Telegram Web Link
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة جمعة بعنوان ماذا استفدت من رمضان ؟

إعداد وجمع منصور علي عبدالسلام محمد تقبل الله منه ومنكم صالح الأعمال.




الحمد لله رب العالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين

أسندت ضعفي إلى ربي فقّواني و من سواه يعين المُتعب العاني
فوضت أمـري لـه ربي فألهمـني رشدي و حررني من قـيد أحـزاني
يا رب لي حاجة في النفـس تعلَمها و أنت أعــلـم يا ربـي بأشجـاني استر عيوبي و أبدل عيشتي رغـدا و ڪن معـيناً لأحبـابي و خـلاني
تولنا و اهدنا واڪتــــــب لنا فرجا و إن زللتُ فـزد يا رب إيمـاني


وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا وشفيعنا وقدوتنا وأسوتنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خير خلقه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به كل غمة .

النبي المصطفى المجتبى المختار عليه صلوات ربي الملك العزيز الغفار .

بلـــــــغ العلى بكماله كشف الدُجى بجماله
عظمت جميع خصاله صــــــلوا عليه وآله

وما أعددتُ للأخرى كثيراً ولكنّي ملأتُ القلبَ حُبّـــا
أحبُّ مُحمّداً حُبّـاً وحسبي ‏بأنّ المرءَ مع مَن قدْ أحبّـا


اللهم صل وسلم وبارك ومجد وعظم وأكرِم وترحم على سيدنا محمد رسول الله وآله الطاهرين وصحابته أجمعين .

وصيتي لنفسي وإياكم بتقوى الله ، فاتقوا الله وخافوه وراقبوه ولنعلم جميعا علم يقين أننا جميعا ومن دون استثناء يوما ما بين يدَي ربنا موقوفون ، وعلى أعمالنا محاسبون ، وعلى تفريطنا نادمون ، وعلى تقصيرنا نادمون ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

اللهم ارفع حجاب الغفلة عن قلوبنا ، وارفع الشرود من أذهاننا ، وارفع السأم والملل والضجر من نفوسنا ، وارفع النعاس وقت الخطبة من أعيننا ، واجعلنا جميعا مع الذكرى ممن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

أما بعد:
فيا أيها الإخوة المؤمنون:
فسنقف في هذا اليوم المبارك، وفي هذه اللحظات المباركات التي نسأل الله عز وجل أن يبارك فيها وفي قائلها وسامعها إنه جواد بر رحيم، سنقف مع موضوع:
(ماذا استفدت من رمضان؟) :

ونقاط خطبة هذا اليوم هي:

أولاً : - ( ولعلكم تشكرون ) .

ثانيا: -(( لعلكم تتقون )) هل تحقق عندك الهدف الرئيسي من الصيام وهو التقوى ؟
وما التقوى التي يريدها الله عز وجل منا ؟ هل تقوى الخالق أم تقوى المخلوق ؟ وما نوع التقوى الذي عندنا ؟

ثالثاً : - التوبة إلى الله التي تُبْتَها في رمضان ، هل كانت احتراما لرمضان ، أم كانت احتراما لرب رمضان ؟

رابعا : - ماذا لو كنتَ قد قصرتَ في رمضان الذي مضى عليك ؟

*أولاً : - ( ولعلكم تشكرون ) .*
آخر آية الصيام قوله تعالى : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } .
فما علاقة الشكر مع إكمال عدة رمضان ؟
ولعل في قوله تعالى : { ولعلكم تشكرون } بمعنى ( كي ) أي فرض الله الصيام كي تكملوا العدة وكي تكبروا الله على هدايته لكم وكي تشكروه ( 1 )

فلماذا الشكر أتى آخر نهاية الصيام ؟ وما هو الشكر المطلوب منا بعد الصيام ؟
فأولا : هل من الشكر العودة إلى المعاصي بعد رمضان ؟
وثانياً : هل من الشكر فعل المحبطات للأعمال بعد رمضان ؟

شكر نعمة التوفيق للعبادة في رمضان يحتاج منك أن تحافظ على عبادتك ولا تحبطها وتبطلها بعد رمضان .


فما هي الأعمال التي تحبط العبادة بعد فِعْلها ؟

الأعمال التي تحبط العبادة بعد فعلها هي :

أولاً : العمل بالمعاصي بعد فعل الطاعات لما روى البخاري أن ابن عباس فسر قوله تعالى : { أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت } البقرة، حيث قال ابن عباس في تفسيرها : ضُرِبَتْ مثلاً لعمل ، قال عمر : أي عمل ؟ قال ابن عباس : لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل ، ثم بُعث له الشيطان ، فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله )) .

وروى الطبراني وابن ماجة عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ألْفَيَنَّ ، أي : لا أريد أن أجد " أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة ، فيجعلها الله هباء منثوراً . قالوا : يا رسول الله صِفْهم لنا ، لكي لا نكون منهم ، ونحن لا نعلم قال : أما إنهم من إخوانكم ، ولكنهم أقوام إذا خَلوا بمحارم الله انتهكوها ))

ولو سألت سؤالاً عن حكم الذي يتوب من هذه المعاصي المحبطة للأعمال ؟
والجواب على ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في سنن ابن ماجة والبيهقي : (( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )) ومقتضى هذا الحديث أن التائب بعد الذنب لا تحبط أعماله .
ثانياً : - الظلم : ومن الأعمال المحبطة للعبادة بعد فعلها هو الظلم ، حيث تُجعل حسنات الظالم في ميزان المظلوم لما رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره من حديث أبي هريرة عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : هل تدرون من المفلس ؟ قالوا : قالوا : المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له و لا متاع ، قال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصيام و صلاة و زكاة ، و يأتي قد شتم عرض هذا ، و قذف هذا ، و أكل مال هذا ، فيقعد فيَقتص هذا من حسناته و هذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه من الخطايا ، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ، ثم طُرح في النار )) وروى الحديث كذلك الإمام مسلم عن قتيبة بن سعيد . .


ثالثاً : الغيبة ، ومن الأعمال المحبطة للعبادة بعد فعلها : الغيبة فقد رُوي عن الحسن البصري وقد بلغه أن رجلاً اغتابه ، فبعث إليه طبقا من رُطب ، وقال له : بلَغَنا أنك أهديْتَ إليَّ حسناتك فأردت أن أكافئك بهذا ، فاعذرني فإني لا أقدر أن أُكافئك بها على التمام ( 2 ) .
وهذا مصداق لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليستحلها منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم ، إنما يؤخذ من حسناته ،فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فزيدت على سيئاته ))

وعن ابن المبارك رحمه الله قال : لو كنت مغتابا أحداً لاغتبتُ والدَيَّ لأنهما أحق بحسناتي ( 3 ) .


وثالثاً : عندما قال الله تعالى في آخر آية الصيام : { ولعلكم تشكرون }
فهل من الشكر قطع الصلة مع الله بعد رمضان حتى تصير بعده من الغافلين عنه


{ ولعلكم تشكرون } على نعمة الاتصال بالله ، الاتصال بالله الذي وفقكم له ، فليحرص كل منا أن يكون له ساعة وصل مع الله – ذكر ، أو دعاء ، أو مناجاة ، أو تفكر ، أو ربط النعم بالمنعم عز وجل ، أو استشعار مراقبة الله – وذلك بشكل يومي حتى ننعم بدوام الاتصال بالله جلَّ وعلا من دون انقطاع بعد رمضان .


ورابعا : عندما قال الله تعالى في آخر آية الصيام : { ولعلكم تشكرون }
فلماذا الشكر يتوجب علينا بعد إكمال عدة رمضان ؟
والسبب في ذلك حتى لا نغترَّ ونُعجب بما فعلنا في رمضان من عبادة وطاعة وفعل خير ، فالله وحده هو الذي وفقنا وأعاننا على ذلك ، فلْنَشكر الله كثيرا على هذا التوفيق والإعانة ، فالله هو من يسر وسهل لنا فعل الطاعات في رمضان وغيره ، ولذا قال في نهاية آية الصيام : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعكم تشكرون } .فله الحمد ربي وله الشكر على توفيقه وتيسيره .





*ثانياً : - ما معنى التقوى ؟:* -في قوله تعالى : (( لعلكم تتقون)) هل تحقق عندك الهدف الرئيسي من الصيام وهو التقوى؟
وما التقوى التي يريدها الله عز وجل منا ؟ هل تقوى الخالق أم تقوى المخلوق ؟ وما نوع التقوى الذي عندنا ؟


تقوى الله – باختصار - معناها اجتناب وتَوَقِّي وتَرْك ما يغضب الله خوفا من الله ،لا خوفا من خلقه .
ولو تصفحنا نوع التقوى الذي عندنا لوجدنا تقوى من نوع مختلف غير التي يريدها الله منا .

وللنظر إلى واقعنا وواقع الكثيرين إلا من رحم ربك .
فنحن عندما نترك الانحرافات ، هل نتركها خوفا من الله ، أم خوفا من الفضيحة ؟


لماذا قد تجد من لا يصلي وبنفس الوقت يأمر أهله بالعفاف والحجاب ؟ هل خوفا من الله ، أم خوفا من الافتضاح بين الناس ، وخوفا على سمعة أهله بين الناس ؟


لماذا يخاف الكثيرون من قتل النفس التي حرم الله ؟
هل خوفا من قول الله عز وجل : { ومن يقتلْ مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنمُ خالداً فيها وغَضِبَ الله عليه ولَعَنَهُ وأعَدَّ له عذابا عظيما } ؟
أم أنهم يتركون القتل خوفا من قصاص أسرة المقتول ، أو خوفا من التشرد والبعد عن بلاده وهو هارب من أسرة المقتول ، أم لأنه ليس لديه القوة المحامية له ، ولو كان لديه لَقتَل ولا يبالي ؟ وقس عليها الكثير من الأعمال التي سنتحدث عنها في خطبة آتية إن شاء الله .


أيها الإخوة المؤمنون :
إن الغاية من الصيام هي التقوى ، أي أن نمارس التقوى في رمضان حتى نخرج منه وقد تعودنا على تقوى الله فعندما قال الله عز وجل : { كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } أي : لعلكم تتقون وتخافون الله في ترككم للمساوئ والمخازي والمنكرات.
فلنُعَوِّدْ أنفسنا وقلوبنا الخوف من الله ، فإذا تعودَتْ قلوبنا تقوى الله والخوف منه سيزيل الله من قلوبنا الخوف من غيره ، وسيرقينا الله إلى مرتبة من قال فيهم كما في سورة المائدة : { يحبهم ويحبونه } وذكر من صفاتهم : { ولا يخافون لومة لائم } أي : لا يخافون ملامة أحد من الناس لأنهم يخافون أن يلومهم الله وحده فأخرج الله من قلوبهم الخوف من ملامة الناس .
إن من صفات خير البرية كما قال الله عنهم : { جزاؤهم عند ربهم جنات عدْن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه } الله راضٍ عنهم وهم راضون عن الله .
ما صفاتهم ؟ قال الله : { ذلك لمن خشي ربه } ولم يقل ذلك لمن خشي الافتضاح بين الناس ، أو خشي ملامةَ الناس وكلامهم .
فالهَم الأول للمؤمن هو إرضاء الله { رضي الله عنهم ورضوا عنه } .
ولله درُّ الشاعر المؤمن حين قال يخاطب ربه :
رضاك خير من الدنيا وما فيها يا مالك النفس قاصيها ودانيها
فليس في النفس آمال تحققــــها سوى رضاك فذا أقصى أمانيها


وبقية الكلام عن التقوى نؤجله إلى الجمعة التالية إن شاء الله .


وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات ، فاستغفروه ثم توبوا إليه .
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة .




*الخطبة الثانية*
الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
وصيتي لنفسي وإياكم يا عباد الله بتقوى الله وطاعته ، فاتقوا الله وخافوه راقبوه .

أما بعد :

فلا زلنا مع موضوع : ( ماذا أثر فيك رمضان ؟ )


والنقطة الثالثة في الموضوع هي :
*التوبة إلى الله التي تبتَها في رمضان ، هل كانت احتراما لرمضان ، أم كانت احتراما لرب رمضان ؟*

كثيرون هم أولئك الذين يتوبون إلى الله في رمضان ، أو يقللون من اللعائن والشتائم والجرائم في رمضان .

وكثير من الناس مَنْ مَثلُهُم كمثل السمبوسة لا تظهر إلا من رمضان إلى رمضان ولا توجد في شهر آخر ، فكذلك هم لا تجدهم يلتزمون بالمساجد وبالصلاة وبالسنن وتلاوة القرآن إلا في رمضان ، ولكن بمجرد وصول ليلة العيد ربما قد يتساهلون حتى في الفرائض ويتركون السنن ويَضِيعُون من المساجد ومن تلاوة القرآن كما تضيع السمبوسة من الموائد في غير رمضان ، { ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون }، حيث يعودون إلى الشتائم واللعائن والغيبة والنميمة والآثام التي كانوا قد تركوها في رمضان .

فيقال لهؤلاء : هل توبتُكم في رمضان ، هي احترام لرمضان ، أم أنها احترام لرب رمضان ؟
هل توبتكم في رمضان ، هي اصطلاح مع رمضان ، أم أنها اصطلاح مع رب رمضان ؟
ينبغي أن تكون توبتنا احتراما وتعظيما لله تعالى رب رمضان ، فهو رب رمضان ورب الشهور كلها .
{ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا } فهل من التوبة النصوح أن نتوب فقط في رمضان فقط ، ولا نفكر في توبة في بقية العام ؟

أيها الأخ المؤمن :
لماذا الانقطاع المفاجئ عن العبادات بعد رمضان ؟

لقد تعودتَ دعاء الله في رمضان وخاصة في صلاة التهجد ، فهل معناه أن الله لا يستجيب إلا في رمضان ؟ أليس الله مجيب الدعاء في كل زمان ومكان ؟

لقد تعودت في رمضان على الخير وعلى الإقبال على الله وعلى المساجد في رمضان ، فهل معنى أن ذلك في غير رمضان غير موجود ؟

لقد تعودت على تلاوة كتاب الله في رمضان ، فهل كتاب الله لا يقرأ إلا في رمضان ؟ أليس هجران كتاب الله اشتكى منه الرسول إلى ربه كما قال الله : { وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } ؟ فلماذا نهجره سائر العام ؟

لقد تعودت في رمضان على الخشوع في الصلاة وخاصة في التهجد فهل معنى هذا أن الخشوع لا يكون إلا في التهجد ؟ أليس الخشوع في الفرائض أولى سواءً كان رمضان أو في غيره ؟

لقد تعودت في رمضان على قيام الليل المتمثل في صلاة التراويح وصلاة التهجد ، فهل ستترك قيام الليل بعد رمضان ؟

يقول أهل العلم : (علامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها ، و علامة ردها أن توصل بمعصية . ما أحسن الحسنة بعد الحسنة و أقبح السيئة بعد الحسنة . ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها . النكسة أصعب من المرض الأول . ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة) ( 4)

وكثير من المرات نسمع أن الصحابة والصالحون كانوا يودعون رمضان ستة أشهر ، ما معنى هذا التوديع ؟ هل كانوا يقولون : ( مُوَدَّع مودع يا رمضان ) ؟
ليس المراد ذلك ، ولكن المراد أنهم كانوا يخرجون متأثرين بعد رمضان في إقبالهم على الله ، وخرجوا وعندهم النشاط على طاعة الله ، هذه الطاعة التي قد تعودوا عليها في رمضان خرجوا وهم ممارسون لها بعده .

ما معنى أن رمضان محطة لبقية العام ؟
أليست السيارة التي تمشي في الخط الطويل تَخْزِن البنزين لكي تمشي به سائر الخط ؟

هل معنى أن رمضان محطة أنه بمجرد إقبال ليلة العيد ننسى طاعة الله ، ونعود إلى التقصير الذي كنا نقصره قبل رمضان ؟
ففي سنن الترمذي وغيرها من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( ورغم أنف امرئ دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له )) .
من معاني انسلاخ رمضان قبل أن يغفر له أن رمضان دخل عليه وخرج عنه ولم يؤثر فيه .
*رابعا : - ماذا لو كنت قد قصرتَ في رمضان ؟*

الكثيرون منا من يقصر في رمضان إما بالتشاغل عن الطاعة ، أو بالتكاسل وتأخير بعض الصلوات ،وإما بعدم اهتمامه بالقرآن في رمضان شهر القرآن ، أو باقتراف بعض المعاصي ، أو بغير ذلك من أنواع التقصير في رمضان ، ويستمر على هذه الحال من يوم إلى يوم حتى يتفاجأ بأن شهر رمضان قد انقضى ، فربما يندم على ما فرط في رمضان .

فلمثل هذا يقال له :
إذا أنت قد قصرت في رمضان فاندم على مافاتك فيه من الخير ، فالندم هو الطريق الأول للتوبة ثم اعقد النية بالتوبة من الآن ، وانْوِ من أعماق قلبك أن الله عز وجل لو مكنك من العمر إلى رمضان الآتي فلن تقصر فيه كما قد قصرت في رمضان الذي قد مضى ، فلعل التواب الرحيم أن ينظر إلى تأسُّفِ قلبك على ما فرطت فيتوب عليك ويوفقك فيما يستقبلك من قابل الأيام .

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه عموما بقول الله عز وجل : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } .
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك سيدنا ونبيِّنا وحبيبنا محمدٍ الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.


الدعاء

المراجع :
( 1 ) ( تفسير الطبري ) .
( 2 ) من وصايا الرسول لطه عفيفي المجلد الأول .
( 3 ) المستطرف في كل فن مستظرف .
( 4 ) لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي .
بالإضافة إلى القرآن الكريم وبعض كتب السنة النبوية كما أُشير إليه في موضعه .
خطبه بعنوان
مبطلات الأعمال
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ واَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
( يَاأَيُّهَا النَاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الذى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الذى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) .
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) .
أما بعد فان أصدقَ الحديثِ كتابُ الله ، وخيرَ الهدى هدى محمدٍ صـلى الله عليه وسلم وشرَ الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ،
اما بعد:
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 57 - 61].
روى الترمذي في سننه من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قَالَتْ عَائِشَةُ: هُمُ الَّذِيْنَ يَشْرَبُوْنَ الْخَمْرَ، وَيَسْرِقُوْنَ؟ قَالَ: «لاَ يَا بِنْتَ الْصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِيْنَ يَصُوْمُوْنَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُوْنَ، وَهُمْ يَخَافُوْنَ أَنْ لاَ يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ يُسَارِعُوْنَ فِي الْخَيْرَاتِ» .
ولقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع اجتهادهم في الأعمال الصالحة، يخشون أن تحبط أعمالهم وألا تقبل منهم، لرسوخ علمهم وعميق إيمانهم، قَالَ أَبُوْ الْدَّرْدَاءِ: لأَنْ أَعْلَمَ أَنَّ اللهَ تَقَبَّلَ مِنِّيْ رَكْعَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا، لأَنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ} [المائدة: 27].
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي ملَيْكَةَ: أَدْرَكْتُ ثَلاثِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ يَقُوْلُ: إِنَّهُ عَلَى إِيْمَانِ جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيْلَ عليهما السلام.
ومبطلات الأعمال كثيرة، منها ما يبطل جميع الأعمال مثل الشرك والردة والنفاق الأكبر، ومنها ما يبطل العمل نفسه كالمن بالصدقة وغير ذلك، وسوف أقتصر على ذكر خمسة أمور وعسى أن يكون فيها تنبيه على ما سواها:
من مبطلات الاعمال:
الشرك: فإنّه محبط لجميع الأعمال، قال تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23].
روى الترمذي في سننه من حديث أَبِيْ سَعْدِ بْنِ أَبِيْ فَضَالَةَ الأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُوْلُ: «إِذَا جَمَعَ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيْهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلهِ أَحَدٌ فَليَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ «.
ومن مبطلات الاعمال:
الرياء وهو على قسمين:
الأول: أن يقصد بعمله غير وجه الله، فهذا شرك أكبر محبط لجميع الأعمال، ويسميه بعض أهل العلم: شرك النية والإِرادة والقصد، قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15 - 16].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَهْلَ الرِّيَاءِ يُعْطَوْنَ بِحَسَنَاتِهِمْ فِيْ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لاَ يُظْلَمُوْنَ نَقِيرًا، يَقُوْلُ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا التِمَاسَ الدُّنْيَا صَوْمًا، أَوْ صَلاَةً، أَوْ تَهَجُّدًا بِاللَّيْلِ، لاَ يَعْمَلُهُ إِلاَّ التِمَاسَ الدُّنْيَا، يَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: أُوَفِّيهِ الَّذِيْ التَمَسَ فِيْ الدُّنْيَا مِنَ المَثَابَةِ وَحَبِطَ عَمَلُهُ الَّذِيْ كَانَ يَعْمَلُهُ لالتِمَاسِ الدُّنْيَا وَهُوَ فِيْ الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِيْنَ .
ومن مبطلات الاعمال:
القسم الثاني من الرياء: أن يعمل العمل يقصد به وجه الله ثم يطرأ عليه الرياء بعد الدخول فيه، فهذا شرك أصغر.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث مَحْمُوْدِ بْنِ لَبِيْدٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ» قَالُوْا: وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ، يَقُوْلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوْا إِلَى الَّذِيْنَ كُنْتُمْ تُرَاؤُوْنَ فِيْ الدُّنْيَا، فَانْظُرُوْا هَل تَجِدُوْنَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟!» .
وروى ابن خزيمة في صحيحه من حديث محمود بن لبيد قال: خرج النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:» أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ» .
وقد يتهاون بعض الناس بهذا النوع بتسميته شركًا أصغر، وهو إنما سمي أصغر بالنسبة للشرك الأكبر، وإلا فهو أكبر من جميع الكبائر، ولذلك قال العلماء.
1 - إن الشرك الأصغر إذا دخل عملاً فسد ذلك العمل وحبط.
2 - إن الشرك الأصغر لا يغفر لصاحبه، وليس فاعله تحت المشيئة، كصاحب الكبيرة، بل يُعذب بقدره، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116].
فالواجب على المؤمن أن يحذر من الشرك بجميع أنواعه، وأن يخشى على نفسه منه، فقد خاف إبراهيم عليه السلام من الشرك وهو إمام الموحدين، فقال لربه: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]، قال إبراهيم التيمي: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم عليه السلام .
ومن مبطلات الاعمال:
المن والأذى، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264].
وقال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلاَ أَذًى} [البقرة: 262].
قال الشاعر:
أَفْسَدتَ بالمَنِّ ماأَسْدَيت من حَسَنٍ ... ليسَ الكَرِيمُ إذ أسَدَى بمنان
روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِيْ ذَرٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «ثَلاثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثٍ مَرَّاتٍ. قَالَ أَبُوْ ذَرٍّ: خَابُوْا وَخَسِرُوَا، مَنْ هُمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: «المُسْبِلُ، وَالمَنَّانُ، وَالمُنْفِقُ سِلعَتَهُ بِالحَلِفِ الكَاذِبِ «.
ومن مبطلات الاعمال:
ترك صلاة العصر، قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى} [البقرة: 238].
روى البخاري في صحيحه من حديث بُرَيْدَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ «
ومن مبطلات الاعمال: التألي على الله، روى أبو داود في سننه والإمام أحمد في مسنده والبغوي في شرح السنة من حديث ضمضم بن جوس اليمامي قال: دخلت مسجد المدينة فناداني شيخ، فقال: يا يمامي تعال، وما أعرفه، فقال: لا تقولن لرجل: والله لا يغفر الله لك أبدًا، ولا يدخلك الله الجنة أبدًا، فقلت: ومن أنت - يرحمك الله -؟ قال: أبو هريرة، قال: فقلت: إن هذه الكلمة يقولها أحدنا لبعض أهله إذا غضب أو لزوجته، قال: فإنِّي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِنَّ رَجُلَيْنِ كَانَا فِيْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ مُتَحَابَّيْنِ، أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدٌ فِي العِبَادَةِ، وَالآخَرُ كَأَنَّهُ يَقُوْلُ: مُذْنِبٌ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ: أَقْصِرْ أَقْصِرْ عَمَّا أَنْتَ فِيْهِ، قَالَ: فَيَقُوْلُ: خَلِّنِي وَرَبِّي، قَالَ: حَتَّى وَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ: أَقْصِرْ، فَقَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيْنَا رَقِيْبًا، فَقَالَ: وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لَكَ أَبَدًا، وَلاَ يُدْخِلُكَ اللهُ الجَنَّةَ أَبَدًا،
قَالَ: فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمَا مَلَكًا فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا فَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ فَقَالَ لِلمُذْنِبِ: ادْخُلِ الجَنَّةَ بِرَحْمَتِيْ، وَقَالَ لِلآخَرِ: أَتَسْتَطِيْعُ أَنْ تَحْظُرَ عَلَى عَبْدِيَ رَحْمَتِي؟! فَقَالَ: لاَ يَا رَبِّ، قَالَ: اذْهَبُوْا بِهِ إِلَى النَّارِ» قَالَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: وَالَّذِي نَفْسِيْ بِيَدِهِ، لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبةالثانية
الحمدلله رب العالمين ولي الصالحين ولاعدوان إلا على الظالمين واشهد ان لا إله إلاالله واشهد ان محمدا رسول الله
أما بعــد:
أيها المسلمون: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، وتوبوا إليه واستغفروه، واشكروه على آلائه، واستقيموا على طاعته في جميع الأزمان،
ومن مبطلات الاعمال: الردة
قال تعالى( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )البقرة (217)
وقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )المائدة (54)
يخبر تعالى أنه الغني عن العالمين، وأنه من يرتد عن دينه فلن يضر الله شيئا، وإنما يضر نفسه.
ومن مبطلات الاعمال :النفاق
قال تعالى:( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ )
التوبة (101)
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏}‏ أيضًا منافقون ‏{‏مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ‏}‏ أي‏:‏ تمرنوا عليه، واستمروا وازدادوا فيه طغيانا‏.‏
‏{‏لَا تَعْلَمُهُمْ‏}‏ بأعيانهم فتعاقبهم، أو تعاملهم بمقتضى نفاقهم، لما للّه في ذلك من الحكمة الباهرة‏.‏
‏{‏نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ‏}‏ يحتمل أن التثنية على بابها، وأن عذابهم عذاب في الدنيا، وعذاب في الآخرة‏.‏
ففي الدنيا ما ينالهم من الهم والحزن ، والكراهة لما يصيب المؤمنين من الفتح والنصر، وفي الآخرة عذاب النار وبئس القرار‏.‏
ويحتمل أن المراد سنغلظ عليهم العذاب، ونضاعفه عليهم ونكرره‏.‏
واعمال المنافقين لاتنفعهم يوم القيامة بسبب نفاقهم قال تعالى:
( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِره من قبله العذاب)
ومن مبطلات الاعمال :النفاق
قال تعالى:( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ )
التوبة (101)
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏}‏ أيضًا منافقون ‏{‏مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ‏}‏ أي‏:‏ تمرنوا عليه، واستمروا وازدادوا فيه طغيانا‏.‏
‏{‏لَا تَعْلَمُهُمْ‏}‏ بأعيانهم فتعاقبهم، أو تعاملهم بمقتضى نفاقهم، لما للّه في ذلك من الحكمة الباهرة‏.‏
‏{‏نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ‏}‏ يحتمل أن التثنية على بابها، وأن عذابهم عذاب في الدنيا، وعذاب في الآخرة‏.‏
ففي الدنيا ما ينالهم من الهم والحزن ، والكراهة لما يصيب المؤمنين من الفتح والنصر، وفي الآخرة عذاب النار وبئس القرار‏.‏
ويحتمل أن المراد سنغلظ عليهم العذاب، ونضاعفه عليهم ونكرره‏.‏
واعمال المنافقين لاتنفعهم يوم القيامة بسبب نفاقهم قال تعالى:
( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ )الحديد (13)
فإذا رأى المنافقون نور المؤمنين يمشون به وهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين، قالوا للمؤمنين: { انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ } أي: أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به، لننجو من العذاب، فـ { قِيلَ } لهم: { ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } أي: إن كان ذلك ممكنا، والحال أن ذلك غير ممكن، بل هو من المحالات، { فَضُرِبَ } بين المؤمنين والمنافقين { بِسُورٍ } أي: حائط منيع، وحصن حصين، { لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ } وهو الذي يلي المؤمنين { وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ } وهو الذي يلي المنافقين، فينادي المنافقون المؤمنين،( يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ )الحديد (14)
فيقولون لهم تضرعا وترحما: { أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ } في الدنيا نقول: { لا إله إلا الله } ونصلي ونصوم ونجاهد، ونعمل مثل عملكم؟ { قَالُوا بَلَى } كنتم معنا في الدنيا، وعملتم [في الظاهر] مثل عملنا، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين، من غير إيمان ولا نية [صادقة] صالحة، بل { فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ } أي: شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكا، { وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ } الباطلة، حيث تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين، وأنتم غير موقنين، { حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ } أي: حتى جاءكم الموت وأنتم بتلك الحال الذميمة.
{ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } وهو الشيطان، الذي زين لكم الكفر والريب، فاطمأننتم به، ووثقتم بوعده، وصدقتم خبره.فمبطلات الاعمال تذهب سدى قال تعالى:
( وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا )
الفرقان (23){ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ } أي: أعمالهم التي رجوا أن تكون خيرا لهم وتعبوا فيها، { فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } أي باطلا مضمحلا قد خسروه وحرموا أجره وعوقبوا عليه وذلك لفقده الإيمان وصدوره عن مكذب لله ورسله، فالعمل الذي يقبله الله، ما صدر عن المؤمن المخلص المصدق للرسل المتبع لهم فيه.
وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على نبي الرحمة والهدى كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] .اللهم صل على نبينا محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، !
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدِهِم سبل الرشاد يا أرحم الراحمين!
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة 11 ذو القعدة 1443هـ الموافق 10 يونيو 2022 م
الخطبة الأولى :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ، وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له النور الهادي أضاء الوجود بنوره وهدى القلوب بقدرته خلق فسوى وقدر فهدى (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) وأشهد أن محمد عبده ورسله من بعثه الله هاديا ومبشرا ونذيرا وسراجا منيرا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
أوصيكم ونفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والبعد عن معصيته والجهاد في سبيله والاهتداء بهديه والاستضاءة بنوره (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ، (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) أما بعد فإن أعظم نعمة أنعم الله بها علينا هي نعمة الدين والإسلام والإيمان والقرآن تلك النعمة التي أنار الله بها الدروب وأحيا بها القلوب وفرج بها الكروب وأسعد بها النفوس قال تعالى (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) ذلك لأن مصدر هذا الدين من الله عز وجل الذي من أسمائه النور الهادي قال تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
والقرآن الذي أنزله لهداية العباد نور وهداية قال تعالى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ) وقال (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
والنبي صلى الله عليه وسلم حامل هذا القرآن والداعي إلى الحق والخير نور قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ) ، وجميع الأنبياء يمثلون مصدر إشعاع للبشرية قد جاؤوا بالنور الذي يبدد الظلمات قال تعالى عن موسى عليه السلام (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) وقال (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ)
والعبادات من صلاة وصيام وغيرها من مجالات التعبد نور للقلوب والنفوس والأرواح وصلاح للسلوك فعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» رواه مسلم
وبالمقابل أيها المؤمنون الكرام فإن مناهج الكفر والفسق والضلالات والخرافات والجهالات والغوايات والمعاصي والأهواء كلها ظلمات وعمى وتيه وشقاء وبذلك وصفها العليم الحكيم (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، وقال (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ، وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) ، والمقارنة بين منهج الحق وطريق الباطل كالمقارنة بين الحياة والموت وبين الظلمات والنور وبين الظل والحرور قال تعالى (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ، وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ ، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ، وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ)
نعم إخوة الإسلام لقد امتن الله علينا بهذا الدين الذي أخرجنا به من الظلمات إلى النور ومن الكفر والضلال إلى الإيمان قال تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ، وبين بأن الحكمة من إرسال الرسل وإنزال الكتب وتشريع الشرائع إخراج البشرية من ظلمات الأهواء والاستعباد والاستبداد والغواية إلى نور الدين وضياء العدل والحرية والكرامة قال تعالى (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، وقال (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) ، وقال (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) .
أيها الإخوة المؤمنون إننا مدعوون ومطالبون شرعا بأن نشعل أنوار الهداية في كل جوانب حياتنا في أوضاعنا الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، في علاقة الآباء مع الأبناء ، وفي علاقة الجيران ، وفي علاقة الحاكم بالمحكوم ، وفي علاقة الرجل بالمرأة .
نضيء الحياة بالعلم والمعرفة تعلما وتعليما ونشرا وعملا ، نخدم كل العلوم النافعة الدينية والدنيوية لنمحو بذلك ظلمات الجهل والخرافة ولنقيم حياتنا وحضارتنا وعمراننا وصناعاتنا على نور العلم والمعرفة
إن العدل والحكم بما أنزل الله نور ، وتحكيم القوانين الوضعية والأعراف الجاهلية والتقاليد الخاطئة ظلمات وجور وخراب ودمار.
الأخوة والمحبة واجتماع القلوب ووحدة الصف نور ، والشقاق والنفاق والتنازع ظلمات وتيه وضعف وهزيمة . الاجتماع على طاعة الله وأداء الصلوات والتعاون على البر والتقوى والأعمال الصالحة نور والمعاصي وضياع الفرائض ظلمات .
والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نور على نور . والتخلي عن الجهاد والتكاسل عن ذلك معصية وغضب وخذلان ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور . والإيمان بالله وتوحيده والإخلاص في عبادته نور والشرك بالله والكفر به والصد عن سبيله والنفاق ظلمات . وذكر الله نور والغفلة عن الله والإعراض عنه واتباع الهوى ظلمات. نشر الخرافة والدجل والكهنوت والكذب على الله ظلمات ، والظلم والبغي والعدوان وأكل أموال الناس بالباطل ظلمات ، والفرقة والشقاق والقطيعة والتدابر والتعاون على الإثم والعدوان ظلمات.
الكفر والضلال والطاغوت الذي يتخذه أعداء الدين سواء أكان هذا الطاغوت دجالا أو مستبدا، أو شرعا باطلا وفي أي عصر كان ظلمات فمن اختار لنفسه طريق الجهل والضلال والعبودية وآثر حياة التبعية والفجور والبغي والظلم، فقد اختار أن يسلم زمام أمره لهؤلاء الدجالين والمستبدين والفجار يخرجونه من النور إلى الظلمات...
وإنها لظلمات متراكبة متعددة بعضها فوق بعض .( وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) .
ومن اختار طريق الإيمان والهداية والحرية والكرامة فقد سلك طريق النور والسلام وإنهم لعلى نور وهدى  فلهم البشرى(وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو
الْأَلْبَابِ)
وكل من يدعو الناس إلى الإيمان والهدى والخير والحرية والمساواة لا يدعو لنفسه ليكون السيد المطاع والناس له عبيد أتباع ولو بلغ ما بلغ من المكانة والعلم والصلاح كما قال تعالى (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ، وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) فالأنبياء دعاة الحرية والكرامة، يدعون الناس ليخرجوهم من الظلمات إلى النور ،النور الذي يشرق على قلوبهم وعقولهم فيحررهم من الأغلال والآصار، إذا استجابوا للنبي الكريم وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه، قال تعالى :( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه ...
الخطبة الثانية :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فلقد حمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده وسلف هذه الأمة مشروع إخراج البشرية من الظلمات إلى النور ومن العمى إلى الهدى ومن الجهل إلى العلم ومن الظلم والاستبداد إلى الحرية فتحرر الناس من سطوة الأنظمة الجائرة وسلطة الكنائس الضالة ولم تنعم البشرية في عصر من العصور مثلما نعمت في ظل الدولة الإسلامية التي بلغ سلطانها وأشرقت أنوارها من شرق الصين إلى جنوب فرنسا . وحين أهمل المسلمون هذا الواجب بعد ذلك وضعفوا عن حماية هذا الدين ونشر دعوته عادت الظلمات لتضرب اطنابها على العالم من جديد وطمع أعداء الحضارة الإسلامية في إطفاء شعلة الحق والهداية عبر الحملات الصليبية العسكرية والغزو الفكري المنظم ولكنهم خابوا وخسروا وسيظلون مهزومين على الدوام أمام نور الله وهداه الذي قضت إرادته أن يتمه وأن ينصره وصدق الله القائل (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ، (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
إن من أهم واجبات العلماء والدعاة اليوم والدول والهيئات الإسلامية أن تهتم بنشر هذا الدين والتربية على قيمه وبيان خصائصه وفضائله وأن يحملوا بجد واقتدار وثقة مسؤولية الإنقاذ لهذه البشرية الحائرة مما هي فيه من انحراف فكري وفساد أخلاقي وسلوكي ، لا سيما وقد تعددت وسائل الإعلام وسهل استخدامها وأصبح العالم غرفة صغيرة يسهل في طياتها النقاش والحوار
عباد الله إن من أكثر الفرق محاربة للدين والقرآن والإسلام محاولة إطفاء نوره وإخراج المسلمين من النور إلى الظلمات هي عصابة الحوثي الفارسية الإيرانية الحوثية الضالة المضلة يصدق عليهم قول الله (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ، ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ) ، وهذه نماذج من ظلمات الحوثي التي يفرضها على أبنائنا قسرا بالتضليل والترهيب والإكراه ليخرجهم من نور القرآن الذي يتربون فيه على بر الوالدين والأقارب والأرحام إلى ظلمات الجهل والإرهاب الذي يقتل فيه الولد أباه وأمه وأخاه وأقاربه ولا يبالي وكم تكررت هذه الحوادث
ظلمات تعظيم سادتهم ورموزهم واعتقاد العصمة فيهم والتبرك بهم ، ظلمات محاربة القرآن والسنة ، ظلمات التمكين للعدوان الفارسي الغاشم في يمن الإيمان والحكمة ، ظلمات محاربة القرآن ومدارسه والمساجد وروادها ومنع عبادة الله في بيوت الله ، ظلمات تغيير مناهج التعليم وحشوها بالأفكار الطائفية المتطرفة ، ظلمات تدمير الاقتصاد وإفقار المجتمع ، ظلمات الظلم والعدوان ومصادرة بيوت المواطنين وممتلكاتهم ، ظلمات فرض الجبايات على الناس باسم الخمس أو دعم الجبهات أو غيرها ، الظلم ظلمات والاستبداد والقهر ظلمات ومصادرة حرية الناس ظلمات ومصادرة حق الشعب في انتخاب من يحكمه ومحاسبة من يقوم بأمره ظلمات ، إلغاء الشورى ظلمات ، ادعاء أن الحكم حق لهم بالوصية ظلمات ، القتل والخراب والدمار الذي أحدثوه في البلاد ظلمات ، تشريد وتهجير المجتمع اليمني من بيوتهم ليعيشوا تحت الخيام وفي العراء ظلمات
إن على العلماء والدعاة والمعلمين والمعلمات والآباء والأمهات أن يتحملوا مسؤولية حماية الجيل الحاضر من كل عوامل الفتك بهذا الجيل فكرا وسلوكا لا سيما وقد ارتفعت بعض أصوات  الإلحاد والكفر والمجاهرة بالفسوق والعصيان والتي تعمل جاهدة لتضل  الناس وتخرجهم من النور إلى الظلمات .
وهنا ننبه ونؤكد على الدور العظيم الذي يجب أن يقوم به الآباء والأمهات والمعلمون والمعلمات وأساتذة الجامعات في حفظ الهوية العربية الإسلامية لأبناء المسلمين عموما واليمنيين خصوصا ، والأجيال اليوم تتعرض لحملات مسخ وتغيير عقيدة وهوية تتولى كبره ووزره  جماعات الحوثي الإرهابية الإيرانية......
ونؤكد على أن من الواجبات الآنية دعم الجيش والأمن ماديا ومعنويا وبشريا والشد على أيديهم ليظلوا في يقظة دائمة وجاهزية عالية حتى لا يجد العدو منهم غفلة فينفذ منها ، ومن واجبنا الدفع بالأبناء للمراكز الصيفية لاستثمار أوقاتهم وحفظ أخلاقهم وتنمية قدراتهم ومواهبهم ، وإقامة الانشطة الأسرية التي تكمل دور المراكز الصيفية ، ومن واجبنا الدعم المالي لهذه المعركة في صورتها العسكرية والفكرية فنجاهد بأموالنا كما هو المعتاد في واجبنا الأسبوعي موقنين بنصر الله وتأييده ثم الدعاء والصلاة على النبي ... وأقم الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم.

خطبة: *ما تعرض له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من إساءات على مَرِّ التاريخ.* ذي القعدة/ 1443هـ.



جمع وإعداد منصور علي عبد السلام محمد وفقه الله وإياكم لصالح الأعمال وتقبل منه ومنكم.


الحمد لله ذي القُدرة القاهرةْ، والآياتِ الباهرةْ، والْآلَاءِ الظاهرةْ، والنِّعَمِ المُتَظَاهرةْ، حَمْدًا يُؤْذِنُ بمزيدِ نِعَمِهْ، ويكون حِصْنًا مانعًا مِن نِقَمِهْ، القائل سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} التوبة (61). والقائل سبحانه {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} التوبة (32).

وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، شهادةً أثقل بها عند الجزاء الميزان، يوم وقوفي بين يدي الله الملك الديان.

أنا مَنْ أنا؟

قريحُ القلبِ من وجَعِ الذنوبِ ... نحيلُ الجِسْمِ يشهَـقُ بالنحيبِ
أضَــــرَّ بجسمِهِ سَهَرُ الليالي ... فصارَ الجِسْمُ منْــهُ كالقضيبِ
وغيَّــرَ لونَهُ خَــــــوفٌ شديدٌ ... لِما يلقاهُ من طُـــولِ الكُـروبِ
ينادي بالتضــــــرُّعِ يا إلهي ... أقِلني عَثْرتي واسْتُر عُيُــوبي
فزِعتُ إلى الخلائِقِ مستغيثًا ... فلم أَرَ في الخلائقِ من مُجيبِ
وأنتَ تُجيبُ من يدعُوكَ ربِّي ... وتكشِفُ ضُرَّ عبدِكَ يا حبيبي
ودائي باطــــــنٌ ولَديْك طِبٌّ ... فمَــنْ لي مثلُ طِبِّك يا طَبيبي

وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا وحبيبنا وخليلنا وشفيعنا وقدوتنا وأسوتنا محمدًا رسول الله الذي كان لظلامنا بإذن الله ضياء، ولأبصارنا جلاء، جاءنا على حين فتْرة من الرُّسلْ، وانْطِمَاسٍ من السُّبُلْ، فَجَلَى المُبْهَمَاتْ، وكَشَفَ الغَيَاهِبَ والظُّلماتْ، وجاء من عند ربِّهِ بكتابٍ مُعْجِزِ الآياتْ، واضحِ البيناتْ.

مُحَمَّــــدٌ صَفـــوَةُ البـــاري وَرَحمَتُهُ وَبُغيَةُ اللَهِ مِــن خَلـقٍ وَمِـــن نَسَــــمِ
وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ مَتى الوُرودُ وَجِبريـلُ الأَمينُ ظَمِي
فَــــاقَ البُــــــدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ بِالخُلقِ والخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضَــــى لا تَمُرُّ بِهِمْ إِلّا عَلى صَنَـــمٍ قَـــد هـــامَ في صَنَمِ
وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَــوراً مُسَخَّــــرَةٌ لِكُــــلِّ طــاغِيَــةٍ في الخَـــلقِ مُحتَكِمِ
اللهم فصلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وصَحابته الأخيار، والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وصيتي لنفسي وإياكم يا عباد الله بتقوى الله، فاتقوا الله وخافوه وراقبوه، ولْنعلمْ جميعا علم يقين أننا جميعا بين يَدَيْ ربنا موقوفون، وعلى أعمالنا محاسبون، وعلى تفريطنا نادمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

اللهم ارْفَعْ حِجابَ الغَفلةِ عن قلوبِنا، وارْفَع الشُّرُودَ مِن أَذْهَانِنا، وارْفَع النُّعَاسَ وَقْتَ الخُطبةِ مِن أَعْيُنِنَا، واجعلنا جميعا مع الذكرى مِمَّنْ كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد:

أما بعد: فيا معاشر الإخوة المؤمنون:
موضوع خطبتنا في هذا اليوم المبارك حول ما تعرض له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من إساءات ومؤامرات على مَرِّ التاريخ، وكيف يعصمه ويحفظه الله منها؟

فإنَّ ما يتعرض له رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من إساءات من قِبَلِ عُبَّادِ الأوثان والأبقار والأرجاس والأنجاس ليس بجديدٍ كما يجري في هذه الأيام وغيرها، ولكنه قديمٌ بقِدَمِ الحقد الذي يسكن قلوب هؤلاء الكافرين على خير الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم.

إنَّ الله سبحانه وتعالى قال مخاطبًا نبيَّه وحبيبَه صلى الله عليه وسلم: { والله يعْصِمُك من الناس}، وقال: { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} وقال: { إنَّا كفيناكَ المُسْتَهْزِئين}.
وهذا من المعجزات.
فقد قال الإمام المفسر البغوي في قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}: أي: يكفيك شر اليهود والنصارى.. وقد كُفِيَ بإجلاء بني النظير وقتْل بني قريظة وضرْب الجزية على اليهود والنصارى، وهذا إخبار من الله عن الغيب فيكون معجزًا دالاً على صدقه حيث وقع طبق ما أخبر بأَنْ كفى الله نبيَّه من شرور الكائدين له.

فمن الأحداث والمكائد التي حِيكَتْ ضدَّ النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه:


*ما كان في مرحلة طفولته.*
وذلك عندما سافر النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب في تجارة له إلى الشام، فلما كانوا في الطريق دعاهم بَحيرى الراهب. فلما عرَفَ الراهب بَحيرَى بأن محمداً هو النبي الذي يجدونه في كتابهم بنَعتِهِ وصفاته، التفت بَحيرَى إلى أبي طالبٍ وقال له: ارْجِعْ بِابْنِ أَخِيكَ إلَى بَلَدِهِ، وَاحْذَرْ عَلَيْهِ يهود، فو الله لَئِنْ رَأَوْهُ وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا عَرَفْتُ لَيَبْغُنَّهُ شَرًّا، أي: سيقتلونه، ثم قال له: فَإِنَّهُ كَائِنٌ لَابْنِ أَخِيكَ هَذَا شَأْنٌ عَظِيمٌ، فَأَسْرِعْ بِهِ إلَى بِلَادِهِ.
فَخَرَجَ بِهِ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ سَرِيعًا حَتَّى أَقْدَمَهُ مَكَّةَ حَيْنَ فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ بِالشَّامِ.
ثم قال ابن هشام في سيرته: أنَّ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وهم زُرَيْرٌ وَتَمَّامٌ وَدَرِيسٌ، ، قَدْ كَانُوا رَأَوْا من رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا رَآهُ بَحِيرَى فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، الَّذِي كَانَ فِيهِ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَرَادُوهُ فَرَدَّهُمْ عَنْهُ بَحِيرَى، وَذَكَّرَهُمْ اللَّهَ، أي: خَوَّفهم بالله، وَمَا يَجِدُونَ فِي الْكِتَابِ مِنْ ذِكْرِ النبيِّ وَصِفَتِهِ، وَأَنَّهُمْ إنْ أَجْمَعُوا لِمَا أَرَادُوا بِهِ لَمْ يَخْلُصُوا إلَيْهِ، أي: لن يقدروا عليه؛ لأنَّ الله سيحفظه منهم.
وَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ بَحيرى حَتَّى عَرَفُوا مَا قَالَ لَهُمْ، وَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ، فَتَرَكُوهُ وَانْصَرَفُوا عَنْهُ. (1).


ومن هذه المكائد التي كادها أعداؤه فحفظه الله وعصمه. *ما تعرَّض له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في مكة من تكذيب وإساءات* ومن شتمٍ وقذْفٍ له بأشنع ما يمتلكونه من سوء البضاعة، وفي النهاية توصلوا إلى المؤامرة الخسيسة الكبرى التي يقول الله عنها: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (30).


ومن هذه المكائد التي كادها أعداؤه فحفظه الله وعصمه.

*ما كان سببَا لغزوة بني النظير.*

وذلك أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُمْ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ ذَيْنِكَ الْقَتِيلَيْنِ بحسب الاتفاقية التي جرَتْ بين المسلمين وبين اليهود بالتعاون فيما بين الطرفين إذا حدث حادثٌ على أيِّ طرفٍ فعلى الطرف الآخر أن يعين الطرف الأول.
فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينهم، قَالُوا نَعَمْ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ، نُعِينُكَ عَلَى مَا أَحْبَبْتَ، مِمَّا اسْتَعَنْتَ بِنَا عَلَيْهِ. ثُمَّ خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ، فَقَالُوا: إنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا الرَّجُلَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ هَذِهِ، أي: أنهم رأوها فرصةً للغدر بالنبي صلى الله عليه وسلم- وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى جَنْبِ جِدَارٍ مِنْ بُيُوتِهِمْ قَاعِدٌ.
فقال اليهود لبعضهم البعض: مَنْ رَجُلٌ يَعْلُو عَلَى هَذَا الْبَيْتِ، فَيُلْقِي عَلَيْهِ صَخْرَةً، فَيُرِيحُنَا مِنْهُ؟
فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ عَمْرُو بْنُ جَحَّاشِ بْنِ كَعْبٍ، أَحَدُهُمْ، فَقَالَ: أَنَا لِذَلِكَ، فَصَعِدَ لِيُلْقِيَ عَلَيْهِ صَخْرَةً كَمَا قَالَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.
ولكنَّ الله كشَف نيَّتَهم الخبيثة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ مِنْ السَّمَاءِ بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ، فَقَامَ وَخَرَجَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ.
ثم أَقْبَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى انْتَهَوْا إلَيْهِ فَأَخْبَرَهُمْ الْخَبَرَ، بِمَا كَانَتْ الْيَهُودُ أَرَادَتْ مِنْ الْغَدْرِ بِهِ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّهَيُّؤِ لِحَرْبِهِمْ، وَالسَّيْرِ إلَيْهِمْ.

ومن هذه المكائد التي كادها أعداؤه فحفظه الله وعصمه.

*تعرضه للسُّم في الطعام.*

وذلك في شهر المحرم من السنة السابعة من الهجرة" .. أَرْسَلَتْ إحدى اليهوديات واسْمُها زينب بنت الحارث ذراعَ شاةٍ مشْويةٍ إلى النّبي صلى الله عليه وسلم ووضعتْ فيها السمَّ فلما وضَعَتْهُ بين يَدَيِ النبي صلى الله عليه وسلم أكَلَ لقمة ثمّ لَفَظَها "أي أخرجها"، وقال: "إنَّ هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة" .. وكان معه بِشْرُ بن البراء .. فأكل بِشْرٌ من اللحم قبل أن يخبر النبي عليه الصلاة والسلام بوجود السم، فمات بِشْرٌ متأثراً بالسم.
*وهؤلاء شعراءُ المشركين* كانوا يتعرضون لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالإساءة عن طريق السَّفَهِ في شعرهم، فكان ينافح عنه الشاعر حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يُؤَيِّدُهُ روحُ القدس جبريلُ عليه السلام كما أخبره عليه الصلاة والسلام، فقد كان حسان رضي الله عنه يَرُدُّ على مَن يهجو رسول الله، فكان مما قَالَه:

هجوتَ محمداً، فأجبتُ عنهُ وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ
أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ
هجوتَ مباركاً، بَراً، حنيفاً أمينَ اللهِ، شيمتهُ الوفاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ ويمدحهُ، وينصرهُ سواءُ
فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ


*مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟*
أورد الإمام أحمد وغيره بإسنادٍ صحيح عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَارِبَ خَصَفَةَ، فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً، فَجَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان السيف في يد المشرك يريد قتْل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ مخاطبًا رسول الله: " مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فقَالَ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُ» فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ عَنِّي؟» قَالَ: كُنْ خَيْرَ آخِذٍ، قَالَ له النبي عليه الصلاة والسلام: «اشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ» قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونُ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَرَجَعَ، فَقَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

*الخطبة الثانية*
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ اللهِ ورسولُه، خَيْرُ نبيٍّ أرْسَلَه. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وصيتي لنفسي وإياكم يا عبادَ الله بتقوى الله وطاعته، فاتقوا الله وخافوه راقبوه. أما بعد: فمتابعةً لموضوع هذا اليوم: " حول ما تعرض له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من إساءات ومؤامرات على مر التاريخ، وكيف عصمه الله منها؟"


*التَّعَرُّض لجثته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.*

ذكر صاحب كتاب خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى لعلي بن عبد الله السَّمْهُودِي المتوفَّى سنة 911هـــ: أَن السُّلْطَان نور الدين مَحْمُودا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عام 553هــ وتكررت الرؤيا ثَلَاث مَرَّات فِي لَيْلَة وَاحِدَة، رأى النبيَّ الكريم وَهُوَ يَقُول لَهُ فِي كل وَاحِدَة مِنْهَا وقد أشار إلى رجلين: يَا مَحْمُود أنْقِذْنِي من هذَيْن الشخصين الأَشْقَرَين.
فَاسْتَحْضر السلطان وزيره قبل الصُّبْح فَذكَر لَهُ ذَلِك فَقَالَ: هَذَا أَمرٌ حدَثَ بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ لَهُ غَيْرك.
فتَجهز السلطان وَخَرَج على عَجَل، حَتَّى دخل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة على غَفلَةٍ من أَهلهَا، وزار وَجلسَ فِي الْمَسْجِد لَا يدْرِي مَا يصنع؟
فَقَالَ لَهُ وزيره: هل تَعْرِفُ الشخصين إِذا رأيتَهُمَا؟ قَالَ: نعم، فَأمره بِالصَّدَقَةِ وَطلب النَّاس عَامَّة وَفرَّق عَلَيْهِم ذَهَبا وَفِضة، وَقَالَ: لَا يبْقى أحدٌ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا جَاءَ، فَلم يبْقَ إِلَّا رجلَيْنِ مُهَاجِرين من أهل الأندلس نازِلَينِ فِي النَّاحِيَة الَّتِي تلِي قبْلَة حُجْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَارج الْمَسْجِد عِنْد دَار آل عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ، فطلبهما السلطان للصدقة فامْتَنَعَا، فَجَدَّ فِي طلبِهما، فَجِيءَ بِهِمَا فَلَمَّا رآهما، قَالَ: هما هَذَانِ، فَسَأَلَهُمَا عَن حَالهمَا، فَقَالَا: جِئْنَا للمُجَاوَرَة، فَقَالَ: اصْدُقَانِي، وتكرر السُّؤَال حَتَّى أفْضى إِلَى معاقَبَتِهما، فاعتَرَفَا أَنَّهُمَا من النَّصَارَى، وأنهما وصَلا لكَي يأخذا الْجَسَدَ النبوي الطاهر إلى بلدهما بِاتِّفَاقٍ من مُلوكِهما، ووجدوهما قد حَفَرَا نَقْباً تَحتَ الأَرْض من تَحت
حَائِط الْمَسْجِد القِبلي، وهما قاصدان إِلَى جِهَة الْحُجْرَة الشَّرِيفَة، ويجعلان التُّرَاب فِي بِئْر عِنْدهمَا فِي الْبَيْت الَّذِي هما فِيهِ.
فَضرب السلطان أعناقهما، ثمَّ أُحْرِقَا آخر النَّهَار.
ثم أَمَرَ بإحضارِ رصاصٍ عظيم، وحفر خندقًا عظيما حول الحجرة الشريفة كلها وأذيب ذلك الرصاص ومُلِئَ به الخندق فصار حول الحجرة الشريفة كلها سورًا من رصاص(2).

*تَبَّتْ يدا كُلِّ من حاول الكيد.*

وخابت مساعي الفاشلين.
فَشُلَّتْ يدٌ تعرَّضَتْ لكمْ يا رسولَ اللهِ، وقُطعَ لسانٌ ولغَ في عِرْضِكم، وكُسرَ قلمٌ تحرَّكَ في همْزكم، وشُجَّ رأسٌ ابتدعَ لَمْزَكم! فمن يسيء في حقكم إلا ممن خِيطَ بجوفهم الكفرُ والنفاقُ، واحتواهم الحقدُ والحسدُ، وثقفوا الإرهابَ والظلمَ، وأتقنوا الكذبَ والإفكَ.
فهمْ لا يعرفونَ عظيمَ الخليقةِ، وأستاذَ الإنسانيةِ، فهم مساكينُ، بل ملاعين، قدْ أشغَلَهُم عن تسريحِ النظرِ في سيرةِ منقذِ البشريةِ - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ - تسريحُ النظرِ في الفروجِ والصدورِ.

مساكينُ قدْ ألهاهم عن اتِّباعِ سنةِ سيدِ الأمةِ وخاتمِ النبوةِ اتباعُ أهوائِهم وفروجِهم وبطونِهم! مساكينُ كيفَ يعرفونَ نبينا محمداً - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ - وهمْ رؤوسٌ قدْ تمكنتْ منها الخمورُ فجَعَلَتْهَا أذناباً! أكلةُ الخنازيرِ والرِّبا، وعبادُ الصليبِ والأوثانِ، ومدْمني المسكراتِ والمخدراتِ أهلُ النجاسةِ والرجاسةِ!

مساكينُ لا يعرفونَ الطهارةَ، لأنهم لم يعرفوا إمامَ الطاهرينَ - صلى الله ُ عليه وسلمَ.

مساكينُ لا يؤمنونَ باللهِ رباً خالقاً رحيماً، ولا بمحمدٍ نبياً ورسولا هادياً.

مساكينُ لم يدخلوا جنةَ الدنيا بحبَّ سيدِ العالمِ، وسلوكِ سُنَنِهِ، وإقامةِ شعائرِ دينهِ وشرائعهِ التي توجبُ جنةّ الآخرةِ!
مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ، وهو الذي أُرسلَ محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمةً وغيثاً منْ اللهِ - سبحانهُ وتعالى.

مساكينُ ما قدَرُوهُ حقَّ قدرهِ، وهو أفضلُ الرسلِ وخاتمهم، وآخرُ الأنبياءِ في الدنيا وأوَّلُهمْ في الآخرةِ، وأثقلُهمْ عندَ اللهِ ميزاناً، وأوضحُهمْ حجةً وبرهاناً.

مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ، وهو ناقلُ الناسِ من طاعةِ العبادِ إلى طاعةِ ربَّ العبادِ.
مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ، وهو كاشفُ الغمةِ عنِ الأمةِ، المتكلمُ بالحكمةِ.

*عباد الله* :عندما ذَلَّ المسلمون وأصبحوا في ذَيْلِ القافلة ، أُهِينَ دِينُهُم.
عندما ترك المسلمون دينَهم وأعزُّوا الدرهمَ والدينار أُهِينَتْ عقيدتُهم. عندما عظَّم المسلمون الفنانين والفنانات، والمُمَثِّلينَ والمُمَثِّلات، الأحياء منهم والأموات، وما عظَّمُوا دينهم وعُلَماءَهم وصَالِحِيهِمْ حاولَ أهلُ الكفر والإلحاد إلحاق الإهانة بِنَبِيِّهم صلى الله عليه وسلم.
ولكنه صلى الله عليه وسلم عالي القدر، عظيم المنزلة، كريم الأصل، ومهما فعلوا فلن يزداد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مكانةً وعظمَةً ومنزلة.

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه عموما بقول الله عز وجل: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.
اللهم صل وسلم وبارك وشرِّفْ وكرِّمْ بجلالك وجمالك على أشرف وأرقى وأتقى وأنقى مخلوقاتك سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغُرِّ الميامين، خصوصاً على أجَلِّهم قَدْرا ، وأرْفعِهم ذكرا، ذوي القَدْرِ الْجَلِي ، والمقام العَلِي، ساداتنا وأئمتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سيدَيْ شباب أهل الجنة في الجنة، ورَيْحانَتَي النبيِّ بِنَصِّ السُّنَّة، أبي محمد الحسن، وأبي عبد الله الحسين، وعن أمِّهما فاطمةَ الزهراء، وخديجةَ الكبرى، وعائشةَ الرضا، وعن سائر أزواج النبيِّ المصطفى، وعن التابعين وتابعيهم ونحن معهم وفيهم برحمةٍ منك يا ذا الجلال والإكرام. الدعاء.............
المراجع:
القرآن الكريم. كتب الحديث الشريف.
بعض الكتب الدعوية.
(1) سيرة ابن هشام.
(2) كتاب خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى لعلي بن عبد الله الحسني السمهودي المتوفي سنة 911هـــ الباب الرابع" الفصل الثاني عشر " في العمارة المتجدّدة بالحجرة الشريفة.
والقصة كذلك في كتاب تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة لابن الضياء المتوفى 854.
وقد ذكر هذه القصة ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" ونقلها عنه ابن الجزري في تاريخه ونقلها تقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاسي في كتابه "العقد الثمين، في تاريخ البلد الأمين" عن الجزري، وذكرها أيضًا النجم عمر بن فهد في كتابه «إتحاف الورى، بأخبار أم القرى» وذكرها أيضًا السمهودي في كتابه «وفاء الوفاء، بأخبار دار المصطفى»

والقصة كذلك في كتاب الرؤيا للتويجري.
وقد ذكرْنا هذه المراجع للقصة لوجود من ينكرها بحجة أنها لم تَرِدْ في بقية الكتب المهتمة بحياة نور الدين الشهيد، فربما لم تَصِلْهُمْ والقاعدة الشرعية تنص بأن من يعلم حُجة على من لم يعلم.

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
*على الآباء والشباب وكل من في قلبه غيره أن يقرأوا هذه الخطبة المؤثرة*

👇👇👇👇👇👇

خطبة الجمعة
🚭🚭🚭♨️🚭🚭🚭
*ماذا فعل الشبو بشبابنا*
🚭🚭🚭♨️🚭🚭🚭
التاريـخ : ٢٦ / ١٠ / ١٤٤٣ هـ
الموافق : ٢٧ / ٥ / ٢٠٢٢م
=================
*الخطبة الأولى:*

الحمدلله الذي أحل الطيبات، وحرمَ الخبائث، القائل في مُحكمِ كتابهِ العزيز: {يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}، والصلاةُ والسلامُ على الرحمةِ المهداة، والنعمةِ المسداة، محمد بنُ عبدِ الله، الذي ما مِن خَيرٍ إلا دعا أمتَهُ إليه، وما مِن شرٍ إلا حذرَها منهُ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله وأطيعوه، القائل سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَـمُونَ} ..
أيها الأحبابُ الكرام: خطبتنا اليوم تحملُ عنوان: (ماذا فعلَ الشَّبُو بِشبابِنا) !
فماهو الشبو ياعباد الله ؟
إنه مخدرٌ قاتل، مُنتَجٌ كيميائيٌّ لا رائحةَ لهُ، مُرَّ المَذَاق، أشبهُ بِقِطَعِ الزجاجِ أو الكريستال المُكَسر، وهو من أصلٍ غيرِ نباتيٍّ، تَـفُوقُ خُطورَتُهُ جميعَ أصنافِ المَوَاد المُخَدِّرة، بما في ذلك الهِيروِين، هذا المخدر الخطير ينتشرُ انتشارًا مُخيفًا في محافظةِ حضرموت، (تعاطيًا و صناعةً وترويجًا).
وكما نعلمُ جميعا بأن نصوص الكتاب والسنة تحرم الخمر، ومالحق بها من مخدرات، فكل مُسكرٍ حرام، ونحن متفقين جميعًا على هذا التحريم، ولسننا بصدد نشر الأدلة على ذلك التحريم، لأنها معلومة من الدين بالضرورة .. لذا فأرعوني أسماعكُم وقلوبكم، لنقف معا على تلك الحقائق من الواقع، تأملوا معي ابتداءً حجمَ انتشار الشبو، إنه مُنتَشِرٌ في كلِ مديريةٍ من مديريات الوادي بشكلٍ كبير، بِحَسَبِ الإحصائية الأولية مِن مستشفى مُعالَجَةِ الإدمان في الوادي .. تأملوا معي رعاكم الله، بينما تَـمتَلِئُ سُجُونِ أجهزةِ مُكافحةِ المخدرات بالمتعاطين والمُرَوجينَ للشبو، تُسَجِّلُ مستشفى النُهى للطبِ النفسي بالغُرَف كلَّ يومٍ من حالتين إلى أربع حالاتٍ جديدةٍ مُصابة، هذا الذي يُكـتَشَفُ ويَذهَبُ للعلاج، وخطورةُ الأمرِ ستزدادُ في ذِهنِك إذا عَرَفتَ أن أكبر دولةٍ في العالم تصنعُ الشبوَ النقي هي إيران، وهذا يتطلبُ العمل بأعلى مستوياتِ الطاقة لمنعِ عُبُـورهِ عبرَ بِلادِنا للبلدانِ المُجاوِرة، أو انتشارهِ عندنا، فهل قامت الأجهزة المعنية بهذا الدور ! نعم يستطيعون من خلال التحقيقات الجادة مع بعضِ مَن قُبِضَ عليهم متلبسينَ بترويجِهِ أو تَعَاطِيهِ أن يَصِلُوا إلى خطوطِ الشبكات الإرهابية التي تسعى لتدميرِ مجتمعاتِنا من خلال اليقظة الأمنية، ثم من خلال التعاون مع الجهات الإقليمية المجاورة لنا، فهل قاموا بواجِبِهم ! تجاهَ هذه الظاهرة ! للأسف:
وكما أفاد مديرُ مُكافحةِ المخدرات بالوادي .. قائلًا: ليس لدينا إمكانياتٍ كافيةٍ لنتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة، صرفوا لنا سيارة تكسي فقط .. فكيف سنقتحمُ بهذا التكسي من معهم شاصاتٍ .. صرفوا لنا مسدسات، فكيف سنواجِهُ بها مَن معهم مُعَدلاتٍ وأسلحةٍ ثقيلة، نعوذ بالله أن نصل لهذا العجز، ويُتَخَطفُ شبابُنا من أيدينا ونحن ننظُر، نريدُ إمكانياتٍ كبيرةٍ أيها الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية، نريد شباب أبطال شجعان يَتَصَدَّون لأمثالِ هؤلاء، ويَلبَسونَ سِدرَةِ حفظِ الأمن للمجتمع والدِّينِ والعِرض والعقلِ والمال، نريد تدريبًا مُكثفًا حتى لاتبقى لِخِططهِم ومكائدِهم وحِيَلهِم قدرةً على تنفيذِها، هذا واجِبَنا تجاهَ انتشاره ..
هذا الشبو كَونَهُ مُنتَجًا كيميائيًا هذا يَزيدُ الأمرَ خطورة، فهو أخطر من كل المُخدَّرَات النباتية، يُصَنَّع كيميائيا تمامًا، وهذا يَزيدُ خطورةً لأنه ممكن يُصَنَّع أو يُحَضَّر في بلادِنا دون حاجةٍ إلى سفرٍ أو لاستيرادِهِ أو تهريبه، منتجٌ كيميائي يُصابُ مُتعاطيهِ بالسلوك العُدواني والرغبة الشديدة في رؤية الدم، سُجِلت كثيرٌ من الحالات التي يَهجُم بِـعُنفٍ متعاطي الشبو على البيوت المجاورة، ويدخُلَها بثقةٍ، ويتجهُ إلى نسائهم، فإنْ مَنَعَهُ أحدٌ تَعَامَلَ معهُ بِعُنفٍ، قائلًا: لماذا تمنَعُني أن أفعلَ ما أشاء، وكأنَّ الأمرَ لهُ، وكأن البيتَ بيتَهُ، وكأن أختَكَ زوجَتَه، لايَتَصَور غيرَ ذلك، ولا يرتدع في أحيانًـا كثيرة إلا قاتل أو مقتول كما ذكر ذلك الأخصائي النفسي وذَكَرت شرطة المكافحة، الأمرُ الذي جعلَ بعضُ أهلِ البيوت في محلِ الإنتشار لايَذهبونَ لِعَملِهم، بل يَبقَونَ في بُيوتِهم ليلًا ونهارًا لِحراستِها خوفًا من أن يَقتَحِمَ في لحظةٍ عليهم أحَدُ متعاطي الشبو، حفِظَ اللهُ مجتمعاتِنا ونسائِنا، وقاتلَ اللهُ الشبو ..

*ماذا فعل بشبابنا ؟*
*الورقة الأولى: الإستهدافُ الحالي والقادم أين يَتجِهُ حتى نُواجِه !!*
غالب المتعاطين بِحَسَبِ شهادةِ أطباءِ الإدمان بالوادي مِن سن ثمانيةَ عشر إلى خمس وعشرين سنة، بحَسَبِ كشوفاتِ مستشفيات الإدمان، لكن شَهِدَتِ الفترة الأخيرة بحسب تصريحات مديرُ المَهَام والمُدَاهمات باحدى إداراتِ مكافحةِ المخدرات بالساحل استهدافًا جديدًا لأولادِ الصف الثامن والتاسع والثانوية العامة، وللإناث، وبدأت حالاتِ الإصابة في البنات تزدادُ بحسب استطلاعِ مستشفى الإدمان بالغُرف الذين أفادوا بأن عندَهم مُتَعالِجات من الإناث، وأفادت إدارةُ مُكافحةِ المُخدرات بأنهم قَبَضوا على إناثٍ يَـتَعَاطَين المُخدرات، فيَجبُ علينا أن نكونَ على وعيٍ تام، اللهم سلم شبابنا و فتياتنا .. وقاتلَ اللهُ الشبو، ماذا فعل بشبابنا وفتياتِنا، ولكم أن تُدرِكُوا حَجمَ هذا الإستهداف إذا قرأتُ عليكم هذه العناوين:
شابٌ مُتعاطي للشبو في إحدى مديريات الساحل قتلَ والِدَهُ طعـنًا بالسكين، وهو خارجٌ إلى صلاة الفجر .. وآخر بمديريةٍ أخرى، أراد أن يفعل الفاحشة مع أخته فلما أفاقَ وأخبَروهُ، صار في حالةٍ من الهلوسةِ والعزلةِ لاتنقطعُ أبدًا، أعتذِر أيها الأخوة عن ذِكرِ التفاصيل، فبعضُها مؤلمٌ جدًا على قلوبِكم ..
إن الواجبَ علينا كدعاةٍ ومربين ومصلحين أن نقوم بواجِبِنا بتوعيةِ الجهات التي عرفنا الآنَ أنه بدأ استهدافُها، التوعية في المدارس الثانوية، وخصوصًا في مدارس الإناث، حتى نسبِقُهُم قبلَ أن يَسبِقُونا، دَعُونا نُدرِك كيف يَبدَأ أول متعاطي في أولِ جُرعةِ تَعَاطِي، نعم كيف يُطيعونَهم، قالوا في الغالب يأتي الإقناع بحجةِ تقويةِ الأجهزة الجنسية، انتبهوا من أينَ يَدخلونَ عليهم حتى تُـنَـبِّهوا مَن هو مُستَهدَفٌ بهذا، نعم يُنشطُ تنشيطًا قويًا .. لكن لفترةٍ قليلةٍ ثم يبدأ يُدَمِّرُ الأجهزة الجنسية، يدخلون بحجةِ: تقويةِ الذاكرة والحفظ، وبِحُجةِ الهُروب من الهموم والآلام، ثم يأتِ هذا الشبو لِيُدمِّرَ الجهاز العصبي بالكامل ..

*الورقة الثانية: ماخطورة هذا الشبو؟!*
أكبر خطورة لهذا الشبو أن الإدمان عليه يَحصُل مِن أولِ مرةِ تعاطي، ثم يبدأ بعدها بالتعاطي القهري، وهذا مالا يَفعلُه أيَّ مُخَدِّرٍ آخَر، عشرة (١٠) مليجرام كافية لإثارةِ الجهاز العصبي (المَرْكِز)، وجرام واحد من الشبو هي الجرعة السامة المُمِيتَة، فكيف إذا علِمتَ أن قيمةَ مِلئَ غطاءِ قارورةِ ماء الصحة من الشبو تتراوح قيمتهُ من ١٠٠ إلى ٥٠٠ ريال سعودي، في المهرة ب ١٠٠ وفي الساحل بـ١٥٠ وفي الوادي بـ ٢٠٠ ، لتعلم أن الموت بالشبو لايحتاجُ لدفع مبلغٍ كبير، حفظ الله أولادَنا وقاتلَ الله الشبو، ماذا فعلَ بشبابنا، يدمر خلايا المخ وجهاز المناعة سريعًا، يتخلص من عقلِك ومن مقاومَتِك، ثم يسبب نزيف الدماء والسكتات الدماغية والقلبية المفاجئة، بل تبقى أعراض الهلوسة والسلوك غيرِ المُنَظَّم حتى بعدَ التوقف منهُ لأشهرٍ وسنوات.
اسمحوا لي أن أروي لكم هذه القصة المؤلمة، ولكم أن تحكموا وأنتم تستمعون لها .. حصلت قبل أيامٍ قريبةٍ في إحدى مديريات هذه المحافظة، لا إله إلا الله كيف صار حالُنا .. كان من تلاميذ المدارس النظامية ومن طلاب حِلَقِ القرآن تَعَرَّفَ على شِلَّةِ قات، ترك المسجد، أدمَنَ على المُخدرات، وإلى هنا فالأمرُ قد يُرجى منهُ خير وتوبة ورجوع، إلى أن تعرَّفَ على الشبو، الذي دمَّرَ كلَّ مابقيَ مِن حياتِه، كان أصغرَ إخوانِه، كانت أمُهُ تُحِبُّهُ، وتَمنَعُ أحدًا مِن إخوانهِ أن يَضرِبَه، وفي ليلةٍ مؤلمةٍ بعد صلاةِ العشاء دخل على أمهِ، طلب منها مالًا، فلم تُعطهِ شيئًا، وكان مفعول الشبو في وقتِها، ياقاتل يامقتول، يَسعَد برؤيةِ الدم، لكن كانت هذه المرة هي دماء أمِه، ذهب إلى المطبخ وتناولَ سكينًا، طعنها في ظهرها عشرينَ طعنةٍ، نزفت الأم، ماتت الأم، إنكسر السكين في ظهرها، ذهب وجاء بِسِكينةٍ أخرى ثم قلبها من على ظهرها وهي ميتة وطعنها ستة عشرة طعنة، ستة وثلاثون طعنةً عدَّها المُحَـققون، كانت في ظهر وبطنِ أمهِ المسكينة، هذا يَكفينا من القصة، وبعد انتهاءِ العَزاء، لم يكن مُصَدِّق أنهُ هو الذي قتلَ أمهُ وطَعَنَها ستًا وثلاثينَ طعنة، لاحول ولاقوة إلا بالله .. استدعت جارتُهم أحَدَ إخوتهِ، وقالت هذه أمانةٌ تَرَكَتها عندي أمُّكُم، مبلغٌ كانت تجمعُهُ لِزَواجِ ابنها، و لما عَدَّها أدركَ أن أمهُ قد انتهت مِن جمعِ مهرِ أخيهمُ القاتل، تريد تُزَوجهُ وتفرحُ به، فلم تفرح بِزَواجِه، بل أبكى الجميع قتلها بيدِه ..
حفظ الله شبابَنا وأمهاتِنا، وقاتلَ الله الشبو، ماذا فعل بشبابنا، وهو الآنَ قابعٌ في أحد السجون المركزية، أشبه بالمجنون !!
مِن واجِبِنا -معاشرَ الأخيار- أن ننشرَ هذه الأحداث، وهذه القَصص، نُوَعِّي الشباب، نوضح لهم ماذا يفعل الشبو، وكيف أنهم يُصبحون أسوأ حالًا من المجانين ..
*الورقة الثالثة: كيف أعرف أن ابني أو أخي يتعاطى الشبو؟!*
أغلب طرق تعاطيه بطريق الإستنشاق، ركزوا معي، توضع قطعتانِ صغيرتان منه في أنبوبٍ زجاجي، لذا سمعنا قبلَ أيامٍ بِسَرَقةِ أنابيبِ التحليل من مختبرات احدى مستشفيات الوادي، وهذا يَدُلُّ على انتشارِ الشبو في تلك المنطقة بشكلٍ كبير، سرقوا أنابيبِ التحليل، أنابيبٌ لِعلاجِ الناس جعلوها لِغَرَضِهم، ثم يُشعِلُ أسفلَ الأنبوبِ نارًا، مِن ولاعةٍ أو غيرها، ثم يبدأ باستنشاقِ دُخانٍ عبرَ أنبوبِ الاستنشاق.
*أيها الأب .. أيها الأخ:*
إذا رأيتما مع الابن هذه الأشياء: قِطَعٌ كالزجاج، أنابيبُ تحليلٍ، ولاعاتٍ ذاتَ لَهَبٍ كبير، أنابيبُ شفطٍ، فقد يكون ممن يتعاطى الشبو، فبادروا بانقاذِه، هذه الطريقة المشهورة عالميًا، لكن هناك طريقة أخرى استحدثها شبابُنا يتعاطَونَ بها الشبو ، يَضَعُ قِطعِ الشبو مع (المُضغَة) تعاطي جديد، بطريقةٍ تقليدية، لمَّا تراهُ تَضُنُّهُ يَمضَغ، وهو يتعاطى هذا المخدر الخطير، تأليفٌ مُبتَكَر لشبابِ بلادِنا الضائع، بعد التعاطي مباشرةً يبدأُ في تَـعَرُّقٍ شديدٍ جدًا، ولا غَرو أن نسمَـعَ قبلَ أيامٍ عن سبعةٍ مِن شبابِنا في مديريةٍ من مديرياتِ الوادي، قد لاتبعُد من سيئون نصفَ ساعةٍ، خرجوا للشارع يتمشون وهم عُراةً تمامًا ، نسأل الله السلامة، بعد التعاطي يتعرض لِتَعَرُّقٍ شديدٍ جدًا، ثم يَدخُل بعدَ ذلك في حالةٍ نَشِطةٍ جِدًا، حتى لايَكاد ينام لمدةِ يومينِ أو ثلاث أيام، صعوبةً في النوم، مع عصبيةٍ وغضب، مع حروقٍ في الشِفاة، وتكسرِ الأسنان، عندها أيها الأب قد تكون قد أدركتَ ابنك، لكن بعد أن تمكنَ الشبو منه، والله المستعان !

أقول قولي هذا ...........

*الخطبة الثانية :*
الحمدلله رب العالمين ......
عباد الله: اتقوا الله حق ...

*الورقة الرابعة والأخيرة:*
*هل يُعالَج المُدمِنُ من هذا الشبو؟* هل يُمكن علاجُه ؟
بحسب شهادةِ طبيب الإدمان المختص في مستشفى النهى للطب النفسي والإدمان بالغرف، فإن مدةَ علاج الإدمان منه، مِن خمسة إلى خمسةَ عشرَ يومًا، وذلك لِسحبِ المُخَدر من الجسم حَسَبَ خطةٍ علاجية، وبحسبِ كميةِ المخدر الموجود في الجسم، لكن مدة التأهيل النفسي والسلوكي قد تستمر من ثلاثة إلى ستة أشهر، ركزوا معي في التالي: تكلفةِ علاجِ المتعاطي الواحد في الشهر تصلُ إلى ألف دولار، ويفيد مدير المستشفى بأنه لا يستطيع أن يستقبل أحد إلا إذا وفرَ هذا المبلغ، لأن المُعَالَجَة تستنزفُ أموالًا كثيرة، في الشهر ألف دولار، (مايقارب المليون ريال يمني) في ستة أشهر قد تصل تكلفة معالجة متعاطٍ واحد من الشبو إلى (٢٢) اثنين وعشرين ألف ريال سعودي
تأمل معي: مع أن هذا المستشفى فتح أبوابَه قبل ثلاثةَ أشهرٍ فقط من الآن، إلا أن أسِرَّةَ المستشفى الوحيد عندنا في الوادي، ممتلئةً تمامًا، ولايوجد سرير شاغر لاستقبال حالةٍ واحدة !!
تأمل معي: المعالجة بالحبس في البيت دون تَدَخلِ طبيبٍ نفسي قد يؤدي بالمتعاطي المدمن إلى الموت، لابد من جُرَع علاج، لابد من سحب السم .. وقبل ذا وذاك احذر أيها الشاب أن تتناول من صاحبك مشروبًا أو مشمومًا لا تعرفه أو قرصًا أو حقنة لا تعرفها؛ فإن بعض الأصحاب شياطين في صورة بني آدم.
فاحذروا أيها الشباب، وبلّغوا عن كل من يتعاطى أو يُروج أو يبيع أو يصنع هذا السم القاتل؛ الذي يدمر الفرد والأسرة والمجتمع.

وعلى العلماء والدعاة والخطباء وأئمة المساجد والإدارات المدرسية والمعلمين ووسائل الإعلام توعيةُ المجتمع وتحذير الشباب من أضراره.
وعلى مكتب مكافحة المخدِّرات والأجهزة الأمنية والسلطة المحلية بذل قصارى جهودهم لحماية المجتمع من هذه الآفة؛ فهذه حربٌ على الإسلام، ومحاولةٍ لتدمير بلاد المسلمين.
وعلى جميع أفراد المجتمع وعلى رأسهم عُقَّال الحارات التعاون في هذا الباب مع الأجهزة الأمنية ومع العلماء والدعاة والمربين.
وبمعونةِ الله سبحانه ثم بتعاون الجميع سننتصر ونحفظ بلادنا وأولادنا من هذا الآفة الخطيرة.
ولا يُفلحُ الظالمون، والعاقبة للمتقين.
وأنتم أيها الآباء والإخوان انتبهوا لأبنائكم وإخوانكم ..
سائلين الله الكريم رب العرش العظيم أن يحفظ شبابنا وفتياتنا من هذه الأمراض .
هذا وصلوا وسلموا ........

اللهم أعز ..... وأذل ......
ودمر ..... واجعل ........
اللهم إنا نسألك في هذه اليوم وهذه الساعة الشريفة الكريمة أن تعافي أولادنا وبناتنا من هذا المخدر الخطير، اللهم ردهم إلينا سالمين، اللهم رد إليهم عقولهم، وسمعهم وأبصارهم، اللهم عافهم من هذا المخدر ومن أعراضه الإنسحابية، اللهم يارب العالمين احفظ أمننا وبلادنا وشبابنا ودعاتنا الذين يصدعون بالحق، من هؤلاء المجرمين، اللهم يارب العالمين احفظ شبابَ أجهزة مكافحةِ المخدرات والشبو، اللهم إنهم يُعَرضون حياتَهم للخطر وحياةَ أسرهم للقلق، اللهم كن لهم عونا ومعينًا، وناصرًا ونصيرًا، اللهم من أراد هذه الأمةَ بسوءٍ فاجعل كيده في نحره، واجعل هذه السهام في أبنائهم وفي أجسادهم،
2024/09/22 16:41:02
Back to Top
HTML Embed Code: