Telegram Web Link
تعالى من كل هذه الضلالات والخرافات ونحذر مجتمعنا منها ونشد على أيدي جيشنا وأمننا أن تبقى الأيادي على الزناد والجاهزية في أعلى درجاتها دفاعا عن الدين والعقيدة والشورى والوطن والحرية والكرامة ، ورفضا لكل ما يروج له من الترهات ذلك من الخرافات وأن نحمي أجيالنا الناشئة من هذه الضلالات ، وأن نوعي شعبنا بأن يوم الغدير هو يوم الغدر الرافضي الإيراني لهذه الأمة ولدينها ولأخلاقها وثوابتها ، إنها الكذبة الكبرى التي تستهدف طمس معالم هذا الدين العظيم بما يحتوي عليه من قيم الحق والعدل والمساواة والجمال والكمال وصدق الله (لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
ثم الدعاء والدعوة إلى الجهاد بالمال ، وأقم الصلاة
كيف يتعامل الخطيب المبتدئ مع الخوف والارتباك - الشيخ عبدالله الطوالة

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى؛ أما بعد:

فإن سكون النفس، وطمأنينة القلب ثمرة لحسن الظن بالله، وقوة التوكل عليه، وتمام الثقة به جل وعلا، وكثرة ذكره: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، ومن أيقن يقينًا راسخًا أن الله تعالى معه، وأنه أرحم به من أمه، فسيحسن الظن بربه، ولن يتشاءم بالسوء أو يفكر في الفشل والإخفاق، ولن يحزن على العواقب مهما ساءت، لأنه راضٍ عن الله وما يأتي منه، ولا شك أن فقد هذه الأشياء أو نقصها سيثير الخوف والارتباك، وسيقود إلى الإخفاق، مما يعطل الطاقات، ويوقف الإنجازات، وأكثر الناس إنما يُؤْتَون من قِبل أنفسهم؛ وصدق من قال: "ما يبلغ الأعداء من جاهل، ما يبلغ الجاهل من نفسه".

فكم من الإنجازات أحبطت! وكم من المشاريع تعطلت! وكم من الناس توقفت بسبب الخوف والانهزام النفسي، وعدم إدراك الشخص مقدارَ ما أودع الله فيه من طاقات وقدرات فائقة، وإمكانيات عالية متنوعة، ومهارات مذهلة رائعة، لو استعان بالله تعالى وأحسن توظيفها واستثمارها لحقق ما يريد، ولجاء بالمدهش العجيب!

أما بعد: فإلى كلِّ من عزم على السير في هذا الطريق النوراني المبارك:

اعلم - أخي الكريم - أن الخوف من خوض التجارب الجديدة أمر "طبيعي"، يشعر به الجميع؛ تأمل: ﴿ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ﴾ [طه: 67]، وقال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام: ﴿ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾ [الذاريات: 28]، لكن هذا الخوف "الطبيعي" يتفاوت من شخص لآخر، فيبلغ عند البعض الحد الذي يبث فيه حماس التحدي، ويحفزه للاستعداد، وهذا هو الخوف الإيجابي النافع، ويبلغ بآخرين درجةً تجعله يؤثر الهروب والانسحاب، وهذا هو الخوف السلبي الضار، والذي عطل الكثيرين عن نفع أنفسهم وأمتهم.

إذًا؛ فالخوف الذي يعتري الجميع قبيل لقاء الجماهير هو خوف طبيعي، وأمر إيجابي مفيد، إن كان سيولد في الإنسان طاقةً وحماسًا يدفعانه لأن يستعد جيدًا، وأن يبذل قصارى جهده لتطوير نفسه، وليؤدي المهمة على أحسن وجه، أما إذا تجاوز هذا الخوف حده (الطبيعي)، فسيتحول إلى قيد يكبل صاحبه، ويجعله يتراجع وينسحب، ثم اعلم - وفقك الله لكل خير - أن للخوف السلبي عدة مصادر:

الأول: هو الخوف من تكرار تجارب أليمة حدثت في الماضي، تجعله يخاف وينسحب؛ لكيلا يتكرر معه نفس الألم، ومثاله: الخوف من أسلاك الكهرباء، ومن الأشياء الحارة والمواد الحادة، ومن المرتفعات والمنحدرات، وغيرها من الأشياء الخطرة.

والثاني: هو الخوف من المجهول وخشية الوقوع فيما لا يستطيع الإنسان مواجهته، ومثاله: الخوف من الظلام والأمكنة المهجورة.

وهناك مصدر ثالث للخوف: وهو الخوف من النقد وكلام الآخرين - وهذا أمر لا يسلم منه أحد - لكن الموفق هو من يستفيد من النقد الإيجابي، ويتغافل عن النقد السلبي.

وعلى كل حال: فالخوف نعمة من الله وفضل، فبه ندافع عن أنفسنا، وبه نشعر بالخطر؛ فنحتاط ونسلم، إنه طاقة إيجابية تساعدنا على البقاء؛ وسببه إفراز أجسامنا لهرمون الأدرينالين بمجرد شعورنا بوضع غير آمن، فطب نفسًا أنك تمتلك مثل هذا الهرمون الرائع النافع.

وإذا كان من الطبيعي كما ذكرنا أن يشعر الجميع بشيء من الخوف والتوتر خصوصًا في البدايات، فلا شك أن هناك وسائل وأساليب مجربة، يمكنها - بفضل الله تعالى - أن تقضي على الخوف والتوتر، أو أن تخفف منه بدرجة كبيرة، وذلك بحسب درجة الأخذ بهذه الأساليب والوسائل:

الوسيلة الأولى: رسائل التفاؤل الإيجابية: فنحن نعلم من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه الفأل، وفي أثر جميل: "تفاءلوا بالخير تجدوه"، فعلى الخطيب المبتدئ أن يعطي نفسه دفعةً قوية من التفاؤل وحسن الظن، وأن ينظر نظرةً إيجابيةً كلها استبشار وأمل، وأن يبتعد كليًّا عن التشاؤم وزعزعة الثقة وسوء الظن، وأن يحذر من الرسائل السلبية المحبطة: "أنا لا أستطيع أن ألقي أمام الآخرين"، "أنا لا يمكنني أن أعتلي المنبر"، "أنا لن أجرؤ على النظر في وجوه الناس"، إلى آخر هذه الأوهام والمبالغات، بل عليه أن يتخيل نفسه وقد أتم الإلقاء بكل نجاح، ويتخيل وجوه الناس وقد ارتسمت عليها مشاعر الإعجاب، ويرى نظرات الرضا تملأ وجوههم، ويسمع كلمات الثناء والدعاء، ويشعر بأيديهم وهي تصافحه وتسلم عليه، وهو مبتسم، فرِح، مسرور؛ إلخ.

وهكذا، فعلى كل مبتدئ بالذات، أن يعيش تلك المشاعر الإيجابية بخياله، وأن يترك عنه المشاعر السلبية المحطمة، فمن المعلوم أن الإنسان هو أول من يهزم نفسه.

الوسيلة الثانية: التدرج في الحديث أمام الأعداد الكبيرة، فيبدأ وحده أمام المرآة، ثم أمام اثنين، ثم خمسة، ثم عشرة، ثم عشرين، وهكذا حتى يتمكن من الحديث أمام الجمهور الكبير.
الوسيلة الثالثة: أن يختار الخطيب المبتدئ المواضيع السهلة (إعدادًا وإلقاءً)؛ كالحديث عن فضائل الأخلاق، ونعيم الجنة، وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أو المواضيع التي يحبها الخطيب ويسهل عليه التعامل معها، وعليه أن يكثر من القصص الهادفة، فهي محبوبة عند كل الناس، قوية التأثير، سهلة التذكر، سهلة الإلقاء.

الوسيلة الرابعة: التغافل: فقد يخفى على البعض أن الخطيب المتوتر لا ينتبه له أحد، إلا إذا لفت هو الانتباه لنفسه، ولو استحضر الملقي حين إلقائه أن كل الحاضرين ينظرون له نظرةً أخويةً ودودة، وأنهم جميعًا يتمنون له التوفيق والنجاح، لسكنت نفسه، ولمرت الأمور بخير وسلام، دون أن يلاحظ أحد ما يعتلج في صدره من توتر وقلق.

أمر آخر مهم جدًّا، وهو أن جزءًا كبيرًا من الخوف والتردد سببه نقص الخبرة والتجربة، وليس نقص المهارة والمقدرة؛ بمعنى: إننا نخاف من الإلقاء ليس لأننا لا نستطيع أن نلقي، بل لأننا لم نمارسه ولم نتعود عليه، وهذا هو السبب فيما يسمى بالخوف الوهمي؛ حيث تؤكد دراسات كثيرة أن 90% من مخاوفنا مجرد أوهام وتخيلات، لا وجود لها إلا في عقولنا فقط، ولولا خشية الإطالة لذكرت بعض هذه الدراسات العجيبة، وعليه فلن يهزم الخوف والإحجام، إلا الجرأة والإقدام.

نعم أخي الفاضل، تأكد تمامًا أن السبيل الوحيد لتجاوز ما قد تشعر به من خوف طبيعي، هو أن تقتل وحش الخوف وهو صغير، وأن تحاول وتحاول، وأن تستمر وتواصل، وأن تكرر المحاولة حتى تنجح وتصل، ولا سبيل بغير ذلك.

تأمل جيدًا فالأسد، ومثله بقية السباع المفترسة، التي تعتمد في غذائها على الصيد، فهم لا ينجحون إلا في ربع أو خمس محاولاتهم للصيد فقط، ويفشلون في بقية المحاولات، ومع ذلك فإنهم لا يتوقفون عن تكرار المحاولة؛ لأنه لا سبيل للبقاء إلا بذلك.

ولو تأملت ما يجري في لعبة كرة القدم وما شابهها من الألعاب، فستجد أن نسبة الهجمات الناجحة؛ أي: التي تثمر أهدافًا، لا تتجاوز الثلاثة في المائة، بينما يمكن أن نطلق على بقية الهجمات بأنها فاشلة، ومع ذلك فإن طوفان الهجمات الفاشلة هذا، لا يتوقف أبدًا، لأنه لا سبيل للفوز إلا بذلك.

وهكذا يكون المشاركون في كل المسابقات الأخرى (السباحة والجري وركوب الخيل وسباق السيارات وغيرها كثير)، كلها تتدنى فيها نسب النجاح إلى حد كبير، ومع ذلك فلم يتوقف أحد عن المشاركة فيها بحجة الخوف من الفشل؛ لأنه لا سبيل للفوز والنجاح إلا بذلك، فإذا أردت أن تفوز وتحقق هدفك، فهذا هو قانون اللعبة: (واصل حتى تصل، وكرر محاولاتك، حتى تنجح وتحقق هدفك).

ذكر أن قائدًا عسكريًّا انهزم في إحدى الجولات الحربية، فانهارت معنوياته وقرر أن ينسحب ويلوذ بالفرار، ولكنه قبل أن يعلن انسحابه، شاهد من مكانه نملةً تحاول أن تحمل حبة طعام فتعجز، وكلما حملتها وسارت بها خطوةً أو خطوتين سقطت منها، ولكنها وبإصرار عجيب، كانت تعاود المحاولة من جديد، فتحمل الحبة ثانيةً وثالثةً ورابعةً، حتى أحصى لها أكثر من تسعين محاولةً، دون أن تستسلم أو تتوقف، وإلى أن تكللت مهمتها بالنجاح أخيرًا، وهنا التفت القائد المهزوم إلى نفسه قائلًا: وهل النملة أقوى مني إرادةً وعزيمةً؟ ثم عاد إلى جيشه المنهزم بنفسية أخرى، وأخذ يبث فيهم الحماس، والإصرار على الصمود، فكان يخسر جولةً ويكسب أخرى، وكلما خسر جولةً تذكر معلمته النملة وصمودها العجيب، ومحاولاتها المتكررة، فيحاول من جديد، ويكرر المحاولة مرةً بعد أخرى، حتى تحقق له النصر أخيرًا، وكسب الحرب كلها.

فلا تنسَ - أخي الخطيب - هذه المعلمة الـملهمة، وتذكر أنه لا يوجد شيء اسمه (فشل)، إنما يوجد شيء اسمه استسلام أو انسحاب أو توقف؛ لأنك عندما تكرر المحاولة، فقد تخطئ وقد تصيب، أما عندما تنسحب وتتوقف عن المحاولة، فلا مجال لأن تصيب أبدًا، وهذا هو الفشل الحقيقي.

ولأنك عندما تكرر المحاولة، فإما أن يتحقق لك النجاح والظفر، وإما أن تتعلم وتتطور، وتقترب من النجاح أكثر وأكثر، كرماة السهام، كلما صوبت أكثر، اقتربت من هدفك أكثر وأكثر.

إذًا، فواصل واستمر، ولا تخشَ الفشل ولو تكرر، فالفشل هو مدرسة النجاح، وكل الناجحين تخرجوا من مدرسة الفشل، وما ثَمَّ معصوم إلا الرسل، فمن الذي ما أخطأ قط، ومن له الحسنى فقط.

واصل واستمر، وكرر محاولاتك بلا يأس ولا استسلام، فكل النجاحات جاءت في المحاولة الأخيرة، ولو يعلم المنسحب، كم كان قريبًا من النجاح! لما استسلم ولما توقف.

واصل واستمر، ولا تحتقر نفسك وقدراتك، فأنت جوهرة حقيقية، والجوهرة لا تفقد قيمتها مهما تكرر سقوطها على الأرض.

واصل واستمر، وإن تعثرت فقُم، فإنما يتعثر الماشي فقط، أما الجالس فلا يتعثر، والماشي يوشك أن يصل إلى هدفه، أما الجالس فلن يبرح مكانه.

واصل واستمر، وإن قال لك المثبطون: لن تستطيع، فقل لهم: سأحاول، وإن قالوا: صعب ومستحيل، فقل لهم: سأجرب، وإن قالوا: جربت وفشلت، فقل لهم: طالما أستطيع المحاولة، فسأكرر حتى أنجح.
واصل واستمر، واعلم أن الوقت لم يفت بعد، لكي تكون ما ينبغي لك أن تكون، لكن ذلك يتطلب منك أن تبذل قصارى جهدك، وأن تبذل كل ما في طاقتك ووسعك، وأن تستثمر كل ما تمتلكه من إمكانيات، ومواهب وقدرات، فإذا فعلت ذلك فأبشر بعون الله وهدايته؛ فهو القائل سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

-------------------------------------------------
(قصة طالوت، قصة الثبات والتساقط على الطريق)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول ﷲ، أما بعد:
فلما كانت سورة البقرة هي السورة التي جاء فيها من الأحكام والشرائع ما لم يأت له نظير في غيرها من السور، ناسب أن يُذكر فيها من أخبار المتولّين عن الشرائع من الأمم السالفة ما فيه تبصرة لهذه الأمة وذكرى.

وقد كانت قصة طالوت في سورة البقرة مثالا من الأمثلة على تولي بني إسرائيل عن دين ﷲ وتفلتهم عن شريعته وإبائهم ومثاقلتهم.
لقد كانت تلك القصة مثالا عظيما على قصة التساقط على هذا الطريق الطويل، وأنموذجا على تفسّخ العزيمة حين يبعد الأمد وتكثر العقبات.

- وقبل أن يأتي السياق القرآني على ذكر قصة أولئك القوم؛ جاء بتوطئة يعظ بها النفوس التي تسأم مصاولة الباطل وتستطيل الطريق وتثقل عليها العزائم، فقال ﷻ: "ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم ﷲ موتوا ثم أحياهم"!
لقد كانت قصة طالوت مثالا على الفرار من التكاليف حذر الموت واستحبابا للحياة، فجاءت هذه التوطئة للتنبيه على حقيقة جُلّى.
لقد خرج الألوف من ديارهم فرارا من الموت وحذرا منه فكان ماذا؟
لقد ماتوا جميعا! ثم أحياهم ﷲ!
هكذا جاء الخبر القرآني عن هذه الحادثة بإيجاز لا تفصيل فيه.
ثم جاء الأمر بالقتال والنفقة في سبيل الله فقال: "وقاتلوا في سبيل ﷲ واعلموا أن الله سميع عليم من ذا الذي يقرض ﷲ قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط".
جاءت هذه القصة متبوعة بهذه الأوامر للتذكير بأن الموت بيد الله والحياة بيد ﷲ، والقبض والبسط بيده ﷻ، والرزق والمنع بيده، فلماذا يخاف المؤمن ويجبن ويبخل؟
والجبن والبخل خلقان رديئان يقترن ذمهما معا في النصوص، ففي الصحيحين عن أنس أن النبي ﷺ "كان يستعيذ من الجبن والبخل"، وفي المسند وأبي داود ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ: "ﺷﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺭﺟﻞ ﺷﺢ ﻫﺎﻟﻊ، ﻭﺟﺒﻦ ﺧﺎﻟﻊ".
وكانت تلك تقدمة تقدمة حسنى بين يدي هذه القصة.

- ابتدأت هذه القصة بالحديث عن قوم من بني إسرائيل من بعد موسى كانوا قد بلغوا من المهانة والضعة وشتات الأمر ما جاء في السياق القرآني أنهم كانوا مظلومين مستضعفين، قالوا لنبيهم: "وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا".
فقالوا لنبي من أنبيائهم: "ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله".
ولكن نبيهم قد خبر القوم وعرف خلق التلوّي، وعلم استحكام طبيعة التفلت فيهم، فاستخبر منهم خبرهم، واستوثق منهم عزيمتهم، فقال: "هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالوا وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا"؟
فماذا كان حال القوم حين فُرِضت عليهم شريعة القتال؟

- لقد تولى أكثر القوم عند أوّل عقبات الطريق، وبدأت قصة التنازلات عن العزائم، وكان حبُ القعود عن نصرة الحق أول آفة عرضت للقوم، قال ﷻ في شأنهم: "فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين".

- ثم انتخب لهم نبيهم ملكا ليقاتلوا من وراءه، فقال: "إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا"
ولكن القوم هم القوم في توليهم وإبائهم الشريعة، فقالوا لنبيهم: "أنَّى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال".
فلم يصبر أولئك على آفة حب الزعامة والنفاسة بالرياسة، فعثرت أقدامهم عند العقبة الثانية في الطريق إلى الله.
وإنك قد تجد ذا صلاح وتنسك ظاهر، ثم عساه أن ينازع في رياسة ويجاذب في شرف وتقدّم؛ فيشاح ويخاصم، وربما باع دينه بعرض من الدنيا، وفي الترمذي وصححه عن كعب بن مالك قال ﷺ: "ﻣﺎ ﺫﺋﺒﺎﻥ ﺟﺎﺋﻌﺎﻥ ﺃﺭﺳﻼ ﻓﻲ ﻏﻨﻢ ﺑﺄﻓﺴﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺮﺹ اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﻝ ﻭاﻟﺸﺮﻑ ﻟﺪﻳﻨﻪ".
وهما الأمران اللذان خاصم بهما الإسرائيليون نبيهم: "ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال"!
هذه موازينهم التي يزنون بها المستحقين للزعامة، ومعاييرهم التي نصبوها لقياس من يصلح للرياسة الدينية، إنها موازين الدنيا، ومعايير المادة، وأما أهل العلم والإيمان فلهم موازين فارقوا بها أهل المادة والدنيا: "قال إن ﷲ اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم"، فالقيادة الدينية مفتقرة لصفة مركبة من خلقين: العلم والقوة، فإنه بالعلم تدفع آفات الجهالات، وبالقوة تدفع آفات العجز.

ويمضي السياق ليبين أن من ضعفت استجابته للأمر الشرعي وتكرر تثاقله فربما كان لضعف يقين قلبه، ومثله ينهضه الآيات والدلائل: "وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة".

- وكان من مقتضى العلم الذي أعطاه طالوت أن الفتح والنصر ليس يستحقه إلا من جاز الممحصات وجاهد نفسه لترك الرغبات، ولذا قال طالوت بعدما خرج بقومه: "إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا".
(٢)
لقد عرض للقوم آفات وابتلاءات، والآن تولى كثير منهم حين أُريدوا على ترك مألوفات النفس ورغباتها، فلم يسلم منهم إلا نحو ثلاثمائة، كما ثبت في البخاري عن البراء: "ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﺃﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺑﺪﺭ ثلاثمائة ﻭﺑﻀﻌﺔ ﻋﺸﺮ، ﺑﻌﺪﺓ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻃﺎﻟﻮﺕ، اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﻭﺯﻭا ﻣﻌﻪ اﻟﻨﻬﺮ، ﻭﻣﺎ ﺟﺎﻭﺯ ﻣﻌﻪ ﺇﻻ ﻣﺆﻣﻦ".

- لكن القلة التي ثبتت للأمر الشرعي وللبلاء القدري تزلزل كثير منها أمام عقبة اختلاف موازين القوى، ورهبة القوة المادية، فمن ثبت حين أمر بالقتال، ثم ثبت حين فات نصيبه من الملك والشرف، ثم ثبت حين جاوز النهر فلم يشرب؛ عثر هنا وتنازل في آخر الطريق!
قال ﷻ: "فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن ﷲ والله مع الصابرين".
إن تقلّب الذين كفروا في البلاد، وظهور صولتهم، وضجيج قوتهم الماديّة؛ فتنة لكثير.

وقد جاء البيان القرآني منبها أن هذا السقوط إنما يعرض لضعف ما يضادّه من صفتي (التوكل والصبر)، ولذا قال الثابتون: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن ﷲ والله مع الصابرين".
فقولهم: "بإذن ﷲ" ناشيء عن التوكل على الله، ناتج عن استحضار تدبير الله للخلق.
وقولهم: "والله مع الصابرين" تحضيض لأنفسهم وإخوانهم على لزوم الصبر بذكر فضيلته.
وهما قرينان في القرآن، كما جاء في قوله ﷻ في الثناء على المهاجرين: "الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون"، وكقوله في وصية موسى لقومه: "استعينوا بالله واصبروا".

فماذا كانت ثمرة الثبات على طريق الحق ولزوم الديانة؟
ما هي نتيجة الاعتصام بالعروة في شدة الفتن وتكرر البلاءات؟
قال ﷻ: "فهزموهم بإذن ﷲ وقتل داود جالوت"!
لقد أكرم ﷲ أولئك المستضعفين ببركة ثبات الثابتين!
لقد أكرم ﷲ بني إسرائيل بالنصر والفتح!
لقد أهلك ﷲ الطاغية!
وهدّم ملكه!
وكسر شوكته!
بثبات قلة من المؤمنين، وتمسكهم بالشريعة وأخذهم بالعزيمة.
فعادت بركتهم وبركة طاعتهم على أمتهم كلها.

ثم ختم السياق بقوله ﷻ: "ولولا دفع ﷲ الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض".
لولا تلك المدافعة بين الحق والباطل -ولو من فئة قليلة- لفسدت الأرض!
لولا بقاء المدافعين -ولو كانوا قليلا- لفسدت الأرض!
لولا ثبات أولئك في صراعهم للمبطلين لفسدت الأرض!
إن ثبات الثابتين ولزومهم الطريقة وبقاءهم على النهج باب عظيم من أبواب دفع الفساد عن الأرض.
السكوت على المنكرات


السكوت على المنكرات

الحَمدُ للهِ ...

أمَّا بعدُ: فَأوصِيكُم -عبادَ اللهِ- وَنَفسي بِتقوَى اللهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

أيُّها المُؤمِنُونَ: مَا يَعلمُه الجَميعُ أنَّه في آخرِ الزَّمَانِ، يعظُمُ البَاطلِ، ويُجاهرُ بِالمَعَاصِي، ويُتَهاونُ بالشَّرعِ المَطهَّرِ، فَيَكونُ التَّفَلُّتُ الأَخلاقِيُّ، والفَسَادُ الاجتِمَاعِيُّ، وَخَرْقُ هَيبَةِ الشَّرِعِ، ونِظَامِ الدَّولَةِ المَتِينِ! عندها تَشتَدُّ الغُربَةُ على أَهلِ الإيمانِ، فَتَكُونُ غُربَةَ أَديَانٍ لا غُربَةَ أَوطَانٍ، ويَضْعُفُ الأَمرُ بِالمَعرُوفِ والنَّهيُ عن المُنكَرِ، حِينَهَا يَغرَقُ النَّاسُ جَمِيعَا جاء في الحديث الصحيح أن عَائِشَةُ t قَالَتْ : دَخَلَ عليَّ رَسُولُ اللَّهِ r فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ أَنْ قَدْ حَفَزَهُ شَيْءٌ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ، فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا، فَدَنَوْتُ مِنْ الْحُجُرَاتِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللَّهَ U يَقُولُ: مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْعُونِي فَلَا أُجِيبُكُمْ، وَتَسْأَلُونِي فَلَا أُعْطِيكُمْ، وَتَسْتَنْصِرُونِي فَلَا أَنْصُرُكُمْ".

معاشر المسلمين: يقول الله U: (ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ، قال جماعة من المفسرين: حرُماتُ الله هاهنا مَغَاضِبُهُ وما نهى عنه. وقال الليث: حرمات الله: ما لا يحل انتهاكها.

إنَّ الغضب لله -تعالى- ولحرماته إذا انتهكت من أظهر علامات محبة العبد لربه، فمَن أحب الله -تعالى- أحب ما يحبه ربه، وكره ما يكرهه، ورضي بما يرضيه، وغضب لما يغِضبه، ولا يزال به حبه لله -تعالى- حتى يرى المنكر الذي يُغضب اللهَ -تعالى- أشَدَّ عليه من وقع السيف على رأسه. ومن أَجَلِّ علاماتِ تعظيم الله وتعظيم حرماته وحدوده وحقوقه أن يغضب لله U إذا انتُهِكَت محارمُه، وأن يجد في قلبه حزنا وكَسْرَةً إذا عُصِيَ الله -تعالى- في أرضه، ولم يُضطَّلَع بإقامة حدوده وأوامره، ولم يستطع هو أن يغير ذلك.

وفي مجتمعاتنا نتسامع بوقوع بعض من المنكرات العظيمة وانتشارها مِن لعن وسب يصل ببعض المجرمين أحياناً لسَبٍّ لله، ولدينه، واستهتار بشرائعه، وترك لفرائض الدين كتضييع الصلوات أمام أنظار المسلمين الذين يدخلون المساجد حين تقام الصلاة محلات مفتوحة ورجال وشباب في المقاهي والطرقات، وانتشار للفواحش وكبائر الذنوب ثم بعد ذلك كله لا نجد من ينكر هذه المنكرات، ولا من يغضب لغضب رب الأرض والسموات، إلا مَن رحم الله، وقليلٌ مَّا هُم. والله -تعالى- يقول عن أمة محمد: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).

المنكر اليوم يزداد حينما لا يحرك الناس ساكناً في انكاره؛ بل نرى بعض الناس يتعامل مع هذه القبائح باستهانة واستهتار، أما شأن المصطفى فقد قالت عائشة t: ما انتقم r لنفسه قطُّ، ولا نِيْل منه شيء فانتقم لنفسه، إلا أن تُنتهك محارمُ الله، فإذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم لله.

اعلموا أن السكوت عن الفواحش والمنكرات والتعامل معها من أكبر أسباب نزول لعنة الله علينا، فقد كان من أعظم ما استحقت به الأمة اليهودية المغضوب عليها لعنة الله سكوتها عن إنكار المنكرات، كما أخبر -جل وعلا- بذلك في قوله I: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).

فمن معاصيهم التي أحلت بهم المــَثُلات، وأوقعت بهم العقوبات، أنهم كانوا لا يتناهَوْن عن مُنْكَرٍ فعلوه، كانوا يفعلون المنكر، ولا ينهى بعضهم بعضا، فيشترك بذلك المباشر وغيره، الذي سكت عن النهي عن المنكر، مع قدرته على ذلك.

وذلك يدل على تهاونهم بأمر الله، فلو كان لديهم تعظيم لربهم، لغاروا لمحارمه، ولغضبوا لغضبه؛ وإنما كان السكوت عن المنكر مع القدرة موجبا للعقوبة، لما فيه من المفاسد العظيمة.

منها: أن مجرد السكوت، فعْلُ معصية، وإن لم يباشرها الساكت، فإنه كما يجب اجتناب المعصية فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.

ومنها: أن ذلك يُجرِّئ العصاة والفسَقَة، على الإكثار من المعاصي، إذا لم يُردعوا عنها، فيزداد الشر، وتعظم المصيبة الدينية والدنيوية، ويكون لهم الشوكة والظهور، ثم بعد ذلك، يضعف أهل الخير، عن مقاومة أهل الشر، حتى لا يقدرون على ما كانوا يقدرون عليه أولا.

ومنها: أنه بترك الإنكار للمنكر يندرس العلم، أي: يختفي الحق والمعروف، ويكثر الجهل؛ فإن المعصية مع تكررها وصدورها من كثير من الأشخاص، وعدم إنكار أهل الدين والعلم لها يُظن أنها ليست بمعصية.
ومنها: أن بالسكوت على معصية العاصين، ربما تزينت المعصية في صدور الناس، واقتدى بعضهم ببعض، فالإنسان، مُولَعٌ بالاقتداء بأحزابه، وبني جنسه.

ومنها: فلما كان السكوت على الإنكار بهذه المثابة، نص الله I، أن بني إسرائيل -الكفار منهم- لَعَنَهم بمعاصيهم، واعتدائهم، وخص من ذلك هذا المنكر العظيم.

إن عدم الغضب لله والغيرة على حقوق الله إذا ضيعت، ومحارمه إذا انتهكت، مِن أشَدِّ العلامات دلالةً على عَمَى البصيرة، وانتكاس الفطرة، واسوداد القلب وإظلامه بالمنكَر، وذلك أن عدم الغضب لله إذا انتُهكت محارمُه أمارةٌ على إِلْفِ القلب للمُنْكَر، واعتياده عليه حتى أصبح عنده بمنزلة المعروف، وفي الغالب لا يكون ذلك إلا ممن مردوا على الفجور، فالفاجر لا يرى المنكر منكَراً؛ لأنه من أهله المعتادين عليه.

عن جرير بن عبد الله t قال: سمعت رسول الله r يقول: "ما مِن رجلٍ يكون في قومٍ يعْملُ فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيِّروا عليه فلا يغيّروا إلاَّ أصابهم الله بعذابٍ من قبل أن يموتوا". أخرجه أبو داود، وعن أبي بكرٍ الصدّيق t أنَّ رسول الله r قال: "إنَّ الناسَ إذا رأوا الظالمَ فلم يأخذوا على يدَيه أوشك أن يعمَّهم الله منه بعقاب". أخرجه أبو داود وغيره. وعدَمُ الغضب لله وتمشية الأمور عند انتهاك حرماته وحدوده من أكبر علامات جهل العبد بربه ودينه، وأنه ما قدر الله حَقّ قدره، وأنه ما رجا لله وقارا.

ذكر الإمامُ أحمدُ وغيره أَثَرا: "أن الله -سبحانه- أوحى إلى ملَكٍ من الملائكة أن اخسف بقرية كذا وكذا، فقال: يا رب، كيف وفيهم فلان العابد؟ فقال: به فابدأ؛ فإنه لم يتمعَّرْ وجهه فيَّ يوما قط".

يا معاشر الناس: الله يغار إذا انتهكت حرماته أو تُعدي على حدوده، ومن أعظم الأمور التي يغار الله لها ارتكاب الفواحش في الأرض، قال النبي: "يا أمة محمد! والله! ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته".

عباد الله: لقد باتت هذه البلدة اليوم على خطر عظيم والله؛ لأن المنكر يُرتكب ويزداد، والناس تصمت وتسكت، ومآل هذه الحال إلى الهلكة والوبال، والعقوبة والنكال: (وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَال).

يا أمة محمد r: مَن غضِب لله إذا انتهكت محارمه غضب الله له إذا انتهكت محارمه، ومن حَمى حِمى الله حَمى الله حماه، ومن صان حرمات الله صان الله حرماته، ومن انتقم لله انتقم الله له، والجزاء من جنس العمل؛ فمن ضيع حقوق الله ضيعه الله، ومن استهان بحرمات الله استهان الله به، ومن لم يغضب لله وحرماته لم يغضب الله له؛ بل غضب عليه.

وما أعجب كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله- عن هذا الصنف من الناس! حيث قال -رحمه الله-: وَمِنْ بَعْضِ عُقُوبَةِ هَذَا: أَنْ يَرْفَعَ اللَّهُ U مَهَابَتَهُ مِنْ قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَيَهُونُ عَلَيْهِمْ، وَيَسْتَخِفُّونَ بِهِ، كَمَا هَانَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَاسْتَخَفَّ بِهِ، فَعَلَى قَدْرِ مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِلَّهِ يُحِبُّهُ النَّاسُ، وَعَلَى قَدْرِ خَوْفِهِ مِنَ اللَّهِ يَخَافُهُ الْخَلْقُ، وَعَلَى قَدْرِ تَعْظِيمِهِ لِلَّهِ وَحُرُمَاتِهِ يُعَظِّمُهُ النَّاسُ.

وَكَيْفَ يَنْتَهِكُ عَبْدٌ حُرُمَاتِ اللَّهِ، وَيَطْمَعُ أَنْ لَا يَنْتَهِكَ النَّاسُ حُرُمَاتِهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَهُونُ عَلَيْهِ حَقُّ اللَّهِ وَلَا يُهَوِّنُهُ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ؟ أَمْ كَيْفَ يَسْتَخِفُّ بِمَعَاصِي اللَّهِ وَلَا يَسْتَخِفُّ بِهِ الْخَلْقُ؟.

وَقَدْ أَشَارَ -سبحانه- إِلَى هَذَا فِي كِتَابِهِ عِنْدَ ذِكْرِ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ، وَأَنَّهُ أَرْكَسَ أَرْبَابَهَا بِمَا كَسَبُوا، وَغَطَّى عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَطَبَعَ عَلَيْهَا بِذُنُوبِهِمْ، وَأَنَّهُ نَسِيَهُمْ كَمَا نَسُوهُ، وَأَهَانَهُمْ كَمَا أَهَانُوا دِينَهُ، وَضَيَّعَهُمْ كَمَا ضَيَّعُوا أَمْرَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ -تعالى- فِي آيَةِ سُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ لَهُ: وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ، وَمَنْ ذَا يُكْرِمْ مَنْ أَهَانَهُ اللَّهُ؟ أَوْ يُهِنْ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ؟. اهـ.

فَيَا أَهْلَ الإيمَانِ: مُروا وَأَنكِرُوا، ولا تَتوانَوا وَتَتكَاسَلُوا، وابذُلُوا الوُسعَ قَبلَ أنْ يَستَعلِيَ البَاطِلُ وأهلُهُ: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ).

نَسأَلُ اللهَ أنْ يَتَدَارَكَنا بِعفوهِ ولُطفِهِ، وأنْ يَهديَنا جَميعَا صِراطَهُ المُستَقِيمَ، وأن يجعلَنا مَفَاتِيحَ خيرٍ مَغَالِيقَ شَرِّ، وَأَنْ يَرزُقَنا شُكرَ نِعَمِهِ، وحُسنَ عبادَتِهِ، وأسْتَغِفرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِلمُسلِمِينَ فَاستَغْفِرُوه إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.









الخطبة الثانية
الحمدُ لله كرَّمَ المُؤمنينَ بالطَّاعاتِ، وتوعَّد أَهْلَ المَعَاصِي بِأنَواعِ العُقُوبَاتِ، نَشْهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَه رَبُّ الأَرضِ والسَّماواتِ، وَنَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ تَرَكنا على مَحجَّةٍ بَيضَاءَ لا يَزِيغُ عَنها إلاَّ أَهلُ الضَّلالِ والأَهواءِ، صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ الأَتقياءِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلى يَومِ الِّلقَاءِ.

أَمَّا بَعدُ: فيا صلحاء الأمة وعقلاءَها: اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجَرة، وذهبت البركات، وقلت الخيرات، وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأفعال الفظيعة، وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح، وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل بلاء قد ادلهم ظلامه.

وكل يوم نتسامع بفظيعة من الفظائع، وفجيعة من الفجائع، وما خفي كان أعظم، والناس ترى ذلك وتسمعه، وتدري به وتعلمه، فلا تقشعر الجلود، ولا تغار القلوب، بل على العكس، نجد مَن يُريد أن يفرض على الناس غَضَّ الطرف، والصمت والتغاضي والتجاهل، عن المنكرات.

فاتقوا الله في بلادكم ومجتمعكم، وخذوا لربكم من أنفسكم، وصونوا حرماتِ الله من أن ينتهكها سفهاؤكم الآثمون، وحدودَه مِن أن يَتلاعب بها فجاركم المتلاعبون، أو يعبث بها الجهلة العابثون.

خذوا على يد الفاجر، وازجروه عن فجوره، واردعوه عن جرمه، وتعانوا على بر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تعانوا على إثم السكوت عن المنكرات.

حُولوا بين العُصاة وبين أنفسهم الأمَّارة بالسوء، واجعلوا من كل مُسْتَهْتِرٍ بحرمات الله للناس عبرة، قبل أن يجعل الله منكم للناس عبرة، وكم لله في هذه الأرض على مَرِّ الدهر مِن عِبرة! وبذلك تحفظون بلادكم ومجتمعكم، وتصونون أعراضكم وذرياتكم، وإلا؛ فإنْ سَكَتُّم وتخاذلتم فلا تلوموا إلا أنفسكم.

صلوا على رسول الله
أسباب التوفيق للطاعات

الخُطْبَةُ الأُولَى:



الحمدُ لله برحمته اهتدى المُهتدونَ، وبعدلِهِ وحكمَتِهِ ضلَّ الضَالونَ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, لا يُسألُ عمَّا يفعلُ وهم يُسألونَ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسولُه، ترَكنا على مَحجَّةٍ بَيضَاءَ لا يزيغُ عنها إلاَّ جاهلٌ أو صاحبُ هوى مفتون، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه وأتباعِه بإحسانٍ إلى يوم الدين, وسلم تسليما كثيرا.



أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[البقرة: 281].



أيها الأحبة: كلنا يحب الجنة, ويحب أن يكون من أهل درجاتها العالية, وكلنا يخاف النار ويستعيذ في كل صلاة منها ومن عذاب القبر, ولكننا نجد أنفسنا قد فرّطنا في طاعات كثيرة؛ أما بتركها, أو بِنُدْرَة فعلها, أو التقصير في أدائها, ونجد أنفسنا أحيانا نتعدى حدود الله التي نهانا عنها, ونجد أيضا تقصيرا في التوبة والاستغفار!.



فتعالوا نتذاكر حديثاً عسى الله أن ينتفع به المتكلم والسامع, ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.



عباد الرحمن: إن من أسباب التوفيق للأعمال الصالحة وتقوى الله؛ الافتقارَ إلى الله والتبرؤ من الحول والقوة, إن امتلاء القلب بالافتقارِ إلى الله -سبحانه- وشدةِ حاجتهِ إلى هداية ربه -عز وجل- وتوفيقهِ, وشهودِ العبد لضعفه وجهلِه من أسباب التوفيق, وهذا يجرّ إلى سبب من أعظم التوفيق للعمل الصالح, وهو كثرة الدعاء والإلحاح على الله -تعالى- بسؤال الهداية؛ ألا ترون أن اللهَ جعل سؤالَ الهدايةِ إلى صراطِه المستقيم في أعظمِ سورة في كتابه, وجعل قراءتَها ركنًا في الصلاة وهي أعظمُ فريضةٍ بعد التوحيد.



ثم تأمل كثرةَ الدعواتِ النبويةِ بسؤال الهداية والعون على العبادة, وفعل الخيرات وترك المنكرات, والاستعاذة من شر النفس والشيطان, وفي الحديث القدسي: "يا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ"(أخرجه مسلم), وفي التنزيل: (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)[الشورى: 13].



ومن أسباب التوفيق للتقوى وعمل الصالحات: صلاح القلب؛ "ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً, إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ"(أخرجه الشيخان), وفي التنزيل: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الأنفال: 70].



إخوة الإيمان: ومن أسباب التوفيق للعمل الصالح: أن يعملَ العبدُ ما تيسر له, ويستمر على فعله؛ فعن عائشة -رضي الله عنها-: أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟, قالَ: "أَدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ"(رواه مسلم), فبالعمل الدائم -ولو كان قليلا- يدوم غذاء الإيمان, وتزكو النفس ويكثر العمل, قَالَ عِكْرِمَةُ: "كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ".



ومن أسباب التوفيق للعمل الصالح والتقوى: استشعار العبد لمنّة الله وفضله أن هداه وأعانه ووفقه؛ (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[الحجرات: 17], وفي آية أخرى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[النور: 21].



ومن أسباب التوفيق أيضا: حمد الله وشكره إذا وُفِّقَ العبدُ لعملٍ صالحٍ أو صُرِف عن سوء؛ فالشكر يزيد النعم, والأعمال الصالحة من أعظم النعم.



ومن أسباب التوفيق للعمل الصالح والتقوى: الحرص على ما يغذي الإيمان؛ كمجالس الذكر, وكمعرفة أسماء الله الحسنى, وكاستماع كلام الله, وأيضا التفكر في الآخرة وما يذكّر بها؛ ففي الحديث: "عُودُوا المرضَى, واتَّبِعوا الجَنائِزَ؛ تُذَكِّرْكُم الآخِرةَ"(صححه الألباني).



ومن أسباب التوفيق للعمل الصالح: اجتناب الذنوب؛ فإنها سبب لحرمان العبد, قال -تعالى-: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ)[المائدة: 49].



ومن أسباب التقوى: إقام الصلاة بشروطِها وأركانِها وواجباتِها وسننِها؛ (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)[العنكبوت: 45].



نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة, وبما فيهما من الهدى والحكمة, واستغفروا الله إنه كان غفارا.









الخطبة الثانية:
الحمد لله القائل: (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[يس: 54], وصلى الله وسلم على البشير النذير والسراج المنير, وعلى آله وصحبه, أما بعد:



عباد الرحمن: فالحسنة تقول: أختي أختي, وربنا غفورٌ شكور فمن فضله أن يُوفقَ العبدُ إذا عملَ صالحاً لمزيدٍ من الخير, وهل من يختم كل أسبوع أو كل ثلاث ليال مثلا وصلها مباشرة؟! قطعاً لا؛ بدأ بشيء محدود, ولكن الله يوفقه للزيادة بين فترة وأخرى, وهل من يتصدق بعُشر ماله أو ربع ماله مثلا أو نصف ماله وصل هذا مرة واحدة؟! بالتأكيد لا؛ ولكن بدأ بشيء, والله يوفقه للزيادة!.



إخوة الإيمان: من أسباب التوفيق للأعمال الصالحة: بر الوالدين ورضاهما, أخرج الترمذي وابن حبان والحاكم مرفوعا: "رضا اللهِ في رضا الوالدينِ, وسخطُ اللهِ في سخطِ الوالدينِ"(صححه الألباني), ومن أكرمه الله برضاه وُفق للخيرات بإذن ربه.



ومن أسباب التوفيق للعمل الصالح: التدرج مع النفس شيئاً فشيئاً, واستغلال الأوقات التي تنشط فيها النفس على العبادة, فللنفس إقبال وإدبار؛ ولذا استحب العلماء أن يكون للمسلم ركعات يصليها من الليل ثلاثاً أو خمساً أو تسعاً أو أكثر, يداوم عليها كل ليلة, ويطيلها ويقصرها حسب نشاطه وإقباله.



ومن أسباب التوفيق للعمل الصالح: الإكثار مما فُتح للعبد فيه من أبواب الخير وسُهّلَ عليه, فشخص يُفتح له في الصوم, وآخر في الصدقات, وثالث في نفع الناس وهكذا, فعلى المسلم أن يستكثر مما لا يجد فيه كبير مشقة.



وأختم الأسباب بسبب لعله من أهم أسباب التوفيق للعمل الصالح: إنه التحرز من الشيطان بالأذكار, خصوصا الأذكار التي ورد أن فيها حرزاً وحفظاً من الشيطان؛ كما في حديث التهليل مائة مرة: "وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذلِكَ", ودعاء الخروج من البيت, وآية الكرسي عند النوم وغيرها, وذكر الله عموما يطرده؛ فهو وسواس يخنس عند ذكر الله, أعاذنا الله من شِرْكِه وشَرَكِه؛ (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[فصلت: 36].



فختاما -عباد الله- لنزاحم سيئاتنا بالطاعات؛ (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)[هود: 114], ولنطهر أنفسنا من دنس الآثام بالتوبة والاستغفار؛ (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ)[هود: 90].



