🔅 *ﻳﺎﻣﻦ ﺗﺘﻌﺠﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﻭﺍﻟﺴﺠﻮﺩ* ❕
أﻃِﻞ ﺳﺠﻮﺩﻙ ﻭ ﺭﻛﻮﻋﻚ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ .. ﻟﺘﺘﺴﺎﻗﻂ ﻋﻨﻚ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ..
⬅ ﻓﻼ ﺗﻔﻮِّﺕ ﻫﺬﺍ ﺍلأﺟﺮ❕
📮 *قـالـ رسول الله - صلى الله عليه وسلم* -
« ﺇﻥّ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﻳﺼﻠﻲ ﺃﺗﻲ ﺑﺬﻧﻮﺑﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻮﺿﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻋﺎﺗﻘﻴﻪ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺭﻛﻊ ﺃﻭ ﺳﺠﺪ ﺗﺴﺎﻗﻄﺖ ﻋﻨﻪ »
📔 *صححه الألباني/صحيح الجامع (1671)*
⌘
أﻃِﻞ ﺳﺠﻮﺩﻙ ﻭ ﺭﻛﻮﻋﻚ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ .. ﻟﺘﺘﺴﺎﻗﻂ ﻋﻨﻚ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ..
⬅ ﻓﻼ ﺗﻔﻮِّﺕ ﻫﺬﺍ ﺍلأﺟﺮ❕
📮 *قـالـ رسول الله - صلى الله عليه وسلم* -
« ﺇﻥّ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﻳﺼﻠﻲ ﺃﺗﻲ ﺑﺬﻧﻮﺑﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻮﺿﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻋﺎﺗﻘﻴﻪ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺭﻛﻊ ﺃﻭ ﺳﺠﺪ ﺗﺴﺎﻗﻄﺖ ﻋﻨﻪ »
📔 *صححه الألباني/صحيح الجامع (1671)*
⌘
👈🏼 (( المسجد بيت كل تقي ))
________________________________________________________
• أحاديث عظيمة
_______________
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( المسجدُ بيتُ كلِّ تقيٍّ ، وتكفَّلَ اللهُ لمَن كان المسجدُ بيتَهُ بالرُّوحِ والرَّحمةِ ، والجَوازِ على الصِّراطِ إلى رِضوانِ اللهِ ، إلى الجنَّةِ )) .
[📕 صحيح الترغيب ( ٣٣٠ ) ] .
••• قال الألباني : " حسن لغيره " .
__________________________________________________________
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما توطَّنَ رجلٌ مسلمٌ المساجدَ للصَّلاةِ والذِّكرِ إلَّا تبشبشَ اللَّهُ لَهُ كما يتبشبشُ أَهلُ الغائبِ بغائبِهم إذا قدمَ عليهم )) .
••• صححه الألباني في
[📙 صحيح ابن ماجه ( ٦٥٩ ) ] .
••• قال الوادعي : " صحيح على شرط الشيخين " في
[📗 الصحيح المسند ( ١٢٦٨ ) ] .
____________________________________________________________
• عن عبدالله بن عمرو بن العاص ، رضي الله عنهما ، قال : (( صلَّينا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ المغربَ فرجعَ من رجعَ وعقَّبَ من عقَّبَ ، فجاءَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مُسرِعًا قد حفَزهُ النَّفسُ ، وقد حسرَ عن ركبتيهِ ، فقالَ : " أبشِروا هذا ربُّكم قد فتحَ بابًا من أبوابِ السَّماءِ يباهي بكمُ الملائكةَ ، يقولُ : انظروا إلى عبادي قد قضَوا فريضةً وهم ينتظِرونَ أُخرى " )) .
••• صححه الألباني في
[📙 صحيح ابن ماجة ( ٦٦٠ ) ] .
____________________________________________________________
• عن أبي هُريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنَّ للمساجدِ أوتادًا ؛ الملائكةُ جلساؤهم ، إن غابوا يفتقدونهم ، وإن مرِضوا عادوهم ، وإن كانوا في حاجةٍ أعانوهم . ثم قال : جليسُ المسجدِ على ثلاثِ خصالٍ : أخٌ مستفادٌ ، أو كلمةُ حكمةٍ ، أو رحمةٌ مَنتظَرَةٌ )) .
[📕صحيح الترغيب ( ٣٢٩ ) ] .
••• قال الألباني : " حسن صحيح " . ___________________________________________________________
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا أدلُكم على ما يمحو اللهُ بهِ الخطايا ويرفعُ بهِ الدرجاتِ ؟ قالوا : بلى . يا رسولَ اللهِ ! قال : " إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ . وكثرةُ الخطا إلى المساجِدِ . وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاةِ . فذلكمْ الرباطُ )) .
[📘 صحيح مسلم ( ٢٥١ ) ] .
___________________________________________________________
• عن أبي هُريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( الملائكةُ تصلِّي على أحدِكم ، ما دام في مُصَلَّاه الذي صلَّى فيه ، ما لم يُحدِثْ فيه ، تقولُ اللهم اغفِرْ له ، اللهم ارحَمْه )) .
[📗 صحيح البخاري ( ٤٤٥ ) ] .
_____________________________
• قال ابن بطال - رحمه الله - :
" من كان كثير الذنوب ، وأراد أن يحطها الله عنه بغير تعب : فليغتنم ملازمة مكان مصلاه بعد الصلاة ، ليستكثر من دعاء الملائكة ، واستغفارهم له ، فهو مرجو إجابته لقوله : { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ } [ الأنبياء/ ٢٨ ] ، وقد أخبر عليه السلام أنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة : غفر له ما تقدم من ذنبه ، وتأمين الملائكة إنما هو مرة واحدة عند تأمين الإمام ، ودعاؤهم لمن قعد في مصلاه دائمًا أبدًا ، ما دام قاعدًا فيه، فهو أحرى بالإجابة " .
[📚 شرح صحيح البخارى / لابن بطال / (٢/ ٩٥) / طـ . مكتبة الرشد ] .
__________________________________________________________
________________________________________________________
• أحاديث عظيمة
_______________
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( المسجدُ بيتُ كلِّ تقيٍّ ، وتكفَّلَ اللهُ لمَن كان المسجدُ بيتَهُ بالرُّوحِ والرَّحمةِ ، والجَوازِ على الصِّراطِ إلى رِضوانِ اللهِ ، إلى الجنَّةِ )) .
[📕 صحيح الترغيب ( ٣٣٠ ) ] .
••• قال الألباني : " حسن لغيره " .
__________________________________________________________
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما توطَّنَ رجلٌ مسلمٌ المساجدَ للصَّلاةِ والذِّكرِ إلَّا تبشبشَ اللَّهُ لَهُ كما يتبشبشُ أَهلُ الغائبِ بغائبِهم إذا قدمَ عليهم )) .
••• صححه الألباني في
[📙 صحيح ابن ماجه ( ٦٥٩ ) ] .
••• قال الوادعي : " صحيح على شرط الشيخين " في
[📗 الصحيح المسند ( ١٢٦٨ ) ] .
____________________________________________________________
• عن عبدالله بن عمرو بن العاص ، رضي الله عنهما ، قال : (( صلَّينا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ المغربَ فرجعَ من رجعَ وعقَّبَ من عقَّبَ ، فجاءَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مُسرِعًا قد حفَزهُ النَّفسُ ، وقد حسرَ عن ركبتيهِ ، فقالَ : " أبشِروا هذا ربُّكم قد فتحَ بابًا من أبوابِ السَّماءِ يباهي بكمُ الملائكةَ ، يقولُ : انظروا إلى عبادي قد قضَوا فريضةً وهم ينتظِرونَ أُخرى " )) .
••• صححه الألباني في
[📙 صحيح ابن ماجة ( ٦٦٠ ) ] .
____________________________________________________________
• عن أبي هُريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنَّ للمساجدِ أوتادًا ؛ الملائكةُ جلساؤهم ، إن غابوا يفتقدونهم ، وإن مرِضوا عادوهم ، وإن كانوا في حاجةٍ أعانوهم . ثم قال : جليسُ المسجدِ على ثلاثِ خصالٍ : أخٌ مستفادٌ ، أو كلمةُ حكمةٍ ، أو رحمةٌ مَنتظَرَةٌ )) .
[📕صحيح الترغيب ( ٣٢٩ ) ] .
••• قال الألباني : " حسن صحيح " . ___________________________________________________________
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا أدلُكم على ما يمحو اللهُ بهِ الخطايا ويرفعُ بهِ الدرجاتِ ؟ قالوا : بلى . يا رسولَ اللهِ ! قال : " إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ . وكثرةُ الخطا إلى المساجِدِ . وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاةِ . فذلكمْ الرباطُ )) .
[📘 صحيح مسلم ( ٢٥١ ) ] .
___________________________________________________________
• عن أبي هُريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( الملائكةُ تصلِّي على أحدِكم ، ما دام في مُصَلَّاه الذي صلَّى فيه ، ما لم يُحدِثْ فيه ، تقولُ اللهم اغفِرْ له ، اللهم ارحَمْه )) .
[📗 صحيح البخاري ( ٤٤٥ ) ] .
_____________________________
• قال ابن بطال - رحمه الله - :
" من كان كثير الذنوب ، وأراد أن يحطها الله عنه بغير تعب : فليغتنم ملازمة مكان مصلاه بعد الصلاة ، ليستكثر من دعاء الملائكة ، واستغفارهم له ، فهو مرجو إجابته لقوله : { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ } [ الأنبياء/ ٢٨ ] ، وقد أخبر عليه السلام أنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة : غفر له ما تقدم من ذنبه ، وتأمين الملائكة إنما هو مرة واحدة عند تأمين الإمام ، ودعاؤهم لمن قعد في مصلاه دائمًا أبدًا ، ما دام قاعدًا فيه، فهو أحرى بالإجابة " .
[📚 شرح صحيح البخارى / لابن بطال / (٢/ ٩٥) / طـ . مكتبة الرشد ] .
__________________________________________________________
☀ *إشراقة الصباح*☀
و يخبرني الصباح بأن رباً
كريماً مُنعماً برّاً......رحيما
سيعطيك الذي تدعوه حتى
ترى الأحزان قد عادت نعيما*
*صباح السعادة*💕
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك ⛅
☀☀
🍃 *تدبر*🍃
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ)
ابدأ بداية صحيحة ، و لا تُشغل نفسك بالنهاية ؛لأنّ الله تكفّل بها.
*تدبر*
☀☀
☁ *إشراقة*☁
أترك فِيْ كُل طَريق تَمُر به حَديَثاً لطَيفاً
{دُعاءً_ذَكراً لله_ابتَسامةّ جمَيلةّ_زهَرةْ بيَضاء_أثر جَميلّ}
دع الأمَاكن تَشهَد لكْ لا عليك. .
☀☀
🌹 *وقفة*🌹
من أسباب تفاقم المشكلات الزوجية
كالتدخل الخارجي،ومن ذلك:
سؤال الأطفال عن خصوصيات بيتهم
إذا زاروا أعمامهم أو أخوالهم،
فمع كونه محرمافهو دناءة.
☀☀
*مقومات الإتقان لحفظة القرآن*
للشيخ صابرعبدالحكم
https://safeshare.tv/submit?url=https%3A%2F%2Fyoutu.be%2F3p7orbO0Hh8
☀☀
*"ركعتين من #الضحى تقوم مقام الصدقات التي يشرع للمؤمن
أن يدفعهاعن مفاصله وأعضائه*
ودل ذلك على تأكدهاوأنهاصلاة عظيمة مؤكدة فيهاخيرعظيم"
*ابن باز*
☀☀
》 *وختااما*《
ابدأ صباحك بـ
• أذكار الصباح
وترديد أورادك القرآنية .
• افعل لذاتك شيئاً بسيطاً ،
فإن البساطة مع الذات فعل
يتكون حتى يصير كنزاً عظيماً . *
🌹 *صباح الخير*🌹
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•ﮩ
و يخبرني الصباح بأن رباً
كريماً مُنعماً برّاً......رحيما
سيعطيك الذي تدعوه حتى
ترى الأحزان قد عادت نعيما*
*صباح السعادة*💕
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك ⛅
☀☀
🍃 *تدبر*🍃
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ)
ابدأ بداية صحيحة ، و لا تُشغل نفسك بالنهاية ؛لأنّ الله تكفّل بها.
*تدبر*
☀☀
☁ *إشراقة*☁
أترك فِيْ كُل طَريق تَمُر به حَديَثاً لطَيفاً
{دُعاءً_ذَكراً لله_ابتَسامةّ جمَيلةّ_زهَرةْ بيَضاء_أثر جَميلّ}
دع الأمَاكن تَشهَد لكْ لا عليك. .
☀☀
🌹 *وقفة*🌹
من أسباب تفاقم المشكلات الزوجية
كالتدخل الخارجي،ومن ذلك:
سؤال الأطفال عن خصوصيات بيتهم
إذا زاروا أعمامهم أو أخوالهم،
فمع كونه محرمافهو دناءة.
☀☀
*مقومات الإتقان لحفظة القرآن*
للشيخ صابرعبدالحكم
https://safeshare.tv/submit?url=https%3A%2F%2Fyoutu.be%2F3p7orbO0Hh8
☀☀
*"ركعتين من #الضحى تقوم مقام الصدقات التي يشرع للمؤمن
أن يدفعهاعن مفاصله وأعضائه*
ودل ذلك على تأكدهاوأنهاصلاة عظيمة مؤكدة فيهاخيرعظيم"
*ابن باز*
☀☀
》 *وختااما*《
ابدأ صباحك بـ
• أذكار الصباح
وترديد أورادك القرآنية .
• افعل لذاتك شيئاً بسيطاً ،
فإن البساطة مع الذات فعل
يتكون حتى يصير كنزاً عظيماً . *
🌹 *صباح الخير*🌹
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•ﮩ
⚔حيّ على الجهاد ⚔
ناصر بن محمد الأحمد
- ملخص الخطبة
1- فضل الجهاد وأهميّته والغاية من مشروعية الجهاد.
2- الأسباب الناتجة عن ترك الجهاد وشؤم التخاذل عنه.
3- خطأ المصطلح الذي يرغب تعويد الأمة عليه وهو " الأمن العام , أو التعايش السلمي "
------------------------- الخطبة الأولى
أما بعد:
الجهاد في سبيل الله ،ذروة سنام هذا الدين ،ناشر لوائه ،وحامي حماه ،بل لا قيام لهذا الدين في الأرض إلا به. أولئك الذين يريدون أن ينشروا دين الله عن طريق البرلمانات ،أو الانتخابات ،أو المؤتمرات ،كلهم يخطئون ،فإن هذا الدين لا يقوم ،إلا كما قام أول مرة ،تحت ظلال السيوف ،به نال المسلمون العز والتمكين في الأرض ،وبسبب تعطيله ،حصل للمسلمين الذل والهوان والصغار ،واستولى علينا الكفار ،بل تداعت علينا أرذل أمم الأرض كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ،وأصبحنا مع كثرتنا غثاءً كغثاء السيل ،نزع الله المهابة من قلوب أعدائنا ووضعها في قلوبنا. أيها المسلمون: لقد حرص الأعداء على تشويه صورة الجهاد والمجاهدين ،وتخذيل المسلمين عنه ،ووضع العراقيل دونه ،وعلى قصر معناه على الدفاع فقط. بل حتى الاسم ،لا بد أن يكون دفاعاً لا حرباً ولا هجوماً ولا جهاداً ،وأصبحت وسائل الإعلام تطلق على المجاهدين: متطرفين ومجرمي حرب. بينما في المقابل تجد أن إسرائيل تُسمي وزارتها ،وزارة الحرب ،كل ذلك وغيره خوفاً من أن يؤوب المسلمون إليه ،فيهزموهم ،ويذلوهم ،ويلزموهم الذل والصغار ،لأنهم يعلمون أنه متى أعيد الجهاد بصورته التي كان عليها الرعيل الأول ،فإنه لن تقوم لهم قائمة ،ولن يقدروا على الصمود ،أمام زحف جحافل الحق ،التي وعدت بالنصر والتمكين ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز . الجهاد لم يشرع عبثاً ،ولا لتحقيق أهداف شخصية ،أو مطامع مادية ،أو مكاسب سياسية ،أو لبسط النفوذ وتوسيع الرقعة ولا لإزهاق النفوس وسفك الدماء ،والتسلط على الناس واستعبادهم ،ولكن شرع الجهاد لتعبيد الناس لله وحده. وإعلاء كلمة الله في الأرض ،وإظهار دينه على الدين كله ولو كره المشركون. قال الله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين . وقال سبحانه: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير . لقد شرع الجهاد ،لرد اعتداء المعتدين على المسلمين ،يقول الله تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين . وقال تعالى: ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين . لقد شرع الجهاد لمنع الكفار من تعذيب المستضعفين من المؤمنين والتضييق عليهم ومحاولة فتنتهم في دينهم وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها . لقد شرع الجهاد لتغيير الأوضاع والأنظمة الشركية وما ينتج عنها من فساد في شتى مجالات الحياة. فإن هذه من شأنها أن تفتن المسلم عن دينه ،ولذلك فإن أهل الجزية من أهل الذمة ونحوهم ،يمنعون من المجاهدة بدينهم والتعامل بالربا وبإظهار الزنا ،لأن هذه الأوضاع تفتن المسلم عن دينه. لقد شرع الجهاد لمنع صد الكفار الذين تحت ولايتهم عن استماع الحق ،وإقامتهم سياجاً منيعة أمام دين الله لئلا يدخله الناس ،فيجب أن يقام على هؤلاء الجهاد حتى يتسع المجال لدين الله أن يراه الناس ويعرفونه وتقوم عليهم الحجة به. لقد شرع الجهاد لحماية الدولة الإسلامية من شر الكفار ودفع الظلم والدفاع عن الأنفس والحرمات والأوطان والأموال قال الله تعالى: أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله . لقد شرع الجهاد ،لتأديب المتمردين والناكثين للعهود المنتهزين سماحة الإسلام وأهله قال الله تعالى: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطنعوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون . لقد شرع الجهاد لإرهاب الكفار وإخراجهم وإذلالهم وإغاظتهم وأعدوا لهم ماستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ، ويقول تعالى: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين لهذا ولغيره شرع الجهاد. أيها المسلمون: قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين . إن مواجهة الكفار وقتال الكفار ،حتم لابد منه ،مادام أن هناك إسلام في الأرض وكفر ،فإن حتمية المواجهة لابد منها. ولهذا ينبغي أن نعلم ،بأن قتال الكفار أصل في دين الإسلام ،لا يمكن أن يتغير بتغير الزمان ،وعليه ،فإن مصطلح "التعايش السلمي" مصطلح كاذب ،مخالف لشريعة رب العالمين. الكفار في الإسلام لنا معهم ثلاث حالات معروفة مضبوطة في ديننا. إما أن يسلموا فلهم مالنا وعليهم ما علينا ،أو يبقو على دينهم ويعطوا الجزية عن يد و
ناصر بن محمد الأحمد
- ملخص الخطبة
1- فضل الجهاد وأهميّته والغاية من مشروعية الجهاد.
2- الأسباب الناتجة عن ترك الجهاد وشؤم التخاذل عنه.
3- خطأ المصطلح الذي يرغب تعويد الأمة عليه وهو " الأمن العام , أو التعايش السلمي "
------------------------- الخطبة الأولى
أما بعد:
الجهاد في سبيل الله ،ذروة سنام هذا الدين ،ناشر لوائه ،وحامي حماه ،بل لا قيام لهذا الدين في الأرض إلا به. أولئك الذين يريدون أن ينشروا دين الله عن طريق البرلمانات ،أو الانتخابات ،أو المؤتمرات ،كلهم يخطئون ،فإن هذا الدين لا يقوم ،إلا كما قام أول مرة ،تحت ظلال السيوف ،به نال المسلمون العز والتمكين في الأرض ،وبسبب تعطيله ،حصل للمسلمين الذل والهوان والصغار ،واستولى علينا الكفار ،بل تداعت علينا أرذل أمم الأرض كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ،وأصبحنا مع كثرتنا غثاءً كغثاء السيل ،نزع الله المهابة من قلوب أعدائنا ووضعها في قلوبنا. أيها المسلمون: لقد حرص الأعداء على تشويه صورة الجهاد والمجاهدين ،وتخذيل المسلمين عنه ،ووضع العراقيل دونه ،وعلى قصر معناه على الدفاع فقط. بل حتى الاسم ،لا بد أن يكون دفاعاً لا حرباً ولا هجوماً ولا جهاداً ،وأصبحت وسائل الإعلام تطلق على المجاهدين: متطرفين ومجرمي حرب. بينما في المقابل تجد أن إسرائيل تُسمي وزارتها ،وزارة الحرب ،كل ذلك وغيره خوفاً من أن يؤوب المسلمون إليه ،فيهزموهم ،ويذلوهم ،ويلزموهم الذل والصغار ،لأنهم يعلمون أنه متى أعيد الجهاد بصورته التي كان عليها الرعيل الأول ،فإنه لن تقوم لهم قائمة ،ولن يقدروا على الصمود ،أمام زحف جحافل الحق ،التي وعدت بالنصر والتمكين ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز . الجهاد لم يشرع عبثاً ،ولا لتحقيق أهداف شخصية ،أو مطامع مادية ،أو مكاسب سياسية ،أو لبسط النفوذ وتوسيع الرقعة ولا لإزهاق النفوس وسفك الدماء ،والتسلط على الناس واستعبادهم ،ولكن شرع الجهاد لتعبيد الناس لله وحده. وإعلاء كلمة الله في الأرض ،وإظهار دينه على الدين كله ولو كره المشركون. قال الله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين . وقال سبحانه: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير . لقد شرع الجهاد ،لرد اعتداء المعتدين على المسلمين ،يقول الله تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين . وقال تعالى: ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين . لقد شرع الجهاد لمنع الكفار من تعذيب المستضعفين من المؤمنين والتضييق عليهم ومحاولة فتنتهم في دينهم وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها . لقد شرع الجهاد لتغيير الأوضاع والأنظمة الشركية وما ينتج عنها من فساد في شتى مجالات الحياة. فإن هذه من شأنها أن تفتن المسلم عن دينه ،ولذلك فإن أهل الجزية من أهل الذمة ونحوهم ،يمنعون من المجاهدة بدينهم والتعامل بالربا وبإظهار الزنا ،لأن هذه الأوضاع تفتن المسلم عن دينه. لقد شرع الجهاد لمنع صد الكفار الذين تحت ولايتهم عن استماع الحق ،وإقامتهم سياجاً منيعة أمام دين الله لئلا يدخله الناس ،فيجب أن يقام على هؤلاء الجهاد حتى يتسع المجال لدين الله أن يراه الناس ويعرفونه وتقوم عليهم الحجة به. لقد شرع الجهاد لحماية الدولة الإسلامية من شر الكفار ودفع الظلم والدفاع عن الأنفس والحرمات والأوطان والأموال قال الله تعالى: أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله . لقد شرع الجهاد ،لتأديب المتمردين والناكثين للعهود المنتهزين سماحة الإسلام وأهله قال الله تعالى: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطنعوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون . لقد شرع الجهاد لإرهاب الكفار وإخراجهم وإذلالهم وإغاظتهم وأعدوا لهم ماستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ، ويقول تعالى: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين لهذا ولغيره شرع الجهاد. أيها المسلمون: قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين . إن مواجهة الكفار وقتال الكفار ،حتم لابد منه ،مادام أن هناك إسلام في الأرض وكفر ،فإن حتمية المواجهة لابد منها. ولهذا ينبغي أن نعلم ،بأن قتال الكفار أصل في دين الإسلام ،لا يمكن أن يتغير بتغير الزمان ،وعليه ،فإن مصطلح "التعايش السلمي" مصطلح كاذب ،مخالف لشريعة رب العالمين. الكفار في الإسلام لنا معهم ثلاث حالات معروفة مضبوطة في ديننا. إما أن يسلموا فلهم مالنا وعليهم ما علينا ،أو يبقو على دينهم ويعطوا الجزية عن يد و
هم صاغرون. وهذا قال بعض أهل العلم بأنه خاص بأهل الكتاب ،أما الكفار فإما الإسلام أو الثالثة وهو السيف. قال ابن كثير رحمه الله تعالى عند تفسيره لقول الله جلا وعلا: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم عن علي بن أبي طالبٍ قال: بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف: سيف للمشركين فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين وسيف لكفار أهل الكتاب قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ،ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أُوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . وسيف للمنافقين جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم . وسيف للبغاة فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله . أيها المسلمون: إن الآية التي قرأتها قبل قليل يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار علق عليها الحافظ ابن كثير رحمه الله تعليقاً نفيساً جداً أقرأه بطوله ،لأنه يبين ،بأن الجهاد والقتال أصل في شريعة الإسلام، وأنه يجب على المسلمين أن يقاتلوا الكفار الذين يلونهم ثم الذين يلونهم الأقرب فالأقرب ،وأن هذا كان نهج ولاة المسلمين. قال رحمه الله: أمر الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أولاً فأول ،الأقرب فالأقرب إلى حوزة الإسلام ولهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال المشركين في جزيرة العرب ،فلما فرغ منهم وفتح الله عليه مكة والمدينة والطائف واليمن واليمامة وهَجْر وخيبر وحضرموت وغير ذلك من أقاليم جزيرة العرب ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجا ،شرع في قتال أهل الكتاب. فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب وأولى الناس بالدعوة إلى الإسلام لكونهم أهل الكتاب ،فبلغ تبوك ثم رجع لأجل جهد الناس وجدب البلاد وضيق الحال وكان ذلك سنة تسع من هجرته عليه السلام ،ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجته حجة الوداع ثم عاجلته المنية صلوات الله وسلامه عليه بعد الحجة بأحد وثمانين يوماً فاختاره الله لما عنده ،وقام بالأمر وزيره وصديقه وخليفته أبو بكر رضي الله عنه ،وقد مال الدين ميلة كان أن ينجفل فثبته الله تعالى به ،فوطد القواعد ،وثبت الدعائم ورد شارد الدين وهو راغم ،ورد أهل الردة إلى الإسلام ،وأخذ الزكاة ممن منعها من الطغام ،وبين الحق لمن جهله ،وأدى عن الرسول ما حمله ،ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان ،وإلى الفرس عبدة النيران ،ففتح الله ببركة سفارته البلاد ،وأرغم أنف كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد ،وأنفق كنوزهما في سبيل الله ،كما أخبر بذلك رسول الله ،وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده وولي عهده ،الفاروق الأواب ،شهيد المحراب ،أبي حفص عمر بن الخطاب ،فأرغم الله به أنوف الكفرة الملحدين ،وقمع الطغاة والمنافقين ،واستولى على الممالك شرقاً وغرباً ،وحُملت إليه خزائن الأموال من سائر الأقاليم ،بعداً أو قرباً ،ففرقها على الوجه الشرعي ،والسبيل المرضي ،ثم لما مات شهيداً وقد عاش حميداً ،أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار على خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان شهيد الدار ،فكسا الإسلام رياسة حُلةٍ سابغة. وأمدت في سائر الأقاليم على رقاب العباد حجة الله البالغة ،وظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ،وعلت كلمة الله وظهر دينه وبلغت الأمة الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها ،فكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار ،امتثالاً لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار . انتهى. اللهم إن حانت وفاتي فلا تكن……على شرجعٍ يُعلى بخضر المطارف ولكن قبري بطرُ نسرٍ مقيله……بجو السماء في نسور عواكف وأمسي شهيداً ثاوياً في عصابةٍ……يصابون في فج من الأرض خائف فوارس من عدنان ألّف بينهم……تقى الله نزّالون عند التزاحف إذا فارقوا دنياهمو فارقوا الأذى……وصاروا إلى ميعاد ما في المصاحف بارك الله لي ولكم . . . -------------------------
الخطبة الثانية
أما بعد:
أيها المسلمون: إن هذه الأمة ،ما خلقت لكي تتمتع بحطام الدنيا ،وإن هذه الأمة لم توجد لكي تكون تابعة لغيرها ،لكنها وجدت لنشر دين الله ووجدت لكي تقود الأمم ،لا أن تقاد ،وهذا لن يكون إلا بفتح باب الجهاد على مصراعيه ،وقد وردت نصوص كثيرة ،تحذر من ترك الجهاد وتبين عواقب تركه ،وتصف الناكلين عنه بأقبح الأوصاف ،ولو تأملنا في بعضها ،بل فيها جميعاً ،لرأيناها منطبقة على حالنا الآن: ترك الجهاد سبب للهلاك في الدنيا والآخرة ،أما هلاك الدنيا فبالذلة والاستعباد ،وتسلط الكفار علينا ،واستعمارنا ،الاستعمار المباشر وغير المباشر ،وأما هلاك الآخرة فقول الله تبارك وتعالى: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين . ترك الجهاد سبب لعذاب الله وبطشه قال الله تعالى: إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير . ترك الجهاد والفرح بالقعود من صفات المنافقين قال الله تعالى: فرح
الخطبة الثانية
أما بعد:
أيها المسلمون: إن هذه الأمة ،ما خلقت لكي تتمتع بحطام الدنيا ،وإن هذه الأمة لم توجد لكي تكون تابعة لغيرها ،لكنها وجدت لنشر دين الله ووجدت لكي تقود الأمم ،لا أن تقاد ،وهذا لن يكون إلا بفتح باب الجهاد على مصراعيه ،وقد وردت نصوص كثيرة ،تحذر من ترك الجهاد وتبين عواقب تركه ،وتصف الناكلين عنه بأقبح الأوصاف ،ولو تأملنا في بعضها ،بل فيها جميعاً ،لرأيناها منطبقة على حالنا الآن: ترك الجهاد سبب للهلاك في الدنيا والآخرة ،أما هلاك الدنيا فبالذلة والاستعباد ،وتسلط الكفار علينا ،واستعمارنا ،الاستعمار المباشر وغير المباشر ،وأما هلاك الآخرة فقول الله تبارك وتعالى: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين . ترك الجهاد سبب لعذاب الله وبطشه قال الله تعالى: إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير . ترك الجهاد والفرح بالقعود من صفات المنافقين قال الله تعالى: فرح
المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً جزاء بما كانوا يكسبون . ترك الجهاد سبب لإفساد أهل الأرض بالقضاء على دينهم ،قال الله تعالى: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين . ترك الجهاد قد يعرض لعقوبة عاجلة تنزل بالقاعدين عن الجهاد ،كما قص الله تعالى من خبر بني إسرائيل لما طلب إليهم موسى عليه الصلاة والسلام أن يدخلوا الأرض المقدسة فقالوا: يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ، وقد وعى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الدرس جيداً ،ففي يوم بدر لما استشارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال قال له المقداد: يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن امضي ونحن معك. رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاءً فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم)) رواه الإمام أحمد. ترك الجهاد سبب للذل والهوان قال الله تعالى: إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير . ومن الذي ينكر أن الأمة الآن لا تعيش في أقصى درجات الذل والهوان. والمشكلة ليس في إعلان الجهاد الآن، المشكلة أن الأمة إلى الآن لم تتحرك ولا حتى في مرحلة الإعداد ،والتهيؤ النفسي والشعوري ،وبث هذه القضية في روح أبناء الأمة. تجد أن التوجه وتربية الناشئة على الدفاع ،وزرع فكرة الأمن العام ،والتعايش السلمي ،وغيرها من العبارات العائمة حتى أن الناس تربوا على الخوف والجبن والرغبة في الحياة ،وعدم التفكير في البذل والعطاء والتضحية ،واقتنع الناس شيئاً فشيئاً بمبدأ عدم اعتداء دولة على أخرى ،والأعداء لم يقصدوا من ترسيخ هذه المفاهيم إلا منع حركة الجهاد ،بينما إعتداءاتهم هم في وضح النهار ،ويبرر لها بألف تبرير. ولا يمكن إيقاف هذه الألاعيب ،ولن يرجع العدل إلى نصابه إلا بعودة الأمة إلى الجهاد. وإقامة الجهاد ،ليست قضية سهلة ،بل يجب أن يسبقها مراحل وخطوات وجهود ،في مقدمتها تحكيم الشريعة أولاً ،وتربية الناس على الإسلام ثانياً، والتهيؤ والإعداد ثالثاً ،وهكذا. أيها المسلمون: كل هذا من جانب ،فكيف لو أشير إلى الجانب الآخر وهو فضل الجهاد في هذا الدين، وما الذي أعدّه الله للمجاهدين، وما هي منزلة الشهادة في سبيل الله، إسمع يا عبدالله لما قاله ابن النحاس رحمه الله تعالى في كتابه مشارع الأشواق إلى مصارع الأشواق: فإن مما يجب اعتقاده أن الأجل محتوم، وأن الرزق مقسوم، وأن ما أخطأ لا يصيب، وأن سهم المنيّة لكل أحد مصيب وأن كل نفس ذائقة الموت، وأن الجنة تحت ظلال السيوف، وأن الريّ الأعظم في شُرب كؤوس الحتوف، وأن من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار ،وأن الشهداء عند الله من الأحياء، وأن أرواحهم في جوف طير خضر تتبوأ من الجنة حيث تشاء، وأن الشهيد يغفر له جميع ذنوبه وخطاياه، وأنه يشفع في سبعين من أهل بيته ومن والاه، وأنه يأمن يوم القيامة من الفزع الأكبر، وأنه لا يجد كرب الموت ولا هول المحشر، وأنه لا يحس ألم القتل إلا كمس القرصة، وكم للموت على الفراش من سكرةٍ وغصّة، وأن الطاعم النائم في الجهاد أفضل من الصائم القائم في سواه، ومن حرس في سبيل الله لا تبصر النار عيناه، وأن المرابط يجري له أجر عمله إلى يوم القيامة، وأن ألف يوم لا تساوي يوماً من أيامه، وأن رباط يوم خير من الدنيا وما فيها، وأنه يُأمّن من فتنة القبر وعذابه، وأن الله يكرمه يوم القيامه بحسن مآبه، فواعجباً كيف أن ذروة السنام قد درست آثاره فلا ترى، وطمست أنواره بين الورى، وأعتم ليله بعد أن كان مُقمَرا، وأظلم نهاره بعد أن كان نيّرا، وذوى غصنه بعد أن كان مورقا، وانطفأ حسنه بعد أن كان مشرقا، وقفلت أبوابه فلا تطرق، وأهملت أسبابه فلا ترمق، وصفنت خيوله فلا تركض، ورُبطت أسوده فلا تنهض، وامتدت أيدي الكفرة الأذلاء إلى المسلمين فلا تُقبض، وأغمدت السيوف من أعداء المسلمون إخلاداً إلى حياة الدعة والأمان، وخرس لسان النفير إليهم فصاح نفيرهم في أهل الإيمان، ونامت عروس الشهادة إذ عدمت الخاطبين، وأهمل الناس الجهاد كأنهم ليسوا به مخاطبين، فلا نجد إلا من طوى بساط نشاطه عنه، أو تركه جزعاً من الموت وهلعا، أو جهل ما فيه من الثواب الجزيل، ورضي بالحياة الدنيا من الآخرة، وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل، وقد أخبرنا الله عن حياة الشهداء عنده فقال تعالى وهو أصدق القائلين: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحق
بهم من خلفهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين . هؤلاء الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله قد أمنوا من عظيم الأهوال والكربات، وسكنوا في أجل المحالّ في أعلى الغرفات، وكرعوا من النعيم أكوابا، وادرعوا من التنعيم أثوابا، ومتعوا بجنان الفردوس مستقراً ومآبا، وتمتعوا بحورٍ عينٍ كواعب أترابا ،أرواحهم في جوف طير خضر تجول في الجنان تأكل وتشرب، وتأوي إلى قناديل معلقة في عرش الرحمن، يتمنون الرجوع إلى هذه الدار ليقتلوا في سبيل الله مرات ومرات، لما بهرهم من ثواب الله الجزيل، فما أقبح العجز عن انتهاز مثل هذه الفرص، وما أنجح الاحتراز بالجهاد عن مقاساة تلك الغصص، وليت شعري بأي وجه يلقى الله غداً من فر اليوم من أعدائه، وماطله بتسليم نفسه بعد عقد شرائه، ودعاه إلى جنته ففر وزهده في لقائه، وبأي عذر يعتذر بين يديه من هو عن سبيله ناكب، وعمّا رغّبه فيه من الفوز العظيم راغب، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن للشهيد عند ربه سبع خصال، أن يغفر له في أول دفعة في دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلية الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفّع في سبعين من أقاربه)). انتهى. هل من يموت بميدان الجهاد كما …موت البهائم في الأعطان تنتحر كلا وربي فلا تشبيه بينهمو……قد قالها خالد إذ كان يحتضر أهل الشهادة في الآثار قد أمنوا……من فتنةٍ وابتلاءاتٍ إذا قبروا ويوم ينفخ صور ليس يزعجهم……والناس قائمةٌ من هوله ذعروا وما سوى الدّين من ذنب وسيئةٍ……على الشهيد فعند الله مغتفر أرواحهم في عُلى الجنات سارحةٌ…تأوي القناديل تحت العرش تزدهر وحيث شاءت من الجنات تحملها……طير مغرّدةٌ ألوانها خضر إن الشهيد شفيع في قرابته……سبعين منهم كما في مسندٍ حصر والترمذي أتى باللفظ في سنن……وفي كتاب أبي داود معتبر مع ابن ماجة والمقدام ناقله……في ضمن ست خصال ساقها الخبر ما كل من طلب العلياء نائلها……إن الشهادة مجد دونه حفر وقد تردد في الأمثال من زمن……لا يبلغ المجد حتى يلعق الصبر ربي اشترى أنفساً ممن يجود بها……نعم المبيع ورب العرش ما خسروا فنسأل الله عز وجل أن يعجل فرج هذه الأمة اللهم أقم علم الجهاد واقمع أهل الزيغ والفساد وانشر رحمتك على العباد.
خطبة جمعة تحت عنوان 👇🏻
⚡اللهم إني أعوذ بك من الفقر⚡
إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد،
فاتقوا الله ربكم -أيها الناس- في غناكم وفقركم ، وفي جميع أحوالكم ، واعلموا يقيناً أن الله سبحانه هو الرزاق الجواد ، وهو القابض الباسط ، المعطي المانع ، يبتلي عباده بالفقر والغنى ، ويبتليهم بالسراء والضراء ، وبالنعم والنقم .
وإن من حكمة الله : أن يجعل أناساً لا يصلح لهم إلا الفقر ، فيرحمهم بصبرهم عليه ، وأن يجعل أناساً لا يصلح لهم إلا الغنى ، فيرحمهم بشكرهم عليه ؛ ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ .
= أيها المسلمون: قضية مألوفة، وظاهرة في المجتمعات معروفة، مشكلة في جميع الأمم، مسألة لا يخلو منها مجتمع، ولا تنفك منها دولة، مهما بلغ تقدُُّمُها وثراؤها وسياساتها ؛ وجودها في أمة أو دولة ليست مثلباً ولا عيبا، ولكن نسيان ذلك وإهماله أو عدم علاجه هو المعيب وفيه المسئولية، ذلكم هو الفقر والفقراء..
= معاشر الأخوة: الفقر في نظر الإسلام مصيبة وبلاء وجّه النبي صلى الله عليه وسلم بالسعي للتخلص منه ، بل وتعوذ منه وجعله قرينا للكفر، فقال عليه الصلاة والسلام : "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ" رواه أبو داود وغيره، وفي الحديث الآخر: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ" رواه أبو داود وهو حديث حسن ..
أيها المسلمون : مما يتوجه إليه النظر في حل مشكلة الفقر وعلاجِها وتقليلِ أثرها أن دلّنا شرعنا في ذلك لأمور علمية وطرق عملية نافعة ؛ أهمها ثلاثة : الأمر الأول: طمأنينة القلب إلى أن الرزق بيد الله وحده، وأن ما كُتب آتٍ، لن يضيع منه دينار ولا درهم ، ولن يتأخر عن وقته يوماً ولا ساعة ولا أقل.. , ولنسأل أنفسنا عباد الله : أعاش أجدادنا وآباؤنا من غير رزق؟ لا والله ؛ أفسنعيش بعدهم من غير رزق؟ لا والله ؛ وهل سيعيش أهلونا وأولادنا بعدنا من غير رزق؟ لا والله.. قال الله تعالى مؤانساً ومطمئناً لنا: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ .
أيها الناس: إن تذكّر هذا الأمر الجليل - أن الرزق بيد الله وحده - والتفكر فيه حيناً بعد حين، وساعة بعد ساعة ، يقطع على النفس تعلقها بالمخلوقين في الرزق ، ويزهّدها بما في أيديهم ، ويُذهب خوفها من المستقبل على النفس،وعلى الأهل والعيال ، حتى ولو أرجف الاقتصاديون والسياسيون بغلاء الأسعار، وقلة الوظائف، وانخفاض الرواتب، وتزايد البطالة ، وضعف الاقتصاد..
إن المستقبل بيد الله علام الغيوب ، وأن أرزاق العباد مكتوبة وحاصلة ، ولن يغادر الدنيا أحدٌ إلا وقد أخذ رزقه كاملاً كله شاء أم أبى وفي الحديث الصحيح ( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ) رواه الحاكم ؛ وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: ( إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله )، وعن الحسن البصري أنه قال: ( علمتُ أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأن قلبي ).
أيها الناس: إن كان بكم خوف فلا تخافوا من الفقر، وإن كنتم في قلق فلا تقلقوا من الفقر، ولا تخافوا ولا تخشوا إلا من الدنيا أن تبسط عليكم فتنافسوها فتَهْلكوا بسببها ، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عمرو ابن عوف الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه رضي الله عنهم: ( فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ).
واعلموا – يا عباد الله - أنكم لستم واللهِ بأحب إلى الله عز وجل من رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أكرم ولا أفضل منزلة عنده منه، تقول عائشة رضي الله عنها: "ولَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ". وتقول: "إنه ليمر علينا الشهر والشهران ولا يوقد في بيت النبوة نار". قالوا : وما طعامكم ؟ قالت : "الأسودان التمر والماء".
ثم ماذا على الإنسان من ضير؟ وماذا يلحقه من كدر؟ لو عاش بين الناس في دنياه فقيراً مجهولا ، وعند الله في آخرته غنيّاً معروفاً ، عزيزاً منعّماً مسروراً ، أما
⚡اللهم إني أعوذ بك من الفقر⚡
إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد،
فاتقوا الله ربكم -أيها الناس- في غناكم وفقركم ، وفي جميع أحوالكم ، واعلموا يقيناً أن الله سبحانه هو الرزاق الجواد ، وهو القابض الباسط ، المعطي المانع ، يبتلي عباده بالفقر والغنى ، ويبتليهم بالسراء والضراء ، وبالنعم والنقم .
وإن من حكمة الله : أن يجعل أناساً لا يصلح لهم إلا الفقر ، فيرحمهم بصبرهم عليه ، وأن يجعل أناساً لا يصلح لهم إلا الغنى ، فيرحمهم بشكرهم عليه ؛ ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ .
= أيها المسلمون: قضية مألوفة، وظاهرة في المجتمعات معروفة، مشكلة في جميع الأمم، مسألة لا يخلو منها مجتمع، ولا تنفك منها دولة، مهما بلغ تقدُُّمُها وثراؤها وسياساتها ؛ وجودها في أمة أو دولة ليست مثلباً ولا عيبا، ولكن نسيان ذلك وإهماله أو عدم علاجه هو المعيب وفيه المسئولية، ذلكم هو الفقر والفقراء..
= معاشر الأخوة: الفقر في نظر الإسلام مصيبة وبلاء وجّه النبي صلى الله عليه وسلم بالسعي للتخلص منه ، بل وتعوذ منه وجعله قرينا للكفر، فقال عليه الصلاة والسلام : "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ" رواه أبو داود وغيره، وفي الحديث الآخر: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ" رواه أبو داود وهو حديث حسن ..
أيها المسلمون : مما يتوجه إليه النظر في حل مشكلة الفقر وعلاجِها وتقليلِ أثرها أن دلّنا شرعنا في ذلك لأمور علمية وطرق عملية نافعة ؛ أهمها ثلاثة : الأمر الأول: طمأنينة القلب إلى أن الرزق بيد الله وحده، وأن ما كُتب آتٍ، لن يضيع منه دينار ولا درهم ، ولن يتأخر عن وقته يوماً ولا ساعة ولا أقل.. , ولنسأل أنفسنا عباد الله : أعاش أجدادنا وآباؤنا من غير رزق؟ لا والله ؛ أفسنعيش بعدهم من غير رزق؟ لا والله ؛ وهل سيعيش أهلونا وأولادنا بعدنا من غير رزق؟ لا والله.. قال الله تعالى مؤانساً ومطمئناً لنا: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ .
أيها الناس: إن تذكّر هذا الأمر الجليل - أن الرزق بيد الله وحده - والتفكر فيه حيناً بعد حين، وساعة بعد ساعة ، يقطع على النفس تعلقها بالمخلوقين في الرزق ، ويزهّدها بما في أيديهم ، ويُذهب خوفها من المستقبل على النفس،وعلى الأهل والعيال ، حتى ولو أرجف الاقتصاديون والسياسيون بغلاء الأسعار، وقلة الوظائف، وانخفاض الرواتب، وتزايد البطالة ، وضعف الاقتصاد..
إن المستقبل بيد الله علام الغيوب ، وأن أرزاق العباد مكتوبة وحاصلة ، ولن يغادر الدنيا أحدٌ إلا وقد أخذ رزقه كاملاً كله شاء أم أبى وفي الحديث الصحيح ( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ) رواه الحاكم ؛ وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: ( إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله )، وعن الحسن البصري أنه قال: ( علمتُ أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأن قلبي ).
أيها الناس: إن كان بكم خوف فلا تخافوا من الفقر، وإن كنتم في قلق فلا تقلقوا من الفقر، ولا تخافوا ولا تخشوا إلا من الدنيا أن تبسط عليكم فتنافسوها فتَهْلكوا بسببها ، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عمرو ابن عوف الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه رضي الله عنهم: ( فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ).
واعلموا – يا عباد الله - أنكم لستم واللهِ بأحب إلى الله عز وجل من رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أكرم ولا أفضل منزلة عنده منه، تقول عائشة رضي الله عنها: "ولَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ". وتقول: "إنه ليمر علينا الشهر والشهران ولا يوقد في بيت النبوة نار". قالوا : وما طعامكم ؟ قالت : "الأسودان التمر والماء".
ثم ماذا على الإنسان من ضير؟ وماذا يلحقه من كدر؟ لو عاش بين الناس في دنياه فقيراً مجهولا ، وعند الله في آخرته غنيّاً معروفاً ، عزيزاً منعّماً مسروراً ، أما
يسره قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: ( قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ ؛ وَأَصْحَابُ الجَدِّ ـ أي: الغنى والوجاهةَ - محْبُوسُونَ ) رواه البخاري ومسلم.. أما يُسْكِن قلقَ الفؤاد ، ويقطع تلهف النفس ، قولُ النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه: ( يدخلُ الفقراءُ الجنةَ قبلَ الأغنياءِ بخمسِ مائةِ عامٍ )...
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين ، إن ربي غفور رحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
= الأمر الثاني لمعالجة الفقر والتخفيف من مُصابه: قناعة قلوبكم بما يسّر الله لكم من هذا الرزق ، وهذا القوت، وهذا اللباس والمركب ، وهذا المسكن والمنزل ، وهذه الوظيفة وهذا العمل.. فالقناعة من أفضل مواهب الله وأعطياته ، وأعظم علامات الفلاح وأسبابه ؛ فقد أخرج الإمام مسلم : أن النبي r قال:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ ) ، فقد حكم r في هذا الحديث بالفلاح والنجاح لمن جمع هذه الخلال الثلاث -الإسلام والكفاف والقناعة- وكان من دعائه r لنفسه وأهله: ( اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً ) ، والقوت هو: الكفاف بأن يحصل له الرزق الذي يكفيه ويكف وجهه عن سؤال الخلق - ودعاؤه هذا r يدل على : أن الكفاف في المعيشة أفضل من الفقر، بل وأفضل من الغنى..
أيها الناس: إن القناعةُ مالٌ لا ينقص ، وكنز لا ينفد ، وهي غنى النفس الحقيقي ، وفي هذا يقول النبي r : ( الْغِنَى غِنَى النَّفْس ) رواه مسلم..
وإن من قنع بما هو فيه قرَّت عينه، وعفَّ واستغنى عن الخلق، وذهب عنه داء الحسد والظلم ، وتَرَكَ أكل الحرام فلم يغش، ولم يرتش، ولم يسرق، ولم يخن الأمانة .
= الأمر الثالث لمعالجة الفقر والتخفيف من مُصابه: أن نعلم أن الدين أمر كل مسلم قادرٍ أن يعمل ويكدح ولا يكسل ، فالعمل هو الوسيلة النافعة والسلاح المضّاء بإذن الله وعونه للقضاء على هذه المشكلة وتخفيفها..والله قد أودع لنا في الأرض أرزاقاً وأنعاماً ، وأن هذه الخيرات والبركات المبثوثة لا تنالُ إلا بجهد يُبذل وسعي دوؤب ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾..
معاشر الأخوة: العمل في الإسلام عبادة ، وما تعدّد نفعه وامتد أثره فهو أفضل عند الله وأزكى ممن قصر نفعه على صاحبه ، وفي كُلٍ أجر وخير.. فـ ( التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ) رواه الترمذي والحاكم بإسناد حسن، و ( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمِلِ يَدِهِ ) رواه البخاري، ولمّا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ r أَيُّ الْكَسْبِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: (عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ) رواه أحمد..
وإن الإستهانة بأهل الأعمال المهنية أو الاحتقار لأصحاب الحِرَف اليدوية !! هذا وربكم ليس من الدين ولا من الأصالة ولا الرزانة ، فدينكم رفع قيمة العمل الحلال أياً كان نوعه وكسبه ؛ فكل كسب حلال فهو عمل شريف عظيم مأجور صاحبه..
وانظروا إلى أنبياء الله - صلوات الله وسلامه عليهم - أفضل خلق الله ومصطفوه كلهم قد رعوا الغنم ، وفيهم صانع الحديد والنجار والخياط والحراث ؛ وكذا أئمة الإسلام وعلماؤه من الصحابة ومَن بعدهم كان فيهم وفي أُسَرِهم البزار والقفال والحذاء والزجاج والخراز والحطاب والجصاص والخياط والخواص والقطان وغيرهم مما لا يكاد يستثنى من مهن مباحة - فكفى بهم شرفاً وكفى بهم قدوة وأسوة...
= اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.. اللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمائك، والصابرين على أقدارك وبلائك، واجعل ما أنعمت به علينا معونة لنا على الخير..
اللهم وبارك لنا في أقواتنا ومساكننا ومراكبنا، وقنعنا بما رزقتنا، ولا تحرمنا خير ما عندك من الإحسان بشر ما عندنا من الإساءة والعصيان، وادفع عنا وعن المسلمين كل شر ومكروه، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك يا ذا الج
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين ، إن ربي غفور رحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
= الأمر الثاني لمعالجة الفقر والتخفيف من مُصابه: قناعة قلوبكم بما يسّر الله لكم من هذا الرزق ، وهذا القوت، وهذا اللباس والمركب ، وهذا المسكن والمنزل ، وهذه الوظيفة وهذا العمل.. فالقناعة من أفضل مواهب الله وأعطياته ، وأعظم علامات الفلاح وأسبابه ؛ فقد أخرج الإمام مسلم : أن النبي r قال:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ ) ، فقد حكم r في هذا الحديث بالفلاح والنجاح لمن جمع هذه الخلال الثلاث -الإسلام والكفاف والقناعة- وكان من دعائه r لنفسه وأهله: ( اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً ) ، والقوت هو: الكفاف بأن يحصل له الرزق الذي يكفيه ويكف وجهه عن سؤال الخلق - ودعاؤه هذا r يدل على : أن الكفاف في المعيشة أفضل من الفقر، بل وأفضل من الغنى..
أيها الناس: إن القناعةُ مالٌ لا ينقص ، وكنز لا ينفد ، وهي غنى النفس الحقيقي ، وفي هذا يقول النبي r : ( الْغِنَى غِنَى النَّفْس ) رواه مسلم..
وإن من قنع بما هو فيه قرَّت عينه، وعفَّ واستغنى عن الخلق، وذهب عنه داء الحسد والظلم ، وتَرَكَ أكل الحرام فلم يغش، ولم يرتش، ولم يسرق، ولم يخن الأمانة .
= الأمر الثالث لمعالجة الفقر والتخفيف من مُصابه: أن نعلم أن الدين أمر كل مسلم قادرٍ أن يعمل ويكدح ولا يكسل ، فالعمل هو الوسيلة النافعة والسلاح المضّاء بإذن الله وعونه للقضاء على هذه المشكلة وتخفيفها..والله قد أودع لنا في الأرض أرزاقاً وأنعاماً ، وأن هذه الخيرات والبركات المبثوثة لا تنالُ إلا بجهد يُبذل وسعي دوؤب ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾..
معاشر الأخوة: العمل في الإسلام عبادة ، وما تعدّد نفعه وامتد أثره فهو أفضل عند الله وأزكى ممن قصر نفعه على صاحبه ، وفي كُلٍ أجر وخير.. فـ ( التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ) رواه الترمذي والحاكم بإسناد حسن، و ( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمِلِ يَدِهِ ) رواه البخاري، ولمّا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ r أَيُّ الْكَسْبِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: (عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ) رواه أحمد..
وإن الإستهانة بأهل الأعمال المهنية أو الاحتقار لأصحاب الحِرَف اليدوية !! هذا وربكم ليس من الدين ولا من الأصالة ولا الرزانة ، فدينكم رفع قيمة العمل الحلال أياً كان نوعه وكسبه ؛ فكل كسب حلال فهو عمل شريف عظيم مأجور صاحبه..
وانظروا إلى أنبياء الله - صلوات الله وسلامه عليهم - أفضل خلق الله ومصطفوه كلهم قد رعوا الغنم ، وفيهم صانع الحديد والنجار والخياط والحراث ؛ وكذا أئمة الإسلام وعلماؤه من الصحابة ومَن بعدهم كان فيهم وفي أُسَرِهم البزار والقفال والحذاء والزجاج والخراز والحطاب والجصاص والخياط والخواص والقطان وغيرهم مما لا يكاد يستثنى من مهن مباحة - فكفى بهم شرفاً وكفى بهم قدوة وأسوة...
= اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.. اللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمائك، والصابرين على أقدارك وبلائك، واجعل ما أنعمت به علينا معونة لنا على الخير..
اللهم وبارك لنا في أقواتنا ومساكننا ومراكبنا، وقنعنا بما رزقتنا، ولا تحرمنا خير ما عندك من الإحسان بشر ما عندنا من الإساءة والعصيان، وادفع عنا وعن المسلمين كل شر ومكروه، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم شرارهم يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم من أنصار دينك يا ذا الج
لال والإكرام، وارزقهم بطانة الصلاح وأهل الخير، وأبعد عنهم أهل الزيغ والفساد، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا ونسائنا بسوء اللهم فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات انك سميع قريب مجيب الدعوات. اللهم أنت الله لا إله أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل غلينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا غيثا هنيئا مرئيا سحقا غدقا مجللا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين اللهم بنا من الضيق والظنك ملا نشكوه إلا إليك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا, اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين . سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
خطبةجمعةبعنوان.tt
أحــــوال الخـــائفــين
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي عمت رحمته كل شيء ووسعت، وتمت نعمته على العباد وعظمت، ملك ذلت لعزته الرقاب وخضعت، وهابت لسطوته الصعاب وخشعت، وارتاعت من خشيته أرواح الخائفين وجزعت، كريم تعلقت برحمته قلوب الراجين فطمعت، بصير بعباده يعلم ما كنَّت الصدور وأودعت، عظيم عجزت العقول عن إدراك ذاته فتحيرت. نحمده على نعم توالت علينا واتسعت، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من النار يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي جاهد في الله حق جهاده حتى علت كلمة التوحيد وارتفعت، اللهم فصلّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: أيها الناس: تأهبوا للانتقال من دار الرحيل والزوال، وتنافسوا في اكتساب ما يوصل إلى دار المقيل والظلال، وارغبوا في صالح الأعمال، واعلموا أنكم عما قليل راحلون، وإلى الله صائرون، ولا يغني هنالك عمل إلا صالح قدمتموه، أو حسن ثواب أحرزتموه، فإنكم تقدمون على ما قدمتم، وتجازون على ما أسلفتم، فلا تصدنكم زخارف دنيا دنية عن مراتب جنات علية، واكتسبوا مراضي الرحمن، فإنها أربح المكاسب، واجتنبوا موارد العصيان، فإنها وخيمة العواقب، وحاذروا مواعيد الآمال فإنها آمال كواذب. أيها المسلمون: إن الله -سبحانه وتعالى- خلق الخلق ليعبدوه، ويعرفوه ويخشوه ويخافوه، ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف إجلال، ووصف لهم شدة عذابه، ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه؛ ليتقوه بصالح الأعمال، ولهذا كرر -سبحانه وتعالى- في كتابه ذكر النار وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال والأغلال، وما احتوت عليه من الضريع والزقوم والحميم والسلاسل والغساق والغسلين، وغير ذلك مما فيها من الأهوال والفظائع والعظائم. ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه، والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه، وأخبر -جل وعلا- بأن الخلق واردوها قال -تعالى-: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [مريم:71-72]، فأنت من الورود على يقين، ومن النجاة في شك. عباد الله: إن المؤمن يتقلب في الدنيا على جمرات الحذر في نيران الخوف، يرهب الآخرة، ويحذر المعاقبة، فالخوف من النار متمكن من سويداء قلبه. فقد صرنا في زمان صار كثير من أهله لم يقدروا الله حق قدره، ولم يعرفوه المعرفة التي تليق بجلاله وعظمته، ولو عرفوه هذه المعرفة وقدروه ما صدق العقل أن يكونوا بهذه الحال، وقد عاتب الخلاق العليم عباده من ذلك فقال -جل وعلا-: (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) [نوح:13] فما لكم لا تقدرون الله حق قدره، ولا تعظمونه حق تعظيمه ولا تخشونه حق خشيته، ألا ما أجهل الخلق بربهم، وما أجرؤهم على معاصيه، وهو الكبير الجليل العظيم -سبحانه جل في علاه-. عباد الله: وقد مضى رجال من هذه الأمة كانوا يخشون ربهم خشية العارفين الموقنين، لذلك كانت أقوالهم وأفعالهم موزونة بما للشرع من موازين كانوا يزنون كلامهم قبل أن يلفظوا به؛ لأنهم يوقنون أن خالقهم سمعها وشهد عليها، وهو تعالى خير الشاهدين. كانوا إذا أظلم الليل يقفون في محاريبهم باكين متضرعين، لهم أنين كأنين المرضى، ولهم حنين كحنين الثكلى، وكانوا ربما مروا بالآية من كتاب الله فجعلوا يرددونها بقلب حزين فأثرت عليهم ومرضوا بعدها، مات أولئك السلف الصالح الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا. وماتت تلك الخشية وأعقبها قسوة أذهلت العباد عن طاعة الله، فصاروا يأتون ما يأتون، ويذرون ما يذرون دون سؤال عن سخط الله ورضاه. نعوذ بالله من سوء الأحوال وسيء الأخلاق. عباد الله: وقد حثنا ربنا على الخوف منه، فقال -تبارك وتعالى-: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر:15-16]. وتدبر معي -أخي الكريم- فبعد أن ساق ربنا الجليل ذلك المشهد، وتلك الشدة، فوصف الخاسرين لأنفسهم، وما يصيبهم من العذاب والنكال، نادى على عباده وهو الرحيم الذي لا يحب عذاب أحد، فقال: (يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) أي: احذروا غضبي، واعملوا بطاعتي، وتجنبوا مساخطي، سبحانه من إله رحيم كريم. وفي آية أخرى يرشد ربنا الجليل عباده إلى عدم الخوف من غيره، فقال -جل وعلا-: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:175]، فكلما زاد إيمان العبد وارتفع، كانت معرفته بربه أكبر، ومن ثم تكون خشيته من ربه وخوفه منه أعظم، وطاعته له أكثر، فاللهم اجعل
أحــــوال الخـــائفــين
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي عمت رحمته كل شيء ووسعت، وتمت نعمته على العباد وعظمت، ملك ذلت لعزته الرقاب وخضعت، وهابت لسطوته الصعاب وخشعت، وارتاعت من خشيته أرواح الخائفين وجزعت، كريم تعلقت برحمته قلوب الراجين فطمعت، بصير بعباده يعلم ما كنَّت الصدور وأودعت، عظيم عجزت العقول عن إدراك ذاته فتحيرت. نحمده على نعم توالت علينا واتسعت، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من النار يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي جاهد في الله حق جهاده حتى علت كلمة التوحيد وارتفعت، اللهم فصلّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: أيها الناس: تأهبوا للانتقال من دار الرحيل والزوال، وتنافسوا في اكتساب ما يوصل إلى دار المقيل والظلال، وارغبوا في صالح الأعمال، واعلموا أنكم عما قليل راحلون، وإلى الله صائرون، ولا يغني هنالك عمل إلا صالح قدمتموه، أو حسن ثواب أحرزتموه، فإنكم تقدمون على ما قدمتم، وتجازون على ما أسلفتم، فلا تصدنكم زخارف دنيا دنية عن مراتب جنات علية، واكتسبوا مراضي الرحمن، فإنها أربح المكاسب، واجتنبوا موارد العصيان، فإنها وخيمة العواقب، وحاذروا مواعيد الآمال فإنها آمال كواذب. أيها المسلمون: إن الله -سبحانه وتعالى- خلق الخلق ليعبدوه، ويعرفوه ويخشوه ويخافوه، ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف إجلال، ووصف لهم شدة عذابه، ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه؛ ليتقوه بصالح الأعمال، ولهذا كرر -سبحانه وتعالى- في كتابه ذكر النار وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال والأغلال، وما احتوت عليه من الضريع والزقوم والحميم والسلاسل والغساق والغسلين، وغير ذلك مما فيها من الأهوال والفظائع والعظائم. ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه، والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه، وأخبر -جل وعلا- بأن الخلق واردوها قال -تعالى-: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [مريم:71-72]، فأنت من الورود على يقين، ومن النجاة في شك. عباد الله: إن المؤمن يتقلب في الدنيا على جمرات الحذر في نيران الخوف، يرهب الآخرة، ويحذر المعاقبة، فالخوف من النار متمكن من سويداء قلبه. فقد صرنا في زمان صار كثير من أهله لم يقدروا الله حق قدره، ولم يعرفوه المعرفة التي تليق بجلاله وعظمته، ولو عرفوه هذه المعرفة وقدروه ما صدق العقل أن يكونوا بهذه الحال، وقد عاتب الخلاق العليم عباده من ذلك فقال -جل وعلا-: (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) [نوح:13] فما لكم لا تقدرون الله حق قدره، ولا تعظمونه حق تعظيمه ولا تخشونه حق خشيته، ألا ما أجهل الخلق بربهم، وما أجرؤهم على معاصيه، وهو الكبير الجليل العظيم -سبحانه جل في علاه-. عباد الله: وقد مضى رجال من هذه الأمة كانوا يخشون ربهم خشية العارفين الموقنين، لذلك كانت أقوالهم وأفعالهم موزونة بما للشرع من موازين كانوا يزنون كلامهم قبل أن يلفظوا به؛ لأنهم يوقنون أن خالقهم سمعها وشهد عليها، وهو تعالى خير الشاهدين. كانوا إذا أظلم الليل يقفون في محاريبهم باكين متضرعين، لهم أنين كأنين المرضى، ولهم حنين كحنين الثكلى، وكانوا ربما مروا بالآية من كتاب الله فجعلوا يرددونها بقلب حزين فأثرت عليهم ومرضوا بعدها، مات أولئك السلف الصالح الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا. وماتت تلك الخشية وأعقبها قسوة أذهلت العباد عن طاعة الله، فصاروا يأتون ما يأتون، ويذرون ما يذرون دون سؤال عن سخط الله ورضاه. نعوذ بالله من سوء الأحوال وسيء الأخلاق. عباد الله: وقد حثنا ربنا على الخوف منه، فقال -تبارك وتعالى-: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر:15-16]. وتدبر معي -أخي الكريم- فبعد أن ساق ربنا الجليل ذلك المشهد، وتلك الشدة، فوصف الخاسرين لأنفسهم، وما يصيبهم من العذاب والنكال، نادى على عباده وهو الرحيم الذي لا يحب عذاب أحد، فقال: (يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) أي: احذروا غضبي، واعملوا بطاعتي، وتجنبوا مساخطي، سبحانه من إله رحيم كريم. وفي آية أخرى يرشد ربنا الجليل عباده إلى عدم الخوف من غيره، فقال -جل وعلا-: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:175]، فكلما زاد إيمان العبد وارتفع، كانت معرفته بربه أكبر، ومن ثم تكون خشيته من ربه وخوفه منه أعظم، وطاعته له أكثر، فاللهم اجعل
نا نخشاك كأننا نراك، وأسعدنا بتقواك. وقد حثَّ النبي الأمين -صلى الله عليه وسلم- عباد الله على الخوف منه واستحضار جلاله وعظمته، فعن أنس عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: "والذي نفس محمد بيده، لو رأيتم ما رأيت، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار" [مسلم:426]. وفي صورة أخرى يوصي النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالخوف من الله تعالى، مبينًا لهم شيئا من عظمة الله وجلاله، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ، لَوْ عَلِمْتُمْ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ، وَلَخَرَجْتُمْ عَلَى أَوْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ" [الترمذي (2312) وحسنه الألباني]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستحضر الخوف من الله في كل المواقف، فعن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "لما كسفت الشمس رأيت النار، فلم أر منظراً كاليوم قطّ أفظع" [البخاري (1052) ومسلم (907)]. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على أن يسأل ربه أن يرزقه الخشية منه، وكان يعلّم أصحابه أن يدعوا ربهم ويسألوه أن يرزقهم من الخوف ما يمنعهم من عصيان ربهم -سبحانه-، فعن ابن عمران قال: قلما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوّن به علينا مصيبات الدنيا" [الترمذي (3502) وحسنه الألباني]. وعلى هذا المنوال سار سلف الأمة الصالحون، فكانوا يستحضرون الخوف من الله وخشيته، وكان ذكر النار ينغص عليهم عيشهم ويذكرهم بنار الآخرة ولهم في هذا مواقف مشهورة، فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما سمع رجلاً يتهجد في الليل، ويقرأ سورة الطور، فلما بلغ إلى قوله -تعالى-: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) [الطور:7-8]، قال عمر: "قسم ورب الكعبة حق، ثم رجع إلى منزله"، فمرض شهراً يعوده الناس، لا يدرون ما مرضه. وعن ابن عباس مرفوعاً: "لو أُبرزت النار للناس، ما رآها أحد إلا مات". وكان من السلف من إذا رأى النار اضطرب وتغيرت حاله، قال مجاهد وغيره: "يعني أن نار الدنيا تذكر بنار الآخرة، حيث جعلها الله تذكرة"، وقال أبو حيان التيمي: "سمعت منذ ثلاثين سنة أن عبد الله بن مسعود مر على الذين ينفخون على الكير فسقط"، خرجه الإمام أحمد، وخرج ابن أبي الدنيا من رواية سعد بن الأخرم، قال: "كنت أمشي مع ابن مسعود، فمر بالحدادين وقد أخرجوا حديداً من النار، فقام ينظر إليه ويبكي". وعن عطاء الخراساني قال: "كان أويس القرني يقف على موضع الحدادين، فينظر إليهم كيف ينفخون الكير، ويسمع صوت النار، فيصرخ، ثم يسقط". وروي أن طلحة وزيداً مرا بِكِيرِ حداد، فوقفا ينظران إليه يبكيان، قال الأعمش: "أخبرني من رأى الربيع بن خيثم مر بالحدادين، فنظر إلى الكير وما فيه، فَخَرَّ." وقال مطر الوراق: "كان جمعة وهرم بن حيان إذا أصبحا، غديا فمرا بِأَكْوِرَةِ الحدادين، فنظرا إلى الحديد كيف ينفخ، فيقفان ويبكيان، ويستجيران من النار". وكان بشير بن كعب، وقراء البصرة يأتون الحدادين، فينظرون إلى شهيق النار، فيتعوذون بالله من النار. وعن العلاء بن محمد قال: "دخلت على عطاء السلمي، فرأيته مغشياً عليه، فقلت لامرأته ما شأنه؟ قالت: سجرت جارة لنا التنور، فلما نظر إليه غشي عليه"، وعن معاوية الكندي قال: "مر عطاء السلمي على صبي معه شعلة نار، فأصابت النار الريح، فسمع ذلك منها، فغشي عليه". وقال الحسن: "كان عمر-رضي الله عنه- ربما توقد له النار، ثم يدني يديه منها، ثم يقول: يا ابن الخطاب هل لك على هذا صبر؟". وكان الأحنف بن قيس يجيء إلى المصباح بالليل، فيضع أصبعه فيه، ثم يقول: حس حس، ثم يقول: "يا حنيف، ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟", وقال البختري بن حارثة: "دخلت على عابد، فإذا بين يديه نار قد أججها، وهو يعاتب نفسه، ولم يزل يعاتبها حتى مات". وكان كثير من الصالحين يذكر النار وأنواع عذابها؛ برؤية ما يشبهه بها في الدنيا، أو يذكره بها؛ كرؤية البحر وأمواجه، والرؤوس المشوية، وبكاء الأطفال، وفي الحر والبرد، وعند الطعام والشراب، وغير ذلك. عباد الله: ومن الخائفين من منعه خوف جهنم من النوم، قال أسد بن وداعة: "كان شداد بن أوس، إذا أوى إلى فراشه، كأنه حبة على مقلى، يقول: اللهم إن ذكر جهنم لا يدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه". وقال أبو سليمان الداراني: "كان طاووس يفترش فراشه، ثم يضطجع عليه، فيتقلى كما تقلى الحبة على المقلى، ثم يثب، في
درجه، ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيّر ذكر جهنم نوم العابدين". وقال مالك بن دينار : "قالت ابنة الربيع بن خيثم: يا أبت، مالك لا تنام والناس ينامون؟ فقال: إن النار لا تدع أباك ينام". وكان صفوان بن محرز، إذا جنَّه الليل يخور كما يخور الثور، ويقول: "منع خوف النار مني الرقاد". وكان عامر بن عبد الله يقول: "ما رأيت مثل الجنة نام طالبها، وما رأيت مثل النار نام هاربها، فكان إذا جاء الليل قال: "أَذْهَبَ حر النار النوم"، فما ينام حتى يصبح، وإذا جاء النهار قال: "أذهب حر النار النوم"، فما ينام حتى يمسي. وروي عنه أنه كان ثم يقوم فينادي: "اللهم إن النار قد منعتني من النوم فاغفر لي"، وقيل له: ما لك لا تنام؟ قال: "إن ذكر جهنم لا يدعني أنام". وقال الحر بن حصين الفزاري: "رأيت شيخاً من بني فزارة، أمر له خالد بن عبد الله بمائة ألف، فأبى أن يقبلها، وقال: أذهب ذكر جهنم حلاوة الدنيا من قلبي، قال: وكان يقوم إذا نام الناس، فيصيح: النار، النار، النار". وكان رجل من الموالي، يقال له صهيب، وكان يسهر الليل ويبكي، فعوتب على ذلك، وقالت له مولاته: "أفسدت على نفسك"، فقال : "إن صهيباً إذا ذكر الجنة طال شوقه، وإذا ذكر النار طال نومه". وأما سفيان الثوري فما كان ينام إلا أول الليل، ثم ينتفض فزعاً، مرعوباً ينادي: "النار، النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات"، ثم يتوضأ، ويقول على أثر وضوئه: "اللهم إنك عالم بحاجتي غير معلم، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار". وفي هذا المعنى، يقول عبد الله بن المبارك - رحمه الله تعالى-: إذا ما الليل أظلم كابدوه *** فيسفر عنهم وهم ركوعأطار الخوف نومهم فقاموا *** وأهل الأمن في الدنيا هجوع أيها الإخوة: ومن السلف من منعه خوف النار من الضحك، قال الحجاج لسعيد بن جبير: "بلغني أنك لم تضحك قط"، قال: "كيف أضحك؟ وجهنم قد سُعرت، والأغلال قد نُصبت، والزبانية قد أُعدت؟!" وقال عثمان بن عبد الحميد: "وقع عند جيران غزوان حريق، فذهب يطفئه، فوقع شرارة على أصبع من أصابعه، فقال: ألا أراني قد أوجعتني نار الدنيا، والله لا يراني ضاحكاً، حتى أعرف أينجيني من نار جهنم أم لا؟" وقد كان جماعة من السلف عاهدوا الله أن لا يضحكوا أبداً، حتى يعلموا أين مصيرهم، إلى الجنة؟ أم إلى النار؟ منهم جمعة الدوسي، والربيع بن خراش، وأخوه ربعي، وأسلم العجلي، ووهيب بن الورد، وغيرهم. ويروى في بعض الآثار أن صحف موسى -عليه السلام- كانت عبرًا كلها، ومما يروى فيها : "عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب، عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدًا ثم لا يعمل". عباد الله: ومن السلف من أحدث له خوفه من النار مرضا، ومنهم من مات من ذلك، وكان الحسن يقول في وصف الخائفين:" قد براهم الخوف، فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيقول: مرضى وما هم مرضى، ويقول: قد خُولُطوا -أي أصابهم شيء في عقلهم-، وقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم. نسأل الله أن يرزقنا خشيته، والاتعاظ بآياته، ونسأله سبحانه أن يحسن لنا الخاتمة وأن يجعل أسعد أيامنا يوم نلقاه. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وثبتني وإياكم على الصراط المستقيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد: عباد الله: فأوصيكم بتقوى الله وطاعته وأحذركم من معصيته ومخالفته. أيها الإخوة: ينبغي للعبد العاقل أن يغلب الخوف من الله حال حياته، وصحته، ويجتنب مساخط الله، وليقتفِ أثر سلف الأمة الصالحين في الخوف من الجليل سبحانه، وقد ذكرنا بعض أحوالهم، وإليك المزيد: وكان بعض السلف يتأثر بشدة من ذكر النار في القرآن العظيم، ويظهر ذلك عليه، قال حفص بن عمرو الجعفي: "اشتكى داود الطائي أياماً، وكان سبب علته، أنه مر بآية فيها ذكر النار، فكررها مراراً في ليلته، فأصبح مريضاً، فوجدوه قد مات، ورأسه على لبنة". ومر منصور بن عمار بالكوفة ليلاً على رجل يناجي ربه، فتلا منصور هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6]، قال منصور : "فسمعت دكدكة لم أسمع بعدها حساً ومضيت، فلما كان من الغد رجعت، فإذا جنازة قد أخرجت، وإذا عجوز، فسألتها عن أمر الميت، ولم تكن عرفتني، فقالت هذا رجل -لا جازاه الله خيراً- مر بابني البارحة وهو قائم يصلي، فتلا آية من كتاب الله، فتفطرت مرارته، فوقع ميتاً". ولما مات المنصور بن المعتمر، صاحت أمه: "واقتيل جهنماه! ما قتل ابني إلا خوف جهنم". وأما عل
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد: عباد الله: فأوصيكم بتقوى الله وطاعته وأحذركم من معصيته ومخالفته. أيها الإخوة: ينبغي للعبد العاقل أن يغلب الخوف من الله حال حياته، وصحته، ويجتنب مساخط الله، وليقتفِ أثر سلف الأمة الصالحين في الخوف من الجليل سبحانه، وقد ذكرنا بعض أحوالهم، وإليك المزيد: وكان بعض السلف يتأثر بشدة من ذكر النار في القرآن العظيم، ويظهر ذلك عليه، قال حفص بن عمرو الجعفي: "اشتكى داود الطائي أياماً، وكان سبب علته، أنه مر بآية فيها ذكر النار، فكررها مراراً في ليلته، فأصبح مريضاً، فوجدوه قد مات، ورأسه على لبنة". ومر منصور بن عمار بالكوفة ليلاً على رجل يناجي ربه، فتلا منصور هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6]، قال منصور : "فسمعت دكدكة لم أسمع بعدها حساً ومضيت، فلما كان من الغد رجعت، فإذا جنازة قد أخرجت، وإذا عجوز، فسألتها عن أمر الميت، ولم تكن عرفتني، فقالت هذا رجل -لا جازاه الله خيراً- مر بابني البارحة وهو قائم يصلي، فتلا آية من كتاب الله، فتفطرت مرارته، فوقع ميتاً". ولما مات المنصور بن المعتمر، صاحت أمه: "واقتيل جهنماه! ما قتل ابني إلا خوف جهنم". وأما عل
ي بن الفضيل فمات من سماع قراءة هذه الآية (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنعام:27] وقال يونس بن عبد الأعلى: "قرأ عبد الله بن وهب كتاب الأهوال، فمر في صفة النار فشهق فغشي عليه، فحُمل إلى منزله، وعاش أياماً، ثم مات -رحمه الله-". وعن يحيى بن أبي كثير، قال: "قطع قلوب الخائفين، طول الخلودين في الجنة أو النار". وعن ابن السماك، قال: "قطع قلوب العارفين بالله ذكر الخلودين الجنة والنار"، وعن بكر المزني، أن أبا موسى الأشعري خطب الناس بالبصيرة، فذكر في خطبته النار، فبكى حتى سقطت دموعه على المنبر، قال: وبكى الناس يومئذ بكاءً شديدًا. ونظر عمر بن عبد العزيز إلى رجل عنده متغير اللون، فقال له: "ما الذي أرى بك؟" قال: "أسقام وأمراض يا أمير المؤمنين إن شاء الله"، فأعاد عليه عمر، فأعاد عليه الرجل مثل ذلك ثلاث مرات، فقال: "إذا أبيت إلا أن أخبرك، فإني ذقت حلاوة الدنيا، فصغر في عيني زهرتها وملاعبها، واستوى عندي حجارتها وذهبها، ورأيت كأن الناس يساقون إلى الجنة، وأنا أساق إلى النار، فأسهرت لذلك ليلي، وأظمأت له نهاري، وكل ذلك صغير حقير في جنب عفو الله، وثواب الله -عز وجل-، وجنب عقابه". وقال أحمد بن أبي الحواري: حدثنا علي بن أبي الحر، قال: أوحى الله إلى يحيى بن زكريا -عليه السلام-: "يا يحيى، وعزتي، لو اطلعت إلى الفردوس اطلاعة لذاب جسمك، ولزهقت نفسك اشتياقاً، ولو اطلعت إلى جهنم اطلاعة، لبكيت بالصديد بعد الدموع، وللبست الحديد بعد المسوح". وذكر ابن أبي الدنيا بإسناده عن سفيان، قال: " كان عمر بن عبد العزيز ساكتاً، وأصحابه يتحدثون، فقالوا: ما لك لا تتكلم يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت مفكراً في أهل الجنة، كيف يتزاورون فيها؟ وفي أهل النار، كيف يصطرخون فيها؟ ثم بكى". وعن مغيث الأسود أنه كان يقول: "زوروا القبور كل يوم بفكركم، وتوهموا جوامع الخير كل يوم بعقولكم، وشاهدوا الموقف كل يوم بقلوبكم، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة والنار بهممكم، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار، ومقامعها وأطباقها". وعن صالح المري قال: "للبكاء دواعي: الفكرة في الذنوب، فإن أجابت على ذلك القلوب، وإلا نقلتها إلى الموقف، وتلك الشدائد والأهوال، فإن أجابت إلى ذلك، وإلا فاعرض عليها التقلب بين أطباق النيران، قال: ثم صاح، فغشي عليه، وتصايح الناس من جوانب المسجد". وعن أبي سليمان الداراني، قال: "خرج مالك بن دينار بالليل إلى قاعة الدار، وترك أصحابه في البيت، فأقام إلى الفجر قائماً في وسط الدار، فقال لهم: إني كنت في وسط الدار خطر ببالي أهل النار، فلم يزالوا يعرضون علي بسلاسلهم وأغلالهم حتى الصبا" . وكان سعيد الجرمي يقول في وصف الخائفين: "إذا مروا بآية من ذكر النار، صرخوا منها فرقاً، كأن زفير النار في آذانهم، وكآن الآخرة نصب أعينهم"، وقال الحسن: "إن لله عباداً كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وكمن رأى أهل النار في النار معذبين". وقال أيضاً: "والله ما صدّق عبد بالنار قط، إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وإن المنافق لو كانت النار خلف ظهره، لم يصدق بها، حتى يهجم عليها". وقال وهب بن منبه: "كان عابد في بني إسرائيل، قام في الشمس يصلي حتى اسود وتغير لونه، فمر به إنسان، فقال: كأن هذا حرق بالنار، قال: إن هذا من ذكرها، فكيف بمعاينتها؟" وقال ابن عيينة : قال إبراهيم التيمي: "مثلت نفسي في الجنة، آكل من ثمارها، وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفسي في النار، آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أرد إلى الدنيا، فأعمل صالحاً، قال: فأنت في الأمنية فاعملي". عباد الله: اعلموا -رحمني الله وإياكم- أن الخوف من الله وخشيته عبادة جليلة تحجز العبد عن العصيان، وتسوقه إلى طاعة الرحمن، وقد كان جماعة من عُبَّاد البصرة مرضوا من الخوف، ولزموا منازلهم، كالعلاء بن زياد، وعطاء السلمي، وكان عطاء قد صار صاحب فراش عدة سنين، وكانوا يرون أن بدء مرض عمر بن عبد العزيز الذي مات فيه كان من الخوف. وإن خشية الله -تبارك وتعالى- مرتبطة بالعلم به، فكلما كان العبد بالله تعالى أعرف كان له أخشى، فتعقله هذه الخشية عما لا ينبغي من الأفعال كيف لا وهذا القرآن يقول: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر:28]. فمن عرف ربه لا يجرؤ أن يحرّك لسانه بكلمة من المنكرات؛ لأنه يؤمن أن الله تعالى يسمع السر والنجوى، ولا يجرؤ أن يستعمل عضوًا من أعضائه في عمل ليس بحلال، لأنه يؤمن أن الله تعالى يراه مهما اختفى واجتهد في الاختفاء، وكذلك لا يقدم ويعزم على فعل شيء من المحرمات، لأنه يؤمن بوعيد الله على من اجترأ وانتهك المحظورات، العارف بالله حق المعرفة لا ينطوي على رذيلة كالكبر والعجب والحقد والنفاق وغير ذلك من الرذائل الممقوتات
؛ لأنه يؤمن أن ما في قلبه لا يخفى على من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فلا يستريح حتى يكون باطنه كظاهره مطهرًا من الفواحش.. قال -تعالى-: (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ) [الواقعة:73]. فتذكروا -رحمكم الله- أحوال الخائفين، واستحضروا دائمًا الخوف من الله الجليل، وتذكروا قرب حلول ساعة الاحتضار بكم، وحاسبوا أنفسكم: ماذا عملتم فيما مضى؟! وماذا عساكم أن تعملوا فيما بقي؟! وتذكروا: كم ودعتم من إخوة وأحبة وأقربين؟! وكم واريتم في الثرى من أصدقاء وأعزة ومجاورين؟! واعلموا أن الموت الذي تخطاكم إليهم سيتخطى غيركم إليكم، فإلى متى الغفلة يا عباد الله؟! فأكثروا من تذكر الموت، وأحسنوا الاستعداد له. أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال، وأن يحسن لنا الختام، وألا يتوفانا إلا وهو راضٍ عنا، الله ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ونعيمًا. اللهم اغفر لنا جميع ما سلف منا من الذنوب، واعصمنا فيما بقي من أعمارنا ووفقنا لعمل صالح ترضى به عنا. اللهم يا سامع كل صوت، ويا بارئ النفوس بعد الموت، يا من لا تشتبه عليه الأصوات، يا عظيم الشأن، يا واضح البرهان، يا من هو كل يوم في شأن، اغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرحيم. اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحينا ما علمت الحياة خيرًا لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيرًا لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك نعيمًا لا ينفد ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين. ============================ ====≠=============
🌴🌴🌴
🌴🌴🌴
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
ســــورة الكـهــف فضــل وعــبر6⃣
فـتـنـة الــمــلك قصــة ذي القـرنـين ( أ )
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
ايها المسلمون : كان الحديث معكم في الجمع الماضية عن الفتن الأربع التي ذكرها الله -جل جلاله - في سورة الكهف: فتنة الدين والتي مثل لها بقصة أصحاب الكهف، وفتنة المال التي مثل لها بقصة صاحب الجنتين، وفتنة العلم والمعرفة التي مثل لها بقصة موسى -عليه السلام- مع الخضر -عليه السلام-
واليوم بمشيئة الله سنتحدث عن الفتنة الرابعة المذكورة في سورة الكهف فتنة الجاه والسلطان والتي مثل لها بقصة ذي القرنين.
ففي بداية السورة تأتي قصة أصحاب الكهف، ثم قصة صاحب الجنتين، ثم قصة موسى والخضر، وتختم بقصة ذي القرنين، التي هي خاتمة القصص الغالب على هذه السورة.
وإذا تأملناها في موضعها من هذه القصص، سنجد أن وراء ذلك حكمة لطيفة، ففاتحة القصص في هذه السورة كانت قصة أصحاب الكهف، التي حكاها القرآن الكريم، بيد أنه أهمل ذكر الملك الظالم وما كان منه مع هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم، فإذا ذهبنا إلى خاتمة القصص وهي قصة ذي القرنين ذلك الملك الصالح الذي مكن الله له في الأرض وأعطاه من كل شيء سببًا، فيلاحظ وجود خيط مشترك بين القصتين، وهو صفة المُلك والتمكّن.
والربط بين القصتين أن المُلك إذا كان يقوم على أساس راسخ من الإيمان والصلاح فإنه يؤتي ثماره المتمثلة في التمكين في الأرض وبسط القدرة والسلطان .
أما إذا لم يبن على شيء من ذلك
فلا تنتظر منه غير الجور والطغيان، والزوال وعدم التمكين والإفساد في الأرض، وما أهل الكهف إلا ضحية هذا الجور
كما أن مجيء هذه القصة في سياقها من السورة لا يخلو من مغزى وإشارة، فهي قد جاءت بعد قصة موسى والخضر، والقصتين تفيضان بالحركة والنشاط، ففي قصة موسى والخضر نجد قوله تعالى: (فانطلقا) متكررًا ثلاث مرات، وفي المقابل نجد في قصة ذي القرنين قوله تعالى: (حتى إذا بلغ) متكررة ثلاث مرات وما ذلك إلا لأن كلاهما سياحة في الأرض المحرك فيها واحد، وهو الإيمان والإصلاح، إلا أن الفارق بينهما أن سياحة موسى مع الخضر غرضها طلب العلم، وسياحة ذي القرنين تبغي الجهاد والفتح، وبين العلم والجهاد رابط جلي يجعل الأول وهو العلم أساس للآخر وهو الملك.
ولا يتم الملك إلا بالعلم، أي الأخذ بالأسباب، فالعلم يصون الملك عن أسباب التفكك والانهيار، ويمنع الملوك من التكبر والظلم الذي يجعل مصيرهم الدمار والهلاك، وبهذا فسّر ابن عباس -رضي الله عنه- ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والضحاك قوله تعالى: (وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا)، يعني علمًا، أي من كل علم طرفًا.
قال البقاعي :
كانت قصة موسى مع الخضر مشتملة على الرحلات من أجل العلم، وكانت قصة ذي القرنين مشتملة على رحلات ثلاث من أجل الجهاد في سبيل الله، ولما كان العلم أساس الجهاد تقدمت قصة موسى والخضر على قصة ذي القرنين .
عباد الله :
ذو القرنين عبدٌ من عباد الله الصالحين، توقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في نبوته فقال: "وما أدري ذا القرنين كان نبياً أم لا!" ونحن نتوقف في نبوته كما توقف نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
لقد أعطاه الله ملكاً عظيماً؛ حيث أدان له البلاد، وأخضع له العباد، فحكم الأرض بأسرها، فكان ملِكاً على الدنيا كلها، وخدَمَتْه الأمم بأجناسها وأشكالها، وطاف الأرض كلها حتى بلغ قرني الشمس مشرقها وغربها؛ ولهذا سمي بذي القرنين: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) .
والقصة تبدأ بسؤال المشركين للنبي المصطفى، ويأتي الجواب من الله -جل وعلا-: (قُلْ) يا محمد، وكلمة (قُلْ) يسميها علماء التفسير وعلماء اللغة قل التلقينية، أي القصة ليست من عند رسول الله، بل هي وحي من عند الله -جل وعلا-: (قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا).
كلمة (مِنْهُ) التبعيضية: أي سأتلو عليكم بعض الشيء من قصة ذي القرنين، ولو علم الله في الزيادة عن النص القرآني خيرًا لذكرها لنا، فلنقف عند ما ورد في القرآن وما ثبت في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام
(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْض)ِ فالذي مكن له في الأرض هو الله أعطاه من الوسائل والأسباب ما يجعله ممكناً في الأرض، فالذي يُمكن للدول والأمم والحكام هو الله، يُمكن لهذا ويأمر بزوال هذا، ويرفع هذا ويهلك هذا، فلا يسود حاكم إلا بإذن الله، ولا يزول حاكم إلا بإذن الله .
فيجب أن تتعلق قلوبنا بملك الملوك -جل جلاله-: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:26].
عباد الله :
لقد مكن الله لذي القرنين في الأرض فأعطاه وسائل التمكين من القوة، وحسن التدبير، وسعة المال،
ســــورة الكـهــف فضــل وعــبر6⃣
فـتـنـة الــمــلك قصــة ذي القـرنـين ( أ )
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
ايها المسلمون : كان الحديث معكم في الجمع الماضية عن الفتن الأربع التي ذكرها الله -جل جلاله - في سورة الكهف: فتنة الدين والتي مثل لها بقصة أصحاب الكهف، وفتنة المال التي مثل لها بقصة صاحب الجنتين، وفتنة العلم والمعرفة التي مثل لها بقصة موسى -عليه السلام- مع الخضر -عليه السلام-
واليوم بمشيئة الله سنتحدث عن الفتنة الرابعة المذكورة في سورة الكهف فتنة الجاه والسلطان والتي مثل لها بقصة ذي القرنين.
ففي بداية السورة تأتي قصة أصحاب الكهف، ثم قصة صاحب الجنتين، ثم قصة موسى والخضر، وتختم بقصة ذي القرنين، التي هي خاتمة القصص الغالب على هذه السورة.
وإذا تأملناها في موضعها من هذه القصص، سنجد أن وراء ذلك حكمة لطيفة، ففاتحة القصص في هذه السورة كانت قصة أصحاب الكهف، التي حكاها القرآن الكريم، بيد أنه أهمل ذكر الملك الظالم وما كان منه مع هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم، فإذا ذهبنا إلى خاتمة القصص وهي قصة ذي القرنين ذلك الملك الصالح الذي مكن الله له في الأرض وأعطاه من كل شيء سببًا، فيلاحظ وجود خيط مشترك بين القصتين، وهو صفة المُلك والتمكّن.
والربط بين القصتين أن المُلك إذا كان يقوم على أساس راسخ من الإيمان والصلاح فإنه يؤتي ثماره المتمثلة في التمكين في الأرض وبسط القدرة والسلطان .
أما إذا لم يبن على شيء من ذلك
فلا تنتظر منه غير الجور والطغيان، والزوال وعدم التمكين والإفساد في الأرض، وما أهل الكهف إلا ضحية هذا الجور
كما أن مجيء هذه القصة في سياقها من السورة لا يخلو من مغزى وإشارة، فهي قد جاءت بعد قصة موسى والخضر، والقصتين تفيضان بالحركة والنشاط، ففي قصة موسى والخضر نجد قوله تعالى: (فانطلقا) متكررًا ثلاث مرات، وفي المقابل نجد في قصة ذي القرنين قوله تعالى: (حتى إذا بلغ) متكررة ثلاث مرات وما ذلك إلا لأن كلاهما سياحة في الأرض المحرك فيها واحد، وهو الإيمان والإصلاح، إلا أن الفارق بينهما أن سياحة موسى مع الخضر غرضها طلب العلم، وسياحة ذي القرنين تبغي الجهاد والفتح، وبين العلم والجهاد رابط جلي يجعل الأول وهو العلم أساس للآخر وهو الملك.
ولا يتم الملك إلا بالعلم، أي الأخذ بالأسباب، فالعلم يصون الملك عن أسباب التفكك والانهيار، ويمنع الملوك من التكبر والظلم الذي يجعل مصيرهم الدمار والهلاك، وبهذا فسّر ابن عباس -رضي الله عنه- ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والضحاك قوله تعالى: (وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا)، يعني علمًا، أي من كل علم طرفًا.
قال البقاعي :
كانت قصة موسى مع الخضر مشتملة على الرحلات من أجل العلم، وكانت قصة ذي القرنين مشتملة على رحلات ثلاث من أجل الجهاد في سبيل الله، ولما كان العلم أساس الجهاد تقدمت قصة موسى والخضر على قصة ذي القرنين .
عباد الله :
ذو القرنين عبدٌ من عباد الله الصالحين، توقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في نبوته فقال: "وما أدري ذا القرنين كان نبياً أم لا!" ونحن نتوقف في نبوته كما توقف نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
لقد أعطاه الله ملكاً عظيماً؛ حيث أدان له البلاد، وأخضع له العباد، فحكم الأرض بأسرها، فكان ملِكاً على الدنيا كلها، وخدَمَتْه الأمم بأجناسها وأشكالها، وطاف الأرض كلها حتى بلغ قرني الشمس مشرقها وغربها؛ ولهذا سمي بذي القرنين: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) .
والقصة تبدأ بسؤال المشركين للنبي المصطفى، ويأتي الجواب من الله -جل وعلا-: (قُلْ) يا محمد، وكلمة (قُلْ) يسميها علماء التفسير وعلماء اللغة قل التلقينية، أي القصة ليست من عند رسول الله، بل هي وحي من عند الله -جل وعلا-: (قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا).
كلمة (مِنْهُ) التبعيضية: أي سأتلو عليكم بعض الشيء من قصة ذي القرنين، ولو علم الله في الزيادة عن النص القرآني خيرًا لذكرها لنا، فلنقف عند ما ورد في القرآن وما ثبت في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام
(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْض)ِ فالذي مكن له في الأرض هو الله أعطاه من الوسائل والأسباب ما يجعله ممكناً في الأرض، فالذي يُمكن للدول والأمم والحكام هو الله، يُمكن لهذا ويأمر بزوال هذا، ويرفع هذا ويهلك هذا، فلا يسود حاكم إلا بإذن الله، ولا يزول حاكم إلا بإذن الله .
فيجب أن تتعلق قلوبنا بملك الملوك -جل جلاله-: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:26].
عباد الله :
لقد مكن الله لذي القرنين في الأرض فأعطاه وسائل التمكين من القوة، وحسن التدبير، وسعة المال،
وكثرة الجنود، وحسن الصيت والشهرة، وغيرها من أسباب التمكين .
لقد أعطاه الله قوة في شخصيته، وقوة في عقله وأخلاقه وجيشه وماله ما يجعله أهلاً للوصول إلى ما وصل إليه من الملك والحكم والتمكين: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا) [الكهف:84-85]، أي: فأتبع السبب الذي أعطاه الله إياه بسبب آخر من عنده .
لقد آتاه الله من كل شيء سبباً؛ ولكنه لم يتوان ويتكاسل ويتواكل على الأسباب التي أعطاه الله إياها؛ وإنما بذل الأسباب التي تحقق له هدفه وتوصله إلى مراده، فأعد نفسه، وجهز جيشه، وأعد عدته؛ لأنه يدرك أنه لا بد من بذل الأسباب،
(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ): هنا يبدأ ذو القرنين رحلته الأولى في سبيل الله متجهاً نحو المغرب، لقد سلك ذو القرنين طريقاً نحو المغرب حتى بلغ أقصى الأرض من ناحية المغرب أو من الجهة الغربية للأرض: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)، أبصر الشمس تغرب في عينٍ حمِئَةٍ، أي: في طينة سوداء، والمعنى أنه رأى الشمس تغرب في البحر، وهذا شأن كل من وقف على الساحل فإنه يرى الشمس كأنها تغرب فيه .
وهناك، في ذلك المكان، وجد ذو القرنين أمة عظيمة من الأمم: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا) [الكهف:86] .
كان هؤلاء القوم لا يؤمنون بالله
ولا يدينون دين الحق، فأمره الله -جل جلاله- بدعوتهم وتعليمهم، ثم خيّره فيمن كذب منهم وأعرض عن الدين ولم يذعن لرب العالمين إما أن يقتلهم وإما أن يتخذ فيهم حسنا، ومعنى يتخذ فيهم حسنا أن يستأسرهم ويجعلهم أسرى عنده يعلمهم ويبصرهم ويدعوهم إلى التوحيد والإذعان لله رب العالمين .
هكذا خُير ذو القرنين بين خيارين: إما أن يعذبهم بالقتل وإما أن يتخذ فيهم حسنا وذلك بالأسر، فماذا قال ذو القرنين؟ قال: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا)، أما مَن ظلَم، أي: مَن ظلَم نفسه واستمر على كفره وشركه بربه فسوف نعذبه، أي في الدنيا، (ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) [الكهف:87-88]،
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا) [الكهف:89]، قال ابن كثير -رحمه الله-: أي طريقاً راجعاً من مغرب الشمس موصلاً إلى مشرقها .
وهنا يبدأ ذو القرنين رحلته الثانية متجهاً من المغرب إلى المشرق، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا) [الكهف:90]، وجد الشمس تطلع على قوم لا يحول بينهم وبين الشمس شيء، ولا يحميهم من حرارتها وأشعتها شيء، فلا جبال تحجب عنهم الشمس، ولا بيوتاً تحول بينهم وبين الشمس، ولا يملكون ما يغطون به أجسادهم من حرارة الشمس: (وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا).
(كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا) [الكهف:91]، أي: علمنا بما لديه من الخبرات، وما عنده من الصلاحيات ما يجعله أهلاً لذلك الملك، وتلك المكانة الرفيعة.
ثم أتبع سبباً؛ وهنا يبدأ الحديث عن الرحلة الثالثة لذي القرنين، فالرحلة الأولى كانت إلى جهة المغرب، والرحلة الثانية كانت إلى جهة المشرق، وأما هذه الرحلة فإنها معترضة بين المشرق والمغرب؛ يقول الله -جل جلاله-: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا) [الكهف:93]، (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) وهما جبَلان عظيمان متقابلان، وجد في ذلك المكان قوماً منعزلين على أنفسهم لم ينفتحوا على غيرهم، ولا يفقهون لغة غير لغتهم، وصفهم الله -جل جلاله- بقوله: (قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا) .
هؤلاء القوم كانوا يعيشون بين هذين السدين أو الجبلين، وكانت بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج: أمتان عظيمتا الخطر، كثيرتا العدد، كانوا يخرجون على هؤلاء القوم من هذه الثغرة التي بين الجبلين فيفسدون أرضهم، ويهلكون حرثهم ونسلهم، وكانوا يتعرضون لأعنف الهجمات وأقوى الضربات من قبلهم وهم عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم، فلما رأوا ذا القرنين انطلقوا إليه وقاموا وقوفاً بين يديه، فتوسلوا إليه وقالوا: (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) يقينا بطشهم، ويحمينا من شرهم .
فرد عليهم بكل زهد وأدب وورع: (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا) يعني ما أعطاني الله من وسائل الملك وأسباب التمكين خير
لقد أعطاه الله قوة في شخصيته، وقوة في عقله وأخلاقه وجيشه وماله ما يجعله أهلاً للوصول إلى ما وصل إليه من الملك والحكم والتمكين: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا) [الكهف:84-85]، أي: فأتبع السبب الذي أعطاه الله إياه بسبب آخر من عنده .
لقد آتاه الله من كل شيء سبباً؛ ولكنه لم يتوان ويتكاسل ويتواكل على الأسباب التي أعطاه الله إياها؛ وإنما بذل الأسباب التي تحقق له هدفه وتوصله إلى مراده، فأعد نفسه، وجهز جيشه، وأعد عدته؛ لأنه يدرك أنه لا بد من بذل الأسباب،
(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ): هنا يبدأ ذو القرنين رحلته الأولى في سبيل الله متجهاً نحو المغرب، لقد سلك ذو القرنين طريقاً نحو المغرب حتى بلغ أقصى الأرض من ناحية المغرب أو من الجهة الغربية للأرض: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)، أبصر الشمس تغرب في عينٍ حمِئَةٍ، أي: في طينة سوداء، والمعنى أنه رأى الشمس تغرب في البحر، وهذا شأن كل من وقف على الساحل فإنه يرى الشمس كأنها تغرب فيه .
وهناك، في ذلك المكان، وجد ذو القرنين أمة عظيمة من الأمم: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا) [الكهف:86] .
كان هؤلاء القوم لا يؤمنون بالله
ولا يدينون دين الحق، فأمره الله -جل جلاله- بدعوتهم وتعليمهم، ثم خيّره فيمن كذب منهم وأعرض عن الدين ولم يذعن لرب العالمين إما أن يقتلهم وإما أن يتخذ فيهم حسنا، ومعنى يتخذ فيهم حسنا أن يستأسرهم ويجعلهم أسرى عنده يعلمهم ويبصرهم ويدعوهم إلى التوحيد والإذعان لله رب العالمين .
هكذا خُير ذو القرنين بين خيارين: إما أن يعذبهم بالقتل وإما أن يتخذ فيهم حسنا وذلك بالأسر، فماذا قال ذو القرنين؟ قال: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا)، أما مَن ظلَم، أي: مَن ظلَم نفسه واستمر على كفره وشركه بربه فسوف نعذبه، أي في الدنيا، (ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) [الكهف:87-88]،
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا) [الكهف:89]، قال ابن كثير -رحمه الله-: أي طريقاً راجعاً من مغرب الشمس موصلاً إلى مشرقها .
وهنا يبدأ ذو القرنين رحلته الثانية متجهاً من المغرب إلى المشرق، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا) [الكهف:90]، وجد الشمس تطلع على قوم لا يحول بينهم وبين الشمس شيء، ولا يحميهم من حرارتها وأشعتها شيء، فلا جبال تحجب عنهم الشمس، ولا بيوتاً تحول بينهم وبين الشمس، ولا يملكون ما يغطون به أجسادهم من حرارة الشمس: (وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا).
(كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا) [الكهف:91]، أي: علمنا بما لديه من الخبرات، وما عنده من الصلاحيات ما يجعله أهلاً لذلك الملك، وتلك المكانة الرفيعة.
ثم أتبع سبباً؛ وهنا يبدأ الحديث عن الرحلة الثالثة لذي القرنين، فالرحلة الأولى كانت إلى جهة المغرب، والرحلة الثانية كانت إلى جهة المشرق، وأما هذه الرحلة فإنها معترضة بين المشرق والمغرب؛ يقول الله -جل جلاله-: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا) [الكهف:93]، (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) وهما جبَلان عظيمان متقابلان، وجد في ذلك المكان قوماً منعزلين على أنفسهم لم ينفتحوا على غيرهم، ولا يفقهون لغة غير لغتهم، وصفهم الله -جل جلاله- بقوله: (قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا) .
هؤلاء القوم كانوا يعيشون بين هذين السدين أو الجبلين، وكانت بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج: أمتان عظيمتا الخطر، كثيرتا العدد، كانوا يخرجون على هؤلاء القوم من هذه الثغرة التي بين الجبلين فيفسدون أرضهم، ويهلكون حرثهم ونسلهم، وكانوا يتعرضون لأعنف الهجمات وأقوى الضربات من قبلهم وهم عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم، فلما رأوا ذا القرنين انطلقوا إليه وقاموا وقوفاً بين يديه، فتوسلوا إليه وقالوا: (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) يقينا بطشهم، ويحمينا من شرهم .
فرد عليهم بكل زهد وأدب وورع: (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا) يعني ما أعطاني الله من وسائل الملك وأسباب التمكين خير
لي مما تجمعون، فلا حاجة لي في مالكم .
ولكنه لمح فيهم العجز والكسل والاتكالية على غيرهم في حل مشاكلهم؛ فأراد أن يشركهم في العمل في هذا المشروع العظيم وهذا العمل الضخم، فقال لهم: (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا)، أخبرهم أنه سيتكفل لهم بهذا المشروع من الناحية المادية، ولكنه في حاجة إلى الأيدي العاملة لتشارك بمجهودها العضلي في إنجاز هذا البناء العظيم .
ثم شرع ذو القرنين في البناء بعدما خطط له تخطيطاً رائعاً، وهندسَهُ هندسة بارعة، فبدأ في المرحلة الأولى من مراحل هذا المشروع فقال: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ)، أي: أجمعوا لي قطع الحديد الضخمة، فلما جمعوها أمرهم بوضعها بين السدين، فلما وضعوها (قَالَ انْفُخُوا)، أي: أشعلوا النيران تحت هذه القطع من الحديد لتصهر النار الحديد، ولك أن تتخيل هذه النيران التي اشتعلت لتصهر هذه الأطنان الضخمة من الحديد التي لا يعلم وزنها وحجمها إلا العزيز الحميد، فلما اشتعلت النيران في الحديد ذاب وانصهر .
ثم دخل في المرحلة الثانية من مراحل إنجاز هذا المشروع فأمرهم أن يذيبوا النحاس حتى ينصهر، فلما انصهر أمرهم بصبه على الحديد فاختلط النحاس المذاب بالحديد المذاب فصار معدناً واحداً، فكان بناءً قوياً، وسداً منيعاً ساوَى به بين هذين الصدفين أو الجبلين؛ وبذلك يكون قد سدَّ على يأجوج ومأجوج هذه الثغرة التي ينفذون منها إلى هذه الأمة المسكينة المغلوبة على أمرها؛ فلم يستطع قوم يأجوج ومأجوج أن يتسلقوا هذا السد أو ينقبوه: (حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) [الكهف:96]، يعني: نحاساً مذاباً، (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا)
اقول ماتسمعون، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، انه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على امام المرسلين، وسيد المتقين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .
اما بعد ايها المسلمون :
لقد جمع ذو القرنين بين شخصية الحاكم العادل والعالم العامل، إلى جانب ورعه وتقواه، وخوفه من الله؛ سار بجيشه إلى مشارق الأرض ومغاربها فلم يتعدَّوْا على أحد، ولم يظلموا أحداً، ولم يأكلوا مال أحد؛ همُّهم نشر العدل في الناس، ورفع الظلم والحيف عنهم .
لقد نزل ذو القرنين إلى مستوى الشعب، والتصق بهم عن قرب، وشعر أنه واحد منهم، فلم يستعل عليهم، ولم يجلس في أبراجه ينظر إليهم .
لقد ساس الناس بسياسة حازمة عادلة تسوسهم بشرع الله، ووضع منهجاً عدلاً لعباد الله، هذا المنهج هو: (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى * وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) .
هذا هو العدل الرباني، وهذا هو المنهج القرآني، فما أحوج الأمة اليوم إلى مثل هذه القيادات الفذة التي لا تجامل أحداً على الإطلاق، ولا تحابي أحداً على حساب المصلحة العامة! (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ -كائناً من كان- فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى * وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) .
وهذه غاية العدل، وقمة العلم
وعلامة الهدى، ودليل التمكين في الأرض دون جهل أو استعلاء، وتلك تجربة خاضها ذو القرنين، فما أفشى القتل جزافًا، ولا استخدم البطش تجبرًا وتسلطًا، بل عامل كلَّ من مكّنه الله منهم من الأمم بالعدل والإحسان .
إن الناس حينما اشتكوا إليه فقالوا: (يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) استمع إلى شكوتهم، وسارع إلى نجدتهم؛ فأسكن لوعتهم، وأمَّن خوفهم، وأقام السد الذي يحول بينهم وبين هؤلاء المجرمين، وبناه لهم بكل دقة وإتقان، ولم يأخذ على ذلك عوضاً .
عرف ذو القرنين أنه مسؤول
عن تأمين شعبه فأمنهم ودفع الشرور عنهم، وحقق السلام والأمن لهم، بعكس واقعنا اليوم .
عباد الله :
ذو القرنين لم يستغل تمكنه في الأرض في ظلم الناس، ولم يستغل منصبه في أكل أموال الخلق، وعندما أراد أن يبني السد لم يأتِ ليضع لهم حجر الأساس ثم يرحل فيرحل المشروع مع رحيله؛ …وإنما سعى في إعمار الأرض، وتسابق في إصلاحها وتعميرها، وتنافس في توجيهها وقيادتها.
عباد الله : إن ذا القرنين نال ما نال
من الملك والتمكين بسبب عبوديته لربه وافتقاره لخالقه ومَن تأمل الآيات القليلة التي تحدثت عنه في سورة الكهف يجد أنه كان متعلقاً بالله، متصلاً به، مُكثراً من ذكره وشكره فقد تكررت منه كلمة "ربي" مرات عديدة في هذه الآي
ولكنه لمح فيهم العجز والكسل والاتكالية على غيرهم في حل مشاكلهم؛ فأراد أن يشركهم في العمل في هذا المشروع العظيم وهذا العمل الضخم، فقال لهم: (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا)، أخبرهم أنه سيتكفل لهم بهذا المشروع من الناحية المادية، ولكنه في حاجة إلى الأيدي العاملة لتشارك بمجهودها العضلي في إنجاز هذا البناء العظيم .
ثم شرع ذو القرنين في البناء بعدما خطط له تخطيطاً رائعاً، وهندسَهُ هندسة بارعة، فبدأ في المرحلة الأولى من مراحل هذا المشروع فقال: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ)، أي: أجمعوا لي قطع الحديد الضخمة، فلما جمعوها أمرهم بوضعها بين السدين، فلما وضعوها (قَالَ انْفُخُوا)، أي: أشعلوا النيران تحت هذه القطع من الحديد لتصهر النار الحديد، ولك أن تتخيل هذه النيران التي اشتعلت لتصهر هذه الأطنان الضخمة من الحديد التي لا يعلم وزنها وحجمها إلا العزيز الحميد، فلما اشتعلت النيران في الحديد ذاب وانصهر .
ثم دخل في المرحلة الثانية من مراحل إنجاز هذا المشروع فأمرهم أن يذيبوا النحاس حتى ينصهر، فلما انصهر أمرهم بصبه على الحديد فاختلط النحاس المذاب بالحديد المذاب فصار معدناً واحداً، فكان بناءً قوياً، وسداً منيعاً ساوَى به بين هذين الصدفين أو الجبلين؛ وبذلك يكون قد سدَّ على يأجوج ومأجوج هذه الثغرة التي ينفذون منها إلى هذه الأمة المسكينة المغلوبة على أمرها؛ فلم يستطع قوم يأجوج ومأجوج أن يتسلقوا هذا السد أو ينقبوه: (حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) [الكهف:96]، يعني: نحاساً مذاباً، (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا)
اقول ماتسمعون، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، انه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على امام المرسلين، وسيد المتقين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .
اما بعد ايها المسلمون :
لقد جمع ذو القرنين بين شخصية الحاكم العادل والعالم العامل، إلى جانب ورعه وتقواه، وخوفه من الله؛ سار بجيشه إلى مشارق الأرض ومغاربها فلم يتعدَّوْا على أحد، ولم يظلموا أحداً، ولم يأكلوا مال أحد؛ همُّهم نشر العدل في الناس، ورفع الظلم والحيف عنهم .
لقد نزل ذو القرنين إلى مستوى الشعب، والتصق بهم عن قرب، وشعر أنه واحد منهم، فلم يستعل عليهم، ولم يجلس في أبراجه ينظر إليهم .
لقد ساس الناس بسياسة حازمة عادلة تسوسهم بشرع الله، ووضع منهجاً عدلاً لعباد الله، هذا المنهج هو: (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى * وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) .
هذا هو العدل الرباني، وهذا هو المنهج القرآني، فما أحوج الأمة اليوم إلى مثل هذه القيادات الفذة التي لا تجامل أحداً على الإطلاق، ولا تحابي أحداً على حساب المصلحة العامة! (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ -كائناً من كان- فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى * وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) .
وهذه غاية العدل، وقمة العلم
وعلامة الهدى، ودليل التمكين في الأرض دون جهل أو استعلاء، وتلك تجربة خاضها ذو القرنين، فما أفشى القتل جزافًا، ولا استخدم البطش تجبرًا وتسلطًا، بل عامل كلَّ من مكّنه الله منهم من الأمم بالعدل والإحسان .
إن الناس حينما اشتكوا إليه فقالوا: (يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) استمع إلى شكوتهم، وسارع إلى نجدتهم؛ فأسكن لوعتهم، وأمَّن خوفهم، وأقام السد الذي يحول بينهم وبين هؤلاء المجرمين، وبناه لهم بكل دقة وإتقان، ولم يأخذ على ذلك عوضاً .
عرف ذو القرنين أنه مسؤول
عن تأمين شعبه فأمنهم ودفع الشرور عنهم، وحقق السلام والأمن لهم، بعكس واقعنا اليوم .
عباد الله :
ذو القرنين لم يستغل تمكنه في الأرض في ظلم الناس، ولم يستغل منصبه في أكل أموال الخلق، وعندما أراد أن يبني السد لم يأتِ ليضع لهم حجر الأساس ثم يرحل فيرحل المشروع مع رحيله؛ …وإنما سعى في إعمار الأرض، وتسابق في إصلاحها وتعميرها، وتنافس في توجيهها وقيادتها.
عباد الله : إن ذا القرنين نال ما نال
من الملك والتمكين بسبب عبوديته لربه وافتقاره لخالقه ومَن تأمل الآيات القليلة التي تحدثت عنه في سورة الكهف يجد أنه كان متعلقاً بالله، متصلاً به، مُكثراً من ذكره وشكره فقد تكررت منه كلمة "ربي" مرات عديدة في هذه الآي
ات القليلة فعندما حكم على أولئك القوم في الجهة الغربية من الأرض قال: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا)؛ ليعلمهم أنه ليس له التصرف المطلق وليس له الحكم الأخير، وإنما هو مجرد عبد مطيع لله فالحكم الأعلى له -سبحانه وتعالى- فقال: (ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا) .
وعندما اشتكى إليه أولئك القوم من يأجوج ومأجوج فقالوا له هل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً قال: (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) .
إن الأرض أرض الله، وإن الخلق خلق الله، فتعساً لمن استغل منصبه أو كرسيه في محاربة الله، وظلم عباد الله، ومعاداة أولياء الله، يتنكب عن الصراط، ويتستر على الظلم والفساد!.
وهنيئاً لمن ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين فأقام فيهم الشرع، ونشر بينهم العدل .
ونكمل بقية الدروس والعبر من قصة ذي القرنين فتنة الملك في الجمعة القادمة بإذن الله تعالى ..
=======================
وعندما اشتكى إليه أولئك القوم من يأجوج ومأجوج فقالوا له هل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً قال: (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) .
إن الأرض أرض الله، وإن الخلق خلق الله، فتعساً لمن استغل منصبه أو كرسيه في محاربة الله، وظلم عباد الله، ومعاداة أولياء الله، يتنكب عن الصراط، ويتستر على الظلم والفساد!.
وهنيئاً لمن ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين فأقام فيهم الشرع، ونشر بينهم العدل .
ونكمل بقية الدروس والعبر من قصة ذي القرنين فتنة الملك في الجمعة القادمة بإذن الله تعالى ..
=======================
🎤 زاد.الخطـيـب.الدعــــوي.tt
✍ طريقك إلى الخطابة والإلقاء6⃣3⃣
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
✍ الـــتـــاءات.الـــســـت.cc
لنجـــاح.الخطـيب.في.خطـبـته.cc
للاسـتاذ/ أمــير بن محمــد المــدري( ب )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
💥ثالثاً التثبت :
إن الخطب يحضرها أناس تختلف أقدارهم العلمية والعقلية وكلهم في الغالب يقف موقف المتلقي من الخطيب فكان واجبا على الخطيب أن يتثبت مما يقول ومن أهم ما يجب عليه التثبت فيه ما يلي:
أ- التثبت من سلامة نقل النص:
والخطيب ينقل في موضوع الاستشهاد شيئا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومن الواجب ألا يعتمد على حفظه فيما يتعلق بالآيات والأحاديث النبوية بل يراجعها لينقلها بلفظها إن كانت من القرآن الكريم، وبلفظها إن أمكن أو معناها إذا كانت من السنة النبوية.
ب- التثبت في الفهم ووجه الاستدلال:
فقد يكون النص صحيحا من جهة النقل ولكن الفهم المقلوب لذلك النص يحيل المراد، فقد يعيب المرء القول وهو غير معيب، وقد يأخذ من النص دلالة وهو غير مصيب، ولو راجع أقوال المفسرين وشروح العلماء لكتب الحديث لوقع على الصواب، وأما الاعتماد على ما يتبادر إلى الذهن من النص فذلك موقع في الخطأ.
ج- التثبت من صحة نص الحديث الشريف:
لأن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر عن الله تعالى، وليس الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كالكذب على غيرهما.
والتثبت هو بطلب أسانيد تلك الأحاديث والنظر في رجال السند والتوثق من عدالتهم واتصال السند، وعلى الخطيب أن يتثبت من صحة الأحاديث فإن كانت مخرجة في البخاري ومسلم أو أحدهما فيكتفي بالعزو إليها، وإن كانت في غيرهما اجتهد في البحث عن أقوال أهل العلم في الكلام عن الحديث.
د- التثبت من الأحكام الشرعية:
من حل وحرمة ووجوب وندب وكراهة، وخاصة في بعض المواسم كرمضان والحج ونحو ذلك ولا يصح أن يذكر الخطيب تلك الأحكام دون تثبت منها فإن ذلك قول على الله عز وجل بغير علم.
هـ -التثبت من الأخبار:
قال تعالى :((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ))، فقد ينقل الخطيب في أثناء الخطبة للناس حدثا من الأحداث فالواجب عليه حينئذ التثبت من صحته فإن نقله لخبر لا يثبت، يكون سببا لفقدان مصداقيته عند الناس فلا يأخذون قوله ولا يتقبلونه إلا بنوع من الريب.
وتزداد أهمية التثبت في الأخبار بشكل عام حين وقوع الفتن والشرور واضطراب الأحوال وتبلبل الأذهان، لأن زمن الفتن والشرور مظنة لكثرة الكذب والافتراء.
🔸وقد كان ازدياد الشرور والفتن من أعظم أسباب تثبت السلف واهتمامهم بالأسانيد قال ابن سيرين / «إنهم كانوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سمّوا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم».
💥رابعا الترتيب :
القدرة على ترتيب الأفكار، وتسلسلها، وارتباط بعضها ببعض وعدم تداخلها، أو اضطرابها، مما يدل على قوة الخطيب ونجاحه.
🔹وما نقصده بالترتيب هنا الربط بين الأسباب والمسببات والمقدمات والنتائج، وذلك عن طريق التقسيم للقضية موضوع الحديث تقسيماً منطقيا متوافقا مع التسلسل المنطقي في أذهان الناس .
🔸فإذا كان الداعية مثلا يتكلم عن الربا بدا بتعريفه ثم بأدلة التحريم ثم بيان الأضرار المترتبة عليه في الدنيا والعقوبة الأخروية التي تنتظر آكليه، ثم دفع الشبه الواردة على التحريم أو بعض صوره، ثم خلاصة مركزة .
🔹هذا الأسلوب في معالجة الموضوعات يًسهل على المخاطب الاستيعاب .
🔹ومن اللطيف في الترتيب
حسن
الانتقال وسلاسة الوصل بين أجزاء الموضوع .
💥على الخطيب والداعية أن يعطي كل أمر وكل قضية حجمها الطبيعي وأن يرتب أفكاره وأولوياته حسب احتياج مجتمعه ومحيطه الخاص، فليس من المنطق أن يبدأ بالتكفير لتارك الصلاة و90% من المجتمع لا يصلون وإنما عليه التدرج فيبدأ من العقيدة الصحيحة وينتقل إلى العبادة السليمة ثم إلى الأصول فالفروع.
🔸ومن الأسباب التي تدعو الخطيب إلى استخدام عبارات مثل: يعني، واضح، طيب، مفهوم، في الواقع، في الحقيقة، بيد أنه، إذاً، ونحوها، حاجته إلى الوقت لترتيب المعاني في ذهنه واستحضار الأفكار فيلجأ إلى هذه الألفاظ لتسدّ هذا الخلل عنده، ولا شك أن هذا الأمر من العيوب اللازم اجتنابها وتركها.
💥خامسا التوثيق والدقة:
هذا الأمر غاية في الخطورة والأهمية لأنه يعني بكل بساطة الثقة أو عدمها فيما يقول الخطيب أو الداعية فإما الانصراف عن كل شيء إليه أو الاشتغال بكل شيء عنه .
🔺فهناك دعاة وخطباء لا يعرفون بل يجهلون معنى التوثيق والتدقيق لكل ما يسردون بل ربما لجأ إلى الاختراع أو التأليف أو التلفيق لمجرد جذب الانتباه .
🔸إن عدم التوثيق العلمي للأرقام والتواريخ ورواية الأحداث والأسماء أمر غاية في الخطورة ومزلق شديد
✍ طريقك إلى الخطابة والإلقاء6⃣3⃣
•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
✍ الـــتـــاءات.الـــســـت.cc
لنجـــاح.الخطـيب.في.خطـبـته.cc
للاسـتاذ/ أمــير بن محمــد المــدري( ب )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
💥ثالثاً التثبت :
إن الخطب يحضرها أناس تختلف أقدارهم العلمية والعقلية وكلهم في الغالب يقف موقف المتلقي من الخطيب فكان واجبا على الخطيب أن يتثبت مما يقول ومن أهم ما يجب عليه التثبت فيه ما يلي:
أ- التثبت من سلامة نقل النص:
والخطيب ينقل في موضوع الاستشهاد شيئا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومن الواجب ألا يعتمد على حفظه فيما يتعلق بالآيات والأحاديث النبوية بل يراجعها لينقلها بلفظها إن كانت من القرآن الكريم، وبلفظها إن أمكن أو معناها إذا كانت من السنة النبوية.
ب- التثبت في الفهم ووجه الاستدلال:
فقد يكون النص صحيحا من جهة النقل ولكن الفهم المقلوب لذلك النص يحيل المراد، فقد يعيب المرء القول وهو غير معيب، وقد يأخذ من النص دلالة وهو غير مصيب، ولو راجع أقوال المفسرين وشروح العلماء لكتب الحديث لوقع على الصواب، وأما الاعتماد على ما يتبادر إلى الذهن من النص فذلك موقع في الخطأ.
ج- التثبت من صحة نص الحديث الشريف:
لأن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر عن الله تعالى، وليس الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كالكذب على غيرهما.
والتثبت هو بطلب أسانيد تلك الأحاديث والنظر في رجال السند والتوثق من عدالتهم واتصال السند، وعلى الخطيب أن يتثبت من صحة الأحاديث فإن كانت مخرجة في البخاري ومسلم أو أحدهما فيكتفي بالعزو إليها، وإن كانت في غيرهما اجتهد في البحث عن أقوال أهل العلم في الكلام عن الحديث.
د- التثبت من الأحكام الشرعية:
من حل وحرمة ووجوب وندب وكراهة، وخاصة في بعض المواسم كرمضان والحج ونحو ذلك ولا يصح أن يذكر الخطيب تلك الأحكام دون تثبت منها فإن ذلك قول على الله عز وجل بغير علم.
هـ -التثبت من الأخبار:
قال تعالى :((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ))، فقد ينقل الخطيب في أثناء الخطبة للناس حدثا من الأحداث فالواجب عليه حينئذ التثبت من صحته فإن نقله لخبر لا يثبت، يكون سببا لفقدان مصداقيته عند الناس فلا يأخذون قوله ولا يتقبلونه إلا بنوع من الريب.
وتزداد أهمية التثبت في الأخبار بشكل عام حين وقوع الفتن والشرور واضطراب الأحوال وتبلبل الأذهان، لأن زمن الفتن والشرور مظنة لكثرة الكذب والافتراء.
🔸وقد كان ازدياد الشرور والفتن من أعظم أسباب تثبت السلف واهتمامهم بالأسانيد قال ابن سيرين / «إنهم كانوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سمّوا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم».
💥رابعا الترتيب :
القدرة على ترتيب الأفكار، وتسلسلها، وارتباط بعضها ببعض وعدم تداخلها، أو اضطرابها، مما يدل على قوة الخطيب ونجاحه.
🔹وما نقصده بالترتيب هنا الربط بين الأسباب والمسببات والمقدمات والنتائج، وذلك عن طريق التقسيم للقضية موضوع الحديث تقسيماً منطقيا متوافقا مع التسلسل المنطقي في أذهان الناس .
🔸فإذا كان الداعية مثلا يتكلم عن الربا بدا بتعريفه ثم بأدلة التحريم ثم بيان الأضرار المترتبة عليه في الدنيا والعقوبة الأخروية التي تنتظر آكليه، ثم دفع الشبه الواردة على التحريم أو بعض صوره، ثم خلاصة مركزة .
🔹هذا الأسلوب في معالجة الموضوعات يًسهل على المخاطب الاستيعاب .
🔹ومن اللطيف في الترتيب
حسن
الانتقال وسلاسة الوصل بين أجزاء الموضوع .
💥على الخطيب والداعية أن يعطي كل أمر وكل قضية حجمها الطبيعي وأن يرتب أفكاره وأولوياته حسب احتياج مجتمعه ومحيطه الخاص، فليس من المنطق أن يبدأ بالتكفير لتارك الصلاة و90% من المجتمع لا يصلون وإنما عليه التدرج فيبدأ من العقيدة الصحيحة وينتقل إلى العبادة السليمة ثم إلى الأصول فالفروع.
🔸ومن الأسباب التي تدعو الخطيب إلى استخدام عبارات مثل: يعني، واضح، طيب، مفهوم، في الواقع، في الحقيقة، بيد أنه، إذاً، ونحوها، حاجته إلى الوقت لترتيب المعاني في ذهنه واستحضار الأفكار فيلجأ إلى هذه الألفاظ لتسدّ هذا الخلل عنده، ولا شك أن هذا الأمر من العيوب اللازم اجتنابها وتركها.
💥خامسا التوثيق والدقة:
هذا الأمر غاية في الخطورة والأهمية لأنه يعني بكل بساطة الثقة أو عدمها فيما يقول الخطيب أو الداعية فإما الانصراف عن كل شيء إليه أو الاشتغال بكل شيء عنه .
🔺فهناك دعاة وخطباء لا يعرفون بل يجهلون معنى التوثيق والتدقيق لكل ما يسردون بل ربما لجأ إلى الاختراع أو التأليف أو التلفيق لمجرد جذب الانتباه .
🔸إن عدم التوثيق العلمي للأرقام والتواريخ ورواية الأحداث والأسماء أمر غاية في الخطورة ومزلق شديد