الكبيرة، وأصبح أخًا حقيقًا لمجموع إخوانه المؤمنين،
وبناءً عليه فلا يعد القريب في النسب قريبًا للمؤمن إن لم يكن مؤمنًا مهما كانت درجة القرابة شديدة حتى وإن كان أبًا أو ابنًا أو أخًا أو زوجًا أو عشيرة. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ) [التوبة: 23].
الوحدة الشعورية بين المسلمين قرينتها النصرة، والقائم بحق النصرة أو المتخاذل عنها كلّ منهما يلقى ثمرة ذلك في الدنيا قبل الآخرة جَزَاءً وِفَاقًا. كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ يخذل مسلما عند موطن تُنتهك فيه حرمته ويُنتقص فيه من عرضه إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ مسلم ينصر مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه ويُنتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته".
ونعني بالنصرة تلك الغيرة الإيمانية التي تدفع المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم المستضعف، أو لمد يد العون إليه وكم في المسلمين من ذوي الحاجات وأصحاب الهموم وصرعى المظالم وجرحى القلوب الذين لم يجدوا من يطرق بابهم أو يسأل عن حالهم أو يسعى في كشف الغم عنهم.
وفي الحديث: "من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره أذله الله عز وجل على رءوس الخلائق يوم القيامة".
إن الوحدة الشعورية بين المسلمين تستلزم المناصرة بالمال والجاه والكلمة والدعوة الصادقة فـ"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة".
لقد أكد رسولنا صلى الله عليه وسلم على هذه الوحدة الشعورية بين المسلمين، واعتبرها المنطلق في علاقة الفرد المسلم بالآخر، وحينما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الرابطة حدث ما ينبغي للمسلم أن يقوم به تجاه إخوانه، ومما جاء في ذلك قوله: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس، وإذا استنصحك فانصح له".
وأكد حقوق هذه الأخوة في كل ميادين الحياة "لا يبع بعضكم على بيع أخيه"، "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "، "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه"، "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم "، " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"..
وفي كل هذه المعطيات نبني مجتمعًا تجد في الأسرة متماسكة قوية البنيان في ظلال من الود والحب والرحمة، والأرحام فيه متواصلة، والجوار قائم على الإحسان بمعناه الشامل، ورابط الأخوة يسلك كل أفراد المجتمع، فكل منهم يحب للآخرين ما يحب لنفسه .
وإذا كانت الكلمات عاجزة عن نقل هذه الصورة حية إلى مخيلة الإنسان، فإن البيان النبوي الكريم قد فعل ذلك "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه"، وقال: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
والجسد المسلم كلّ لا يتجزأ؛ يتألم جميعًا، وينعم جميعًا، ولذا يتميز أفراد المجتمع المسلم عن جميع المجتمعات الأخرى بقوة ترابطهم وتكاتفهم فلا طبقية ولا قومية، بل أوصال الدين وتعاليمه.
إن مشاركة المسلمين واستشعار ما يحل بهم من المصاب العريض في كل مكان هو من حق المسلم على أخيه، فمرض المسلم مرض للجميع، وفقره فقر للجميع، وموته موت للجميع .
قال أيوب السختياني رحمه الله: "إني أُخبَر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي"، فكيف بك يا أيوب وأهل السنة اليوم يقتلون في كل مكان!!! فلا أظن أن أعضائك ستبقى كلها، وحينما كان المسلمون كذلك كانوا أعزة مرهوبي الجانب، تدين لهم أمة الشرق والغرب، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين وصلاةً وسلامًا دائمين على الرسول المصطفى الأمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن صار على دربه إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: إذا كان الأفراد يشكّلون بنيان القرية والمدينة، فإن الأقاليم تشكل المجتمع الذي إذا اشتكى عينه اشتكى كله، كما وصفه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
فعندما يشتكي إقليم من كارثة أو جارحة أو نازلة، فإن بقية الأقاليم تهب للوقوف معه فيما هو فيه.
في عام الرمادة كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه أميره على مصر كتب الرسالة التالية: "من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاص سلامًا عليك، أما بعد: فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معي، فيا غوثًا ثم يا غوثًا".
فكتب إليه عمرو: "أما بعد، فيا لبيك ثم يا لبيك، وقد بعثت إليك بِعِيرٍ أولها عندك وآخرها عندي والسلام".
كانت رسالة عمر رضي الله عنه غاضبة؛ لأنه ما كان لعم
وبناءً عليه فلا يعد القريب في النسب قريبًا للمؤمن إن لم يكن مؤمنًا مهما كانت درجة القرابة شديدة حتى وإن كان أبًا أو ابنًا أو أخًا أو زوجًا أو عشيرة. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ) [التوبة: 23].
الوحدة الشعورية بين المسلمين قرينتها النصرة، والقائم بحق النصرة أو المتخاذل عنها كلّ منهما يلقى ثمرة ذلك في الدنيا قبل الآخرة جَزَاءً وِفَاقًا. كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما من امرئ يخذل مسلما عند موطن تُنتهك فيه حرمته ويُنتقص فيه من عرضه إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ مسلم ينصر مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه ويُنتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته".
ونعني بالنصرة تلك الغيرة الإيمانية التي تدفع المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم المستضعف، أو لمد يد العون إليه وكم في المسلمين من ذوي الحاجات وأصحاب الهموم وصرعى المظالم وجرحى القلوب الذين لم يجدوا من يطرق بابهم أو يسأل عن حالهم أو يسعى في كشف الغم عنهم.
وفي الحديث: "من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره أذله الله عز وجل على رءوس الخلائق يوم القيامة".
إن الوحدة الشعورية بين المسلمين تستلزم المناصرة بالمال والجاه والكلمة والدعوة الصادقة فـ"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة".
لقد أكد رسولنا صلى الله عليه وسلم على هذه الوحدة الشعورية بين المسلمين، واعتبرها المنطلق في علاقة الفرد المسلم بالآخر، وحينما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الرابطة حدث ما ينبغي للمسلم أن يقوم به تجاه إخوانه، ومما جاء في ذلك قوله: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس، وإذا استنصحك فانصح له".
وأكد حقوق هذه الأخوة في كل ميادين الحياة "لا يبع بعضكم على بيع أخيه"، "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "، "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه"، "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم "، " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"..
وفي كل هذه المعطيات نبني مجتمعًا تجد في الأسرة متماسكة قوية البنيان في ظلال من الود والحب والرحمة، والأرحام فيه متواصلة، والجوار قائم على الإحسان بمعناه الشامل، ورابط الأخوة يسلك كل أفراد المجتمع، فكل منهم يحب للآخرين ما يحب لنفسه .
وإذا كانت الكلمات عاجزة عن نقل هذه الصورة حية إلى مخيلة الإنسان، فإن البيان النبوي الكريم قد فعل ذلك "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه"، وقال: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
والجسد المسلم كلّ لا يتجزأ؛ يتألم جميعًا، وينعم جميعًا، ولذا يتميز أفراد المجتمع المسلم عن جميع المجتمعات الأخرى بقوة ترابطهم وتكاتفهم فلا طبقية ولا قومية، بل أوصال الدين وتعاليمه.
إن مشاركة المسلمين واستشعار ما يحل بهم من المصاب العريض في كل مكان هو من حق المسلم على أخيه، فمرض المسلم مرض للجميع، وفقره فقر للجميع، وموته موت للجميع .
قال أيوب السختياني رحمه الله: "إني أُخبَر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي"، فكيف بك يا أيوب وأهل السنة اليوم يقتلون في كل مكان!!! فلا أظن أن أعضائك ستبقى كلها، وحينما كان المسلمون كذلك كانوا أعزة مرهوبي الجانب، تدين لهم أمة الشرق والغرب، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين وصلاةً وسلامًا دائمين على الرسول المصطفى الأمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن صار على دربه إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: إذا كان الأفراد يشكّلون بنيان القرية والمدينة، فإن الأقاليم تشكل المجتمع الذي إذا اشتكى عينه اشتكى كله، كما وصفه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
فعندما يشتكي إقليم من كارثة أو جارحة أو نازلة، فإن بقية الأقاليم تهب للوقوف معه فيما هو فيه.
في عام الرمادة كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه أميره على مصر كتب الرسالة التالية: "من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاص سلامًا عليك، أما بعد: فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معي، فيا غوثًا ثم يا غوثًا".
فكتب إليه عمرو: "أما بعد، فيا لبيك ثم يا لبيك، وقد بعثت إليك بِعِيرٍ أولها عندك وآخرها عندي والسلام".
كانت رسالة عمر رضي الله عنه غاضبة؛ لأنه ما كان لعم
رو أن ينتظر حتى تأتيه رسالة عمر؛ إنه لا يليق بنا أن
ننتظر صيحات الاستغاثة، وبرقيات الاستنجاد تأتينا من إخواننا، بل ينبغي المبادرة بالنصح والنجدة عند كل مصيبة تحل بالمسلمين ..
إن تبلد الإحساس في عضو من الأعضاء بحيث يصبح بحالة لا يشعر معها بآلام العضو الآخر ذلك يعني أنه قد أصابه الشلل .
إن الإسلام لا يكتفي بأن يحس العضو بآلام العضو الآخر، بل يطلب من كل خلية أن تحس بآلام أي خلية أخرى مهما علت المسافة بينهما، فالجسم كل لا يتجزأ .
ومن هذا المنطلق جاء المبدأ الإسلامي "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" جاء ميزانًا يقيس به المسلم مدى اهتمامه، وبالتالي مدى حرارة الإيمان في قلبه، وهو ما يربطه بالدين.
وعندما يخبو هذا الاهتمام أو ينعدم أو يكون الفرد في صف غير المسلمين أو يفرح بمصابهم، فأين الإسلام من هذا الفرد، وإن كان يحمل اسم محمد وخالد وعمر؟!!!
إن الوحدة الشعورية تتطلب أن يكون المسلم لإخوانه ظهيرًا ومؤيدًا ونصيرًا، إنها تتطلب وقفة مع المحتسبين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذين يُظْلَمُون اليوم، وقفة بالتأييد والمناصرة والدعاء والمؤزرة بالذب عن أعراضهم بتبني مظلمتهم بزيارتهم والرفع من معنوياتهم .
إنها تتطلب الوقوف مع المظلومين والمستضعفين من المسلمين ممن تسلط عليهم الأعداء من اليهود والنصارى وطغاة الرفض والنصيرية فساموهم سوء العذاب قتلاً وتشريدًا وتعذيبًا وانتهاكًا للأعراض وإذلالاً في صور ومشاهد تعجز عن وصفها الكلمات .
إنه مع اشتداد البلاء على إخواننا، فإن عقيدتنا تملي علينا أن نتسامى عن حب الذات، وأن نترفع عن السلبية والانهزامية، وأن تقف بكل إمكاناتنا نصرة لهم وعونًا ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المشركون.
إن معركة الشام معركة عقيدة، وإن حاول بعض المنهزمين من دعاة التميع أن يجردوها من هذا المعنى العظيم ويجعلوها معركة بين العدالة والديكتاتورية .
إنها معركة فاصلة بين المجوسية والإسلام، إنها قادسية أخرى، وفصولها تشبه ما فعله أسلافهم في المسلمين فإما نكون أو لا نكون.
إن واجب الأخوة يفرض علينا أن نناصرهم بالمال حينما عزت النصرة بالرجال، وإنه والله لمن العار أن نظل أمة متفرجة على دماء إخوانها وأشلائهم، وسنة الله أن الخاذلين سيلاقون يوما ما نفس المصير .
إننا على ثقة بأن الله ناصرهم وقادر على رفع الظلم عنهم (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) [محمد: 4]، وإن بشائر النصر بدأت وإن الله ترك للمؤمنين حظًّا في النصرة يؤدونه ويُسألون عنه ويؤجرون عليه، قال تعالى: (أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال: 62]، وقال: (فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ)[الأعراف: 157].
فيا أيها المسلمون: إن من حولكم أمة تُنتهك أعراضها وتُداس كرامتها، وتُسفك دماؤها ويُقتل صغارها وكبارها ورجالها ونسائها .. أمة تقول لا إله إلا الله: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج: 8].
إننا نناشدكم باسم دماء مسلمة زكية تُسفك، وأعراض طاهرة تُنتهك، نناديكم باسم الأطفال اليتامى والنساء الأيامى، والشيوخ العزل والرجال الأسارى، نخاطب فيكم أخوتكم ومشاعركم النبيلة وقلوبكم الرحيمة فأنفقوا ينفق الله عليكم، وتصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين ..
يا أخي المسلم وأنت تتفيأ ظلال النعم الوارفة؛ حيث تستمع بلذيذ المنام ولذيذ الطعام، وراحة البال والأمن من المخاوف، وأنت بين أحبابك وأصحابك تذكر حينها إخوة لك في الدين على أرض الشام وفلسطين واليمن : الأرض لهم فراش، والسماء لهم غطاء، يعيشون في العراء بلا غذاء بلا دواء، فُرِّق بين الأم وولدها، والوالد وذريته يسومهم عدوهم سوء العذاب .. وتذكروا من خذل مسلمًا خذله الله، وتذكروا من خذل مسلما خذله الله، وتذكروا من خذل مسلما خذله الله .. (وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) [الأنفال: 72].
اللهم صل وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ننتظر صيحات الاستغاثة، وبرقيات الاستنجاد تأتينا من إخواننا، بل ينبغي المبادرة بالنصح والنجدة عند كل مصيبة تحل بالمسلمين ..
إن تبلد الإحساس في عضو من الأعضاء بحيث يصبح بحالة لا يشعر معها بآلام العضو الآخر ذلك يعني أنه قد أصابه الشلل .
إن الإسلام لا يكتفي بأن يحس العضو بآلام العضو الآخر، بل يطلب من كل خلية أن تحس بآلام أي خلية أخرى مهما علت المسافة بينهما، فالجسم كل لا يتجزأ .
ومن هذا المنطلق جاء المبدأ الإسلامي "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" جاء ميزانًا يقيس به المسلم مدى اهتمامه، وبالتالي مدى حرارة الإيمان في قلبه، وهو ما يربطه بالدين.
وعندما يخبو هذا الاهتمام أو ينعدم أو يكون الفرد في صف غير المسلمين أو يفرح بمصابهم، فأين الإسلام من هذا الفرد، وإن كان يحمل اسم محمد وخالد وعمر؟!!!
إن الوحدة الشعورية تتطلب أن يكون المسلم لإخوانه ظهيرًا ومؤيدًا ونصيرًا، إنها تتطلب وقفة مع المحتسبين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذين يُظْلَمُون اليوم، وقفة بالتأييد والمناصرة والدعاء والمؤزرة بالذب عن أعراضهم بتبني مظلمتهم بزيارتهم والرفع من معنوياتهم .
إنها تتطلب الوقوف مع المظلومين والمستضعفين من المسلمين ممن تسلط عليهم الأعداء من اليهود والنصارى وطغاة الرفض والنصيرية فساموهم سوء العذاب قتلاً وتشريدًا وتعذيبًا وانتهاكًا للأعراض وإذلالاً في صور ومشاهد تعجز عن وصفها الكلمات .
إنه مع اشتداد البلاء على إخواننا، فإن عقيدتنا تملي علينا أن نتسامى عن حب الذات، وأن نترفع عن السلبية والانهزامية، وأن تقف بكل إمكاناتنا نصرة لهم وعونًا ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المشركون.
إن معركة الشام معركة عقيدة، وإن حاول بعض المنهزمين من دعاة التميع أن يجردوها من هذا المعنى العظيم ويجعلوها معركة بين العدالة والديكتاتورية .
إنها معركة فاصلة بين المجوسية والإسلام، إنها قادسية أخرى، وفصولها تشبه ما فعله أسلافهم في المسلمين فإما نكون أو لا نكون.
إن واجب الأخوة يفرض علينا أن نناصرهم بالمال حينما عزت النصرة بالرجال، وإنه والله لمن العار أن نظل أمة متفرجة على دماء إخوانها وأشلائهم، وسنة الله أن الخاذلين سيلاقون يوما ما نفس المصير .
إننا على ثقة بأن الله ناصرهم وقادر على رفع الظلم عنهم (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) [محمد: 4]، وإن بشائر النصر بدأت وإن الله ترك للمؤمنين حظًّا في النصرة يؤدونه ويُسألون عنه ويؤجرون عليه، قال تعالى: (أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال: 62]، وقال: (فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ)[الأعراف: 157].
فيا أيها المسلمون: إن من حولكم أمة تُنتهك أعراضها وتُداس كرامتها، وتُسفك دماؤها ويُقتل صغارها وكبارها ورجالها ونسائها .. أمة تقول لا إله إلا الله: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج: 8].
إننا نناشدكم باسم دماء مسلمة زكية تُسفك، وأعراض طاهرة تُنتهك، نناديكم باسم الأطفال اليتامى والنساء الأيامى، والشيوخ العزل والرجال الأسارى، نخاطب فيكم أخوتكم ومشاعركم النبيلة وقلوبكم الرحيمة فأنفقوا ينفق الله عليكم، وتصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين ..
يا أخي المسلم وأنت تتفيأ ظلال النعم الوارفة؛ حيث تستمع بلذيذ المنام ولذيذ الطعام، وراحة البال والأمن من المخاوف، وأنت بين أحبابك وأصحابك تذكر حينها إخوة لك في الدين على أرض الشام وفلسطين واليمن : الأرض لهم فراش، والسماء لهم غطاء، يعيشون في العراء بلا غذاء بلا دواء، فُرِّق بين الأم وولدها، والوالد وذريته يسومهم عدوهم سوء العذاب .. وتذكروا من خذل مسلمًا خذله الله، وتذكروا من خذل مسلما خذله الله، وتذكروا من خذل مسلما خذله الله .. (وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) [الأنفال: 72].
اللهم صل وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
🎤
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
عــــــــيـــــــــــــــد الـــحــــــــــب
للشيخ/ مصطفى بن سعيد إيتيم
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
ملخص الخطبة :
1- كمال الدين وتمام النعمة. 2- محاسن الإسلام. 3- مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية. 4- حال المسلمين اليوم. 5- حقيقة عيد الحب وحكمه. 6- تحريم موالاة الكفار والاحتفال بأعيادهم. 7- ضلال عقيدة النصارى. 8- معنى الحب في الإسلام. 9- تلبيس أعداء الدين.
الخطبــــة.الأولــــى.cc
أما بعد: أيها المؤمنون:
إن الله سبحانه قد حبانا بدين عظيم، وهدانا إلى صراط مستقيم، فيه الغنية والكفاية، وبه السعادة والهداية، منه الأمن والسلام، وإليه الحب والوئام، من تمسك به أعزه الله بقدر ما تمسك وأخذ، ومن تهاون أذله الله بقدر ما ترك وجحد.
إن الدين قد كمل فلا نفتقر بعده إلى مقنِّن مشرِّع، وإن النعمة قد تمت فلا نحتاج معها إلى عيد مفرِّح، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا [المائدة: 3].
ديننا ـ أيها المؤمون ـ أكمل الأديان وأفضلها، جمع بين مصالح الأولى والأخرى، خدم الروح ولم يغفل الجسد، وأمَّ الآخرة ولم يهمل الدنيا قال تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا [القصص: 77].
ديننا ـ أيها المؤمنون ـ دين الوسطية؛ لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا إسراف ولا تقتير، لا غواية فيه ولا رهبانية، ولا غلو ولا تقصير وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا [البقرة: 143].
فبالله عليكم كيف يرضى المسلم لنفسه أن يضيّع هذه المكانة التي جعلها الله بين يديه، وأن يرضى بالهوان والكتاب والسنة نصب عينيه؟! أم كيف يرضى لنفسه الأبيّة أن يكون مقودًا بعدما كان قائدًا، وأن يكون مقلِّدًا بعدما كان مرشدًا؟ كيف يرضى لنفسه أن يصبح ضالاً بعدما كان دالاً، وأن يصير عبدًا مطيعًا بعدما كان سيّدًا؟ ولكنه قول النبي : ((لتتبعنّ سَنَنَ من كان قبلكم شبرًا بشر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم))، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟))[1].
أيها المسلمون:
ليس بخاف عليكم مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية، ومحاولتهم القضاء على قيمها ومبادئها الأخلاقية، إنهم يبذلون في ذلك أعزّ أوقاتهم وأنفس أموالهم، سخّروا لذلك العقول والطاقات، وسطروا المناهج والمخططات، ولقد ـ والله ـ أصابت سهامهم، وأثخنت رماحهم، كيف لا؟ والسنة الكونية تقول: من جدّ وجد، ومن زرع حصد. فصرنا اليوم نرى مظاهر ما كنا نراها بالأمس القريب، صرنا نرى التفنّن في السفور والإمعان في التبرّج، صرنا نرى الجرأة على الدين، والتبجّح بالمعاصي.
اذكروا معي ـ رحمكم الله ـ قبل بضع عشرة سنة كيف كانت المبادئ الأخلاقية والقيم المرضية منتشرة في المجتمع، كان الحياء والعفاف هو السائد في هذا المجتمع، كان الشاب لأن يحمل فوق ظهره جبلاً أهون عليه من أن يراه من يعرفه يمشي مع فتاة، وكذا شأنها هي بل أشد؛ إذا دخلا حيًا من الأحياء طردهما سكانه، وإذا مشيا بين الناس كان شزَر أعينهم إليهما أشدَّ عليهما من الكلام اللاذع، ثم انظروا إلى ما صرنا إليه اليوم، واعتبروا يا أولي الألباب.
وهاهي جيوش الكفر وجنود الإلحاد تَكِرّ من جديد، وتروّج لعيد ما أمكَرَه من عيد، عيدٍ سموه بغير اسمه تدليسًا وتلبيسًا، سمّوه باسم شريف، ليروج على التقي النقي العفيف، سموه عيد الحب وهو في الحقيقة عيد الخنا والرذيلة والعهر، ينشرون الرذائل في أثواب الفضائل، وهذه سنة إبليسية قديمة، فضحها الله تعالى وكشف أمرها لعباده المؤمنين، فقال عن مكر إبليس بأبينا آدم وأمنا حواء: وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين [الأعراف: 152].
فاحذروا أيها المسلمون، احذروا المضِلَّ الخائن الذي يأتي في لباس الناصح الأمين، إنه لو جاء في ثوبه، ما أدرك مطلوبه ولا وصل إلى إربه،ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين [الأنفال:30].
وللأسف الشديد لقد غُرّر بكثير من الشباب والفتيات لضعف إيمانٍ منهم ونقص توجيهٍ وإرشادٍ من الدعاة الناصحين، غُرّر بهم فاغترّوا بهذا العيد، وراحوا يحتفلون به ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ألا فليعلموا وليعلم كل مسلم أن الاحتفال بهذا العيد من أعظم البدع الكفرية، وأنه محرّم في دين الإسلام، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم المعتبرين، إنه لو كان هذا العيد من إحداث المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا لقوله : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[2]، ولقوله ـ لما جاء إلى المدينة ووجد أهلها يلعبون في يومين هما من أعياد الجاهلية ـ: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر))[3]، إنه لو كان هذا العيد من ابتداع المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا فكيف وهو من ابتداع الكافرين الضالين؟ أما كفى الدعاةَ إلى الله ـ يا عباد الله ـ أن يحاربوا البدع التي أحدثها المسلمون بعد نبيهم، حتى تشغلوهم بالبدع التي أحدثها المشركون في أديانهم؟.
فاتقو الله يا عباد الله، اتقوه
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
عــــــــيـــــــــــــــد الـــحــــــــــب
للشيخ/ مصطفى بن سعيد إيتيم
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
ملخص الخطبة :
1- كمال الدين وتمام النعمة. 2- محاسن الإسلام. 3- مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية. 4- حال المسلمين اليوم. 5- حقيقة عيد الحب وحكمه. 6- تحريم موالاة الكفار والاحتفال بأعيادهم. 7- ضلال عقيدة النصارى. 8- معنى الحب في الإسلام. 9- تلبيس أعداء الدين.
الخطبــــة.الأولــــى.cc
أما بعد: أيها المؤمنون:
إن الله سبحانه قد حبانا بدين عظيم، وهدانا إلى صراط مستقيم، فيه الغنية والكفاية، وبه السعادة والهداية، منه الأمن والسلام، وإليه الحب والوئام، من تمسك به أعزه الله بقدر ما تمسك وأخذ، ومن تهاون أذله الله بقدر ما ترك وجحد.
إن الدين قد كمل فلا نفتقر بعده إلى مقنِّن مشرِّع، وإن النعمة قد تمت فلا نحتاج معها إلى عيد مفرِّح، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا [المائدة: 3].
ديننا ـ أيها المؤمون ـ أكمل الأديان وأفضلها، جمع بين مصالح الأولى والأخرى، خدم الروح ولم يغفل الجسد، وأمَّ الآخرة ولم يهمل الدنيا قال تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا [القصص: 77].
ديننا ـ أيها المؤمنون ـ دين الوسطية؛ لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا إسراف ولا تقتير، لا غواية فيه ولا رهبانية، ولا غلو ولا تقصير وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا [البقرة: 143].
فبالله عليكم كيف يرضى المسلم لنفسه أن يضيّع هذه المكانة التي جعلها الله بين يديه، وأن يرضى بالهوان والكتاب والسنة نصب عينيه؟! أم كيف يرضى لنفسه الأبيّة أن يكون مقودًا بعدما كان قائدًا، وأن يكون مقلِّدًا بعدما كان مرشدًا؟ كيف يرضى لنفسه أن يصبح ضالاً بعدما كان دالاً، وأن يصير عبدًا مطيعًا بعدما كان سيّدًا؟ ولكنه قول النبي : ((لتتبعنّ سَنَنَ من كان قبلكم شبرًا بشر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم))، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟))[1].
أيها المسلمون:
ليس بخاف عليكم مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية، ومحاولتهم القضاء على قيمها ومبادئها الأخلاقية، إنهم يبذلون في ذلك أعزّ أوقاتهم وأنفس أموالهم، سخّروا لذلك العقول والطاقات، وسطروا المناهج والمخططات، ولقد ـ والله ـ أصابت سهامهم، وأثخنت رماحهم، كيف لا؟ والسنة الكونية تقول: من جدّ وجد، ومن زرع حصد. فصرنا اليوم نرى مظاهر ما كنا نراها بالأمس القريب، صرنا نرى التفنّن في السفور والإمعان في التبرّج، صرنا نرى الجرأة على الدين، والتبجّح بالمعاصي.
اذكروا معي ـ رحمكم الله ـ قبل بضع عشرة سنة كيف كانت المبادئ الأخلاقية والقيم المرضية منتشرة في المجتمع، كان الحياء والعفاف هو السائد في هذا المجتمع، كان الشاب لأن يحمل فوق ظهره جبلاً أهون عليه من أن يراه من يعرفه يمشي مع فتاة، وكذا شأنها هي بل أشد؛ إذا دخلا حيًا من الأحياء طردهما سكانه، وإذا مشيا بين الناس كان شزَر أعينهم إليهما أشدَّ عليهما من الكلام اللاذع، ثم انظروا إلى ما صرنا إليه اليوم، واعتبروا يا أولي الألباب.
وهاهي جيوش الكفر وجنود الإلحاد تَكِرّ من جديد، وتروّج لعيد ما أمكَرَه من عيد، عيدٍ سموه بغير اسمه تدليسًا وتلبيسًا، سمّوه باسم شريف، ليروج على التقي النقي العفيف، سموه عيد الحب وهو في الحقيقة عيد الخنا والرذيلة والعهر، ينشرون الرذائل في أثواب الفضائل، وهذه سنة إبليسية قديمة، فضحها الله تعالى وكشف أمرها لعباده المؤمنين، فقال عن مكر إبليس بأبينا آدم وأمنا حواء: وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين [الأعراف: 152].
فاحذروا أيها المسلمون، احذروا المضِلَّ الخائن الذي يأتي في لباس الناصح الأمين، إنه لو جاء في ثوبه، ما أدرك مطلوبه ولا وصل إلى إربه،ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين [الأنفال:30].
وللأسف الشديد لقد غُرّر بكثير من الشباب والفتيات لضعف إيمانٍ منهم ونقص توجيهٍ وإرشادٍ من الدعاة الناصحين، غُرّر بهم فاغترّوا بهذا العيد، وراحوا يحتفلون به ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ألا فليعلموا وليعلم كل مسلم أن الاحتفال بهذا العيد من أعظم البدع الكفرية، وأنه محرّم في دين الإسلام، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم المعتبرين، إنه لو كان هذا العيد من إحداث المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا لقوله : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[2]، ولقوله ـ لما جاء إلى المدينة ووجد أهلها يلعبون في يومين هما من أعياد الجاهلية ـ: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر))[3]، إنه لو كان هذا العيد من ابتداع المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا فكيف وهو من ابتداع الكافرين الضالين؟ أما كفى الدعاةَ إلى الله ـ يا عباد الله ـ أن يحاربوا البدع التي أحدثها المسلمون بعد نبيهم، حتى تشغلوهم بالبدع التي أحدثها المشركون في أديانهم؟.
فاتقو الله يا عباد الله، اتقوه
وابتغوا رضاه، واجتنبوا سخطه.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله شرع لنا دينًا قويمًا، وهدانا صراطًا مستقيمًا، الحمد لله أكرمنا بالإيمان، وفضل ديننا على سائر الأديان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حذرنا من مشابهة الكفار وموالاتهم، فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين [المائدة: 57].
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله القائل: ((من تشبه بقوم فهو منهم))[4].
صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون:
اعلموا أن الأعياد من شعائر الأديان، فمن دان بدين احتفل بأعياده، ولم يحتفل بأعيادِ سواه، واعلموا أن للضلال سبلاً، أخصرها موالاة الكفار، فإن كان للموالاة دليل، فدليله تقليدهم، فإن كان للتقليد عنوان، فعنوانه الاحتفال بأعيادهم.
فكيف يرضى مسلم بعد ذلك؛ كيف يرضى لنفسه ولمن يعول ويرعى أن يحتفل بعيد فسقي بدعي كفري، عيد الحب المزعوم؟ كيف يرضى أن يحتفل بعيد القسيس فالنتاين الذي يسبّ إلهنا ويقول: إنه ثالث ثلاثة، وإنه اتخذ صاحبة وولدًا، تعالى الله عما يقول الأفاكون علوًا كبيرًا.
ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا لقد جئتم شيئًا إدًا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًا أن دعوا للرحمن ولدًا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدًا إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا لقد أحصاهم وعدهم عدًا وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا [مريم: 88 ـ 95].
فاحذر يا عبد الله، احذر أن تكون السماء والأرض والجبال أغير منك على الله تعالى، احذر أن تكون هذه الجمادات أفضل منك إذا أنت لم تكترث لما يقوله الأفاكون المبطلون، فرُحْت تحتفل بهذا العيد أو بغيره من أعيادهم الباطلة الزائفة.
أيها المسلمون:
إنه مهما تكلم الضالون عن الحب، ومهما مجَّدوه وعظَّموه واحتفلوا به، فنحن أولاهم به، نحن أولى الناس بالحب؛ عَقْدُ الدين مبني عليه، وأساس الإيمان راجع إليه، لا يؤمن أحدٌ ولا يأمنَ حتى يحب الله، ويحب دينه وأحكامه وشريعته، ولا يؤمن أحد ولن يأمن حتى يحب رسول الله، ويحب آله وأزواجه وصحابته، لا يؤمن أحدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.
المسلم يحب الخير وأهله، ويحب الخير للناس.
الملسم يحب والديه فيبرهما ولا يعصيهما، يأويهما ولا يرميهما، يرعاهما ولا يلقيهما في ديار العجزة كما هو حاصل في بلاد الغرب، ديار الكفر والفسوق والعصيان.
المسلم يحب أبناءه فيعولهم ولا يضيعهم، ويعدل بينهم ولا يظلمهم، ويرشدهم ولا يطردهم.
المسلم يحب زوجته فيحترمها ولا يحتقرها، ويوفيها حقها ولا يبخسها، ويعينها ولا يستغلها.
المسلم يحب إخوانه فينصحهم ولا يفضحهم، ويدعوهم ولا يقصيهم، ويحفظ أعراضهم ولا يغتابهم.
المسلم يحب نساء المؤمنين، يحبهن فيدفع الأذى عنهن ولا يؤذيهنّ، يحبهن فيحترمهنّ ولا يخلو بهن، يحبهم فيغض بصره عنهن ولا يسلّطه عليهن.
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتـى يـواري جارتي مثواها
إن الحب عند المسلمين معنى عظيمٌ شريف، يقول ابن القيم رحمه الله: " فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات، وعليها فطرت المخلوقات، ولها تحركت الأفلاك الدائرات، وبها وصلت الحركات إلى غاياتها، واتصلت بداياتها بنهاياتها، وبها ظفرت النفوس بمطالبها، وحصلت على نيل مآربها، وتخلصت من معاطبها، واتخذت إلى ربها سبيلاً، وكان لها دون غيره مأمولاً وسؤلا، وبها نالت الحياةَ الطيبة وذاقت طعم الإيمان لما رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً"[5]. انتهى كلامه رحمه الله.
ثم يأتي هؤلاء الأفاكون المبطلون، وحلفاؤهم من ضعفة النفوس والمنافقين، وأذنابهم من المخدوعين المغرورين، فيستغلون هذا الاسم بدهاء، ويستخدمونه بمكر، ويطلقونه كذبًا وزورًا على العلاقات الغرامية، والأحلام الوهمية التي سرعان ما تتبخر في أرض الواقع، وتخفق في أرض التجربة.
إننا في زمان انقلبت فيه الموازين، وسميت فيه الأشياء بغير أسمائها؛ فسمي الفسوق والخنا، والفجور والزنا حبًا، وسمي الحياء والعفة والحشمة مرضًا، وسمي الزواج والحياة الأسرية النبيلة عبءًا وقيدًا، وسمي قطع الطريق وقتل الأبرياء جهادًا، وسمي الجهاد الحق، الجهاد في سبيل الله، سمي إرهابًا، وسمي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اعتداءً، وسميت التقاليد البالية تراثًا وثقافة، وسمي التمسك بالدين وإحياء السنة رجعية وتخلفًا، وسمي تقليد الكفار والتشبه بهم رقيًا وتقدمًا، وسمي الغناء والمجون فنًا، إنها ـ والله ـ لمن أشراط الساعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فيا عبد الله، لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جنهم وبئس المهاد [آل عمران: 196، 197]، لا يغرنك ما هم عليه، فإنها دنيا زائلة، والآخرة خير وأبقى [الأعلى: 17].
كأنهم يوم يرونها ل
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله شرع لنا دينًا قويمًا، وهدانا صراطًا مستقيمًا، الحمد لله أكرمنا بالإيمان، وفضل ديننا على سائر الأديان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حذرنا من مشابهة الكفار وموالاتهم، فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين [المائدة: 57].
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله القائل: ((من تشبه بقوم فهو منهم))[4].
صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون:
اعلموا أن الأعياد من شعائر الأديان، فمن دان بدين احتفل بأعياده، ولم يحتفل بأعيادِ سواه، واعلموا أن للضلال سبلاً، أخصرها موالاة الكفار، فإن كان للموالاة دليل، فدليله تقليدهم، فإن كان للتقليد عنوان، فعنوانه الاحتفال بأعيادهم.
فكيف يرضى مسلم بعد ذلك؛ كيف يرضى لنفسه ولمن يعول ويرعى أن يحتفل بعيد فسقي بدعي كفري، عيد الحب المزعوم؟ كيف يرضى أن يحتفل بعيد القسيس فالنتاين الذي يسبّ إلهنا ويقول: إنه ثالث ثلاثة، وإنه اتخذ صاحبة وولدًا، تعالى الله عما يقول الأفاكون علوًا كبيرًا.
ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا لقد جئتم شيئًا إدًا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًا أن دعوا للرحمن ولدًا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدًا إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا لقد أحصاهم وعدهم عدًا وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا [مريم: 88 ـ 95].
فاحذر يا عبد الله، احذر أن تكون السماء والأرض والجبال أغير منك على الله تعالى، احذر أن تكون هذه الجمادات أفضل منك إذا أنت لم تكترث لما يقوله الأفاكون المبطلون، فرُحْت تحتفل بهذا العيد أو بغيره من أعيادهم الباطلة الزائفة.
أيها المسلمون:
إنه مهما تكلم الضالون عن الحب، ومهما مجَّدوه وعظَّموه واحتفلوا به، فنحن أولاهم به، نحن أولى الناس بالحب؛ عَقْدُ الدين مبني عليه، وأساس الإيمان راجع إليه، لا يؤمن أحدٌ ولا يأمنَ حتى يحب الله، ويحب دينه وأحكامه وشريعته، ولا يؤمن أحد ولن يأمن حتى يحب رسول الله، ويحب آله وأزواجه وصحابته، لا يؤمن أحدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.
المسلم يحب الخير وأهله، ويحب الخير للناس.
الملسم يحب والديه فيبرهما ولا يعصيهما، يأويهما ولا يرميهما، يرعاهما ولا يلقيهما في ديار العجزة كما هو حاصل في بلاد الغرب، ديار الكفر والفسوق والعصيان.
المسلم يحب أبناءه فيعولهم ولا يضيعهم، ويعدل بينهم ولا يظلمهم، ويرشدهم ولا يطردهم.
المسلم يحب زوجته فيحترمها ولا يحتقرها، ويوفيها حقها ولا يبخسها، ويعينها ولا يستغلها.
المسلم يحب إخوانه فينصحهم ولا يفضحهم، ويدعوهم ولا يقصيهم، ويحفظ أعراضهم ولا يغتابهم.
المسلم يحب نساء المؤمنين، يحبهن فيدفع الأذى عنهن ولا يؤذيهنّ، يحبهن فيحترمهنّ ولا يخلو بهن، يحبهم فيغض بصره عنهن ولا يسلّطه عليهن.
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتـى يـواري جارتي مثواها
إن الحب عند المسلمين معنى عظيمٌ شريف، يقول ابن القيم رحمه الله: " فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات، وعليها فطرت المخلوقات، ولها تحركت الأفلاك الدائرات، وبها وصلت الحركات إلى غاياتها، واتصلت بداياتها بنهاياتها، وبها ظفرت النفوس بمطالبها، وحصلت على نيل مآربها، وتخلصت من معاطبها، واتخذت إلى ربها سبيلاً، وكان لها دون غيره مأمولاً وسؤلا، وبها نالت الحياةَ الطيبة وذاقت طعم الإيمان لما رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً"[5]. انتهى كلامه رحمه الله.
ثم يأتي هؤلاء الأفاكون المبطلون، وحلفاؤهم من ضعفة النفوس والمنافقين، وأذنابهم من المخدوعين المغرورين، فيستغلون هذا الاسم بدهاء، ويستخدمونه بمكر، ويطلقونه كذبًا وزورًا على العلاقات الغرامية، والأحلام الوهمية التي سرعان ما تتبخر في أرض الواقع، وتخفق في أرض التجربة.
إننا في زمان انقلبت فيه الموازين، وسميت فيه الأشياء بغير أسمائها؛ فسمي الفسوق والخنا، والفجور والزنا حبًا، وسمي الحياء والعفة والحشمة مرضًا، وسمي الزواج والحياة الأسرية النبيلة عبءًا وقيدًا، وسمي قطع الطريق وقتل الأبرياء جهادًا، وسمي الجهاد الحق، الجهاد في سبيل الله، سمي إرهابًا، وسمي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اعتداءً، وسميت التقاليد البالية تراثًا وثقافة، وسمي التمسك بالدين وإحياء السنة رجعية وتخلفًا، وسمي تقليد الكفار والتشبه بهم رقيًا وتقدمًا، وسمي الغناء والمجون فنًا، إنها ـ والله ـ لمن أشراط الساعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فيا عبد الله، لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جنهم وبئس المهاد [آل عمران: 196، 197]، لا يغرنك ما هم عليه، فإنها دنيا زائلة، والآخرة خير وأبقى [الأعلى: 17].
كأنهم يوم يرونها ل
م يلبثوا إلا عشية أو ضحاها [النازعات: 46]. فالثبات الثبات، الثبات حتى الممات. نسأل الله حسن الخاتمة.
ويا أمة الله، لا يستخفنك الذين لا يوقنون، ولا يضلنك الذين لا يؤمنون، اعتزي بدينك، وافخري بأعيادك، وإياك ثم إياك من تقليد الكفار؛ فإنه طريق الهلاك وسبيل النار. نسأل الله السلامة والعافية.
----------------------------------
[1] أخرجه البخاري [3269،6889] ومسلم [2669] من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري [2697] ومسلم [1718] من حديث عائشة رضي الله عنها.
[3] أخرجه أبو داود (1134) من حديث أنس وصححه الألباني.
[4] أخرجه أحمد (2/50، 92)،وأبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما،وقال الألباني في تعليقه على المشكاة (4347): "إسناده حسن".
[5] من مقدمة روضة المحبين ونزهة المشتاقين
========================
ويا أمة الله، لا يستخفنك الذين لا يوقنون، ولا يضلنك الذين لا يؤمنون، اعتزي بدينك، وافخري بأعيادك، وإياك ثم إياك من تقليد الكفار؛ فإنه طريق الهلاك وسبيل النار. نسأل الله السلامة والعافية.
----------------------------------
[1] أخرجه البخاري [3269،6889] ومسلم [2669] من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري [2697] ومسلم [1718] من حديث عائشة رضي الله عنها.
[3] أخرجه أبو داود (1134) من حديث أنس وصححه الألباني.
[4] أخرجه أحمد (2/50، 92)،وأبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما،وقال الألباني في تعليقه على المشكاة (4347): "إسناده حسن".
[5] من مقدمة روضة المحبين ونزهة المشتاقين
========================
🎤
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
ســــورة الكـهــف فضــل وعــبر5⃣
فــــتــــنــــــة الــــــــعـــــــــــــــلــــــــم ( ب )
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبة الاولى :
ايها المسلمون - عباد الله :
تكلمنا في الجمعة الماضية عن فتنة العلم المذكور بقصة موسى والخضر وذكرنا الأحداث الثلاثة بينهما واخذنا بعض الفوائد والدروس والعبر واليوم نكمل بعض الدروس والعبر :
اختزلَتْ قصةُ موسى والخضر عليهما السلام ثلاثةَ مجالات حيوية هامة، ومؤثرة في حياة الناس .
المجال الأول :
وهو الاقتصاد والتجارة، والتنمية واستثمار الثروات؛ ورمزَتْ إليه القصة بسفينةٍ لصيادين يعملون في البحر، لكن طواغيت الأنظمة الحاكمة وكأنها تواصت بالحرب على شعوبها؛ في اقتصادها وثرواتها، وتنميتها البرية والبحرية، ورمزت لها القصة بالمَلِك الذي ﴿ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ [الكهف: 79]؛ أي: يغتصِب خيرات شعبه، ويُغيِّبهم في الفقر والذل والانكسار .
المجال الثاني :
وهو العدل والقضاء؛ وقد رمزتْ له القصة في تخليص الأبوَيْن المؤمنَيْن من غلامهما الكافر، الذي في عِلم الله أنه سيُرهقهما طُغيانًا وكُفرًا، ورمزت القصةُ للجريمة والظلم والطغيان بالغلام، الذي إن لم يتدخل القضاءُ لتحجيمه وإيقافه عند حده، استفحلَ وطغى، وأرهق المجتمع، الذي رمزتْ له القصة بالوالدَيْن المؤمنَيْن .
المجال الثالث :
وهو تربية الأجيال، وتعهُّدهم بما يصلح شأنهم، وبالأخص اليتامى منهم؛ إذ إن الجدار الذي غيَّب عن اليتيمين كَنْزَهما - وهو مادي محسوس - رمزت له القصة بالحَصانة لهما؛ لصلاح واستقامة أبيهما؛﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: 82]
وحتى لا يَنقضَّ الجدارُ الحافظُ لإرث أبيهما كان لا بد - لِمَن ولَّاه الله أمرهما وأمر أمثالهما من شباب الأمة - أن يُقيم الجدار، وهو حُسن التربية وحُسن الرعاية؛ لينبتا نباتًا حسنًا، ويقوما بما كان عليه أبوهما؛ فالغلامَانِ هما الأجيال الشابة؛ وبالأخص اليتامى، والأبوان الصالحان هما سلفُ ذلك الجيل، والخضر هو مَن بيده إدارة البلاد، وأهلُ القرية هم المُغيَّبون عن حقوقهم، السادرون في غيِّهم... والله تعالى أعلم.
ومن دروس القصة :
مشروعية اتِّخاذ الرفيق في السَّفر (واذ قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) ويؤيِّد ذلك كراهة السَّفر وحيدًا؛لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لو يعلم الناس مِنَ الوَحْدة ما أعلم، ما سار راكبٌ بليل وحْدَه))؛ رواه البخاري.
ثم إن في تصرف موسى حيال خطأ فتاه حينما نسي الحوت وهو الدليل لهدفهما أدباً تربوياً رائعاً، يغفل عنه الكثير من الآباء والمربين، فموسى لم يُشغل نفسه بلوم فتاه، كما نفعل حينما يخطئ الولد أو التلميذ خطأً عفويًّا، فربما نقيم الدنيا ونُكثر اللوم والتوبيخ، ولهذا آثار سلبية على نفسية الولد وعلى مستقبله! وهكذا أخلاق الأنبياء، وهكذا فليكن الآباء والمعلمون والدعاة والمسلمون عمومًا ولا ندري أنعجب من إجابة فتى موسى: (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، أم من خلق موسى -عليه السلام-؟! ولذا عادا سريعًا ولم يضيعا الوقت: (فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)،
ومنها: أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله ولا في حقوق العباد؛ لقوله: (لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) .
ومنها: أنَّ المشروع عندَ تعارُض مفسدتين ارتكابُ الأخفِّ منهما؛ ولهذا لما دار الأمر بين أخْذ السفينة كاملاً، أو خرقها وسلامتها ثُم إصلاحها، فعل الأخف منهما، وهو الثاني .
وفي هذا دليل على قاعدة كبيرة جليلة وهي أنه "يُدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير" ويراعي أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما، أعظم شرًّا منه .
أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَدْرِي أَيْنَ يَكْمُنُ الخَيْرُ، فَخَرْقُ السَّفِينَةِ وَقَتْلُ الغُلاَمِ قَدْ بَدَا أَنَّهُمَا شَرٌّ، لَكِنْ كَانَتْ عَاقِبَتُهُمَا خَيْرًا، وَالمُؤْمِنُ يَجِبُ أَنْ يُؤْمِنَ بِاللهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ، وَلاَ يَجْزَعُ مِنْ مُصَابِهِ، فَلَعَلَّ فِيهِ خَيْرًا مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ
فيا عبد الله :
إذا مات ولدك في الصغر فاعلم أنه قد يكون خيراً لك، أما سمعت قول قتادة في هذا الغلام الذي قتله الخضر: قد فرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي لكان فيه هلاكهما، فليرض امرؤٌ بقضاء الله -عز وجلّ-، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خيرٌ له من قضائه فيما يحب. ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يقضي الله لمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له"
ومنها: أن خدمة الصالحين أو من يتعلق بهم أفضل من غيرها؛ لأنه علل إقامة جدارهما بأن أباهما صالح .
ومنها أن الله يحفظ الابن بصلاح والده، فأصلح الخضر الجدار بأمر من الله؛ لأنه كان لغلامين يتيمين، وقد دَفن أبوهما تحته كنزًا لهما، ولو سقط الجدار قبل بلوغهما لتناولت الأيدي مكانَه بالحفرِ ونحوه فعثرَ عليه عاثرٌ، ولم يتحقق المقصود، فحفظ
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
ســــورة الكـهــف فضــل وعــبر5⃣
فــــتــــنــــــة الــــــــعـــــــــــــــلــــــــم ( ب )
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبة الاولى :
ايها المسلمون - عباد الله :
تكلمنا في الجمعة الماضية عن فتنة العلم المذكور بقصة موسى والخضر وذكرنا الأحداث الثلاثة بينهما واخذنا بعض الفوائد والدروس والعبر واليوم نكمل بعض الدروس والعبر :
اختزلَتْ قصةُ موسى والخضر عليهما السلام ثلاثةَ مجالات حيوية هامة، ومؤثرة في حياة الناس .
المجال الأول :
وهو الاقتصاد والتجارة، والتنمية واستثمار الثروات؛ ورمزَتْ إليه القصة بسفينةٍ لصيادين يعملون في البحر، لكن طواغيت الأنظمة الحاكمة وكأنها تواصت بالحرب على شعوبها؛ في اقتصادها وثرواتها، وتنميتها البرية والبحرية، ورمزت لها القصة بالمَلِك الذي ﴿ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ [الكهف: 79]؛ أي: يغتصِب خيرات شعبه، ويُغيِّبهم في الفقر والذل والانكسار .
المجال الثاني :
وهو العدل والقضاء؛ وقد رمزتْ له القصة في تخليص الأبوَيْن المؤمنَيْن من غلامهما الكافر، الذي في عِلم الله أنه سيُرهقهما طُغيانًا وكُفرًا، ورمزت القصةُ للجريمة والظلم والطغيان بالغلام، الذي إن لم يتدخل القضاءُ لتحجيمه وإيقافه عند حده، استفحلَ وطغى، وأرهق المجتمع، الذي رمزتْ له القصة بالوالدَيْن المؤمنَيْن .
المجال الثالث :
وهو تربية الأجيال، وتعهُّدهم بما يصلح شأنهم، وبالأخص اليتامى منهم؛ إذ إن الجدار الذي غيَّب عن اليتيمين كَنْزَهما - وهو مادي محسوس - رمزت له القصة بالحَصانة لهما؛ لصلاح واستقامة أبيهما؛﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: 82]
وحتى لا يَنقضَّ الجدارُ الحافظُ لإرث أبيهما كان لا بد - لِمَن ولَّاه الله أمرهما وأمر أمثالهما من شباب الأمة - أن يُقيم الجدار، وهو حُسن التربية وحُسن الرعاية؛ لينبتا نباتًا حسنًا، ويقوما بما كان عليه أبوهما؛ فالغلامَانِ هما الأجيال الشابة؛ وبالأخص اليتامى، والأبوان الصالحان هما سلفُ ذلك الجيل، والخضر هو مَن بيده إدارة البلاد، وأهلُ القرية هم المُغيَّبون عن حقوقهم، السادرون في غيِّهم... والله تعالى أعلم.
ومن دروس القصة :
مشروعية اتِّخاذ الرفيق في السَّفر (واذ قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) ويؤيِّد ذلك كراهة السَّفر وحيدًا؛لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لو يعلم الناس مِنَ الوَحْدة ما أعلم، ما سار راكبٌ بليل وحْدَه))؛ رواه البخاري.
ثم إن في تصرف موسى حيال خطأ فتاه حينما نسي الحوت وهو الدليل لهدفهما أدباً تربوياً رائعاً، يغفل عنه الكثير من الآباء والمربين، فموسى لم يُشغل نفسه بلوم فتاه، كما نفعل حينما يخطئ الولد أو التلميذ خطأً عفويًّا، فربما نقيم الدنيا ونُكثر اللوم والتوبيخ، ولهذا آثار سلبية على نفسية الولد وعلى مستقبله! وهكذا أخلاق الأنبياء، وهكذا فليكن الآباء والمعلمون والدعاة والمسلمون عمومًا ولا ندري أنعجب من إجابة فتى موسى: (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)، أم من خلق موسى -عليه السلام-؟! ولذا عادا سريعًا ولم يضيعا الوقت: (فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا)،
ومنها: أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله ولا في حقوق العباد؛ لقوله: (لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) .
ومنها: أنَّ المشروع عندَ تعارُض مفسدتين ارتكابُ الأخفِّ منهما؛ ولهذا لما دار الأمر بين أخْذ السفينة كاملاً، أو خرقها وسلامتها ثُم إصلاحها، فعل الأخف منهما، وهو الثاني .
وفي هذا دليل على قاعدة كبيرة جليلة وهي أنه "يُدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير" ويراعي أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما، أعظم شرًّا منه .
أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَدْرِي أَيْنَ يَكْمُنُ الخَيْرُ، فَخَرْقُ السَّفِينَةِ وَقَتْلُ الغُلاَمِ قَدْ بَدَا أَنَّهُمَا شَرٌّ، لَكِنْ كَانَتْ عَاقِبَتُهُمَا خَيْرًا، وَالمُؤْمِنُ يَجِبُ أَنْ يُؤْمِنَ بِاللهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ، وَلاَ يَجْزَعُ مِنْ مُصَابِهِ، فَلَعَلَّ فِيهِ خَيْرًا مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ
فيا عبد الله :
إذا مات ولدك في الصغر فاعلم أنه قد يكون خيراً لك، أما سمعت قول قتادة في هذا الغلام الذي قتله الخضر: قد فرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي لكان فيه هلاكهما، فليرض امرؤٌ بقضاء الله -عز وجلّ-، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خيرٌ له من قضائه فيما يحب. ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يقضي الله لمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له"
ومنها: أن خدمة الصالحين أو من يتعلق بهم أفضل من غيرها؛ لأنه علل إقامة جدارهما بأن أباهما صالح .
ومنها أن الله يحفظ الابن بصلاح والده، فأصلح الخضر الجدار بأمر من الله؛ لأنه كان لغلامين يتيمين، وقد دَفن أبوهما تحته كنزًا لهما، ولو سقط الجدار قبل بلوغهما لتناولت الأيدي مكانَه بالحفرِ ونحوه فعثرَ عليه عاثرٌ، ولم يتحقق المقصود، فحفظ
هما الله بصلاح والدهما، قال محمد بن المنكدر: "إن الله تعالى يحفظ عبده المؤمن في ولده وولد ولده وفي ذريته وفي الدويرات حوله" .
ومنها: أنَّ (الثلاث) لها اعتبار في التَّكْرار ونحوه، فيعذر في الأولى، وتُقام عليه الحُجَّة بالثانية، ولا يُعذر بالثالثة، ويؤيده أن الله جعل الطلاق مرتين، والفراق بعد الثالثة، فقال: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: 229]، ثم قال: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾ [البقرة: 230]؛ أي: الثالثة ﴿ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230]، وهكذا فارق الخضِر موسى بعد الثالثة، حيث قال: ﴿ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ﴾ [الكهف: 76]، ثم قال: ﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ﴾ [الكهف: 78] .
ومنها: أنَّ القتْل من كبائرِ الذنوب، ولهذا شدَّد موسى فيه فقال: ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]، كيف لا؟ وقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، وقال: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32] .
ومنها: أنَّ القِصاص حقٌّ؛ ولهذا قال موسى: ﴿ بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾ [الكهف: 74]، مما يدلُّ على أنَّ قتلها بالنفس معروف، وليس بمنكَر، كما دلَّ عليه قوله - تعالى -: ﴿ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾ [المائدة: 32] .
ومنها: أنه يجوز للغريبِ أن يطلُبَ حقَّ الضيافة: من طعام وشراب ونحوه؛ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الضيافةُ ثلاثةُ أيام، فما كان وراءَ ذلك فهو صَدَقة))؛ رواه البخاري .
ومنها: إثبات الإرادة للجماد :
حيث قال: ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: 77]، وليستِ الإرادة خاصَّةً بالحيوان أو بالإنسان، وشواهد ذلك كثيرةٌ من القرآن والسُّنة، فمن القرآن قوله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: 44]، وقوله: ﴿ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 74]، وقوله: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، ومن السُّنَّة قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هذا أُحُدٌ جبلٌ يحبُّنا ونحبه))؛ متفق عليه، وفي صحيح مسلم قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إني لأعرف حجرًا كان يُسلِّم عليَّ بمكة))، وثبت في صحيح البخاري: (حَنينُ الجِذع الذي كان يخطُب عليه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - جزعًا لفراقه).
فمَيلُ الجدار، وتسبيح الأشياء عمومًا، وخشية الحجارة مِن الله، وإباء وإشفاق السموات والأرض والجبال، ومحبَّة الجبل، وتسليم الحجر، وحَنين الجِذع - كل ذلك بإرادةٍ وإدراك يَعْلمه الله - تعالى - ولا نعلمه نحن، كما قال - تعالى -: ﴿ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44] .
ومنها: جواز أخْذ الأُجرة على العمل المباح، حيث عرض موسى على الخضر أخْذَ الأجرة على إصلاح الجدار. لو شئت لا تحذت عليه أجرا .
ومنها: ما فَطَر الله عليه أصفياءه - من الأنبياء والرسل ومَن اقتدى بهم - مِن نصح الخلْق، والشفقة عليهم، والرأفة بهم، فإنَّ الذي حمل موسى على المبادرة بالإنكار هو الالتهـابُ والحمية للحـق، وكمال النُّصح للخَلْق، ولهذا قال للخضر: ﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا ﴾ [الكهف: 71]، ولم يقل: (لتغرقنا) فنسِي نفسه، واشتغل بغيره، في هذه الحال التي يقول فيها كلُّ أحد: (نفْسي نفْسِي)، ولا يلوي على مالٍ ولا ولد، وهي حال الغَرَق .
ومنها: أنه يجب عمارةُ ما يُخشَى من سقوطه ضرر ومفسدة، ويحرم إهمالُه إلى أن يخرب فيكون المسلم بناء لا هدام يبني وطنه ومجتمعه يساعد في عمارة الأرض وصلاحها
ومنها : أنَّه لا يَنبغي للصاحب أن يفارق صاحبه ويترك صُحبتَه، حتى يبلغ منه العُذر، كما فعَل الخضر مع موسى. وأن الصحبة الصحيحة قائمة على النصح والتناصح
ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ؛ فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا)، وأما الخير فأضافه إلى الله تعالى لقوله: (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)، فإن الشر لا ينسب إلى الله مجردًا.
ومنها: أنَّ (الثلاث) لها اعتبار في التَّكْرار ونحوه، فيعذر في الأولى، وتُقام عليه الحُجَّة بالثانية، ولا يُعذر بالثالثة، ويؤيده أن الله جعل الطلاق مرتين، والفراق بعد الثالثة، فقال: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: 229]، ثم قال: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾ [البقرة: 230]؛ أي: الثالثة ﴿ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230]، وهكذا فارق الخضِر موسى بعد الثالثة، حيث قال: ﴿ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ﴾ [الكهف: 76]، ثم قال: ﴿ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ﴾ [الكهف: 78] .
ومنها: أنَّ القتْل من كبائرِ الذنوب، ولهذا شدَّد موسى فيه فقال: ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]، كيف لا؟ وقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، وقال: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32] .
ومنها: أنَّ القِصاص حقٌّ؛ ولهذا قال موسى: ﴿ بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾ [الكهف: 74]، مما يدلُّ على أنَّ قتلها بالنفس معروف، وليس بمنكَر، كما دلَّ عليه قوله - تعالى -: ﴿ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾ [المائدة: 32] .
ومنها: أنه يجوز للغريبِ أن يطلُبَ حقَّ الضيافة: من طعام وشراب ونحوه؛ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الضيافةُ ثلاثةُ أيام، فما كان وراءَ ذلك فهو صَدَقة))؛ رواه البخاري .
ومنها: إثبات الإرادة للجماد :
حيث قال: ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: 77]، وليستِ الإرادة خاصَّةً بالحيوان أو بالإنسان، وشواهد ذلك كثيرةٌ من القرآن والسُّنة، فمن القرآن قوله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: 44]، وقوله: ﴿ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 74]، وقوله: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]، ومن السُّنَّة قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هذا أُحُدٌ جبلٌ يحبُّنا ونحبه))؛ متفق عليه، وفي صحيح مسلم قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إني لأعرف حجرًا كان يُسلِّم عليَّ بمكة))، وثبت في صحيح البخاري: (حَنينُ الجِذع الذي كان يخطُب عليه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - جزعًا لفراقه).
فمَيلُ الجدار، وتسبيح الأشياء عمومًا، وخشية الحجارة مِن الله، وإباء وإشفاق السموات والأرض والجبال، ومحبَّة الجبل، وتسليم الحجر، وحَنين الجِذع - كل ذلك بإرادةٍ وإدراك يَعْلمه الله - تعالى - ولا نعلمه نحن، كما قال - تعالى -: ﴿ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44] .
ومنها: جواز أخْذ الأُجرة على العمل المباح، حيث عرض موسى على الخضر أخْذَ الأجرة على إصلاح الجدار. لو شئت لا تحذت عليه أجرا .
ومنها: ما فَطَر الله عليه أصفياءه - من الأنبياء والرسل ومَن اقتدى بهم - مِن نصح الخلْق، والشفقة عليهم، والرأفة بهم، فإنَّ الذي حمل موسى على المبادرة بالإنكار هو الالتهـابُ والحمية للحـق، وكمال النُّصح للخَلْق، ولهذا قال للخضر: ﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا ﴾ [الكهف: 71]، ولم يقل: (لتغرقنا) فنسِي نفسه، واشتغل بغيره، في هذه الحال التي يقول فيها كلُّ أحد: (نفْسي نفْسِي)، ولا يلوي على مالٍ ولا ولد، وهي حال الغَرَق .
ومنها: أنه يجب عمارةُ ما يُخشَى من سقوطه ضرر ومفسدة، ويحرم إهمالُه إلى أن يخرب فيكون المسلم بناء لا هدام يبني وطنه ومجتمعه يساعد في عمارة الأرض وصلاحها
ومنها : أنَّه لا يَنبغي للصاحب أن يفارق صاحبه ويترك صُحبتَه، حتى يبلغ منه العُذر، كما فعَل الخضر مع موسى. وأن الصحبة الصحيحة قائمة على النصح والتناصح
ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ؛ فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا)، وأما الخير فأضافه إلى الله تعالى لقوله: (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)، فإن الشر لا ينسب إلى الله مجردًا.
فِي هَذِهِ القِصَّةِ حُسْنُ أَدَبِ الصَّالِحِينَ مَعَ الله تَعَالَى
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .
أما بعد - ايها المسلمون :
ان قصة موسى والخضر عليهما السلام هي تعالج فتنة العلم والهدف تربية الأمة على طلب العلم، واحترام العلماء، والصبر من أجله، وأن علم الله واسع وعظيم يختص به من شاء، فأراد الله -سبحانه وتعالى- من كل صاحب علم أن يتواضع لله؛
فإن من أعظم صور فتنة العلم: العُجب والغرور، والله -عز وجل- يقول: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85] .
وكذلك العالم يحتاج إلى فقه نصوص الكتاب والسنة ومدلولاتهما والمصالح والمفاسد وأخف الضررين وأهون الشرين؛ من خلال البحث والاطلاع والتدقيق واتباع الدليل ..
ومن صور فتنة العلم:
كتمان العلم، سواء كان العلم الشرعي أو العلم الدنيوي، بمختلف مجالاته، والذي قد يكون ضرورياً في حياة الناس، قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 159- 160].. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من كتم علمًا ألجمَه اللهُ يومَ القيامةِ بلجامٍ من نارٍ" (صحيح الترغيب للألباني: 121)..
وكتم العلم إما بعدم تعليمه للناس، وإبلاغهم إياه، وإرشادهم إليه وقت الحاجة والضرورة أو بتحريف معناه .. فكم فُتِنَ من عالم أمام السلطان والجاه، فيكتم العلم أو كلمة الحق خوفاً أو مجاملة أو طمعاً في متاع دنيوي، أو إيثاراً للسلامة في وقت يتحتم عليه أن يقول كلمة الحق فيما يحمله من علم..
وقد وجدنا من العلماء من فُتن بعلمه وغرته دنياه، واتبع هواه، وضعف أمام الدنيا ومغرياته وشهواتها وشبهاتها، حتى وجدنا من يفتي بغير ما أنزل الله، ويداهن بالباطل ويروغ عن الحق، بل سمعنا ورأينا من سخّر حياته وعلمه ليكون عوناً للظلمة بتزيين الباطل وتحليل الحرام، والتي من أعظمها قتل النفس ففُتنت الأمة بسبب هذا وضلّ الكثير من الناس وغُيبت الحقائق وشُوهت القيم ..
فكل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها، فلا بد أن يقول على الله غير الحق، ولا بد أن يحيد عن الطريق ولذلك قيل: "احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون" ..
وأصل كل فتنة إنَّما هو من تقديم الرأي على الشرع، والهوى على العقل .. وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون" (صحيح الجامع للألباني 1551).
ورحم الله عالم الأمة عبدالله بن المبارك حين قال:
وهل أفسد الدين إلا الملوك
وأحبار سوء ورهبانها
باعوا النفوس فلم يربحوا
ولم تغل في البيع أثمانها
الأمة اليوم وفي ظل الفتن والصراعات والضعف محتاجة لعلماء الشرع الربانيين الذين ينتفع بعلمهم الحاكم والمحكوم، فتستقيم الحياة ويُعبَد الله في أرضه، ويقوّم الاعوجاج والانحراف في السلوك والمعاملات والاعتقاد، وكذلك فإن الأمة محتاجة إلى عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع والتكنولوجيا الحديثة والطب، وغير ذلك لتزدهر وتتطور الحياة وتبنى الأوطان وتعمر الأرض بالخير والنماء ..
عباد الله :
وإن العصمة من فتنة العلم وكهف النجاة لذلك يكمن في الإخلاص لله في طلب العلم، والتواضع والصبر، ومراقبة الله، وتقدير المسئولية والواجب الملقى على عاتق العلماء؛ من العمل والتعليم والنصيحة، وإرشاد الناس، وبيان الحق، وعلينا تقدير العلم والعلماء الربانيين، فحقهم علينا عظيم فهم ورثة الأنبياء وحملة الشريعة والموقعين عن رب العالمين والمبلغين عن رسوله الأمين ..
ونكمل بقية قصص الكهف فتنة الملك قصة ذي القرنين في الجمعة القادمة ان شاء الله .
=======================
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .
أما بعد - ايها المسلمون :
ان قصة موسى والخضر عليهما السلام هي تعالج فتنة العلم والهدف تربية الأمة على طلب العلم، واحترام العلماء، والصبر من أجله، وأن علم الله واسع وعظيم يختص به من شاء، فأراد الله -سبحانه وتعالى- من كل صاحب علم أن يتواضع لله؛
فإن من أعظم صور فتنة العلم: العُجب والغرور، والله -عز وجل- يقول: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85] .
وكذلك العالم يحتاج إلى فقه نصوص الكتاب والسنة ومدلولاتهما والمصالح والمفاسد وأخف الضررين وأهون الشرين؛ من خلال البحث والاطلاع والتدقيق واتباع الدليل ..
ومن صور فتنة العلم:
كتمان العلم، سواء كان العلم الشرعي أو العلم الدنيوي، بمختلف مجالاته، والذي قد يكون ضرورياً في حياة الناس، قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 159- 160].. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من كتم علمًا ألجمَه اللهُ يومَ القيامةِ بلجامٍ من نارٍ" (صحيح الترغيب للألباني: 121)..
وكتم العلم إما بعدم تعليمه للناس، وإبلاغهم إياه، وإرشادهم إليه وقت الحاجة والضرورة أو بتحريف معناه .. فكم فُتِنَ من عالم أمام السلطان والجاه، فيكتم العلم أو كلمة الحق خوفاً أو مجاملة أو طمعاً في متاع دنيوي، أو إيثاراً للسلامة في وقت يتحتم عليه أن يقول كلمة الحق فيما يحمله من علم..
وقد وجدنا من العلماء من فُتن بعلمه وغرته دنياه، واتبع هواه، وضعف أمام الدنيا ومغرياته وشهواتها وشبهاتها، حتى وجدنا من يفتي بغير ما أنزل الله، ويداهن بالباطل ويروغ عن الحق، بل سمعنا ورأينا من سخّر حياته وعلمه ليكون عوناً للظلمة بتزيين الباطل وتحليل الحرام، والتي من أعظمها قتل النفس ففُتنت الأمة بسبب هذا وضلّ الكثير من الناس وغُيبت الحقائق وشُوهت القيم ..
فكل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها، فلا بد أن يقول على الله غير الحق، ولا بد أن يحيد عن الطريق ولذلك قيل: "احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون" ..
وأصل كل فتنة إنَّما هو من تقديم الرأي على الشرع، والهوى على العقل .. وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون" (صحيح الجامع للألباني 1551).
ورحم الله عالم الأمة عبدالله بن المبارك حين قال:
وهل أفسد الدين إلا الملوك
وأحبار سوء ورهبانها
باعوا النفوس فلم يربحوا
ولم تغل في البيع أثمانها
الأمة اليوم وفي ظل الفتن والصراعات والضعف محتاجة لعلماء الشرع الربانيين الذين ينتفع بعلمهم الحاكم والمحكوم، فتستقيم الحياة ويُعبَد الله في أرضه، ويقوّم الاعوجاج والانحراف في السلوك والمعاملات والاعتقاد، وكذلك فإن الأمة محتاجة إلى عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع والتكنولوجيا الحديثة والطب، وغير ذلك لتزدهر وتتطور الحياة وتبنى الأوطان وتعمر الأرض بالخير والنماء ..
عباد الله :
وإن العصمة من فتنة العلم وكهف النجاة لذلك يكمن في الإخلاص لله في طلب العلم، والتواضع والصبر، ومراقبة الله، وتقدير المسئولية والواجب الملقى على عاتق العلماء؛ من العمل والتعليم والنصيحة، وإرشاد الناس، وبيان الحق، وعلينا تقدير العلم والعلماء الربانيين، فحقهم علينا عظيم فهم ورثة الأنبياء وحملة الشريعة والموقعين عن رب العالمين والمبلغين عن رسوله الأمين ..
ونكمل بقية قصص الكهف فتنة الملك قصة ذي القرنين في الجمعة القادمة ان شاء الله .
=======================
السلام.عليكم.ورحمة.الله.وبركاتة.cc
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح ⛅️
❆ السبت ❆
21/ جمـ➄ـادى الأولى/١٤٣٨هـ
18/ فــبــــ➁ــرايـــر/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
نسّمات الفجر وبعدها خيوط الشمس
لـ تبدأ بـ - أذكــار-
تسكن تفاصيل صباحك..
فـ من هنا تبدأ حكاية
-يوم جديد-
وروح يسكنها الأمل والتفاؤل
لـ تختم صباحگ بـ سنة الضحى
اذكار الصباح🌤
☀☀
تلاوة صباحيه🎤
تِلاوَة للقَارئ : فَارِس عَبّاد .
http://is.gd/CNHe8w
☀☀
🌷تأملات قرءانية 🌷
﴿ لنثبّت به فؤادك ﴾
دائمًا وفي كل أوقاتك إذا وجدت
شتاتاً في قلبك
من شدة همك، فعليك ياصاحبي بالقرآن👌
☀☀
👂همسة👂
ليس للقَلب دَواء أنفع مِنْ ذِكر الله ، فَمهمَا حَصل القَلب عَلي مَطلوبِه ورغبَاتِه بِدون ذِكر الله ، فَإن مَصيره القَلق والخَوف والغَم والهم والحَزن .
☀☀
☁إشراقة☁
إثم الغيبة بمقدار عدد السامعين والوعيد جاء للواحد فكيف بالملايين، ومن اغتاب أحداً أو نمّه أو بهته في وسائل الإعلام فكأنما كرر غيبته لكل سامع
☀☀
》وختااما《
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله".
قَرْ عينًا يا قُرّة العين فما كان لك لك؛ واجعل مُبتدأ يومك نية طريّة تبتغي بها وجه الله ﷻ في كلّ شأن وحركة.
صباح.الخير.cc
🌿💛
▪▪▪▪
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح ⛅️
❆ السبت ❆
21/ جمـ➄ـادى الأولى/١٤٣٨هـ
18/ فــبــــ➁ــرايـــر/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
نسّمات الفجر وبعدها خيوط الشمس
لـ تبدأ بـ - أذكــار-
تسكن تفاصيل صباحك..
فـ من هنا تبدأ حكاية
-يوم جديد-
وروح يسكنها الأمل والتفاؤل
لـ تختم صباحگ بـ سنة الضحى
اذكار الصباح🌤
☀☀
تلاوة صباحيه🎤
تِلاوَة للقَارئ : فَارِس عَبّاد .
http://is.gd/CNHe8w
☀☀
🌷تأملات قرءانية 🌷
﴿ لنثبّت به فؤادك ﴾
دائمًا وفي كل أوقاتك إذا وجدت
شتاتاً في قلبك
من شدة همك، فعليك ياصاحبي بالقرآن👌
☀☀
👂همسة👂
ليس للقَلب دَواء أنفع مِنْ ذِكر الله ، فَمهمَا حَصل القَلب عَلي مَطلوبِه ورغبَاتِه بِدون ذِكر الله ، فَإن مَصيره القَلق والخَوف والغَم والهم والحَزن .
☀☀
☁إشراقة☁
إثم الغيبة بمقدار عدد السامعين والوعيد جاء للواحد فكيف بالملايين، ومن اغتاب أحداً أو نمّه أو بهته في وسائل الإعلام فكأنما كرر غيبته لكل سامع
☀☀
》وختااما《
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله".
قَرْ عينًا يا قُرّة العين فما كان لك لك؛ واجعل مُبتدأ يومك نية طريّة تبتغي بها وجه الله ﷻ في كلّ شأن وحركة.
صباح.الخير.cc
🌿💛
▪▪▪▪
.
#أرباح_مضاعفةٌ
🍃🍃🍃🍃
بادر أخي المسلم
الى خدمةِ اخوانِك، وتفقد احوالهم، وقضاء حوائجهم، وتقديم العون لهم، ومساعدتهم بقدر ما تستطيع، فإن ذلك من اعظم القربات، بل وأفضل واسرع وسيلة للحصول على السعادة في قلبك، وحصول البركة في جسمك ومالك وأهلك ووقتك وعلمك وعملك، بل ويعتبر ذلك من الاسباب المشروعة التي تتقرب بها الى الله ليشفيك من مرضك، ويعافيك من سقمك ، أو يشفي أحد أولادك أو أقاربك ، أو يسهل لك الصعاب، وييسر لك ما تعسر من أمور حياتك، وقد يقضي الله لك حاجتك وانت على فراشك بما قدمته من خدمة لإخوانك، وهو ايضا من الاسباب التي يصرف الله عنك بها مصارع السوء، ويصرف عنك البلاء، وشرور الجن والإنس وكيدهم، وأنت قد لا تعلم بذلك وأنه بسبب ما قدمته من معروف لإخوانك ،
وتأمل معي هذه الاحاديث الصحيحة في فضل ذلك..
قال رسول صلى الله عليه وسلم:
( ومن يكن في حاجة أخيه ، يكن الله في حاجته )
صحيح الترمذي: 1426
و قال رسول صلى الله عليه وسلم:
( والله في عون العبد؛ ما كان العبد في عون أخيه )
صحيح مسلم: 2699
و قال رسول صلى الله عليه وسلم:
( ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجته أحبّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً ... ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له ، ثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام )
صحيح الجامع: 176
وقال صلى الله عليه وسلم
" داووا مرضاكم بالصدقة ". حسنه الألباني في الجامع برقم: (5669)،
وقال صلى الله عليه وسلم ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ..وأهل المعروف في الدنيا، هم أهل المعروف في الآخرة ) ( صححه الألباني في صحيح الجامع ) ..
فهل أدركنا عظمة هذه الأجور المضاعفة ،وتسابقنا الى الحصول عليها .....
🖋..أحمد أبو حكيم
•┈┈• ❀ 🍃🌸🍃 ❀ •┈┈•
#أرباح_مضاعفةٌ
🍃🍃🍃🍃
بادر أخي المسلم
الى خدمةِ اخوانِك، وتفقد احوالهم، وقضاء حوائجهم، وتقديم العون لهم، ومساعدتهم بقدر ما تستطيع، فإن ذلك من اعظم القربات، بل وأفضل واسرع وسيلة للحصول على السعادة في قلبك، وحصول البركة في جسمك ومالك وأهلك ووقتك وعلمك وعملك، بل ويعتبر ذلك من الاسباب المشروعة التي تتقرب بها الى الله ليشفيك من مرضك، ويعافيك من سقمك ، أو يشفي أحد أولادك أو أقاربك ، أو يسهل لك الصعاب، وييسر لك ما تعسر من أمور حياتك، وقد يقضي الله لك حاجتك وانت على فراشك بما قدمته من خدمة لإخوانك، وهو ايضا من الاسباب التي يصرف الله عنك بها مصارع السوء، ويصرف عنك البلاء، وشرور الجن والإنس وكيدهم، وأنت قد لا تعلم بذلك وأنه بسبب ما قدمته من معروف لإخوانك ،
وتأمل معي هذه الاحاديث الصحيحة في فضل ذلك..
قال رسول صلى الله عليه وسلم:
( ومن يكن في حاجة أخيه ، يكن الله في حاجته )
صحيح الترمذي: 1426
و قال رسول صلى الله عليه وسلم:
( والله في عون العبد؛ ما كان العبد في عون أخيه )
صحيح مسلم: 2699
و قال رسول صلى الله عليه وسلم:
( ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجته أحبّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً ... ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له ، ثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام )
صحيح الجامع: 176
وقال صلى الله عليه وسلم
" داووا مرضاكم بالصدقة ". حسنه الألباني في الجامع برقم: (5669)،
وقال صلى الله عليه وسلم ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ..وأهل المعروف في الدنيا، هم أهل المعروف في الآخرة ) ( صححه الألباني في صحيح الجامع ) ..
فهل أدركنا عظمة هذه الأجور المضاعفة ،وتسابقنا الى الحصول عليها .....
🖋..أحمد أبو حكيم
•┈┈• ❀ 🍃🌸🍃 ❀ •┈┈•
..أمـــــاكن لا تجوز الصـــــلاة فيها .. "للعـلاّمة الألبـاني -رحمه الله- "
📩لا تجوز الصلاة في أماكن عشرة:
🍂الأول : المقبرة وهي الموضع الذي دُفِن فيه إنسانٌ واحد فأكثر !
( لعنة الله على اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد )
-متفق عليه-
▪️ ▪️ ▪️
🕌الثاني : المساجد المَبنية على القبور
( إنّ أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا
و صوّروا فيه تلك الصور فأولئك شِرار الخلق عند الله يوم القيامة )
-مُتفق عليه-
▪️ ▪️ ▪️
🍥الثالث : معاطِن الإِبِل و مَبَارِكها
( صلّوا في مرابض الغنم و لا تُصلّوا في أعطان الإبل )
-صحيح الترمذي-
أي مَبَارِك الغنم جائزة ، و مبارِك الإبل فلا
▪️ ▪️ ▪️
🌀الرابع: الحمّام .. لحديث رسول الله
( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة و الحمّام)
-صحيح ابن تيمية-
▪️ ▪️ ▪️
🎺الخامس : كلّ موضع يأوي إليه الشيطان كأماكن الفسق والفجور..
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :
عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس فقال النبي
( ليأخذ كل رجل برأس رحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان
فلم يُصلِّ فيه)
-صحيح مسلم-
▪️ ▪️ ▪️
🔑السادس : الأرض المغصوبة ولذلك كانت الصلاة في الأرض المغصوبة
حراماً بالإجماع كما نقله النووي
▪️ ▪️ ▪️
🏷السابع : مسجد ضِرار الذي بقرب قُبَاء
وكل مسجدٍ أو موضِع فتنة ، بُنِي ضِراراً و تفريقاً بين المسلمين
لقوله تعالى : { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل }
▪️ ▪️ ▪️
⛈الثامن : مواضع الخسف والعذاب
فإنه لا يجوز دخولها مُطلقا إلاّ بالبكاء والخوف من الله تعالى
لقوله عليه الصلاة والسلام "لما مرّ بالحجر" : ( لا تدخلوا البيوت على هؤلاء القوم الذي عُذِّبوا[ أصحاب الحجر إلاّ أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم فإني أخاف أن يصيبكم مثل ما أصابهم )
-صحيح مسلم-
ثم قنع رسول الله رأسه [ بردائه وهو على الرحل وأسرع السير حتى أجاز الوادي
-صحيح البخاري-
▪️ ▪️ ▪️
🍄التاسع : المكان المرتفع يقف فيه الإمام وهو أعلى من مكان المأمومين
( نهى رسول الله أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه - يعني :
أسفل منه - )
-صحيح الألباني-
▪️ ▪️ ▪️
🌰العاشر : المكان بين السّواري (أي الأعمِدة) يَصِفُّ فيه المُؤْتَمون
صلّينا خلف أمير من الأمراء فأضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين فجعل أنس بن مالك يتأخر فلما صلينا قال أنس : كنا نتقي هذا على عهد رسول الله)
-صحيح الترمذي و الألباني و النسائي-
.
وهو مكروهٌ عند الجمهور ، إلا في الضرورة و الإزدحام الشديد
▪️ ▪️ ▪️
المصدر :
الثمر المستطاب للعلامة الألباني – رحمه الله-
▪️ ▪️ ▪️
أمّا غير هذا .. فنحنُ أمةٌ مرحومة
أُحِلّ لنا دون غيرنا ، الصّلاةُ في كل الأرض
قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-
" ..أينما أدركَتْك الصلاةُ فصَلِّ فهو مسجدٌ "
-صحيح مسلم-
.
و قال -صلى الله عليه و سلم- :
" أُعطيتُ خمسًا لَم يُعْطَهُنَ أحدٌ قبلي : جُعلت ليَ الأرض طهورًا و مسجدًا .."
-صحيح الاترغيب
📩لا تجوز الصلاة في أماكن عشرة:
🍂الأول : المقبرة وهي الموضع الذي دُفِن فيه إنسانٌ واحد فأكثر !
( لعنة الله على اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد )
-متفق عليه-
▪️ ▪️ ▪️
🕌الثاني : المساجد المَبنية على القبور
( إنّ أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا
و صوّروا فيه تلك الصور فأولئك شِرار الخلق عند الله يوم القيامة )
-مُتفق عليه-
▪️ ▪️ ▪️
🍥الثالث : معاطِن الإِبِل و مَبَارِكها
( صلّوا في مرابض الغنم و لا تُصلّوا في أعطان الإبل )
-صحيح الترمذي-
أي مَبَارِك الغنم جائزة ، و مبارِك الإبل فلا
▪️ ▪️ ▪️
🌀الرابع: الحمّام .. لحديث رسول الله
( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة و الحمّام)
-صحيح ابن تيمية-
▪️ ▪️ ▪️
🎺الخامس : كلّ موضع يأوي إليه الشيطان كأماكن الفسق والفجور..
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :
عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس فقال النبي
( ليأخذ كل رجل برأس رحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان
فلم يُصلِّ فيه)
-صحيح مسلم-
▪️ ▪️ ▪️
🔑السادس : الأرض المغصوبة ولذلك كانت الصلاة في الأرض المغصوبة
حراماً بالإجماع كما نقله النووي
▪️ ▪️ ▪️
🏷السابع : مسجد ضِرار الذي بقرب قُبَاء
وكل مسجدٍ أو موضِع فتنة ، بُنِي ضِراراً و تفريقاً بين المسلمين
لقوله تعالى : { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل }
▪️ ▪️ ▪️
⛈الثامن : مواضع الخسف والعذاب
فإنه لا يجوز دخولها مُطلقا إلاّ بالبكاء والخوف من الله تعالى
لقوله عليه الصلاة والسلام "لما مرّ بالحجر" : ( لا تدخلوا البيوت على هؤلاء القوم الذي عُذِّبوا[ أصحاب الحجر إلاّ أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم فإني أخاف أن يصيبكم مثل ما أصابهم )
-صحيح مسلم-
ثم قنع رسول الله رأسه [ بردائه وهو على الرحل وأسرع السير حتى أجاز الوادي
-صحيح البخاري-
▪️ ▪️ ▪️
🍄التاسع : المكان المرتفع يقف فيه الإمام وهو أعلى من مكان المأمومين
( نهى رسول الله أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه - يعني :
أسفل منه - )
-صحيح الألباني-
▪️ ▪️ ▪️
🌰العاشر : المكان بين السّواري (أي الأعمِدة) يَصِفُّ فيه المُؤْتَمون
صلّينا خلف أمير من الأمراء فأضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين فجعل أنس بن مالك يتأخر فلما صلينا قال أنس : كنا نتقي هذا على عهد رسول الله)
-صحيح الترمذي و الألباني و النسائي-
.
وهو مكروهٌ عند الجمهور ، إلا في الضرورة و الإزدحام الشديد
▪️ ▪️ ▪️
المصدر :
الثمر المستطاب للعلامة الألباني – رحمه الله-
▪️ ▪️ ▪️
أمّا غير هذا .. فنحنُ أمةٌ مرحومة
أُحِلّ لنا دون غيرنا ، الصّلاةُ في كل الأرض
قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-
" ..أينما أدركَتْك الصلاةُ فصَلِّ فهو مسجدٌ "
-صحيح مسلم-
.
و قال -صلى الله عليه و سلم- :
" أُعطيتُ خمسًا لَم يُعْطَهُنَ أحدٌ قبلي : جُعلت ليَ الأرض طهورًا و مسجدًا .."
-صحيح الاترغيب
📌➖➖ فائدة ➖➖📌
جاء عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ :
( كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .
قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ :
رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ .
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قَالَ : أَنَا . قَالَ : رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُُ )
جاء عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ :
( كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ .
قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ :
رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ .
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قَالَ : أَنَا . قَالَ : رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُُ )
📌➖➖ فائدة ➖➖📌
النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ.
وعلى هذا، فمن السنة قول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح ـ أثناء الركوع، أو السجود .
النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ.
وعلى هذا، فمن السنة قول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح ـ أثناء الركوع، أو السجود .
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى أوقات الحِجَامة
روى الترمذى فى ((جامعـه)) من حديث ابن عباس يرفعه: ((إنَّ خَيْرَ ما تَحتَجِمُون فيه يَوْمُ سابعَ عشَرَةَ، أو تاسِعَ عشرةَ، ويومُ إحْدَى وعِشْرِينَ)).
وفيه عن أنس: ((كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَحْتَجِمُ فى الأخدَعَين والكاهل، وكان يحتجم لِسَبْعَةَ عَشَرَ، وتِسْعَةَ عَشَرَ، وفى إحْدَى وعِشرِينَ)).
وفى ((سنن ابن ماجه)) عن أنس مرفوعاً: ((مَنْ أراد الحِجَامة فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ، أو تِسْعَةَ عَشَرَ، أو إحْدَى وعِشرِينَ، لا يَتَبَيَّغ بأحَدِكُم الدَّمُ، فيقتلَه)).
وفى ((سنن أبى داود)) مِن حديث أبى هريرة مرفوعاً: ((مَن احْتَجَمَ لِسَبْع عَشْرَةَ، أو تِسْعَ عَشْرَة، أو إحْدَى وعِشْرِينَ، كانَتْ شِفاءً من كلِّ داءٍ))، وهذا معناه من كل داءٍ سببه غلبة الدَّم.
وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء، أنَّ الحِجَامَة فى النصف الثانى، وما يليه من الرُّبع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره، وإذا استُعْمِلَتْ عند الحاجة إليها نفعت أى وقت كان من أول الشهر وآخره.
قال الخَلال: أخبرنى عصمةُ بن عصام، قال: حدَّثنا حَنبل، قال: كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجِمُ أىَّ وقت هاج به الدَّم، وأىَّ ساعة كانت.
وقال صاحب ((القانون)): أوقاتُها فى النهار: الساعة الثانية أو الثالثة، ويجب توقيها بعد الحمَّام إلا فيمن دَمُه غليظ، فيجب أن يستحِمَّ، ثم يستجم ساعة، ثم يحتجم.. انتهى.
وتُكره عندهم الحِجَامَة على الشبع، فإنها ربما أورثت سُدَداً وأمراضاً رديئة، ولا سيما إذا كان الغذاء رديئاً غليظاً. وفى أثر: ((الحجامةُ على الرِّيق دواء، وعلى الشبع داء، وفى سبعة عشر من الشهر شفاء)).
واختيار هذه الأوقات للحِجَامة، فيما إذا كانت على سبيل الاحتياط والتحرز من الأذى، وحفظاً للصحة. وأما فى مُداواة الأمراض، فحيثما وُجد الاحتياجُ إليها وجب استعمالها.
وفى قوله: ((لا يَتَبَيَّغْ بأحدِكم الدَّمُ فيقتلَهُ))، دلالة على ذلك، يعنى لئلا يَتَبَيَّغ، فحذف حرف الجر مع ((أَن))، ثم حُذفت
((أَن)). و ((التَّبَيُّغُ)): الهَيْجُ، وهو مقلوب البغى، وهو بمعناه، فإنه بغى الدم وهيجانه. وقد تقدَّم أنَّ الإمام أحمد كان يحتجم أىَّ وقتٍ احتاج من الشهر.
فصل
وأما اختيارُ أيام الأسبوع للحِجَامة، فقال الخَلاَّل فى ((جامعه)): أخبرنا حرب بن إسماعيل، قال: قلت لأحمد: تُكره الحِجَامة فى شىء من الأيام ؟ قال: قد جاء فى الأربعاء والسبت.
وفيه: عن الحسين بن حسَّان، أنه سأل أبا عبد الله عن الحِجَامة: أىَّ وقت تُكره ؟ فقال: فى يوم السبت، ويو�
روى الترمذى فى ((جامعـه)) من حديث ابن عباس يرفعه: ((إنَّ خَيْرَ ما تَحتَجِمُون فيه يَوْمُ سابعَ عشَرَةَ، أو تاسِعَ عشرةَ، ويومُ إحْدَى وعِشْرِينَ)).
وفيه عن أنس: ((كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَحْتَجِمُ فى الأخدَعَين والكاهل، وكان يحتجم لِسَبْعَةَ عَشَرَ، وتِسْعَةَ عَشَرَ، وفى إحْدَى وعِشرِينَ)).
وفى ((سنن ابن ماجه)) عن أنس مرفوعاً: ((مَنْ أراد الحِجَامة فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ، أو تِسْعَةَ عَشَرَ، أو إحْدَى وعِشرِينَ، لا يَتَبَيَّغ بأحَدِكُم الدَّمُ، فيقتلَه)).
وفى ((سنن أبى داود)) مِن حديث أبى هريرة مرفوعاً: ((مَن احْتَجَمَ لِسَبْع عَشْرَةَ، أو تِسْعَ عَشْرَة، أو إحْدَى وعِشْرِينَ، كانَتْ شِفاءً من كلِّ داءٍ))، وهذا معناه من كل داءٍ سببه غلبة الدَّم.
وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء، أنَّ الحِجَامَة فى النصف الثانى، وما يليه من الرُّبع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره، وإذا استُعْمِلَتْ عند الحاجة إليها نفعت أى وقت كان من أول الشهر وآخره.
قال الخَلال: أخبرنى عصمةُ بن عصام، قال: حدَّثنا حَنبل، قال: كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجِمُ أىَّ وقت هاج به الدَّم، وأىَّ ساعة كانت.
وقال صاحب ((القانون)): أوقاتُها فى النهار: الساعة الثانية أو الثالثة، ويجب توقيها بعد الحمَّام إلا فيمن دَمُه غليظ، فيجب أن يستحِمَّ، ثم يستجم ساعة، ثم يحتجم.. انتهى.
وتُكره عندهم الحِجَامَة على الشبع، فإنها ربما أورثت سُدَداً وأمراضاً رديئة، ولا سيما إذا كان الغذاء رديئاً غليظاً. وفى أثر: ((الحجامةُ على الرِّيق دواء، وعلى الشبع داء، وفى سبعة عشر من الشهر شفاء)).
واختيار هذه الأوقات للحِجَامة، فيما إذا كانت على سبيل الاحتياط والتحرز من الأذى، وحفظاً للصحة. وأما فى مُداواة الأمراض، فحيثما وُجد الاحتياجُ إليها وجب استعمالها.
وفى قوله: ((لا يَتَبَيَّغْ بأحدِكم الدَّمُ فيقتلَهُ))، دلالة على ذلك، يعنى لئلا يَتَبَيَّغ، فحذف حرف الجر مع ((أَن))، ثم حُذفت
((أَن)). و ((التَّبَيُّغُ)): الهَيْجُ، وهو مقلوب البغى، وهو بمعناه، فإنه بغى الدم وهيجانه. وقد تقدَّم أنَّ الإمام أحمد كان يحتجم أىَّ وقتٍ احتاج من الشهر.
فصل
وأما اختيارُ أيام الأسبوع للحِجَامة، فقال الخَلاَّل فى ((جامعه)): أخبرنا حرب بن إسماعيل، قال: قلت لأحمد: تُكره الحِجَامة فى شىء من الأيام ؟ قال: قد جاء فى الأربعاء والسبت.
وفيه: عن الحسين بن حسَّان، أنه سأل أبا عبد الله عن الحِجَامة: أىَّ وقت تُكره ؟ فقال: فى يوم السبت، ويو�
🌹🌹همسة المساء🌹🌹
🌴اغرس فسيلة🌴
اغرس فسيلة* " في الضواحي في البوادي في النوادي في الصحاري في القفارِ في القبيلة ،،
" *اغرس فسيلة*" كي يعود النفع للأولاد و الأحفاد مثلما قد غرس الأجداد قيماً نبيلة ،،
" *اغرس فسيلة*" كي يعم الخير أرجاء الأراضي ،، ويعيش الشعب مسروراً و راضٍ ،، و لْتَفُحْ في الهواء الطلْق رائحة جميلة ،،
" *اغرس فسيلة* " سوف تجني كل هاتيك الثمار ، وحتماً لن تُنسى الفضيلة .
🌴*اعمارنا غرس وبذل*🌴
أسعد الله جميع اوقاتك اخي
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
🌴اغرس فسيلة🌴
اغرس فسيلة* " في الضواحي في البوادي في النوادي في الصحاري في القفارِ في القبيلة ،،
" *اغرس فسيلة*" كي يعود النفع للأولاد و الأحفاد مثلما قد غرس الأجداد قيماً نبيلة ،،
" *اغرس فسيلة*" كي يعم الخير أرجاء الأراضي ،، ويعيش الشعب مسروراً و راضٍ ،، و لْتَفُحْ في الهواء الطلْق رائحة جميلة ،،
" *اغرس فسيلة* " سوف تجني كل هاتيك الثمار ، وحتماً لن تُنسى الفضيلة .
🌴*اعمارنا غرس وبذل*🌴
أسعد الله جميع اوقاتك اخي
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
خطبة جمعة بعنوان
الاسلام وبناء الضمير الإيماني .. !
..........................................
عبدالفتاح حيدره
خطيب جامع الأنصار - قعطبه
..........................................
الحمد لله الذي رفع السماء بلا عمد، الحمد لله الذي خلق الخلق وأحصاهم عدد، الحمد لله الذي رزق الخلق ولم ينس منهم أحد، أحمده -سبحانه- وأشكره حمداً وشكراً كثيراً بلا عدد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم عليك يا رسول الله.
يا خير من دفنت في القاع أعظمه *** فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه *** فيه العفاف وفيه الجود والكرم
أنت الحبيب الذي ترجى شفاعته *** عند الصراط إذا ما زلت القدم
أما بعد:
عباد الله: يأتي رجلان من المسلمين إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يختصمان في قطعة أرض، ليس لأحدٍ منهما بينة، وكل واحدٍ منهما يدعي أنها له، وقد ارتفعت أصواتهما، فقال: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع منكم، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما يقتطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة"[البخاري(6566)].
عند ذلك تنازل كل واحدٍ منهما عن دعواه، فقد حرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفوسهما الإيمان، وارتفع بهما إلى مستوى رائع من التربية الوجدانية، وبناء الضمير والتهذيب الخلقي للفرد؛ فكانت هذه التربية وبناء الضمير حاجزاً لهما عن الظلم والحرام، وهو الدافع إلى كل خير، فتقوى الله ومراقبته دليل على كمال الإيمان، وسبب لحصول الغفران، ودخول الجنان، وبه يضبط السلوك والتصرفات، وتحفظ الحقوق وتؤدى الواجبات، حتى وإن غابت رقابة البشر ووسائل الضبط وقوانين العقوبات والجزاءات، فتقوى الله ومراقبته والخوف منه والاستعداد للقائه أقوى في نفس المسلم من كل شيء، قال - تعالى -: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [المجادلة:7].
والضمير هو تلك القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره، وهو منحة من الله للإنسان يدله بها على الخير والشر، وكيف يكسب الرضا والراحة النفسية.
ولذلكَ ضَربَ اللهُ مثلاً لذلكَ بيوسفَ -عليه السلام- حينما حجَزَهُ ضميرُه عن الانجرافِ وراءَ الهوى، وقال: (مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [يوسف: 23].
إن الدول والشعوب والحكومات لتسن القوانين، وتوجد التشريعات، وتحدد العقوبات التي تكفل لها ولأفرادها الحياة الطيبة والآمنة، فتحفظ الحقوق، وتنجز الأعمال، وتؤدى الواجبات، وتكافح الجرائم والاختلالات، ويعيش الفرد ينظر عندما يقدم على عمل ما إلى موقف القانون والعقوبة المترتبة على ذلك، فإذا وجدت وسائل الرقابة البشرية التزم بذلك، وإلا فإنه سرعان ما يتفلت ويتهرب ويتحايل على هذا القانون.
أما في شريعة الإسلام إلى جانب ما شرعته من أحكام وحدود وعقوبات، فإنها سعت لتربية الفرد المسلم على يقظة الضمير، والخوف من الله ومراقبته، وطلب رضاه، حتى إذا غابت رقابة البشر، وهمت نفسه بالحرام والإفساد في الأرض تحرك ضميره الحي يصده عن كل ذلك، ويذكره بأن هناك من لا يغفل ولا ينام ولا ينسى، يحكم بين عباده بالعدل ويقتص لمن أساء وقصر وتعدى في الدنيا والآخرة، القائل - سبحانه -: (وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)[الانفطار: 10-12].
وقال تعالى: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)[الإسراء: 13-14].
إن المرء لينظر في حياة الناس فيجد عجباً، مشاكل وصراعات، وتهاجر وقطع أرحام، وغمطٍ للحقوق، وتنكر للمعروف على أتفه الأسباب، بل إنك تجد من يكون سبباً في شقاء المجتمع؛ بسبب سوء أخلاقه وتصرفاته، يستغل المواقف، ويتحين الفرص، ليشبع رغباته، ويحقق شهواته على حساب القيم والأخلاق والدين، ومصالح الآخرين، ومنافع العباد.
وما وصل الناس إلى هذه الأمور إلا بسبب غياب الضمير الإيماني الذي يهذب الأخلاق، ويقوم اعوجاج السلوك، ويكون سبباً في صلاح النيات، وقبول الأعمال، وكثرة العبادات والطاعات، بل إنه يورث الخوف من الله والخشية من عذابه وسخطه، قال -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْم
الاسلام وبناء الضمير الإيماني .. !
..........................................
عبدالفتاح حيدره
خطيب جامع الأنصار - قعطبه
..........................................
الحمد لله الذي رفع السماء بلا عمد، الحمد لله الذي خلق الخلق وأحصاهم عدد، الحمد لله الذي رزق الخلق ولم ينس منهم أحد، أحمده -سبحانه- وأشكره حمداً وشكراً كثيراً بلا عدد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم عليك يا رسول الله.
يا خير من دفنت في القاع أعظمه *** فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه *** فيه العفاف وفيه الجود والكرم
أنت الحبيب الذي ترجى شفاعته *** عند الصراط إذا ما زلت القدم
أما بعد:
عباد الله: يأتي رجلان من المسلمين إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يختصمان في قطعة أرض، ليس لأحدٍ منهما بينة، وكل واحدٍ منهما يدعي أنها له، وقد ارتفعت أصواتهما، فقال: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع منكم، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما يقتطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة"[البخاري(6566)].
عند ذلك تنازل كل واحدٍ منهما عن دعواه، فقد حرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفوسهما الإيمان، وارتفع بهما إلى مستوى رائع من التربية الوجدانية، وبناء الضمير والتهذيب الخلقي للفرد؛ فكانت هذه التربية وبناء الضمير حاجزاً لهما عن الظلم والحرام، وهو الدافع إلى كل خير، فتقوى الله ومراقبته دليل على كمال الإيمان، وسبب لحصول الغفران، ودخول الجنان، وبه يضبط السلوك والتصرفات، وتحفظ الحقوق وتؤدى الواجبات، حتى وإن غابت رقابة البشر ووسائل الضبط وقوانين العقوبات والجزاءات، فتقوى الله ومراقبته والخوف منه والاستعداد للقائه أقوى في نفس المسلم من كل شيء، قال - تعالى -: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [المجادلة:7].
والضمير هو تلك القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره، وهو منحة من الله للإنسان يدله بها على الخير والشر، وكيف يكسب الرضا والراحة النفسية.
ولذلكَ ضَربَ اللهُ مثلاً لذلكَ بيوسفَ -عليه السلام- حينما حجَزَهُ ضميرُه عن الانجرافِ وراءَ الهوى، وقال: (مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [يوسف: 23].
إن الدول والشعوب والحكومات لتسن القوانين، وتوجد التشريعات، وتحدد العقوبات التي تكفل لها ولأفرادها الحياة الطيبة والآمنة، فتحفظ الحقوق، وتنجز الأعمال، وتؤدى الواجبات، وتكافح الجرائم والاختلالات، ويعيش الفرد ينظر عندما يقدم على عمل ما إلى موقف القانون والعقوبة المترتبة على ذلك، فإذا وجدت وسائل الرقابة البشرية التزم بذلك، وإلا فإنه سرعان ما يتفلت ويتهرب ويتحايل على هذا القانون.
أما في شريعة الإسلام إلى جانب ما شرعته من أحكام وحدود وعقوبات، فإنها سعت لتربية الفرد المسلم على يقظة الضمير، والخوف من الله ومراقبته، وطلب رضاه، حتى إذا غابت رقابة البشر، وهمت نفسه بالحرام والإفساد في الأرض تحرك ضميره الحي يصده عن كل ذلك، ويذكره بأن هناك من لا يغفل ولا ينام ولا ينسى، يحكم بين عباده بالعدل ويقتص لمن أساء وقصر وتعدى في الدنيا والآخرة، القائل - سبحانه -: (وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)[الانفطار: 10-12].
وقال تعالى: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)[الإسراء: 13-14].
إن المرء لينظر في حياة الناس فيجد عجباً، مشاكل وصراعات، وتهاجر وقطع أرحام، وغمطٍ للحقوق، وتنكر للمعروف على أتفه الأسباب، بل إنك تجد من يكون سبباً في شقاء المجتمع؛ بسبب سوء أخلاقه وتصرفاته، يستغل المواقف، ويتحين الفرص، ليشبع رغباته، ويحقق شهواته على حساب القيم والأخلاق والدين، ومصالح الآخرين، ومنافع العباد.
وما وصل الناس إلى هذه الأمور إلا بسبب غياب الضمير الإيماني الذي يهذب الأخلاق، ويقوم اعوجاج السلوك، ويكون سبباً في صلاح النيات، وقبول الأعمال، وكثرة العبادات والطاعات، بل إنه يورث الخوف من الله والخشية من عذابه وسخطه، قال -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْم
َضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون) [السجدة: 16].
وقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)[المؤمنون: 57-61].
عباد الله: لقد عين أبو بكر -رضي الله عنه- عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قاضيًا على المدينة، فمكث عمر سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، لم يعقد جلسة قضاء واحدة، وعندها طلب من أبي بكر إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر: أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟ قال عمر: لا يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن لا حاجة بي عند قوم مؤمنين.
عرف كل منهم ما له من حق، فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيمَ يختصمون؟
إن تربية الضمير وتقوية الوازع الديني في نفوس الناس فيه سعادة الأفراد والمجتمعات والدول، وبدونه لن يكون إلا مزيدا من الشقاء، مهما تطورت الأمم في قوانينها ودساتيرها، وطرق ضبطها للجرائم، وإدارة شؤون الناس، فإنه سيأتي يوم وتظهر ثغرات في هذه القوانين، وبالتالي ما الذي يمنع الموظف أن يرتشي، والكاتب أن يزور، والجندي أن يخل في عمله، والطبيب أن يهمل في علاج مريضه، والمعلم أن يقصر في واجبه، والقاضي أن يظلم في حكمه، والمرأة أن تفرط بواجبها، والتاجر من أن يغش، ويحتكر في تجارته.
هذاعثمان - رضي الله عنه - في عام الرمادة، وقد اشتد بالمسلمين الفقر والجوع، جاءت تجارته من الشام ألف بعير محملة بالتمر والزيت والزبيب، فجاءه تجار المدينة، وقالوا له: تبيعنا ونزيدك الدرهم درهمين؟ فقال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لهم: لقد بعتها بأكثر من هذا، فقالوا: نزيدك الدرهم بخمسة؟ فقال لهم عثمان - رضي الله عنه -: لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة، فقالوا له: فمن الذي زادك؟ وليس في المدينة تجار غيرنا؟ فقال لهم عثمان - رضي الله عنه -: لقد بعتها لله ولرسوله، فهي لفقراء المسلمين.
الله أكبر.
ماذا لو لم يكن يحمل بين جوانحه ضمير المؤمن الحي، لكانت هذه الفرصة لا تعوض ليربح أموالا طائلة، ولو كانت على حساب البطون الجوعى، والأجساد العارية، وآهات المرضى والثكالى، وهموم أصحاب الحاجات.
إنه مهما خوف الناس، وبعث في قلوبهم الرعب برقابة البشر، فإنها تسقط أمام رقابة الذات، ورقابة الله.
وما تغيرت الحياة، وحدث البلاء، ووجدت الخيانة، وانتشر الظلم، إلا يوم ضعفت رقابة الله في قلوب البشر.
عباد الله: إن ضمير الإنسان إذا لم يكن موصولاً بالله، فتجد صاحبه محافظاً على العبادات والطاعات، والذكر وقراءة القرآن، فإنه سيأتي يومٌ ويعرض ذلك الضمير للبيع في سوق الحياة.
وعندما يباع الضمير ستجد ذلك الصاحب والصديق الذي إئتمنته على مالك قد خان الأما
وعندما يباع الضمير ستجد من يعطيك شهادة تعليمية دون أن تدرس يوماً واحداً، وستجد شاهدا باع ضميره، وزور أحداث شهادته، وحول الظالم إلى مظلوم، والمظلوم إلى ظالم، واختل واقع الحياة، وضاع مصير الإنسان.
وعندما يباع الضمير ستجد الطبيب الذي يهمل فحص مرضاه في المستشفى ليضطرهم للذهاب إليه في عيادته الخاصة، بل ستجد من يخون أمته، ويبيع وطنه، ويدمر مجتمعه.
وعندما يباع الضمير أو يغيب من النفوس تهمل الواجبات، وتضيع الحقوق والأمانات، ويوسد الأمر إلى غير أهله، وتظهر الخيانات، وتحاك المؤامرات، وتقدم المصالح الشخصية الضيقة على مصالح المجتمع والأمة.
فلنحذر من الغفلة، وبيع ضمائرنا، ولنتذكر قوة الله وقدرته وعلمه.
وما أتعس ذلك الإنسان عديم الضمير والوازع الديني عندما يخلو بمحارم الله فينتهكها، فلا يردعه دين ولا خلق، وإن أظهر من أعمال البر والخير ما أظهر، فيحرم التوفيق في الدنيا والثواب في الآخرة؛ لأن ضميره لم يكن مع الله.
عن ثوبان مولى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لأعْلَمَنّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسناتٍ أمثال جبال تهامة بيضاً، فيجعلها اللّه - عز وجل - هباء منثوراً"، قال ثوبان: يا رسول اللّه، صفهم لنا، جلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: "أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم اللّه انتهكوها"[رواه ابن ماجة في كتاب الزهد باب 29 رقم 4245) وصحح إسناده البوصيري في الزوائد والألباني في صحيحه، رقم 505)].
وقال - تعالى -: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا
وقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)[المؤمنون: 57-61].
عباد الله: لقد عين أبو بكر -رضي الله عنه- عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قاضيًا على المدينة، فمكث عمر سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، لم يعقد جلسة قضاء واحدة، وعندها طلب من أبي بكر إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر: أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟ قال عمر: لا يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن لا حاجة بي عند قوم مؤمنين.
عرف كل منهم ما له من حق، فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيمَ يختصمون؟
إن تربية الضمير وتقوية الوازع الديني في نفوس الناس فيه سعادة الأفراد والمجتمعات والدول، وبدونه لن يكون إلا مزيدا من الشقاء، مهما تطورت الأمم في قوانينها ودساتيرها، وطرق ضبطها للجرائم، وإدارة شؤون الناس، فإنه سيأتي يوم وتظهر ثغرات في هذه القوانين، وبالتالي ما الذي يمنع الموظف أن يرتشي، والكاتب أن يزور، والجندي أن يخل في عمله، والطبيب أن يهمل في علاج مريضه، والمعلم أن يقصر في واجبه، والقاضي أن يظلم في حكمه، والمرأة أن تفرط بواجبها، والتاجر من أن يغش، ويحتكر في تجارته.
هذاعثمان - رضي الله عنه - في عام الرمادة، وقد اشتد بالمسلمين الفقر والجوع، جاءت تجارته من الشام ألف بعير محملة بالتمر والزيت والزبيب، فجاءه تجار المدينة، وقالوا له: تبيعنا ونزيدك الدرهم درهمين؟ فقال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لهم: لقد بعتها بأكثر من هذا، فقالوا: نزيدك الدرهم بخمسة؟ فقال لهم عثمان - رضي الله عنه -: لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة، فقالوا له: فمن الذي زادك؟ وليس في المدينة تجار غيرنا؟ فقال لهم عثمان - رضي الله عنه -: لقد بعتها لله ولرسوله، فهي لفقراء المسلمين.
الله أكبر.
ماذا لو لم يكن يحمل بين جوانحه ضمير المؤمن الحي، لكانت هذه الفرصة لا تعوض ليربح أموالا طائلة، ولو كانت على حساب البطون الجوعى، والأجساد العارية، وآهات المرضى والثكالى، وهموم أصحاب الحاجات.
إنه مهما خوف الناس، وبعث في قلوبهم الرعب برقابة البشر، فإنها تسقط أمام رقابة الذات، ورقابة الله.
وما تغيرت الحياة، وحدث البلاء، ووجدت الخيانة، وانتشر الظلم، إلا يوم ضعفت رقابة الله في قلوب البشر.
عباد الله: إن ضمير الإنسان إذا لم يكن موصولاً بالله، فتجد صاحبه محافظاً على العبادات والطاعات، والذكر وقراءة القرآن، فإنه سيأتي يومٌ ويعرض ذلك الضمير للبيع في سوق الحياة.
وعندما يباع الضمير ستجد ذلك الصاحب والصديق الذي إئتمنته على مالك قد خان الأما
وعندما يباع الضمير ستجد من يعطيك شهادة تعليمية دون أن تدرس يوماً واحداً، وستجد شاهدا باع ضميره، وزور أحداث شهادته، وحول الظالم إلى مظلوم، والمظلوم إلى ظالم، واختل واقع الحياة، وضاع مصير الإنسان.
وعندما يباع الضمير ستجد الطبيب الذي يهمل فحص مرضاه في المستشفى ليضطرهم للذهاب إليه في عيادته الخاصة، بل ستجد من يخون أمته، ويبيع وطنه، ويدمر مجتمعه.
وعندما يباع الضمير أو يغيب من النفوس تهمل الواجبات، وتضيع الحقوق والأمانات، ويوسد الأمر إلى غير أهله، وتظهر الخيانات، وتحاك المؤامرات، وتقدم المصالح الشخصية الضيقة على مصالح المجتمع والأمة.
فلنحذر من الغفلة، وبيع ضمائرنا، ولنتذكر قوة الله وقدرته وعلمه.
وما أتعس ذلك الإنسان عديم الضمير والوازع الديني عندما يخلو بمحارم الله فينتهكها، فلا يردعه دين ولا خلق، وإن أظهر من أعمال البر والخير ما أظهر، فيحرم التوفيق في الدنيا والثواب في الآخرة؛ لأن ضميره لم يكن مع الله.
عن ثوبان مولى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لأعْلَمَنّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسناتٍ أمثال جبال تهامة بيضاً، فيجعلها اللّه - عز وجل - هباء منثوراً"، قال ثوبان: يا رسول اللّه، صفهم لنا، جلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: "أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم اللّه انتهكوها"[رواه ابن ماجة في كتاب الزهد باب 29 رقم 4245) وصحح إسناده البوصيري في الزوائد والألباني في صحيحه، رقم 505)].
وقال - تعالى -: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا
أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) [النساء: 107- 108].
والمعنى: "يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة، ولا يستترون من الله -تعالى-، ولا يستحيون منه، وهو عزَّ شأنه معهم بعلمه، مطلع عليهم، حين يدبِّرون ليلا ما لا يرضى من القول، وكان الله -تعالى- محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه منها شيء"[التفسير الميسر].
اللهم ارزقنا خشيتك في السر والعلن.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الخطبة الثانية
عبادَ اللهِ: زكوا أنفسكم، وهذبوا أخلاقكم، وأحيوا ضمائركم، ورَبُّوها على عَمَلِ الخيرِ، والبعدِ عن كلِّ شر، تسعدون في حياتكم، وتنالون رضا ربكم، وتقوى أخوتكم، وتحفظ حقوقكم، وينتشر الخير في مجتمعكم، ولا تجعلوا الله أهون الناظرين إليكم، فيكتب عليكم الشقاء في الدنيا والآخرة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وقولوا كلمة الحق؛ تنالوا الخير من ربكم.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
والحمد لله رب العالمين.
والمعنى: "يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة، ولا يستترون من الله -تعالى-، ولا يستحيون منه، وهو عزَّ شأنه معهم بعلمه، مطلع عليهم، حين يدبِّرون ليلا ما لا يرضى من القول، وكان الله -تعالى- محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه منها شيء"[التفسير الميسر].
اللهم ارزقنا خشيتك في السر والعلن.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الخطبة الثانية
عبادَ اللهِ: زكوا أنفسكم، وهذبوا أخلاقكم، وأحيوا ضمائركم، ورَبُّوها على عَمَلِ الخيرِ، والبعدِ عن كلِّ شر، تسعدون في حياتكم، وتنالون رضا ربكم، وتقوى أخوتكم، وتحفظ حقوقكم، وينتشر الخير في مجتمعكم، ولا تجعلوا الله أهون الناظرين إليكم، فيكتب عليكم الشقاء في الدنيا والآخرة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وقولوا كلمة الحق؛ تنالوا الخير من ربكم.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
والحمد لله رب العالمين.
السلام.عليكم.ورحمة.الله.وبركاتة.cc
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح ⛅️
✵ الاحد ✵
22/ جمـ➄ـادى الأولى/١٤٣٨هـ
19/ فــبــــ➁ــرايـــر/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
احتقار بعض الذنوب والمعاصي ولو صغرت قد تحول بين العبد وبين التوفيق والهداية.
{فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض دنوبهم}
صبــ⛅ــاح.البعد.عن.الذنوب.cc
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح ⛅️
✵ الاحد ✵
22/ جمـ➄ـادى الأولى/١٤٣٨هـ
19/ فــبــــ➁ــرايـــر/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
احتقار بعض الذنوب والمعاصي ولو صغرت قد تحول بين العبد وبين التوفيق والهداية.
{فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض دنوبهم}
صبــ⛅ــاح.البعد.عن.الذنوب.cc
السلام.عليكم.ورحمة.الله.وبركاتة.cc
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح ⛅️
◣ الاثنين ◢
23/ جمـ➄ـادى الأولى/١٤٣٨هـ
20/ فــبــــ➁ــرايـــر/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
لا تقنط من سوء حالك...
كربك يمحوه الدعاء..
وحاجتك يجلبها الدعاء..
فقد كانوا "بواد غير ذي زرع"
فلما دعا ابراهيم
"وارزقهم من الثمرات"
تبدلت لهم الأمور.
صبــ⛅ــاح.الدعاء.cc
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح ⛅️
◣ الاثنين ◢
23/ جمـ➄ـادى الأولى/١٤٣٨هـ
20/ فــبــــ➁ــرايـــر/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
لا تقنط من سوء حالك...
كربك يمحوه الدعاء..
وحاجتك يجلبها الدعاء..
فقد كانوا "بواد غير ذي زرع"
فلما دعا ابراهيم
"وارزقهم من الثمرات"
تبدلت لهم الأمور.
صبــ⛅ــاح.الدعاء.cc