اللهم باعد بيننا وبين خطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب, اللهم نقّنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد.
الدعوة الى الله
الدعوة الى الله إذا لم تكن دعوة من كتاب الله الى كتاب الله ومن سنة رسول الله الى سنة رسول الله فهي دعوة منحرفة مصير أصحابها النار عياذا بالله قال عليه الصلاة والسلام افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاثا وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة قيل من هي يارسول الله قال من هم عليه كما انا عليه اليوم واصحابي
وفي حديث آخر يأتي ناس من من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام يارب أمتي أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم غيروا وبدلوا فأقول سحقا سحقا لمن غير وبدل
هذه الأحاديث وغيرها والأيات التي حثت على إتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
تبين خطر الإبتداع في الدين
وما نحن فيه من إختلاف وتناحر وحسد وشحناء وبغضاء كل ذلك بسبب الإبتداع في الدين فهناك فرقة الخوارج وهي أول فرقة ظهرت في الإسلام هذه الفرقة الخبيثة خرجت على عثمان بن عفان رضي الله عنه وقتلته وهو ذو النورين المبشر بالجنة وخرجت على علي بن ابي طالب رضي الله عنه وهو المبشر بالجنة وقتلته فقبح الله فكر الخوارج الخبيث
وظهرت فرقة التشيع سبابين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعنين في القرآن ومنكرين للسنة عباد قبور ليس لهم من الإسلام الا إسمه
وظهر التصوف الذي ساق أصحابه الى الشرك بالله وعبادة القبور وفرقة الجهمية والمعتزلة والقدرية وكل هذه الفرق انحرفت عن الصراط المستقيم
ثم ظهرت احزاب علمانية لا دينية محاربة للإسلام وأهله
ومنها اشتراكية وناصرية وبعثية وغيرها
ثم ظهرت احزاب تدعي انها احزاب اسلامية والإسلام بريئ منها لأنه لا حزبية في الإسلام وانما أمة واحدة متمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها وهذه الإحزاب تجد أصحابها بعيدين عن التمسك بالسنة مفكر اسلامي داعية اسلامي حالق لحيتة وشاربه يلبس بنطال مضغوط على فخذيه كرفتة
ديمقراطي دعوته تمثيل مسرحيات رحلات أناشيد مع أصوات المسيقى لفلفة أموال من هنا وهناك بإسم الأرامل والعجزة والأيتام بإسم اخوانكم في فلسطين اخوانكم في غزة
وما تمر محنة في بلد إلا وتجدهم يسارعوا بمد الغتر والشيلان في المساجد هذه دعوتهم اين الدعوة الى العقيدة الصحيحة اين الدعوة والتحذير من البدع والخرافات والشركيات اين علم الحديث والفقه اين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اين علم السيرة اين علم اللغة العربية اين التفسير كل هذا تركوه خلف ظهورهم واتجهوا لجمع الدنيا فكانت العقوبة من الله لا دنيا صلحت لهم ولا آخرة حافظوا عليها وتابوا ورجعوا الى المسار الحقيقي لدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام
قال الله سبحانه ( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ٠٠)
كل الطرق مسدودة الى الجنة الا طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام كل امتي يدخلون الجنة الا من أبى قيل ومن يأبى يارسول الله قال من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى
اللهم اجعلنا متبعين لا مبتدعين واحشرنا في زمرة نبينا عليه الصلاة والسلام
خطبة 🎤 بعنوان
"وداع العام الهجري والعبرة من انقضائة.."
🕌🕋🌴🕋🕌
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمدُ لله العزيز الغفور الحليم الشّكور،
يعلم خائنَة الأعين وما تخفي الصّدور،
أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره ...
لا قاطع لمن يصله ،
ولا نافع لمن يخذله ،
يثيب علي العمل القليل ويقبله،
ويحلم علي العاصي فلا يعاجله ..
الملائكة من خشيتِه مشفِقون،
والعباد من عظمته وجلون ،
وكلّ من في السموات والأرض له قانتون ..

يا أيها الإنسـان مهـلاً مالـذي ...
بالله جـل جـلالـه أغـراكـا؟
فاسجـد لمـولاك القديـر فإنمـا ...
لابـد يومـاً تنتـهـي دنيـاكـا
وتكون في يـوم القيامـة ماثـلاً ...
تُجزى بمـا قـد قدمتـه يداكـا

، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ملك فقهر ، وتأذن بالزيادة لمن شكر ، وتوعد بالعذاب من جحد وكفر ، تفرد بالخلق والتدبير وكل شيء عنده مقدر ،

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، طاهر المظهر والمخبر ، وأنصح من دعا إلى الله وبشر وأنذر ، وأفضل من صلى وزكى وصام وحج واعتمر ،

ﻓﺎﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ على ﺳﻴﺪﻱ أﺑﺎ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ  ﺣﺒﻴﺐ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ،

وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مديداً كثيرا . . .

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تََسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...

ﺃﻣـــﺎ ﺑﻌـــــــﺪ :::** 

عــــــــــــــباد ﺍﻟﻠـــــــــــــــــﻪ .:**

نحن ﺍﻟﻴـــــﻮﻡ ﻋﻠﻲ ﻣﻮﻋﺪ  ﻣﻊ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻡ  ﺍﻟﻬﺠــﺮﻱ ،
ﻓﻨﺤﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ  ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌة ، ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻖ  ﺍﻟرابع ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ  ﻣﻦ ﺷﻬﺮ  ﺫﻱ ﺍﻟﺤﺠـة _
 ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﺮ  ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ  ﻋﺸﺮ ﻣﻦ  ﺳﻨة ١٤٤١ ﻫﺠــﺮﻳﺎ ...

  وﻫﻲ  آﺧﺮ  ﺟﻤﻌة ﻓﻲ  ﻫﺬﺍ  ﺍﻟﻌﺎﻡ  ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ  ...

ﺃﺳﺄﻝ  ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻲ ﺍﻥ ﻳﺨﺘﻢ ﻟﻨﺎ  ﺑﺨﺎﺗﻤﻪ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﻩ  ﻓﻲ  ﻫﺬﺍ  ﺍﻟﻌﺎﻡ ،،
  ﻭأﻥ  ﻳﻄﻮﻱ  ﺻﺤﻴﻔﻪ أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ  ﻋﻠﻲ ﻛﻠﻤة ﺍﻟتﻮﺣﻴﺪ  ﺧﺎﻟﺼة ﻟﻠﻪ  ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎلى ... ﻟﻴﺲ ﺑﻬﺎ ﺭﻳﺎﺀ ﻳﺎﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ **

ﻋﻠﻤﺎ ﺑﺄﻥ  ﻫﺬﺍ  ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺷﻬﺮ ﺍﻟﺤﺮﻡ  ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺮﻡ  ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ  ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ  ﻭﺣﺮﻡ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻈﻠﻢ ،،،
 ﻓﻘﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﻓﻲ  ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ (( ﻳﺎ ﻋﺒﺎﺩﻱ ﺍﻧﻲ ﺣﺮﻣﺖ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﺟﻌﻠﺘﻪ ﺑﻴﻨﻜﻢ  ﻣﺤﺮﻣﺎ ﻓﻼ‌ ﺗﻈﺎﻟﻤﻮﺍ )) ... 

 ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ أﻳﻀﺎ  ﻳﻮﻡ  ﻋﺮﻓﻪ  ﻣﻦ ﺻﺎﻡ  ﻫﺬﺍ  ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ  ﻛﻔﺮ  ﺍﻟﻠﻪ  ﻟﻪ  ﺳﻨﺘﻴﻦ  ﺳﻨﻪ ﻣﺎﺿﻴة ﻭﺳﻨة ﻣﻘﺒﻠة ﻋﻠﻴﻪ إﻥ ﺷﺎﺀ  ﺍﻟﻠﻪ  ......

((إﻥ  ﻋﺪﻩ ﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺛﻨا ﻋﺸﺮ ﺷﻬﺮا ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ  ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻮﻡ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻻ‌ﺭﺽ  ﻣﻨﻬﺎ أﺭﺑﻌة ﺣﺮﻡ  ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ  ﻓﻼ‌ ﺗﻈﻠﻤﻮﺍ  ﻓﻴﻬﻦ ﺍﻧﻔﺴﻜﻢ  ......))

ﻓﻴﺎ ﺍﺧﻲ  ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ  ......**
ﺍﻟﻠﻪ  ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻲ ﻳﺨﺘﻢ  ﻟﻚ  ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺸﻬﺮ ﻣﻠﺊ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ، ﻛﻠﻪ  ﺷﻬﺮ ﺣﺮﺍﻡ ، ﻭﺷﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﻳﻮﻡ  ﻋرفة، ﻭﺷﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺣﺞ  ﺑﻴﺖ  ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ، ﻭﺷﻬﺮ ﻓﻴﻪ  ﻋﺸﺮة أﻳﺎﻡ ﺍلأﻋﻤﺎﻝ  ﻓﻴﻬﺎ  ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ في سبيل الله ..

 ﻓﺎﻟﺴﺆﺍﻝ  ﻟﻚ  أﺧﻲ  ﺍلآﻥ  ..
ﻛﻴﻒ ﺧﺘﻤﺖ ﻋﺎﻣﻚ ؟
ﻭﻛﻴﻒ  أﻧﻬﻴﺖ  ﻋﺎﻣﻚ ؟

ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ  ﻟﻚ  ﻭﻟﻲ  ﻭﻟﻜﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ  ..

ﻭأﻧﺎ  ﻻ‌ أﺭﻳﺪ ﺍﺟﺎﺑة  ..... فأﺟﺐ  ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻚ  ، إﻥ  ﻛﺎن  ﺧﻴﺮﺍ  ﻓﺎﺣﻤﺪ  ﺍﻟﻠﻪ   ﻭﺯﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮ  ..
ﻭإﻥ  ﻛﺎن ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻓﺄﻧﺖ ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﻋﻠﻲ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎة،

ﻏﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﻴﺮﻙ  ، ﻏﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻚ  ، ﻏﻴﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ  ،  ﺗﺐ ﺍﻟﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻮﺑﻪ  ﻧﺼﻮﺣﺎ  ﻋﺴﻲ ﺍﻥ ﻳﻐﻔﺮ  ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻚ  ﻣﺎ ﻓﺎﺕ  ﻭﻣﺎ ﻣﻀﻲ  فإﻥ  ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ  ﺟﻤﻴﻌﺎ  ..
 
ﺗﺐ  ﺍﻟﻲ  ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻮبة ﻗﺒﻞ أﻥ ﻳﺄﺗﻲ  ﻋﻠﻴﻚ  ﻳﻮﻡ  ﻻ‌ ﺗﻘﺒﻞ ﺗﻮﺑﺘﻚ  ، ﻗﺒﻞ أﻥ تأﺗﻲ  ﻋﻠﻴﻚ ﺳﺎعة ﻻ‌ ﺗﻌﺮﻑ  ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻻ‌ ﺍﻟﻨﺪﻡ  ...

ﻓﻴﻘﻮﻝ  ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻲ   :  (( ﻗﻞ  ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻗﻠﻴﻞ  ﻭالآ‌ﺧﺮة ﺧﻴـــــــــــــــــــﺮ ... ))
ﻟﻤﻦ ؟؟   ... ﻟﻤﻦ ﻳﺎﺍﻟﻠﻪ ؟؟  
(( ﻟﻤﻦ  ﺍﺗﻘﻲ  ..... ))
(( ﻭﺍﻻ‌ﺧﺮﻩ  ﺧﻴﺮ ﻟﻤﻦ ﺍﺗﻘﻲ  ﻭﻻ‌ ﺗﻈﻠﻤﻮﻥ ﻓﺘﻴﻼ‌  ))


ﻋﺒــــــــــــــــــــــــــﺎﺩ  ﺍﻟﻠﻪ  :**
إﻥ  ﺣﻴﺎﻩ ﺍﻻ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ  ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻣﺮﺍﺣﻞ ..
ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﻘﻴﻢ  ﻭﺭﺍﺣﻞ ،
ﻓﻜﻞ ﻧﻔﺲ  ﻳﺘﻨﻔﺴﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﺩﻡ  يقربه ﻣﻦ أﺟﻠﻪ  ﻭﻳﺒﻌﺪﻩ ﻣﻦ ﺃﻣﻠﻪ  ....

  ﻓأﺣﺰﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ  ﻭأﻋﻘﻠﻬﻢ  ﻣﻦ ﺣﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ  ﻳﻮﻣﺎ ﻓﻴــــﻮﻣـﺎ ..ﺣﺘﻲ  إﺫﺍ  ﻣﺎ ﺍﻧﺘﻬﻲ ﺍﻷ‌ﺟـﻞ  .. ﻭﺟﺪ ﺻﺤﻴﻔﺘــﻪ  ﻧﻘﻴـــــﻪ  ﻃﺎﻫﺮﻩ   ﻭﻳﻠﻘﻲ  ﺭﺑﻪ ﻓﺮﺣﺎ ﻣﺴﺮﻭﺭﺍ  .. ﻭﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠــﺰﺍﺀ  ﺳﻌﺎﺩة ﻭﺣﺒــﻮﺭﺍ ...

ﻓﻬﻨﻴﺌﺎ  ﻟﻤﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ  ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻡ ..
ﻭﻭﻳﻞ ﻟﻤﻦ ﺃﺳﺎﺀ  ﺍﻟﻌﻤﻞ  ﻭﺍﺭﺗﻜﺐ ﺍﻹ‌ﺟـﺮﺍﻡ ..
ﻷ‌ﻥ ﺍﻟﻌﺎﺻﻴﻦ ﻟﺮﺑﻬﻢ ﻣﺘﻌﺮﺿﻮﻥ  ﻓﻲ ﻛﻞ ﻭﻗﺖ  أﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻘﺎﺏ  ﻣﻦ ﻋﻘﺎﺑﻪ  ..

 ﺃﻟﻢ  ﺗﺴﻤﻊ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌـــﺎﻟﻲ  : (( ﺃﻓﺄﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻜﺮﻭﺍ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﺃﻥ ﻳﺨﺴﻒ  ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﻢ ﺍﻻ‌ﺭﺽ  ﺃﻭ ﻳﺄﺗﻴﻬﻢ  ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ‌ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ * ﺃﻭ ﻳﺄﺧﺬﻫﻢ  ﻓﻲ ﺗﻘﻠﺒﻬﻢ ﻓﻤﺎ ﻫﻢ ﺑﻤﻌﺠﺰﻳﻦ * ﺃﻭ ﻳﺄﺧﺬﻫﻢ ﻋﻠﻲ ﺗﺨـــﻮﻑ  ﻓﺈﻥ ﺭﺑﻜﻢ ﻟﺮﺅﻭﻑ ﺭﺣﻴﻢ  ....))**

 على ﺃﻥ  ﻛﻞ   ﻟﻤﺤة  ﺃﻭ ﻟﺤﻈﻪ ﺗﻤﺮ  ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ آﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻬﻲ ﺟﻮﻫﺮة ﻻ‌ ﺗﺜﻤﻦ  ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻄﺎﻡ ..
ﻭﻟﻮ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﻢ  ﻋﻠﻲ أﻥ ﻳﺮﺩﻭﺍ ﻋﻠﻴﻚ ﻧﻔﺴﺄ ﻣﻀﻲ  ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻚ  ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ  ..**

ﻓﻼ‌ ﺗﻔﺮﻁ ﻳﺎ أﺧﻲ  ﻓﻴﻤﺎ  ﺑﻘﻲ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ،،،

ﻗﺎﻝ  ﺻﻠﻲ  ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ (( ﺃﺧﺴﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺻﻔﻘﻪ ، ﺭﺟﻞ ﺃﺧﻠﻖ ﻳﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﺍّﻣﺎﻟﻪ ﻭﻟﻢ ﺗﺴﺎﻋﺪﻩ  ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺃﻣﻨﻴﺘﻪ  ﻓﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﺑﻐﻴﺮ ﺯﺍﺩ  ﻭﻗﺪﻡ على  ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻐﻴﺮ  ﺣﺠـة  ......))**

ﻓﺎﻋﻤﻞ  ﻳﺎ اﺧﻲ  ﻣﺎ ﺗﻠﻘﻲ ﻧﻔﻌﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻚ ،
  ﻭﺑﺎﺩﺭ أﻳﺎﻡ ﺻﺤﺘﻚ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ،
ﻓﻴﺨﺸﻲ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﻓﺮﻁ  ﻓﻲ ﺫﻟﻚ أﻥ ﻳﺼﻞ إﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﺑﻐﻴﺮ ﺯﺍﺩ .....**

روى ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ  ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ  ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ  ( إﺭﺗﺤﻠﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺪﺑﺮﻩ  ﻭﺍﺭﺗﺤﻠﺖ ﺍﻻ‌ﺧﺮﻩ ﻣﻘﺒﻠﻪ  ﻭﻟﻜﻞ  ﻭﺍﺣﺪة ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻨﻮﻥ . ﻓﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺀ ﺍﻻ‌ﺧﺮة ﻭﻻ‌ ﺗﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ  ﻋﻤﻞ  ﻭﻻ‌ ﺣﺴﺎﺏ   ﻭﻏـﺪﺍ  ﺣﺴﺎﺏ ﻭﻻ‌ ﻋﻤﻞ  ))...

 
إﻧﻘﻀﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ : ﻓﻬﻨﻴﺌﺎ ﻟﻤﻦ ﻋﻤﻞ ﻓﻴﻪ  ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻊ ﻭﺍﺳﺘﺪﺭﻙ ﺑﻘﻴة ﺍﻻ‌ﻳﺎﻡ ﻭﺍﻻ‌ﻭﻗﺎﺕ ،
ﻭﻭﻳﻞ  ﻟﻤﻦ  ﺷﻐﻠﻪ  ﺍﻟﺤﺮﺹ  ﻭﺍﻟﻄﻤﻊ   ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ  ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺎﺕ ، ﻭﺗﺨﻠﻒ  ﻋﻦ أﺳﺑﺎﺏ ﺍﻟﻨﺠﺎة ، ﻭﺍﺷﺘﻐﻞ ﺑﻤﺎ ﻻ‌ ﻳﺠﺪﻱ  ﺇﻻ‌  ﺍﻟﻨﺪﻡ  ﻭﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺍﺕ  ...

إﻧﻘﻀﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ  ﻭإﻧﺎ ﻟﻨﻮﺩﻋــﻪ  !
   ﻛﻠﻪ  ﺣﺰﻥ ﻭﺃﻟﻢ !! وفرح وترح، ،
سعادة وشقاء ، صحة وسقم، ،

ﻭﺩﺍﻋﺎ أﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ  ....

ﺭﺑﺢ  ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﺑﺢ  ﻭﺧﺴﺮ  ﻓﻴﻪ  ﻣﻦ ﺧﺴﺮ ،،،

  ﻓﻴﺎﻟﻴﺘﻨﺎ  ﻧﺸﻌﺮ  ﺑﻤﻦ ﺭﺑﺢ  ﻓﻨﻬﻨﻴﻪ  ﻭﻧﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﻓﺰﺕ  ﻭﺭﺏ ﺍﻟﻜﻌﺒﻪ ... 

ﻭﻳﺎﻟﻴﺘﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﺎﺳﺮ ﻓﻴﻪ  ﻭﻧﻘﻮﻝ  ﻟﻪ  ﻫﻠﻜﺖ ﻭﺷﻘﻴﺖ ﻭﺭﺏ ﺍﻟﻜﻌﺒﻪ ﺍﻻ‌ أﻥ ﻳﺘﻐﻤﺪﻙ  ﺭﺑﻲ ﺑﺮﺣﻤﺘـﻪ ...

ﻧﻮﺩﻋﻪ  ﺑﻜﻞ  ﺣﺰﻥ ﻭﺃﻟﻢ   ﻷ‌ﻧﻨﺎ  ﺃﻋﺘﺪﻧﺎ أن ﻻ‌ ﻧﻠﺘﻔﺖ   ﻟﻤﺮﻭﺭ ﺍﻻ‌ﻳﺎﻡ  ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﻣﺮ ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ..
ﻭﻻ‌ ﻧﺘﺰﻭﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﺪﺧﺮﻩ   ﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ   ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩ .....**

ﻓﻤــﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺇﻻ‌  ﺑﻌـﺎﻡ   ﺍﻧﺘﻬﻲ   ﻭﻋﺎﻡ ﻣﻘﺒﻞ ..
ﻭﻋﺎﻡ ﻣﻀﻲ  ﻭﺍﻧﺘﻬﻲ  ﻭﻋﺎﻡ  ﺗﺠﺪﺩ ... 
ﻭﻫﺬﻩ  ﻫﻲ ﻃﺒﻴﻌﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮ  ...
 
ﻻ‌ ﻧﻌﺮﻑ ﺍﻻ‌ ﻋﻨﺪﻣﺎ  ﻳﻘﻮﻝ  ﻟﻚ  ﻏﺪﺍ   ﻋﺎﻡ ﺟﺪﻳﺪ   .. ﺇﻻ‌  ﻣﻦ ﺭﺣﻢ  ﺭﺑﻲ ﻭﺗﻔﻘﺪ أيامه  ﻭﻋﻤﻞ  ﻟﻼ‌ﺧﺮﻩ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻭﻛﺎﻥ  ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺀ ﺍلآﺧﺮة  ﻭﻟﻴﺲ  ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ،،،
  ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ  ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ  ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎبة أﺟﻤﻌﻴﻦ  .....**


 ﻋﺒـﺎﺩ  ﺍﻟﻠﻪ  :
إﻧﺘﻬﻲ  ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ   ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻏﻔﻼ‌ﺗﻨﺎ   ﻭﺫﻧﻮﺑﻨﺎ  ﻧﻬﺒﻂ  ﻭﻧﺼﻌﺪ ، ﻓﻴﻤﻀﻲ  ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻔﺎﺋﺖ  ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺋﻒ ﻓﻴﻪ  ﻣﺴﻮﺩﻩ  ..
ﻳﺸﻜﻮﺍ إﻟﻲ  ﺍﻟﻠﻪ  ﻣﻦ ﻃﻐﻴﺎﻧﻨﺎ  ﻭﻳﺘﺄﻓﻒ  ﻣﻦ آﺛﺎﻣﻨﺎ ..  ﺣﺘﻲ إﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﺠﺪﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ  ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻭﺍلآﺛﺎﻡ   ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﺑﺎلأ‌ﻭﻝ  ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﺯﻱ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ....**

ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﺌﻦ ﻟﻢ ﻧﺴﺘﺪﺭﻙ   ﻣﺎ ﻣﻀﻲ  ﻭﻓﺎﺕ  ، ﻭﻧﻌﺪ ﻋﻤﻼ‌ ﺻﺎﻟﺤﺎ  ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﻨﺠﺎة .. ﻟﻨﻨدم  ﻧﺪﺍمة ﻭنتحسر ﺃﺷد ﺍﻟﺤﺴﺮﺍﺕ  ....

فمتى نصحو ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﻔﻠﻪ  ونفيق ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻜﺮة ؟؟!!

ﻓإﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ  ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ  ﻣﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺘﺎﺏ  ﻓﻲ آﺧــﺮ ﺍﻟﻌﻤــﺮ . ﻓﺎﻷ‌ﺟــﻞ  ﻣﺤـــــﺪﻭﺩ ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻓﺎﺟﺄﺗﻚ  ﺍﻟﻤﻨﻴﻪ  ﻭأﻧﺖ ﻋﺎﺹ  ﻭﻓﻲ ﺫﻫﻮﻝ  ،
ﻭﺫﻫﺒﺖ إﻟﻲ ﺍلآ‌ﺧـﺮة ﻭأﻧﺖ ﻣﻠـﻮﻡ  ﻓﻴﻜﻮﻥ مصيرك ﻟﻠﻨﺎﺭ   ﻭﺑﺌﺲ ﺍﻟﻘــﺮﺍﺭ  ....

ﻭﺇﻥ  ﻛﺎﻥ  ﺫﻟﻚ ﻻ‌ﺳﺘﻬﺎﻧة ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ  ﻭﺿﻌﻒ ﺍﻻ‌ﻳﻤﺎﻥ  ﻭﺿﻌﻒ ﺑﺎﻟﻴﻘﻴﻦ  ﻓﺎﻟﻤﺼﻴـﺒة   أﻛـﺒﺮ ..
ﻷ‌ﻥ ﺍﻟﺘﺮﺩﺩ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻜﻔــﺮ  ..

 ﻗﺎﻝ  ﺗﻌـﺎﻟﻲ  : ((إﻥ  ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻜﺒﺮﻭﻥ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺗﻲ ﺳﻴﺪﺧﻠﻮﻥ ﺟﻬﻨﻢ ﺩﺍﺧﺮﻳﻦ .....))

ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ  ﺫﻟﻚ  ﻧﻜﺮﺍﻥ  ﻟﻠﺒﻌﺚ  ﻭﺍﻟﻨﺸﻮﺭ   ﻭﺍﻻ‌ﻛﺘﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺯﺧﺎﺭﻑ  ﻭﻏﺮﻭﺭ ﻓﺬﻟﻚ  ﺍﻟﻜﻔــﺮ ﻭﺍلإﻟﺤـﺎﺩ نعوذ بالله ...

 ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻲ  : (( ﻭﻣﻦ ﻳﻀﻠﻞ  ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻫـﺎﺩ ...))

 ﻭﺍﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﻻ‌ ﺫﺍﻙ  ﻓﻬــﺬﺍ  ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺐ  ﺍﻟﻌﺠﺎﺏ   ..!!

ﻷ‌ﻥ ﺍﻻ‌ﻧﺴﺎﻥ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻤﺘﺎﺯ ﺑﻌﻘﻠﻪ  ﻭﻻ‌ ﻓﺎﺋﺪة  ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ إﺫﺍ   ﻟﻢ ﻳﻬﺘﺪﻱ ﺑﻪ  ﻟﻠﺨﻼ‌ﺹ   ﻣﻦ  ﻳﻮﻡ ﻳﺆﺧﺬ  ﺑﺎﻟﻨﻮﺍﺻﻲ ﻭﺍﻷ‌ﻗــﺪﺍﻡ  ....

ﻓﻄﻮﺑﻲ ﻟﻤﻦ ﺗﺪﺍﺭﻙ  ﺍﻟﻬﻔﻮﺍﺕ  ،
ﻭﺑﺸﺮﻱ ﻟﻤﻦ ﻻ‌ﺯﻡ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﻭﻋﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺎﺕ ،

  ﻭﻫﻨﻴﺌﺎ ﻟﻤﻦ ﺃﺫﻫﺐ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ....

ﻭﻳﺎ ﺧﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺷﻐﻠﺘﻪ ﺍﻟﻤﻼ‌ﻫﻲ  ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺍﺕ  ﻋﻦ ﻃﺎﻋﻪ ﻣﻮﻻ‌ﻩ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ  .....
ﻭﻣﺎ ﺍﻋﻈﻢ ﺧﺴﺎﺭة  ﻣﻦ ﺑﺎﻉ   ﻧﻔﻴﺲ آﺧﺮﺗﻪ  ﺑﺨﺴﻴﺲ ﺩﻧﻴﺎﻩ  ﻭﺣﺴــﺮة  ﻟﻪ    ﻳﻮﻡ  ﺃﻥ  : (( ﺗﻘﻮﻝ  ﻧﻔﺲ ﻳﺎ ﺣﺴﺮﺗﻲ ﻋﻠﻲ ﻣﺎ ﻓﺮﻃﺖ  ﻓﻲ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﻠﻪ  .....))


 ﻋﺒــــــــﺎﺩ  ﺍﻟﻠﻪ  :

ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ  ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻲ  ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ..( ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ‌ ﺗﺸﻐﻠﻨﻜﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻋﻦ آﺧﺮﺗﻜﻢ  ﻭﻻ‌ ﺗﺆﺛﺮﻭﺍ  ﺃﻫﻮﺍﺀﻛﻢ  ﻋﻠﻲ ﻃﺎﻋة  ﻣﻮﻻ‌ﻛﻢ  ﻭﻻ‌ ﺗﺠﻌﻠﻮﺍ ﺍﻳﻤﺎﻧﻜﻢ  ﺫﺭﻳﻌة ﺍﻟﻲ ﻣﻌﺎﺻﻴﻜﻢ ،  ﻭﺣﺎﺳﺒﻮﺍ  أﻧﻔﺴﻜﻢ ﻗﺒﻞ اﻥ ﺗﺤﺎﺳﺒﻮﺍ ، ﻭﻣﻬﺪﻭﺍ  ﻟﻬﺎ ﻗﺒﻞ  أﻥ ﺗﻌﺬﺑﻮﺍ  ﻭﺗﺰﻭﺩﻭﺍ  ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ  ﻗﺒﻞ أﻥ ﺗﺰﻋﺠــﻮﺍ ، ﻓﺎﻧﻤﺎ ﻣﻮﻗﻒ ﻋﺪﻝ ﻭﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺣﻖ  ، ﻭﺳﺆﺍﻝ ﻋﻦ ﻭﺍﺟﺐ  ، ﻭﻗﺪ أﺑﻠﻎ ﻓﻲ ﺍﻻ‌ﻋﺬﺍﺭ ﻣﻦ ﺗﻘــــــــــــــﺪﻡ ﺑﺎﻻ‌ﻧﺬﺍﺭ ..
ﻭﻛﺘﺐ  ﺑﻌﺾ  ﺍﻟﺴﻠﻒ  ﺍﻟﻲ ﺃﺥ  ﻟـﻪ : إﻋﻠﻢ ﻳﺎ أﺧﻲ أﻧﻪ ﻳﺨﻴﻞ ﺍﻟﻴﻚ ﺃﻧﻚ ﻣﻘﻴﻢ  ﻭﺃﻧﺖ ﺩﺍﺋﺐ ﺍﻟﺴﻴﺮ  ﺗﺴﺎﻕ ﺳﻮﻗﺎ  ﺣﺜﻴﺜﺎ ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻴﻚ  ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻄﻮﻱ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻚ  ﻭﻣﺎ ﻣﻀﻲ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻙ ﻓﻠﻦ ﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﻴﻚ ...))

ﻭﻛﺘﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ  .... إﻟﻲ ﻳﺰﻳـﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ : ﺇﻳـــــــﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﻛﻚ  ﺍﻟﺼﺮعة ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐــﺮة ﻓﻼ‌ ﺗﻘﺎﻝ  ﺍﻟﻌﺜــﺮة. ﻭﻻ‌ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻌــة ، ﻭﻻ‌ ﻳﺤﻤﺪﻙ  ﻣﻦ ﺧﻠﻔﺖ ﺑﻤﺎ ﺗـﺮﻛﺖ ، ﻭﻻ‌ ﻳﻌﺬﺭﻙ ﻣﻦ ﺗﻘـﺪﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻤﺎ ﺍﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﻪ  ﻭﺍﻟﺴــﻼ‌ﻡ  .....**

ﻭﺣﻜﻲ أﻥ أﺑﻲ ﺑﻜـﺮة قال :  ﺩﺧﻞ على ﻣﻌﺎﻭﻳة ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ  ﻓﻘﺎﻝ  : إﺗﻖ  ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﻣﻌﺎﻭﻳة ، ﻭﺍﻋﻠﻢ أﻧﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﺨﺮﺝ  ﻋﻨﻚ  ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠة ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻴﻚ  ﻻ‌ ﺗـﺰﺩﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ إﻻ‌ ﺑﻌــﺪﺍ  ﻭﻣﻦ ﺍﻻ‌ﺧﺮة إﻻ‌ ﻗﺮﺑــــــــﺎ ، ﻭﻋﻠﻲ ﺃﺛـــــــﺮﻙ  ﻃﺎﻟﺐ ﻻ‌ ﺗﻔــﻮﺗﻪ ، ﻭﻗﺪ ﻧﺼﺐ ﻟﻚ ﻋﻠﻤﺎ  ﻻ‌ ﺗﺠـﻮﺯﻩ  ، ﻓﻤﺎ ﺃﺳﺮﻉ أﻥ ﺗﺒﻠﻎ ﺍﻟﻌﻠﻢ  ﻭﻣﺎ أﻭﺷﻚ  أﻥ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻚ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ...  ﻭإﻧﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴـﻪ  ﺯﺍﺋﻞ ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﻦ إﻟﻴـﻪ ﺻﺎﺋﺮﻭﻥ ﺑﺎﻕ ، إﻥ ﺧﻴﺮﺍ  ﻓﺨﻴﺮ  ﻭإﻥ ﺷﺮﺍ ﻓﺸـــﺮ  ....

ﻭﺃﻭﺻﻲ ﻟﻘﻤـــﺎﻥ : ﺍﺑﻨﻪ  ﻓﻘﺎﻝ : ( ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﻻ‌ ﺗﺮﻛﻦ إﻟﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻭﻻ‌ ﺗﺸﻐﻞ ﻗﻠﺒﻚ ﺑﻬﺎ .ﻓﺈﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﺨﻠﻖ ﻟﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺧﻠﻖ  ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻘﺎ أﻫﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﻬﺎ ، فإﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﻧﻌﻴﻤﻬﺎ ﺛﻮﺍﺑﺎ ﻟﻠﻤﻄﻴﻌﻴﻦ ، ﻭﻻ‌ ﺑﻼ‌ﺋﻬﺎ ﻋﻘﺎﺑﺎ  ﻟﻠﻌﺎﺻﻴﻦ ،،،
ﻳﺎ ﺑﻨﻲ  : إﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺤـــﺮ ﻋﻤﻴﻖ  ﻭﻗﺪ ﻏﺮﻕ ﻓﻴﻪ أﻧﺎﺱ ﻛﺜﻴﺮ.. ﻓﻠﺘﻜﻦ ﺳﻔﻴﻨﺘﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻘﻮﻱ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﺣﺸﻮﻫﺎ ﺍﻻ‌ﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ، ﻭﺷﺮﺍﻋﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰﻭﺟﻞ ﻟﻌﻠﻚ ﺗﻨﺠـﻮ ، ﻭﻣﺎ ﺃﺭﺍﻙ  ﻧﺎﺟﻴــــــﺎ  ....**

اللهم اختم لنا بالحسنى ، ووفقنا لحسن الإستعداد للقاءك يا رب العالمين...


قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم من كل ذنب إنه هو الغفور...





-:(( الخطبة الثانية )):-

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...

أما بعد:

ﻋﺒــــــــــــﺎﺩ  ﺍﻟﻠﻪ  :

ﻣﺎ  ﺍﻟﺤﻴﺎة إﻻ‌ ﻋﺎﻡ ﻳﺘﻠﻮﻩ ﻋﺎﻡ ،  ﻭأﻳﺎﻡ أﺛﺮ أﻳﺎﻡ  ﻓﺘﺮﻱ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻗﺪ ﻭﺭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ، ﻭأﺻﺒﺢ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ  ﺳﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ، ﻛﺄﻧﻨﺎ  ﺯﺭﻉ ﻳﺤﺼــﺪ ، ﻭﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ  ﻣﻨﺎﻗﺸﻪ ﻭﺣﺴﺎﺏ ... ﻳﺸﻴﺐ ﻣﻦ ﻫــــﻮﻟﻪ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ ..  ﻭﻳﺴﺘﻮﻟﻲ ﺍﻟﻬﻮﻝ ﻋﻠى ﺍﻟﺠﻤﻴــــــﻊ  ....**

ﻣـﺎ  ﻷ‌ﺑﻦ  آﺩﻡ !! ﺟﻌﻞ ﻫﻤـﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺎﺗﺨﺬﻫﺎ  ﻏﺮﺿﺎ  ﻭﻏﺎﻳة ، ﻭﺃﺣﺒﻬﺎ  ﻭﻧﺴﻲ ﺍﻻ‌ﺧــﺮة ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳة ....
ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻊ ﻓﻲ ﺗﻄﻬﻴﺮ  ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﻬﺬﻳﺒﻬﺎ ﺣﺘﻲ ﺗﺼﻞ ﻟﻤﻼ‌ﻗﺎة ﺭﺑﻬﺎ  ﻭﻻ‌ ﻳﺠﺘﻬﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺧﻴﺮ ﻳﻨﻔﻊ ﻭﻋﻤﻞ ﻳﺸﻔﻊ ﻭﺍﻏﺘﻨﺎﻡ ﺣﻴـﺎﺗﻪ  ﻗﺒﻞ ﺍﻧﺼﺮﺍﻡ ﺍﻷ‌ﺟــﻞ  ﻭﺍﻧﻘﻄــــﺎﻉ ﺍﻟﻌﻤـﻞ  ....** 

ﻋﻼ‌ﻡ ﻳﺘﻜﻞ ﺑﻦ آﺩﻡ  ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ‌ ﻳﺠﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﺋﻪ ،
ﻭﻋﻠﻖ ﺍﻟﺠـﺰﺍﺀ ﻓﻲ ﺍلآﺧﺮة ﻋﻠﻲ أﻋﻤﺎﻟﻚ  ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴــﺎ ،
ﻭﻻ‌ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻣﻴــﺰﺍﻧﻚ ﺇﻻ‌ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ  ﺑﻴﺪﻙ ...
( ﻭﻣﻦ ﺑﻄﺄ ﺑﻪ ﻋﻤﻠﻪ  ﻟﻢ ﻳﺴﺮﻉ ﺑﻪ ﻧﺴﺒﻪ ..) 

ﻭﻻ‌ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ إﻻ‌ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ  ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻴﻊ ﺣﻖ  ﺍﻟﻠﻪ  ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ  ﺗﺤﺼﻴﻠﻬﺎ ....**

 
ﻗﺎﻝ  ﻣــﺎﻟﻚ  ﺑﻦ ﺩﻳﻨــﺎﺭ : "ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻣﻦ ﺫﻫــــﺐ ﻳﻔﻨﻲ ، ﻭالآ‌ﺧـﺮة ﻣﻦ ﺧﺰﻑ  ﻳﺒﻘﻲ ، ﻟﻜﺎﻥ  ﺍﻟﻮﺍﺟـــﺐ   ﺃﻥ ﻳﺆﺛـــﺮ ﺧﺰﻓﺎ ﻳﺒﻘﻲ على ﺫﻫﺐ  ﻳﻔﻨﻲ ، ﻓﻜﻴﻒ  ﻭﺍلآﺧﺮة ﻣﻦ ﺫﻫب ﻳﺒﻘﻲ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ  ﺧــــﺰﻑ  ﻳﻔﻨﻲ "

ﻓﺎﺗﻖ  ﺍﻟﻠﻪ أﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ : 

  ﻭﻻ‌ ﺗﺘﺨﺬ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ  ﻭﻃﻨﺎ ﺣﺘﻲ ﺗﻄﻤﺌﻦ  ﻓﻴﻬﺎ  ﻭﺗﺮﻛﻦ ﺍﻟﻴﻬﺎ  ﻓﺘﻘﺼﺮ  ﻓﻲ ﻃﺎﻋﻪ ﺭﺑﻚ ﻭﺍﻻ‌ﺳﺘﻌﺪﺍﺩ  ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ  ..
ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ  ﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ ،،،
ﻗﺎﻝ  ﺗﻌـــﺎﻟﻲ  :((  ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻃﻐﻲ ﻭﺍّﺛﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻑﺇﻥ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ  ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺄﻭﻱ  . ﻭﺍﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﺎﻑ  ﻣﻘﺎﻡ ﺭﺑﻪ  ﻭﻧﻬﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﺍﻟﻬﻮﻱ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺠﻨﻪ  ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺄﻭﻱ  )) **

ﺭﻭﻱ ﺍﻟﻄﺒﺮﺍﻧﻲ  ﻭﺃﺣﻤﺪ  ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﺑﺎﺳﻨﺎﺩ   ﺣﺴﻦ  ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻲ  ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ  ﻗـــﺎﻝ  : إﺫﺍ ﺭأﻳﺘﻢ ﺍﻟﺮﺟـــﻞ  ﻳﻌﻄﻴـﻪ  ﺍﻟﻠﻪ ﻣـــﺎ ﻳﺤﺐ ﻭﻫــﻮ  ﻣﻘﻴﻢ ﻋﻠﻲ ﻣﻌﺼﻴﺘـــــــﻪ   ﻓﺎﻋﻠﻤﻮﺍ أﻥ ﺫﻟﻚ  ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﺝ .  ﺛﻢ  ﻗﺮﺃ ﻗﻮﻝ  ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻲ  ( ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺴﻮﺍ  ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻭﺍ  ﻓﺘﺤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺑﻮﺍﺏ ﻛﻞ ﺷﺊ ﺣﺘﻲ إﺫﺍ ﻓﺮﺣﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﺃﺗﻮﺍ  ﺃﺧﺬﻧﺎﻫﻢ  ﺑﻐﺘﻪ ﻓﺈﺫﺍ  ﻫﻢ ﻣﺒﻠﺴﻮﻥ ....**


ﻭﻓﻘﻨﺎ  ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻳﺎﻛﻢ ﻟﻤﺮﺍﺿﻴﻪ  ﻭﺟﻨﺒﻨﺎ  ﻣﻌﺎﺻﻴﻪ  ﻭﺟﻌﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ  ﺣﺎﻟﻨﺎ  ﺧﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﻣﺎﺿﻴﻪ  

هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.

ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼ‌ﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷ‌ﺣﺰﺍﺏ: 56].

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،
اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..

اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ‌ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ‌ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ‌ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ‌ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ‌ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،

ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...

عبــاد الله:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون...

فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون...
والحمد لله رب العالمين ...
خطبة 🎤 بعنوان
وقفات في وداع العام الهجري..
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﻘﺪﺭﻩ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍً،
ﻭﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺧﻠﻔﺔ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻭ ﺃﺭﺍﺩ ﺷﻜﻮﺭﺍً.

ﺃﺣﻤﺪﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺃﺷﻜﺮﻩ، ﻭﺃﺗﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮﻩ، ﻭﺃﻟﺘﺠﺊ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻩ ﻣﺴﺘﻄﻴﺮﺍً.

ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ‌ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ‌ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ‌ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ،

ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺑﻌﺜﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﺒﺸﺮﺍً ﻭﻧﺬﻳﺮﺍً، ﻭﺩﺍﻋﻴًّﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺈﺫﻧﻪ ﻭﺳﺮﺍﺟﺎً ﻣﻨﻴﺮﺍً،
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً...

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...

أما ﺑﻌﺪ:

ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﺘﻘﻮﻯ ﺯﻣﻦ ﻣﺤﺪﻭﺩ ﻭﻻ‌ ﻣﻮﺳﻢ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﻣﻌﺪﻭﺩ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ،
ﻳﻌﻤﺮﻭﻥ ﺑﻬﺎ ﺃﻭﻗﺎﺗﻬﻢ، ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍﻧﻬﻢ، ﻭﻳﻘﻀﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ.
ﻭﺍﻟﻤﻐﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺭﺑﻪ ﺇﻻ‌ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ، ﺃﻭ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ، ﺛﻢ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻲ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﻭﻳﻨﺘﻜﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺓ، ﻭﻳﺮﺗﻜﺲ ﻓﻲ ﺍﻵ‌ﺛﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ، ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺬﻻ‌ﻥ.

عباد الله :
ﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺁﺕٍ ﻗﺮﻳﺐ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺂﺕٍ. ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻄﻴﺘﻪ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺳﻴﺮ ﺑﻪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺮ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻣﻄﻴﺘﺎﻥ ﺗﻘﺮﺑﺎﻥ ﻛﻞ ﺑﻌﻴﺪ ﻭﺗﺒﻠﻴﺎﻥ ﻛﻞ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﺗﺄﺗﻴﺎﻥ ﺑﻜﻞ ﻣﻮﻋﻮﺩ.
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻭﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﻭﺍﻷ‌ﻋﻮﺍﻡ ﻣﻮﺍﻗﻴﺖ ﻟﻸ‌ﻋﻤﺎﻝ، ﻭﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﻟﻶ‌ﺟﺎﻝ، ﻓﻬﻲ ﺗﻨﻘﻀﻲ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻭﺗﻤﻀﻲ ﺳﺮﻳﻌﺎً، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺟﺪﻫﺎ ﺑﺎﻕٍ ﻻ‌ ﻳﺰﻭﻝ، ﻭﺩﺍﺋﻢ ﻻ‌ ﻳﺤﻮﻝ...

ﻣﻦ ﻇﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷ‌ﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﻼ‌ ﺣﻜﻤﺔ ﻓﻘﺪ ﺍﻓﺘﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﻛﺬّﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ (ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀَ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽَ ﻭَﻣَﺎ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻤَﺎ ﻻ‌ﻋِﺒِﻴﻦَ) [ﺍﻷ‌ﻧﺒﻴﺎﺀ:16]...
ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﺧﻠﻖ ﻟﻐﻴﺮ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﺑﺰﻭﺭ ﻭﺑﻬﺘﺎﻥ (ﺃَﻳَﺤْﺴَﺐُ ﺍﻹ‌ِﻧْﺴَﺎﻥُ ﺃَﻥْ ﻳُﺘْﺮَﻙَ ﺳُﺪﻯً) [ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ:36]،
(ﺃَﻓَﺤَﺴِﺒْﺘُﻢْ ﺃَﻧَّﻤَﺎ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎﻛُﻢْ ﻋَﺒَﺜﺎً ﻭَﺃَﻧَّﻜُﻢْ ﺇِﻟَﻴْﻨَﺎ ﻻ‌ ﺗُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ) [ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ:115].

ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ ..
ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻮﺩﻉ ﻋﺎﻣﺎً ﻫﺠﺮﻳًّﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﺭﻧﺎ، ﻭﻧﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﺎﻣﺎً ﺟﺪﻳﺪﺍً، ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﻭﻗﻔﺔ ﺗﺴﺎﺅﻝ، ﻭﺗﺄﻣﻞ ﻭﺗﺪﺑﺮ، ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﻭﻗﻔﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻤﺎ ﺍﻗﺘﺮﻓﻪ ﺧﻼ‌ﻝ ﻋﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ، ﻋﺎﻡ ﻣﻀﻰ ﻭﺍﻧﻘﻀﻰ، ﻻ‌ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﻧﻊ ﻓﻴﻪ، ﺛﻢ ﻭﻗﻔﺔ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻻ‌ﻧﻄﻼ‌ﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼ‌ﻝ ﻋﺎﻡ ﻧﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻻ‌ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﺽ ﻓﻴﻪ...

1 ـ ﻭﻗﻔﺔ ﺗﺄﻣﻞ ﻭﺗﺪﺑﺮ:
ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻠﻔﺖ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻨﺎ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮﺕ ﺑﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻓﺒﺎﻷ‌ﻣﺲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ،
ﻭﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﻧﻮﺩﻋﻪ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷ‌ﻟﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﺭ، ﻭﺳﺮﻋﺔ ﻓﻨﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ،
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻘﻬﺎﺭ: (ﺇِﻥَّ ﻓِﻲ ﺧَﻠْﻖِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻷ‌َﺭْﺽِ ﻭَﺍﺧْﺘِﻼ‌ﻑِ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻵ‌ﻳﺎﺕٍ ﻷ‌ُﻭﻟِﻲ ﺍﻷ‌َﻟْﺒَﺎﺏِ) [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:190].

ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻻ‌ﺩﺓ ﻭﺍﻟﻜﻬﻮﻟﺔ، ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ، ﻭﺍﻟﻬﺮﻡ ﺛﻢ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺷﺮﻳﻂ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻋﺠﺎﻟﺔ، ﻭﻳﻄﻮﻯ ﺳﺠﻞ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻏﻤﻀﺔ ﻋﻴﻦ، ﺃﻭ ﻭﻣﻀﺔ ﺑﺮﻕ،
ﻓﻴﺎﻋﺠﺒﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﻴﻒ ﺧﺪﻉ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻏﺮﻫﻢ ﻃﻮﻝ ﺍﻷ‌ﻣﻞ ﻓﻴﻬﺎ،
ﻭﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ: (ﻟَﻌِﺐٌ ﻭَﻟَﻬْﻮٌ ﻭَﺯِﻳﻨَﺔٌ ﻭَﺗَﻔَﺎﺧُﺮٌ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢْ ﻭَﺗَﻜَﺎﺛُﺮٌ ﻓِﻲ ﺍﻷ‌َﻣْﻮَﺍﻝِ ﻭَﺍﻷ‌َﻭْﻻ‌ﺩِ) [ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ:20]،

(ﻭَﺍﺿْﺮِﺏْ ﻟَﻬُﻢْ ﻣَﺜَﻞَ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓِ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻛَﻤَﺎﺀٍ ﺃَﻧْﺰَﻟْﻨَﺎﻩُ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻓَﺎﺧْﺘَﻠَﻂَ ﺑِﻪِ ﻧَﺒَﺎﺕُ ﺍﻷ‌َﺭْﺽِ ﻓَﺄَﺻْﺒَﺢَ ﻫَﺸِﻴﻤﺎً ﺗَﺬْﺭُﻭﻩُ ﺍﻟﺮِّﻳَﺎﺡُ) [ﺍﻟﻜﻬﻒ:45]...

(ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻣَﺜَﻞُ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓِ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻛَﻤَﺎﺀٍ ﺃَﻧْﺰَﻟْﻨَﺎﻩُ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻓَﺎﺧْﺘَﻠَﻂَ ﺑِﻪِ ﻧَﺒَﺎﺕُ ﺍﻷ‌َﺭْﺽِ ﻣِﻤَّﺎ ﻳَﺄْﻛُﻞُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﻭَﺍﻷ‌َﻧْﻌَﺎﻡُ ﺣَﺘَّﻰ ﺇِﺫَﺍ ﺃَﺧَﺬَﺕِ ﺍﻷ‌َﺭْﺽُ ﺯُﺧْﺮُﻓَﻬَﺎ ﻭَﺍﺯَّﻳَّﻨَﺖْ ﻭَﻇَﻦَّ ﺃَﻫْﻠُﻬَﺎ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﻗَﺎﺩِﺭُﻭﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﺃَﺗَﺎﻫَﺎ ﺃَﻣْﺮُﻧَﺎ ﻟَﻴْﻼ‌ً ﺃَﻭْ ﻧَﻬَﺎﺭﺍً ﻓَﺠَﻌَﻠْﻨَﺎﻫَﺎ ﺣَﺼِﻴﺪﺍً ﻛَﺄَﻥْ ﻟَﻢْ ﺗَﻐْﻦَ ﺑِﺎﻟْﺄَﻣْﺲِ ﻛَﺬَﻟِﻚَ ﻧُﻔَﺼِّﻞُ ﺍﻵ‌ﻳﺎﺕِ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ ﻳَﺘَﻔَﻜَّﺮُﻭﻥَ) [ﻳﻮﻧﺲ:24]...
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻀﻴﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﻟﻴﻨﺎﻟﻮﺍ ﺑﻌﺾ ﻣﺘﺎﻋﻬﺎ ﻭﻳﺘﻤﺘﻌﻮﺍ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﻠﺬﺍﺗﻬﺎ ﻭﺷﻬﻮﺍﺗﻬﺎ،
ﻫﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺳﺮﺍﺏ ﺧﺎﺩﻉ، ﻭﺑﺮﻳﻖ ﻻ‌ﻣﻊ،
ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﻴﻒ ﻗﺎﻃﻊ، ﻭﺻﺎﺭﻡ ﺳﺎﻃﻊ،
ﻛﻢ ﺃﺫﺍﻗﺖ ﺑؤﺳﺎً، ﻭﺟﺮﻋﺖ ﻏﺼﺼﺎً،
ﻛﻢ ﺃﺣﺰﻧﺖ ﻓﺮﺣﺎً، ﻭﺃﺑﻜﺖ ﻣﺮﺣﺎً،
ﻛﻢ ﻫﺮﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻐﻴﺮ، ﻭﺫﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﻴﺮ، ﻭﺍﺭﺗﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﺮ، ﻭﺍﻓﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻨﻲ، ﻭﺍﻏﺘﻨﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﻘﻴﺮ، ﻭﻣﺎﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻐﻴﺮ ﻭﻛﺒﻴﺮ، ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻭﺣﻘﻴﺮ، ﻭﺃﻣﻴﺮ ﻭﻭﺯﻳﺮ، ﻭﻏﻨﻲ ﻭﻓﻘﻴﺮ...

ﻓﺎﻋﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ، ﻭﺃﻧﻔﺎﺱ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ، ﻭﺁﺟﺎﻝ ﻣﻀﺮﻭﺑﺔ، ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ، ﻫﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻗﺼﻴﺮﺓ، ﻭﺇﻥ ﻃﺎﻟﺖ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻤﺨﺪﻭﻋﻴﻦ ﺑﺰﺧﺮﻓﻬﺎ، ﻭﺣﻘﻴﺮﺓ ﻭﺇﻥ ﺟﻠﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻧﻴﻦ ﺑﺸﻬﻮﺍﺗﻬﺎ...
(ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺇِﻥَّ ﻭَﻋْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺣَﻖٌّ ﻓَﻼ‌ ﺗَﻐُﺮَّﻧَّﻜُﻢُ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓُ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ) [ﻓﺎﻃﺮ:5]، (ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓُ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻣَﺘَﺎﻉٌ ﻭَﺇِﻥَّ ﺍﻵ‌ﺧِﺮَﺓَ ﻫِﻲَ ﺩَﺍﺭُ ﺍﻟْﻘَﺮَﺍﺭِ) [ﻏﺎﻓﺮ:39].

ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ: "ﺃﺧﺬ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻤﻨﻜﺒﻲ ﻭﻗﺎﻝ: ﻛﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺄﻧﻚ ﻏﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ". ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻳﻘﻮﻝ: "ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻼ‌ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ، ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻣﺴﻴﺖ ﻓﻼ‌ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ"...

ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﺻﻞ ﻓﻲ ﻗﺼﺮ ﺍﻷ‌ﻣﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎﺡ ﺳﻔﺮ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺄﻫﺐ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ...

ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: "ﻣﺎﻟﻲ ﻭﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻻ‌ ﻛﺮﺍﻛﺐ ﺍﺳﺘﻈﻞ ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮﺓ ﺛﻢ ﻗﺎﻡ ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ". 

ﻗﺎﻝ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻷ‌ﺻﺤﺎﺑﻪ: "ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﻨﻄﺮﺓ، ﺍﻋﺒﺮﻭﻫﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻌﻤﺮﻭﻫﺎ". ﻭﻗﺎﻝ: "ﻣﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺝ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺩﺍﺭﺍً، ﺗﻠﻜﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻼ‌ ﺗﺘﺨﺬﻭﻫﺎ ﻗﺮﺍﺭﺍً".

ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ: "ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺪ ﺍﺭﺗﺤﻠﺖ ﻣﺪﺑﺮﺓ، ﻭﺇﻥ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﻗﺪ ﺍﺭﺗﺤﻠﺖ ﻣﻘﺒﻠﺔ، ﻭﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻨﻮﻥ، ﻓﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ، ﻭﻻ‌ ﺗﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻤﻞ ﻭﻻ‌ ﺣﺴﺎﺏ، ﻭﻏﺪﺍً ﺣﺴﺎﺏ ﻭﻻ‌ ﻋﻤﻞ".

ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹ‌ﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ:
ﺇﻥ ﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩﺍً ﻓﻄﻨﺎً .. .. ..
ﻃﻠﻘﻮﺍ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺧﺎﻓﻮﺍ ﺍﻟﻔـﺘﻨﺎ
ﻧﻈﺮﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻤﻮﺍ.. .. ..
ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﺤﻲٍ ﻭﻃـﻨﺎ
ﺟﻌﻠﻮﻫﺎ ﻟﺠﺔ ﻭﺍﺗﺨﺬﻭﺍ .. .. ..
ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻔﻨﺎ

ﻭﻗﻴﻞ ﻟﻨﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ: "ﻳﺎ ﺃﻃﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻤﺮﺍً ﻛﻴﻒ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﻛﺪﺍﺭٍ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﺑﺎﻥ، ﺩﺧﻠﺖ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻭﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻵ‌ﺧﺮ".
ﻫﺬﺍ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ ﻧﺤﻮﺍً ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻡ، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ؟

ﺧﻄﺐ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻏﺰﻭﺍﻥ ﻓﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: "ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ .. ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺪ ﺁﺫﻧﺖ ﺑﺼﺮﻡ، ﻭﻭﻟﺖ ﺣﺬّﺍﺀ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ‌ ﺻﺒﺎﺑﺔ ﻛﺼﺒﺎﺑﺔ ﺍﻹ‌ﻧﺎﺀ ﻳﺘﺼﺎﺑﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ، ﻭﺇﻧﻜﻢ ﻣﻨﺘﻘﻠﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭ ﻻ‌ ﺯﻭﺍﻝ ﻟﻬﺎ ﻓﺎﻧﺘﻘﻠﻮﺍ ﺑﺨﻴﺮ ﻣﺎ ﺑﺤﻀﺮﺗﻜﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻦ ﺷﻔﺔ ﺟﻬﻨﻢ ﻓﻴﻬﻮﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻻ‌ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻘﺮﻫﺎ. ﻭﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﺘﻤﻸ‌ﻥ.

ﺧﻄﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻘﺎﻝ: "ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ، ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ، ﻭﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻈﻌﻦ، ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﻋﻤﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﻳﺨﺮﺏ، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﻘﻴﻢ ﻋﻤﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﻳﻈﻌﻦ".

ﺇﻧﺎ ﻟﻨﻔــﺮﺡ ﺑﺎﻷ‌ﻳﺎﻡ ﻧﻘﻄﻌﻬـﺎ.. .. ..
ﻭﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﻀﻰ ﻳﺪﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺟﻞ
ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﺖ.. .. ..
ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻼ‌ﻣﺔ ﻓﻴﻬـﺎ ﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
ﻓﻼ‌ ﺍﻹ‌ﻗﺎﻣﺔ ﺗﻨﺠﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺗﻠﻒ.. .. ..
ﻭﻻ‌ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺍﺙ ﻳﻨﺠﻴﻬﺎ
ﻭﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻟﻬــﺎ ﺩﻭﺭ ﻳﺼﺒﺤﻬﺎ.. .. ..
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺔ ﻳﻮﻣﺎً ﺃﻭ ﻳﻤﺴﻴـﻬﺎ
.
2 ـ ﻭﻗﻔﺔ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ:
ﻭﺍﻷ‌ﺻﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻟْﺘَﻨْﻈُﺮْ ﻧَﻔْﺲٌ ﻣَﺎ ﻗَﺪَّﻣَﺖْ ﻟِﻐَﺪٍ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺧَﺒِﻴﺮٌ ﺑِﻤَﺎ ﺗَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ) [ﺍﻟﺤﺸﺮ:18]...

ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻭَﻧَﻀَﻊُ ﺍﻟْﻤَﻮَﺍﺯِﻳﻦَ ﺍﻟْﻘِﺴْﻂَ ﻟِﻴَﻮْﻡِ ﺍﻟْﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ ﻓَﻼ‌ ﺗُﻈْﻠَﻢُ ﻧَﻔْﺲٌ ﺷَﻴْﺌﺎً ﻭَﺇِﻥْ ﻛَﺎﻥَ ﻣِﺜْﻘَﺎﻝَ ﺣَﺒَّﺔٍ ﻣِﻦْ ﺧَﺮْﺩَﻝٍ ﺃَﺗَﻴْﻨَﺎ ﺑِﻬَﺎ ﻭَﻛَﻔَﻰ ﺑِﻨَﺎ ﺣَﺎﺳِﺒِﻴﻦَ) [ﺍﻷ‌ﻧﺒﻴﺎﺀ:47].

ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻭَﻭُﺿِﻊَ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏُ ﻓَﺘَﺮَﻯ ﺍﻟْﻤُﺠْﺮِﻣِﻴﻦَ ﻣُﺸْﻔِﻘِﻴﻦَ ﻣِﻤَّﺎ ﻓِﻴﻪِ ﻭَﻳَﻘُﻮﻟُﻮﻥَ ﻳَﺎ ﻭَﻳْﻠَﺘَﻨَﺎ ﻣَﺎﻝِ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏِ ﻻ‌ ﻳُﻐَﺎﺩِﺭُ ﺻَﻐِﻴﺮَﺓً ﻭَﻻ‌ ﻛَﺒِﻴﺮَﺓً ﺇِﻻ‌َّ ﺃَﺣْﺼَﺎﻫَﺎ ﻭَﻭَﺟَﺪُﻭﺍ ﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺣَﺎﺿِﺮﺍً ﻭَﻻ‌ ﻳَﻈْﻠِﻢُ ﺭَﺑُّﻚَ ﺃَﺣَﺪﺍً) [ﺍﻟﻜﻬﻒ:49].


ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻳَﻮْﻡَ ﻳَﺒْﻌَﺜُﻬُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺟَﻤِﻴﻌﺎً ﻓَﻴُﻨَﺒِّﺌُﻬُﻢْ ﺑِﻤَﺎ ﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺃَﺣْﺼَﺎﻩُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻧَﺴُﻮﻩُ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ ﺷَﻲْﺀٍ ﺷَﻬِﻴﺪٌ) [ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﺔ:6].

ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﻳَﺼْﺪُﺭُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺃَﺷْﺘَﺎﺗﺎً ﻟِﻴُﺮَﻭْﺍ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻬُﻢْ * ﻓَﻤَﻦْ ﻳَﻌْﻤَﻞْ ﻣِﺜْﻘَﺎﻝَ ﺫَﺭَّﺓٍ ﺧَﻴْﺮﺍً ﻳَﺮَﻩُ * ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﻌْﻤَﻞْ ﻣِﺜْﻘَﺎﻝَ ﺫَﺭَّﺓٍ ﺷَﺮّﺍً ﻳَﺮَﻩُ) [ﺍﻟﺰﻟﺰﻟﺔ:6 - 8].

ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻳَﻮْﻡَ ﺗَﺠِﺪُ ﻛُﻞُّ ﻧَﻔْﺲٍ ﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠَﺖْ ﻣِﻦْ ﺧَﻴْﺮٍ ﻣُﺤْﻀَﺮﺍً ﻭَﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠَﺖْ ﻣِﻦْ ﺳُﻮﺀٍ ﺗَﻮَﺩُّ ﻟَﻮْ ﺃَﻥَّ ﺑَﻴْﻨَﻬَﺎ ﻭَﺑَﻴْﻨَﻪُ ﺃَﻣَﺪﺍً ﺑَﻌِﻴﺪﺍً ﻭَﻳُﺤَﺬِّﺭُﻛُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻧَﻔْﺴَﻪ) [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:30].

ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻭَﺍﻋْﻠَﻤُﻮﺍ ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﻌْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﻓِﻲ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻜُﻢْ ﻓَﺎﺣْﺬَﺭُﻭﻩُ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:235].
ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﺛُﻢَّ ﺗُﻮَﻓَّﻰ ﻛُﻞُّ ﻧَﻔْﺲٍ ﻣَﺎ ﻛَﺴَﺒَﺖْ ﻭَﻫُﻢْ ﻻ‌ ﻳُﻈْﻠَﻤُﻮﻥَ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:281].

ﻓﺒﻬﺬﻩ ﺍﻵ‌ﻳﺎﺕ ﻭﺃﺷﺒﺎﻫﻬﺎ ﺍﺳﺘﺪﻝ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺮﺻﺎﺩ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﺳﻴﻨﺎﻗﺸﻮﻥ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ، ﻭﻳﻄﺎﻟﺒﻮﻥ ﺑﻤﺜﺎﻗﻴﻞ ﺍﻟﺬﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ،
ﻓﺘﺤﻘﻘﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ‌ ﻳﻨﺠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﺧﻄﺎﺭ ﺇﻻ‌ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ، ﻭﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺎﺳﻬﺎ ﻭﺣﺮﻛﺎﺗﻬﺎ ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻄﺮﺍﺗﻬﺎ ﻭﻟﺤﻈﺎﺗﻬﺎ...

ﻓﻤﻦ ﺣﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﺧﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺣﺴﺎﺑﻪ، ﻭﺣﻀﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺟﻮﺍﺑﻪ، ﻭﺣﺴﻦ ﻣﻨﻘﻠﺒﻪ ﻭﻣﺂﺑﻪ،
ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻫﻮﺍﻫﺎ، ﻭﺳﻌﻰ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﺎﻫﺎ ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺆﺍﺧﺬﺓ ﻭﻻ‌ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ، ﺩﺍﻣﺖ ﺣﺴﺮﺍﺗﻪ ﻭﻃﺎﻟﺖ ﻓﻲ ﻋﺮﺻﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻗﻔﺎﺗﻪ، ﻭﻗﺎﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺰﻱ ﻭﺍﻟﻤﻘﺖ ﺳﻴﺌﺎﺗﻪ...

ﻓﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺨﻒ ﺣﺴﺎﺑﻪ ﻏﺪﺍ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺭﺑﻪ ﻓﻠﻴﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻵ‌ﻥ....
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻣﻦ ﺩﺍﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻤﻞ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮﺍﻫﺎ ﻭﺗﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷ‌ﻣﺎﻧﻲ" ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺣﺴﻨﻪ...

ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ: "ﺣﺎﺳﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺤﺎﺳﺒﻮﺍ، ﻭﺯﻧﻮﺍ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻮﺯﻥ ﻋﻠﻴﻜﻢ، ﻭﺗﺰﻳﻨﻮﺍ ﻟﻠﻌﺮﺽ ﺍﻷ‌ﻛﺒﺮ (ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﺗُﻌْﺮَﺿُﻮﻥَ ﻻ‌ ﺗَﺨْﻔَﻰ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﺧَﺎﻓِﻴَﺔٌ) [ﺍﻟﺤﺎﻗﺔ:18]،
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺨﻒ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺣﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.

ﻳﻘﻮﻝ ﻣﻴﻤﻮﻥ ﺑﻦ ﻣﻬﺮﺍﻥ: "ﻻ‌ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺗﻘﻴﺎً ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻚ ﺍﻟﺸﺤﻴﺢ ﺷﺮﻳﻜﻪ: ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻣﻄﻌﻤﻪ ﻭﻣﻠﺒﺴﻪ؟".

ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ: ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻗﻮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺤﺎﺳﺒﻬﺎ ﻟﻠﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺷﻖ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻡ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻷ‌ﻣﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ.

ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻟﻴﻔﺮﻁ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻓﻴﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﻬﺬﺍ ؟ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ‌ ﺃﻋﺬﺭ ﺑﻬﺬﺍ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ‌ ﺃﻋﻮﺩ ﻟﻬﺬﺍ ﺃﺑﺪﺍً ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ.

ﻓﻬﻠﻤﻮﺍ ﺑﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺳﻨﺘﻨﺎ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﻋﺎﻣﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻗﻀﻴﻨﺎﻩ، ﻭﻋﻦ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﻴﻒ ﺃﻣﻀﻴﻨﺎﻩ، ﻭﻋﻦ ﻣﺎﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺍﻛﺘﺴﺒﻨﺎﻩ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺃﻧﻔﻘﻨﺎﻩ،؟؟!!
ﻭﻧﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻟﻨﺮﻯ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺳﻄﺮﻧﺎﻩ،
ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮﺍً ﺣﻤﺪﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺷﻜﺮﻧﺎﻩ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷ‌ﺧﺮﻯ ﺗﺒﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻧﺎﻩ...

ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻠﻚ ﺯﻣﺎﻣﻬﺎ ﻭﺧﻒ ﺣﺴﺎﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﺍﻫﺎ ﻓﻮﺟﺊ ﺑﻐﺪﺭﺍﺗﻪ ﻭﺧﻄﻴﺌﺎﺗﻪ، ﻭﻛﺜرت ﻫﻨﺎﺗﻪ ﻭﺯﻻ‌ﺗﻪ، ﻓﺤﺒﺴﻪ ﻫﻮﻝ ﻣﺎﻳﺮﻯ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻷ‌ﻓﻌﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﺠﺪ ﻟﻠﻪ ﺟﻮﺍﺑﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ، ﻓﺜﻘﻞ ﺣﺴﺎﺑﻪ، ﻭﺳﺎﺀ ﻣﺂﻟﻪ ﻭﻣﺂﺑﻪ،

ﻓﺎﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺣﺴﺎﺑﺎً ﻳﺴﻴﺮﺍً...


اللهم بصرنا بعيوبنا وأصلح ما فسد من أحوالنا وردنا إلى دينك رداً جميلاَ...

قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه...




-:(( الخطــــبة الثانــية )): -

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،،،

أما بعد:

عبــــــــاد الله :-


الوقفة الثالثة :
3- ﺗﻮﺑﺔ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭ.
ﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷ‌ﺣﺒﺔ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺛﻮﺍﺑﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻥ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﺨﻮﺍﺗﻴﻢ ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺍﻷ‌ﻣﻴﻦ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﻭﺍﻥ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻟﻴﻌﻤﻞ ﺑﻌﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ ﺇﻻ‌ ﺫﺭﺍﻉ ﻓﻴﺴﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻴﻌﻤﻞ ﺑﻌﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﻴﺪﺧﻠﻬﺎ" 

ﻭﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﺳﺘﺤﺒﺎﺏ ﺍﻻ‌ﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﺮﺑﺎﺕ...
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺃَﻓَﻀْﺘُﻢْ ﻣِﻦْ ﻋَﺮَﻓَﺎﺕٍ ﻓَﺎﺫْﻛُﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:198] ..
(ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻗَﻀَﻴْﺘُﻢْ ﻣَﻨَﺎﺳِﻜَﻜُﻢْ ﻓَﺎﺫْﻛُﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:200]. (ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻗَﻀَﻴْﺘُﻢُ ﺍﻟﺼَّﻼ‌ﺓَ ﻓَﺎﺫْﻛُﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ) [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ:103]. (ﺷَﻬْﺮُ ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﻓِﻴﻪِ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥُ ﻫُﺪﻯً ﻟِﻠﻨَّﺎﺱِ ﻭَﺑَﻴِّﻨَﺎﺕٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻬُﺪَﻯ ﻭَﺍﻟْﻔُﺮْﻗَﺎﻥِ ﻓَﻤَﻦْ ﺷَﻬِﺪَ ﻣِﻨْﻜُﻢُ ﺍﻟﺸَّﻬْﺮَ ﻓَﻠْﻴَﺼُﻤْﻪُ ﻭَﻣَﻦْ ﻛَﺎﻥَ ﻣَﺮِﻳﻀﺎً ﺃَﻭْ ﻋَﻠَﻰ ﺳَﻔَﺮٍ ﻓَﻌِﺪَّﺓٌ ﻣِﻦْ ﺃَﻳَّﺎﻡٍ ﺃُﺧَﺮَ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻜُﻢُ ﺍﻟْﻴُﺴْﺮَ ﻭَﻻ‌ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺑِﻜُﻢُ ﺍﻟْﻌُﺴْﺮَ ﻭَﻟِﺘُﻜْﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟْﻌِﺪَّﺓَ ﻭَﻟِﺘُﻜَﺒِّﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:185]...

ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻘﺐ ﺍﻟﺼﻼ‌ﺓ: "ﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ (ﺛﻼ‌ﺛﺎً) ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ..."

ﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﺳﻨﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻤﺎ ﺑﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ، ﻭﺃﻥ ﻳﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻰ، ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﺗﺎﺏ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺑﻤﻨﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﻭﻣﺎ ﺑﻘﻰ، ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﺃﺧﺬﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻭﻣﺎ ﺑﻘﻰ...

عباد الله :

ﺍﺣﺬﺭﻭﺍ ﺃﻋﺪﺍﺀﻛﻢ
ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺄﻣﻞ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻮﺩﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﻷ‌ﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺩﻳﻊ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﺄﺳﻮﻳﺔ، ﻭﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺟﺮﺍﺣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤﺜﺨﻦ ﺑﺎﻟﺠﺮﺍﺣﺎﺕ ﻭﺍﻵ‌ﻻ‌ﻡ.

ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷ‌ﻣﺔ ﻭﻗﺎﺩﺗﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻹ‌ﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﺎ ﻭﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ، ، ،
ﻓﻜﻢ ﺗﻐﻠﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﻫﺆﻻ‌ﺀ ﺍﻷ‌ﻋﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﻘﺪﺍً !!؟؟
ﻭﻛﻢ ﻳﻌﻀﻮﻥ ﺍﻷ‌ﻧﺎﻣﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻏﻴﻈﺎً!!؟؟
ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻗﻄﻊ ﺩﺍﺑﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻲ ﺗﺨﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﻳُﺘﺒﻊ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﺗﻌﻢ ﺍﻟﺒﻠﻮﻯ (ﻭَﺩُّﻭﺍ ﻟَﻮْ ﺗَﻜْﻔُﺮُﻭﻥَ ﻛَﻤَﺎ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ ﻓَﺘَﻜُﻮﻧُﻮﻥَ ﺳَﻮَﺍﺀً ﻓَﻼ‌ ﺗَﺘَّﺨِﺬُﻭﺍ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺃَﻭْﻟِﻴَﺎﺀَ) [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ:89]. 

ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻻ‌ ﻳﻌﺰ ﺇﺳﻼ‌ﻡ، ﻭﻻ‌ ﻳﻘﻮﻯ ﻳﻘﻴﻦ، ﻭﻻ‌ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻤﻜﻴﻦ، ، ،
ﺇﻧﻬﻢ ﻳﺼﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺰﻳﻖ ﺃﻫﻞ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺤﻮﺍ ﻭﺑﻠﺪﺍﻧﻪ ﻗﻄﻌﺎﻧﺎً ﻓﻲ ﺑﻘﺎﻉ ﺍﻷ‌ﺭﺽ، ﻻ‌ ﻣﺮﻋﻰ ﻳﺠﻮﺩ ﻭﻻ‌ ﺭﺍﻉ ﻳﺰﻭﺩ، ﻭﻻ‌ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺆﻭﻱ،
ﺷﺮﺍﺫﻡ ﻳﻌﺎﻣﻠﻮﻧﻬﻢ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻷ‌ﺭﻗﺎﺀ، ﻓﻼ‌ ﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺇﻻ‌ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻮﺳﻞ ﻭﺍﻻ‌ﺳﺘﺠﺪﺍﺀ،
ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪﻱ ﻳﺴﺄﻝ ﻭﻻ‌ ﻳﻔﺎﻭﺽ، ﻭﻳﻘﺒﻞ ﻭﻻ‌ ﻳﻌﺎﺭﺽ...

ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺎﺩﺓ ﻭﻣﻘﻮﺩﻳﻦ، ﻭﺭﺅﺳﺎﺀ ﻭﻣﺮﺅﻭﺳﻴﻦ، ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﻣﻌﺮﻛﺘﻬﻢ ﻣﻊ ﻋﺪﻭﻫﻢ ﻫﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺩﻳﻦ ﻭﻋﻘﻴﺪﺓ، ﻭﻣﻌﺮﻛﺔ ﻗﻴﻢ ﻭﺃﺧﻼ‌ﻕ ﻭﻣﺒﺎﺩﺉ، ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﺨﻔﻮﺍ ﺣﻘﺪﻫﻢ ﻭﻳﻈﻬﺮﻭﺍ ﻟﻨﺎ ﻭﺩﻫﻢ ﻭﺣﺒﻬﻢ. ﻭﻟﻨﻘﺮﺃ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﺈﻥ ﻓﻴﻪ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻜﻞ ﻣﻌﺘﺒﺮ ...

ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ ،
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ : "ﺇﻥ ﻫﻮ ﺇﻻ‌ ﺫﻛﺮ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻟﺘﻌﻠﻤﻦ ﻧﺒﺄﻩ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ" ...

اللهُمَّ إنَّا نسألُك إيمانًا يُباشرُ قُلوبنا ويقينًا صادقًا وتوبةً قبلَ الموتِ وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة ولا فتنةً مُضلة...

اللهُمَّ زينَّا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مُهتدين، لا ضاليَن ولا مُضلين، بالمعروفِ آمرين، وعن المُنكرِ ناهين يا ربَّ العالمين..
اللهم وفقنا للأعمال الصالحات، وترك المنكرات،
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى..
اللهم احقنا دمائنا واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين وردنا إلى دينك رداً جميلا...

هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.

ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼ‌ﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷ‌ﺣﺰﺍﺏ: 56].

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،
اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..
اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ‌ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ‌ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ‌ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ‌ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ‌ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...

عبــاد الله:


{ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹ‌ِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟْﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ}. (ﺍﻟﻨﺤﻞ: 90)

فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.....
والحمد لله رب العالمين ...
2024/09/22 07:31:47
Back to Top
HTML Embed Code: