَعبانَ، حتى نقولَ: لا يُفطِر، ويفطرُ حتى نقولَ: لا يصومُ، وما رأيتُ رسولَ الله استكملَ صيامَ شهرٍ قطُّ إلاَّ شهرَ رمضانَ، وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ صياماً منه في شعبانَ" رواه البخاري ومسلم. وفي روايةٍ: كان يصومُ شعبانَ كُلَّه. وكانَ يصومُ شعبانَ إلاَّ قليلاً.

وهذا يدلُ على شِدَّةِ محافظتِهِ على الصَّومِ في شَعبَانَ، والمقصودُ صيامُ أكثرِ الشَّهرِ لا كُلّهُ. وعن أُسَامَة بْن زَيْدٍ -رَضِي اللهُ عنهما- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ! قَالَ: "ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ، بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ" حسَّنهُ الألبانيُّ. فَذَكَر النَّبِيُّ سَبَبَينِ لِتَفضِيلِهِ: أنَّهُ شَهرٌ يغفُلُ النَّاسُ عَنه لِوُقُوعِهِ بينَ شَهرَينِ عَظِيمَينِ، والثَّانِي أنَّهُ تُرفَعُ فِيهِ أَعمَالُ العِبادِ إلى الله -تعالى-, فأرادَ أن يُرفعَ عَملُه وهو صائمٌ.

عباد الله: ومادُمنا - بِحمدِ الله ..
في أوَّلِ يومٍ من شعبانَ فلنعقدِ العزَمَ على التَّزوُّدِ من الطَّاعاتِ, والمُنافسةِ في الخيراتِ, والمُسابقَةِ إلى الجنَّاتِ, حتى لا يأتيَ رمضانُ إلاَّ وقد ارتقى المُسلمُ منازلَ عالِية من الطَّاعةِ والعبادةِ. قالَ اللهُ -تعالى-: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد:21].
مضى رجبٌ ومـا أحسنتَ فيـه
وهـذا شهرُ شـعبانَ المبـارَك

فيا من ضيَّـع الأوقـاتَ جهـلاً
بِحُرمتهـا أفِق واحـذَر بَوارَك

تدارَك ما استطعتَ مـن الخطايـا
بتوبةِ مخلـصٍ واجعل مـدارَك

على طلبِ السلامـةِ من جحيـمٍ
فخَيرُ ذوي البصائرِ من تدارَك .

عباد اللهِ: الصِّيامُ في شَعبَانَ ..
من أفضلِ التَّطوُّعِ؛ لأنَّهُ قَريبٌ من صِيامِ فَرْضِ رَمضَانَ، فيكونُ بِمَنزل
َةِ السُّنَنِ الرَّواتِبِ مَعَ الفَرائِضِ قَبلَها, وصيامُ السِّتِ من شوال كالبعديةِ لرمضانَ، قالَ الإمامُ ابنُ رَجَبٍ الحنبليُّ -رحمه الله-: "صَومُ شعبَانَ كالتَّمرِينِ على صِيَامِ رَمَضَانَ؛ لئِلّا يَدخُلَ في صومِ رمضانَ على مَشَقَّةٍ وَكلفَةٍ، بل يكونُ قد تَمرَّنَ على الصيام واعتادَه، وَوَجَدَ بِصيامِ شَعبَانَ قَبلَهُ حلاوةَ الصِّيامِ ولَذَّتَهُ، فَيدخُلُ في صيامِ رَمضَانَ بقوةٍ ونشاطٍ" انتهى كلامه رحمهُ اللهُ.

فاحرصوا -رَحِمَكُم اللهُ- على صيامِ شعبانَ, وحُثُّوا أَبنَاءَكَم وَدَرِّبُوهم عليهِ؛ حتى لا يُصابُوا بِثِقَلٍ أو تَعَبٍ فِي رَمَضَانَ.

ولتبشر أيُّها الصائِمُ!
فعن أَبي سعيدٍ، قَالَ : "مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَاً" متفقٌ عَلَيْهِ. فاللهمَّ أعنَّا جميعا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عبادتكِ.

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمدُ لله ذي العظمةِ والجلالِ، نحمده -سبحانه- على نعمِه في الحالِ والمآلِ، ونشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له الكبيرُ المتعَال، ونشهَدُ أنَّ نَبِيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه, دَلَّنا على الفَلاحِ وحذَّرَنا من الضَّلالِ, اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وأصحابه والتَّابعينَ لهم ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ ما تعاقب الزَّمانُ.

أمــــَّا بعــــدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ
واحمدوا اللهَ على نِعَمةِ الصِّحَةِ والفراغِ، فَكلُّ يومٍ لنا فِي هذه الدُّنيا فهو غَنِيمَةٌ لِلتَّزَوُّدِ من الصَّالِحاتِ، ألم يَقُلِ اللهُ -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورً) [الفرقان:62] .

أيُّها الأخُ الكَرِيمُ:
ضَيفُنا المُبارَكُ وغَائِبُنا الحبيبُ سَيحِلُّ بنا بعدَ شَهرٍ كامِلٍ، وما أسرعَ قُدُومَهُ! أفَلا يَحسُنُ بنا أن نَستَعِدَّ وَنَتَهيَّأَ لهُ؟ بلى والله! فلقد كانَ رَسُولُنا وقُدوَتُنا -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- يستَعِدُّ لهُ من شعبان كما عَلِمنا آنِفاً. ألا وإنَّ مِمَّا يُسنُّ عَمَلُه في شَعبانَ الإكثارُ من قراءةِ القرآنِ، قال أنسُ بنُ مالكٍ -رضي الله عنه-: "كانَ المُسلِمُون إذا دَخَلَ شَعبَانُ أَكَبُّوا على المَصَاحِفِ فَقَرؤوها, وأَخَرجُوا زَكاةَ أَموالِهم؛ تَقوِيَةً لِضَعِفِيهم على الصوم".

وقال سلمةُ بنُ كُهَيلٍ: كان يُقَالُ:
شَهرُ شَعبَانَ شَهرُ القُرآنِ. وإذا دَخلَ شَعبانُ قالَ السَّلفُ: هذا شَهرُ القُرَّاءِ. اللهُ أكبرُ .

عبادَ اللهِ: ما أدقَّ فهمَ السَلَفِ لِشرعِ اللهِ! وما أحرصَهم على تَحقيقِ التَّقوى والإيمانِ! كُلُّ ذلِكَ تَمريناً لِلنَّفسِ وتَهيِئَةً لها على البقاءِ مع القرآنِ لِفترةٍ أطولَ في شَهرِ القُرآنِ!.

ومِمَّا يَنبَغي أنْ نَتواصى بِهِ -إخوتي في اللهِ- في شهرِ شَعبَانَ أنْ نُعَوِّد أنفُسَنَا على قِيامِ الَّليلِ, فَلقدَ قَدُمَ عَهدُ بعضِنا بِقيَامِ الليلِ فلا يَذكُرُونهُ إلاَّ في رَمضانَ الماضي! ولو أنْ نَبدأَ من الليلَةِ بِثَلاثِ ركَعاتٍ, ثمَّ بِخمسٍ، وهكذا، حتى نَنْشَطَ ونَتَمَرَّن عليه خِلالَ شهرِ القِيامِ. وما أسرعَ تَصَرُّمَ الأيامِ!. واستمِعوا إلى التَّوجيهِ البَليغِ والنُّصحِ اللطيفِ من مُعَلِّمنا الأولِ حينما ذُكِرَ عِنْدَهُ الصَّحابِيُّ الجليلُ مَخْرَمَةُ بنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، فَقَالَ: "ذَاكَ رَجُلٌ لا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ" رواه الإمامُ أحمدُ والنَّسائيُ. إخواني في اللهِ: وهل هناكُ أحدٌ أَصلاً يَجعَلُ القُرآنَ وِسَادَةً لهُ- لا قَدَّرَ اللهُ- وينامُ عليهِ؟كلا! وإنِّما المعنى أنَّه لا يَنَامُ بِالَّليلِ وَيَترُكُ حِزبَهُ من القُرآنِ، وَلَكِنَّها البَلاغَةُ النَّبَوِيَّةُ، والتَّوجِيهُ الَّلطيفُ لهُ ولِغَيرهِ.

أيُّها المُؤمنونَ:
ومِمَّا يُؤكَّدُ عليهِ في شَعبَانَ صِلَةُ الأرحامِ, وتركُ التَّشَاحُنِ والبَغضَاءِ, واجتنابُ التَّقَاطُعِ والتَّدَابُرِ, وفي أحاديثَ صحَّحها بعضُ العُلماءِ أنَّ النبيِّ قال: "يَطَّلِعُ اللهُ إلى جَمِيعِ خَلقِهِ لَيلةَ النِّصفِ مِن شَعبَانَ فَيغفِرُ لِجَمِيعِ خَلقِه إلاَّ لِمُشركٍ أو مُشاحِنٍ". وقالَ: "إنَّ الله لَيطِّلِعُ على عبادِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، فيغفرُ لِلمؤمنينَ، ويُملِي للكافرين، ويَدعُ أهلَ الحِقدِ بحقدِهم حتى يَدَعُوه".

فيا أيُّها الأبرارُ والأخيارُ:
علينا في هذا الشَّهرِ بالتَّصافي والتَّوادِ, والمَحَبَّةِ والرحمةِ, علينا بالتَّوبةِ الصَّادِقَةِ النَّصوحِ، والاستغفارِ من جميع الآثامِ، فرمضانُ سَيَحِلُّ بنا قريباً، إن كَتَبَ الله لنا الحياةَ، فهيئ نَفسَكَ، وقدِّر نعمة الله عليك، واسأله أن يُبَلِّغكَ رمضانَ، وأن ي
فوائد إحيائها بالطاعات أعظم، فمن تلكم الفوائد أن الطاعات فيها تكون في سرٍ وخفاء، وإخفاء الطاعة وإسرارها من أعظم أسباب قبولها، فإنها تكون خالصة لله تعالى، بعيدة عن السمعة والرياء. وإن الطاعات وقت غفلة الناس شاقة على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس ما دامت موافقة لسنة النبي ، عباد الله، إن أعمال السنة ترفع إلى الله تعالى في شعبان، أعمال العباد تعرض على الله عرضا بعد عرض، فتعرض كل يوم بالليل والنهار، ثم تعرض عليه أعمال الجمعة كل اثنين وخميس، ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان، ولكل عرض حكمة، يُطْلِعُ الله عليها من شاء من خلقه، أو يستأثر بها عنده، مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية.

أيها المؤمنون، ولما كان شهر شعبان كالمقدمة لرمضان ـ ولا بد في المقدمة من التهيئة ـ شرع فيه من الصيام وغيره من القربات ما يهيئ القلوب لرمضان، ليحصل التأهب وترويض النفوس على طاعة الرحمن؛ ولهذا كان النبي يكثر فيه من الصيام، ويغتنم وقت غفلة الناس، وهو رسول الله ، هو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،

 

عباد الله، ومما  نكرم به سفير رمضان هو الإكثار من قراءة القرآن، اقرئوا القران ورتلوه واجعلوه منهجكم في الحياة

فلنحرصوا ـ رحمني الله وإياكم ـ على الإكثار من الطاعات واجتناب السيئات، ولنغتنموا فراغكم قبل شغلكم، وصحتكم قبل سقمكم، وحياتكم قبل موتكم، وغناكم قبل فقركم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

_________

الخطبة الثانية

_________

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.

أما بعد: أيها الناس، إنكم قادمون على ما قدّمتم، ومجزِيّون على ما أنجزتم، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فالسعيد من تدبّر أمرَه، وأخذ حِذرَه، واستعد ليوم لا تنفع فيه عَبرة. الناس يثقون بالدنيا وهي غدّارة، ويطمئنون إليها وهي مكّارة، ويأنسون بها وهي غرّارة، وهل لك ـ أيها الإنسان ـ من الدنيا إلا حفرة ضيّقة تَحويك وقبر مظلمٌ يُؤويك؟! ثمّ إما إلى نار تلظّى أبد الآبدين، وإما إلى نعيم مقيم أبد الآبدين، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ، نسأل الله تعالى أن يدخلنا الجنة وأن يعيذنا من النار بمنه وكرمه.

عباد الله، إن من أعظم ما يهيئ المؤمن نفسه لرمضان في شهر شعبان ما جاء عند الطبراني وابن حبان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي قال: ((يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)) وهو حديث صحيح. فتعاهدوا ـ عباد الله ـ توحيدكم من أن ينقضه شرك أكبر أو ينقضه شرك أصغر، وطهروا أنفسكم من الشحناء والبغضاء وحزازات النفوس ووغل الصدور، فإن الله تعالى يغفر في ليلة النصف من شعبان لكل عباده إلا للمشرك والمشاحن.

فإياكم والإشراك بالله، لنتفقد أنفسنا؛ فلعل الواحد منا مبتلى بشيء من هذه الشركيات وهو لا يدري، فالمشرك هو الذي عبد غير الله تعالى بأي نوع من أنواع العبادة؛ من دعاء أو نذر أو ذبح أو نحو ذلك من العبادات، فمن فعل ذلك فقد أشرك واستحق العقوبة، وهي عدم المغفرة والخلود في النار، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة: 72]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا [النساء: 116].

وأما المشاحن فهو المباغض والمخاصم والمقاطع والمدابر والحاقد والحاسد وما اكثرهم في هذا الزمن، فكل هذه أوصاف للمشاحن، وهي سبب لعدم المغفرة، فعن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ((تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا)) رواه مسلم، وعن أبي ثعلبة الخشني عن النبي قال: ((إن الله ليطلع على عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه)) رواه الطبراني وهو في السلسلة الصحيحة (1144

فيا عباد الله ، يا من أتيتم تستمعون الذكر، أنتم على خير عظيم، وعلى صراط مستقيم، فالثبات الثبات، الثبات الثبات حتى الممات، وليس الموت ببعيد.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يبارك لنا في شعبان، وأن يبلغنا رمضان، وأن يكتب لنا فيه الرحمة والرضوان والعتقَ من النيران وصلوا وسلموا

 
خطبة رائعة على بداية شعبان وكيف يستقبل سفير رمضان
وضروة سلامة الصدر من الاحقاد
وتحري فعل الخيرات وترك المنكرات


الخطبة الأولى
________

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات، الحمد لله الذي علم العثرات، فسترها على اهلها وانزل الرحمات، ثم غفرها لهم ومحا السيئات، فله الحمد ملئ خزائن البركات، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات، وله الحمد ما تعاقبت الخطوات وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قام في خدمته، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ورضي على من سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:

 

أيها الإخوة المؤمنون، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، فمن خاف الوعيدَ قصُر عليه البعيد، ومن طال أمله ضعف عمله، الإيمان خير قائد، والعمل الصالح خير رائد، والإحسان إلى الناس خير عائد، وحسن الخلق خيرٌ زائد. أهل الدنيا في غفلة، تمرّ عليهم الجنائز، والموت فيهم واعد وناجز، وهم يبنون ما لا يسكنون، ويجمعون ما لا يأكلون، فيا سعادةَ من استعان بدنياه على آخرته، ويا فوزَ من شمّر لمرضاة ربّه وعمل على طاعته، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.

أيها المسلمون،  استقبلنا بالامس سفيرٌ كريم بين يدَي ضيفٍ حبيب عظيم، فأكرموا سفيرَ حبيبكم، وقوموا بحقّ مبعوث ضيفِكم، إنه شهر شعبان، رسولُ رمضان وسفيره، ومبعوثه إليكم وبريدُه، فمن حقّ رمضان علينا ـ أيها المؤمنون ـ أن نصِل قريبه، وأن نكرمَ أخاه وقرينَه، ويكون ذلك بأمور يسيرةٍ لمن همُّه سعة قبره وضياؤه، وهدفه رحمة ربّه ورضاؤه.

أيها الإخوة الكرام، أوّلُ ما يكون به الإكرام لهذا الشهر الزائر الراحل هو الإكثار من الصيام فيه، فإنّ حبيبنا المصطفى كان يكثر من الصيام في شعبان، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ما رأيتُ رسول الله استكمل صيامَ شهر إلاَّ رمضان، وما رأيته أكثرَ صياما منه في شعبان، وقالت رضي الله عنها: كان النبي يصوم شعبانَ كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً.

وقد بيّن نبيّنا سببَ إكثاره من الصيام في هذا الشهر المبارك، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لَم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟! فقال : ((ذاك شهر يغفَل الناس عنه، بين رجَبٍ ورمضان، وهو شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أن يُرفَع عَملي وأنا صائم)).

فذكر ص سببين اثنين: أولهما أن شهر شعبان شهرٌ يغفل الناس عنه لوقوعه بين شهرين عظيمين: شهرِ رجب وشهرِ رمضان، والأوقات التي يغفل فيها الناس عن العبادة تحسن فيها الطاعات وتعظم فيها الحسنات، فالمؤمن ينبغي له أن يزداد حرصُه على الطاعة والعبادة والذكر حين أوقات الغفلة وفي أماكن الغفلة.

والسبب الثاني لإكثار المصطفى من الصيام في شعبان هو أن شعبانَ شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى, فأراد أن يرفع عمله ص وهو صائم وهو المغفور له ما تقدم وما تاخر، فلنحرص ـ أيها الإخوة المؤمنون ـ على الاقتداء بنبينا وحبيبنا محمد.

ثم إن الصيام في شعبان ـ أيها الإخوة المؤمنون ـ هو كالتّمرين على صيامِ رمضان، لئلا يدخل المسلم في صومِ رمضان على مشقّة وكُلفة عباد الله، الإكرام الثاني الذي نكرم به شهر شعبان هو تطهير أنفسِنا من جميع الذنوب والمعاصي وتنقيةُ بيوتنا من جميع المنكرات والمخالفات، فالتوبةَ التوبةَ يا عباد الله، توبوا إلى لله تعالى توبةً نصوحًا، واصطَلِحوا مع خالقكم، وافتحوا صفحةً جديدة بيضاءَ لما تبقّى من حياتكم، وأَبشِروا بقَبول الله تعالى، قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

احرص عبد الله ـ على أن لا يدخلَ عليك رمضان إلاّ وأنت طاهِرٌ نقيّ، فإنّ رمضانَ عِطر، ولاَ يُعطَّرُ الثّوبُ حتى يُغسَل، وهذا زمنُ الغسل، فاغتسلوا ـ رحمني الله وإياكم ـ من درَن الذنوب والخطايا، وتوبوا إلى ربكم قبل حلول المنايا، اتّقوا الشركَ فإنه الذنب الذي لا يغفره الله لأصحابه، واتَّقوا الظلم فإنه الديوان الذي وكله الله لعباده، واتقوا الآثام فمن اتقاها فالمغفرة والرحمة أولى به.

يا من للناس عليك حقوقٌ، أدِّ الحقوقَ لأصحابها. أيها العاق لوالديه، ائت مرضاةَ الله من أبوابها، وإن رضا الله تعالى في رضا الوالدين، وسخطه تعالى في سخط الوالدين. أيها الشاب الواقع في المعاصي، اعلم أن الشيطان لن ينتصر عليك بإيقاعك في المعاصي، وإنما ينتصر عليك بتقنيطك وتيئيسك من رحمة أرحم الراحمين وبتسويف التوبة وطول الأمل.

فتعرضوا لنفحات الله عباد الله، وتلمسوا مرضاته، فإن الأجور المترتبة على الاشتغال بالطاعات وقت غفلة الناس أكبر، وإن
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

◤ الاثنين ◥
٠٥/ شـعـ⑧ــبـان/ ١٤٣٨هـ
01/ مــــايــ⑤ـــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏أعظـم أوقـات التسبيـح فــي الصبـاح
عند إقبال النفس استعانة بالله ..
وفي المساء استسلا ماًله سبحانه..
(فسبحان الله حين تمسون وحين
تصبحون)
ٰ
صبــــاح التسبيح...@
”حِكمَة بَسيطَة ” . .مَا دُمت تَنوي الخَير فَ أَنت بِ خَير . .فَ أأحرصُوا عَلى النَوايا ، لأنهَا تُكتب . . | 💜
﴿ﻫُﻮَ ﻋَﻠَﻲَّ ﻫَﻴِّﻦٌ﴾

ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻌﺎﻇﻢ ﺣﺰﻧﻚ ﻭﻫﻤﻚ ..
ﻣﺮﺿﻚ ﻭﺳﻘﻤﻚ .. ﻛﺪﺭﻙ ﻭﻏﻤﻚ ..
ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ أن يزيل هذا كله
فأستعن ﺑﺎﻟﻠﻪ ..!!
عبارة كتبت على لوحة :

{ ليس باستطاعتك أن تأخذ مالك معك لكن.. باستطاعتك أن تجعله" يستقبلك "

أروع ... وصف ... للصدقة
🎤
خطبـة.جمعــة.بعنــوان.cc
قصة طالوت وجالوت دروس وعبر1⃣
للشيـــخ/ مــحــمــــــــد الــــجــــــــرافــــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــــة.الاولــــى.cc
أمــــا بعــــد ايها المســلمــون :
ما أروعُ أن نعود إلى كتاب الله تعالى؛ نعيش معه وفيه بكل جوارحنا وكياناتنا، نَعرِضُ أنفسنا عليه عرضًا كاملاً، ليس فقط من أجل استلهام الدرس والعِبرة؛ وإنما باعتباره الدليلَ الهاديَ لكل الخطوات في الحاضر والمستقبل؛ ففيه ذِكرُنا نحن بذواتنا وأنفسنا، يقول تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10] .

ومن عظمة القرآن الكريم ومن خصائصه أنه لا يَخْلَقُ على كثرة الرد، فمهما درسناه تدبُّرًا وتفسيرًا وتفصيلاً هُدينا إلى المزيد من المعاني، كأننا نُطالِعُه لأول مرة؛ إذ يبوح لنا بأسرار متجددة على الدوام!

ومن عظمة القرآن الكريم ..
أنه حمَّالُ أوجهٍ؛ بحيث يسمَحُ لمستويات متعددة من الفهم والتأويل، ويعطي مرونةً عظيمة في التخطيط والتطوير والبناء على المنهج القرآني الفريد .

لذا أردنا أن نتوقَّف أمام قصة عبقرية من عبقريات القصص القرآني العظيم، فقد قص الله تعالى على أمة محمد صلى الله عليه وسلم قصص السابقين من الأمم والأنبياء: كي يتعظوا ويتعلموا ما فيها من دروس وعبر مستفادة، يطبقوا ويكرروا قصص النجاح ويتجنبوا الإخفاق والانهزام وأسبابه .

ومن هذه القصص قصة طالوت وجالوت وكيف انتهت المواجهة بنصر المؤمنين وبزوغ نجم النبي المجاهد داوود عليه السلم قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ¤ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ¤ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:246 -248].

يقص تعالى على نبيه ..
قصة الملأ من بني إسرائيل وهم الأشراف والرؤساء، وخص الملأ بالذكر، لأنهم في العادة هم الذين يبحثون عن مصالحهم ليتفقوا فيتبعهم غيرهم على ما يرونه، وذلك أنهم أتوا إلى نبي لهم بعد موسى عليه السلام فقالوا له {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا} أي: عيِّن لنا ملكًا لقد اجتمع الملأ من بني إسرائيل من كبرائهم وأهل الرأي فيهم إلى نبي لهم .

ولم يرد في السياق ذكر اسمه ..
لأنه ليس المقصود بالقصة وذكره هنا لا يزيد شيئاً في إيحاء القصة .

وقد كان لبني إسرائيل كثرة من الأنبياء يتتابعون في تاريخهم الطويل لقد اجتمعوا إلى نبي لهم وطلبوا إليه أن يعين لهم ملكاً يقاتلون تحت إمرته في سبيل الله .

وهذا التحديد منهم لطبيعة القتال وأنه في سبيل الله يشي بانتفاضة العقيدة في قلوبهم ويقظة الإيمان في نفوسهم وشعورهم بأنهم أهل دين وعقيدة وحق وأن أعداءهم على ضلالة وكفر وباطل فهي تجربة في حياة بني إسرائيل من بعد موسى بعدما ضاع ملكهم ونهبت مقدساتهم وذلوا لأعدائهم وذاقوا الويل بسبب انحرافهم عن هدي ربهم وتعاليم نبيهم ثم انتفضت نفوسهم انتفاضة جديدة، واستيقظت في قلوبهم العقيدة، واشتاقوا القتال في سبيل الله {نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ابعث لنا ملكا ليجمع متفرقنا ويقاوم بنا عدونا، ولعلهم في ذلك الوقت ليس لهم رئيس يجمعهم، كما جرت عادة القبائل أصحاب البيوت، كل بيت لا يرضى أن يكون من البيت الآخر رئيس، فالتمسوا من نبيهم تعيين ملك يرضي الطرفين وكانت أنبياء بني إسرائيل تسوسهم، كلما مات نبي خلفه نبي آخر، فلما قالوا لنبيهم تلك المقالة {قالَ} لهم نبيهم {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا} أي: لعلكم تطلبون شيئًا وهو إذا كتب عليكم لا تقومون به، فعرض عليهم العافية فلم يقبلوها، واعتمدوا على عزمهم ونيتهم، فقالوا: {وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} أي: أي شيء يمنعنا من القتال وقد أُلجأنا إليه، بأن أُخرجنا من أوطاننا وسُبيت ذرارينا، فهذا موجب لكوننا نقاتل ولو لم
يكتب علينا، فكيف مع أنه فُرِض علينا وقد حصل ما حصل .

ولهذا لما لم تكن نياتهم حسنة ..
ولم يقوَ توكلهم على ربهم {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا} فجَبُنُوا عن قتال الأعداء وضعفوا عن المصادمة، وزال ما كانوا عزموا عليه، واستولى على أكثرهم الخور والجبن {إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ} فعصمهم الله وثبتهم وقوى قلوبهم فالتزموا أمر الله ووطنوا أنفسهم على مقارعة أعدائه، فحازوا شرف الدنيا والآخرة، وأما أكثرهم فظلموا أنفسهم وتركوا أمر الله، فلهذا قال: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ .

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ} مجيبا لطلبهم
{إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} فكان هذا تعيينًا من الله الواجب عليهم فيه القبول والانقياد وترك الاعتراض، ولكن أبوا إلا أن يعترضوا، فقالوا: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} أي: كيف يكون ملكاً وهو دوننا في الشرف والنسب ونحن أحق بالملك منه .

ومع هذا فهو فقير ليس عنده ما يقوم به الملك من الأموال، وهذا بناء منهم على ظن فاسد، وهو أن الملك ونحوه من الولايات مستلزم لشرف النسب وكثرة المال، ولم يعلموا أن الصفات الحقيقية التي توجب التقديم مقدمة على المال والنسب، وهذا اعتراض منهم على نبيهم وتعنت، وكان الأولى بهم طاعة وقول معروف وهذا هو طبع بني إسرائيل فلهذا قال لهم نبيهم: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} لست أنا الذي عينته من تلقاء نفسي بل الله أمرني به لما طلبتم مني ذلك .

فلزمكم الانقياد لذلك { وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} أي: فضله عليكم بالعلم والجسم، أي: بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور الملك، لأنه إذا تم رأيه وقوي على تنفيذه حصل بذلك الكمال، ومتى فاته واحد من الأمرين اختل عليه الأمر، فلو كان قوي البدن مع ضعف الرأي، حصل في الملك خرق وقهر. .

قوة على غير حكمة، ولو كان عالمًا بالأمور وليس له قوة على تنفيذها لم يفده الرأي الذي لا ينفذه شيئاً {وَاللَّهُ وَاسِعٌ} الفضل كثير الكرم، لا يخص برحمته وبره العام أحدًا عن أحد، ولا شريفًا عن وضيع، ولكنه مع ذلك {عَلِيمٌ} بمن يستحق الفضل فيضعه فيه، فأزال بهذا الكلام ما في قلوبهم من كل ريب وشك وشبهة لتبيينه أن أسباب الملك متوفرة فيه، وأن فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده، ليس له راد، ولا لإحسانه صاد .

ثم ذكر لهم نبيهم أيضًا آية حسية
يشاهدونها وهي إتيان التابوت الذي قد فقدوه زمانًا طويلاً وفي ذلك التابوت سكينة تسكن بها قلوبهم، وتطمئن لها خواطرهم، وفيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون، فأتت به الملائكة حاملة له وهم يرونه عيانًا". كأنه يقول لهم أي هذا دليل على صدقي فيما جئتكم به من النبوة، وفيما أمرتكم به من طاعة طالوت إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر.


الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله ........ أمــــا بعــــد
المشهد الثاني من القصة قال تعالى
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ . وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ¤ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ . تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة:249-252].

أي: لما تملَّك طالوت ببني إسرائيل واستقر له الملك تجهزوا لقتال عدوهم، فلما فصل طالوت بجنود بني إسرائيل وكانوا عدداً كثيراً وجمًا غفيرًا، امتحنهم بأمر الله ليتبين الثابت المطمئن ممن ليس كذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} فهو عاص ولا يتبعنا لعدم صبره وثباته ولمعصيته {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} أي: لم يشرب منه فإنه مني {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} .

فلا جناح عليه في ذلك
ولعل الله أن يجعل فيها بركة فتكفيه، وفي هذا الابتلاء ما يدل على أن الماء قد قل عليهم ليتحقق الامتحان، فعصى أكثرهم وشربوا من النهر الشرب المنهي عنه .

ورجعوا على أعقابهم ونكصوا عن قت
ال عدوهم وكان في عدم صبرهم عن الماء ساعة واحدة أكبر دليل على عدم صبرهم على القتال الذي سيتطاول وتحصل فيه المشقة الكبيرة، وكان في رجوعهم عن باقي العسكر ما يزداد به الثابتون توكلا على الله، وتضرعا واستكانة وتبرؤا من حولهم وقوتهم، وزيادة صبر لقلتهم وكثرة عدوهم، فلهذا قال تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَهُ} أي: النهر {هُوَ} أي: طالوت {وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ} .

وهم الذين أطاعوا أمر الله ولم يشربوا من النهر الشرب المنهي عنه فرأوا... قلتهم وكثرة أعدائهم، قالوا أي: قال كثير منهم {لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} لكثرتهم وعَددهم وعُددهم {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ} أي: يستيقنون ذلك .

وهم أهل الإيمان الثابت واليقين الراسخ، مثبتين لباقيهم ومطمئنين لخواطرهم، وآمرين لهم بالصبر {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} أي: بإرادته ومشيئته فالأمر لله تعالى، والعزيز من أعزه الله، والذليل من أذله الله، فلا تغني الكثرة مع خذلانه ولا تضر القلة مع نصره، {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} بالنصر والمعونة والتوفيق .

فأعظم جالب لمعونة الله صبر العبد لله، فإذا الفئة القليلة الواثقة بلقاء الله، التي تستمد صبرها كله من اليقين بهذا اللقاء، وتستمد يقينها كله من الثقة في الله، وأنه مع الصابرين..

إذ هذه الفئة القليلة الواثقة الصابرة، الثابتة، التي لم تزلزلها كثرة العدو وقوته، مع ضعفها وقلتها.. إذاً هذه الفئة هي التي تقرر مصير المعركة. بعد أن تجدد عهدها مع الله، وتتجه بقلوبها إليه، وتطلب النصر منه وحده، وهي تواجه الهول الرعيب .

ولهذا لما برزوا لجالوت وجنوده {قَالُوا} جميعهم {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} أي: قو قلوبنا، وأوزعنا الصبر، وثبت أقدامنا عن التزلزل والفرار، وانصرنا على القوم الكافرين.

من هاهنا نعلم أن جالوت وجنوده كانوا كفاراً، فاستجاب الله لهم ذلك الدعاء لإتيانهم بالأسباب الموجبة لذلك، ونصرهم عليهم {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ } وكانت النتيجة هي التي ترقبوها واستيقنوها : ” فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ “.. ويؤكد النص هذه الحقيقة: ” بإذن الله “.. ليعلمها المؤمنون أو ليزدادوا بها علماً، وليتضح التصور الكامل لحقيقة ما يجري في هذا الكون، ولطبيعة القوة التي تجريه..

إن المؤمنين هم ستار القدرة ..
قدرة الله يفعل الله بهم ما يريد، وينفذ بهم ما يختار.. بإذنه.. ليس لهم من الأمر شيء، ولا حول لهم ولا قوة؛ ولكن الله يختارهم لتنفيذ مشيئته، فيكون منهم ما يريده بإذنه.. وهي حقيقة خليقة بأن تملأ قلب المؤمن بالسلام والطمأنينة واليقين .

{وَقَتَلَ دَاوُودُ }عليه السلام، وكان مع جنود طالوت، {جَالُوتَ} أي: باشر قتل ملك الكفار بيده لشجاعته وقوته وصبره {وَآَتَاهُ اللَّهُ} أي: آتى الله داود {الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ} أي: منَّ عليه بتملكه على بني إسرائيل مع الحكمة، وهي النبوة المشتملة على الشرع العظيم والصراط المستقيم، ولهذا قال {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} من العلوم الشرعية والعلوم السياسية، فجمع الله له الملك والنبوة، وقد كان من قبله من الأنبياء يكون الملك لغيرهم، فلما نصرهم الله تعالى اطمأنوا في ديارهم وعبدوا الله آمنين مطمئنين لخذلان أعدائهم وتمكينهم من الأرض .

وهذا كله من آثار الجهاد في سبيله، فلو لم يكن لم يحصل ذلك فلهذا قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} أي: لولا أنه يدفع بمن يقاتل في سبيله كيد الفجار وتكالب الكفار لفسدت الأرض باستيلاء الكفار عليها وإقامتهم شعائر الكفر ومنعهم من عبادة الله تعالى، وإظهار دينه {وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} حيث شرع لهم الجهاد الذي فيه سعادتهم والمدافعة عنهم ومكنهم من الأرض بأسباب يعلمونها، وأسباب لا يعلمونها.

ثم قال تعالى: {تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} أي: بالصدق الذي لا ريب فيها المتضمن للاعتبار والاستبصار وبيان حقائق الأمور {وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} فهذه شهادة من الله لرسوله برسالته التي من جملة أدلتها ما قصه الله عليه من أخبار الأمم السالفين والأنبياء وأتباعهم وأعدائهم التي لولا خبر الله إياه لما كان عنده بذلك علم بل لم يكن في قومه من عنده شيء من هذه الأمور، فدل أنه رسول الله حقا ونبيه صدقا الذي بعثه بالحق ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .

انتهت هنا قصة طالوت وجالوت
🎤
http://خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
العقيدة الصحيحة
للشيخ /حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

  ملخص الخطبة1- أعظم نعمة بعثة النبي . 2- العقيدة الصحيحة منبع السعادة. 3- العقيدة الإسلامية ذخيرة الخير. 4- صاحب العقيدة الصحيحة. 5- آثار الإيمان وثماره. 6- أمة التوحيد والإيمان. 7- خصائص أمة محمد . 8- البعد عن العقيدة الصحيحة. 9- علاج الكوارث والنكبات. 10- صمام الأمان الرجوع إلى الإسلام. 11- نصيحة لرجال الإعلام.

الخطبة الأولى

أمام بعد:

أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في الأقوال والأفعال، في السر والجهار، فمن اتقاه وقاه، وجعل له من كل ضيق فرجا، ومن كل هم مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب، وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ.[الطلاق:2، 3].

أمة الإسلام، أعظم نعمة وأجلّ مِنّة بعثة نبينا محمد ، بعقيدة صافية تحقق الصلاح والخير، وتدرأ الشقاء والشر، بما تضمنته من ركائز العدالة والأخوة، ومن دعائم الحرية والمساواة والسلام، وبما اشتملت عليه من أخلاق تطهر النفوس، وتربي الضمائر على أنبل الصفات وأكرم الفضائل وأعلى المثل.

إخوة الإسلام، إن العقيدة التي أرسى النبي  قواعدها، وثبَّت أصولها هي مصدر الخيرات ومنبع السعادة والمسرات، وذلك لمن رعاها حق رعايتها، واتبع هداها، والتزم بمقتضاها، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا  وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـٰهَا [الشمس:9، 10].

هي الشجرة الطيبة، يانعة الثمار، دائمة الأكل، مهما امتد الزمان واحتدّ الصراع، وعسر الطريق وعظمت الخطوب، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَاء  تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبّهَا [إبراهيم:24، 25].

العقيدة الإيمانية ذخيرة الخير لبني الإنسان، بدونها تلتوي عليهم السبل، وتكتنفهم الهواجس، ويستبدّ بهم القلق، ويتيهون في غمار الحيرة والضياع والخسار، وَٱلْعَصْرِ  إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَفِى خُسْرٍ  إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ [سورة العصر].

العقيدة الإيمانية التي جاء بها نبينا محمد  رافد[1] دائم ومدد قوي لتيار الخير والصلاح، وحاجز منيع لصدّ دواعي الشر وطغيانه المدمر، صاحبها لا يزلّ عن مسلك قويم ومنهج مستقيم، ولا تحيط به جواذب الأهواء، أو تستبدّ به زخارف الحياة ومغرياتها، فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:38]، إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ [الإسراء:9].

إخوة الإيمان، بالعقيدة الصحيحة يعرف الإنسان موضعه الصحيح، ويستنير له دربه القويم في هذه الحياة، سيراً على الهدى والبصيرة، وسلوكاً للحق والرشاد، في معالم واضحة، وخطى ثابتة، وهدف مرسوم، يعمر من خلالها الحياة بكل خير، ويقيم فيها المثل العليا، والمناهج الفضلى، وفق فطرة نقية، وضمير طاهر، وإرادة موجِّهة إلى الإصلاح والفضائل، وتصميم جازم في البعد عن القبائح والرذائل، والذين آمنوا وعملوا الصالحات سيهديهم ويصلح بالهم.

أمة محمد ، آثار الإيمان في النفوس بالغة، وثمار العقيدة الصحيحة في الحياة عجيبة، فإلى جانب تطهيرها للنفوس، وإنمائها لمعاني الخير فيها، فهي ذخيرة حية لا تنفد بمدّ الإنسان بالقوة والصبر، والثبات والمثابرة، والطمأنينة والأمل في معركة الحياة التي يحتدم فيها الصراع بين الخير والشر، والحق والباطل، والسعادة والشقاء، إذ تُعطي الأمن المطلق، والاهتداء التام، والنور الكامل، ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ [الرعد:28]، ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلأمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82].

من يحيى في رحاب الإيمان، ويعتصم بحبله المتين، ويستضيء بنوره المشرق، فهو يعيش حياته في رؤية واضحة، يدرك بها حكمة الله البالغة، ورحمته الواسعة، وسنته الماضية، وقدرته البالغة، فتطمئن بذلك نفسه، وتصفو سريرته؛ لأنه يؤمن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، فلا يتسرب إلى قلبه شك، ولا ينفذ إلى وجدانه القلق، بل يسير في دنياه بخطىً ثابتة، ومسيرة موزونة، تهدف إلى بلوغ ما يصبو إليه، من نهاية صالحة ومصير كريم، يقول نبينا محمد  في وصية جامعة تحكي واقعنا اليوم: ((احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف)) [رواه الترمذي][2]، وفي رواية غيره: ((احفظ الله تجده تجاهك، تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك
2024/09/29 03:38:51
Back to Top
HTML Embed Code: