Telegram Web Link
فهذا اليوم يوم الذكر ، لا يوم اللهو👈هذا اليوم يوم الإحسان لا يوم الإساءة👈هذا اليوم يوم التعظيم لا يوم الإستهانة👈هذا يوم يوم الشُكر لله -عز وجل- قال الله تعالى : *وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ* يوم التكبير وبقية أيام التشريق: *وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُم* 👈هذا يوم تستشعر فيه القلوب المؤمنة بعظمة الله ، وعظمة نعمة الله، وعظمة كرم الله، -عز وجل- على العباد👈هذا يومٌ تحيا فيه افئدة الصالحين 👈هذا يومٌ تستشعر فيه القلوب تستشعر فيه القلوب عظمةٍ الذكر لله ،

فهل نحن نكبر الله على الحقيقة؟
هل من ينام عن صلاة الفجر؟ يكون مكبرا لله على الحقيقة هل من قطع أرحامه؟
يكون مكبر لله على الحقيقة
هل من ظلم العباد ؟
يكون مكبرا لله على التحقيق
هل من أفسد في البلاد؟
يكون مكبرا لله _عز وجل_ على التحقيق،
إن التكبير مقام من مقامات أهل الإيمان، وإنه من أعمال القلوب قبل أن يكون من أعمال الألسن _وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ_ أي لتعظموا الله.

وقال: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّر ﴾ أي عظم الله -عز وجل- حق التعظيم.

أيها الأحبة في الله:-
يقدم المسلمون في هذا اليوم قرابين لربهم -عز وجل- *وَلكِن يَنالُهُ التَّقوى مِنكُم* فعلينا أن نستشعر المقصد الأسمى من الأضاحيِّ وهو التقرب لله تعالى.

حتى يتقبل الله ، ولذلك من منن الله على الأمة المحمدية، أن الله سترهم ، ولم يفضحهم ، أن الله وضع عنهم الأصار فأنت اليوم تقدم قربانا لا يدري هل يتقبل منك أم لا ، لا يدري أحد هل تقبل الله منك هذا العمل أم لا ، وهذا نوع من الستر ،

بينما كانت الأمم الماضية من قبلنا يقربون القَرَّبين ، فإذا تقبل الله هذا القَرَّبان، نزلت من السماء ماء لتأكل هذا القَرَّبان وإذا لم يتقبل الله بقي القَرَّبان في مكانه ففضح الذي يتقرب *﴿ وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ ابنَي آدَمَ بِالحَقِّ إِذ قَرَّبا قُربانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِما وَلَم يُتَقَبَّل مِنَ الآخَرِ قالَ لَأَقتُلَنَّكَ﴾ [٥:٢٧] - المائدة*

الشاهد أيها الأحبة: علينا أن نستشعر تسخير الله -عز وجل- وستر الله -عز وجل- ورحمة الله -عز وجل- وشكر الله -عز وجل- وإحسان الله -عز وجل- وأن ينعكس ذلك واقعا في حياتنا وأن نبث الرحمة والإحسان والشكر في حياتنا حتى يتقبل الله منا صالح أعمالاً

أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يسلم الحجاج والمعتمرين.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا من عباده المؤمنين

نسأل الله أن يرزقنا الرحمة بالضعفاء والفقراء والمساكين، إنه على ذلك قادر، وصلى الله اللهم وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته وعلى آله وصحبة وسلم تسليماً كثيراً.

ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا
✺●═🍃🌸🍃═●✺
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
خطبتي القادمة مختصرة إن شاء الله بعنوان (( أحكام الأضحية وسنن العيد))

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صلي الله وسلم عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، معاشر المؤمنين عباد الله ، هانحن اليوم في يوم التاسع من شهر ذي الحجة ، يوم عرفة ، هذا اليوم العظيم ، الذي أكمَل الله فيه الدين ، وأتم علينا به النعمة ، وأنزل فيه قوله تعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي.وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا﴾ يوم عرفة ، الذي هو أساس الحج وركنه العظيم ، يوم عرفة ، الذي تغفر فيه الزلات ، وتكفر فيه السيئات ، ويعتق الله به عباده من النار ، ففي صحيح مسلم ، عَنْ سَعِدُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ رضي الله عنه قَالَ ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضى الله عنها ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ ﴿مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ﴾ أما من لم يكن حاجا فإنه يشرع له صيام يوم عرفة ، ففي ذلك الأجر العظيم ، فقد قال صلي الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة ، قال صلي الله عليه وسلم ﴿صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ﴾ فهنئا له لمن صام هذا اليوم العظيم معاشر المؤمنين عباد الله ، وبهذا اليوم ها قد مضت الأيام العشر من ذي الحجة، فمن كان فيها محسنًا ، فليسأل الله له القبول ، ومن كان فيها مقصرًا ومفرطًا ، فليتدارك ما بقي منها ، فقد بقي منها أفضل أيّامها وأكرمها على الله تعالى ، ألا وهو يوم الحج الأكبر يوم النحر ، الذي هو أعظم الأيام عند الله تعالى ، رفع الله قدره ، وأعلى ذكره ، وأقسم به في كتابه الكريم ، وسماه يوم الحج الأكبر ، وجعله الله عيدًا للمسلمين حجاجًا ومقيمين ، في هذا اليوم العظيم يتقرب المسلمون إلى ربهم بذبح ضحاياهم ، إتباعا لسنة الخليلين محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام ، فالأضاحي عباد الله ، شعيرة عظيمة ، وسنة قويمة ، قد ورد الفضل العظيم لمن أحياها ، فقد روي ابن ماجه في سننه ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي أنه قال صلي الله عليه وسلم ﴿مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا ، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا﴾ ولقد حذر النبي صلي الله عليه وسلم من التفريط بها لمن كان مستطيعًا ، فقد روى ابن ماجه في سننه ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ ﴿مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا﴾ واعلموا يا عباد الله ، أن للأضاحي شروطًا وأحكامًا لا بد أن تستكملها ، حتى تكون مقبولة تامة ، فمن شروط الأضاحي ، أن تبلغ السن المعتبرة شرعًا ، فمن الإبل ما تم له خمس سنوات ، ومن البقر ما تم له سنتان ، ومن المعز ما تم له سنة كاملة ، ومن الضأن ما تم له ستة أشهر ، ومن شروط الأضاحي ، أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع الإجزاء ، روى أحمد والترمذي ، عن البراء بن عازب t قال ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ﴿أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الأَضَاحِي ، الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا ، وَالعَجفَاءُ وَهيَ الهَزِيلَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي﴾ ومعنى العجفاء ، أي الهزيلة التي لا مخّ فيها ، ويقاس على هذه العيوب ما كان مساويًا لها ، أو أعظم منها ، مثل مقطوعة الرجل والعمياء ، ومن شروط الأضاحي ، أن تذبح الأضحية في الوقت المحدد شرعًا ، ويبدأ وقت ذبح الأضحية من بعد صلاة العيد ، روى البخاري في صحيحة ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ ، قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم ﴿مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ويمتد وقت ذبح الأضحية ، إلى غياب الشمس من ثالث أيام التشريق ، وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ، والأفضل أن تذبح نهارًا ، ويجوز ذبحها ليلاً ، وتجزئ الشاة في الأضحية عن الرجل وأهل بيته كما في حديث أبي أيوب رضي الله
عنه أنه قال ﴿كَانَ الرَّجُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ صلي الله عليه وسلم يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَحِدَةُ، عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ﴾ وأما الإبل والبقر ، فتجزئ عن سبعة أشخاص، وينبغي للمسلم أن يختار الأكمل من الأضاحي في جميع صفاتها ، وأن تكون من مال طيّب ، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا ، ومن سنن الأضاحي عباد الله ، التي ينبغي للمسلم أن يراعيها عند ذبح أضحيته ، التسمية والتكبير عند الذبح ، والإحسان بالذبح بحدّ الشفرة ، وراحة الذبيحة والرفق بها ، وإضجاعها على جنبها الأيسر متجهة إلى القبلة ، والأفضل في توزيع الأضاحي أن يأكل ويتصدق ويهدي منها ، فلا تحرموا أنفسكم ثواب الله وأجره ، في هذه الأيام المباركة ، فاستكثروا من الطاعات ، والأعمال الصالحات ، وسلوا الله القبول والتمام ، أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم ، لجميع المسلمين فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية
الحَمدُ لِلهِ عَظِيمِ الإحسِانِ ، وَاسِعِ والفَضلِ الجُودِ والامتِنَانِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلىَ اللهُ وَسَلَمَ عَلَيهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ ، وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد معاشر المؤمنين عباد الله ، غداً ستحتفل الأمة الإسلامية ، بحلول عيد الأضحى المبارك ، جعله الله يوم نصر وعز للإسلام والمسلمين ، واعلموا يا عباد الله ، أن للعيد سننا وأحكامًا ينبغي للمسلم ، أن يراعيها ويتأدب بها ، منها ، المحافظة على صلاة العيد مع الجماعة ، فقد أمر النبي  بالخروج إليها ، ولازم النبي صلي الله عليه وسلم عليها ، ولم يتركها في عيد من الأعياد ، حتى أمر بخروج النساء والعواتق ، وأمر الحيَّض أن يعتزلن الصلاة ، ويَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ ، فقد روي ابن ماجة وغيره ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ﴿أَخْرِجُوا الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ لِيَشْهَدْنَ الْعِيدَ ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلْيَجْتَنِبَنَّ الْحُيَّضُ مُصَلَّى النَّاسِ﴾ فينبغي للمسلم أن يحافظ عليها ولا يفرط فيها ، فيشهد الصلاة والْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ ، ومن سنن العيد عباد الله ، أن يخرج إلى صلاة العيد على أحسن هيئه ، متطيبًا لابسًا أحسن الثياب ، تأسيًا بالنبي صلي الله عليه وسلم أما النساء فيخرجن إلى صلاة العيد بغير زينة ولا طيب ، ومن سنن العيد عباد الله ، أن يخرج إلى صلاة العيد ماشيًا ، ويخرج من طريق ويرجع مع طريق آخر ، ومن سنن العيد عباد الله، أن يكثر من التكبير في يوم العيد ، وصيغة التكبير ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ولله الحمد ، ومن سنن عيد الأضحى خاصةً ، أن لا يأكل شيئًا حتى يصلي العيد ، فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي ، من سنن العيد عباد الله ، صلة الأرحام وزيارة الأقارب والأصدقاء ، وقد أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن الرحم مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ ، تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ ، وينبغي للمسلم وهو يعيش فرحة العيد مع أهله وأقاربه ، أن لا ينسى اليتامى والمساكين ، الذين فقدوا حنان الأبوة وعطفها، فيرعى اليتامى ، ويعطف على المساكين ما استطاع إلى ذلك سبيلا ومن سنن العيد عباد الله التهنئة بالعيد ، لقد كان هدي الصحابة رضي الله عنهم في اليوم العيد ، إذا لقي بعضهم بعضا ، يقول الواحد منهم للآخر ﴿تقبل الله منا ومنكم﴾ وهذه الكلمة ، هي أحسن ما ينبغي أن يقال في اليوم العيد ، لأن يوم العيد ، يوم شكر وثناء على الله ، فخير ما يقال في هذا اليوم ، سؤال الله عز وجل القبول ، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، وأسال الله أن يبلغنا هدا اليوم ، ونحن في صحة وعافية ، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا ، لنكونن من الخاسرين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، وصلي الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد ، وعلى اله
✺●═🍃🌸🍃═●✺
📌 *خطبة عيد_الأضحى*
بعنوان : ( *أعياد المسلمين عزة وثبات وتمكين ) .*
*🎙️للشيخ رشاد_بن_عبدالله_القدسي
*الْخُطْبَةُ الْأُولَــــى*
الْحَمْدَ لِله الواحد القهار ، مكَوِّرُ اللَّيلَ عَلَى النَّهارِ ،
الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي بنعمته تتم الصالحات،
الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي بعفوه تكفر الخطايا والسيئات.
الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي بلطفه تستر العيوب والعورات.
الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي خَلَقَ فَسَوّى وأمات فأحياه، وأفقر وأغنى وأرشد وهدى

*الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي لَم يَتَّخِذ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَهُ شَريكٌ فِي المُلكِ وَلَم يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرهُ تَكبيرًا*

اللهُ أكبرُ كبيرا ، اللهُ أكبرُ ، عددَ خلقِه ، ورضا نفسِه ، وزِنَةَ عرشِه ، ومِدادَ كلماتِه .
الله أكبرُ من كل كبير ، الله أكبر كاسر الأكاسرة ، وقاصر القياصرة ، وجبار الجبابرة -سبحانه وتعالى- وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لا إله غيره ولا رب سواه ، خلق الخلق فاحصاهم عددا ، وقسم الأرزاق فلم ينس أحداً.

وأشهد أن نبيناً وسيدنا وقائدنا وقدوتنا محمداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصحبة وَسَلَّمَ- فتح الله به قلوبا غلفا ، وأعينا عميا ، وأذانا صُما ،

أما بعدُ عباد الله:-

فإني أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، وأن نُقدم لأنفسنا أعمالا تُبيض وجوهنا يوم نلقى الله ، *{ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}*
وأوصي نفسي وإياكم بشكر نعم الله، فإن شكرها سبيلُ دوامها ، وإن كفرها طريق زوالها عياذا بالله.

ألا وإن من أجل هذه النعم هذه الأعياد،
أعيادُ المسلمين ، أعيادُ طاعة لا معصية، أعيادُ عبادة واقربة ، فلله الحمد الذي جعل أعياد المسلمين بهجة وسرورا.

الحمد لله الذي جعل أعياد المسلمين ليوفى كل عبد شكورا
الحمد لله الذي جعل أسم الأعياد تبعث في القلوب الفرح ، تذكر البعيد بالقريب ، تذكر الحبيب بالحبيب ، تذكر الناس بأرحامهم ، تذكر الناس بفقراءهم ، تذكر الناس بعظيم كرم الله عليهم في أخوتهم ، الذي جعلهم أمة واحدة ، الذي جمعهم في مثل هذه الأيام ، على إختلاف أشكالهم والوانهم وطبقاتهم وأنسابهم يعترفون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يرفعون الأصوات مكبرين الله أكبر ، الله أكبر ، ندعو بها في أذاننا ،
الله أكبر ندعو بها في إقامتنا ،
الله أكبر نفتتحُ بها صلاتنا ،
الله أكبر نقابلُ بها أعداءنا ،
الله أكبر تذكرنا بضعفنا أمام قوة ربنا.
الله أكبر تذكرنا بأنه لا قوي إلا الله، وكل ماسوء الله عبدٌ ضعيفٌ حقيرٌ ذليل.
الله أكبرُ تذكرنا بأن لا غنى إلا غنى الله ، وكل ما سوى الله فقير.

*﴿ يا أَيُّهَا النّاسُ أَنتُمُ الفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَميدُ ﴾ [٣٥:١٥] - فاطر*

الله أكبر تذكرنا أن لا عزة إلا لله، *وَلِرَسولِهِ وَلِلمُؤمِنينَ وَلكِنَّ المُنافِقينَ لا يَعلَمونَ*

*﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ﴾ [٣:٢٦] - آل عمران*

الله أكبر تذكرنا ألا ذول ولا خضوعا إلا له وحده لا شريك له ، فلن تسجد الرقاب إلا له ، ولن تخضع إلا له ، ولن تخاف إلا منه ،ولن تخاف إلا منه ،

الله أكبر قوه في زمن الأذلال.
الله أكبر النصر في زمن الضعف والإنهيار.
الله أكبر ثبات ، في زمان الدعوة إلى البدع والمنكرات.

الله أكبر ، ما لبس الحجاج لباس إحرامهم.
الله أكبر ما أستقبلو الكعبة بسلامهم.
الله أكبر ما رفعوا إلى الله ، إلى الله دعواتهم.

الله وأكبر ما غفر الله لهم تبعتهم، واعتق رقابهم.
الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: إن هذه الأعياد أعيادُ طاعة لله رب الأرض والسماوات ، وإعتراف بصفات كماله وجلاله وكبريائه وعظمته،
شُرع فيها التكبير لماذا؟
شرع فيها أن تقرأ هاتين السورتين لماذا؟
الأعلى _ والغاشية ، *{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (٥)}*

*{أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) }*

تذكروا جلال الله، وعظمة الله، وكبرياء الله، وقوة الله ، تخذون من هذه قوة الإيمان واليقين بأن العباد تحت أمره ومشيئته، وقدرته، وعظمته، _سبحانه وتعالى_

إن هذه الأعياد جاءت تلو أعمال صالحات، وطاعاتٍ، وقربات، بعد صيام، وفي مواسم المناسك العظام، المناسك العظام ، إمتثالاً لطاعة الملك العلام _سبحانه وتعالى_
وهذا عيدُ المسلمين الأكبر، إنه عيدُ تضحية ، إنه عيدُ فداء، إنه عيدُ فداء ،إنها سنة إبراهيم ، ابو الأنبياء ابي الأنبياء والمرسلين، عليه الصلاة والسلام.

ولهذا سن في هذا العيد التقرب إلى الله بالذبح ، التقرب إلى الله بأضاحي لماذا؟
ألي الحم يا عباد الله ، أتظنون أن الأضاحيِّ شرعت للذبح ، شرعت لنأكل اللحم ! لا والف لا إفقهوا عظيما حكم الله ، فيما شرع.

إنها تذكير بهذه التضح العظيمة، لهذين النبيين الكريمين إبراهيم وإسماعيل ، لإشعار الناس أن هذا الدين دين تضحية ، دين فداء لا دين كسل وشهوات.

وهب الله إبراهيم بعد كبر سنه ورق عظمه ، إسماعيل بعد أن دعا ربه رَبِّ هَب لي مِنَ الصّالِحينَ فبشره الله بإسماعيل وجعله قرة عين نبياً كريماً عظيماً فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعيَ قالَ: ما الذي قالَ؟
أنظروا هذا الإبتلاء العظيم ، أنظروا هذا الإمتحان العسير، قال: *يا بُنَيَّ إِنّي أَرى فِي المَنامِ أَنّي أَذبَحُكَ فَانظُر ماذا تَرى*

لو كان يا بني أني أرى أن أسلمك للأعداء ، يا بني أني أرى أن أعطيك فلان ليقتلك

لا أذبحك بيدي ، إِنّي أَرى فِي المَنامِ أَنّي أَذبَحُكَ ، تصور هذا الإبتلاء ، ويجعل الأمر لولده ليشاركه الطاعة ، والأمتثال لأمر الله ، قالَ يا أَبَتِ افعَل ما تُؤمَرُ أمر الله سلمنا له ، أمر الله طاعة لله ، محبة وإمتثالا ، *يا أَبَتِ افعَل ما تُؤمَرُ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرينَ* أنظروا الإمتثال لأمر الله ،

أين إمتثالاً لأمر الله ، أين إمتثالاً لأمر الله ما قدرنا نحافظ على الصلاة؟
ما قدرنا نحافظ على الصلاة، وهي عمود الإسلام ، منا من لا يعرف بيوت الله إلا من الجمعة إلى الجمعة ، أو العيد إلى العيد

أنظروا الصالحين وإمتثالهم لأمر الله رب العالمين ، فلما جاء وقت الذبح فَلَمّا أَسلَما لله واستسلم وانقاذه واطاعه *{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)}*

هذه الأضحية تُشعرك أن دينك أمانة ،
أن سنة محمد عليه الصلاة والسلام في أعناقنا أمانه ،
أن نصر هذا الدين أمانة ،
أن الفداء لهذا الدين أمانة ، خاصة في زمان تكالب الأعداء ، إجتماع أعداء الله من اليهود والنصارى ومن هودهم ونصرهم وشاكلهم ، واتبع أثارهم.

👈نحن في زمان لا بُد أن تكون الأمة على كلمة سواء، في الدفاع عن هذا الدين ، في الدفاع عن أخلاق الإسلام والمسلمين ، في التأخي في التحاب، في التواضع، لله رب العالمين.

كفى غطرسة ، كفى غطرسة ، كفى كِبر ، كفى أحقاد، وبغضاء، وشحناء ، تواضعوا لله، طهروا القلوب من الأحقاد والبغضاء والشحناء ، تناصروا ، تعاونوا تآلفوا ، تآخوا هذه قوتنا ، وهذا عزنا ، وهذا طريقُ رفعتنا ، والذُل كل الذل ، والهوان في البُعد عن طاعة الملك العلام -سبحانه وتعالى-.

وفي التنازع، والتنافر، والتخالف، والتباغض، والتحاسد، *{وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم وَاصبِروا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصّابِرينَ ﴾ [٨:٤٦] - الأنفال*

أعيادُ المسلمين، أعيادُ أخذ بالمباح ، وتوسعةٍ على العيال ، والأهل والأولاد ، في طاعة الله لا معصيته ، وفي مرضاته لا في سخطه.

هكذا معاشر المسلمين أعيادنا،
هكذا معاشر المسلمين، يجتمع المسلمون في هذه الأيام، لهذه الحكم الربانية وهذه العِلل العظيمة ففقهوا حكمة الحكيم -سبحانه وتعالى-.

ألا معاشر المسلمين: ولا يخفى عليكم مشروعية هذه الأضحية، وأنها بعد الصلاة ، فاختر أرفعها واجملها واعظمها ، *﴿ لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقوا مِمّا تُحِبّونَ﴾*

فتصدقوا واهدوا وا كلوا ، ولا تجعلوها عادة ، ولكن كول واستحضر النية لتكون عبادة وأهدي واستحضر النية لتكون عبادة ، وتصدق بنية لتزداد عظمتها وأجرها ، النيات في الإسلام كبيرة عظيمة ، وأن العمل الصغير بالنية ، يصير كبيراً عظيما.

أسأل الله العظيم الذي جمعنا في هذا اليوم المبارك أن يجمعنا مع النبيين ، والصديقين ،والشهداء، والصالحين، في الفردوس الأعلى من الجنة.

نسأل الله السميع القريب المجيب ، العظيم الحي القيوم، أن يرفع هذه الغمه عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين.

نسأل الله بكل أسم هو له ، سمى به نفسه أو أنزلهُ في كتابه، أو علمهُ أحداً من خلقه، أن يهلك المتآمرين على بلادنا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم من أراد ببلادنا سوءا في دينها ودنياها.
اللهم فجمد الدماء في عروقه، اللهم خذهُ أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين.
اللهم عليك بشرذمة اليهود، ومن هاودهم وتحالف معهم ونصرهم اللهم عليك بأمريكاء ومن لف لفها
اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك وشدة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك.
اللهم أصلح ذات بيننا والف بين قلوبنا وأجمع كلمتنا على الحق المبين.
اللهم أنصر دينك، وكتابك وسنة نبيك، وعبادك الصالحين، *رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا* وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
*بسم الله الرحمن الرحيم*

📄 *خطر المنظمات الدولية* 📄

🖋 عبد الله بن فيصل الأهدل
📅 الثلاثاء 1443/11/29هـ

تتهافت المنظمات الدولية على اليمن لتستغل الفراغ الذي أحدثته الحروب والمؤامرات على الدعاة والمراكز التعليمية واغتيال أئمة المساجد والمصلحين وتهجيرهم وضعف الجامعات والمدارس والمدرسين وغير ذلك من عوامل تفريغ الساحات من أهل العلم والمشورة والحل والعقد...
وتستغل هذه المنظمات أيضًا حاجة الناس لتُقدِّم لهم الفُتات لتجذبهم إلى تنفيذ مخططاتهم..
وتعمل هذه المنظمات على ترويج العلمانية وإفساد أخلاق المسلمين وعقيدتهم عن طريق الترويج للاختلاط بإخراج النساء من منازلهن للعمل معهم وكشف وجوههن مقابل راتب شهري..
وملامح خطة الغزو أصبح الكثير منها واضحًا؛ فهي تبدأ بالتجهيل وإثارة الشهوات والشبهات بوسائل متعددة منها هذه المنظمات التي تلبس مسوح الإغاثة والثقافة والتعليم وغيرها، ثم الخطوة الأخيرة السيطرة الكاملة سواء كان بالقوة العسكرية أو بواسطة الوكلاء من بني جلدتنا الذين هم على استعداد لتنفيذ مخططات أسيادهم..
وكما ذكرنا فإنَّ هذه المنظمات الدولية تأخذ أشكالًا متعددة حتى لا يفطن الناس لما يُحاك بواسطتها من مؤامرت -حتى الكثير من العاملين فيها لا يفيقون إلا بعد فوات الأوان-؛ ومن هذه الأشكال وأبرزها: المنظمات الإغاثية وحقوق الإنسان..
ويعنون بها إغاثة المتضررين من سوء الأوضاع الاقتصادية والصحية الناجمة عن الحرب وغيرها..
وأما حقوق الإنسان فهي خاضعة لمقاييسهم غير المنضبطة بشرع أو خلق أو قِيَم أو منطق، بل بمجرد أهواء، وهذه الأهواء قابلة للتغيير والتطوير بأي صورة كانت..
وعامة الـمنظمات الدولية تـخضع لأجهزة مـخابرات يهودية أو أمريكية أو بريطانية أو فرنسية تسعى -بالطبع- للسيطرة على العالم، ولا نقول ذلك -فقط- مما يظهر في أعمالها المشبوهة؛ بل إنَّ أصل تأسيس تلك المنظمات يشهد بذلك، فعلى سبيل المثال المنظمات الأكثر شهرة وحضورًا والتي منها:
هيومان رايتس وواتش:
فقد أنشأها روبرت إل بيرنستاين في نيويورك عام 1978م وترأسها منذ إنشائها حتى عام 1999م، وممولها الرئيسي هو: جورج سورس الملياردير اليهودي الأمريكي المجري المعروف براعي الاضطرابات الاجتماعية.. فأي خير يُرجى من هذا؟!!
ومنظمة العفو الدولية:
أسسها اليهودي بيتر بينيسن، المنتمي لحزب العمال البريطاني، والذي خدم في حديقة بلتشلي "بلتشي بارك" مقر الاستخبارات في الفترة من 1941 إلى 1945م، وكانت حديقة بلتشلي المقر الرئيسي لعمليات فك الشيفرة في المملكة المتحدة..
ومنظمة فريدوم هاوس:
أسسها تعاون المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية ويندل ويلكي عام 1941م بالتعاون مع إليانور روزفلت زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت، وقد كشفت وثائق "ويكليكس" عام 2017م عن عمليات منظمة لها في تغيير الأنظمة في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط..
ومنظمة أطباء بلا حدود:
أسسها برنار كوشنار -ومعه آخرون- وهو طبيب فرنسي شغل منصب وزير خارجية فرنسا، وله مساهماته المتعددة في تأييد اليهود وتضييع الحقوق الإسلامية في فلسطين..
وحسبك أنَّ الأمم المتحدة -وهي أم المنظمات الدولية- هي راعية الشذوذ في العالم، وصاحبة قانون سيداو، الذي اعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1979م، والذي يقضي بإلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة بشكل تام..
وهكذا عامة المنظمات الدولية تجد أيادي المخابرات والحكومات حاضرة في تأسيسها وقيادتها؛ فإذا كان الأمر كذلك فمن يصدق أنَّ هذه المنظمات الخاضعة والمؤسسة بواسطة المخابرات العالمية الاستعمارية ستنفع الفقراء والمرضى والمتضررين من الحروب وغيرها -وخاصة إذا كانوا مسلمين-، وستحافظ على حقوق المسلمين أو الإنسانية أيًّا كانت مِلَلُهم؟!!
ومن الفضائح المشهورة لتلك المنظمات العالمية متاجراتها باسم الإنسانية من خلال ما يطلقون عليه مؤتمرات المانحين لجمع التبرعات بزعم تخفيف المعاناة عن الشعوب التي تعاني من بعض المشكلات ونحوها، لكن الخطير أنه يتم توظيف تلك التبرعات لتحقيق غايات سياسية تارة، وتارة ترسل تلك المنظمات مواد غذائية فاسدة كمساعدات مخصصة لإغاثة الشعوب مثلما حدث في اليمن وبرنامج الغذاء العالمي.
والمتأمل لا يجد أي نجاحات تذكر في أي مجال لهذه المنظمات -رغم الدعاوى والإحصائيات المزعومة-، وهاهم طواغيت الحكام يسومون شعوبهم سوء العذاب، وبرعاية وتوجيه من الصهيونية والصليبية العالمية، وأما المنظمات الدولية فهي مجرد ديكور لذر الرماد في العيون..
وهاهم أطفال العالم يعانون التشرد والجهل وسوء التغذية والتربية، والفقراء يموتون من الجوع والأمراض، والتمييز العنصري يجتاح العالم
وليس الفشل وحده هو الذي يميز هذه المنظمات؛ فهي منظمات انتفاعية متربحة من مآسي البشر، وتغطي مرتباتها الضخمة وكافة نفقاتها الهائلة من أموال المتبرعين الذين يظن بعضهم أنهم يتبرعون للمتضررين..
وفوق ذلك فإنَّ لها دورًا كبيرًا في حض الحكومات الفاسدة على منع المنظمات الخيرية الإسلامية من الأعمال الإغاثية بدعوى محاربة الإرهاب وأن المنظمات الدولية تقوم بذلك..
وصار منهجًا أساسيًّا لهذه المنظمات التجاوز عن الانتهاكات التي يمارسها اليهود والأمريكان والقوى الدولية التي تدَّعي الديمقراطية تجاه الشعوب الضعيفة، مثل الانتهاكات اليهودية لحقوق الشعب الفلسطيني وإيذاء المواطنين المسالمين يوميًّا، وانتهاكات أمريكا وروسيا وفرنسا وغيرها للشعب العراقي والسوري والليبي والأفغاني وغيرها كثير..
وأما الحديث عن الضرر الأخلاقي والعقدي التي تقوم به المنظمات الدولية في حق المسلمين فأمره يطول -وقد تكلمنا عنه في أكثر من حدث-، ولا يجهله أي متابع، وقد شهد به الكثيرون من ذوي الضمائر ممن يعمل معهم أو عمل معهم في وقت سابق..
وقصة الأمم المتحدة والمنظمات الأممية العاملة في المجال الإنساني والإغاثي في السنوات القليلة الماضية في اليمن مؤلمة؛ فمن معاونة الحوثيين ورشوتهم والتغاضي عن جرائمهم إلى نهب المساعدات التي تقدمها الدول -والتي تُقدَّر بالمليارات-، وتقديم الدقيق الفاسد والأغذية الرديئة والتالفة للمواطنين..
إنَّ ثروات المسلمين الهائلة تغطي بل تزيد عن حاجة الشعوب الإسلامية المتضررة وغير المتضررة، ولسنا بحاجة لفُتات تلك المنظمات الكافرة، وعلى الحكام أن يتقوا الله عزَّ وجلَّ وأن يقوموا بحق الله تعالى في الشعوب الإسلامية، وألا يدَعوا بلاد الإسلام فريسة لهذه المنظمات، كما أن على الدعاة تحذير الأمة من هذه المنظمات ودورها المشبوه في المنطقة الإسلامية عمومًا وفي اليمن خصوصًا -البلد المحافِظ الـمُستهدف هذه الأيام- قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ 51 وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ 52 فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾.
قال ابن القيم بعد ذكر هذه الآيات:
... فأمر تعالى الرسل بما أمر به أممهم أن يأكلوا من الطيبات وأن يعملوا صالحًا وأن يعبدوه وحده وأن يطيعوا أمره وحده وأن لا يتفرقوا في الدين، فمضت الرسل وأتباعهم على ذلك ممتثلين لأمر الله قابلين لرحمته، حتى نشأت خلوف قطعوا أمرهم زبرًا كل حزب بما لديهم فرحون، فمن تدبر هذه الآيات ونزلها على الواقع تبين له حقيقة الحال، وعلم من أي الحزبين هو، والله المستعان. [إعلام الموقعين (2/229)].
وأي تقطيع للأمة أعظم مما هو حاصل الآن، فكل مجموعة من الأقاليم استقلت بنفسها وحكمها أحد الحكام الظلمة، وفرحوا بما عندهم من المال والثروات واستأثروا بها دون الآخرين، ومَن نقص ماله لسبب أو لآخر صار تائهًا لا يجد من يعينه من أمته، وصار فريسة للمجرمين يتلاعبون به ويفرضون عليه ما يناقض الدين والعقيدة والخلق..

🤲🏻 اللهم أبرم لهذه الأمة أمرًا رشدًا، يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذلُّ فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر

=============
🎤
*خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc*
*حــقيــقـة قـصـــة غــديـــر خــم*
*للشيـخ/ مـحـمــد بن عـلـي المـطــري*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

غَديرُ خُم هو:
موضع بين مكة والمدينة، وهو واد عند الجحفة به غدير، يقع شرق رابغ بما يقرب من (26) كيلاً ، وخم اسم رجل صباغ نسب إليه الغدير، والغدير هو: مستنقع من ماء المطر.

وسبب القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن ليخمّس الغنائم ويقبض الخُمس، فلما خمّس الغنائم، كانت في الغنائم امرأة هي أفضل ما في السبي، فصارت في الخُمس، ثم إن علياً خرج ورأسه مغطى وقد اغتسل من الجنابة، فسألوه عن ذلك، فأخبرهم أن الوصيفة التي كانت في السبي صارت له فتسرَّى بها، فكره البعض ذلك منه، وقدم بريدة بن الحصيب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما فعله علي مع الوصيفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا بُرَيْدَةُ أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟» فَقال: نَعَمْ، قَالَ: «لاَ تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». رواه البخاري في صحيحه (4350).

فلما كانت حجة الوداع، رجع علي من اليمن ليدرك الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم، وساق معه الهدي، كما رواه مسلم في صحيحه برقم (1281).

قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: لما أقبل علي رضي الله عنه من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، تعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على جنده الذين معه رجلاً من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي رضي الله عنه، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم، فإذا عليهم الحلل، قال: ويلك! ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس، قال: ويلك! انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فانتزع الحلل من الناس، فردها في البز، قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم. ذكره ابن هشام في السيرة (2/603).

وروى البيهقي في دلائل النبوة (5/398) وصححه ابن كثير في البداية والنهاية (5/106) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن، فكنت ممن خرج معه فلما أخذ من إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا، فكنا قد رأينا في إبلنا خللا، فأبى علينا، وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين. قال: فلما فرغ علي، وانطلق من اليمن راجعا أمَّر علينا إنسانا وأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجته قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم، قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي أستخلفه ما كان علي منعنا إياه نفعل، فلما جاء عرف في إبل الصدقة أن قد ركبت، رأى أثر المركب، فذم الذي أمره ولامه، قال: فذكرت لرسول الله ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، ثم قال: مه، بعض قولك لأخيك علي، فو الله لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله، قال: فقلت في نفسي: لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا علانية.

وإذا عرف سبب القصة ظهرت الحقيقة واضحة، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل علياً رضي الله عنه إلى اليمن قبل خروجه من المدينة لحجة الوداع، وفي سفره هذا حصلت ثلاثة أمور وجد أصحاب علي في أنفسهم عليه بسببها، وهي ما يلي:
1) غنم المسلمون غنيمة وفيها جارية جميلة، ولما قسم علي الغنيمة وقعت الجارية في سهمه فتسرى بها، فأنكر عليه أصحابه.

2) ذهب علي رضي الله عنه إلى الحج واستخلف على أصحابه رجلاً، وعمد ذلك الرجل وكسا كل واحد من أصحابه حلة من الثياب التي كانت مع علي، ولما دنا الجيش من مكة وخرج علي ليلقاهم فإذا عليهم حلل فغضب عليهم وانتزعها منهم فأظهر الجيش شكواه.

3) عندما رأى أصحاب علي رضي الله عنه أن في إبلهم ضعفاً طلبوا منه أن يركبوا إبل الصدقة ويريحوا إبلهم، فأبى ذلك، ولما ذهب علي للحج أعطاهم ذلك من استخلفه عليهم، وعندما لقيهم علي رضي الله عنه لام خليفته على تركه الجيش يركب إبل الصدقة، فعدوا ذلك غلظة من علي وتضييقاً عليهم.

فبسبب هذه الأمور الثلاثة كثر القيل والقال بين أهل المدينة في علي رضي الله عنه، ولم يرد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبرئ ساحة علي رضي الله عنه أثناء موسم الحج؛ لأن الحادثة تخص الصحابة الكرام الذين هم من أهل المدينة، وبعد فراغه صلى الله عليه وسلم من الحج، وأثناء عودته إلى المدينة، قام في الناس خطيباً في ذلك المكان الذي يدعى غدير خم، فبرأ ساحة علي رضي الله عنه، ورفع من قدره، ونبه على فضله، ونوه بشأنه؛ ليزيل ما وقر في نفوس الصحابة الذين كانوا معه في اليمن، ولو أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغ المسلمين بالوصية لعلي، لفعل ذلك في أثناء الحج وفي يوم عرفة والناس مجتمعون ولم يؤجله إلى بعد الحج.

وقد اتفق المحدثون والمؤرخون أن هذه الخطبة كانت في غدير خُم أثنا
ء عودة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، ومما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة: «من كنت مولاه فعلي مولاه» وهو حديث متواتر رواه أحمد بن حنبل في المسند (641) عن عدة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ورواه الترمذي (3713) وابن ماجه (121) وغيرهم بأسانيد صحيحة.

وعن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: جمع علي رضي الله عنه الناس في الرحبة، ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم ما سمع، لما قام فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للناس: " أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه" رواه الإمام أحمد في مسنده (19302) والنسائي في السنن الكبرى (8424) وابن حبان في صحيحه (6931)، وهو حديث صحيح له أسانيد كثيرة جمعها المحدث الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1750).

وفي صحيح الإمام مسلم (2408) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خُما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: "أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به" فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي».

ومعنى قوله: " أذكركم الله في أهل بيتي " أي في الوصية بهم واحترامهم، وعدم ظلمهم وترك بغضهم، وكرره ثلاثا للتأكيد، قال العلامة علي القاري في مرقاة المفاتيح (9/ 3967): " المعنى أنبهكم حق الله في محافظتهم ومراعاتهم واحترامهم وإكرامهم ومحبتهم ومودتهم، وقال الطيبي: أي: أحذركم الله في شأن أهل بيتي وأقول لكم: اتقوا الله ولا تؤذوهم واحفظوهم ".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (4/84-85):" ليس في حديث الغدير ما يدل على أنه نص على خلافة علي، إذ لم يرد به الخلافة أصلاً، وليس في اللفظ ما يدل عليه، ولو كان المراد به الخلافة لوجب أن يبلغ مثل هذا الأمر العظيم بلاغاً بيناً ".

وقال أبو نعيم الأصبهاني في تثبيت الإمامة ص 55: "هذه فضيلة بينة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعناه: من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه فعلي والمؤمنون مواليه، دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، وقال: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 73]. والولي والمولى في كلام العرب واحد، والدليل عليه قوله تبارك وتعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: 11] أي لا ولي لهم، وقال: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التحريم: 4]، وقال الله: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [البقرة: 257]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 56].

وقال البيهقي في الاعتقاد ص 354: "وأما حديث الموالاة فليس فيه نص على ولاية علي بعده، فمقصود النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك هو أنه لما بعثه إلى اليمن وكثرت الشكاة منه وأظهروا بغضه؛ أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر اختصاصه به ومحبته إياه، ويحثهم بذلك على محبته وموالاته وترك معاداته، فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) والمراد به ولاء الإسلام ومودته، وعلى المسلمين أن يوالي بعضهم بعضاً لا يعادي بعضهم بعضاً، وهو في معنى ما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال: (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق )". انتهى مختصرا.

وقال المؤرخ الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (7/225): " وأما ما يفتريه كثير من جهلة الشيعة أنه أوصى إلى علي بالخلافة فكذب وبهت وافتراء عظيم، يلزم منه خطأ كبير من تخوين الصحابة وممالأتهم بعده على ترك تنفيذ وصيته وإيصالها إلى من أوصى إليه، وصرفهم إياها إلى غيره لا لمعنى ولا لسبب".

وقال إحسان إلهي ظهير في كتابه السنة والشيعة ص27: "عقيدة الوصاية والولاية لم يأت بها القرآن ولا السنة الصحيحة الثابتة، بل اختلقها اليهود من وصاية يوشع بن نون لموسى، ونشروها بين المسلمين باسم وصاية علي كذبا وزورا وبهتانا؛ كي يتمكنوا من زرع بذور الفساد بين المسلمين" انتهى مختصرا.
ومن افتراء الرافضة على الله أنهم فسروا قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3] بأنها نزلت في غدير خم لتبين للناس أن الدين قد اكتمل بوصية النبي صلى الله عليه و

سلم بالإمامة من بعده لعلي بن أبي طالب! والمعروف عند المفسرين والمحدثين أنها نزلت في حجة الوداع في يوم عرفة لتبين للناس أن الله سبحانه وتعالى أكمل لهم دينهم كما ذكر ذلك إمام المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره (4/51 )

وروى البخاري ومسلم من طريق طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها، لو علينا نزلت معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: وأي آية؟ قال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، «نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات في يوم جمعة».

ومن الأحاديث الموضوعة ما ذكره بعضهم في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [المائدة: 55]

أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه مر به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه. قال الفتني الملقب بملك المحدثين في كتابه تذكرة الموضوعات ص84: "هذا موضوع بالاتفاق"، وقال قاضي قضاة اليمن الحافظ الشوكاني في كتابه الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص316: "ما يذكره الرافضة في تفاسيرهم من الأكاذيب في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾

أنها في علي رضي الله عنه؛ موضوع بلا خلاف " وقال ابن كثير في تفسيره (3/139): " ليس يصح شيء منها بالكلية، لضعف أسانيدها وجهالة رجالها".

والآية عامة في كل من آمن ممن يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، قال الشوكاني في تفسيره فتح القدير (2/59): " وقوله: ﴿ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [المائدة: 55] جملة حالية من فاعل الفعلين اللذين قبله" أي الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة والحال أنهم راكعون، قال: " والمراد بالركوع: الخشوع والخضوع، أي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم خاشعون خاضعون لا يتكبرون" ثم رد القول بأن المراد إخراج الزكاة حال الركوع في الصلاة بقوله: " ويدفعه عدم جواز إخراج الزكاة في تلك الحال".

وقال السعدي في تفسيره: " ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 55، 56]

لما نهى عن ولاية الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، وذكر مآل توليهم أنه الخسران المبين، أخبر تعالى مَن يجب ويتعين توليه، وذكر فائدة ذلك ومصلحته فقال: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ فولاية الله تدرك بالإيمان والتقوى. فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا، ومن كان وليا لله فهو ولي لرسوله، ومن تولى الله ورسوله كان تمام ذلك تولي من تولاه، وهم المؤمنون الذين قاموا بالإيمان ظاهرا وباطنا، وأخلصوا للمعبود، بإقامتهم الصلاة بشروطها وفروضها ومكملاتها، وأحسنوا للخلق، وبذلوا الزكاة من أموالهم لمستحقيها منهم. وقوله: ﴿ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ أي: خاضعون لله ذليلون. فأداة الحصر في قوله ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾ تدل على أنه يجب قصر الولاية على المذكورين، والتبري من ولاية غيرهم".

هذا وإن من البدع المحدثة في الإسلام الاحتفال بما يسمى عيد الغدير، فإن هذا العيد لا يعرف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أصحابه ولا التابعين ولا أتباعهم، وأول من أحدثه الرافضة بعد القرون الثلاثة المفضلة كما ذكر ذلك المؤرخون الثقات، قال ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ (7/245): " وفي الثامن عشر من ذي الحجة - سنة 352- أمر معز الدولة بإظهار الزينة في البلد، وأشعلت النيران، وأظهر الفرح، وفتحت الأسواق بالليل، كما يفعل ليالي الأعياد".

وقال مؤرخ الإسلام الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام (26/6): "وفي ثامن عشر ذي الحجّة - سنة 352- عُمل عيد غدير خُم".

وقال ابن كثير في البداية والنهاية (11/276): "وفي الثامن عشر من ذي الحجة - سنة 352- أمر معز الدولة بن بويه بإظهار الزينة في بغداد وأن تفتح الأسواق بالليل كما في الأعياد، وأن تضرب الدبادب والبوقات، وأن تشعل النيران في أبواب الأمراء وعند الشرط، فرحا بعيد غدير خم، فكان وقتا عجيبا مشهودا، وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة."
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء ص288: " وفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة يوم عاشوراء ألزم معز الدولة الناس بغلق الأسواق ومنع الطباخين من الطبيخ ونصبوا القباب في الأسواق، وعلقوا عليها المسوح، وأخرجوا النساء منتشرات الشعور يلطمن في الشوارع ويقمن المآتم على الحسين، وهذا أول يوم نيح عليه ببغداد، واستمرت هذه البدعة سنين، وفي هذه السنة عمل عيد غدير خم" انتهى مختصرا.

وقال ابن العماد في كتابه

شذرات الذهب في أخبار من ذهب (4/273): " وفي سنة 352 في ثامن عشر ذي الحجة عملت الرافضة عيد الغدير ".

وقال المقريزي في كتابه الخطط والآثار (2/254-255): " اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً، ولا عمله أحد من سالف الأمّة المقتدى بهم، وأوّل ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة عليّ بن بويه، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، فاتخذه الشيعة من حينئذ عيداً".

وأول من احتفل بعيد الغدير في اليمن أحمد بن الحسن الجارودي سنة 1073هـ كما ذكر هذا مؤرخ اليمن السيد يحيى بن الحسين بن الإمام القاسم في كتابه بهجة الزمن ثم قال: "وقد اقتدى به في الغدير المتوكل على الله، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" انتهى.

وبعد فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
===============
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة 16 من ذي الحجة 1443هـ الموافق 15 يوليو 2022م
الخطبة الأولى : الحمد لله رب العالمين أنعم على عباده بنعمة الإسلام والدين وألف بين قلوب المؤمنين الموحدين وامتن علينا بذلك وهو الرحمن الرحيم فقال (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له أمرنا بالاعتصام بحبله المتين والاجتماع على دينه القويم (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه هدى الله به البشرية من الضلالة وعلم به من الجهالة ووحد به القلوب وأنار به الدروب وفرج به الكروب صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أوصيكم ونفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والبعد عن معصيته والجهاد في سبيله والالتزام بشرعه في كل جوانب الحياة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ، فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أما بعد فإن من عظمة الإسلام أنه نظام شامل لجميع جوانب الحياة ومجالاتها العقدية والعبادية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية وغيرها فكل هذه الجوانب محكومة بنظام الإسلام تأسيسا وإدارة وحقوقا وعلاقات وواجبات وصدق الله القائل (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)
ومن عظمته أن أقام إدارة شؤون الأمة العامة والتي تحفظ بها مصالحها وضروراتها على الرأي الجماعي لا على رأي الفرد ، وعلى الإدارة الجماعية لا على الإدارة الفردية ، وعلى معايير القدرة والأمانة لا على معيار النسب والمحسوبية وذلك حماية للشؤون العامة من التسلط الفردي والاستبداد والاستئثار وصيانة للمصالح الكبرى من أن تهدر أو تجير إلى مصالح شخصية أنانية ضيقة ولذلك جعل الله الشورى أصلا في إدارة الحياة الجماعية عموما ، فعلى قاعدة الشورى يرشح المجتمع من يتولى إدارة شؤونه العامة ، وعلى قاعدة الشورى تدار شؤون الأمة من أعلى مستوياتها إلى أدناها ، وعلى قاعدة الشورى تقوم العلاقة بين الدولة والشعب وبين الحاكم والمحكوم ، وعلى قاعدة الشورى تضمن للأمة حق المراقبة والمحاسبة والعزل لمن يتولى شؤونها إن أساء في استخدام السلطة أو الثروة ، وعل قاعدة الشورى يبطل التوارث في الحكم ويعد جريمة وفر عنة واستبدادا ، وعلى قاعدة الشورى تبطل دعوى الوصية التي يقول بها الروافض والحوثيون والذين يزعمون فيها بأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالحكم قبل موته في حجة الوداع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ولذريته إلى يوم الدين ، وهو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشاه أن يفعل ذلك وهو المسدد بالوحي ، وهو تحويل للدين الذي جعله الله رحمة للعالمين إلى مشروع أسرة ، وهي فرية لا يعرفها جميع الصحابة الذي حضروا خطبة غدير خم ، ولا يعرفها علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه ولا أحد من أولاده ، إنما هي خرافة يهودية أسسها عبد الله بن سبأ اليهودي اليمني الصنعاني والذي كان يلقب بابن السوداء ثم حملها عنه الشيعة الروافض إلى يومنا هذا (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا) ، (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا)
لقد جعل الإسلام الشورى فرضا في إدارة الشؤون العامة على وجه الخصوص وجعلها الله سمة ملازمة للأمة المسلمة والمجتمع المسلم قال تعالى في وصف المؤمنين (فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ، وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) والملاحظ هنا وجود هذه الصفة مقترنة بفريضة الصلاة وفريضة الزكاة والاستجابة لأمر الله ما يشعر أن الشورى حق لهم وفرض عليهم في كل شأن من شؤونهم العامة ، ويؤكد الله تعالى ذلك بالأمر للنبي المعصوم صلى الله عليه وسلم وهو قائد الامة الأعظم بمشاورة أصحابه في الشؤون العامة في الحرب والسلم ، فبعد حادثة أحد رغم ما حصل فيها من الهزيمة للمسلمين يؤكد الله
على بيه استمرار لزوم الشورى مهما نتج عنها من نتائج سلبية فإنها أقل بكثير من من أضرار التسلط الفردي والسلالي قال تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) وهو دليل على لزوم الشورى في شؤون الأمة ولو كان قائدها هو المعصوم صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره ، ومما يؤكد أهمية الشورى لا سيما في أوقات الحرب السيرة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم فحياته مليئة بالتشاور مع أصحابه ، ففي بدر تشاور مع أصحابه لما رأى قريشا قد فرضت عليهم واقع المواجهة العسكرية واتخذوا قرار المواجهة العسكرية وكان النصر ، وفي مكان نزول الجيش في بدر أشار عليه الحباب بن المنذر فأمضى مشورته ونزل حيث أشار عليه ، وفي يوم أحد استشار أصحابه في الخروج إلى أحد أو المواجهة داخل المدينة واتخذ على أساس الشورى قرار الخروج والمواجهة للعدو خارج المدينة ، وفي يوم الأحزاب استشار أصحابه في مصالحة بعض القبائل المعتدية على بعض ثمار المدينة - ليخفف الحصار عنهم - وقد استشار قادة الأنصار – سعد بن عبادة وسعد بن معاذ - فلم يستحسنا ذلك فأمضى نتيجة الشورى واتخذ قرار عدم المصالحة بناء على مشورة السعدين ، وأشار عليه سلمان الفارسي بحفر الخندق فاتخذ القرار بذلك وكان سببا في الانتصار على العدو وإحباط كيده وعدوانه ، وفي يوم الحديبية استشار أم سلمة لما لم يستجب أصحابه للتحلل من الإحرام وذبح الهدي وعمل بمشورتها وكان ذلك سببا في استجابة الصحابة وحل إحرامهم ، ثم توالت الشورى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في اختيار من يحكم ومن يقود الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يخلفه وبعد مشاورة واسعة في سقيفة بني ساعدة ثم اتفاق الصحابة على أبي بكر وبايعوه ولما أحس أبوبكر في نفسه الموت رشح للأمة عمر فتشاور الناس فيه بعد وفاة أبي بكر فلما ارتضوه بايعوه ، ولما أحس عمر في نفسه الموت جعل الأمر في خمسة ألزمهم التشاور مع الناس ثم الخلوص إلى نتيجة اختيار الخليفة وهكذا رشح علي رضي الله عنه للخلافة وفي سنة الخلفاء الراشدين دليل آخر ونحن مأمورون بالأخذ بها في الحديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ) (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وأستغفر الله لي ولكم .....
الخطبة الثانية : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فإن الخروج عن الشورى إلى إدارة الفرد أو تفرد فئة بعينها بالحكم ليس من الإسلام في شيء ، لماذا ؟ لأنه مخالف لكل الأدلة السابقة من القرآن والسنة والسيرة وفعل الصحابة وعمل الخلفاء الراشدين وبالتالي فالقول به بالنظرة الدينية بدعة من البدع الكبرى المضلة ، والأمر الآخر ليس له دليل يعارض الأدلة التي ذكرنا سابقا ، والقول بالوصية أمر مردود لأنه يخالف كل تلك الحشود من الأدلة السابقة الذكر ، ثم إنه أيضا أمر لا يعرفه جميع الصحابة وإلا فكيف اتفقوا على خلافة أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ، وفي القول بالوصية تضليل وتكفير لجميع الصحابة وهذا ما يصرح به الروافض ، بل إن علي بن أبي طالب الذي تدعي الشيعة بأنه الوصي لا يعرف ذلك ولم يظهر منه الاحتجاج على ترشيح من قبله من الخلفاء بل كان سامعا مطيعا معينا لهم ولما جاء الأمر إليه اعتذر وكان يحث الصحابة على ترشيح غيره وأنه سيكون معينا لم يختارونه سامعا مطيعا ، وأنه سيكون وزيرا خير له من أن يكون أميرا كما جاء ذلك في نهج البلاغة وغيره ، فكيف لعلي إذا كان يعرف الوصية أن يتخلى عن القيام بها وهي واجبة وفرض ؟ فدل ذلك على أنه لا علم له بهذه الوصية ولا وجود لهذه الوصية إلا في خرافات الشيعة .
إن الاستبداد بالحكم والتفرد فيه ليس من سياسة الإسلام وإنما هو من سياسة الفراعنة الذين قال قائلهم (ما أريكم إلا ما ارى) وعلى ذلك فيجب أن نربي مجتمعنا على الشورى علما واعتقادا وعملا وممارسة في الشؤون الفردية والجماعية ففي الحديث : ما خاب من استشار ولا ندم من استخار ولا افتقر من اقتصد ) وشرع الإسلام التشاور في شؤون الأسرة وهي أصغر وحدة اجتماعية فجعل قرار فطم الطفل الرضيع قرارا مشتركا لا ينبغي أن يستقل به الزوج دون الزوجة ولا الزوجة دون الزوج بل يكون شورى بينهما قال تعالى (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) فإذا كانت تلك هي مكانة الشورى في حياة الفرد والأسرة فهل يجوز التسليم لأفكار ضالة تريد التحكم في مصالح الأمة ومصيرها وقضاياها الكبرى ؟ إننا نبرأ إلى الله
تعالى من كل هذه الضلالات والخرافات ونحذر مجتمعنا منها ونشد على أيدي جيشنا وأمننا أن تبقى الأيادي على الزناد والجاهزية في أعلى درجاتها دفاعا عن الدين والعقيدة والشورى والوطن والحرية والكرامة ، ورفضا لكل ما يروج له من الترهات ذلك من الخرافات وأن نحمي أجيالنا الناشئة من هذه الضلالات ، وأن نوعي شعبنا بأن يوم الغدير هو يوم الغدر الرافضي الإيراني لهذه الأمة ولدينها ولأخلاقها وثوابتها ، إنها الكذبة الكبرى التي تستهدف طمس معالم هذا الدين العظيم بما يحتوي عليه من قيم الحق والعدل والمساواة والجمال والكمال وصدق الله (لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
ثم الدعاء والدعوة إلى الجهاد بالمال ، وأقم الصلاة
كيف يتعامل الخطيب المبتدئ مع الخوف والارتباك - الشيخ عبدالله الطوالة

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى؛ أما بعد:

فإن سكون النفس، وطمأنينة القلب ثمرة لحسن الظن بالله، وقوة التوكل عليه، وتمام الثقة به جل وعلا، وكثرة ذكره: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، ومن أيقن يقينًا راسخًا أن الله تعالى معه، وأنه أرحم به من أمه، فسيحسن الظن بربه، ولن يتشاءم بالسوء أو يفكر في الفشل والإخفاق، ولن يحزن على العواقب مهما ساءت، لأنه راضٍ عن الله وما يأتي منه، ولا شك أن فقد هذه الأشياء أو نقصها سيثير الخوف والارتباك، وسيقود إلى الإخفاق، مما يعطل الطاقات، ويوقف الإنجازات، وأكثر الناس إنما يُؤْتَون من قِبل أنفسهم؛ وصدق من قال: "ما يبلغ الأعداء من جاهل، ما يبلغ الجاهل من نفسه".

فكم من الإنجازات أحبطت! وكم من المشاريع تعطلت! وكم من الناس توقفت بسبب الخوف والانهزام النفسي، وعدم إدراك الشخص مقدارَ ما أودع الله فيه من طاقات وقدرات فائقة، وإمكانيات عالية متنوعة، ومهارات مذهلة رائعة، لو استعان بالله تعالى وأحسن توظيفها واستثمارها لحقق ما يريد، ولجاء بالمدهش العجيب!

أما بعد: فإلى كلِّ من عزم على السير في هذا الطريق النوراني المبارك:

اعلم - أخي الكريم - أن الخوف من خوض التجارب الجديدة أمر "طبيعي"، يشعر به الجميع؛ تأمل: ﴿ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ﴾ [طه: 67]، وقال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام: ﴿ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾ [الذاريات: 28]، لكن هذا الخوف "الطبيعي" يتفاوت من شخص لآخر، فيبلغ عند البعض الحد الذي يبث فيه حماس التحدي، ويحفزه للاستعداد، وهذا هو الخوف الإيجابي النافع، ويبلغ بآخرين درجةً تجعله يؤثر الهروب والانسحاب، وهذا هو الخوف السلبي الضار، والذي عطل الكثيرين عن نفع أنفسهم وأمتهم.

إذًا؛ فالخوف الذي يعتري الجميع قبيل لقاء الجماهير هو خوف طبيعي، وأمر إيجابي مفيد، إن كان سيولد في الإنسان طاقةً وحماسًا يدفعانه لأن يستعد جيدًا، وأن يبذل قصارى جهده لتطوير نفسه، وليؤدي المهمة على أحسن وجه، أما إذا تجاوز هذا الخوف حده (الطبيعي)، فسيتحول إلى قيد يكبل صاحبه، ويجعله يتراجع وينسحب، ثم اعلم - وفقك الله لكل خير - أن للخوف السلبي عدة مصادر:

الأول: هو الخوف من تكرار تجارب أليمة حدثت في الماضي، تجعله يخاف وينسحب؛ لكيلا يتكرر معه نفس الألم، ومثاله: الخوف من أسلاك الكهرباء، ومن الأشياء الحارة والمواد الحادة، ومن المرتفعات والمنحدرات، وغيرها من الأشياء الخطرة.

والثاني: هو الخوف من المجهول وخشية الوقوع فيما لا يستطيع الإنسان مواجهته، ومثاله: الخوف من الظلام والأمكنة المهجورة.

وهناك مصدر ثالث للخوف: وهو الخوف من النقد وكلام الآخرين - وهذا أمر لا يسلم منه أحد - لكن الموفق هو من يستفيد من النقد الإيجابي، ويتغافل عن النقد السلبي.

وعلى كل حال: فالخوف نعمة من الله وفضل، فبه ندافع عن أنفسنا، وبه نشعر بالخطر؛ فنحتاط ونسلم، إنه طاقة إيجابية تساعدنا على البقاء؛ وسببه إفراز أجسامنا لهرمون الأدرينالين بمجرد شعورنا بوضع غير آمن، فطب نفسًا أنك تمتلك مثل هذا الهرمون الرائع النافع.

وإذا كان من الطبيعي كما ذكرنا أن يشعر الجميع بشيء من الخوف والتوتر خصوصًا في البدايات، فلا شك أن هناك وسائل وأساليب مجربة، يمكنها - بفضل الله تعالى - أن تقضي على الخوف والتوتر، أو أن تخفف منه بدرجة كبيرة، وذلك بحسب درجة الأخذ بهذه الأساليب والوسائل:

الوسيلة الأولى: رسائل التفاؤل الإيجابية: فنحن نعلم من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه الفأل، وفي أثر جميل: "تفاءلوا بالخير تجدوه"، فعلى الخطيب المبتدئ أن يعطي نفسه دفعةً قوية من التفاؤل وحسن الظن، وأن ينظر نظرةً إيجابيةً كلها استبشار وأمل، وأن يبتعد كليًّا عن التشاؤم وزعزعة الثقة وسوء الظن، وأن يحذر من الرسائل السلبية المحبطة: "أنا لا أستطيع أن ألقي أمام الآخرين"، "أنا لا يمكنني أن أعتلي المنبر"، "أنا لن أجرؤ على النظر في وجوه الناس"، إلى آخر هذه الأوهام والمبالغات، بل عليه أن يتخيل نفسه وقد أتم الإلقاء بكل نجاح، ويتخيل وجوه الناس وقد ارتسمت عليها مشاعر الإعجاب، ويرى نظرات الرضا تملأ وجوههم، ويسمع كلمات الثناء والدعاء، ويشعر بأيديهم وهي تصافحه وتسلم عليه، وهو مبتسم، فرِح، مسرور؛ إلخ.

وهكذا، فعلى كل مبتدئ بالذات، أن يعيش تلك المشاعر الإيجابية بخياله، وأن يترك عنه المشاعر السلبية المحطمة، فمن المعلوم أن الإنسان هو أول من يهزم نفسه.

الوسيلة الثانية: التدرج في الحديث أمام الأعداد الكبيرة، فيبدأ وحده أمام المرآة، ثم أمام اثنين، ثم خمسة، ثم عشرة، ثم عشرين، وهكذا حتى يتمكن من الحديث أمام الجمهور الكبير.
الوسيلة الثالثة: أن يختار الخطيب المبتدئ المواضيع السهلة (إعدادًا وإلقاءً)؛ كالحديث عن فضائل الأخلاق، ونعيم الجنة، وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أو المواضيع التي يحبها الخطيب ويسهل عليه التعامل معها، وعليه أن يكثر من القصص الهادفة، فهي محبوبة عند كل الناس، قوية التأثير، سهلة التذكر، سهلة الإلقاء.

الوسيلة الرابعة: التغافل: فقد يخفى على البعض أن الخطيب المتوتر لا ينتبه له أحد، إلا إذا لفت هو الانتباه لنفسه، ولو استحضر الملقي حين إلقائه أن كل الحاضرين ينظرون له نظرةً أخويةً ودودة، وأنهم جميعًا يتمنون له التوفيق والنجاح، لسكنت نفسه، ولمرت الأمور بخير وسلام، دون أن يلاحظ أحد ما يعتلج في صدره من توتر وقلق.

أمر آخر مهم جدًّا، وهو أن جزءًا كبيرًا من الخوف والتردد سببه نقص الخبرة والتجربة، وليس نقص المهارة والمقدرة؛ بمعنى: إننا نخاف من الإلقاء ليس لأننا لا نستطيع أن نلقي، بل لأننا لم نمارسه ولم نتعود عليه، وهذا هو السبب فيما يسمى بالخوف الوهمي؛ حيث تؤكد دراسات كثيرة أن 90% من مخاوفنا مجرد أوهام وتخيلات، لا وجود لها إلا في عقولنا فقط، ولولا خشية الإطالة لذكرت بعض هذه الدراسات العجيبة، وعليه فلن يهزم الخوف والإحجام، إلا الجرأة والإقدام.

نعم أخي الفاضل، تأكد تمامًا أن السبيل الوحيد لتجاوز ما قد تشعر به من خوف طبيعي، هو أن تقتل وحش الخوف وهو صغير، وأن تحاول وتحاول، وأن تستمر وتواصل، وأن تكرر المحاولة حتى تنجح وتصل، ولا سبيل بغير ذلك.

تأمل جيدًا فالأسد، ومثله بقية السباع المفترسة، التي تعتمد في غذائها على الصيد، فهم لا ينجحون إلا في ربع أو خمس محاولاتهم للصيد فقط، ويفشلون في بقية المحاولات، ومع ذلك فإنهم لا يتوقفون عن تكرار المحاولة؛ لأنه لا سبيل للبقاء إلا بذلك.

ولو تأملت ما يجري في لعبة كرة القدم وما شابهها من الألعاب، فستجد أن نسبة الهجمات الناجحة؛ أي: التي تثمر أهدافًا، لا تتجاوز الثلاثة في المائة، بينما يمكن أن نطلق على بقية الهجمات بأنها فاشلة، ومع ذلك فإن طوفان الهجمات الفاشلة هذا، لا يتوقف أبدًا، لأنه لا سبيل للفوز إلا بذلك.

وهكذا يكون المشاركون في كل المسابقات الأخرى (السباحة والجري وركوب الخيل وسباق السيارات وغيرها كثير)، كلها تتدنى فيها نسب النجاح إلى حد كبير، ومع ذلك فلم يتوقف أحد عن المشاركة فيها بحجة الخوف من الفشل؛ لأنه لا سبيل للفوز والنجاح إلا بذلك، فإذا أردت أن تفوز وتحقق هدفك، فهذا هو قانون اللعبة: (واصل حتى تصل، وكرر محاولاتك، حتى تنجح وتحقق هدفك).

ذكر أن قائدًا عسكريًّا انهزم في إحدى الجولات الحربية، فانهارت معنوياته وقرر أن ينسحب ويلوذ بالفرار، ولكنه قبل أن يعلن انسحابه، شاهد من مكانه نملةً تحاول أن تحمل حبة طعام فتعجز، وكلما حملتها وسارت بها خطوةً أو خطوتين سقطت منها، ولكنها وبإصرار عجيب، كانت تعاود المحاولة من جديد، فتحمل الحبة ثانيةً وثالثةً ورابعةً، حتى أحصى لها أكثر من تسعين محاولةً، دون أن تستسلم أو تتوقف، وإلى أن تكللت مهمتها بالنجاح أخيرًا، وهنا التفت القائد المهزوم إلى نفسه قائلًا: وهل النملة أقوى مني إرادةً وعزيمةً؟ ثم عاد إلى جيشه المنهزم بنفسية أخرى، وأخذ يبث فيهم الحماس، والإصرار على الصمود، فكان يخسر جولةً ويكسب أخرى، وكلما خسر جولةً تذكر معلمته النملة وصمودها العجيب، ومحاولاتها المتكررة، فيحاول من جديد، ويكرر المحاولة مرةً بعد أخرى، حتى تحقق له النصر أخيرًا، وكسب الحرب كلها.

فلا تنسَ - أخي الخطيب - هذه المعلمة الـملهمة، وتذكر أنه لا يوجد شيء اسمه (فشل)، إنما يوجد شيء اسمه استسلام أو انسحاب أو توقف؛ لأنك عندما تكرر المحاولة، فقد تخطئ وقد تصيب، أما عندما تنسحب وتتوقف عن المحاولة، فلا مجال لأن تصيب أبدًا، وهذا هو الفشل الحقيقي.

ولأنك عندما تكرر المحاولة، فإما أن يتحقق لك النجاح والظفر، وإما أن تتعلم وتتطور، وتقترب من النجاح أكثر وأكثر، كرماة السهام، كلما صوبت أكثر، اقتربت من هدفك أكثر وأكثر.

إذًا، فواصل واستمر، ولا تخشَ الفشل ولو تكرر، فالفشل هو مدرسة النجاح، وكل الناجحين تخرجوا من مدرسة الفشل، وما ثَمَّ معصوم إلا الرسل، فمن الذي ما أخطأ قط، ومن له الحسنى فقط.

واصل واستمر، وكرر محاولاتك بلا يأس ولا استسلام، فكل النجاحات جاءت في المحاولة الأخيرة، ولو يعلم المنسحب، كم كان قريبًا من النجاح! لما استسلم ولما توقف.

واصل واستمر، ولا تحتقر نفسك وقدراتك، فأنت جوهرة حقيقية، والجوهرة لا تفقد قيمتها مهما تكرر سقوطها على الأرض.

واصل واستمر، وإن تعثرت فقُم، فإنما يتعثر الماشي فقط، أما الجالس فلا يتعثر، والماشي يوشك أن يصل إلى هدفه، أما الجالس فلن يبرح مكانه.

واصل واستمر، وإن قال لك المثبطون: لن تستطيع، فقل لهم: سأحاول، وإن قالوا: صعب ومستحيل، فقل لهم: سأجرب، وإن قالوا: جربت وفشلت، فقل لهم: طالما أستطيع المحاولة، فسأكرر حتى أنجح.
واصل واستمر، واعلم أن الوقت لم يفت بعد، لكي تكون ما ينبغي لك أن تكون، لكن ذلك يتطلب منك أن تبذل قصارى جهدك، وأن تبذل كل ما في طاقتك ووسعك، وأن تستثمر كل ما تمتلكه من إمكانيات، ومواهب وقدرات، فإذا فعلت ذلك فأبشر بعون الله وهدايته؛ فهو القائل سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

-------------------------------------------------
(قصة طالوت، قصة الثبات والتساقط على الطريق)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول ﷲ، أما بعد:
فلما كانت سورة البقرة هي السورة التي جاء فيها من الأحكام والشرائع ما لم يأت له نظير في غيرها من السور، ناسب أن يُذكر فيها من أخبار المتولّين عن الشرائع من الأمم السالفة ما فيه تبصرة لهذه الأمة وذكرى.

وقد كانت قصة طالوت في سورة البقرة مثالا من الأمثلة على تولي بني إسرائيل عن دين ﷲ وتفلتهم عن شريعته وإبائهم ومثاقلتهم.
لقد كانت تلك القصة مثالا عظيما على قصة التساقط على هذا الطريق الطويل، وأنموذجا على تفسّخ العزيمة حين يبعد الأمد وتكثر العقبات.

- وقبل أن يأتي السياق القرآني على ذكر قصة أولئك القوم؛ جاء بتوطئة يعظ بها النفوس التي تسأم مصاولة الباطل وتستطيل الطريق وتثقل عليها العزائم، فقال ﷻ: "ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم ﷲ موتوا ثم أحياهم"!
لقد كانت قصة طالوت مثالا على الفرار من التكاليف حذر الموت واستحبابا للحياة، فجاءت هذه التوطئة للتنبيه على حقيقة جُلّى.
لقد خرج الألوف من ديارهم فرارا من الموت وحذرا منه فكان ماذا؟
لقد ماتوا جميعا! ثم أحياهم ﷲ!
هكذا جاء الخبر القرآني عن هذه الحادثة بإيجاز لا تفصيل فيه.
ثم جاء الأمر بالقتال والنفقة في سبيل الله فقال: "وقاتلوا في سبيل ﷲ واعلموا أن الله سميع عليم من ذا الذي يقرض ﷲ قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط".
جاءت هذه القصة متبوعة بهذه الأوامر للتذكير بأن الموت بيد الله والحياة بيد ﷲ، والقبض والبسط بيده ﷻ، والرزق والمنع بيده، فلماذا يخاف المؤمن ويجبن ويبخل؟
والجبن والبخل خلقان رديئان يقترن ذمهما معا في النصوص، ففي الصحيحين عن أنس أن النبي ﷺ "كان يستعيذ من الجبن والبخل"، وفي المسند وأبي داود ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ: "ﺷﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺭﺟﻞ ﺷﺢ ﻫﺎﻟﻊ، ﻭﺟﺒﻦ ﺧﺎﻟﻊ".
وكانت تلك تقدمة تقدمة حسنى بين يدي هذه القصة.

- ابتدأت هذه القصة بالحديث عن قوم من بني إسرائيل من بعد موسى كانوا قد بلغوا من المهانة والضعة وشتات الأمر ما جاء في السياق القرآني أنهم كانوا مظلومين مستضعفين، قالوا لنبيهم: "وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا".
فقالوا لنبي من أنبيائهم: "ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله".
ولكن نبيهم قد خبر القوم وعرف خلق التلوّي، وعلم استحكام طبيعة التفلت فيهم، فاستخبر منهم خبرهم، واستوثق منهم عزيمتهم، فقال: "هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالوا وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا"؟
فماذا كان حال القوم حين فُرِضت عليهم شريعة القتال؟

- لقد تولى أكثر القوم عند أوّل عقبات الطريق، وبدأت قصة التنازلات عن العزائم، وكان حبُ القعود عن نصرة الحق أول آفة عرضت للقوم، قال ﷻ في شأنهم: "فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين".

- ثم انتخب لهم نبيهم ملكا ليقاتلوا من وراءه، فقال: "إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا"
ولكن القوم هم القوم في توليهم وإبائهم الشريعة، فقالوا لنبيهم: "أنَّى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال".
فلم يصبر أولئك على آفة حب الزعامة والنفاسة بالرياسة، فعثرت أقدامهم عند العقبة الثانية في الطريق إلى الله.
وإنك قد تجد ذا صلاح وتنسك ظاهر، ثم عساه أن ينازع في رياسة ويجاذب في شرف وتقدّم؛ فيشاح ويخاصم، وربما باع دينه بعرض من الدنيا، وفي الترمذي وصححه عن كعب بن مالك قال ﷺ: "ﻣﺎ ﺫﺋﺒﺎﻥ ﺟﺎﺋﻌﺎﻥ ﺃﺭﺳﻼ ﻓﻲ ﻏﻨﻢ ﺑﺄﻓﺴﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺮﺹ اﻟﻤﺮء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﻝ ﻭاﻟﺸﺮﻑ ﻟﺪﻳﻨﻪ".
وهما الأمران اللذان خاصم بهما الإسرائيليون نبيهم: "ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال"!
هذه موازينهم التي يزنون بها المستحقين للزعامة، ومعاييرهم التي نصبوها لقياس من يصلح للرياسة الدينية، إنها موازين الدنيا، ومعايير المادة، وأما أهل العلم والإيمان فلهم موازين فارقوا بها أهل المادة والدنيا: "قال إن ﷲ اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم"، فالقيادة الدينية مفتقرة لصفة مركبة من خلقين: العلم والقوة، فإنه بالعلم تدفع آفات الجهالات، وبالقوة تدفع آفات العجز.

ويمضي السياق ليبين أن من ضعفت استجابته للأمر الشرعي وتكرر تثاقله فربما كان لضعف يقين قلبه، ومثله ينهضه الآيات والدلائل: "وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة".

- وكان من مقتضى العلم الذي أعطاه طالوت أن الفتح والنصر ليس يستحقه إلا من جاز الممحصات وجاهد نفسه لترك الرغبات، ولذا قال طالوت بعدما خرج بقومه: "إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا".
(٢)
لقد عرض للقوم آفات وابتلاءات، والآن تولى كثير منهم حين أُريدوا على ترك مألوفات النفس ورغباتها، فلم يسلم منهم إلا نحو ثلاثمائة، كما ثبت في البخاري عن البراء: "ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﺃﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺑﺪﺭ ثلاثمائة ﻭﺑﻀﻌﺔ ﻋﺸﺮ، ﺑﻌﺪﺓ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻃﺎﻟﻮﺕ، اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎﻭﺯﻭا ﻣﻌﻪ اﻟﻨﻬﺮ، ﻭﻣﺎ ﺟﺎﻭﺯ ﻣﻌﻪ ﺇﻻ ﻣﺆﻣﻦ".

- لكن القلة التي ثبتت للأمر الشرعي وللبلاء القدري تزلزل كثير منها أمام عقبة اختلاف موازين القوى، ورهبة القوة المادية، فمن ثبت حين أمر بالقتال، ثم ثبت حين فات نصيبه من الملك والشرف، ثم ثبت حين جاوز النهر فلم يشرب؛ عثر هنا وتنازل في آخر الطريق!
قال ﷻ: "فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن ﷲ والله مع الصابرين".
إن تقلّب الذين كفروا في البلاد، وظهور صولتهم، وضجيج قوتهم الماديّة؛ فتنة لكثير.

وقد جاء البيان القرآني منبها أن هذا السقوط إنما يعرض لضعف ما يضادّه من صفتي (التوكل والصبر)، ولذا قال الثابتون: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن ﷲ والله مع الصابرين".
فقولهم: "بإذن ﷲ" ناشيء عن التوكل على الله، ناتج عن استحضار تدبير الله للخلق.
وقولهم: "والله مع الصابرين" تحضيض لأنفسهم وإخوانهم على لزوم الصبر بذكر فضيلته.
وهما قرينان في القرآن، كما جاء في قوله ﷻ في الثناء على المهاجرين: "الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون"، وكقوله في وصية موسى لقومه: "استعينوا بالله واصبروا".

فماذا كانت ثمرة الثبات على طريق الحق ولزوم الديانة؟
ما هي نتيجة الاعتصام بالعروة في شدة الفتن وتكرر البلاءات؟
قال ﷻ: "فهزموهم بإذن ﷲ وقتل داود جالوت"!
لقد أكرم ﷲ أولئك المستضعفين ببركة ثبات الثابتين!
لقد أكرم ﷲ بني إسرائيل بالنصر والفتح!
لقد أهلك ﷲ الطاغية!
وهدّم ملكه!
وكسر شوكته!
بثبات قلة من المؤمنين، وتمسكهم بالشريعة وأخذهم بالعزيمة.
فعادت بركتهم وبركة طاعتهم على أمتهم كلها.

ثم ختم السياق بقوله ﷻ: "ولولا دفع ﷲ الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض".
لولا تلك المدافعة بين الحق والباطل -ولو من فئة قليلة- لفسدت الأرض!
لولا بقاء المدافعين -ولو كانوا قليلا- لفسدت الأرض!
لولا ثبات أولئك في صراعهم للمبطلين لفسدت الأرض!
إن ثبات الثابتين ولزومهم الطريقة وبقاءهم على النهج باب عظيم من أبواب دفع الفساد عن الأرض.
2024/09/22 10:20:44
Back to Top
HTML Embed Code: