Telegram Web Link
خطبة 🎤 بعنوان
" ﻓﻲ ﻭﺩﺍﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ "
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺧﻠﻔﺔ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻭ ﺃﺭﺍﺩ ﺷﻜﻮﺭﺍً...
 ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺿﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻧﻮﺭﺍً...

الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية،
المتعزز بعظمة الربوبية،
القائم على نفوس العالم بآجالها،
والعالم بتقلبها وأحوالها،
المانّ عليهم بتواتر آلائه، المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه،
الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا معين ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير،

ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ‌ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ‌ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ‌ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻭﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻮﻥ ﻋﻠﻮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍً...

ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً...

﴿ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺣَﻖَّ ﺗُﻘَﺎﺗِﻪِ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻤُﻮﺗُﻦَّ ﺇِﻟَّﺎ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻣُﺴْﻠِﻤُﻮﻥَ ﴾ [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ: 102].

﴿ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺭَﺑَّﻜُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﻧَﻔْﺲٍ ﻭَﺍﺣِﺪَﺓٍ ﻭَﺧَﻠَﻖَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺯَﻭْﺟَﻬَﺎ ﻭَﺑَﺚَّ ﻣِﻨْﻬُﻤَﺎ ﺭِﺟَﺎﻟًﺎ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻭَﻧِﺴَﺎﺀً ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺗَﺴَﺎﺀَﻟُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺣَﺎﻡَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺭَﻗِﻴﺒًﺎ ﴾ [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: 1].

﴿ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻗُﻮﻟُﻮﺍ ﻗَﻮْﻟًﺎ ﺳَﺪِﻳﺪًﺍ *ﻳُﺼْﻠِﺢْ ﻟَﻜُﻢْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻜُﻢْ ﻭَﻳَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻜُﻢْ ﺫُﻧُﻮﺑَﻜُﻢْ ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﻄِﻊِ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻓَﻘَﺪْ ﻓَﺎﺯَ ﻓَﻮْﺯًﺍ ﻋَﻈِﻴﻤًﺎ ﴾ [ﺍﻷ‌ﺣﺰﺍﺏ: 70، 71].


ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ:

ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
 ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﺑﻤﺎ ﺗﺮﻭﻥ ﻭﺗﺴﻤﻌﻮﻥ.
ﺗﻤﺮ ﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﻭﺍﻷ‌ﻋﻮﺍﻡ ﺑﻌﺪ ﺍﻷ‌ﻋﻮﺍﻡ ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﺕ ﻏﺎﻓﻠﻮﻥ.
ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻋﺸﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻓﺈﻟﻰ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻦ.
ﻭﻫﺒﻚ ﺑﻠﻐﺖ ﺍﻟﻤﺌﻴﻦ..!!

ﻓﻤﺎ ﺃﻗﺼﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺪﺓ ﻭﻣﺎ ﺃﻗﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ..!!

ﻗﻴﻞ ﻟﻨﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻭﻗﺪ ﻟﺒﺚ ﻓﻲ ﻗﻮﻣﻪ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺇﻻ‌ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً: ﻛﻴﻒ ﺭﺃﻳﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺪﺍﺧﻞ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﻭﺧﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺁﺧﺮ...

ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﺗﺒﺼﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺗﻘﻄﻌﻮﻧﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻬﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺳﻔﺮﻛﻢ. ﻭﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻤﺮ ﺑﻜﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﻌﺪﻛﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻳﻘﺮﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ...

ﻓﻄﻮﺑﻲ ﻟﻌﺒﺪ ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺮﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻪ ﻭﻣﻮﻻ‌ﻩ. ﻭﻃﻮﺑﻰ ﻟﻌﺒﺪ ﺷﻐﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﺗﻌﻆ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻈﺎﺕ ﻭﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﺭ. ﻭﻃﻮﺑﻰ ﻟﻌﺒﺪ ﺃﺳﺘﺪﻝ ﺑﺘﻘﻠﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻷ‌ﻭﻟﻲ ﺍﻷ‌ﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﻷ‌ﺑﺼﺎﺭ ﴿ ﻳُﻘَﻠِّﺐُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞَ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭَ ﺇِﻥَّ ﻓِﻲ ﺫَﻟِﻚَ ﻟَﻌِﺒْﺮَﺓً ﻟِﺄُﻭﻟِﻲ ﺍﻟْﺄَﺑْﺼَﺎﺭِ ﴾ [ﺍﻟﻨﻮﺭ: 44]. 
﴿ ﻫُﻮَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺟَﻌَﻞَ ﺍﻟﺸَّﻤْﺲَ ﺿِﻴَﺎﺀً ﻭَﺍﻟْﻘَﻤَﺮَ ﻧُﻮﺭًﺍ ﻭَﻗَﺪَّﺭَﻩُ ﻣَﻨَﺎﺯِﻝَ ﻟِﺘَﻌْﻠَﻤُﻮﺍ ﻋَﺪَﺩَ ﺍﻟﺴِّﻨِﻴﻦَ ﻭَﺍﻟْﺤِﺴَﺎﺏَ ﻣَﺎ ﺧَﻠَﻖَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺫَﻟِﻚَ ﺇِﻟَّﺎ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﻳُﻔَﺼِّﻞُ ﺍﻟْﺂَﻳَﺎﺕِ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ * ﺇِﻥَّ ﻓِﻲ ﺍﺧْﺘِﻠَﺎﻑِ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻖَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻓِﻲ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻟَﺂَﻳَﺎﺕٍ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ ﻳَﺘَّﻘُﻮﻥَ ﴾ [ﻳﻮﻧﺲ: 5، 6].


ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺟﻤﻌﺘﻜﻢ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺁﺧﺮ ﺟﻤﻌﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ.
ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻳﺎﻡ ﻗﻼ‌ﺋﻞ ﺳﻴﻄﻮﻯ ﺳﺠﻠﻪ ﻭﻳﺨﺘﻢ ﻋﻤﻠﻪ.

ﻓﻬﻨﻴﺌﺎً ﻟﻤﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻡ. ﻭﻭﻳﻞ ﻟﻤﻦ ﺃﺳﺎﺀ ﻭﺍﺭﺗﻜﺐ ﺍﻷ‌ﺟﺮﺍﻡ.
ﻓﻬﻠﻢ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
ﻛﻴﻒ ﻗﻀﻴﻨﺎﻩ ﻭﻣﺎ ﺃﻭﺩﻋﻨﺎﻩ ﻓﻴﻪ.؟
ﻭﻟﻨﻔﺘﺶ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﺃﻣﻠﻴﻨﺎﻩ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮﺍً ﺣﻤﺪﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺷﻜﺮﻧﺎﻩ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﺍً ﺗﺒﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻧﺎﻩ،
ﻭﻟﻴﻨﻈﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﻃﻴﻦ ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﺃﻧﻨﺎ ﻓﺮﻃﻨﺎ ﻭﺃﻛﺜﺮﻧﺎ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻭﺃﻛﺜﺮﻧﺎ ﺍﻵ‌ﻣﺎﻝ ﻭﺿﻴﻌﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻭﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ،
ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻳﻮﻡٍ ﻓﻀﻴﻞ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻣﺎ ﺻﻤﻨﺎﻩ،
ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻀِﻴﻞٌ ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﻟﻢ ﻧﻘﻤﻬﺎ،
ﻓﻠﻴﺤﺎﺳﺐ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﺮﻁ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻓﻠﻴﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﺘﺪﺍﺭﻙ ﻣﺎ ﺑﻘﻰ...


ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻛﻢ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻭﻳﻔﺮﺡ ﺑﺘﻤﺎﻡ ﺷﻬﺮﻩ ﻭﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﺸﻬﺮﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ،
وﻭﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﻓﺮﺣﻪ ﺑﺎﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﺡٌ ﺑﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻭﺍﻟﺪﻧﻮ ﻟﻸ‌ﺟﻞ ،
ﻓﺮﺡ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻘﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﻗﻪ ﻷ‌ﻫﻠﻪ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﻟﻘﺒﺮﻩ. ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻧﻘﻄﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻔﺮﻧﺎ. ﻭﺻﻔﺤﺎﺕ ﻧﻄﻮﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻓﺎﺗﺮﻧﺎ. ﻓﻬﻞ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﻻ‌ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﺪ ﻟﻠﻘﺪﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻪ ﺑﺎﻣﺘﺜﺎﻝ ﺃﻣﺮﻩ...


ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺃﻟﻢ ﺗﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺗﻄﻠﻊ ﻭﺗﻐﺮﺏ..!!
ﻓﻔﻲ ﻃﻠﻮﻋﻬﺎ ﺛﻢ ﻏﺮﻭﺑﻬﺎ ﺇﻳﺬﺍﻥ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻃﻠﻮﻉ ﺛﻢ ﻏﺮﻭﺏ...

ﺃﻟﻢ ﺗﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﻋﻮﺍﻡ ﺗﺘﺠﺪﺩ ﻋﺎﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ.
ﻓﺄﻧﺘﻢ ﺗﻮﺩﻋﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎً ﺷﻬﻴﺪﺍً ﻋﻠﻴﻜﻢ. ﻭﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎً ﺟﺪﻳﺪﺍً ﻣﻘﺒﻼ‌ً ﺇﻟﻴﻜﻢ...
ﻓﺒﻤﺎﺫﺍ ﺗﻮﺩﻋﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ...
ﻓﻠﻴﻘﻒ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺤﺎﺳﺒﺎً ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺳﻠﻔﺖ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮﺍً ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻭﺇﻥ ﻳﻜﻦ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﺃﻗﻠﻊ ﻭﺃﻧﺎﺏ. ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺗﻤﺤﻲ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﺔ...
ﻗﺎﻝ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ -: "ﻭﺃﺗﺒﻊ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﻤﺤﻬﺎ"...
ﻟﻴﺤﺎﺳﺐ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﻓﺮﺍﺋﺾ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﻭﺃﺩﺍﺋﻬﺎ.
ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ.
ﻋﻦ ﺃﻣﻮﺍﻟﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺟﺎﺀﺕ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻨﻔﻘﻬﺎ...


ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﺣﺎﺳﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺄﻧﺘﻢ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼ‌ﺝ ﻣﻦ ﻏﺪﺍً. ﻓﺈﻧﻜﻢ ﻻ‌ ﺗﺪﺭﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻪ ﺍﻟﻐﺪ...

ﺣﺎﺳﺒﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﻋﺎﻣﻜﻢ ﻭﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻳﺎﻣﻜﻢ. ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺧﺰﺍﺋﻨﻜﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﻜﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ. ﻭﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﺗﻔﺘﺢ ﻟﻜﻢ ﻓﺘﺮﻭﻥ ﻣﺎ ﺃﻭﺩﻋﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ...

ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺧﻄﺐ ﻓﻘﺎﻝ: "ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻟﻜﻢ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻓﺎﻧﺘﻬﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻟﻤﻜﻢ. ﻭﺇﻥ ﻟﻜﻢ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻓﺎﻧﺘﻬﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻜﻢ".

ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺎﻓﺘﻴﻦ: ﺃﺟﻞٌ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻻ‌ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﻧﻊ ﻓﻴﻪ. ﻭﺃﺟﻞٌ ﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻻ‌ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﺽ ﻓﻴﻪ ،
ﻓﻠﻴﺄﺧﺬ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ. ﻭﻣﻦ ﺩﻧﻴﺎﻩ ﻵ‌ﺧﺮﺗﻪ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺮﻡ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻮﺕ...

ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ "ﺃﻧﻜﻢ ﺗﻐﺪﻭﻥ ﻭﺗﺮﻭﺣﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﺟﻞ ﻗﺪ ﻏﻴﺐ ﻋﻨﻜﻢ ﻓﺈﻥ ﺍﺳﺘﻄﻌﺘﻢ ﺃﻥ ﻻ‌ ﻳﻤﻀﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷ‌ﺟﻞ ﺇﻻ‌ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻓﺎﻓﻌﻠﻮﺍ"

ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ: (ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺳﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺤﺎﺳﺒﻮﺍ. ﻭﺯﻧﻮﻫﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻮﺯﻧﻮﺍ ﻭﺗﺄﻫﺒﻮﺍ ﻟﻠﻌﺮﺽ ﺍﻷ‌ﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ). ﴿ ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﺗُﻌْﺮَﺿُﻮﻥَ ﻟَﺎ ﺗَﺨْﻔَﻰ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﺧَﺎﻓِﻴَﺔٌ ﴾ [ﺍﻟﺤﺎﻗﺔ: 18]...

ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺴﻠﻒ: (ﻣﺜﻠﺖُ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺁﻛﻞ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭﻫﺎ ﻭﺃﺷﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﻧﻬﺎﺭﻫﺎ ﻭﺃﻋﺎﻧﻖ ﺃﺑﻜﺎﺭﻫﺎ، ﺛﻢ ﻣﺜﻠﺖُ ﻧﻔﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺁﻛﻞ ﻣﻦ ﺯﻗﻮﻣﻬﺎ ﻭﺃﺷﺮﺏ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﺪﻫﺎ ﻭﺃﻋﺎﻟﺞ ﺳﻼ‌ﺳﻠﻬﺎ ﻭﺃﻏﻼ‌ﻟﻬﺎ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺃﻱ ﻧﻔﺲُ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ؟ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺄﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎ، ﻗﺎﻝ ﻗﻠﺖ ﻓﺄﻧﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻣﻨﻴﺔ ﻓﺎﻋﻤﻠﻲ)،

ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻬﺾ ﺑﻨﺸﺎﻁ ﻭﻗﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ،
ﻭﻳﺘﺨﻴﻞ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺗﺪﻉ ﻭﻳﻨﺰﺟﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ،

ﻓﺒﻬﺬﺍ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﺼﺢ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ،
ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻧﻌﻴﻢ ﻻ‌ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻭﻟﺬﺓ ﻻ‌ ﺗﺤﻮﻝ ﺃﺑﺪا ،
ﻓﺈﻥ ﺗﺨﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺮﻏﺐة ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺪﻓﻌﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﻳﺤﺜﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ،

ﺛﻢ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻫﺎ ﻭﺯﻗﻮﻣﻬﺎ ﻭﺳﻼ‌ﺳﻠﻬﺎ ﻭﺻﺪﻳﺪﻫﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﻘﺎﺭﺑﻬﺎ ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺰﺟﺮﻩ ﻋﻦ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻛﺎﺩ ﻳﺨﻄﻮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻳﺮﺩﻩ ﻋﻦ ﻓﺎﺣﺸﺔ ﻛﺎﺩ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ...


ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻟﻨﺘﺬﻛﺮ ﺑﺎﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﺮ.
ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ.
ﻭﺑﺘﻐﻴﺮ ﺍﻷ‌ﺣﻮﺍﻝ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺣﻠﻮﻝ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ...

ﻓﻜﻢ ﻭﻟﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻣﻮﻟﻮﺩ ..!!
ﻭﻛﻢ ﻣﺎﺕ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﻲ..!!
ﻭﻛﻢ ﺍﺳﺘﻐﻨﻰ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻓﻘﻴﺮ. ﻭﺍﻓﺘﻘﺮ ﻣﻦ ﻏﻨﻲ..!!
ﻭﻛﻢ ﻋﺰ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻴﻞ. ﻭﺫﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﺰﻳﺰ..!!
 ﴿ ﻗُﻞِ ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﻣَﺎﻟِﻚَ ﺍﻟْﻤُﻠْﻚِ ﺗُﺆْﺗِﻲ ﺍﻟْﻤُﻠْﻚَ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﻭَﺗَﻨْﺰِﻉُ ﺍﻟْﻤُﻠْﻚَ ﻣِﻤَّﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﻭَﺗُﻌِﺰُّ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﻭَﺗُﺬِﻝُّ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﺑِﻴَﺪِﻙَ ﺍﻟْﺨَﻴْﺮُ ﺇِﻧَّﻚَ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻗَﺪِﻳﺮٌ * ﺗُﻮﻟِﺞُ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞَ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻭَﺗُﻮﻟِﺞُ ﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭَ ﻓِﻲ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺗُﺨْﺮِﺝُ ﺍﻟْﺤَﻲَّ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤَﻴِّﺖِ ﻭَﺗُﺨْﺮِﺝُ ﺍﻟْﻤَﻴِّﺖَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺤَﻲِّ ﻭَﺗَﺮْﺯُﻕُ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﺑِﻐَﻴْﺮِ ﺣِﺴَﺎﺏٍ ﴾ [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ: 26، 27].
 

ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ:
ﺭﺍﺟﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﻄﻮﻱ ﺻﺤﺎﺋﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ؟
ﻓﻠﻌﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻙ ﺇﻻ‌ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﺃﻳﺎﻡ. ﻓﺎﺳﺘﺪﺭﻙ ﻋﻤﺮﺍً ﻗﺪ ﺃﺿﻌﺖ ﺃﻭﻟﻪ...
ﻗﺎﻝ- ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺧﻤﺴﺎً ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺲ: ﺷﺒﺎﺑﻚ ﻗﺒﻞ ﻫﺮﻣﻚ. ﻭﺻﺤﺘﻚ ﻗﺒﻞ ﺳﻘﻤﻚ. ﻭﻏﻨﺎﻙ ﻗﺒﻞ ﻓﻘﺮﻙ. ﻭﻓﺮﺍﻏﻚ ﻗﺒﻞ ﺷﻐﻠﻚ. ﻭﺣﻴﺎﺗﻚ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻚ".

ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻭﺻﺎﻧﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -. ﺑﺎﻏﺘﻨﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻝ ﺃﺿﺪﺍﺩﻫﺎ...

ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺳﺘﺪﺭﻛﻮﺍ ﻣﺎ ﻓﺎﺕ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﺑﻘﻰ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ.
ﻓﺈﻥ ﺇﻗﺎﻣﺘﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ، ﻭﺃﻳﺎﻣﻜﻢ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻣﺸﻬﻮﺩﺓ...
ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﺧﻲ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﻛﺄﺱ ﻟﺰﺍﻣﺎً ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺬﻭﻗﻪ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ،

وﻮﺍﻟﻠﻪ ﻷ‌ﻣﻮﺕ ﺃﻧﺎ ، ﻭﺗﻤﻮﺕ ﺃﻧﺖ ، ﻭﻳﻤﻮﺕ ﻛﻞ ﺣﻲ ﺷﺌﻨﺎ ﺃﻡ ﺃﺑﻴﻨﺎ ﺭﺿﻴﻨﺎ ﺃﻡ ﻟﻢ ﻧﺮﺿﻰ،
ﻭﺃﻥ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻗﺒﺮٌ ﻭﺑﻌﺚٌ ﻭﻧﺸﻮﺭ ﻭﻛﺘﺎﺏٌ ﻳﺴﻄﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﺭﻧﺎ ،
ﻭﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻳﻮﻡ ﺟﺰﺍﺀ ﻭﺣﺴﺎﺏ ، ﻓﺈﻣﺎ ﺟﻨﺔ ﺃﻭ ﻧﺎﺭ ﺟﺰﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻣﻨﺎ ﻭﺣﻴﺎﺗﻨﺎ،
ﻓﻤﻦ ﻗﻀﻰ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ ﺭﺑﻪ ﻭﻣﻮﻻ‌ﻩ ﻭﻗﺪﻡ ﺧﻴﺮﺍ ﻓﻬﻮ ﺇﻟﻰ ﺧﻴﺮ ﻭﻧﻌﻴﻢ ﺃﺑﺪﻱ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﻣﻦ ﻗﻀﻰ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻗﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺇﻏﻀﺎﺏ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻬﻮ ﺇﻟﻰ ﺷﺮ ﻭﺷﻘﺎﺀ ﺃﺑﺪﻱ إن ﻟﻢ ﻳﺘﺪﺍﺭﻛﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ...


ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ: 
﴿ ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞَ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭَ ﺁَﻳَﺘَﻴْﻦِ ﻓَﻤَﺤَﻮْﻧَﺎ ﺁَﻳَﺔَ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺁَﻳَﺔَ ﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻣُﺒْﺼِﺮَﺓً ﻟِﺘَﺒْﺘَﻐُﻮﺍ ﻓَﻀْﻠًﺎ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ ﻭَﻟِﺘَﻌْﻠَﻤُﻮﺍ ﻋَﺪَﺩَ ﺍﻟﺴِّﻨِﻴﻦَ ﻭَﺍﻟْﺤِﺴَﺎﺏَ ﻭَﻛُﻞَّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻓَﺼَّﻠْﻨَﺎﻩُ ﺗَﻔْﺼِﻴﻠًﺎ * ﻭَﻛُﻞَّ ﺇِﻧْﺴَﺎﻥٍ ﺃَﻟْﺰَﻣْﻨَﺎﻩُ ﻃَﺎﺋِﺮَﻩُ ﻓِﻲ ﻋُﻨُﻘِﻪِ ﻭَﻧُﺨْﺮِﺝُ ﻟَﻪُ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟْﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ ﻛِﺘَﺎﺑًﺎ ﻳَﻠْﻘَﺎﻩُ ﻣَﻨْﺸُﻮﺭًﺍ * ﺍﻗْﺮَﺃْ ﻛِﺘَﺎﺑَﻚَ ﻛَﻔَﻰ ﺑِﻨَﻔْﺴِﻚَ ﺍﻟْﻴَﻮْﻡَ ﻋَﻠَﻴْﻚَ ﺣَﺴِﻴﺒًﺎ * ﻣَﻦِ ﺍﻫْﺘَﺪَﻯ ﻓَﺈِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﻬْﺘَﺪِﻱ ﻟِﻨَﻔْﺴِﻪِ ﻭَﻣَﻦْ ﺿَﻞَّ
ﻓَﺈِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﻀِﻞُّ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺰِﺭُ ﻭَﺍﺯِﺭَﺓٌ ﻭِﺯْﺭَ ﺃُﺧْﺮَﻯ ﻭَﻣَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻣُﻌَﺬِّﺑِﻴﻦَ ﺣَﺘَّﻰ ﻧَﺒْﻌَﺚَ ﺭَﺳُﻮﻟًﺎ ﴾ [ﺍﻹ‌ﺳﺮﺍﺀ: 12 - 15]...
 
ﺃﻗﻮﻝ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻌﻮﻥ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ ﻭﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻧﺐ ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮﻭﻩ إﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ...





-:(( ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ )):-

ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻣﻨﺸﺊ ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺭ، ﻭﻣﻔﻨﻲ ﺍﻷ‌ﻋﻮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺪﻫﻮﺭ، ﻭﻣﻴﺴﺮ ﺍﻟﻤﻴﺴﻮﺭ ﻭﻣﻘﺪﺭ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ، ﻳﻌﻠﻢ ﺧﺎﺋﻨﺔ ﺍﻷ‌ﻋﻴﻦ ﻭﻣﺎ ﺗﺨﻔﻲ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ.

ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ‌ ﺇﻟـﻪ ﺇﻻ‌ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺸﻜﻮﺭ.

ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻣﺮ ﻭﺃﺟﻞ ﻣﺄﻣﻮﺭ.

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ. ﻭﺿﺎﻋﻒ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻬﻢ ﺍﻷ‌ﺟﻮﺭ...


ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ:
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
 ﺇﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻑ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﻋﺎﻡ ﻫﺠﺮﻱ ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺇﻟا أيام، ﻓﻴﺰﺩﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻋﻮﺍﻣﻨﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻭﺗﻨﻘﺺ ﺃﻋﻤﺎﺭﻧﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻭﻧﺪﻧﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻋﺎﻣﺎ،
ﻓﻜﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﺫﻫﺒﺖ ﻟﻦ ﺗﻌﻮﺩ ، ﻭﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﻀﻰ ﻟﻦ ﻳﻌﻮﺩ ﻭﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﻭﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺫﻫﺒﺖ ﻟﻦ ﺗﻌﻮﺩ،

ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ : ﻭﺍﺳﺘﺪﺭﻛﻮﺍ ﻋﻤﺮﺍً ﺿﻴﻌﺘﻢ ﺃﻭﻟﻪ،
ﻓﺮﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪﺍً ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ،
ﻭﺃﺳﺮﻉ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻹ‌ِﻧﺎﺑﺔ ﻗﺒﻞ ﻃﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ،
ﻭﺃﺧﺬ ﻧﺼﻴﺒﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ،

ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺃﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺍﻏﺘﻨﻤﻨﻲ ﻓﺈﻧﻚ ﻻ‌ ﺗﺪﺭﻱ ﻟﻌﻠﻪ ﻻ‌ ﻳﻮﻡ ﻟﻚ ﺑﻌﺪﻱ، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻣﺜﻞ ﺫﺍﻟﻚ...

ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ: ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻺ‌ﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺷﺮﻑ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﻭﻗﺪﺭ ﻭﻗﺘﻪ ﻓﻼ‌ ﻳﻀﻴﻊ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻗﺮﺑﺔ.

ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً ﻭﺃﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺃﺷﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻀﻴﻊ ﻣﻦ ﻟﺤﻀﻪ ﻓﺈﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗﺎﻝ:((ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺑﺤﻤﺪﻩ ﻏﺮﺳﺖ ﻟﻪ ﺑﻬﺎ ﻧﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ))...

ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻛﻢ ﻧﺨﻠﺔ ﺿﻴﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺤﻈة ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺑﺤﻤﺪﻩ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﺮﺳﺎً ﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ،
ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﺴﺘﺎﻥ ﺿﻴﻌﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ؟
ﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺃﺿﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻔﺎﺗﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺍﻟﺠﺰﻳﻞ...


ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻛﻢ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻷ‌ﻋﻮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ، ﻻ‌ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﻻ‌ ﻳﺘﺒﺪﻝ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺔ ﻭﻗﺴﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻣﻌﺎﺹ ﺑﻠﻐﺖ ﻋﻨﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ،
ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺮﺣﻤــﻦ ﻣﻌﻄﻠﺔ ، ﻭﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺗﻨﻔﺬ ،
ﺍﻧﺸﻐﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺻﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ، ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺧﻲ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻚ؟
 ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻟﻚ؟
 ﺃﻻ‌ ﻳﻮﺟﺪ ﻗﻠﺐ ﻧﺎﻩ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭﺍﻧﺼﺮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ؟!!

ﻗﺎﻝ ﺍﻷ‌ﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ: (ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻣﻤﻦ ﻋﺮﻑ ﺭﺑﻪ ﺛﻢ ﻋﺼﺎﻩ ﻭﻋﺮﻑ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺛﻢ ﺃﻃﺎﻋﻪ)...


ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻫﻼ‌ ﺗﻔﻜﺮﺗﻢ ﺃﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ؟
ﺃﻣﺎ ﻭﺍﻓﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻨﺎﻳﺎ ﻭﻗﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ القاضية ؟
ﺭﺣﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ،ﻭﻗﻞ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺑﻘﺎﺅﻧﺎ،
ﻫﺬﻩ ﺩﻭﺭﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮﺍﻫﻢ،
ﻫﺬﺍ ﺻﺪﻳﻘﻬﻢ ﻗﺪ ﻧﺴﻴﻬﻢ ﻭﺟﻔﺎﻫﻢ.
ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺗﺰﻋﺞ ﺍﻷ‌ﻟﺒﺎﺏ،
ﻭﺃذﻛﺎﺭﻫﻢ ﻳﺼﺪﻉ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻷ‌ﺣﺒﺎﺏ، ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻠﻤﻌﺘﺒﺮﻳﻦ،

ﻓﺘﺄﻣﻠﻮﺍ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺍﺣﻠﻴﻦ، ﻭﺍﺗﻌﻈﻮﺍ ﺑﺎﻷ‌ﻣﻢ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﻦ، ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻘﺎﺳﻲ ﻳﻠﻴﻦ،
ﻭﺍﻧﻈﺮﻭﺍ ﻷ‌ﻧﻔﺴﻜﻢ ﻣﺎ ﺩﻣﺘﻢ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻹ‌ِﻣﻬﺎﻝ، ﻭﺍﻏﺘﻨﻤﻮﺍ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﻧﻔﺲ ﻳﺎ ﺣﺴﺮﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺮﻃﺖ ﻓﻲ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻓﺎﺕ ﺯﻣﻦ ﺍﻹ‌ِﻣﻜﺎﻥ، ﻭﺣﺼﻞ ﺍﻹ‌ِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﺃﻭ ﻋﺼﻴﺎﻥ،

ﻓﻨﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻥ، ﺃﻥ ﺗﺨﺘﻢ ﻋﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ، ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﺍﻻ‌ﻣﺘﻨﺎﻥ،
ﻭﺃﻥ ﺗﺠﻌﻞ ﻋﺎﻣﻨﺎ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ ﻋﺎﻣﺎً ﻣﺒﺎﺭﻛﺎً ﺣﻤﻴﺪﺍً،
ﻭﺗﺮﺯﻗﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺭﺯﻗﺎً ﻭﺍﺳﻌﺎً ﻭﺗﻮﻓﻴﻘﺎً ﻭﺗﺴﺪﻳﺪﺍً،

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﺑﺎﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ، ﻭﺃﺻﻠﺢ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ...

هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.

ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼ‌ﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷ‌ﺣﺰﺍﺏ: 56].

فأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم، يُعظِم الله لكم بها أجرا، وتؤدوا شيئاً من حقوق نبيّكم عليكم، وتمتثلوا أمر الله عزّ وجل لكم.

اللهم صلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد
اللهم ارزقنا محبته، وارزقنا اتباعه ظاهراً وباطنا، اللهم ارزقنا تقديم هديه على كل هدي، وقوله على كل قول يا ربّ العالمين.
اللهم توفنا على مِلّته
اللهم احشرنا في زُمرته
اللهم أدخلنا في شفاعته
اللهم أسقنا من حوضه
اللهم اجمعنا به في جنات النعيم، مع الذين أنعمتَ عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين.
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن زوجاته أمّهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﺰ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺃﺫﻝ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻭﺍﺣﻢ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺁﻣﻨﺎً ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺑﻼ‌ﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺁﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻭﻭﻻ‌ﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻭﻻ‌ﻳﺘﻨﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﺧﺎﻓﻚ ﻭﺍﺗﻘﺎﻙ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺭﺿﺎﻙ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻓﺘﻨﺔ ﻓﺎﻗﺒﻀﻨﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﻏﻴﺮ ﺧﺰﺍﻳﺎ ﻭﻻ‌ ﻣﻔﺘﻮﻧﻴﻦ ، ﻭﻻ‌ ﻣﻐﻴﺮﻳﻦ ﻭﻻ‌ ﻣﺒﺪﻟﻴﻦ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ ...

ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﻻ‌ ﺗﺪﻉ ﻷ‌ﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ‌ ﻏﻔﺮﺗﻪ ﻭﻻ‌ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﻔﻴﺘﻪ ﻭﻻ‌ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻪ ، ﻭﻻ‌ ﻫﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﻓَﺮَّﺟْﺘﻪ ، ﻭﻻ‌ﻣﻴﺘﺎ ﺇﻻ‌ ﺭﺣﻤﺘﻪ ، ﻭﻻ‌ ﻋﺎﺻﻴﺎ ﺇﻻ‌ ﻫﺪﻳﺘﻪ ، ﻭﻻ‌ ﻃﺎﺋﻌﺎ ﺇﻻ‌ ﺳﺪﺩﺗﻪ ، ﻭﻻ‌ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻚ فيها ﺭﺿﺎً ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻼ‌ﺡ ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ,...

ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺟﻤﻌﺎً ﻣﺮﺣﻮﻣﺎً ، ﻭﺗﻔﺮﻗﻨﺎً ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻔﺮﻗﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺠﻌﻞ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﻣﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﻣﻌﻨﺎ ﺷﻘﻴﺎً ﺃﻭ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎً ,


اللهم لا تخرجنا من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعى مشكور وتجارةٍ لن تبور ..
اللهم إرحم ضعفنا ، وإرحم بكاءنا ، وارحم بين يديك ذلنا وعجزنا وفقرنا ..

اللهم لا تفضحنا بخفى ما أطلعت عليه من اسرارنا
ولا بقبيح ما تجرأنا به عليك فى خلواتنا ،

يا رب إغفر الذنوب التى تهتك العصم،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل النقم ،
واغفر لنا الذنوب التى تحبس الدعاء ،
وأغفر لنا الذنوب التى تقطع الرجاء،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل البلاء ،
يا من ذكره دواء ، وطاعته غناء ، إرحم من رأس مالهم الرجاء ، وسلاحهم البكاء برحمتك يا أرحم الراحمين ...


اللهم إرحم موتانا وموتى المسلمين ،
وإشفى مرضانا ومرضى المسلمين ،
اللهم جدد آمالهم ، وأذهب آلآمهم

اللهم تقبل منا وأقبلنا إنك أنت التواب الرحيم..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝٍ ﻭﻋﻤﻞ،ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ،

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ، ﻭﻗﻠﻮﺑﺎً ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﺧﻼ‌ﻗﺎً ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻤﻦ ﻛﺘﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ، ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ.
 
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹ‌ﺣﺴﺎﻥ ﻭﺇﻳﺘﺎﺀ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﺑﻰ ﻭﻳﻨﻬى ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺍﻟﺒﻐﻲ ﻳﻌظﻜﻢ ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺗﺬﻛﺮﻭﻥ،

فاذﻛﺮﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻳﺬﻛﺮﻛﻢ، ﻭﺍﺷﻜﺮﻭﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ ﻳﺰﺩﻛﻢ، ﻭﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻌﻮﻥ...
والحمد لله رب العالمين ..
ﺧﻄﺒﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ
ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﺑﻌﺪ:
ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻘﻮﻕ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺗﺠﺐ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻵﺧَﺮ، ﻓﻤِﻦْ ﺃﻫﻢِّ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ
ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ:
-1 ﺍﻟﻤﻌﺎﺷﺮﺓ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ: ﻓﻴُﻌﺎﺷِﺮ ﻛﻞٌّ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﺻﺎﺣِﺒَﻪ ﻣﻌﺎﺷﺮﺓً ﺣﺴﻨﺔ، ﻓﻼ
ﻳﺆﺫﻳﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﻻ ﺑﻤﺎ ﻳُﺴﺘﻨﻜﺮ ﺷﺮﻋﺎً ﻭﻻ ﻋُﺮﻓﺎً ﻭﻻ ﻣﺮﻭﺀﺓ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ
ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﻠُّﻄﻒ ﻭﺍﻟﺮِّﻓﻖ. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻭَﺟَﻌَﻞَ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢْ ﻣَﻮَﺩَّﺓً ﻭَﺭَﺣْﻤَﺔً ﴾ ‏[ ﺍﻟﺮﻭﻡ:
21‏] ، ﻓﺎﻟﻤﻮﺩﺓ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻫﻲ ﺃﺻﻞُ ﺣُﺴْﻦِ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺷﺮﺓ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭﻫﻲ ﺳِﺮُّ
ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ.
-2 ﺍﻟﻤُﻨﺎﺻﺤﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ: ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ‏«ﺍﻟﺪِّﻳﻦُ ﺍﻟﻨَّﺼِﻴﺤَﺔُ ‏» ﺭﻭﺍﻩ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ. ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻷﺯﻭﺍﺝ ﻳﻈﻦ ﺃﻥَّ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺑﺎﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻟﻪ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻄﺎﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﺣﻘِّﻪ، ﻭﺧَﺪﺵ ﻟﻜﺮﺍﻣﺘﻪ، ﻭﻟﻠﻘﻮﺍﻣﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﺧﻄﺄ ﻓﺎﺩﺡ؛ ﻷﻥ
ﺍﻟﺘﻨﺎﺻﺢ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﺷﺮﻋﺎً.
-3 ﺣﻖُّ ﺍﻹﻧﺠﺎﺏ: ﻭﻫﻮ ﺃﻣْﺮٌ ﻓِﻄﺮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟِﻤَﻦْ ﺯﻫِﺪَ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺃﻥ ﻳُﺮﺍﻋﻲ ﺣﻖَّ ﺍﻵﺧَﺮ؛ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ - ﻟَﻤَّﺎ ﺗﺤﺪَّﺛﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻌَﺰْﻝ - ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ؛ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓً ﻟِﺤَﻘِّﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮَﻃﺮ، ﻭﺣﻘِّﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻟﺪ .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ .. ﺇﻥَّ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻗﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿
ﻭَﻋَﺎﺷِﺮُﻭﻫُﻦَّ ﺑِﺎﻟْﻤَﻌْﺮُﻭﻑِ ﴾ ‏[ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: 19‏] ؛ ﻭﻗﻮﻟﻪ : ﴿ ﻭَﻟَﻬُﻦَّ ﻣِﺜْﻞُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻦَّ ﺑِﺎﻟْﻤَﻌْﺮُﻭﻑِ
﴾ ‏[ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: 228‏]. ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ‏« ﺇِﻥَّ ﻟَﻜُﻢْ ﻋَﻠَﻰ ﻧِﺴَﺎﺋِﻜُﻢْ ﺣَﻘًّﺎ،
ﻭَﻟِﻨِﺴَﺎﺋِﻜُﻢْ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺣَﻘًّﺎ ‏» ﺣﺴﻦ - ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ.
ﻭﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺟﻬﺎ:
-1 ﺍﻟﻤﻬﺮ: ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻭَﺁﺗُﻮﺍ ﺍﻟﻨِّﺴَﺎﺀَ ﺻَﺪُﻗَﺎﺗِﻬِﻦَّ ﻧِﺤْﻠَﺔً ﴾ ‏[ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: 4‏] ، ﻭﺍﻟﻤﻬﺮ ﻧﻮﻉ
ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻬﺪﻳﺔ، ﻳُﻘﺪِّﻣﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ.
-2 ﺍﻟﻨﻔﻘﺔ ﻭﺍﻟﺴﻜﻦ ﺍﻟﻤُﻨﺎﺳﺐ : ﺍﻟﻨﻔﻘﺔ ﺗﻠﺰﻡ ﺍﻟﺰﻭﺝَ ﻣﻦ ﺣﻴﻦ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ، ﻳُﻌِﺪُّ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻜﻦَ
ﺍﻟﻤُﻨﺎﺳﺐ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﻉ، ﻭﻳُﻮﻓِّﺮ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡَ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻜِﺴْﻮَﺓ، ﻭﻻ ﺗُﻠﺰَﻡ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﻘﺔ
ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺫﺍﺕَ ﻣﺎﻝ - ﺇﻻَّ ﺃﻥْ ﺗﺘﻄﻮﻉ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻃِﻴﺐِ ﻧﻔﺲٍ ﻣﻨﻬﺎ؛ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ‏« ﻭَﻟَﻬُﻦَّ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺭِﺯْﻗُﻬُﻦَّ ﻭَﻛِﺴْﻮَﺗُﻬُﻦَّ ﺑِﺎﻟْﻤَﻌْﺮُﻭﻑِ ‏» ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ.
ﻭﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﺃَﺳْﻜِﻨُﻮﻫُﻦَّ ﻣِﻦْ ﺣَﻴْﺚُ ﺳَﻜَﻨﺘُﻢْ ﻣِﻦْ ﻭُﺟْﺪِﻛُﻢْ ﴾ ‏[ ﺍﻟﻄﻼﻕ : 6‏] ﺃﻱ: ﻋﻠﻰ
ﻗَﺪْﺭِ ﺳﻌﺘﻜﻢ ﻭﻃﺎﻗﺘﻜﻢ؛ ﻓﺈﻥْ ﻛﺎﻥ ﻣُﻮﺳِﺮﺍً ﻳُﻮَﺳِّﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻜﻦ ﻭﺍﻟﻨﻔﻘﺔ، ﻭﺇﻥْ ﻛﺎﻥ
ﻓﻘﻴﺮًﺍ ﻓﻌﻠﻰ ﻗَﺪْﺭِ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ؛ ﻭﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﻟِﻴُﻨﻔِﻖْ ﺫُﻭ ﺳَﻌَﺔٍ ﻣِﻦْ ﺳَﻌَﺘِﻪِ ﻭَﻣَﻦْ ﻗُﺪِﺭَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ
ﺭِﺯْﻗُﻪُ ﻓَﻠْﻴُﻨﻔِﻖْ ﻣِﻤَّﺎ ﺁﺗَﺎﻩُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻻَ ﻳُﻜَﻠِّﻒُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻧَﻔْﺴًﺎ ﺇِﻻَّ ﻣَﺎ ﺁﺗَﺎﻫَﺎ ﴾ ‏[ ﺍﻟﻄﻼﻕ : 7‏].
-3 ﺗﻌﻠﻴﻤُﻬﺎ ﺃﻣﻮﺭَ ﺩﻳﻨﻬﺎ : ﻷﻥَّ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺭﺍﻉٍ ﻭﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺭﻋﻴﺘﻪ، ﻭﻳﺄﺫﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥْ ﺗﺤﻀﺮ
ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺘﺴﺎﻫﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻭﺍﺝ، ﻭﻧَﺴُﻮﺍ ﻗﻮﻟَﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻳَﺎ
ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻗُﻮﺍ ﺃَﻧﻔُﺴَﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻫْﻠِﻴﻜُﻢْ ﻧَﺎﺭًﺍ ﻭَﻗُﻮﺩُﻫَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﻭَﺍﻟْﺤِﺠَﺎﺭَﺓُ ﴾ ‏[ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻢ:
6‏] ؛ ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ ﻭَﺃْﻣُﺮْ ﺃَﻫْﻠَﻚَ ﺑِﺎﻟﺼَّﻼَﺓِ ﻭَﺍﺻْﻄَﺒِﺮْ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﴾ ‏[ﻃﻪ : 132‏].
-4 ﺍﻟﺼَّﺒﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ: ﻭﺍﻟﻌﻔﻮُ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺼﻮﺭٍ ﻓِﻄﺮﻱ، ﻭﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻤﺎ
ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻨﻬﺎ؛ ﺭﺣﻤﺔً ﺑﻬﺎ ﻭﺷﻔﻘﺔً ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻋﻤﻼً ﺑﻮﺻﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
‏« ﺍﺳْﺘَﻮْﺻُﻮﺍ ﺑِﺎﻟﻨِّﺴَﺎﺀِ ﺧَﻴْﺮًﺍ ‏» ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ . ﻭﻫﻮ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺷﺮﺓ
ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ .
-5 ﺃﻥْ ﻳﺮﻋﺎﻫﺎ ﺇﺫﺍ ﻣَﺮِﺿَﺖْ: ﻋَﻦِ ﺍﺑْﻦِ ﻋُﻤَﺮَ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ؛ ﻗَﺎﻝَ : ﺗَﻐَﻴَّﺐَ ﻋُﺜْﻤَﺎﻥُ -
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻋَﻦْ ﺑَﺪْﺭٍ، ﻓَﺈِﻧَّﻪُ ﻛَﺎﻧَﺖْ ﺗَﺤْﺘَﻪُ ﺑِﻨْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
‏[ ﺭﻗﻴﺔ‏] ﻭَﻛَﺎﻧَﺖْ ﻣَﺮِﻳﻀَﺔً . ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻟَﻪُ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ‏« ﺇِﻥَّ ﻟَﻚَ ﺃَﺟْﺮَ ﺭَﺟُﻞٍ
ﻣِﻤَّﻦْ ﺷَﻬِﺪَ ﺑَﺪْﺭًﺍ ﻭَﺳَﻬْﻤَﻪُ ‏» ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳُﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺛَﻘُﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺤﻤْﻞ، ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻮﺿﻊ .
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ .. ﻭﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ - ﺇﺟﻤﺎﻻً: ﻃﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﺟﻪ، ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ. ﻭﻳﺠﻠﺲ
ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻳﺆﺍﻧﺴﻬﺎ ﻭﻳُﺴﺎﻣﺮﻫﺎ. ﻭﻳﺘﺰﻳَّﻦ ﻭﻳﺘﺠﻤَّﻞ ﻟﻬﺎ. ﻭﻳُﺴﻠَّﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ.
ﻭﻳﺤﺘﺮﻡ ﺃﻫﻠﻬﺎ. ﻭﻳﺼﻮﻧﻬﺎ، ﻭﻳﺤﻔﻈﻬﺎ، ﻭﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻣﺎﻥ ﻣﻌﻪ . ﻭﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ؛ ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺒﺮﺝ ﻭﺍﻟﺴﻔﻮﺭ . ﻭﻻ ﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﺃﻗﺎﺭﺑﻬﺎ.
ﻭﻳُﺤْﺴِﻦ ﺍﻟﻈﻦَّ ﺑﻬﺎ، ﻭﻻ ﻳﺘﺨﻮَّﻧﻬﺎ. ﻭﻳﺤﻔَﻆ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ﻭﻛﺮﺍﻣﺘﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻻ ﻳﻌﺎﻣﻠﻬﺎ
ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻹﻣﺎﺀ. ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻔﺎﻓﻬﺎ، ﻭﺗﻠﺒﻴﺔ ﺭﻏﺒﺎﺗﻬﺎ . ﻭﻳُﻼﻃﻔﻬﺎ ﻭﻳُﻼﻋﺒﻬﺎ ﻭﻳُﻀﺎﺣﻜﻬﺎ.
ﻭﻳَﺴﺘﺸﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻳﺤﺘﺮﻡ ﺭﺃﻳﻬﺎ . ﻭﻳَﻐﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻳﺼﻮﻧﻬﺎ، ﻭﻳﺤﻔﻆ ﻋِﺮْﺿَﻬﺎ . ﻭﻳَﺴْﻤُﺮ ﻣﻌﻬﺎ
ﻳُﺤﺪِّﺛﻬﺎ ﻭﻳﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺣﺪﻳﺜﻬﺎ . ﻭﻻ ﻳﻐﻴﺐَ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ. ﻭﻻ ﻳﻬﺠﺮﻫﺎ - ﺇﺫﺍ
ﻫﺠﺮﻫﺎ - ﺇﻻَّ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ. ﻭﻳﻌﺪﻝ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺍﻷُﺧﺮﻯ - ﺇﻥْ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺪِّﺩﺍً. ﻭﻻ
ﻳﻀﺎﻳﻘﻬﺎ ﻟﻴُﻜﺮِﻫَﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤُﻔﺎﺭﻗﺔ ﻭﺍﻟﺘَّﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﺣﻘﻬﺎ. ﻭﻻ ﻳُﺨﺮِﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﻭﻗﺖ
ﺍﻟﻌﺪﺓ، ﻭﻻ ﺗَﺨﺮﺝ ﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ. ﻭﻳُﻨْﻔِﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻳُﻮﻓِّﺮ ﻟﻬﺎ ﺳﻜﻨﺎً ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻃﻼﻗﻬﺎ ﺭﺟﻌﻴًّﺎ -
ﻛﺬﺍ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻣﻼً.
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ... ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ.. ﻭﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ:
-1 ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺼﻴﺔ: ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ‏« ﻟَﻮْ ﻛُﻨْﺖُ ﺁﻣِﺮًﺍ ﺃَﺣَﺪًﺍ
ﺃَﻥْ ﻳَﺴْﺠُﺪَ ﻷَﺣَﺪٍ؛ ﻷَﻣَﺮْﺕُ ﺍﻟْﻤَﺮْﺃَﺓَ ﺃَﻥْ ﺗَﺴْﺠُﺪَ ﻟِﺰَﻭْﺟِﻬَﺎ ‏» ﺻﺤﻴﺢ - ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ
ﺗﻴﻤﻴﺔ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: ‏( ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ - ﺑﻌﺪ ﺣﻖِّ ﺍﻟﻠﻪِ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ - ﺃﻭﺟَﺐَ ﻣﻦ ﺣﻖِّ
ﺍﻟﺰﻭﺝ‏) ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ، ‏( 32 260/‏).
-2 ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻐَﻴﺮﺓ: ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﺃﻥْ ﺗﻐﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺟﻬﺎ - ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﻥْ ﻛﺎﻥ ﻣُﻌﺪِّﺩﺍً -
ﻭﻟﻜﻦْ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻐَﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻘﺒﻮﻟﺔ، ﻭﻟﻘﺪ ﻛَﺜُﺮﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ؛ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻐَﻴﺮﺓ
ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻣُﻨﻀﺒﻈﺔ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺃﻥ ﺗُﻬﺬِّﺏ ﻏﻴﺮَﺗَﻬﺎ؛ ﻓﻼ ﺗﺘﻌﻤَّﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺴﺲ
ﻭﺍﻟﺘﺤﺴﺲ، ﻭﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ، ﻓﻴﻨﻬﺪﻡ ﻋﺶُّ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ.
-3 ﺃﻥْ ﺗﺤﻔﻈَﻪ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺑﻪ: ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﻣﺎﻟﻪ ﻭﻭﻟﺪﻩ؛ ﻓﻼ ﺗُﺪﻧِّﺲ ﻋِﺮْﺽَ ﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻭﻻ
ﺗُﻀﻴﻊ ﻣﺎﻟَﻪ ﻭﻭﻟﺪَﻩ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺆﺗﻤﻨﺔٌ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ، ﻓﺈﺫﺍ ﺧﺎﻧَﺖْ ﻫﺎﻧَﺖْ،
ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔُ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ - ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ - ﻳﺘﺮﺗَّﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺴﺎﺩٌ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ.
-4 ﺃﻻَّ ﺗﺨﺮُﺝَ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻪ ﺇﻻَّ ﺑﺈﺫﻧﻪ: ﺃﻣَﺮَ ﺍﻟﻠﻪُ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀَ ﺑﻠﺰﻭﻡ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻓﻴﻪ؛ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ
ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: ﴿ ﻭَﻗَﺮْﻥَ ﻓِﻲ ﺑُﻴُﻮﺗِﻜُﻦَّ ﻭَﻻَ ﺗَﺒَﺮَّﺟْﻦَ ﺗَﺒَﺮُّﺝَ ﺍﻟْﺠَﺎﻫِﻠِﻴَّﺔِ ﺍﻷُﻭﻟَﻰ ﴾ ‏[ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ:
33‏]. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ‏«ﻻَ ﺗَﻤْﻨَﻌُﻮﺍ ﺇِﻣَﺎﺀَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺴَﺎﺟِﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ‏» ﺭﻭﺍﻩ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ. ﻓﻴُﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ: ﺃﻧﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝَ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥْ ﺗﺴﺘﺄﺫﻥ، ﻭﺃﻥَّ
ﻟﻠﺰﻭﺝ ﻣﻨﻊَ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﺇﻻَّ ﻣﺎ ﺍﺳﺘُﺜْﻨِﻲَ ﺷﺮﻋﺎً .
-5 ﺃﻥْ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺨﺪﻣﺘﻪ ﻭﺧﺪﻣﺔ ﺃﻭﻻﺩﻩ : ﻷﻥَّ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﻭﺍﺟﺒﺔٌ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ
ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ، ﻭﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥْ ﺗﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗُﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ ﺗَﻌَﺐٍ ﻭﻣﺸﻘﺔ، ﻭﻳﺪﻝُّ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ
ﻋﻠﻲٍّ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ؛ ﺃﻥَّ ﻓﺎﻃﻤﺔَ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ؛ ﺑﻨﺖَ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺗﺖ ﺍﻟﻨﺒﻲَّ
ﺗَﺸْﻜُﻮ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﻣَﺎ ﺗَﻠْﻘَﻰ ﻓِﻲ ﻳَﺪِﻫَﺎ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺮَّﺣَﻰ، ﻭَﺑَﻠَﻐَﻬَﺎ ﺃَﻧَّﻪُ ﺟَﺎﺀَﻩُ ﺭَﻗِﻴﻖٌ، ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ ﺧﺎﺩﻣﺎً،
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ‏« ﺃَﻻَ ﺃَﺩُﻟُّﻜُﻤَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺧَﻴْﺮٍ ﻣِﻤَّﺎ ﺳَﺄَﻟْﺘُﻤَﺎ؟ ﺇِﺫَﺍ ﺃَﺧَﺬْﺗُﻤَﺎ
ﻣَﻀَﺎﺟِﻌَﻜُﻤَﺎ - ﺃَﻭْ ﺃَﻭَﻳْﺘُﻤَﺎ ﺇِﻟَﻰ ﻓِﺮَﺍﺷِﻜُﻤَﺎ - ﻓَﺴَﺒِّﺤَﺎ ﺛَﻼَﺛًﺎ ﻭَﺛَﻼَﺛِﻴﻦَ، ﻭَﺍﺣْﻤَﺪَﺍ ﺛَﻼَﺛًﺎ ﻭَﺛَﻼَﺛِﻴﻦَ،
ﻭَﻛَﺒِّﺮَﺍ ﺃَﺭْﺑَﻌًﺎ ﻭَﺛَﻼَﺛِﻴﻦَ، ﻓَﻬْﻮَ ﺧَﻴْﺮٌ ﻟَﻜُﻤَﺎ ﻣِﻦْ ﺧَﺎﺩِﻡٍ ‏» ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻧﺴﺎﺀ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻦ - ﻳﺨْﺪِﻣْﻦَ ﺃﺯﻭﺍﺟﻬﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻦ ﻭﺧﺎﺭﺝ
ﺑﻴﻮﺗﻬﻦ ﺇﺫﺍ ﺩﻋﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ؛ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻋﻬﺪٍ ﻗﺮﻳﺐ ﻳﻔﻌَﻠْﻦَ ﺫﻟﻚ، ﻭﻻ ﺧﻴﺮَ ﻓﻲ
ﺣﺪﻭﺙ ﺇﺷﻜﺎﻝٍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺮُ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻭﻧﻬﻤﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً .
-6 ﺃﻻَّ ﺗﺘﺼﺪَّﻕ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﺇﻻَّ ﺑﺈﺫﻧﻪ: ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﺎﻣﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗﺎﻝ
ﺳَﻤِﻌْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳَﻘُﻮﻝُ: ‏« ﻻَ ﺗُﻨْﻔِﻖُ ﺍﻟْﻤَﺮْﺃَﺓُ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﻣِﻦْ ﺑَﻴْﺘِﻬَﺎ ﺇِﻻَّ
ﺑِﺈِﺫْﻥِ ﺯَﻭْﺟِﻬَﺎ ‏». ﻓَﻘِﻴﻞَ: ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ! ﻭَﻻَ ﺍﻟﻄَّﻌَﺎﻡَ؟! ﻗَﺎﻝَ: ‏« ﺫَﺍﻙَ ﺃَﻓْﻀَﻞُ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟِﻨَﺎ ‏» ﺻﺤﻴﺢ
- ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ. ﻓﺈﻥْ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤُﺘَﺼَﺪَّﻕُ ﺑﻪ ﻳﺴﻴﺮﺍً، ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺃﻥْ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻤﺜﻠﻪ؛
ﻓﻠﻠﺰﻭﺟﺔ ﺍﻟﺘﺼﺪُّﻕ ﺑﻪ، ﺩﻭﻥ ﺇﺫﻧﻪ.
ﻭﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺰﻭﺝ - ﺇﺟﻤﺎﻻً : ﺃﻻَّ ﺗُﺪﺧِﻞَ ﺃﺣﺪﺍً ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﺇﻻَّ ﺑﺈﺫﻧﻪ . ﻭﻻ ﺗُﺮﻫِﻘَﻪ ﺑﺎﻹﻛﺜﺎﺭ
ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﻘﺎﺕ. ﻭﺗﺘﺰﻳﻦ ﻟﻪ. ﻭﺗﺸﻜﺮﻩ ﻭﺗﻌْﺘَﺮِﻑ ﺑﻔﻀﻠﻪ ﻭﻻ ﺗﺠﺤﺪﻩ. ﻭﺗﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺮﻩ،
ﻭﺗُﻨﻔِﻖ ﻋﻠﻴﻪ - ﺇﻥْ ﻛﺎﻧﺖ ﻏَﻨِﻴَّﺔ. ﻭﺗُﺤﺎﻓِﻆ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﻭﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﻓﻲ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻭﻏﻴﺎﺑﻪ.
ﻭﺗُﻮَﻓِّﺮ ﻟﻪ ﺳُﺒُﻞَ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ. ﻭﺗُﺤْﺴِﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻭﻣﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ
ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ. ﻭﻻ ﺗَﻤْﺘَﻨِﻊ ﺇﺫﺍ ﺩﻋﺎﻫﺎ ﻟﻠﻔﺮﺍﺵ. ﻭﻻ ﺗﺼﻮﻡ ﻧﻔﻼً - ﻭﻫﻮ ﺷﺎﻫﺪ - ﺇﻻَّ ﺑﺈﺫﻧﻪ. ﻭﻻ
ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻟﻄﻼﻕَ ﺑﻐﻴﺮ ﺳﺒﺐٍ ﺷﺮﻋﻲ ﺻﺤﻴﺢ . ﻭﺗﺴﺘﺮﺿﻴﻪ ﺇﺫﺍ ﻏﻀﺐ . ﻭﺗُﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺗﺪﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ.
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة جمعة 23 من ذي الحجة 1443هـ الموافق 22 يوليو 2022م
الخطبة الأولى : الحمد لله المتفرد بالخلق والتدبير الواحد في الحكم والتقدير الملك الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أوصيكم ونفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والبعد عن معصيته والاهتداء بهديه والاحتكام إلى دينه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أما بعد فيا أيها المؤمنون الكرام يطب لي أن أقف بحضراتكم في هذه اللحظات مع حقائق مهمة وعظيمة لا تقبل النسيان ولا يجوز التغافل عنها ذلك لأن الغفلة عنها تفقد الإنسان هويته وخصائصه ورسالته في الحياة ودينه وكرامته .
نعم أيها الكرام من تلك الحقائق أن نعلم أن أول خلاف حدث في الأرض بين الإنسان والشيطان هو خلاف على الخلافة والولاية العامة والسلطة ما يؤكد أهمية الحكم والخلافة والولاية العامة في حياة الإنسان وتبدأ القصة باختيار الله لآدم عليه السلام وذريته ليتولوا الخلافة والحكم في الأرض فاعترض إبليس ورفض خلافة آدم السياسية وولايته العامة بحجة وضاعة نسب آدم وأفضلية إبليس عنصراً ونسباً عليه (قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) وأراد بذلك احتكار السلطة السياسية والخلافة في البطنين الملائكة والجن ، وبهذا البيان القرآني يتبين لنا أن الذي صيّر رئيس الملائكة وطاووسهم شيطاناً هو خلافه مع الله سبحانه وتعالى حول الخلافة السياسية والولاية العامة وتكبره واستعلائه برفضه لخلافة آدم وبنيه من بعده بحجة وضاعة نسبهم وأفضليته العنصرية. وبسبب ذلك طرده الله من رحمته وحكم عليه بأنه كافر خارج عن الإسلام وعن نظامه الحكيم قال تعالى: (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (اسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)، وبسبب هذا الخلاف انقسم العالم إلى ميدان للصراع السياسي بين الله والشيطان، بين حزب الله وحزب الشيطان ، بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان . حزب الله هم الذين يرون أن الخلافة والولاية العامة تصلح في كافة بني آدم الأعلم منهم والأتقى والأكفأ دون اشتراط النسب أو العنصر ، وحزب الشيطان هم الذين يرون أن الخلافة لا تصلح في عموم بني آدم وإنما يشترطون العنصرية والنسب ويفسرون الدين بكل نصوصه تفسيراً عنصرياً بما يلبي أهواءهم ، وعلى مذهب الشيطان سلك اليهود وعلى طريقة الشيطان سار الحوثيون وأسيادهم من الروافض الإيرانيين الحاقدين فنستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن كل المتكبرين والمتعصبين (فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) ، وندرك أن نظرية الإمامة عند الحوثيين والرافضة التي تحصر الولاية العامة في البطنين هي نظرية شيطانية استعلائية والدين منها براء .
أما الحقيقة الثانية فهي أن الإسلام يقيم بين المسلمين الحكم على أساس الشورى واختيار الأكفأ والأقوى والأصلح فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين أن الحكم في أبناء اليمن أصيل ففي الحديث (كان الملك في حمير) فأبناء اليمن كانوا أول ملوك الأرض من بعد نوح عليه السلام والقرآن الكريم أكد الحقيقة التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى عن قوم عاد بلسان نبي الله هود عليه السلام جد اليمنيين « وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» فأول خلفاء الأرض بعد نوح عليه السلام هم قوم عاد، وعاد هم أبناء اليمن، والرسول صلى الله عليه وسلّم الذي قال: (كان الملك في حمير) قال: (وسيعود إليهم) بما يؤكد شرعية تولي اليمنيين للولاية العامة والخلافة بخلاف نظرية الإمامة الشيطانية عند الحوثيين ومن على شاكلتهم والتي حرمت أبناء اليمن من حقوقهم السياسية عبر التاريخ ، ولم يكتفِ أئمة الظلم بحرمان اليمنيين من قيادة أنفسهم بل قسموا المجتمع اليمني إلى طبقتين طبقة السادة والحكام وهذه الطبقة حصريا عليهم وليس لغيرهم فيها حق ولا نصيب ويتولون بغير شورى ولا انتخاب وإنما
باعتبار أن هذا حق لهم من الله ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، وطبقة العبيد والخدم هم كل من ليس من السلالة ، وهذا الكبر والاستعلاء الذي مارسه أئمة الضلال والجور على أبناء اليمن وصل إلى حد أنهم فرضوا على أبناء اليمن إطلاق كلمة (سيدي) لأبناء الطبقة الأولى وتقبيل ركبهم ويرفضون أن ينادى أحدهم (يا أخي) مع أن القرآن الكريم يقول (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وإذا أخطأ أحد اليمنيين وقال للسيد (يا أخي) يرد عليه بكل صلف (أخوك الكلب، أنا سيدك وعينك)، وفرضوا عليهم عند مراسلة الإمام أن يذيّلوا آخر الرسالة بكلمة (خادم تراب نعالكم)، وكان الأئمة يراسلون مشايخ القبائل برسائل يفتتحونها بقولهم (خدامتنا حاشد – خدامتنا بكيل) فهذا الكبر والاستعلاء ليس من الإسلام في شيء.
أما الحقيقة الثالثة فإن هؤلاء يدعون زورا وبهتانا بأنهم على طريقة آل البيت ، فآل البيت هم المنتسبون إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلّم) ديناً وهم المؤمنون الصادقون وليس المنتسبون إليه طيناً (بني هاشم) لأن بيت النبوة هو بيت الدين وبيت القرآن والحكمة وليس بيت الطين. وقوام هذا البيت هم المؤمنون والنبي أبوهم أبوة الدين لا أبوة الطين ونساؤه أمهاتهم لقوله تعالى “وأزواجه أمهاتهم” فالتكريم إذا إنما يقوم على قاعدة التقوى قال تعالى: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ولا قيمة للنسب في ذلك في صحيح مسلم (ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ) وقال تعالى (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) ، ولذا نفى الله النسب عن ولد نوح عليه السلام كما قال تعالى (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ، قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِن أهلك إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)وكم من كافر خرج من صلبه نبي كما هو حال إبراهيم عليه السلام ، وكم من نبي خرج من صلبه كافر كما هو حال نوح مع ولده
الحقيقة الرابعة أن الحوثيين ومن على طريقتهم من أتباع ابن سبأ اليهودي قد تطرفوا وغلوا وخرفوا فيما يعتقدونه في علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفي الدين حيث يصرحون في قنواتهم القضائية بأن (عليا هو الله وأسماء الله الحسنى هم آل البيت) وقالوا(إذا خرج المهدي سيهدم الكعبة والحرمين المكي والمدني ومسجد الكوفة ويجعل المساجد جماء لا حرمة لها) وقالوا(قال الله يا علي من أطاعك وعصاني أدخلته الجنة ومن عصاك وأطاعني أدخلته النار) وقالوا (قدّم القرآن بمعزل عن قرنائه من أهل البيت وبالتالي طلع عمى وقدّم الله من خلال كتابه أسوأ من الشيطان) تعالى الله عمّا يقولون علوّا كبيرا ، ولعنهم الله بما قالوا ، فهل هذه عقيدة علي ابن أبي طالب؟ !! حاشاه أن يتطاول على ربه وأن يفتري على دين الله وأن يرفع نفسه فوق مقام البشر .
كما زعموا أن الإسلام ما قام إلا بعلي بن أبي طالب ونحن نشهد أنه بطل من الأبطال وهو زوج الزهراء وأب الحسنين رضي الله عنهم وهو من المبشرين بالجنة وهو بطل الخندق وقائد فتح خيبر والفدائي يوم الهجرة والحاكم العادل العفيف الذي لم يأخذ من بيت مال المسلمين شيئا مدة خلافته أربع سنوات بل كان يأكل من عمل يده ولكنه لم يشارك في فتح مصر ولا بلاد الشام ولا العراق ولا بلاد فارس ولا في الفتوحات التي أوصلت الإسلام إلى الصين شرقا وفرنسا غربا وإلى المحيط المتجمد شمالا في العهد الأموي والعهد العباسي والعهد العثماني ولم يشارك في اليرموك ولا في حطين ولا في القادسية فلا ننتقص صحابيا حبا في آخر بل نحبهم جميعا ولكل منهم فضله فرضي الله عنهم جميعا ونبرأ إلى الله ممن ينتقص أحدا منهم.
الحقيقة الخامسة أن الشيعة يشترطون لحب علي رضي لله عنه بغض جميع الصحابة وجميع المسلمين وبنوا على ذلك تكفير وتفسيق الصحابة ابتداء من أبي بكر وعمر وعثمان ، واستحلال دماء المسلمين وتعذيبهم وإخراجهم من ديارهم وما زالوا يقومون بذلك بحجة أن هؤلاء أعداء آل البيت وأنه لا ولاء إلا ببراء ، أما نحن فنحب الصحابة جميعا لإيمانهم الحق الذي شهد الله لهم به بقوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) ولجهادهم وتضحياتهم الذي شهد الله تعالى لهم به بقوله (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ، وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ولحبهم لبعضهم وشدتهم على الكفار الذي شهد الله تعالى لهم به بقوله(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) ولثباتهم ووفاءهم بعهودهم الذي شهد الله لهم به بقوله تعالى(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ، لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) وهكذا مئات الآيات ولا يغيظ الكفّار أكثر من اجتماع الصحابة ومن بعدهم من المسلمين على العمل بهذا الدين ونصرته والدعوة إليه والجهاد في سبيله. وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فالحقيقة السادسة أن انتخاب أبي بكر الصديق للخلافة كان من أعظم الإنجازات في حياة الأمة بعد نبيها فقد وضع حجر الأساس لدولة المؤسسات وبه جمع الله شمل المهاجرين والأنصار بعد أن نادى كل طرف بأمير ولو تم دفن النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك ما قامت للمسلمين دولة وكان أبو بكر رضي الله عنه يمتلك أعلى المؤهلات للخلافة فهو أول الرجال إسلاما وثاني اثنين إذ هما في الغار وإمام الصلاة في الحرم النبوي في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسد كل الأبواب المفتوحة إلى المسجد النبوي إلّا باب أبي بكر وهو من المبشرين بالجنة وهو أشجع المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته عائشة ولذلك حفظ الله به الإسلام وضرب به شوكة المرتدين ومانعي الزكاة ومدعي النبوة جميعا في وقت واحد وكان أهلا للأمانة صدق عليه قول الله (إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها) وإقامة الدين كما قال الله تعالى(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)
الحقيقة السابعة : أن جميع الخلفاء الراشدين من أبي بكر إلى عمر إلى عثمان إلى علي تولوا أمر الأمة والخلافة على أساس الشورى لا على أساس الوصية والنسب وهذا ما ثبت عن جميع الصحابة وصرح به علي رضي الله عنه فقد روى الإمام الذهبي وغيره بسنده عن الحسن قال : لما قدم علي البصرة قام إليه ابن الكواء وقيس بن عباد فقالا له : ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه تتولى على الأمة تضرب بعضهم ببعض، أعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم عهده إليك ؟ فحدثنا فأنت الموثوق المأمون على ما سمعت، فقال : أما أن يكون عندي عهد من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فلا والله، إن كنت أول من صدق به فلا أكون أول من كذب عليه، ولو كان عندي من النبي صلى الله عليه وسلم عهد في ذلك ما تركت أخا بني تيم بن مرة وعمر بن الخطاب يقومان على منبره ولقاتلتهما بيدي ولو لم أجد إلا بردي هذا. ولكن رسول الله صلى  الله عليه وسلم لم يقتل قتلا ولم يمت فجأة مكث في مرضه أياما وليالي يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس وهو يرى مكاني، ثم يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس وهو يرى مكاني، ولقد أرادت امرأة من نسائه أن تصرفه عن أبي بكر فأبى وغضب وقال : أنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر يصلي بالناس ، فلما قبض الله نبيه نظرنا في أمورنا فاخترنا لدنيانا من رضيه نبي الله لديننا ، وكانت الصلاة أصل الإسلام وهي أعظم الأمر وقوام الدين.
فبايعنا أبا بكر وكان لذلك أهلا لم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم نقطع منه البراءة، فأديت إلى أبي بكر حقه وعرفت له طاعته وغزوت معه في جنوده، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين
يديه الحدود بسوطي. وهكذا قال في عمر وعثمان قال فلما قتل عثمان بايعني أهل الحرمين وأهل هذين المصرين
الحقيقة الثامنة : أن الجهاد والقتال والتضحية في سبيل الله دفاعا عن الدين والحرية والكرامة والثورة والجمهورية واجب على كل مسلم في حدود قدرته وإمكاناته عملا بقول الله (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ، وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) ويقول سبحانه(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) ، (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) وهذا ما يمارسه جيشنا وأمننا وقبائلنا رافضين كل اشكال الهيمنة والوصاية وهو ما قام به ثوار سبتمبر وأكتوبر وفبراير وثورتنا هذه شعارهم قول الشاعر
‏كفرنا بالغدير وبالولايةْ ... وبالكهف المضرج بالغوايةْ
كفرنا بالضلالِ وزارعيهِ ... وطلقناهُ زوراً لا هدايةْ
كفرنا بالغديرِ حديثُ غدرٍ ... شربنا كأسهُ حتى النهايةْ
كفرنا بالخمينيين طُراً ... ولو جاءوا بمعجزةٍ وآيةْ
فكم هدموا بصرختهمْ بلاداً ... وجاءوا بالدمارِ وبالوصايةْ
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ثم الدعاء والدعوة إلى الجهاد بالمال كما هو المعتاد وأقم الصلاة
خطبة 🎤 بعنوان
الهجرة دروس متجددة في حياة الأمة
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمدُ لله إليه تصير الأمور، وبيدِه تصريفُ الدّهور، أحمده سبحانه وأشكره، عمَّ الخلائقَ فضلُه وإحسانه ، ووسِع المذنبين عفوُه وغفرانُه،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، عظُم شأنه وعزّ سلطانه وجل ثناءه وتقدست أسمـــاءه ،...

ولدتـك أمـك يا ابن آدم باكيـاً ...
والناس حولك يضحكون سروراً ..
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكـوا ...
في يوم مـوتك ضاحكاً مسروراً ..

وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله، بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً ...

يا خير من جاء الوجود تحية ***
من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا

بك بشر الله السماء فزينت ***
وتوضعت مسكا بك الغبراء

فإذا سخوت بلغت بالجود المدى ***
وفعلت ما لا تفعل الأنواء

وإذا عفوت فقادرا ومقدرا ***
لا يستهين بعفوك الجهلاء

وإذا رحمت فأنت أم أو أب ***
هذان في الدنيا هما الرحماء.

صلّى الله وسلّم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين،
وسلَّم تسليمًا كثيرًا ...

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...

أما بعــد :

عبـــــــاد الله : -
دخـل أبو الدرداء رضي الله عنه الشام فقال: (يا أهل الشام، اسمعوا قول أخٍ ناصح ، فاجتمعوا عليه فقال: (ما لي أراكم تبنون ما لا تسكنون وتجمعون ما لا تأكلون؟! إن الذين كانوا من قبلكم بنوا مشيدًا وأملوا بعيدًا وجمعوا مثيرًا، فأصبح أملهم غرورًا وجمعهم ثبورًا ومساكنهم قبورًا .. ) ...

وصدق الله إذ يقول ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (الحديد:20) ..

إن رحيل الأيام والشهور والسنين من حياة الإنسان إنما هي بمثابة رحيل عمر هذا الإنسان في هذه الأرض وإنتهاء حياته وانتقاله إلى الدار الآخرة ،

فكم رأينا في عامنا المنصرم من بنَى وسكَن غيرُه، وجمع وأكل وارثه، وتعب واستراح من بعدَه...

إن تعاقب الشهور والأعوام على العبد قد يكون نعمة له أو نقمة عليه، فطول العمر ليس نعمة بحدّ ذاته، فإن طال عمر العبد ولم يعمره بالخير فإنما هو يستكثر من حجَج الله تعالى عليه...

أخرج الإمام أحمد وغيره عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله) ...

وإن من أعظم الغفلة أن يعلم الإنسان أنه يسير في هذه الحياة إلى أجله، ينقص عمره، وتدنو نهايته، وهو مع ذلك لا يحتسب ليوم الحساب، ولا يتجهز ليوم المعاد، يؤمل أن يعمر عمر نوح، وأمر الله يطرق كل ليلة،
والواعظ يقول له:
يـا راقدَ الليـل مسرورا بأوله ***
إن الحوادث قد يطرقن أسحارا

لقد ذهب عامكم شاهدًا عليكم أو لكم،
فهيئوا زادًا كافيا، وأعدوا جوابا شافيا، واستكثروا في أعماركم من الحسنات، وتداركوا ما مضى من الهفوات، وبادروا فرصة الأوقات قبل أن يفاجئكم هادم اللذات، ، ،

عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي يعظ رجلاً ويقول له: ((اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك ) أخرجه الحاكم ...

نسير إلى الآجـال فِي كل لحظـة ***
وأعمارنا تطوَى وهنَّ مراحل

ترحل من الدنيـا بزاد من التقـى ***
فعمرك أيـام و هنَّ قلائـل
عبـــــــاد الله : -
إننا على أبواب عام هجري جديد قد أقبل محملاً بما فيه،
نقف فيه متذكرين هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إنها ذكرى الاعتبار والاتعاظ ...
وإنها لوقفة نستقرئ فيها فصلا من فصول الحياة ودرساً من دروس معلم البشرية ومحطم الوثنية صلى الله عليه وسلم لماذا ؟
لأنها هجرةٌ نفثت في الأرواح والأجساد والأوطان الحياة بما تحمله من معاني وقيم فالإنسان لا يكون حياً وإن أكل وشرب وتنفس إلا بالإيمان ...

قال تعالى ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:122) ...

وإن من أعظم دروس الهجرة التي ينبغي أن نتعلمها ونطبقها في حياتنا أن ندرك إنه لا قيمة للإنسان مهما بلغ من الذكاء والقوة والمال والمنصب والجاه إلا بالإلتزام بهذا الدين وإتباع الرسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على منهجه ...

وإن من أعظم النعم التي يجب أن يشكرها العبد نعمة الإيمان والهداية وذلك بالدوام عليها والقيام بمقتضياتها ،،،
وإن من وسائل شكر هذه النعمة ونحن في بداية عام هجري جديد إستغلال الأعمار والأوقات بشتى أنواع العبادات والقربات ومواسم الطاعات والبعد عن المعاصي والآثام والسيئات ...

فكم من موانع وعقبات وشبهات تقف أمام الإنسان تصده عن الله وعن دينه وشرعه ...
وهناك من يستسلم للرغبات والشهوات فيبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ،،،
وهناك من تشتاق نفسه إلى الهداية ...
لكن يمنعه حب الدنيا وزينتها وقول فلان وعلان و من الناس ،،،
يرى الحق أمامه واضحا جليا ومع ذلك لا يتبعه ..


هذا الأعشى بن قيس .. كان شيخاً كبيراً شاعراً .. خرج من اليمامة .. من نجد .. يريد النبي عليه الصلاة والسلام .. راغباً في دخول الإسلام ..مضى على راحلته .. مشتاقاً للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
بل كان يسير وهو يردد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً :

ألم تغتم عيناك ليلة أرمدا * **
وبت كما بات السليمُ مسهدا

ألا أيهذى السائلي أين يممت * **
فإن لها في أهل يثرب موعدا

واليت لا آوي لها من كلالة * **
ولا من حفي حتى تلاقي محمدا

نبي يرى ما لا ترون وذكرُه ***
أغار لعمري في البلاد وانجدا

أجدِّك لم تسمع وصاه محمد ***
نبيِّ الإله حيث أوصى وأشهدا

إذ أنت لم ترحل بزاد من التقى ***
ولا قيت بعد الموت من قد تزودا

ندمت على أن لا تكون كمثله. ***
فترصد للأمر الذي كان أرصدا

وما زال يقطع الفيافي والقفار..يحمله الشوق والغرام .. إلى النبي عليه السلام ..راغباً في الإسلام .. ونبذ عبادة الأصنام ..
فلما كان قريباً من المدينة..اعترضه بعض المشركين فسألوه عن أمره ؟ ..
فأخبرهم أنه جاء يريد لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم ...
فخافوا أن يسلم هذا الشاعر ..
فيقوى شأن النبي صلى الله عليه وسلم ..
فشاعر واحد وهو حسان بن ثابت قد فعل بهم الأفاعيل ..
فكيف لو أسلم شاعر العرب الأعشى بن قيس ..
فقالوا له : يا أعشى دينك ودين آبائك خير لك ..
قال : بل دينه خير وأقوم ..
قالوا : يا أعشى .. إنه يحرم الزنا ..
قال : أنا شيخ كبير ما لي في النساء حاجة ..
فقالوا : إنه يحرم الخمر ..
فقال : إنها مذهبة للعقل .. مذلة للرجل .. ولا حاجة لي بها ..
فلما رأوا أنه عازم على الإسلام ..
قالوا : نعطيك مائةَ بعير وترجع إلى أهلك .. وتترك الإسلام ..
قال : أما المال .. فنعم .. فجمعوها له ..
فارتد على عقبيه .. وكرَّ راجعاً إلى قومه بكفره ..
واستاق الإبل أمامه .. فرحاً بها مستبشراً ..
فلما كاد أن يبلغ دياره ..
سقط من على ناقته فانكسرت رقبته ومات ..
( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ ) (النحل/107- 109)...


ومن دروس العام الهجري الجديد وهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يعلم كل مسلم حقيقة هذه الهجرة ، وأنها لم تكن سياحةً في الأرض ولا هروباً من الواقع ولا رغبةَ في السلامة أو استكشافاً لعالمٍ جديد,...
كلاَّ, ..!!
لقد كانتْ خياراً لا مفرّ منه, ، وحلاً أخيراً بعد أنْ ضاقتْ بالمسلمينَ أرضُ مكةَ بما رحبت, وتغيرَ عليهم الناسُ, وأصبحتْ بضعُ ركعاتٍ في المسجدِ الحرامِ جريمةً لا تُغتفر, وغدتْ قراءةُ القُرآن رجعيةً وهمجيةً, وإرهاباً وتطرفاً ...
عندها كان لابد من الهجرة فكانت حدثاً غير مجرى التأريخ، وحمل في طياته معاني القيم العظيمة والحب الخالد للدين و الشجاعة والتضحية والإباء، والصبر والنصر والفداء، والتوكل والقوة والإخاء، والاعتزاز بالله وحده مهما بلغ كيد الأعداء،
جعله الله سبحانه طريقا للنصر والعزة، ورفع راية الإسلام، وتشييد دولته، وإقامة صرح حضارته،،،

فما كان لنور الإسلام أن يشع في جميع أرجاء المعمورة لو بقي حبيسا في مهده، ولله الحكمة البالغة في شرعه وكونه وخلقه. ...

فالغايةَ الكُبرى من الوجودِ الإنسانيِ بأسرهِ هو عمارةُ الأرضِ بالتوحيدِ والإيمان, وإقامةُ حكمُ اللهِ وشرعهِ في عظائمِ الأُمورِ وصغارها ً...
ومتى ما تعذَّرَ تحقيقُ هذه الغايةِ فوقَ أرضٍ ما, أو في وظيفة ما أو في منصبٍ ما أو في مدينة ما أو مع شلة وأصحاب وكبراء يركنُ إليهم ويخافهم ..!!
فلا بُدَّ من البحثِ عن غيرِها من أرض أو وظيفة أو منصب مهما كان الثمن, ومهما كانتِ التضحيات ،،،

والله عز وجل يقول محذراَ أن يضعف الإنسان فيبيع دينه وقيمه ومبادئه بحجة الضعف والخنوع والإستسلام (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:97) ...

لقد أراد الصحابي الجليل صهيب الرومي الهجرة إلى المدينة فراراً بدينه ولحاقاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان تاجراً ذا مال وفير ...
فتبعته قريش وقالوا : والله لا ندعك تلحق بصاحبك ..
لقد أتيتنا صعلوكاً لا مال لديك والآن تريد أن تهاجر ، والله لن ندعك ...
فقال : يا معشر قريش أرايتم إن أخبرتكم أين مالي أتخلون سبيلي ؟
قالوا : نعم ؟
فدلهم على ماله وهاجر بدينه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
فلما رأه سلم عليه وقال له ربح البيع أبا يحيى .. ربح البيع أبا يحيى ...
وأنزل الله قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة:207) ...


ومن هذه الدروس أن نعي جميعاً أن الأخوة والحب التراحم فيما بيننا كمسلمين سبب لقوتنا وصلاح مجتمعاتنا وسبب لإستجلاب رحمة الله وتوفيقه،

ولذلك آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المسلمين بعد الهجرة وشدد على هذه الأخوة وبين ثمراتها وحذر من التباغض والتحاسد وفساد ذات البين وقد بين الله أهميتها في حياة الأفراد والمجتمعات...
د قال تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات: 10)...
بها امتن الله على عباده فقال ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(آل عمران: من الآية103)...

ولأهميتها وعظيم أجرها فقد تولى سبحانه وتعالى بنفسه يوم القيامة يوم العرض الأكبر نداء المتحابين فيه ليكرمهم ويجزيهم أعظم الجزاء..

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي ( رواه مسلم) ..

ولها منزلة عظيمة تطلع لوصول إليها الأنبياء والشهداء والصالحين ...
قال صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ") (أخرجه أبو داود وصححه الألباني ) ...

بل جعل سبحانه وتعالى الأخوة وسيلة لإكتساب حلاوة الإيمان ،،،
فقد قال صلى الله عليه وسلم: [ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ] ( البخاري ومسلم) ...
و هي طريق المؤمنين وسبيلهم إلى الجنة قال صلى الله عليه وسلم [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ] (رواه مسلم ) ...

فليكن هذا العام الهجري الجديد هو عام الأخوة والعفو والتراحم والتسامح فيما بيننا ...

اللهم وفقنا لعبادتك واستعملنا في طاعتك وثبتنا على الهدى وبصرنا من العمى ...

قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه...





-:(( الخطــــبة الثانــية )): -

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

أما بعد:

عبــــــــاد الله :-

ما أحوجنا اليومَ ونحنُ نستقبلُ عامًا جديدًا إلى فتحِ صفحةٍ بيضاء, نصطلحُ فيها مع اللهِ سبحانه الذي أمهلَنا كثيرًا, وصبرَ علينا طويلاً, ومنحنَا الفرصةَ تلوَ الفرصة،
قال تعالى ( وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) [الشعراء:132-135] ..

وليكن كل مسلم مهاجر إلى الله بهجر الذنوب والخطايا والتوبة النصوح ورد الحقوق والمظالم إلى اهلها وبذل المعروف وكف الأذى قال صلى الله عليه وسلم «ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه فى طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» (شعب الإيمان، ١٣/٤٥٥ برقم ١٠٦١١).وفى رواية البخارى: «والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» (البخارى ١/١١ برقم ١٠)..


أيها المؤمنون /عبـــــــاد الله : -
ما أحوجنا ونحن نستقبل عاماً جديداً إلى فتح صفحة بيضاء نقوي بها أخوتنا ونحفظ بها مجتمعنا ونصون دمائنا وأعراضنا ،
ويؤدي كل واحد منا واجبه تجاه الآخرين فتحل علينا رحمة الله ويرفع عنا مقته وغضبه فتصلح الأحوال وتظهر الرحمة وتنتشر المودة والتعاون بين الجميع ...

اللهُمَّ إنَّا نسألُك إيمانًا يُباشرُ قُلوبنا ويقينًا صادقًا وتوبةً قبلَ الموتِ وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة ولا فتنةً مُضلة...

اللهُمَّ زينَّا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مُهتدين, لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروفِ آمرين، وعن المُنكرِ ناهين يا ربَّ العالمين...

هذا وقد أمركم ربكم بأمر بدأ فيه بنفسه المتعالي بعظمته ومجده ، وثنى بملائكته الكرام المسبحة بقدسه ، وثلث بكم معاشر المسلمين من جنه وإنسه ،

فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]...

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﺰ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺃﺫﻝ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻭﺍﺣﻢ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺁﻣﻨﺎً ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺑﻼ‌ﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺁﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻭﻭﻻ‌ﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻭﻻ‌ﻳﺘﻨﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﺧﺎﻓﻚ ﻭﺍﺗﻘﺎﻙ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺭﺿﺎﻙ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ...

ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻓﺘﻨﺔ ﻓﺎﻗﺒﻀﻨﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﻏﻴﺮ ﺧﺰﺍﻳﺎ ﻭﻻ‌ ﻣﻔﺘﻮﻧﻴﻦ ، ﻭﻻ‌ ﻣﻐﻴﺮﻳﻦ ﻭﻻ‌ ﻣﺒﺪﻟﻴﻦ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ ...

ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﻻ‌ ﺗﺪﻉ ﻷ‌ﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ‌ ﻏﻔﺮﺗﻪ ﻭﻻ‌ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﻔﻴﺘﻪ ﻭﻻ‌ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻪ ، ﻭﻻ‌ ﻫﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﻓَﺮَّﺟْﺘﻪ ، ﻭﻻ‌ﻣﻴﺘﺎ ﺇﻻ‌ ﺭﺣﻤﺘﻪ ، ﻭﻻ‌ ﻋﺎﺻﻴﺎ ﺇﻻ‌ ﻫﺪﻳﺘﻪ ، ﻭﻻ‌ ﻃﺎﺋﻌﺎ ﺇﻻ‌ ﺳﺪﺩﺗﻪ ، ﻭﻻ‌ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻚ فيها ﺭﺿﺎً ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻼ‌ﺡ ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ,...

ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺟﻤﻌﺎً ﻣﺮﺣﻮﻣﺎً ، ﻭﺗﻔﺮﻗﻨﺎً ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻔﺮﻗﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺠﻌﻞ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﻣﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﻣﻌﻨﺎ ﺷﻘﻴﺎً ﺃﻭ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎً ,

اللهم لا تخرجنا من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعى مشكور وتجارةٍ لن تبور ..
اللهم إرحم ضعفنا ، وإرحم بكاءنا ، وارحم بين يديك ذلنا وعجزنا وفقرنا ..

اللهم لا تفضحنا بخفى ما أطلعت عليه من اسرارنا
ولا بقبيح ما تجرأنا به عليك فى خلواتنا ،

يا رب إغفر الذنوب التى تهتك العصم،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل النقم ،
واغفر لنا الذنوب التى تحبس الدعاء ،
وأغفر لنا الذنوب التى تقطع الرجاء،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل البلاء ،
يا من ذكره دواء ، وطاعته غناء ، إرحم من رأس مالهم الرجاء ، وسلاحهم البكاء برحمتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم إرحم موتانا وموتى المسلمين ،
وإشفى مرضانا ومرضى المسلمين ،
اللهم جدد آمالهم ، وأذهب آلآمهم

اللهم تقبل منا وأقبلنا إنك أنت التواب الرحيم..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝٍ ﻭﻋﻤﻞ،ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ،

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ، ﻭﻗﻠﻮﺑﺎً ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﺧﻼ‌ﻗﺎً ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻤﻦ ﻛﺘﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ، ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ.
 
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...

عبــاد الله:

{ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹ‌ِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟْﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ}. (ﺍﻟﻨﺤﻞ: 90)

فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون...
والحمد لله رب العالمين ...
خطبة 🎤 بعنوان
الهجرة لم تكن هروبا من الواقع..!!
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله الذي منّ علينا بالإيمان،
وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وجعلنا من الراشدين...

ونشهد أن لا إله إلا الله يحب التائب ويقبل الآيب، وليس لديه بواب ولا حاجب،،،
إذا قال العبد: يا رب قد أذنبت،
قال الله له: يا عبدي وأنا قد سترت،
فإذا قال العبد: يا رب قد ندمت وتبت،
قال الله تعالى: يا عبدي وأنا قد قبلت،
من ذا الذي جاء إلى بابنا فطردناه،
من ذا الذي مدّ إلينا يده فما أجبناه، من ذا الذي سألنا فما أعطيناه ؟

ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً رسول الله صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر صلى الله عليه وعلى آله و صحابته الغُر الميامين، والقادة المظفرين، أعلام الهدى وأُسد الوغى، ومنارات التقى، وسلم تسليماً كثيراً ...

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...

أما بعــد : -

عبـــــــاد الله : -
مع كثرت المشاكل وتنوع الابتلاءات التي تصيب الإنسان في حياته وحجم التكاليف والأعباء التي ينبغي أن يؤديها ويقوم بها فإنه وفي حالة ضعف قد لا يستطيع أن يصمد او يواجه كل هذه التحديات ، فيهرب من واقعه وحياته إلى واقع آخر يصنعه بنفسه يوافق هواه ويستجيب لرغباته ،

والإنسان خلقه الله وجعل من سننه في هذه الحياة أن يبتليه بشتى أنواع الإبتلاءات ليرفع من مكانته ويزيد في أجره ليستحق أن يكون خليفة الله في أرضه ووراثاً لنعيم الله في جنته وأمره سبحانه وتعالى بالصبر والثبات ومواجهة نوائب الدهر وعقبات الزمان بالإيمان والأمل..

قال تعالى ( وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)( الرعد: 22) ...
وقال سبحانه (ليْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)( البقرة: 177) ...

هذه الحياة جبلت على كدر لم يسلم منها الأنبياء قدوة الخلق عليهم صلوات الله وسلامه ولم يسلم منها عباد الله المقربون وهم مع ذلك لم يضعفوا ولم يستكينوا ولم يهربوا من واقع الحياة ومتطلباتها وواجباتهم ومسئولياتهم فكان لهم النصر والتمكين وتهيئة الأسباب والمكانة العالية والمقام الرفيع ...

قال تعالى ("وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ")(السجدة/ 24) ...

وقال تعالى ("فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ")(الأحقاف/ 35) ...

وفي ذكر الهجرة النبوية وفي بداية عام هجري جديد يأخذ المسلم الدروس من هذا الحدث التاريخي العظيم ،
و إنها لذكرى الاعتبار والاتعاظ ... ووقفة نستقرئ فيها فصلا من فصول الحياة ،
ودرساً من دروس معلم البشرية ومحطم الوثنية صلى الله عليه وسلم ...

لماذا ؟

لأنها هجرةٌ نفثت في الأرواح والأجساد والأوطان الحياة بما تحمله من معاني وقيم فالإنسان لا يكون حياً وإن أكل وشرب وتنفس إلا بالإيمان ..

قال تعالى ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:122) ...
إن الهجرة تكن لم سياحةً في الأرض ولا هروباً من الواقع ولا رغبةَ في السلامة أو استكشافاً لعالمٍ جديد,
فالهروب من الواقع في مثل هذا الحدث أن يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما عرضت عليه قريش من الملك والمكانة والمنصب والمال ويترك دينه ودعوته ...

والهروب من الواقع أن يستسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه للضغوطات ويؤثروا السلامة لأنفسهم وأهليهم بترك هذا الدين ...

والهروب من الواقع أن تخرج من بلادك تبحث عن مكان تخلد فيه للراحة وتعتزل الناس فتموت أفكارك وقيمك وأهدافك وترضخ للواقع ...

كلاَّ ..!!

لم يكن ذلك من أهداف هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بل كانتْ خياراً لا مفرّ منه, وحلاً أخيراً بعد أنْ ضاقتْ بالمسلمينَ أرضُ مكةَ بما رحبت, وتغيرَ عليهم الناسُ, وأصبحتْ بضعُ ركعاتٍ في المسجدِ الحرامِ جريمةً لا تُغتفر, وغدتْ قراءةُ القُرآن رجعيةً وهمجيةً, وإرهاباً وتطرفاً ..!!
عندها ،،، كان لابد من الهجرة للحفاظ على الدين وتبليغ الرسالة وبناء الأمة لمواجهة الباطل وتحدياته من جديد ، فكانت حدثاً غير مجرى التأريخ، حمل في طياته معاني القيم العظيمة والحب الخالد للدين و الشجاعة والتضحية والإباء، والصبر والنصر والفداء، والتوكل والقوة والإخاء، والاعتزاز بالله وحده مهما بلغ كيد الأعداء، ، ،

جعله الله سبحانه طريقا للنصر والعزة، ورفع راية الإسلام، وتشييد دولته، وإقامة صرح حضارته، فما كان لنور الإسلام أن يشع في جميع أرجاء المعمورة لو بقي حبيسا في مهده، ولله الحكمة البالغة في شرعه وكونه وخلقه. ..


عبـــــــاد الله : -

إنَّ الغايةَ الكُبرى من الوجودِ الإنسانيِ بأسرهِ هو عمارةُ الأرضِ بالتوحيدِ والإيمان, وإقامةُ حكمُ اللهِ وشرعهِ في عظائمِ الأُمورِ وصغارها ً ومتى ما تعذَّرَ تحقيقُ هذه الغايةِ فوقَ أرضٍ ما, أو في وظيفة ما أو في منصبٍ ما أو في مدينة ما أو مع شلة وأصحاب وكبراء يركنُ إليهم ويخافهم ...

فلا بُدَّ من البحثِ عن غيرِها من أرض أو وظيفة أو منصب مهما كان الثمن,
ومهما كانتِ التضحيات والله عز وجل يقول محذراَ أن يضعف الإنسان وأن يهرب من واقع الحياة دون بذل أو عطاء أو مساهمة أو ايجابية تبرهن استحقاقه شرف الإنتساب لهذا الدين والحق والخير الذي أمر به أما أن يبيع دينه وقيمه ومبادئه بحجة الضعف والخنوع والإستسلام للظروف ،،

فهذا مما لا يرضاه الله القائل (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:97) ...

لقد أراد الصحابي الجليل صهيب الرومي الهجرة إلى المدينة وهو التاجر صاحب المال الوفير ، فواقعه الذي يعيش فيه أنه في مأمن على نفسه وماله ،
وإن كان يكتم إيمانه ففي ذلك خير لكن عندما يكون هناك تمايز بين الحق والباطل والخير والشر والمصلحة والمفسدة كانت الهجرة استجابة لأمر الله ورسوله ، وتقوية للصف والمساهمة في البناء ولو كان في ذلك خسارة للمكانة والشرف والمال فيما يبدو للناس وإلا فأن ما عند الله خير وأبقى ...
لقد تبعته قريش وقالوا والله لا ندعك تلحق بصاحبك لقد أتيتنا صعلوكاً لا مال لديك والآن تريد أن تهاجر ،
والله لن ندعك ...
فقال يا معشر قريش : أرايتم إن أخبرتكم أين مالي أتخلون سبيلى ؟
قالوا : نعم ..
فدلهم على ماله وهاجر بدينه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فلما رأه سلم عليه وقال له ربح البيع أبا يحيى ..
ربح البيع أبا يحيى ..
وأنزل الله قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة:207) ...


أيها المؤمنون /عبــاد الله : -

لقد هرب كثير من الناس من واقع الحياة وظروفها،
فهذا تخلى عن واجباته الأسرية تجاه أولاده وأهله..!!
وآخر هرب من واقعه وتنازل عن أخلاقه تماشياً ومسايرة للواقع ..!!
وآخر هرب من واقعه ودفن رأسه في الرمال يرى واقع أمته ومجتمعه في خطر محدق وفساد مستشري فلم ينصح أو يوجه أو يساهم أو يأمر بمعروف أو ينهي عن منكر ، فآثر السلامة فيما يبدو له ..!!
لكن ذلك هو الضعف والذل والقصور في فهم الدين ونواميس الكون وسنن الحياة ...

أين هذا الإنسان وأمثاله من تلك النملة الصغيرة في الوادي المترامي الأطراف وقد رأت جيش سليمان عليه السلام قد قرب من مجتمعها وبلادها وأهلها فصاحت محذرة قومها وبني جنسها محذرة إياهم من هذا الخطر ؟!

قال تعالى ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾(النمل: 18) ...
فأين الإيمان وأين هذه العقيدة السليمة التي تربي المسلم على القوة والعظمة والخيرية والبذل والعطاء؟
أين هذا الإيمان في قلوب المسلمين اليوم ؟

إن يجب أن يدرك المسلمون أن سبب عزتهم وقوتهم وثباتهم على الحق تكمن في تحقيق كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة عليها،
وأن أي تفريط في أمر العقيدة أو تقصير في أخوة الدين مآله ضعف الأفراد وتفكك المجتمع وهزيمة الأمة،

وإن المتأمل في هزائم الأمم وانتكاسات الشعوب عبر التأريخ يجد أن مردّ ذلك إلى التفريط في أمر العقيدة والتساهل في جانب الثوابت المعنوية مهما تقدمت الوسائل المادية، فقوة الإيمان تفعل الأعاجيب وتجعل المؤمن صادقا في الثقة بالله والاطمئنان إليه والاتكال عليه، ، ،

هذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينظر إلى مواضع أقدام المشركين حول الغار فيقول: يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا، فيجيبه صلى الله عليه وسلم جواب الواثق بنصر الله: ((يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما) (البخاري 3653)...
بل لقد تبعتهم قريش بفرسانها ، و أرصدت لمن يأت بمحمد حياً أو ميتاً مائة ناقة وهو في ذلك الوقت مال عظيم ،،
ولقد صور الله مكرهم وحقدهم وتآمرهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) [الأنفال:30] ...
وكان من بين هؤلاء الفرسان سراقة بن مالك المدلجي الذي كاد أن يمسك بهما ،
فلما رآه سيدنا أبي بكر قال أُتينا يا رسول الله فقال : له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا ...
فدعا صلى الله عليه وسلم على سراقة فساخت يدا فرسه في الرمل فقال سراقة : إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب،
فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم ...
وفي رواية أن النبي صلى عليه وسلم قال لسراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى وتاجه فيعجب الرجل ويبهت ويقول: كسرى بن هرمز؟
فيقول: "نعم". ( وكأن سراقة يضحك ويقول في نفسه هذا ضربٌ من الخيال،
أهذا يستولي على إمبراطوريات الدنيا؟!
أهذا يلغي ممالك العالم، وهو لا يستطيع أن ينجو بنفسه؟!
أيمكن لهذا الرجل المطلوب حياً أو ميتاً أن يوزع كنوز الملوك وثرواتهم لمن يشاء ويتصرف بها كيفما يشاء وهو لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ؟

وبالفعل تم ذلك، ودكدك الظلم، وفتح فارس، ورفرفت لا إله إلا الله على الإيوان ...

فلما غنم المسلمون كنوز كسرى أتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بها بين يدي عمر بن الخطاب ،
فأمر عمر بأن يأتوا له بسراقة و قد كان وقتها شيخاً كبيراً قد جاوز الثمانين من العمر ،
و قد مضى على وعد رسول الله له أكثر من خمسة عشر سنة فألبسه سواري كسرى و تاجه فقال له أرفع يديك وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي، ) (وأصل القصة في صحيح البخاري كتاب المناقب باب علامات النبوة 3419 /كنز العمال .35752 ) ....

فما أحوجنا إلى إعادة الثقة بأنفسنا وقدراتنا وقيمنا ومبادئنا وديننا فنحن أمة أختارها الله وأصطفى منها رسولها وتكفل بحفظ كتابها وتعهد بنصرها وتمكينها ...

اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلا ...

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم...





-:(( الخطــــبة الثانــية )): -


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

أما بعد:

عبــــــــاد الله :-

ما أحوجنا اليومَ ونحنُ نستقبلُ عامًا جديدًا إلى فتحِ صفحةٍ بيضاء, نصطلحُ فيها مع اللهِ سبحانه الذي أمهلَنا كثيرًا, وصبرَ علينا طويلاً, ومنحنَا الفرصةَ تلوَ الفرصة،
قال تعالى ( وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) [الشعراء:132-135]...

وإنه لينبغي أن يهجر كل مسلم ما نهى الله عنه حتى يكون مهاجرا إلى الله سبحانه،

أخرج ابن ماجة عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب).

فهل فكّرنا في هذه الهجرة التي لا تتطلب مالا ولا سفرا ولا تعرضا لخطر، بل تتطلب عزما وحزما، وتتطلب صدقا وإخلاصا في التوجه إلى الله سبحانه وفي نصرة دينه وإقامة شرعه؟!

إننا مُطالَبون جميعًا بهجرةِ ما نهى اللهُ عنه إن كُنَّا نُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخر ونُوقنُ بالجنةِ والنار, وهجرة ما نهى اللهُ عنه ،
تُطالبُ بها الأمةُ كلُها من أعلى القمةِ إلى أسفلِ القاع؛
فالأمةُ كُلها تستقلُ سفينةً واحدة, فليسَ لأحدٍ أن يخرقَ في نصيبهِ خرقًا, فمتى خُرقت السفينةُ فإن الخطر الداهم والهلاك سيعم الجميع ...


عبـــــــاد الله :
إن فهمنا لحدث الهجرة النبوية ودروسها ينبغي أن يطبق في واقع حياتنا ويظهر في سلوكياتنا من حب وتضحية لهذا الدين واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وحبه والسير على نهجه ، والدفاع عن سنته ، وتقوية روابط الأخوة والحب والتراحم فيما بيننا ، والتخطيط والتعليم والأخذ بالأسباب لبناء الحضارة وإعداد القوة لمواجهة الأعداء ، وحسن التربية لأولادنا وأهلينا، وربطهم بقيم هذا الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزرع الأمل في النفوس ، والثقة بنصر الله ، ، ،

ولن يكون الهروب من الواقع والرضى بالدون والتنازل عن القيم فيه نجاة ولا سعادة ولا راحة ..!!

إنما يكون ذلك بتقوية الإيمان وإجادة العمل ونشر الخير ودفع الباطل ومواجهته. ومعرفة غاية الخلق. وواجبنا في الحياة. والتعلق بمعالي الأمور. والبعد عن سفاسفها. والصبر واليقين حتى يأتي أمر الله ، ، ،
ولن يخلف الله وعده بالتمكين لعباده ونصرهم والدفاع عنهم وما ذلك على الله بعزيز ...

اللهُمَّ إنَّا نسألُك إيمانًا يُباشرُ قُلوبنا ويقينًا صادقًا وتوبةً قبلَ الموتِ وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة ولا فتنةً مُضلة.
اللهُمَّ زينَّا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مُهتدين, لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروفِ آمرين، وعن المُنكرِ ناهين يا ربَّ العالمين...

هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين وقائد الغُرِّ المُحجلين، ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.

ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼ‌ﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷ‌ﺣﺰﺍﺏ: 56].

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..

اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،

ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺟﻤﻌﺎً ﻣﺮﺣﻮﻣﺎً ، ﻭﺗﻔﺮﻗﻨﺎً ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻔﺮﻗﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺠﻌﻞ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﻣﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﻣﻌﻨﺎ ﺷﻘﻴﺎً ﺃﻭ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎً ,

اللهم لا تخرجنا من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعى مشكور وتجارةٍ لن تبور ..
اللهم إرحم ضعفنا ، وإرحم بكاءنا ، وارحم بين يديك ذلنا وعجزنا وفقرنا ..

اللهم لا تفضحنا بخفى ما أطلعت عليه من اسرارنا
ولا بقبيح ما تجرأنا به عليك فى خلواتنا ،

يا رب إغفر الذنوب التى تهتك العصم،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل النقم ،
واغفر لنا الذنوب التى تحبس الدعاء ،
وأغفر لنا الذنوب التى تقطع الرجاء،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل البلاء ،
يا من ذكره دواء ، وطاعته غناء ، إرحم من رأس مالهم الرجاء ، وسلاحهم البكاء برحمتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم إرحم موتانا وموتى المسلمين ،
وإشفى مرضانا ومرضى المسلمين ،
اللهم جدد آمالهم ، وأذهب آلآمهم

اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ‌ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ‌ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ‌ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ‌ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ‌ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،

اللهم تقبل منا وأقبلنا إنك أنت التواب الرحيم..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝٍ ﻭﻋﻤﻞ،ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ،

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ، ﻭﻗﻠﻮﺑﺎً ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﺧﻼ‌ﻗﺎً ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻤﻦ ﻛﺘﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ، ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ.
 
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...

عبــاد الله:


{ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹ‌ِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟْﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ}. (ﺍﻟﻨﺤﻞ: 90)
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون...
والحمد لله رب العالمين ...
2024/09/22 09:17:42
Back to Top
HTML Embed Code: