🎤
خـطــبــة جــمــعــــــة
بعنوان : ذ م الــتـعـــصــــــب
للشيخ/ علي بن يحيى الحدادي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبــــة.الاولــــى.cc
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أمــــا بعــــد - عــــباد اللـــه :
اتقوا الله تعالى حق التقـــوى
واعلمـــوا أن التعصب والمحاماة والمدافعة عن الأقوال أو الأشخاص بالباطل هو من الآفات المهلكة والأمراض المردية سواء للأفراد أو للمجتمعات .
ويكفي في تصوري مدى شناعة التعصب وأثره السيئ أنه كان من أعظم الموانع التي منعت كثيرا من المشركين قبول دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم مع قناعتهم بأدلته وبراهينه وحججه ومعجزاته، لكنهم كان يكبر عليهم ويشق عليهم أن يفارقوا دين آبائهم وأسلافهم كما قال سبحانه وتعالى عن المشركين (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) (وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ) (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) .
كما أن التعصب المذموم ..
من أسباب تمزق الأمة وتشرذمها وهوانها على الناس وجعل بأسها بينها لذا نهى الله عز وجل عن التفرق والتحزب والتعصب لغير الحق كما قال سبحانه (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ).
أيها الإخوة الكرام :
إن مجتمعنا كغيره يعاني من بعض مظاهر التعصب المذموم ومنها على سبيل المثال لا الحصر التعصب لبعض الأشخاص والجماعات المنتسبة للدعوة إلى الله عز وجل، فتجد من يتابع فلانا من الناس أو يتابع الجماعة الفلانية فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة ومعتقد السلف الصالح، لا يقبلون من أحد نقدهم بالحجة ولا بيان باطلهم بالأدلة .
بل يجابهون من يرد باطلهم بالأوصاف الذميمة كالكذب والحسد والإقصاء والعمالة ونحو ذلك من الأوصاف والمجازفات، يرون باطل متبوعيهم ويرون الأدلة التي تدينهم ومع ذلك لا يقبلون من الحق شيئا، حتى يُخيل إليك أنهم يعتقدون في متبوعيهم أنهم معصومون لا يخطئون أبدا، وهذا من أسوأ صور الغلو والعياذ بالله .
لا يا أخ الإسلام :
إنه ليس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هو معصوم من الأفراد مهما بلغ من الفضل والمنزلة فمن جاء بالحق الموافق للكتاب والسنة قبل منه ومن جاء بما يخالف الكتاب والسنة رد عليه وبين غلطه فإن أصر على الباطل وعاند وكابر فيجب التحذير منه ليُتقى شره وضرره .
ومن صور التعصب المذموم :
التعصب للقبائل والمناطق والدول، ومن يقرأ هذه الأيام في تعليقات القراء على بعض الأخبار والأحداث يهوله المستوى الذي وصل إليه بعض الناس من شدة العداوة والمقت والبغضاء على إخوانه المسلمين ممن ليس من أهل بلده أو ليس من قبيلته ونحو ذلك .
عـــباد الله :
إن أخوة الدين والإسلام تفرض
على المسلمين كلهم أن يكونوا إخوة يتراحمون ويتوادون ويتعاطفون ويكونوا كالجسد الواحد لا أن يكونوا أعداءا يتسابون ويتلاعنون ويتقاتلون حسا ومعنى على ما بينهم من الإختلاف في الإنتماء القبلي أو البلدي، وأن يتذكروا أن الله عز وجل جعل الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا فيتعاونوا على البر والتقوى، لا أن يتفاخروا ويتناحروا، فالجميع ولد آدم وآدم من تراب، والكرم والمنزلة عند الله إنما هي بتقوى الله كما قال سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
إخوة الإيمان :
ومن صور التعصب المذموم التعصب الرياضي، الذي يحمل على التنابز بالألقاب والتراشق بالسباب والسخرية وتبادل الإتهامات، بل ربما وصل التعصب الرياضي بأصحابه إلى حد تطليق الزوج لزوجته، أو هجران الصديق لصديقه، أو ربما وصل إلى العدوان الجسدي بين أنصار فريق وفريق.
ايها المسلمون :
لقد حذر الله عز وجل من الخمر والميسر ونهى عنها وحرمها لما يترتب عليها من المفاسد ومنها أنها سبب للعداوة والبغضاء بين المسلمين كما قال سبحانه (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).
والله يريد منا أن نكون متآلفين متوادين متحابين في جلاله
خـطــبــة جــمــعــــــة
بعنوان : ذ م الــتـعـــصــــــب
للشيخ/ علي بن يحيى الحدادي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبــــة.الاولــــى.cc
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أمــــا بعــــد - عــــباد اللـــه :
اتقوا الله تعالى حق التقـــوى
واعلمـــوا أن التعصب والمحاماة والمدافعة عن الأقوال أو الأشخاص بالباطل هو من الآفات المهلكة والأمراض المردية سواء للأفراد أو للمجتمعات .
ويكفي في تصوري مدى شناعة التعصب وأثره السيئ أنه كان من أعظم الموانع التي منعت كثيرا من المشركين قبول دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم مع قناعتهم بأدلته وبراهينه وحججه ومعجزاته، لكنهم كان يكبر عليهم ويشق عليهم أن يفارقوا دين آبائهم وأسلافهم كما قال سبحانه وتعالى عن المشركين (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) (وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ) (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) .
كما أن التعصب المذموم ..
من أسباب تمزق الأمة وتشرذمها وهوانها على الناس وجعل بأسها بينها لذا نهى الله عز وجل عن التفرق والتحزب والتعصب لغير الحق كما قال سبحانه (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ).
أيها الإخوة الكرام :
إن مجتمعنا كغيره يعاني من بعض مظاهر التعصب المذموم ومنها على سبيل المثال لا الحصر التعصب لبعض الأشخاص والجماعات المنتسبة للدعوة إلى الله عز وجل، فتجد من يتابع فلانا من الناس أو يتابع الجماعة الفلانية فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة ومعتقد السلف الصالح، لا يقبلون من أحد نقدهم بالحجة ولا بيان باطلهم بالأدلة .
بل يجابهون من يرد باطلهم بالأوصاف الذميمة كالكذب والحسد والإقصاء والعمالة ونحو ذلك من الأوصاف والمجازفات، يرون باطل متبوعيهم ويرون الأدلة التي تدينهم ومع ذلك لا يقبلون من الحق شيئا، حتى يُخيل إليك أنهم يعتقدون في متبوعيهم أنهم معصومون لا يخطئون أبدا، وهذا من أسوأ صور الغلو والعياذ بالله .
لا يا أخ الإسلام :
إنه ليس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هو معصوم من الأفراد مهما بلغ من الفضل والمنزلة فمن جاء بالحق الموافق للكتاب والسنة قبل منه ومن جاء بما يخالف الكتاب والسنة رد عليه وبين غلطه فإن أصر على الباطل وعاند وكابر فيجب التحذير منه ليُتقى شره وضرره .
ومن صور التعصب المذموم :
التعصب للقبائل والمناطق والدول، ومن يقرأ هذه الأيام في تعليقات القراء على بعض الأخبار والأحداث يهوله المستوى الذي وصل إليه بعض الناس من شدة العداوة والمقت والبغضاء على إخوانه المسلمين ممن ليس من أهل بلده أو ليس من قبيلته ونحو ذلك .
عـــباد الله :
إن أخوة الدين والإسلام تفرض
على المسلمين كلهم أن يكونوا إخوة يتراحمون ويتوادون ويتعاطفون ويكونوا كالجسد الواحد لا أن يكونوا أعداءا يتسابون ويتلاعنون ويتقاتلون حسا ومعنى على ما بينهم من الإختلاف في الإنتماء القبلي أو البلدي، وأن يتذكروا أن الله عز وجل جعل الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا فيتعاونوا على البر والتقوى، لا أن يتفاخروا ويتناحروا، فالجميع ولد آدم وآدم من تراب، والكرم والمنزلة عند الله إنما هي بتقوى الله كما قال سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
إخوة الإيمان :
ومن صور التعصب المذموم التعصب الرياضي، الذي يحمل على التنابز بالألقاب والتراشق بالسباب والسخرية وتبادل الإتهامات، بل ربما وصل التعصب الرياضي بأصحابه إلى حد تطليق الزوج لزوجته، أو هجران الصديق لصديقه، أو ربما وصل إلى العدوان الجسدي بين أنصار فريق وفريق.
ايها المسلمون :
لقد حذر الله عز وجل من الخمر والميسر ونهى عنها وحرمها لما يترتب عليها من المفاسد ومنها أنها سبب للعداوة والبغضاء بين المسلمين كما قال سبحانه (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).
والله يريد منا أن نكون متآلفين متوادين متحابين في جلاله
كما قال سبحانه (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وكما قال صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) أخرجه مسلم.
فلا يصح أبدا عباد الله أن تكون الرياضة سببا للعداوة والبغضاء يوالى عليها ويعادى عليها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد إخوة الإيمان :
فإن السنة النبوية الكريمة مليئة بالأحاديث المحذرة من التعصب المذموم وهو التعصب للباطل ولأهله ورد الحق لأجل ذلك .
ومما ورد في السنة النبوية
قوله صلى الله عليه وسلم (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل عصبية وليس منا من مات على عصبية) أخرجه أبو داود
وعن بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال (أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها الناس رجلان بر تقي كريم على الله عز وجل وفاجر شقي هين على الله عز وجل، الناس كلهم بنو آدم وخلق الله آدم من تراب، قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) أخرجه الترمذي
وأخرج الترمذي أيضا من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان الذي يدهده الخراء بأنفه ) .
إن الله تعالى قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم وآدم خلق من تراب، وقال تعالى آمرا بقول الحق وبقبوله وبالحكم به (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) وقال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) وقال سبحانه ذاما لليهود والنصارى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) .
وذلك أنهم كانوا يطيعونهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال، وهكذا كل من تعصب لمتبوعه فرد كتاب الله ورد سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله فله نصيب من هذه الآية .
معاشر المؤمنين :
صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وخلفائه الراشدين وعامة أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، اللهم أمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم ارحم حال إخواننا المستضعفين في سوريا يا رب العالمين اللهم ارحم ضعفهم اللهم اجبر كسرهم اللهم آمن روعاتهم واستر عوراتهم اللهم أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف اللهم عجل بفرجهم يا رب العالمين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي لاآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
========================
فلا يصح أبدا عباد الله أن تكون الرياضة سببا للعداوة والبغضاء يوالى عليها ويعادى عليها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد إخوة الإيمان :
فإن السنة النبوية الكريمة مليئة بالأحاديث المحذرة من التعصب المذموم وهو التعصب للباطل ولأهله ورد الحق لأجل ذلك .
ومما ورد في السنة النبوية
قوله صلى الله عليه وسلم (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل عصبية وليس منا من مات على عصبية) أخرجه أبو داود
وعن بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال (أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها الناس رجلان بر تقي كريم على الله عز وجل وفاجر شقي هين على الله عز وجل، الناس كلهم بنو آدم وخلق الله آدم من تراب، قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) أخرجه الترمذي
وأخرج الترمذي أيضا من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان الذي يدهده الخراء بأنفه ) .
إن الله تعالى قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم وآدم خلق من تراب، وقال تعالى آمرا بقول الحق وبقبوله وبالحكم به (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) وقال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) وقال سبحانه ذاما لليهود والنصارى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) .
وذلك أنهم كانوا يطيعونهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال، وهكذا كل من تعصب لمتبوعه فرد كتاب الله ورد سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله فله نصيب من هذه الآية .
معاشر المؤمنين :
صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وخلفائه الراشدين وعامة أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، اللهم أمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم ارحم حال إخواننا المستضعفين في سوريا يا رب العالمين اللهم ارحم ضعفهم اللهم اجبر كسرهم اللهم آمن روعاتهم واستر عوراتهم اللهم أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف اللهم عجل بفرجهم يا رب العالمين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي لاآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
========================
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
الشـــهـــود يـــوم القــــيامــــة
للشيخ/ فــواز بن خلــف الثبيتي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الأولـــى.cc
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، الحمد لله الملك القدوس السلام، المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الرقيب الحسيب الشهيد، الشديد الفعّال لما يريد، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور، سبحانه عالم الغيب والشهادة، يعلم السر وأخفى، لا يحتجب عن المحتجبين، ولا يستتر عن المستترين .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحقُّ من عُبد، وأحق من ذُكر، وأحقّ من شُكر، وأحق من خُشي ورُجي .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى والنور شفيعًا وشهيدًا على أمته، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعـــد:
إن الشهود في الدنيا على أي قضية من القضايا، أو حادثة من الحوادث، قد يكذبون، وقد يبالغون ويزيدون، وقد يكونوا شهود زور، وقد يمتنعون عن الإدلاء بالشهادة على وجهها، إما خوفًا من مهدّد، أو طمعًا في مرغّب؛ هذا حال كثير من شهود الدنيا.
ولا ضير؛ فالأمر أمر دنيا، ولكن القضية الأهم والأمر الأكبر، هو عن حال شهود يوم القيامة، شهود الآخرة.
أما شهود يوم القيامة، فيختلفون عن شهود الدنيا أيّما اختلاف، فهم شهود كلفهم ربهم -عز وجل- بالشهادة، وأمرهم بها، فلا يعصون خالقهم، وينطقون من غير زيادة ولا نقصان، ومن غير كذب ولا امتناع، فشهاداتهم واضحة، وعباراتهم صريحة.
فلنستعرض -أيها الإخوة- هؤلاء الشهداء على كل واحد منا، من هم؟! وكيف هي شهاداتهم؟! ومتى؟! وعلى من يشهدون؟!علّنا من هذه الوقفة هذه الليلة نستيقيظ من غفلتنا، وننتبه لأنفسنا.
أيها الإخوة في الله: وأول هؤلاء الشهود، هو: النفس، فكل واحد منّا ذكرًا أو أنثى، أو ما يشهد عليه نفسه التي بين جنبيه.
وهذه الشهادةتكون عند الاحتضار، حيث لا ينفع الندم، ولايجدي الأسف في تلك اللحظات التي يكون الواحد منا في ذروة الحسرة، وشدة الألم، تقفل عندها أبواب التوبة، ويعترف الإنسان، ويشهد على نفسه بالتقصير والتفريط، فأغلى أمانيه أن يقول: (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) [المؤمنون: 99 - 100] ولكن الله -تعالى-، العليم الخبير، يعلم كذبه وخبثه وتسويفه: (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) [الأنعام: 28].
(قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) [المؤمنون: 99] هربًا من الموت وسكرته! والعذاب وشدّته!َ.
ففاجأه بالكلمة المؤثرة المزعجة: (كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 100].
عندها لا يجد مفرًّا ولا هربًا من الاعترافات والشهادة على نفسه أنه كان في الدنيا، عبدًا للدرهم والدينار عبدًا للشهوة والمتاع، عبدًا للطعام واللذة والشراب، قال تعالى: (وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) [الأنعام: 130].
هذه -أيها الإخوة- هي قيامة كل واحد منا.
فإذا ما أذن الله -تعالى- بقيام الساعة، واضطربت الأرض، وطمست النجوم، وكوّرت الشمس، وسيّرت الجبال، واهتز نظام الكون كلّه، عندها يبدأ الشهود يتتابعون بعضهم وراء بعض، ويظهر للعبد ما لم يكن يعهده من قبل، وما لم يكن يحسب حسابه.
لما خلق الله آدم، ونفخ فيه الروح، عطس، فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذنه، فقال له ربه: يرحمك الله يا آدم! اذهب إلى أولئك الملائكة، إلى ملأ منهم جُلوس، فقل: السلام عليكم، قالوا: وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه، فقال: إنَّ هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم، فقال الله له: ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت: قال: اخترتُ يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسط فإذا فيها آدم وذريته، فقال: أي ربِّ ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه، فإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم، قال: يا رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود، وقد كتبتُ له عمر أربعين سنة. قال: يا ربِّ زد في عمره، قال: ذاك الذي كتبتُ له، قال: أي ربِّ فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة، قال: أنت وذاك، ثم أسكن الجنة ما شاء الله، ثم أهبط منها، فكان آدمُ يُعدُّ لنفسه، فأتاه ملك الموت، فقال له آدم: قد تعجلت، قد كُتب لي ألف سنة. قال: بلى، ولكنك جعلت لابنك داود ستين سنة، فجحد، فجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته، فمن يومئذ أُمر بالكتاب والشهود. [صحيح].
أيها الإخوة في الله: وأعظم الشهود في يوم المعاد على العباد، هو: ربهم وخالقهم وفاطرهم -عز وجل- الذي خلقهم، ولا تخفى عليه خافية من أحوالهم، قال الله -تعالى-: (وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) [يونس: 61].
وقال: (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) [النساء: 33].
وروى البخاري عن أنس: أن النبي -صلى الله عليه و
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
الشـــهـــود يـــوم القــــيامــــة
للشيخ/ فــواز بن خلــف الثبيتي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الأولـــى.cc
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، الحمد لله الملك القدوس السلام، المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الرقيب الحسيب الشهيد، الشديد الفعّال لما يريد، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور، سبحانه عالم الغيب والشهادة، يعلم السر وأخفى، لا يحتجب عن المحتجبين، ولا يستتر عن المستترين .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحقُّ من عُبد، وأحق من ذُكر، وأحقّ من شُكر، وأحق من خُشي ورُجي .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى والنور شفيعًا وشهيدًا على أمته، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعـــد:
إن الشهود في الدنيا على أي قضية من القضايا، أو حادثة من الحوادث، قد يكذبون، وقد يبالغون ويزيدون، وقد يكونوا شهود زور، وقد يمتنعون عن الإدلاء بالشهادة على وجهها، إما خوفًا من مهدّد، أو طمعًا في مرغّب؛ هذا حال كثير من شهود الدنيا.
ولا ضير؛ فالأمر أمر دنيا، ولكن القضية الأهم والأمر الأكبر، هو عن حال شهود يوم القيامة، شهود الآخرة.
أما شهود يوم القيامة، فيختلفون عن شهود الدنيا أيّما اختلاف، فهم شهود كلفهم ربهم -عز وجل- بالشهادة، وأمرهم بها، فلا يعصون خالقهم، وينطقون من غير زيادة ولا نقصان، ومن غير كذب ولا امتناع، فشهاداتهم واضحة، وعباراتهم صريحة.
فلنستعرض -أيها الإخوة- هؤلاء الشهداء على كل واحد منا، من هم؟! وكيف هي شهاداتهم؟! ومتى؟! وعلى من يشهدون؟!علّنا من هذه الوقفة هذه الليلة نستيقيظ من غفلتنا، وننتبه لأنفسنا.
أيها الإخوة في الله: وأول هؤلاء الشهود، هو: النفس، فكل واحد منّا ذكرًا أو أنثى، أو ما يشهد عليه نفسه التي بين جنبيه.
وهذه الشهادةتكون عند الاحتضار، حيث لا ينفع الندم، ولايجدي الأسف في تلك اللحظات التي يكون الواحد منا في ذروة الحسرة، وشدة الألم، تقفل عندها أبواب التوبة، ويعترف الإنسان، ويشهد على نفسه بالتقصير والتفريط، فأغلى أمانيه أن يقول: (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) [المؤمنون: 99 - 100] ولكن الله -تعالى-، العليم الخبير، يعلم كذبه وخبثه وتسويفه: (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) [الأنعام: 28].
(قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) [المؤمنون: 99] هربًا من الموت وسكرته! والعذاب وشدّته!َ.
ففاجأه بالكلمة المؤثرة المزعجة: (كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 100].
عندها لا يجد مفرًّا ولا هربًا من الاعترافات والشهادة على نفسه أنه كان في الدنيا، عبدًا للدرهم والدينار عبدًا للشهوة والمتاع، عبدًا للطعام واللذة والشراب، قال تعالى: (وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) [الأنعام: 130].
هذه -أيها الإخوة- هي قيامة كل واحد منا.
فإذا ما أذن الله -تعالى- بقيام الساعة، واضطربت الأرض، وطمست النجوم، وكوّرت الشمس، وسيّرت الجبال، واهتز نظام الكون كلّه، عندها يبدأ الشهود يتتابعون بعضهم وراء بعض، ويظهر للعبد ما لم يكن يعهده من قبل، وما لم يكن يحسب حسابه.
لما خلق الله آدم، ونفخ فيه الروح، عطس، فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذنه، فقال له ربه: يرحمك الله يا آدم! اذهب إلى أولئك الملائكة، إلى ملأ منهم جُلوس، فقل: السلام عليكم، قالوا: وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه، فقال: إنَّ هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم، فقال الله له: ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت: قال: اخترتُ يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسط فإذا فيها آدم وذريته، فقال: أي ربِّ ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه، فإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم، قال: يا رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود، وقد كتبتُ له عمر أربعين سنة. قال: يا ربِّ زد في عمره، قال: ذاك الذي كتبتُ له، قال: أي ربِّ فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة، قال: أنت وذاك، ثم أسكن الجنة ما شاء الله، ثم أهبط منها، فكان آدمُ يُعدُّ لنفسه، فأتاه ملك الموت، فقال له آدم: قد تعجلت، قد كُتب لي ألف سنة. قال: بلى، ولكنك جعلت لابنك داود ستين سنة، فجحد، فجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته، فمن يومئذ أُمر بالكتاب والشهود. [صحيح].
أيها الإخوة في الله: وأعظم الشهود في يوم المعاد على العباد، هو: ربهم وخالقهم وفاطرهم -عز وجل- الذي خلقهم، ولا تخفى عليه خافية من أحوالهم، قال الله -تعالى-: (وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) [يونس: 61].
وقال: (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) [النساء: 33].
وروى البخاري عن أنس: أن النبي -صلى الله عليه و
سلم- قال: "يجاء بالكافر يوم القيامة، فيقول له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا كنت تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقال له: كذبت قد سُئلت ما هو أيسر من ذلك".
وأي شهادة أعظم من شهادة الله على عبده وأمته؟!
(كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) [الإسراء: 96].
ومن أصدق من الله قيلاً وحديثًا سبحانه.
ولكن الله -تعالى- يحب الإعذار إلى خلقه، ويحب أن يقيم عليهم الحجة البينة، فيبعث سبحانه شهودًا على المكذبين الجاحدين، حتى لا يكون لأحد عذر: (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء) [الزمر: 69].
وأول من يشهد على الأمم: رسلها، فيشهد كل رسول على أمته بالبلاغ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا) [النساء: 41].
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ) [النحل: 89].
فقوله تعالى: (شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ) [النحل: 89].
هم الرسل -عليهم الصلاة والسلام-؛ لأن كل أمة رسولها منها.
وهؤلاء الرسل كما يشهدون على أممهم بالبلاغ، فهم أيضًا يشهدون عليهم بالتكذيب: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف: 6].
ثم إن الأمم تكذّب رسلها، وتقول كلّ أمة: ما جاءنا من نذير.
فتأتي هذه الأمة، أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتشهد للرسل -عليهم جميعًا صلوات الله وسلامه- تشهد لهم بالبلاغ، كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ) [البقرة: 143].
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يُدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول الله: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلّغ، ويكون الرسول عليكم شهيدًا، فذلك قوله جل ذكره: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143].
وفي روايةأخرى: "يُدعى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة .. دلالة على الشهادة على جميع الأمم" [رواه البخاري].
هكذا -أيها الإخوة-: كل رسول شهيدٌ على أمته.
ونحن شهداء على الناس ورسول الله محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام-، هذا النبي الكريم، هذا النبي الحبيب الذي طالما أنذرنا وحذرنا من الغي والفساد، وأمرنا وحثنا على الهدى والرشاد، يشهد على المكذبين العصاة من أمته عليه الصلاة والسلام، قال الله -تعالى-: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا) [النساء: 41- 42].
هذا المشهد الفاضح للعاصين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من المسلمين، المراؤون بأعمالهم، الذين لم يتبعوا هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، يظهر عليهم يوم القيامة حين شهادة رسول الله عليهم الصغار والشنار.
تأملوا ساعة العرض، وقد انتُدب الرسول -صلى الله عليه وسلم- للشهادة عليهم، ونخشى أن نكون نحن منهم، هؤلاء الذين نسأل الله ألا نكون منهم.
هاهم في حضرة الخالق الرازق -سبحانه-، الذي كتموا فضله، هاهم في مواجهة مع من؟! مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي طالما عصوه، وطالما خالفوا أمره.
أمر بتقوى الله فما أطاعوه، أمر بالحجاب والستر والحياء فما أطاعوه.
هاهم هذه حالتهم: إنها الخزي والمهانة والحسرة والندامة!.
عندها تتمنى قوافل العصاة من المرابين والديوثين والمتبرجات السافرات، المضيعات للحجاب والحياء، والعفاف والستر، يتمنى الظالمون والمنحرفون، وغيرهم، يتمنون لو أن تبتلعهم الأرض، ويُهال عليهم التراب، حتى تسوّى بهم الأرض: (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا) [النساء: 42].
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء) [النحل: 89].
نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا وإياكم ممن أحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من نفسه وماله وولده والناس أجمعين، وأن يوفقنا لاتباع سنته، والسير على منهجه، واجتناب ما نهى عنه، وحذر منه: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) [النساء: 115].
ونعوذ بالله من موقف يشهد علينا فيه الرسل بقبح أعمالنا.
أيها المؤمنون: ومن الشهود على العباد يوم المعاد: ملائكة الرحمن، الكرام الكاتبون الذين: (يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَ
وأي شهادة أعظم من شهادة الله على عبده وأمته؟!
(كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) [الإسراء: 96].
ومن أصدق من الله قيلاً وحديثًا سبحانه.
ولكن الله -تعالى- يحب الإعذار إلى خلقه، ويحب أن يقيم عليهم الحجة البينة، فيبعث سبحانه شهودًا على المكذبين الجاحدين، حتى لا يكون لأحد عذر: (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء) [الزمر: 69].
وأول من يشهد على الأمم: رسلها، فيشهد كل رسول على أمته بالبلاغ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا) [النساء: 41].
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ) [النحل: 89].
فقوله تعالى: (شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ) [النحل: 89].
هم الرسل -عليهم الصلاة والسلام-؛ لأن كل أمة رسولها منها.
وهؤلاء الرسل كما يشهدون على أممهم بالبلاغ، فهم أيضًا يشهدون عليهم بالتكذيب: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف: 6].
ثم إن الأمم تكذّب رسلها، وتقول كلّ أمة: ما جاءنا من نذير.
فتأتي هذه الأمة، أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتشهد للرسل -عليهم جميعًا صلوات الله وسلامه- تشهد لهم بالبلاغ، كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ) [البقرة: 143].
روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يُدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول الله: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلّغ، ويكون الرسول عليكم شهيدًا، فذلك قوله جل ذكره: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143].
وفي روايةأخرى: "يُدعى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة .. دلالة على الشهادة على جميع الأمم" [رواه البخاري].
هكذا -أيها الإخوة-: كل رسول شهيدٌ على أمته.
ونحن شهداء على الناس ورسول الله محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام-، هذا النبي الكريم، هذا النبي الحبيب الذي طالما أنذرنا وحذرنا من الغي والفساد، وأمرنا وحثنا على الهدى والرشاد، يشهد على المكذبين العصاة من أمته عليه الصلاة والسلام، قال الله -تعالى-: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا) [النساء: 41- 42].
هذا المشهد الفاضح للعاصين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من المسلمين، المراؤون بأعمالهم، الذين لم يتبعوا هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، يظهر عليهم يوم القيامة حين شهادة رسول الله عليهم الصغار والشنار.
تأملوا ساعة العرض، وقد انتُدب الرسول -صلى الله عليه وسلم- للشهادة عليهم، ونخشى أن نكون نحن منهم، هؤلاء الذين نسأل الله ألا نكون منهم.
هاهم في حضرة الخالق الرازق -سبحانه-، الذي كتموا فضله، هاهم في مواجهة مع من؟! مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي طالما عصوه، وطالما خالفوا أمره.
أمر بتقوى الله فما أطاعوه، أمر بالحجاب والستر والحياء فما أطاعوه.
هاهم هذه حالتهم: إنها الخزي والمهانة والحسرة والندامة!.
عندها تتمنى قوافل العصاة من المرابين والديوثين والمتبرجات السافرات، المضيعات للحجاب والحياء، والعفاف والستر، يتمنى الظالمون والمنحرفون، وغيرهم، يتمنون لو أن تبتلعهم الأرض، ويُهال عليهم التراب، حتى تسوّى بهم الأرض: (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا) [النساء: 42].
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء) [النحل: 89].
نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا وإياكم ممن أحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من نفسه وماله وولده والناس أجمعين، وأن يوفقنا لاتباع سنته، والسير على منهجه، واجتناب ما نهى عنه، وحذر منه: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) [النساء: 115].
ونعوذ بالله من موقف يشهد علينا فيه الرسل بقبح أعمالنا.
أيها المؤمنون: ومن الشهود على العباد يوم المعاد: ملائكة الرحمن، الكرام الكاتبون الذين: (يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَ
لُونَ) [الإنفطار: 12].
وما هم عنا بغائبين، يرونا من حيث لا نراهم، يسجلون على كل واحد منا صالح أعماله وفاسدها، ملائكة لا وظيفة لهم إلا كتابة أعمال العباد، صغيرها وكبيرها، وجليلها وحقيرها.
ويكفي تصويرًا لهذه الأعمال المكتوبة على كل واحد منا والتي نسيناها: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) [مريم: 64].
يكفي مذكرًا لنا حديثَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ذكر فيه الرجل الذي تنشر له صحائفه وسجلاته، ينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مدّ البصر، مسجل بها أعماله وأقواله: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18].
وقال تعالى: (وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ) [ق: 21].
قال ابن كثير -رحمه الله-: أي ملك يسوقها إلى المحشر وملك يشهد عليها بأعمالها.
هذا القرين الذي لازمه طيلة حياته قرين الملائكة المقربين، طالما غفلنا عنه وعن كتابته، هاهو اليوم يوم القيامة شهيد على العبد، قال تعالى: (وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا) [النساء: 166].
أيها الإخوة: ووقفة مع شاهد آخر، أغلبنا لا يتذكره، وإن تذكره فسرعان ما ينساه: إنها هذه الأرض التي نمشي عليها، ونسير فوقها، ونأكل من خيراتها، هذه الأرض التي نطيع الله عليها، ونعصيه فوقها، إنها من الأشهاد يوم القيامة، تشهد بكل ما عُمل عليها من خير أو شرّ من كل صالح أو سيء؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: خلت البقاع حول المسجد -أي مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال لهم: بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: بني سلمة دياركم -أي الزموها وابقوا فيها- تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم، فقالوا: "ما يسرّنا أنا كنا تحولنا" [رواه مسلم].
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يبين أن آثار المشي إلى الصلاة مكتوبة للعبد يوم القيامة، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) [يــس: 12].
بل والمؤذن يشهد له في ذلك اليوم الرهيب كل شيء سمع صوته عندما أذّن، روى البخاري في صحيحه: أن أبا سعيد الخدري قال لعبد الرحمن بن صعصعة: "إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذّنت في الصلاة، فارفع بالنداء -أي بصوتك- فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌ ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة".
وفي رواية: "لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة".
وعن ابن المبارك عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "من سجد في موضع عند شجر أو حجر شهد له عند الله يوم القيامة".
ولذا استُحب للمصلي أن يصلي السنة الراتبة في موضع غير موضع الفريضة يتقدم أو يتأخر، أو يمينًا أو شمالاً، لتكثر المواضع الشاهدة له بالخير يوم القيامة، والحجر الأسود الذي في الكعبة، قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحقٍّ".
فكل الآثار على هذه الأرض مكتوبة محفوظة، ولذا قال أهل العلم: من عصى الله -تعالى- في موضع من الأرض فليطعه في نفس الموضع، حتى يشهد له بالحسنات والسيئات، و(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود: 114].
روى الترمذي في جامعه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) [الزلزلة: 4] قال: "أتدرون ما أخبارها؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "فإن أخبارها يوم تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها".
أيها الإخوة في الله: يا له -والله- من منظر مهول! هذه الأرض التي لطالما وطئتها أقدامنا، وعُملت عليها الذنوب والمعاصي والخطايا والآثام، ولم نشعر يومًا من الأيام أن الله سينطقها.
نعم، الله -تعالى- ينطقها وهي جماد، فتخبر بكل ما عُمل على ظهرها من الزنى والقتل، والظلم والجود، والكذب والسرقة، ومقارفة الحرام، والمشي إليه -والعياذ بالله-، أو تشهد بالصلاة والعبادة، والذكر والتسبيح، والسير في طاعة الرب -سبحانه- ومرضاته؟
إنها حقيقة لا خيال! ليتخيل كل واحد منا نفسه في ذلك اليوم، وقد شُّقت الأرض عن لحدك، وخرجت من قبرك، تقوم وأنت أو أنتِ الكلّ يحثوا التراب عن رأسه وجسده.
الجسد عاري، والقدم حافية، والرأس مكشوف بلا غطاء، والموتى يخرجون من قبورهم مذهلين من هول المطلع.
وإذ بك -يا عبد الله ويا أمة الله- إذا بك والأرض تنطق عليك، وتقولين: "ما لها؟ ما لها؟".
فإذا بالأصوات تضج من كل مكان من أرجائها، تتحدث بما فعلت عليها من شرّ أو خير.
فهل نتعظ -أيها الإخوة والأخوات-؟ هل نتعظ؟! هل نتذكر حينما نمشي على الأرض أل
وما هم عنا بغائبين، يرونا من حيث لا نراهم، يسجلون على كل واحد منا صالح أعماله وفاسدها، ملائكة لا وظيفة لهم إلا كتابة أعمال العباد، صغيرها وكبيرها، وجليلها وحقيرها.
ويكفي تصويرًا لهذه الأعمال المكتوبة على كل واحد منا والتي نسيناها: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) [مريم: 64].
يكفي مذكرًا لنا حديثَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ذكر فيه الرجل الذي تنشر له صحائفه وسجلاته، ينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مدّ البصر، مسجل بها أعماله وأقواله: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18].
وقال تعالى: (وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ) [ق: 21].
قال ابن كثير -رحمه الله-: أي ملك يسوقها إلى المحشر وملك يشهد عليها بأعمالها.
هذا القرين الذي لازمه طيلة حياته قرين الملائكة المقربين، طالما غفلنا عنه وعن كتابته، هاهو اليوم يوم القيامة شهيد على العبد، قال تعالى: (وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا) [النساء: 166].
أيها الإخوة: ووقفة مع شاهد آخر، أغلبنا لا يتذكره، وإن تذكره فسرعان ما ينساه: إنها هذه الأرض التي نمشي عليها، ونسير فوقها، ونأكل من خيراتها، هذه الأرض التي نطيع الله عليها، ونعصيه فوقها، إنها من الأشهاد يوم القيامة، تشهد بكل ما عُمل عليها من خير أو شرّ من كل صالح أو سيء؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: خلت البقاع حول المسجد -أي مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال لهم: بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: بني سلمة دياركم -أي الزموها وابقوا فيها- تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم، فقالوا: "ما يسرّنا أنا كنا تحولنا" [رواه مسلم].
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يبين أن آثار المشي إلى الصلاة مكتوبة للعبد يوم القيامة، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) [يــس: 12].
بل والمؤذن يشهد له في ذلك اليوم الرهيب كل شيء سمع صوته عندما أذّن، روى البخاري في صحيحه: أن أبا سعيد الخدري قال لعبد الرحمن بن صعصعة: "إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذّنت في الصلاة، فارفع بالنداء -أي بصوتك- فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌ ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة".
وفي رواية: "لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة".
وعن ابن المبارك عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "من سجد في موضع عند شجر أو حجر شهد له عند الله يوم القيامة".
ولذا استُحب للمصلي أن يصلي السنة الراتبة في موضع غير موضع الفريضة يتقدم أو يتأخر، أو يمينًا أو شمالاً، لتكثر المواضع الشاهدة له بالخير يوم القيامة، والحجر الأسود الذي في الكعبة، قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحقٍّ".
فكل الآثار على هذه الأرض مكتوبة محفوظة، ولذا قال أهل العلم: من عصى الله -تعالى- في موضع من الأرض فليطعه في نفس الموضع، حتى يشهد له بالحسنات والسيئات، و(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود: 114].
روى الترمذي في جامعه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) [الزلزلة: 4] قال: "أتدرون ما أخبارها؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "فإن أخبارها يوم تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها".
أيها الإخوة في الله: يا له -والله- من منظر مهول! هذه الأرض التي لطالما وطئتها أقدامنا، وعُملت عليها الذنوب والمعاصي والخطايا والآثام، ولم نشعر يومًا من الأيام أن الله سينطقها.
نعم، الله -تعالى- ينطقها وهي جماد، فتخبر بكل ما عُمل على ظهرها من الزنى والقتل، والظلم والجود، والكذب والسرقة، ومقارفة الحرام، والمشي إليه -والعياذ بالله-، أو تشهد بالصلاة والعبادة، والذكر والتسبيح، والسير في طاعة الرب -سبحانه- ومرضاته؟
إنها حقيقة لا خيال! ليتخيل كل واحد منا نفسه في ذلك اليوم، وقد شُّقت الأرض عن لحدك، وخرجت من قبرك، تقوم وأنت أو أنتِ الكلّ يحثوا التراب عن رأسه وجسده.
الجسد عاري، والقدم حافية، والرأس مكشوف بلا غطاء، والموتى يخرجون من قبورهم مذهلين من هول المطلع.
وإذ بك -يا عبد الله ويا أمة الله- إذا بك والأرض تنطق عليك، وتقولين: "ما لها؟ ما لها؟".
فإذا بالأصوات تضج من كل مكان من أرجائها، تتحدث بما فعلت عليها من شرّ أو خير.
فهل نتعظ -أيها الإخوة والأخوات-؟ هل نتعظ؟! هل نتذكر حينما نمشي على الأرض أل
ّهِ شَهِيدًا) [النساء: 166]؟
أنا من خوف الوعيد
في قيام وقعود
كيف لا أزداد خوفًا
وعلى النار ورودي
كيف جحدي ما تجرّم
تُ وأعضائي شهودي
كيف إنكاري ذنوبي
أم تُرى كيف جحودي
وعليّ القولُ يُحصى
برقيب وعتيد
فلا يملك عصاة الجن والإنس يوم القيامة أمام هذه الشهادات المتوالية إلاّ أن يشهدوا على أنفسهم، فيقول لهم الجليل -سبحانه-: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) [الأنعام: 130].
يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه: أما بلغك أن الجلود إذا استشهدت نطقت؟ أما علمت أن النار للعصاة خلقت؟
إنها لتُحرق كل من يُلقى فيها، والتوبة تحجب عنها والدمعة تطغيها.
يا أسفا للعصاة في مآبها إذا قلقت لقطع أسبابها وغابت في الأسى عند حضور عتابها: (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا) [الجاثية: 28].
قامت الأمم على أقدامها فأقامت تبكي على إقدامها، وسالت عيون من عيون غرامها ندمًا على آثامها في أيامها وأحقابها: (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا) [الجاثية: 28].
ظهرت في ذلك اليوم أهوال لا توصف، وبدت أمور لا تعرف، وكُشفت حالاتٌ لم تكن تكشف.
يا لهمن يوم لا كالأيام، تيقظ فيه من غفل ونام، ويحزن كل من فرح بالآثام، وتيقن أن ما كان فيه من لذة أحلام.
فواعجبًا لضحك نفسٍ البكاء أولى بها: (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا) [الجاثية 28].
والحمد لله رب العالمين.
==========================
أنا من خوف الوعيد
في قيام وقعود
كيف لا أزداد خوفًا
وعلى النار ورودي
كيف جحدي ما تجرّم
تُ وأعضائي شهودي
كيف إنكاري ذنوبي
أم تُرى كيف جحودي
وعليّ القولُ يُحصى
برقيب وعتيد
فلا يملك عصاة الجن والإنس يوم القيامة أمام هذه الشهادات المتوالية إلاّ أن يشهدوا على أنفسهم، فيقول لهم الجليل -سبحانه-: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) [الأنعام: 130].
يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه: أما بلغك أن الجلود إذا استشهدت نطقت؟ أما علمت أن النار للعصاة خلقت؟
إنها لتُحرق كل من يُلقى فيها، والتوبة تحجب عنها والدمعة تطغيها.
يا أسفا للعصاة في مآبها إذا قلقت لقطع أسبابها وغابت في الأسى عند حضور عتابها: (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا) [الجاثية: 28].
قامت الأمم على أقدامها فأقامت تبكي على إقدامها، وسالت عيون من عيون غرامها ندمًا على آثامها في أيامها وأحقابها: (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا) [الجاثية: 28].
ظهرت في ذلك اليوم أهوال لا توصف، وبدت أمور لا تعرف، وكُشفت حالاتٌ لم تكن تكشف.
يا لهمن يوم لا كالأيام، تيقظ فيه من غفل ونام، ويحزن كل من فرح بالآثام، وتيقن أن ما كان فيه من لذة أحلام.
فواعجبًا لضحك نفسٍ البكاء أولى بها: (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا) [الجاثية 28].
والحمد لله رب العالمين.
==========================
اّ نعصي الله عليها، وأن نتذكر أنها شاهدة لنا، أو علينا؟!
فليتخير كل عبد لله، وكل أمة لنفسها العمل، إما صالحًا أو سيئًا، فإننا بين يدي الله موقوفون، ولأعمالنا مشاهدون، وللشهداء علينا سامعون: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) [الشعراء: 227].
ومن شهادة الأرض على العبد يوم القيامة: تشهد عليه أيضًا الأيام والليالي والأوقات، يقول الحسن البصري -رحمه الله-: "ما من يوم تطلع شمس إلا نادى منادٍ من السماء: يا ابن آدم أنا يوم جديد، أنا خلق جديد وأنا على عملك شهيد، فاعمل خيرًا أشهد لك به غدًا فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".
نعم، يشهد على الإنسان الوقت: عملت في وقت كذا وكذا، كذا وكذا من الأعمال.
نسأل الله أن يعمر أوقاتنا بطاعته ومرضاته.
أيها المسلمون: شهود كُثر، الله يشهد، والرسل والأنبياء تشهد، والملائكة تشهد، والأرض والليل والنهار تشهد، فإذا ما لجَّ العبدُ في الخصومة، وكذّب ربه وكذّب هؤلاء الشهود الذين شهدوا عليه، عندها أقام الله -تعالى- له شاهدًا من نفسه، أتدرون ما هو؟! ومن هم؟!
إنهم الأعضاء والجوارح!.
نعم، أعضاء وجوارح العبد، التي كان يتمتع بها، ويأكل ويشرب، وينظر ويتكلم، ويأخذ ويعطي، ويتحرك هذه الأعضاء، وهذه الجوارح والجلود يوم القيامة مستنطقة شاهدة إما بخير أو بشر، قال الله -تعالى-: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور: 24].
فاللسان يشهد وينطق من غير إرادتك، واليد والرجل والعين والأذن تشهد بحق، وصدق أمام ربها.
سبحان الله! هذه العين أو تلك اليد أو تلك الأذن أو هذا اللسان لو أصاب أيًّا منها شيء من الأذى أو المرض أو التعب كم يألم الإنسان لذلك، وكم يجتهد في طلب العلاج والشفاء له ولما أصابه.
بل وقد يسافر آلاف الأميال، ويتغرب في ديار ليست له بديار، وقوم ليسوا له بأصحاب، أو أصهار، من أجل ماذا؟
من أجل مرض في عينه، أو داء في قدمه، أو آلام في مفاصله، أو بلاء في لسانه.
وما علم نعم من أجل جرح في يده، أو ألم في عينه، أو أذنه، يسعى إلى الطبيب رجاء الشفاء.
وما يدري لعلّ هذه اليد أو العين، أو الأذن، تكون خصمك يوم القيامة أمام الجبار.
تشهد عليك وتوردك النار -والعياذ بالله-.
نعم -أيها الإخوة- ليتخيل كل واحد منا نفسه، وقد انبعثت الأصوات من جميع جسده، والإنسان منبهر من يده التي تقول ويسمع كلامها وصوتها، تقول: يا رب أنا للحرام فعلتّ! ولذا أخذت وأعطيت!.
وسمعك، يقول: أنا للحرام استمعت! وللباطل أصغيت!.
وبصرك يا ابن آدم، هذه العين، تقول: يا رب أنا للحرام نظرت! أنا للفساد أبصرت! وبه تلذذت! وللمحارم انتهكت!.
والقدم، تقول: يا رب أنا للحرام مشيت وذهبت وقمت!.
وكل الجلود والأعضاء تشهد وتنطق؛ أنها للمعاصي اجترحت وفارفت!.
فأي هول أعظم من هول هذا الموقف؟ وأي فضيحة للعبد وللأمة أمام الخلائق أكبر من هذه الفضيحة؟!
نسأل الله -تعالى- أن يسترنا في الدنيا والآخرة، وأن يجعل جوارحنا شاهدة لنا لا علينا.
أيها المؤمنون: أين يكون المهرب؟ وما هو المنجى؟ وكيف يكون الملتجأ؟ والشهود على العبد من نفسه؟!
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ * فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ) [فصلت: 19- 24].
الخطبـــة.الثانيـــة.cc
روى ابن ماجة في سننه، والحديث صحيح عن جابر، قال: لما رجعت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهاجرة البحر، قال: ألا تحدثوني بأعجب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ قال الفتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس، مرت بنا عجوز من عجائز رهبانيهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها! فخرّت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت والتفتت إليه، فقالت: سوف تعلم يا غُدر -أي يا غادر- إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلّمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري، وأمرك عنده غدًا، قال: يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صدقت صدقت، كيف يقدّس الله أمّةٍ لا يقتص لضعيفهم من شديدهم".
وأخرج الإمام مسلم والت
فليتخير كل عبد لله، وكل أمة لنفسها العمل، إما صالحًا أو سيئًا، فإننا بين يدي الله موقوفون، ولأعمالنا مشاهدون، وللشهداء علينا سامعون: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) [الشعراء: 227].
ومن شهادة الأرض على العبد يوم القيامة: تشهد عليه أيضًا الأيام والليالي والأوقات، يقول الحسن البصري -رحمه الله-: "ما من يوم تطلع شمس إلا نادى منادٍ من السماء: يا ابن آدم أنا يوم جديد، أنا خلق جديد وأنا على عملك شهيد، فاعمل خيرًا أشهد لك به غدًا فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".
نعم، يشهد على الإنسان الوقت: عملت في وقت كذا وكذا، كذا وكذا من الأعمال.
نسأل الله أن يعمر أوقاتنا بطاعته ومرضاته.
أيها المسلمون: شهود كُثر، الله يشهد، والرسل والأنبياء تشهد، والملائكة تشهد، والأرض والليل والنهار تشهد، فإذا ما لجَّ العبدُ في الخصومة، وكذّب ربه وكذّب هؤلاء الشهود الذين شهدوا عليه، عندها أقام الله -تعالى- له شاهدًا من نفسه، أتدرون ما هو؟! ومن هم؟!
إنهم الأعضاء والجوارح!.
نعم، أعضاء وجوارح العبد، التي كان يتمتع بها، ويأكل ويشرب، وينظر ويتكلم، ويأخذ ويعطي، ويتحرك هذه الأعضاء، وهذه الجوارح والجلود يوم القيامة مستنطقة شاهدة إما بخير أو بشر، قال الله -تعالى-: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور: 24].
فاللسان يشهد وينطق من غير إرادتك، واليد والرجل والعين والأذن تشهد بحق، وصدق أمام ربها.
سبحان الله! هذه العين أو تلك اليد أو تلك الأذن أو هذا اللسان لو أصاب أيًّا منها شيء من الأذى أو المرض أو التعب كم يألم الإنسان لذلك، وكم يجتهد في طلب العلاج والشفاء له ولما أصابه.
بل وقد يسافر آلاف الأميال، ويتغرب في ديار ليست له بديار، وقوم ليسوا له بأصحاب، أو أصهار، من أجل ماذا؟
من أجل مرض في عينه، أو داء في قدمه، أو آلام في مفاصله، أو بلاء في لسانه.
وما علم نعم من أجل جرح في يده، أو ألم في عينه، أو أذنه، يسعى إلى الطبيب رجاء الشفاء.
وما يدري لعلّ هذه اليد أو العين، أو الأذن، تكون خصمك يوم القيامة أمام الجبار.
تشهد عليك وتوردك النار -والعياذ بالله-.
نعم -أيها الإخوة- ليتخيل كل واحد منا نفسه، وقد انبعثت الأصوات من جميع جسده، والإنسان منبهر من يده التي تقول ويسمع كلامها وصوتها، تقول: يا رب أنا للحرام فعلتّ! ولذا أخذت وأعطيت!.
وسمعك، يقول: أنا للحرام استمعت! وللباطل أصغيت!.
وبصرك يا ابن آدم، هذه العين، تقول: يا رب أنا للحرام نظرت! أنا للفساد أبصرت! وبه تلذذت! وللمحارم انتهكت!.
والقدم، تقول: يا رب أنا للحرام مشيت وذهبت وقمت!.
وكل الجلود والأعضاء تشهد وتنطق؛ أنها للمعاصي اجترحت وفارفت!.
فأي هول أعظم من هول هذا الموقف؟ وأي فضيحة للعبد وللأمة أمام الخلائق أكبر من هذه الفضيحة؟!
نسأل الله -تعالى- أن يسترنا في الدنيا والآخرة، وأن يجعل جوارحنا شاهدة لنا لا علينا.
أيها المؤمنون: أين يكون المهرب؟ وما هو المنجى؟ وكيف يكون الملتجأ؟ والشهود على العبد من نفسه؟!
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ * فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ) [فصلت: 19- 24].
الخطبـــة.الثانيـــة.cc
روى ابن ماجة في سننه، والحديث صحيح عن جابر، قال: لما رجعت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهاجرة البحر، قال: ألا تحدثوني بأعجب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ قال الفتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس، مرت بنا عجوز من عجائز رهبانيهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها! فخرّت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت والتفتت إليه، فقالت: سوف تعلم يا غُدر -أي يا غادر- إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلّمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري، وأمرك عنده غدًا، قال: يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صدقت صدقت، كيف يقدّس الله أمّةٍ لا يقتص لضعيفهم من شديدهم".
وأخرج الإمام مسلم والت
رمذي وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يلقى العبد ربه، فيقول الله: ألم أُكرمك وأسوّدك وأزوجك، وأسخر لك الخير والإبل وأذرك ترأس وتربع؟! فيقول: بلى أي رب، فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: إني أنساك كما نسيتني"
وفي رواية: "فيقول: آمنت بك وبكتابك وبرسولك، وصليت وصمت وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول الله: هاهنا إذن! ثم يقول: الآن نبعث شاهدًا عليك، فيتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه: انطقي، فتنطق فخذه وفمه ولحمه وعظامه بعمله ما كان، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط عليه" [رواه مسلم].
فالموقف أمام الله صعب وشديد.
لا ينفع فيه الكلام، والثناء الكاذب، بصالح الأعمال.
إن كان العبد في الدنيا يستطيع أن يخدع الناس، ويتكلّم بلسانه، أنه صاحب عمل صالح وتقوى، فيوم القيامة الأمر يختلف: "ألا نبعث عليك شهيدًا".
وانظروا كيف يتفكر في نفسه من ذا الذي يجرؤ أن يشهد علي؟
وهذا لشدة طغيانه وظلمه، يحسب أن له هيبة وجبروتًا كما كان في الدنيا ولم يكن يتوقع أن يكون الشاهد أقرب إليه من أي شاهد آخر، إنها جوارحه وجلده وأعضاؤه: (لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَاقَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ) عبودية لله -تعالى- كاملة: (الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [فصلت: 21].
إن يوم الختم على الأفواه، وتكلّم الفخوذ والأيدي والجوارح: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يــس: 65].
وفي الحديث السابق ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أول ما يتكلم من العبد فخذه.
وفي حديث آخر سنده حسن، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تجيئون يوم القيامة على أفواهكم الفدامُ، وأول ما يتكلم من الإنسان فخذه وكفه".
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- إجابة عند ذلك أنه يحتمل وجهين:
الأول: أن يكون كلام فخذه أولاً زيادة في الفضيحة والخزي على ما نطق به الكتاب: (هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ) [الجاثية: 29].
لأنه كان في الدنيا يجاهر بالفواحش ويخلو قلبه عندها من ذكر الله -تعالى-، فلا يفعل ما يفعل خائفًا مشفقًا، فيخزيه الله -تعالى- بمجاهرته بفحشه على رؤوس الأشهاد.
والوجه الثاني: أن يكون هذا فيمن يقرأ كتابه ولا يعرف بما ينطق به الكتاب، بل يجحد، فيختم الله على فيه، وتنطق جوارحه، فتشهد عليه بسيئاته، وهذا الأظهر -والله أعلم-.
وقيل: أن أول ما ينطق من جوارحه فخذه؛ لأن أعمال الجوارح من اليد والقدم واللسان والسماع، ونحو ذلك قد يكون ظاهرًا للناس غير خافٍ عليهم فعندما تنطق به لا يستغربه كثيرًا.
أما ما قارفته فخذاه من المنكرات والفواحش والزنا والفجور التي لا يعلمها في ظنه إلا هو، فيستبعد أن تظهر، فعندما ينطق أول ما ينطق فخذه بخيانته، تزداد مفاجأته ورهبته وخوف -نسأل الله السلامة واللطف بنا-.
معاشر المسلمين: روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضحك! فقال: "هل تدرون ممّ أضحك؟" قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: "من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم علك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، ثم يختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلّى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بُعدًا لكنّ وسحقًا، فعنكنّ كنت أناضل".
الله أكبر! ما أعظمها -والله- من مفاجأة وحقيقة مذهلة، سيشهدها كل واحد منا يوم القيامة، والإنسان من عادته الجحود والنسيان، وإنما جعل الله الشهود وكتبهم لقصة!..
فليتأمل العاصي المسكين أن جوارحه التي يعصي الله بها ويزود عنها أنها تأتي يوم القيامة شاهدة عليه بأعماله.
العمر ينقص والذنوب تزيد
وتُقال عثرات الفتا فيعودُ
هل يستطيع جحود ذنب واحدٍ
رجلٌ جوارحه عليه شهودُ
يا من استترت عن أعين الخلائق في الدنيا: ألم تعلم بأن الله يرى؟ألم تعلم بأن الملائكة الكرام الكاتبين يحصون عليك كل صغيرة وكبيرة؟: (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ) [فصلت: 22 - 23].
أيها الإخوة في الله: إن استشعار الواحد منا للشهود يوم القيامة لحريّ أن يجعل المؤمن مراقبٌ لنفسه، دائم المراقبة لربه، قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم ولا الإنكار ولا الاعتذار.
أين يهرب الواحد منا: والأرض شاهدة عليه؟ والرسل والأنبياء شهود؟ والزمان والأيام والليالي شهود؟ والملائكة شهود؟ والجوارح والأعضاء والجلود شهود؟ (وَكَفَى بِالل
وفي رواية: "فيقول: آمنت بك وبكتابك وبرسولك، وصليت وصمت وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول الله: هاهنا إذن! ثم يقول: الآن نبعث شاهدًا عليك، فيتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه: انطقي، فتنطق فخذه وفمه ولحمه وعظامه بعمله ما كان، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط عليه" [رواه مسلم].
فالموقف أمام الله صعب وشديد.
لا ينفع فيه الكلام، والثناء الكاذب، بصالح الأعمال.
إن كان العبد في الدنيا يستطيع أن يخدع الناس، ويتكلّم بلسانه، أنه صاحب عمل صالح وتقوى، فيوم القيامة الأمر يختلف: "ألا نبعث عليك شهيدًا".
وانظروا كيف يتفكر في نفسه من ذا الذي يجرؤ أن يشهد علي؟
وهذا لشدة طغيانه وظلمه، يحسب أن له هيبة وجبروتًا كما كان في الدنيا ولم يكن يتوقع أن يكون الشاهد أقرب إليه من أي شاهد آخر، إنها جوارحه وجلده وأعضاؤه: (لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَاقَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ) عبودية لله -تعالى- كاملة: (الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [فصلت: 21].
إن يوم الختم على الأفواه، وتكلّم الفخوذ والأيدي والجوارح: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يــس: 65].
وفي الحديث السابق ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أول ما يتكلم من العبد فخذه.
وفي حديث آخر سنده حسن، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تجيئون يوم القيامة على أفواهكم الفدامُ، وأول ما يتكلم من الإنسان فخذه وكفه".
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- إجابة عند ذلك أنه يحتمل وجهين:
الأول: أن يكون كلام فخذه أولاً زيادة في الفضيحة والخزي على ما نطق به الكتاب: (هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ) [الجاثية: 29].
لأنه كان في الدنيا يجاهر بالفواحش ويخلو قلبه عندها من ذكر الله -تعالى-، فلا يفعل ما يفعل خائفًا مشفقًا، فيخزيه الله -تعالى- بمجاهرته بفحشه على رؤوس الأشهاد.
والوجه الثاني: أن يكون هذا فيمن يقرأ كتابه ولا يعرف بما ينطق به الكتاب، بل يجحد، فيختم الله على فيه، وتنطق جوارحه، فتشهد عليه بسيئاته، وهذا الأظهر -والله أعلم-.
وقيل: أن أول ما ينطق من جوارحه فخذه؛ لأن أعمال الجوارح من اليد والقدم واللسان والسماع، ونحو ذلك قد يكون ظاهرًا للناس غير خافٍ عليهم فعندما تنطق به لا يستغربه كثيرًا.
أما ما قارفته فخذاه من المنكرات والفواحش والزنا والفجور التي لا يعلمها في ظنه إلا هو، فيستبعد أن تظهر، فعندما ينطق أول ما ينطق فخذه بخيانته، تزداد مفاجأته ورهبته وخوف -نسأل الله السلامة واللطف بنا-.
معاشر المسلمين: روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضحك! فقال: "هل تدرون ممّ أضحك؟" قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: "من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم علك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، ثم يختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلّى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بُعدًا لكنّ وسحقًا، فعنكنّ كنت أناضل".
الله أكبر! ما أعظمها -والله- من مفاجأة وحقيقة مذهلة، سيشهدها كل واحد منا يوم القيامة، والإنسان من عادته الجحود والنسيان، وإنما جعل الله الشهود وكتبهم لقصة!..
فليتأمل العاصي المسكين أن جوارحه التي يعصي الله بها ويزود عنها أنها تأتي يوم القيامة شاهدة عليه بأعماله.
العمر ينقص والذنوب تزيد
وتُقال عثرات الفتا فيعودُ
هل يستطيع جحود ذنب واحدٍ
رجلٌ جوارحه عليه شهودُ
يا من استترت عن أعين الخلائق في الدنيا: ألم تعلم بأن الله يرى؟ألم تعلم بأن الملائكة الكرام الكاتبين يحصون عليك كل صغيرة وكبيرة؟: (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ) [فصلت: 22 - 23].
أيها الإخوة في الله: إن استشعار الواحد منا للشهود يوم القيامة لحريّ أن يجعل المؤمن مراقبٌ لنفسه، دائم المراقبة لربه، قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم ولا الإنكار ولا الاعتذار.
أين يهرب الواحد منا: والأرض شاهدة عليه؟ والرسل والأنبياء شهود؟ والزمان والأيام والليالي شهود؟ والملائكة شهود؟ والجوارح والأعضاء والجلود شهود؟ (وَكَفَى بِالل
🎤
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
أمـــانة الصـــــانع والــتـــاجـــر
وأثــرهــا على الفـــرد والمجتــمع
للــشيــــخ/ مــــــــراد ســــــــــــلامــــــــة
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــــة.الأولـــــى.cc
أحبابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن (أمانة الصانع والتاجر وأثرها على الفرد والمجتمع) .
هذا الخلق الإسلامي الرفيع الذي هو من أسمي الأخلاق اتصف به الأنبياء والمرسلون ومدحهم الله تعالى به في غير ما آية من كتابه
ذلك الخلق هو عنوان الإيمان
وأتم صفات أهل الإحسان فما هي الأمانة؟ وما هو فضلها وكيف تكون الأمانة في الصنعة والتجارة؟
هذا هو موضوع الحديث
بحول الله تعالى وقوته :
كن للأمانة راعيا ** لا للخيانة تستكين
حتى ولو سرا فكن ** للسر حافظه الأمين
الناس تعجب بالذي* قد صانها في كل حين
وتبجل الشخص الذي* لم يفش سرا لا يلين
أدى الأمانة راجيا ** من ربنا كل الثواب
من خان أي أمانة* حصد الهلاك مع الخراب
فالله يمتحن العباد* والخائنون لهم حساب
أما الأمين هو الذي* دوماً يفضله الصحاب
العنصر الأول تعريف الأمانة:
الأمانة في الاصطلاح الشرعي:
هي رعاية حقوق الله تعالى بتأدية المرء للفرائض والواجبات، وكذلك المحافظة على حقوق العباد فلا يطمـع الإنسان فـي وديعة أؤتمن عليها ولا ينكر مالاً أو متاعاً أمّنه الناس عليه.
العنصر الثاني :
الأمانة في القران والسنة:
الأمانة العظمى، وهي الدين والتمسك به، قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: الأمانة تعم جميع وظائف الدين ا هـ.
وكذلك كل من جاء بعدهم من العلماء والدعاة، فهم أمناء في تبليغ هذا الدين. وكل ما يأتي من أنواع يمكن دخولها في هذا النوع.
عن أبي أنس مالك بن أبي عامر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان ابن فلان. رواه مسلم.
عن بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له ولا صلاة لمن لا طهور له ولا دين لمن لا صلاة له إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد) رواه أحمد والبزار.
العنصر الثالث أمانة الأنبياء و الرسل:
إن الأمانة شرط أساسي لاصطفاء الرسل، وهي من أبرز أخلاقهم، فلولا أنهم أمناء على ما يعود بالنفع على أمتهم، وحريصون على هداية وإرشاد أقوامهم لما استأمنهم الله على رسالاته لخلقه، فقد نادى جميع الأنبياء الأقوام الذين أرسلوا إليهم بقولـه تعالـى: ﴿ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الدخان: 17، 18]، وقوله تعالى: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68].
"أي إني رسول من الله إليكم أمين فيما بعثني به، أبلغكم رسالات ربي ولا أزيد عليها ولا أنقص ومأمون على تبليغ هذه الرسالة"
وكل رسول كان لسان دعوته لقومه ولسان حاله الذي يخاطب به الناس إني لكم رسول ناصح أمين، معبراً عن ثقل التبعة، وخطر ما يعلمه من عاقبة ما هم فيه من الجاهلية في الدنيا، ورغبته في هداية قومه وهو منهم وهم منه، وفي كل مرة يقف الملأ الذين استكبروا موقف الرفض، وعدم الاستسلام والخضوع لهذا الدين، وهذه القضية التي قامت عليها الرسالات، وقام عليها دين الله كله في الأرض.
• أمانه هود عليه السلام:
﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 66، 68].
• أمانة صالح عليه السلام وقال لهم:
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 107].
• أمانة لوط عليه السلام:
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشعراء: 160 - 166].
• أمانة شعيب عليه السلام:
قال تعالى ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا ال
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
أمـــانة الصـــــانع والــتـــاجـــر
وأثــرهــا على الفـــرد والمجتــمع
للــشيــــخ/ مــــــــراد ســــــــــــلامــــــــة
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــــة.الأولـــــى.cc
أحبابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن (أمانة الصانع والتاجر وأثرها على الفرد والمجتمع) .
هذا الخلق الإسلامي الرفيع الذي هو من أسمي الأخلاق اتصف به الأنبياء والمرسلون ومدحهم الله تعالى به في غير ما آية من كتابه
ذلك الخلق هو عنوان الإيمان
وأتم صفات أهل الإحسان فما هي الأمانة؟ وما هو فضلها وكيف تكون الأمانة في الصنعة والتجارة؟
هذا هو موضوع الحديث
بحول الله تعالى وقوته :
كن للأمانة راعيا ** لا للخيانة تستكين
حتى ولو سرا فكن ** للسر حافظه الأمين
الناس تعجب بالذي* قد صانها في كل حين
وتبجل الشخص الذي* لم يفش سرا لا يلين
أدى الأمانة راجيا ** من ربنا كل الثواب
من خان أي أمانة* حصد الهلاك مع الخراب
فالله يمتحن العباد* والخائنون لهم حساب
أما الأمين هو الذي* دوماً يفضله الصحاب
العنصر الأول تعريف الأمانة:
الأمانة في الاصطلاح الشرعي:
هي رعاية حقوق الله تعالى بتأدية المرء للفرائض والواجبات، وكذلك المحافظة على حقوق العباد فلا يطمـع الإنسان فـي وديعة أؤتمن عليها ولا ينكر مالاً أو متاعاً أمّنه الناس عليه.
العنصر الثاني :
الأمانة في القران والسنة:
الأمانة العظمى، وهي الدين والتمسك به، قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: الأمانة تعم جميع وظائف الدين ا هـ.
وكذلك كل من جاء بعدهم من العلماء والدعاة، فهم أمناء في تبليغ هذا الدين. وكل ما يأتي من أنواع يمكن دخولها في هذا النوع.
عن أبي أنس مالك بن أبي عامر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان ابن فلان. رواه مسلم.
عن بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له ولا صلاة لمن لا طهور له ولا دين لمن لا صلاة له إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد) رواه أحمد والبزار.
العنصر الثالث أمانة الأنبياء و الرسل:
إن الأمانة شرط أساسي لاصطفاء الرسل، وهي من أبرز أخلاقهم، فلولا أنهم أمناء على ما يعود بالنفع على أمتهم، وحريصون على هداية وإرشاد أقوامهم لما استأمنهم الله على رسالاته لخلقه، فقد نادى جميع الأنبياء الأقوام الذين أرسلوا إليهم بقولـه تعالـى: ﴿ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الدخان: 17، 18]، وقوله تعالى: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68].
"أي إني رسول من الله إليكم أمين فيما بعثني به، أبلغكم رسالات ربي ولا أزيد عليها ولا أنقص ومأمون على تبليغ هذه الرسالة"
وكل رسول كان لسان دعوته لقومه ولسان حاله الذي يخاطب به الناس إني لكم رسول ناصح أمين، معبراً عن ثقل التبعة، وخطر ما يعلمه من عاقبة ما هم فيه من الجاهلية في الدنيا، ورغبته في هداية قومه وهو منهم وهم منه، وفي كل مرة يقف الملأ الذين استكبروا موقف الرفض، وعدم الاستسلام والخضوع لهذا الدين، وهذه القضية التي قامت عليها الرسالات، وقام عليها دين الله كله في الأرض.
• أمانه هود عليه السلام:
﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 66، 68].
• أمانة صالح عليه السلام وقال لهم:
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 107].
• أمانة لوط عليه السلام:
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشعراء: 160 - 166].
• أمانة شعيب عليه السلام:
قال تعالى ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا ال
لَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الشعراء: 176 - 183].
وتلك الصِّفة بعينها ذُكِرت خمس مرَّات متواليات بحقِّ الأنبياء في سورة الشُّعراء:
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.. فقد قالها نبيُّ الله نوح في آية [107]، ونبيُّ الله هود، في آية [125]، ونبيُّ الله صالح في آية [143]، ونبيُّ الله لوط في آية [162]، ونبيُّ الله شعيب في آية [178].
• أمانة النبي صلى الله عليه وسلم:
• رد الأمانات إلى أهلها عند الهجرة:
عن عائشة -رضي الله عنها-في هجرة النبي قالت: وأمر -تعني رسول الله - عليًّا أن يتخلف عنه بمكة؛ حتى يؤدِّيَ عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس. وكان رسول الله وليس بمكة أحدٌ عنده شيء يُخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يُعلم من صدقه وأمانته... فخرج رسول الله، وأقام علي بن أبي طالب ثلاث ليالٍ وأيامها؛ حتى أدَّى عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لَحِق رسولَ الله [البيهقي: السنن الكبرى].
• رد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة:
عن ابن جريج قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، قال: نزلت في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي مفتاحَ الكعبة، ودخلَ به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح[الطبري].
• أمانة النبي - صلى الله عليه وسلم - في تجارته لخديجة - رضي الله عنها-:
كانت خديجة - كما يروى ابن الأثير وابن هشام - امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الحديث وعظم الأمانة وكرم الأخلاق، أرسلت إليه ليخرج في مالها الى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره، ومعه غلامها ميسرة. وقد قبل محمد صلى الله عليه وسلم هذا العرض فرحل إلى الشام عاملا في مالها ومعه ميسرة.
فحالفه التوفيق في هذه الرحلة أكثر من غيرها، وعاد إلى خديجة بأرباح مضاعفة، فأدى لها ما عليه في أمانة تامة ونبل عظيم، ووجد ميسرة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم و عظيم أخلاقه ما ملأ قلبه دهشة له، وإعجاباً به فروى ذلك لخديجة.
فأعجبت خديجة بعظيم أمانته، ولعلها دهشت لما نالها من البركة بسببه، فعرضت نفسها عليه زوجة بواسطة صديقتها (نفيسة بنت منيّة)، فوافق النبي عليه الصلاة و السلام، وكلم في ذلك أعمامه فخطبوها له من عمها عمرو بن أسد. وتزوجها عليه الصلاة والسلام وقد تم له من العمر خمسة وعشرون عاما ولها من العمر أربعون.
الأمانة في البيع والشراء:
وأداء الأمانة في البيع والشراء أن يلتزم فيهما الحدود الشرعية التي رسمها الشارع الحكيم، فلا يتعاطى المعاملة بالربا لا صريحا ولا حيلة فإن التحيل على الربا شر من الربا الصريح لأن المتحيل جمع بين المخادعة والربا، وعلى العامل بالبيع والشراء أن يتجنب الغش.
الواقع التطبيقي:
الموقف الأول: عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقاراً لهُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ الذِي اشْتَرَى العَقارَ في عَقارِهِ جَرَّةً فيها ذَهَبٌ فقال الذِي اشْتَرَى العَقارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّما اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ ولم أبْتَعِ الذَّهَبَ وقال الذِي لهُ الأَرْضُ إِنَّما بِعْتُكَ الأَرْضَ وما فيها فَتَحاكمَا إلى رَجُلٍ فقال الذِي تَحاكمَا إليه ألَكُما وَلَدٌ قال أحَدُهُما لِي غُلامٌ وقال الآخَرُ لِي جارِيَةٌ قال أنْكِحُوا الغُلامَ الجَارِيَةَ وأنْفِقوا على أنْفُسِكما منهُ وتَصَدَّقوا (أحمد والبخاري ومسلم).
الموقف الثاني: ذات يوم خرج أحد التجار الأمناء في سفر له، وترك أحد العاملين عنده ليبيع في متجره، فجاء رجل يهودي واشتري ثوبًا كان به عيب.
فلما حضر صاحب المتجر لم يجد ذلك الثوب، فسأل عنه، فقال له العامل: بعته لرجل يهودي بثلاثة آلاف درهم، ولم يطلع علي عيبه. فغضب التاجر وقال له: وأين ذلك الرجل؟ فقال: لقد سافر.
فأخذ التاجر المسلم المال، وخرج ليلحق بالقافلة التي سافر معها اليهودي، فلحقها بعد ثلاثة أيام، فسأل عن اليهودي، فلما وجده قال له: أيها الرجل! لقد اشتريت من متجري ثوبًا به عيب، فخذ دراهمك، وأعطني الثوب. فتعجب اليهودي وسأله: لماذا فعلت هذا؟ قال التاجر: إن ديني يأمرني بالأمانة، وينهاني عن الخيانة فقد قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: (من غش فليس مني). أحمد و مسلم.
فاندهش اليهودي وأخبر التاجر بأن الدراهم التي دفعها للعامل كانت مزيفة، وأعطاه بدلا منها،ثم قال: لقد أسلمت لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله).
الموقف الثالث
وتلك الصِّفة بعينها ذُكِرت خمس مرَّات متواليات بحقِّ الأنبياء في سورة الشُّعراء:
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.. فقد قالها نبيُّ الله نوح في آية [107]، ونبيُّ الله هود، في آية [125]، ونبيُّ الله صالح في آية [143]، ونبيُّ الله لوط في آية [162]، ونبيُّ الله شعيب في آية [178].
• أمانة النبي صلى الله عليه وسلم:
• رد الأمانات إلى أهلها عند الهجرة:
عن عائشة -رضي الله عنها-في هجرة النبي قالت: وأمر -تعني رسول الله - عليًّا أن يتخلف عنه بمكة؛ حتى يؤدِّيَ عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس. وكان رسول الله وليس بمكة أحدٌ عنده شيء يُخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يُعلم من صدقه وأمانته... فخرج رسول الله، وأقام علي بن أبي طالب ثلاث ليالٍ وأيامها؛ حتى أدَّى عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لَحِق رسولَ الله [البيهقي: السنن الكبرى].
• رد مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة:
عن ابن جريج قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، قال: نزلت في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي مفتاحَ الكعبة، ودخلَ به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح[الطبري].
• أمانة النبي - صلى الله عليه وسلم - في تجارته لخديجة - رضي الله عنها-:
كانت خديجة - كما يروى ابن الأثير وابن هشام - امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الحديث وعظم الأمانة وكرم الأخلاق، أرسلت إليه ليخرج في مالها الى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره، ومعه غلامها ميسرة. وقد قبل محمد صلى الله عليه وسلم هذا العرض فرحل إلى الشام عاملا في مالها ومعه ميسرة.
فحالفه التوفيق في هذه الرحلة أكثر من غيرها، وعاد إلى خديجة بأرباح مضاعفة، فأدى لها ما عليه في أمانة تامة ونبل عظيم، ووجد ميسرة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم و عظيم أخلاقه ما ملأ قلبه دهشة له، وإعجاباً به فروى ذلك لخديجة.
فأعجبت خديجة بعظيم أمانته، ولعلها دهشت لما نالها من البركة بسببه، فعرضت نفسها عليه زوجة بواسطة صديقتها (نفيسة بنت منيّة)، فوافق النبي عليه الصلاة و السلام، وكلم في ذلك أعمامه فخطبوها له من عمها عمرو بن أسد. وتزوجها عليه الصلاة والسلام وقد تم له من العمر خمسة وعشرون عاما ولها من العمر أربعون.
الأمانة في البيع والشراء:
وأداء الأمانة في البيع والشراء أن يلتزم فيهما الحدود الشرعية التي رسمها الشارع الحكيم، فلا يتعاطى المعاملة بالربا لا صريحا ولا حيلة فإن التحيل على الربا شر من الربا الصريح لأن المتحيل جمع بين المخادعة والربا، وعلى العامل بالبيع والشراء أن يتجنب الغش.
الواقع التطبيقي:
الموقف الأول: عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقاراً لهُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ الذِي اشْتَرَى العَقارَ في عَقارِهِ جَرَّةً فيها ذَهَبٌ فقال الذِي اشْتَرَى العَقارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّما اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ ولم أبْتَعِ الذَّهَبَ وقال الذِي لهُ الأَرْضُ إِنَّما بِعْتُكَ الأَرْضَ وما فيها فَتَحاكمَا إلى رَجُلٍ فقال الذِي تَحاكمَا إليه ألَكُما وَلَدٌ قال أحَدُهُما لِي غُلامٌ وقال الآخَرُ لِي جارِيَةٌ قال أنْكِحُوا الغُلامَ الجَارِيَةَ وأنْفِقوا على أنْفُسِكما منهُ وتَصَدَّقوا (أحمد والبخاري ومسلم).
الموقف الثاني: ذات يوم خرج أحد التجار الأمناء في سفر له، وترك أحد العاملين عنده ليبيع في متجره، فجاء رجل يهودي واشتري ثوبًا كان به عيب.
فلما حضر صاحب المتجر لم يجد ذلك الثوب، فسأل عنه، فقال له العامل: بعته لرجل يهودي بثلاثة آلاف درهم، ولم يطلع علي عيبه. فغضب التاجر وقال له: وأين ذلك الرجل؟ فقال: لقد سافر.
فأخذ التاجر المسلم المال، وخرج ليلحق بالقافلة التي سافر معها اليهودي، فلحقها بعد ثلاثة أيام، فسأل عن اليهودي، فلما وجده قال له: أيها الرجل! لقد اشتريت من متجري ثوبًا به عيب، فخذ دراهمك، وأعطني الثوب. فتعجب اليهودي وسأله: لماذا فعلت هذا؟ قال التاجر: إن ديني يأمرني بالأمانة، وينهاني عن الخيانة فقد قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: (من غش فليس مني). أحمد و مسلم.
فاندهش اليهودي وأخبر التاجر بأن الدراهم التي دفعها للعامل كانت مزيفة، وأعطاه بدلا منها،ثم قال: لقد أسلمت لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله).
الموقف الثالث
وابرأ من أنها تقلب المعلف:
الأصمعي قال أنبأنا سكن الخرشي قال: جاءني يونس بن عبيد بشاة فقال بعها وابرأ من أنها تقلب المعلف وتنزع الوتد ولا تبرأ بعد ما تبيع بين قبل أن تبيع.
الأمانة في حفظ ورد الودائع:
تشمل الوديعة الأشياء العينية من مال ومتاع وكل ما يؤتمن عليه الإنسان يجب أن يؤديه إلى أصحابه كاملة غير منقوص، ووفق هذا المعنى جاء قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون:8]، فهم يؤدون الأمانات والودائع إلى أهلها، وإذا اؤتمنوا على شيء لم يخونوا، وجـاء فـي الحديث الشريف عن أنس قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له) السنن الكبرى.
وأداء الودائع وسائر الأمانات واجب ولا سيما إذا طلبها صاحبها، ومن لم يؤدها في الدنيا أُخذت منه في يوم القيامة، قال أبو هريرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجمَّاء من القَرْناء) مسند الإمام أحمد.
فالأمانة بمعنى الوديعة حقها الأداء حيث ورد الأمر بذلك في القرآن الكريم صراحة ومؤكداً بصيغة لام الأمر، قال تعالى: ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283].
وورد الأمر بصيغة التصريح بفعل الأمر برد الودائع والأمانات إلى أهلها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: (القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة، قال:
يؤتى بالعبد يوم القيامة - وإن قتل في سبيل الله - فيقال: أدِّ أمانتك، فيقول: أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت له، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه، حتى إذا ظن أنه خارج نزلت عن منكبيه فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين، ثم قال: الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عددها وأشد ذلك الودائع) شعب الإيمان، للبيهقي.
الواقع التطبيقي: عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا من بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فقال: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فقال: كَفَى بِالله شَهِيدًا، قال: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قال: كَفَى بِالله كَفِيلًا، قال: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إليه إلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ في الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عليه لِلْأَجَلِ الذي أَجَّلَهُ فلم يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فيها أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً منه إلى صَاحِبِهِ ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أتى بها إلى الْبَحْرِ فقال: اللهم إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كنت تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَاً فقلت كَفَى بِالله كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فقلت كَفَى بِالله شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إليه الذي له فلم أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بها في الْبَحْرِ حتى ولَجَتْ فيه، ثُمَّ انْصَرَفَ وهو في ذلك يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إلى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الذي أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قد جاء بِمَالِهِ فإذا بِالْخَشَبَةِ التي فيها الْمَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فلما نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الذي كان أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ، فقال: والله ما زِلْتُ جَاهِدًا في طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فما وَجَدْتُ مَرْكَبًا قبل الذي أَتَيْتُ فيه، قال: هل كُنْتَ بَعَثْتَ إلي بِشَيْءٍ، قال: أُخْبِرُكَ أَنِّي لم أَجِدْ مَرْكَبًا قبل الذي جِئْتُ فيه، قال: فإن الله قد أَدَّى عَنْكَ الذي بَعَثْتَ في الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ دينار رَاشِدًا» (رواه البخاري).
أمانة الصانع وأثرها على المنتج الوطني والرخاء الاقتصادي:
إخوة الإسلام: ومن الأمانة التي ضيعها كثير من المسلمين أمانة الصناعة وإتقانها حتى رأينا كثيرا من المسلمين يتهافتون على المنتج الغربي الياباني والألماني وغيرها من منتجات أتقنها صناعها بأمانة وحس الصنعة فراجت تجارتهم وارتفع اقتصادهم في حين أننا نرى كثيرا من المنتجات القومية والوطنية قد أعرض عنها المشتري لعلمه أنها افتقدت الأمانة فحين أننا أمة الأمانة والإتقان.
إن الإتقان في العمل والمسئولية قيمة تربوية ومرتكز نفسي مؤثر، على أساسه ينبني الإنسان المسلم من بدايات حياته الأولى فاعلا ومؤثرا وناجحا، فيدع العجز والكسل، والقعود والخمول، وينطلق حيث الفعالي
الأصمعي قال أنبأنا سكن الخرشي قال: جاءني يونس بن عبيد بشاة فقال بعها وابرأ من أنها تقلب المعلف وتنزع الوتد ولا تبرأ بعد ما تبيع بين قبل أن تبيع.
الأمانة في حفظ ورد الودائع:
تشمل الوديعة الأشياء العينية من مال ومتاع وكل ما يؤتمن عليه الإنسان يجب أن يؤديه إلى أصحابه كاملة غير منقوص، ووفق هذا المعنى جاء قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون:8]، فهم يؤدون الأمانات والودائع إلى أهلها، وإذا اؤتمنوا على شيء لم يخونوا، وجـاء فـي الحديث الشريف عن أنس قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له) السنن الكبرى.
وأداء الودائع وسائر الأمانات واجب ولا سيما إذا طلبها صاحبها، ومن لم يؤدها في الدنيا أُخذت منه في يوم القيامة، قال أبو هريرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجمَّاء من القَرْناء) مسند الإمام أحمد.
فالأمانة بمعنى الوديعة حقها الأداء حيث ورد الأمر بذلك في القرآن الكريم صراحة ومؤكداً بصيغة لام الأمر، قال تعالى: ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283].
وورد الأمر بصيغة التصريح بفعل الأمر برد الودائع والأمانات إلى أهلها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: (القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة، قال:
يؤتى بالعبد يوم القيامة - وإن قتل في سبيل الله - فيقال: أدِّ أمانتك، فيقول: أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت له، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه، حتى إذا ظن أنه خارج نزلت عن منكبيه فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين، ثم قال: الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عددها وأشد ذلك الودائع) شعب الإيمان، للبيهقي.
الواقع التطبيقي: عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا من بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فقال: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فقال: كَفَى بِالله شَهِيدًا، قال: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قال: كَفَى بِالله كَفِيلًا، قال: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إليه إلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ في الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عليه لِلْأَجَلِ الذي أَجَّلَهُ فلم يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فيها أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً منه إلى صَاحِبِهِ ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أتى بها إلى الْبَحْرِ فقال: اللهم إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كنت تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَاً فقلت كَفَى بِالله كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فقلت كَفَى بِالله شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إليه الذي له فلم أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بها في الْبَحْرِ حتى ولَجَتْ فيه، ثُمَّ انْصَرَفَ وهو في ذلك يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إلى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الذي أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قد جاء بِمَالِهِ فإذا بِالْخَشَبَةِ التي فيها الْمَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فلما نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الذي كان أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ، فقال: والله ما زِلْتُ جَاهِدًا في طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فما وَجَدْتُ مَرْكَبًا قبل الذي أَتَيْتُ فيه، قال: هل كُنْتَ بَعَثْتَ إلي بِشَيْءٍ، قال: أُخْبِرُكَ أَنِّي لم أَجِدْ مَرْكَبًا قبل الذي جِئْتُ فيه، قال: فإن الله قد أَدَّى عَنْكَ الذي بَعَثْتَ في الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ دينار رَاشِدًا» (رواه البخاري).
أمانة الصانع وأثرها على المنتج الوطني والرخاء الاقتصادي:
إخوة الإسلام: ومن الأمانة التي ضيعها كثير من المسلمين أمانة الصناعة وإتقانها حتى رأينا كثيرا من المسلمين يتهافتون على المنتج الغربي الياباني والألماني وغيرها من منتجات أتقنها صناعها بأمانة وحس الصنعة فراجت تجارتهم وارتفع اقتصادهم في حين أننا نرى كثيرا من المنتجات القومية والوطنية قد أعرض عنها المشتري لعلمه أنها افتقدت الأمانة فحين أننا أمة الأمانة والإتقان.
إن الإتقان في العمل والمسئولية قيمة تربوية ومرتكز نفسي مؤثر، على أساسه ينبني الإنسان المسلم من بدايات حياته الأولى فاعلا ومؤثرا وناجحا، فيدع العجز والكسل، والقعود والخمول، وينطلق حيث الفعالي
ة المؤثرة في شتى المجالات.
وأما السياج المحيط بصنعة الصانع فهو سياج الأخلاق، فالأخلاق تحيطه وتحميه من النقص أو الخلل، فأمر بكل خلق يصلح به العمل، فلا عمل بغير أمانة.
كذلك فالصدق في العمل، وعدم الغش فيه شرط من شروط صلاحه عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر على صبرة من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال يا صاحب الطعام! ما هذا؟ قال أصابته السماء يا رسول الله! قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ ثم قال من غش فليس منا أخرجه الترمذي.
وهكذا قل في الأخلاق الأخرى.
و لقد مدح الله تعالى أهل الأمانة في الصنعة فقال عن نبيه داود عليه السلام ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10، 11].
ومدح الإتقان و الأمانة في حياة سليمان عليه السلام فقال سبحانه ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبـــــة.الثانيـــــة.cc
الحمد لله رب العالمين...
اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.... أما بعد:
العنصر الخامس:
الوصايا النبوية للتجار والصناع:
أحباب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-و ها هي وصايا غراء من سيد الأصفياء – صلى الله عليه و سلم لكل تاجر في تجارته و كل صانع في صنعته:
الوصية الأولى إتقان الصنعة: أول هذه الوصايا أيها الصناع الإتقان أتقن عملك و صنعتك و اعلم أن الله تعالى يحب المتقنين عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وصَحِيح الْجَامِع.
الوصية الثانية:
التزم بوعودك ولا تخلفها:
لا كما نرى وما نسمع أن كثيرا من الصناع والتجار رأس مالهم إخلاف الوعود وعدم الالتزام بها وللأسف لقد شاع في الأمثال: (فلان وعده إنجليزي) لما يرونه من صدق هؤلاء في وعودهم وعدم إخلافها.
ونحن أحق وأولى لأننا امرنا الله تعالى بذلك قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]. فلا ينبغي للصانع أن يَعِد الناس بما لا يقدر على وفائه.
الوصية الثالثة: احذر أن تكتم عيبا في تجارتك أو صنعتك: لأن هذا من الغش المذموم كما ذكرنا أنفا و لان ذلك يوجب اللعن و الطرد من رحمة الله تعالى عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ، لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللهِ، وَلَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تَلْعَنُهُ) ( أخرجه ابن ماجه وإسناده ضعيف).
الوصية الرابعة احذر من الأيمان الكاذبة: فإنهما تمحق البركة و تهين صاحبها عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل؛ ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط؛ ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدقه رجل ثم قرأ هذه الآية (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) أخرجه البخاري.
ألا وصلوا وسلِّموا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا ربنا بهذا، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وألِّف بين قلوبهم يا رب العالمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الغلاء ومن الزلازل والمحن، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم اغفر لنا ولوالدينا
وارحمهم كما ربَّوْنا صغارًا.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.
سبحان ربنا ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين .
=======================
وأما السياج المحيط بصنعة الصانع فهو سياج الأخلاق، فالأخلاق تحيطه وتحميه من النقص أو الخلل، فأمر بكل خلق يصلح به العمل، فلا عمل بغير أمانة.
كذلك فالصدق في العمل، وعدم الغش فيه شرط من شروط صلاحه عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر على صبرة من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال يا صاحب الطعام! ما هذا؟ قال أصابته السماء يا رسول الله! قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ ثم قال من غش فليس منا أخرجه الترمذي.
وهكذا قل في الأخلاق الأخرى.
و لقد مدح الله تعالى أهل الأمانة في الصنعة فقال عن نبيه داود عليه السلام ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10، 11].
ومدح الإتقان و الأمانة في حياة سليمان عليه السلام فقال سبحانه ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبـــــة.الثانيـــــة.cc
الحمد لله رب العالمين...
اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.... أما بعد:
العنصر الخامس:
الوصايا النبوية للتجار والصناع:
أحباب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-و ها هي وصايا غراء من سيد الأصفياء – صلى الله عليه و سلم لكل تاجر في تجارته و كل صانع في صنعته:
الوصية الأولى إتقان الصنعة: أول هذه الوصايا أيها الصناع الإتقان أتقن عملك و صنعتك و اعلم أن الله تعالى يحب المتقنين عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وصَحِيح الْجَامِع.
الوصية الثانية:
التزم بوعودك ولا تخلفها:
لا كما نرى وما نسمع أن كثيرا من الصناع والتجار رأس مالهم إخلاف الوعود وعدم الالتزام بها وللأسف لقد شاع في الأمثال: (فلان وعده إنجليزي) لما يرونه من صدق هؤلاء في وعودهم وعدم إخلافها.
ونحن أحق وأولى لأننا امرنا الله تعالى بذلك قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]. فلا ينبغي للصانع أن يَعِد الناس بما لا يقدر على وفائه.
الوصية الثالثة: احذر أن تكتم عيبا في تجارتك أو صنعتك: لأن هذا من الغش المذموم كما ذكرنا أنفا و لان ذلك يوجب اللعن و الطرد من رحمة الله تعالى عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ، لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللهِ، وَلَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تَلْعَنُهُ) ( أخرجه ابن ماجه وإسناده ضعيف).
الوصية الرابعة احذر من الأيمان الكاذبة: فإنهما تمحق البركة و تهين صاحبها عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل؛ ورجل بايع إمامه لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط؛ ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا، فصدقه رجل ثم قرأ هذه الآية (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) أخرجه البخاري.
ألا وصلوا وسلِّموا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا ربنا بهذا، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وألِّف بين قلوبهم يا رب العالمين.
اللهم إنا نعوذ بك من الغلاء ومن الزلازل والمحن، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم اغفر لنا ولوالدينا
وارحمهم كما ربَّوْنا صغارًا.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.
سبحان ربنا ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين .
=======================
حاجة الناس إلى الرحمة
الحمد لله وسع كل شيء برحمته، وعمَّ كل حي بنعمته، لا إله إلا هو خضعت الخلائق لعظمته، سبحانه يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ آلائه وجلائل منِّته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، خيرته من بريته، ومصطفاه لرسالته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعترته، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ وسار على نهجه وطريقته.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، واعتبروا بمن مضى من قبلكم، فقد عاجلهم ريب المنون، وجاءهم ما كانوا يوعدون هم السابقون وأنتم اللاحقون، سبقوكم بمضي الآجال، وأنتم على آثارهم تشد بكم الرحال { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } [الحج:46].
أيها المسلمون: الناس في حاجة إلى كنف رحيم، ورعاية حانية، وبشاشة سمحة.
هم بحاجة إلى ودٍ يسعهم، وحلمٍ لا يضيق بجهلهم، ولا ينفر من ضعفهم.
في حاجة إلى قلبٍ كبير يمنحهم ويعطيهم، ولا يتطلع إلى ما في أيديهم، يحمل همومهم ولا يثقلهم بهمومه.
إن تبلد الحس يهوي بالإنسان إلى منزلة بهيمية أو أحط، والإنسان بغير قلبٍ رحيم أشبه بالآلة الصماء، وهو بغير روحٍ ودود أشبه بالحجر الصلد.
إن الإنسان لا يتميز في إنسانيته إلا بقلبه وروحه، لا في أكوام لحمه وعظامه، فبالروح والقلب يحس ويشعر، وينفعل ويتأثر، ويرحم ويتألم.
الرحمة -أيها الإخوة في الله- كمالٌ في الطبيعة البشرية، تجعل المرء يرق لآلام الخلق، فيسعى لإزالتها كما يسعى في مواساتهم، كما يأسى لأخطائهم فيتمنى هدايتهم ويتلمس أعذارهم.
الرحمة صورة من كمال الفطرة وجمال الخلق، تحمل صاحبها على البر، وتهب عليه في الأزمات نسيماً عليلاً تترطب معه الحياة وتأنس له الأفئدة .
سعة رحمة الله
جاء في الحديث الصحيح: { جعل الله الرحمة مائة جزءاً، أنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه }.
وربنا سبحانه متصف بالرحمة صفةً لا تشبه صفات المخلوقين، فهو أرحم الراحمين، وخير الراحمين، وسعت رحمته كل شيء، وعم بها كل حي، وملائكة الرحمة وهي تدعو للمؤمنين أثنت على ربها وتقربت إليه بهذه الصفة العظيمة: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } [غافر:7] وفي الحديث القدسي: { إن رحمتي تغلب غضبي } مخرَّج في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي التنزيل الحكيم: { وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ } [المؤمنون:118]، { فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف:64].
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: { قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى قد تحلَّب ثديها، إذ وجدت صبياً في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا والله وهي تقدر على ألاَّ تطرحه.
قال: فالله تعالى أرحم بعباده من هذه بولدها } أخرجه البخاري .
رحمة الله سبب واصل بين الله وعباده
أيها المسلمون: إن رحمة الله سببٌ واصل بين الله وعباده، بها أرسل رسله إليهم، وأنزل كتبه عليهم، وبها هداهم، وبها يسكنهم دار ثوابه، وبها يرزقهم ويعافيهم وينعم عليهم، فبينهم وبينه سبب العبودية، وبينهم وبينه سبب الرحمة: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس:57-58].
والرحمة تحصل للمؤمنين المهتدين بحسب هداهم؛ فكلما كان نصيب العبد من الهدى أتم كان حظه من الرحمة أوفر، فبرحمته سبحانه شرع لهم شرائع الأوامر والنواهي، بل برحمته جعل في الدنيا ما جعل من الأكدار حتى لا يركنوا إليها فيرغبوا عن نعيم الآخرة، وأرسل رسوله محمداًَ صلى الله عليه وسلم بالرحمة؛ فهو نبي الرحمة للعالمين أجمعين: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً } [الإسراء:105] بعثه ربه فسكب في قلبه من العلم والحلم، وفي خلقه من الإيناس والبر، وفي طبعه من السهولة والرفق، وفي يده من السخاوة والنداء ما جعله أزكى عباد الرحمن رحمة، وأوسعهم عاطفة، وأرحبهم صدراً: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } [آل عمران:159]، { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
الحمد لله وسع كل شيء برحمته، وعمَّ كل حي بنعمته، لا إله إلا هو خضعت الخلائق لعظمته، سبحانه يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ آلائه وجلائل منِّته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، خيرته من بريته، ومصطفاه لرسالته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعترته، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ وسار على نهجه وطريقته.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، واعتبروا بمن مضى من قبلكم، فقد عاجلهم ريب المنون، وجاءهم ما كانوا يوعدون هم السابقون وأنتم اللاحقون، سبقوكم بمضي الآجال، وأنتم على آثارهم تشد بكم الرحال { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } [الحج:46].
أيها المسلمون: الناس في حاجة إلى كنف رحيم، ورعاية حانية، وبشاشة سمحة.
هم بحاجة إلى ودٍ يسعهم، وحلمٍ لا يضيق بجهلهم، ولا ينفر من ضعفهم.
في حاجة إلى قلبٍ كبير يمنحهم ويعطيهم، ولا يتطلع إلى ما في أيديهم، يحمل همومهم ولا يثقلهم بهمومه.
إن تبلد الحس يهوي بالإنسان إلى منزلة بهيمية أو أحط، والإنسان بغير قلبٍ رحيم أشبه بالآلة الصماء، وهو بغير روحٍ ودود أشبه بالحجر الصلد.
إن الإنسان لا يتميز في إنسانيته إلا بقلبه وروحه، لا في أكوام لحمه وعظامه، فبالروح والقلب يحس ويشعر، وينفعل ويتأثر، ويرحم ويتألم.
الرحمة -أيها الإخوة في الله- كمالٌ في الطبيعة البشرية، تجعل المرء يرق لآلام الخلق، فيسعى لإزالتها كما يسعى في مواساتهم، كما يأسى لأخطائهم فيتمنى هدايتهم ويتلمس أعذارهم.
الرحمة صورة من كمال الفطرة وجمال الخلق، تحمل صاحبها على البر، وتهب عليه في الأزمات نسيماً عليلاً تترطب معه الحياة وتأنس له الأفئدة .
سعة رحمة الله
جاء في الحديث الصحيح: { جعل الله الرحمة مائة جزءاً، أنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه }.
وربنا سبحانه متصف بالرحمة صفةً لا تشبه صفات المخلوقين، فهو أرحم الراحمين، وخير الراحمين، وسعت رحمته كل شيء، وعم بها كل حي، وملائكة الرحمة وهي تدعو للمؤمنين أثنت على ربها وتقربت إليه بهذه الصفة العظيمة: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } [غافر:7] وفي الحديث القدسي: { إن رحمتي تغلب غضبي } مخرَّج في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي التنزيل الحكيم: { وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ } [المؤمنون:118]، { فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف:64].
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: { قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى قد تحلَّب ثديها، إذ وجدت صبياً في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا والله وهي تقدر على ألاَّ تطرحه.
قال: فالله تعالى أرحم بعباده من هذه بولدها } أخرجه البخاري .
رحمة الله سبب واصل بين الله وعباده
أيها المسلمون: إن رحمة الله سببٌ واصل بين الله وعباده، بها أرسل رسله إليهم، وأنزل كتبه عليهم، وبها هداهم، وبها يسكنهم دار ثوابه، وبها يرزقهم ويعافيهم وينعم عليهم، فبينهم وبينه سبب العبودية، وبينهم وبينه سبب الرحمة: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس:57-58].
والرحمة تحصل للمؤمنين المهتدين بحسب هداهم؛ فكلما كان نصيب العبد من الهدى أتم كان حظه من الرحمة أوفر، فبرحمته سبحانه شرع لهم شرائع الأوامر والنواهي، بل برحمته جعل في الدنيا ما جعل من الأكدار حتى لا يركنوا إليها فيرغبوا عن نعيم الآخرة، وأرسل رسوله محمداًَ صلى الله عليه وسلم بالرحمة؛ فهو نبي الرحمة للعالمين أجمعين: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً } [الإسراء:105] بعثه ربه فسكب في قلبه من العلم والحلم، وفي خلقه من الإيناس والبر، وفي طبعه من السهولة والرفق، وفي يده من السخاوة والنداء ما جعله أزكى عباد الرحمن رحمة، وأوسعهم عاطفة، وأرحبهم صدراً: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } [آل عمران:159]، { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } [التوبة:128].
عموم الرحمة للخلق كافة
الإسلام رسالة خير وسلام ورحمة للبشرية كلها؛ دعا إلى التراحم، وجعل الرحمة من دلائل كمال الإيمان، فالمسلم يلقى الناس وفي قلبه عطف حنون، وبرٌ مكنون، يوسع لهم ويخفف عنهم ويواسيهم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { لن تؤمنوا حتى تراحموا، قالوا: يا رسول الله! كلنا رحيم.
قال: إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة } رواه الطبراني ورجاله ثقات.
فليس المطلوب قصر الرحمة على من تعرف من قريبٍ أو صديق، ولكنها رحمة عامة تسع العامة كلهم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرز هذا العموم في إفشاء الرحمة، والحث على انتشارها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يرحم الله من لا يرحم الناس } متفق عليه وفي الحديث الآخر: { من لا يرحم لا يرحم } يقول ابن بطال رحمه الله: في هذا الحديث الحض على استعمال الرحمة للخلق فيدخل المؤمن والكافر، والبهائم المملوك فيها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام، والمساعدة في الحمل، وترك التعدي بالضرب.
مستجلبات رحمة الله
عباد الله: ورحمة الله تستجلب بطاعته وطاعة رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم، والاستقامة على أمر الإسلام: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [آل عمران:132] كما تُستجلَب بتقوى الله: { وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الحجرات:10]، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الحديد:28].
ومن جالبات رحمة الله: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة:71] والعبد بذنوبه وتقصيره فقير إلى رحمة الله: { لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [النمل:46].
ومن أعظم ما تُستجلَب به رحمة الله عباد الله: الرحمة بعباده، ففي الحديث الصحيح: { الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء } رواه أبو داود و الترمذي .
ومن أجل هذا، فإن المؤمن قوي الإيمان، يتميز بقلبٍ حي مرهف لين رحيم، يرق للضعيف، ويألم للحزين، ويحنو على المسكين، ويمد يده إلى الملهوف، وينفر من الإيذاء، ويكره الجريمة، فهو مصدر خيرٍ وبرٍ وسلامٍ لما حوله ومن حوله.
مواطن الرحمة
أيها المسلمون: وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن من أولى الناس وأحقهم بالرحمة وأولاهم بها الوالدين، فببرهما تُستجلَب الرحمة، وبالإحسان إليهما تكون السعادة: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } [الإسراء:24].
ثم من بعد ذلك الأولاد فلذات الأكباد، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما ثم يقول: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما } أخرجه البخاري .
والمشاهد أن في الناس أجلافاً تخلو قلوبهم من الرقة والحنو، في مسالكهم فظاظة، وفي ألفاظهم غلظة، فقد قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن و الحسين رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: { من لا يرحم لا يرحم } وفي رواية: { أوأملك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟ } مخرَّج في الصحيحين من حديث عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما.
ويرتبط بالوالدين والأولاد حق أولي الأرحام، فالرحم مشتقة من الرحمة في مبناها، فحريٌّ أن تستقيم معها في معناها، وفي الحديث: { الرحم شجنة من الرحمة، من وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله } فليس للمسلم أن يوصد قلبه وبيته دون أقاربه، أو يقطع علائقهم، فلا يسدي لهم عوناً، ولا يواسيهم في ألم، ولا يبادرهم في معروف.
إن الغلظة والجفاء والقطيعة والصدود في حق ذوي الرحم تحرم العبد بركة الله وفضله، وتعرضه لسخط الله ومقته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { الرحم شجنة من الرحمة تقول: يا رب إني قُطعت، يا رب إني ظُلمت، يا رب إني أسيء إليَّ فيجيبها: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك } أخرجه أحمد .
ومن مواطن الرحمة: إحسان معاملة الخدم والترفق بهم فيما يكلَّفون به من أعمال، والتجاوز عن هفواتهم، وليحذر المرء من سطوة
عموم الرحمة للخلق كافة
الإسلام رسالة خير وسلام ورحمة للبشرية كلها؛ دعا إلى التراحم، وجعل الرحمة من دلائل كمال الإيمان، فالمسلم يلقى الناس وفي قلبه عطف حنون، وبرٌ مكنون، يوسع لهم ويخفف عنهم ويواسيهم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { لن تؤمنوا حتى تراحموا، قالوا: يا رسول الله! كلنا رحيم.
قال: إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة } رواه الطبراني ورجاله ثقات.
فليس المطلوب قصر الرحمة على من تعرف من قريبٍ أو صديق، ولكنها رحمة عامة تسع العامة كلهم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرز هذا العموم في إفشاء الرحمة، والحث على انتشارها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يرحم الله من لا يرحم الناس } متفق عليه وفي الحديث الآخر: { من لا يرحم لا يرحم } يقول ابن بطال رحمه الله: في هذا الحديث الحض على استعمال الرحمة للخلق فيدخل المؤمن والكافر، والبهائم المملوك فيها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام، والمساعدة في الحمل، وترك التعدي بالضرب.
مستجلبات رحمة الله
عباد الله: ورحمة الله تستجلب بطاعته وطاعة رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم، والاستقامة على أمر الإسلام: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [آل عمران:132] كما تُستجلَب بتقوى الله: { وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الحجرات:10]، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الحديد:28].
ومن جالبات رحمة الله: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة:71] والعبد بذنوبه وتقصيره فقير إلى رحمة الله: { لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [النمل:46].
ومن أعظم ما تُستجلَب به رحمة الله عباد الله: الرحمة بعباده، ففي الحديث الصحيح: { الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء } رواه أبو داود و الترمذي .
ومن أجل هذا، فإن المؤمن قوي الإيمان، يتميز بقلبٍ حي مرهف لين رحيم، يرق للضعيف، ويألم للحزين، ويحنو على المسكين، ويمد يده إلى الملهوف، وينفر من الإيذاء، ويكره الجريمة، فهو مصدر خيرٍ وبرٍ وسلامٍ لما حوله ومن حوله.
مواطن الرحمة
أيها المسلمون: وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن من أولى الناس وأحقهم بالرحمة وأولاهم بها الوالدين، فببرهما تُستجلَب الرحمة، وبالإحسان إليهما تكون السعادة: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } [الإسراء:24].
ثم من بعد ذلك الأولاد فلذات الأكباد، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما ثم يقول: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما } أخرجه البخاري .
والمشاهد أن في الناس أجلافاً تخلو قلوبهم من الرقة والحنو، في مسالكهم فظاظة، وفي ألفاظهم غلظة، فقد قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن و الحسين رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: { من لا يرحم لا يرحم } وفي رواية: { أوأملك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟ } مخرَّج في الصحيحين من حديث عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما.
ويرتبط بالوالدين والأولاد حق أولي الأرحام، فالرحم مشتقة من الرحمة في مبناها، فحريٌّ أن تستقيم معها في معناها، وفي الحديث: { الرحم شجنة من الرحمة، من وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله } فليس للمسلم أن يوصد قلبه وبيته دون أقاربه، أو يقطع علائقهم، فلا يسدي لهم عوناً، ولا يواسيهم في ألم، ولا يبادرهم في معروف.
إن الغلظة والجفاء والقطيعة والصدود في حق ذوي الرحم تحرم العبد بركة الله وفضله، وتعرضه لسخط الله ومقته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { الرحم شجنة من الرحمة تقول: يا رب إني قُطعت، يا رب إني ظُلمت، يا رب إني أسيء إليَّ فيجيبها: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك } أخرجه أحمد .
ومن مواطن الرحمة: إحسان معاملة الخدم والترفق بهم فيما يكلَّفون به من أعمال، والتجاوز عن هفواتهم، وليحذر المرء من سطوة
التصرف، فيسخّرهم ويسخر منهم، فإن الله إذا ملّكَ أحداً شيئاً فاستبد به وأساء سلبه ما ملّك، ويخشى عليه من سوء المنقلب.
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: { خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أفٍ قط، وما قال لشيءٍ صنعته: لم صنعته؟ ولا لشيء تركته: لم تركته؟ } رواه مسلم ، وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: { كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً خلفي: اعلم أبا مسعود ، فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام.
فقلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله.
فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار }، وجاءه عليه الصلاة والسلام رجل يسأله: كم أعفو عن الخادم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: كل يومٍ سبعين مرة أخرجه أبو داود .
وفي الناس أقوام شداد قساة ينتهزون ضعف الخدم؛ فيوقعون بهم ألوان الأذى، وقد شدد الإسلام في ذلك وغلظ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من ضرب سوطاً ظلماً اقتص منه يوم القيامة }.
وممن تتطلب حالتهم الرحمة: المرضى، وذوو العاهات والإعاقات وهم يعيشون في الحياة بوسائل منقوصة تعوق مسيرهم، وتحول دون تحقيق كل مقاصدهم، وتضيق بها صدورهم، وتحرج نفوسهم، فلقد قيدتهم عللهم، واجتمع عليهم حر الداء مع مر الدواء، فيجب الترفق بهم، والحذر من الإساءة إليهم، أو الاستهانة بمتطلبات راحتهم، فإن القسوة معهم جرمٌ عظيم: { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ } [النور:61].
أما الصغار والأطفال فإنهم محتاجون إلى عناية خاصة، ورحمة راحمة، ،فليس منَّا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، وللنفوس ذات الفطر السليمة تعلق بالصغير حتى يكبر، وبالمريض حتى يُشفى، وبالغائب حتى يحضر، وفي الحديث: { ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا } أخرجه أحمد و الترمذي ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
امتداد الرحمة إلى كل شيء
أيها الإخوة المسلمون: وتعاليم الإسلام وآداب الدين في هذا الباب تتجاوز الإنسان الناطق إلى الحيوان الأعجم، فجنات عدن تفتح أبوابها لامرأة بغيٍّ سقت كلباً فغفر الله لها، ونار جهنَّمٍ فَتَحت أبوابها لامرأة حَبَست هرة حتى ماتت، لا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض فإذا كانت الرحمة بكلبٍ تغفر ذنوب البرايا؛ فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب، وفي المقابل فإذا كان حَبسُ هرة أوجب النار، فكيف بحبس البرآء من البشر.
وتترقى تعاليم ديننا في الرحمة بالبهائم حتى في حال ذبحها والمشروع من قتلها يقول عليه الصلاة والسلام: { إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته }.
وبعد -أيها الناس- فبالرحمة تجتمع القلوب، وبالرفق تتألف النفوس، والقلب يتبلد مع اللهو الطويل والمرح الدائم، لا يشعر بحاجة محتاج، ولا يحس بألم متألم، ولا يشاطر في بؤس بائس، ولا حزن محزون.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو قسوة قلبه فقال له: { أتحب أن يلين قلبك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك } والرحمة لا تنزع إلا من شقي عياذاً الله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [الزخرف:32].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الرحمة خُلُق يرعى الحقوق كلها
الحمد لله يعلم مكنونات الصدور ومخفيات الضمائر، أحمده سبحانه وأشكره على ما أولى من وافر النعم والفضل المتكاثر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول والآخر والباطن والظاهر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله المطهر الطاهر كريم الأصل زكي المنافذ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والمفاخر، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ومن على درب الحق سائر.
أما بعد:
فيا عباد الله: إن الرحمة ليست حناناً لا عقل معه، وليست شفقة تتنكر للعدل والنظام.
كلا! بل إنها خُلُق يرعى الحقوق كلها، فقد تأخذ الرحمة صورة الحزم حين يُؤخذ الصغير إلى المدرسة من أجل التربية وطلب العلم، فيلزم بذلك إلزاماً، ويكف عن اللعب كفاً، ولو تُرِكوا وما أرادوا لم يُحسنوا صنعاً ولم يبنوا مجداً، والطبيب يُمزق اللحم ويَهشم العظم ويبتر العضو؛ وما فعل ذلك -أحسن الله إليه- إلا رحمة بالمريض وعلاجه، ناهيكم بإقامة الحدود والأخذ على أيدي السفهاء وأطرهم على الحق أطراً، فهي الرحمة في مآلاتها، والحياة في كمالاتها: { وَلَكُمْ فِ
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: { خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أفٍ قط، وما قال لشيءٍ صنعته: لم صنعته؟ ولا لشيء تركته: لم تركته؟ } رواه مسلم ، وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: { كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً خلفي: اعلم أبا مسعود ، فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام.
فقلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله.
فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار }، وجاءه عليه الصلاة والسلام رجل يسأله: كم أعفو عن الخادم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: كل يومٍ سبعين مرة أخرجه أبو داود .
وفي الناس أقوام شداد قساة ينتهزون ضعف الخدم؛ فيوقعون بهم ألوان الأذى، وقد شدد الإسلام في ذلك وغلظ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من ضرب سوطاً ظلماً اقتص منه يوم القيامة }.
وممن تتطلب حالتهم الرحمة: المرضى، وذوو العاهات والإعاقات وهم يعيشون في الحياة بوسائل منقوصة تعوق مسيرهم، وتحول دون تحقيق كل مقاصدهم، وتضيق بها صدورهم، وتحرج نفوسهم، فلقد قيدتهم عللهم، واجتمع عليهم حر الداء مع مر الدواء، فيجب الترفق بهم، والحذر من الإساءة إليهم، أو الاستهانة بمتطلبات راحتهم، فإن القسوة معهم جرمٌ عظيم: { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ } [النور:61].
أما الصغار والأطفال فإنهم محتاجون إلى عناية خاصة، ورحمة راحمة، ،فليس منَّا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، وللنفوس ذات الفطر السليمة تعلق بالصغير حتى يكبر، وبالمريض حتى يُشفى، وبالغائب حتى يحضر، وفي الحديث: { ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا } أخرجه أحمد و الترمذي ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
امتداد الرحمة إلى كل شيء
أيها الإخوة المسلمون: وتعاليم الإسلام وآداب الدين في هذا الباب تتجاوز الإنسان الناطق إلى الحيوان الأعجم، فجنات عدن تفتح أبوابها لامرأة بغيٍّ سقت كلباً فغفر الله لها، ونار جهنَّمٍ فَتَحت أبوابها لامرأة حَبَست هرة حتى ماتت، لا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض فإذا كانت الرحمة بكلبٍ تغفر ذنوب البرايا؛ فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب، وفي المقابل فإذا كان حَبسُ هرة أوجب النار، فكيف بحبس البرآء من البشر.
وتترقى تعاليم ديننا في الرحمة بالبهائم حتى في حال ذبحها والمشروع من قتلها يقول عليه الصلاة والسلام: { إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته }.
وبعد -أيها الناس- فبالرحمة تجتمع القلوب، وبالرفق تتألف النفوس، والقلب يتبلد مع اللهو الطويل والمرح الدائم، لا يشعر بحاجة محتاج، ولا يحس بألم متألم، ولا يشاطر في بؤس بائس، ولا حزن محزون.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو قسوة قلبه فقال له: { أتحب أن يلين قلبك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك } والرحمة لا تنزع إلا من شقي عياذاً الله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [الزخرف:32].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الرحمة خُلُق يرعى الحقوق كلها
الحمد لله يعلم مكنونات الصدور ومخفيات الضمائر، أحمده سبحانه وأشكره على ما أولى من وافر النعم والفضل المتكاثر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول والآخر والباطن والظاهر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله المطهر الطاهر كريم الأصل زكي المنافذ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والمفاخر، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ومن على درب الحق سائر.
أما بعد:
فيا عباد الله: إن الرحمة ليست حناناً لا عقل معه، وليست شفقة تتنكر للعدل والنظام.
كلا! بل إنها خُلُق يرعى الحقوق كلها، فقد تأخذ الرحمة صورة الحزم حين يُؤخذ الصغير إلى المدرسة من أجل التربية وطلب العلم، فيلزم بذلك إلزاماً، ويكف عن اللعب كفاً، ولو تُرِكوا وما أرادوا لم يُحسنوا صنعاً ولم يبنوا مجداً، والطبيب يُمزق اللحم ويَهشم العظم ويبتر العضو؛ وما فعل ذلك -أحسن الله إليه- إلا رحمة بالمريض وعلاجه، ناهيكم بإقامة الحدود والأخذ على أيدي السفهاء وأطرهم على الحق أطراً، فهي الرحمة في مآلاتها، والحياة في كمالاتها: { وَلَكُمْ فِ
ي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:179].
والشفقة على المجرمين تظهر أشد أنواع القسوة على الجماعة، إنها تشجع الشواذ على الإجرام.
والشفقة على المجرمين سماها القرآن رأفة ولم يسمها رحمة، فقال في عقاب الزناة والزواني: { وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ } [النور:2]، إن القسوة التي استنكرها الإسلام جفاف في النفس لا ترتبط بتحقيق عدل، ولا بمسلك صعب، ولكنها شدة وانحراف في دائرة مجردة وهوىً مضل.
أيها المسلمون: وقد يستوقف المتأمل معنى الشدة على الكافرين في مقابل الرحمة بالمؤمنين في قول الله عز وجل: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } [الفتح:29] والحق أن الإسلام قد جاء بالرحمة العامة لا يستثنى منها إنسانٌ، ولا دابة، ولا طير، بيد أن هناك من الناس والدواب من يكون مصدر خطرٍ ومسار رعبٍ، فيكون من رعاية مصلحة الجماعة كلها أن يحبس شره، ويكف ضرره، بل إن الشدة معه رحمة به وبغيره، فالإسلام رسالة خيرٍ وسلام، ورحمة للبشرية كلها بل للدنيا كلها، ولكن ذئاب البشر أبوا إلا اعتراض الرحمة المرسلة ووضع العوائق في طريقها؛ حتى لا تصل إلى الناس فيهلكوا في أودية الحيرات والجهالات، فلم يكُ بد من إزالة هذه العوائق والإغلاظ لأصحابها، ويوم ينقطع تعرضهم وتحديهم تشملهم هذه الرحمة العامة، فليس في الرحمة قصور، ولكنَّ القصور في من حرم نفسه متنزلاتها، اقرءوا قول الله عز وجل: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ } [الأعراف:156-157].
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة.
ثم صلوا وسلموا على نبيكم نبي الرحمة المهداة، والنعمة المسداة محمد رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم جلَّ في علاه فقال في محكم تنزيله، وهو الصادق في قيله قولاً كريماً: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، وعن بقية الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وإحسانك يا أكرم الأكرمين!
اللهم أعزَ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملة والدين.
اللهم آمنا في أوطاننا، واحفظ أئمتنا وولاة أمورنا، وأيدَّ بالحق والتوفيق والتأييد والتسديد إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى، وارزقه البطانة الصالحة، وأعلِ به كلمتك، وأعز به دينك، واجعله نصرة للإسلام والمسلمين، وألبسه لباس الصحة والعافية، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين!
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين!
اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشدٍ يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين ، وفي كشمير ، وفي الشيشان ، اللهم سدد سهامهم وآراءهم، وقوِّ عزائمهم، وأمدهم بنصرٍ من عندك يا قوي يا عزيز!
اللهم إن هؤلاء اليهود المحتلين الغاصبين قد بغوا وطغوا، وآذوا وأفسدوا، وقتلوا وشردوا، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم فرق جمعهم، وشتت شملهم، واجعل بأسهم بينهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم واجعل الدائرة عليهم يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلادنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين!
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .
والشفقة على المجرمين تظهر أشد أنواع القسوة على الجماعة، إنها تشجع الشواذ على الإجرام.
والشفقة على المجرمين سماها القرآن رأفة ولم يسمها رحمة، فقال في عقاب الزناة والزواني: { وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ } [النور:2]، إن القسوة التي استنكرها الإسلام جفاف في النفس لا ترتبط بتحقيق عدل، ولا بمسلك صعب، ولكنها شدة وانحراف في دائرة مجردة وهوىً مضل.
أيها المسلمون: وقد يستوقف المتأمل معنى الشدة على الكافرين في مقابل الرحمة بالمؤمنين في قول الله عز وجل: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } [الفتح:29] والحق أن الإسلام قد جاء بالرحمة العامة لا يستثنى منها إنسانٌ، ولا دابة، ولا طير، بيد أن هناك من الناس والدواب من يكون مصدر خطرٍ ومسار رعبٍ، فيكون من رعاية مصلحة الجماعة كلها أن يحبس شره، ويكف ضرره، بل إن الشدة معه رحمة به وبغيره، فالإسلام رسالة خيرٍ وسلام، ورحمة للبشرية كلها بل للدنيا كلها، ولكن ذئاب البشر أبوا إلا اعتراض الرحمة المرسلة ووضع العوائق في طريقها؛ حتى لا تصل إلى الناس فيهلكوا في أودية الحيرات والجهالات، فلم يكُ بد من إزالة هذه العوائق والإغلاظ لأصحابها، ويوم ينقطع تعرضهم وتحديهم تشملهم هذه الرحمة العامة، فليس في الرحمة قصور، ولكنَّ القصور في من حرم نفسه متنزلاتها، اقرءوا قول الله عز وجل: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ } [الأعراف:156-157].
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة.
ثم صلوا وسلموا على نبيكم نبي الرحمة المهداة، والنعمة المسداة محمد رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم جلَّ في علاه فقال في محكم تنزيله، وهو الصادق في قيله قولاً كريماً: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، وعن بقية الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وإحسانك يا أكرم الأكرمين!
اللهم أعزَ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملة والدين.
اللهم آمنا في أوطاننا، واحفظ أئمتنا وولاة أمورنا، وأيدَّ بالحق والتوفيق والتأييد والتسديد إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى، وارزقه البطانة الصالحة، وأعلِ به كلمتك، وأعز به دينك، واجعله نصرة للإسلام والمسلمين، وألبسه لباس الصحة والعافية، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين!
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين!
اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشدٍ يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين ، وفي كشمير ، وفي الشيشان ، اللهم سدد سهامهم وآراءهم، وقوِّ عزائمهم، وأمدهم بنصرٍ من عندك يا قوي يا عزيز!
اللهم إن هؤلاء اليهود المحتلين الغاصبين قد بغوا وطغوا، وآذوا وأفسدوا، وقتلوا وشردوا، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم فرق جمعهم، وشتت شملهم، واجعل بأسهم بينهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم واجعل الدائرة عليهم يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلادنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين!
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .
حقيقة السعادة ومصادرها
الحمد لله إيماناً بكماله وجلاله، ويقيناً بعلمه وحكمته، ورضا وطمأنينة بعدله ورحمته، أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، أحمده سبحانه وأشكره، له الملك وله الحمد، نعمه على خلقه لا تعد، وفضله عليهم لا يحد، وما بكم من نعمة فمن الله، وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وأمينه على وحيه، من اتبعه واستمسك بهديه فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عنه فإن له معيشة ضنكاًَ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل السعادة والرضا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله واستغفروه فهو سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة، وما من خيرٍ إلا والتقوى موصلة إليه ودليلٌ عليه، وما من شر إلا والتقوى حرزٌ منه حصين ودرعٌ منه مكين.
أيها المسلمون: من يقاسي شدة الفاقة والبؤس يرى السعادة في الغنى وعند الأغنياء، ومن تتقلب به الأوجاع والأمراض يرى السعادة في صحة الأبدان وسلامة الأعضاء، والمستضعف الذي سلبت حقوقه ولم يقوَ على خلاصها يرى السعادة عند ذوي السلطان والجاه، ومن أشرب قلبه الفسوق والمجون والخلاعة والدعارة يرى السعادة أن تحف به الشهوات من كل جانب ليطلق لها العنان كيف يشاء يبحث الناس عن السكينة والطمأنينة، وينشدون السعادة والرضا، ويبتغون السرور والحبور، ويطلبونها في القوة والجاه، والثراء والحرية، والمناصب والرتب.
السعادة -أيها الإخوة- ليست في المال الوفير، ولا في الجاه العريض، ولا في البنين ونيل المآرب، ولقد قال الله عز وجل في أقوام: { فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } [التوبة:55] عذابٌ في الحياة الدنيا مشقة وألم، وهمٌ وسقم، إنه معذب النفس، متعب القلب، لا يغنيه قليل ولا يشبعه كثير عذابٌ وشقاء لا ينفك فيه عن ثلاثة: همٌ لازم، وتعبٌ دائم، وحسرة لا تنقضي ولو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا تراب ويتوب الله على من تاب، ومن كانت الدنيا همه فرق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له.
السعادة شيء لا يرى بالعين، ولا يقاس بالعدد، ولا تحويه الخزائن، ولا يشترى بالدرهم والدينار.
السعادة شيء داخل الجوانح، يغتبط به الجنان، ويمتلئ به الجنبان صفاءٌ في النفس، وطمأنينة في القلب، وانشراحٌ في الصدر، وراحة في الضمير، وهدوء في البال إنها شعورٌ جميلٌ بالغبطة، وإحساسٌ لذيذٌ بالطمأنينة، مع بهجة وأريحية وانطلاق نفسٍ في سكينه.
تصور أن واحداً من ذوي الجاه والثراء ابتلي بمرضٍ مزمن، يؤتى له بأطايب الطعام فلا يأكل، وإن أكل فلا يستلذ، أشرف مرة من نافذة بيته المنيف، وأطل من سرير مرضه الوثير، فلاحت منه التفاتة إلى عاملٍ من عماله قد افترش جانباً من الأرض تحت ظل شجرة، يأكل رغيفه مع إدامٍ يسير، لقمة في فمه وأخرى في يده وثالثة ترقبها عينه، كم يتمنى هذا الوجيه لو كان في متعة هذا العامل وصحته!
الإيمان بالله مصدر السعادة
إن السعادة مصدرها القلب، ومظهرها الرضا، ودليها إدراك النعمة والاعتراف بها، ولا ترى أوضح ولا أفضح من خيبة إنسان يطلب السعادة في شهوات الدنيا، وقد علم -وعلمتم- أن طالبها يظل منهوماً لا تنقضي شهواته هلعاً تتشعب رغباته، ثم يقوده همه إلى منازعة الآخرين أرزاقهم، وخصامهم في حقوقهم، فيُشقي ويَشقى، وفي العداوة والبغضاء يسعى، ومن الهم والنكد يزداد ملأ فكره بهموم الحياة، وفتنه اللهو والمجون، قد أعمته فوادح الزمن وقوارع الدهر، ولو دقق هذا وحقق لوجد أن كل ما ظفر به فعقباه حزن، وعاقبته خُسر؛ إما بذهاب المأمول، أو بذهاب الآمال.
أيها الإخوة: لن يجد امرؤٌ ما يملأ نفسه رضاً بأقدار الحياة سوى الإيمان بالله، واللجوء إلى جناب ربه والانطراح بين يديه.
إن الحياة بغير الدين تعقيدٌ تحفها المنغصات، وبضعف الدين تنبت الاضطرابات الاجتماعية، والأمراض النفسية، فيفزع المبتلون إلى المهدئات والمسكنات، بل إلى المسكرات والمخدرات -عياذاً بالله- قال تعالى: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً } [طه:124] { وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } [الأنعام:125].
إن الدنيا عند المؤمن ليست عبئاً مضجراً، ولا لغزاً محيراً، ولكنها مرحلة ومزرعة، ودار ممرٍ واختبار يرجو بعدها لقاء الله، الإيمان سفينته، والعبادة وسيلته.
إن المؤمن تغمره السعادة؛ لأنه موقن بأن الحياة محفوفة بأقدار الله؛ فلا يأس على ما فات، ولا فرح بما حصل لا يستسلم للخيبة، ولا يهلك نفسه تحسراً، بل كل مواقف الدنيا عنده ابتلاءٌ بالخير أو ابتلا
الحمد لله إيماناً بكماله وجلاله، ويقيناً بعلمه وحكمته، ورضا وطمأنينة بعدله ورحمته، أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، أحمده سبحانه وأشكره، له الملك وله الحمد، نعمه على خلقه لا تعد، وفضله عليهم لا يحد، وما بكم من نعمة فمن الله، وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وأمينه على وحيه، من اتبعه واستمسك بهديه فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عنه فإن له معيشة ضنكاًَ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل السعادة والرضا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله واستغفروه فهو سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة، وما من خيرٍ إلا والتقوى موصلة إليه ودليلٌ عليه، وما من شر إلا والتقوى حرزٌ منه حصين ودرعٌ منه مكين.
أيها المسلمون: من يقاسي شدة الفاقة والبؤس يرى السعادة في الغنى وعند الأغنياء، ومن تتقلب به الأوجاع والأمراض يرى السعادة في صحة الأبدان وسلامة الأعضاء، والمستضعف الذي سلبت حقوقه ولم يقوَ على خلاصها يرى السعادة عند ذوي السلطان والجاه، ومن أشرب قلبه الفسوق والمجون والخلاعة والدعارة يرى السعادة أن تحف به الشهوات من كل جانب ليطلق لها العنان كيف يشاء يبحث الناس عن السكينة والطمأنينة، وينشدون السعادة والرضا، ويبتغون السرور والحبور، ويطلبونها في القوة والجاه، والثراء والحرية، والمناصب والرتب.
السعادة -أيها الإخوة- ليست في المال الوفير، ولا في الجاه العريض، ولا في البنين ونيل المآرب، ولقد قال الله عز وجل في أقوام: { فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } [التوبة:55] عذابٌ في الحياة الدنيا مشقة وألم، وهمٌ وسقم، إنه معذب النفس، متعب القلب، لا يغنيه قليل ولا يشبعه كثير عذابٌ وشقاء لا ينفك فيه عن ثلاثة: همٌ لازم، وتعبٌ دائم، وحسرة لا تنقضي ولو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا تراب ويتوب الله على من تاب، ومن كانت الدنيا همه فرق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له.
السعادة شيء لا يرى بالعين، ولا يقاس بالعدد، ولا تحويه الخزائن، ولا يشترى بالدرهم والدينار.
السعادة شيء داخل الجوانح، يغتبط به الجنان، ويمتلئ به الجنبان صفاءٌ في النفس، وطمأنينة في القلب، وانشراحٌ في الصدر، وراحة في الضمير، وهدوء في البال إنها شعورٌ جميلٌ بالغبطة، وإحساسٌ لذيذٌ بالطمأنينة، مع بهجة وأريحية وانطلاق نفسٍ في سكينه.
تصور أن واحداً من ذوي الجاه والثراء ابتلي بمرضٍ مزمن، يؤتى له بأطايب الطعام فلا يأكل، وإن أكل فلا يستلذ، أشرف مرة من نافذة بيته المنيف، وأطل من سرير مرضه الوثير، فلاحت منه التفاتة إلى عاملٍ من عماله قد افترش جانباً من الأرض تحت ظل شجرة، يأكل رغيفه مع إدامٍ يسير، لقمة في فمه وأخرى في يده وثالثة ترقبها عينه، كم يتمنى هذا الوجيه لو كان في متعة هذا العامل وصحته!
الإيمان بالله مصدر السعادة
إن السعادة مصدرها القلب، ومظهرها الرضا، ودليها إدراك النعمة والاعتراف بها، ولا ترى أوضح ولا أفضح من خيبة إنسان يطلب السعادة في شهوات الدنيا، وقد علم -وعلمتم- أن طالبها يظل منهوماً لا تنقضي شهواته هلعاً تتشعب رغباته، ثم يقوده همه إلى منازعة الآخرين أرزاقهم، وخصامهم في حقوقهم، فيُشقي ويَشقى، وفي العداوة والبغضاء يسعى، ومن الهم والنكد يزداد ملأ فكره بهموم الحياة، وفتنه اللهو والمجون، قد أعمته فوادح الزمن وقوارع الدهر، ولو دقق هذا وحقق لوجد أن كل ما ظفر به فعقباه حزن، وعاقبته خُسر؛ إما بذهاب المأمول، أو بذهاب الآمال.
أيها الإخوة: لن يجد امرؤٌ ما يملأ نفسه رضاً بأقدار الحياة سوى الإيمان بالله، واللجوء إلى جناب ربه والانطراح بين يديه.
إن الحياة بغير الدين تعقيدٌ تحفها المنغصات، وبضعف الدين تنبت الاضطرابات الاجتماعية، والأمراض النفسية، فيفزع المبتلون إلى المهدئات والمسكنات، بل إلى المسكرات والمخدرات -عياذاً بالله- قال تعالى: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً } [طه:124] { وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } [الأنعام:125].
إن الدنيا عند المؤمن ليست عبئاً مضجراً، ولا لغزاً محيراً، ولكنها مرحلة ومزرعة، ودار ممرٍ واختبار يرجو بعدها لقاء الله، الإيمان سفينته، والعبادة وسيلته.
إن المؤمن تغمره السعادة؛ لأنه موقن بأن الحياة محفوفة بأقدار الله؛ فلا يأس على ما فات، ولا فرح بما حصل لا يستسلم للخيبة، ولا يهلك نفسه تحسراً، بل كل مواقف الدنيا عنده ابتلاءٌ بالخير أو ابتلا
ءٌ بالشر، ولئن زلزلته وقائع البلوى ردَّه الإيمان إلى استقرار النفس، وبرد اليقين، ورباط الطمأنينة، فنعم بالسكينة من غير هلعٍ ولا شقاق.
المؤمن يملك السعادة والراحة التي تجمع له بين التوكل والعمل الكادح، لا يزعزعه جزع ولا يرهقه قلق، يعمر الحياة نشاطاً ويغمرها جهاداً.
العمل سبب في السعادة
أيها الإخوة: إن السعادة لا تحصل بالهروب والإهمال؛ ولكنها في مواجهة الحياة وغاياتها، إن ثمة أسباباً يحسن تحصيلها ورعايتها فهي عوامل الإسعاد وجالبات الرضا، جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: { من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الطيب والمركب الطيب }.
أسبابٌ وعوامل منظورٌ فيها إلى النوع والكيف، وحسب الإنسان أن يسلم بإيمانه من المنغصات، ويتيسر له من القوت ويتحقق له من الأمن والعافية ما جسده الحديث النبوي الآخر: { من أصبح آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها }.
إن المال يحقق السعادة إن ابتغى به متعة عيشٍ مباحة، ولذة نفسٍ جائزة، ومكرمة تبتغي ذكرها، وصالحة تبتغي عند الله أجرها وإن لم يكن كذلك فإنه لا يعدو أن يكون حزماً من الورق الملون، أو لمعاناً من المعدن الثقيل، أو أكواماً من الطين والتراب، عليك غرمه ولغيرك غنمه.
السعيد لا يأكل أكثر مما يأكل الناس، ولا يملك أكثر مما يملك الناس، ولكنه يرضى أكثر مما يرضى الناس، سبحان الله يا عباد الله! إن أسباب الرزق أدق من أن يدرك الناس حكمتها وأسرارها إن في الناس طلاب رزق لا ينالون خبزهم ولا خبز عيالهم إلا من قاع البحار اللجية، يغشاها موجٌ من فوقه موج، وآخرون طيارون رزقهم فوق السحاب يبتغونه صعداً في أعالي السماء، ومن بين هؤلاء وهؤلاء عمال المناجم والأنفاق، ينقبون الحجارة ويفجرون الصخور، لا يرون ضوء الشمس ولا بياض النهار، ومن دون هؤلاء وأولئك من يأتيه رزقه عند بابه، ليس في رءوس الجبال ولا في أعماق البحار: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [الزخرف:32].
السعداء مؤمنون عاملون، وعلى ربهم متوكلون، وبحكمته واثقون، وبأقداره موقنون نصيبهم المقسوم في السماء سيهبط إلى الأرض هذه هي السعادة ذات الخلق السمح والنفس المطمئنة.
وإن من مصادر الشقاء وأسباب التعاسة أن تكثر البطالة، وينتشر الذين يتكففون الناس، وينظم إليهم رواد المقاهي والأندية البطالون الذين خلوا من أي عمل وإن السعادة لهم ولغيرهم أن تهيأ لهم فرص العمل؛ صناعة وزراعة، وحرفة وتجارة، مستفيدين من مستجدات العصر ووسائله الحسنة، ويهتم بذلك ولاة أمور المسلمين، وعلى رجال الأعمال كفلٌ في هذا غير يسير.
العلم والتربية من أسباب السعادة
ولئن كان العمل عاملاً من عوامل السعادة كبيراً؛ فإن العلم قريبه، ويقصد بالعلم الفقه في شئون الناس، وأمن الحياة علمٌ واستنارة يرتفع بها صاحبها عن مصاف الجهل والجهلاء، فالجهال تصعب قيادتهم، ويشق توجيههم، وتقل راحتهم، وتصعب إراحتهم: { سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } [القصص:55].
وتكون الشخصية المتعلمة إذا كانت متفتحة تدرك الحق والنافع، وتفهم المطلوب وتحسن التجاوب، وإن ردود الفعل غير المهذبة من الجهال هي العلة في كثيرٍ من أسباب الشقاء، وعدم انتظام طرق المعاش.
ثم -أيها الإخوة- لا خير في علم إذا لم يصحبه خلقٌ كريم، وأدبٌ سامٍ، يتربى عليه أفراد الأمة؛ من الصبر والعزم، والجد والإقدام، والأمانة والصدق، والحلم وسماحة النفس، ورقة العاطفة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتربية البيت والمدرسة مقدمة بقالب الدين والشرع المطهر، فيتولد الحياء والعفاف، وسعة الأفق وانشراح الصدر: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ } [الشرح:1-3].
تربية تأخذ بالناشئة إلى ربهم؛ فيلجئون إلى ذكره وشكره، قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد:28] { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف:36]
تربية تبعدهم عن الغل والحسد، وتملأ قلوبهم بحب الخير للناس، وسؤال الله من فضله للنفس وللناس أجمعين، قال تعالى: { وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } [النساء:32].
الهدوء والانضباط من عوامل السعادة
وإن من أهم ما تتوجه إليه التربية ويستجلب السعادة الهدوء والانضباط، فالفوضى والاضطراب الشخصي، والانزعاج النفسي من أظهر مظاهر الشقاء إن المضطرب غير المنضبط يلقي ببصره هنا وهناك، ين
المؤمن يملك السعادة والراحة التي تجمع له بين التوكل والعمل الكادح، لا يزعزعه جزع ولا يرهقه قلق، يعمر الحياة نشاطاً ويغمرها جهاداً.
العمل سبب في السعادة
أيها الإخوة: إن السعادة لا تحصل بالهروب والإهمال؛ ولكنها في مواجهة الحياة وغاياتها، إن ثمة أسباباً يحسن تحصيلها ورعايتها فهي عوامل الإسعاد وجالبات الرضا، جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: { من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الطيب والمركب الطيب }.
أسبابٌ وعوامل منظورٌ فيها إلى النوع والكيف، وحسب الإنسان أن يسلم بإيمانه من المنغصات، ويتيسر له من القوت ويتحقق له من الأمن والعافية ما جسده الحديث النبوي الآخر: { من أصبح آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها }.
إن المال يحقق السعادة إن ابتغى به متعة عيشٍ مباحة، ولذة نفسٍ جائزة، ومكرمة تبتغي ذكرها، وصالحة تبتغي عند الله أجرها وإن لم يكن كذلك فإنه لا يعدو أن يكون حزماً من الورق الملون، أو لمعاناً من المعدن الثقيل، أو أكواماً من الطين والتراب، عليك غرمه ولغيرك غنمه.
السعيد لا يأكل أكثر مما يأكل الناس، ولا يملك أكثر مما يملك الناس، ولكنه يرضى أكثر مما يرضى الناس، سبحان الله يا عباد الله! إن أسباب الرزق أدق من أن يدرك الناس حكمتها وأسرارها إن في الناس طلاب رزق لا ينالون خبزهم ولا خبز عيالهم إلا من قاع البحار اللجية، يغشاها موجٌ من فوقه موج، وآخرون طيارون رزقهم فوق السحاب يبتغونه صعداً في أعالي السماء، ومن بين هؤلاء وهؤلاء عمال المناجم والأنفاق، ينقبون الحجارة ويفجرون الصخور، لا يرون ضوء الشمس ولا بياض النهار، ومن دون هؤلاء وأولئك من يأتيه رزقه عند بابه، ليس في رءوس الجبال ولا في أعماق البحار: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [الزخرف:32].
السعداء مؤمنون عاملون، وعلى ربهم متوكلون، وبحكمته واثقون، وبأقداره موقنون نصيبهم المقسوم في السماء سيهبط إلى الأرض هذه هي السعادة ذات الخلق السمح والنفس المطمئنة.
وإن من مصادر الشقاء وأسباب التعاسة أن تكثر البطالة، وينتشر الذين يتكففون الناس، وينظم إليهم رواد المقاهي والأندية البطالون الذين خلوا من أي عمل وإن السعادة لهم ولغيرهم أن تهيأ لهم فرص العمل؛ صناعة وزراعة، وحرفة وتجارة، مستفيدين من مستجدات العصر ووسائله الحسنة، ويهتم بذلك ولاة أمور المسلمين، وعلى رجال الأعمال كفلٌ في هذا غير يسير.
العلم والتربية من أسباب السعادة
ولئن كان العمل عاملاً من عوامل السعادة كبيراً؛ فإن العلم قريبه، ويقصد بالعلم الفقه في شئون الناس، وأمن الحياة علمٌ واستنارة يرتفع بها صاحبها عن مصاف الجهل والجهلاء، فالجهال تصعب قيادتهم، ويشق توجيههم، وتقل راحتهم، وتصعب إراحتهم: { سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } [القصص:55].
وتكون الشخصية المتعلمة إذا كانت متفتحة تدرك الحق والنافع، وتفهم المطلوب وتحسن التجاوب، وإن ردود الفعل غير المهذبة من الجهال هي العلة في كثيرٍ من أسباب الشقاء، وعدم انتظام طرق المعاش.
ثم -أيها الإخوة- لا خير في علم إذا لم يصحبه خلقٌ كريم، وأدبٌ سامٍ، يتربى عليه أفراد الأمة؛ من الصبر والعزم، والجد والإقدام، والأمانة والصدق، والحلم وسماحة النفس، ورقة العاطفة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتربية البيت والمدرسة مقدمة بقالب الدين والشرع المطهر، فيتولد الحياء والعفاف، وسعة الأفق وانشراح الصدر: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ } [الشرح:1-3].
تربية تأخذ بالناشئة إلى ربهم؛ فيلجئون إلى ذكره وشكره، قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد:28] { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف:36]
تربية تبعدهم عن الغل والحسد، وتملأ قلوبهم بحب الخير للناس، وسؤال الله من فضله للنفس وللناس أجمعين، قال تعالى: { وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } [النساء:32].
الهدوء والانضباط من عوامل السعادة
وإن من أهم ما تتوجه إليه التربية ويستجلب السعادة الهدوء والانضباط، فالفوضى والاضطراب الشخصي، والانزعاج النفسي من أظهر مظاهر الشقاء إن المضطرب غير المنضبط يلقي ببصره هنا وهناك، ين
زعج ويزعج، وإنكم لتعلمون كم يجلب تجاوز الأنظمة المرعية من الشقاء الاجتماعي والضغط النفسي فضلاً عن عدم وصول الحق إلى مستحقه وتجاوزه إلى غير أهله، فأي سكينة ترجى حين تسود الفوضى؟!
أيها المسلم: أنت سعيد إذا عرفت قدر النعمة التي أنعم الله بها عليك سعيدٌ إذا عرفت نفسك وطلبت السعادة من نفسك لا ممن حولك سعيدٌ بإيمانك وخلقك وحبك للناس سعيدٌ إن كنت مع ربك فشكرت النعمة وصبرت على البلية، فكان لك الربح في الحالين وحسن الثواب في الحياتين.
الله أكبر! سعادة عند أهل الإيمان لو علم بها المحرومون من أهل الثراء والجاه وأهل الكفر والنفاق لجالدوا عليها بالسيوف، بل إن الملاحدة لما رأوا ما يغشى أهل الإيمان من الرضا والطمأنينة والقناعة والسكينة؛ ظنوا بجهلهم أن الدين قد خدر أهله، وما درى هؤلاء المساكين أن أهل الإيمان موقنون بأن أهل الأرض والسماوات لو اجتمعوا على أن ينفعوا أحداً بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه.
مؤمنون بأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وعندهم في دينهم الإيمان مقرونٌ بالعمل، ونواميس الكون وسنن الله لا تتبدل من أجل كسولٍ أو خامل والشفاء بإذن الله مرتبطٌ بالعلاج، والحصاد لا يكون إلا بعد الزرع، فاعمل وادأب وخذ وطالب وارض بما قسم الله لك من غير يأسٍ يدخل قلبك، ومن غير حقدٍ يأكل فؤادك، ومن غير حسدٍ يأكلك ويأكل حسناتك إن سلكت هذا المسلك فلسوف تعب السعادة عباً، ولسوف تتنزل عليك السكينة تنزلاً.
وبعد -أيها الإخوة- فهذا هو الإمام ابن القيم رحمه الله يقول: إن في القلب شعثاً لا يلمه إلا الإقبال على الله، وإن فيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وإن فيه حزناً لا يذهبه إلا السرور بمعرفة الله وصدق معاملته، وإن فيه قلقاً لا يسكنه إلا الفرار إليه، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه، ودوام ذكره وصدق الإخلاص له، وفيه حسراتٌ لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه، والصبر على قضائه إلى يوم لقائه، قال تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } [الفتح:4].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
حياة الأشقياء
الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأضحك وأبكى، وأسعد وأشقى، أحمده سبحانه وأشكره، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الأبر الأتقى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه آمنوا بربهم وصدقوا بالحسنى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -أيها الناس- واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله.
أيها المسلمون: إن البصير لا يأسى، فإن الأسى كله وأشده لأقوامٍ مخذولين تنكروا لفطرهم، وأظلمت بالشكوك قلوبهم لم تنفذ إليهم أشعة الإسلام بسكينة، ولا تسربت إليهم أنوار اليقين براحة، أولئك الأشقياء المطموسون الذين يجادلون في الله بغير علمٍ ولا هدىً ولا كتاب منير مساكين ثم مساكين، دخلوا الحياة وخرجوا منها ولم ينعموا بأطايب ما فيها، وأعظم ما فيها الإيمان بالله والاحتماء بجنابه خسروا أنفسهم وخسروا حياتهم الساخطون الشاكون لا يذوقون للسرور طعماً حياتهم سوادٌ ممتد، وظلامٌ متصل، وليلٌ حالك، لا يرقبون الفجر الصادق .
الشك والتسخط والرضا واليقين
والغريب -أيها الإخوة- أن هناك ترابطاً وثيقاً بين الشك والتسخط، فلا سخط من غير شك؛ فلا تكاد ترى سخطاً من غير شك، ولا شكاً من غير تسخط.
قال ابن القيم رحمه الله: قلَّ أن يسلم الساخط من شكٍ يداخل قلبه، وإذا فتش نفسه وجد يقينه معلولاً مدخولاً.
فالرضا واليقين إخوان، والسخط والشك قرينان والساخط المتسخط دائم الحزن والكآبة، ضيق النفس والصدر، ضائقٌ بالناس وضائقٌ بنفسه، الدنيا في عينيه مثل سم الخياط.
أما الرضا فهو سكون وطمأنينه، وراحة فيما قدر الله واختار من أنعم الله عليه بالرضا تأتيه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، لا يصبح ولا يمسي إلا راضياً مرضياً، لا يرى إلا الحسن والسرور، فإن عين الرضا تعمى عن العيوب، وعين السخط تملؤها المساوئ وليس من شرط الرضا ألا تحس بالمكاره، ولكن الرضا ألا تعترض على المقادير، ولا تتسخط على المكتوب.
هنيئاً لمن ملأ الرضا فؤاده، فإنه لا يتحسر على ماضٍ باكياً حزيناً، ولا يعيش حاضراً ساخطاً جزوعاً، ولا ينتظر المستقبل خائفاً وجلاً، ولا يعيش في رهبة من غموض، ولا توجسٍ من جبروت إيمانه مصدر أمانه: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } [الأنعام:82]
هذا وصلوا وسلموا على نبي
أيها المسلم: أنت سعيد إذا عرفت قدر النعمة التي أنعم الله بها عليك سعيدٌ إذا عرفت نفسك وطلبت السعادة من نفسك لا ممن حولك سعيدٌ بإيمانك وخلقك وحبك للناس سعيدٌ إن كنت مع ربك فشكرت النعمة وصبرت على البلية، فكان لك الربح في الحالين وحسن الثواب في الحياتين.
الله أكبر! سعادة عند أهل الإيمان لو علم بها المحرومون من أهل الثراء والجاه وأهل الكفر والنفاق لجالدوا عليها بالسيوف، بل إن الملاحدة لما رأوا ما يغشى أهل الإيمان من الرضا والطمأنينة والقناعة والسكينة؛ ظنوا بجهلهم أن الدين قد خدر أهله، وما درى هؤلاء المساكين أن أهل الإيمان موقنون بأن أهل الأرض والسماوات لو اجتمعوا على أن ينفعوا أحداً بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه.
مؤمنون بأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وعندهم في دينهم الإيمان مقرونٌ بالعمل، ونواميس الكون وسنن الله لا تتبدل من أجل كسولٍ أو خامل والشفاء بإذن الله مرتبطٌ بالعلاج، والحصاد لا يكون إلا بعد الزرع، فاعمل وادأب وخذ وطالب وارض بما قسم الله لك من غير يأسٍ يدخل قلبك، ومن غير حقدٍ يأكل فؤادك، ومن غير حسدٍ يأكلك ويأكل حسناتك إن سلكت هذا المسلك فلسوف تعب السعادة عباً، ولسوف تتنزل عليك السكينة تنزلاً.
وبعد -أيها الإخوة- فهذا هو الإمام ابن القيم رحمه الله يقول: إن في القلب شعثاً لا يلمه إلا الإقبال على الله، وإن فيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وإن فيه حزناً لا يذهبه إلا السرور بمعرفة الله وصدق معاملته، وإن فيه قلقاً لا يسكنه إلا الفرار إليه، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه، ودوام ذكره وصدق الإخلاص له، وفيه حسراتٌ لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه، والصبر على قضائه إلى يوم لقائه، قال تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } [الفتح:4].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
حياة الأشقياء
الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأضحك وأبكى، وأسعد وأشقى، أحمده سبحانه وأشكره، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الأبر الأتقى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه آمنوا بربهم وصدقوا بالحسنى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -أيها الناس- واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله.
أيها المسلمون: إن البصير لا يأسى، فإن الأسى كله وأشده لأقوامٍ مخذولين تنكروا لفطرهم، وأظلمت بالشكوك قلوبهم لم تنفذ إليهم أشعة الإسلام بسكينة، ولا تسربت إليهم أنوار اليقين براحة، أولئك الأشقياء المطموسون الذين يجادلون في الله بغير علمٍ ولا هدىً ولا كتاب منير مساكين ثم مساكين، دخلوا الحياة وخرجوا منها ولم ينعموا بأطايب ما فيها، وأعظم ما فيها الإيمان بالله والاحتماء بجنابه خسروا أنفسهم وخسروا حياتهم الساخطون الشاكون لا يذوقون للسرور طعماً حياتهم سوادٌ ممتد، وظلامٌ متصل، وليلٌ حالك، لا يرقبون الفجر الصادق .
الشك والتسخط والرضا واليقين
والغريب -أيها الإخوة- أن هناك ترابطاً وثيقاً بين الشك والتسخط، فلا سخط من غير شك؛ فلا تكاد ترى سخطاً من غير شك، ولا شكاً من غير تسخط.
قال ابن القيم رحمه الله: قلَّ أن يسلم الساخط من شكٍ يداخل قلبه، وإذا فتش نفسه وجد يقينه معلولاً مدخولاً.
فالرضا واليقين إخوان، والسخط والشك قرينان والساخط المتسخط دائم الحزن والكآبة، ضيق النفس والصدر، ضائقٌ بالناس وضائقٌ بنفسه، الدنيا في عينيه مثل سم الخياط.
أما الرضا فهو سكون وطمأنينه، وراحة فيما قدر الله واختار من أنعم الله عليه بالرضا تأتيه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، لا يصبح ولا يمسي إلا راضياً مرضياً، لا يرى إلا الحسن والسرور، فإن عين الرضا تعمى عن العيوب، وعين السخط تملؤها المساوئ وليس من شرط الرضا ألا تحس بالمكاره، ولكن الرضا ألا تعترض على المقادير، ولا تتسخط على المكتوب.
هنيئاً لمن ملأ الرضا فؤاده، فإنه لا يتحسر على ماضٍ باكياً حزيناً، ولا يعيش حاضراً ساخطاً جزوعاً، ولا ينتظر المستقبل خائفاً وجلاً، ولا يعيش في رهبة من غموض، ولا توجسٍ من جبروت إيمانه مصدر أمانه: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } [الأنعام:82]
هذا وصلوا وسلموا على نبي
الرحمة والهدى نبيكم محمدٍ المصطفى، فقد أمركم بذلك ربكم عزَّ وجل فقال: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد الرحمة المهداه، والنعمة المسداه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، أبي بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الدين، اللهم واحمِ حوزة الدين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم أيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ووفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، وأصلح له بطانته، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشدٍ يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد الرحمة المهداه، والنعمة المسداه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، أبي بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الدين، اللهم واحمِ حوزة الدين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم أيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ووفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، وأصلح له بطانته، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشدٍ يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.